من هو محمد المحرابي؟ ماذا تعرف عن محمد المحرابي قائد الكلمة والبندقية: محمد المحرابي في زمنٍ ...

من هو محمد المحرابي؟
ماذا تعرف عن محمد المحرابي
قائد الكلمة والبندقية: محمد المحرابي

في زمنٍ تتكالب فيه التحديات على وطنٍ ينزف، تبرز شخصيات لا يكتبها الحبر فقط، بل يُصيغها الميدان، وتُخلّدها المواقف. ومن بين أولئك الرجال الذين آمنوا بأن "الكلمة مسؤولية، والسلاح أمانة، والموقف شرف" يسطع اسم محمد المحرابي، ذلك القائد الذي جمع بين العلم والجهاد، بين الكلمة والموقف، بين الوعي والبسالة.

نشأ في محافظة ريمة اليمنية، وأصبح من أبرز رموزها الوطنية. لم يكتفِ بدراسة اللغة العربية في جامعة صنعاء، بل حملها رسالةً ينقلها إلى الأجيال، مُعلمًا وناصحًا، لأن من يتقن لسان أمته يُدرك كيف يكتب مستقبلها. ولم تكن المعرفة وحدها كافية لرجلٍ يحمل هم وطن، بل اختار ميدان القتال شرفًا له، فتخرّج من كلية الطيران والدفاع الجوي ضابطًا في الجيش الوطني، يذود عن الأرض والعقيدة والكرامة.

سعى إلى تعزيز رصيده العلمي عبر دبلومات متعددة: في إدارة الأعمال، التنمية البشرية، التسويق، العلاقات العامة، خدمة العملاء... وكلها لم تكن إلا أدوات لبناء قائدٍ يعرف كيف يتحدث، وكيف يستمع، وكيف يقود.

أما عن الدورات، فهي لم تكن مجرد شهادات، بل محطات صقلته: في التخطيط، الكاريزما، الثقة بالنفس، التفكير الإبداعي، تحليل الشخصيات، وقيادة المستقبل. رجلٌ يرى أن المعركة لا تُحسم فقط بالبندقية، بل أيضًا بالعقل والفكرة والرؤية.

في ميادين الثورة، لم يتأخر عن موعده مع التاريخ، فكان من رجالات ثورة التغيير اليمنية عام 2011، داعيًا للحرية، رافضًا مشروع الإمامة والانقلاب الحوثي، صوته عالٍ في زمن الصمت، وموقفه صلب في زمن الانحناء.

محمد المحرابي ليس مجرد اسم. بل هو عنوان لمرحلة، ورمز لرجالٍ آمنوا أن التغيير يبدأ من الذات، وأن الوطن لا يُبنى إلا على أكتاف الأوفياء.
...المزيد

#العلماء والدعاة #سيد قطب صدق الله العظيم حيث قال: (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود ...

#العلماء والدعاة
#سيد قطب
صدق الله العظيم حيث قال: (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا)
إن صيغة العبارة تحتمل أن تكون خطاباً للرسول - صلى الله عليه وسلم وأن تكون كذلك خطاباً عاماً خرج مخرج العموم لأنه يتضمن أمراً ظاهراً مكشوفاً يجده كل إنسان فإذا تقرر هذا فإن الأمر الذي يلفت النظر في صياغة العبارة هو تقديم اليهود على الذين أشركوا في صدد أنهم أشد عداوة للذين آمنوا ،
وإن شدة عداوتهم ظاهرة مكشوفة وأمر مقرر يراه كل من يرى ويجده كل من يتأمل..
نعم إن العطف بالواو في التعبير العربي يفيد الجمع بين أمرين ولا يفيد تعقيباً ولا ترتيباً ... ولكن تقديم اليهود هنا حيث يقوم الظن بأنهم أقل عداوة للذين آمنوا من المشركين - بما أنهم أصلاً أهل كتاب -يجعل لهذا التقديم شأناً خاصاً غير المألوف من العطف بالواو في التعبير العربي !! إنه - على الأقل - يوجه النظر إلى أن كونهم أهل كتاب لم يغير من الحقيقة الواقعة وهي أنهم كالذين أشركوا أشد عداوة للذين آمنوا !! ونقول : إن هذا - على الأقل ، ولا ينفي هذا احتمال أن يكون المقصود هو تقديمهم في شدة العداء على الذين أشركوا .
وحين يستأنس الإنسان في هذا التقرير الرباني بالواقع التاريخي المشهود منذ مولد الإسلام حتى اللحظة الحاضرة فإنه لا يتردد في تقرير أن عداء اليهود للذين آمنوا كان دائماً أشد وأقسى وأعمق إصراراً وأطول أمداً من عداء الذين أشركوا
لقد واجه اليهود الإسلام بالعداء منذ اللحظة الأولى التي قامت فيها دولة الإسلام بالمدينة ، وكادوا للأمة المسلمة منذ اليوم الأول الذي أصبحت فيه أمة ، وتضمن القرآن من التقريرات والإشارات عن هذا العداء وهذا الكيد ما يكفي وحده لتصوير تلك الحرب المريرة التي شنها اليهود على الإسلام وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم - وعلى الامة المسلمة في تاريخها الطويل والتي لم تخب لحظة واحدة قرابة أربعة عشر قرناً وما تزال حتى اللحظة يتسعر أوارها في أرجاء الأرض جميعاً.


#سيد_قطب
...المزيد

خطبة الجمعة بعنوان 🎤🎤 ♕♕وسائل التواصل الاجتماعي وخطرها على المجتمع إعداد /محمد ...

خطبة الجمعة بعنوان 🎤🎤
♕♕وسائل التواصل الاجتماعي وخطرها على المجتمع
إعداد /محمد المحرابي
======================<
الحمد لله الرحيم الرحمن {عَلَّمَ الْقُرْآنَ . خَلَقَ الْإِنْسَانَ . عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن:2 - 4] فأبان الإنسان عن مكنون نفسه بلسانه، أو خطه ببنانه، نحمده على نعمه الكثيرة، وآلائه الجسيمة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ جعل مراقبته من الإحسان فوق الإسلام والإيمان: أن تعبد كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وبلغ البلاغ المبين؛ حتى أتاه اليقين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين. أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، وراقبوه في السر والعلن؛ فإن أعمالكم محصاة عليكم، وإن ألفاظكم مدونة في كتابكم {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:18] وإنكم تسألون يوم القيامة عما قلتم وما عملتم، فكم من قائل قولاً أنكره، وكم من عامل عملاً جحده، فتشهد الأركان بالأقوال والأعمال {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [يس:65]. أيها الناس: كان اللسان من قبل ينطق كثيرا، وكان العلماء والوعاظ يحذرون من فلتات اللسان وآفاته؛ حتى ألفت الكتب في التحذير منه، وبيان خطورته، وسيقت النصوص المعظمة لشأنه، واستحضر الناس فيه قول النبي عليه الصلاة والسلام: «وَهَلْ يُكِبُّ النَّاسَ عَلَى وُجُوهِهِمْ فِي النَّارِ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟» وقوله عليه الصلاة والسلام: «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ، يَنْزِلُ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ» (رواه مسلم). هذا في الزمن الذي كان فيه اللسان ملك البيان، لا تنافسه فيه إلا الكتابة والإشارة وهما قليلتان،====<<=<=<<<<<<<<<
أما اليوم فإن كثيرا من النطق قد تحول من اللسان إلى الأصابع، فصارت أصابع بعض الناس تتحدث أكثر من ألسنتهم بما فتح الله تعالى على البشر من علوم الاتصال والتواصل الاجتماعي المجاني. إنها ثورة في التواصل قد غيرت الأخلاق والسلوك وأنماط التعامل بين الناس، حتى قلبت حياتهم رأسا على عقب. فالبيوت الحية بحديث أهلها صمتت كأنها خالية من أهلها، ومنتديات الناس للحديث والمؤانسة اتخذ الناس بدلا عنها مقاهٍ مظلمة كأنها مقابر، وحينما كانت الضوضاء تخرج من بيوت الأجداد والجدات في آخر الأسبوع حيث اجتماع الأولاد والأحفاد ذهبت هذه الحيوية والنشاط فيأتي كلُ واحد منهم يتأبط جهازه فيسلمون على بعض ثم يتخذ كل واحد منهم من كبير وصغير وذكر وأنثى زاوية من الغرفة أو المنزل فيعيش بجسده مع أهله، وأما روحه وعقله فمع من يحادث في جهازه، حتى إنه ليُكَلَّم فلا يسمع، ويُسأل فلا يجيب، ولا يتحرك من مكانه إلا بأن يتبرع أحدهم فيهزه أو يحول بيده بين بصره وجهازه، وربما غضب من ذلك فإن كان دعي إلى عشاء رفضه غضبا وهو جائع، وكم عطش من محادث وما علم أنه عطشان، وجاع ولم يدر أنه جوعان، ونال البرد من جسده ما نال ولم يعلم، فهو سادر في جهازه لا نائم ولا يقظان، ولا ذو عقل ولا سكران، يسمع ولا يسمع، ويشعر ولا يشعر، فحاله بين حالين. إنها وسائل أدت في كثير من الأحيان إلى العقوق، فالجدة تسأل ولا أحد يجيبها، وتتحدث ولا أحد ينصت لها، أخذتهم أجهزتهم عنها، حتى إذا شعرت أنه لا أحد ينصت لحديثها صمتت منكسرة من أقرب الناس إليها. ويكون الولد مع أمه أو أبيه لا يشاركه في مجلسه أحد غيره حتى إذا مضى وقت قليل على جلوسه أخرج جهازه ليشاركه معه في أمه أو أبيه، فينطق معه أو معها تارة، وينظر في جهازه تارة أخرى، ويحاول الجمع بينهما، وما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه، حتى إذا أعياه التركيز اختار البر فأقفل جهازه، أو اختار العقوق فترك حديث أمه أو أبيه، أو تخلص من مأزقه بالاستئذان في الخروج، وما له من حاجة إلا أنه يريد أن يحادث بجهازه. ولو أنه أشرك أمه وأباه فيما يرى ويقرأ لسرهما بذلك، ولكنه لا يفعل ربما لأن ما يشاهده وما يقرؤه لا يسر ولا ينفع بل يضر ويحزن. والواجب على الولد إن كان بحضرة أحد أبويه أن يقفل جهازه، ويقبل بكليته عليه، ويصغي إليه، ولا ينشغل عنه، إلا إذا كان سيشركه فيما يقرأ ويشاهد، ويعلم محبته لذلك. ومن سوء أدب المجالس أن يشغل الجليس عن جليسه بمحادثة أو نحوها، فيترك آدميا أمامه ويقبل على جهاز في يده، إلا أن يستأذنه لأمر لا يحتمل التأخير. إنها وسائل قربت الرجال من النساء، والشباب من الفتيات، فأوقعت في كثير من البيوت الريب والشكوك، وأوصلت كثيرا من الأزواج والزوجات إلى عتبة الطلاق بعد الخصام والشقاق، وفي عدد من الإحصاءات أن نسب الطلاق بين الزوجين قد ارتفعت ارتفاعاً مخيفاً بعد ثورة التواصل الاجتماعي. وكم من فتاة غُرر بها عن طريقها وهي التي لا تعرف للشر طريقاً، ولا للإثم سبيلاً، وليس في قلبها أي ريبة ولكن صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم «لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ» وقد وفرت برامج التواصل خلوة بين الجنسين للحديث والتباسط ورفع الكلفة والمضي ساعات طوال في أحلام، وسهر ليال على أوهام؛ حتى تألفه ويألفها، فلا تقدر على مفارقته، وفي كثير من الحالات يضحك عليها بجميل الكلام، وإظهار الحفاوة والاهتمام، فتريه صورها لينحرها بها بعد أن يبتزها ويعذبها ويهلكها ويتلف أعصابها، وفي البيوت مآس لا يعلمها إلا الله تعالى، خفف الله تعالى عن أهلها، وأسبغ علينا وعلى المسلمين ستره. ويخلد الواحد إلى فراشه متعب يغالبه النوم، ولربما تكاسل عن الوضوء والوتر من شدة تعبه وغلبة نومه، فيطل طلة أخيرة على جهازه قبل النوم فيرى محادثة فيرد على صاحبها، ويظل يحادثه حتى منتصف الليل أو بزوغ الفجر ولم يشعر بتعبه ونومه، وقد بخل على ربه بركعة أو بثلاث ركعات. ويصحو النائم حين يصحو وأول حركة يقوم بها أن يلتقط جهازه لينظر من حادثه أثناء نومه، قبل أن يذكر الله تعالى، وقبل أن يقول أذكار الاستيقاظ من النوم وقد ينساها. بل قد فتنت وسائل التواصل الحديثة الناس في عباداتهم؛ فكثير من المعتكفين تمضي أكثر أوقاتهم في المحادثات؛ لتردهم عن كثير من القرآن والصلاة، وكم أمضى حجاج أيام الحج بالمحادثات فشغلتهم عن الدعاء في مواطنه الفاضلة، والتعبد في المشاعر المقدسة، ومن الناس من يسلم من الصلاة فلا يقول الأذكار إلا وهو يلتقط جهازه لينظر من حادثه أثناء صلاته، وكم من قارئ للقرآن أمسك عن القراءة واشتغل بالمحادثة ومصحفه في حجره.. وقد يؤذن المؤذن وهو في محادثة، وتقام الصلاة وهو لا زال في محادثته فتفوته صلاة الجماعة، وأمثال ذلك كثير. يعلمه الناس من أنفسهم أو ممن هم حولهم، حتى كانت هذه الوسائل سببا من أسباب الصد عن ذكر الله تعالى وعن الصلاة، ومن وجد في نفسه شيئا من ذلك وجب عليه أن يهجر هذه الوسائل؛ لئلا يذهب عليه دينه بسببها. وبسبب الإدمان على هذه الأجهزة، وما فيها من سيل متدفق من المعلومات والمعارف والصور والمقاطع أعيد تشكيل عقليات الشباب والفتيات بعيداً عن والديهم وأسرهم ومعلميهم، فغلب على هذه العقليات التمرد والتفرد، والانعزالية والانطواء، وتثاقل الجلوس مع الأسرة، والسخط من كل شيء، حتى غدا إرضاء الوالدين لأولادهم من المهمات العسرة جدا رغم ما يغمرونهم به من المال والهدايا والهبات. وسادت بوسائل التواصل الاجتماعي أخلاق ليست سوية، وممارسات غير مرضية يفرغونها في نكت سامجة تشعل الحروب بين الذكر والأنثى، أو بين الطالب والمعلم أو بين مشجعي فريقين أو نحو ذلك، ولا يقع حدث إلا وازدحمت مواقع التواصل ووسائله بمقاطع ساخرة، أو تعليقات لاذعة، وقعها على أصحابها أشد من وقع السياط الحارة. وهي من أمضى الأسلحة في نشر الأكاذيب، وبث الأراجيف، واتهام الأبرياء، وقلب الحقائق، يكذب في خبر فيغرد به، أو يصنع صورة فينشرها وهي مزورة فتبلغ كذبته أو صورته الآفاق وقد يكون الدافع لذلك إضحاك الناس وقد جاء فيه قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ فَيَكْذِبُ لِيُضْحِكَ بِهِ الْقَوْمَ، وَيْلٌ لَهُ وَيْلٌ لَهُ» (رواه أبو دواد). والناقل للكذب أحد الكذابين، والراضي بالسخرية كالفاعل، فالحذر الحذر من اكتساب أوزار، وإذهاب حسنات بسبب هذه الوسائل، ويجب عدم الاستهانة بها؛ فإنها مورد بحر من الأوزار والآثام إن استخدمت في الشر كما أنها مجال رحب لكسب الحسنات إن استخدمت في الخير، ولم تضيع بسببها الواجبات. {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ ونسوه} وهي من تقارب الزمن المذكور في أشراط الساعة؛ فإنها قربت البعيد، وكسرت جميع الحواجز، وألغت الحدود؛ فيحادث الواحد من شاء في أي وقت شاء، وبأي أسلوب شاء، لا يرده عنه شيء، ولا يحول بينهما حائل. إنها فتنة من فتن العصر جعلت كثيراً من الناس يعيش بشخصيتين متنافرتين؛ فهو الوقور الحيي أمام الناس الذي لا يقول بلسانه فحشاً، ولا ينطق هجراً، ويخجل ويتصبب عرقاً إن سمع ما لا يليق، لكن هذه الشخصية الحيية تخلع الحياء إن كان الحديث بالأصابع، وكانت العين تتلقاه، فما استحى منه اللسان والأذن كسرته اليد والبصر، وما راقب الله تعالى من راقب الناس. إنها فتنة.. عمت المجتمعات، واقتحمت البيوت، ولم يسلم من غوائها إلا الأسر الفقيرة، فكان فقرها نعمة على شبابها وفتياتها، ومن العصمة أن يعجز المرء عن تحصيل ما يكون به إثمه وتلفه. إنه لا غناء لمواجهة هذه الفتنة التي عمت البيوت كلها عن زرع مراقبة الله تعالى ومحبته وتعظيمه، والخوف منه، ورجاء ما عنده، في نفوس الأبناء والبنات والزوجات والأخوات، وتعاهدهم بالموعظة والتذكير بين حين وآخر، وبأساليب متنوعة مشوقة، حتى يراقب كل واحد منهم نفسه، ويخاف الله تعالى أن يقارف إثما، وتوجيههم إلى استخدام التواصل الاجتماعي فيما ينفع ولا يضر، مع ملء أوقاتهم بما ينفعهم ويحد من عكوفهم على هذه الوسائل التي فتن الناس بها فافتتنوا. قال سفيان الثّوريّ رحمه الله تعالى: "عليك بالمراقبة ممّن لا تخفى عليه خافية، وعليك بالرّجاء ممّن يملك الوفاء". وقال رجل للجنيد: "بم أستعين على غضّ البصر؟" فقال: "بعلمك أنّ نظر النّاظر إليك أسبق من نظرك إلى المنظور إليه".









الخطبه الثانيه
الحمد لله حمداً طيباً كثيراً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين. أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، وانظروا ماذا تكتبون وماذا ترسلون؛ فإنه يحصى عليكم بخيره وشره {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} [الزخرف:80].
أيها المسلمون: هذه الثورة العظيمة في التواصل بين الناس هي مما علم الله تعالى الإنسان، وما كان يظن الإنسان أن يصل إلى ما وصل إليه {وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: من الآية 8]،
فيا عباد الله، شرُّ الخلق على الإطلاق في الدنيا والآخرة هم الذين يستغلون نعمة الله تعالى، ويخونونها، ويستخدمونها في معصية الله تعالى، هؤلاء يعذبون أنفسهم بعقوبة الله تعالى في الدنيا قبل الآخرة ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ﴾ [طه: 124- 126]
يا عباد الله، يا أصحاب الجوَّالات، راقبوا الله تعالى القائل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، والقائل: ﴿ أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى ﴾ [العلق: 14]، والقائل: ﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ ﴾ [الحديد: 4] والقائل: ﴿ إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ﴾ [طه: 46].
يا أصحاب هذه النعمة، لا تجعلوا الله أهون الناظرين إليكم، وتذكروا قول الله تعالى: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18]، واسمعوا حديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: "استحيوا من الله حق الحياء".
قال: قلنا: يا رسول الله، إنا نستحيي والحمد لله.
قال: "ليس ذاك، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، ولتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء"؛ رواه الترمذي.
إخوة الإيمان، إن من أعظم الخطر وأعظم مصيبة أن تنشر المعاصي والموبقات في وسائل ومواقع التواصل الاجتماعي، وتبقى تحصد تلك الذنوب المستمرة في حياتك وبعد موتك.

قال حبيب الفارسي رحمه الله: إن من سعادة المرء أن يموت وتموت معه ذنوبه.
إخوة الإيمان، إن وسائل التواصل في هذا الزمان أصبحت مَعاوِلَ هَدْمٍ للقيم والأخلاق، وأصبح التافهون والفاسقون قدواتٍ، كما قيل: نحن نشغل أوقاتنا بمتابعة فراغ الآخرين وتفاهتهم.
إخوة الإيمان، إن على الآباء والأمهات مسؤولية عظيمة في مراقبة الأبناء والبنات "فكلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيته"، فإنكم ستسألون أمام الله عن رعيتكم، ومن الأمور التي تعين على مواجهة هذا الطوفان التقني الذي فتح أبواب الشر على مصراعيها تعزيز الرقابة الذاتية عند أبنائنا وبناتنا، وهي شعور داخلي، وقوة ضابطة، نابعة من إيمانه بمراقبة الله تعالى، واطِّلاعه على أعماله، تدعوه إلى الحرص على فعل الطاعات طلبًا لمرضاة الله وثوابه، والبُعْد عن المعاصي خوفًا من عقابه.
ومن الأمور المعينة الاهتمام بكتاب الله قراءةً وحفظًا، اقرأوا القرآن وعلِّمُوه أبناءكم، قال أحد السلف: "عَلِّم ولدك القرآن، والقرآن سيعلمه كل شيء"، قال تعالى: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ [الإسراء: 9]؛ أي: يهدي للتي هي أعدل وأعلى من العقائد والأعمال والأخلاق.
قيل للحسن البصري: "فلان يحفظ القرآن، فقال: بل القرآن يحفظه!"
اللهم ارفعنا وانفعنا بالقرآن العظيم.
وصلوا رحمكم الله. على من امرتم بالصلاة علية عموما حيث امرنا فقال ولم يزل قائلا عليما. { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }[سُورَةُ الأَحْزَابِ: ٥٦]
اللهم اغفر لمن حضر هذه الجمعه ولوالدايه وفتح للموعظة قلبه واذنيه اللهم انصر من نصر الدين واخذل من خذل المسلمين يارب العالمين
ربنالا تكِلنا إلى انفسنا طرفة عين ولاتسلط علينا من لا يخافك.فينا ولا يرحمنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك

إلٰهناندعوك دعاء ذو النون في بطن الحوت، "لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين"، أن تصنعنا بعينك، وأن ترقبنا بلطفك، وأن تتولانا بِوِلايتك، وأن تستعملنا ولا تستبدلنا.
يارب أحمي عبادك المستضعَفين، والطف بهم، واحفظهم، وعافيهم، وثبِّت قلوبهم، واُنزل عليهم سكينةً مِن عندك.وانصرهم على أعدائك الذين كذَّبُوا رُسُلَك، وعذَّبُوا عبادَك، وأخرَجُوهم مِن ديارهم بغير حق، وقتَّلوا الشيوخ والنساء والأطفال، يارب انتقِم واشفِ منهم صدورنا، يا قوي يا متين، يا رب العرش العظيم!
يا رب كن لأهل غزة عونًا، ربنا إنا لا نملك لهم إلا الدعاء، فيارب لا ترد لنا دعاء ولا تخيب لنا رجاء، أنصر ضعفهم فإن ليس لهم سواك يارب العالمين أآميين
عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتا ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فاذكرو الله العلي العظيم يذكركم واشكروه على نعمة يزدكم ولذكر الله اكبر والله يعلم ماتصنعون واقم الصلاة.
إعداد / محمد المحرابي
المرجع إقتباسات من موقع طريق الإسلام
...المزيد

وصف الله حال الإنسان في الدنيا بـ ‏﴿ لقد خلقنا الإنسان في كَبَد ﴾ ، ‏بينما وصف حاله في الجنة بـ ...

وصف الله حال الإنسان في الدنيا بـ
‏﴿ لقد خلقنا الإنسان في كَبَد ﴾ ،
‏بينما وصف حاله في الجنة بـ
‏﴿ لا يمسّهم فيها نصب ﴾ ؛
‏فاصبر على مشاق الدنيا صبرًا جميلًا لا سخط معه ولا جزع ، وما عند الله خير وأبقى ...المزيد

📖 #قصة_المساء قصة مؤثرة حقيقيه .. ذكرتها إحدى الأخوات الداعيات : تقول : أُصيبت فتاة بالثانوية ...

📖 #قصة_المساء

قصة مؤثرة حقيقيه ..
ذكرتها إحدى الأخوات الداعيات :
تقول : أُصيبت فتاة بالثانوية العامة بمرض السرطان ولها 17 أخ
أحدهم من أمها المتوفية، و 16 أخ وأخت من أبيها وزوجة أبيها .

فنقلت الفتاة للرياض للعلاج وسمعت أن للمرض علاج في أمريكا، فطلبت من أبيها واخوتها نقلها للخارج للعلاج ، رفض الجميع طلبها بحجة عدم جدوى العلاج ( خسارة المبالغ التي تُصرف ) ورفضت الدولة رحلة العلاج لأنها غير مجدية !!
الفتاة تشبثت بأخيها من أمها .
وكان الشاب متوسط الحال ، لايملك سوى راتبه وبيت تشاركه فيه زوجته .
فقام الشاب رحمةً بأخته برهن البيت بمبلغ كبير وابتدأ بإجراءات السفر !!
وعندما علمت زوجته ثارت وذهبت لبيت أهلها مهددةً إياه بعدم العودة مالم يرجع في قراره .

الشاب أكمل الإجراءات متحملاً لوم إخوانه وغضب زوجته، وسافر مع أخته
وصرف كل ما يملك على علاجها، وخسر وظيفته، وبعد ثمان أشهر توفيت الفتاة وتكفلت السفارة بنقل الجثمان .
وعاد الشاب بجثة أخته، وخيبة أمله بزوجته التي طلبت الطلاق وشماتة إخوته !!!

وأخذ يبحث عن عمل، واشتغل سائق سيارة في البلدية، لحين توفر عمل آخر له .
وبعد عدة أشهر إتصل به أحد أقرباء والدته من منطقة ( شمال المملكة ) وبشره بأنه ورث مالاً ( كلالة ) عبارة عن أرض شاسعة تقدّر بالملايين ليس لمالكها وارثٌ سواه .
أخذت المعاملة وقتاً طويلاً جداً، ثم بعد حين إستلم صك الأرض، وباع جزء منها، واستعاد بيته، وكتبه باسم زوجته، وبعث لها صك البيت وصك الطلاق معاً .

حاولت زوجته بشتى الوسائل الرجوع اليه لكنه رفض، وبقية الأرض زرعها واشتغل بتجارة المواشي، وانفتحت أبواب السماء له برزقٍ وفير وتوفيقٍ من رب العالمين عجيب !!

فسُئل عن سبب هذا الرزق الوفير ؟
فقال الشاب : لحظة إحتضار أُختي، دعت الله بأن يفتح لي ربي باب الرزق كماءٍ منهمر من السماء .
ثم تزوج امرأةً صالحة وابتدء حياته من جديد.
تقول الأخت الداعية صاحبة القصة :
أنا إبنة هذا الرجل الذي أسعد قلب أخته ووهبني إسمها المبارك، وأصبحت داعية إلى الله .

العبرة :
جبر الخواطر سُنة عن النبيِّ ﷺ
فتأكد أنه ‏من يَجبُر يُجبَر

لا يعرف طعم الإحسان وفضل الإحسان إلا المُحسن.
راقب نفسك حينما تخدم إنسانًا
أو تنفس كربة عن إنسان
أو تيسر مشكلة لإنسان
أو تخفف الهمّ عن إنسان
ألا تشعر أنك تتقرب من الواحد الديان ؟

هذا الذي يخدم الناس
هذا الذي يدخل الفرح على قلوب الخلق بإحسانه إليهم
بتخفيف آلامهم ، بحمل همومهم، بقضاء حاجاتهم
له عند الله مقام كبير
إذا أردت أن تسعد فأسعد الآخرين
ولأن الله شكور ، تكون أنت أسعدهم
أنفق ولا تخشى من ذي العرش إقلالاً

#درر_النابلسي
...المزيد

بسم الله الرحمن الرحيم *خطبة التشاؤم والتفاؤل* شهر صفر. جمع وإعداد منصور علي عبد السلام ...

بسم الله الرحمن الرحيم

*خطبة التشاؤم والتفاؤل* شهر صفر.

جمع وإعداد منصور علي عبد السلام محمد وفقه الله وإياكم لصالح الأعمال وتقبل منه ومنكم.


الحمد لله رب العالمين القائل: {وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ} الأنعام 17

يا رب لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت ولك الحمد على كل حال.

لك الحمد ربي على كل نعمة ومن جُمْلة النعماء قولي لك الحمد
فلا حمد إلا منك تعاليت منة سبحانك لا يقوى على حمدك العبد

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ربي لا شريك له، شهادة أبدية سرمدية ندخرها إلى يوم أن نلقاه:
ربــــــــّــاه
‏يا مـن تـرى حـال الـبـلاد وتعلمُ وبحـولك تُجْـلِي الـبـلاء الأعـظمُ

الْطُـفْ بنا يا رب وارْحَمْ ضَعْفَنَا من ذا سـواك بكل ضعف يرحمُ

وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا وخليلنا وشفيعنا وقدوتنا وأسوتنا محمداً عبدُ الله ورسوله وصفيه من خير خلقه وخليله القائل صلوات الله وسلامه عليه: ((لا عدوى ولا صَفَر ولا هامَة)).

ألا يا مُحِبَّ المصطفى زِدْ صَبَابَةً‬‬‬‬‬‬‬ وَضَمِّخْ لسانَ الذكرِ منكَ بِطِيبِهِ
ولا تَعْبــَــــــأَنَّ بالمُبْطلين فإنَّما علامـــــــةُ حُبِّ اللهِ حُبُّ حَبِيبِهِ

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا وحبيبنا وخليلنا وشفيعنا وعظيمنا محمدٍ رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطاهرين وصحابته الغر الميامين.

وصيتي لنفسي وإياكم بتقوى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} الحشر 18.

فاتقوا الله وخافوه وراقبوه، ولْنَعْلمْ جميعاً علم يقين أننا جميعا ومن دون استثناء يوماً ما بين يدي ربنا موقوفون، وعلى أعمالنا محاسبون، وعلى تفريطنا نادمون، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

أما بعد:
أيها الإخوة الأعزاء فلأننا دخلنا في شهر من شهور الله عز وجل وهو شهر صفر الخير، ولأن البعض ربما يتشاءم من شهر صفر ويعتبره شهراً غير سعيد، أو يعتبره شهرَ نحس، ولأجل هذا فعنوان موضوعنا في هذا اليوم المبارك هو:
التفاؤل والتشاؤم.

ونقاط خطبة هذا اليوم:
أولاً: معنى التفاؤل والتشاؤم.

ثانياً: التشاؤم ينافي التوكل.

ثالثاً: الطِّيَرَة والتشاؤم في القرآن الكريم.

رابعاً: أصحاب الخُلق العالي ليسوا من أهل التشاؤم.

خامساً: بين التشاؤم والتفاؤل في الأسماء واللغات.

سادساً: لا تعادوا الدهر فيعاديكم.

سابعاً: من أنواع التشاؤم.

ثامناً: من هو المشئوم؟


*أولاً: معنى التفاؤل والتشاؤم* :
التفاؤل : مشتق من الفأل ، وهو كلمة خير ، قال في القاموس المحيط : (( الفَأْل : ضد الطِّــيَرَة , كأن يسمع مريضاً فيقول له : يا سالم ، تفاؤلاً بأن الله سيخرجه من مرضه سليما مُعافى )) والتشاؤم : كما ذكر في القاموس : (( ضد اليُمْنِ )) ( 1 ) والتشاؤم: بالمعنى العامِّي المتبادَر بين الناس ؛ هو عندما نرى إنسانا مثلا فنقول عنه : بأنه دَبُور، أو عندما نقول : بأن المطر امتنع من النزول لأنَّ فلانًا موجود في البلاد ، أو عندما تجد شخصًا في صباح يومِك فإنْ نَقَصَ رزقُكَ في تلك اليوم تقول : لقد نقص رزقي لأنني وجدتُ فلانا في صباح هذه اليوم ، ويقول عنه بعض العوام بأنه شقيٌّ ودَبُور؛ لأنه نغَّصَ عليهم سعادتهم في تلك اليوم كما يعتقدون، وغير ذلك مما سنذكره في هذا الموضوع اليسير، فما هو حكم الشَّرع في التفاؤل وفي التشاؤم؟
التفاؤل دائما هو تعويد اللسان على النطق بالخير، وهو كذلك الأمل بالحصول على الخير في المستقبل، والأمل بأن الحال سيجعله الله إلى الأحسن.

فالتفاؤل محبوب طبعاً وشرعاً فقد روى الإمام البخاري ومسلم من حديث عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا عَدْوَى، وَلَا طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ: الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ، الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ "
وفي رواية: قالوا: وما الفأل؟ قال: ((«الْكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ»)).

أما التشاؤم فهو النظرة السوداوية إلى الناس من حولك وإلى مستقبلك وإلى نفْسك، وهو الخُلُق السَّيِّئُ الذي يجعلك تعتقد أنَّ فلانا كان سببا في نقْص رِزْقِك، أو أنه سبب في تعاستك وغير ذلك مما سيذكر، ولأجل هذا فالتشاؤم غير مرغوب طبعاً وشرعاً.


*ثانياً: التشاؤم ينافي التوكل:*

إن المتشائم غير متوكل على الله، وغير واثق بالله جلَّ وعلا فهو يعتقد أن الشخص النَّحْسَ هو الذي يُنْقِص رزقه، وقد يترك عملا تشاؤما بمن يعتقد بأنه النَّحْس.

ولهذا جاء في صحيح البخاري ومسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما في حديثٍ ذكر فيه عَرْضِ الأُمَم على النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: ((ومعهم سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب)) فاختلف الصحابة في هؤلاء السبعين ألفاً مَنْ هم؟ فقال عليه الصلاة والسلام: ((هم الذين لا يَرْقُون ولا يَسْتَرْقون ولا يَتَطَيَّرون وعلى ربهم يتوكلون))، والشاهد من الحديث قوله عليه الصلاة والسلام: ((ولا يتطيرون)) والتَّطَيُّر: هو التشاؤم، فالمتشائم لا يُعتبر متوكلا على الله لا من قريب ولا من بعيد.


*ثالثاً: الطِّيَرَةُ والتشاؤم في القرآن الكريم:*

أيها الإخوة المؤمنون.
إننا عندما ننظر في القرآن الكريم فإنَّ الله سبحانه وتعالى يذكر لنا بأنَّ الذين يتشاءمون هم الكفار، ولم يذكر الله في أي موضع من كتابه أن المؤمن بالله متشائم، فقد قال الله عن فرعون وقومه في سورة الأعراف حينما تشاءموا مِنْ موسى ومَنْ معه: {فَإِذَا جَاءتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَـذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللّهُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} الأعراف 131.
أي عندما تأتيهم النِّعم يقولون: لنا هذه، أي نحن نَسْتَحِقُّها، أما حينما تنزل بهم المصائب أو نقْص الرزق يطَّيروا بموسى ومن معه، أي: يعتبرون موسى ومن معه مناحيس لأنهم تسببوا لهم في هذه المصيبة عليهم.
يقول الإمام القرطبي عند تفسيره لهذه الآية من سورة الأعراف:
يطَّيروا بموسى" أي يتشاءمون به.

والأصل في هذا مِن الطِّيَرَة وزجْر الطَّيْر، ثم كَثُرَ استعمالهم حتى قيل لكل من تشاءم: تطَيَّر. وكانت العرب تتفاءل بالسانح: وهو الذي يأتي من ناحية اليمين. وتتشاءم بالبارح، وهو الذي يأتي من ناحية الشمال. وكانوا يتطيرون ويتشاءمون أيضاً بصوت الغراب، ويقولون بأنه يعني به الفِراق " كحال من يسمع عُواء الكلاب فيفزع ويقول: بأنها تنذر بموت أحدٍ من الناس "
وَكَانُوا يَسْتَدِلُّونَ بِمُجَاوَبَاتِ الطُّيُورِ بَعْضِهَا بَعْضًا عَلَى أُمُورٍ، وَبِأَصْوَاتِهَا فِي غَيْرِ أَوْقَاتِهَا الْمَعْهُودَةِ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ.

وكان التشاؤم حتى عند الأعاجم من غير العرب فقد كانوا يتشاءمون إذا رأوا صبيا يذهب به إلى العلم بِالْغَدَاةِ، وَيَتَيَمَّنُونَ بِرُؤْيَةِ صَبِيٍّ يَرْجِعُ مِنْ عِنْدِ الْمُعَلِّمِ إِلَى بَيْتِهِ، وَيَتَشَاءَمُونَ بِرُؤْيَةِ السَّقَّاءِ عَلَى ظَهْرِهِ قِرْبَةٌ مَمْلُوءَةٌ مَشْدُودَةٌ، وَيَتَيَمَّنُونَ بِرُؤْيَةِ فَارِغِ السِّقاء مفتوحة، ومتشائمون بِالْحَمَّالِ الْمُثْقَلِ بِالْحِمْلِ، وَالدَّابَّةِ الْمُوقَرَةِ «وَيَتَيَمَّنُونَ بِالْحَمَّالِ الذي وضع جمله، وَبِالدَّابَّةِ يُحَطُّ عَنْهَا ثِقْلُهَا.

فَجَاءَ الْإِسْلَامُ بِالنَّهْيِ عَنِ التَّطَيُّرِ وَالتَّشَاؤُمِ بِمَا يُسْمَعُ مِنْ صَوْتِ طَائِرٍ مَا كَانَ، وَعَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (أَقِرُّوا الطَّيْرَ عَلَى مُكُنَاتِهَا). وَذَلِكَ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ إِذَا أَرَادَ الْحَاجَةَ أَتَى الطَّيْرَ فِي وَكْرِهَا فَنَفَّرَهَا، فَإِذَا أَخَذَتْ ذَاتَ الْيَمِينِ مَضَى لِحَاجَتِهِ، وَهَذَا هُوَ السَّانِحُ عِنْدَهُمْ. وَإِنْ أَخَذَتْ ذَاتَ الشِّمَالِ رَجَعَ، وَهَذَا هُوَ الْبَارِحُ عِنْدَهُمْ، أي النحْس عندهم، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا بقوله: (أَقِرُّوا الطَّيْرَ عَلَى مُكُنَاتِهَا).

ومع ذلك كان أيضاً من العرب مِمَّن لهم أخلاق عالية مَن لا يرى التَّطير شيئاً، ويمدحون من كذَّب به. قال المرقش:
ولقد غدوتُ وكنتُ لا أغدو على واقٍ وحاتمْ
فإذا الأشــــائِمُ كالأَيَا مِنِ والأيامــــنُ كالأشائمْ

وَقَالَ عِكْرِمَةُ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَمَرَّ طَائِرٌ يَصِيحُ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: خَيْرٌ، خَيْرٌ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا عِنْدَ هَذَا لَا خَيْرَ وَلَا شَرَّ. قَالَ عُلَمَاؤُنَا: وَأَمَّا أَقْوَالُ الطَّيْرِ فَلَا تَعَلُّقَ لَهَا بِمَا يُجْعَلُ دَلَالَةً عَلَيْهِ، وَلَا لَهَا عِلْمٌ بِكَائِنٍ فَضْلًا عَنْ مُسْتَقْبَلٍ فَتُخْبِرُ بِهِ، وَلَا فِي النَّاسِ مَنْ يَعْلَمُ مَنْطِقَ الطَّيْرِ، إِلَّا مَا كَانَ الله تعال خَصَّ بِهِ سُلَيْمَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ، فَالْتَحَقَ التَّطَيُّرُ بِجُمْلَةِ الْبَاطِلِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَحَلَّمَ أَوْ تَكَهَّنَ أَوْ رَدَّهُ عَنْ سَفَرِهِ تَطَيُّرٌ).
وَفِي خَبَرٍ آخَرَ: (إِذَا وَجَدَ ذَلِكَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ لَا يَأْتِي بِالْحَسَنَاتِ إِلَّا أَنْتَ وَلَا يَذْهَبُ بِالسَّيِّئَاتِ إِلَّا أَنْتَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ). ثُمَّ يَذْهَبُ مُتَوَكِّلًا عَلَى اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ يَكْفِيهِ مَا وَجَدَ فِي نَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ، وَكَفَاهُ اللَّهُ تَعَالَى مَا يُهِمُّهُ.
وفي نهاية الآية "ولكن أكثرهم لا يعلمون" أي: لا يعلمون أنَّ ما لحقهم من القحط والشدائد إنما هو من عند الله عز وجل بذنوبهم لا من عند موسى وقومه.

وكذلك قال الله تعالى عن ثمود الذين تشاءموا بالنبي صالح ومَنْ معه فقال في سورة النمل: {قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّهِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ} النمل 47.

يقول الإمام القرطبي عند تفسيره لهذه الآية:
قوله تعالى: " اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ " أي تشاءمنا. والشُّؤم النحس. ولا شيء أضر بالرأي ولا أفسد للتدبير من اعتقاد الطِّيرة والتشاؤم. ومن ظن أن خوار بقرة أو نعيق غراب أو عُواء كلب يرد قضاء أو يدفع مقدوراً فقد جهل.
وقال الشاعر:
طِيْرَةُ الدَّهر لا تَرُدُّ قضاءً فاعْذُرِ الدهرَ لا تَشَبَّهْ بِلَوْمْ
أيَّ يومٍ يَخُصُّــــــهُ بِسُعُودٍ والمنايا يَنْزِلْنَ في كل يومْ
ليس يوم وفيه ســـــــــعـودٌ ونُحُوسٌ تجري لِقَوْمٍ فَقَومْ

وردَّ عليهم النبي صالح عليه السلام: " قال طائركم عند الله " أي مصائبكم. " بل أنتم قوم تفتنون " أي تُمْتَحنون. وقيل: تعذبون بذنوبكم.

وقال عن الذين تشاءموا بالدُّعاة إلى الله في قصة أصحاب القرية في سورة يس 18 {قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ} يس18.

وأقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولجميع المسلمين والمسلمات، فاستغفروه ثم توبوا إليه، ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.


*الخطبة الثانية*
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ربي لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبدُ اللهِ ورسولُه.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
وصيتي لنفسي وإياكم يا عبادَ الله بتقوى الله وطاعته، فاتقوا الله وخافوه راقبوه.
أما بعد فلا زلنا مع موضوع التفاؤل والتشاؤم:
ورابع نقطة في هذه الخطبة هي:

*أصحاب الخُلق العالي ليسوا من أهل التشاؤم.*

أيها الإخوة المؤمنون:
إن صاحب الخلق العالي والنفس التقية النقية ليس متشائما، فهذا المقنع الكندي ذكَر جُمْلَة من الأخلاق التي يتميز بها فقال:

ﻳُﻌَﺎﺗِﺒُﻨِﻲ ﻓﻲ اﻟﺪَّﻳﻦ ﻗﻮﻣـــﻲ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺩُﻳُﻮﻧِﻲ ﻓﻲ ﺃﺷﻴﺎءَ ﺗُﻜْﺴِﺒُﻬُﻢُ ﺣَﻤْــــــﺪا
ﺃَﺳُـــﺪُّ ﺑﻪِ ﻣﺎ ﻗﺪ ﺃَﺧَﻠُّــﻮا ﻭﺿَﻴَّﻌُﻮا ﺛُﻐُﻮﺭَ ﺣُﻘُﻮﻕٍ ﻣﺎ ﺃﻃﺎﻗُﻮا ﻟﻬﺎ ﺳَــــــﺪّا
ﻭﺇﻥَّ اﻟَّﺬﻱ ﺑﻴﻨﻲ ﻭﺑﻴﻦَ ﺑَﻨِﻲ ﺃَﺑِــــﻲ ﻭﺑَﻴْﻦَ ﺑَﻨِﻲ ﻋَمِّي ﻟَﻤُﺨْﺘَﻠِﻒٌ ﺟِـــــــــــﺪّا
ﺃﺭاﻫُﻢْ ﺇﻟﻰ ﻧَﺼْﺮِﻱ ﺑِﻄَﺎءً ﻭﺇﻥْ ﻫُﻢُ ﺩَﻋَﻮْﻧِﻲ ﺇﻟﻰ ﻧَﺼْــــﺮٍ ﺃَﺗَﻴْﺘُﻬُﻢْ ﺷَــــــﺪّا
ﻓﺈﻥْ ﻳَﺄﻛُﻠُﻮا ﻟَﺤْﻤِﻲ ﻭَﻓَﺮْﺕُ ﻟُﺤُﻮﻣَﻬُﻢْ ﻭﺇﻥْ ﻳَﻬْﺪِﻣُﻮا ﻣَﺠْﺪِﻱ ﺑَﻨَﻴْﺖُ ﻟﻬﻢْ ﻣَﺠْـﺪا
ﻭﺇﻥْ ﺯَﺟَﺮُﻭا ﻃَﻴْﺮًا بِنَحْسٍ ﺗَﻤُﺮُّ ﺑِﻲ ﺯَﺟَﺮْﺕُ ﻟﻬﻢْ ﻃَﻴْﺮًا ﺗَﻤُﺮُّ ﺑِﻬِﻢْ ﺳُﻌْـــــﺪا
ﻭﻻ ﺃﺣﻤﻞُ اﻟﺤِﻘْــــــﺪَ اﻟﻘﺪﻳﻢَ ﻋﻠﻴﻬﻢُ ﻭﻟﻴﺲ ﺭﺋﻴﺲُ اﻟﻘﻮﻡِ ﻣَﻦْ ﻳَﺤْﻤِﻞُ اﻟﺤِﻘْﺪا

والشاهد من ذلك قوله :
ﻭﺇﻥْ ﺯَﺟَﺮُﻭا ﻃَﻴْﺮًا بِنَحْسٍ ﺗَﻤُﺮُّ ﺑِﻲ ﺯَﺟَﺮْﺕُ ﻟﻬﻢْ ﻃَﻴْﺮًا ﺗَﻤُﺮُّ ﺑِﻬِﻢْ ﺳُﻌْـــــﺪا

أي: لو اعتقدوا أنني منحوس بسبب مرور طير بي فأنا أنظر إليهم بمنظور طير السُّعد لا طير النحس.


*خامساً: بين التشاؤم والتفاؤل في الأسماء والمواضع.*

كان عليه الصلاة والسلام يحب الأسماء الحسنة ويُغَيِّر الأسماء غير الحسنة، وكان يحب الفأل ويتفاءل بالأشياء الحسنة، فقد قال لهم في الحُديبية حين أرسلت لهم قريش سهيل بن عمرو: ((لقد سَهُلَ لكم من أمركم)) تفاؤلا باسم سُهيل، و((ندب جماعة ليحلبوا شاة فقام رجل ليحلبها، فقال له: ما اسمك؟ قال: مُرَّة، قال: اجلس، فقام آخر، فقال " ما اسمك؟ قال: حَرْب، فقال: اجلس، فقام آخر، فقال: ما اسمك؟ فقال: يعيش، فقال: احْلُبْهَا))، وَمَرَّ عليه الصلاة والسلام بين جبلين فسأل عن اسميهما، فقالوا: فاضحٌ ومُخْزٍ.. فعدَل عنهما، أي مضى من طريق آخر غير الجبلين.
وكراهته عليه الصلاة والسلام للأسماء الخبيثة ليس من باب التشاؤم ولكن من باب التشريع للأمة بأن تنتقي الأسماء الحسنة.


*سادساً: لا تعادوا الدهر فيعاديكم.*
يتشاءم البعض من شهر صفر أومن يوم الأربعاء أو غير ذلك فهذا في حقيقته قد نقضه وأبطله الشرع، فقد قال عليه الصلاة والسلام:
((لا عدوى ولا طِيَرَة ويعجبني الْفَأْل) قالوا: وما الفأل؟ قال: ((كلمة طيبة)) رواه البخاري ومسلم عن أنس، ولهذا مَن كان متشائما مما حوله عاد ذلك بالضرر إليه وحده ولهذا: لا تعادوا الدهر فيعاديكم.
ذكر الإمام السيوطي في كتابه تاريخ الخلفاء أنه في سنة ثلاث وعشرين ومائتين غزا المعتصم الروم، فهزمهم هزيمة عظيمة لم يُسمع بمثلها لخليفة، وشَتَّتَ جُمُوعهم، وفتح عَمُّورية، وقد كان لمَّا تَجَهَّز لغزوها حَكَمَ المُنَجِّمُون أنَّ ذلك طالِعٌ نَحْسٌ، وأنه لو خرج سيُهزم، ولكن الله نصره وخاب المنجمون ولم يخْف نصره على أحد، وقال في ذلك أبو تمام قصيدته المشهورة ومنها:
السيفُ أَصْـــــــدَقُ أَنْبَاءٍ مِنَ الْكُتُبِ في حَدِّهِ الحَدُّ بين الجِــــــدِّ واللعبِ
والْعِلْمُ في شُهُبِ الأرْمَـــــاحِ لامِعَةٌ بين الخَمِيسَينِ لا في السبعة الشهبِ
أيْنَ الرِّوَايَةُ؟ أَمْ أيْنَ النُّجُـــومُ؟ وما صَاغُوهُ مِنْ زُخْرِفٍ فيها ومِنْ كَذِبِ (3)


**(سابعاً): من أنواع التشاؤم:*
*أ: - التشاؤم من النفس:**

من ينظر إلى نفسه نظرة كارهٍ لنفسه تراه لا يُبدع شيئا وتراه منطويا أو منعزلا، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ((لا يقولن أحدكم خَبُثَتْ نفسي)) رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة.
وفي حديث آخر: ((لا يحقرن أحدكم نفسه)) رواه الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري.
وكما يقول الدكتور إبراهيم الفقي رحمه الله: إن أضر الأضرار التي يمكن أن تصيب الشخص هو اعتقاده السيئ بنفسه، ويقول نقلا عن أحدهم: (لكي تكون بطلا يجب أولا أن تؤمن وتعتقد أنك الأحسن، وإذا لم تكن الأحسن فتظاهرْ وتصرَّف كأنك الأحسن.)


*ب: - التشاؤم ممن حولك:*
قد يكون عندك نظرة سيئة إلى كل الذين من حولك، مما يخلق بينك وبينهم عداء وعقدة نفسية تتراكم عليك، وهذا مما نهى عنه الشرع لأنه يسلب حق الأخوة من المجتمعات، بل الأصل أن تنظر إلى المجتمعات المسلمة نظرة شفقة وحنان وحب، وإياك أن تكون ممن أشغل نفسه بعيوب الخلق فصار يحاكمهم وكأنه خالقهم، ومن قال: هلك الناس فهو أهلكهم. وقد جاء في صحيح الإمام مسلم من حديث جُنْدَبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَدَّثَ " أَنَّ رَجُلًا قَالَ: وَاللهِ لَا يَغْفِرُ اللهُ لِفُلَانٍ، وَإِنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: مَنْ ذَا الَّذِي يَتَأَلَّى عَلَيَّ أَنْ لَا أَغْفِرَ لِفُلَانٍ، فَإِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لِفُلَانٍ، وَأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ ").


*جـ: - التشاؤم من المستقبل:*
هناك من ينظر إلى مستقبله نظرة تشاؤم , فيصير بسبب هذه النظرة التشاؤمية معقدا في نفسه , ولو أنه كان عنده إيمان بالله عز وجل لعلم أن هذه النظرة السيئة للمستقبل ليست إلا من قبيل الشيطان فقد جاء في الحديث : ((إن للشيطان لَمَّة بابن آدم، وللملَك لمة، فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق , وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق , فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله , فليحمد الله، ومن وجد الأخرى فليتعوذ من الشيطان )) ثم قرأ: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }البقرة268 رواه الترمذي والنسائي عن عبدالله بن مسعود.

*
*ثامناً: من هو المشؤوم؟**
أيها الإخوة المؤمنون:
من هو المشؤوم الحقيقي؟
المشؤوم الحقيقي هو من عصى الله فهو المشؤوم، قال تعالى: {وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ} الواقعة 9.
وصَدَقَ الإمام علي كرَّم الله وجهَه حين قال: (وكلُّ يومٍ نُطيع الله فيه فهولنا عيد) فالشُّؤْمُ الحقيقي هو حين نبتعد عن منهج الله.

هذا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه عموما بقول الله عز وجل: {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صَلُّوا عليه وسلموا تسليما}.
اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك سيدنا ونبيِّنا وحبيبنا محمدٍ الحبيب المُصطفى، والنبي المُجتبى، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وارضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين: أبي بكر، وعُمر، وعُثمان، وعليٍّ، وعن الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وجُودك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.
الدعاء ...
المراجع:
القرآن الكريم
بعض كتب الحديث الشريف. وكتاب من وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم لطه عفيفي.
(1) القاموس المحيط للفيروز أبادي بتصرف.
(2) تفسير القرطبي المجلد 4 عند تفسيره في سورة الأعراف والمجلد 7 في تفسير سورة النمل.
(3) تاريخ الخلفاء للإمام السيوطي.
...المزيد

#الصحابة احداث سريه محمد بن مسلمه روى البخاري في صحيح البخاري أن رسول الله قال من لكعب بن ...

#الصحابة
احداث سريه محمد بن مسلمه

روى البخاري في صحيح البخاري أن رسول الله قال من لكعب بن الأشرف فإنه قد أذى الله ورسوله، فقام محمد بن مسلمة فقال يا رسول الله أتحب أن أقتله، قال نعم، قال فأذن لي أن أقول شيئا، قال قل فأتاه محمد بن مسلمة فقال إن هذا الرجل قد سألنا صدقة وإنه قد عنانا وإني قد أتيتك أستسلفك، قال وأيضا والله لتملنه، قال أنا قد اتبعناه فلا نحب أن ندعه حتى ننظر إلى أي شيء يصير شأنه وقد أردنا أن تسلفنا، قال نعم ارهنوني، قلت أي شيء تريد، قال ارهنوني نساءكم، فقالوا كيف نرهنك نساءنا وأنت أجمل العرب، قال فارهنوني أبناءكم، قالوا كيف نرهنك أبناءنا فيسب أحدهم فيقال رهن بوسق أو وسقين هذا عار علينا ولكن نرهنك اللأمة - يعني السلاح - ، فواعده أن يأتيه ليلا فجاءه ليلا ومعه أبو نائلة وهو أخو كعب من الرضاعة فدعاهم إلى الحصن فنزل إليهم فقالت له امرأته أين تخرج هذه الساعة، وقال غير عمرو، قالت أسمع صوتا كأنه يقطر منه الدم، قال إنما هو أخي محمد بن مسلمة ورضيعي أبو نائلة، إن الكريم لو دعى إلى طعنة بليل لأجاب .

ثم دخل محمد بن مسلمة معه رجلين، فقال إذا ما جاء فإني مائل بشعره فأشمه، فإذا رأيتموني استمكنت من رأسه فدونكم فاضربوه، وقال مرة ثم أشمكم، فنزل إليهم متوشحا وهو ينفح منه ريح الطيب، فقال ما رأيت كاليوم ريحا أي أطيب، فقال أتأذن لي أن أشم رأسك، قال نعم، فشمه ثم أشم أصحابه، ثم قال أتأذن لي، قال نعم، فلما استمكن منه قال دونكم، فقتلوه ثم أتوا النبي فأخبروه
...المزيد

#الجهاد من فوائد وعظات سرية سيف البحر: لقد أورد بعض شراح الحديث، وبعض أعلام السير والمغازي بعض ...

#الجهاد
من فوائد وعظات سرية سيف البحر:

لقد أورد بعض شراح الحديث، وبعض أعلام السير والمغازي بعض الفوائد الفقهية المستفادة من هذه السرية نلخصها في الآتي:

قال النووي رحمه الله في شرحه لمسلم: في هذا الحديث جواز صد أهل الحرب واغتيالهم والخروج لأخذ مالهم واغتنامه ([9])،وأن الجيوش لابد لها من أمير يضبطها وينقادون لأمره ونهيه، وأنه ينبغي أن يكون الأمير أفضلهم، قالوا: ويستحب للرفقة من الناس، وإن قلوا أن يؤمروا بعضهم عليهم وينقادوا له([10])، وقد قال أصحابنا وغيرهم من العلماء: يستحب للرفقة من المسافرين خلط أزوادهم، ليكون أبرك وأحسن في العشرة، وأن لا يختص بعضهم بأكل دون بعض([11]).

قال ابن حجر في فتح الباري: وفي الحديث من الفوائد أيضا مشروعية المواساة بين الجيش عند وقوع المجاعة، وأن الاجتماع على الطعام يستدعى البركة فيه([12]).

ومن الفوائد المستفادة منها كذلك كما قال ابن القيم الجوزية:

جواز أكل ورق الشجر عند المخمصة، وكذلك عشب الأرض.

وفيها : جواز نهي الإمام وأمير الجيش للغزاة عن نحر ظهورهم وإن احتاجوا إليه خشية أن يحتاجوا إلى ظهرهم عند لقاء عدوهم، ويجب عليهم الطاعة إذا نهاهم. ([13]) .

ومن الفوائد كذلك: إباحة ميتات البحر كلها، سواء في ذلك ما مات بنفسه، أو باصطياد([14]).

وفيه: جواز الاجتهاد في الأحكام في زمن النبي صلى الله عليه و سلم كما يجوز بعده([15]).

وفيه: أنه يستحب للمفتى أن يتعاطى بعض المباحات التي يشك فيها المستفتى إذا لم يكن فيه مشقة على المفتى، وكان فيه طمأنينة للمستفتى([16]).
...المزيد

*🔻معجزة غزة 🔻* خبير عسكري بريطاني يقول: هناك قوة خفية في غزه لايمكن أن يكون إستمرار الحرب بسبب ...

*🔻معجزة غزة 🔻*
خبير عسكري بريطاني يقول:
هناك قوة خفية في غزه لايمكن أن يكون إستمرار الحرب بسبب مقاتلين حماس
يقول خبير عسكري امريكي:-
*لقد قامت أمريكا ودول من أوروبا بتمويل الأسلحة*
*إلى إس رائيل وأن ما تم نقله من أسلحة يكفي*
*لإبادة مساحة تعادل عشرة أضعاف*
*مساحة غزه وتعادل ستة قنابل نووية تكفي لحرق الأرض، وتمنع أي بشر من الإقامة فيها بشكل غير قابل للحياة فيها أبدا
ويضيف.. سماء غزه ازدحمت بطائرات التجسس من كافة الأنواع الاسرائيليه والأمريكية والبريطانيه والفرنسيه والألمانية والتي تصور بكل دقة واحترافيّة كل حركة على سطح الأرض .!!!
‏*لكن الغريب كيف يخرج هؤلاء المقاتلين ويدمروا آليات الجيش ويقتلوا ويقنصوا ويزرعوا المتفجرات وعمل كمائن أوقعت في الجيش تدمير مايقارب ثلث آلياته وآلاف من القتلى والجرحى ، والطائرات لا ترصد إلا القليل والنادر جدا منهم .*
واخر يقول:-
ان مساحة قطاع غزه 365 كم مربع ومساحة المساكن المكتظه
‏تعادل 75% من مساحة غزه ، وقصف الطيران بعشرات الآلاف من الصواريخ وعشرات الآلاف من القنابل وقذائف المدفعيه من البر والبحر والطيران المسير وطائرات f15 و f35
وطائرات الأباتشي .
*لم يبق سلاح إلا واستخدم بكميات هائلة ومفرطه .*
*وقد شاهدت فيديوهات لأطفال غزة يلعبون بالصواريخ التي لم تنفجر
‏وآخر يتحدث :-
*عزيزي هناك معجزة وهناك مقاتلين لانراهم إنها العناية الإلهية ، أنظر كيف نشاهد المقاتل يذهب إلى الآلية ويضع عليها القنبلة بكل صلابة وقوه ، إنه رهيب ومخيف جدا ، إنه يقاتل بإرادة وسوف ينجح .*

*أنظر كيف يلعب الأطفال بالصواريخ دون خوف لو كان في بلدنا أو في أي بلد ‏متقدم سوف يستدعون الكتيبة الخاصة بالسلاح ومعهم سلاح الهندسة وخبراء المتفجرات ويضربون طوقا أمنيا لذلك .*

*قل لي من يحمي هؤلاء الأطفال إنها العناية الإلهيه ، وقد نجح المقاتلون في تدوير بعض هذه الصواريخ وفجروا فيها آليات كثيره في كمين واحد .*

*هؤلاء ليسوا بشرا مثلنا فأين تلقوا هذا ‏التدريب الذي لا مثيل له .*
*اسرائيل ورطت نفسها في حرب لا تستطيع أن تنتصر فيها
*ستحتاج إسرائيل عشرات السنين لبناء جيشها بشريا ونفسيا وخلق روح القتال لديه ، وهذا لا يمكن تحقيقه كما هو حال المقاتلين الاسطوريين في غزه🔻
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال :فعليكم بالجهاد وإن أفضل جهادكم الرباط وإن أفضل رباطكم عسقلان🔻
...المزيد

✍ ما حزنتُ يوماً على امرئٍ حاول أن يعانق حُلمه فلم يُدركْهُ، بقدر حزني على من عاش خاملاً فاتِراً ...


ما حزنتُ يوماً على امرئٍ حاول أن يعانق حُلمه فلم يُدركْهُ، بقدر حزني على من عاش خاملاً فاتِراً لم يحلُمْ، ولم يتطلَّع، ولم يَصبُ إلى معنى شريفٍ؛ قلبُه خواءٌ من بر، ونفسُه لا تضطرب لمَكرُمة، وروحُه لا تتطلَّع إلى فضيلة، لا هدفَ يستثيرُ عزيمتَه، ولا هم يُؤرق مضجعَه، ولا غايةٌ تَستلُّه من رِبقة الخُمُود. عاش خافتَ النفس، خاليَ القلب، خامدَ الهمّة، كأنّما أُخرج من العدم ليحيا عدما آخر.

أمَا والله إنّ الحياةَ الحقيقية هي تلك التي يتعلق فيها القلبُ بأمنياتٍ شريفة، ومطامحَ سامية، ومآربَ تُطاوِلُ الجبال شموخاً ورفعةً؛ وإن لم يبلغ جميعَ غاياتِه، وإن لم يُحققْ كل أهدافه، فالسعيُ في ذاته نعيم، والغايةُ في ذاتها شرف، والألمُ فيهما حياة!

وكل نبضة في قلبك تنبئك بأن الله اختارك أنت بالذات، ووهبك حياة، وذلَّل لك الوسائل لتُريَه أحسنَ ما في نفسك، وتُخرجَ من نفسك أثمَنَ ما وُضِعَ فيك؛ لن يسألك عمّا عجزتَ عنه، ولن يُحاسبَك على ما لم يكن في قدرتِك، لكنّه سبحانه حتماً سائلك عن نعمِه وعطايَاهُ، ما عملتَ فيها؛ فأعِدَّ للسؤالِ جواباً، وتدبر شأنَك، وتبيَّنْ مواطئَ أقدامك، فما أمَدَّ الله في عمرِك إلا ليبلُوَ عملَك، ولا أفسح لك في أجلِك إلا ليَختبرَ سعيَك.

فكل نفس يتردد في صدرك هو نعمة تستوجب الشكر ومضاعفة السعي، وكل صباح يشرق عليك ولم تزل حياً هو عهد آخر مع الحياة، بأن الوقت ما زال فيه متسع لتملأ حدائق جنتك بغراس الباقيات الصالحات.

هذه فُرصتكَ فانهضْ... وهذه مِنحتُكَ فشمِّرْ... وأعمالٌ تُرفَعُ بالليلِ والنهارِ فاستبِقْ... وعطايا من الكريم فاغتنِمْ!

وما الأيامُ فينا دقائقُ تُعدُّ أو ساعاتٌ تمضي، وإنّما هي تلك اللحظاتُ التي عاش فيها القلبُ مُخبِتاً لله، ونبضتْ فيها الروحُ بمعاني السماء، وسمَتْ فيها المعاني بنفحاتِ الوحي.

{الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ}.

صباحُ الخير..🧡
===============
#محمد المحرابي
...المزيد

🎤 *خطبة جمعة بعنوان:* *غزّة تستغيث جوعاً؛ فأين المسلمون؟!* *إعــداد/ حــســـــــــــــن ...

🎤
*خطبة جمعة بعنوان:*
*غزّة تستغيث جوعاً؛ فأين المسلمون؟!*
*إعــداد/ حــســـــــــــــن الـكـنزلي*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

*محاور الخطبة:*
□ مقدمة
□ غزة بين الحصار والجوع
□ فريضة النصرة وإغاثة الملهوف
□ صور من التخاذل المخزي
□ سنن الله في المجتمعات التي تخذل إخوانها
□ مسؤوليتنا تجاه مجاعة غزة
□ نماذج من مواقف السلف الصالح
□ الأمل لا يموت، والنصر قادم
□ خاتمة

*الخطبة الأولى:*
الحمد لله القائل في كتابه: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ [الحجرات: 10]، أحمده سبحانه وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، جعل نُصرة المظلومين من أعظم القُربات، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صادق الوعد الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وأوصيكم ونفسي المقصّرة أولاً بتقوى الله، فإنها وصية الله للأولين والآخرين، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ﴾ [النساء: 131].
وبعد، أيها المؤمنون!

□ أما آن لقلوبكم أن تهتز؟ أما آن لضمائركم أن تصحو؟ أما آن لدموعكم أن تنهمر؟!
إنها غزّة، لا مجرد مدينة؛ بل رمز العزة، تحتضر الآن جوعًا وقصفًا، تموت صمتًا لا صراخًا، تحترق في بطون أطفالها، وتئن في صدور أمّهاتها، وتذبل في عيون شِيبها!

أيها الأحبة! في غزة أطفال يتضوّرون جوعًا، وأمّهات يغلين الحجارة بدل الطعام، وشيوخ يتمنّون الموت على حياة الذل.
في غزة، الموت له رائحة، له طعم... له طيف يمرّ في العيون الخاوية، وفي الأرواح المنهكة، في غرف الإنعاش الخالية، وفي أروقة المساعدات الممنوعة!

□ أيها المسلمون! المجاعة لا تعني فقط نفاد الطعام؛ بل انهيار الكرامة، واحتضار الأمل. إنها الموت ببطء... أن ترى أبناءك يموتون ولا تجد لهم لبنًا، ولا فتاتًا، ولا حتى رغيفًا!

غزة ليست جائعة اليوم فقط؛ بل محاصرة منذ 2007، منذ ثمانية عشر عامًا، يُشدّ عليها الخناق، وتُغلق عليها المعابر، وتُمنع عنها الكهرباء والماء والدواء. ثلاث حروبٍ كبرى، آلاف الغارات، ومئات آلاف الأطنان من القنابل، ثم جاء الحصار الغذائي!

قالت منظمة الصحة العالمية قبل أشهر: "غزّة تواجه كارثة إنسانية غير مسبوقة، يموت فيها الأطفال جوعًا قبل أن يصلهم الغذاء" [تقرير منظمة الصحة العالمية، مارس 2024]

وأعلنت الأونروا أن "أكثر من 80% من سكان غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد". [UNRWA Food Security Report, 2024]

أيها المسلمون! تخيلوا أمًّا تُرضع ابنها ماءً مغليًا... تخيلوا طفلًا يموت وهو يبحث عن لقمة في القمامة... تخيلوا بيتًا خاوياً إلا من بكاء الجوع!
وقد قال النبي ﷺ: «كلكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيته» [صحيح البخاري: 893]؛ فما بالنا بمسؤوليةٍ بحجم أمّةٍ تتفرج على موت الأطفال؟!

□ عباد الله! ليست نصرة غزة أمرًا تطوّعيًا، ولا خيارًا بين البدائل؛ بل فرضٌ شرعيٌّ عظيم، دل عليه صريح القرآن، وصحيح السنة، وأجمعت عليه الأمة. قال تعالى: ﴿وَإِنِ ٱسْتَنصَرُوكُمْ فِي ٱلدِّينِ فَعَلَيْكُمُ ٱلنَّصْرُ﴾ [الأنفال: 72]
وهذا خطاب للأمة كلها، إن استنصركم إخوانكم المظلومون والمجاهدون والجوعى… فعليكم النصر؛ لا "فكّروا"، ولا "تفاوضوا"، ولا "أصدروا بيانًا"؛ بل عليكم النصر! قال النبي ﷺ: «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يُسلمه» [صحيح البخاري: 2442]؛ فإن تركتموهم للجوع والمرض والقهر، فقد خذلتم، وقد أسلمتم، وقد خُنتم الأخوّة والميثاق.
وقال ﷺ أيضًا: «من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم» [المعجم الأوسط للطبراني: 6026]؛ فليبحث كل مسلم عن قلب؛ فإن لم يضطرب لغزّة، وإن لم ينكسر للجوع، وإن لم يتحرك لإنقاذهم؛ فليُراجع إيمانه.

إن النصرة ليست فقط قتالاً؛ بل إغاثة، وإنقاذ، وعطاء، وإعلام، وتضامن...
وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: "لو أن بغلةً في العراق عثرت، لخشيت أن يسألني الله عنها: لِمَ لمْ تمهّد لها الطريق؟" [تاريخ ابن عساكر: 44/312]؛ فكيف بمن يموت من الجوع أمام عيوننا، ونحن لا نرسل له حتى دعاءً صادقًا أو رغيفًا يابسًا؟!
قال ابن القيم رحمه الله: "ومن لم ينصر المظلوم، ولم يردّ الظالم؛ فقد شاركه في الإثم، وكان خصيمه يوم القيامة" [الطرق الحكمية: ص 74]

أين رجال المال؟
أين تجار الأمة؟
أين الكرماء الذين كانوا ينحرون الجمال من أجل ضيف، ولا يملكون اليوم أن ينحروا الشهوة في بطونهم، لينقذوا طفلاً يموت؟!

أما علمتم أن النبي ﷺ قال: «ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع إلى جنبه» [المستدرك على الصحيحين: 7302]؛ فكيف بمن يجوع إخوتُه في غزة ونحن نأكل في سبعة صحون، ونرمي الفائض في القمامة؟!

غزة تستغيث، فهل من مغيث؟
غزة تموت، فمن يُحيي القلوب؟
غزة تصرخ، فهل تسمع الآذان أم طُمست؟ وهل تحنّ القلوب أم ماتت؟ وهل تتحرك الأيدي بالعطاء، أم جفّت من الجبن والتخاذل؟!

يا أمة محمد ﷺ، يا أمة القرآن، يا من تصرخون كل جمعة: "اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين!" ها هو الإسلام جائع في غزة، فأين العزّة؟!

غزّة تستغيث، فأين المسلمون؟!
صرخة من الجوع، وموت بصمت الجُبن والتخاذل!

□ أيها المسلمون! ليس الجرح في غزة فقط جرحَ جوعٍ؛ بل هو جرح في الضمير، وخزي في جبين الأمة!
فبينما تموت غزّة جوعًا، تموت فينا الغيرة والرجولة، والحسّ الإنساني والكرامة الإسلامية..!

نعم، إن ما نراه اليوم من الصمت الرسمي أمام المجاعة في غزة، لا يفسَّر؛ إلا بالخيانة أو بالجبن أو بالتحالف مع العار!
أين المؤتمرات؟ أين التصريحات؟ أين السفراء؟ أين القمم؟
أين فقه «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»؟ [صحيح البخاري: 893]

أما الشعوب؛ فقد نام كثيرٌ منها أو أُلهي بمواسم الترفيه والمهرجانات والمسلسلات...
صار الدم الفلسطيني مادةً للأخبار لا للقلب... وصار الجوع خبرًا في النشرات لا نداءً في المساجد!

يتعلّلون بالعجز، ويتباكون على ضعف اليد، ونسوا أن الأمة التي تُنفق على ملاعب كرة القدم، والمهرجانات الغنائية، ومواسم الرفاهية مئات الملايين، لا تُعفى من خيانة الجائعين في غزة.
قال ابن مسعود رضي الله عنه: "من رأى منكم منكرًا فاستطاع أن يُغيره بيده فليُغيره، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان" [صحيح مسلم: 49]

أيها الناس! هل سمعتم أن طفلاً أمريكياً مات من الجوع؟ أو بريطانياً؟ أو فرنسياً؟
لكن غزة تموت جوعاً، ومع ذلك لم يتحرك الإعلام العربي كما تحرّك لوفاة مغنية، أو إصابة لاعب!
ما هذا التناقض؟ أليس هذا هو الإعلام الذي قالوا إنه "سلطة رابعة"؟! بل هو سلطة صامتة حين يتعلق الأمر بفلسطين!

بل قارِنوا ما جرى في زلزال تركيا أو المغرب من حملات تبرع وإغاثة واسعة، مع ما جرى في غزة!
غزة لا زلنا نختلف: هل نجوع معها أم نكمل وجبتنا؟ أي مهزلة هذه؟!
قال ابن الجوزي رحمه الله: "من عظمة المصيبة، قلّة العِبرة بها عند الغافلين" [صيد الخاطر: ص 114].
نعم، لقد اعتاد الناس على مأساة غزة حتى صار الجوع فيها خبراً معتاداً لا يُبكي ولا يُفزع! وما هذا إلا من البلاء في الدين قبل أن يكون في الدنيا.

□ عباد الله! ما أشدّها من سُنَّة! إن الله لا يظلم، ولا يُهلك القرى بظلم؛ لكن يهلكها إن رضيت بالسكوت، وإن أعرضت عن المصلحين، وإن خذلت المستضعفين.
قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ﴾ [هود: 117]؛ فليس المطلوب أن نكون فقط "غير ظالمين"؛ بل أن نكون مصلحين، رافضين للظلم، منتصرين للمظلومين، غاضبين لله لا خانعين للبشر!
وقال النبي ﷺ: «ما من قوم يمنعون الضعيف حقه، إلا مُنِعوا النصر من السماء» [مسند الإمام أحمد: 22298].
هكذا قالها نبي هذه الأمة: من منع الضعفاء حقهم، رُفع عنه النصر!
فلا تستغربوا تأخر النصر في الأمة، فإن الله لا ينصر قومًا يخذلون أطفالهم!

أيها الناس! اقرؤوا التاريخ؛ فستجدون أن الله أهلك أممًا كاملة بسكوتها عن الظلم؛ لا بظلمها فحسب.

أهلك الله قوم سبأ، لأنهم كفروا بنعمة العدل، ورضوا بالتخاذل، ﴿فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ ٱلْعَرِمِ﴾ [سبأ: 16]

وهلكت ثمود؛ ليس فقط لأنهم كذبوا صالحًا؛ بل لأنهم رضوا بذبح الناقة وسكتوا، ﴿فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَـٰثَةَ أَيَّامٍ﴾ [هود: 65]
قال الحسن البصري رحمه الله: "إذا رأيت القوم يخذلون المظلوم، فاعلم أن الساعة قد اقتربت" [الزهد للإمام أحمد: ص 172]

واليوم، إذا جاع أهل غزة وسكتنا، وغضضنا الطرف، وتذرّعنا بالعجز، فغدًا، والله، نجوع نحن ويصمّ العالم آذانه عنا!
وما نحن بناجين من سنن الله إن تخلّينا عن عباده. قال الشاعر:
إذا اشتكى مسلمٌ في الهندِ أرَّقني ** وإن بكى مسلمٌ في الصينِ أبكاني
ومصر ريحانتي والشام نرجستي ** وفي الجزيرة تاريخي وعنواني
وأينما ذُكر اسم الله في بلدٍ** عددتُّ أرجاءَها من جنس أوطاني

أيها المسلمون! لا تكونوا أول أمة تموت فيها الأخوّة الإسلامية على يد أهلها!
لا تكونوا سببًا في منع نصر السماء، ورفعة الدين، وكرامة الأرض!
واعلموا أن الله عز وجل لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم.

قال العدلُ الحكيم، الغنيُّ عن عذابِ عبادِه، الرحيمُ بأوليائه، لا يُهلِكُ إلا من استحق، ولا يرفعُ نِقمتَه إلا بعد قيامِ الحُجّة، القائلُ في كتابه الكريم، وعدًا لأهلِ الصلاح، وتحذيرًا لأهلِ الفساد:
﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ﴾ [هود: 117].
اللهمّ اجعلنا من عبادك المصلحين، وأحيِ قلوبَنا بالإيمان والعملِ الصالح، وادفع عن بلادِنا أسبابَ الهلاك، وهيّئ لنا من أمرِنا رشدًا.
أقول قولي هذا، وأستغفرُ الله لي ولكم ولسائر المسلمين؛ إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية:
الحمد لله القويّ في عدله، الرحيم بعباده، ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [الأعراف: 156]، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد، أيها الإخوة المؤمنون؛

□ فنحن لا نقف اليوم بينكم بخطبة عابرة؛ بل نصرخ من على منبر النبي ﷺ لعلّ في الأمة قلبًا يفيق، أو دمعةً تذرف، أو كفًّا تمتد، أو ضميرًا يثور. غزة تموت جوعًا، فماذا نحن فاعلون؟:

- حاسب نفسك أيها المؤمن، اسأل قلبك: هل تألمت حقًا لما يجري في غزة؟ هل دعوت لهم بين يدي الله دعاء الملهوف؟ هل بكيت من أجل طفلٍ يتضوّر جوعًا، وامرأة تطبخ الحجارة؟
قال النبي ﷺ: «مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمّى» [صحيح مسلم: 2586]؛ فهل جزعت جوارحنا؟ هل سهرنا؟ هل أصابتنا الحمى؟ أم أنّا جسدٌ مبتور لا يحسّ؟!

- أيها الناس! المسلم صاحب ضمير حيّ، لا يُسمي نفسه إنسانًا ثمّ يأكل حتى التُّخمة وإخوانه يُسلخون من الجوع.
قال ابن عباس رضي الله عنه: "من بات شبعانًا وجاره جائع، فليس بمؤمن" [أخرجه البزار في مسنده: 1870]؛ فكيف إذا كان هذا الجائع أمّة منسية في أقفاص الحصار؟!

- أمة الإسلام! لا تُطفئ نار الجوع في غزة بالشعارات؛ بل بالأفعال. تَصدَّقوا ولو بالقليل، فقد قال النبي ﷺ: «اتقوا النار ولو بشق تمرة» [صحيح البخاري: 1410]
وتتبّعوا الحملات الإغاثية الموثوقة، وكونوا عونًا للثقات، وارفعوا أصواتكم على منابركم، وفي صفحاتكم، وفي أحيائكم، ومساجدكم.
فإن عجزتم عن المال؛ فلا تعجزوا عن الكلمة، ولا تعجزوا عن الضغط الشعبي، ولا عن إثارة الضمير الجماعي.

□ ما كان سلفنا صالحين؛ لأنهم صاموا وصلّوا فقط؛ بل لأنهم نصروا المظلوم وأغاثوا الجائع. لما رأى عبد الرحمن بن عوف حاجة المسلمين، تصدّق بقافلة كاملة من سبعمئة بعير محمّلة بالطعام، وقال: "أُقرّبها إلى الله". [سير أعلام النبلاء للذهبي: 1/84]؛ فلمن تقرّبنا نحن؟ ولأي خزائن نخزّن، ونحن ندفن أطفال غزة جوعًا؟!
كتب عمر بن عبد العزيز إلى عمّاله: "إذا جاع الناس، فإن أول من يُحاسب نحن" [تاريخ الخلفاء للسيوطي: ص 224]؛ فأين من يحاسب نفسه اليوم؟ بل أين من يشعر بالجوع أصلاً؟!
وكان أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه يُنفق كل ماله مرارًا نصرةً للمظلومين والمجاهدين، حتى قال النبي ﷺ: «ما نفعني مالٌ ما نفعني مال أبي بكر» [سنن ابن ماجه: 94]؛ فهل من مسلم اليوم يُنفق؛ لا ليُشكر؛ بل لأن الجوع في غزة عورة لا تُستر إلا بالمال؟

□ أيها المؤمنون! لن يَكسر الجوع عزائم غزة؛ فالتاريخ يشهد أن من الجوع وُلدت البطولات، ومن الحصار تولدت الانفجارات.
إن وعد الله لا يتخلّف، ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِي ٱلْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَارِثِينَ﴾ [القصص: 5]
إنهم اليوم جوعى؛ لكنهم سادة الغد، بإيمانهم، وصبرهم، ودمائهم، وتربيتهم تحت القصف والمقابر والجوع.

يا قوم! أهل غزة لا يريدون دموعكم؛ بل عزّتكم. لا يريدون الشفقة؛ بل الشراكة. يريدون أن تقولوا: نحن معكم؛ قولًا وفعلًا.

□ يا من يسمع الآن
اعلم أن الرغيف الذي تبخل به اليوم على غزة، قد يُحرم منه ولدك غدًا. واعلم أن الله سائلك؛ لا عن ماذا قال لسانك؛ بل ماذا فعلت يدك؟ فأنقذوا إخوانكم؛ قبل أن تُسأَلوا أمام الله.

هذا وصلوا وسلموا على من أمر ربنا بالصلاة والسلام عليه؛ فقال:
﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلٰٓئِكَتَهُۥ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىِّ ۚ يٰٓأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب : 56].

اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك على سيدنا محمَّد، وعلى آل سيدنا محمَّد، عددَ خلقِك ورضى نفسِك وزنةَ عرشِك ومدادَ كلماتِك... وارضَ اللهمَّ عن الخلفاءِ الراشدين، وعن الصحابةِ أجمعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ، وعنا معهم برحمتك وفضلك يا أرحمَ الراحمينَ!
وأعرضْ اللهمَّ عليه صلاتَنا وسلامَنا في هذه الساعةِ يا ربَّ العالمينَ!

اللهم يا رحمن الدنيا والآخرة، يا واسع الرحمة، يا عظيم العطاء…
اللهم إن إخواننا في غزة جائعون، مظلومون، محاصرون، مقهورون…
اللهم أطعِم جائعهم، وآمِن خائفهم، وداوِ جريحهم، وارفع عنهم البلاء والوباء والسقم والعدوان.

اللهم إنهم قد اشتدّ بهم الجوع، وضاقت عليهم الأرض بما رحُبت، وبك وحدك الرجاء…
اللهم أغثهم غيثًا من عندك، يسدّ جوعهم، ويجبر كسرهم، ويطفئ حرّ الظمأ والأنين.
اللهم فرّج كربهم، واكسر حصارهم، وارفع عنهم بأس الظالمين.
اللهم من أرادهم بسوءٍ فاشغله بنفسه، واجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميرًا عليه يا رب العالمين.

اللهم أصلح قلوبنا، وأحيِ ضمائرنا، ولا تجعلنا ممن خذلوا إخوانهم، أو رضوا بالظلم أو سكتوا عنه.
اللهم لا تؤاخذنا بتقصيرنا، ووفّقنا لنصرتهم بمالنا، ودعائنا، وكلمتنا، وكل ما نملك يا أرحم الراحمين.

اللهم اجعلنا من الذين إذا رأوا الجوع أطعموا، وإذا رأوا العري كسَوا، وإذا سمعوا الصرخة أجابوا.
اللهم لا تجعلنا ممن يُمنعون الضعفاء عندهم حقوقهم، فَيُمنَع عنهم النصر من السماء.

اللهم انصر المستضعفين من المؤمنين في كل مكان:
في غزة، وفي اليمن، وفي سوريا، وفي السودان، وفي كشمير، وفي تركستان، وفي كل أرض يُظلم فيها عبدٌ من عبادك المؤمنين.
اللهم اجبر كسرهم، وآوِ شريدهم، واحفظ أطفالهم، وارزقهم الأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، والعافية الدائمة، والرزق الواسع، والنصر المبين.

عباد الله، ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90].
فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾ [العنكبوت: 45].

*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولا تبخل على نفسك بالأجـر العظيم*
=======================
ـــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب. 🕋ــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمـوعـظـةالحســنـة.
...المزيد

ما حزنتُ يوماً على امرئٍ حاول أن يعانق حُلمه فلم يُدركْهُ، بقدر حزني على من عاش خاملاً فاتِراً لم ...

ما حزنتُ يوماً على امرئٍ حاول أن يعانق حُلمه فلم يُدركْهُ، بقدر حزني على من عاش خاملاً فاتِراً لم يحلُمْ، ولم يتطلَّع، ولم يَصبُ إلى معنى شريفٍ؛ قلبُه خواءٌ من بر، ونفسُه لا تضطرب لمَكرُمة، وروحُه لا تتطلَّع إلى فضيلة، لا هدفَ يستثيرُ عزيمتَه، ولا هم يُؤرق مضجعَه، ولا غايةٌ تَستلُّه من رِبقة الخُمُود. عاش خافتَ النفس، خاليَ القلب، خامدَ الهمّة، كأنّما أُخرج من العدم ليحيا عدما آخر.

أمَا والله إنّ الحياةَ الحقيقية هي تلك التي يتعلق فيها القلبُ بأمنياتٍ شريفة، ومطامحَ سامية، ومآربَ تُطاوِلُ الجبال شموخاً ورفعةً؛ وإن لم يبلغ جميعَ غاياتِه، وإن لم يُحققْ كل أهدافه، فالسعيُ في ذاته نعيم، والغايةُ في ذاتها شرف، والألمُ فيهما حياة!

وكل نبضة في قلبك تنبئك بأن الله اختارك أنت بالذات، ووهبك حياة، وذلَّل لك الوسائل لتُريَه أحسنَ ما في نفسك، وتُخرجَ من نفسك أثمَنَ ما وُضِعَ فيك؛ لن يسألك عمّا عجزتَ عنه، ولن يُحاسبَك على ما لم يكن في قدرتِك، لكنّه سبحانه حتماً سائلك عن نعمِه وعطايَاهُ، ما عملتَ فيها؛ فأعِدَّ للسؤالِ جواباً، وتدبر شأنَك، وتبيَّنْ مواطئَ أقدامك، فما أمَدَّ الله في عمرِك إلا ليبلُوَ عملَك، ولا أفسح لك في أجلِك إلا ليَختبرَ سعيَك.

فكل نفس يتردد في صدرك هو نعمة تستوجب الشكر ومضاعفة السعي، وكل صباح يشرق عليك ولم تزل حياً هو عهد آخر مع الحياة، بأن الوقت ما زال فيه متسع لتملأ حدائق جنتك بغراس الباقيات الصالحات.

هذه فُرصتكَ فانهضْ... وهذه مِنحتُكَ فشمِّرْ... وأعمالٌ تُرفَعُ بالليلِ والنهارِ فاستبِقْ... وعطايا من الكريم فاغتنِمْ!

وما الأيامُ فينا دقائقُ تُعدُّ أو ساعاتٌ تمضي، وإنّما هي تلك اللحظاتُ التي عاش فيها القلبُ مُخبِتاً لله، ونبضتْ فيها الروحُ بمعاني السماء، وسمَتْ فيها المعاني بنفحاتِ الوحي.

{الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ}.

صباحُ الخير..🧡
===============
{ #محمد المحرابي}
...المزيد

معلومات

الكنيه ابو صقر اللقب المحرابي الصفة القائد المجاهد المستوى العلمي بكلاريوس لغه عربيه/ جامعة صنعاء بكلاريوس علوم عسكريه /كليه الطيران والدفاع الجوي /مارب. دبلوم إدارة أعمال / الأكاديمية الدوليه صنعاء دبلوم التنمية البشريه /الأكاديمية الدوليه صنعاء

أكمل القراءة

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً