وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى

منذ 2014-05-22

كثير من الناس يظنون أنه باستطاعتهم أن يضحكوا أو يبكوا في أي وقت شاءوا، ولكن ما لا يعلمونه أن الأمر على خلاف ذلك تماماً، فلا أحد غير الله تعالى يملك للإنسان ضحكاً أو بكاءً..

قال تعالى:{وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى . وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا} [النجم:43-44]، كثير من الناس يظنون أنه باستطاعتهم أن يضحكوا أو يبكوا في أي وقت شاءوا، ولكن ما لا يعلمونه أن الأمر على خلاف ذلك تماماً، فلا أحد غير الله تعالى يملك للإنسان ضحكاً أو بكاءً، وليس أدل على ذلك من الآية الكريمة التي عرضناها.

البكاء قد يكون حياة..
البكاء قد يكون نعمة جليلة من عند الله يعطيها لمن يشاء، لما فيه على النفس من أثر التسكين والتخفيف للمصاب الذي تعانيه، والجرح الذي تتكبد عناءه، ولذلك فقد جاء رابط خفي في الآيتين المتتابعتين بين البكاء والحياة، لأن البكاء إما حاصل لهم أو حزن أو غم لم بالإنسان، فتخفيف أحدهم هو رحمة بالإنسان وراحة للنفس المكلومة، وإما أنه بكاءٌ من خشية الله، ففيه إحياء للقلوب الميتة وجلاء للنفوس المريضة التي شابتها أدران الحياة، بما فيها من ذنوب يقترفها الإنسان ومن جروح يتلقاها من الغير، سواءً شعروا بذلك أم لم يشعروا.

الضحك قد يكون موتًا..!
إن ضحك الإنسان في موقف عابر لطيف طريف على النفس لا شيء فيه، ولا لوم، وإنما يمن الله به أحياناً على عبده ليسرى قلبه من أوجاع الحياة، ولكن لا ننسى في هذا المقام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بسوماً ليس ضحوكاً، فكان يبتسم بكثرة ولا يرفع صوته في الضحك، فلنكن على سنته عليه أفضل الصلاة والسلام.

ويوجد رابط آخر في الآيتين الكريمتين بين الضحك والموت، وهذا يدل على أن كثرة الضحك مضرة ضرر قد يصل لموت القلب والعياذ بالله، فكثرة الضحك على كل شيء يمر بالإنسان هو عرض ومرض، فهو عرض لانشغال القلب والعقل عن حقيقة الحياة الدنيا، وحقيقة اقتراب الموت بما فيه من حساب لا يستطيع الإنسان منه فِراراً، وأيضاً هو لاهٍ للعقل عن التأمل والتفكر في ملكوت الله، ومانع له من سبر غور الأشياء واستبيان حقائقها، وهو في الوقت نفسه مانع للقلب من الخشوع وممارسة عبادة الذل لرب العالمين..

هذه العبادة التي تعز الإنسان أمام نفسه وتعزه أمام الكون بأسره، فهو يشعر أنه وإن كان هيناً ليناً متواضعاً إلا أنه ملئ بعزة الإيمان وشرف الإسلام، وفي هذا المقام فقد ورد عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أن كثرة الضحك تميت القلب كما قال في الحديث: «لا تكثروا الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب» (الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني، المصدر: صحيح ابن ماجه، الرقم:3400 خلاصة الدرجة: صحيح).

الخلاصة:
اللهم ارزقنا البسمة التي تنبع من الفرح المختلج في نفوسنا، وكذلك نفرح بها من نحب من إخواننا.
اللهم ارزقنا البكاء النابع من خشيتك، والندم على معصيتك ففيه حياة للقلوب والنفوس.
والله أعلم.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أحمد كمال قاسم

كاتب إسلامي

  • 8
  • 0
  • 97,761

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً