يا أهل السنة في جزيرة محمد صلى الله عليه وسلم أين أحفاد الصحابة فيكم؟، أين غيرتكم على دينكم ...

يا أهل السنة في جزيرة محمد صلى الله عليه وسلم أين أحفاد الصحابة فيكم؟، أين غيرتكم على دينكم وأمتكم؟، أين مروءتكم وشهامتكم؟، أما ترون حال أهل السنة في العراق والشام واليمن؟!، أو تظنون أنكم بمنأى عما يلاقيه أهل الإسلام من الكرب والبلاء؟!، ثبوا من رقادكم وسكرتكم وانفضوا غبار الذل عنكم، فما عاد طغيان وكفر دولة آل سلول قبحهم الله بخاف حتى على صبيانكم، وقد عزموا على تغريبكم وعلمنتكم في حملة ممنهجة سعيا لإكفاركم، وتدمير منهج أهل السنة والجماعة على أرضكم، يا أحفاد الفاتحين حطموا حاجز الخوف المتوهم في نفوسكم، ولا تعولوا على أشباه الرجال ممن يسمون بالعلماء، فقد باعوا دينهم لهذا الطاغوت وأرخصوا الأعراض إرضاءً لنزواته وشهواته، وخدروكم بدعوى الأمن الزائف على أرضكم وخوف الفتنة والقتل، إن الفتنة الشرك، إن الفتنة أن يقتل أبناؤكم على غير ملة الإسلام في سبيل نصرة الطاغوت والوطنية، إن الفتنة أن تنطلق طائرات القتل والدمار من أرضكم يقودها أبناؤكم وبفتاوى القتلة المجرمين بلاعمة العصر، لتقصف مدن وبلدات أهل السنة في العراق والشام وتسويها بالأرض نصرة وإعانة للصليبيين، وتمكينا للنصيرية والرافضة وملاحدة الأكراد من رقاب أهل السنة، ومن منا لم يسمع بدعم الملاحدة الأكراد بمئة مليون دولار كما صرحوا بذلك؟ وبدعمهم اللامحدود لرافضة العراق أما في جزيرة محمد صلى الله عليه وسلم من يقف في وجه هؤلاء المرتدين السفهاء؟!، انهضوا يا آساد النزال في الحجاز ونجد والبحرين، وأعدوا العدة، وجهزوا السرايا وعبئوا الكتائب، واستعينوا بالله لخلع هؤلاء المرتدين الخونة، أحفاد أبي رغال، الذين طال شرهم ومكرهم بأهل السنة في كل مكان، وأبوا إلا أن يكونوا العين الساهرة للصليبيين، واليد الباطشة بالمسلمين اليوم، فإنه لا صيانة للدين والعرض من دون دم مهراق وقلب للآخرة تواق.

ويا أهل السنة في الأردن ألأجل رغيف خبز تضجون؟!، وحكم الله وشرعه في أرضكم مضيع مبدل قد عفا رسمه فلا يرى؟!، كفاكم جريا خلف السراب واكفروا بالأحزاب، فإن صلاح الحال لن يكون إلا بخلع هؤلاء الطواغيت الجاثمين على البلاد، وبإقامة شرعة رب العباد، فأقبلوا على ربكم ودينكم، أين أصحاب العزمات منكم كفوارس السلط والفحيص وليوث الكرك والزرقاء وإربد ومعان؟!، أين الأنجاد؟!، أين أهل الشداد؟!، ليفهموا ذنب الروم وكلب اليهود من هم أبناء الإسلام، من هم المجاهدون فإن للموحدين ثأرا قد أقسموا برب البيت أن لا يضيعوه، وإن غدا لناظره لقريب.
...المزيد

وإن دولة الخلافة باقية بإذن الله ما بقيت متمسكة بكتاب ربها وسنة نبيها صلى الله عليه وسلم، تنصر دين ...

وإن دولة الخلافة باقية بإذن الله ما بقيت متمسكة بكتاب ربها وسنة نبيها صلى الله عليه وسلم، تنصر دين الله وتقاتل أعداءه، وتسعى في مرضاته وإن اجتمع عليها من بأقطارها، فاعلموا يا أهل السنة في الشام أنه لا خيار لكم إن أردتم العيش أعزة كرماء إلا بالرجوع إلى دينكم وجهاد عدوكم، فإن العبرة ليست بحمل السلاح وحده، وإنما بتحقيق التوحيد وتجريد عقيدة الولاء والبراء، وعدم القبول بغير حاكمية الشريعة والموت في سبيل تحقيق ذلك، ثم النهوض من جديد بفتح الجبهات ومنابذة هدن الذل والعار التي أسلمت فصائل الردة بموجبها مناطق أهل السنة، وكانت عونا للصليبيين والنصيرية المعتدين في توحيد جهودهم لحرب دولة الخلافة في العراق والشام، وهذا أمر معلن غير خفي، ولطالما حث قادة الصليب على توحيد الجهود في حرب الدولة الإسلامية، فإن حربهم اليوم حرب إبادة شاملة لأهل السنة لا تستهدف حسر نفوذ الدولة فحسب، وقد أدركوا منذ عهد ليس بالقريب أن السنة هم الخطر الحقيقي، ولا بد من استئصاله، فمنهم الحذر والخوف دائما، فأفيقوا يا أهل السنة، فمن مد طوق النجاة للرافضة الأنجاس بعد أن كاد المجاهدون أن يقضوا على توسعهم في المنطقة؟ سوى تحالف الصليب، وحكومات الردة والعمالة، وعلى رأسها آل سلول وإمارات الردة والخراب والإفساد بأموالهم ومقدرات بلدانهم، يا أهل السنة في العراق والشام وكل مكان، يا أهل السنة، السلاح السلاح، اطلبوا الموت توهب لكم الحياة، فإن من قتل في الحروب مدبرا أكثر بكثير ممن قتل مقبلا!، والحقوا بركب الخلافة في العراق والشام واليمن وسيناء وخراسان وليبيا وغرب إفريقية ووسطها وشرق آسيا والقوقاز وغيرها من الولايات، فقد عزم أبناء الإسلام أن لا يضعوا السلاح، وأن لا ينعم الصليبيون وأذنابهم بطيب عيش ومقام حتى يحكم الله بينهم وبين عدوهم ويقضي أمرا كان مفعولا، قال ربنا تبارك وتعالى: } كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوْا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُوْا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌ لَكُمْ واللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُوْنَ{ ]البقرة: 216[ قال ابن القيم: ففي هذه الآية عدة حكم وأسرار ومصالح للعبد فإن العبد إذا علم أن المكروه قد يأتي بالمحبوب والمحبوب قد يأتي بالمكروه لم يأمن أن توافيه المضرة من جانب المسرة ولم ييأس أن تأتيه المسرة من جانب المضرة لعدم علمه بالعواقب فإن الله يعلم منها ما لا يعلمه العبد وأوجب له ذلك أمورا

منها: أنه لا أنفع له من امتثال الأمر وإن شق عليه في الابتداء لأن عواقبه كلها خيرات ومسرات ولذات وأفراح وإن كرهته نفسه فهو خير لها وأنفع وكذلك لا شيء أضر عليه من ارتكاب النهي وإن هويته نفسه ومالت إليه فإن عواقبه كلها آلام وأحزان وشرور ومصائب وخاصية العقل تحمل الألم اليسير لما يعقبه من اللذة العظيمة والخير الكثير واجتناب اللذة اليسيرة لما يعقبها من الألم العظيم والشر الطويل،

ومن أسرار هذه الآية: أنها تقتضي من العبد التفويض إلى من يعلم عواقب الأمور والرضى بما يختاره له ويقضيه لما يرجو فيه من حسن العاقبة،

ومنها: أنه لا يقترح على ربه ولا يختار عليه ولا يسأله ما ليس له به علم فلعل مضرته وهلاكه فيه وهو لا يعلم فلا يختار على ربه شيئا بل يسأله حسن الاختيار له وأن يرضيه بما يختاره فلا أنفع له من ذلك.

ومنها: أنه إذا فوض أمره إلى ربه ورضي بما يختاره له أمده فيما يختاره له بالقوة عليه والعزيمة والصبر وصرف عنه الآفات التي هي عرضة اختيار العبد لنفسه وأراه من حسن عواقب اختياره له مالم يكن ليصل إلى بعضه بما يختاره هو لنفسه.

ومنها: أنه يريحه من الأفكار المتعبة في أنواع الاختيارات ويفرغ قلبه من التقديرات والتدبيرات التي يصعد منها في عقبة وينزل في أخرى ومع هذا فلا خروج له عما قدر عليه فلو رضي باختيار الله أصابه القدر وهو محمود مشكور ملطوف به فيه وإلا جرى عليه القدر وهو مذموم غير ملطوف به فيه لأنه مع اختياره لنفسه ومتى صح تفويضه ورضاه اكتنفه المقدور مع العطف عليه واللطف به فيصير بين عطفه ولطفه فعطفه يقيه ما يحذره ولطفه يهون عليه ما قدره إذا نفذ القدر في العبد كان من أعظم أسباب نفوذه تحيله في رده فلا أنفع له من الاستسلام وإلقاء نفسه بين يدي القدر طريحا كالميتة فإن السبع لا يرضى بأكل الجيف. انتهى كلامه رحمه الله.
...المزيد

فيا أهل السنة في الشام، لقد تهاوى الأدعياء، وانكشفت سوءة المبطلين المأجورين من وقفوا في وجه ...

فيا أهل السنة في الشام، لقد تهاوى الأدعياء، وانكشفت سوءة المبطلين المأجورين من وقفوا في وجه المجاهدين وأخروا الجهاد لسنين، فمنذ أن هب أبناء دولة الإسلام نصرة لكم وذبا عن الحرم، كان همهم الأكبر أن يجنبوكم قدر الاستطاعة ما تلقونه اليوم من عناء على مرأى ومسمع العالم أجمع، فإن التاريخ يعيد نفسه، وقد حذرناكم سيرة الصليبيين فيمن سلف من فصائل الصحوات ومرتدي العشائر في العراق، وكيف تركوهم يلقون مصيرهم بأنفسهم، ويمسوا بين مطرقة المجاهدين وسندان الرافضة، فها هي صحوات الشام تلقى المصير نفسه، والقدر المحتوم على كل من سلك غير سبيل المؤمنين، وظل رهن إشارة الصليبيين، وباع آخرته ودنياه بدنيا غيره، فيا جندي فصائل الصحوات في الشام، أما آن لك أن تدرك ما يجري حولك؟!، وإلى أي حال يقودك قادتك وجلاوزة فصيلك؟!، لقد خدعوك وأغروك بنصرة أهل السنة في الشام بعد أن ادعو مفارقة ومنابذة الطاغوت النصيري، واليوم يصالحونه ويقفون معه صفا واحدا في قتال دولة الخلافة كما جرى في حوض اليرموك وبادية السويداء، فأين عقلك يا جندي الصحوات؟!، أين قلبك إذ عمي بصرك؟!، انظر مليا وتفكر فقد وضح الأمر وانكشف الغطاء!، أين شرع الله وتطبيق أحكامه فيما يسمونه المحرر الذي بات يسلم للنصيرية وإيران والروس دون قتال يذكر؟!، فاعلم على أي شيء تقاتل، نعم على أي شيء تقاتل؟!، وقد أضحيت ممن يزهق نفسه تحت راية عميه جاهلية!، (روى الإمام مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم من قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة أو يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة فقتل فقتلة جاهلية) حتى وإن زخرفها دعاة جهنم وحسنوها لك فعجبا لك!، أخرجت ليحل طاغوت علماني مكان طاغوت نصيري؟!، ألهذا نفرت؟!، ألهذا هاجرت يا من هاجرت؟!، أو بهذا يستجلب النصر وتستنزل الرحمات، واللطف وتفريج الكربات؟!، كلا والله ما كان هذا سبيل أصحاب الدعوات، فتب إلى ربك مما أوقعوك فيه من الردة، وأَقبل، وكن عونا ونصيرا لدولة الإسلام التي ما تركت بفضل الله ومنه لعدوها أرضا يحفل بها إلا بعد قتال مرير وخسائر لا تعد ولا تحصى، وإن مما يدمي القلب، ويحز في نفس كل مسلم غيور على دينه وأمته ماحل بالغوطة الشرقية وجنوب دمشق من تهجير أهلها واستباحة أرضها، وما آلت إليه أرض حوران، وكيف أن فصائل الردة أسلمت الديار، وعاد كثير من الخونة المرتدين إلى سالف عهدهم بعد أن أنجزوا المهام الموكلة إليهم، وحالوا دون المجاهدين وعدوهم من النصيرية والروافض المشركين، فماذا جنت فصائل الردة في حوران بعد أن نفض داعموها أيديهم عنها؟، وإن ما فعله هؤلاء المرتدون الخونة وصمة عار لا تمحى وإن تقادى بها العهد والزمان، وهل خفي عن ناظري كل متابع أكوام الأسلحة خفيفها ومتوسطها وثقيلها وهي تسلم للنصيرية يدا بيد؟!، وها هي إدلب اليوم على شفا جرف هار يطالها قصف الروس والنصيرية يرومون اقتحامها، ولا زال هؤلاء الخونة من فصائل الذل والعار يؤدون الدور نفسه عبر تحشيدهم الإعلامي، وما انفك الناس يصدقونهم، ويبنون عليهم الآمال في دفع صيال النصيرية، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وفي مقابل ذلك رأى الجميع بفضل الله ومنه ثبات جنود الخلافة في جنوب دمشق رغم ضعف تسليحهم وقلة عتادهم إلا أنهم سعوا في دفع صيال عدوهم، ونحسبهم والله حسيبهم قد استنفذوا الوسع والطاقة في ذلك، حتى نفد ما بأيديهم، وما عاد سقف يؤويهم فانحازوا إلى إخوانهم، وما وضعوا السلاح عن كواهلهم، فهم إلى اليوم في جهاد عدوهم، وهذا شاهد حي كفيل بأن يميز به المسلم بين من يذب عن أمته ويذود عن حياض المسلمين، ومن يتاجر بدماء المسلمين ويقتات عليها!، حتى رميت الدولة بالتهور والجنون وعدم الحنكة والسياسة واستعداء الأعداء، وكأن بلاد المسلمين ليست سليبة محتلة من الصليبيين منذ قرون!، وجهل شانئوا الدولة ومبغضوها أن خالقنا جل وعلا قد أعلى شأن أمة الأخدود في كتابه العزيز، وأكرمها بجنة عرضها السماوات والأرض، وسماه الفوز الكبير، لثبات تلك الأمة على دينها، وعدم تخليها عن توحيد ربها، وما رضخت لطاغوت ذليل حقير سامها العذاب في الدنيا، ومن نافلة القول أن يعلم كل مجاهد في هذا الزمان أنه من غير ثبات طائفة الإيمان ومجابهتها آلة العدو الضخمة الهائلة حتى وإن أفضى ذلك لاصطلامها فلن تحيا هذه الأمة ولن يقوم للإسلام دولة، فلا بد من طليعة تضحي وتكون القنطرة التي تعبر الأمة من خلالها إلى ميادين العزة والكرامة، ...المزيد

قال صاحب المدارج: ولما كان طالب الصراط المستقيم طالب أمر أكثر الناس ناكبون عنه مريدا لسلوك طريق ...

قال صاحب المدارج: ولما كان طالب الصراط المستقيم طالب أمر أكثر الناس ناكبون عنه مريدا لسلوك طريق مرافقه فيها في غاية القلة والعزة والنفوس مجبولة على وحشة التفرد وعلى الأنس بالرفيق نبه الله سبحانه على الرفيق في هذه الطريق وأنهم هم الذين {أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69] فأضاف الصراط إلى الرفيق السالكين له وهم الذين أنعم الله عليهم، ليزول عن الطالب للهداية وسلوك الصراط وحشة تفرده عن أهل زمانه وبني جنسه وليعلم أن رفيقه في هذا الصراط هم الذين أنعم الله عليهم فلا يكترث بمخالفة الناكبين عنه له فإنهم هم الأقلون قدرا وإن كانوا الأكثرين عددا كما قال بعض السلف: عليك بطريق الحق، ولا تستوحش لقلة السالكين، وإياك وطريق الباطل، ولا تغتر بكثرة الهالكين وكلما استوحشت في تفردك فانظر إلى الرفيق السابق واحرص على اللحاق بهم وغض الطرف عمن سواهم فإنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وإذا صاحوا بك في طريق سيرك فلا تلتفت إليهم فإنك متى التفت إليهم أخذوك وعاقوك" انتهى كلامه. فهنيئا لكل متبع ومقتف لمن أنعم الله عليهم يلقى ما لاقوا ويصبر كما صبروا حتى يرد الحوض غير مبدل ولا مغير. قال أبو الوفاء ابن عقيل رحمه الله: إذا أردت أن تعلم محل الإسلام من أهل الزمان فلا تنظر إلى زحامهم في أبواب الجوامع، ولا ضجيجهم في الموقف بـ (لبيك)، وإنما انظر إلى مواطأتهم أعداء الشريعة

وقال إمام الدعوة النجدية رحمه الله: فهل يتم الدين أو يقام علم الجهاد أو علم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا بالحب في الله والبغض في الله والمعاداة في الله والموالاة في الله ولو كان الناس متفقين على طريقة واحدة ومحبة من غير عداوة ولا بغضاء لم يكن فرقان بين الحق والباطل ولا بين المؤمنين والكفار ولا بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، انتهى كلامه.

يا أهل الإسلام، لقد ظن الصليبيون وعلى رأسهم أمريكا أن هذه الأمة خداج لا عقب لها يخشى منه ويتقى في هذا الزمان، وتخال بإهلاكها الحرث والنسل في حربها المسلمين أنها ستجهض أمل المجاهدين المتقد في صدورهم، ولو نظر المتجرد للحقيقة لأدرك ما آلت إليه حامية الصليب أمريكا بعد دخولها ساحة الصدام المباشر مع أبناء الإسلام لما يقرب عقدين من الزمان فها هي بفضل الله ومنه تعيش أسوأ مرحلة تمر بها في تاريخها المعاصر كما يصرح بذلك ساستها وكبراؤها، وحالا مؤذنة بزوالها بإذن الله، بل وما عادت تخفي تلمظها على ما أنفقت من أموال طائلة لم تجن من ورائها سوى الحسرة والندامة، فمع اتساع رقعة الجهاد، ومسعاها الحثيث لتحجيمه وكفه عن التمدد والانتشار ازدادت وتيرة استنزافها في بؤس وشقاء تكابده أمرين، وما العقوبات التي تفرضها على حلفاءها وتدندن حولها اليوم كما في المشهد التركي، وطلبها الإفراج عن القس الصليبي ومجابهة طلبها بالرفض، وسعي الروس والإيرانيين للتمرد وعدم الانصياع لما تمليه عليهما من عقوبات، بل وحتى كوريا الشمالية تبدي عدم التزامها وتصف أسلوب أمريكا المتبع بسياسة العصابات إلا علامة انكفاء وتدن عما كانت عليه وازدراء متعمد من الحلفاء لما يرونه من ضعفها، وإن للمجاهدين بعد الله الفضل فيما ألم بها من كسر لهيبتها وهوانها، فلا اعتبار بزهوها وما تتشدق به من نصرها المزعوم بإخراج الدولة من المدن والأرياف في العراق والشام، فأرض الله واسعة والحرب سجال، وما وضعت أوزارها، وكان الأجدر والأولى بها وبأكابر مجرميها أن يدسوا رؤوسهم في التراب، ويستروا سوآتهم عن العيان بعد أن أباد الله على أيدي عباده المجاهدين المستضعفين في العراق ما أنشأته من الفرق والألوية والكتائب طوال عشر سنين أو تزيد، حتى ألجأها المجاهدون للتملق والتزلف للمليشيات والأحزاب الرافضية الإيرانية في العراق، فشب المستنجد به عن الطوق، حتى وصل قادة هذه المليشيات إلى سدة الحكم، وأصبحت تقلب كفيها تندب حظها فهذا حالها ومقالها، لقد أفشل المجاهدون بتوفيق الله ومنه ما كانت تحلم به أمريكا من السيطرة وبسط النفوذ، حتى أقبلت روسيا الصليبية تزاحمها في المنطقة، وتنكد عليها استفرادها بها، وإنا في دولة الإسلام قد أعددنا لكم يا حماة الصليب وقتلة أهل السنة على أرض الشام وكل مكان ما سينسيكم بإذن الله أهوال العراق وخراسان، وما انطفأ لهيب المعركة فيهما، ولن ينطفئ بحول الله وقوته، فالأيام بيننا يا عباد الصليب.
...المزيد

ومنها: لو نصر الله سبحانه وتعالى المؤمنين دائما وأظفرهم بعدوهم في كل موطن وجعل لهم التمكين والقهر ...

ومنها: لو نصر الله سبحانه وتعالى المؤمنين دائما وأظفرهم بعدوهم في كل موطن وجعل لهم التمكين والقهر لأعدائهم أبدا لطغت نفوسهم وشمخت وارتفعت فلو بسط لهم النصر والظفر لكانوا في الحال التي يكونون فيها لو بسط لهم الرزق فلا يصلح عباده إلا السراء والضراء والشدة والرخاء والقبض والبسط فهو المدبر لأمر عباده كما يليق بحكمته إنه بهم خبير بصير.

ومنها: استخراج عبودية أوليائه وحزبه في السراء والضراء فيما يحبون وفيما يكرهون وفي حال ظفرهم وظفر أعدائهم بهم فإذا ثبتوا على الطاعة والعبودية فيما يحبون وما يكرهون فهم عبيده حقا وليسوا كمن يعبد الله على حرف واحد من السراء والنعمة والعافية.

ومنها: أنه إذا امتحنهم بالغلبة والكسرة والهزيمة ذلوا وانكسروا وخضعوا فاستوجبوا منه العز والنصر فإن خلعة النصر إنما تكون مع ولاية الذل والانكسار قال تعالى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ} [آل عمران: 123]، وقال: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا} [التوبة: 25]، فهو سبحانه إذا أراد أن يعز عبده ويجبره وينصره كسره أولا ويكون جبره له وانكساره له ونصره على مقدار ذله وانكساره.

ومنها: أن الله سبحانه هيأ لعباده المؤمنين منازل في دار كرامته لم تبلغها أعمالهم ولم يكونوا بالغيها إلا بالبلاء والمحنة فقيض لهم الأسباب التي توصلهم إليها من ابتلائه وامتحانه كما وفقهم للأعمال الصالحة التي هي من جملة أسباب وصولهم إليها.

ومنها: أن النفوس تكتسب من العافية الدائمة والنصر والغنى طغيانا وركونا إلى العاجلة وذلك مرض يعوقها عن جدها في سيرها إلى الله والدار الآخرة فإذا أراد بها ربها ومالكها وراحمها كرامته قيض لها من الابتلاء والامتحان ما يكون دواءً لذلك المرض العائق عن السير الحثيث إليه فيكون ذلك البلاء والمحنة بمنزلة الطبيب يسقي العليل الدواء الكريه ويقطع منه العروق المؤلمة لاستخراج الأدواء منه ولو تركه لغلبته الأدواء حتى يكون فيها هلاكه. ومنها: أن الشهادة عند الله من أعلى مراتب أوليائه الشهداء هم خواصه والمقربون من عباده وليس بعد درجة الصديقية إلا الشهادة وهو سبحانه يحب أن يتخذ من عباده شهداء تراق دماؤهم في محبته ورضائه ويؤثرون رضاه ومحابَّه على نفوسهم ولا سبيل إلى نيل هذه الدرجة إلا بتقدير الأسباب المفضية إليها من تسلط العدو. انتهى كلامه رحمه الله.

فيا أيها الموحدون المجاهدون المرابطون، يا أبناء الإسلام وحملة لوائه في زمن الغربة، خذوا الكتاب بقوة، واقبضوا على جمر التكاليف، واقتفوا أثر الرسل والأنبياء والصديقين: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} [الأحزاب: 39] وقد قص لنا ربنا في كتابه العزيز من قصصهم ما فيه مدكر، وذكر لنا حال أقوامهم ومقالهم تسلية لكل من سار على درب من هدى الله، ليقتدي بهم ويستمسك بما استمسكوا به واعتصموا، فهذا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم نبي الملحمة والمرحمة يعلم أمته، ويهب للأجيال المتعاقبة أسفارا من التضحية والبذل والفداء ليستن به من خلفه ويسير على نهجه القويم وصراط الله المستقيم، فقد شج وجهه صلى الله عليه وسلم وكسرت رباعيته، وقتل عمه وأصحابه وأحبابه، وآذاه أهل الإفك، وأصابه والصحابة الكرام الجوع والعناء حتى زلزلوا زلزالا شديدا، وحل بهم من الكرب والضيق طوال سيرته ودعوته ما قضى الله وقدر لأهل الإيمان والتقوى،( روى البخاري في صحيحه عن خباب بن الأرت رضي الله عنه قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة فقلنا: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو لنا؟ فقال: قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه فما يصده ذلك عن دينه والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون).
...المزيد

أيها المسلمون تمر علينا أيام من أيام الله التي يميز فيها سبحانه الخبيث من الطيب، والصادق من الكاذب، ...

أيها المسلمون تمر علينا أيام من أيام الله التي يميز فيها سبحانه الخبيث من الطيب، والصادق من الكاذب، والدعي وصاحب الدعوى، ولا زال أبناء الإسلام بفضل الله ومنه في دولة الخلافة يقفون موقف الثبات متوكلين على ربهم متجردين من حولهم وقوتهم في وجه أحلاف الكفر من صليبيين ويهود وملاحدة ومرتدين ومجوس، وقد كسروا أجفان سيوفهم وأسرجوا خيولهم، وكمنوا لأعدائهم وقعدوا لهم كل مرصد، فما أصغوا للائم جبان أعياه شظف العيش ووعورة الطريق وشدة الأهوال، وما تخلوا عن نهج ارتضوه طاعة لله سلكوه، وهم على يقين أن هذا الأمر دونه سيل من الدماء، وتكالب الأعداء، وعظيم البلاء من أسر وكسر وبتر، وعاقبته الفتح والتمكين بإذن الله لعباده الموحدين المتقين، قال ربنا الحكيم الخبير سبحانه: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 55]. وأخبرنا سبحانه أن التمحيص كائن لا محالة فقال: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214]، وقال سبحانه: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة: 155 - 157] وقال عز شأنه: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 142] وقال سبحانه: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} [محمد: 31]، قال الإمام الطبري في تأويل هذه الآية: ولنبلونكم أيها المؤمنون بالقتل وجهاد أعداء الله حتى نعلم المجاهدين منكم يقول: حتى يعلم حزبي وأوليائي أهل الجهاد في الله منكم وأهل الصبر على قتال أعدائه فيظهر ذلك لهم ويعرف ذوو البصائر منكم في دينه من ذوي الشك والحيرة فيه وأهل الإيمان من أهل النفاق ونبلو أخباركم فنعرف الصادق منكم من الكاذب. انتهى كلامه رحمه الله.

وإن ميزان النصر أو الهزيمة عند المجاهدين أهل الإيمان والتقوى ليس مرهونا بمدينة أو بلدة سلبت، وليس خاضعا لما يملكه المخلوقون من تفوق جوي أو صواريخ عابرة أو قنابل ذكية، ولا لكثرة الأتباع والأشياع، فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده وينصر من يشاء، وما من شيء إلا وربنا آخذ بناصيته، وما أكثر الناس ولو حرص كل مؤمن مجاهد مبلغ بمؤمنين، بل إن كفتي هذا الميزان خاضعة لما يملكه العبد من يقين بوعد ربه، وثبات على توحيده وإيمانه وإرادته الحقة في قتال أعداء الدين، وعدم النكوص أو النكول عن ذلك، فبهذا يزن أهل الإيمان تقلب الأحوال، فمتى تخلوا عن دينهم وصبرهم وجهاد عدوهم ويقينهم بوعد خالقهم هزموا وذلوا، ومتى تمسكوا به عزوا وانتصروا ولو بعد حين، فإن العاقبة للمتقين، فلا سبيل لإعزاز هذا الدين بعد توحيد الله والإيمان به إلا بالقتال وحب الاستشهاد في سبيله، ومراغمة أعدائه من الكفرة المجرمين في كل موطن، فبذلك يقام الدين وتنصر الملة، فربنا الحكيم الخبير سبحانه يمن على عباده المؤمنين بالنصر أحيانا، ويبتليهم أحيانا أخرى، فيحرمهم من هذه النعمة، ويذيقهم طعم الابتلاء لحكم يقدرها ويعلمها، وقد عد ابن القيم رحمه الله نبذا من هذه الحكم فقال:

منها: أن يتميز المؤمن الصادق من المنافق الكاذب فإن المسلمين لما أظهرهم الله على أعدائهم يوم بدر وطار لهم الصيت دخل معهم في الإسلام ظاهرا من ليس معهم فيه باطنا فاقتضت حكمة الله عز وجل أن سبب لعباده محنة ميزت بين المؤمن والمنافق فأطلع المنافقون رؤوسهم في هذه الغزوة -يعني أحد- وتكلموا بما كانوا يكتمونه وعاد تلويحهم تصريحا وانقسم الناس إلى كافر ومؤمن ومنافق انقساما ظاهرا وعرف المؤمنون أن لهم عدوا في نفس دورهم، وهو معهم لا يفارقونهم فاستعدوا لهم وتحرزوا منهم.
...المزيد

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 145 (تفريغ كلمة صوتية) • وبشر المؤمنين كلمة صوتية ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 145
(تفريغ كلمة صوتية)

• وبشر المؤمنين

كلمة صوتية لمولانا أمير المؤمنين الشيخ المجاهد
أبي بكر الحسيني القرشي البغدادي ( تقبله الله )


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

{ياأيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه حقّ تقاته ولا تموتنّ إلّا وأنتم مسلمون} [آل عمران: 102].
{ياأيّها النّاس اتّقوا ربّكم الّذي خلقكم من نفسٍ واحدةٍ وخلق منها زوجها وبثّ منهما رجالًا كثيرًا ونساءً واتّقوا اللّه الّذي تساءلون به والأرحام إنّ اللّه كان عليكم رقيبًا} [النساء: 1].
{ياأيّها الّذين آمنوا اتّقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع اللّه ورسوله فقد فاز فوزًا عظيمًا} [الأحزاب: 71] أما بعد:

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

إلى الموحدين الصادقين في هذه الأمة عامة، وإلى المجاهدين الصابرين الباذلين الثابتين على ثغور الإسلام خاصة، إلى أبناء التوحيد وحملة الرسالة وحراس العقيدة في مشارق الأرض ومغاربها، تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، وأعاد علينا وعليكم عيد الأضحى المبارك باليمن والإيمان والنصر والتمكين لدولة الإسلام، فهنيئا لكم إخوة الإيمان ما أنتم فيه من تعظيم شعائر الله بتوحيده والتزام أمره، ومراغمة أعدائه والذب عن حرماته، فجزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خيرا.

قال الله تبارك وتعالى: {أذن للّذين يقاتلون بأنّهم ظلموا وإنّ اللّه على نصرهم لقديرٌ (39) الّذين أخرجوا من ديارهم بغير حقٍّ إلّا أن يقولوا ربّنا اللّه ولولا دفع اللّه النّاس بعضهم ببعضٍ لهدّمت صوامع وبيعٌ وصلواتٌ ومساجد يذكر فيها اسم اللّه كثيرًا ولينصرنّ اللّه من ينصره إنّ اللّه لقويٌّ عزيزٌ} [الحج: 39، 40]. وقال سبحانه: {الّذين آمنوا يقاتلون في سبيل اللّه والّذين كفروا يقاتلون في سبيل الطّاغوت فقاتلوا أولياء الشّيطان إنّ كيد الشّيطان كان ضعيفًا} [النساء: 76].

فها هي السنوات الخداعات، والفتن والمصائب والآلام قد اشتد ليلها الحالك، وخيمت بأساها على أهل الإسلام، فبعد أن طويت قرون من العهد التليد الذي أشرق بين الأنام بدعوة الإسلام وحكمه في الأرض، حيث كان المسلمون فيه سادة الدنيا أهل الشكيمة والعزيمة والإباء، سطروا بفعالهم من التضحية مآثر خالدة، ومن الشجاعة والإقدام أحاديث باهرة، ها هم اليوم في سفر الضياع والشتات تمزقهم الأهواء، وتعبث بدينهم النصارى، وتسرح في أرضهم أمم الكفر، بعد أن سلبتها فأودعتهم بين حدود الذل والعار، وغدى الموحدون الصادقون قرابين يقربها الطواغيت وأذنابهم بين فينة وأخرى لأحفاد القردة والخنازير، ليجددوا لهم الطاعة ويعلنوا لهم الولاء، وأمسى الناظر الحصيف لا يبصر إلا دينا مضيعا، وحمى مستباحا، وتأثما من قول وسماع كلمة الحق، وخشية من الصدع بها بين الأنام، فشابهت هذه الأمة بفعالها ما حذرها ربها في كتابه صنيع من سبقها من الأمم، وشابه علماؤها علماءهم، حذو القذة بالقذة، فتعددت صور الجاهلية في زماننا، وتفاقم شرها وتسلط وتجبر أتباعها، وإن هذه الأدواء في جسد الأمة لهي كفيلة في استجلاب البلاء وتفاقم اللأواء وتسلط الأعداء، ولن يكون خلاص أهل الإسلام إلا بالتوبة الصادقة، والرجوع والخضوع إلى الخالق جل وعلا، والتزام أمره واجتناب نهيه بتحقيق التوحيد ونبذ الشرك وسد الذرائع المفضية إليه، والاعتصام بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والتمسك بهما علما وعملا، تدبرا وفهما كفهم سلف هذه الأمة من الصحابة الأخيار، ومن تبعهم بإحسان، ففي ذلك النجاة والفلاح في الدارين، وقد بين لنا ربنا جل وعلا أن الكتاب والسنة عصمة من الكفر والتفرق لمن تمسك بهما، قال سبحانه: {وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات اللّه وفيكم رسوله ومن يعتصم باللّه فقد هدي إلى صراطٍ مستقيمٍ (101) ياأيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه حقّ تقاته ولا تموتنّ إلّا وأنتم مسلمون (102) واعتصموا بحبل اللّه جميعًا ولا تفرّقوا واذكروا نعمت اللّه عليكم إذ كنتم أعداءً فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانًا وكنتم على شفا حفرةٍ من النّار فأنقذكم منها كذلك يبيّن اللّه لكم آياته لعلّكم تهتدون} [آل عمران: 101 - 103] ونهانا ربنا وحذرنا من التفرق والاختلاف فقال:{ولا تكونوا كالّذين تفرّقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البيّنات وأولئك لهم عذابٌ عظيمٌ} [آل عمران: 105]، وفي الحديث الصحيح (عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله يرضى لكم ثلاثا، ويكره لكم ثلاثا. فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا، ولا تفرقوا. ويكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال).
...المزيد

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 145 الافتتاحية: وبشر الصابرين فلا والله ما كانت ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 145

الافتتاحية: وبشر الصابرين


فلا والله ما كانت الدعوات يوماً طريقاً مفروشة بالورود والرياحين، إن ثمن الدعوات باهظ، وثمن نقل المبادئ إلى أرض الواقع كثير من الأشلاء والدماء، ولن يوقد سراج الفجر في هذه الظلماء إلا المجاهدون والشهداء.

جمل يسيرة فيها من المعاني الكثير نطق بها من أيقن بموعود الله عز وجل وبشاراته، الشيخ أبو مصعب الزرقاوي تقبله الله.

فصبر وثبت جنوده من بعده فصارت أجسادهم حجر الأساس لقيام دولة الخلافة، فدفعوا ثمن هجرتهم وجهادهم ببذل دمائهم نصرة لدين الله عز وجل وإعلاء لكلمته.

ورغم استعار لظى الحرب وشدة أهوالها إبان الاحتلال الأمريكي للعراق فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا نحسبهم والله حسيبهم، فاستمروا بمقارعة الحملات العسكرية الصليبية وإفشال مكائدها وعقلوا أن الطريق محفوف باللأواء والشدائد والمتاعب، فلابد للسائر من عدة الصبر، والتي بغيرها لا يستطيع إكمال المسير وتحصيل النعيم المقيم في نهايته.

فكان جزاء صبرهم على ما أصابهم من القتل والجراح وعلى ما ابتلوا به من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، أن ينالوا البشارات من رب الأرض والسماوات، وصلوات من ربهم ورحمة وعدُّوا من المهتدين كما نحسبهم.
{وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (154) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة: 154 - 157]

وما يمر به جنود الخلافة اليوم مر به إخوانهم من قبلهم في الماضي القريب والبعيد ممن انتهجوا نهجهم وساروا على دربهم في طريق الحق، فرزق الله الثابتين الموقنين، بنصر لم يكن في حسبانهم جزاء صبرهم وثباتهم، حتى أعلنوا قيام الخلافة على منهاج النبوة ثم مضت سنة الله تعالى، بالتمحيص والابتلاء في كل مرحلة من مراحل النصر والتمكين، فالأجر على قدر المشقة وكذا النصر والتمكين على قدر الابتلاء والتمحيص.
فالعداوة والبغضاء والصراع مع ملل الكفر وأهل الباطل مستمرة، قائمة باقية لقيام الساعة، ولا يضر الطائفة المنصورة إن غلبت الكفة لعدوهم في زمن من الأزمان، فالعبرة في الاستمرار بمحاربتهم وقتالهم وإزهاق أرواحهم {حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [الأنفال: 39] فيصبر أهل الحق ويثبتون وتنقلب محنتهم إلى منحة ثم يبدلهم الله بعد خوفهم أمنا.

قال خباب بن الأرت "رضي الله عنه": شكونا إلى رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، قلنا له: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو الله لنا ؟، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: كان الرجل فيمن قبلكم، يحفر له في الأرض فيجعل فيه، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه، فيشق باثنتين وما يصده ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون) [رواه البخاري] فانظر كيف ذكر رسول الله "صلى الله عليه وسلم" بثبات من قبله على أمر الله، وانظر بعد هذا الحديث بسنوات يسيرة كيف مكن الله لرسوله "صلى الله عليه وسلم" في المدينة وأقام دولة ما لبثت غير قليل حتى أسقط الله على أيدي فرسانها أصحاب رسول الله دولة فارس والروم.

عندما صبَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة جزعت على ميت لها فلم تصبر من الوهلة الأولى ثم جاءت معتذرة بعد ذلك فقال لها عليه الصلاة والسلام (إنما الصبر عند أوّل صدمة).

فالصبر وقت المحنة لا بعدها والثبات وقت الشدة لا حين تذكرها بعد أن تنجلي، فلستم أول من سار على طريق الحق ولن تكونوا آخرهم بإذن الله، فاصبروا وستحصدون بإذن الله بصبركم وثباتكم عما قريب نصرا وتمكينا.

فيا جنود خليفة المسلمين وأمير المؤمنين الشيخ أبو بكر البغدادي حفظه الله كونوا كما أوصاكم أميركم في كلمته "وبشر الصابرين" وأعينوا إمامكم بصبركم وثباتكم وجهادكم، وبإذن الله لن يخلفنا الله وعده، {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} [النور: 55].


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 145
الخميس 19 ذو الحجة 1439 ه‍ـ
...المزيد

ثبات الصادقين من السنن الربانية فالتاريخ يعيد نفسه، ومنطق الأحداث عبر العصور لا يتغير؛ تتغير ...

ثبات الصادقين من السنن الربانية

فالتاريخ يعيد نفسه، ومنطق الأحداث عبر العصور لا يتغير؛ تتغير الأشخاص، ويتبدل اللاعبون، وتتطور الآلات، ولكن مسرح الأحداث ثابت، وقصة الصراع واحدة؛ حق يصارع باطلاً، وإسلام يحارب كفراً وجاهلية ونفاقًا يتدسس، وضعفاء خورة يُـمسكون العصا من الوسط، ينتسبون إلى أمتهم، ولكنهم يؤثرون دنياهم، وينتظرون سكون العجاج وانتهاء المعركة؛ لينحازوا إلى القوي، ويركبوا سفن الغالب، وبئس ما صنعوا.

وحدهم الربانيون يحملون الراية في زمن الانكسار، ويرفعون الجباه في زمن الاستخزاء، وتبحر هممهم عبر الأثير مسافرة إلى الخبير البصير، مقتدية بالبشير النذير -صلى الله عليه وسلم- غرباء تلفح وجوههم رياح الوحشة، وتدمى أقدامهم الحافية في صحراء ملتهبة بنار العداوات، تُـغلق دونهم الأبواب؛ فيستطرقون باب السماء؛ فيُـفتح لهم من روح الجِـنان ما يحيا به الجَنان، خالطتهم بشاشة الإيمان فلا يرتد أحد منهم سخطة لدينه ولو رمته الدنيا عن قوس واحدة .


• الأمير الشيخ أبو مصعب الزرقاوي -تقبله الله-
"وصايا هامة للمجاهدين والرد على المخذلين"
...المزيد

فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ. تعالَ معي –أخي- لجولة أرجو ألا يستطيلها مَلُول، وألا يستكثرها ...

فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ.

تعالَ معي –أخي- لجولة أرجو ألا يستطيلها مَلُول، وألا يستكثرها مشغول، نرتاد فيها هذا الكون بسماواته وأرضه وأحيائه، متأملين متدبِّرين{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}().
ارفع بصر فكرك إلى عجائب السموات، فتلمح الشمس في كل يوم في منزل، فإذا انخفضت برد الهواء وجاء الشتاء، وإذا ارتفعت قوي الحر، وإذا كانت بين المنزلتين اعتدل الزمان.
ثم اخفض بصرك إلى الأرض، ترى فجاجها مذللة للتسخير{فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا}()وتفكر في شربها بعد جدبها بكأس القطر.
وتلمح خروج النبات يرفل في ألوان الحلل على اختلاف الصور والطعوم والأراييح.
وانظر كيف نزل القطر إلى عرق الشجر، ثم عاد ينجذب إلى فروعها، ويجري في تجاويفها بعروق لا تفتقر إلى كلفة.
فلا حظ للغافل في ذلك إلا سماع الرعد بأذنه، ورؤية النبات والمطر بعينيه. كلا! لو فتح بصر البصيرة لقرأ على كل قطرة خطا بالقلم الإلهي: أنها رزق فلان في وقت كذا!!
ثم انظر إلى المعادن لحاجات الفقير إلى المصالح، فمنها مودع كالرصاص والحديد، ومنها مصنوع بسبب غيره كالأرض السبخة، يجمع فيها ماء المطر فيصير ملحا.
وانظر إلى انقسام الحيوانات ما بين طائر وماش وإلهامها ما يصلحها.
وانظر إلى بُعد ما بين السماء والأرض، كيف ملأ ذلك الفراغ هواء، لتستنشق منه الأرواح، وتسبح الطير في تياره إذا طارت.
كم في كتابِ الكونِ من عِبرٍ ... لأولي النُّهى والبحْثِ والنَّظرِ
في الأرضِ في الآفاقِ قاطبةً ... في النفسِ في الأصواتِ في الصُّورِ
في ذرةٍ عَمْياءَ هائجةٍ ... في الشمسِ ذاتِ الوهْجِ والشَّررِ
في النَّجْمِ في الأفلاكِ سابحةً ... في الشُّهْبِ ذاتِ الخَطْفِ للبصَرِ
في الزهرةِ الأخاذِ رونقُها ... في الطيرِ صدّاحًا على الشَّجَرِ
في البحرِ والأمواجُ صاخبةٌ ... تعلو تَرومُ تَنَاولَ القمَرِ
في الراسِياتِ الشمِّ عمَّمَها ... ثلجُ الشتاءَ يسيلُ في النَّهرِ
في السَّفْحِ والأعشابُ مائسةٌ ... ترنو إلى الوديانِ في خَفَرِ
ماذا أقولُ لغافلٍ لاهٍ ... عن كلِّ ما في الكونِ من عِبَرِ
أيظنُّ خلقَ الكونِ عن عَبَثٍ ... كلَّا فخلقُ الكونِ عن قَدَرِ
ما فيهِ من وَهَنٍ ولا خَللٍ ... ما فيه من واهٍ ومُنفطِرِ
الشمسُ في الأفلاكِ جاريةٌ ... كالأرضِ ذات الماءِ والمَدَرِ
لا الليلُ يسبقُ لا النهارُ ولا ... تُفني البحارُ رواسِيَ الجُزُرِ
النبتَةُ الخَضْراءُ ضاربةٌ ... أطْنَابَها في الصَّخْرِ والحَجَرِ
والزهرةُ البيضاءُ فائحةٌ ... والجذْرُ بين الطينِ والكَدَرِ
والغيمةُ السوداءُ مُثْقَلَةٌ ... تجْرِي بأطنابٍ من المطرِ
والهرةُ السَّمراءُ حانيةٌ ... فوق الصِّغارِ العُمْي عن خَطَرِ
الكونُ متَّسِقٌ ومنتظِمٌ ... كم فيهِ من ذِكْرَى لمُعتَبرِ
سبحانَ من باللُّطْفِ قدَّرَهُ ... أعظِمْ بقيومٍ ومُقتَدِرِ.
السماء بغير عمدٍ ترونها، من رفعها؟! بالكواكب من زيَّنها؟! الجبال: من نصبها؟! الأرض: من سطحها وذلَّلها وقال: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا}()؟! الطبيب: من أرداه وقد كان يرجى -بإذن ربه- شفاه؟! المريض وقد يُئِس منه: من عافاه؟! الصحيح: من بالمنايا رماه؟! البصير: في الحفرة من أهواه؟! والأعمى في الزِّحام: من يقود خُطَاه؟! الجنين في ظلماتٍ ثلاثٍ: من يرعاه؟! الوليد: من أبكاه؟! الثعبان: من أحياه والسُّم يملأ فاه؟! الشَّهد: من حلاَّه؟! اللبن: من بين فرث ودم من صفَّاه؟! الهواء تحسُّه الأيدي ولا تراه الأعين: من أخفاه؟! النَّبت في الصحراء: من أرْبَاه؟! البدر: من أتمَّه وأسراه؟! النخل: من شقَّ نواه؟! الجبل: من أرساه؟! الصخر: من فجَّر منه المياه؟! النهر: من أجراه؟! البحر: من أطغاه؟! الليل: من حاك دُجَاه؟! الصُّبح: من أسفره وصاغ ضحاه؟! النوم: من جعله وفاة، واليقظة منه بعثاً وحياة؟! العقل: من منحه وأعطاه؟! النحل: من هداه؟! الطير في جو السماء: من أمسكه ورعاه؟! في أوكاره من غذَّاه ونمَّاه؟!().
لله في الآفاق آيات لعل أقلها هو ما إليه هداكا
ولعل ما في النفس من آياته عجب عجاب لو ترى عيناكا
والكون مشحون بأسرار إذا حاولْتَ تفسيراً لها أعياكا
قل للطبيب تخطَّفته يد الردى من يا طبيب بطبِّه أرْدَاكا؟!
قل للمريض نجا وعُوفيَ بعدما عجزت فنون الطب من عافاكا؟!
قل للصحيح يموت لا من علة من بالمنايا يا صحيح دهاكا؟!
قل للبصير وكان يحذر حفرة فهَوَى بها من ذا الذي أهواكا؟!
بل سائل الأعمى خَطَا بين الزحا م بلا اصطدام من يقود خطاكا؟!
قل للجنين يعيش معزولاً بلا راعٍ ومرعى ما الذي يرعاكا؟!
قل للوليد بكى وأجهش بالبكا لدى الولادة ما الذي أبكاكا؟!
وإذا ترى الثعبان ينفث سمَّهُ فاسأله من ذا بالسموم حَشَاكا؟!
واسأله كيف تعيش يا ثعبان أو تحيا وهذا السمُّ يملأ فَاكا؟!
واسأل بطون النَّحل كيف تقا طرت شهداً وقل للشهد من حلاَّكا؟!
بل سائل اللبن المُصَفَّى كان بين دم وفرث ما الذي صفَّاكا؟!
وإذا رأيت الحي يخرج من حَنَايا ميتٍ فاسأله من أحياكا؟!
قل للهواء تحسه الأيدي ويخفى عن عيون الناس من أخفاكا؟!
قل للنبات يجفُّ بعد تعهُّدٍ ورعاية من بالجفاف رَمَاكا؟!
وإذا رأيت النَّبت في الصحراء يربو وحده فاسأله من أَرْبَاكا؟!
وإذا رأيت البدر يسري ناشرا أنواره فاسأله من أسْرَاكا؟!
واسأل شعاع الشمس يدنو وهي أبعد كل شيء ما الذي أدناكا؟!.

🖋🖋بقلم أبي الليث العريقي، هشام عبده حبيب عبيد العريقي.
📙📙من كتابه دروب السعادة وكسر شوكة الأحزان. ص:(57)
...المزيد

ومن الناس من يعبد الله على حرف. إن من الناس من يصلي, ويصوم, ويزكي, وينفق, ويقرأ القرآن, خاشعا ...

ومن الناس من يعبد الله على حرف.

إن من الناس من يصلي, ويصوم, ويزكي, وينفق, ويقرأ القرآن, خاشعا متصدعا, يصلح أن يقال عنه: إمامٌ للحرمين؛ ولكنه يضعف عند أبسط وهلة, ويجبن عند أبسط لقاء, ويعصي عند أبسط شهوة, بل ويكفر عند أبسط مكروه, ويفرُّ من أبسط لقاء, ويغضب لأتفه كلمة. لا تراه قويا عند الشدائد, ولا صبورا عند المصائب, ولا متبسّما عند الجزع؛ فهذا لا يسعد! ولا ينشرح صدره! ولا يرتاح خاطره! ولا يطيب مسكنه, ولا يرحم حاله{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ}().
احذر أن يكون عذرك واهي! وسبب خسارتك تافه! وسرُّ تعاستك حقير!.
لماذا أنت حزين؟! قال: الناس ملكوا الدنيا وأنا فقير. لماذا أنت تعيس؟!. قال: الناس في الفضاء وأنا على الأرض. فأمضى حياته في خيال التمني{يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ}() ولا تنفع تلك الأماني.
احذر أن تكون عبرة لمن خلفك في أعذارك الواهية التي كانت سببا لخسارتك, وتعاستك, وأحزانك.
بعضهم كفر وعذره حقير{قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ}()؛ هذا عذرهم!
وبعضهم كفر بعد إيمانه{يَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ}()؛ هذا عذرهم!
وبعضهم قال: {لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ}(), فانتبه! أن تكون خسارتك بعد فوزك, وأحزانك بعد سعادتك, وبكائك بعد فرحك, وضيقك بعد انشراحك, وعبوسك بعد تبسمك؛ سببه حقير, لا يُستحق أن يُذكر, ولا يُحب أن يُنظر, ويُفضّل أن يُنسى{أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ}().
انظر إلى المنافقين، ما أسقط همَمَهم، وما أبْرد عزائِمَهم. هذه أقوالهم: {لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ}()، {بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ}(){نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ}(){مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً}().
يا لخيبة هذه المعاطس ويا لتعاسة هذه النفوس.
همهم البطون والصحون والدور والقصور، لم يرفعوا أبصارهم إلى سماء المثل، لم ينظروا أبدا إلى نجوم الفضائل. هم أحدهم ومبلغ علمه: دابته وثوبه ونعله ومأدبته، وانظر لقطاع هائل من الناس تراهم صباح مساء سبب همومهم خلاف مع الزوجة، أو الابن، أو القريب، أو سماع كلمة نابية، أو موقف تافه. هذه مصائب هؤلاء البشر، ليس عندهم من المقاصد العليا ما يشغلهم، ليس عندهم من الاهتمامات الجليلة ما يملأ وقتهم، وقد قالوا: إذا خرج الماء من الإناء ملأه الهواء، إذاً: ففكر في الأمر الذي تهتم له وتغتم، هل يستحق هذا الجهد وهذا العناء، لأنك أعطيته من عقلك ولحمك ودمك وراحتك ووقتك!؟، وهذا غبن في الصفقة، وخسارة هائلة ثمنها بخس، وعلماء النفس يقولون: اجعل لكل شيء حدا معقولا، وأصدق من هذا قوله –تعالى-: {قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً}()فأعط القضية حجمها ووزنها وقدرها وإياك والظلم والغلو().
يا أخي لا تبكي على المال فهو حقير! ولا تبكي على الجمال فهو زينة! ولا تبكي على الدنيا فهي أقصر وأضعف مما تتصور! فهل سمعت عن رجل يبكي على تفلّت البعوضة منه؟! وهل سمعت عن رجل مات وهو يُجاهد نفسه جريا وراء ذبابة؟! وهل سمعت عن رجل أسقط بيته وهو يُلاحق عقربا لدغته ودخلت عليه في جحرٍ صَعِبَ عليه الوصول إليها إلا أن يحطم ما حولها؟!.
طبعاً!! لا؛ لأنها مخلوقات حقيرة وضعيفة وخبيثة, فكذلك هو حال الدنيا والجري وراءها وهي أحقر من البعوض, وأضعف من الذُباب, وأخبث من العقرب(( لو كانت الدنيا تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافرا شربة ماء ))().
فاطرح التوافه والاشتغال بها تجد أن أكثر همومك ذهبت عنك, وعدت فرحا مسرورا.
انظر إلى الصحابة –رضي الله عنهم-{صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}().هَمُّ أحدهم: الآخرة وما فيها.

📙📙 من كتاب دروب السعادة وكسر شوكة الأحزان. ص:(54).
🖋🖋 أبي الليث العريقي، هشام عبده حبيب عبيد ناصر العريقي.
ملاحظة/ المصادر والمراجع في متن الكتاب او على نسخة pdf.
...المزيد

املأ الدلو ماءً ولا تملأه وحْلاً. إذا أردت أن تحقق أهداف السعادة, وتبلغ غايتك في السرور, وتصل ...

املأ الدلو ماءً ولا تملأه وحْلاً.

إذا أردت أن تحقق أهداف السعادة, وتبلغ غايتك في السرور, وتصل إلى أحلام الفرح, فعليك أن تملى الدلو ماء ولا تملأه وحْلاً.
إن البعض يجري في الدنيا باحثا عن السعادة فيكسب حراما, ويعيش حراما, ويعمل حراما, ويأكل حراما, ويشرب حراما؛ فهذا لم يملأ الدلو ماء!, والبعض يمشي في الناس بالغيبة, والنميمة, والتحريش, والتحريض, ولا يمشي بينهم بالإصلاح, والسداد؛ فهذا لم يملى الدلو ماءً, إنما ملأه وحْلاً.
أنت! أنت! إن أردت أن تشرب ماءً من بئر, فهل تدلي ماءً أم وحْلاً؟!.
أم أيوب قالت لأبي أيوب: ألا تسمع ما يقول الناس في عائشة؟. قال: بلى، وذلك الكذب، أفكنتِ يا أم أيوب فاعلة ذلك؟ فقالت: لا والله. قال: فعائشة والله خير منك(). فأنزل الله فيهما آية تُتلى إلى يوم القيامة؛ فكانت سببا لسعادتهم في الدنيا والآخرة, فهما لم يملئا الدلو وحْلاً بل ملآه ماءً شربا منه سعادة الدارين.
أبو لهب عصى رسول الله –صلى الله عليه وسلم– وما أطاعه, وما ائتمر بأمره, وزوجته قالت: مذمما أبينا, ودينه قلينا, وأمره عصينا(). فأنزل الله فيهما آية تُتلى إلى يوم القيامة؛ فكانت سببا في تعاستهما, وبؤسهما, وخسارتهما, وأحزانهما, وعاشا عيشة ضنكا في الدنيا والآخرة{مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}(). فهما ملئا الدلو وحْلاً, ولم يملآه ماءً وخسرا الدنيا والآخرة.
ابن تيمية سُجن في بئر التهمة والافتراء, والكذب والازدراء, فأصبح السجن له ضياء ونور, وفسحة وسرور, ولذة وطعوم, فملئ الدلو علما جمّاً صعب علينا قراءته, حتى قال من شدة سروره: أن في الدنيا جنة من لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة(). إنها جنة الإيمان, والتقوى, والتوكل, والثقة بالله –تعالى-, والخوف منه, والاطمئنان إليه, والأُنس بقربه, والتلذذ بكتاب ومناجاته.
تريد الحياة الطيّبة!؟ تريد الحياة المستقرة!؟ تريد الطمأنينة والوقار!؟ أطب مأكلك, ومشربك, ومسكنك, وملبسك{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}().
إخوة يوسف حين ملئوا الدلو وحْلا بفعلهم القبيح مع يوسف, عاشوا عيشة ضنكا, عيشة البؤسا, عيشة المحزونين, عيشة الفقراء.
لكن يوسف حين ملأ الدلو ماءً يصلح للشرب والانتفاع به عاش عيشة السعداء الأبرار, فعزه الله إلى درجة أنه أصبح عزيز مصر, وأصبح يموّن إخوانه بلقمة العيش.
ولك في رسول الله –صلى الله عليه وسلم– القدوة والأُسوة, فقد كان المثل الأعلى في الحياة السعيدة.

📙📙 من كتاب دروب السعادة وكسر شوكة الأحزان. ص:(52).
🖋🖋 أبي الليث العريقي، هشام عبده حبيب عبيد ناصر العريقي.
ملاحظة/ المصادر والمراجع في متن الكتاب او على نسخة pdf.
...المزيد
يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
15 ربيع الآخر 1447
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً