جاء ترامب.. وبقي تدبير الله

منذ 2017-01-22

ستتقلب الأيام كما تتقلب، لا ندري كيف، ولا تفاصيل تقلبها؛ لكننا على يقين من اتجاه تقلّبها وشاطئ ما ترسو عليه ونحن هناك ننتظرها حيث.. (فلا تحسبن الله مخلف وعدِه رسلَه).

لا تسير الأمور كما يخطط لها البشر.. إن تقدير الأمور هو الخلق وأما وجودها في الوجود وِفق التقدير هو البرْء، والله تعالى هو الخالق البارئ وحده بلا توقف على وجود شرطٍ ولا انتفاء مانع.
نحن لا نتصور أن القوى الغربية والشرقية والاقليمية المُعادية للإسلام وأهلِه أنها ساكنةٌ بلا تقدير لما تريد في المنطقة وفي بلادنا وأُمتنا..
سواء سماه البعض مؤامرةً أو مخطط أو سموه قدرةً على إدارة الأمور وامتلاك رد الفعل.. أيًّا ما كان الإسم فلا بُد من تقديرٍ للأمور حسب ما يتصورون ويريدون..
لكن كل ما يقدّر البشر متوقفٌ على توافر شروط كثيرة وامتناع موانع كثيرة، وهذا مضمَّن في قوله تعالى {إِلَّا بِإِذْنِ اللَّـهِ} فكما قال تعالى في السحرة {وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّـهِ} [البقرة جزء من الآية: 102] وقال عن النجوى وتهديد المنافقين للمؤمنين {وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّـهِ} [المجادلة جزء من الآية: 10] وهو المشار إليه بقوله تعالى {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} [الأنعام جزء من الآية: 112] .. كل هذا يقول أن كل تقديرٍ للبشر، من خيرٍ أو شر، لا يتم في الوجود إلا بعلم الله وإذنه القَدري، ولو كان تعالى غاضبًا على أهل تدبير الشر ويلعنهم؛ فإن الله تعالى يمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك، فما من تدبير لهم ينفذ إلا بإذن الله تعالى وعلمه لما له تعالى من الحكمة وراء ما دبروا وأرادوا ليتم مراده تعالى لا مرادهم..
وعلى هذا فاعلم أن ما يقدره الصهاينة مِن حزمةٍ من التقديرات والأحداث، أو ما يدبره الأمريكيون والأوربيون من حزمةٍ من التدابير والأحداث، وكذا ما يدبره الروس والفرس الصفويون.. لن يمر كما أرادوا وتصوروا الى منتهى آمالهم بحيث ترسو الأحداث كما اشتهوا وأرادوا..
ثمة تدبيرٌ أعلى، وثمة قوى أُخرى تبرز وثمة تخلّفٌ لكثيرٍ مما دبّروا، وظهور ما لم يكن في حسبانهم، وعوامل قوةٍ لا يمتلكونها ولا يديرونها..
كما أنه ثمة فطرةٌ للكون وللنفوس فيها من الحق والعدل ما يصطدم به الباطل والظلم، وثمة فطرةٌ للكون بُنيت على الحق لا الباطل، وثمة آخرة يجري إليها الكون للقضاء فيها بالحق لا الباطل، وفوق كل هذا رب فوق العرش، من صفاته الحق واسمه الحق وتدبيره الحق والخير..
وعندئذ فاقرأ وراجع هذا القول المُحكَم العظيم والعميق والذي يشمل التاريخ كله منذ آدم إلى لحظتنا هذه، إلى فناء الدنيا {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّـهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ} [البقرة جزء من الآية: 251]
لن يكون حلم ترامب ولا أمريكا ولا إسرائيل ولا إيران ولا طواغيت وفاسدي العرب كما يريدون.. بل ثمة قذائفٌ للحق لن تسكت ولن تتوقف ولن تنتهي لأنها من شأن الإله تعالى {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} [الأنبياء جزء من الآية: 18] ..
سنبقى متمسكين بديننا ويجب ذلك وحُقَّ علينا.. ويجب أن نبقى دافعين للباطل نطرق كل بابٍ لنصرة هذا الدين، مرابطين متربصين إلى اللحظة التي يتم فيها التغيير تحت وطأة قذائف الحق التي لا تنتهي ولن تنتهي..
سنقف حيث الأمان، والأمان عند الركن الركين.. عند ربنا.
ستتقلب الأيام كما تتقلب، لا ندري كيف، ولا تفاصيل تقلبها؛ لكننا على يقين من اتجاه تقلّبها وشاطئ ما ترسو عليه ونحن هناك ننتظرها حيث..{فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ} [إبراهيم جزء من الآية: 47].

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

مدحت القصراوي

كاتب إسلامي

  • 1
  • 0
  • 1,640

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً