عش رجباً ترى عجباً ان شهر رجب من الأشهر الحرم ولا يعني كونه من الأشهر الحرم ان له افضلية تخصه او ...

عش رجباً ترى عجباً

ان شهر رجب من الأشهر الحرم ولا يعني كونه من الأشهر الحرم ان له افضلية تخصه او ان العمل فيه افضل من غيره، اذاً فهو كغيره من اشهر السنة ولم يرد في تخصيصه نص في أي نوع من أنواع العبادات، ولم يصح في فضل رجب ولا من صيامه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء، بل وردت نصوص تحذر من تخصيصه بصيام او صلاة والمعروف تاريخياً ان العرب في الجاهلية كانت تعظم الأشهر الحرم بما فيها رجب، فلا يرتكبون فيها جرماً ولا يشنون فيها حرباً، ولا يئدون فيها بنتاً ولا يثأرون من قاتل، فلو وجد الواحد منهم قاتل ابيه او أخيه فانه لا يتعرض له بسوء.

ومن المؤسف ما نشاهده في معظم دول العالم الإسلامي من التأسي بأعمال الجاهلية، وتعظيم رجب بعبادات بدعية ما انزل الله بها من سلطان وسنرى فيما يلي اعجب العجب فيما احدث الناس في رجب.

النهي عن صيام رجب

تضافرت الاحاديث في النهي عن تخصيص رجب بصيام او صلاة فقد روى ابن ماجة في سننه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم: نهى عن صيام رجب واخرج ابن ماجة ايضاً ان أسامة بن زيد كان يصوم الأشهر الحرم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: صم شوالاً ، فترك الأشهر الحرم وصام شوالاً حتى مات، وفي حديث آخر انه ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم قوم يصومون في رجب فقال: اين هم من شعبان؟ ، وهذا النهي لا يتناول من يصوم الاثنين والخميس او عليه قضاء.

كراهية الصحابة لتخصيص رجب بشيء

وبناء على نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن تخصيص رجب بصيام او صلاة فقد كره الصحابة رضي الله عنهم تخصيص رجب بأي عبادة، بل انكروا بشدة على من فعل مثل ذلك لما ثبت عن ابي بكر وعمر ولخوفهم من البدع وغيرتهم على الدين، فقد ورد ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ضرب رجالاً صاموا رجب بالدرة واجبرهم على الاكل وقال: ما رجب؟ ان رجب كان يعظمه اهل الجاهلية فجاء الإسلام بتركه .

علة تحريم الأشهر الحُرم

الأصل في تحريم الأشهر الحرم ان الله تعالى لما شرع الحج وامر نبيه إبراهيم الخليل عليه السلام ان يؤذن في الناس بالحج، حرم القتال في هذه الأشهر الأربعة لتكون مسالك الحج فيها آمنة ليؤدوا هذه الشعيرة في طمأنينة وامان، وذلك لان العرب كانوا يعتمدون في الحصول على ارزاقهم على الحروب والغارات فكان يشق عليهم ان يمكثوا ثلاثة اشهر متوالية لا يغيرون فيها فقالوا لئن توالت علينا ثلاثة اشهر لا نصيب فيها شيئاً لنهلكنّ فكانوا يتحايلون على حرمة بعض هذه الاشهر، فيستلفون شهراً غير محرم ويضعونه في مكان شهر محرم مما اضطرهم الى تنقل الحج في اشهر كل السنة فكانوا يحجون في صفر ويتقاتلون في شهر الحج، حتى حج النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فثبت الحج والاشهر الحرم كل في مكانه، وبهذا قضى على فوضى التبديل والاحتيال على اباحة ما حرم الله.

العتيرة في رجب

ومن تعظيم اهل الجاهلية لشهر رجب ذبحهم ما يسمى بالعتيرة فجاء الإسلام بأبطالها وشرع الاضحية والهدي والعقيقة وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا فرع ولا عتيرة متفق عليه، والفرع: هو اول نتاج الناقة وكانوا في الجاهلية يذبحونه قرباناً لآلهتهم، والعتيرة: هي ما يذبح من الضأن في شهر رجب قرباناً وطلباً للبركة في أموالهم واولادهم.

صلاة الرغائب

ومما احدثه اهل البدع من العبادات في رجب: صلاة الرغائب، وقال عنها الحافظ بن رجب الحنبلي الاحاديث المروية في فضل صلاة الرغائب في اول ليلة جمعة من شهر رجب كذب وباطل ولا تصح وهذه الصلاة بدعة عند جمهور العلماء ا,ه .

إحياء ليلة سبع وعشرين من رجب

ومن البدع في رجب احياء ليلة سبع وعشرين على انها ليلة الاسراء والمعراج وفي ذلك يقول الدكتور صالح الفوزان يحتفلون في تلك الليلة ويخصونها بأنواع من العبادات ما انزل الله بها من سلطان فيخصون تلك الليلة بأذكار وادعية وصلاة، وتخصيص تلك الليلة خطأ من عدة وجوه- اولا: ان الاسراء لم يقم دليل على تعيين ليلته التي وقع فيها ولا على الشهر الذي وقع فيه فالعلماء مختلفون في زمانه، فتخصيص ليلة من الليالي في رجب او غيره للأسراء تخصيص لا دليل عليه، ثانيا: لو ثبت تعيين الليلة التي وقع فيها الاسراء لم يجز لنا ان نخصص تلك الليلة بشيء لم يشرعه الله ولا رسوله فانه لم يرد ان الرسول صلى الله عليه وسلم احتفل في تلك الليلة ولا خصها بشيء من العبادات ولم يفعل ذلك خلفاؤه الراشدون بعده ولا أصحابه الكرام، ولا التابعون لهم بإحسان فلا يجوز لاحد بعدهم ان يفعل في الإسلام شيئا لم يفعلوه ا,ه .

العمرة في رجب

ومن البدع المستحدثة في رجب الحرص على اداء العمرة فيه واعتقاد انها افضل منها في غير رجب، وهذا الاعتقاد غير صحيح لان مثل العمل ليس له اصل في الشرع، ولم ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه اعتمر في حياته ولا مرة في رجب، ولم يخصص احد من صحابته الكرام رجب في عمرة ولم يقل به احد من السلف، وما ورد عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر اربعاً واحدة منهن في رجب فهذا وهم منه انكره الصحابة رضي الله عنهم ونفته ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها بقولها: يغفر الله لابي عبدالرحمن فما اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجب قط والعمرة كأي عمل صالح مطلوب في اي وقت الا ان تخصيص رجب بعبادات تخصه يحتاج الى دليل ولا دليل.

الأحاديث الموضوعة في فضل رجب

ولتمام الفائدة نجتزئ بعض الاحاديث الموضوعة في فضل رجب حتى لا ينخدع بها احد ممن لا يعرف درجتها من الصحة.

أ- رجب شهر الله وشعبان شهري ورمضان شهر امتي.

ب- عن علي رضي الله عنه من صام يوماً من رجب كتب الله له صوم الف سنة ومن صام منه سبعة أيام أغلقت عنه أبواب جنهم، ومن صام منه خمسة عشر يوماً بدلت سيئاته حسنات ونادى منادٍ من السماء قد غفر لك فاستأنف العمل!

ج - ان في الجنة نهراً يقال له رجب من صام يوماً من رجب سقاه الله من ذلك النهر.

د- من صام ثلاثة أيام من شهر حرام كتب الله له عبادة تسعمائة سنة.

وعلامات الكذب في هذه الاحاديث واضحة وقال علماء الجرح والتعديل عن هذه الاحاديث كلها باطلة ولا أساس لها من الصحة.

والمسلم الحق هو من يحرص على نزاهة دينه وسلامة معتقده والصواب لقبول عبادته، وألا يعبد الله إلا بعمل يسنده الدليل الشرعي، اللهم اجعلنا متبعين غير مبتدعين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين.
...المزيد

خطبة: عبادة الرجاء والثبات على الطاعة بعد رمضان. يتحدث من خلالها -الشيخ راكان المغربي- عن الطاعة ...

خطبة: عبادة الرجاء والثبات على الطاعة بعد رمضان. يتحدث من خلالها -الشيخ راكان المغربي- عن الطاعة بعد رمضان.

الخطبة الأولى:


أما بعد: ها قد انقضى من الشهر جلُّه وما بقي منه إلا القليل.

لقد تزين شهرُ رمضان بمشاهدِ الإقبالِ على الطاعات، والمسارعةِ إلى الخيرات، وشهودِ الجماعات. إلى الله أقبلت القلوب، وله قامت الأقدام، وبين يديه خضعت الرقابُ وتمرغت الأنوف. أقبل الناسُ يرجون من الله رحماتِه، وينهلون من عطائه، ويغترفون من مكرماتِه.

حين عَظُمَ الرجاءُ في القلوب زادَ الإقبالُ على الله، فكان الرجاءُ كالوقودِ الذي أشعل الفتيل، وأمدّ الروحَ والبدنَ بالطاقة والقوة على العبادة.

إن عبادةَ الرجاء من أعظم العبادات التي تحث المؤمن على دوامِ السير إلى الله، فحين يستحضر المؤمنُ فضلَ الله وكرمَه فإنه سيمتلئ قلبُه رغبةً فيه ورجاءً، فيحثه ذلك على المسارعة في تحصيلِه بصالح الأعمال. وهذا ما كان يحصلُ مع من وفقهم الله للعبادة في رمضان. فتجد المسلم يسارع إلى الصيام والقيام يرجو بذلك أجرَ من صام رمضان ومن قام رمضان (إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ)، وتجده حريصاً على العمرةِ الرمضانية لعلمه بأنها تعدل حجة. وتجده مقبلا في العشر الأواخر، يستثمر أوقاتَها ويعمر لحظاتها بالطاعة، لأنه يرجو فيها ثوابَ ليلةِ القدر التي هي خيرٌ من ألف شهر.

ولئن كانت مكرمات الكريم تتضاعف في رمضان فيقبل الناسُ على الغرف منها، فإن الكريم سبحانه لا ينقضي كرمُه، ولا يفنى عطاؤُه بعد رمضان. ولذا فإن المؤمن الذي امتلأ قلبُه بالرجاء، لا يتوقف عن المسارعة في العمل بعد رمضان، بل يستحضر فضائلَ اللهِ العميمة، وخيرَه الواسعَ في كل زمانٍ ومكان، وبذلك يثبتُ على الطاعة، ويثابرُ على العمل الصالح، يرجو بذلك رحمةَ الله وكرمَه.

عباد الله:

لقد كان أنبياءُ الله وعبادُه الصالحين أعظمَ الناس رجاءً فيما عند الله، وكانت أسمى غاياتِهم التي يرجونها هي نيلُ رضوانِه، ودخولُ جناتِه، فكان الطمع في رحمته من أخص سماتهم. اسمعوا إلى طمع إبراهيم الخليل عليه السلام حين قال: (وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ)، واسمعوا إلى المقارنة التي ذكرها الله بين أهل الإيمان وأهل الكفر حين قال سبحانه: (إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ).

لقد نعى الله على الغافلين خلوَّ قلوبهم من الرجاءِ فيما عند الله، وإيثار الدنيا وزينتها فقال سبحانه عنهم: (إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)، وطمأَن اللهُ أهلَ الإيمان الذين امتلأت قلوبهم بالرجاء والشوق إليه فقال سبحانه: (مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).

حين رأت تلك المرأة البغي ذلك الكلب العطشان، حرك الرجاء قلبها فحداها إلى العمل، ثم بلغها عظيم الثواب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم واصفا حالها: "بيْنَما كَلْبٌ يُطِيفُ برَكِيَّةٍ -أي بئر- ، كادَ يَقْتُلُهُ العَطَشُ، إذْ رَأَتْهُ بَغِيٌّ مِن بَغايا بَنِي إسْرائِيلَ، فَنَزَعَتْ مُوقَها -أي خفها- فَسَقَتْهُ فَغُفِرَ لها بهِ".

وهكذا يفعل الرجاء بقليل العمل، يضاعفُه ويباركُه وينميه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أرْبَعُونَ خَصْلَةً أعْلَاهُنَّ مَنِيحَةُ العَنْزِ، ما مِن عَامِلٍ يَعْمَلُ بخَصْلَةٍ منها رَجَاءَ ثَوَابِهَا، وتَصْدِيقَ مَوْعُودِهَا، إلَّا أدْخَلَهُ اللَّهُ بهَا الجَنَّةَ" فيخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن أربعين عملٍ دون منيحة العنز و"هي الشَّاةُ ذَاتُ اللَّبَنِ تُعطَى لِيُنتَفَعَ بِلَبَنِها، ثُمَّ تُرَدُّ إلى أصحابِها"[1]، هذه الأربعون لا يعملُ بها أحد "رَجَاءَ ثَوَابِهَا، وتَصْدِيقَ مَوْعُودِهَا، إلَّا أدْخَلَهُ اللَّهُ بهَا الجَنَّةَ". قال حسان -أحد رواة الحديث-: " فَعَدَدْنَا ما دُونَ مَنِيحَةِ العَنْزِ، مِن رَدِّ السَّلَامِ، وتَشْمِيتِ العَاطِسِ، وإمَاطَةِ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ، ونَحْوِهِ فَما اسْتَطَعْنَا أنْ نَبْلُغَ خَمْسَ عَشْرَةَ خَصْلَةً".

فما أعظمَ فضلَ الله! وما أجلَّ كرمَه الوفير!

عباد الله:

في يوم من الأيام " دخلَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ على شابٍّ وَهوَ في الموتِ فقالَ: (كيفَ تجدُكَ؟)

فقالَ الشاب: واللَّهِ يا رسولَ اللَّهِ إنِّي أرجو اللَّهَ وإنِّي أخافُ ذنوبي.

فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ: "لا يجتَمِعانِ في قلبِ عبدٍ في مثلِ هذا الموطِنِ إلَّا أعطاهُ اللَّهُ ما يرجو وآمنَهُ ممَّا يخافُ"

هذا هو حال الصالحين. يطيرون بجناحي الخوف والرجاء. يعملون العمل الصالح فيرجون ويخافون، يرجون ما فيه من الثواب، ويخافون مما يمكن أن يدخل فيه من عجب أو رياء فلا يُتَقبلَ منهم. ويقعون في الذنوب فيخافون ويرجون، يخافون من عاقبتها، ويرجون مغفرة الله حين يتوبون منها. هذا حالهم لا الرجاءُ يغرّهم، ولا الخوفُ يُقَنِّطُهم.

قال جل وعلا عن أنبيائه الأخيار: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ)، وقال سبحانه: (أُولَٰئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا).

عباد الله:

لقد كان رمضانُ مدرسةً اجتمع فيها التعليمُ النظري والعملي، والتعليمُ الفردي والجماعي. تعلمنا فيها الصيامَ حتى صار عادةً يسيرةً لا نستصعبُها، وتروّضت أجسادُنا على القيامِ حتى لم نعدْ نشتكي طولَه، ولانت قلوبُنا للقرآن حتى صرنا نستعذبُ الجلوسَ معه أوقاتاً طويلةً دون ملل، وجادت أيادينا بالعطاء حتى لم نكدْ نسمعُ إيعادَ الشيطانِ الكاذبِ لنا بالفقر والنقص. تلك وغيرها بعضُ مكتسباتِ المدرسةِ الرمضانيةِ التي أعاننا الله على تحصيلها، وأذاقنا لذتَها. فحافظوا على المكتسبات، ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوةٍ أنكاثا، واعلموا أن أحبَّ الأعمال إلى الله ليس مجرد الاجتهادُ في رمضانَ ثم الانقطاعُ بعده، وإنما كما قال صلى الله عليه وسلم: "إنَّ أحَبَّ الأعْمَالِ إلى اللَّهِ ما دَامَ وإنْ قَلَّ".

فإن كنتَ اجتهدتَّ في رمضانَ ترجو ما عند الله، فحافظ على منسوب الرجاءِ في قلبِك بعد رمضان، واستمر في النهلِ من مكْرُماتِ الكريم. ليكن لك نصيبٌ شهريٌ من الصيامِ والصدقةِ لا تتركُه إلى الممات، وليكن لك نصيبٌ يوميٌ من القيامِ وقراءةِ القرآنِ ولو بأقلِّ القليل.

اللهمَّ إنّا نسألُك الثَّباتَ في الأمرِ، والعزيمةَ على الرُّشدِ، ونسألُك شُكْرَ نِعمتِك وحُسْنَ عِبادتِك.
بارك الله لي ولكم..

الخطبة الثانية:


أما بعد: معاشر المسلمين..

"قَد شَرَعَ الله لَكُم في خِتَامِ هَذَا الشَّهرِ زَكَاةَ الفِطرِ، وَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسلِمٍ لَهُ فَضلٌ عَن قَوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ لَيلَةَ العِيدِ، فعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قَالَ : "فَرَضَ رَسُولُ اللهِ زَكَاةَ الفِطرِ مِن رَمَضَانَ، صَاعًا مِن تَمر، أَو صَاعًا مِن شَعِيرٍ، عَلَى العَبدِ وَالحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالأُنثَى، وَالصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ مِنَ المُسلِمِينَ، وَأَمَرَ بِهَا أَن تُؤَدَّى قَبلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلى الصَّلاةِ".

وَالأَفضَلُ إِخرَاجُهَا قَبلَ الصَّلاةِ مِن يَومِ العِيدِ، وَلا يَجُوزُ تَأخِيرُهَا إِلى مَا بَعدَ الصَّلاةِ، وَمَن أَخَّرَها بِغَيرِ عُذرٍ فَهُوَ آثِمٌ، وَيَجِبُ عَلَيهِ إِخرَاجُهَا، وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ، فَعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا- قَالَ: "فَرَضَ رَسُولُ اللهِ زَكَاةَ الفِطرِ طُهرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعمَةً لِلمَسَاكِينِ، فَمَن أَدَّاهَا قَبلَ الصَّلاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقبُولَةٌ، وَمَن أَدَّاهَا بَعدَ الصَّلاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ".

وَيَجُوزُ أَن تُخرَجَ قَبلَ العِيدِ بِيَومٍ أَو يَومَينِ، وَفي البُخَارِيِّ: كَانَ ابنُ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا- يُعطِيهَا لِلَّذِينَ يَقبَلُونَهَا, وَكَانُوا يُعطَونَ قَبلَ الفِطرِ بِيَومٍ أَو يَومَينِ.

وَمِمَّا شَرَعَهُ اللهُ لَنَا صَلاةُ العِيدِ، شعيرةً عظيمةً من شعائر المسلمين، وقد أُمرنا بأن نخرج إليها جميعا رجالاً ونساءً، كبارًا وصغارًا، ففي حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ -رَضِيَ اللهُ عَنهَا- قَالَت: "أُمِرْنَا أَن نُخرِجَ الحُيَّضَ يَومَ العِيدَينِ وَذَوَاتِ الخُدُورِ، فَيَشهَدْنَ جَمَاعَةَ المُسلِمِينَ وَدَعوَتَهُم، وَتَعتَزِلُ الحُيَّضُ عَن مُصَلاَّهُنَّ".

وَمِمَّا شَرَعَهُ اللهُ لَنَا َالتَّكبِيرُ مِن غُرُوبِ الشَّمسِ لَيلَةَ العِيدِ حَتَّى انقِضَاءِ صلاة العيد تطبيقًا لأمر الله وشكرًا لنعمته، كما قال -سبحانه-: (وَلِتُكمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُم وَلَعَلَّكُم تَشكُرُونَ)[البقرة:185].

ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.

هنا أيضًا: خطبة مشكولة لآخر جمعة في شهر رمضان المبارك
...المزيد

رمضان.. مضى نصف الزمن منذ حوالي ساعة (مضى نصف الزمن) عبارةٌ عادةً ما يقولها المراقبون لامتحانات ...

رمضان.. مضى نصف الزمن
منذ حوالي ساعة
(مضى نصف الزمن) عبارةٌ عادةً ما يقولها المراقبون لامتحانات الطلاب؛ يقولونها في حزم تنبيهاً لهم حتى لا تدركهم الغفلة، عبارة تُقال أيضاً لتدلل على أن الفرصة ما زالت سانحة لتعويض ما فات من وقت دون استثمار أمثل، وجبر التقصير الذي حصل في النصف الأول؛ فالأعمال بالخواتيم، والعبرة بالنهايات.

رمضان.. مضى نصف الزمن
بالأمس القريب كنا نعد العدة لاستقبال شهر رمضان المبارك ونحن نردد: (أهلاً رمضان)، وها هو شطر رمضان قد انصرم في لمح البصر ليتركنا نردد: (مهلاً رمضان!).



إن انقضاء هذه الأيام الفاضلة دون أن يشعر بها أحد يذكرنا بقول الله جل وعلا {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 184]، الذي يذكِّر فيه المسلمين بأن هذه الأيام التي سيحرمون فيها أنفسهم من الطعام والشراب والجماع إنما هي أيام قليلة، و"كل ما يُعَدُّ يُدرَك" كما يقولون، وأيضاً في قول الله جل وعلا {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 184] دليل على أنها أيام سرعان ما تنقضي، ليُهَنَّأ المغتنمون والمستثمرون لها، ويُعزَّى المفرطون والمضيعون لها.



(مضى نصف الزمن) عبارةٌ عادةً ما يقولها المراقبون لامتحانات الطلاب؛ يقولونها في حزم تنبيهاً لهم حتى لا تدركهم الغفلة؛ فيمضي الزمن كله لتجمع أوراق امتحاناتهم دون أن يجيبوا عن الأسئلة، أو على الأقل دون أن يحرزوا من الدرجات ما يضمن لهم النجاح. وهنا يتبين وجه الشبه؛ إذ إن شهر رمضان هو امتحان واختبار، يتبين فيه المتفوقون من الراسبين، والفائزون من الخاسرين، والمجتهدون من المهملين، ويحصل فيه البعض على الجوائز والمنح والعطايا القيمة، بينما يحصل البعض الآخر على رصيد وافر من الذنوب والسيئات؛ لذا قال النبي عليه الصلاة والسلام منبهاً المسلمين، ومحذراً من تضييع الفرصة الثمينة: «وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ» [1].



(مضى نصف الزمن) عبارة تُقال أيضاً لتدلل على أن الفرصة ما زالت سانحة لتعويض ما فات من وقت دون استثمار أمثل، وجبر التقصير الذي حصل في النصف الأول؛ فالأعمال بالخواتيم، والعبرة بالنهايات. قال ابن تيمية رحمه الله: (العبرة بكمال النهايات، لا بنقص البدايات)، وقال الحسن البصري رحمه الله: (أحسن فيما بقي؛ يُغفر لك ما مضى)، وقال بعضهم: (إذا لم تحسن الاستقبال، لعلك تحسن الوداع).



وقد رُوي أن أبا موسى الأشعري رضي الله عنه اجْتَهَدَ قَبْلَ مَوْتِهِ اجْتِهَادًا شَدِيدًا، فَقِيلَ لَهُ: لَوْ أَمْسَكْتَ أَوْ رَفَقْتَ بِنَفْسِكَ بَعْضَ الرِّفْقِ؟ فَقَالَ: (إِنَّ الْخَيْلَ إِذَا أُرْسِلَتْ فَقَارَبَتْ رَأْسَ مُجْرَاهَا، أَخْرَجَتْ جَمِيعَ مَا عِنْدَهَا، وَالَّذِي بَقِيَ مِنْ أَجْلِي أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ)، قَالَ الراوي: فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ)[2].



إنَّ كلَّ أيام رمضان أيام مباركة تُهيأ فيها الأجواء للخير، بفتح أبواب الجنان، حتى لا يُوصد منها باب، وإغلاق أبواب النيران، حتى لا يُفتح منها باب، وتصفيد مردة الشياطين، كما في الحديث: «إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ. وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ»[3]، ولكنّ النصف الثاني من رمضان هو بلا شك أهم وأغلى من النصف الأول؛ إذ فُضِّل عليه بليلة القدر التي تُعد العبادة فيها خيراً من عبادة ألف شهر (83 سنة و4 أشهر)، والمحروم هو من حُرم خيرها، كما أخبر بذلك النبي عيه الصلاة والسلام.



ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة في النصف المتبقي من رمضان، ولا سيما العشر الأواخر منه؛ فقد كان عليه الصلاة والسلام (إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله)[4]، وهذا دليل على كمال الاستعداد النفسي والروحي والبدني لمقبل الأيام الفاضلة؛ أعاننا الله جميعاً على اغتنامها، وتقبلها منا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.



وصلى الله وسلم وباركَ وأنعم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.



[1] رواه الترمذي (3545)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي.

[2] سير أعلام النبلاء (2 /393).

[3] رواه الترمذي (682)، صحيح الجامع (759).

[4] متفق عليه
أي رمضان رمضانك؟!
محمد بن إبراهيم السبر
أهلا بشهر رمضان
اغتنم فرصتك في رمضان
...المزيد

من آيات تعذيب الله لأمم الكفر بيننا قد أبقى الله تعالى بحكمته من بقايا ملكهم ما فيه معتبر لأولى ...

من آيات تعذيب الله لأمم الكفر بيننا

قد أبقى الله تعالى بحكمته من بقايا ملكهم ما فيه معتبر لأولى الألباب، فتلك بيوتهم خاوية وقد غدت أثرًا بعد عين وأطلالا لا حياة فيها ولا حراك، كما قال تعالى: { أَوَلَمۡ یَهۡدِ لَهُمۡ كَمۡ أَهۡلَكۡنَا مِن قَبۡلِهِم مِّنَ ٱلۡقُرُونِ یَمۡشُونَ فِی مَسَـٰكِنِهِمۡۚ إِنَّ فِی ذَ ٰ⁠لِكَ لَـَٔایَـٰتٍۚ أَفَلَا یَسۡمَعُونَ }، قال ابن كثير: "أي: وهؤلاء المكذبون يمشون في مساكن أولئك المكذبين، فلا يرون فيها أحدًا ممن كان يسكنها ويعمرها، ذهبوا منها، ( كأن لم يغنوا فيها ) كما قال: ( فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا).. ولهذا قال هاهنا: ( إن في ذلك لآيات ) أي: إن في ذهاب أولئك القوم ودمارهم وما حلّ بهم.. لآيات وعبر ومواعظ ودلائل متظاهرة".

[ إفتتاحية النبأ - بين الهداية والعلم - العدد: 441 ]
...المزيد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته رسال ارسلها الى علماء المسلمين ان يتقو الله وان يتكلمو الحق ولا ...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رسال ارسلها الى علماء المسلمين ان يتقو الله وان يتكلمو الحق ولا يسكتون على حكام الطواغيت وعلى ان ياثرو لنصرت السلام والمسلمين ولانصرت المجاهدين ويحكم يا علماء الأمة ما خرجة مسلم لقتال الطواغيت ونصرت المسلمين ورفع لااله الا الله وتحكيم بشريعت الله الا وخذلتموه وقفتم عنه إرهابي او تصفونهم بلخوارج ويحكم الا تخافون من الله والله انكم تخافون من حكام الطواغيت اكثر من خوفكم من الله ووالله انتم لا تغارون على عراض المسلمون اليوم ليس اليوم في كل يو اعراض المسلمين تونتهك ونتم ساكتون ألم ترون حال المسلمون في بلاد الشام والعراق واليمن وفي فلسطين ريحه قلوبكم حسبي الله ونعم الوكيل حسبي الله ونعم الوكيل حسبي الله ونعم الوكيل ما كنت أحسبني أحيا إلى زمن به
يؤذي النسا فيه معتوهون من قسدِ

وكلما أوذيت في الهول طاهرة
وددت أني أموت اليوم قبل غدِ

تلك التي لا يسليها سوى أثر
أن الهنا ليس بالدنيا بل الخلدِ

ولا يخلصها بطش العدو سوى
شهر الصيام إذ الجلاد في صفدِ

صبرا حفيدة أم المؤمنين فلا
عشنا إذا عاش جلادوك في رغدِ

لنثأرن وإن طال الزمان بنا
هذا وأجرك عند الواحد الصمدِ
...المزيد

عَقِيدَةُ السَّلَفِ • (بابٌ جامِعٌ مِن أحادِيثِ الصِّفاتِ رَواها الأئِمَّةُ، والشُّيُوخُ ...

عَقِيدَةُ السَّلَفِ

• (بابٌ جامِعٌ مِن أحادِيثِ الصِّفاتِ رَواها الأئِمَّةُ، والشُّيُوخُ الثِّقاتُ، الإيمانُ بِها مِن تَمامِ السُّنَّةِ، وكَمالِ الدِّيانَةِ، لا يُنْكِرُها إلّا جَهْمِيٌّ خَبِيثٌ)

- عن أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قال: «اخْتَصَمَت الجَنَّةُ وَالنَّار فَذَكَرَ الحَدِيثَ فَتَقُولُ النَّارِ: هَلْ مِن مَزِيدٍ حَتَّى يَضَعَ تَعالى قَدَمَهُ عَلَيْها فَهُنالِكَ تَمِيلُ، وَيَنْزَوِيَ بَعْضُها إلى بَعْضٍ، وَتَقُولُ: قَطٍ قَطٍ ثَلاثًا». [رواه أحمد والبخاري ومسلم]

- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ الله ﷺ قَالَ: «لا يُوَطِّنُ رَجُلُّ المَسَاجِدَ لِلصَّلاةِ والذِّكْرِ إِلَّا تَبَشِّبَشَ الله به حَتَّى يَخْرُجَ كَما يَتَبَشْبَشُ أهْلُ الغائب بغائبِهِمْ إِذَا قَدم عَلَيْهِمْ». [رواه أحمد وابن ماجه وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم]

- عن أبي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ الله ﷺ قال فيما يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ: «الكَبْرِياءُ رِدائي، والعَظَمَةُ إزارِي، فَمَن نازَعَني واحدًا مِنهُما قَذَفْتُهُ فِي النَّارَ». [رواه أحمد ومسلم]

- عَنْ أبي هُرَيْرَةَ، قالَ: قالَ رَسُولُ الله ﷺ: «أنا عِنْدَ ظَنّ عَبْدِي بِي، وَأَنا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسه ذكَرْتُهُ فِي نَفْسي، وإِنْ ذَكَرَنِي فَي مَلَأ ذكَرْتُهُ فِي مَلَأ خَيْرٍ مَنهُمْ، وَإِنِ اقْتَرَبَ إِلَيَّ شَبْرًا اقْتَرَبْتُ إِلَيْه ذِراعا، وإن اقْتَرَبَ إِلَيَّ ذِراعًا اقْتَرَبْتُ إِلَيْهَ باعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً». [رواه البخاري ومسلم]

- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قالَ رَسُولُ الله ﷺ: «الرَّحِمُ شُجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ تَعَلَّقَتْ بِمَنكِبَي الرَّحْمَنِ، قَالَ لَها: مَن وَصَلَك وصَلْتُهُ، ومَن قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ».[رواه أحمد والبخاري والترمذي]

- عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ تلا هذه الآيَةَ: {فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا}، قَالَ: هَكَذا بِأَصْبُعَهُ، وَوَضَعَ النَّبِيُّ ﷺ الإِبهَامَ عَلى المِفْصَلِ الأعْلَى مِنَ الخِنْصَرِ فَسَاخَ الجَبَلُ». [رواه أحمد والترمذي وعبد الله بن أحمد]

- عَنْ أَبِي سَعِيدِ الخُدْرِيِّ، قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله ﷺ يَقُولُ: «يَكْشِفُ رَبُّنَا عَنْ سَاقَيْهِ فَلا يَبْقى مَنَ سَجَدَ لله في الدُّنْيا من تلقاء نَفْسه إلّا أذنَ لَهُ فِي السُّجُودِ، وَلا يَبْقَى مَنَ سَجَدَ لَهُ اتِّقَاءً، وَرِياءً إِلَّا جَعَلَ ظَهْرَهُ طَبَقَةً واحِدَةً، كُلَّمَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ خَرَّ عَلَى قَفَاهُ». [رواه البخاري ومسلم]

قال الشيخ ابن بطة رحمه الله: صَحَّتْ عَنْ رَسُول الله ﷺ التَّحْذِيرُ مِن فِتْنَةِ طَوائِفَ معتزلة، وخوارج يَجْحَدُونَهَا، وَيُكَذِّبُونَ بِها.

• [مختصر من كتاب الإبانة الكبرى]
...المزيد

فَضَائِلُ الصَّحَابَة • عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ رَضِيَ ...

فَضَائِلُ الصَّحَابَة

• عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ بَعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: «عَائِشَةُ»، فَقُلْتُ: مِنَ الرِّجَالِ، فَقَالَ: «أَبُوهَا»، قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ». فَعَدَّ رِجَالًا.*


أخرجه أحمد والبخاري ومسلم والترمذي
...المزيد

رفع أعمال العباد إلى الله دلَّت نصوصُ السنة الصحيحة أن هنالك رفع يومي للأعمال، ورفع أسبوعي، ورفع ...

رفع أعمال العباد إلى الله
دلَّت نصوصُ السنة الصحيحة أن هنالك رفع يومي للأعمال، ورفع أسبوعي، ورفع سنوي، ثم الرفع الختامي، تُرفَع عن كل عبدٍ من عباد الله إلى ربه تبارك وتعالى.
و في الحديث القدسي: يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه [رواه مسلم: 6737].
وقد وكل الله بنا ملائكة يكتبون أعمالنا، فقال لنا: “وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ “الانفطار: 10 – 12.
وقال تعالى: إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ اليمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيد مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق: 17-18] رقيب عتيد هو وصف لكل ملك وليس اسم لهما، ومعنى رَقِيبٌ لا يفوته شيء من كتابة أعمال العباد! وعَتِيدٌ يعني حاضر لا يغيب ولا لحظة،
كيفية إحصاء الملائكة للأعمال
وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فضل الله وكرمه: أن العبد إذا هم بحسنة فعملها تكتب له عشر حسنات، إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة، وإن هم بها ولم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وبالعكس السيئة: فإن العبد إذا هم بها فعملها كتبت عليه سيئة واحدة، وإن هم بها ولم يعملها كتب له حسنة كاملة.
ومصداق هذا ما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما: عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل قال: (قال الله: إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة) رواه البخاري ومسلم.
أولاً: الرفع اليومي:
أما دليله فما جاء في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: “قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات، فقال: (إن الله عز وجل لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يَخفِض القسط ويَرْفَعه، يُرفَع إليه عملُ الليل قبل النهار، وعملُ النهار قبل الليل…) [رواه مسلم].
قال النووي رحمه الله: الْمَلائِكَة الْحَفَظَة يَصْعَدُونَ بِأَعْمَالِ اللَّيْل بَعْد اِنْقِضَائِهِ فِي أَوَّل النَّهَار، وَيَصْعَدُونَ بِأَعْمَالِ النَّهَار بَعْد اِنْقِضَائِهِ فِي أَوَّل اللَّيْل.
ومعنى (يَخفِض القسط ويَرْفَعه) القسط الميزان، وسمى قسطا لأن القسط العدل، وبالميزان يقع العدل. قال: والمراد أن الله تعالى يخفض الميزان ويرفعه بما يوزن من أعمال العباد المرتفعة ويوزن من أرزاقهم النازلة. وهذا تمثيل لما يقدر تنزيله، فشبه بوزن الميزان. وقيل: المراد بالقسط الرزق الذى هو قسط كل مخلوق، يخفضه فيقتره، ويرفعه فيوسعه.
وروى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاةِ الْفَجْرِ وَصَلاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ). فالملائكة تصعد إلى الله بأعمال العباد مرة في الليل، ومرة في النهار، فيا حظه من كان عمله الصاعد صالحًا! ويا بؤسه من كان عمله الصاعد سيئًا!
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:” فيه: أَنَّ الأَعْمَال تُرْفَع آخِرَ النَّهَار، فَمَنْ كَانَ حِينَئِذٍ فِي طَاعَة بُورِكَ فِي رِزْقه وَفِي عَمَله، وَاَللَّه أَعْلَم، وَيَتَرَتَّب عَلَيْهِ حِكْمَة الأَمْر بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِمَا وَالاهْتِمَام بِهِمَا يعني صلاتي الصبح والعصر).
ففي هذين الوقتين تُرفَع التقارير اليومية آخرَ كل يوم وليلة، فعملُ النهار يُرفَع في آخره، وعملُ الليل يُرفَع في آخره… وهكذا، وهذا الرفع يُطلَق عليه الرفع الخاص؛ أي: خاص بعمل الأيام والليالي.
ثانياً: الرفع الأسبوعي:
كل اثنين وخميس؛ كما جاء في حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “تعرض أعمال الناس في كل جمعة يعني في كل أسبوع قال: مرتين، يوم الاثنين ويوم الخميس، فيغفر لكل عبد مؤمن، إلا عبدًا بينه وبين أخيه شحناء، فيقول: اتركوا هذين حتى يفيئا “رواه مسلم ، ويفيئا يعني يتراجعا ويتصالحا وفي سنن الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( تُعْرَضُ الأَعْمَالُ يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ ؛ فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ ) صححه الألباني .
ثالثاً: الرفع السنوي في شعبان:
كما جاء في حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه وفيه: (ذلك شهرٌ يَغفُل الناس عنه بين رجبٍ ورمضانَ، وهو شهرٌ تُرفَع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأُحِبُّ أن يُرفَع عملي وأنا صائم) رواه النسائي، وحسَّنه الألباني.
وهذا الرفع يشمل رفع جميع أعمال السنة.
قال ابن القيم رحمه الله:” عمل العام يرفع في شعبان؛ كما أخبر به الصادق المصدوق ويعرض عمل الأسبوع يوم الاثنين والخميس، وعمل اليوم يرفع في آخره قبل الليل، وعمل الليل في آخره قبل النهار، فهذا الرفع في اليوم والليلة أخص من الرفع في العام، وإذا انقضى الأجل رفع عمل العمر كله وطويت صحيفة العمل”
حاشية سنن أبي داود.
وفائدة التقسيم السابق لرفع الأعمال أن نجتهد أكثر في هذه الأوقات ونملأها بالطاعات كي يرفع عملنا ونحن في صيام أو ذكر أو استغفار.
وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن سبب صومه يومي الإثنين والخميس فقال: ذانِكَ يومانِ تُعرَضُ فيهما الأَعمالُ على ربِّ العالمينَ، فأحبُّ أن يُعرَضَ عمَلي وأَنا صائمٌ. [صحيح النسائي].
فاجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتصر على صوم شعبان وحسب؛ بل كان يصوم الإثنين والخميس.
وكذلك كان يرغّب بأذكار الصباح والمساء ويحث على صلاتي العصر والفجر حيث تجتمع الملائكة قبل الصعود بأعمال العباد.
والآن بعد معرفة أوقات رفع الأعمال فأوصيك أخي وأوصي نفسي بهذه الكلمات:
• احرص أن تقدم العمل الطيب فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا
• اقرن عملك بالإخلاص فأعمالك بدونه تكون هباء منثورًا و لن تجني منها سوى التعب.
• ليكن لك خبيئة لا تراها الأعين ولا تسمعها الآذان ولا تلتقطها العدسات.
• احذر الشحناء فإنها تمنع قبول الأعمال ففي الحديث:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلا رَجُلا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا). [صحيح مسلم]
• داوم على الأعمال الصالحة ولو كانت قليلة ليُكتب لك أجرها ولعل الله يختم لك عليها.
• أكثر من الدعاء أن يتقبل الله منك وأكثر من الاستغفار.
قال بكر المزني رحمه الله: «إنَّ أعمال بني آدم ترفع، فإذا رفعت صحيفة فيها استغفار رُفعت بيضاء، وإذا رفعت صحيفة ليس فيها استغفار رفعت سوداء. اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا وتقبل طاعاتنا.
رابعاً: الرفع الختامي:
ويكون عند انقضاء الأَجَل، وانتقال الروح إلى باريها، فحينئذٍ تطوى صحيفة عمله، ويُختَم عليها، ثم ترفع إلى ملك الملوك تبارك وتعالى نسأل الله أن يحسن خاتمتنا.
وهذه التقارير ليستْ كتقاريرِ البشر، بل هي تقارير تختلف عنها في أمور عدة، منها:
1- أن كتَّاب هذه التقارير مهرة في الكتابة والإحصاء، فيكتبون القول والفعل والزمان والمكان؛ قال تعالى: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [ق: 18].
وقال: ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾ [الكهف: 49].
وقال: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾ [الأنبياء: 47].
2- أن كَتبَة هذه التقارير أُمناء، فلا يحابون ولا يجاملون؛ ﴿كِرَامًا كَاتِبِينَ *يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [الانفطار: 11- 12]، ﴿مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [التحريم: 6].
3- أن هذه التقارير تكتب في سجلات كبيرة، ثم تنشر يوم البعث والنشور: ﴿وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ﴾ [التكوير: 10]، ﴿وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا﴾ [الإسراء: 13- 14].
وقد جاء في حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله سيخلص رجلاً من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فينشر عليه تسعة وتسعين سجلاًّ، كل سجل مثل مد البصر، …..) رواه الترمذي، وحسَّنه الألباني
4- أن الذي يطلع على هذه التقارير ليس رئيس مؤسسة، ولا وزيرًا، ولا رئيسًا، ولا ملِكًا؛ إنما هو مَلِك الملوك جل في علاه: ﴿وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا﴾ [الكهف: 48].
وقد جاء في حديث ابن عمر قال: سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (يُدنَى المؤمن من ربه وقال هشام: يَدنُو المؤمن حتى يضع عليه كَنَفه، فيقرره بذنوبه، تَعرِف ذنب كذا؟ يقول: أعرف، يقول: ربِّ أعرف مرتين، فيقول: سترتُها في الدنيا، وأغفرها لكَ اليوم، ثم تُطوَى صحيفةُ حسناتِه، وأما الآخرون أو الكفار فينادى على رؤوس الأشهاد: ﴿هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ [هود: 18]) رواه البخاري ومسلم
حسين عامر موقع الراشدون
ويتوب الله على من تاب
ومع أن هذه التقارير تُكتَب وتُرفع إلى رب العباد، إلا أنه تبارك وتعالى توَّاب يحب التوَّابين؛ ولذلك فقد جعل للتوبة بابًا مفتوحًا إلى أن تطلع الشمس من مغربِها؛ كما جاء في حديثٍ عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله عز وجل يَبسُط يده بالليل؛ ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها)؛ رواه مسلم، وهذا من كرمه عز وجل أنه يقبل التوبة حتى وإن تأخَّرت، فإذا أذنب الإنسان ذنبًا في النهار، فإن الله تعالى يقبل توبته ولو تاب في الليل، وإذا أذنب وتاب في النهار، فإن الله تعالى يقبل توبته، بل إنه تعالى يبسط يده حتى يتلقى هذه التوبة التي تصدر من عبده المؤمن.
فإذا تاب العباد توبة صادقة، تاب الله عليهم، وبدَّل السيئات حسنات، كما أخبر بذلك في قوله: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [الفرقان: 70].
فاللهم اجعلنا من التائبين الذين بُدِّلت سيئاتهم حسنات، يا رب العالمين!
الحكمة من توالي عرض الأعمال على الله: يوميا فأسبوعيا فسنويا.
عرض الأعمال على ثلاثة أنواع:
1- عرض يومي. 2-عرض أسبوعي. 3-عرض سنوي (الذي هو بشعبان).
رفع الأعمال وعرضها على الله تعالى يوميا وأسبوعيا وسنويا دلت عليه السنة الصحيحة وكلام أهل العلم.
والحكمة من عرض الأعمال على الله تعالى، كل يوم، ثم كل أسبوع، ثم كل سنة ، على ما ثبت في السنة : هذا يقال فيه : الله أعلم بحكمته في ذلك ، فهو لم يبينها لنا ، ولم يبينها لنا رسوله صلى الله عليه وسلم.
جاء في "العقيدة الطحاوية، وشرحها" (1/231): " قَوْلُهُ: ( وَلَا تَثْبُتُ قَدَمُ الْإِسْلَامِ إِلَّا عَلَى ظَهْرِ التَّسْلِيمِ وَالْاسْتِسْلَامِ ) ش: هَذَا مِنْ بَابِ الْاسْتِعَارَةِ ، إِذِ الْقَدَمُ الْحِسِّيُّ لَا تَثْبُتُ إِلَّا عَلَى ظَهْرِ شَيْءٍ ، أَيْ لَا يَثْبُتُ إِسْلَامُ مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ لِنُصُوصِ الْوَحْيَيْنِ ، وَيَنْقَادُ إِلَيْهَا ، وَلَا يَعْتَرِضُ عَلَيْهَا وَلَا يُعَارِضُهَا بِرَأْيِهِ وَمَعْقُولِهِ وَقِيَاسِهِ ، رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنِ الْإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَالَ: مِنَ اللَّهِ الرِّسَالَةُ، وَمِنَ الرَّسُولِ الْبَلَاغُ، وَعَلَيْنَا التَّسْلِيمُ. وَهَذَا كَلَامٌ جَامِعٌ نَافِعٌ".
ويقول الإمام أبو المظفر السمعاني رحمه الله: " واعلم أن الخطة الفاصلة بيننا وبين كل مخالف : أننا نجعل أصل مذهبنا الكتاب والسنة ، ونستخرج ما نستخرج منهما ، ونبنى ما سواهما عليهما ، ولا نرى لأنفسنا التسلط على أصول الشرع حتى نقيمها على ما يوافق رأينا وخواطرنا وهواجسنا ؛ بل نطلب المعاني : فإن وجدناها على موافقة الأصول من الكتاب والسنة ، أخذنا بذلك ، وحمدنا الله تعالى على ذلك ، وإن زاغ بنا زائغُ ضعْفِنا عن سواء صراط السنة ، ورأينا أنفسنا قد ركبت البُنَيّات وتركت الجُدُد ، اتهمنا آراءنا ، فرجعنا باللائمة على نفوسنا ، واعترفنا بالعجز ، وأمسكنا عنان العقل ، لئلا يتورط بنا في المهالك والمهاوي ، ولا يعرضنا للمعاطب والمتالف ، وسلمنا للكتاب والسنة ، وأعطينا المقادة ، وطلبنا السلامة ، وعرفنا أن قول سلفنا حق : أن الإسلام قنطرة لا تعبر إلا بالتسليم" .
" قواطع الأدلة في أصول الفقه " (2/411).
...المزيد

‏عَنْ عائشة أم المؤمنين رضيَ اللَّهُ عَنّها ،قالت: قال رَسُولَ اللَّهِ ﷺ: "مَن أَحْدَثَ في ...

‏عَنْ عائشة أم المؤمنين رضيَ اللَّهُ عَنّها ،قالت:

قال رَسُولَ اللَّهِ ﷺ:

"مَن أَحْدَثَ في أَمْرِنَا هذا ما ليسَ فِيهِ، فَهو رَدٌّ".

[صحيح البخاري:٢٦٩٧]
يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
15 ربيع الآخر 1446
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً