معركة الجماعة والفصائل (3) ممّا يميّز الشّام عن غيرها من الساحات، أنّ الصراع بدأ مع الطاغوت وليس ...

معركة الجماعة والفصائل (3)

ممّا يميّز الشّام عن غيرها من الساحات، أنّ الصراع بدأ مع الطاغوت وليس في البلاد أي فصائل أو أحزاب أو تجمّعات حقيقيّة، وهذا الأمر كان فألاً حسناً - ولا شك - لو أمكن توجيهه إلى تكوين جماعة المسلمين التي تخوض الجهاد ضد الطاغوت صفّاً واحداً، ولكن تأخُّر المجاهدين في إدراك المدى الذي سيبلغه الصراع، وشدة القبضة الأمنيّة للنظام النصيري، أدّيا إلى التأخر في إثبات المجاهدين حضورهم على الأرض، حيث كانت الفصائل قد بدأت تتشكّل، ووجد كلٌ منها لنفسه بوّابة لتلقّي الدعم، ما أجبر جنود الدولة الإسلامية على دخول الساحة رغم تشابكاتها وعدم وضوح أطراف النزاع فيها، ومحاولة تأجيل الصراع مع الأطراف المعارضة للنظام.

• التنسيقيّات أول أشكال التجمّعات في الشام

مع بداية العمل المضاد للنظام النصيري الذي غلب عليه نشاط المظاهرات والاعتصامات، ظهر مصطلح التنسيقيّات، كتسمية باتت مجموعات من "الثوار" تطلقها على نفسها، هذه التنسيقيّات كانت تقوم بعمليات حشد المتظاهرين وتنظيم المظاهرات وتغطيتها إعلاميّاً عن طريق التصوير والنشر على مواقع التواصل الاجتماعي، لتكتسب مع الوقت صفة الواجهة الإعلامية وحتى السياسيّة للمتظاهرين الذين تدفعهم الحماسة والحميّة للمشاركة في التظاهرات والقبول ببروز "قادة الحراك الثوري" على أكتافهم، فالفكرة السائدة لديهم أن هذه المظاهرات وهذا "الحراك الثوري" سيسقط النظام النصيري خلال أسابيع أو شهور على حدٍّ أقصى.

مع استمرار حالة "الحراك الثوري" لفترة طويلة من الزمن دون أن يتزحزح النظام، باتت التنسيقيّات تنتقل إلى حالة أكثر تنظيماً عن طريق دخول الداعمين على الخط، وهم في الغالب من رجال الأعمال الذين بدؤوا باجتذاب "التنسيقيّات" إليهم عن طريق تقديم الدعم بتوفير أجهزة التصوير والبث الفضائي والاتصالات، وصولاً إلى تمويل المشافي الميدانيّة لمعالجة المتظاهرين بل والتكفّل بإخراجهم للعلاج في المناطق الآمنة، وقليل من هؤلاء الداعمين كان يعمل بجدية لقضيّة إسقاط النظام النصيري فقط، والغالب منهم من كان يحسب مقدار ما سيجنيه من قوّة ونفوذ لقاء كل ليرة يدفعها من جيبه أو تمر عبر يده، وذلك كما أسلفنا لأن الغالب على التفكير آنذاك أن النظام لن يستمر طويلاً، وبالتالي تسابق أصحاب النفوذ، ووكلاء الأحزاب، وأهل الارتباطات الدوليّة لتعزيز نفوذهم في صفوف "الثوار" عن طريق امتلاك ناصية أكبر قدر ممكن من "التنسيقيّات" كونها الواجهات المشهورة "للثوار"، فبدأت محاولات جمع التنسيقيّات في أطر أوسع تحت مسمّيات مختلفة من قبيل "تجمّعات الأحرار" أو "مجالس قيادات الثورة" أو "اتحادات التنسيقيّات" أو "لجان التنسيق" أو "المجالس الثوريّة" وغيرها من الأسماء أو الأوصاف التي زُعم أن الغاية منها تنظيم "العمل الثوري" وحشد القوى بشكل أفضل لتسريع عمليّة إسقاط النظام، وفي الحقيقة كانت تُخفي تحتها مساعي بعض النافذين والمدعومين من قوى محلّية أو خارجيّة لاكتساب نفوذ في صفوف المعارضة، والاستفادة من هذا النفوذ مستقبلاً في تحصيل المكاسب في أي عملية سياسيّة ستجري بعد سقوط النظام، أو على الأقل تحصيل حصّة من الدعم الخارجي الذي كثر الكلام حول إمكانية تقديمه من قبل بعض الدول إلى "الثورة السوريّة"، ومما يثبت ذلك التزامن بين مرحلة التجمّعات هذه وتشكيل مجالس المعارضة في الخارج بدعم من عدّة دول، في سعي من كلٍّ منها لإيجاد قوة تعزّز من نفوذها في داخل "سوريا" في مرحلة ما بعد إسقاط النظام النصيري، بناءً على الفخ السياسي الذي وقع فيه المتظاهرون، وأصحاب التنسيقيّات، وداعموهم، وهو أن النظام سيسقط سريعاً.

فمن لم يكن له دعم من قوى خارجيّة أو حضور إعلامي قوي أو اسم معروف في صفوف المعارضة في الخارج، كان الطريق الوحيد أمامه للظهور والمشاركة في الاجتماعات والمؤتمرات هو إثبات القوّة في الداخل عن طريق ادعاء تمثيل المتظاهرين و"الحراك الثوري" عن طريق تجمّعات التنسيقيّات التي سبق الحديث عنها.

• اللصوص يستعجلون القسمة

وهكذا ظهر كلٌّ من "المجلس الوطني" و"الائتلاف الوطني"، ووُزِّعت المقاعد فيهما على "معارضي الخارج" المدعومين من دول أو منظمات وأحزاب، و"معارضي الداخل" الذين سافروا إلى تركيا لاستلام المناصب باسم المتظاهرين، وكانوا مجموعة من الكذّابين، الذين لا تأثير لهم على الداخل، وليس وراءهم أي مجموعات أو فصائل فاعلة على الأرض، ومصادر قوّتهم تنحصر في الارتباط بمخابرات الطواغيت في دول الجوار، والحضور الذي تؤمّنه لهم وسائل إعلام الطواغيت على الشاشات، والدعم المالي الذي تمر قنواته من تحت أيديهم فيسرقون منه الكثير، وما يتبقّى منها يقوّون به نفوذهم عن طريق ابتزاز "معارضي الداخل" فيكونون تبعاً لهم، كيف لا وهم الذين كانوا يلعبون دوماً دور الساذج الذي يصعد جميع اللصوص على كتفه ليصلوا إلى مآربهم.

مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 4
السنة السابعة - السبت 24 محرم 1437 هـ
مقال:
معركة الجماعة والفصائل (3)
...المزيد

فُصُول الْآدَاب وَمَكَارِم الْأَخلَاق الْمَشْرُوعَة • فَــصــلٌ وَلُبْسُ الْحَرِيْرِ ...

فُصُول الْآدَاب وَمَكَارِم الْأَخلَاق الْمَشْرُوعَة

• فَــصــلٌ

وَلُبْسُ الْحَرِيْرِ مُحَرَّمٌ عَلَى الْرِّجَالِ، مُبَاحٌ لِلْنِّسَاءِ

وَكَذَلِكَ التَّحَلِّي بِالذَّهَبِ حَتَّى الخَاتَمِ، وَلَو بِقَدْرِ عَيْنِ الجَرَادَةِ، وَلَا يُكْرَهُ لُبْسُ الخَزِّ الَّذِي يَشُوْبُهُ الوَبَرُ، وَكَذَلِكَ القَبَاطِيُّ الَّذِي يَكُوْنُ القُطْنُ فِيْهِ أَكْثَرَ مِنَ القَزِّ.

وَلَا يَجُوْزُ جَعْلُ الصُّوَرِ فِي الثِيَابِ، وَلَا المَفَارِشِ وَالسُّتُوْرِ، وَهُوَ مَا كَانَ عَلَى صُورَةِ حَيَوَانٍ لِأَنَّ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: « لَا تَدْخُلُ المَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيْهِ صُوْرَة ». وَالاخْتِيَارُ: التَّخَتُمُ فِي اليَسَارِ، وَإِنْ تَخَتَّمَ فِي اليَمِيْنِ فَلَا بَأْسٍ. وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَجُرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاء وَبَطَرًا.

وَدُخُولُ الحَمَّامِ جَائِزٌ لِلرِّجَالِ بِالمَيَازِرِ السَّاتِرَةِ وَيُكْرَهُ لِلنِّسَاءِ؛ إِلَّا مِنْ عِلَّةٍ وَحَاجَةٍ. وَلَا بَأْسَ بِالخِضَاب بِالحِنَّاءِ، وَهُوَ يُسْتَحَبُّ وَكَذَلِكَ الْكَتَمُ وَيُكْرَهُ بِالسَّوَادِ.

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَخْلُوَ الرّجُلُ بِامْرَأَةٍ لَيْسَتْ لَهُ بِمَحْرَمٍ وَلَا يَجْتَمِعُ رَجُلَانِ وَلَا امْرَأَتَانِ عَرْيَانَيْنِ فِي فِرَاشٍ وَاحِدٍ، وَلَا إِزَارٍ وَاحِدٍ.

وَلَا يَجُوْزُ تَعَمُّدُ حُضُورِ اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ، وَلَا شَيْءٌ مِنَ المَلَاهِي المُطْرِبَةِ، كَالطَّبْلِ وَالزَّمْرِ، وَخُصَّ مِنْ ذَلِكَ الدُّفُ لِلنّكَاحِ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: « أَعْلِنُوا النِّكَاحَ، وَاضْرِبُوْا عَلَيْهِ بِالدُّفِّ ».

وَلَا بَأْسَ بِالرُّقْيَةِ بِأَسْمَاءِ اللّٰهِ تَعَالَى وَالْتَعْوِيْذُ بِهِ.

• فَــصــلٌ

وَالتَّدَاوِي بِالحِجَامَةِ وَالفَصْدِ وَالكَيِّ وَشُرْبِ الأَدويَةِ جَائِزٌ، وَلَا يَجُوزُ التَّدَاوِي بِمُحَرِّمِ وَلَا نَجِسٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ كَرَاهَةُ الكَيِّ وَقَطْعِ العُرُوْقِ، وَالرِّوَايَةُ الأُوْلَى أَصَحُّ.

• فَــصــلٌ

وَمَنْ رَأَى مِنَ الحَيَّاتِ شَيْئًا فِي مَنْزِلِهِ فَلْيُؤْذِنْهُ ثَلَاثًا، إِنْ بَدَا لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ قَتَلَهُ، وَقَدْ قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدٌ - رضي الله عنه - إِنْ كَانَ ذُو الطُفْيَتَيْنِ وَالأَبْتَرُ قَتَلَهُ، وَلَمْ يُؤْذِنْهُ.

وَذُوْ الطُّفَّتَيْنِ: الَّذِي بِظَهْرِهِ خَطٌّ أَسْوَدٌ وَالأَبْتَرُ: الغَلِيْظُ القَصِيرُ الذَّنَبِ.

وَصِفَةُ القَوْلِ الَّذِي يُوْذِنُهُ: اِمْضِ بِسَلَامِ، أَوِ اذْهَبْ بِسَلَامٍ.

• تأليف: الإمام العلامة أبي الوفاء علي بن عقيل بن عبد الله البغدادي الظفري المتوفى سنة 513 هــ
...المزيد

ضوابط الإكراه عند السلف - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصٌ، عَنِ ...

ضوابط الإكراه عند السلف

- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصٌ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ: عَلِيِّ بْنِ حَنْظَلَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بن الخطاب [لَيْسَ الرَّجُلُ بِأَمِينِ عَلَى نَفْسِهِ إِنْ أَجَعْتَهُ، أَوْ أَخَفْتَهُ أَوْ حَبَسْتَه وفي رواية أخرى أو ضربته].
[مصنف ابن أبي شيبة ٤٩٣/٥، ومصنف عبد الرزاق]


- عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَنْظَلَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ :[لَيْسَ الرَّجُلُ أَمِينًا عَلَى نَفْسِهِ إِذا أَجَعْتَهُ، أَوْ أَوْثَقْتَهُ، أَوْ ضَرَبْتَهُ].
[مصنف عبد الرزاق الصنعاني ٤١٧٦]

• وقد اعتمد الأئمة على حديث عمر هذا كأصل في المسألة مثل شريح القاضي التابعي وأحمد ومالك والشافعي وسفيان:

- الإمام أحمد وإسحاق:
قلت لأحمد: رجل أمر رجلاً أن يقتل مسلمًا فقتله؟
قال: لا يقاد منه، وعليه أدب ينكَّل به.
قال إسحاق: كما قال، إلا أن يكون حين أمره أعانه على ضبطه، فأمسكه عليه حتى قتله، فحينئذ يُقتَلان جميعًا.
قلت: قول عمر «ليس الرجل بأمين على نفسه إذا أجعته، أو ضربته، أو حبسته».
قال: إذا أقر على هذا لم يؤخذ به.
قال إسحاق: كما قال.
[مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه ۳۷۰۳/۷]

- قال أحمد: وحدُّ المُكره: إذا كان يخاف القتل أو ضرباً شديدا.
قال إسحاق: هو كما قال بلا شك.
[مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه ١٥٨٧/٤]

- التابعي شريح القاضي:
حَدَّثَنا أبوُ بكْرٍ قالَ: حَدَّثَنا وكِيعٌ، عَنِ المَسْعُودِيَّ، عَنِ القاسِمِ ،عَنْ شُرَيْحٍ، قَالَ: القَيدُ كَرْهٌ، والسِّجْنُ كَرْهٌ، والوَعِيدُ كَرْهٌ.
[مصنف ابن أبي شيبة ٤٩٣/٥]

- الإمام مالك:
قُلْتُ: وَكَيْفَ الإِكْرَاهُ عِنْدَ مَالِكٍ؟
قال: الضَّرْبُ والتَّهْدِيدُ بِالقَتْلِ والتَّهْدِيدُ بِالضَّرْبِ، وَالتَّخْوِيفِ الَّذِي لَا شَكٍّ فِيهِ.
قلت: فَالسِّجْنُ إِكْرَاهُ عِنْدَ مَالِكٍ؟
قالَ: لَمْ أَسْمَعْهُ مِن مَالِكٍ وَهُوَ عِنْدِي إِكْرَاهُ.
[المدونة ٤٣٦/٢]

- الإمام الشافعي:
قالَ الشَّافِعِيُّ : قَالَ اللهُ تعالى: { إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ } [النحل ١٠٦]
قال الشَّافِعِيُّ: وَلِلْكُفْرِ أَحكام كَفِراقِ الزَّوْجَةِ، وأَنْ يُقْتَلَ الكَافِرُ ويُغْنمَ مالُهُ فَلَمَّا وَضَعَ اللَّهُ عَنْهُ سَقَطَتْ عَنْهُ أَحْكَامُ الإِكْرَاهِ عَلَى القَوْلِ كُلَّهِ، لأنَّ الأَعْظَمَ إِذا سَقَطَ عَنْ النَّاسِ سَقَط ما هُوَ أَصْغَرُ مِنهُ وما يَكُونُ حُكْمُهُ بِثُبُوتِهِ عَلَيْهِ.
قال الشَّافِعِيُّ: والإِكْراهُ أَنْ يَصِيرَ الرَّجُلُ فِي يَدَيَّ مَن لا يَقْدِرُ عَلى الامتناعِ مِنهُ مِن سُلْطَانٍ أَوْ لِصٍّ أَوْ مُتَغَلِّبٍ عَلَى وَاحِدٍ مِن هَؤُلاءِ ويَكُونُ المُكْرَهُ يَخَافُ خَوْفًا عَلَيْهِ دَلالَةٌ أَنَّهُ إِنْ امْتَنَعَ مِن قَوْلِ ما أُمِرَ بِهِ يَبْلُغَ بِهِ الضَّرْبُ المُؤلِّمُ أَوْ أَكْثَرُ مِنْهُ أَوْ إِتْلَافُ نَفْسِهِ.
[الأم للشافعي ٢٤٠/٣]
...المزيد

الزاد في الحث على الجهاد الباب الثاني: فضل الجهاد والمجاهدين في سبيل اللّٰه (الجزء ...

الزاد في الحث على الجهاد

الباب الثاني: فضل الجهاد والمجاهدين في سبيل اللّٰه (الجزء الثالث)

يقول الإمام ابن النحاس -رحمه الله- قال تعالى: ( إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) [التوبة: 111].

الله أكبر يا له من عقد، والله ما أربحها من بيعة، يقول صاحب الظلال تعليقاً على هذا النص القرآني الكريم:
"إِنَّهُ نَصُّ رَهِيبٌ! إِنَّهُ يَكْشِفُ عَنْ حَقِيقَةِ الْعَلَاقَةِ الَّتِي تَرْبُط الْمُؤْمِنِينَ بِاللَّهِ، وَعَنْ حَقِيقَةِ الْبَيْعَةِ الَّتِي أَعْطَوْهَا -بِإِسْلَامِهِمْ- طَوَالَ الْحَيَاةِ.

فَمَنْ بَايَعَ هَذِهِ الْبَيْعَةَ وَوَفى بها فَهُوَ الْمُؤْمِنُ الْحَقُّ الَّذِي يَنْطَبِقُ عَلَيْهِ وَصَفَ (الْمُؤْمِنِ) وَتَتَمَثَّلْ فِيهِ حَقِيقَةُ الْإِيمَانِ.
وَإِلَّا فَهِيَ دَعْوَى تَحْتَاجُ إلَى التَّصْدِيقِ وَالتَّحْقِيقِ!

حَقِيقَةُ هَذِهِ الْبَيْعَةِ -أَوْ هَذِهِ الْمُبَايَعَةِ كَمَا سَمَّاهَا اللهُ كَرَمًا مِنْهُ وَفَضْلًا وَسَمَاحَةً- أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَدِ اسْتَخْلَصَ لِنَفْسِهِ أَنْفُسَ الْمُؤْمِنِينَ وَأَمْوَالَهُمْ، فَلَمْ يَعُدْ لَهُمْ مِنْهَا شَيْءٌ، لَمْ يَعْدُ لَهُمْ أَنْ يَسْتَبْقُوا مِنْهَا بَقِيَّةً لَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِهِ. لَمْ يَعْدُ لَهُمْ خِيَارٌ فِي أنْ يَبْذُلُوا أَوْ يُمْسِكُوا، كَلَّا، إِنَّهَا صَفْقَةٌ مُشتراةٌ، لشاريها أن يتصرف بِهَا كَمَا يَشَاءُ، وَفْقَ مَا يفرض ووفق ما يُحَدِّدُ، وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ فِيهَا مِنْ شَيْءٍ سِوَى أَنْ يَمْضِي فِي الطَّرِيقِ الْمَرْسُومِ، لَا يَتَلَفّتْ وَلَا يَتَخَيَّرُ وَلَا يُنَاقِش ولا يُجَادِلُ، وَلا يَقُولُ إِلا الطَّاعَةَ وَالعَمَل والاستسلام، وَالثَّمَنُ: هُوَ الْجَنَّةُ، وَالطَّرِيقُ: هُوَ الْجِهَادُ وَالْقَتْلُ وَالْقِتَالُ، وَالنَّهَايَةُ هِيَ النَّصْرُ أو الاستشهاد". انتهى كلامه رحمه الله تعالى.

قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ) [محمد: 7] ، فهذا شرط اشترطه الله عز وجل على المؤمنين أن ينصرهم إذا نصروه ونصروا دينه في أنفسهم وفيمن حولهم، وهي كقوله تعالى: ( وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ) [الحج: 40] فمن أراد النصر فعليه أن يحقق الشرط أولاً، فيتقي الله في نفسه وفيمن حوله، ولا يشرك مع الله أحداً، ولا يقعد عن أوامر اللّٰه، ولا يقعد عن نصرة دين اللّٰه، فإذا حقق الشرط فليثق بوعد الله عز وجل الذي لا يخلف الميعاد، وهو أنه أن اللّٰه عز وجل ناصره لا محالة، وقد أكد اللّٰه عز وجل هذا المعنى في عدّة مواضع في كتابه عز وجل، فقال تعالى: ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ ) [النور: 55]، وقـال تعالى: ( وَلَقَدۡ سَبَقَتۡ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلۡمُرۡسَلِینَ (171) إِنَّهُمۡ لَهُمُ ٱلۡمَنصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلۡغَـٰلِبُونَ) [الصافات: 171-173]، وقال تعالى: ( كَتَبَ ٱللَّهُ لَأَغۡلِبَنَّ أَنَا۠ وَرُسُلِیۤۚ ) [المجادلة: 21]

وغيرها من الآيات التي تؤكد هذا المعنى، أن نصر الله مشروطٌ بنصر دينه أولاً.
إذاً إخوتي الكرام فمفتاح النصر في أيدينا لكن قلّ من ينتبه إليه، فلئن ذكرْنا اللّٰه ذكرَنا في ملأ خير من ملأنا، ولئن تقرّبنا منه شبراً تقرب إلينا ذراعاً، ولئن نصرناه نصرنا، فعطاء الله بلا حدود، ونصره بلا قيود.

مقتطفات من سلسلة الزاد في الحث على الجهاد الصادرة عن إذاعة البيان التابعة للدولة الإسلامية بتصرف يسير
...المزيد

الإسلام اليوم أشد غربة! قال الإمام ابن القيم -رحمه الله تعالى-: "الإسلام الحق الذي كان عليه ...

الإسلام اليوم أشد غربة!

قال الإمام ابن القيم -رحمه الله تعالى-:
"الإسلام الحق الذي كان عليه رسول الله ﷺ وأصحابه هو اليوم أشدّ غربة منه في أوّل ظهوره، وإن كانت أعلامه ورسومه الظاهرة مشهورة معروفة، فالإسلام الحقيقيّ غريب جدّا، وأهله غرباء أشدّ الغربة بين الناس".

[مدارج السالكين].
...المزيد

الرد على أهل البدع • ردُّ باطلاً بباطل قيل لعبد الرحمن بن مهدي: إن فلانا قد صنف كتاباً في ...

الرد على أهل البدع


• ردُّ باطلاً بباطل
قيل لعبد الرحمن بن مهدي: إن فلانا قد صنف كتاباً في السنة، رداً على فلان، فقال عبد الرحمن: رداً بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم؟ قيل: بكلام
قال: ردَّ باطلاً بباطل.
[ حلية الأولياء ( ١٠/٩ - ١١)]

• لا تُجالِس صاحب كلام
عن أبي عمران الأصبهاني قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: لا تجالس صاحب كلام وإن ذَبَّ عن
السنة، فإنه لا يؤول أمره إلى خير.
[الإبانة الكبرى ( ٢/٥٤ )]

• تُرد البدعة بالأثر
قال السمعاني: وإنما ترد البدعة بالأثر لا ببدعة مثلها فإنه روي عن عبد الرحمن بن مهدي الإمام المقدم قال: إنما يرد على أهل البدع بآثار رسول الله صلى الله عليه وسلم وآثار الصالحين، فأما من رد عليهم بالمعقول فقد ردَّ باطلاً بباطل.
[الانتصار ( ص ١٠ )]

• هجران أهل الزيغ
قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي وأبا زرعة: يأمران بهجران أهل الزيغ والبدع، ويغلظان في ذلك أشد التغليظ، وينكران وضع الكتب برأي في غير آثار، وينهيان عن مجالسة أهل الكلام، والنظر في كتب المتكلمين.
[اللالكائي ( ۱/۱۷۹)]

• إياكم والبدع
قال مالك بن أنس: إياكم والبدع، قيل: يا أبا عبد الله، وما البدع؟ قال: أهل البدع الذين يتكلمون في أسماء الله وصفاته وكلامه وعلمه وقدرته، ولا يسكتون عما سكت عنه الصحابة والتابعون لهم بإحسان
وقالوا: لو كان الكلام علما لتكلّم فيه الصحابة والتابعون كما تكلموا في الأحكام ولكنه باطل يدل على باطل.
شرح السنة للبغوي (۱ / ۱۸۱-١٨٦)

• اتسعوا في جوابها
قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي، قال: قيل لأبي عبد الله إن رجلاً تكلم بكلام فرد عليه رجل من أهـل السنة بعد ذلك بكلام محدث، فغضب أبو عبد الله وأنكر عليهما جميعاً، وقال: يستغفر ربه الذي رد بمحدثة
وقال: فلما ابتدع رجل بدعة اتسعوا في جوابها.
[السنة للخلال (٢١٤٨/٧)]
...المزيد

التثبيت الرباني لمجاهدي إفريقية ثبات جنود الإسلام طول هذه السنين واستمرار عملياتهم الكبيرة رغم ...

التثبيت الرباني لمجاهدي إفريقية

ثبات جنود الإسلام طول هذه السنين واستمرار عملياتهم الكبيرة رغم الحملات العسكرية، فضلا عن الإعلامية التي تهدف لتشويه صورتهم وتنفير المسلمين منهم، هو توفيق رباني وتهيئة إلهية ستنتهي بإنهاء حكم وتسلط النصارى على تلك الديار وما حولها بإذن الله تعالى، أما الذين يتساءلون عن جدوى قتال الدولة الإسلامية ومشروعها في بيئة يمثل فيها النصارى أغلبية ساحقة، فإنهم لا يعون طبيعة دين الإسلام ولا يعرفون كيف سار الأنبياء وأتباعهم، الذين أرسلهم الله تعالى في بيئات تعج بالكفر من كل نواحيها، بل ما أرسلهم الله تعالى وهم أفراد قلائل إلا ليغيروا واقع الكفر ليعود محكوما بحكم الله الحكيم، فدعوة جنود الدولة الإسلامية في الكونغو، وغيرها من البلدان، هي دعوة الأنبياء لا غير، يبذلون فيها ولأجلها جهدهم وأنفسهم وأموالهم لإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ولو بالسلاسل والقوة بل إن محيطهم الذي أكثره على غير ملة الإسلام يتطلب منهم جهودا مضاعفة وحثيثة لإيجاد مواطئ أقدام أقوى وأشد تأثيرا لبناء صرح الإسلام في تلك البلدان الغارقة في الكفر.

افتتاحية النبأ الجهاد في الكونغو" 448
...المزيد

• جهادٌ في أوروبا! فعليًّا، لم تعد الحاجة مُلِحة لأن تصرّح الدولة الإسلامية بمسؤولية جنودها أو ...

• جهادٌ في أوروبا!

فعليًّا، لم تعد الحاجة مُلِحة لأن تصرّح الدولة الإسلامية بمسؤولية جنودها أو خلاياها عن هذا الهجوم أو ذلك، فالعدو قبل الصديق بات يعرف ما إذا كان الهجوم يحمل بصمة مجاهديها أم لا، ويكفي للهجوم أن يتحدث عن نفسه بنكايته وبأسه أو تفرُّده وغربته مع موافقته للشريعة، والعدو يدرك جيدا من يشكّل عليه خطرا حقيقيا ويطارد رعاياه في عقر ديارهم في أوروبا وأمريكا وروسيا وإيران وغيرها مما تبنّيناه أو كتمناه.

شرعًا وواقعًا ويقينًا، لا توجد قوة بشرية في الأرض قادرة على منع المسلم من ممارسة فريضة الجهاد وإرهاب الكافرين والثأر لإخوانه المسلمين، وقد رأينا كيف فعل "السكين" ومن قبله "الفأس" ومن قبله "الدهس" برعايا ألمانيا وغيرها من الدول الصليبية، وما زلنا ننتظر من أبناء الإسلام أنْ يكرروا ضرباتهم ويعمّقوها ويتقصدوا اليهود وكُنسهم وأحياءهم وحاناتهم بالقتل والحرق شفاء لصدور المؤمنين.

وختامًا وتحريضًا وإلهامًا، نلفت عناية شباب المسلمين الغيارى، بأنّ أكثر عمليات القتل رعبًا وأطولها مدةً في تاريخ أوروبا وأمريكا والتي أرهقت وكالات التحقيق الصليبية، كانت أدواتها سكينا أو مطرقة وربما أقل، وقد استغرق التحقيق فيها سنوات وتعاقب عليها أجيال من المحققين والضباط، فلتكن أنت أيها المسلم هذا الفاعل ولكن في سبيل الله جهادًا وقتالًا وإرهابًا لرعايا النصارى واليهود، وإرهاقًا لدوائرهم الحكومية وأجهزتهم الأمنية خصوصًا في أوروبا وأمريكا، كن أنت أيها المجاهد "رجل المطرقة" الذي يفتك بفرائسه ويهشّم جماجمهم دون أن يترك خلفه أي أثر يدل عليه، ليس حرصا على الحياة ولكن ليتسنى له تكرار العملية مرات ومرات حتى يرتوي من دمهم، كن أنت ذلك البطل الذي يتمتع بخفة في قطع أوردة فرائسه بسكينه وتسكين حركتهم إلى الأبد بكل هدوء، ولا يُبقي خلفه في مسرح الهجوم سوى الموت والرعب زيادة، كن أنت ذلك البطل القادم، {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ}.

المصدر: افتتاحية النبأ
صحيفة النبأ الأسبوعية العدد 458
الخميس 25 صفر 1446 هـ
...المزيد

جهادٌ في أوروبا! لمّا صحّت عقيدة حاملها تفوّقت السكين على كل الاحتياطات الأمنية لنصارى أوروبا ...

جهادٌ في أوروبا!


لمّا صحّت عقيدة حاملها تفوّقت السكين على كل الاحتياطات الأمنية لنصارى أوروبا الصليبية، وشكّلت تحديا وضغطا حقيقيا فاق الضغط الموهوم لمئات المظاهرات السلمية، فلا شيء يعدل بركة الجهاد قل أو كثر.

وإنّ من الحقائق الثابتة في الكتاب والسنة، أنّ الإسلام دين يُسر لا عُسر، ومن ذلك؛ يُسر تكاليفه الشرعية وأنها في وسع المكلَّف ولا تزيد عن طاقته، فطالما أنّ الشارع الحكيم أمر بأمر فهو باستطاعة المسلم وبمقدوره، وهو عين ما أدركه وطبقه مسلم مجاهد في ألمانيا ممتثلا قوله تعالى: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ}، فخرج وحده بتوحيده وحدّ سكينه، ففعل ما لم تفعله مئات المظاهرات الهزيلة في شوارع أوروبا الصليبية.

سياسيًّا، تطالب الأحزاب الجاهلية الشعوب بالتحرك للضغط على الحكومات الغربية الصليبية، بصفتها حليفًا وداعمًا لليهود، ومن المفارقات أنّ هذه الأحزاب الجاهلية ودعاتها الذين صدّعوا رؤوسنا بالحديث عن "التواطؤ الغربي" والدعم اللا محدود لليهود؛ هم أول المعترضين والمستنكرين للهجمات التي تستهدف الغرب الصليبي في عقر دياره، فما فائدة عدائهم المزعوم للغرب إنْ كانوا يدينون مهاجمته، وما الفرق بين إدانة قتل اليهود وإدانة قتل الصليبيين؟!

وهؤلاء هم أنفسهم الذين تذكروا -بعد حرب غزة- أنّ الجيوش والحكومات العربية المرتدة حامية حارسة لليهود، وفي المقابل عندما كانت تتعرض نفس هذه الجيوش، لأي هجوم كما في سيناء أو الجزيرة، يكونون أول المستنكرين والمنددين، بل ويتهمون من يقاتل هذه الجيوش الحارسة لليهود، بالعمالة لليهود!! فهل تغيّرت هذه الجيوش أم تغيّرت اليهود؟!

إنّ الجهاد هو دواء هذه الأمة وطريق عزتها، وكأي دواء فلا بد أنْ تصاحبه "أعراض جانبية"، وهي التي يحاول دعاة السوء تضخيمها في أعين الشباب المسلم حتى يصدّوهم عن الجهاد، ويخيِّلوا إليهم أنّ المشكلة في "الأعراض" وليست في أصل الداء وهو تعطيل الجهاد والشريعة.

ولو تأمل العاقل أدرك أنّ فاتورة الجهاد وتبعاته أهون بكثير من فاتورة القعود، بل إنّ الأحزاب والحركات التي أنكرت على المجاهدين ضريبة الجهاد وتحكيم الشريعة، دفعتها اليوم أضعافا مضاعفة لكن بغير جهاد ولا شريعة! فمن الفائز ومن الخاسر؟!

عمليًّا، فإنّ نجاعة استهداف النصارى واليهود في شوارع أوروبا وأمريكا الصليبية لا تخفى على أحد، وقد شرحت خطابات وكتابات الدولة الإسلامية ذلك مرارا، وبيّنت أنّ من لم تُتح له الفرصة لقتال اليهود داخل فلسطين فليقاتلهم وحلفاءهم خارج فلسطين.

أمنيًّا، قبل أشهر حذّرت بعض مراكز "مكافحة الإرهاب" الأوروبية من أنْ تؤدي السياسة الأوروبية عموما والألمانية خصوصا "المنحازة جدا لليهود" إلى موجة من "الإرهاب والانتقام" في صفوف المسلمين؛ غير أنّ هذه التحذيرات والاحتياطات لم تحل دون أنْ يترجم جندي من جنود الخلافة حرقته على إخوانه المسلمين إلى عمل حقيقي تسيل فيه دماء الصليبيين ثأرا وغضبة لدماء المسلمين، إذ لا يدفع الإرهاب إلا الإرهاب.

ولأن الجهاد أجدى الحلول وأنجعها مهما قلّ عدده وعدته، تأمل كيف تحولت السكين -التي لا يخلو منها بيت- إلى مصدر رعب ونكاية دفعت الحكومة الألمانية للمطالبة بـ "فرض قيود جديدة على بيع وحيازة السكاكين!" والاقتصار على طول معيّن لنصل السكين "لا يزيد عن ستة سنتيميترات!" أملا في أنْ لا تخترق السكين أحشاء رعاياهم، وكأنهم أيِسوا من منع الهجمات فاكتفوا بتقنينها! ونحن نقول لهم: لن تقتصر المشكلة على السكين، فماذا لو استطاع مسلم تفخيخ "كعكة الميلاد!" فهل أنتم على استعداد لحظرها أيضا، أم تصغير حجمها؟!

من زاوية أخرى، بدا واضحا في خطابات منفذي الهجمات الأخيرة، لغة الوحدة الإسلامية التي غلبت على رسائلهم ووصاياهم، خلافا لعبيد القومية والوطنية النتنة، فمسلم شامي يعلن من أوروبا أنّ عمليته انتقام للمسلمين في فلسطين والعراق والشام، بل وحتى البوسنة؛ في استدعاء للمجازر التاريخية بحق المسلمين، وفي تأكيد ضمني على أنّ المجاهدين لا ينسون ثأر إخوانهم، وأنه لا يسقط بالتقادم، وبضعة أسرى مسلمين أعاجم داخل سجن في روسيا أبوا المذلة وهبوا لنصرة دينهم، وصرحوا أيضا أنهم يثأرون للمسلمين في فلسطين وللحرائر في الشام.

هذه النبرة الوحدوية الصادقة من هؤلاء المجاهدين على اختلاف أعراقهم وألوانهم، هي ثمرة غرس الخلافة المبارك، وتطبيق لمنهاج النبوة الذي قامت عليه، والذي يقرر أنّ المسلمين (تتكافأُ دماؤهُم.. وهم يدٌ على من سواهم)، وأنّ الرابطة الوحيدة التي تجمعهم وتحركهم هي رابطة التوحيد فلا يعلوها رابطة، فتكون هذه الهجمات المباركة من أبناء الدولة الإسلامية في بلاد الشرق أو الغرب قد حققت هدفين ثمينين، الأول: هو الانتقام للمسلمين على قدر الوسع، والثاني تعزيز الوحدة الإسلامية التي لا تتحقق إلا بإمام ومنهج واحد تحت راية واحدة.

المصدر: افتتاحية النبأ
صحيفة النبأ الأسبوعية العدد 458
الخميس 25 صفر 1446 هـ
...المزيد

الْحَقْ بِالقافِلة فهذه أمريكا بين ظهرانينا، فتعالوا فاشتفوا منها، وارووا ظمأكم من دمائها، ...

الْحَقْ بِالقافِلة

فهذه أمريكا بين ظهرانينا، فتعالوا فاشتفوا منها، وارووا ظمأكم من دمائها، تعالوا لتذ→ودوا عن أعراض المسلمات، ولتظفروا بهذه البشارة الكريمة.

روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي ﷺ قال: "لَا يَجْتَمِعُ كَافِرٌ وَقَاتِلُهُ فِي النَّارِ أَبَدًا"، وروى ابن أبي شيبة عن سلمان بن أبي ربيعة أنه قال: (قَتَلْتُ بِسَيْفِي هَذَا مِائَةَ مُسْتَلْئِمٍ كُلُّهُمْ يَعْبُدُ غَيْرَ اللَّهِ، مَا قَتَلْتُ مِنْهُمْ رَجُلًا صبرًا)، وعن ابن سيرين، اسْتَلْقَى البَراءُ بْنُ مَالِكٍ عَلَى ظَهْرِهِ، مُتَرَنِّمٌ فَقَالَ لَهُ أَنَسٌ: (اذكر اللَّه يَا أَخِي) فَاسْتَوَى جَالِسًا وَقَالَ: (أَيْ أَنَسُ أَمُوتُ عَلَى فِرَاشِي، وَقَدْ قَتَلْتُ مِائَةً مِنَ الْمُشْرِكِيْنَ مُبَارَزَةً سِوَى مَا شَارَكْتُ فِي قَتْلِهِ).

واحذر - يا أخا التوحيد - من مزالق الشيطان ومداخله؛ أن يحول بينك ويين الجهاد في سبيل الله ويضع أمامك العوائق والأسباب التي تبرر لك القعود والتخلف عن الجهاد - حتى وإن كانت هذه الأعمال طاعة لله ورسوله - فإن هذا الشيطان الطريد المريد لا يفتأ يحول بين العبد وبين ما يرضي ربه.

[ للشيخ أبي مصعب الزرقاوي - تقبله الله - ]
...المزيد

الربيع القصير للأحزاب بعد فشل تجميع الأحزاب على قاعدة (واعتصموا بحبل الله جميعاً)، استمرّ قادتها ...

الربيع القصير للأحزاب

بعد فشل تجميع الأحزاب على قاعدة (واعتصموا بحبل الله جميعاً)، استمرّ قادتها في محاولة استمالة الأحزاب الأصغر حجماً إليهم، سواء على أسس التقارب العقدي والفكري، أو على أساس الدعم المادي والنفوذ، متجنّبة في الوقت نفسه الصدام مع الأحزاب الكبيرة المنافسة، في ظل انتعاش كبير للعمل العسكري ضد الأمريكيّين، وفي الوقت نفسه زاد التمايز بين الأحزاب وزادت جرأة قادتها في الإفصاح عن عقائدهم ورؤيتهم لمستقبل العراق وللثمن الذي يريدونه من قتالهم، بل وزاد وضوح الارتباطات الخارجية لهذه الأحزاب، فصار من المألوف حضور قادة أحزاب الإخوان وممثليهم ومشاركتهم في فعاليات التنظيم الدولي أو فروعه في الدول المجاورة للعراق، بل إنّ أمراء الفصائل المنتمية للتيار السروري باتوا يتجولون في جزيرة العرب بِحُريّة يلتقون شيوخ هذا التيّار، ويتلقّون الدعم منهم ومن الجمعيّات المرتبطة بهم (تحت أعين أجهزة مخابرات الطواغيت ولا شك)، أما المجاهدون القدماء فلم يعد سرّاً ارتباطهم بتيّار الجهاد العالمي، خاصّة بعد إعلان (قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين) في شعبان ١٤٢٥ هـ بناء على بيعة مشروطة من أمير (التوحيد والجهاد) الشيخ أبي مصعب الزرقاوي للشيخ أسامة بن لادن -رحمهما الله- تتضمّن (قتال طوائف الردّة) وعلى رأسهم الرافضة والجيش والشرطة، خلافاً لرؤية تنظيم القاعدة (الدولي) التي تتمحور حول حصر القتال في العالم كلّه ضدّ أمريكا والدول والأنظمة الحليفة لها.

الطريق إلى الجماعة ملغّم بالأحزاب

فشلت كل محاولات تجميع الأحزاب، بل وحصل التباعد الذي كان يزداد يوماً بعد يوم بافتضاح حقيقة مشاريع كثير من الأحزاب المخالفة للشريعة، وارتباطاتهم المفضوحة بالطواغيت في دول الجوار وعملائهم الرسميّين وغير الرسميّين، بل وتجهيزهم للانقضاض على المشروع الجهادي الحقيقي، بإطلاق حملة إعلاميّة مكثّفة تستهدفهم، مركّزة على جانب قتال المجاهدين لطوائف الردّة من الرافضة وعناصر الجيش والشرطة والأحزاب العلمانيّة والمشاركين في العمليّة السياسيّة الشركيّة، مميّزين أنفسهم عن المجاهدين بلقب جديد ابتدعوه هو "المقاومة الشريفة"، ويقصدون بذلك الفصائل والأحزاب التي لا تقاتل طوائف الردّة السابقة، بعد أن ابتدعوا حكماً ما أنزل الله به من سلطان هو "حرمة الدم العراقي"، وفي الوقت ذاته كانت قبضة الجيش الأمريكي ترتخي أكثر فأكثر، وضعفها يزداد وضوحاً خاصة بعد معارك (الفلوجة)، وباتت كل الأطراف ترى أنّ انسحاب الأمريكيّين سيولّد فراغاً يجب ألّا يملأه غيرهم.

فسارع المجاهدون بالسعي إلى إقامة الجماعة بمن حضر من المسلمين، وعدم تعطيل هذا الواجب لتأخّر من تأخّر، وانتظار رضا من لن يرضى، فاجتمع عدد من الفصائل أكبرها (قاعدة الجهاد) في إطار (مجلس شورى المجاهدين) في ذي الحجّة 1426 هـ، ثم استُقطب بعض شيوخ العشائر المناصرين للمجاهدين في إطار أكبر سمّي (حلف المطيّبين) في جمادى الأولى 1427 هـ، وذلك في خطوة لتحقيق الهدف الحقيقي، وهو إقامة جماعة المسلمين بإعلان قيام (دولة العراق الإسلاميّة) في رمضان 1427 هـ ، وتنصيب إمام لهم ومبايعة الشيخ (أبي عمر البغدادي) رحمه الله أميراً لها، والذي اتّخذ من أمير (قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين) الشيخ (أبي حمزة المهاجر) رحمه الله وزيراً له.

ولقد عرف قادة الفصائل وزعماؤها أن إعلان (الدولة الإسلاميّة) في رمضان ١٤٢٧ هـ هو حكم ببطلان شرعيّة الانتماء إلى فصائلهم، ونهاية لمشاريعهم التي سوّقوها من خلال هذه الفصائل، فكان رفض الدخول في الجماعة والانضمام إلى (الدولة الإسلاميّة) وبيعة أميرها أول ردّ لهم، وفي تبريراتهم لذلك مذاهب شتى، فمنهم من طلب الإمارة لنفسه بزعم أنّ فصيله هو الأقدم في العمل على أرض العراق، ومنهم من طالب الدولة الإسلاميّة بالانضمام إلى فصيله لكونه الأكبر على الساحة حسب ادعائه، ومنهم من طلب خضوع الدولة الإسلاميّة له على اعتبار أن فصيله يقاد من "العلماء" و"طلبة العلم"، ومنهم من خاف على "الوحدة الوطنيّة" من مشروع الدولة الإسلامية كونها سترعب شركاءه في "العمليّة السياسيّة"، ومنهم من خاف من "تمزّق العراق" على اعتبار أن الدولة الإسلامية قامت في العراق في المناطق التي يكثر فيها أهل السنّة، وبذلك سينقسم العراق بعد عزل الرافضة والأحزاب الكرديّة العلمانيّة المناطق التي تحت سيطرتهم، وغير ذلك من التبريرات التي أقاموها على مزاعم وادّعاءات ما لهم عليها من برهان ولا بيّنة، ولا هي مما يقبل الاحتجاج به للاستمرار في تفريق جماعة المسلمين.


العاقبة للمتّقين

في خضم الصراع من أجل البقاء، صار هدف إسقاط (الدولة الإسلاميّة) لدى الأكثرية الساحقة من الفصائل مقدّماً على إخراج الأمريكيّين من العراق، وبذلك استطاع طواغيت العرب أن يجروهم إلى المشروع الأمريكي، وفي النهاية انهارت هذه الفصائل من حيث ظنّت أنّها تحمي وجودها وتعزّز من قوّتها، ومر هذا الانحراف بمراحل متعددة أهمها:

١) تشكيل جبهات الضرار: وهو اسم أطلقه أهل التوحيد على الجبهات التي شكّلتها الفصائل لتجميع صفوفها، وشابهت في أهدافها مسجد الضرار الذي بناه المنافقون ليصدّوا عن سبيل الله، وكذلك الفصائل أنشأت التجمّعات التي أطلق عليها "الجبهات" كمشروع لتوحيد الصفوف بديل عن الدولة الإسلاميّة، فتصدّ بذلك الأفراد والفصائل عن الانضمام إلى جماعة المسلمين في العراق وإمامهم، كما كان لهذه الجبهات هدف آخر هو تجميع وحشد القوى استعداداً لأي صدام مع الدولة الإسلاميّة، فاجتمعت الفصائل التي تتبع قادة التيار السروري الموجودين تحت ظل طواغيت جزيرة العرب (جبهة الجهاد والإصلاح)، والفصائل التي تتبع قيادات الإخوان في (جبهة الجهاد والتغيير)، كما ارتبطت الفصائل والتجمعات الأصغر سواء منها المرتبط بحزب البعث أو غيرها في جبهات وتجمعات أخرى.

٢) حملة التحريض والتشهير: التي شارك فيها قيادات الفصائل العراقية الذين فتحت لهم الفضائيات أبوابها وأجريت معهم اللقاءات، وكذلك شيوخ السوء ودعاة الضلالة الذين يوجهونهم من وراء الحدود، وكانت حملة التحريض والافتراء على الدولة الإسلاميّة، واتّهامها بالغلو والإجرام مقدّمة للحرب التي كان يجري التحضير لها من قبل أجهزة مخابرات الطواغيت في دول الجوار بالتنسيق مع الأمريكيّين والرافضة، وبمشاركة الفصائل.

٣) إطلاق مشروع الصحوات: الذي كانت له واجهات عشائرية، حيث قامت مخابرات آل سلول وطاغوت الأردن بشكل خاص على ربط بعض المرتدّين من شيوخ العشائر بالأمريكيّين وتمويلهم لمحاربة الدولة الإسلاميّة على وجه الخصوص.

٤) دخول الأمريكيّين في مفاوضات مع الفصائل: حيث اقتنع قادة الأحزاب والفصائل بعدها أنّ الأمريكيّين قاب قوسين أو أدنى من الخروج من العراق، وأنّهم إن دخلوا في المشروع الأمريكي فسيكون لهم دور كبير في المرحلة اللاحقة، فأطلق قادة الفصائل شعار (أخطر الاحتلالين) للإشارة إلى الإيرانيّين، باعتبار أن احتلالهم للعراق أشد خطراً من الاحتلال الأمريكي، ليبرّروا بذلك تعاونهم مع الأمريكيّين، ذلك التعاون الذي أعلنوه ضد إيران، كان موجّهاً في الحقيقة ضد الدولة الإسلاميّة، حيث كانت الفصائل ذاتها تهاجم من يحارب أدوات المشروع الإيراني في العراق وهم الرافضة وجيشهم وشرطتهم تحت مزاعم "حرمة الدم العراقي" و "المقاومة الشريفة".


٥) بانطلاق الحرب الشاملة ضد الدولة الإسلاميّة، وجدت الفصائل أنّها وقعت في الفخ الذي نصب لها من قبل أمريكا وحلفائها من رافضة العراق وإيران وطواغيت الأردن وجزيرة العرب، فالمشروع بمراحله المتعددة يهدف إلى تصفية هذه الفصائل لصالح الصحوات العشائرية في الوقت ذاته الذي تجري فيه الحرب للقضاء على الدولة الإسلاميّة، ومع بدء هذه الحرب، وجدت الفصائل نفسها ضحيّة استنزاف من جهتين، الأولى خسائرها البشريّة والماديّة في القتال ضد الدولة الإسلاميّة التي تمكّنت من النكاية فيها رغم الجراحات الكبيرة التي أصابتها، والثانية من تسرب مقاتليها إلى صفوف الصحوات، حيث الدعم المالي الأكبر والوعود الأمريكية بالعفو عنهم، والآمال بضمّهم إلى الجيش العراقي، وغير ذلك من الأسباب.

وفي النهاية، تمكّن أعداء الدولة الإسلاميّة من توجيه ضربات موجعة لها بعدما وجد جنودها وأمراؤها أنفسهم ضحية لكمائن الصحوات وإنزالات الأمريكيّين وتربّص الفصائل، فاضطروا للانحياز من مناطق تمكينهم، بعدما ضاقت بهم الأرض بما رحبت، وخسروا الآلاف من المجاهدين ممّن نكّلوا بأمريكا والروافض وحلفائهم لسنوات.

وهكذا وجد الأمريكيّون أنفسهم للمرّة الأولى قادرين على التفكير بالانسحاب بسلام من العراق بعد أن يسلموه للروافض، حيث استطاعوا بضربة واحدة إضعاف الدولة الإسلاميّة وتفكيك معظم الفصائل التي جرّت على نفسها الدمار بانحراف قادتها وغبائهم وحرصهم على الإمارة، من حيث ظنّوا أنهم يزيدون من قوّتهم ونفوذهم.

فبات العراق بيد الروافض، واستطاع المرتدّون من قادة الصحوات أن يجنوا لأنفسهم بعض المكاسب، قبل أن ينقلب عليهم الروافض بخروج أمريكا التي كانت تحميهم، ويمزّقوا صفوفهم سجناً وتقتيلاً وتشريداً.

أما قادة الفصائل، فبعد ما جرّوه على الأمّة، وعلى فصائلهم، وعلى أنفسهم من الثبور، طفقوا يتبرؤون من فعال بعضهم البعض، ويتقاذفون التهم، قبل أن تستقر بهم الأمور لاجئين يستوطنون الفنادق في الشام وتركيا وجزيرة العرب، يتسولون الظهور في شاشات الفضائيّات، ويعرضون خدماتهم في أي مشروع خياني جديد في العراق.

وأبقى الله الدولة الإسلاميّة رغم انحيازها إلى البوادي، وتعرّضها للبأساء والضراء والزلزلة، وصبر جنودها على الخوف والجوع والنقص في الأموال والثمرات، ليستعملهم في ساحات أخرى من أرضه تطلب فيها مرضاته، ويسعى فيها المجاهدون لإقامة دينه وتحكيم شرعه، بعد أن عرفوا أهمية الجماعة للأمة ومصيبتها في التفرق والفصائل.

ـصحيفة النبأ – العدد 3
السنة السابعة - السبت 17 محرم 1437 هـ
مقال:
معركة الجماعة والفصائل (2)
...المزيد

معركة الجماعة والفصائل (2) انطلقت تجربة الجهاد في العراق، مشابهة في كثير من الأوجه لتجربة الجهاد ...

معركة الجماعة والفصائل (2)

انطلقت تجربة الجهاد في العراق، مشابهة في كثير من الأوجه لتجربة الجهاد في خراسان (أفغانستان)، فدخول العدو الأجنبي كان المحرّض الرئيسي للتحرّك المضاد الفوري من قبل فئات مختلفة من أهل البلاد للتصدّي لهذا الغازي الغريب، وهذا التحرّك أخذ كما في الحالة الأفغانيّة شكل تحرّك غير منظّم أو مؤطّر بأحزاب أو فصائل كبيرة، وإنّما على شكل مجاميع صغيرة مبعثرة، كلٌ منها بدأ القتال بما وقع بيده من سلاح هو في الغالب من بقايا جيش الطاغوت (صدّام حسين)، وكانت هذه المجاميع مشتّتة من حيث العقائد والأفكار والرؤى المستقبليّة، لا يجمعها جامع إلا التوحّد على هدف واحد هو قتال العدو الأمريكي، وإن اختلفت نظرتهم لهذا العدو، بناءً على منطلقات كل مجموعة من المقاتلين، إسلاميّة تقاتل كافراً صليبيّاً، أو وطنيّة تقاتل مستعمراً يحتل وطنها، أو بعثيّة تقاتل لاسترجاع حُكمٍ سُلِب من طاغوتها، أو عروبيّة تحملها القيم على قتال المحتل، أو حتّى نفعيّة رأت في بعض القتال للعدو فرصة للبروز وتحصيل المكاسب الماليّة والسياسيّة، إلى غير ذلك من المآرب والغايات.

وقد وصف الشيخ أبو مصعب الزرقاوي -رحمه الله- هذه المرحلة من العمل وحال المقاتلين للصليبيّين في الساحة العراقيّة بقوله: "أكثرهم قليلو الخبرة والتجربة، وخاصّة في العمل الجماعي المنظّم، ولا شكّ أن ذلك بسبب نتاج نظام قمعي، عسكَرَ البلد، ونشر الرعب، وبثّ الخوف والوجل، ونزع الثقة بين النّاس، ولذلك فأكثر المجاميع تعمل منفردة، من غير أفق سياسي، أو بعد نظر وإعداد لوراثة الأرض، نعم الفكرة بدأت تنضج، وعلا الهمس الخفيف ليصبح حديثاً صاخباً عن وجوب التجمّع وتوحيد الراية، لكن الأمور لا زالت في بواكيرها، ونحن بحمد الله نحاول إنضاجها سريعاً" (رسالة من الشيخ أبي مصعب الزرقاوي إلى الشيخ أسامة بن لادن رحمهما الله - 1424 هـ).

التجميع والتحزّب

كما في كلّ التجمّعات البشريّة، فإن التجمّعات المقاتلة في العراق التي كانت أكثر قابلية للبقاء، هي الأقوى فكراً وعقيدةً، والأفضل تنظيماً، والأكثر إمداداً بالموارد، والأقدر على اغتنام الفرص وتجنب الكوارث، ولكن في جانب الجهاد في سبيل الله تبقى القاعدة الأساسيّة في البقاء والانتصار هي قوله تعالى (والعاقبة للمتّقين).

وعلى أساس القواعد البشريّة السابق ذكرها، بدأت عملية الاصطفاء للفصائل والأحزاب، حيث بدأت المجاميع الصغيرة تذوب في تجمّعات أكبر على أسس عشائريّة (في المناطق الريفيّة خاصّة)، أو مناطقيّة كالأحياء والمجمّعات السكنيّة (في المناطق الحضريّة عموماً)، أو على أسس دينيّة (الاجتماع حول أحد المشاهير من الدعاة والخطباء وأئمة المساجد بل وحتى أصحاب الطرق والزوايا الصوفيّة)،أو على أسس حزبيّة، ولو كان هذا الجانب ضيّقاً بحكم ضعف الوجود الحزبي في فترة حكم (صدّام)، كما نشأت في الوقت نفسه تجمّعات على أساس جهادي حقيقي قادها في الغالب شباب لهم تجارب جهاديّة سابقة سواء في العراق (ضد الطاغوت صدّام حسين، أو ضد طواغيت الأحزاب الكرديّة)، أو خارجه (في الشام وخراسان على وجه الخصوص).

وشيئاً فشيئاً بات التوجّه السائد على الفصائل والجماعات هو الارتباط بأسماء أو شعارات توحي بأنّها فصائل "إسلاميّة" رغم أن معظمها أطلق على قتاله للأمريكيين لقب "مقاومة عراقية" بدلاً من تسميته "جهاداً في سبيل الله"، وباتت هذه الفصائل تمثّل صورة مصغّرة عن الأحزاب الشائعة الانتشار في كل مناطق المسلمين الأخرى، فالإخوان بشقّيهم (الدولي والعراقي) وجدوا لأنفسهم تيّاراً من الفصائل يقاتل الأمريكيين تحت رايتهم، وينطقون باسمه، طالبين بذلك التمثيل السياسي لأهل السنّة في لعبة الديموقراطيّة الأمريكيّة وتقاسم الحكم مع الرافضة وعلمانيّي الأحزاب الكرديّة، والسروريّة (بوصفهم نسخة معدّلة من الإخوان) تمكّنوا بعد تحصيلهم للدعم من بعض الشخصيّات والجمعيات في جزيرة العرب من حشد كمٍّ كبير من المجاميع تحت جناحهم، يقاتلون باسمهم لقاء الدعم والتمويل، وإن كان تيّارهم مقسّماً بارتباط كل قسم بأحد الشخصيّات التي تحصّلت على الشهرة قبل الاحتلال أو بعده، كما استطاع الصوفيّون من تجميع أنفسهم نوعاً ما وارتبطوا بزعماء طرقهم أو بقيادات من حزب البعث.

وقد تمكن المجاهدون القدماء أيضاً من تجميع صفوفهم نوعاً ما، مرتبطين بالمجاهدين في ساحات أخرى وعلى رأسها آنذاك خراسان وجزيرة العرب، حاشدين إليهم المهاجرين على وجه الخصوص، بالإضافة إلى كمٍّ من الأنصار الذين دُعوا إلى الجهاد لتكون كلمة الله هي العليا.

لقد كانت هذه الأحزاب والتجمّعات نتاج أسباب عديدة منها الاختلاف العقائدي والفكري، والنزعات الوطنيّة والعشائريّة، وحب الإمارة وتقديس الزعماء، والتدخّلات الخارجيّة التي تشرف عليها -ولا شك- أجهزة مخابرات الطواغيت في دول الجوار، بالإضافة لاختلاف الغايات والرؤى حول مستقبل الجهاد في العراق وما يراد منه.

صحيفة النبأ – العدد 3
السنة السابعة - السبت 17 محرم 1437 هـ
...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً