الحياة لله

منذ 2021-07-29

إنها ليست الحياة وحدها، بل الممات كذلك لله! وليست الصلاة التي تمثل جانب العبادة وحدها، بل النسك الذي يمثل جانب التشريع، كذلك لله!

{قل إن صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ  } [الأنعام(162)]  

إنها ليست الحياة وحدها، بل الممات كذلك لله! وليست الصلاة التي تمثل جانب العبادة وحدها، بل النسك الذي يمثل جانب التشريع، كذلك لله!

كل شيء لله! عبادة وشريعة، محيا وممات، حياة وآخرة، جد ولهو، تعب وراحة، سرور وحزن، أخذ وعطاء، حب وكره!

كل خالجة قلب، وكل سكنة نفس، وكل شعور روح، لله. ولتلك الكلمة المعجزة "قل" مفعول السحر على النفس: فهي تلامس أعماق القلب المؤمن، فتثير فيه فطرة التوحيد وتوحيد الفطرة!

وهو ليس توحيد المشركين الذين يشركون مع الله آلهة أخرى، لكنه توحيد خالص؛ يضم الحياة والممات في فكرة واحدة ومفهوم شامل! إنه توحيد الإله الواحد المتفرد بحق العبادة وحق التشريع! توحيد يفيض بنور اليقين بالله في الدنيا والآخرة.

والحياة لله تسبيحة ندية ترسم صورة باهرة لحقيقة الكون في شموله واتساعه وتساوقه مع الفطرة الإنسانية! كما ترسم صورة لتاريخ هذا الكون ورحلته بعيدة الآماد؛ من المنشأ إلى المعاد. فالحياة لله رحلة قصيرة من رحلات الكون المديدة؛ جيلا بعد جيل، وقبيلا بعد قبيل.

والحياة لله هي معنى الحرية! فالحرية ليست التحرر من عبادة الله، ثم الوقوع في عبادة الذات أو عبادة المال أو عبادة اللذة! لكن الحرية الحقة هي التعبد لله وحده، دون كل ما سواه!

وهي بعد ذلك، دفقة قلب جريء؛ لا يعرف الخوف! فمن كانت حياته لله، تحرر من خوف الرزق، وخوف الظلم، وخوف المنع، وخوف الضر، ومن كل خوف.

هاني مراد

كاتب إسلامي، ومراجع لغة عربية، ومترجم لغة إنجليزية.

  • 6
  • 0
  • 1,418

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً