الخيانة رذيلة اليهود على على خائنةۢ منهمر العصور {ولا تزال تطلعم}

منذ 23 ساعة

إن ما نشاهده الآن على أرض الواقع من سلوكيات الإسرائيليين مع المسلمين، بل ومع كل شعوب أهل الأرض لتؤكد بأنهم قومُ خيانةٍ وغدر ولا عهد لهم، وأنهم قد جُبلوا على هذه الرذائل.

إن ما نشاهده الآن على أرض الواقع من سلوكيات الإسرائيليين مع المسلمين، بل ومع كل شعوب أهل الأرض لتؤكد بأنهم قومُ خيانةٍ وغدر ولا عهد لهم، وأنهم قد جُبلوا على هذه الرذائل.

 

فما يفعلونه في أهل غزة من تنكيل ودمار وإبادة لكل مظاهر الحياة فيها، وعدم التزامهم بالعهود، ومراوغتهم ومكرهم في تنفيذ اتفاقياتهم لوقف الحرب في غزة لأكبر دليل يمكن أن يشاهده المسلم الواعي لدينه والمتمسك بكتاب ربه، منهجًا له في حياته، وتعاملاته مع بني إسرائيل.

 

وهذا ما أرشدنا إليه الله في فهم بني إسرائيل وكيفية التعامل معهم، وصدق ربنا عندما قال لنا محذرًا ومرشدًا: {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَٰقَهُمْ لَعَنَّٰهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَٰسِيَةً ۖ يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِۦ ۙ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِۦ ۚ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَآئِنَةٍۢ مِّنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۖ فَٱعْفُ عَنْهُمْ وَٱصْفَحْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ} [المائدة - 13].

 

وقوله تعالى: {وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ}، وما يشبهها مما أورده القرآن في هذا المعنى تعتبر من المعجزات الدالة على صدق القرآن الكريم، فإن الناس قبل البعثة النبوية الشريفة لم يكونوا يعرفون أن اليهودَ قومُ خيانةٍ وغدرٍ، فلما بين القرآن ذلك، عرفوا ما لم يكونوا يعرفونه من قبل.

 

ولما كانت أخلاق الآباء كثيرًا ما يتوارثها الأبناء، فقد رأينا القرآن الكريم يحذر النبي صلّى الله عليه وسلّم من اليهود المعاصرين له، والذين ورثوا رذائل آبائهم فقال: {وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ}.

 

ولا تزال- أيها الرسول الكريم- ترى في هؤلاء اليهود المعاصرين لك صورة السابقين في الغدر والخيانة، وإن تباعدت الأزمان فهؤلاء الذين يعاصرونك فيهم خيانة أسلافهم، وغدرهم ونقضهم لعهودهم، إلا قليلا منهم دخلوا في الإسلام فوفوا بعهودهم ولم يكونوا ناقضين لها.

 

وفي هذه الآية الكريمة تسلية للرسول صلّى الله عليه وسلّم عما لقيه من اليهود المعاصرين له من كيدٍ ومكر وخيانةٍ. فكأن الله- تعالى- يقول له إن ما تراه منهم من غدر وخداع ليس شيئا مستبعدًا، بل هو طبيعة فيهم ورثوها عن آبائهم منذ زمن بعيد: وفيها- أيضا- تحذير له صلّى الله عليه وسلّم من شرورهم ومن مسالكهم الخبيثة، وكيدهم للإسلام والمسلمين فإن التعبير بقوله: {وَلا تَزالُ} المفيد للدوام والاستمرار يدل على استمرار خيانتهم ودوام نقضهم لعهودهم ومواثيقهم.

 

وكما قال الله لرسوله فهو يقول لنا الآن نفس القول.

 

فهل نحن مستمعون؟!

أكثر شعوب العالم أدركت خسيسة اليهود ومكرهم؛ لذلك فهم يدفعونهم في بلادهم للهجرة إلى فلسطين للتخلص منهم ومن خستهم، وفي نفس الوقت يحاربون بهم الإسلام والمسلمين، وثالثا ليشعلوا الحروب في بلاد المسلمين وينهبوا ثرواتهم بحجة الحفاظ على استقرار الأوضاع في بلاد المسلمين.

 

وبذلك نرى أن الله قد بين جانبًا من فسوق بني إسرائيل، ورسم للنبي صلّى الله عليه وسلّم طريقَ معاملتهم بما يقي المسلمين من شرورهم ومكرهم.

 

لقد نقضوا ميثاقهم مع الله... قتلوا أنبياءهم بغير حق، وبيتوا القتل والصلب لعيسى عليه السلام، وهو آخر أنبيائهم، وحرفوا كتابهم - التوراة - ونسوا شرائعها فلم ينفذوها، ووقفوا من خاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام موقفًا لئيمًا ماكرًا عنيدًا، وخانوا مواثيقهم معه، فباءوا بالطرد والخسران.

 

وصدق الله؛ فهذه سمات يهود التي لا تفارقهم... لعنة تبدو على سيماهم، إذ تنضح بها جبلتهم الملعونة المطرودة من الهداية، وقسوة تبدو في ملامحهم الناضبة من بشاشة الرحمة، وفي تصرفاتهم الخالية من المشاعر الإنسانية، ومهما حاولوا - مكرًا - إبداء اللين في القول عند الخوف وعند المصلحة، والنعومة في الملمس عند الكيد والوقيعة، فإن جفاف الملامح والسمات ينضح ويشي بجفاف القلوب والأفئدة...

 

وطابعهم الأصيل هو تحريف الكلم عن مواضعه، تحريف كتابهم أولا عن صورته التي أنزلها الله على موسى - عليه السلام - إما بإضافة الكثير إليه مما يتضمن أهدافهم الملتوية ويبررها بنصوص من الكتاب مزورة على الله! وإما بتفسير النصوص الأصلية الباقية وفق الهوى والمصلحة والهدف الخبيث! ونسيان وإهمال لأوامر دينهم وشريعتهم، وعدم تنفيذها في حياتهم ومجتمعهم، لأن تنفيذها يكلفهم الاستقامة على منهج الله الطاهر النظيف القويم.

 

{وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ}: وما تزال هذه حالهم في المجتمع الإسلامي على مدار التاريخ، على الرغم من أن المجتمع الإسلامي هو المجتمع الوحيد الذي آواهم، ورفع عنهم الاضطهاد، وعاملهم بالحسنى، ومكن لهم من الحياة الرغيدة فيه، ولكنهم كانوا دائما - كما كانوا على عهد الرسول - عقارب وحيات وثعالب وذئابا تضمر المكر والخيانة، ولا تني تمكر وتغدر، إن أعوزتهم القدرة على التنكيل الظاهر بالمسلمين نصبوا لهم الشباك وأقاموا لهم المصائد، وتآمروا مع كل عدوٍ لهم، حتى تحين الفرصة، فينقضوا عليهم، قساة جفاة لا يرحمونهم، ولا يرقبون فيهم إلًّا ولا ذمة.

 

إن هذا القرآن هو معلم هذه الأمة ومرشدها ورائدها على طول الطريق. وهو يكشف لها عن حال أعدائها معها، وعن جبلتهم وعن تاريخهم مع هدى الله كله، ولو ظلت هذه الأمة تستشير قرآنها؛ وتسمع توجيهاته؛ وتقيم قواعده وتشريعاته في حياتها، ما استطاع أعداؤها أن ينالوا منها في يوم من الأيام..

______________________________________________________________
الكاتب: أ. د. فؤاد محمد موسى

  • 1
  • 0
  • 57

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً