متى نصر الله منذ فجر الإسلام وبزوغ شمسه، بشر ربنا العليم الخبير عباده بالنصر والتأييد والفوز ...

متى نصر الله

منذ فجر الإسلام وبزوغ شمسه، بشر ربنا العليم الخبير عباده بالنصر والتأييد والفوز والفلاح في الدنيا والآخرة، وقد تحقق نصر الله لعباده المتقين في مواطن لا تحصى، وبأوقات مختلفة وصفات متغيرة فلم يكن نصر الله دوما بذات الهيئة أو نفس الطريقة.

وقد فهم ذلك صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم بإحسان ويقين، وعلموا أن النصر من عند الله مُؤكد مُتيقن ولكنه بالوقت والصفة التي يختارها الله سبحانه بعد تحقيق وعده الآخر سبحانه {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: 22]، فكان وعد الله الذي علموه من تحقق البلاء قبل الظفر {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214].

فقرب النصر قد يكون أياما أو شهورا أو سنينا فالأمر مقرون بتحقق أسبابه من ابتلاء وتمحيص وإعداد وغير ذلك مما يقدره الحكيم الخبير جل وعلا، وهو أعلم بالخير لعباده {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ} [البقرة: 216]

وفي خضم الصراع الدائم بين الحق والباطل يزداد البلاء فيتساقط الخبث ويظهر المنافقين ممن يسيؤون الظن بالله أو السماعون لهم ممن أصاب قلوبهم المرض فاستعجلوا النصر وبدأ الشك والريب يتسلل لقلوبهم ملبين تلبيسات إبليس، ففي غزوة الأحزاب وفي ذروة الضيق والشدة والبلاء من حصار وجوع وبردٍ وخوف، يبشر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بكنوز فارس والروم فكان موقف أهل الإيمان مصدقاً وموقنا بموعود الله (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا) وعكس ذلك موقف أهل النفاق عياذاً بالله (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا).

فأجزل الله للمؤمنين الثواب فكان جزائهم (وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَّمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا)، فلم تمض عدة سنين حتى تحقق موعود الله وبشارة رسوله عليه الصلاة والسلام فجلبت كنوز فارس والروم إلى المدينة وفرسان ذلك الفتح هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن ثبت وصبر وجاهد حتى رأى موعود الله.

وهذه سنة الله في نصر عباده فقد وعد الله رسوله بالفتح، ولكن ذلك لم يكن في يوم وليلة بل مر منذ بعثته حتى فتح مكة ما يقارب العشرين سنة، ذاق فيها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه صنوف الابتلاء وكانت الأيام فيها دول بينهم وبين عدوهم حتى كانت لهم العاقبة بعد صبر طويل.

وقد سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما تم صلح الحديبية ومنعوا من العمرة عن الرؤيا التي رآها الرسول بأن يدخلوا مكة ملبين فقال صلى الله عليه وسلم: (بلى، أفأخبرتك أنك تأتيه عامك هذا؟) قال: لا قال: (فإنك آتيه ومطوف به)، فآتاهم الوعد الرباني (لَّقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالحقِّ لَتَدخُلنَّ الْمَسجِدَ الْحرَامَ إِن شاء اللَّهُ آمنينَ مُحلّقينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصّرِينَ لَا تخافُون فَعَلمَ مَا لمْ تَعْلمُوا فَجعلَ مِن دُونِ ذَٰلكَ فَتحًا قَرِيبًا)، ففتح الله لهم مكة ليدخلوها آمنين مطمئنين بعدما طهرت من المشركين ودنسهم فكانت عمرة وفتحا جمع فيها الخير لهم.

وكذا كان حال إخواننا في الماضي القريب أقاموا نواة دولة الإسلام واثقين بنصر الله ووعده ولم يلتفتوا لتخذيل المخذلين وإرجاف المرجفين، فسخِر منهم المنافقون ووُصِف ثقتهم بنصر الله بـ(الأحلام) فكان موعود الله أصدق وأوثق فمكنهم الله ثم ابتلاهم عدة سنين، وجزاهم بعدها بنصر وفتح عظيم لم يخطر على بال كثير منهم، وقد صدقوا كما نحسبهم فصدقهم الله.

وإن ما تمر به الدولة في هذه الأيام هو حلقة سلسلة أقدار الله لعباده وإن نصر الله متحقق بإذن الله شاء أهل الكفر والنفاق والإرجاف أم أبوا، قال الشيخ أبو مصعب الزرقاوي تقبله الله "سيقول لكم المنافقون وقطاع الطريق إلى الله: أتظنون أن شيئاً مما تريدون سيتحقق، وهل تظنون أن الخلافة الإسلامية أو حتى الدولة الإسلامية ستقوم... قولوا لهم إننا نأمل من نصر الله بما هو أبعد من ذلك.. إننا نرجو من الله أن يفتح البيت الأبيض والكرملين ولندن.. ومعنا وعد الله) فقد تحقق ما سخروا منه، وسيتحقق موعود الله بإذنه تعالى حقاً وصدقا.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 146
الخميس 26 ذو الحجة 1439 ه‍ـ
...المزيد

إِحيَاءُ السُّنَنِ (3) • قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من سن في الإسلام سنة حسنة، فله ...

إِحيَاءُ السُّنَنِ (3)


• قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من سن في الإسلام سنة حسنة، فله أجرها وأجر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء). [مسلم].


▪ الحرص على قضاء السنن الرواتب

عن أم سلمة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى ركعتين بعد العصر فسألته عنهما فقال: (إنه أتاني ناس من عبد القيس فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر فهما هاتان). [متفق عليه].


▪ جلوس المرء في مصلاه حتى تطلع الشمس

عن جابر قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا صلى الفجر تربع في مجلسه حتى تطلع الشمس حسنا". [مسلم].


▪ غسل اليدين بعد الاستيقاظ من النوم

قال -صلى الله عليه وسلم-: (إذا استيقظ أحدكم من نومه، فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا؛ فإنه لا يدري أين باتت يده). [مسلم].


▪ تعريض شيء من الجسد للمطر

عن أنس قال: "أصابنا مطر.. فخرج النبي -صلى الله عليه وسلم- فحسر ثوبه حتى أصابه المطر، فقيل له: لم صنعت هذا يا رسول الله، فقال: (إنه حديث عهد بربه)". [مسلم].


▪ أداء الصلوات النوافل في البيت

قال -صلى الله عليه وسلم-: (صلوا أيها الناس في بيوتكم؛ فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة). [متفق عليه].


▪ الصلاة بالنعال الطاهرة في غير المسجد

عن أبي سلمة قال: سألت أنسا: "أكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي في نعليه؟ قال: نعم". [متفق عليه].


▪ الاضطجاع بعد ركعتي سُنة الفجر

عن عائشة قالت: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن". [البخاري].


▪ كتابة الوصية قبل مباغتة الأجل

قال -صلى الله عليه وسلم-: (ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده). [متفق عليه].




• المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 514
السنة السابعة عشرة - الخميس 03 ربيع الآخر 1447 هـ
إنفوغرافيك العدد
...المزيد

إِحيَاءُ السُّنَنِ (3) • قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من سن في الإسلام سنة حسنة، فله ...

إِحيَاءُ السُّنَنِ (3)


• قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من سن في الإسلام سنة حسنة، فله أجرها وأجر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء). [مسلم].


▪ الحرص على قضاء السنن الرواتب

عن أم سلمة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى ركعتين بعد العصر فسألته عنهما فقال: (إنه أتاني ناس من عبد القيس فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر فهما هاتان). [متفق عليه].


▪ جلوس المرء في مصلاه حتى تطلع الشمس

عن جابر قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا صلى الفجر تربع في مجلسه حتى تطلع الشمس حسنا". [مسلم].


▪ غسل اليدين بعد الاستيقاظ من النوم

قال -صلى الله عليه وسلم-: (إذا استيقظ أحدكم من نومه، فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا؛ فإنه لا يدري أين باتت يده). [مسلم].


▪ تعريض شيء من الجسد للمطر

عن أنس قال: "أصابنا مطر.. فخرج النبي -صلى الله عليه وسلم- فحسر ثوبه حتى أصابه المطر، فقيل له: لم صنعت هذا يا رسول الله، فقال: (إنه حديث عهد بربه)". [مسلم].


▪ أداء الصلوات النوافل في البيت

قال -صلى الله عليه وسلم-: (صلوا أيها الناس في بيوتكم؛ فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة). [متفق عليه].


▪ الصلاة بالنعال الطاهرة في غير المسجد

عن أبي سلمة قال: سألت أنسا: "أكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي في نعليه؟ قال: نعم". [متفق عليه].


▪ الاضطجاع بعد ركعتي سُنة الفجر

عن عائشة قالت: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن". [البخاري].


▪ كتابة الوصية قبل مباغتة الأجل

قال -صلى الله عليه وسلم-: (ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده). [متفق عليه].




• المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 514
السنة السابعة عشرة - الخميس 03 ربيع الآخر 1447 هـ
إنفوغرافيك العدد
...المزيد

عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إنّ قلوب بني آدم كلّها ...

عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:

(إنّ قلوب بني آدم كلّها بين إصبعين من أصابع الرحمن، كقلب واحد، يصرّفه حيث شاء، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: اللهم مصرّف القلوب صرّف قلوبنا على طاعتك). [رواه مسلم]


• المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 514
السنة السابعة عشرة - الخميس 03 ربيع الآخر 1447 هـ
إنفوغرافيك العدد
...المزيد

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 514 الافتتاحية: • متغيّرات وثابت وحيد يزدحم المشهد ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 514
الافتتاحية:

• متغيّرات وثابت وحيد

يزدحم المشهد العالمي بالتطورات السياسية والعسكرية المتلاحقة في التحالفات والصراعات، الأمر الذي أصاب الكثيرين بالتيه والحيرة جراء التسارع الرهيب في الأحداث، وما ذلك إلا لغفلتهم عن الاستمساك بالعروة الوثقى؛ الثابت الوحيد وسط كل هذه المتغيّرات، وحبل الله العاصم من كل هذه القواصم.

ولعل أبرز ما يطفو على السطح هذه الأيام القمم والمؤتمرات بل المؤامرات المنصبة على جهود وضع خاتمة للمشهد الفلسطيني الدامي، وجهود سوق طواغيت العرب إلى جحر "التطبيع" مع اليهود موالاة وتوليا، علما أن جميع الأطراف الطاغوتية متورطة في نسج خيوط هذه المؤامرة اليهودية الصليبية على أمة الإسلام، ولا وجود للأبرياء أو المحايدين في هذا الملف.

وبينما تغرق الساحة الدولية بهذه الصراعات والمتغيرات، يقف البعض حائرا تائها لا يدري ماذا يفعل، وما الموقف الذي يتخذه حيال هذا الواقع المضطرب الذي يزداد تعقيدا يوما بعد يوم، ولا شك أن هذا الشعور يختلج صدور كثير من عامة المسلمين، إذا ما أردنا أن نفرّق بين العامة والخاصة في زمن الإسفاف.

والحقيقة أن هذا "التيه" لا يليق بالمسلم وبين يديه كتاب ربه سبحانه، وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- الذي ما ترك خيرا إلا دلّنا عليه ولا شرا إلا حذّرنا منه، حتى أكمل الله به الدين وأتمّ به النعمة، وتركنا على المحجة البيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك ولا يتنكبها إلا ضال.

والسبب الرئيس لكل هذا التيه والعمه، هو تعطيل الكتاب والسنة في حياة الناس، والمرء قد يتلو الآيات ليل نهار، لكنها مع ذلك معطلة في حياته؛ ليست سوى تراتيل تُتلى ثم تُطوى ولا يبقى منها أثر في واقعه العملي، وبذلك يفقد المرء بصيرته، فأنى يبصر النور وسط هذا النفق المظلم؟!

ولقد دلّنا الوحيُ على الموقف غير المحايد الذي ينبغي للمسلم اتخاذه تجاه المتغيرات من حوله، وأكدت نصوص الشريعة أن التوحيد هو الثابت الوحيد والركن الشديد الذي يأوي إليه المسلم في جميع أحواله، ويبقى بالنسبة إليه المعيار والميزان الذي يزن الأمور به ويقيس المواقف وفقا له، ولا يخرج عنه قيد أنملة، لقوله تعالى: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}، وحديث ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ فَلَنْ تَضِلُّوا أَبَدًا كتَابَ اللهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ -صلى الله عليه وسلم-). [الحاكم والبيهقي].

فعبر منظار التوحيد وبوصلته، يرى المسلم جميع هذه المؤتمرات مؤامرات صرفة يحيكها دهاقنة الشر من الغزاة اليهود والصليبيين لأمة الإسلام، سواء فيما يتعلق بفلسطين أو سوريا الأسيرتين، أو فيما يتعلق بملف موالاة اليهود تحت مسمى "تطبيع العلاقات" أو غيرها من الملفات التي تتصدر المشهد.

وها هنا لفتة منهجية مهمة لمن يعادي "التطبيع" وطنيةً لا ديانةً؛ إن الحل الأوحد الذي يصمد أمام "مؤامرة التطبيع" هو التوحيد بولائه وبرائه، وليست الوطنية ومشتقاتها من "المقاومة" و "الثورة" وغيرها من المفرزات التي أنتجتها المناهج الجاهلية وطغت على المشهد خلال العقود الأخيرة ولم ينج منها إلا من رحم.

وبالتالي، فالمسلم الذي يشتكي "التيه والحيرة" من متغيرات الساحة وتقلباتها، مأمور شرعا بلزوم منهاج نبيه -صلى الله عليه وسلم- الذي أرسله الله هاديا وبشيرا بالتوحيد الذي لا تغيّره صروف الدهر مهما بلغت، كما أرسله المولى -تبارك وتعالى- بشريعة الجهاد الذي هو سلاح المسلم في التصدي لجيوش الأحزاب والمنافقين الذين يجتمعون اليوم في "الأمم المتحدة" وغيرها من المحافل الجاهلية، للنيل من الإسلام.

ولا يتوقع المسلم أو يظن لوهلة أن كل هذه المؤتمرات والجهود الدولية الماراثونية ستتمخض عن خير للمسلمين، بل كل الشر أن يظن المرء ذلك! وكل الخير أن يقطع المرء أمله في كل هؤلاء، بل الخير المحض والواجب عليه والفرض أن يكفر بهم ويعاديهم وينظر إليهم بنفس العين التي ينظر بها إلى اليهود والنصارى، فإنْ فَعَل ذلك واستوت عنده كل الأطراف الجاهلية الناطقة بالعربية أو الأعجمية؛ زال "تيهه" وانجلت "حيرته" وأبصر الحق حقا والباطل باطلا.

إن المسلم الذي يشتكي "الحيرة" في زمن المتغيرات المتلاحقة، عليه أن ينهل من معين النبوة، وأن يرد مواردها العذبة فهي البوصلة التي لا تخيب، وهي النور الذي لا يخبو إلى قيام الساعة.

وقد أخبر تعالى في كتابه أنه يهدي أولياءه إلى نور الهداية ويخرجهم من ظلمات التيه فقال سبحانه: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ}، قال ابن كثير: "يخبر تعالى أنه يهدي من اتبع رضوانه سبل السلام، فيخرج عباده المؤمنين من ظلمات الكفر والشك والريب إلى نور الحق الواضح الجلي المبين السهل المنير، وأن الكافرين إنما وليهم الشياطين تزين لهم ما هم فيه من الجهالات والضلالات، ويخرجونهم ويحيدون بهم عن طريق الحق إلى الكفر والإفك". انتهى كلامه.

وحاصل الكلام أيها المسلم، أن سبيل نجاتك وهدايتك وسط هذه الظلمة هو كفرك بالطاغوت لقوله تعالى: {فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا}، والعروة الوثقى هي عين ما تبحث عنه وتطلبه أيها الهائم، وهي "الطريقة المثلى والصراط المستقيم".

ومِن أظهر صور الطاغوت في عصرنا: الحكام المرتدون الذين يحكمون بلاد المسلمين بالقوانين الجاهلية، ويوالون اليهود والنصارى وينفذون مؤامراتهم، فالمسلم مطالب بالكفر بهؤلاء كافة، وتكفيرهم واتخاذهم أعداء كما يتخذ اليهود والنصارى أعداء.

واعلم -أيها المسلم- بأن الطاغوت منظومة جاهلية كاملة لا تقتصر على شخص الحاكم، بل تشمل كل سدنته وأعوانه وأركان حكمه؛ من الجنود والدعاة والإعلاميين والمفكرين والمؤثّرين، وكل السائرين في فلك الطاغوت الموطدين لحكمه، المنافحين عنه، الموالين له، فكل هؤلاء لبنات في منظومة الطاغوت، أمرنا اللهُ بالكفر بها، وأخبرنا تعالى أن بذلك تكون العصمة من الضلال، وأنه العروة الوثقى التي لا تنقطع.

فهذا هو سبيل الهداية والنجاة، والعصمة من الزيغ والانحراف في هذه الحياة، فالمتغيرات كثيرة إلا التوحيد، وكل العرى مقطوعة إلا العروة الوثقى فاستمسك بها أيها المسلم بكلتا يديك، وإلا تناوشتك الرماح وتقاذفتك الرياح، ولات حين مندم.


• المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 514
السنة السابعة عشرة - الخميس 03 ربيع الآخر 1447 هـ
...المزيد

السلام عليكم لا نُزكي على الله أحد ، لكن هؤلاء نحسبهم و الله حسيبهم أنهم على خير و من أهل السنة ...

السلام عليكم

لا نُزكي على الله أحد ، لكن هؤلاء نحسبهم و الله حسيبهم أنهم على خير و من أهل السنة بفهم سلف الأمة ، فنسأل الله العظيم أن يبارك فيهم .

حساباتهم على منصة [ التيك توك ] لمن أرادها فليتواصل مع فضيلة الدكتور أبو هيام .

🔳 في مقارنة الأديان و الرد على النصرانية :

- فضيلة الشيخ سعيد فرج
- فضيلة الأستاذ الكابتن أحمد
- فضيلة الدكتورة نيرمين
- فضيلة الشيخ ياسر متولي
- فضيلة الأستاذ معوض توفيق الذهبي
- فضيلة الأستاذ محمود داود
- فضيلة الأستاذ معاذ عليان
- فضيلة الشيخ منقذ السقار
- فضيلة الشيخ سعيد الجمال
- فضيلة الشيخ رضا قليلة

🔳 في الرد على المذاهب المادية و خاصة الإلحاد :

- فضيلة الأستاذ الباحث أنس بن محمد
- فضيلة الأستاذة جاسمينا اليثربي
- فضيلة الدكتور هيثم طلعت
- فضيلة الأستاذ أكرم الرسالة
- فضيلة الدكتور هشام عزمي
- فضيلة المهندس علاء يوسف
- فضيلة الدكتور أحمد الشامي
- فضيلة الشيخ أبو حاتم المراكشي
- فضيلة الأستاذة المحاربة العثمانية
- فضيلة المهندس محمود ياسين

🔳 في الرد على النكارى و ذوي الأيديولوجيات المعاصرة :

- فضيلة الشيخ عبد القادر يشرح
- فضيلة الأستاذة شموخ الإسلام
- فضيلة الشيخ سعد عابدين
- فضيلة الشيخ محمد سراج
- فضيلة الشيخ علي العاصف الأزهري
- فضيلة الشيخ راشد نبيل الدوسري
- فضيلة الأستاذ أحمد سفير تصويري
- فضيلة الدكتور ألفا
- فضيلة الشيخ الفراهيدي
- فضيلة الأستاذ طارق يحياوي

🔳 في الرد على الشيعة و الفِرق المتكلمة:

- فضيلة الشيخ الدكتور عبد الرحمن الأزهري
- فضيلة الشيخ المهندس رامي خليل ( أسد المصري )
- فضيلة الشيخ عبد الحميد محمود
- فضيلة الدكتورة أسماء
- فضيلة الدكتور عادل عبد الله
- فضيلة الشيخ طارق ناجي
- فضيلة الشيخ وليد إسماعيل
- فضيلة الشيخ علاء عيسى
- فضيلة الشيخ الدكتور شاكر توفيق العاروري
- فضيلة الشيخ رامي عيسى

🔳 في فضح المُنصّرين و شبكات التشكيك في العقيدة الإسلامية :

- أنس بينو
- تاشفين الأصغر
- قناة حط الرابط
- سليم ( علي عزت بيجوفيتش )
- الذكتور تلميذ
- أبو خالد الحراق
- عادل الأكاديمية
- ورقة بن نوفل الموحد
- مصطفى ( فانتوماس / ماسكيد)
- مسلم بسيط

🔳 في العلم الشرعي :

- فضيلة الشيخ أبو مالك المبرد
- فضيلة الشيخ الدكتور معاذ أبو أنس
- فضيلة الشيخ الصواعق السنية
- فضيلة الشيخ الداعية سامي الأبيض
- فضيلة الكاتب و المحقق الدكتور حامد الطاهر
- فضيلة الشيخ أبو أحمد
- فضيلة الدكتور هيثم منير
- فضيلة الشيخ أسامة حمزة محمد
- فضيلة الشيخ بدر الدين الوديعي
- فضيلة الشيخ أبو مالك ( حرب )

القائمة قابلة للتعديل بإذن الله و الإضافة .
...المزيد

بقلم فضيلة الشيخ : أبو أحمد بسم الله الرحمن الرحيم مناقشة في معضلة الشر ( صخرة الإلحاد ) تعد ...

بقلم فضيلة الشيخ : أبو أحمد

بسم الله الرحمن الرحيم
مناقشة في معضلة الشر ( صخرة الإلحاد )
تعد "معضلة الشر" من أبرز الشبهات التي يثيرها الملاحدة، بل يسميها بعضهم "صخرة الإلحاد" وهي شبهة قديمة في جوهرها، وإن اختلفت صياغتها عبر العصور. ومفادها:
"الله سبحانه و تعالى كامل القدرة، وكامل الرحمة، وكامل العدل، فلماذا يسمح بوجود الشر والظلم والمعاناة في العالم؟ "
وللجواب على هذه الشبهة لا بد من تفكيكها إلى عناصرها الأساسية، والنظر في المسألة من جوانب متعددة: العقلي، والشرعي، والواقعي، والنفسي.
________________________________________
نجيب علي هذه المعضلة من ثلاثة أوجه :
الأول: إنكار عدل الله لا يغير من حقيقة ربوبيته
إن إنكار الإنسان لعدالة الله سبحانه وتعالى لا يؤثر في حقيقة كونه الخالق المدبر، العالم بغاية خلقه. فهو الذي خلق الإنسان لحكمة، وأمره ونهاه، وسيجازيه إن خالف أمره، سواء رضي الإنسان بحكمه أو سخط، أحب ذلك أو كرهه. قال تعالى:
{لَا يسأَل عَمَا يَفعَل وَهم يسأَلونَ} [الأنبياء: 23].
________________________________________
الثاني: فساد الاحتجاج بالعقل النسبي في ميزان العدل
العقل البشري ليس معيارًا مطلقًا للعدل، بل هو معيار نسبي تتغير أحكامه بتغير العمر، والجنس، والزمان، والمكان، والثقافة.
فما يعد عدلاً في زمان قد يعد ظلمًا في آخر، وما يعَد صوابًا في ثقافة قد يعَد خطأ في أخرى. وبذلك لا يصح اتخاذ هذا الميزان المتغير للحكم على عدل الله المطلق، الذي لا يعتريه النقص ولا التبدل.
________________________________________
الثالث: وجها النظر في مسألة الشر
لوقائع الشر في الحياة وجهان رئيسان:
وجه الناظرين (المتأملين)
وهم من يشاهدون المصيبة من الخارج.
فهؤلاء ينقسمون إلى فريقين:
• فريق خاشع رحيم، يخضع لحكمة الله، ويتعظ بما يرى.
• وفريق ساخط معاند، يعترض ويشكك في رحمة الله وعدله.
________________________________________
وجه المبتلى (من وقع عليه الشر)
وهو المصاب نفسه، وله حالتان:
أ. المؤمن
المؤمن إذا ابتلي تلقى البلاء برضا وتسليم، فصار البلاء في حقه رحمة ورفعة. فعن صهيب الرومي قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : «عَجَبًا لأمرِ المؤمنِ، إن أمرَه كلَه له خيرٌ، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمنِ؛ إن أصابته سرَاء شكر، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرَاء صبر، فكان خيرًا له» رواه مسلم (حديث رقم 2999)
و قال أبو سعيد الخدري قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :«ومن يتصبَر يصبِره الله، وما أعطي أحدٌ عطاءً خيرًا وأوسع من الصبر»
متفق عليه : صحيح البخاري (حديث رقم 1469)، وصحيح مسلم (1053).
و عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : «إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط» رواه الترمذي (2396)، وقال: حسن غريب
فالمؤمن إذا صبر ورضي، أعانه الله، وملأ قلبه طمأنينة. ونحن نرى الشيخ الكبير يعاني المرض، ومع ذلك ترى الرضا في عينيه، وكأن البلاء مرفوع عن قلبه وإن أحس بالألم و نرى من يفقد ابنه الصغير فيقول: «الحمد لله»، يعيش المصيبة لكنه يسلم لأمر الله.
قال يعقوب عليه السلام:
{بَل سَوَلَت لَكم أَنفسكم أَمرًا فَصَبرٌ جَمِيلٌ وَاللَه المستَعَان عَلَى مَا تَصِفونَ} [يوسف: 18].
و عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم عند وفاة ابنه إبراهيم قال :
«إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بفِراقك يا إبراهيم لمحزونون» متفق عليه : صحيح البخاري (حديث رقم 1303)، وصحيح مسلم (2315).
ومن رحمته سبحانه أنه يلطف بعباده في المصائب، فيخفف الألم أو يرفعه، إما ابتداءً أو بلطفه المباشر، كما قال تعالى:
{قلنَا يَا نَار كونِي بَردًا وَسَلَامًا عَلَى إِبرَاهِيمَ} [الأنبياء: 69]
وقال في قصة يوسف:
{وَأَوحَينَا إِلَيهِ لَتنَبِئَنَهم بِأَمرِهِم هَذَا وَهم لَا يَشعرونَ} [يوسف: 15]
وقال في قصة أم موسى:
{وَأَوحَينَا إِلَى أمِ موسَى أَن أَرضِعِيهِ فَإِذَا خِفتِ عَلَيهِ فَأَلقِيهِ فِي اليَمِ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحزَنِي إِنَا رَادوه إِلَيكِ وَجَاعِلوه مِنَ المرسَلِينَ} [القصص: 7].
ومن أوضح صور اللطف الإلهي ما ورد في حق الشهيد، قال المقداد بن معدي كرب قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : «للشهيدِ عندَ اللهِ ست خصالٍ: يغفر له في أولِ دفعةٍ من دمِه، ويرى مقعدَه من الجنةِ، ويجار من عذابِ القبرِ، ويأمن من الفزعِ الأكبرِ، ويحلَى حلَةَ الإيمانِ، ويزوَج من الحورِ العينِ، ويشفَع في سبعين إنسانًا من أقاربِه » رواه الترمذي (1663)، وقال: حسن صحيح
و عن أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : «ما يجد الشهيد من مسِ القتلِ إلا كما يجد أحدكم من مسِ القرصةِ » رواه الترمذي (1668)، وقال: حسن صحيح .
بل إن بعض المؤمنين يحزنون إذا زال عنهم مرض أو ألم، لما كانوا يجدون فيه من تكفير للذنوب ورفعة للدرجات، فيرون في البلاء بابًا من أبواب الخير.
________________________________________
أما غير المؤمن
أما غير المؤمن، فلا ينال هذا اللطف، ولا يعان على الصبر، فتكون المصيبة عليه عذابًا خالصًا أو تمحيصًا بلا أجر، ويغلب عليه الجزع والسخط و يكون هذا عاجل عذابه و بعضاً من جزائه و عقابه.
________________________________________
الخلاصة
الاحتجاج على عدل الله بالعقل النسبي باطل، وفهم الشر لا يتم إلا من خلال الإيمان بحكمة الله ولطفه. فالمؤمن تنقلب في حقه المصائب إلى أبواب رحمة ورفع درجات، بينما تكون على غيره محض بلاء قد يجر إلى السخط و ربما الخروج من الملة.
...المزيد

• العبور إلى كامب ديفيد! من يقرأ بنود "قمة السلام" بنسختها الأمريكية الأخيرة في "شرم الشيخ" حول ...

• العبور إلى كامب ديفيد!

من يقرأ بنود "قمة السلام" بنسختها الأمريكية الأخيرة في "شرم الشيخ" حول وقف الحرب في غزة؛ تعود به الذاكرة تلقائيا إلى مؤتمرات وقمم السلام الأولى بين "منظمة التحرير الفلسطينية" واليهود، التي كانت تنتهي على نحو مشابه، وكأنّ بعض البنود نُقلت حرفيا من نصوص الاتفاقيات السابقة.

وليس من قبيل المصادفة أن يختار رعاة الاتفاق الجاهلي، مدينة "شرم الشيخ" موقعا لعقد القمة وتوقيع الاتفاق، فالمدينة منذ "تحريرها" غدت قِبلة السلام مع اليهود! وساحة لنذر قرابين التعهد بحفظ أمنهم، ووجهة مفضلة لسياحهم، في سياق طبيعي لمفهوم "التحرير" في قاموس الوطنية على غرار "تحرير" دمشق وبغداد وكابل، وهلم جرا.

ولتنشيط ذاكرة القارئ قليلا، نذكّره بأن من جملة مؤتمرات السلام التي شهدتها المدينة؛ قمة السلام التي عُقدت قبل عقدين من الآن، بحضور الطاغوتين "عباس" و "شارون" وتمّ فيها الإعلان رسميا عن نهاية ما عُرف بـ "الانتفاضة" والتزام خطة "خارطة الطريق" للسلام؛ وهو ما رفضته حركات التحرُّر الوطني آنذاك في ذروة حماسها وعدته خيانة وتفريطا، بينما عادت إليه اليوم بخفي حنين في نفس المدينة وبرعاية نفس الأطراف الدولية، مضافا إليها تركيا "ذراع الغرب" الصليبي وقطر عرابة الترويض والاحتواء.

ومن تناقضات قمة الأكاذيب، أن يعد السفّاح ترامب أهل غزة بالسلام! وأن يحاضر "جزارُ الباب" عن الإعمار! وأن يتحدث فرعون مصر عن وقف الألم! وأن تقود بريطانيا صاحبة "وعد بلفور" ومعها فرنسا الحاقدة، جهود إعادة إعمار غزة، وكأن الغزاة التاريخيين خرجوا من الباب وعادوا من النافذة.

على خشبة مسرح السلام قال ترامب: "هذا فجر يوم تاريخي جديد للشرق الأوسط!". صحيح أن الفلسطينيين لطالما ترنّموا بفجر الحرية والتحرير؛ لكن هل كانوا يقصدون هذا "الفجر التاريخي" الذي يشيد به ترامب؟ أكان فجرا أم غسقا ينذر بأيام حالكة لشعب تائه يتلمّس الحرية في غير مظانها، ويتجرع باستمرار غصص التجارب والنكسات الوطنية المتعاقبة التي تشابهت نهاياتها، بعد أن تشابهت بداياتها وجذورها "الوطنية".

"قمة السلام" التي رعتها أمريكا وقطر ومصر وتركيا، وحضرها أكثر من 20 رئيس دولة؛ جاءت تطبيقا عمليا لمشروع "الشرق الأوسط الجديد" الذي رسمه اليهود والصليبيون بالمجازر والنار والحديد، بينما يصفق العالم اليوم لهذه القمة المخادعة، وينعتها بكل وقاحة بقمة السلام!

ولعل من أسوأ بنود هذه القمة -وكلها سيئة- كما نشرها البيت الأسود: "تفكيك التطرف والتشدد بجميع أشكالهما"، وهو ما أكده ترامب على نحو أوضح في خطابه أمام "الكنيست" اليهودي قائلا إن "غزة لن تشكل تهديدا مستقبليا لأمن إسرائيل!".

لقد سمعنا هذا الطرح من قبل، ضمن بنود "اتفاق السلام" بنسخته الأفغانية الذي بموجبه تسلمت طالبان الحكم و "تحررت كابل!"، ثم سمعناه مجددا في عهد "سوريا الجديدة" بعد تسلُّم الجولاني للحكم خلفا للأسد و "تحررت دمشق!"، وها نحن نسمعه مجددا في اتفاق غزة بمرحلته الأولى، فهل أصبحت "مشاريع التحرر" لا تنتهي إلا بهذه الخاتمة: "نبذ الإرهاب" وضمان الأمن اليهودي والصليبي؟! أم أن للقصة بقية كما يرددون؟!

إن الترجمة الحقيقية لقمّة "شرم الشيخ" هي التعهد بحماية أمن دويلة اليهود والتوبة والإقلاع عن مهاجمتها، والانخراط في تطبيع العلاقات معها، خصوصا أن حكومات عديدة كانت تنتظر توقف طوفان الدماء في غزة، لتُجري أنهار التطبيع والموالاة الرسمية والعلنية مع اليهود، ولا نعني بذلك طواغيت الخليج فحسب، لأن القائمة تطول.

وسواء تعثّرت "اتفاقية السلام" الجديدة أو تعمقت وترسخت وغرست أنيابها في الجسد الفلسطيني المثخن بالجراح والألم، فإننا نخاطب إخواننا المسلمين في فلسطين بخطاب التواصي بالصبر والحق والمرحمة، نذكّرهم بأن الله تعالى شرع لنا دينا قويما أتمّه وأكمله وأفرده، ونفى ما سواه وأبطله، وشرع لنا سبحانه الجهاد يحرسه ويذب عنه، فهذا هو طريق الخلاص فخوضوه كما يحب ويرضى سبحانه، واكفروا بكل ما سواه من دروب الجاهلية والوطنية فهي لن توصلكم سوى إلى مزيد من قمم الأوهام وما "أوسلو" وأخواتها عنكم ببعيد، وقد جاءت كلها بعد ثورات جاهلية لم يكن الإسلام فيها سبيلا ولا حلا وحيدا، فاسمعوا وعوا ولا تكرروا الوقوع في نفس الحفر، واعلموا أن صون الدماء ليس بمجرد وقفها، فقد تتوقف ولا تُصان! وإنما يكون صونها برهنها وجريانها على منهاج النبوة تحت راية الشريعة المحمدية.

وفي هذا الموطن والظرف العصيب، فإننا لا نعزي إخواننا المسلمين هناك بقتلاهم فحسب، لأن مصابهم الجلل بعد كل هذه الدماء في "الاتفاق المشؤوم" الذي -لو تم- فإنه يمهّد لحقبة جديدة من الغزو والوصاية الدولية بذريعة "تشكيل هيئة انتقالية لإدارة غزة" يديرها "مجلس سلام" يتنفس الرضا اليهودي ولا يخرج عنه شبرا.

وليس غريبا أن تنتهي مشاريع "المقاومة والتحرر الوطني" من أفغانستان مرورا بسوريا وصولا إلى فلسطين، باتفاقيات "التسوية والسلام ونبذ العنف" بوساطة أمريكية تُشكر على جهودها بعد أن كانت "شريكا في الإبادة!"، فعلى كل حال هذا هو الفرق بين طريق الجهاد وطرق "التحرر الوطني" التي استمر البعض عبثا يحاول إذابة الفوارق بينها، كما لم يكن مستبعدا ولا مستغربا أن ينتهي "العبور الأول" بنفس ما انتهى "العبور الثاني" بتواقيع ووعود أمريكية، وكأن الجيوش القومية والكتائب الوطنية تسير منذ "كامب ديفيد" الأول إلى "كامب ديفيد" آخر ولكن هذه المرة في "شرم الشيخ" أو "مدينة السلام" كما يسمونها.

بينما بقي المجاهدون الربيون الغرباء يشقون طريقهم بكل ثبات ويقين نحو خيبر ومكة وحطين، وهي قادمة لا محالة -بإذن الله تعالى- بعد هذا المخاض العسير الذي صار فيه الناس إلى "أكثرية" فقدت ثقتها بكل صور القتال ضد اليهود، و "طائفة" قليلة صابرة مؤمنة يهيئ الله لها الأسباب بحكمته لتقود رحى الحروب الدينية القادمة التي يردد فيها الحجر أو الشجر: (يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ).

إن عصا موسى -عليه السلام- معجزة خاصة بزمانه، وليس لأحد أن يرفعها ويشق بها البحر بحثا عن مخرج، فعصر المعجزات انتهى، وإنما أبقى الله لنا سيف نبيه -صلى الله عليه وسلم- مشرعا ومنهاجه باقيا وطريقه ممتدا إلى قيام الساعة، فهذا هو طريق العبور الوحيد يا شباب الإسلام، وما سواه فـ "كامب ديفيد" أو "أوسلو" أو "شرم الشيخ" تغيّرت الأسماء والنتيجة واحدة.


• المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 517
السنة السابعة عشرة - الخميس 24 ربيع الآخر 1447 هـ
...المزيد

📜 الصلاة الإبراهيمية : { اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما صَلَّيْتَ علَى ...

📜 الصلاة الإبراهيمية :
{ اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما صَلَّيْتَ علَى إبْرَاهِيمَ وعلَى آلِ إبْرَاهِيمَ؛ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما بَارَكْتَ علَى إبْرَاهِيمَ وعلَى آلِ إبْرَاهِيمَ؛ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ }
✍ لما سئل رسول الله ﷺ كيف الصلاة عليكم أهل البيت قال ﷺ :
(( قُولوا: اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما صَلَّيْتَ علَى إبْرَاهِيمَ وعلَى آلِ إبْرَاهِيمَ؛ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما بَارَكْتَ علَى إبْرَاهِيمَ وعلَى آلِ إبْرَاهِيمَ؛ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ))
((صحيح البخاري))(3370)

🔗 اضغط هنا لمتابعة قناة فوائد علمية على الواتساب:
https://whatsapp.com/channel/0029VbAZ4HH8F2pGv35lJE25
...المزيد

📜【الإيمان والأماني】 ▫"ليس الإيمان بالتمنّي ولا بالتحلّي، ولكن ما وقر في القلب وصدّقه العمل". بكل ...

📜【الإيمان والأماني】

▫"ليس الإيمان بالتمنّي ولا بالتحلّي، ولكن ما وقر في القلب وصدّقه العمل". بكل هذا الوضوح والجلاء والدقة والصفاء؛ وصفَ أئمة السلف حقيقة الإيمان وضابطه وناظمه، تلك كانت زبدة فهمهم وخلاصة فقههم لهذه الحقيقة التي هي غاية الخلق وسبيل النجاة، وعليها مدار الممات والحياة.

▫بينما يتمنى الناس اليوم أماني كثيرة ويبنون عليها أحلاماً وأوهاماً كبيرة، بغير برهان، تماماً كما فعل الذين من قبلهم ونعى الله عليهم ذلك في كتابه فقال سبحانه: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ}.

▫نقل الإمام الطبري وغيره في سبب نزول هذه الآية عن قتادة: "أن المسلمين وأهل الكتاب افتخروا، فقال أهل الكتاب: نبيّنا قبل نبيكم، وكتابنا قبل كتابكم، ونحن أولى بالله منكم، وقال المسلمون: نحن أولى بالله منكم، نبينا خاتم النبيين، وكتابنا يقضي على الكتب التي كانت قبله، فأنزل الله الآية إلى قوله: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا}، فأفلج الله حُجَّة المسلمين على من ناوأهم من أهل الأديان". أهـ.

▫والمعنى في هذه الآية كما بيّنه المفسرون وفهمه السابقون المهديون: "أن الدين ليس بالتحلّي ولا بالتمني، وليس كل من ادعى شيئاً حصل له بمجرد دعواه، ولا كل من قال: إنه هو الحق، سُمع قوله بمجرد ذلك، حتى يكون له من الله برهان، ولهذا قال تعالى: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} أي: ليس لكم ولا لهم النجاة بمجرد التمنّي، بل العبرة بطاعة الله، واتباع ما شرعه على ألسنة رسله الكرام". أهـ.

▫ومِن تمام عدله تعالى، رغم تفضيله الإسلام وشريعته على سائر الأديان لا شك في ذلك ولا ريب، وقضائه -سبحانه- في كتابه أنّ من يبتغي غير الإسلام دينا فلن يُقبل منه؛ ومع ذلك فقد جعل -سبحانه- الضابط والمعيار في هذا الدين ليس مجرد الانتساب إليه كما هو حال الكثيرين اليوم، بل قيّد ذلك بالاتباع والعمل، ولذا أتبع الآية بقوله: {وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا}، وقوله: {وهو مؤمن} شرط وقيد بريده العمل، ثم حسم المسألة -تبارك وتعالى- وحدّها وقيّدها وأكّدها بقوله: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا}، وقوله: {وهو محسن} كقوله: {وهو مؤمن}؛ كلاهما يدلان على الاتباع والإخلاص والانقياد التام لله الفرد الصمد ودينه الحق العدل.

▫ثم أوجز سبحانه حقيقة الإسلام بكلمات معدودات جامعات واضحات بيّنات محكمات غير متشابهات فقال: {وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا}، قال ابن كثير: "الحنيف هو المائل عن الشرك قصدا، التارك له عن بصيرة، المقبل على الحق بكليته، لا يصده عنه صاد، ولا يرده عنه راد، وقال: هم محمد وأتباعه إلى يوم القيامة". أهـ. فهذا هو الإسلام يا أمة الإسلام، ليس بالأماني ولا الدعاوى والأوهام.

▫واليوم يدّعي كثير من الأفراد والجماعات
أنهم على الحق، ويتوهمون أنهم على الجادة، وأنهم أهل الطريقة المُثلى والراية الفُضلى وغيرها من أوصاف التزكية والتفضيل ونعوت الثناء والتبجيل، ويسيطر عليهم الوهم بذلك، وهم في الحقيقة خلاف ذلك، بل هم يتقلبون في الضلالة وينغمسون في الغواية حتى أخمصهم، لكن زيّن لهم الشيطان سوء أعمالهم فرأوها على غير حقيقتها كما أخبر تعالى: {أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ}.

▫يقودنا ذلك للحديث عن الوهم، وهو داء عضال ومرض خطير قتّال، يتفوّق على جذم الأطراف وقطع الأوصال، ذلك أنه دقيق يسري في الأفهام والأذهان سريان الدم في العروق والأبدان، ومع ذلك قلّما يُنتبه ويُتفطن إليه، فالواهمون يغرقون في أوهامهم وهم يعتقدون اعتقاداً جازماً أنهم بُعداء عنه بُرآء منه.

▫وأسباب هذا الوهم كثيرة بعضها من البيئة المحيطة وبعضها من خارجها، بعضها متصل بالنفس البشرية وبعضها منفصل عنها، إلا أن أبرز أسبابه وأكثرها شيوعاً قديماً وحديثاً: التقليد الأعمى كما فعل الكافرون الأوائل حين قلّدوا آباءهم في شركهم ورفضوا الاتباع وقالوا: (حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا)، ومن أسباب الوهم التعجُّل والتسرُّع في ضبط الانفعالات والمواقف خصوصاً في زمن طغيان العواطف على العقائد! وغلبة المظاهر على البواطن، ومنها الجهل واتباع الظنون، وأسوأ منه الجهل المركّب فهو مرتع الأوهام ومحضن الواهمين، ومنها اتباع الهوى وبين الوهم والهوى وئام لا ينقضي، ومنها الكبر والغرور وهما متجذران في نفوس الواهمين حتى تكاد تراه رأي العين، ومنها ضعف الحجة وفقدان البصيرة، والوهم والبصيرة في عداء لا ينتهي.

▫وخطورة الوهم تكمن في أنّ له سلطانا كبيرا على العقول والنفوس، وتعظم خطورة الأوهام والأماني عندما تكون في أبواب المعتقدات، وأكثر الناس اليوم صرعى وأسرى أوهامهم وأمانيهم التي درجوا عليها حتى عشعشت في عقولهم ورانت على قلوبهم وبنوا عليها أحكاما وتصورات أنزلوها منزلة المسلّمات الراسخات وهي في حقيقتها ضلالات وسرابات.

▫والمتأمل يجد أنّ الوهم والتوهم وكل تصاريفه ومشتقاته ومعانيه ومدلولاته، قواسم مشتركة بين أعداء الجهاد على اختلاف مشاربهم، فتراهم جميعا يهيمون على وجوههم في بحار الأوهام والأهواء والأحلام والشكوك والظنون والجهل والأكاذيب والتخرّصات والأماني الخدّاعات.. وعدِّد ما شئت من معاني ومدلولات الوهم والريبة والاضطراب، فهؤلاء لمّا فارقوا سبيل الجهاد؛ حرمهم الله الهداية فأضلهم عن سبيله، واقرأوا إنْ شئتم قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}.

▫لذا ينبغي للمؤمن أن يُعرف بتوحيده إذا أشرك الناس، وبهدايته إذا ضلّ الناس، وبثباته إذا تراجع الناس، وبفهمه إذا زاغ الناس، وبرويّته إذا طاش الناس، ينبغي للمؤمن أن تغلب عقيدتُه عاطفته وأن يوجّه إيمانُه عملَه، وأن يكون هواه تبعا لما جاء به نبيه ﷺ، فهذا هو الإيمان وما سواه أماني وأوهام.
...المزيد

◽【العبور إلى كامب ديفيد!】 ▫من يقرأ بنود "قمة السلام" بنسختها الأمريكية الأخيرة في "شرم الشيخ" ...

◽【العبور إلى كامب ديفيد!】

▫من يقرأ بنود "قمة السلام" بنسختها الأمريكية الأخيرة في "شرم الشيخ" حول وقف الحرب في غزة؛ تعود به الذاكرة تلقائيا إلى مؤتمرات وقمم السلام الأولى بين "منظمة التحرير الفلسطينية" واليهود، التي كانت تنتهي على نحو مشابه، وكأنّ بعض البنود نُقلت حرفيا من نصوص الاتفاقيات السابقة.

▫وليس من قبيل المصادفة أن يختار رعاة الاتفاق الجاهلي، مدينة "شرم الشيخ" موقعا لعقد القمة وتوقيع الاتفاق، فالمدينة منذ "تحريرها" غدت قِبلة السلام مع اليهود! وساحة لنذر قرابين التعهد بحفظ أمنهم، ووجهة مفضلة لسياحهم، في سياق طبيعي لمفهوم "التحرير" في قاموس الوطنية على غرار "تحرير" دمشق وبغداد وكابل، وهلم جرا.

▫ولتنشيط ذاكرة القارئ قليلا، نذكّره بأن من جملة مؤتمرات السلام التي شهدتها المدينة؛ قمة السلام التي عُقدت قبل عقدين من الآن، بحضور الطاغوتين "عباس" و "شارون" وتمّ فيها الإعلان رسميا عن نهاية ما عُرف بـ "الانتفاضة" والتزام خطة "خارطة الطريق" للسلام؛ وهو ما رفضته حركات التحرُّر الوطني آنذاك في ذروة حماسها وعدته خيانة وتفريطا، بينما عادت إليه اليوم بخفي حنين في نفس المدينة وبرعاية نفس الأطراف الدولية، مضافا إليها تركيا "ذراع الغرب" الصليبي وقطر عرابة الترويض والاحتواء.

▫ومن تناقضات قمة الأكاذيب، أن يعد السفّاح ترامب أهل غزة بالسلام! وأن يحاضر "جزارُ الباب" عن الإعمار! وأن يتحدث فرعون مصر عن وقف الألم! وأن تقود بريطانيا صاحبة "وعد بلفور" ومعها فرنسا الحاقدة، جهود إعادة إعمار غزة، وكأن الغزاة التاريخيين خرجوا من الباب وعادوا من النافذة.

▫على خشبة مسرح السلام قال ترامب: "هذا فجر يوم تاريخي جديد للشرق الأوسط!". صحيح أن الفلسطينيين لطالموا ترنّموا بفجر الحرية والتحرير؛ لكن هل كانوا يقصدون هذا "الفجر التاريخي" الذي يشيد به ترامب؟ أكان فجرا أم غسقا ينذر بأيام حالكة لشعب تائه يتلمّس الحرية في غير مظانها، ويتجرع باستمرار غصص التجارب والنكسات الوطنية المتعاقبة التي تشابهت نهاياتها، بعد أن تشابهت بداياتها وجذورها "الوطنية".

▫"قمة السلام" التي رعتها أمريكا وقطر ومصر وتركيا، وحضرها أكثر من ۲۰ رئيس دولة؛ جاءت تطبيقا عمليا لمشروع "الشرق الأوسط الجديد" الذي رسمه اليهود والصليبيون بالمجازر والنار والحديد، بينما يصفق العالم اليوم لهذه القمة المخادعة، وينعتها بكل وقاحة بقمة السلام!

▫ولعل من أسوأ بنود هذه القمة -وكلها سيئة- كما نشرها البيت الأسود: "تفكيك التطرف والتشدد بجميع أشكالهما"، وهو ما أكده ترامب على نحو أوضح في خطابه أمام "الكنيست" اليهودي قائلا إن "غزة لن تشكل تهديدا مستقبليا لأمن إسرائيل!".

▫لقد سمعنا هذا الطرح من قبل، ضمن بنود "اتفاق السلام" بنسخته الأفغانية الذي بموجبه تسلمت طالبان الحكم و "تحررت كابل!"، ثم سمعناه مجددا في عهد "سوريا الجديدة" بعد تسلُّم الجولاني للحكم خلفا للأسد و "تحررت دمشق!"، وها نحن نسمعه مجددا في اتفاق غزة بمرحلته الأولى، فهل أصبحت "مشاريع التحرر" لا تنتهي إلا بهذه الخاتمة: "نبذ الإرهاب" وضمان الأمن اليهودي والصليبي؟! أم أن للقصة بقية كما يرددون؟!

▫إن الترجمة الحقيقية لقمّة "شرم الشيخ" هي التعهد بحماية أمن دويلة اليهود والتوبة والإقلاع عن مهاجمتها، والانخراط في تطبيع العلاقات معها، خصوصا أن حكومات عديدة كانت تنتظر توقف طوفان الدماء في غزة، لتُجري أنهار التطبيع والموالاة الرسمية والعلنية مع اليهود، ولا نعني بذلك طواغيت الخليج فحسب، لأن القائمة تطول.

▫وسواء تعثّرت "اتفاقية السلام" الجديدة أو تعمقت وترسخت وغرست أنيابها في الجسد الفلسطيني المثخن بالجراح والألم، فإننا نخاطب إخواننا المسلمين في فلسطين بخطاب التواصي بالصبر والحق والمرحمة، نذكّرهم بأن الله تعالى شرع لنا دينا قويما أتمّه وأكمله وأفرده، ونفى ما سواه وأبطله، وشرع لنا سبحانه الجهاد يحرسه ويذب عنه، فهذا هو طريق الخلاص فخوضوه كما يحب ويرضى سبحانه، واكفروا بكل ما سواه من دروب الجاهلية والوطنية فهي لن توصلكم سوى إلى مزيد من قمم الأوهام وما "أوسلو" وأخواتها عنكم ببعيد، وقد جاءت كلها بعد ثورات جاهلية لم يكن الإسلام فيها سبيلا ولا حلا وحيدا، فاسمعوا وعوا ولا تكرروا الوقوع في نفس الحفر، واعلموا أن صون الدماء ليس بمجرد وقفها، فقد تتوقف ولا تُصان! وإنما يكون صونها برهنها وجريانها على منهاج النبوة تحت راية الشريعة المحمدية.

▫وفي هذا الموطن والظرف العصيب، فإننا لا نعزي إخواننا المسلمين هناك بقتلاهم فحسب، لأن مصابهم الجلل بعد كل هذه الدماء في "الاتفاق المشؤوم" الذي -لو تم- فإنه يمهّد لحقبة جديدة من الغزو والوصاية الدولية بذريعة "تشكيل هيئة انتقالية لإدارة "غزة" يديرها "مجلس سلام" يتنفس الرضا اليهودي ولا يخرج عنه شبرا.


▫وليس غريبا أن تنتهي مشاريع "المقاومة والتحرر الوطني" من أفغانستان مرورا بسوريا وصولا إلى فلسطين، باتفاقيات "التسوية والسلام ونبذ العنف " بوساطة أمريكية تُشكر على جهودها بعد أن كانت "شريكا في الإبادة!"، فعلى كل حال هذا هو الفرق بين طريق الجهاد وطرق "التحرر الوطني" التي استمر البعض عبثا يحاول إذابة الفوارق بينها، كما لم يكن مستبعدا ولا مستغربا أن ينتهي "العبور الأول" بنفس ما انتهى "العبور الثاني" بتواقيع ووعود أمريكية، وكأن الجيوش القومية والكتائب الوطنية تسير منذ "كامب ديفيد" الأول إلى "كامب ديفيد" آخر ولكن هذه المرة في "شرم الشيخ" أو "مدينة السلام" كما يسمونها.

▫بينما بقي المجاهدون الربيون الغرباء يشقون طريقهم بكل ثبات ويقين نحو خيبر ومكة وحطين، وهي قادمة لا محالة -بإذن الله تعالى- بعد هذا المخاض العسير الذي صار فيه الناس إلى "أكثرية" فقدت ثقتها بكل صور القتال ضد اليهود، و "طائفة " قليلة صابرة مؤمنة يهيء الله لها الأسباب بحكمته لتقود رحى الحروب الدينية القادمة التي يردد فيها الحجر أو الشجر : (يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللهِ هَذَا يَهُودِيُّ خَلْفِي، فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ).

▫إن عصا موسى -عليه السلام- معجزة خاصة بزمانه، وليس لأحد أن يرفعها ويشق بها البحر بحثا عن مخرج، فعصر المعجزات انتهى، وإنما أبقى الله لنا سيف نبيه ﷺ مشرعا ومنهاجه باقيا وطريقه ممتدا إلى قيام الساعة، فهذا هو طريق العبور الوحيد يا شباب الإسلام، وما سواه فـ "كامب ديفيد" أو "أوسلو" أو "شرم الشيخ" تغيّرت الأسماء والنتيجة واحدة.



الخميس 24 ربيع الآخر 1447هـ
...المزيد

✍ قال ابنُ المُبارَكِ: (( مَن تَهاونَ بالأدَبِ عوقِبَ بحِرمانِ السُّنَنِ، ومَن تَهاونَ بالسُّنَنِ ...

✍ قال ابنُ المُبارَكِ:
(( مَن تَهاونَ بالأدَبِ عوقِبَ بحِرمانِ السُّنَنِ، ومَن تَهاونَ بالسُّنَنِ عوقِبَ بحِرمانِ الفرائِضِ، ومَن تَهاونَ بالفرائِضِ عوقِبَ بحِرمانِ المَعرِفةِ ))
((حلية الأولياء))(10/ 239)

🔗 اضغط هنا لمتابعة قناة فوائد علمية على الواتساب:
https://whatsapp.com/channel/0029VbAZ4HH8F2pGv35lJE25
...المزيد
يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
29 ربيع الآخر 1447
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً