تفسير الآيات 190 إلى 195 من آل عمران إنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ ...

تفسير الآيات 190 إلى 195 من آل عمران
إنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (192) رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (194) فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (195

التفسير
الآيات تتضمن الكثير من الهدى والعلم وكان يقرؤ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد قيام الليل قال الإمام البخاري حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَخْبَرَنِي شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ كُرَيْبٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ بِتُّ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ لَيْلَةً وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهَا لِأَنْظُرَ كَيْفَ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ فَتَحَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَهْلِهِ سَاعَةً ثُمَّ رَقَدَ فَلَمَّا كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ أَوْ بَعْضُهُ قَعَدَ فنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ فَقَرَأَ
{{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ... إِلَى قَوْلِهِ " لِأُولِي الْأَلْبَابِ "}} ثُمَّ قَامَ فَتَوَضَّأَ وَاسْتَنَّ ثُمَّ صَلَّى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ بِالصَّلَاةِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى لِلنَّاسِ الصُّبْحَ.
وَاسْتَنَّ : أي استاك أسنانه.................................................................
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ: في اتساع السماء وارتفاعها وكيف رفعها الله يقول سبحانه {{ اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا }}" الرعد . 2 " وما فيها من الآيات والنجوم والمجرات يقول سبحانه {{تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُّنِيرًا }} " الفرقان , 61 "
وفي الأرض وما فيها من الآيات والجبال والدواب وأنواع الحياة والبحار والأنهار يقول سبحانه {{ وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ }}
وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ : الليل جعله آية بظلمته وسكونه والنهار آية بنوره يقول سبحانه {{ وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً }}
" الإسراء , 12 " , ويقول {{ وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (11) }} " النبأ "
ا لَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ : أي في جميع أحوالهم يذكرون الله هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهكذا يجب أن نكون عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: {{كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَذْكُرُ الله عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ}}
" صحيح مسلم "
وقد بينت لنا هذه الآيات أن صفات أصحاب العقول الزاكية عند الله أنهم {{ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ }}
وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ : ما فيهما من الحكم الدالة على عظمة الخالق وقدرته ووحدانيته وحكمته قال عمر ابن عبد العزيز الكلام بذكر الله عز وجل حسن والفكر في نعم الله أفضل العبادة : أي من أفضل العبادة
وبعد التأمل والتفكر نصل إلى حقيقة أن هذه السموات والأرض ما خلقهما الله عبثا وإنما لنعلم أنه لا إله سواه فنعبد وحده لا شريك له ونسأله النجاة من عذاب النار
{{ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ }}
ثم تبين الآيات بعد ذلك الدعاء الذي يجب أن ندعو به {{ رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (194) }} , وأن الذين دعو بهذا الدعاء من الصحابة رضي الله عنهم أستجاب لهم الله وأثنى عليهم لهجرتهم وتحملهم الأذى في سبيله وجهادهم لإعلاء كلمته
{{ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (195) }} : من قتل في سبيل الله كفر الله عنه سيئاته وأدخله الجنة ثوابا من عنده {{ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ }} وعَنْ عبدِاللَّهِ بنِ عَمرو بنِ العاص، رضي اللَّه عنْهما، أنَّ رسُول اللَّه ﷺ قَالَ: {{يغْفِرُ اللَّه للشَّهيدِ كُلَّ ذنب إلاَّ الدَّيْنَ }} " رواه مسلمٌ " وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، أَنَّهُ سَمِعَهُ، يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَامَ فِيهِمْ فَذَكَرَ لَهُمْ أَنَّ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَالْإِيمَانَ بِاللهِ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ، فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِي

سَبِيلِ اللهِ، تُكَفَّرُ عَنِّي خَطَايَايَ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَعَمْ، إِنْ قُتِلْتَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَأَنْتَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ، مُقْبِلٌ غَيْرُ مُدْبِرٍ»، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَيْفَ قُلْتَ؟» قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَتُكَفَّرُ عَنِّي خَطَايَايَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {{نَعَمْ، وَأَنْتَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ، مُقْبِلٌ غَيْرُ مُدْبِرٍ، إِلَّا الدَّيْنَ، فَإِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لِي ذَلِك}} " صحيح مسلم "
...المزيد

تفسير الآية 92 من سورة النساء وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ ...

تفسير الآية 92 من سورة النساء
وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا
التفسير
الآية تتضمن الوعيد الشديد لمن قتل مؤ منا متعمدا أي قاصدا لقتله بالخلود في النار واللعنة من الله فهذا هو الأصل في عقوبة من يتعمد قتل المؤمن لأن لمؤمن لا يمكن أن يقتل مؤمنا إلا خطئا يقول سبحانه {{ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا }} " النساء , 92 " : وهو القتل بغير قصد كحوادث السير وغيرها من الأخطاء لغير متعمدة ويحتمل الخطأ في التأويل كأن يظن أنه يستحق ذلك لأن لمسلم يحل دمه بثلاث
عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ، وَمُسْلِمٌ
الثَّيِّبُ : يعني المتزوج أو الذي سبق أن تزوج إذا كان زانيا حل دمه لأن الله حكم عليه بالرجم وهو الرمي بالحجارة حتى يموت .
فإذا وُجِدَ شخص يتعمد قتل المؤمنين فهو محارب لله ورسوله استحق اللعنة من الله والخلود في النار لذا فهو ليس من المسلمين عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : {{ مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاَحَ فَلَيْسَ مِنَّا}}
" الصحيحين "
وقد حمل بعض العلماء معنى العمد هنا بأن المتعمد استحل دم المؤمن وحكموا بردته لأن الخلود في النار خاص بالكفار فلا بد أن المتعمد منهم وقالوا إن الآية نزلت في رجل بعينه استحل هذا الفعل فكفر وارتد قالوا وهو مقيس ابن صبابة وإذا تقاتل المسلمون على أسباب لا يجوز القتال من أجلها فالقاتل والمقتول منهم في النار عن أبي بكرة أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: {{إذا التقى المسلمانِ بسيفَيْهما فالقاتل والمقتول في النار” قلت: يا رسول الله هذا القاتِل فما بالُ المقتول؟ قال: “إنّه كان حريصًا على قتل صاحبه }} " رواه البخاري ومسلم " .
...المزيد

تفسير الآيتين الأخيرتين من سورة الزخرف وَقِيلِهِ يَارَبِّ إِنَّ هَؤُلاء قَوْمٌ لاَّ يُؤْمِنُونَ ...

تفسير الآيتين الأخيرتين من سورة الزخرف

وَقِيلِهِ يَارَبِّ إِنَّ هَؤُلاء قَوْمٌ لاَّ يُؤْمِنُونَ (88) فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (89)

التفسير
يستفاد من الآية أنه يجب الصفح عن المشركين لننال الأجر في الآخرة وينالوا العقوبة بسبب ظلمهم ثم علينا أن نقول لهم سلام {{وَقُلْ سَلام }} : ويتوافق هذا مع قول الله تعالى في آية أخرى{{ وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا }} " الفرقان , 63 " ومضمون الآيتين يفسره قوله تعالى {{ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ }} " النحل , 126 " الآية نزلت بعد غزوة أحد هدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين أنهم إذا أرادوا العقاب أو الثأر من المشركين لقتلاهم في الغزوة فليقتلوا من الكفار عدد قتلاهم ولكن إذا صبروا ولم يسعو للثأر فذالك خير لهم {{ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ }}
وقد نزلت الآيتين من الزخرف بمكة والآية من سورة النحل نزلت بالمدينة وهي تفسر الآيتين وتتضمن معناهما مما يدل على عدم نسخهما فمعناهما واضح لمن له بصيرة أن الكفار لا يقاتلون من أجل الثأر بل العفو والصبر في هذه الحالة أفضل إنما يقاتلون ليدخلوا في الإسلام يقول سبحانه {{ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }} " الأنفال , 39 " .
...المزيد

تفسير الآية 35 من سورة النور اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ ...

تفسير الآية 35 من سورة النور

اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
التفسير
اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ :أي منورهما هو الذي أمدهما بالنور وخلقه فيهما فلولا ذلك ما كان فيهما نور وفي صحيح البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ تَهَجَّدَ، قَال : {{اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَقَوْلُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ وَلا إِلَهَ غَيْرُكَ }}
مَثَلُ نُورِهِ : قال ابن القيم قال أبي ابن كعب {{ مَثَلُ نُورِهِ }} : يعني نوره في قلب العبد المؤمن وهذا هو الصحيح لقوله سبحانه في آخر الآية {{يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء }}: فدل على أن المقصود في قوله {{ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ }} ليس نور ذات الله لأنه ما من أحد يهتدي إليه في هذه الدنيا إلا ما حصل مع موسى عليه السلام من رؤية التجلي على الجبل بل لو كشف الله لحجاب لخلقه الاحترق جميعا من نوره عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَنَامُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَرْفَعُ الْقِسْطَ وَيَخْفِضُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ بِالنَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ بِاللَّيْلِ، حِجَابُهُ النُّورُ، لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ» " صحيح البخاري "
كَمِشْكَاةٍ : يعني كوة وهي الكوة تكون في الجدار يوضع فيها المصباح
فِيهَا مِصْبَاحٌ : وهو الذي يوقد فيه النور
ووجه التشبيه أن نور الإيمان والقرءان في قلب المؤمن يملأه بل ويخرج منه حتي يراه الناس في وجهه وكلامه وأخلاقه كما أن نور المصباح الذي يوقد من الزيت الشديد الإضاءة يملأ البيت ويخرج منه من خلال مشكاة البيت {{ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }} ...................................................
...المزيد

تفسير الآيات الأخيرة من سورة الأنعام قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ...

تفسير الآيات الأخيرة من سورة الأنعام
قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161) قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163) قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (164) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (165)

التفسير
تضمنت الآيات الإرشاد إلى الهدى أنه الصراط المستقيم الذي عليه رسول الله وأتباعه وهو دين الإسلام لقوله سبحانه {{ قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }} : وفي هذا رد على المشركين من عباد الأصنام واليهود والنصارى لتضمنه أن دين إبراهيم عليه السلام هو الدين الحنيف دين الإسلام الذي عليه رسول الله وأتباعه وليس ما عليه المشركين واليهود والنصارى من دين الشرك الذي ابتدعوه
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أعلى درجات الإخلاص لله في العبادة والعبودية له لقوله سبحانه {{ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ }}
وَنُسُكِي : النسك هو الذبح الذي يقوم به الحاج
يستفاد من الآيه أن الصلاة والنسك والمحيا والممات كل ذلك يجب أن يريد به صاحبه وجه الله وحده لا شريك له فكذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك يجب أن نكون لقوله سبحانه {{ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ }}
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنه كان إذا قام إلى الصلاة ، قال :{{ وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا ، وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، إِنَّ صَلَاتِي ، وَنُسُكِي ، وَمَحْيَايَ ، وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، اللهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَنْتَ رَبِّي ، وَأَنَا عَبْدُكَ ، ظَلَمْتُ نَفْسِي ، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا ، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ }} " صحيح مسلم "
ثم إقامة الحجة على المشركين في قوله سبحانه {{ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ }} , وأن كل نفس لها ما كسبت من الحسنات وعليها ما اكتسبت من السيئات فلا أحد يحمل وزر أحد أو يؤاخذ بذنبه {{ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }}
وِزْرَ : يعني حِمَلْ , والمقصود به هنا الذنب
وأن المرجع إلى الله {{ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }}
وأن الله هو الذي أنعم علينا أن جعلنا خلائف الأرض أي خلفا للذين سبقونا عليها فنحن ننعم بما عليها من الخيرات {{ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }} .
...المزيد

تفسير الآيات الأخيرة من سورة الأنعام قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ...

تفسير الآيات الأخيرة من سورة الأنعام
قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161) قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163) قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (164) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (165)

التفسير
تضمنت الآيات الإرشاد إلى الهدى أنه الصراط المستقيم الذي عليه رسول الله وأتباعه وهو دين الإسلام لقوله سبحانه {{ قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }} : وفي هذا رد على المشركين من عباد الأصنام واليهود والنصارى لتضمنه أن دين إبراهيم عليه السلام هو الدين الحنيف دين الإسلام الذي عليه رسول الله وأتباعه وليس ما عليه المشركين واليهود والنصارى من دين الشرك الذي ابتدعوه
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أعلى درجات الإخلاص لله في العبادة والعبودية له لقوله سبحانه {{ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ }}
وَنُسُكِي : النسك هو الذبح الذي يقوم به الحاج
يستفاد من الآيه أن الصلاة والنسك والمحيا والممات كل ذلك يجب أن يريد به صاحبه وجه الله وحده لا شريك له فكذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك يجب أن نكون لقوله سبحانه {{ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ }}
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنه كان إذا قام إلى الصلاة ، قال :{{ وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا ، وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، إِنَّ صَلَاتِي ، وَنُسُكِي ، وَمَحْيَايَ ، وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، اللهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَنْتَ رَبِّي ، وَأَنَا عَبْدُكَ ، ظَلَمْتُ نَفْسِي ، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا ، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ }} " صحيح مسلم "
ثم إقامة الحجة على المشركين في قوله سبحانه {{ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ }} , وأن كل نفس لها ما كسبت من الحسنات وعليها ما اكتسبت من السيئات فلا أحد يحمل وزر أحد أو يؤاخذ بذنبه {{ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }}
وِزْرَ : يعني حِمَلْ , والمقصود به هنا الذنب
وأن المرجع إلى الله {{ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }}
وأن الله هو الذي أنعم علينا أن جعلنا خلائف الأرض أي خلفا للذين سبقونا عليها فنحن ننعم بما عليها من الخيرات {{ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }} .
...المزيد

تفسير الآية 125 من سورة النساء وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ ...

تفسير الآية 125 من سورة النساء
وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً
التفسير
نزلت الآية ردا على اليهود المحرفين والنصارى الضالين وهداية للمسلمين أن أحسن الدين عند الله هو الإسلام ألا يرون أن الإسلام هو الدين الحنيف الذي كان عليه إبراهيم عليه السلام حين أسلم وجهه لله وقال{{ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }} " الأنعام , 79 " :فأسلم وجهه لله وكان محسنا وكذلك رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم أسلم وجهه الله وكان محسنا فقال الله تعالى عنه {{ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }} " البقرة , 112 " وكذلك يجب أن يكون المسلمون .
فبهذا يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم اتبع ملة إبراهيم واستحق أن يكون خليل الله كما كان إبراهيم عليه السلام يقول سبحانه عنه {{ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً{{ : خليلا : أي مقربا فالخليل هو المقرب من الأحباب فكذلك إبراهيم جعله الله مقربا وإماما للناس بعد أن ابتلاه بكلمات يعمل بها فأتم العمل بها فقال سبحانه عنه {{ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ }} " البقرة , 124 " وكان قانتا لله {{ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (121)}} " سورة النحل " فبهذه الصفات اتخذه الله خليلا {{ وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً{{ .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: {{ لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِلَّا ثَلاَثَ كَذَبَاتٍ، ثِنْتَيْنِ مِنْهُنَّ فِي ذَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَوْلُهُ {إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات: 89]. وَقَوْلُهُ: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} [الأنبياء: 63]. وَقَالَ: بَيْنَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ وَسَارَةُ، إِذْ أَتَى عَلَى جَبَّارٍ مِنَ الجَبَابِرَةِ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ هَا هُنَا رَجُلًا مَعَهُ امْرَأَةٌ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ عَنْهَا، فَقَالَ: مَنْ هَذِهِ؟ قَالَ: أُخْتِي، فَأَتَى سَارَةَ قَالَ: يَا سَارَةُ: لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ مُؤْمِنٌ غَيْرِي وَغَيْرَكِ، وَإِنَّ هَذَا سَأَلَنِي فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّكِ أُخْتِي، فَلاَ تُكَذِّبِينِي، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ ذَهَبَ يَتَنَاوَلُهَا بِيَدِهِ فَأُخِذَ، فَقَالَ: ادْعِي اللَّهَ لِي وَلاَ أَضُرُّكِ، فَدَعَتِ اللَّهَ فَأُطْلِقَ، ثُمَّ تَنَاوَلَهَا الثَّانِيَةَ فَأُخِذَ مِثْلَهَا أَوْ أَشَدَّ، فَقَالَ: ادْعِي اللَّهَ لِي وَلاَ أَضُرُّكِ، فَدَعَتْ فَأُطْلِقَ، فَدَعَا بَعْضَ حَجَبَتِهِ، فَقَالَ: إِنَّكُمْ لَمْ تَأْتُونِي بِإِنْسَانٍ، إِنَّمَا أَتَيْتُمُونِي بِشَيْطَانٍ، فَأَخْدَمَهَا هَاجَرَ، فَأَتَتْهُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ: مَهْيَا، قَالَتْ: رَدَّ اللَّهُ كَيْدَ الكَافِرِ، أَوِ الفَاجِرِ، فِي نَحْرِهِ، وَأَخْدَمَ هَاجَرَ {{ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ تِلْكَ أُمُّكُمْ يَا بَنِي مَاءِ السَّمَاءِ "صحيح البخاري" .
...المزيد

تفسير الآية 125 من سورة النساء وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ ...

تفسير الآية 125 من سورة النساء
وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً
التفسير
نزلت الآية ردا على اليهود المحرفين والنصارى الضالين وهداية للمسلمين أن أحسن الدين عند الله هو الإسلام ألا يرون أن الإسلام هو الدين الحنيف الذي كان عليه إبراهيم عليه السلام حين أسلم وجهه لله وقال{{ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }} " الأنعام , 79 " :فأسلم وجهه لله وكان محسنا وكذلك رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم أسلم وجهه الله وكان محسنا فقال الله تعالى عنه {{ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }} " البقرة , 112 " وكذلك يجب أن يكون المسلمون .
فبهذا يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم اتبع ملة إبراهيم واستحق أن يكون خليل الله كما كان إبراهيم عليه السلام يقول سبحانه عنه {{ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً{{ : خليلا : أي مقربا فالخليل هو المقرب من الأحباب فكذلك إبراهيم جعله الله مقربا وإماما للناس بعد أن ابتلاه بكلمات يعمل بها فأتم العمل بها فقال سبحانه عنه {{ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ }} " البقرة , 124 " وكان قانتا لله {{ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (121)}} " سورة النحل " فبهذه الصفات اتخذه الله خليلا {{ وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً{{ .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: {{ لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِلَّا ثَلاَثَ كَذَبَاتٍ، ثِنْتَيْنِ مِنْهُنَّ فِي ذَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَوْلُهُ {إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات: 89]. وَقَوْلُهُ: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} [الأنبياء: 63]. وَقَالَ: بَيْنَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ وَسَارَةُ، إِذْ أَتَى عَلَى جَبَّارٍ مِنَ الجَبَابِرَةِ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ هَا هُنَا رَجُلًا مَعَهُ امْرَأَةٌ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ عَنْهَا، فَقَالَ: مَنْ هَذِهِ؟ قَالَ: أُخْتِي، فَأَتَى سَارَةَ قَالَ: يَا سَارَةُ: لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ مُؤْمِنٌ غَيْرِي وَغَيْرَكِ، وَإِنَّ هَذَا سَأَلَنِي فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّكِ أُخْتِي، فَلاَ تُكَذِّبِينِي، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ ذَهَبَ يَتَنَاوَلُهَا بِيَدِهِ فَأُخِذَ، فَقَالَ: ادْعِي اللَّهَ لِي وَلاَ أَضُرُّكِ، فَدَعَتِ اللَّهَ فَأُطْلِقَ، ثُمَّ تَنَاوَلَهَا الثَّانِيَةَ فَأُخِذَ مِثْلَهَا أَوْ أَشَدَّ، فَقَالَ: ادْعِي اللَّهَ لِي وَلاَ أَضُرُّكِ، فَدَعَتْ فَأُطْلِقَ، فَدَعَا بَعْضَ حَجَبَتِهِ، فَقَالَ: إِنَّكُمْ لَمْ تَأْتُونِي بِإِنْسَانٍ، إِنَّمَا أَتَيْتُمُونِي بِشَيْطَانٍ، فَأَخْدَمَهَا هَاجَرَ، فَأَتَتْهُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ: مَهْيَا، قَالَتْ: رَدَّ اللَّهُ كَيْدَ الكَافِرِ، أَوِ الفَاجِرِ، فِي نَحْرِهِ، وَأَخْدَمَ هَاجَرَ {{ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ تِلْكَ أُمُّكُمْ يَا بَنِي مَاءِ السَّمَاءِ "صحيح البخاري" .
...المزيد

تفسير الآية 186 من البقرة وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ...

تفسير الآية 186 من البقرة
وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ
التفسير
يستفاد من الآية أن الأصل في الدعاء أنه ما من سائل من المسلمين يسأل الله إلا وجده قريبا منه وأجاب دعائه فما من عبد مسلم يمد يديه إلى الله يسأل شيئا يجوز سؤاله وله الخير فيه إلا وأعطاه له أو أعطاه ما هو خير منه أو رفع عنه بلاءا كان نازلا به وأثابه بأجر الآخرة يقول سبحانه {{ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ }} " غافر , 60 "

وفي صحيح ابن حبان عن النبي صلى الله عليه وسلم {{ الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ }}
وليكون المسلم موفقا في إجابة الدعاء يجب أن يكون من الذين ليس للشيطان عليهم سلطان لقوله سبحانه مخاطبا إبليس {{ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ }}"الحجر 42"
فهم عباد الله المخلصين له ذوا الدعاء المجاب الذين ليس للشيطان عليهم سلطان وهذا ما يقر يه إبليس في قوله سبحانه عنه {{ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83) }} " ص "
ثم عليه أن يكون مخلصا لله في دينه ودعائه لقوله سبحانه {{ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ }} " غافر , 65 " , وأن لا يظن بالله عدم إجابة دعائه لقوله سبحانه {{الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا }} " الفتح , 6 " وأن لا يستعجل الإجابة عَنْ أبي هريرة أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَالَ: {{ يُسْتجَابُ لأَحَدِكُم مَا لَم يعْجلْ: يقُولُ قَد دَعوتُ رَبِّي، فَلم يسْتَجبْ لِي. }}
" متفقٌ عَلَيْهِ " : فكم من سائل يسأل الله ثم يستعجل في الإجابة قبل أن تتم له أو ٌأن الله يعطيه ما هو خير له مما سأل لكنه لا يرى ذلك لضعف بصيرته .
ثم عليه أن يكون مكسبه من الحلال عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" أَيُّهَا النَّاسُ ؛ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا ، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ،
فَقَالَ: {{ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}}
وَقَالَ :{{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ }}
ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ ، أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ ، يَا رَبِّ ، يَا رَبِّ ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ" صحيح مسلم
وأن لا يدعو بما خص الله به الأنبياء من المعجزات ومشاهدة الغيبيات لقوله سبحانه {{ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاء }}
" آل عمران , 179 "
وأن لا يدعو بإثم أو قطيعة رحم لقوله سبحانه زاجرا عن ذلك {{ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ(23) }} " محمد " .
...المزيد

أحكام تخص أهل الكتاب يقول سبحانه {{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء ...

أحكام تخص أهل الكتاب
يقول سبحانه {{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }} " آل عمران , 64 "
يأمرنا الله سبحانه وتعالى بدعوتهم وتبين دين الحق لهم وأننا على الدين الحنيف دين التوحيد الذي كان عليه أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام ولذا يقول الله تعالى لهم {{ مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}} " آل عمران ,67 " ويقول {{ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ }} " البينة , 5 " : إن دين الله الحق هو عبادته وحده لا شريك له مخلصين له في ذلك وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ابتغاء وجهه الكريم وأننا نحن المسلمون نؤمن بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا ونومن بجميع الرسل لا نفرق بين أحد منهم يقول سبحانه {{ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ }} " البقرة , 285 " أما هم فيفرقون بين رسل الله فيؤمنون ببعض ويكفرون ببعض يقول سبحانه وتعالى عنهم {{ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً (150) أُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا (151) }} " النساء "

فهم يكفرون برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبئين وإمام المرسلين ويصرون على شركهم وضلالهم فاستحقوا عذاب النار خالدين فيها {{ إِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ }} " البينة , 6 " .
وقد ذكر القرآن كفرهم وشركهم مفصلا من ذلك قوله سبحانه وتعالى عنهم {{ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ }} " التوبة , 30 "
ويقول سبحانه {{ اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ }} " التوبة , 31 "
وكان من عبادتهم لأحبارهم ورهبانهم أنهم إذا حرموا عليهم الحلال حرموه وإذ ا أٌحلوا لهم الحرام أحلوه وكان من عبادتهم لعيسى صلى الله عليه وسلم أنهم اعتبروه يغفر الذنوب لمن شاء وهذا لله سبحانه وتعالى وحده يقول سبحانه {{ مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ }} " المائدة , 75 " : إذا كان المسيح يأٌكل الطعام فكيف يكون ربا وكيف يكون إبن الله ؟
وكفروا برسول الله صلى الله عليه وسلم وقد صح عنه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: {{ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلاَ نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ }} " رواه مسلم "
وبعد دعوتهم يجب قتالهم حتى يدخلوا الإسلام أو يعطوا الجزية يقول سبحانه {{ قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}}
" التوبة , 29 "
وقد خصهم الله بعدة أحكام منها وجوب مجادلتهم بالتي هي أحسن يقول سبحانه {{وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }} " القصص , 46 "


ومنها أنه يجوز أكل ذبيحتهم وطعامهم يقول سبحانه {{ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ }} " المائدة , 5 " : وسبب ذلك أن ذبائحهم يذكرون اسم الله عليها ولا يذبحونها كما يذبح المشركون ذبائحهم فوافق فعلهم قول الله تعالى {{فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ }} " الأنعام , 118 " وفي الموطأ حدثني يحي عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل له يا رسول الله إن ناسا من أهل البادية يأتوننا بلحمان ولا ندري هل سموا الله عليه أم لا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم {{ سَمُّوا اللَّهَ عَلَيْهَا، ثُمَّ كُلُوهَا}} قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ فِي أَوَّلِ الإِسْلاَمِ
. فالكتابي تؤكل ذبيحته إذا ذكر اسم الله عليها ووافقت شروط الذكاة كقطع الحلقوم ونهر الدم أما إذا ذكر عليها غير اسم الله أو قتلها بالصعق وغيره فهي كذبيحة المشرك لا تحل يقول سبحانه {{ وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ }}
" الأنعام , 121 " , ويقول {{ قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا ... }} " الأنعام , 145 "
دَمًا مَّسْفُوحًا : هو ما ينهار من الدم بسبب الذبح لذا وجب ذبح البهيمة ليخرج منها فهو محرم وعليه فما مات صعقا بالكهرباء أو خنقا فهو ميتة لا يجوز أكله حتى لو ذكر اسم الله عليه لوجود الدم المسفوح فيه .
ومنها أنه يجوز الزواج بالكتابية يقول سبحانه {{ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ {{ " المائدة ,5 " : وذلك من أجل هدايتها
ومنها أن الذين ماتوا منهم قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم وكانوا موحدين لا يشركون بالله شيئا يتلون كتاب الله أناء الليل وهم يسجدون أثنى الله عليهم {{ لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَـئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114) وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوْهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (115) }} " آل عمران " .
...المزيد

حكم تارك الصلاة يقول سبحانه {{ فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا ...

حكم تارك الصلاة
يقول سبحانه {{ فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئًا (60) }} " مريم "
الآية جاءت بعد آيات قبلها تتحدث عن الأنبياء والثناء عليهم وهي تتضمن أنه جاء بعد هؤلاء الأنبياء خلف : أي عصر من أمتهم أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فتوعدهم رب العالمين ب {{ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا }} : وهو عذاب في جهنم إلا من تاب منهم {{ إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئًا }}
قوله {{ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا }} : فيه دليل على أن الله لم يحكم عليهم بالكفر لأنه لم يتوعدهم بالخلود في النار وقوله {{ إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ }} : فيه دليل على أن إقامة الصلاة شرط في الإيمان فلا يكمل الإيمان بغيرها وأن إضاعتها علامة النفاق فمن كان من تاركي الصلاة في بيئة أهلها يضيعون الصلاة ويتبعون الشهوات كأهل هذه الآيات فلا يحكم عليه بالكفر إن كان يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وولاءه للإسلام والمسلمين فهو يلحق بأهل هذه الآية . ومن كان في بيئة أهلها يقيمون الصلاة كبيئة الصحابة رضي الله عنهم وهو لا يصلي فيحكم عليه بحكم الساهين عن الصلاة لقوله سبحانه {{فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ((5 }}" الماعون " : نزلت هذه الآية في المنافقين الذين كانوا يتخلفون عن الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين لتكون علامة كبرى من علامات نفاقهم .
أما إذا تركها جاحدا لوجوبها فهو كافر بإجماع المسلمين يقول ابن باز رحمه الله
{{ حكم تارك الصلاة فيه تفصيل عند أهل العلم إن تركها جاحدا لوجوبها يقول ما هي بواجبة وهو عاقل كفر إجماعا بإجماع المسلمين لأنه مكذب لله ورسوله يقول الله تعالى " وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ " }} " راجع فتاويه على الشبكة " .
...المزيد

صفات المنافقين يقول سبحانه {{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا ...

صفات المنافقين
يقول سبحانه {{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا (61) }} " النساء "
الآيات تتضمن الحكم بإبطال التحاكم إلى الطاغوت وهو شرعة المشركين التي يتحاكمون إليها وأن من يتحاكم إليه فإيمانه من المزاعم : أي أنه باطل وأن علامة المنافقين الكبرى هي رفضهم للتحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه

وسلم {{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا }}
ويقول سبحانه {{ وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا }} " النساء , 115 "
يُشَاقِقِ الرَّسُولَ : أي يعاديه ويتكبر على سنته
وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ : أي يعتقد عقيدة غير المسلمين ويسلك طريقا غير طريقهم (اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم ) كما فعلت بعض الجماعات الضالة مثل المعتزلة والروافض فيحكم عليه بحكم من تولى من الكافرين وإن ادعى الإسلام لقوله سبحانه {{ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى }} ولقوله سبحانه في أية أخرى {{بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا }} " النساء ,139 "
ويقول سبحانه {{ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }}
" التوبة ,67 "
يستفاد من الآية أن من علامات المنافقين الكبرى أنهم يأمرون بالمنكر أي أنهم يأمرون بما نهى الله عنه وينهون عن المعرف أي أنهم ينهون عن ما أمر الله به أو رغب فيه ومن علاماتهم أنهم يقبضون أيديهم {{ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ }} : كناية عن بخلهم الشديد عن الإنفاق في سبيل الله ثم إنهم {{ نَسُواْ اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ }} :أي نسوا ذكره وعبادته لقوله سبحانه عنهم في آية أخرى {{ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً }} " النساء , 142" فجازاهم بحكم المنسي وهو الحرمان من قرب الله ورعايته وحفظه وليس المقصود به أن الله نسيهم بمعنى النسيان الذي هو صفة في بني آدم فهو مستحيل في حق الله وأن علاماتهم الكبرى أنهم فاسقون {{ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }} .
ويقول سبحانه {{ يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِؤُواْ إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ (64) وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ (65) لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ (66)}} " التوبة "
نزلت الآيات كما هو ظاهر في أناس كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستهزءوا بآيات الله وبرسوله وقالوا إنما كنا نخوض ونلعب {{ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ }} : الاستهزاء هو الطعن والتنقص ولانتقاد فمن أصاب شيئا من ذلك في حق الله أو كتبه أو رسله فقد كفر حتى وإن كان مؤمنا قبل ذلك لقوله سبحانه عن هذه المجموعة {{ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ }} ثم ذكر الله عنها أنه عفى عن بعضها وعذب بعضها أي عفى عن الذين تابوا قريبا وصدقوا في توبتهم وعذب الذين لم يتوبوا قريبا ولم يصدقوا في توبتهم لقوله سبحانه {{إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ

لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (17) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا
حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (18) }} " النساء "
ولعل من أبلغ علامات النفاق التي نراها اليوم هي الإسراع في موالاة الكافرين من اليهود والنصارى والمشركين ومظاهرتهم على المؤمنين كما جاء في الآيات {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52)}}[المائدة]
الآيات تتضمن الحكم على من يوالي اليهود والنصارى أنه منهم وأن حكمه في القتال حكمهم وأن موالاتهم ومظاهرتهم على المؤمنين يسرع فيه المنافقون فهو من علاماتهم الكبرى أما من والاهم خشية على بلاده وعلى المسلمين ولم ينصرهم على المسلمين ويساعدهم على قتلهم فهذا لا يحكم عليه بالنفاق لقوله سبحانه {{لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ}} " آل عمران , 28 "
أذا تأملنا الآيات نستنبط ثلاثة أحكام كبرى :
أولا : النهي عن اتخاذ الكافرين أٌولياء من دون المؤمنين {{ لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ }} .
ثانيا: أن الله برئ ممن فعل ذلك {{ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ }}.
ثالثا : أن مجرد موالاة الكافرين أي الدخول في حلفهم قد لا يحكم على صاحبه بالنفاق إذا فعله خوفا من بطشهم ولم يساعدهم على قتل المسلمين لقوله سبحانه
{{ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً }} : تُقَاةً : أي خشية
ومن علامات النفاق الكبرى عدم الاستماع لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لقوله سبحانه {{ وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ (16) وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ (17) }} " محمد "
مَاذَا قَالَ آنِفًا : أي ماذا كان يقول رسول الله صلى الله قبل قليل مما يدل على أنهم لم يكونوا ينصتون ويستمعون يقول سبحانه {{ وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }} " الأعراف , 204 "
عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِي المَسْجِدِ وَالنَّاسُ مَعَهُ إِذْ أَقْبَلَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ، فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَهَبَ وَاحِدٌ، فَوَقَفَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَرَأَى

فُرْجَةً فِي الحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا، وَأَمَّا الآخَرُ فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ، وَأَمَّا الثالث ُ فَأَدْبَرَ ذَاهِبًا، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّفَرِ الثَّلَاثَةِ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللَّهِ فَأَوَاهُ اللَّهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ» " الصحيحين "
ومن علامات المنافقين الكبرى عدم الوفاء بما عاهدوا الله عليه يقول سبحانه عنهم {{ وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (75) فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ (76) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ (77) }} " التوبة " ويقول سبحانه {{ وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُولاً (15) قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لاَّ تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (16) }} "الأحزاب"
عن عبد الله بن عمرو ابن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {{ أربعُ من كُنَّ فيه كان منافقاً خالصاً، من كان فيه خصْلَةُ منهن كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا أؤتمن خان ، وإذا حدث كذب ، وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر }} " متفق عليه "
وللمنافقين أحكام نذكر منها :
أولا : يقول سبحانه {{ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغًا }}
" النساء ,63 "
يستفاد من الآية الأمر بالإعراض عن المنافقين الذين ثبت نفاقهم وهو الحذر منهم واعتبارهم أعداء لقوله سبحانه {{ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ }}
" المنافقين ,4 " , ثم الأمر بوعظهم وتذكيرهم بالله والدار الآخرة ومن أحسن وعظهم أن تدعوهم لتدبر كتاب الله وتبين لهم إعجازه فيقول سبحانه {{أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا }} "النساء ,82 "
وأن تقول لهم في أنفسهم قولا بليغا{{ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغًا {{
ومن أبلغ ذلك أن تبين لهم نفاقهم وآثامهم كقوله سبحانه {{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ


قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً (77) أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ اللَّهِ فَمَا لِهَـؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (78) }} " النساء " .
ثانيا يقول سبحانه {{ فَإِن رَّجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَآئِفَةٍ مِّنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُل لَّن تَخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَدًا وَلَن تُقَاتِلُواْ مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُم بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُواْ مَعَ الْخَالِفِينَ }} " التوبة , 83 " : يستفاد من الآية أنه إذا ثبت النفاق على قوم لا يسمح لهم بالخروج مع المسلمين للجهاد والحكمة من ذلك يبينها الله في آية أخرى فيقول سبحانه {{ لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ }} " التوبة 47 "
مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً : الخبال في اللغة العربية فساد العقل والهلاك والنقصان والمقصود ب { مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً } : أن خروج المنافقين معنا لن يزيدنا قوة ولن يجلب لنا النصر بل سيضعفنا ويثبط همتنا ويفسدنا بالنميمة والشائعات التي يطلقونها
يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ : أي أنهم يسعون لكم بالفتنة كالقتال بينكم وانشقاقكم وإرجافكم بالشائعات التي يطلقونها
وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ : للأسف من المسلمين من يصدق الشائعات التي يطلقها المنافقون كما حصل مع بعض الصحابة في حديث الإفك حين رددوا الشائعة التي أطلقها رأس المنافقين عبد الله ابن أبي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها يقول سبحانه وتعالى عنهم {{ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ}} " النور , 15 " .
وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ : تقتضي أيضا استماع أرائهم الآثمة : أي أن من المسلمين من يفعل ذلك .
أما إذا تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وآمنوا إيمانا خالصا لله فلهم حكم المؤمنين لقوله سبحانه {{ إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللَّهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ لِلّهِ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا }} " النساء , 146 " .


ثالثا يقول سبحانه {{ وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ }} " التوبة 84 " : إذا ثبت على أحد أنه من المنافقين كعبد الله ابن أبي فلا يصلى عليه .
رابعا : يقول سبحانه {{ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلاً (60) مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً (61) }} " الأحزاب "
يستفاد من الآيات أحكام تخص المنافقين الذين يقيمون في بلاد المسلمين وتحت سلطانهم لقوله {{ فِي الْمَدِينَةِ }} : أي الذين كانوا يقيمون في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحت سلطانه إذا صدر منه شيء من النفاق أو الخيانة وإرجاف المؤمنين وهو تخويفهم وبث الشائعات المفتنة بينهم ثم لم يتوبوا ولم ينتهوا أن الحكم فيهم هو إغراء رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم أي تسليطه عليهم بأن ينفيهم من بلاد المسلمين وهذا يكون لإمام المسلمين بعده لأنه المكلف بتنفيذ أحكام الشرع وأن المنافقين ملعونين {{ مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً }} : ثُقِفُوا : أي أبصروا ووجدوا " أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً "فهذا يدل على جواز قتلهم إذا لم ينتهوا .
أما إذا كان المنافقون مجموعة لهم سلطان خارج سلطان المسلمين فيجب دعوتهم وقتالهم حتى يتوبوا إلى الله ويكونوا تحت سلطان الإسلام لقوله سبحانه {{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ }}"التوبة , 73 " نزلت هذه الآية في آخر غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم (غزوة تبوك) وكانت من آخر ما نزل من القرءان في جهاد الكفار والمنافقين .
قد بينا بعض ما يخص المنافقين من العلامات والأحكام ومما لاشك فيه أنه بقي بعض لم نبينه لأنا لم نأتي بكل ما جاء في شأن المنافقين من الآيات والأحاديث والقصص في الكتاب والسنة والسيرة والتاريخ فذلك يحتاج إلى كتاب خاص به وما ذكرنا هنا هو ما يدور حوله الجدل اليوم ويلتبس على الناس فهمه .
...المزيد

معلومات

داعية إلى الله حاصل على شهادة الثانوية في علوم الشريعة 2003م ثم شهادة الإجازة في اللغة العربية من جامعة أنواكشةط 2010 ثم تسجيل الماجستير في قسم النحو بكلية دار العلوم جامعة القاهرة 2013م مؤلف كتاب الخلاص وله عدة بحوث في الإعجاز والتاربخ الجليلوجي للأرض من القرآن

أكمل القراءة

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً