انتبه فالرحلة قصيرة

منذ 9 ساعات

ثم تأتي لحظة الحسم وساعة فراق الدنيا ومن بعدها يتغير المسار على حسب عملك في تلك السنوات الخداعات

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

العجب كل العجب فيمن وعده ربه بملك الأبد ونعيم لا يوصف مقابل الصبر سويعات ثم يغتر ويغتر ويشتري لهو لحظات بنعيم مقيم وملك آت.

سنوات عمرك في الدنيا هي أقل مرحلة من شريط العمر الممتد ـ فأنت تتردد في أصلاب الأجداد منذ أمد بعيد حتى أنك من طول العهد نسيت عهد الله : { وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ (172)} .

عهد قديم منذ آلاف السنين وأنت من بعده تتردد بين الأصلاب حتى تدب الروح في جسد ضعيف  ينزل إلى الدنيا وهو في أشد الاحتياج ، فينعم الله عليه بالقوة والمال والذرية والجاه ثم تنسيه النعم عهد الله وينشغل بدنياه سنوات معدودات .

ثم تأتي لحظة الحسم وساعة فراق الدنيا ومن بعدها يتغير المسار على حسب عملك في تلك السنوات الخداعات ، فمن باعها واشترى رضوان الله فهو الفائز ومن اشتراها بغضب الله فهو الخاسر، وأول أيام الحساب مقداره خمسين ألف سنة ، ثم سنوات الأبد من النعيم أو العقاب.

تأمل : {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ۖ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا ۖ وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ ۚ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20)} [الحديد] 

قال الإمام ابن الجوزي في صيد الخاطر:

من تفكر في عواقب الدنيا، أخذ الحذر، ومن أيقن بطول الطريق تأهب للسفر.
ما أعجب أمرك يا من يوقن بأمر ثم ينساه، ويتحقق ضرر حال ثم يغشاه " وتخشى الناس واللّه أحق أن تخشاه " .
تغلبك نفسك على ما تظن، ولا تغلبها على ما تستيقن.
أعجب العجائب، سرورك بغرورك، وسهوك في لهوك، عما قد خبىء لك.
تغتر بصحتك وتنسى دنو السقم، وتفرح بعافيتك غافلاً عن قرب الألم.
لقد أراك مصرع غيرك مصرعك، وأبدى مضجع سواك - قبل الممات - مضجعك.
وقد شغلك نيل لذاتك، عن ذكر خراب ذاتك:
كأنّك لم تسمع بأخبار من مضى ... ولم تر في الباقين ما يصنع الدهر !
فإن كنت لا تدري فتلك ديارهم ... محاها مجال الرّيح بعدك والقبر !
كم رأيت صاحب منزل ما نزل لحده، حتى نزل !.
وكم شاهدت والي قصر، وليه عدوه لما عزل !.
فيا من كل لحظة إلى هذا يسري، وفعله فعل من لا يفهم ولا يدري...

وكيف تنام العين وهي قريرة ؟ ... ولم تدر من أيّ المحلين تنزل ؟       أ هـ

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

  • 1
  • 0
  • 75

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً