الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 81 حوار: أمير هيئة النقد: ندعو المسلمين إلى نبذ النقود ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 81
حوار:

أمير هيئة النقد:
ندعو المسلمين إلى نبذ النقود الورقية والتعامل فقط بالنقود الإسلامية

مبيِّناً سبب إصرار الدولة الإسلامية على إتمام مشروع النقود الإسلامية رغم الصعوبات الكبيرة.
وشارحاً خطورة استمرار تعامل الناس بالعملات الورقية.

وموضحاً فائدة استخدام النقود الإسلامية في الادخار والتداول.

1/5
• إلى أين وصل مشروع النقود الإسلامية؟ وكيف تقيّمون ما تحقق في ظل هذه الحرب الشرسة بين الدولة الإسلامية وملل الكفر المختلفة؟

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا.
اللهم نسألك الإخلاص في القول والعمل.

أما بعد:
فإن الدولة الإسلامية لا تزال ماضية في إتمام كل ما بدأته لتحكيم شرع الله، وإقامة دينه فيما تحت يديها من أرض، لا تبالي بكل ما جمعه المشركون وحشدوه لصدّها عن ذلك، بل إن جنودها -وبفضل الله- يتقربون إليه سبحانه، ويستنزلون نصره لهم على أعدائهم بطاعته، وفعل كل ما يحبه ويرضاه من الأقوال والأفعال.

ولا يزال إخواننا في دواوين الدولة الإسلامية كافة يسعون جاهدين لحفظ ما وكِّلوا به من أبواب إقامة الدين، دعوة إلى الله، وإقامة للصلاة، وإيتاء للزكاة، وأمراً بالمعروف، ونهياً عن المنكر، وجهاداً في سبيل الله، وقضاءً لحوائج المسلمين، ولم يتخلف المجاهدون العاملون في هيئة النقد عن أداء واجبهم العظيم في أن يحفظوا الله فيما استُحفظوا عليه من الأمانات، وأن يطيعوا ولاة أمورهم فيما ولُّوا من الواجبات.

ولذلك استمر العمل على إنجاز مشروع النقود الإسلامية منذ جاء الأمر بذلك من أمير المؤمنين حفظه الله، وحرص الإخوة على ألَّا يتوقف المشروع، رغم العقبات الكثيرة التي وضعها المشركون في وجهه، حتى تمكنَّا -بفضل الله ومَنِّه- من الوصول إلى أهم مراحل هذا المشروع، وهي طرح الأصناف الثلاث (الذهبية، والفضية، والنحاسية) في الأسواق، وفتح التداول بها بين المسلمين.

ونسأل الله أن نكون قد وفَّينا بوعد ولاة أمورنا، وأكملنا ما بدأه إخواننا الذين بذلوا دماءهم لإنجاز هذا المشروع، نسأل الله أن يتقبلهم، وأن يعيننا على إكماله حتى نطهِّر الأرض من النقود ذات الأصول الربوية الخبيثة التي ملأت العالم، وابتلي بها الناس أيَّما بلاء.

• ما هو سبب الإصرار على إنجاز هذا المشروع رغم ما ذكرته من عوائق وُضعت أمامه، وحرب استهدفت إيقافه؟

الجانب الشرعي هو الأساس في كل مشاريع الدولة الإسلامية، ومنها مشروع النقود الإسلامية، إذ إن لهذا المشروع ضرورات شرعية متعددة، أولها إيجاد البديل الذي يخلِّص الناس مما ابتلاهم به أعداء الله من الأموال ذات الأصول الربوية الخبيثة التي ألزموهم التعامل بها، وسلبوا بواسطتها أموالهم الحقيقية، من ذهب، وفضة، وعقارات، وأنعام، وغيرها.

وكذلك فإن بعض أحكام الشريعة الإسلامية تتعلق بالنقدين الذهب والفضة، من زكاة، وديات، وجزية، وحدود، وسواها، وتوفيرهما بأيدي الناس ضروري لأدائها على الوجه الصحيح.

بالإضافة إلى ذلك، فإن حفظ أموال المسلمين من واجبات الإمام، ومن صور هذا الحفظ تخليصهم من النقود الورقية فاقدة القيمة التي بأيديهم، واستبدال الأموال الحقيقية سهلة التداول والادخار، كنقود الذهب والفضة بها.

إذ أقر النبي -صلى الله عليه وسلم- ما كان في عصره منها رغم أنها كانت من نقود مشركي الفرس والروم وعليها إشاراتهم، إلى أن سكَّ المسلمون نقودهم الخاصة بهم، واستمر العمل بها بين المسلمين قروناً طويلة، بل لم تفش الأوراق النقدية في أمم الشرك كلها أيضاً إلا في القرون الأخيرة، ثم ألزموا الناس التعامل بها، بعد أن وجد الطواغيت فيها وسيلة سهلة لسرقة أموالهم، وخداعهم بالأوهام التي رسموها عليها.



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 81
الخميس 22 شعبان 1438 ه‍ـ

لقراءة الحوار كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 81 الافتتاحية: إن كان في الحراسة كان في الحراسة وإن كان في ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 81
الافتتاحية:

إن كان في الحراسة كان في الحراسة وإن كان في الساقة كان في الساقة

إن للحرب وجوها عديدة، وللمعارك أهدافا شتى، والمجاهد الحق هو من قابلها بوجوهها المتغيرة، وعمل على تحقيق الهدف من كل معركة يخوضها في سبيل الله.

فإن كان في اقتحام موقع من مواقع العدو فلا يوقفه حائل دون السيطرة عليه، وتمكين جيش المسلمين منه، بإذن الله، فتجده مقتحما تحت وابل الرصاص المنهمر عليه ليدخل على أعدائه في مكامنهم، فيبيدهم داخلها، أو يدفعهم إلى الفرار منها، غير مبالٍ بالجراح، ولا متهيبا من القتل، بل يسعى أن يكون من أفضل الشهداء الذين ذُكروا في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الذين إن يُلقوا في الصف، لا يلفتون وجوههم حتى يُقتلوا، أولئك يتلبطون في الغرف العلى من الجنة، ويضحك إليهم ربك، وإذا ضحك ربك إلى عبد في الدنيا فلا حساب عليه) [رواه أحمد]، وليس أمام ناظريه غير أن يحقق الهدف الذي خرجت لأجله هذه الغازية، وأخشى ما يخشاه أن تفشل الغزوة بسبب إحجامه، أو يفشل إخوانه بسبب معصيته.

وإن أمَّنه إخوانه على ثغر من ثغور المسلمين، غرس أقدامه في الأرض، وربط قلبه بحبل الإيمان والتقوى، وخوَّفها عقوبة الفرار من الزحف، وأرهبها من غضب الله -تعالى- على من يولي الدبر، واضعا نصب عينيه قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ * وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [الأنفال: 15]، فلا يرضى أن يخون الأمانة التي استُودعها، ولا يتنازل عن شبر من أرض هو يعلم يقينا أن إخوانه بذلوا دماءهم وأشلاءهم لضمها إلى دار الإسلام، وإخراجها من سلطان المشركين.

وإن كلَّفه أمراؤه بتأخير تقدم العدو ريثما يتسنى لهم تحصين خطوط الدفاع من ورائه، أو إعداد العدة للكرَّة عليهم، أو تعطيل حملتهم بإعظام النكاية فيهم، وتكبيدهم أكبر قدر من الخسائر في العدد والعدة فيعجزوا عن إكمالها، فإنه يستبسل في تحقيق ما كُلِّف به، ويرجو من الله رفقة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الجنة برد المشركين عن المسلمين ما وسعه ذلك، كما منَّ الله على النفر من الأنصار الذي فدوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن معه بأرواحهم، كما في حديث أنس، رضي الله عنه: (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أُفرد يوم أُحُد في سبعة من الأنصار ورجلين من قريش، فلما رهقوه قال: من يردُّهم عنا وله الجنة، أو هو رفيقي في الجنة، فتقدَّم رجل من الأنصار فقاتل حتى قُتل، ثم رهقوه أيضا فقال: من يردُّهم عنا وله الجنة، أو هو رفيقي في الجنة، فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قُتل، فلم يزل كذلك حتى قُتل السبعة) [رواه مسلم].

وإن استنصره المسلمون لتخذيل المشركين عنهم، وإشغالهم بحماية ظهورهم، لم يدَّخر وسعا في ذلك، وبذل كل ما بيده للنكاية في أعدائهم، والسعي لجرِّهم إلى ساحات قتال جديدة، وتشتيت حشودهم التي حشدوها على المسلمين، ولم يضع يدا على خدٍّ، يراقب أعداء الله وهم يستفردون بإخوانه، حتى إذا ما انتهوا منهم عادوا إليه، وهو يؤمن يقيناً بقوله عليه الصلاة والسلام: (ترى المؤمنين في تراحمهم، وتوادِّهم، وتعاطفهم، كمثل الجسد إذا اشتكى عضوا، تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى) [رواه البخاري].

فالمجاهد في سبيل الله حقا يقاتل أعداء الله على أي حال، ويثبت في كل موقف من مواقف النزال، لا يبحث عن شهرة، ولا يلتفت لجاه ولا منصب، بل همُّه أن يناله حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه، مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يُشَفَّع) [رواه البخاري]، وعلى هذا يمضي حتى ينال شهادة في سبيل الله، أو يفتح الله بينه وبين القوم الكافرين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 81
الخميس 22 شعبان 1438 ه‍ـ

للمزيد من المواد.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

مِنْ خَوَارِمِ الْحَيَاءِ لَدَى النِّسَاءِ الحياء واحد من مكارم الأخلاق وأحسنها، وهو شعبة من ...

مِنْ خَوَارِمِ الْحَيَاءِ لَدَى النِّسَاءِ

الحياء واحد من مكارم الأخلاق وأحسنها، وهو شعبة من شعب الإيمان، ما تزيَّا به امرؤ إلا زانه، وما تركه إلا شانه، وهو حلية المؤمنين وتاج الصالحين، وهو من فضائل الأنبياء والمرسلين، فهذا نبيُّنا خير الخلق -صلى الله عليه وسلم- كان أشد حياءً من العذراء في خدرها، وصاحبه عثمان -رضي الله عنه- ثالث الخلفاء الراشدين كان رجلا حيِيَّا تستحي منه الملائكة؛ قال الخطابي في معالم السُّنن: "... وأنه ما من نبي إلا وقد ندب إلى الحياء، وحثَّ عليه، وأنه لم يُنسخ فيما نسخ من شرائعهم، ولم يبدل فيما بدل منها، وذلك أنه أمر قد عُلِم صوابُه، وبان فضله، واتفقت العقول على حسنه، وما كان هذا صفته، لم يجز عليه النسخ والتبديل".

بل وأعظم من ذلك كلِّه فالحياء صفة من صفات الله عز وجل، فقد جاء في الحديث الشريف: (إن الله حَييٌّ ستِّير، فإذا أراد أحدُكم أن يغتسل فليتوارى بشيء) [أخرجه أحمد].

والحياء وإن كان في حق الرجل مطلوبا، فهو في حق المرأة آكد، بل هو رأس مال الصالحات وزينة العفيفات، غير أن بعض النساء -أصلحهن الله- قد يخرِمن حياءهن ببعض التصرفات أو الحركات بقصد أو دون قصد، وهذي جملة من الخوارم التي قد تأتيها المسلمة ولا تُلقي لها بالاً، فتخرق بها ثوب حيائها، وإذا ما اتسع الخرق في ثوب، بلي واهترأ، وصَعب حينها على الراقع المخيط.

أولاً: تذكري أختي المسلمة -وفقك الله لما يحبه ويرضاه- أن (المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان) [رواه الترمذي]، والعورة كل ما يُستحيا منه، وللخروج من البيت آداب وأحكام سبق الخوض فيها، فاعلمي -يرحمك الله- أن إمساكَك بيد زوجك أو تأبُّطَك لمرفقه في الشارع من خوارم الحياء، وإن قلت هو زوجي وحليلي، قلنا لك هو كذلك ولكن في بيتك لا أمام الناس، وبعض الصالحات تستحي والله من أن تمسك بيد زوجها أمام أمها أو أحد محارمها، فكيف أمام الناس وفي الطرقات؟!

ثانيا: إن الحَيِيَّة إذا مشت في الشارع بدا عليها الوقار والرصانة، ولها جَنبات الطريق لا وسطه كي تجتنب الرجال ما استطاعت إلى ذلك سبيلا، فاعلمي -أرشدك الله- أن كثرة الالتفات يمنة ويسرة وإلى الخلف دون داع من خوارم الحياء.

ثالثا: بعض المسلمات لا يتورعن عن الجلوس أمام بعض البنايات في الأسواق طلبا للراحة وما علمن -غفر الله لهن- أن هذا من خوارم الحياء، إذ كيف ترضى التقية لنفسها المكوث في أبغض البقاع إلى ربنا -تبارك وتعالى- وعلى مرأى من الرجال الأجانب؟ وإن كان النبي -صلى الله عليه وسلم- كره للرجال الجلوس في الطرقات فذلك في حق النساء آكد، فكيف بطرقات السوق حيث ينصب الشيطان رايته؟!

رابعا: تجاذُبك يا مسلمة أطراف الحديث مع مرافقتك، ورفع الصوت وبعض الضحكات بين المارة وفي الأسواق والطرقات من خوارم الحياء.

خامسا: مجادلة الباعة والإكثار من الحديث معهم حول البضاعة؛ سعرِها ونوعِها وما إلى ذلك من خوارم الحياء.

سادسا: إن الأكل والشرب من الطيبات التي أحلها الله تعالى لعباده، غير أن الطرقات لم تُجعل لهذا، وقد عدَّ سلفنا الصالح ذلك من خوارم مروءة الرجال، فماذا لو بلغهم أن بعض نساء زماننا هذا لا يتورعن عن فعل ذلك؟ فتذكري يا مسلمة أن أكل المثلجات -مثلًا- وإن كان من تحت النقاب وداخل المحلات من خوارم الحياء.

سابعا: بعض المسلمات -هداهن الله- وبمجرد دخولها البناية التي فيها الشقة المنشودة -سواء كانت بيوتهن أو بيوت قريباتهن أو صديقاتهن- لا يرين بأسا من رفع أصواتهن إما بالكلام أو الضحك، متناسيات إمكانية وجود رجال أجانب في باقي الشقق يسمعون أصواتهن وضحكاتهن وهذا يا أختنا من خوارم الحياء.

ثامنا: أحيانا وفي بعض المجالس نجد من النساء من تكثر الحديث عن زوجها وتطنب في وصفه دون موجب لذلك، بل لا ضير عندها من فتح ملف صوره على هاتفها لتريها صويحباتها والله المستعان، وهذا أيضا من خوارم الحياء فاحذري.

تاسعا: معلوم أن إفشاء ما يحدث بين الرجل وزوجته محرَّم شرعا، ولكن بعض النساء -وإن كانت لا تتحدث عن نفسها- إلا أنها لا تتورع عن المزاح في هذا الباب فتذكر أمورا تستحي من مجرد التلميح إليها كل ذات دين، وهذا يا مسلمة من خوارم الحياء.

يعيش المرء ما استحيا بخير
ويبقى العود ما بقي اللحاء
فلا والله ما في العيش خير
ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
إذا لم تخشَ عاقبة الليالي
ولم تستحيِ فافعل ما تشاء

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلِّ اللهم وسلم على سيد الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.



• المصدر: صحيفة النبأ - العدد 80
الخميس 15 شعبان 1438 ه‍ـ

للمزيد من المواد.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 81 الافتتاحية: إن كان في الحراسة كان في الحراسة وإن كان في ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 81
الافتتاحية:

إن كان في الحراسة كان في الحراسة وإن كان في الساقة كان في الساقة

إن للحرب وجوها عديدة، وللمعارك أهدافا شتى، والمجاهد الحق هو من قابلها بوجوهها المتغيرة، وعمل على تحقيق الهدف من كل معركة يخوضها في سبيل الله.

فإن كان في اقتحام موقع من مواقع العدو فلا يوقفه حائل دون السيطرة عليه، وتمكين جيش المسلمين منه، بإذن الله، فتجده مقتحما تحت وابل الرصاص المنهمر عليه ليدخل على أعدائه في مكامنهم، فيبيدهم داخلها، أو يدفعهم إلى الفرار منها، غير مبالٍ بالجراح، ولا متهيبا من القتل، بل يسعى أن يكون من أفضل الشهداء الذين ذُكروا في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الذين إن يُلقوا في الصف، لا يلفتون وجوههم حتى يُقتلوا، أولئك يتلبطون في الغرف العلى من الجنة، ويضحك إليهم ربك، وإذا ضحك ربك إلى عبد في الدنيا فلا حساب عليه) [رواه أحمد]، وليس أمام ناظريه غير أن يحقق الهدف الذي خرجت لأجله هذه الغازية، وأخشى ما يخشاه أن تفشل الغزوة بسبب إحجامه، أو يفشل إخوانه بسبب معصيته.

وإن أمَّنه إخوانه على ثغر من ثغور المسلمين، غرس أقدامه في الأرض، وربط قلبه بحبل الإيمان والتقوى، وخوَّفها عقوبة الفرار من الزحف، وأرهبها من غضب الله -تعالى- على من يولي الدبر، واضعا نصب عينيه قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ * وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [الأنفال: 15]، فلا يرضى أن يخون الأمانة التي استُودعها، ولا يتنازل عن شبر من أرض هو يعلم يقينا أن إخوانه بذلوا دماءهم وأشلاءهم لضمها إلى دار الإسلام، وإخراجها من سلطان المشركين.

وإن كلَّفه أمراؤه بتأخير تقدم العدو ريثما يتسنى لهم تحصين خطوط الدفاع من ورائه، أو إعداد العدة للكرَّة عليهم، أو تعطيل حملتهم بإعظام النكاية فيهم، وتكبيدهم أكبر قدر من الخسائر في العدد والعدة فيعجزوا عن إكمالها، فإنه يستبسل في تحقيق ما كُلِّف به، ويرجو من الله رفقة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الجنة برد المشركين عن المسلمين ما وسعه ذلك، كما منَّ الله على النفر من الأنصار الذي فدوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن معه بأرواحهم، كما في حديث أنس، رضي الله عنه: (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أُفرد يوم أُحُد في سبعة من الأنصار ورجلين من قريش، فلما رهقوه قال: من يردُّهم عنا وله الجنة، أو هو رفيقي في الجنة، فتقدَّم رجل من الأنصار فقاتل حتى قُتل، ثم رهقوه أيضا فقال: من يردُّهم عنا وله الجنة، أو هو رفيقي في الجنة، فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قُتل، فلم يزل كذلك حتى قُتل السبعة) [رواه مسلم].

وإن استنصره المسلمون لتخذيل المشركين عنهم، وإشغالهم بحماية ظهورهم، لم يدَّخر وسعا في ذلك، وبذل كل ما بيده للنكاية في أعدائهم، والسعي لجرِّهم إلى ساحات قتال جديدة، وتشتيت حشودهم التي حشدوها على المسلمين، ولم يضع يدا على خدٍّ، يراقب أعداء الله وهم يستفردون بإخوانه، حتى إذا ما انتهوا منهم عادوا إليه، وهو يؤمن يقيناً بقوله عليه الصلاة والسلام: (ترى المؤمنين في تراحمهم، وتوادِّهم، وتعاطفهم، كمثل الجسد إذا اشتكى عضوا، تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى) [رواه البخاري].

فالمجاهد في سبيل الله حقا يقاتل أعداء الله على أي حال، ويثبت في كل موقف من مواقف النزال، لا يبحث عن شهرة، ولا يلتفت لجاه ولا منصب، بل همُّه أن يناله حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه، مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يُشَفَّع) [رواه البخاري]، وعلى هذا يمضي حتى ينال شهادة في سبيل الله، أو يفتح الله بينه وبين القوم الكافرين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 81
الخميس 22 شعبان 1438 ه‍ـ

للمزيد من المواد.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

مِنْ خَوَارِمِ الْحَيَاءِ لَدَى النِّسَاءِ الحياء واحد من مكارم الأخلاق وأحسنها، وهو شعبة من ...

مِنْ خَوَارِمِ الْحَيَاءِ لَدَى النِّسَاءِ

الحياء واحد من مكارم الأخلاق وأحسنها، وهو شعبة من شعب الإيمان، ما تزيَّا به امرؤ إلا زانه، وما تركه إلا شانه، وهو حلية المؤمنين وتاج الصالحين، وهو من فضائل الأنبياء والمرسلين، فهذا نبيُّنا خير الخلق -صلى الله عليه وسلم- كان أشد حياءً من العذراء في خدرها، وصاحبه عثمان -رضي الله عنه- ثالث الخلفاء الراشدين كان رجلا حيِيَّا تستحي منه الملائكة؛ قال الخطابي في معالم السُّنن: "... وأنه ما من نبي إلا وقد ندب إلى الحياء، وحثَّ عليه، وأنه لم يُنسخ فيما نسخ من شرائعهم، ولم يبدل فيما بدل منها، وذلك أنه أمر قد عُلِم صوابُه، وبان فضله، واتفقت العقول على حسنه، وما كان هذا صفته، لم يجز عليه النسخ والتبديل".

بل وأعظم من ذلك كلِّه فالحياء صفة من صفات الله عز وجل، فقد جاء في الحديث الشريف: (إن الله حَييٌّ ستِّير، فإذا أراد أحدُكم أن يغتسل فليتوارى بشيء) [أخرجه أحمد].

والحياء وإن كان في حق الرجل مطلوبا، فهو في حق المرأة آكد، بل هو رأس مال الصالحات وزينة العفيفات، غير أن بعض النساء -أصلحهن الله- قد يخرِمن حياءهن ببعض التصرفات أو الحركات بقصد أو دون قصد، وهذي جملة من الخوارم التي قد تأتيها المسلمة ولا تُلقي لها بالاً، فتخرق بها ثوب حيائها، وإذا ما اتسع الخرق في ثوب، بلي واهترأ، وصَعب حينها على الراقع المخيط.

أولاً: تذكري أختي المسلمة -وفقك الله لما يحبه ويرضاه- أن (المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان) [رواه الترمذي]، والعورة كل ما يُستحيا منه، وللخروج من البيت آداب وأحكام سبق الخوض فيها، فاعلمي -يرحمك الله- أن إمساكَك بيد زوجك أو تأبُّطَك لمرفقه في الشارع من خوارم الحياء، وإن قلت هو زوجي وحليلي، قلنا لك هو كذلك ولكن في بيتك لا أمام الناس، وبعض الصالحات تستحي والله من أن تمسك بيد زوجها أمام أمها أو أحد محارمها، فكيف أمام الناس وفي الطرقات؟!

ثانيا: إن الحَيِيَّة إذا مشت في الشارع بدا عليها الوقار والرصانة، ولها جَنبات الطريق لا وسطه كي تجتنب الرجال ما استطاعت إلى ذلك سبيلا، فاعلمي -أرشدك الله- أن كثرة الالتفات يمنة ويسرة وإلى الخلف دون داع من خوارم الحياء.

ثالثا: بعض المسلمات لا يتورعن عن الجلوس أمام بعض البنايات في الأسواق طلبا للراحة وما علمن -غفر الله لهن- أن هذا من خوارم الحياء، إذ كيف ترضى التقية لنفسها المكوث في أبغض البقاع إلى ربنا -تبارك وتعالى- وعلى مرأى من الرجال الأجانب؟ وإن كان النبي -صلى الله عليه وسلم- كره للرجال الجلوس في الطرقات فذلك في حق النساء آكد، فكيف بطرقات السوق حيث ينصب الشيطان رايته؟!

رابعا: تجاذُبك يا مسلمة أطراف الحديث مع مرافقتك، ورفع الصوت وبعض الضحكات بين المارة وفي الأسواق والطرقات من خوارم الحياء.

خامسا: مجادلة الباعة والإكثار من الحديث معهم حول البضاعة؛ سعرِها ونوعِها وما إلى ذلك من خوارم الحياء.

سادسا: إن الأكل والشرب من الطيبات التي أحلها الله تعالى لعباده، غير أن الطرقات لم تُجعل لهذا، وقد عدَّ سلفنا الصالح ذلك من خوارم مروءة الرجال، فماذا لو بلغهم أن بعض نساء زماننا هذا لا يتورعن عن فعل ذلك؟ فتذكري يا مسلمة أن أكل المثلجات -مثلًا- وإن كان من تحت النقاب وداخل المحلات من خوارم الحياء.

سابعا: بعض المسلمات -هداهن الله- وبمجرد دخولها البناية التي فيها الشقة المنشودة -سواء كانت بيوتهن أو بيوت قريباتهن أو صديقاتهن- لا يرين بأسا من رفع أصواتهن إما بالكلام أو الضحك، متناسيات إمكانية وجود رجال أجانب في باقي الشقق يسمعون أصواتهن وضحكاتهن وهذا يا أختنا من خوارم الحياء.

ثامنا: أحيانا وفي بعض المجالس نجد من النساء من تكثر الحديث عن زوجها وتطنب في وصفه دون موجب لذلك، بل لا ضير عندها من فتح ملف صوره على هاتفها لتريها صويحباتها والله المستعان، وهذا أيضا من خوارم الحياء فاحذري.

تاسعا: معلوم أن إفشاء ما يحدث بين الرجل وزوجته محرَّم شرعا، ولكن بعض النساء -وإن كانت لا تتحدث عن نفسها- إلا أنها لا تتورع عن المزاح في هذا الباب فتذكر أمورا تستحي من مجرد التلميح إليها كل ذات دين، وهذا يا مسلمة من خوارم الحياء.

يعيش المرء ما استحيا بخير
ويبقى العود ما بقي اللحاء
فلا والله ما في العيش خير
ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
إذا لم تخشَ عاقبة الليالي
ولم تستحيِ فافعل ما تشاء

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلِّ اللهم وسلم على سيد الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.



• المصدر: صحيفة النبأ - العدد 80
الخميس 15 شعبان 1438 ه‍ـ

للمزيد من المواد.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

عن الرسول عليه الصلاة والسلام :تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن ...

عن الرسول عليه الصلاة والسلام :تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكا عاضا، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكا جبريا، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت. رواه أحمد

اللهم بلغنا الخلافة
...المزيد

• ‏سُئِل حذيفة عن الفتنة، قال: حقٌ وباطل يشتبهان؛ فمن عرف الحق لم تضره الفتنة.

• ‏سُئِل حذيفة عن الفتنة، قال:
حقٌ وباطل يشتبهان؛ فمن عرف الحق لم تضره الفتنة.

أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ • قال ابنُ عبَّاس: «أولي القوَّة في طاعة الله، والأبصار في ...

أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ

• قال ابنُ عبَّاس: «أولي القوَّة في طاعة الله، والأبصار في المعرفة في أمر الله»، وقال قتادة ومجاهد: «أُعطُوا قوَّةً في العبادة وبصرًا في الدِّين». [أخرجهما الطبري]

✍قالت اللَّجْنة الدَّائِمة: (لُبسُ البَنْطَلون والبدلة وأمثالِهما مِن اللِّباسِ، فالأصل في أنواعِ ...

✍قالت اللَّجْنة الدَّائِمة:
(لُبسُ البَنْطَلون والبدلة وأمثالِهما مِن اللِّباسِ، فالأصل في أنواعِ اللباس الإباحةُ؛ لأنَّه من أمور العادات؛ قال تعالى:{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف: 32] الآية، ويُستثنى من ذلك ما دَلَّ الدَّليلُ الشَّرعيُّ على تحريمِه أو كراهتِه كالحريرِ للرِّجالِ، والذي يصِفُ العورةَ لكَونِه شَفَّافًا يُرى مِن ورائِه لونُ الجِلدِ، أو ككَونِه ضَيِّقًا يحَدِّدُ العورةَ؛ لأنَّه حينئذٍ في حُكمِ كَشفِها، وكَشفُها لا يجوزُ)
((فتاوى اللَّجْنة الدَّائِمة - المجموعة الأولى)) (3/430)
════════❁══════
📙 خدمة فوائد علمية 📙
════════❁══════
📌 للاشتراك في الخدمة: أرسل (اشتراك) إلى الرقم
249100802323
📎 انشر تؤجر بإذن الله 📎
...المزيد

✍قال ابنُ عُثيمين: (بعضُ النِّساءِ يَلبَسْنَ ثيابًا قصيرةً أو ضيِّقةً، أو خفيفةً يُرى مِن ورائِها ...

✍قال ابنُ عُثيمين:
(بعضُ النِّساءِ يَلبَسْنَ ثيابًا قصيرةً أو ضيِّقةً، أو خفيفةً يُرى مِن ورائِها الجِلدُ، ويُرى مِن ورائِها مِن الضيقِ حَجمُ البَدنِ، كأنَّما فُصِّلَ الثَّوبُ عليها تفصيلًا، فإنَّ هذا حرامٌ على المرأة)
((فتاوى نور على الدرب)) (11/85)
════════❁══════
📙 خدمة فوائد علمية 📙
════════❁══════
📌 للاشتراك في الخدمة: أرسل (اشتراك) إلى الرقم
249100802323
📎 انشر تؤجر بإذن الله 📎
...المزيد

✍قالت اللجنة الدائمة: (لا يجوزُ لُبسُ الثَّوبِ الشَّفَّافِ الذي يَصِفُ العورةَ، ولا الثَّوبِ ...

✍قالت اللجنة الدائمة:
(لا يجوزُ لُبسُ الثَّوبِ الشَّفَّافِ الذي يَصِفُ العورةَ، ولا الثَّوبِ الضَّيِّقِ الذي يبيِّنُ جميعَ مفاصِلِ الجِسمِ؛ لِما في ذلك من مخالفةِ الأدِلَّة الشَّرعيَّة، ومن حصولِ المفاسِدِ)
((فتاوى اللَّجْنة الدَّائِمة- المجموعة الأولى)) (24/17)
════════❁══════
📙 خدمة فوائد علمية 📙
════════❁══════
📌 للاشتراك في الخدمة: أرسل (اشتراك) إلى الرقم
249100802323
📎 انشر تؤجر بإذن الله 📎
...المزيد
يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
14 ذو القعدة 1446
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً