زوجتي زنتْ عدة مرات، فهل أطلقها؟!

منذ 2013-04-12
السؤال:

أتمنى أن يتَّسع صدرُكم؛ كي تقرؤوا سؤالي كاملًا؛ نظرًا لطوله الذي لا توازيه إلَّا الحيرة التي أتخبط فيها ما يزيد عن سنة.
في فترة شبابي أُعجبتُ بفتاةٍ تصغرني بسنتين، وحين فاتحتُها في الأمر، أكدتْ لي أنها تُبادلني نفس الشُّعور، لكنها صارحتْني أنها تعرَّضتْ لاغتصابٍ من أخي صديقتها، وأنها بعده كانتْ على علاقةٍ بشابين لم تتعد العلاقة القبلات والملامسات.
استخرْتُ الله، وقررتُ أن أخطبها؛ لثقتي فيها أولًا، ورغبة مني في سترها، وتحصيني، دامتْ مُدَّة خطوبتنا سنة، وبعدها عقَدْنا عقْد زواجنا، وانتقلتُ خلالها للعمل في مدينةٍ أخرى، وظلَّتْ هي مع أهلها إلى أن تزوجنا بعد ذلك بسنة.
رزقتُ بأطفال، وفي السنة الأخيرة لاحظتُ أنها تكون شاردةَ الذِّهن، ولا تستطيع النوم أحيانًا، وأحيانًا أخرى تكون واجمة حزينة، وتبكي، وحين أسألها تقول: إنه لا سبب لذلك، ولا أشغل بالي بهذه الأشياء؛ لأنها غير مهمة.
لكن في إحدى المرات - وتحت إصراري - صارحتْني بأنها:
- تمَّ اغتصابُها عندما كانتْ صغيرةً مِن بعض الخدَم المتزوجين الذين كان عمرهم يفوق الأربعين، ولم تستطعْ مُصارحة والديها؛ لخوفِها منهم.
- كان أولاد أعمامها يحتكون بها، وفي فترة المراهقة؛ عاشتْ على نفس الوتيرة.
- في فترة المراهقة وبعد البلوغ بدأتْ بالبحث عن الرجال يوميًّا.
- خلال فترة خطوبتنا التي دامت سنة، زنتْ مرتين مع شخصين مختلفين.
- بعد عقد زواجنا، زنتْ مرة واحدة.
- بعد الزواج؛ أقسمتْ أنَّها لم تمكِّن أي رجل منها، بل أصبحتْ تكره من يعاكس الفتيات؛ لكونها على حد قولها ندمتْ وتابت، ولا تريد لأي فتاة أن تعيش القذارة التي تخبطت فيها.
لقد فقدتُ الثقة فيها تمامًا، فهل أطلقها؟ أو أرجِّح مصلحة أطفالي وأستمر معها لتربيتهم؟
أعتذر عن الإطالة، مع كامل شكري للدور الذي تقومون به؛ لتنويرنا، وجزاكم الله عنَّا كل الخير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يُصلح أحوال المسلمين، وأن يهديَ الجميع، وأن يحفَظَنا من الفتن، ومن خطوات الشيطان.
اعلم أخي أنَّ ما كتبتَه عن زوجتك من شيء لا يكاد يُصدَّق؛ مِن تجاربها السابقة يدلُّ على أن الفساد متجذِّر في نفسِها، ومُتغلغِل في أعماقها؛ ولذلك فهي غير مأمونة على بيتك وعِرضك، وعلى تربية أولادك، ولا يحلُّ الإمساك بها وهي على هذه الحال، وحتى إن أظهرت الندم والتوبة فلا نرى أن تأمَنها.
فالأمر المُحيِّر: ما الذي دفَعها للبَوح بكل هذه الأسرار المكتومة بعد كلِّ هذه الأعوام الطويلة؟ فالذي يظهر أن هناك شيئًا ما حرَّك المياه الراكدة، وألجأها للكلام، وفضيحة نفسها، وهذا ما لا يكاد يقع لعاقل، والسلامة في العِرض والنفْس لا يَعدلها شيء، وغاية الطلاق أنه مَكْروه إن كان بغير سببٍ، ومباحٌ إن كان بسبب، وإن كانتْ صادقةً في توبتها فأمرها إلى الله، وهذا شيء بينها وبين ربها.
واجتهدْ في أن تأخذَ منها الأولاد بأيِّ طريقة، ولو بتهديدها، ورفْع الأمر إلى أهلها، أو بالصلح معها على مُقابِل، أو ما يتيسَّر لك؛ المهمُّ أن تسعى في الخَلاص منها، واستبقاء أبنائك معك؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية عند قوله تعالى: {وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} [النور: 2].. الآية: "نهى تعالى عما يأمر به الشيطان في العقوبات عمومًا، وفي أمر الفواحش خصوصًا؛ فإن هذا الباب مبناه على المحبة، والشهوة، والرأفة التي يُزيِّنها الشيطان، بانعِطاف القلوب على أهل الفواحش، والرأفة بهم، حتى يدخل كثير من الناس بسبب هذه الآفة في الدِّياثة، وقلَّة الغيرة، إذا رأى مَن يهوى بعض المتَّصلين به، أو يُعاشِره عِشرةً مُنكَرة، أو رأى له محبَّةً، أو ميلًا، وصبابةً، وعشقًا، ولو كان ولده، رأف به، وظنَّ أن هذا من رحمة الخلْق، ولين الجانب بهم، ومكارم الأخلاق، وإنما ذلك دياثة ومهانة، وعدم دين، وضعْف إيمان، وإعانة على الإثم والعدوان، وترْك للتناهي عن الفحشاء والمُنكَر، وتدخُل النفس به في القيادة التي هي أعظم الدياثة"؛ انتهى [من "مجموع الفتاوى". اهـ. (15: 287 - 288)].
فليس كل عفو يكون خيرًا، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أعظم الناس حلمًا وعفوًا، ومع ذلك ينتهي عند حدود الله، فلا عفوَ فيها، ولا عدوان عليها.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: "ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا قطُّ بيده، ولا امرأةً، ولا خادمًا، إلا أن يُجاهِد في سبيل الله، وما نِيلَ منه شيء قط، فينتقم من صاحبه، إلا أن يُنتهك شيء من محارم الله، فيَنتقم لله عز وجل" [متفق عليه].

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 6
  • 12
  • 46,837

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً