فكل الخلق مفتقرون إلى الله ، والله هو الغني الحميد ، كما قال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ ...

فكل الخلق مفتقرون إلى الله ، والله هو الغني الحميد ، كما قال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ومن دونه من الخلق شرك وضلال ؛ لأن هؤلاء لا يستطيعون أن يستجيبوا له ، والواجب على المرء أن يتوب إلى الله من هذا الشرك ، وألا يدعو إلا الله ، وكلنا نعلم أن رسول الله نفسه كان لا يملك نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله . وقد أمره الله تعالى أن يعلن ذلك لأمته ، فقال الله له : {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف/188] . وقال الله تعالى له آمرا أياه : { قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ} الأنعام/50 ، وكان الرسول نفسه يدعو الله سبحانه لنفسه بالمغفرة والرحمة ، ويدعو لأصحابه كذلك ، ولو كان قادرا على أن يغفر لأحد أو يرحمه ما احتاج إلى دعاء الله سبحانه في هذا . فكل الخلق مفتقرون إلى الله ، والله هو الغني الحميد ، كما قال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} فاطر/15 ، ولولا أن الشيطان تلاعب بعقول هؤلاء وأفكارهم لعلموا أن الرسول صلى الله عليه وسلم وغيره لا يملكون لأحد نفعا ولا ضرا ولا دعوا الله سبحانه وحده لا شريك له : ( {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} [النمل/62 ] . انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين

رابط المادة: http://iswy.co/e2dlig
...المزيد

﴿أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ ...

﴿أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾
Video Thumbnail Play

مقطع قصير: ابدأ صغيرا لتكون كبيرا

مقطع من المجلس التاسع من برنامج علمني موسى

المدة: 3:45

مقطع قصير: السجود غنيمة المخبتين

فالسجود هو سلعة المتقين وغنيمة المخبتين وبستان العابدين وقربة المؤمنين وشعار الصادقين

Audio player placeholder Audio player placeholder

والتقوى ما هي إلا ترجمة عملية للإيمان بالكتاب والسنة , وهي باختصار (فعل ما أمر الله وترك ما نهى ...

والتقوى ما هي إلا ترجمة عملية للإيمان بالكتاب والسنة , وهي باختصار (فعل ما أمر الله وترك ما نهى عنه) . الله تعالى أنزل القرآن نور وهداية , فيه بيان الطريق الموصل إلى الله, وبالتمسك بما فيه يصل الواصلون ويعرج المتقون إلى ربهم ليتبوؤا المنازل. القرآن سبيل هداية ونور , من تيقن به وآمن وعمل بما فيه نجا وأحرز الفوز المبين ونال السبق بيقين. وسبيل الوصول يكمن في العمل بالكتاب والتمسك به بقوة , وليس مجرد تلاوة خاوية من عمل قلبي وعمل جارحي, فالعمل هو الثمرة الحقيقية للإيمان اليقيني الراسخ, أما ما دون ذلك فمجرد ادعاء. والتقوى ما هي إلا ترجمة عملية للإيمان بالكتاب والسنة , وهي باختصار (فعل ما أمر الله وترك ما نهى عنه) . قال الإمام ابن كثير رحمه الله: وخصت الهداية للمتقين . كما قال : {قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد} [ فصلت : 44 ] . {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا } [ الإسراء : 82 ] إلى غير ذلك من الآيات الدالة على اختصاص المؤمنين بالنفع بالقرآن ؛ لأنه هو في نفسه هدى ، ولكن لا يناله إلا الأبرار ، كما قال : {ياأيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين}[ يونس : 57 ] . وقد قال السدي عن أبي مالك ، وعن أبي صالح عن ابن عباس ، وعن مرة الهمداني ، عن ابن مسعود ، وعن أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( هدى للمتقين ) يعني : نورا للمتقين . وقال الشعبي : هدى من الضلالة . وقال سعيد بن جبير : تبيان للمتقين . وكل ذلك صحيح . وقال السدي : عن أبي مالك ، وعن أبي صالح ، عن ابن عباس ، وعن مرة الهمداني ، عن ابن مسعود ، وعن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( هدى للمتقين ) قال : هم المؤمنون . وقال محمد بن إسحاق ، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت ، عن عكرمة أو سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( للمتقين ) أي : الذين يحذرون من الله عقوبته في ترك ما يعرفون من الهدى ، ويرجون رحمته في التصديق بما جاء به . وقال أبو روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس : ( للمتقين ) قال : المؤمنين الذين يتقون الشرك بي ، ويعملون بطاعتي . وقال سفيان الثوري ، عن رجل ، عن الحسن البصري ، قوله : ( للمتقين ) قال : اتقوا ما حرم الله عليهم ، وأدوا ما افترض عليهم . وقال أبو بكر بن عياش : سألني الأعمش عن المتقين ، قال : فأجبته . فقال [ لي ] سل عنها الكلبي ، فسألته فقال : الذين يجتنبون كبائر الإثم . قال : فرجعت إلى الأعمش ، فقال : نرى أنه كذلك . ولم ينكره . وقال قتادة ( للمتقين ) هم الذين نعتهم الله بقوله : {الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة } الآية والتي بعدها [ البقرة : 3 ، 4 ] . واختار ابن جرير : أن الآية تعم ذلك كله ، وهو كما قال . وقد روى الترمذي وابن ماجه ، من رواية أبي عقيل عبد الله بن عقيل ، عن عبد الله بن يزيد ، عن ربيعة بن يزيد ، وعطية بن قيس ، عن عطية السعدي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا مما به بأس» . ثم قال الترمذي : حسن غريب . وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا عبد الله بن عمران ، حدثنا إسحاق بن سليمان ، يعني الرازي ، عن المغيرة بن مسلم ، عن ميمون أبي حمزة ، قال : كنت جالسا عند أبي وائل ، فدخل علينا رجل ، يقال له : أبو عفيف ، من أصحاب معاذ ، فقال له شقيق بن سلمة : يا أبا عفيف ، ألا تحدثنا عن معاذ بن جبل ؟ قال : بلى سمعته يقول : يحبس الناس يوم القيامة في بقيع واحد ، فينادي مناد : أين المتقون ؟ فيقومون في كنف من الرحمن لا يحتجب الله منهم ولا يستتر . قلت : من المتقون ؟ قال : قوم اتقوا الشرك وعبادة الأوثان ، وأخلصوا لله العبادة ، فيمرون إلى الجنة . وأصل التقوى : التوقي مما يكره لأن أصلها وقوى من الوقاية .

رابط المادة: http://iswy.co/e2ccig
...المزيد

وإنما استحق هذا التارك للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكره الوصف بالبخل - بل هو البخيل ...

وإنما استحق هذا التارك للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكره الوصف بالبخل - بل هو البخيل هكذا معرفا بأل قال النبي صلى الله عليه وسلم : «البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي» وإنما استحق هذا التارك للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكره الوصف بالبخل - بل هو البخيل هكذا معرفا بأل - لأن من أحسن إلى العبد الإحسان العظيم ،وحصل له به الخير الجسيم ، ثم يذكر عنده ولا يثني عليه ، ولا يبالغ في مدحه وحمده وتمجيده ، عده الناس بخيلا لئيما كفورا فكيف بمن أدنى إحسانه إلى العبد يزيد على أعظم إحسان المخلوقين بعضهم لبعض ، و الذي بإحسانه حصل للعبد خير الدنيا والآخرة ، ونجا من شر الدنيا والآخرة . أليس هذا المنعم المحسن أحق بأن يعظم ويثنى عليه ويستفرغ الوسع في حمده ومدحه إذا ذكر بين الملأ .(جلاء الأفهام ص 389 ) " فلم تمس بنا نعمة ظهرت ولا بطنت، نلنا بها حظا في دين ودنيا أو دفع بها عنا مكروه فيهما، وفي واحد منهما: إلا ومحمد صلى الله عليه سببها، القائد إلى خيرها، والهادي إلى رشدها، الذائد عن الهلكة وموارد السوء في خلاف الرشد، المنبه للأسباب التي تورد الهلكة، القائم بالنصيحة في الإرشاد والإنذار فيها. فصلى الله على محمد وعلى آل محمد كما صلى على إبراهيم وآل إبراهيم إنه حميد مجيد " ( الرسالة للإمام الشافعي ص ...المزيد

{لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا ...

{لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} من الأدلة أيضاً: القدرة الباهرة المتجلية في خلق الأعظم، قال سبحانه: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ * إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [يس:81 - 83]، فخالق السماوات والأرض على عظمهما قادر على خلق هذا الإنسان الصغير، كما قال هو سبحانه: {لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلابط المادة: ...المزيد

السؤال: عندما اصلي أنشغل بهموم الدنيا فماذا أفعل؟ الإجابة: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ...

السؤال: عندما اصلي أنشغل بهموم الدنيا فماذا أفعل؟ الإجابة: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإذا كنت عندما تصلي تنشغل بهموم الدنيا، فعليك أن تستحضر قبيل دخولك في الصلاة عظمة الله سبحانه، وأنك تقف بين يديه، وأنه لا يليق بك أن تنشغل بأمور الدنيا عن الله، وتذكر وأنت تقول: الله أكبر أن الله أكبر من كل شيء، واستعذ بالله من الشيطان، واقرأ الفاتحة وما بعدها بتأمل وتدبر وتفكر، ولا تتعجل ولا تتسرع في قراءتها، فتضيع على نفسك حلاوة الخشوع، هذا إن كنت تصلي منفرداً، وعليك بالإنصات للإمام مع التدبر والتأمل لما يقرأ إن كنت مأموماً، كما نوصيك بالأخذ بأسباب الخشوع في الصلاة، ومن أهمها إضافة لما تقدم: 1/ البعد عن كبائر الذنوب، فإنها تورث ظلمة القلب، وغفلته عن الله، كما تشوش على الذهن، وتشغل الفكر، وخاصة التعلق بالشهوات المحرمات. 2/ مجالسة الصالحين ومرافقتهم، والتعاون معهم على الخير، والبعد عن رفقاء السوء، وأرباب المنكرات، فإن صحبتهم تعود على المرء بالوبال، وسوء المآل. 3/ الإكثار من ذكر الله، وتلاوة القرآن الكريم، وقراءة أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم فإنها تلين القلب، وتورث الخشية فيه، وتجلب الخشوع. 4/ الإكثار من الالتجاء إلى الله أن يصرف عنك حب الدنيا، وأن يجعل الآخرة أحب إليك من الدنيا، وأن يجعلك من الخاشعين الذين قال الله فيهم: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ) [المؤمنون:1-2]. 5/ التأمل في هذه الدنيا وقيمتها، ومعرفة أنها لا تزن عند الله جناح بعوضة، مما يعين على الزهد فيها، والرغبة في الآخرة التي تدعوك للخشوع.

رابط المادة: http://iswy.co/e2b7vr
...المزيد

لا تحزن منذ 2020-07-07 أخي الكريم.. لا تُنفق أيامَك في الحُزن، وتُبذِّر لياليك في الهم، وتُوَزِّع ...

لا تحزن منذ 2020-07-07 أخي الكريم.. لا تُنفق أيامَك في الحُزن، وتُبذِّر لياليك في الهم، وتُوَزِّع ساعاتك على الغموم، ولا تُسْرِف في إضاعة حياتك؛ فإنَّ الله لا يحب المسرفين، والدنيا كلُّها أهون عند الله من جناح بعوضة، فَلِمَ الجزع عليها، والهَلَعُ من أجلها؟! الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: الدنيا دار ابتلاءٍ وامتحان، فيها الأمراض والأكدار والمصائب؛ لذا ضاق عَيشُ الأنبياءِ والأخيار فيها، فآدمُ رأى المِحَنَ إلى أنْ خرج من الدنيا، ونوحٌ كَذَّبه قومه واستهزؤوا به، وإبراهيمُ يُكابد النار وذبح الولد، ويعقوبُ بكى حتى ذهب بصره، وموسى يُقاسي ظُلْمَ فرعون، ومحمدٌ صلى الله عليه وسلم يُصابِرُ الفقرَ ونفورَ قومِه.. وقد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلاَّ ذِكْرَ اللَّهِ، وَمَا وَالاَهُ، أَوْ عَالِمًا، أَوْ مُتَعَلِّمًا» حسن - رواه ابن ماجه. ومن هنا نعلم أنَّ عُمْرَ الدنيا قصير، وكنزها صغير، فمَنْ أُصيب هنا كوفئ هناك، ومَنْ تَعِبَ هنا ارتاح هناك. ومع ذلك؛ فإنَّ الحُزن منهيٌّ عنه حتى في أصعب المواقف. ولمَّا انكسر الصحابةُ في معركة أُحد قال الله تعالى - مُسَلِّياً لهم: {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا } [آل عمران: 139]، وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم لصاحبه - وهما في الغار: {لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40]. فالحُزن خمود وهمود، وبرود في النفس؛ بل هو أحبُّ شيءٍ إلى الشيطان؛ لِيَقْطَعَ العبدَ عن سَيرِه إلى الجنة، قال تعالى:{إِنَّمَا النَّجْوَى مِنْ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا} [المجادلة: 10]. وحُزن المؤمن غير مطلوب، ولا مرغوب فيه؛ لأنه من الأذى الذي يُصيب النفس، فينبغي طردُه، وعدمُ الاستسلام له، ومقاومَتُه بالوسائل المشروعة، ومن ذلك الاستعاذة بالله منه؛ كما في دعاء النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ» (رواه البخاري). أخي الكريم.. لا تُنفق أيامَك في الحُزن، وتُبذِّر لياليك في الهم، وتُوَزِّع ساعاتك على الغموم، ولا تُسْرِف في إضاعة حياتك؛ فإنَّ الله لا يحب المسرفين، والدنيا كلُّها أهون عند الله من جناح بعوضة، فَلِمَ الجزع عليها، والهَلَعُ من أجلها؟! عبدَ الله.. لا تحزن على شيءٍ مما أصابك؛ فاحتسابُ الأجرِ والمثوبة عند الله تعالى، ورؤيةُ المُصابين، ومقارنةُ حالِك بهم، وإدراكُكَ أنك أحسن حالاً منهم، وتسليمُك ورضاك بقضاء الله وقدرِه، فهذا كلُّه يُخفِّفُ عنك المصائب، ويُزِيلُ الهَمَّ والحُزن، وتذكَّر قولَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاَءِ، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاَهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ» حسن - رواه الترمذي. فيا مَنْ أصابه الأرق، وأظلَمَ في وجهه الليل؛ أبْشِرْ بالصُّبح القريب، وتذكَّر أنَّ الحياة الطيبة - في الدنيا والآخرة - تتحقَّق بشرطين؛ الإيمان بالله، والعمل الصالح، وتذكَّر – أيضاً - بأنَّ من أهمِّ مُقوِّمات السعادة القلب الشاكِر، واللسان الذاكِر، والبدن الصابِر، ومِصداقه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا» حسن - رواه الترمذي. فالسعادة تتحقَّق بالأمن، والمأوى، وكفايةِ الغذاء، والعافيةِ في البدن، وهذا يحصل لكثيرٍ من الناس، ولكنهم لا يذكرونه ولا يلتفِتون إليه! واللهُ تعالى خاطَبَ نبيَّه الكريم صلى الله عليه وسلم بقوله: {وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا } [النساء: 113]؛ وقال سبحانه: {وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة: 3]. فأيُّ نِعمةٍ تمَّت على النبيِّ صلى الله عليه وسلم وقد عاش فقيراً يتلوى من الجوع؟ وأحياناً لا يَجِدُ رَدِيءَ التمرِ ليأكله ويشبع منه، وينام في غرفة من طين سقفها من جريد النخل، ويتوسد على وِسادة حشوها لِيفٌ تُؤثِّر في جنبه، وأحياناً لا يوجد في بيته إلاَّ الأسودان التمر والماء، ورَهَنَ دِرعَه عند يهودي في ثلاثين صاعاً من شعير، ومع ذلك عاشَ في نعيمٍ لا يعلمه إلاَّ الله تعالى، وفي انشراحٍ وارتياحٍ وانبساطٍ واغتباط، وهُدوءٍ وسكينه، قال اللهُ تعالى له: {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنْ الأُولَى * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى: 4، 5]. وخاطَبَه بقوله سبحانه: {وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ * وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: 2-4]. كثير من الناس يظنُّ أنَّ السعادة في كثرة الدُّور والأموال، وكثرةِ الممتلكات، وكثرةِ الأشياء؛ فإذا هي سببُ الهَمِّ والكَدَر والتَّنغيص؛ فإنَّ كلَّ شيءٍ بهمِّه وغمِّه، وضريبةِ كدِّه وكَدْحِه، قال سبحانه: {وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه: 131]، فلا تمدَّ عينيك مُعجباً، ولا تُكرِّر النَّظرَ مُستحسناً إلى أحوال الدنيا والمُمتَّعين بها؛ من المآكل والمشارب اللذيذة، والملابسِ الفاخرة، والبيوتِ المزخرفة، والنساءِ المُجمَّلة، فإنَّ ذلك كلَّه زهرة الحياة الدنيا، تبتهج بها نفوسُ المُغترِّين، ثم تَذهب سريعاً، وتمضي جميعاً، وتقتل مُحبِّيها وعُشَّاقَها، فيندمون حيث لا تنفع الندامة، ويعلمون ما هم عليه إذا قدِموا في القيامة، وإنما جعلها اللهُ فتنةً واختباراً، لِيُعلَمَ مَنْ يقف عندها ويغتر بها. {وَرِزْقُ رَبِّكَ} العاجِل من العلم والإيمان وحقائق الأعمال الصالحة، والآجِل من النعيم المُقيم والعيش السليم في جوار الربِّ الرحيم {خَيْرٌ وَأَبْقَى}؛ لكونه لا ينقطع {أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا} [الرعد: 35]. وفي الآية إشارةٌ إلى أنَّ العبد إذا رأى من نفسه طموحاً إلى زينة الدنيا وإقبالاً عليها؛ أنْ يُذَكِّرَها ما أمامها من رِزْقِ ربِّه، وأنْ يُوازِنَ بين هذا وهذا. وقال الله تعالى - مُخاطِباً نبيَّه صلى الله عليه وسلم: {فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ} [التوبة: 55]. فإنه لا غبطةَ فيها؛ لأنهم عَصَوا اللهَ لأجلِها، وقدَّموها على مراضِي ربهم. والمراد بالعذاب هنا؛ ما ينالهم من المَشقَّةِ في تحصيلها، والسَّعي الشديد في ذلك، وهَمِّ القلب فيها، وتَعَبِ البدن. فلو قابلتَ لذَّاتهم فيها بمشقاتهم، لم يكن لها نسبة إليها، فلمَّا ألهتهم عن اللهِ تعالى وذِكْرِه؛ صارتْ وبالاً عليهم في الدنيا والآخرة. ...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً