الأحدث إضافة

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 94 الافتتاحية: حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 94
الافتتاحية:

حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ


يُزَيِّن أهل الباطل باطلهم بالأسماء البرّاقة، والأوصاف اللمّاعة، التي تستفِز فضول السُذَّج الأغرار، وتخدع بعض الأتقياء الأبرار، والتي قد تقترب أحيانا من أحكام ومعانٍ شرعية محمودة، ولكن حقيقتها تخالف حقيقة تلك الأحكام والمعاني، بل وتناقضها أحيانا.

ومن تلك المعاني التي يروّج لها أهل الباطل اليوم، قولهم أن الجهاد يجب أن يكون "جهاد أمة"، ولا يجوز أن ينحصر بحال في فئة من أبنائها، لأنهم أعجز من أن يقوموا بالواجبات الكبيرة لهذا الجهاد لوحدهم، فأعداء الدين كُثُر، وشوكتهم قوية، ولذلك فإن مشاركة "الأمة" كلها في هذا الجهاد ضرورية لترجيح كفة المجاهدين ضد أعدائهم.

وهذا المعنى وإن كان صحيحا في ذاته، فإن أهل الضلال يستخدمونه اليوم سُلَّما يهبطون من خلاله مزيدا من الدركات في رحلة تنازلاتهم التي لا تنتهي عن أحكام الشريعة إرضاء لأهوائهم، وطلبا لرضا المشركين عنهم، وذلك بقولهم أنه يجب التشارك في الجهاد مع مختلف الأحزاب والطوائف التي ينسبونها إلى الإسلام، وإن كان أكثرها طوائف كفر وردّة، وفي سبيل هذا التشارك لا بد من تقديم التنازلات لإرضاء هذه الطوائف، والوصول معها بذلك إلى حلول وسطية، ولو بالدخول معهم في كفرهم وردّتهم.

لقد فهِم مرتدو تنظيم القاعدة في الشام وأشباههم في كل مكان، من مصطلح "جهاد الأمة"، أن المجاهدين يجب أن لا ينعزلوا عن ما يسمونه "الأمة"، لكي لا يتسنى لأعدائهم ضربهم، ويقصدون بمصطلح "الأمة" هنا كل المنتسبين إلى الإسلام حقيقة أو زورا.

ولذلك فقد عزموا منذ بدايات تقرير منهجهم البدعي الضال، أن لا يسبِقوا هؤلاء بشيء، فيكونوا في صفهم دائما مهما كانت درجة تراجعهم، فإذا حصل وسبقوهم في أمر شرعي، أو تحرك ميداني، فلا بد أن يتداركوا أنفسهم ويتراجعوا مع أدنى هزة تصاحب هذا السبق، وذلك للاختفاء في صفوفهم، والاحتماء بهم، ودرء غدرهم وشرورهم، مع ما يتضمّنه ذلك من تضييع لأحكام الدين التي لا يقبلونها، وترك للجهاد وتعطيل له إن قرروا التوقف عنه لأي سبب كان، رغبة بما لدى المشركين، أو رهبة منهم.

وهذا بخلاف منهج أهل الحق، الذين يندفعون في طلبه، والسعي لإقراره في الأرض، ولو خالفهم من خالفهم، أو خذلهم من خذلهم، كما قال -عليه الصلاة والسلام- في وصفهم: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك) [رواه مسلم]، بل إن هذه الطائفة لا تكتفي بالحق لنفسها وأفرادها، وإنما تسعى جاهدة إلى جرِّ الناس إليه بكل وسيلة مشروعة، فمن جاء للحق طالبا فحيّ هلا، ومن أضرّ نفسه بإصراره على الباطل الذي سيكبُّه في نار جهنم، فلا بأس من إنقاذه من ظلمه لنفسه، وجرّه إلى الحق جرّا حتى يصير في زمرة أصحابه، وينال خيري الدنيا والآخرة، وما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والحدود، والتعزيرات إلا من هذا الباب.

وهكذا فإن المجاهد في سبيل الله -تعالى- لا يتأخر عن القيام بحكم من أحكام الشريعة حضر وقته، لمجرد تأخر الناس عنه، بل يتقدمهم إليه، ويُحرِّض المؤمنين منهم على اللحوق به، لقوله تعالى: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 84]، وإن ما يسميه الناس اليوم "الأمة الإسلامية" ويقصدون بذلك كل المنتسبين إلى الإسلام، لا يمكن أن تُدعى كلها إلى الجهاد في سبيل الله، إذ باتت تحمل في طياتها الكثير من طوائف الكفر والردة التي تنتسب جميعها إلى الإسلام و"الأمة الإسلامية" زورا وبهتانا، وليس هؤلاء بالتأكيد من المكلفين بالجهاد، بل ولا من الذين يجوز الاستعانة بهم في الحرب لقوله عليه الصلاة والسلام: (فلن أستعين بمشرك) [رواه مسلم].

وإن مفهوم "جهاد الأمة" لا يمكن أن يتحقق إلا في ظل وجود الجماعة المسلمة التي تسمع وتطيع لإمامها المسلم، فإن وُجِدت الحاجة لإخراج المسلمين كلهم إلى الجهاد أو لأي أمر فيه مصلحة لهم كان له ذلك، بما له من أمر ونهي عليهم بالمعروف، كما كان شأن النبي صلى الله عليه وسلم، وخلفائه الراشدين، ومن تبعهم من أئمة الهدى، والحاكمين بما أنزل الله.

وإن الدولة الإسلامية اليوم -بفضل الله- تحشد المسلمين جميعا لقتال المشركين، وتحرضهم على ذلك، وباتت تأطر من تحت سلطانها منهم على ذلك أطرا، وهكذا يكون المنهج النبوي في دفع الناس لأداء الواجب المتعين عليهم، والله الهادي إلى سواء السبيل.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 94
الخميس 24 ذو القعدة 1438 ه‍ـ
...المزيد

- من الأحاديث المكذوبة التي لا يصح نسبتها لرسولنا ﷺ: "إياكم وخضراء الدمن، المرأة الحسناء في المنبت ...

- من الأحاديث المكذوبة التي لا يصح نسبتها لرسولنا ﷺ: "إياكم وخضراء الدمن، المرأة الحسناء في المنبت السوء"، لكنها حكمة صحيحة.

#أحاديث_منتشرة_مكذوبة

♦️- "كما تكونون يولى عليكم"، "الناس على دين ملوكهم"، لا يصح نسبتهما للنبي ﷺ إنما هي حِكم صالحة، ...

♦️- "كما تكونون يولى عليكم"، "الناس على دين ملوكهم"، لا يصح نسبتهما للنبي ﷺ إنما هي حِكم صالحة، ومقالات صحيحة.

#أحاديث_منتشرة_مكذوبة

- "ليس الإيمان بالتمني، ولا بالتحلي، ولكن ما وقر في القلب، وصدقه العمل"، ليس بحديث إنما هي حكمة ...

- "ليس الإيمان بالتمني، ولا بالتحلي، ولكن ما وقر في القلب، وصدقه العمل"، ليس بحديث إنما هي حكمة صحيحة للحسن البصري، وتمامها: "وإن قومًا خرجوا من الدنيا ولا عمل لهم، وقالوا: نحن نحسن الظن بالله، وكذبوا؛ لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل".

#أحاديث_منتشرة_مكذوبة
...المزيد

♢- أغلب إن لم يكن كل الأحاديث والقصص التي تروج في بلدنا عن علي وفاطمة -رضي الله عنهما- مكذوبة، ...

♢- أغلب إن لم يكن كل الأحاديث والقصص التي تروج في بلدنا عن علي وفاطمة -رضي الله عنهما- مكذوبة، وبعضها لا زالت طرية اختلقوها هذه الأعوام الأخيرة!.

#أحاديث_منتشرة_مكذوبة

- حديث: "يس لما قُرأت له" حديث مكذوب على رسول الله ﷺ، وشأن هذه السورة شأن أي سورة غيرها، ولا تصح ...

- حديث: "يس لما قُرأت له" حديث مكذوب على رسول الله ﷺ، وشأن هذه السورة شأن أي سورة غيرها، ولا تصح الأحاديث الواردة في فضائلها.

#أحاديث_منتشرة_مكذوبة

- "على قدر نياتكم ترزقون"، ليس بحديث وإنما هي مقالة صحيحة، يدل عليها قوله ﷺ في الحديث القدسي: "أنا ...

- "على قدر نياتكم ترزقون"، ليس بحديث وإنما هي مقالة صحيحة، يدل عليها قوله ﷺ في الحديث القدسي: "أنا عند ظن عبدي بي".

#أحاديث_منتشرة_مكذوبة

♢- حديث: "سلمان منّا آل البيت" لا يصح مرفوعًا عن النبي ﷺ، وصح موقوفًا عن علي رضي الله ...

♢- حديث: "سلمان منّا آل البيت" لا يصح مرفوعًا عن النبي ﷺ، وصح موقوفًا عن علي رضي الله عنه.

#أحاديث_منتشرة_مكذوبة

- من الأحاديث المنتشرة المكذوبة: "نصرني الشباب وخذلني الشيوخ" فلا يصح عنه ...

- من الأحاديث المنتشرة المكذوبة: "نصرني الشباب وخذلني الشيوخ" فلا يصح عنه ﷺ.

#أحاديث_منتشرة_مكذوبة

✍قال ابن عثيمين : ((إذا انتهت مُدَّة المسح وبقِي الإنسان على طهارته، وصلَّى بعد انتهاء المدَّة، ...

✍قال ابن عثيمين :
((إذا انتهت مُدَّة المسح وبقِي الإنسان على طهارته، وصلَّى بعد انتهاء المدَّة، فصلاتُه صحيحة؛ لأنَّ انتهاء مدَّة المسح لا ينقض الوضوء))
((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (11/180)
════════❁══════
📙 خدمة فوائد علمية 📙
════════❁══════
📌 للاشتراك في الخدمة: أرسل (اشتراك) إلى الرقم
249100802323
📎 انشر تؤجر بإذن الله 📎
...المزيد

العبودية الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتِم المرسلين، أما بعد... إذا عرف ...

العبودية


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتِم المرسلين، أما بعد...

إذا عرف المخلوق ربه، وأنه خالق الكون ومُدبِّره، وهو الذي يرزقه ويُنعم عليه النعم المتتالية، وجبت عليه عبادته والخضوع لأمره ونهيه.

• أهمية العبادة ومعناها

توحيد الله -تعالى- وعبادته وحده هي الغاية التي خلق الله -تعالى- لأجلها الخلق، وهي الأمر الأعظم والأوجب عليهم من خالقهم الذي يرزقهم ويدبّر أمورهم، كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: 56 - 58]، ودعوة توحيد الله -تعالى- بالعبادة هي دعوة المرسلين لأقوامهم، فكلهم يقول لقومه: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ} [الأعراف: 59]، وكما قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36]، ولقد ذمَّ الله المستكبرين عن عبادته فقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60]، والعبادة تُصرف لله وحده، وصرف شيء منها لغيره يبطل إسلام المرء.

وحاجة العبد للعبادة لا تُقاربها حاجة، وهي أشد من حاجة الجسد للطعام والشراب، لأنها حاجة القلب والروح، وهما أهم من الجسد، ولا يطمئنان ولا يسكنان ولا يشبعان ولا يرتويان إلا بالعبادة، وكلما طابت العبادة طاب القلب وارتاح، وإذا أقبل على الله اعتزَّ وإن كان ذليلا، واستغنى وإن كان محتاجا.

وأركان العبادة هي امتثال أمر الله مع الخضوع والمحبة والتعظيم، والأمور التي تدخل في العبادة: كل ما رضِيَه الله من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، فالأقوال كالدعاء والاستغاثة وكالذكر وشهادة أن لا إله إلا الله والأقوال الداخلة في الصلاة من ذكر وقراءة القرآن ونحوها، والأعمال كالصلاة والجهاد والذبح والتحاكم في الخصومة وغير ذلك، والأعمال الباطنة مثل الرجاء والخوف والتوكل والتعظيم، وكل هذا إما أن يُفْعل لله فهو التوحيد، وإما أن يُفْعل لغيره فهو الشرك.

• لا تصِحُّ العبادة مع الشرك والبدعة

إن مقام العبودية من أعظم المقامات التي امتدح الله بها أنبياءه ومنها قوله -تعالى- في حق نبينا صلى الله عليه وسلم: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا} [الإسراء: 1]، وقال تعالى: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص: 30] فالعبد المسلم يشترط لصحة عبادته ووصفه بالعبودية الحقيقية لله -تعالى- أن يكون مخلصا متابعا، فما معنى الإخلاص والمتابعة؟

الإخلاص هو ضد الشرك، ولا تصِحُّ العبادة إلا بإخلاصها أي تخليصها من أي نوع من أنواع الشرك المبطل لها، قال الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} [البينة: 5]، قال الإمام الطبري: "مفردين له الطاعة، لا يخلطون طاعتهم ربهم بشرك" [جامع البيان].

وأما المتابعة فتعني أن تعبُد الله -عز وجل- بما شرع -سبحانه- في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [المائدة: 92]، وفي الصحيحين عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرِنا هذا ما ليس فيه فهو ردٌ)، وكل عمل بلا اقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- فإنه لا يزيد عامِلَه من الله إلا بُعدا، وإن الله -تعالى- يُعبَد وفق أمره لا بالآراء والأهواء، عن الحسن البصري قال: "صاحب البدعة لا يزداد اجتهادا، صياما وصلاة، إلا ازداد من الله بعدا" [البدع لابن الوضاح].

• التوحيد وفضله والشرك وشره

فعبادة الله وحده هو توحيده، وعبادة غيره معه شرك، فعن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- قال: كنتُ ردفَ النبي -صلى الله عليه وسلم- على حمارٍ يقال له عفيرٌ، فقال: (يا معاذُ، هل تدري حقَّ اللهِ على عبادِه، وما حقُّ العبادِ على اللهِ؟) قلت: الله ورسوله أعلم، قال: (فإنَّ حقَّ اللهِ على عباده أن يعبدوه، ولا يشركوا به شيئاً، وحقُّ العبادِ على اللهِ أن لا يعذِّبَ من لا يشرك به شيئاً). فقلت: يا رسول الله، أفلا أبشر به الناس؟ قال: (لا تبشِّرهم فيتَّكلوا) [رواه البخاري ومسلم].

والتوحيد هو تحقيق معنى لا إله إلا الله، وفضل هذه الكلمة عظيم جليل، لمن أعطاها حقها فآمن بها وعمل بمضمونها، فالموحِّد لا يُخلَّد في النار كما ورد في الصحيحين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فإن الله قد حرَّم على النار من قال: لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله)، وللموحِّد الأمن التام يوم القيامة كما قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام: 82]، وروى الترمذي عن أنس وحسَّنهُ، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (قال اللَّه تبارك وتعالى: ...يا ابن آدم إنَّكَ لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثمَّ لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة).

ومن أتى بالتوحيد بأعلى درجاته دخل الجنة بغير حساب ولا عذاب، كما في حديث ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (عرضت عليَّ الأمم، فرأيت النبي ومعه الرهيط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي ليس معه أحد، إذ رُفع لي سواد عظيم، فظننت أنهم أمتي، فقيل لي: هذا موسى -صلى الله عليه وسلم- وقومه، ولكن انظر إلى الأفق، فنظرت، فإذا سواد عظيم، فقيل لي: انظر إلى الأفق الآخر، فإذا سواد عظيم، فقيل لي: هذه أمتك، ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب). ثم نهض فدخل منزله، فخاض الناس في أولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، فقال بعضهم: فلعلهم الذين صَحِبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال بعضهم: فلعلهم الذين وُلدوا في الإسلام ولم يشركوا بالله، وذكروا أشياء، فخرج عليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: (ما الذي تخوضون فيه؟) فأخبروه، فقال: (هم الذين لا يرقون، ولا يسترقون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون)، فقام عكاشة بن محصن، فقال: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال (أنت منهم)، ثم قام رجل آخر فقال: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: (سبقك بها عكاشة) [رواه البخاري ومسلم، واللفظ لمسلم].

فهذا فضل التوحيد، أما شرُّ نقيضه وهو الشرك فأمره جلل وخطبه عظيم مهول، فإن المشرك لا يغفر الله له، كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]، بل مصيره إلى النار خالدا فيها، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به دخل النار)، فمن كان يصرف كل العبادات لله إلا عبادة يسيرة يصرفها لغيره فهو مشرك، وجزاؤه النار خالدا فيها فانتبه لهذا يا عبد الله.

وكثير من الناس يستهين بالشرك، ويظنُّ أن جهره بلا إله إلا الله أو حبَّه للرسول -صلى الله عليه وسلم- أو حُبَّه لأهل الدين أو بِرَّه بوالديه أو دعوته لدين الله وطباعة المصحف، أو حج بيت الله الحرام، يظن أن ذلك فقط ينجيه من النار! بل لا ينجيه من النار إلا إخلاص التوحيد لله وعدم صرف العبادة لغيره، فيعبد الله وحده ولا يتحاكم عند النزاعات إلى محاكم الطواغيت، ولا يوالي جندهم من شرطة وغيرها محبة ونصرة وإعانة، ولا يستغيث عند الشدائد بغير الله، ولا يطلب الشفاعة من غير الله، ولا يشارك في الانتخابات، ولا يذهب للسحرة ليحبِّبوا إليه زوجه أو ليرقوا له مريضه.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 95
الخميس 2 ذو الحجة 1438 ه‍ـ
...المزيد

شخصيات قد تهتم بمتابَعتها

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً