مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - إني أخاف أن يبدل دينكم

منذ 2018-06-18

{وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ ۖ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ (26) وَقَالَ مُوسَىٰ إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَّا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ (27) }   [غافر]

 

{وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ ۖ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ} :
حين تعلو الأنا و يصبح الكبر سيد الموقف و قائد الإنسان إلى مهلكته تتبدل في عقله الحقائق و تتغاير في قلبه المسلمات البديهية حتى يصبح الأبيض أسوداً و الأسود أبيضاً , و الحق باطلاً و الباطل حقاً , وهذا ما حدث مع فرعون.
بعدما أيد الله موسى بالآيات الباهرات الدالة على صدق نبوته لم يعد يرفع من كبر فرعون و يثبت عرشه سوى البهتان و تبديل الحقائق و ادعاء الخوف على نظام الدولة و دينها و المحافظة على أمنها و استقرارها من فساد موسى .
و في المقابل بعدما بلغ موسى كلمات الله و نفذ أوامره لم يعد أمامه سوى الالتجاء إلى ركن الله المتين و الاستعاذة به من كبر فرعون و كل متكبر.
قال تعالى:
{وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ ۖ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ (26) وَقَالَ مُوسَىٰ إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَّا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ (27) }   [غافر]
قال السعدي في تفسيره:
{ {وقَالَ فِرْعَوْنُ } } متكبرًا متجبرًا مغررًا لقومه السفهاء: { {ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ } } أي: زعم -قبحه الله- أنه لولا مراعاة خواطر قومه لقتله، وأنه لا يمنعه من دعاء ربه، ثم ذكر الحامل له على إرادة قتله، وأنه نصح لقومه، وإزالة للشر في الأرض فقال: { { إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ } } الذي أنتم عليه { {أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ } } وهذا من أعجب ما يكون، أن يكون شر الخلق ينصح الناس عن اتباع خير الخلق هذا من التمويه والترويج الذي لا يدخل إلا عقل من قال الله فيهم: { {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ } }
{ {وَقَالَ مُوسَى} } حين قال فرعون تلك المقالة الشنيعة التي أوجبها له طغيانه، واستعان فيها بقوته واقتداره، مستعينًا بربه: { {إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ } } أي: امتنعت بربوبيته التي دبر بها جميع الأمور { {مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ } } أي: يحمله تكبره وعدم إيمانه بيوم الحساب على الشر والفساد، يدخل فيه فرعون وغيره، كما تقدم قريبًا في القاعدة، فمنعه الله تعالى بلطفه من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب، وقيض له من الأسباب ما اندفع به عنه شر فرعون وملئه.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن 

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

  • 13
  • 1
  • 23,854
المقال السابق
فلما جاءهم بالحق من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا
المقال التالي
وإن يك صادقاً يصبكم بعض الذي يعدكم

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً