الجِهادُ والإِخْلاص وإن خير ما نوصي به إخواننا المجاهدين مبدأ كل عام هجري؛ تجديد النية ومراقبة ...

الجِهادُ والإِخْلاص

وإن خير ما نوصي به إخواننا المجاهدين مبدأ كل عام هجري؛ تجديد النية ومراقبة الإخلاص وتقوية دوافعه في النفس، فإن الإخلاص أول منازل الطلب في العلم والعمل، وهو أول المدارج وأجمعها وأهمها، وهو للمجاهد حصن ونجاة، به تُنال الدرجات وتُحصل البركات وتُقبل الطاعات، بل هو ركن الدين وأصله لقوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ}، وتذكر أخي المجاهد أن أغلى ما يملكه العبد قلبه ووقته، فاعمر قلبك بالإخلاص واغمر وقتك بالعمل.



• المصدر:
مقتطف من افتتاحية صحيفة النبأ العدد 501
"جدِّدوا الهجرة"
...المزيد

جدِّدوا الهجرة من غفلة المسلمين في هذا الزمان تضييع الأوقات والأزمان سدى بلا إعمار ولا اعتبار، ...

جدِّدوا الهجرة

من غفلة المسلمين في هذا الزمان تضييع الأوقات والأزمان سدى بلا إعمار ولا اعتبار، فتمرُّ الذكرى بغير تذكُّر، والحوادث بغير تدبُّر، فلا اعتبار بانصراف الأيام والشهور، ولا اتعاظ بتصرُّم الأعوام والدهور، فقد طغت الغفلة وطالت الرقدة، وقست القلوب فهي كالحجارة أو أشد قسوة.


• المصدر:
مقتطف من افتتاحية صحيفة النبأ العدد 501
"جدِّدوا الهجرة"
...المزيد

معركة الفطرة السليمة ولقد جاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالإسلام على فترة من الرسل، هاديا ...

معركة الفطرة السليمة


ولقد جاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالإسلام على فترة من الرسل، هاديا الناس للتوحيد ومنظما للحياة وموازنا لعيش الإنسان وما يحتاجه، وما عنده من الشهوات والغرائز بعيدا عن الكبت والرهبانية وأبعد عن الإباحية والبهيمية، فرفع عن البشرية جاهليتها وبدد ظلمتها ومضت دهرا للأمام، ولم يزل الإسلام يقوِّم والإنسان ينشز، ولم يزل الإصلاح دأب الصالحين المصلحين، حتى يومنا هذا الذي تجاوز فيه الفساق والكفار حرب الإسلام ومجادلته، إلى حرب الفطرة ومنابذتها.

ولهذا؛ فحرب الإسلام والكفر دخلت منعطفا خطيرا واتخذت منحىً جديدا، إذ إن المجاهدين اليوم لا ينافحون عن التوحيد فحسب، بل ينافحون عن الفضيلة والأخلاق، ولو يعلم كثير من المعرضين الجهّال تبعات هذه الحملة التي يقودها صناع الرذيلة وماذا سيحل بهم لو سقطت راية المجاهدين؛ لدعموهم بكل ما استطاعوا، فإنه ما انحسرت راية الجهاد في شبر إلا طغت عليه معالم الجاهلية.


• المصدر:
مقتطف من افتتاحية صحيفة النبأ العدد 453
"ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ"
...المزيد

الطاغوت الجولاني صديق اليهود الجديد منهجيا، نقض الجولاني "ملة ابراهيم" وحاربها بكل قوته، فلا غرو ...

الطاغوت الجولاني صديق اليهود الجديد

منهجيا، نقض الجولاني "ملة ابراهيم" وحاربها بكل قوته، فلا غرو أن يستبدلها بـ "اتفاقيات أبراهام" التي تهدف إلى تعزيز جدر الحماية لدويلة اليهود وشد حبال الولاء لهم، وهو ما كان واضحا صريحا في المطالب الأمريكية التي أملاها ترامب على الجولاني، وتتلخص في موالاة اليهود تحت مسمى "التطبيع" ومحاربة الدولة الإسلامية وشد وثاق أسراها في سجون شرق الفرات، وهي القاعدة الأساسية التي بموجبها سمحت أمريكا لتركيا بإحلال الجولاني خلفا للأسد، فهل يوغل الجولاني في تولي اليهود أم يكتفي باتفاقيات حماية الحدود؟!

• المصدر:
مقتطف من افتتاحية صحيفة النبأ العدد 495
"على عتبة ترامب!"
...المزيد

أعِدوا..فالنصر لا يأتي بالتمني في الشأن الميداني العملياتي، يجب على المسلمين المسارعة إلى ...

أعِدوا..فالنصر لا يأتي بالتمني

في الشأن الميداني العملياتي، يجب على المسلمين المسارعة إلى استغلال الفوضى الناجمة عن هذه الحروب، في مضاعفة الجهاد على كل الصُعد، في الإمداد والإسناد والإعداد والاستقطاب والتجنيد والتسليح، والحذر من تفويت الفرصة لأن السنن لا تحابي والنصر لا يأتي بالتمني، فخذوا بالأسباب واعقلوها وتوكلوا، فإنْ لم تبادروا بادر عدوكم.

فهذه الحروب والصراعات بين صفوف اليهود والرافضة والصليبيين، لن تتوقف كمّا ونوعا، فمسافات الأمان التي حرصوا على إبقائها فيما بينهم، قد تقلصت وبدأت دورة الصدامات فيما بينهم، فاضطربت علاقاتهم وتبعثرت تحالفاتهم، وانتقل شطر كبير من حروبهم إلى داخل معسكراتهم بعد أنْ كانت جميعها تطحن ديار المسلمين، وهذا خير لا يماري فيه مسلم.


• المصدر:
مقتطف من افتتاحية صحيفة النبأ العدد 500
"دولة فارس ودولة اليهود"
...المزيد

قدر الله بين الجراح والرضا في زمن المجزرة على المسلم أنْ يوقن أنه لا يحدث شيء في أرض الله إلا ...

قدر الله بين الجراح والرضا

في زمن المجزرة على المسلم أنْ يوقن أنه لا يحدث شيء في أرض الله إلا بعلمه ومشيئته سبحانه، فما يصيب المسلم من محن وجراح مقدّر عليه تماما كما يناله من منح وأفراح، وأنّ المؤمن كما يسعد بالقدر خيره ويشكره، عليه أنْ يرضى بالقدر شره ويصبر عليه وتطيب نفسه به، وقد كشفت الحروب والكروب أنّ لدى الناس مشكلة عميقة في باب الإيمان بالقضاء والقدر، وأنّ المؤمنين بذلك -على وجه اليقين والتسليم- قلة مقارنة بمن يوغلون في الاعتراض على الخالق سبحانه!، قولا وفعلا، بالجنان واللسان والأركان وهذا بحد ذاته مجزرة تفوق المجزرة! إذْ الواجب على المسلم أن يستقبل أقدار المولى سبحانه بالصبر والتسليم والرضى، فنحن خلق الله نتقلب في أرضه وملكه، فالأرض أرضه والملك ملكه، والخلق خلقه، ونحن عبيده، وهذه هي العلاقة بين البشر والخالق، عبودية محضة، من رضي فله الرضى ومن سخط فعليه سخطه.

في زمن المجزرة على العبد أنْ يتعظ بكثرة الموت ومشاهده، فيبادر في إحسان ما أساء، وإصلاح ما أفسد، وترميم ما تداعى مِن بناء التوحيد في قلبه وواقعه، فإنَّ آفة الأمة اليوم في عقيدتها، ومن قال غير ذلك فقد غشَّ الأمة وضيّع الأمانة وكتم النصيحة.

• المصدر:
مقتطف من افتتاحية صحيفة النبأ العدد 456
"في زمن المجزرة"
...المزيد

صرخة التوحيد بين أنقاض المجزرة في زمن المجزرة ينظر المسلم إلى مجازر فلسطين على أنها امتداد ...

صرخة التوحيد بين أنقاض المجزرة

في زمن المجزرة ينظر المسلم إلى مجازر فلسطين على أنها امتداد لمجازر الكافرين بحق المسلمين في كل مكان، امتداد لمجازر التاريخ القريب والبعيد، امتداد لمجازر العراق والشام واليمن وخراسان، وقبلها مجازر الشيشان والبوسنة والهرسك وغيرها التي ارتكبها أعداء الإسلام نصارى ووثنيين وشيوعيين ومجوس، وإن التفريق بين دماء وقضايا المسلمين تبعا للفوارق والحدود الجاهلية، هو بحد ذاته جزء من المجزرة الفكرية التي ضربت عقيدة المسلمين وكانت أخطر عليهم من المجزرة نفسها، فيا لهوان موت المرء مقارنة بموت توحيده!.

وليس اليهود أو الأمريكان وحدهم المتورطين في مجازر فلسطين، بل هناك أطراف أخرى شاركت قصدا أو تبعا في هذه المجازر وإنْ ظهروا اليوم يتباكون على ضحاياها، فدعاة السوء الذين نذروا حياتهم للدفاع عن الطواغيت وجيوشهم الكافرة الحامية لحدود اليهود؛ هم مشاركون في المجزرة، الحركات والجبهات المرتدة التي حاربت المجاهدين وقطعت الطريق عليهم وأخَّرت مسيرهم، هي جزء من هذه المجزرة، الكتّاب والإعلاميون المنافقون أو ما يطلق عليهم في الوسط الجاهلي "المثقفون والنخب"، والذين تسلطوا على المجاهدين وسلقوهم بألسنة حداد، هؤلاء أيضا مشاركون في المجزرة، هؤلاء وغيرهم متورطون في المجزرة بقدر حربهم وتشويههم للمجاهدين الذين خاضوا غمار الحروب ضد قوى الكفر، فاصطف هؤلاء في صف تحالف الكفر ضد المجاهدين، فاستمرت المجزرة بحق المسلمين.


• المصدر:
مقتطف من افتتاحية صحيفة النبأ العدد 456
"في زمن المجزرة"
...المزيد

الدولة دولة المسلمين أيها المسلمون في كل مكان؛ أبشروا وأمّلوا خيرًا، وارفعوا رؤوسكم عاليا؛ فإن ...

الدولة دولة المسلمين

أيها المسلمون في كل مكان؛ أبشروا وأمّلوا خيرًا، وارفعوا رؤوسكم عاليا؛ فإن لكم اليوم بفضل الله دولة وخلافة تعيد كرامتكم وعزّتكم، وتسترجع حقوقكم وسيادتكم دولة تآخى فيها الأعجمي والعربي والأبيض والأسود، والشرقي والغربي، خلافة جمعت القوقازي والهندي والصيني والشامي والعراقي واليمني والمصري والمغربي والأمريكي والفرنسي والألماني والأسترالي، ألف الله بين قلوبهم، وأصبحوا بنعمة الله إخوانًا متحابين فيه، واقفين في خندق واحد؛ يدافع بعضهم عن بعض، ويحمي بعضهم بعضًا، ويفدي بعضهم بعضًا، امتزجت دماؤهم تحت راية واحدة، وغاية واحدة في فسطاط واحد متنعمين متلذذين بهذه النعمة؛ نعمة الأخوّة الإيمانية التي لو ذاق طعمها الملوك لتركوا ملكهم وقاتلوهم عليها، فالحمد لله والشكر لله.

فهلموا إلى دولتكم أيها المسلمون نعم دولتكم؛ هلموا؛ فليست سوريا للسوريين وليس العراق للعراقيين؛ إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، والعاقبة للمتقين.

الخليفة أبو بكر البغدادي (رحمه الله تعالى)
من كلمة صوتية بعنوان رسالة إلى المجاهدين والأمة الإسلامية في شهر رمضان
...المزيد

اقتلوا الملأ بكل وسيلة إن "ملأ" اليوم هم قادة الكفر ومستشاروهم وخبراؤهم واقتصاديوهم والعاملون في ...

اقتلوا الملأ بكل وسيلة

إن "ملأ" اليوم هم قادة الكفر ومستشاروهم وخبراؤهم واقتصاديوهم والعاملون في مراكز بحوثهم ودراساتهم وكتّابهم وإعلاميوهم ومفكروهم وقضاتهم ودعاتهم وما شاكل هذه الأشكال، الذين يرسخون حكم الطاغوت ويعينونه على حرب الإسلام؛ فإن صنائع هؤلاء قديما وحديثا وقبلها نصوص الكتاب وقصص القرآن تؤكد على أن استهدافهم بالقتل هو حلٌّ ربّاني يأتي على المشكلة من أساسها، ويقطع الشر من جذوره، فضربهم هو ضرب لمنظومة الطاغوت التي تعتمد كثيرا عليهم في تثبيت دعائمها وإقامة صروحها الجاهلية.

ولذلك كان لزاما على أتباع الأنبياء اليوم أن يستفرغوا الوسع في محاولة الوصول إلى هؤلاء "الملأ" ووضعهم على رأس قائمة الاستهداف، خصوصا أنهم أكثر تأثيرا في العامة من غيرهم، ولهم دور كبير في صرف الناس عن عبادة الله تعالى وتدمير فطرهم وإفساد دينهم وتعبيدهم للخلق دون الخالق سبحانه.

فهذا تذكير للمجاهدين في كل مكان بضرورة توسيع خططهم العملياتية لتشمل استهداف هؤلاء بكل وسيلة، وضرورة جمع الطاقات والإمكانيات اللازمة لذلك، فإن في ضربهم واستهدافهم خسارة كبيرة لأنظمة الطواغيت، وإن تركيز المجاهدين على محاربة عساكر الطاغوت لا يجب أن يشغلهم بحال عن تتبع هؤلاء "الملأ" وتسديد الضربات إلى أعيانهم كلّما سنحت الفرصة لذلك، وإن على قادة المفارز تشجيع المجاهدين على مثل هذه العمليات كما كان يفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- مع صحابته في حثهم على استهداف أئمة الكفر وملئهم ممن ولغوا في أذية الإسلام والمسلمين.


• المصدر:
مقتطف من افتتاحية صحيفة النبأ العدد [432]
"اقتلوا الملأ بكل وسيلة"
...المزيد

اشتداد حاجة المسلم للتربية الأمنية جنبا إلى جنب مع التربية الإيمانية والجهادية؛ تشتدّ حاجة ...

اشتداد حاجة المسلم للتربية الأمنية

جنبا إلى جنب مع التربية الإيمانية والجهادية؛ تشتدّ حاجة المسلم إلى التربية الأمنية العملية، في ظل اشتداد الحرب على الإسلام وطليعته المجاهدة، القائمة بأمره الساعية إلى تحكيمه، الباذلة كل ما تملك في سبيل سيادته وإعلاء كلمته.

وكغيرها من العمليات التربوية؛ تهدف التربية الأمنية إلى تنشئة الفرد المسلم أمنيّا وتنمية الحس والوعي الأمني لديه مبكرا، أي إنها تتعلق ببدايات هذا الفرد، سواء كان شبلا في مخيمات الأهوال، أو ناشئا في معاهد إفريقية والصومال، أو فتيّا متوثّبا في أرياف الشام، أو جذوة متقدة فوق قمم خراسان، أو حتى جلدا صبورا في عراق الإيمان؛ وسواء كان هذا الفرد مهاجرا للتو حطّ رحاله في أرض الجهاد، أو مجاهدا فاتته التنشئة الأمنية، فلزمه أن يجلس مجالسها ويقصد ميادينها ليعاد تأهيله أمنيا ولو بالحدّ الأدنى الذي يبلّغه مهامه، ويحقق له مقصود جهاده ويقيه شرور أعدائه.


* المصدر:
مقتطف من افتتاحية صحيفة النبأ العدد [499]
"التربية الأمنيَّة"
...المزيد

لا تستسلم لأراجيف النفاق إن أكثر ما يكدر على المجاهد في سيره إلى ربه وينغص عيه لذة الطاعة هم أهل ...

لا تستسلم لأراجيف النفاق
إن أكثر ما يكدر على المجاهد في سيره إلى ربه وينغص عيه لذة الطاعة هم أهل النفاق وأهل التخذيل، مع أن التخذيل من صفات المنافقين، لكن قد يخذل بعض أهل الصدق من حيث لا يشعر، أما أهل النفاق فإن ديدنهم تخذيل أهل الجهاد، عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: "لما قُتل أصحاب الرجيع قال ناس من المنافقين: يا ويح هؤلاء المفتونين الذين هلكوا هكذا، لا هم أقاموا في أهلهم ولا هم أدوا رسالة صاحبهم" [البداية والنهاية].
كلمات المنافقين لا تزال تتردد في كل زمان كلما كانت النتائج أن يقتل الموحدون وتعظم بهم الزلزلة، فيظهر أهل النفاق بتلك الكلمات الخبيثة، وهذا حالهم اليوم، حيث يقولون: "ما الذي جناه هؤلاء الذين أتوا من أصقاع الأرض؟ لا هم أقاموا في أوطانهم عند أهلهم ولا هم حققوا ما أرادوا"، خسئتم يا أهل النفاق، إن الدين سيستمر ظهوره وإن نور الله لن ينطفئ، وإن القتل الذي أصاب أهل الإسلام في دولة الخلافة إنما هو غاية ما يرجو الموحدون الصادقون، ولكنه في حساب المنافقين خسارة وهم الذين قالوا يوم قتل جمع من الصحابة يوم أحد، {لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا}، فأخبر الله نبينا -صلى الله عليه وسلم- أن يقول لهم: {قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: 168]، إن هذا الموت الذي يفر منه كثير من الناس لملاقيهم لا محالة، وإن الموحدين الذي خرجوا لإقامة أمر ربهم قد حققوا غاية القتال وهي أن يكون الدين كله لله، فعلت الشريعة كل أرض وطئها هؤلاء الشعث الغبر، وأزيل الشرك، وساد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأمن الناس على أموالهم وأعراضهم، واتقدت جذوة الجهاد في قلوب أبناء المسلمين وانتفضت أجيال وعاشت في ظل دولة إسلامية نقية بالتوحيد عزيزة بالجهاد ونزال ملل الكفر في الأرض.
فعندما تصدح حناجر النفاق بكلمات الشماتة، على كل موحد أن يتذكر ما قالته أمّنا أم المؤمنين خديجة -رضي الله عنها- لنبينا صلى الله عليه وسلم: "كلا والله لا يخزيك الله أبدا"، وكان عاقبة أمره -صلى الله عليه وسلم- الظهور والسيادة في جزيرة العرب وأكمل الصحابة من بعده فتوحات المشرق والمغرب، وكان ذلك بعد جهد وبلاء وزلزلة وابتلاء، ومشقة ونصب وجوع وظمأ، وجراح وأسر وبتر، واحتملوا ذلك بصبر ويقين بوعد ربهم جل في علاه، وهكذا نحن اليوم -بإذن الله- على طريق من سلف من خير القرون، فلن يخزيك الله أبدا أيها الموحد الأشم، وقد أقمت شريعة ربك، وكفرت بالطاغوت وقاتلته وأوتاده، فإن قتلت فهي الحسنى، وإن أبقاك الله فعش قرير العين فإن الله -تعالى- لن يضيعك وقد امتثلت أمره في جهاد الكفار بما تملك من أسباب القوة التي لا تقارن بما لدى الكفار اليوم، وقد وعدك الله بالنصر ما دمت حيا قائما بهذا الجهاد المبارك.
إن كل مجاهد اليوم لا بد أن يعلم أن أهل النفاق مترصدون للمجاهدين ما داموا قد حملوا السلاح لإقامة الدين، فلا تهولنكم كلمات المنافقين ولا تستوحشوا لكثرة المتساقطين، فإن كثيرا من الناس يفر عندما تعظم الزلزلة، وحسبك أن جيش دابق سيفر منهم الثلث كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، وأن من يقتل في ذلك الجيش هم خير الشهداء، وذلك لعظيم ما يلاقونه من تلك الزحوف وشدة التلاحم في تلك المعركة واستحرار القتل، وكلما تشابه هذا الحال من بعض جوانبه مع بعض الملاحم التي تخوضها الدولة الإسلامية كان الشهداء من خيرة الناس حينها، وكذلك من أبقاهم الله –تعالى- في ملحمة دابق وفتح عليهم هم من الذين لا يفتنون في دينهم أبدا كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، لأنهم تجاوزوا محطات الملحمة الرهيبة التي خاضوها، فكان ما بعدها أيسر عليهم حتى فتنة الدجال وهي من أعظم الفتن، وهكذا كلما ثبت أهل التوحيد في كل مكان أمام جموع الكفار وخاضوا الحرب الضروس، ولم يلتفتوا إلى كلام أهل النفاق والتخذيل، كانوا قد قطعوا شوطا في استكمال البنيان المبارك الذي يريد الله أن يتم به ظهور دينه على العالمين.
ولا شك أن النفوس تتوق للانتصارات والفتوحات، لكن الله يريد لهذه الدولة ذات الشوكة، أي أن يلاقوا الكفار بالقتال والبأس والصبر، فإن هذه الدولة تتهيأ لأمر عظيم، بقدر ما تحمله عظائم البلاء اليوم على أهل الإسلام، فلو تأملت أن الصحابة يوم بدر أرادوا بفطرهم البشرية أن يكون لهم المغنم من قوافل قريش التي لم تتهيأ لقتال، لكن الله -تعالى- ساقهم للقتال من غير ميعاد في بدر، لأن الطعام والملبس يفنى، لكن انتصار التوحيد ومقتل الطواغيت وإبادة جموعهم وارتفاع أسهم الموحدين في القوة وممارسة شعيرة القتال تكون فيه النتائج أعظم وأعز لدين الله تبارك وتعالى، ولذلك قال الله -تعالى- عن ذلك: {وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ} [الأنفال: 7]، هذا الذي أراده الله -تعالى- لنا في كل زمان، أن نلاقي حشود الكفار ونكر عليهم صابرين محتسبين، هكذا نكون قد أضأنا الطريق وسلمنا الراية لمن بعدنا بأمانة وثبات ومضاء وعزيمة لا تعرف اللين والاستكانة.
فقاتل أيها الموحد ودع عنك الأراجيف، ما كلفك الله إلا بذلك ولو وحدك، قاتل وحرض إخوانك، فإن لك أجر قتال من حرضت منهم، قاتل ولا تنظر ولا تلتفت خلفك، قال الإمام ابن القيم، رحمه الله: "قال بعض السلف: عليك بطريق الحق، ولا تستوحش لقلة السالكين، وإياك وطريق الباطل، ولا تغتر بكثرة الهالكين"، وكلما استوحشت في تفردك فانظر إلى الرفيق السابق، واحرص على اللحاق بهم، وغض الطرف عمن سواهم، فإنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا، وإذا صاحوا بك في طريق سيرك فلا تلتفت إليهم، فإنك متى التفت إليهم أخذوك وعاقوك" [مدارج السالكين].
فيا عبد الله الموحد المجاهد إن طريقك قد قلَّ فيه السالكون في كل زمان وكثر المتساقطون، فانظر لمن سبقك من إخوانك الذين مضوا شهداء عند ربهم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، تنعم أرواحهم في جوف طير النعيم والكرامة، حتى تقوم القيامة وهو آمن من الفزع يأكل من ثمار الجنة، فامض ولا تلتفت فإنك متى التفت وسمعت فإن ذلك قد يؤخرك عن مرادك وسيرك إلى غايتك، فلا تصحب من يعيقك عن جهادك المبارك من مخذل أو مرجف، واستعن بالله وكن أُمة وحدك، ولو ذهبت أرضك وازدحمت سماؤك بطائرات عدوك، فإن نصر الله يلوح بعد هذه المحن، ما دام قلبك ملازما للحق وما دمت مقاتلا دونه، فعندما جاء ابن أبي داود إلى الإمام أحمد متشمتاً يقول مقولة أهل النفاق: ألم تر كيف ظهر الباطل على الحق يا أحمد؟ فقال الإمام أحمد، رحمه الله: "إن الباطل لم يظهر على الحق، إن ظهور الباطل على الحق هو انتقال قلوب الناس من الحق إلى الباطل، وقلوبنا بعد لازمة للحق". وما علينا بعد ملازمة الحق والقتال إلا قطف الثمار، فإما الشهادة التي يحبها الله ويرضى بها عنا، أو أن نجوس الديار ونتبر ما علا طواغيت العالم تتبيرا، والله -تعالى- لا يتخلف وعده في نصر دينه وهو -سبحانه- قادر وغالب على أمره ولكن المنافقين لا يعلمون، والحمد لله رب العالمين.


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 106
الخميس 27 صفر 1439 ه‍ـ
...المزيد

المعاصي سبب المصائب قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه (الأمر بالمعروف والنهي عن ...

المعاصي سبب المصائب

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر):

ومن المعلوم بما أرانا الله من آياته في الآفاق وفي أنفسنا وبما شهد به في كتابه أن المعاصي سبب المصائب، فسيئات المصائب والجزاء: هي من سيئات الأعمال، وأن الطاعة سبب النعمة، فإحسان العمل سبب لإحسان الله، قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30]، وقال تعالى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء: 79]، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ} [آل عمران: 155] ، وقال: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [آل عمران: 165]، وقال: {أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 34] ، وقال: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ} [الشورى: 48]، وقال تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال: 33].


ما عاقب الله به الأمم السابقة لمعاصيهم:

وقد أخبر الله سبحانه بما عاقب به أهل السيئات من الأمم، كقوم نوح، وعاد، وثمود، وقوم لوط، وأصحاب مدين، وقوم فرعون - في الدنيا. وأخبر بما سيعاقبهم به في الآخرة، ولهذا قال مؤمن آل فرعون: {يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ * مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ * وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ * يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [غافر: 30 - 33]، وقال تعالى: {كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ} [القلم: 33]، وقال: {سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ} [التوبة: 101]، وقال: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [السجدة: 21]، وقال: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: 10]، إلى قوله: {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ} [الدخان: 16].


عقوبة أهل السيئات في الدنيا والآخرة:

ولهذا يُذكر الله في عامة سور الإنذار ما عاقب به أهل السيئات في الدنيا، وما أعده لهم في الآخرة، وقد يذكر في السورة وعد الآخرة فقط، إذ عذاب الآخرة أعظم، وثوابها أعظم، وهي دار القرار، وإنما يذكر ما يذكره من الثواب والعقاب في الدنيا تبعا، كقوله في قصة يوسف: {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يوسف: 56 - 57]، وقال: {فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ} [آل عمران: 148]، وقال: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ * الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [النحل: 41 - 42]، وقال عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام: {وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} [العنكبوت: 27]....

و في سورة " القلم ". ذكر قصة أهل البستان الذين منعوا حق أموالهم وما عاقبهم به، ثم قال: {كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [القلم: 33].

وكذلك في: سورة التغابن قال: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [التغابن: 5 - 6] ثم قال: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ } [التغابن: 7].
وكذلك في سورة: (ق) ذكر حال المخالفين للرسل؛ وذكر الوعد والوعيد في الآخرة.

وكذلك في سورة (القمر)، ذكر هذا وهذا، وكذلك في سور (حم) مثل حم غافر، والسجدة، والزخرف، والدخان، وغير ذلك، مما لا يحصى....


اختلاف الناس في الأمر والنهي سب التفرق والاختلاف:

وإذا كان الكفر والفسوق والعصيان سبب الشر والعدوان، فقد يذنب الرجل و الطائفة ويسكت آخرون عن الأمر والنهي، فيكون ذلك من ذنوبهم، ويُنكر عليهم آخرون إنكارا منهيا عنه فيكون ذلك من ذنوبهم، فيحصل التفرق والاختلاف والشر، وهذا من أعظم الفتن والشرور قديما وحديثا، إذ الإنسان ظلوم جهول، والظلم والجهل أنواع، فيكون ظلم الأول وجهله من نوع، وظلم كلٍّ من الثاني والثالث وجهلهما من نوع آخر وآخر.
ومن تدبر الفتن الواقعة رأى سببها ذلك، ورأى أن ما وقع بين أمراء الأمة وعلمائها ومن تبعهم من العامة في الفتن هذا أصلها، ويدخل في ذلك أسباب الضلال والغي: الأهواء الدينية والشهوانية، والبدع في الدين والفجور في الدنيا، وذلك أن أسباب الضلال والغي التي هي البدع في الدين، والفجور في الدنيا مشتركة: تعم بني آدم، لما فيهم من الظلم والجهل، فيُذنب بعض الناس بظلم نفسه وغيره، بفعل الزنا أو "التلوط" أوغيره، أو بشرب الخمر، أو ظلم في المال بخيانة أو سرقة أو غصب، و نحو ذلك.


المعاصي مشتهاة في الطبع:

ومعلوم أن هذه المعاصي وإن كانت مُستقبحة مذمومة في العقل والدين، فهي مشتهاة في الطباع، ومن شأن النفوس أنها لا تحب اختصاص غيرها بشيء وزيادته عليها، لكن تريد أن يحصل لها ما حصل له، وهذا هو الغبطة التي هي أدنى نوعي الحسد، فهي تريد الاستعلاء على الغير، والاستئثار دونه، أو تحسده وتتمنى زوال النعمة عنه، وإن لم يحصل، ففيها من إرادة العلو والفساد والاستكبار والحسد ما يتقاضاها أن تختص عن غيرها بالشهوات، فكيف إذا رأت الغير قد استأثر عليها بذلك واختص بها دونها؟ فالمعتدل منهم في ذلك: الذي يحب الاشتراك والتساوي، وأما الآخر فظلوم حسود.

وهذان يقعان في الأمور المُباحة، والأمور المحرمة لحق الله، فما كان جنسه مباحا من أكل وشرب، ونكاح، ولباس، وركوب، وأموال إذا وقع فيها الاختصاص حصل بسببه الظلم، والبخل والحسد.


الشح سبب الغرور:

وأصلهما الشح، كما في الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إياكم والشح! فإنه أهلك من كان قبلكم: أمرهم بالبخل فبخلوا، وأمرهم بالظلم فظلموا، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا)
ولهذا قال الله تعالى في وصف الأنصار: { وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ{ الحشر: 9]، أي: من قبل المهاجرين: {يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا} أي: لا يجدون الحسد مما أوتي إخوانهم من المهاجرين: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}، ثم قال: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.

وسُمع عبد الرحمن بن عوف، وهو يطوف بالبيت يقول: "رب قني شح نفسي، رب قني شح نفسي" فقيل له في ذلك فقال: "إذا وقيت شح نفسي فقد وقيت البخل والظلم والقطيعة"، أو كما قال.

فهذا الشح -الذي هو شدة حرص النفس- يوجب البخل بمنع ما عليه، والظلم بأخذ مال الغير، ويوجب قطيعة الرحم، ويوجب الحسد -وهو كراهة ما اختص به الغير وتمني زواله- والحسد فيه بخل وظلم، فإنه بخل بما أعطيه عن غيره، وظلَم بطلب زوال ذلك عنه.

فإذا كان هذا في جنس الشهوات المباحة، فكيف بالمحرمة، كالزنا وشرب الخمر ونحو ذلك؛ وإذا وقع فيها اختصاص فإنه يصير فيها نوعان:

أحدهما: بغضها لما في ذلك من الاختصاص والظلم، كما يقع في الأمور المباحة الجنس.

والثاني: بغضها لما في ذلك من حق الله.
انتهى كلامه رحمه الله - باختصار


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 106
الخميس 27 صفر 1439 ه‍ـ
...المزيد

معلومات

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً