الحكم بين المتخاصمين في أحكام النكاح والطلاق يقول سبحانه {{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ ...

الحكم بين المتخاصمين في أحكام النكاح والطلاق
يقول سبحانه {{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا }} " النساء , 1 "
الآية تهدينا وترشدنا إلى تقوى الله وأن الله شرع لنا الزواج في قوله {{ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءاً }} " النساء , 1 "
وهذا الزواج له أحكام كثيرة من الكتاب والسنة يجب على القاضي معرفتها والحكم بين المتخاصمين على أساسها كقوله سبحانه {{ وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }}
" البقرة , 237 "
يستنبط من الآية أن المرأة إذا طلقت قبل الدخول بها لها نصف الصداق ولها أن تعفو عنه وعلى القاضي أن يحكم بهذا وكقوله سبحانه {{ أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ }}
" الطلاق , 7 "
يستنبط من الآية أن للمطلقة السكن حتى تنقضي عدتها وهذا السكن مشروط بأن لا تأتي بفاحشة مبينة وذلك في قوله سبحانه {{ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ }} " الطلاق , 1 " ولها النفقة إن كانت حاملا حتى تضع حملها ثم لها حق الرضاعة بعد ذلك على أب الطفل وعلى القاضي رعاية حقها ومن الأمثلة التي قد تأتي القاضي من الكتاب والسنة حديث عائشة رضي الله عنها قالت اختضم سعد ابن أبي وقاص وعبد ابن زمعة في غلام فقال سعد هذا يا رسول الله ابن أخي عتبة ابن أبي وقاص عهد إلي أنه ابنه انظر إلى شبهه وقال عبد ابن زمعة هذا أخي يا رسول الله ولد على فراش أبي من وليدته فنطر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شبهه فرأى شبها بينا بعتبة فقال {{ هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ , وَاحْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ , فلم تره سودة قط }}
" الصجيجين "
يستنبط من الحديث أن الولد للفراش أي أن من ثبت وطئه بنكاح صحيح أو ملك يمين كان الولد تابعا له سواءا شبهه أم لم يشبهه وهذا ما أشار إليه البخاري في صحيحه قال : " باب الولد للفرش قرة كانت أو أمة " وأورد هذا الحديث وخلاصة قصتة : أن عتبة ابن أبي وقاص كان قد عهد إلى أخيه سعد ابن أبي وقاص وهو بمكة أنه وطيء أمة لزمعة وأن الولد الذي سيكون منها ابنه ثم شاء الله أن الولد ولد وترعرع حتى كبر ثم رأه سعد بعد موت زمعة ورأى شبهه بأخيه فعرف أنه من صلبه فأراد أن يأخذه ولكن عبد ابن زمعة خاصمه فيه وأبى أن يعطيه له فتخاصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقضى به لعبد ابن زمعة أنه أحق به وقال {{ هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ . الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ }}
العاهر : هو الزاني وليس له من صلبه شيء
ولما كان الولد شبيها بعتبة أدرك أنه من صلبه ولكن مالك الأمة زمعة أحق به فقضى به تابعا له ثم قال لسودة {{ وَاحْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ }} , وهي أم المؤمنين زوج النبي صلى الله عليه سودة بنت زمعة ليدل ذلك على أنه ليس أخاها .
وهذه الأمثلة ليست إلا خرزات في عقد منظوم وكثير من أحكام النكاح والطلاق في الكتاب والسنة وننصح المهتم بمعرفتها بالرجوع إلى الآيات التي تتضمن ذلك من الكتاب والأحاديث الصحيحة وفتاوي ابن تيمية رحمه الله في ذلك .
...المزيد

الحكم بين المتخاصمين في المال يقول سبحانه {{ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ ...

الحكم بين المتخاصمين في المال
يقول سبحانه {{ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ }} " البقرة , 188 "
ينهانا الله سبحانه في الآية عن أخذ الأموال بالباطل وهو كل وسيلة حرام يؤخذ بها المال كالغصب والربا والاحتيال كإدعاء أرض أحد وتزوير بينات على ذلك ولذا يقول سبحانه {{ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ }} , جاء في الصحيحين عن عَبْدِ اللَّهِ ، عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ ، يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ ، هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ ، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ " ، قَالَ : فَدَخَلَ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ ، فَقَالَ : مَا يُحَدِّثُكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ ؟ قَالُوا : كَذَا وَكَذَا ، قَالَ : صَدَقَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، فِيَّ نَزَلَتْ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ أَرْضٌ بِالْيَمَنِ ، فَخَاصَمْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : هَلْ لَكَ بَيِّنَةٌ ، فَقُلْتُ : لَا ، قَالَ : فَيَمِينُهُ ، قُلْتُ : إِذَنْ يَحْلِفُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ : " مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ ، يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ ، هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ ، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ " ، فَنَزَلَتْ {{ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا }} إِلَى آخِرِ الآيَةِ .
للحكم بين المتخاصمين في المال يجب على القاضي معرفة مختلف أبواب الفقه المتعلقة بذلك من الكتاب والسنة كقوله سبحانه {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (278) فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ (279) }} " البقرة "
يستنبط من الآية أن المتعاقدين بالربى إن اختصما إلى القاضي حكم ببطلان العقد إلى أن يتوبا إلى الله فيكون للمدان سقوط الفائدة عنه ( الربى ) ويكون للمدين رأس ماله : أي المال الذي أقرضه
وكقوله سبحانه {{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ وَلاَ تَسْأَمُوْاْ أَن تَكْتُبُوْهُ صَغِيرًا أَو كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ
ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ وَأَقْومُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُواْ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }}
"البقرة , 282 "
الآية تهدينا وترشدنا إلى عدة أحكام منها أن الدين يثبت بالكتابة وشهادة رجلين أو رجل وامرأتان , وأن هذه الكتابة واجبة بين المدين والمدان إلا أن يأمن بعضهم بعضا لقوله سبحانه في آية أخرى {{فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ }} " البقرة , 283 "
ثانيا إذا تعذرت الكتابة ككونهم على سفر ولم يجدوا كاتبا كان على المُدان دفع رهن يساوي قيمة الدين أو يفوقها للمدين إلا أن يأمن بعضهم بعضا فيجوز عقد الدين دون دفع الرهن لقوله سبحانه {{ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ }}
ثالثا : أنه يجب على القاضي حماية الكتبة والشهداء الذين يشهدون على مثل هذه العقود لقوله سبحانه {{ وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }}
ومنها ما روي في الصحيحين عن حكيم ابن حزام رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {{ الْبَيَّعَانِ بِالْخِيَّارِ ما لمْ يَتَفَرَّقَا فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمأ فِي بَيْعِهِمَا وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَتُ بَيْعِهِمَا }}
يستنبط من الحديث أنه للمشتري و البائع فسخ عقد البيع ما داما مجتمعين في مكان العقد فإذا تفرقا كان لكل واحد منهما التمسك بالعقد فإذا جاءا إلى القاضي متخاصمين يريد أحدهما فسخ عقد البيع والآخر يريد التمسك به حكم بينهما على ما جاء في هذا الحديث وهذا يقودنا إلى أن القاضي يجب عليه معرفة أحكام البيوع من الكتاب والسنة وجميع الإحكام المتعلقة بذلك ككتاب الرهن وكتاب الإجارة وكتاب الشفعة وكتاب اللقطة وكتاب الاستقراض وأداء الديون و الحجر والتفليس وكتاب المزارعة وغيرها من الكتب المتعلقة بخصومات المال في صحيح البخاري وغيره من كتب السنة الصحاح


ونرشد القاضي إلى أنه إذا تعذر عليه معرفة صاحب الحق من المتخاصمين أو كان لكل منهما بعض الحق في المال المتخاصم عليه أو كان الحكم مجحفا ببعضهم أن
يدعوهم للصلح كما فعل نبي الله سليمان عليه السلام يقول سبحانه {{ وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا }} " الأنبياء " .
...المزيد

الحكم في الدماء والجراحات يقول سبحانه {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ...

الحكم في الدماء والجراحات
يقول سبحانه {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178) وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179) }} " البقرة , 179 " : الحكمة من القصاص أنه حماية للمسلمين من تعمد القتل والقتال فيما بينهم وهذا يتجلى في قوله سبحانه {{ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }} وفي قوله سبحانه {{وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ }}" البقرة , 192 " : من الفتنة قتال المسلمين بينهم والقصاص يدرؤها فإذا عفى أولياء الدم كان لهم الأجر على الله ولهم الدية إن لم يعفوا عنها ولذا يقول سبحانه {{ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ }} : فيجب على القاتل معاملة أولياء المقتول بالمعروف و أداء الدية إليهم بإحسان .
الأصل في الدية أنها مائة من الإبل والكن في حالة القتل العمد يجوز أن تتعدى ذلك إن طلب أولياء الدم الصلح على ذلك .
ويقول سبحانه {{ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }} " المائدة , 45 "
نزلت الآية جامعة لأحكام العمد في الدماء والجراحات ومعناها واضح لكل مسلم أن الجاني المتعمد يعاقب بمثل جنايته إن كانت قتلا قتل وإن كانت فقئا للعين فقئت عينه وإن كانت قطعا للأذن قطعت أذنه ... إلخ
{{ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ }} : أي أن من تصدق بالعفو على الجاني فذلك كفارة له من الذنوب ثم إن طالب بالدية كانت له عن أنس رضي الله عنه قال كسرت الربيع وهي عمة أنس بن مالك ثنية جارية من الأنصار فطلب القوم القصاص فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأمر النبي بالقصاص فقال أنس ابن النضر عم أنس ابن مالك لا والله لا تُكسر سِنُّها يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم {{ يَأَنَسْ كِتَابُ الله الْقِصَاصُ }} فرضي القوم وقبلوا الإرش فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم {{ إَنَّ مِنْ عِبَادِ الله مَنْ لَوْ أقْسَمَ عَلَى الله لَأَبَرَّهُ }}" صحيح البخاري"
وقبلوا الإرش : يعني العوض ( الدية ) .
وتختلف الدية باختلاف نوع الجناية جاء في الموطإ
حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم في العقول أن في النفس مائة من الإبل وفي الأنف إذا أوعي جدعا مائة من الإبل وفي المأمومة ثلث الدية وفي الجائفة مثلها وفي العين خمسون وفي اليد خمسون وفي الرجل خمسون وفي كل أصبع مما هنالك عشر من الإبل وفي السن خمس وفي الموضحة خمس

الشرح
في العقول : يعني الديات
وفي الأنف إذا أُعِيَ جدْعاً : إذا أوعي : أي أخذ كله , جدعا : أي قطعا
وفي المأمومة ثلث الدية : المأمومة هي التي تصل إلى الدماغ ولا يموت بسببها المجني عليه
وفي الجائفة مثلها : الجائفة : هي الجرح الذي يصل إلى الجوف ولا يموت بسببها المجني عليه
وفي الموضحة خمس من الإبل : الموضحة هي الجرح الذي يكشف العظم
أما إذا كان القتل والجراحات عن طريق الخطإ فليس فيهما قصاص وإنما الكفارة بالعتق و الدية أو العفو يقول سبحانه {{ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا }} " النساء , 92 "
الآية تهدينا وترشدنا إلى أحكام عظيمة منها أن القتل الخطأ يجب على فاعله تحرير رقبة مؤمنة إن وجدت فإن لم توجد كان عليه صيام شهرين متتابعين {{ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ }} , ويجب تسليم الدية إلى أهل المقتول وقدرها مائة من الإبل على عاقلة الجاني وهم عصبته أو قبيلته ولا يجوز أن تزيد على المائة ولكن يجوز أن يعفو أهل المقتول عنها أو عن بعضها لقوله سبحانه {{ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ }}
أي يتصدقوا بالعفو عنها أو عن بعضها
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال اقتتلت إمرأتان من هُذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن دية جنينها قُرَّة عبد أو وليدة وقضى بدية المرأة على عاقلتها ... " الصحيحين "
ثانيا : إن كان المقتول خطئا مؤمنا وأهله كافرون يحاربون الإسلام وجب على القاتل تحرير رقبة مؤمنة لقوله سبحانه {{ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ }} , فإن لم يجد صام شهرين متتابعين توبة إلى الله لتكون كفارة له ولا تجب عليه الدية لأن أولياء المقتول كفار يحاربون الإسلام .
ثالثا :إن كان المقتول مسلما ولكن قومه كفار لا يحاربون الإسلام وبينهم وبين المسلمين ميثاق أي معاهدة سلام أو صلح أو كانوا ذميين في هذه الحالة يجب تحرير رقبة مؤمنة على القاتل ودفع الدية إلى أهل المقتول لقوله سبحانه {{ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً }} .
أما الجراحات ففيها الدية كما جاء في حديث عمرو بن حزم السابق ويجوز للمجني عليه العفو عنها أو عن بعضها .
...المزيد

الحكم بين الجماعات الإسلامية المختلفة في التأويل يقول سبحانه {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ...

الحكم بين الجماعات الإسلامية المختلفة في التأويل
يقول سبحانه {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }} " النساء , 59 "
الآية تهدينا وترشدنا إلى أن أي نزاع أو خصومة بين المسلمين يجب ردهما إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم سواء كان هذا النزاع في التأويل أو في غيره فإن كان في التأويل وجب على القاضي تكوين لجنة من العلماء الصالحين للبحث في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم واستنباط الأحكام القطعية أو الراجحة التي توافق الصراط المستقيم والمحجة البيضاء التي تركنا عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلزام المتخاصمين بها وإن وصل التنازع بينهما إلى قتال يرجع فيه إلى قول الله تعالى {{ وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }} " الحجرات , 9 "
الآية تهدينا وترشدنا أن الواجب الأول في الحكم بين الجماعات الإسلامية التي تتقاتل بينها هو الإصلاح ويكون بإقامة الحدود ودفع الديات والتضحيات والإنفاق والعفو يقول سبحانه {{ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ }} "الشورى , 40 "
ولا يجوز قتال إحداهما حتى ترفض التحاكم إلى شرع الله فإن رفضت التحاكم إلى القاضي وجب عليه الاستعانة بقدر كاف من العلماء والقضاة بدليل قوله سبحانه
{{ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا }} : مما يدل على أن الخطاب للجماعة وبالتالي إذا رفضوا التحاكم إلى قاض واحد وجب عليه الاستعانة بقدر كاف من القضاة والعلماء فإذا وقع هذا الصلح ونقضته إحداهما نقضا قطعيا كقيام إحداهما بقتل أحد الجماعة الأخرى ثم رفضت المعتدية محاسبة الفاعل على ذالك بشرع الله وجب على المسلمين جميعا قتالها حتى تتوب إلى الله وترجع إلى أمره لقوله سبحانه {{ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }} .
...المزيد

الحكم بين الجماعات الإسلامية المختلفة في التأويل يقول سبحانه {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ...

الحكم بين الجماعات الإسلامية المختلفة في التأويل
يقول سبحانه {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }} " النساء , 59 "
الآية تهدينا وترشدنا إلى أن أي نزاع أو خصومة بين المسلمين يجب ردهما إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم سواء كان هذا النزاع في التأويل أو في غيره فإن كان في التأويل وجب على القاضي تكوين لجنة من العلماء الصالحين للبحث في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم واستنباط الأحكام القطعية أو الراجحة التي توافق الصراط المستقيم والمحجة البيضاء التي تركنا عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلزام المتخاصمين بها وإن وصل التنازع بينهما إلى قتال يرجع فيه إلى قول الله تعالى {{ وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }} " الحجرات , 9 "
الآية تهدينا وترشدنا أن الواجب الأول في الحكم بين الجماعات الإسلامية التي تتقاتل بينها هو الإصلاح ويكون بإقامة الحدود ودفع الديات والتضحيات والإنفاق والعفو يقول سبحانه {{ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ }} "الشورى , 40 "
ولا يجوز قتال إحداهما حتى ترفض التحاكم إلى شرع الله فإن رفضت التحاكم إلى القاضي وجب عليه الاستعانة بقدر كاف من العلماء والقضاة بدليل قوله سبحانه
{{ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا }} : مما يدل على أن الخطاب للجماعة وبالتالي إذا رفضوا التحاكم إلى قاض واحد وجب عليه الاستعانة بقدر كاف من القضاة والعلماء فإذا وقع هذا الصلح ونقضته إحداهما نقضا قطعيا كقيام إحداهما بقتل أحد الجماعة الأخرى ثم رفضت المعتدية محاسبة الفاعل على ذالك بشرع الله وجب على المسلمين جميعا قتالها حتى تتوب إلى الله وترجع إلى أمره لقوله سبحانه {{ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }} .
...المزيد

القضاء القضاء هو الفصل بين المتخاصمين بالحق يقول سبحانه {{ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ ...

القضاء
القضاء هو الفصل بين المتخاصمين بالحق يقول سبحانه {{ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ }}" ص , 26 "
ولا يقدر على ذلك إلا القاضي الموفق من الله العالم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فالتوفيق يكون بتقوى الله وطاعته يقول سبحانه {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) }} " الأحزاب " والعلم بالكتاب والسنة والقدرة على الاستنباط منهما هو الحق الذي أمر الله أن يحكم به القاضي ولذا يقول لنبيه
{{ وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ }} " المائدة , 49 "
حددت الآية عمل القاضي وهو الحكم بين المتخاصمين بما أنزل الله ونهته عن إتباع هوى المتخاصمين ووجوب الحذر منهم حتى لا يفتنوه عن بعض ما أنزل الله {{وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْك }}
ويجب على القاضي معرفة البينات التي تثبت بها الأحكام بين المتخاصمين في حالة تخالفهما في الدعاوي أو عدم اعتراف المدعى عليه بالذنب ومعرفة البينات الراجحة على البينات المرجوحة ولا يكون ذلك إلا بمعرفة أبواب الفقه المختلفة من الكتاب والسنة فمثلا يقول الله سبحانه في سورة الطلاق {{ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا }} " الطلاق , 1 " أي أنه لا يجوز إخراج المطلقة المسلمة من بيتها قبل انتهاء عدتها إلا أن تأتي بفاحشة مبينة : أي أن يثبت عليها ارتكاب الفاحشة ببينة تدل على ذلك وهذه البينة التي تثبت ذلك يحددها الله في سورة النساء يقول سبحانه {{ وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً}}" النساء , 15 " : يستفاد من الآية أن الفاحشة تثبت على لمسلمة المتزوجة بشهادة أربعة شهود


ومن أمثلة ذلك أيضا اليتيم البالغ إذا أتي القاضي يدعي أنه بلغ سن الرشد وأن له الحق أن يدفع له وصيه أو وكيله المال ليتصرف فيه بما شاء فالحكم في هذه المسألة يرجع إلى إقرار الوصي أو الوكيل فهو الذي يحدد إذا كان اليتيم بلغ سن الرشد أولا لقوله سبحانه {{ وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ }} " النساء , 6 " : يستفاد من الآية أن سن النكاح التي هي البلوغ ليست هي سن الرشد التي يحق لليتيم فيها التصرف بماله دون الرجوع إلى إذن وصيه أو وكيله وأن سن الرشد هذه يحددها الوصي أو الوكيل بدليل {{ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا }} : فالخطاب من الله في هذه الآية للقائم بحفظ مال اليتيم من وصي أو وكيل وبعد هذين المثالين يتضح لنا معنى البينات وهي الحجة الشرعية التي تثبت الحق لصاحبه أو الذنب على مرتكبه ولا تكون معرفتها إلا بمعرفة أبواب الفقه المختلفة من الكتاب والسنة وقد تكون هذه البينة بالقسم ( اليمين بالله ) ومن أمثلة ذلك قوله سبحانه {{ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7)}} " النور , 6 " : الآية تحدد أنه من رمى زوجته بالزنى ولم يكن له شهود أنه يثبت عليها إذا أقسم على ذلك أربع شهادات بالله : أي أربعة أيمان بالله وامتنعت الزوجة عن القسم أربع أيمان بالله إنه من الكاذبين فإن أقسمت لم يثبت عليها ولم تُحد لقوله سبحانه {{ وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9)}}
ومن أمثلة ذلك ما ورد في صحيح البخاري :عن الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ، كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ أَرْضٌ بِالْيَمَنِ، فَخَاصَمْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «هَلْ لَكَ بَيِّنَةٌ؟» فَقُلْتُ: لَا، قَالَ: «فَيَمِينُهُ»، قُلْتُ: إِذَنْ يَحْلِفُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ، يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» فَنَزَلَتْ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران :[ 77] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ
ومن واجبات القاضي وعمله إقامة الحدود والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
...المزيد

الإمارة الإمارة هي تعين من خليفة لمسلمين لمن يراه يصلح لتنفيذ مهامه في بلد من بلاد المسلمين ولذا ...

الإمارة
الإمارة هي تعين من خليفة لمسلمين لمن يراه يصلح لتنفيذ مهامه في بلد من بلاد المسلمين ولذا يجب أن يكون صاحبها أهلا لذلك فيكون إماما في الدين والتقوى وهي سنة مؤكدة لفعل النبي صلى الله عليه وسلم لها ودأبه على ذلك فنذكر من الأمراء الذين عينهم ما اشتهر في الصحاح من كتب السنة :
أبو بكر الصديق رضي الله عنه على الحج سنة تسع للهجرة
عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه على الأخماس باليمن
معاذ بن جبل رضي الله عنه على الجَنَد
عمرو بن أم مكتوم رضي الله عنه على المدينة إذا سافر
ويجب طاعة من ولاه الخليفة ليقوم ببعض مهامه أو على بلد من بلاد المسلين لقوله سبحانه {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ }}"النساء , 59"
ولقوله صلى عليه وسلم: {{ اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا ، وَإِنِ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ ، كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ }} " راجع صحيح البخاري , 6760 "
ولا تعطى لمن يطلبها لأنه سيوكل إليها عن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ ، قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ لاَ تَسْأَلِ الإِمَارَةَ ، فَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا ، وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا ، وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا ، فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ ، وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ
" صحيح البخاري " .
...المزيد

الإمامة في الدين والعلم يقول سبحانه : {{ وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ ...

الإمامة في الدين والعلم
يقول سبحانه : {{ وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً }} " النساء . 83 "
أُوْلِي الأَمْر : هم العلماء فكل أمر من الأمن أو الخوف يجب رده إلى العلماء المتخصصين في مجاله والمقصود هنا في لآية هم العلماء بالكتاب والسنة الذين لهم القدرة على الاستنباط منهما وهؤلاء العلماء هم من تتوفر فيهم صفات العلم والإمامة في الدين وهذه الصفات هي :
أولا : معرفتهم بالكتاب والسنة وقدرتهم على الاستنباط منهما لقوله سبحانه {{ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ }} : ويجب على العالم أن تكون استنباطاته مثبتة بأدلتها من الكتاب أو السنة فإن لم تكن كذلك فهي رأي فقهي من شاء أخذ به ومن رأى أصلح منه أخذ به .
ثانيا :أن يكون على تقوى من الله لقوله سبحانه {{ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }} " البقرة , 282 "
ثالثا : أن يخشى الله خوفا وطمعا لقوله سبحانه {{ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ }} " فاطر , 28 "
رابعا : أن يُعرف باليقين والصبر لقوله سبحانه {{ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ }} " السجدة , 24 "
خامسا : أن يُعرف بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعليم الناس لقوله سبحانه {{ وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164) فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ (165) }} " الأعراف " : فالعلماء مؤمورون بتبليغ الدين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإن لم يفعلوا ذلك فهم معرضون أن يصيبهم ما يصيب العاصين من حب الدنيا وكراهية الموت والعقوبات والهلاك كما أصاب بعض علماء بني إسرائيل حين لم ينهوا قومهم عن معصية الله ومخالفة أمره في الصيد يوم السبت فأهلكهم الله مع قومهم ونجى العلماء الذين نهو عن ذلك {{ فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ }} , ولأن أمة محمد أمة أخرجت للناس للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجب على علماءها ذلك يقول سبحانه {{ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ }} " آل عمران , 110 "
...المزيد

الخلافة يقول سبحانه {{ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ ...

الخلافة
يقول سبحانه {{ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ }} " ص , 26 "
الخلافة هي سنة الله التي ارتضاها لخلقه أن يختاروا لهم خليفة يحكم بينهم بالحق يعني شرع الله ولا يتبع الهوى ولهذا وجب أن يكون الخليفة إماما في الدين ومسؤول عن رعيته من المسلمين والذمين عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول {{ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فالإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ... }} " الصحيحين " , وأن يكون من قريش لما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {{ النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ في هَذَا الشَّأن مُسْلِمُهُمْ تَبَعٌ لِمُسْلِمِهِمْ وَكَافِرُهُمْ تَبَعٌ لِكَافِرِهِمْ }}
" الصحيحين " : قال النووي في شرحه لصحيح مسلم عند هذا الحديث {{ هذا الحديث وأشباهه دليل ظاهر على أن الخلافة مختصة بقريش لا يجوز عقدها لأحد غيرهم وعلى هذا انعقد الإجماع في زمن الصحابة وكذلك من بعدهم }}
وأن يكون من الأئمة الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر لقوله سبحانه
{{ الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ }} " الحج , 41 "
وأن يكون من المتقين المحسنين لينال معية الله لقوله سبحانه {{ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ }} " النحل , 128 " وينال فضائل التقوى الأخرى المذكورة في القر آن والحديث فيستطيع القيام بمهامه وهي :
أولا : إقامة الدين وذلك بنشر العقيدة الصحيحة ( عقيدة السلف الصالح ) والحكم بشرع الله يقول سبحانه {{ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }} " يوسف , 40 "
ثانيا : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لقوله سبحانه {{ وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }} " آل عمران , 104 "

ويكون ذلك بإقامة دولة إسلامية أهلها يؤمنون بالله لا يشركون به شيئا ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويؤمرون بالمعروف وينهون عن المنكر في أنفسهم وفي غيرهم ويتعاونون على البر والتقوى ولا يتعاونون على الإثم والعدوان وينصرون المظلوم يقول سبحانه {{ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }} " المائدة , 2 "
ثالثا : نصرة المظلوم
رابعا : التعاون مع المسلمين على البر والتقوى
خامسا : الدعوة والجهاد حتى يبلغ دين الله لجميع الناس عَن ابن عُمَر رَضِيَ اللَّه عنْهَما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ }} : أُمِرْتُ أَن أُقاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَن لا إِلهَ إِلاَّ اللَّه وأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، ويُقِيمُوا الصَّلاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ، فَإِذا فَعَلوا ذلكَ، عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وأَمْوَالَهم إِلاَّ بحَقِّ الإِسلامِ، وحِسابُهُمْ عَلى اللَّهِ }} "الصحيحين "
سادسا : حماية أرض المسلمين من كيد الكافرين والمنافقين يقول سبحانه {{ وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ }} " الأنفال , 40 "
سابعا : أن يكون حريصا على المؤمنين لا يرضى لهم الإثم والتعب رؤوف رحيم بهم كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سبحانه {{ لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }} " التوبة , 128 "
ثامنا : الرقابة على مال المسلمين لقوله صلى الله عليه وسلم {{{{ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فالإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ }} " الصحيحين "
تاسعا : تعين الأصلح لأمور المسلمين وعزل من لا يصلح لهم .
...المزيد

الإمامة في الدين والعلم يقول سبحانه : {{ وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ ...

الإمامة في الدين والعلم
يقول سبحانه : {{ وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً }} " النساء . 83 "
أُوْلِي الأَمْر : هم العلماء فكل أمر من الأمن أو الخوف يجب رده إلى العلماء المتخصصين في مجاله والمقصود هنا في لآية هم العلماء بالكتاب والسنة الذين لهم القدرة على الاستنباط منهما وهؤلاء العلماء هم من تتوفر فيهم صفات العلم والإمامة في الدين وهذه الصفات هي :
أولا : معرفتهم بالكتاب والسنة وقدرتهم على الاستنباط منهما لقوله سبحانه {{ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ }} : ويجب على العالم أن تكون استنباطاته مثبتة بأدلتها من الكتاب أو السنة فإن لم تكن كذلك فهي رأي فقهي من شاء أخذ به ومن رأى أصلح منه أخذ به .
ثانيا :أن يكون على تقوى من الله لقوله سبحانه {{ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }} " البقرة , 282 "
ثالثا : أن يخشى الله خوفا وطمعا لقوله سبحانه {{ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ }} " فاطر , 28 "
رابعا : أن يُعرف باليقين والصبر لقوله سبحانه {{ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ }} " السجدة , 24 "
خامسا : أن يُعرف بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعليم الناس لقوله سبحانه {{ وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164) فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ (165) }} " الأعراف " : فالعلماء مؤمورون بتبليغ الدين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإن لم يفعلوا ذلك فهم معرضون أن يصيبهم ما يصيب العاصين من حب الدنيا وكراهية الموت والعقوبات والهلاك كما أصاب بعض علماء بني إسرائيل حين لم ينهوا قومهم عن معصية الله ومخالفة أمره في الصيد يوم السبت فأهلكهم الله مع قومهم ونجى العلماء الذين نهو عن ذلك {{ فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ }} , ولأن أمة محمد أمة أخرجت للناس للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجب على علماءها ذلك يقول سبحانه {{ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ }} " آل عمران , 110 "
...المزيد

البيعة سنة والانتخابات بدعة ضالة مضلة يقول سبحانه : {{ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ ...

البيعة سنة والانتخابات بدعة ضالة مضلة
يقول سبحانه : {{ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا }} " الفتح , 18 " : البيعة المذكورة في هذه الآية هي بيعة الرضوان وذلك حين بايع الصحابة رضي الله عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على القتال حتى الموت وكان عددهم ألف وأربعمائة رجل وفي هذا دليل على مشروعيتها من الكتاب ومن أدلة مشروعيتها من السنة حديث عبادة ابن الصامت رضي الله عنه قال بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وعلى آثرة علينا وعلى أن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرا بواحا عند كم من الله فيه برهان وعلى أن نقول بالحق أين ما كنا لا نخاف في الله لومة لائم " الصحيحين " فالبيعة سنة مؤكدة يؤديها أفراد المسلمين لإمامهم الذي يختارونه خليفة عليهم فيبايعونه على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وعلى باقي ماجاء في الحديث الآنف وهي نهج الخلفاء الرشدين والمسلمين في زمنهم لم يحدثوا فيها ولم يغيروا وكان زمنهم درسا للمسلمين ليعرفوا منه أحكام البيعة :
أولا : أن المسلمين لا يكون لهم إلا خليفة واحد يكون من أفضلهم ويكون من قريش وهذا ينطبق على الخلفاء الأربعة عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {{ لاَ يَزَالُ هَذَا الْأَمْرُ فِي قُرَيْشٍ مَا بَقِيَ منْهُمُ إِثْنَانِ " صحيح البخاري "
ثانيا : إذا بايع أهل الْحَلِّ والعقد من أفراد المسلمين كالعلماء والمجاهدين وبايع معهم أفراد المسلمين وبقي أفراد فهذا تنعقد به خلافة الٌإمام الذي اختاره فمن المعلوم في أحاديث الصحيحين أن عامة الصحابة بايعوا أبي بكر على الخلافة رضي الله عنهم جميعا ولم يبايع علي رضي الله عنه إلا بعد ذلك بزمن لأنه رضي الله عنه كان يرى نفسه أحق بالخلافة فلما بايع الصحابة رضي الله عنهم أبي بكر ورأى الغضب باديا في وجوههم وسلوكهم فعرف أن الحق معهم وبايع .


ثالثا : أن البيعة تكون لأهل الحل والعقد في عاصمة المسلمين فإذا بايعوا إماما للمسلمين لزم باقي بلدان المسلمين البيعة كما حصل في خلافة علي ابن أبي طالب رضي الله عنه فمن المعلوم أن المسلمين مجمعون على صحة خلافته مع أنه لم يبايع من أهل الشام
رابعا : إذا لم يتفق المسلمون على بيعة إمام وجب تقديم التضحيات والتنازلات التي ستصلح المسلمين كما فعل الحسن ابن علي رضي الله عنه حين تنازل عن الخلافة لمعاوية ابن أبي سفيان ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه ويقول عنه إن ابن هذا سيد عن أبي بكرة رضي الله عنه قال بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب جاء الحسن فقال النبي صلى الله عليه وسلم ابْنِ هذا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ الله أَنْ يُصْلِحَ بَه بَيْنَ فِيئتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ " صحيح البخاري "
وأما ما شاع في بلاد المسلمين لآن من الاقتراع أو الانتخابات فهو بدعة جاءت من الغرب يجب ردها وتركها لقول النبي صلى الله عليه وسلم " وَإِيَّاكُمْ وَمُحُدَثَاتُ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةُ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ }} " الصحيحين " , وبسبب هذه البدعة تعطلت السنة في اختيار الأصلح للمسلمين ذلك أن الإمارة لا تعطى لمن يطلبها لأنه سيوكل إليها مما يعني أنه لن يكون موفقا من الله في شأنها عن عبد الرحمن ابن سمرة قال قال النبي صلى الله عليه وسلم يا عبد الرحمن ابن سمرة لا تسأل الإمارة فإنك إن أُعْطِيتَهاَ عَن مسْأَلَةٍ وُكِّلْتَ إِلَيْهَا }} : ونحن نرى أن كل من يريدون تولي أمور المسلمين بالانتخابات اليوم يطلبونها بشدة وأن ذلك دليل على مخالفتها لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنها مجال يحقق به المفسدون طموحاتهم .
...المزيد

التفسير والاستنباط التفسير والاستنباط هما علمان جليلان فتح الله بهما على نبيه ليبين للناس ويفصل ...

التفسير والاستنباط
التفسير والاستنباط هما علمان جليلان فتح الله بهما على نبيه ليبين للناس ويفصل لهم ما أجمل من القرءان ويستنبط لهم العقيدة الصحيحة والأحكام منه يقول سبحانه {{ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }} " النحل , 44 "
وقد أجمع علماء الأمة على أن القرآن يفسر بالقرآن وذلك لقوله سبحانه {{ الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ }} " هود , 1 "
ويفسر بما صح من حديث النبي صلى الله عليه وسلم ومن أمثلة ذلك ما رواه البخاري في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ عُذِّبَ " قالت قلت أليس يقول الله تعالى
{{ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا }} قال : " ذَالِكَ الْعَرْضُ "
ويفسر بكلام السلف الصالح ذلك أنهم أدرى منا بمقاصد القرآن لأنهم تعلموا على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم الصحابة أو على يد صحابته وهم التابعون ولكن أحيانا هؤلاء السلف الصالح يتكلمون فيما ليس لهم به علم لأنه ليس في زمنهم ويكون كلامهم مخالف لظاهر القرءان و مردود بالدليل المبين فليس علينا أن نتمسك بقولهم ذلك من أمثلة ذلك تفسيرهم لقوله سبحانه {{ وَالسَّمَاء وَالطَّارِقِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (2) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3) }} " الطارق " : لم يفهم السلف الصالح هذه الآيات فتأولها بما يخالف ظاهرها أن المقصود بها النجوم لأنها تطرق سماءنا ليلا وهذا لا يوافق ظاهر الآية وهو أن في السماء نجم اسمه الطارق وهو ثاقب جدا فالآية تتحدث عن نجم واحد أو نوع واحد من النجوم وليس كل النجوم فلما جاء عصرنا عصر الاكتشافات الفلكية والمراصد ذات الدقة العالية في الرصد والتصوير اكتشف علماء الفلك نجما شديد الكثافة يصدر طرقات متتالية ففهم المسلمون أن المقصود بالطارق هو ذلك النجم " راجع محاضرات الدكتور زغلول النجار "
وللاستنباط طرقه الصحيحة التي توصل من اتبعها إلى الحق ورضى الله فيما يريد استنباطه يقول سبحانه {{ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا }} " طه , 114 "
فالآية إن كان معناها النهي لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن قراءة ما يوحى إليه حتى يُقضي إليه الوحي كله فتدل أيضا على أن من أراد استنباط الأحكام من القرآن في مسألة ما من الفقه أو العقيدة عليه أن لا يعجل بالاستنباط حتى يجمع كل الآيات والأحاديث الصحيحة المتعلقة بالمسألة التي يريد استنباطها ولا يكون له ذلك إلا بمعرفة أصول الفقه والإطلاع على الناسخ والمنسوخ والخاص والعام والمقيد والمطلق والمجمل وتفسيره من القرءان وباقي أبواب أصول الفقه ومن أمثلة الناسخ والمنسوخ قوله سبحانه {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ }} " النساء , 43 " : الآية تنهى عن شرب الخمر عند اقتراب وقت الصلاة فهي لا تحرم الخمر إلا وقت الصلاة ومن المعلوم عند العلماء أنها منسوخة بقوله سبحانه {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }} " المائدة ,90 " : فالآية الثانية ناسخ وهي تتضمن النهي من الله عز وجل عن الخمر أبدا والآية الأولى منسوخة أي أن الحكم المستنبط منها لم يعد هو المعتمد ومن أمثلة الخاص قوله سبحانه {{ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً (2) نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (3)}} " المزمل " : من المعلوم عند علماء التفسير أن هذه الآيات نزلت في بديات الوحي وفيها أمر للنبي صلى الله عليه وسلم وخاص به بوجوب قيام الليل عليه ومن أمثلة العام وهي كثيرة قوله سبحانه {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }} " البقرة , 183 " : الآية فيها أمر عام لجميع المسلمين بالصيام والمقصود به صيام رمضان كما جاء مفصلا بعد ذلك في قوله سبحانه {{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ }} " البقرة , 185 "
ومن أمثلة المقيد قوله سبحانه في كفارة القتل الخطأ {{ وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ }} " النساء , 92 " : فاشترط في الرقبة أن تكون مؤمنة يعني أنه لم يطلق الحكم بالعتق على كل الرقاب بل قيده بشرط الإيمان .
ومن أمثلة المطلق قوله سبحانه في كفارة اليمين {{ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ }} " المائدة , 89 " دون اشتراط الإيمان مما يعنى إطلاق حكم العتق على كل الرقاب فيصح في كفارة اليمين عتق رقبة غير مؤمنة , ومن أبلغ أمثلة المطلق والمقيد قوله سبحانه في قصة بقرة بني إسرائيل {{ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً }} " البقرة , 67 "
فالأمر بذبح البقرة كان أمر مطلقا يصح على كل البقر لكن بني إسرائيل أرادوا تقيده بالشروط والأوصاف تعظيما للبقرة فراحوا يسألون عن أوصافها حتى انتهى بهم المآل إلى وصف أجود بقرة في منطقتهم وكانت باهظة الثمن ومجحف بهم شراؤها ومن أمثلة المجمل قوله سبحانه {{ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ }} " البقرة , 43 " : الآية فيها أمر بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وهذا الأمر جاء مكررا عدة مرات في القرءان لكن تفصيله جاء في صحيح السنة فعلمنا منها أن الصلوات الواجبة هي خمس صلوات في اليوم والليلة ( الصبح , الظهر , العصر , المغرب , العشاء ) وعلمنا كيفية أداءها ومقدار الزكاة الواجبة من كل مال ومتى وجوبها وأداءها .
...المزيد

معلومات

داعية إلى الله حاصل على شهادة الثانوية في علوم الشريعة 2003م ثم شهادة الإجازة في اللغة العربية من جامعة أنواكشةط 2010 ثم تسجيل الماجستير في قسم النحو بكلية دار العلوم جامعة القاهرة 2013م مؤلف كتاب الخلاص وله عدة بحوث في الإعجاز والتاربخ الجليلوجي للأرض من القرآن

أكمل القراءة

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً