أُكفئت قدورهم اليهود والرافضة كفار أعداء للمسلمين، تحالفوا وتمالؤوا هم والصليبيون على حربنا ...

أُكفئت قدورهم

اليهود والرافضة كفار أعداء للمسلمين، تحالفوا وتمالؤوا هم والصليبيون على حربنا بالأمس، واليوم خالف الله بين قلوبهم ومكر بهم فاشتعلت الحرب فيما بينهم، وبقدر ما تحتدم الحرب بين الطرفين؛ بقدر ما يربح المسلمون ويغنمون، لكن هذا لا يعفيهم من السعي الحثيث لامتلاك أسباب القوة التي تمكّنهم من مجابهة علو اليهود القادم وحقد الرافضة المزمن، ولينصرن الله من ينصره.


افتتاحية صحيفة النبأ العدد 500
"دولة فارس ودولة اليهود"
...المزيد

إنَّ صدورَ المؤمنينَ عَطشى فارووها بالدِّماءِ فأنت يا جندي الخلافة تستطيع أن تكون هذا المجاهد ...

إنَّ صدورَ المؤمنينَ عَطشى فارووها بالدِّماءِ

فأنت يا جندي الخلافة تستطيع أن تكون هذا المجاهد الفريد الذي وصف حاله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مفضِّلا جهاده على العمل الصالح في هذه الأيام المباركات، فكيف لو جمعتَ بين أجر هذا الجهاد المتفرّد وأجر هذه العشر، فنلتَ أعلى المرتبتين وأجمعهما وأتمهما بإذن الله تعالى.

إنها فرصة عظيمة لك أيها المجاهد لتحوز خيرية الجهاد في خيرية هذه الأيام، ولئن كانت الشريعة قد أمرت بالتعرض لنفحات الدهر ومواسم الأجر، ألا فتعرّضوا أيها الأباة لمواطن الطعان والشهادة في سبيل الله في هذه الأيام استبسالا في القتال وتحقيقا للنكاية وجلبا للإثخان، فإن صدور المؤمنين عطشى للثأر ممن ولغوا في الدماء والأعراض، وإنّه لا شيء يطفئ ظمأ الثأر كالدماء! وليس أنفى للقتل من القتل.


افتتاحية صحيفة النبأ العدد 497
"يا جنود الله هبوا"
...المزيد

هل تستوي تضحيات الحجيج بتضحياتِ المجاهدين؟ وحيثما نظرتَ في موضع يتقاطع فيه الجهاد والحج؛ قادك ...

هل تستوي تضحيات الحجيج بتضحياتِ المجاهدين؟

وحيثما نظرتَ في موضع يتقاطع فيه الجهاد والحج؛ قادك بلا ريب إلى أفضلية جهاد الفريضة، وبصّركَ بالحكمة من ذلك خصوصا في زماننا.

فمثلا، يتقاطع الحج مع الجهاد في التضحية بالمال والجهد والمشقة، فلا حج بغير سفر ولا سفر بغير عناء، ولعل مساحة ذلك تضيق اليوم في ظل تطور وسائل النقل وسبل الإعاشة والراحة التي تتوفر للحجيج خلافا لما كان عليه الحال في السابق، ومع ذلك هل يستوي اليوم بذل الحجيج وتضحيتهم ومشاقهم وسائر جهدهم، بجهاد المجاهدين وتضحيتهم وهجرتهم وشظف عيشهم، الحاملين أرواحهم على أكفهم الباذلين أنفسهم دون دينهم وأمتهم؟!

ويتقاطع الحج مع الجهاد في تحقيق التوحيد، فالحج من أول مناسكه إلى آخرها يقرر التوحيد لله وينفي الشرك، والجهاد إنما شُرع لأجل حماية جناب التوحيد وتحقيقه ودعوة الناس إليه وأطرهم عليه وسوقهم إلى الجنة بالسلاسل.

وبالنظر إلى شيوع الشرك اليوم وحراسة الحكومات والجيوش له، ندرك فضل الجهاد ومدى العوز إليه، وأنه السبيل الوحيد لمقارعة الشرك ونبذه وصد عاديته، كما ندرك أيضا أن الدعاة إلى التوحيد مجرّدين من سيوف الجهاد؛ لم يعودوا قادرين على القيام بالدعوة على الوجه الذي أمر به الشارع الحكيم، وما يصلنا من أنّات وزفرات دعاة التوحيد في ديار الكفر يغني عن مزيد بيان، والله المستعان.


افتتاحية صحيفة النبأ العدد 498
"بين الجهاد والحج"
...المزيد

واجب النساء في جهاد الأعداء النساء شقائق الرجال، وكم من مسلمة لم يقعدها ضعفها وانشغالها بتربية ...

واجب النساء في جهاد الأعداء

النساء شقائق الرجال، وكم من مسلمة لم يقعدها ضعفها وانشغالها بتربية أطفالها وطاعة زوجها عن أن تنال من المعروف ما ناله الكُمّل من الرجال، بل منهن من طرقت أبوابا هي من أخص خصائص الرجال لما فيها من شدّة على النفس، وحاجة إلى القوّة والعزيمة، كباب الجهاد في سبيل الله تعالى.
وإننا اليوم في إطار هذه الحرب على الدولة الإسلامية، وما فيها من شدة وبلاء، يغدو لزاما على النساء المسلمات أن يقمن بواجبهن على كافة الأصعدة في دعم المجاهدين في هذه المعركة، بأن يعددن أنفسهن مجاهدات في سبيل الله، ويتجهزن للذود عن دينهن بأنفسهن فداء لدين الله تبارك وتعالى، وبتحريضهن لأزواجهن وأبنائهن، فيكن كالنساء المجاهدات من الرعيل الأول.

ولبيان أهمية واجبك أختي المسلمة في الصراع المحتدم اليوم بين ملل الكفر وملة الإسلام، لا بد لنا أن نذكرك بالمرأة المجاهدة في العصر الذهبي للإسلام، وما سوف نسوقه لك من نماذج لنساء المسلمين هو أحد الجوانب المضيئة في حياة المرأة المسلمة، أم الأبطال وأخت الأبطال وزوجة الأبطال، وليس غريباً على نساء المسلمين اليوم أن يكون عندهن من الفداء والصدق والحب للدين مثل المجاهدات السابقات اللاتي نصرن الإسلام.

وعسى أن يكون ما سنذكره من صور دافعاً لك -أختي الكريمة- لتقتدي بهن، ليحصل لك من الخير ما حصل لهن وللدين في وقتهن، فهنَّ حقاً من يستحققن أن يقتدى بهن، وليست غيرهن قدوتك أختي المسلمة، كلا، فإن أردت أن تعرفي من أنت فانظري بمن تقتدين، وإذا أردت أن تعرفي حال الأمة فانظري بمن تقتدي نساؤها، فإن كنَّ يقتدين بالعظيمات المجاهدات الصادقات القانتات العابدات الصابرات فقد انتصرت الأمة، وإن كن يقتدين بالكافرات الكاذبات الضالات المضلات المائلات المميلات، فهذه خسارة كبيرة للأمة حقاً.


• حرص النساء الصحابيات على القتال

لقد دخلت المرأة ميدان المعركة في قرون الإسلام الأولى ليس ذلك بسبب قلة الرجال في وقتها، ولكنه راجع إلى حبها للأجر والفداء والتضحية في سبيل الله، يبين ذلك ما رواه أحمد عن حشرج بن زياد الأشجعي عن جدته أم أبيه أنها قالت: خرجت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزاة خيبر وأنا سادس ست نسوة، فبلغ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن معه نساء، فأرسل إلينا فقال: (ما أخرجكن؟ وبأمر من خرجتن؟) فقلنا: خرجنا نناول السهام، ونسقي الناس السويق، ومعنا ما نداوي به الجرحى، ونغزل الشَّعر، ونعين به في سبيل الله، قال: (قمن فانصرفن)، فلما فتح الله عليه خيبر أخرج لنا سهاماً كسهام الرجل، قلت: يا جدة ما أخرج لكن؟ قالت: تمراً.

ومن حبها أيضاً للجهاد والفداء لهذا الدين فقد قادها ذلك الحب الصادق إلى طلب خوض الجهاد طلباً صريحاً من الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقالت كما في البخاري وسنن النسائي واللفظ له عن عائشة -رضي اله عنها- أنها قالت: قلت: يا رسول الله، ألا نخرج فنجاهد معك، فإني لا أرى عملاً في القرآن أفضل من الجهاد؟ قال: (لا، ولكنَّ أحسن الجهاد وأجمله حج البيت حج مبرور)، وفي رواية أحمد والبخاري قال: (لا، جهادكنَّ الحج المبرور وهو لكنَّ جهاد).


• نسيبة الأنصارية

وأول تلك النماذج التي نسوقها لك -أختي الكريمة- لتقتدي بها، لو كانت نساء المسلمين مثلها لما ضاع لنا حق ولا انتهكت لنا حرمة إن شاء الله، إنها المجاهدة الشجاعة التي خرجت يوم كان الجهاد جهاد دفع، إنها أم عمارة نَسِيبةُ بنتُ كعبٍ الأنصارية.

جاء في ترجمتها في سير أعلام النبلاء للذهبي: "شهدت أم عمارة ليلة العقبة وشهدت أحداً والحديبية ويوم حنين ويوم اليمامة وجاهدت وفعلت الأفاعيل، وقُطعت يدها في الجهاد، وقال الواقدي شهدَتْ أُحُداً مع زوجها غزية بن عمرو ومع ولديها، خرجت تسقي ومعها شَنٌّ وقاتلت وأبلت بلاء حسناً، وجُرحت اثني عشر جرحاً.
وكان ضمرة بن سعيد المازني يحدث عن جدته وكانت قد شهدت أحداً، قالت سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (لمقام نَسيبةَ بنتِ كعبٍ اليومَ خيرٌ من مقامِ فلانٍ وفلان)، وكانت يومئذ تقاتل أشد القتال وإنها لحاجزة ثوبها على وسطها حتى جرحت ثلاثة عشر جرحاً، وضربها ابن قمئة على عاتقها وكان أعظم جراحها، فداوته سنة، ثم نادى منادي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى حمراء الأسد، فشدت عليها ثيابها، فما استطاعت من نزف الدم، رضي الله عنها ورحمها".
• ألق ترسك إلى من يقاتل

قال الإمام الذهبي: "قالت أم عمارة: رأيتني، وانكشف الناس عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فما بقي إلا نفر ما يتمون عشرة، وأنا وابناي وزوجي بين يديه نذب عنه، والناس يمرون به منهزمين، ورآني ولا ترس معي فرأى رجلاً مولياً ومعه ترس، فقال: (ألق ترسك إلى من يقاتل)، فألقاه فأخذته فجعلت أترِّسُ به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما فعل بنا الأفاعيل أصحاب الخيل، ولو كانوا رَجَّالة مثلنا أصبناهم إن شاء الله، فأقبل رجل على فرس فيضربني وترَّسْتُ له فلم يصنع شيئاً وولى، فأضربُ عرقوبَ فرسِه فوقع على ظهره فجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يصيح: (يا ابنَ أمِّ عِمارة أمَّكَ أمَّكَ)، قالت: فعاونني عليه حتى أوردته شَعوبَ، وهو اسم من أسماء الموت".

قال الإمام ابن كثير: "قال ابن هشام: وقاتلت أم عمارة نسيبة بنت كعب المازنية يوم أحد، فذكر سعيد بن أبي زيد الأنصاري أن أم سعد بنت سعد بن الربيع كانت تقول: دخلت على أم عمارة فقلت لها: يا خالة أخبريني خبرك، فقالت: خرجت أول النهار أنظر ما يصنع الناس ومعي سقاء فيه ماء، فانتهيت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو في أصحابه والدولة والريح للمسلمين، فلما انهزم المسلمون انحزت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقمت أباشر القتال وأذب عنه بالسيف وأرمي عن القوس، حتى خلصت الجراح إلي، قالت: فرأيت على عاتقها جرحا أجوف له غور فقلت لها: من أصابك بهذا؟ قالت: ابن قمئة أقمأه الله، لما ولى الناس عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أقبل يقول: دلوني على محمد لا نجوت إن نجا، فاعترضت له أنا ومصعب بن عمير وأناس ممن ثبت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فضربني هذه الضربة" [البداية والنهاية].


• من يطيق ما تطيقين يا أم عمارة؟!

وقال الذهبي: "عن عبد الله بن زيد [وهو ابن أم عمارة] قال: جرحتُ يومئذ جرحاً وجعل الدم لا يَرْقَأُ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اعصب جرحك)، فتُقْبِل أمي إليَّ ومعها عصائب في حِقْوها، فرَبَطَت جرحي والنبي -صلى الله عليه وسلم- واقف فقال: (انهض بُنيَّ فضارب القوم)، وجعل يقول: (من يطيق ما تطيقين يا أم عمارة؟)، فأقبل الذي ضرب ابني فقال رسول الله: (هذا ضارب ابنك)، قالت: فأعترض له فأضرب ساقه، فبرك، فرأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتبسم حتى رأيت نواجذه، وقال (استقدت يا أم عمارة)، ثم أقبلنا نَعُلُّه بالسلاح حتى أتينا على نفْسِه، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: (الحمد لله الذي ظَفَّرَكِ)".

وقال: "عن عبد الله بن زيد بن عاصم أيضاً، قال: شهدتُ أُحُداً، فلما تفرقوا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دنوت منه أنا وأمي نذب عنه فقال: (ابن أم عمارة؟) قلت: نعم، قال: (ارمِ)، فرميت بين يديه رجلاً بحجر وهو على فرس، فأصبت عين الفرس، فاضطرب الفرس، فوقع هو وصاحبه، وجعلت أعلوه بالحجارة والنبي -صلى الله عليه وسلم- يتبسم، ونظر إلى جرح أمي على عاتقها فقال: (أمَّكَ أمَّكَ اعصِبْ جُرْحَها، اللهم اجعلهم رفقائي في الجنة) قلت: ما أبالي ما أصابني من الدنيا".

وقال: "عن محمد بن يحيى بن حبان قال: جُرِحَتْ أم عمارة بأُحُد اثني عشر جرحا، وقطعت يدها يوم اليمامة، وجُرِحَتْ يوم اليمامة سوى يدها أحد عشر جرحا. فقدمت المدينة وبها الجراحة فلقد رئي أبو بكر -رضي الله عنه- وهو خليفة يأتيها يسأل عنها، وابنها حبيب بن زيد بن عاصم هو الذي قطعه مسيلمة، وابنها الآخر عبد الله بن زيد المازني الذي حكى وضوء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قُتل يوم الحرة وهو الذي قَتل مسيلمة الكذاب بسيفه" [سير أعلام النبلاء].

هذه هي المجاهدة الشجاعة الصابرة أم عمارة، وحقاً من يطيق ما تطيق أم عمارة؟ متى كانت هذه قدوتك أختي الكريمة في شجاعتها وفدائها وإقدامها وثباتها وصبرها على هذا الطريق أفلحتِ، بإذن الله.

• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 100
الخميس 15 محرم 1439 ه‍ـ
...المزيد

علامات مرض القلب وصحته قال ابن قيم الجوزية -رحمه الله- في كتاب (إغاثة اللهفان في مصايد ...

علامات مرض القلب وصحته

قال ابن قيم الجوزية -رحمه الله- في كتاب (إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان):

كل عضو من أعضاء البدن خُلق لفعل خاص به، كمالُه فى حصول ذلك الفعل منه، ومرضه أن يتعذر عليه الفعل الذى خُلق له، حتى لا يصدر منه، أو يصدر مع نوع من الاضطراب.

فمرض اليد: أن يتعذَّر عليها البطش، ومرض العين: أن يتعذر عليها النظر والرؤية، ومرض اللسان: أن يتعذر عليه النطق، ومرض البدن: أن يتعذر عليه حركته الطبيعية أو يضعف، ومرض القلب: أن يتعذر عليه ما خُلق له من المعرفة بالله، ومحبته، والشوق إلى لقائه، والإنابة إليه، وإيثار ذلك على كل شهوة.


• من لم يعرف ربه

فلو عرف العبد كلَّ شىء ولم يعرف ربه، فكأنه لم يعرف شيئا، ولو نال كلَّ حظ من حظوظ الدنيا ولذاتها وشهواتها، ولم يظفر بمحبة الله والشوق إليه والأنس به، فكأنه لم يظفر بلذة ولا نعيم ولا قرة عين، بل إذا كان القلب خاليا عن ذلك عادت تلك الحظوظ واللذات عذابا له ولا بد...

وكل من عرف الله أحبه، وأخلص العبادة له ولا بدَّ، ولم يؤثر عليه شيئا من المحبوبات فمن آثر عليه شيئا من المحبوبات، فقلبه مريض، كما أن المعدة إذا اعتادت أكل الخبيث وآثرته على الطيب سقطت عنها شهوة الطيِّب، وتعوَّضت بمحبة غيره.


• قلب مريض وصاحبه لا يعلم

وقد يمرض القلب ويشتد مرضه، ولا يعرف به صاحبُه، لاشتغاله وانصرافِه عن معرفة صحته وأسبابها، بل قد يموت وصاحبه لا يشعر بموته، وعلامة ذلك أنه لا تؤلمه جراحات القبائح، ولا يوجعه جهله بالحق وعقائده الباطلة، فإن القلب إذا كان فيه حياة يألم بورود القبيح عليه، ويألم بجهله بالحق بحسب حياته، وَمَا لِجُرْحٍ بَمِّيتٍ إيلامُ.


• لا يصبر على الدواء

وقد يشعر بمرضه، ولكن يشتد عليه تحمُّل مرارة الدواء والصبر عليها، فيؤثر بقاء ألمه على مشقة الدواء، فإن دواءه فى مخالفة الهوى، وذلك أصعب شيء على النفس، وليس لها أنفع منه.

وتارة يوطِّن نفسه على الصبر، ثم ينفسخ عزمه، ولا يستمر معه لضعف علمه وبصيرته وصبره، كمن دخل فى طريق مَخوف مُفض إلى غاية الأمن، وهو يعلم أنه إن صبر عليه انقضى الخوف وأعقبه الأمن، فهو محتاج إلى قوة صبر، وقوة يقين بما يصير إليه، ومتى ضعف صبره ويقينه رجع من الطريق، ولم يتحمَّل مشقتها، ولا سيما إن عدِم الرفيق، واستوحش من الوحدة، وجعل يقول: أين ذهب الناس؟ فلي بهم أسوة.


• حال أكثر الخلق

وهذه حال أكثر الخلق، وهى التي أهلكتهم، فالبصير الصادق لا يستوحش من قلة الرفيق ولا من فقده إذا استشعر قلبُه مرافقة الرعيل الأول، {الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69]، فتفرُّدُ العبد فى طريق طلبه دليل على صدق الطلب....

وما أحسن ما قال أبو محمد عبد الرحمن بن إسماعيل المعروف بأبى شامة فى كتاب (الحوادث والبدع): "حيث جاء به الأمر بلزوم الجماعة: فالمراد به لزوم الحق واتباعه، وإن كان المتمسِّك به قليلا والمخالف له كثيرا"، لأن الحق هو الذى كانت عليه الجماعة الأولى من عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، ولا نظر إلى كثرة أهل الباطل بعدهم.....

والمقصود أن من علامات أمراض القلوب عدولُها عن الأغذية النافعة الموافقة لها إلى الأغذية الضارة، وعدولُها عن دوائها النافع إلى دائها الضار، فهنا أربعة أمور: غذاء نافع، ودواء شاف، وغذاء ضار، وداء مهلك.
• القلب الصحيح

فالقلب الصحيح يؤثر النافع الشافي على الضارِّ المؤذى، والقلب المريض بضد ذلك.

وأنفع الأغذية: غذاء الإيمان، وأنفع الأدوية: دواء القرآن، وكلٌّ منهما فيه الغذاء والدواء.

ومن علامات صحته (يعني القلب) أيضا: أن يرتحل عن الدنيا حتى ينزل بالآخرة، ويحلَّ فيها، حتى يبقى كأنه من أهلها وأبنائها، جاء إلى هذه الدار غريبا يأخذ منها حاجته، ويعود إلى وطنه، كما قال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- لعبد الله بن عمر: (كن فى الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل، وعدَّ نفسك من أهل القبور) [رواه أحمد، والترمذي].

فحيَّ على جنات عدن فإنها
منازلك الأولى وفيها المخيَّم
ولكننا سبيُ العدو، فهل ترى
نعود إلى أوطاننا ونسلَّم؟

وقال على بن أبى طالب رضى الله عنه: "إن الدنيا قد ترحَّلت مدبرة، وإن الآخرة قد ترحلت مقبلة، ولكل منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب، وغدا حساب ولا عمل".

وكلما صحَّ القلب من مرضه ترحل إلى الآخرة، وقرُب منها حتى يصير من أهلها، وكلما مرض القلب واعتلَّ آثر الدنيا واستوطنها، حتى يصير من أهلها.

ومن علامات صحة القلب: أنه لا يزال يضرب على صاحبه حتى يُنيب إلى الله ويخبت إليه، ويتعلق به تعلق المحب المضطر إلى محبوبه، الذى لا حياة له ولا فلاح ولا نعيم ولا سرور إلا برضاه وقربه والأنس به، فبه يطمئن، وإليه يسكن، وإليه يأوي، وبه يفرح، وعليه يتوكل، وبه يثق، وإياه يرجو، وله يخاف فذكرُه: قوتُه وغذاؤه، ومحبته والشوق إليه: حياته ونعيمه ولذته وسروره، والالتفات إلى غيره والتعلق بسواه: داؤه، والرجوع إليه: دواؤه، فإذا حصل له ربُّه سكن إليه واطمأن به، وزال ذلك الاضطراب والقلق، وانسدت تلك الفاقة، فإن فى القلب فاقة لا يسدُّها شىء سوى الله تعالى أبدا، وفيه شعث لا يلمه غير الإقبال عليه، وفيه مرض لا يشفيه غير الإخلاص له وعبادته وحده، فهو دائما يضرب على صاحبه حتى يسكن ويطمئن إلى إلهه ومعبوده، فحينئذ يباشر روح الحياة، ويذوق طعمها، وتصير له حياة أخرى غير حياة الغافلين المعرضين عن هذا الأمر الذى له خُلق الخَلق، ولأجله خلقت الجنة والنار، وله أرسلت الرسل وأنزلت الكتب، ولو لم يكن جزاءً إلا نفس وجوده لكفى به جزاءً، وكفى بفوته حسرة وعقوبة.

قال بعض العارفين: "مساكين أهل الدنيا، خرجوا من الدنيا وما ذاقوا أطيب ما فيها، قيل: وما أطيب ما فيها؟ قال: محبة الله، والأنس به، والشوق إلى لقائه، والتنعُّم بذكره وطاعته" وقال آخر: "والله ما طابت الدنيا إلا بمحبَّته وطاعته، ولا الجنة إلا برؤيته ومشاهدته".

وقال آخر: "من قرت عينه بالله تعالى قرَّت به كل عين، ومن لم تقرَّ عينه بالله تقطع قلبه على الدنيا حسرات".

ومن علامات صحة القلب: أن لا يفتُر عن ذكر ربه، ولا يسأم من خدمته، ولا يأنس بغيره، إلا بمن يدلُّه عليه، ويذكِّره به، ويذاكره بهذا الأمر.

ومن علامات صحته: أنه إذا فاته وِرْدُه وجد لفواته ألمَا أعظم من تألُّم الحريص بفوات ماله وفقده.

ومن علامات صحته: أنه يشتاق إلى الخدمة، كما يشتاق الجائع إلى الطعام والشراب.

ومن علامات صحته: أنه إذا دخل فى الصلاة ذهب عنه همُّه وغمه بالدنيا، واشتد عليه خروجه منها، ووجد فيها راحتَه ونعيمه، وقرة عينه وسرور قلبه.

ومن علامات صحته: أن يكون همُّه واحدا، وأن يكون في الله.

ومن علامات صحته: أن يكون أشحَّ بوقته أن يذهب ضائعا من أشد الناس شحا بماله.

ومنها: أن يكون اهتمامه بتصحيح العمل أعظم منه بالعمل، فيحرص على الإخلاص فيه والنصيحة والمتابعة والإحسان، ويشهد مع ذلك منَّة الله عليه فيه، وتقصيره فى حق الله.
ذلك منة الله عليه فيه وتقصيره فى حق الله، فهذه ست مشاهد لا يشهدها إلا القلب الحى السليم... انتهى باختصار


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 100
الخميس 15 محرم 1439 ه‍ـ
...المزيد

🌃رسائل الفجر١٤٤٦/٧/١٥🌃 ستر المسلم واجب وخلق رفيع؛ وإذا كان المسلم من أهل الفضل والخير فستره والعفو ...

🌃رسائل الفجر١٤٤٦/٧/١٥🌃
ستر المسلم واجب وخلق رفيع؛ وإذا كان المسلم من أهل الفضل والخير فستره والعفو عنه أوجب، حتى لا ينقطع خيره؛ ولا يسلَّط عليه السفهاء وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم؛ (زلاتهم)
🔻 🔻 🔻
فإنَّ الإنْسانَ الذي يُعلَمُ من غالِبِ أحْوالِهِ الاسْتِقامَةُ والخَيْرُ إذا زَلَّ وأخطأ فينصح؛ ولا يفضح؛ والسعي بهتكه كبيرة من الكبائر؛ وعد الله من تتبع عورة المسلم أن يفضحه ولو في جدار بيته
🔻 🔻 🔻
من شمت بمسلم دارت عليه الأيام حتى يشمت به الناس بحق وبباطل؛ ومن فضح مسلما والله لن يسلم من عار وفضيحة في الدنيا والآخرة إلا أن يشاءالله؛ وقد رأينا من فرح بهتك عرض فصار عرضه فاكهة المجالس؛ والسعيد من اتقى أعراض المسلمين؛ وانشغل بنفسه وذنبه وعيبه؛ وطلب العافية والسلامة.
https://t.me/azzadden
...المزيد

طرق التسبيح الصحيحة فضل التسبيح في القرآن والسنة التسبيح في الإسلام تنزيه الحق عن نقائض الإمكان ...

طرق التسبيح الصحيحة
فضل التسبيح في القرآن والسنة
التسبيح في الإسلام تنزيه الحق عن نقائض الإمكان والحدوث. وَهُوَ تَنْزِيهُ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مِنْ كُلِّ سُوءٍ. وَالتَّنْزِيهُ: التَّبْعِيدُ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: سُبْحَانَ مِنْ كَذَا، أَيْ مَا أَبْعَدَهُ. وهو ضرب من الذكر.
فضل التسبيح
إن التسبيح له شأن عظيم ومكانة رفيعة؛ إذ هو أحد الكلمات الأربع التي وصفها رسول الله ﷺ بأنها خير الكلام وأحبه إلى الله، وذلك في قوله ﷺ: “أحب الكلام إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر” (صحيح مسلم).

التسبيح في القرآن الكريم

وكلمة: سبحان الله، التي هي إحدى هؤلاء الكلمات لها شأن عظيم، فهي من أجل الأذكار المقربة إلى الله، ومن أفضل العبادات الموصلة إليه، وقد جاء في بيان فضلها وشرفها وعظم قدرها نصوص كثيرة في الكتاب والسنة، بل إن ما ورد في ذلك لا يمكن حصره لكثرته وتعدده.
وقد ورد ذكر التسبيح في القرآن الكريم أكثر من ثمانين مرة، بصيغ مختلفة وأساليب متنوعة.
فورد تارة بلفظ الأمر كما في قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا} (سورة الأحزاب: 41 – 42)
وتارة بلفظ الماضي كما في قوله تعالى: {سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم} (سورة الحشر :1)
وتارة بلفظ المضارع كما في قوله تعالى: {يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض الملك القدوس العزيز الحكيم} (سورة الجمعة: 1)
وتارة بلفظ المصدر كما في قوله تعالى: {سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين} (سورة الصافات: 180 – 182).
وقد ذكر الله سبحانه وتعالى التسبيح في مفتتح ثماني سور من القرآن الكريم، فقال تعالى في أول سورة الإسراء: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير} (سورة الإسراء: 2)
وقال تعالى في أول سورة النحل: {أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون} (سورة النحل: 1)
وقال تعالى في أول سورة الحديد: {سبح لله ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم} (سورة الحديد: 1)
وقال تعالى في أول سورة الحشر: {سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم} (سورة الحشر: 1)
وقال تعالى في أول سورة الصف: {سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم} (سورة الصف: 1)
وقال تعالى في أول سورة الجمعة: {يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض الملك القدوس العزيز الحكيم} (سورة الجمعة: 1)
وقال تعالى في أول سورة التغابن: {يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير} (سورة التغابن: 1)
وقال تعالى في أول سورة الأعلى: {سبح اسم ربك الأعلى الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى والذي أخرج المرعى فجعله غثاء أحوى} (سورة الأعلى: 1 – 5).
قال بعض أهل العلم (1): والتسبيح ورد في القرآن على نحو من ثلاثين وجها، ستة منها للملائكة، وتسعة لنبينا محمد ﷺ، وأربعة لغيره من الأنبياء، وثلاثة للحيوانات والجمادات، وثلاثة للمؤمنين خاصة، وستة لجميع الموجودات.
أما التي للملائكة فمنها قوله تعالى: {الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا}، (سورة غافر: 7)
وقوله: {فإن استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له باليل والنهار وهم لا يسأمون} (سورة فصلت: 38)
وقوله: {وله من في السماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون اليل والنهار لا يفترون} (سورة الأنبياء: 19 – 20)
وقوله: {وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون} (سورة الصافات: 165 – 166) .
وأما التي لنبينا ﷺ فمنها قوله تعالى: {فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين} سورة الحجر، الآية: (98 – 99)
وقوله: {ومن اليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا} (سورة الإنسان: 26) وقوله تعالى: {فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا} (سورة النصر: 3).

وأما التي للأنبياء فقول الله تعالى لزكريا عليه السلام: {وسبح بالعشي والإبكار} (سورة آل عمران: 41)

وقوله تعالى عن زكريا عليه السلام في وصيته لقومه بالمحافظة على التسبيح: {فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا} (سورة مريم: 11)،

وقوله تعالى عن يونس عليه السلام في إنجائه من ظلمات البحر وبطن الحوت لملازمته للتسبيح: {فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون} (سورة الصافات: 143 – 144) .

وأما التي للمؤمنين فقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا} (سورة الأحزاب: 41 – 42)

وقوله تعالى: {إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون} (سورة السجدة: 15)

وقوله تعالى: {في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة} (سورة النور: 36 -37).

وأما التي في الحيوانات والجمادات فمنها قوله تعالى: {تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا} (سورة الإسراء: 44)

وقوله تعالى: {إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق والطير محشورة كل له أواب} (سورة ص: 18 – 19)

وقوله تعالى: {ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون} (سورة النور:41).

وأما التي لعموم المخلوقات فمنها قوله تعالى: {سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم} (سورة الحشر: 1)

وقوله تعالى: {يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير} (سورة التغابن: 1)

وقد ذكر الله – تعالى – لفظة {سبحان} في القرآن في خمسة وعشرين موضعا، في ضمن كل واحد منها إثبات صفة من صفات المدح، أو نفي صفة من صفات الذم (2).

منها قوله تعالى: {سبحانه بل له ما في السماوات والأرض كل له قانتون} (سورة البقرة: 116)

وقوله تعالى: {سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين} (سورة الصافات: 180 – 182)

وقوله تعالى: {سبحان الله عما يشركون} (سورة الطور: 43) ، وقوله تعالى: {فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السموات والأرض وعشيا وحين تظهرون} (سورة الروم: 17 – 18)

وقوله تعالى: {سبحان رب السموات والأرض رب العرش عما يصفون} (سورة الزخرف: 82 )

وقوله تعالى: {دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام} (سورة يونس:10) .
فهذه النصوص القرآنية الكريمة وما جاء في معناها في كتاب الله تدل أوضح دلالة على جلالة قدر التسبيح، وعظيم شأنه من الدين، وأنه من أجل الأذكار المشروعة، ومن أنفع العبادات المقربة إلى الله عز وجل.


التسبيح في السنة النوية

وقد دلت السنة النبوية على فضل التسبيح وعظيم مكانته عند الله من وجوه كثيرة، بل إن السنة مليئة بالنصوص الدالة على عظيم شأن التسبيح، وشريف قدره، وجزيل ثواب أهله، وبيان ما أعد الله لهم من أجور كريمة، وأفضال عظيمة، وعطايا جمة. وقد تضمنت تلك النصوص الدلالة على ذلك من وجوه كثيرة:

ومن ذلك أن النبي ﷺ أخبر أن التسبيح أفضل الكلام وأحبه إلى الله، وقد سبق أن مر معنا قول النبي ﷺ: “أحب الكلام إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر”. (صحيح مسلم).

وثبت في صحيح مسلم من حديث أبي ذر أن رسول الله ﷺ سئل: أي الكلام أفضل؟ قال: “ما اصطفى الله لملائكته أو لعباده: سبحان الله وبحمده” (صحيح مسلم).

وفي لفظ آخر للحديث أن أبا ذر قال: قال رسول الله ﷺ: “ألا أخبرك بأحب الكلام إلى الله؟ قلت: يا رسول الله أخبرني بأحب الكلام إلى الله. قال: إن أحب الكلام إلى الله: سبحان الله وبحمده” (صحيح مسلم). فدل هذا الحديث على عظيم مكانة هذه الكلمة عند الله عز وجل.

ومن فضائل التسبيح ما أخبر به النبي ﷺ أن من قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت عنه ذنوبه ولو كثرت. ففي الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: “من قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر” (صحيح البخاري وصحيح مسلم).

وثبت عنه ﷺ أن من قالها في الصباح مائة مرة وفي المساء مائة مرة، لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به، إلا من قال مثل ذلك وزاد عليه. فقد روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: “من قال حين يصبح وحين يمسي: سبحان الله وبحمده مائة مرة لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به، إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد عليه” (صحيح مسلم).

وثبت عنه ﷺ أن من قالها في يوم مائة مرة كتبت له ألف حسنة أو حطت عنه ألف خطيئة، والحسنة بعشر أمثالها. روى مسلم في صحيحه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: كنا عند رسول الله ﷺ فقال: “أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة؟ فسأله سائل من جلسائه: كيف يكسب أحدنا ألف حسنة؟ قال: يسبح مائة تسبيحة فيكتب له ألف حسنة أو يحط عنه ألف خطيئة” (صحيح مسلم).

ومما ورد في فضل التسبيح إخبار النبي ﷺ عن ثقل التسبيح في الميزان يوم القيامة مع خفة ويسر العمل به في الدنيا. ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: “كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم” (صحيح البخاري وصحيح مسلم).
وقوله ﷺ في الحديث: “كلمتان” هي خبر مقدم مبتدؤه “سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم”، قال بعض أهل العلم: “والنكتة في تقديم الخبر تشويق السامع إلى المبتدأ، وكلما طال الكلام في وصف الخبر حسن تقديمه؛ لأن كثرة الأوصاف الجميلة تزيد السامع شوقا” (3).
وقد وصفت الكلمتان في الحديث بثلاثة أوصاف جميلة عظيمة، وهي: أنهما حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان.

وقد خص لفظ الرحمن بالذكر هنا؛ لأن المقصود من الحديث بيان سعة رحمة الله – تعالى – على عباده حيث يجازي على العمل القليل بالثواب الجزيل، والأجر العظيم، فما أيسر النطق بهاتين الكلمتين على اللسان، وما أعظم أجر ذلك وثوابه عند الكريم الرحمن، وقد وصفت الكلمتان في الحديث بالخفة والثقل، الخفة على اللسان والثقل في الميزان، لبيان قلة العمل وكثرة الثواب. فما أوسع فضل الله! وما أعظم عطاءه!

ومن فضائل هذه الكلمة العظيمة، ما رواه الترمذي، وابن حبان، والحاكم، وغيرهم، من طريق أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال: “من قال: سبحان الله العظيم وبحمده غرست له نخلة في الجنة” (4)، وله شاهدان:
أحدهما: من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما موقوفا، خرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (5).
والآخر: من حديث معاذ بن سهل مرفوعا، خرجه الإمام أحمد في مسنده (6).

ومن فضائل هذه الكلمة ما رواه الطبراني، والحاكم، من حديث نافع بن جبير بن مطعم، عن أبيه، قال: قال رسول الله ﷺ: “من قال سبحان الله وبحمده، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، فقالها في مجلس ذكر كانت كالطابع يطبع عليه، ومن قالها في مجلس لغو كانت كفارة له”.

قال الحاكم: “هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه”، ووافقه الذهبي، وصححه العلامة الألباني (7)
وروى الترمذي وابن حبان والحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال: “من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه، فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك” (8).

فهذه جملة من الأحاديث الواردة في التسبيح والدالة على عظيم فضله وثوابه عند الله، وفي أكثر هذه الأحاديث قرن مع التسبيح حمد الله – تعالى -؛ وذلك لأن التسبيح هو تنزيه الله عن النقائص والعيوب، والتحميد فيه إثبات المحامد كلها لله عز وجل، والإثبات أكمل من السلب، ولهذا لم يرد التسبيح مجردا، لكن ورد مقرونا بما يدل على إثبات الكمال، فتارة يقرن بالحمد كما في هذه النصوص، وتارة يقرن باسم من الأسماء الدالة على العظمة والجلال، كقول: سبحان الله العظيم، وقول: سبحان ربي الأعلى، ونحو ذلك (9).

والتنزيه لا يكون مدحا إلا إذا تضمن معنى ثبوتيا، ولهذا عندما نزه الله – تبارك وتعالى – نفسه عما لا يليق به مما وصفه به أعداء الرسل سلم على المرسلين الذين يثبتون لله صفات كماله ونعوت جلاله على الوجه اللائق به، وذلك في قوله تعالى: {سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين} (سورة الصافات: 180 – 182) ، وفي هذه الآية – أيضا – حمد الله نفسه بعد أن نزهها؛ وذلك لأن الحمد فيه إثبات كمال الصفات، والتسبيح فيه تنزيه الله عن النقائص والعيوب، فجمع في الآية بين التنزيه عن العيوب بالتسبيح وإثبات لكمال بالحمد، وهذا المعنى يرد في القرآن والسنة كثيرا، فالتسبيح والحمد أصلان عظيمان وأساسان متينان يقوم عليهما المنهج الحق في توحيد الأسماء والصفات، وبالله وحده التوفيق.

ما الطريقة الصحيحة للتسبيح، ولاسيما إذا كان في السبحة؟

التسبيح من أفضل القربات، وهو من الذكر الذي حث عليه النبي عليه الصلاة والسلام ودل عليه كتاب الله، يقول جل وعلا في كتابه العظيم: فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ [الروم:17]
ويقول جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ۝ وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا [الأحزاب:41-42]
والآيات في هذا المعنى كثيرة.
ويقول النبي ﷺ في الحديث الصحيح: كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم
ويقول عليه الصلاة والسلام: أحب الكلام إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر،
ويقول أيضًا عليه الصلاة والسلام: الباقيات الصالحات: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله والأحاديث في هذا كثيرة تدل على فضل التسبيح والذكر.
وقد أمر الرسول ﷺ وقد أمر الفقراء الذين اشتكوا إليه، قالوا: يا رسول الله ذهب أهل الدثور يعني: الأموال- بالأجور، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم فضول أموال، يتصدقون منها، ونحن لا نتصدق ما عندنا مال- ويعتقون ولا نعتق، فقال -عليه الصلاة والسلام-: ألا أدلكم على شيء تدركون به من سبقكم، وتسبقون من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من فعل مثلما فعلتم؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: تسبحون، وتحمدون، وتكبرون دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين هذا فضل عظيم، فيستحب للمؤمن والمؤمنة عقب الصلاة أن يسبح الله، ويحمده، ويكبره ثلاثًا وثلاثين مرة.
وفي صحيح مسلم عن النبي ﷺ أنه قال: من سبح الله دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، وحمد الله ثلاثًا وثلاثين، وكبر الله ثلاثًا وثلاثين، فتلك تسع وتسعون، ثم قال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير؛ غفرت خطاياه، وإن كانت مثل زبد البحر وهذا فضل عظيم.
فينبغي للمؤمن والمؤمنة العناية بهذا الأمر بعد كل صلاة، الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، والفجر، أولًا إذا سلم يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، ثلاث مرات، اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام، يقول هذا بعد كل صلاة، الرجل والمرأة، الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، إذا سلم يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام، الإمام والمنفرد، والمأموم، والإمام إذا فرغ منها، ينصرف إلى الناس، يعطيهم وجهه، بعدما يقول: اللهم أنت السلام... إلى آخره.

ثم يقول الجميع بعد هذا: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة، وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين، ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد.

النبي ﷺ يقول هذا بعد كل صلاة من الصلوات الخمس، فالسنة أن يقول المؤمن هكذا، والمؤمنة كذلك، ثم يأتي بالتسبيح، والتحميد، والتكبير ثلاثًا وثلاثين مرة، سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، ثلاثًا وثلاثين مرة، يعقدها بأصابعه؛ حتى يضبطها، سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، ثلاثًا وثلاثين مرة، ثم يقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير.
فأنا أوصي كل مسلم ومسلمة بالمحافظة على هذا، على هذا الذكر عقب كل صلاة.
ويعقدها بالأصابع لا بالسبحة، بالأصابع، وهذا هو الأفضل، الذي فعله النبي ﷺ والصحابة بالأصابع، والسبحة لا بأس بها في البيت، وفي بعض الأحيان، لكن كونه يعقدها بالأصابع أفضل.
وهكذا الرجل في المساجد يعقدها بالأصابع، لا بالسبحة، هذا هو الأفضل، تأسيًا بالنبي ﷺ وبالصحابة.
ويستحب بعد هذا أن يقرأ آية الكرسي بعد كل صلاة: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ.. إلى آخرها، آخرها وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [البقرة:255] هذا آخرها، هذا آخر الآية.
ويستحب أيضًا أن يقرأ قل هو الله أحد والمعوذتين بعد كل صلاة قل هو الله أحد قل أعوذ برب الفلق قل أعوذ برب الناس يقرأ هذه السور الثلاث بعد كل صلاة، ويكررها ثلاث مرات بعد المغرب، والفجر، وعند النوم، هذه السور الثلاث يكررها ثلاثًا بعد الفجر، وبعد المغرب، وعند النوم.
ولا بأس في استعمال السبحة، تستعملها المرأة، أو الرجل في بيته، يستعملها بحصى، أو بالسبحة المعروفة، أو بالنوى، لا حرج، أو بعقد خيط يعقد لا بأس، لكن استعمال الأصابع أفضل، وأولى ولا سيما في المساجد، فالسنة أن تكون الأصابع هي المستعملة، نعم.
الذين يستعملون السبحة إنما هو كما يقولون للضبط، لا أكثر، ولا أقل، فما هو توجيهكم؟
الشيخ: يمكن الضبط بالأصابع، يضبطها بالأصابع، هذا هو الأفضل.

التسبيح فضله وكيفيته

ما هو التسبيح وقواعده وأركانه.

التسبيح من الأذكار التي ثبت الترغيب فيها، ومن الأمثلة على ذلك ما يلي:

1- ثبت في الصحيحين واللفظ للبخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر.
2-جاء في الصحيحين أيضا قوله صلى الله عليه وسلم: كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم.
3- في صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم: أحب الكلام إلى الله أربع سبحان الله والحمد الله ولا إله إلا الله والله أكبر لا يضرك بأيهن بدأت.
4- كما ثبت في صحيح مسلم قوله صلى الله عليه وسلم: وسبحان الله والحمد الله تملآن أو تملأ ما بين السماوات والأرض. وعليه فالتسبيح فضله عظيم وهو ذكر خفيف على اللسان ثقيل في الميزان إضافة على كونه عبادة تقوم بها جميع الكائنات بمختلف أنواعها.
قال الإمام ابن كثير في تفسيره: وقوله: وإن من شيء إلا يسبح بحمده، أي وما من شيء من المخلوقات إلا يسبح بحمد الله ولكن لا تفقهون تزسبيحهم، أي لا تفقهون تسبيحهم أيها الناس لأنها بخلاف لغاتكم وهذا عام في الحيوانات والجمادات والنباتات وهذا أشهر القولين. انتهى.
والذكر له مراتب أعلاها أن يكون بالقلب واللسان وقد سبقت هذه المراتب

لا تشترط الطهارة للذكر والدعاء

بخصوص الدعاء والاستغفار وذكر الله.. هل إذا لم يكن الإنسان على وضوء واستغفر ودعا وذكر الله هل ينال أجرا كأجر من كان على وضوء أم لا يصله الأجر أبدا؟
ذكر الله تعالى من دعاء واستغفار ونحو ذلك لا تشترط له الطهارة، بل إذا صدر من الشخص المحدث كتب له ثواب ذلك إن شاء الله تعالى.
ففي الصحيحين وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه. لكن إذا كان المسلم متوضئا فثواب الذكر في حقه أعظم من ثوابه في حالة الحدث، لكون الذكر حالة الوضوء أفضل منه في غيرها.
يدل على أفضلية الذكر في حال الطهارة كراهته صلى الله عليه وسلم لذكر الله في غير حال الطهارة.
ففي مسند الإمام أحمد عن المهاجر بن قنفذ أنه سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ فلم يرد عليه حتى توضأ فرد عليه، وقال إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني كرهت أن أذكر الله إلا على طهارة والخلاصة أن المحدث يحصل على ثواب ذكر الله تعالى إلا أن الثواب يعظم في حالة كون الشخص على طهارة.

هل يثاب فاعل الأذكار من دون استحضار نية التقرب إلى الله؟

هل الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتسبيح، والتحميد، والتهليل، والتكبير، والحوقلة، والحسبلة، والتوكل، والاستغفار، عبادات تستوجب النية قبل الشروع فيها؟
العبادة التي لا يتعبد بها لغير الله تعالى، والمتميزة لجناب الله تعالى بصورتها، لا يتوقف حصول الثواب فيها إلى نية التقرب بها إلى الله تعالى؛ بل يثاب عليها فاعلها، ولو لم ينو بها التقرب إلى الله تعالى.
قال الإمام القرافي في الذخيرة: القربات التي لا لبس فيها، لا تحتاج إلى نية -كالإيمان بالله تعالى، وتعظيمه، وإجلاله، والخوف من نقمه، والرجاء لنعمه، والتوكل على كرمه، والحياء من جلاله، والمحبة لجماله، والمهابة من سلطانه-، وكذلك التسبيح، والتهليل، وقراءة القرآن، وسائر الأذكار؛ فإنها متميزة لجنابه سبحانه وتعالى، وكذلك النية منصرفة إلى الله تعالى بصورتها، فلا جرم لم تفتقر إلى نية أخرى. اهـ.
وقال العز بن عبد السلام في قواعد الأحكام: ما ‌تميز ‌لله ‌بصورته، فهذا يثاب عليه مهما قصد إليه، وإن لم ينو به القربة -كالمعرفة، والإيمان، والأذان، والتسبيح، والتقديس، وقراءة القرآن. اهـ.

ما حكم الدعاء بقول "يا سريع الغوث"؟

وهل يجوز دعاء الله بغير أسمائه وصفاته الواردة في النصوص الشرعية إذا كان الوصف صحيحًا؟
فما لم يثبت بلفظه في أسماء الله -عزَّ وجلَّ-، فإن دعاء الله تعالى به موضع خلاف بين أهل العلم، والراجح هو جواز الدعاء بما يصح وصف الله تعالى به، أو الإخبار به عنه، مما يتضمن ثناء على الله تعالى. ومن جملة ذلك: "يا سريع الغوث". وقد سبق لنا بيان هذا الحكم في ألفاظ من هذا النحو، مثل: يا فرد، يا دليل الحيارى، يا معين، يا مسهل، يا ميسر. ومع ذلك؛ فالأفضل هو الثناء على الله تعالى، ودعاؤه، بما ورد في الكتاب والسنة
...المزيد

قمري فوق غرفة12 مطبخ شكيراز من لعنك وجني ايضا بعد رؤيتها مملكتهم تحكمهم امراة ...

قمري فوق غرفة12 مطبخ

شكيراز من لعنك وجني ايضا بعد رؤيتها مملكتهم تحكمهم امراة روسيل
لذالك لا يصل سحر احمر الا لنصف انسان


اين
يبدو في اسبوع او قريب يعبر جسر

قواعد في أدبيات التعامل مع العلماء إن الأدب مع العلماء من شريعة رب الأرض والسماء، وهو مفتاح ...

قواعد في أدبيات التعامل مع العلماء


إن الأدب مع العلماء من شريعة رب الأرض والسماء، وهو مفتاح إلى الخير والعلياء.
وقد أحسن من قال: فاقنع بجهلك إن حضرت معلماً **** واقنع بدائك إن حضرت طبيباً
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا، ويعرف لعالمنا حقه).
وقد أمسك ابن عباس رضي الله عنه بركاب دابة زيد بن ثابت رضي الله عنه فقال له زيد رضي الله عنه: (دع عنك هذا يا ابن عم رسول الله، فقال ابن عباس: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا).
ويستفاد الأدب مع المعلم من قصة نبي الله موسى مع الخضر عندما التقى به فقال له: (هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا) [الكهف:66] طلب في رفق وتلطف وأدب، ورد عليه: (إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا) [الكهف:67] وقد يكون في المعلم قسوة أو شدة لكن نيل العلم في زفراته، فرد عليه نبي الله موسى بقوله: (سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا) [الكهف:69] صبر على العلم والمعلم.
وقد ضرب السلف الأبرار أروع الأمثلة، فقال الشافعي رحمه الله: ما كنت أستطيع أنا أقلب الورق خشية أن أزعج الإمام مالك رحمة الله عليه فعوض الله الشافعي بالربيع الذي كان يقول (والله ما كنت أستطيع أن أشرب الماء والشافعي ينظر إلي) وكان طلابه يعاملونه معاملة الأمير.

آداب التعامل مع العلماء

1- الدعاء لهم في حياتهم وبعد وفاتهم كما كان الإمام أحمد يفعل مع الشافعي، حتى سألته ابنته وقالت من هذا الذي أراك تدعو له دائماً.
2- عدم رفع الصوت أو الكلام في حضرتهم.
3- الكف عن ذكرهم بالسوء في غيبتهم (لأن لحوم العلماء مسمومة وعادة الله فيمن ينالون منهم معلومة)
4- تخصيصهم بسلام خاص ومناداتهم بالألفاظ المناسبة.
5- عدم الإكثار عليهم عند الملل.
6- ستر ما ظهر من عيوبهم.
7- عدم مقارنتهم مع غيرهم.
8- البعد عن إحراجهم أو اختبارهم بالأسئلة.

قواعد في التعامل مع العلماء

أبدأ بالله مستعينًا بتلخيص كتاب مهم، يحتاجه الناس عامة، ويحتاجه طالب العلم خاصة، وهو بعنوان: "قواعد في التعامل مع العلماء"؛ لمؤلفه فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن معلا اللويحق، وقدَّم له سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله نشرَتْه دار الوراق عام 1415هـ، ويقع الكتاب في 193 صفحة، في مقدمة وفصلين، يحتوي الفصل الأول على أربعة مباحث، والفصل الثاني على خمسة عشر مبحثًا، حاولت تلخيصه؛ ليستفيد منه من يقرؤه، ويحيط علمًا بأفانينه ورياحينه، فأسأل الله التوفيق والإعانة.

قواعد في التعامل مع العلماء د. شادي محمد راضي

من هم العلماء؟

العلماء هم ورثة الأنبياء، وفقهاء الإسلام، أئمة الدِّين، العارفون بشرع رب العالمين، هداة الناس لاتباع الهدْي القويم، والمنهج السليم، وهم رأس الجماعة التي أُمِرْنا بلزومها، وحُذِّرْنا من مفارقتها، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "العلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة".

كيف يُعرف العلماء؟

ما هي أوصاف هؤلاء العلماء الأَجِلاَّء، فالعلماء يُعرَفون بخشيتهم وتنَسُّكهم، ودعوتهم وجهادهم؛ ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِه الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطر: 28]، ويُعرَفون بالعلم والرسوخ فيه.

قال ابن القيم رحمه الله: "إن الراسخ في العلم لو وَرَدَت عليه من الشُّبَه بعدد أمواج البحر، ما أزالتْ يقينَه، ولا قدحت فيه شكًّا؛ لأنه قد رسخ في العلم، فلا تستفزُّه الشبهات، بل إذا وردت عليه رَدَّهَا حرسُ العلم وجيشُه مغلولةً مغلوبةً"
(مفتاح دار السعادة 1/140)

ويُعرفَون بشهادة مشايخهم بالعلم، وبدروسهم وفتاواهم ومؤلفاتهم، ويُعرَفون باستعلائهم على حطام الدنيا الزائل،

قال شيخ الإسلام رحمه الله: "ومن له في الأمة لسانُ صِدْق؛ بحيث يُثنَى عليه، ويُحمَد في جماهير أجناس الأمة، فهؤلاء أئمة الهدى، ومصابيح الدجى".
(الفتاوى 11/ 43).

التفريق بين العلماء وبين من قد يشتبه بهم

اعلم أن هناك فرقًا جوهريًّا واضحًا بين طبقة العلماء، وبين غيرهم من القراء من يجيد القراءة والكتابة والمثقفين، والمفكرين، والوُعاظ، والخطباء.
فالعالم الفقيه ذو فَهْم شُمولي للإسلام، واطِّلاع على مجمل الأحكام الشرعية، صاحب مَلَكة في فهم النص، صاحب معرفة بمقاصد الشريعة وأهدافها،
قال الإمام مالك رحمه الله: "الحكمة والعلم نور يهدي به الله من يشاء، وليس بكثرةِ المسائل".
فلا بد أن يُفَرَّق بين هذا العالم الرباني، وبين من قرأ نُتَفًا من العلم هنا وهناك، ويفرَّق بين من مازج بين ثقافة إسلامية عامة، وأخرى غربية كلامية جدلية، ويفرق بين قَصَّاص واعظ.
قال ابن مسعود رضي الله عنه: "إنكم في زمانٍ كثير علماؤه، قليل خطباؤه، وسيأتي من بَعدِكُم زمان كثيرٌ خطباؤه، والعلماء فيه قليلٌ" (رواه البخاري في الأدب المفرد، ص 346)

وقال مجاهد رحمه الله: "ذهب العلماء فلم يبق إلا المتكلمون، وما المجتهد فيكم إلا كاللاعب فيمن كان قبلكم".

مكانة العلماء ومنزلتهم

لقد اعتبرت الشريعة الإسلامية للعلماء منزلتهم، وجُعِل ذلك اعتبارًا شرعيًّا واجبًا من جهة أن طاعتهم طاعة لله ولرسوله، فلا تُقَدَّسُ ذواتُهم وأشخاصهم، ويُتعلَّم منهم العلم الشرعي، والسمت، والهدي التربوي، والتطبيق العملي، يصل توافق أقوالهم فتقوى إلى الإجماع، فيكون القول حجة، وأصلاً شرعيًّا معتبرًا أيضًا، وعلى ذلك أدلة، منها:
• ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ [النساء: 59]

قال ابن عباس رضي الله عنهما: "يعني أهل الفقه والدين، وأهل طاعة الله، الذين يُعلِّمون الناس معاني دينهم، ويأمرونهم بالمعروف، وينهونهم عن المنكر، فأوجب الله سبحانه طاعتهم على عباده".
• ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 43]، قال السعدي في تفسيره: "وعموم هذه الآية فيها مَدْح أهل العلم، وأن أعلى أنواعه العلمُ بكتاب الله المنزَّل؛ فإن الله أمَرَ من لا يعلم بالرجوع إليهم في جميع الحوادث، وفي ضمنه تعديلٌ لأهل العلم، وتزكيةٌ لهم؛ حيث أمر بسؤالهم، وأن بذلك يَخْرُج الجاهل من التَّبِعة".

• ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [آل عمران: 18]، قال القرطبي في تفسيره: "في هذه الآية دليل على فضل العلم، وشرف العلماء وفضلهم؛ فإنه لو كان أحد أشرف من العلماء، لقَرَنَهُم الله باسمه واسم ملائكته، كما قرن اسم العلماء".

• ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الزمر: 9]، قال الطبري في تفسيره: "ويرفع الله الذين أوتوا العلم من أهل الإيمان، على المؤمنين الذين لم يؤتَوا العلم، بفضل علمهم درجاتٍ، إذا عملوا بما أُمِرُوا به".

• ﴿وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ﴾ [العنكبوت: 43]، قال ابن كثير في تفسيره: "وما يفهمها ويتدبرها إلا الراسخون في العلم، المتضلعون منه".

• ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِه الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطر: 28]، قال السعدي في تفسيره: "فكل مَنْ كان بالله أعلم، كان أكثر له خشية، وأوجبت له خشية الله الانكفافَ عن المعاصي، والاستعداد للقاء مَنْ يخشاه، وهذا دليل على فضيلة العلم؛ فإنه داعٍ إلى خشية الله".

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (... وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإنَّ العلماءَ ورثةُ الأنبياءِ، إنَّ الأنبياءَ لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا، إنما ورَّثُوا العلم؛ فمن أخذه، أخذ بحظ وافر).

وعن جُبَير بن مطعِم رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (نضَّرَ الله عبدًا، سمع مقالتي، فحفظها ووعاها، وبلَّغها مَنْ لم يسمعْها، فَرُبَّ حاملِ فقهٍ لا فِقْهَ له، ورُبَّ حاملِ فقهٍ إلى من هُوَ أفقَهُ منه)

قال الشاطبي رحمه الله في الموافقات: "إنَّ المُفْتِيَ شَارِعٌ من وجه؛ لأن ما يبلِّغه من الشريعة إما منقول عن صاحبها، وإما مستنبَط من المنقول؛ فالأول: يكون فيه مُبلِّغًا، والثاني: يكون فيه قائمًا مقامه في إنشاء الأحكام، وإنشاء الأحكام إنما هو للشارع، فإذا كان للمجتهد إنشاء الأحكام بحسَب نظره واجتهاده، فهو من هذا الوجه شارع، واجِبٌ اتباعُه، والعمل على وَفْق ما قاله، وهذه هي الخلافة على التحقيق".
التصحيح من الموافقات (5/ 255).

فالحذَر ممن يهدر مكانة العلماء، ويُردِّد مستخفًّا بقول: "الإسلام ليس دينًا كهنوتيًّا"، و"ليس في الإسلام قداسة لأحد"، حينها ستُشَابِه الخوارج؛ كونهم لم يرفعوا لصحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأسًا، والحَذَر ممن يجعل لهم قداسة؛ بحيث لا يُسأَلون عما يفعلون، فتُشَابِه الرافضة، وليكن موقفك وسَطًا تحفظ للعالِم قدْرَه، وتعْلَم أنهم غير معصومين، فالسلف يعرفون الرجال بالحق، وغيرهم يعرف الحق بالرجال، والله المستعان.

قواعد في التعامل مع العلماء

1- موالاة العلماء ومحبتهم:


قال الإمام الطحاوي رحمه الله في العقيدة الطحاوية: "وعلماء السلف من السابقين، ومَنْ بعدَهم من التابعين، أهل الخير والأثر، وأهل الفقه والنظر، لا يُذكَرون إلا بالجميل، ومَنْ ذَكَرَهُم بسوءٍ، فَهُمْ على غير السبيلِ"، ويقول شيخ الإسلام: "وليس لأحد أن ينتسب إلى شيخ يوالي على متابعته ويعادي على ذلك، بل عليه أن يوالي كل من كان من أهل الإيمان، ومن عُرِف منه التقوى مِنْ جميع الشيوخ وغيرهم، ولا يَخُص أحدًا بمزيد موالاة، إلا إذا ظهر له مزيد إيمانه وتقواه، فيقَدِّم من قدَّم الله تعالى ورسوله عليه، ويُفضِّل من فضَّله الله ورسوله".

2- احترام العلماء وتقديرهم:

قال طاووس بن كيسان رحمه الله: "مِنَ السُّنة أن يوقَّر أربعة: العالم، وذو الشَّيْبة، والسُّلطان، والوالد"، ولقد أخذ ابن عباس رضي الله عنهما مع جلالته وعلو مرتبته، بِرِكَاب زيد بن ثابت الأنصاري، وقال: "هكذا أُمِرْنا أن نفعل بعلمائنا وكبرائنا"؛ (رواه الحاكم، ووافقه الذهبي)، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: "مكثت سنتين أريد أن أسأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن حديث، ما منعني منه إلا هيبَتُه".

3- الأخذ عن العلماء والسعي إليهم:

قال سلمان الفارسي رضي الله عنه: "لا يزال الناس بخير، ما بقي الأول حتى يتعلَّم، أو يُعلِّم الآخِرَ، فإن هلك الأول قبل أن يُعَلِّم أو يتعلم الآخِر، هلك الناس"، وقال أبو الدرداء رضي الله عنه: "ما لي أرى علماءكم يذهبون، وجهَّالَكُم لا يتعلمون، فتعلَّموا قبل أن يُرفَع العلم؛ فإنَّ رَفْعَ العلم ذَهَابُ العلماء"، وقال ميمون بن مِهران رحمه الله: "العلماء هم ضالتي في كل بلد، وهم بُغيتي، إذا لم أجدهم، وجدت صلاح قلبي في مجالسة العلماء".

4- رعاية مراتب العلماء:

إن العلم درجات، والعلماء مراتب، ومنه مراعاة التخصص، ومراعاة السن، قال الإمام الذهبي رحمه الله في سيره: "أقْرَأُ هذه الأمةِ أُبَيُّ بن كعب، وأقضاهم علِيٌّ، وأفرَضُهُم زيدٌ، وأعلمهم بالتأويل ابنُ عباس"، وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: "إنكم لن تزالوا بخير ما دام العلم في كباركم، فإذا كان العلم في صغاركم، سفَّه الصغيرُ الكبير".

5- الحذر من القدح في العلماء:

قال عبدالله بن المبارك رحمه الله: "حقٌّ على العاقل ألا يستخف بثلاثة: العلماء، والسلطان، والإخوان؛ فإنه من استخف بالعلماء ذهبت آخرته، ومن استخف بالسلطان ذهبت دنياه، ومن استخف بالإخوان ذهبت مروءته"،
وقال الحافظ ابن عساكر: "واعلم يا أخي وفقنا الله وإياك لمرضاته، وجعلنا ممن يخشاه ويتَّقيه حق تقاته أن لحوم العلماء رحمة الله عليهم مسمومة، وعادة الله في هتك أستار مُنْتَقِصِيهم معلومة؛ لأن الوقيعة فيهم بما هم منه براءٌ أمره عظيم، والتناول لأعراضهم بالزور والافتراء مرتع وخيم، والاختلاف على من اختاره الله منهم لِنَشْرِ العلم خُلُق ذميم".

6- الحذر من تخطئة العلماء بغير علم:

قال سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله: "الواجب على المسلم أن يحفظ لسانه عما لا ينبغي، وألا يتكلم إلا عن بصيرة، فالقول بأن فلانًا لم يفقه الواقع، هذا يحتاج إلى علم، ولا يقوله إلا مَنْ عنده علم؛ حتى يستطيع الحكم بأن فلانًا لم يفقه الواقع، أما من يقول هذا جُزافًا، ويحكُمُ برأيه على غير دليل، فهذا منكر عظيم لا يجوز، والعلم بأن صاحب الفتوى لم يفقه الواقع يحتاج إلى دليل، ولا يتسنى ذلك إلا للعلماء".
ومما يجب الحذر منه رَمْي العالم بجهله بحال المنافقين والعلمانيين، ومما يجب الحذر منه رمي العالم بالبدعة، من غير دليل ولا برهان، وللاستزادة من هذا، فليراجع رسالة الشيخ العلاَّمة بكر أبو زيد رحمه الله وعنوانها: "كشف الجلة، عن الغلط على الأئمة".

7- التماس العذر للعلماء:

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لا تظُنَّ بكلمة خرجت من أخيك المسلم سوءًا، وأنت تجد لها في الخير محملاً"، ويقول السبُّكي رحمه الله: "فإذا كان الرجل ثقة مشهودًا له بالإيمان والاستقامة، فلا ينبغي أن يُحمل كلامه وألفاظ كتاباته على غير ما تُعُوِّدَ منه ومن أمثاله، بل ينبغي التأويل الصالح، وحسن الظن الواجب به وبأمثاله".

8- الرجوع إلى العلماء والصدور عن رأيهم، خصوصًا في الفتن:

يقول الشيخ العلامة صالح الفوزان حفظه الله: "فالواجب علينا التثبُّت، وعدم التسرع، والله - سبحانه وتعالى - أمرَنا بالتثبت فيما يختص بالعامة من الأمة، وجعل أمور السلم والحرب، والأمور العامة، جعل المرجع فيها إلى ولاة الأمور، وإلى العلماء خاصة، ولا يجوز لأفراد الناس أن يتدخلوا فيها؛ لأن هذا يشتت الأمر، ويفرِّق الوَحدة، ويتيح الفرصة لأصحاب الأغراض، الذين يتربصون بالمسلمين الدوائر".
ليس أحدٌ إلا وتُكُلِّمَ فيه؛ فَتَثَبَّتْ؛ قال الإمام الشافعي رحمه الله: "ليس إلى السلامة من الناس سبيل؛ فانظر الذي فيه صلاحك فالْزمْه"، فالموقف الرشيد من هذا هو التثبت، وهو دليل تَقْوَى الرجل وخوفه من الله عز وجل.

9- الاعتبار في الحكم بكثرة الفضائل:

قال سعيد بن المسيب رحمه الله: "ليس من عالِم، ولا شريف، ولا ذي فضل، إلا وفيه عيب، ولكن من كان فضله أكثر من نقصه، ذهب نقصُه لفضله، كما أنَّ مَنْ غلب عليه نقصانه، ذهب فضله"،
ويقول الإمام ابن عبدالبر رحمه الله: "لا يسلم العالم من الخطأ، فمن أخطأ قليلاً وأصاب كثيرًا، فهو عالم، ومن أصاب قليلاً وأخطأ كثيرًا، فهو جاهل"، ويقول ابن رجب رحمه الله: "والمنصِفُ مَنِ اغتفر قليلَ خطأِ المرءِ في كثيرِ صَوَابِهِ".

10- الحذر من زلات العلماء:

فكما هو متقرر أن العلماء غير معصومين، فمن وقع في زلة، فلا تعتمد هذه الزلة، ولا تأخذ بها؛ لأنها جاءت خلاف الشريعة؛
ولهذا قال الشاطبي رحمه الله: "إن زلة العالم لا يصح اعتمادها، من جهة، ولا الأخذ بها تقليدًا؛ وذلك لأنها موضوعة على المخالفة للشرع؛ ولذلك عُدَّت زلة، وإلا فلو كانت مُعتَدًّا بها، لم يُجعل لها هذه الرتبة، ولا نَنْسُب إلى صاحبها الزللَ فيها"؛
ولهذا قال الأوزاعي رحمه الله: "من أخذ بنوادر العلماء، خرج من الإسلام".
ثم إذا علمت هذه الزلة، فلا بد من العدل والإنصاف في التعامل معها، وفي هذا قال الإمام الشاطبي رحمه الله: "لا ينبغي أن ينسب صاحبها إلى التقصير، ولا أن يُشَنَّع عليه بها، ولا ينتقص من أجلها، أو يعتقد فيه المخالفة بحتًا؛ فإن هذا كله خلاف ما تقتضي رتبته في الدين"، ولهذا لا بد من المناصحة، وتبيين الزلة بأسلوب علمي، وأدب رفيع، تعريضًا لا تصريحًا.

11- كلام الأقران في بعض يُطوى ولا يُروى:

قال ابن عباس رضي الله عنهما: "استمعوا علم العلماء، ولا تُصدِّقوا بعضهم على بعض"، وقال الإمام الذهبي: "كلام الأقران بعضهم في بعض لا يؤبَهُ به، لا سيما إذا لاح لك أنه لعداوة، أو لمذهب، أو لحسد، وما ينجو منه إلا من عَصَمَهُ اللهُ، وما علمْتُ أن عصرًا من الأعصار سَلِمَ أهله من ذلك سوى الأنبياء والصِّدِّيقين، ولو شئتُ لسردْتُ من ذلك كراريس"، وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "كلام الأقران غير معتبَر في حق بعضهم بعضًا، إذا كان غير مفسَّر".
ومن أسباب هذا الكلام وجود المنافسة في البلد، أو التخصص العلمي، الغضب الشديد، الاختلاف المذهبي، وجود بعض الإحَن والمخاصمات، ومع هذا فَصُوَر العلماء مشرقة، واضحة في العدل والإنصاف، ومنه قول الإمام أحمد في إسحاق بن راهويه؛ حيث قال: "لم يَعبُرِ الجسرَ إلى خراسان مثلُ إسحاقَ، وإن كان يخالفنا في أشياءَ، فإن الناس لم يزل يخالف بعضهم بعضًا".

12- العدل في الحكم على المجتهدين:

اعلم أن المجتهد مأجور، غير مأزور في اجتهاده؛ فعن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب، فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ، فله أجر)
وقال ابن تيمية رحمه الله: "ومذهب أهل السنة أنه لا إثم على من اجتهد، وإن أخطأ، واعلم أيضًا أن الاختلاف بين العلماء أمر مقدور، لا يمكن تجاوزه، كما أن اختلافهم في الأحكام له أسباب معتبرة، ولم يكن عن تعمُّد، ولا اعتباطًا، أو لِهَوًى، أو غير ذلك".
ولقد ألف شيخ الإسلام رسالة ثمينة في هذا الباب، فلتُراجَع، وهي بعنوان: "رفع الملام عن الأئمة الأعلام".
ومما يجب علمه أيضًا: ليس كلُّ اختلاف بين العلماء يُعَدُّ اختلافا حقيقيًّا، بل قد يكون من باب اختلاف التنوع لا التضاد، ولا بد أن يُرجَع كل خلاف إلى القرآن والسنة للفصل فيه، ولا بُدَّ أن تدرك أن العصمة لا تكون لأحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم فكُلٌّ يؤخذ من قوله ويُرَدُّ إلا محمدًا صلى الله عليه وسلم.

13- ترك المبادرة إلى الاعتراض على العلماء:

ومثال ذلك الإرشاد النبوي في واقعة الحديبية، بعد كتابة وثيقة الصلح مع قريش، واعترض الصحابة رضي الله عنهم على بنودها، ومن أشدهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثم تبين بعد ذلك أن هذا الصلح كان خيرًا وفتحًا مُبِينًا للمسلمين، وتاب الصحابة رضي الله عنهم عن اعتراضهم، وما زال عمر رضي الله عنه يصوم، ويتصدق، ويعتق؛ كفارة عن ذلك اليوم.
وخذ بوصية الحسن بن علي رضي الله عنهما حيث أوصى ابنه قائلاً له: "يا بُنَي، إذا جالسْتَ العلماء، فكن على أن تسمع أحرصَ منك على أن تقول، وتعلَّم حسن الاستماع، كما تتعلم حسن الصمت".

14- وضع الثقة في العلماء:

إن من الناس من يطالب العلماء الربانين ببيان كل شيء، يتعلق بأمور العامة، وهذه المطالبة مخالِفَة للشرع والعقل؛ فليس كل أمر يصلح إخبار الناس به، وهم أعلم بما يَصْلُح للمتعلم من العِلْم،
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "حدِّثوا الناس بما يعرفون؛ أتُحِبُّون أن يُكَذَّب اللهُ ورسوله؟!"،
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: "ما أنت بمحدِّث قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم، إلا كان لبعضهم فتنة".

توقير العلماء واحترامهم سنة ماضية، حض عليها النبي صلى الله عليه وسلم ودَرَج عليها سلف الأمة.
البستان ما زال يحوي أزهارًا، لم أقطفها لك؛ حتى تذهب بنفسك لقطفها، وشَمِّ رياحينها، وما زال في البحر درر كامنة، تبحث عمن يفتش عنها ليخرجها.
...المزيد
يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
29 صفر 1447
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً