وأما الصحابيان الجليلان اللذان استأسرا لهم، فما كانوا ليفعلوا ذلك لولا الأمان الذي أعطوهم، ولذلك لا ...

وأما الصحابيان الجليلان اللذان استأسرا لهم، فما كانوا ليفعلوا ذلك لولا الأمان الذي أعطوهم، ولذلك لا يجب الأخذ بأمان الكفار في حال القتال لأن الغدر ملازم لطبيعة الكفار في الحرب، فقد قال الإمام أحمد: "الأسر شديد، ولا بد من الموت، يقاتل، ولو أعطوه الأمان، قد لا يَفُون" [الإقناع]، ولذلك لم يستأسر أحدٌ من الصحابة من هؤلاء العشرة لما رأى الغدر بأصحابه بعد الأمان، فقتلوه ولحق بالسبعة الذين قُتلوا قبله، رضي الله عنهم أجمعين.

• اختاروا الغرق على الاستئسار

قال أبو داود السجستاني: "سمعت أحمد بن محمد بن حنبل، يقول: إذا علم أنه يُؤسر، فليقاتل حتى يقتل، أحب إلي، قلت لأحمد: رجل خرج عاصيا في علافة فلقي العدو، يقاتل أم يستأسر رجاء أن تدركه التوبة، أعني: لأنه عاصٍ، فكَرِه أن يقتل عاصيا فيُستأسر؟ فقال أحمد بن حنبل: لا يستأسر، الأسر شديد" [مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود السجستاني].

وفي هذا المقام نذكر قصة أوردها الإمام ابن كثير رحمه الله، وهو يروي أخذ العدو لِعَكَّا من المسلمين وما حدث من عدم استئسارهم للكفار ومقاومتهم الشديدة لهم مع الحصار الشديد والقتل الذي حل بهم حيث قال: "فصل في كيفية أخذ العدو عَكَّا من يدي السلطان:

لما كان شهر جمادى الأولى، اشتد حصار الفرنج لعنهم الله لمدينة عَكَّا، وتمالؤوا عليها من كل فج عميق، وقدم عليهم ملك الإنكليز في جمٍّ غفير، وجمع كثير، في خمسة وعشرين قطعة مشحونة بالمقاتلة وابتُلي أهل الثغر منهم ببلاء لا يشبه ما قبله، فعند ذلك حُرِّكت الكؤسات في البلد، وكانت علامة ما بينهم وبين السلطان، فحرك السلطان كؤساته، فاقترب من البلد وتحول إلى قريب منه، ليشغلهم عن البلد، وقد أحاطوا به من كل جانب، ونصبوا عليه سبعة منجانيق، وهي تضرب في البلد ليلا ونهارا، ولا سيما على برج عين البقر، حتى أثرت به أثرا بينا، وشرعوا في ردم الخندق بما أمكنهم من دواب ميتة، ومن قتل منهم، ومن مات أيضا ردموا به، وكان أهل البلد يلقون ما ألقوه فيه إلى البحر، وتلقى ملك الإنكليز بطشة عظيمة للمسلمين قد أقبلت من بيروت مشحونة بالأمتعة والأسلحة فأخذها، وكان واقفا في البحر في أربعين مركبا لا يترك شيئا يصل إلى البلد بالكلية، وكان بالبطشة ستمائة، من المقاتلين الصناديد الأبطال، فهلكوا عن آخرهم رحمهم الله" [البداية والنهاية].

فانظر كيف فضَّل هؤلاء المسلمون الستمائة الموت غرقا على الاستئسار للكفار وإعطاء الدنية في دينهم، فرحمهم الله -تعالى- رحمة واسعة، وكم من إخواننا من جنود الخلافة من اقتدى بسلفهم الصالح فقاتلوا وأثخنوا في أعداء الله المرتدين، وقصص النكال التي أحدثوها بعدوهم لا تخفى على أحد، ولم يكن في حسبانهم أن يستأسروا، وهذا حال الموحدين أباة الضيم.

ومن الأمثلة الناصعة في عزة المجاهدين هو عدم استئسارهم للكفار الصليبيين الذين ينفذون عمليات الإنزال الجوي، فلا تكاد تنجح لهم عملية إنزال، وكلما نزلوا بساحة مجاهد عصف بهم حزامه الناسف فرجعوا خائبين مدحورين، وكذلك يفعلون في مناطق العمل الأمني أو في عقر ديار الصليبيين لو حصلت مداهمة من قبل المرتدين أو الصليبيين، فإن سبيلهم القتال والإثخان في أعداء الله حتى نيل النجاة أو قتلة كريمة في سبيل الله، وهذه الحوادث -ولله الحمد- أكثر من أن تحصر، وهذا الفعل المحمود هو الذي نحث عليه إخواننا المجاهدين في كل مكان، فإن ما يخشاه من يستأسر للكافرين متحقق له غالبا مع ضريبة الذل والهوان.

وقد أحسن المجاهدون الثابتون في وجه عدوِّهم، وأثلجوا صدور الموحدين في كل حادثة، بقتلة كريمة ينالون بها ما يتمنون من الكرامة، ويغيظون بها الصليبيين والمرتدين برد كيدهم وإفشال مخططاتهم، ولله الحمد من قبل ومن بعد.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 93
الخميس 17 ذو القعدة 1438 ه‍ـ
...المزيد

الإيمان بالملائكة وموقف أهل الإيمان منهم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما ...

الإيمان بالملائكة وموقف أهل الإيمان منهم


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد...

فإن من أصول الاعتقاد العظيمة التي لا يتم الإيمان إلا بها، الإيمان بالملائكة الكرام البررة، وقد ذكر الله هذا الأصل في كتابه، وذكره نبيُّه -صلى الله عليه وسلم- كما في حديث جبريل لما سأل عن الإيمان، قال: (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره).

• الإيمان بالغيب

الملائكة عالم من عوالم الغيب، الذي مدح الله المؤمنين به فقال: {هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [البقرة: 2 - 3]، والغيب هي الأمور التي لم نرها ولكن سمعناها من الله –تعالى- في كتابه أو أخبرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي أمور كثيرة كصفات الله وصفات الملائكة وأخبار الآخرة وصفات الجنة والنار، والإيمان بالغيب علامة على صدق الإيمان، وقد قال أبو عبيدة بن الجراح -رضي الله عنه- لرسول الله، صلى الله عليه وسلم: يا رسولَ اللهِ، أحدٌ خيرٌ منَّا؟ أسلمنا معك وجاهدنا معك، قال: (نعم، قومٌ يكونون من بعدِكم يؤمنون بي ولم يرَوْني) [رواه أحمد والدارمي]، وحال المؤمن مع الغيب كما قال تعالى: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا} [آل عمران: 7].

• أهمية الإيمان بالملائكة

لقد افترى المشركون على الله، فقالوا أن الملائكة بنات الله، تعالى الله عن ذلك عُلُوّاً كبيراً، وبعض المشركين جعل الملائكة معبودين، ولذا فينبغي على المسلم أن يعرف العقيدة السليمة في الملائكة، وسنورد بعض ما ذكر في الكتاب والسنَّة حول هذا الأصل العظيم.

• صفاتهم الخَلْقية

قد خلق الله -عز وجل- الملائكة من نور كما روى مسلم عن عائشة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (خُلقت الملائكة من نور).

وهم خَلق عظيم، وقد حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن عظمة خلقِ بعضهم، فقد روى الإمام أحمد عن ابن مسعود قال: "رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جبريل في صورته وله ستمائة جناح، كل جناح منها قد سد الأفق، يسقط من جناحه من التهاويل والدر والياقوت ما الله به عليم"، والتهاويل هي الأشياء المختلفة الألوان، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في جبريل: (رأيتُهُ منهبطا من السماء سادّاً عِظَمُ خَلقِهِ ما بين السماء والأرض) [رواه الترمذي].

وكذلك الملائكة حملة العرش الذين ذكرهم الله في كتابه: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} [الحاقة: 17]، قال عنهم صلى الله عليه وسلم: (أُذِن لي أن أحدِّث عن مَلَك من ملائكة الله من حملة العرش، إن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام) [رواه أبو داود].

وللملائكة أجنحة كما قال تعالى: {جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [فاطر: 1].

• صفات الملائكة الخُلُقية

وكما أن الملائكة مختلفون في الخِلقَة فهم مختلفون في المنزلة، كما ورد في صحيح البخاري عن رفاعة بن رافع أن جبريل جاء للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ما تعُدُّون أهلَ بدرٍ فيكم؟ قال: (من أفضلِ المسلمين أو كلمة نحوها)، قال: وكذلك من شَهِد بدراً من الملائكة.

وهم لا يمَلُّون، بل يعبدون الله الليل والنهار، كما قال تعالى: {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} [الأنبياء: 20]، وقال: {فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} [فصلت: 38].
وهم طائعون لله فيما يأمرهم به، ومنَزَّهون عن الشهوات والآثام، قال تعالى: {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6].

• عن الملائكة

والملائكة سُكَّان السماء، كما قال -تعالى- في معرض الحديث عنهم: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الْأَرْضِ} [الشورى: 5].

وهم عدد كثير لا يحصيه إلا الله، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حديث الإسراء، بعد مجاوزته إلى السماء السابعة: (ثم رفع لي البيت المعمور، فقلت: يا جبريل، ما هذا؟ قال: هذا البيت المعمور، يدخله كلَّ يوم سبعون ألفَ ملك، إذا خرجوا منه لم يعودوا فيه آخرَ ما عليهم) [رواه الشيخان].

ولا نعرف من أسمائهم إلا اليسير، كجبريل وهو الروح الأمين وميكال. قال تعالى: {مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ} [البقرة: 98]، ونعرف إسرافيل الذي ينفخ في الصور، ومالك خازن النار، قال تعالى: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} [الزخرف: 77] • أعمال الملائكة

للملائكة أعمال كثيرة، منها كتابة رزق الجنين وأجله وعمله وشقي أو سعيد، ونفخ الروح فيه كما روى البخاري ومسلم.

وهم يُبَلِّغون وحي الله إلى رسله كما قال الله -تعالى- عن جبريل: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ}[الشعراء: 193 - 194].
وقد وكَّل الله بكل إنسان قرينا من الملائكة وقرينا من الجن، كما روى مسلم عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن)، قالوا: وإيَّاكَ يا رسول اللَّه؟ قال: (وإياي، إلا أن اللَّه أعانني عليه فأسلم، فلا يأمرني إلا بخير).

ومن الملائكة من يحفظ أعمال بني آدم كما قال تعالى: (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) [ق: 17 - 18]، قال الإمام ابن كثير: "{إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ} يعني: الملكين اللذين يكتبان عمل الإنسان، {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ} أي: مترصد، {مَّا يَلْفِظُ} أي: ابن آدم {مِن قَوْلٍ} أي: ما يتكلم بكلمة {إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} أي: إلا ولها من يراقبها معتد لذلك يكتبها، لا يترك كلمة ولا حركة".

• موقف المؤمن من الملائكة

لا بد للمؤمن أن يؤمن بالملائكة، وكذلك يجب عليه أن يُحِبهم لأنهم يدعون ويستغفرون له إذا جلس في مصلاه، كما روى البخاري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الملائكةُ تصلي على أحدِكم ما دام في مُصلاه، ما لم يحدثْ: اللهمَّ اغفر له، اللهم ارحمه)، وإذا عاد مريضا كما روى الإمام أحمد: (ما من امرئ مسلم يعود مسلما إلَّا ابتَعَث الله سبعين ألف ملك يُصلُّون عليه في أي ساعات النَّهار كان حتى يمسي، وأي ساعات الليل كان حتى يصبح)، وعليه أن يحبهم لأنهم يقاتلون مع المؤمنين الصادقين ويُثَبِّتونهم في القتال كما قاتلوا مع الصحابة في بدر، وفي صحيح مسلم عن عمر بن الخطاب قال: "بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه، إذ سمع ضربة بالسوط فوقه، وصوت الفارس يقول: اقدم حَيزوم، فنظر إلى المشرك أمامه فخَرَّ مستلقيا، فنظر إليه فإذا هو قد خُطِم أنفه، وشُقَّ وجهُه كضربة السوط، فاخضرَّ ذلك أجمع، فجاء الأنصاريُّ فحدَّثَ بذلك رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال: (صدقت، ذلك مدد السماء الثالثة)".

وعليه أن يحرص على مجالس الذكر لأن الملائكة تحفه فيها بأجنحتها، كما رواه البخاري: "إن لله ملائكةً يطوفون في الطرُقِ يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قوما يذكرون الله تنادَوْا: هلُمُّوا إلى حاجتِكم، قال: فيحُفُّونهم بأجنحتِهم إلى السَّماءِ الدُّنيا".

وعليه أن يحرص على التبكير لصلاة الجمعة، فالملائكة يسجلون الأول فالأول فإذا جلس الإمام طوَوْا الصحف وجاءوا يستمعون الذكر كما في الصحيحين.

وعلى المؤمن أن يبتعد عمَّا ينَفِّر الملائكة كما في الحديث: (لا تدخل الملائكة بيتا فيه جُنُب ولا صورة ولا كلب)، وفي البخاري: (إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت، فبات غضبانَ عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح).


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 93
الخميس 17 ذو القعدة 1438 ه‍ـ
...المزيد

(حوار) أمير مكتب المُطَّوِّعة والمستنفَرين: استنفار المؤمنين اليوم للجهاد واجب شرعي ومن يلتحق ...

(حوار)

أمير مكتب المُطَّوِّعة والمستنفَرين:
استنفار المؤمنين اليوم للجهاد واجب شرعي
ومن يلتحق بالنفير يعامل معاملة جنود الدولة الإسلامية

4/5
• لماذا ألزمت الدولة الإسلامية اليوم المسلمين بالنفير في سبيل الله تعالى؟

لقد سبق وذكرت بعض الأسباب التي تبيح للإمام هذا الأمر أو توجبه عليه، وأهمها أن يكون جيش المسلمين في حاجة إلى ذلك، أو خوفا على ديار المسلمين من أن يدخلها المشركون، فيعيثوا فيها فسادا، كما نراه اليوم في بعض البلاد التي دخلوها، والتي بذل فيها المجاهدون أقصى ما يستطيعون للدفاع عنها، حتى فنَوا في بعض المناطق عن بكرة أبيهم وهم يأبون الانحياز وترك المشركين يستولون عليها دون قتال، مثلما حدث في الموصل وسرت وغيرها من ديار المسلمين.

وإننا نجِدُ اليوم أمامنا فرصة كبيرة لتحصين ما بَقِيَ بأيدينا من الديار، بل واسترداد ما استولى عليه المرتدون، ثم الكَرَّة عليهم وفتح ما بأيديهم من البلدان، ولكن هذا الأمر مرهون -بعد توفيق الله- بتوفُّر العدد والعدة اللازمة لذلك، وفي الوقت نفسه نجد أكثر المسلمين غافلين عما يجري من حولهم، فانشغلوا عن آخرتهم، ولم تسلم لهم دنياهم، بل أفسدها العدو عليهم، ولذلك فإن من الواجب اليوم أن يخرج من المسلمين ما يكفي لتعزيز الثغور، والشد من أزر المرابطين، وتقوية عزائم المجاهدين، وهذا كله هو غاية إعلان النفير الإلزامي على فئة من المسلمين.

وأقول فئة من المسلمين، لأن هذا النفير الذي صدر التعميم بخصوصه محصور بطائفة من الناس لا كلهم، وهم المقيمون في ولاية الخير، ممن تترواح أعمارهم بين 20 و30 عاما، وهو اختيار يخضع لاجتهاد الإمام والنواب عنه، وقد يتغير بتغير الأحوال، وبحسب تقدم العدو وانحساره عن بلاد المسلمين.

ولا يخفى عن أحد أن الروافض والنصيريِّة يحشدون كل قوتهم للهجوم على ولاية الخير، وجنود الدولة الإسلامية يتصدَّون لهم، ويُعظمون فيهم النكاية بفضل الله، ولكن الأمر يحتاج أكثر من جهد المُطَّوِّعين من المجاهدين، ولذلك فقد استنفر الإمام أهل ولاية الخير عدة مرات، فنفر من شيبها وشبابها الكثير -والحمد لله- استجابة لاستنفار أمير المؤمنين، ولكن لم تُسد حاجة الثغر بذلك، فوجب أن نُخرج لهذه الحاجة من يسدها من الرجال ولو بالإلزام، وهو خير لهم من أن تسقط ديارهم في أيدي النصيريِّة، فيهلكوهم، وينتهكوا الأعراض، ويسلبوا الأموال، بل ويسلبوهم دينهم عندما يلزمونهم بالخدمة في جيشهم كما حدث في كل المدن والمناطق التي سيطروا عليها.

• الآن، ما هي سياستكم في التعامل مع المستنفرين، من أجاب النفير منهم، ومن تولّى وظل قاعدا عن الجهاد؟

بالنسبة للطائفة المستنفرة من المسلمين، فإنهم مدعُوُّون الآن لزيارة مكاتب المستنفرين المنتشرة في عموم أرجاء الولاية، لبيان حالهم للإخوة العاملين فيها، فمن كان من أهل الأعذار قدَّم عذره للجنة مختصة بذلك، فيُقبل عذره إن كان صادقا فيما يدّعيه مما يُعذر به القاعد عن الجهاد، وإن كان أهلا للالتحاق بالجهاد فإنه يُرْجأُ إلى حين إخطاره بالموعد الخاص به للالتحاق بالدورات الشرعية والعسكرية التي تؤهله للقتال في سبيل الله، أو يؤجل لفترة محددة من الزمن إن كان لديه عذر شرعي في التأخر عن النفير.

فمن التحق بالنفير، فإن مدة خدمته بما فيها التأهيل الشرعي والتدريب العسكري ستكون بحدود 4 أشهر، يعامل خلالها معاملة بقية جنود الدولة الإسلامية في النواحي كلها تقريبا، ويبقى كذلك حتى تنتهي مدة نفيره المقرّرة، ويُخيَّر بعدها بين التطوّع في جندية الدولة الإسلامية وعدمها، فإن هداه الله للبقاء في صفوف المجاهدين، جرى ضمّه إليهم، دون إلزامه بإعادة الدورات الشرعية والعسكرية، وصار حالهم كحالهم، وإن أبى، فله العودة إلى حياته التي كان عليها قبل نفيره، ونسأل الله أن يتقبل منه.

أما من تولّى عن إجابة النفير من غير أولي الأعذار، فإنهم يُلزمون بذلك وإن كَرِهوا، ويتم إلحقاهم بالمستنفرين رغما عنهم، وتعزيرهم على قعودهم وتوَلِّيهم عن أداء ما توجب عليهم من الجهاد، وتخَلُّفهم عن طاعة إمامهم وولي أمرهم.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 93
الخميس 17 ذو القعدة 1438 ه‍ـ
...المزيد

(حوار) أمير مكتب المُطَّوِّعة والمستنفَرين: استنفار المؤمنين اليوم للجهاد واجب شرعي ومن يلتحق ...

(حوار)

أمير مكتب المُطَّوِّعة والمستنفَرين:
استنفار المؤمنين اليوم للجهاد واجب شرعي
ومن يلتحق بالنفير يعامل معاملة جنود الدولة الإسلامية

3/5
• البعض يزعم أن إلزام المسلمين بالجهاد في سبيل الله ليس من سُنَّة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا خلفائه الراشدين، ويظن أنه من ابتداع الطواغيت الحاكمين لبلاد المسلمين اليوم، الذين يسوقون الشباب راضين أو مرغمين ليخدموا في جيوشهم الكافرة، فما حقيقة الأمر؟

هذا من الجهل بالدين، ومن التكلم بغير علم في تاريخ المسلمين، فإن كان الأصل في صحابة النبي -رضوان الله عليهم- أنهم لا يتأخرون عن الجهاد في سبيل الله حتى لو لم يكن واجبا عليهم، فهذا لا يعني أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يلزمهم بالقتال في بعض المواطن، التي أشهرها غزوة تبوك التي استنفر لها كل المسلمين، فلم يتأخر عنها إلا من تقدّم بعذر، فقبِل منهم علانيتهم، وترك أمرهم إلى الله تعالى، فهو العليم بسرائرهم، أما من تخلف عن الخروج إلى الغزوة، فإنه -عليه الصلاة والسلام- عزّرهم بما كان أشد عليهم من الضرب والحبس، فأمر المسلمين بمقاطعتهم، حتى تاب الله عليهم، رغم أنها كانت من أشق غزوات النبي عليه الصلاة والسلام، فالعدو مخوف، والمسافة بعيدة، والوقت في أحر الصيف.

وكذلك فإننا نجد في تاريخ خلفاء النبي صلى الله عليه وسلم، ما يدل على إلزامهم الناس بالخروج للجهاد في سبيل الله تعالى، حين يحتاج المسلمون لذلك، فهذا الفاروق عمر -رضي الله عنه- يرسل إلى أمراء الأمصار، يحضهم على إخراج الناس لنجدة المجاهدين في حربهم مع الفرس، وقال لهم كما روى الطبري وابن الأثير: "ولاتدعوا في ربيعة أحدا، ولا في مضر، ولا حلفائهم أحدا، من أهل النجدات أو فارسا، إلا اجتلبتموه، فإن جاء طائعا وإلا حشرتموه" أي مكرها.

وعلى هذا مضى أمر الدول الإسلامية من زمن الصحابة حتى يومنا هذا، فكان الأئمة، والأمراء، والسلاطين، يخرجون للجهاد في سبيل الله، ويُخرجون للجهاد حاجته، وألزم كثير منهم الناس بذلك ولو مكرهين، وعلماء المسلمين بينهم، لا ينكرون عليهم، ولا يرون في ذلك بأسا، بل ونجد في كلام بعضهم تحريضا للأمراء على ذلك.
ولكننا اليوم في زمان غربة من الدين، لذلك فإن كثيرا من الناس يستغربون أحكامه، وهذا ما شاهدناه مرارا خلال السنوات الماضية من عمر الدولة الإسلامية، التي جدد الله بها ما اندرس من الدين، وأحيى بها كثيرا من السنن المتروكة، والناس لجهلهم أو لأهوائهم يظنون هذه الأمور بدعا من الدين ما أنزل الله بها من سلطان، ولذلك نجدهم كما كانوا يستغربون أن يأتيهم من يلزمهم بالصلاة، واللحية، وبحجاب نسائهم، فإنهم اليوم يستغربون أن يأتيهم من يلزمهم بالجهاد في سبيل الله تعالى، وهم يحسبون أن الجهاد نافلة من النوافل، لا تجب في حقهم بحال.

وما ذكرته أنت بخصوص "التجنيد الإجباري" الذي يفرضه الطواغيت على من يحكمونه من الناس مثال جيد على مدى اختلال الموازين عند أغلب الناس، فهم يخضعون لحكم الطواغيت في ذلك، ويذهبون طائعين مذعنين لينتسبوا إلى الجيوش الكافرة، ويخرجوا بذلك عن دين الإسلام، بل ويقاتلوا المسلمين في سبيل الطاغوت، ولا أحد يستنكر ذلك، أو ينهى عنه، بل نجد علماء السوء المرتدين يحُضُّون عليه، ويصورونه زورا جهادا في سبيل الله، واليوم نجد هؤلاء أنفسهم يستنكرون أن يُلزِم خليفةُ المسلمين رعيته بالجهاد في سبيل الله، ويقولون أن الجهاد لا إلزام فيه، وما إلى ذلك من الأقاويل.

والخلاصة أن إلزام المسلمين بالجهاد في سبيل الله عند الحاجة إلى ذلك هو عمل صالح، يُؤجر فيه الإمام إن أمر به، ويُؤجر فيه المستنفَر إن لبَّى طاعةً لله ورسوله وطاعة لولاة أمره، أما إلزام الناس بالانتساب إلى جيوش الطواغيت، أو القتال فيها، فهو كفر، يكفر من يأمر الناس بذلك أو يجيزه، ويكفر من يستجيب لهذا الأمر فيلتحق بالجيوش الكافرة، ولو كان يكره الطواغيت ويعاديهم، ويزعم حب المسلمين والولاء لهم.



المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 93
الخميس 17 ذو القعدة 1438 ه‍ـ
...المزيد

(حوار) أمير مكتب المُطَّوِّعة والمستنفَرين: استنفار المؤمنين اليوم للجهاد واجب شرعي ومن يلتحق ...

(حوار)

أمير مكتب المُطَّوِّعة والمستنفَرين:
استنفار المؤمنين اليوم للجهاد واجب شرعي
ومن يلتحق بالنفير يعامل معاملة جنود الدولة الإسلامية

2/5
• ما دور الدولة الإسلامية في تطبيق هذا الحكم الشرعي، سواء كان الجهاد جهاد طلب لفتح الأرض والتمكين فيها لدين الله تعالى، أم كان جهاد دفع للمشركين عن ديار المسلمين؟

إن من واجبات الإمام المسلم الذي يُمثِّل الدولة الإسلامية ويتولى أمرها وأمر رعيتها أن يحمل الناس على أداء الواجبات، وترك المحرمات، كما أن حماية البيضة، وجهاد أعداء الدين هو من واجباته أيضا، وهذا الواجب لا يمكن أن يقوم به لوحده، وإنما يحتاج للقيام به أن يعينه عليه المسلمون، فينفروا للقتال إذا استنفرهم لذلك، فكان استنفار الإمام لفردٍ من المسلمين أو جماعة منهم، مما يوجب عليهم النفير، ولو كان النفير غير متعينٍ عليهم بالأصل، فإذا لم يستجيبوا لاستنفاره لهم، جاز له إلزامهم بالخروج، وتعزير من تولَّى أو تأخر، وذلك لأسباب كثيرة، أهمها أن ذلك داخل في نهيهم عن المنكر، بتركهم أمرا واجبا عليهم القيام به.

بل إن هذا يكون واجبا على الإمام في بعض الحالات، كأن يترتب على عدم خروج الناس أو بعضٍ منهم لجهاد الأعداء احتمال انهزام جيش المسلمين، لقلة عدد، أو افتقار إلى بعض الخبرات والإمكانيات التي يمتلكها القاعدون عن الجهاد، فهُنا يجب على الإمام أن يُلزم من يُحتاج إليه لسد الثغر بالنفير والجهاد، وإن قصَّر في ذلك يكون آثما، إذا علم أن الواجب المفروض عليه من حفظ دار الإسلام، وحماية أنفس المسلمين وأموالهم وأعراضهم لا يتم إلا بإخراج نفر من المسلمين أو كلهم لذلك، فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

وهكذا فإن الإمام يحرِّض المؤمنين على الجهاد، لما فيه الخير في دنياهم وآخرتهم، ويستنفرهم إلى القتال إن احتاج لذلك، فإن لم تُسد الحاجة بمن نفروا طواعية، فإنه يُخرج من المسلمين ما يكفي لذلك ولو بإجبارهم وإلزامهم، وتعزير من يشاء من المتخلفين بما هو كافٍ ليرتدع عن معصيته، ويكون عبرة لغيره.

وبالمثل فإن من الواجب على الإمام أن يُنفق من بيت مال المسلمين ما يكفي من المال للقيام بفريضة الجهاد، وحماية بلاد المسلمين، وفي الوقت نفسه، يحثُّ المسلمين على الإنفاق في سبيل الله طلبا للخير لهم، فإن قلَّ ماله عن كفاية المطلوب، فإن له أن يستقرض المسلمين، ويأمرهم بالبذل في سبيل الله، فإن لم يكف ذلك كله، فإن له أن يأخذ من أموال المسلمين ولو بغير رضا نفوسهم حتى يكتفي بيت مال المسلمين لسد حاجة الجيش والثغور، ولا يأخذ أكثر من هذا الحد، وهذا الجواز يتحول إلى الوجوب في بعض الحالات كما ذكرنا سابقا.



المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 93
الخميس 17 ذو القعدة 1438 ه‍ـ
...المزيد

(حوار) أمير مكتب المُطَّوِّعة والمستنفَرين: استنفار المؤمنين اليوم للجهاد واجب شرعي ومن ...

(حوار)

أمير مكتب المُطَّوِّعة والمستنفَرين:
استنفار المؤمنين اليوم للجهاد واجب شرعي
ومن يلتحق بالنفير يعامل معاملة جنود الدولة الإسلامية

1/5

• عمل مكتب المطوعة والمستنفرين يتعلق بشعيرة الجهاد، هلا حدثتنا عن هذه الشعيرة، وفرضها على المسلمين؟

إن الجهاد في سبيل الله -تعالى- شعيرة من أعظم شعائر الإسلام، كتبه الله على عباده المؤمنين، فقال: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُون} [البقرة: 216]، وبيَّن -سبحانه- أن هذا القتال الذي يكرهه الناس، إنما هو خير للذين آمنوا، إذ فيه صلاح دينهم ودنياهم.

ولا شكَّ أن النفوس السوية رغم كرهها للقتال، فإن كرهها لتسلط الأعداء عليها، وإذلال أصحابها أشد وأعظم، ولذلك فإنها تشتهي رد العدوان، ودفع الظلم عنها وعن غيرها، واسترداد الحقوق ممن غصبها، ولا يكون ذلك -غالبا- إلا بقتال الظالمين المعتدين، فما بالك إن كان الاعتداء والظلم واقعا على المؤمنين من قبل أعدائهم المشركين ليصدُّوهم عن سبيل الله، فإن رغبة أهل الإيمان في قتال أولئك الطواغيت أشد وبلا شك، فإن المؤمن قد يعفو عن حق نفسه ولكنه لا يتنازل عن حقوق الله تعالى.

ولذلك كانت إباحة القتال للمسلمين، وأمرهم بذلك، نعمة من النعم التي أنعم الله بها عليهم، فلا ننسى أن كثيرا من الأمم الذين من قبلنا لم يؤمروا أن يدفعوا أذى المشركين عن أنفسهم، وإنما كان الأمر الرباني لهم بالصبر على الأذى في سبيل الله مهما عظم، أو الهجرة وترك الديار وتجنُّب مساكنة الذين كفروا، بل إن النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام كانوا في فترة طويلة من عمر الدعوة غير مأمورين بالقتال، رغم تشوقهم إليه، وحرصهم على دفع أذى مشركي قريش عن أنفسهم وإخوانهم، ورغبتهم في الانتقام منهم، حتى أذن لهم ربهم -سبحانه- بقتال من آذَوهم وأخرجوهم، فكان ذلك من النعم التي منّ بها الله -تعالى- عليهم، فقال سبحانه: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج: 39].

ثم انتقل أمر الله -تعالى- لعباده المؤمنين في قتال المشركين من الإباحة والندب، إلى الوجوب، وذلك بحسب حال المسلمين، فإن كانوا في حال قوة وكفاية، كان الوجوب عاما على الأمة، بحيث يكفي لرفع الحرج عن المسلمين أن يقوم بالفريضة بعضهم فيسُدُّوا الثغور، ويُديموا الجهاد، وإن كانوا في حالة ضعف وقِلَّة، وعجزوا عن حماية أنفس المسلمين، وحفظ دار الإسلام من أن يستولي عليها الأعداء، فإن الجهاد يكون واجبا متعينا على كل مسلم، وفق أولويات معروفة، شرحها الفقهاء، وبيَّنُوها للناس منذ القدم.



المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 93
الخميس 17 ذو القعدة 1438 ه‍ـ
...المزيد

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 93 الافتتاحية: يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 93
الافتتاحية:
يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ


إن المتتبع لحال كثير من المنتكسين والمنهزمين اليوم، يجدهم يزيدون على جريمة توليتهم للدبر، وهروبهم إلى فسطاط المشركين، أن يطعنوا في المجاهدين، ويفضحوا ما اطلعوا عليه من عوراتهم، ويتبرؤوا من كل ما أصابهم من انكسارات، بأن يُعلن كل منهم أن رأيه في هذه المسألة كان كذا، فلما خالفه المجاهدون وأطاعوا رأي غيره حدث كذا، في تكرار لأقوال المنافقين وأفعالهم في كل زمان وحين.

ففي غزوة أحد، ولَّى رأس المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول الدبر ومعه ثلث الجيش، غضبا لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يأخذ برأيه في وضع خطة المعركة، وقال قولته المشهورة: "أطاعهم وعصاني"، التي جعلها مبرّرا لترك القتال، والتسبب بإضعاف جيش المسلمين وهو على وشك الدخول في معركة كبيرة، وتعريضه للهلاك على يد عدوه، بل وزاد وإخوانه على ذلك بتخذيل المجاهدين عن القتال، والزعم أن لن تكون معركة بين المسلمين والمشركين.

فلما انتهت المعركة بخسارة كبيرة للمسلمين، ومقتل العشرات من الصحابة الكرام، التي كان من أسبابها إضعاف المنافقين لجيش المسلمين، خرج المنافقون من جديد ليعلنوا أن سبب هذه المقتلة الكبيرة في صفوف المسلمين، أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يأخذ برأيهم، فكان جواب الله -تعالى- لهم في قوله: {يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} [آل عمران: 154]، وكذلك في قوله جل جلاله: {الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: 168].

وهكذا فإننا نرى كثيرا من مرضى القلوب، وأهل الريب والشك، يُكثرون من الطعن في المجاهدين وأمرائهم، وليس لهم من مطعن إلا أنه لم يُؤخذ برأيهم في هذه المسألة، أو لم يستشرهم أحد في تلك المسألة، وذلك من شدة إعجابهم بأنفسهم، واعتدادهم بآرائهم.

فيحسب أحدهم أن المسلمين يجب أن لا يقطعوا أمرا ولا يعقدوا حكما إلا بحضوره، ولو لم يكن من أهل الحل والعقد، وإن استشير في قضية فمن الواجب أن تكون مشورته بمثابة الأمر الواجب على الجميع تنفيذه، وإن لم يكن من ولاة الأمر، فإن لم يحدث ذلك، فهذا لوحده مبرر كافٍ في دينه للتولي يوم الزحف، والقعود عن القتال، وتخذيل المسلمين عنه، بل وتحريضهم على معصية أمرائهم، ثم الانتظار والترقب لمعرفة نتائج الأمر الذي خُولِف فيه، وأكثر ما يهمه أن يثبت للناس صواب رأيه، ونفاد بصيرته، ولو كان ذلك يتضمن هلاك المسلمين الذين عصوه، ولم يقيموا له وزنا، ليقول بعد انكسار المسلمين مقولة إخوانه من المنافقين في كل عصر: {لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا} [آل عمران: 168].

وإن كان للمسلمين الفتح تجده منتقصا من حسن فعال المجاهدين، عائبا في أمرائهم بما لا يعيبهم، أو بما يُغفر لهم، وذلك خشية أن يُكتب لهم بهذا الفتح عند الناس درجة لا يجد غير نفسه مؤهلا لها، أو ينسد أمامه باب من أبواب الطعن فيهم، والنهي عن طاعتهم واتباعهم ولو في المعروف.
إن هذا النمط من مرضى القلوب ليس لهم في صفوف المسلمين قرار، فإن ضاقت الأرض، أو اهتزت السفينة، فإنهم يسارعون في الفرار، بل ويلحق كثير منهم بالمشركين الكفار، ليجلس بين أحضانهم، ويأكل من قصعتهم، ويتكئ على أريكتهم، وينطلق في هجاء الموحدين وذمِّهم والتخذيل عن نصرتهم، والانتقاص من أفعالهم، والشماتة في انكسارهم.

أما أهل الإيمان، فإنهم يرجون من كل أفعالهم وجه الله تعالى، فإن نصحوا نصحوا بالمعروف، وإن أُمروا بالمعروف أطاعوا في المنشط والمكره، لا يرجون جاها ولا إمارة، بل كل منهم آخذ بعنان فرسه، أشعث، أغبر، يجاهد في سبيل الله حيث أُمِر، وفي أي ثغر كُلِّف بالقيام عليه، كما قال عليه الصلاة والسلام: (طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه، مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شَفَع لم يُشَفَّعْ) [رواه البخاري].



المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 93
الخميس 17 ذو القعدة 1438 ه‍ـ
...المزيد

طواغيت.. ومرتدون.. ولو تعلقوا بأستار الكعبة - تعساء آل سلول لا أمن لهم: • فيا أهل التوحيد ...

طواغيت.. ومرتدون.. ولو تعلقوا بأستار الكعبة

- تعساء آل سلول لا أمن لهم:

• فيا أهل التوحيد وجند الله في الأرض، ها هم قد تعسوا فجاؤوكم ب تاعس، فلا تنتظروا ملاقاتهم في سوح النزال، أجهزوا عليهم حيثما ثقفتموهم، فكل جندي منهم متعوس مهدور الدم وإن كان في غرفة نومه، اجلبوا عليهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم، وكذلك كل لحية مزيفة تدعى زورا وبهتانا شيخا، ولا تجعلوهم يهنؤون بدرس ولا محاضرة، فأين الغيارى الثائرون لدماء المقرن والعوفي والدندني وإخوانهم؟ وها قد ظهر لكم قاتِلوهم اسما ورسما فأين الذئاب المنفردة؟ ويا لثارات الزهراني والطويلعي والحميدي!!!

فأين من يشفي صدور المؤمنين من مشايخ آل سلول الذين كبّروا وهلّلوا لإعدام إخواننا؟ أَوَيُقتَل أهل الحق صبرا بضربة سيف الباطل؟ أوَيُعْدِمُ الأنجاسُ أهلَ الهدى ثم يعتلي أهل الضلال الملتحون المرتدون منبر القعود "تويتر" ليباركوا الإعدام ويدعوا لآل سلول ثم لا تذيقونهم حرارة سكاكينكم؟ فلا تكونن أسلحتكم من الظالمين وأعوانهم ببعيد.

إنهم ورثة بلعام بن باعوراء المسبحين بحمد الطواغيت، ولولا فتاواهم لما ثبت لطاغية عرش، ولما افتتن امرؤ في دينه إلا ما شاء الله، هم الذين يكتمون ما أنزل الله ويروجون لما قاله السلطان ووافق هواه.

عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من سكن البادية جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى أبواب السلاطين افتتن) [رواه الترمذي].

وفي رواية، عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من بدا فقد جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى أبواب السلاطين افتتن، وما ازداد عبد من السلطان دنوا إلا ازداد من الله بعدا) [رواه أبو داود].

هذا فيمن أتى أبواب السلاطين الظالمين؟ فكيف بمن أتى أبواب السلاطين المرتدين؟ بل كيف بمن كان بابَهم إلى كل كفر، ومفتاحَهم إلى كل شر؟!

فهؤلاء الطغمة قد دخلوا قصور الطواغيت وتمرغوا على بلاطهم، فافتُتِنوا وفَتَنوا وضلوا وأضلوا وباتوا سلما على أعداء الله حربا على أوليائه.

قال سفيان الثوري: (إن دعوك لتقرأ عليهم: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، فلا تأتهم) [رواه البيهقي]، وهؤلاء الخائنون لله ولكتابه قد دعاهم الحكام الكفرة لا ليقرؤوا عليهم {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، وإنما ليقروهم على ردتهم وعداوتهم للإسلام وأهله، فكان لهم ما أرادوا واشتروا ذممهم بثمن قليل، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

وما الفرق اليوم بين عبد العزيز آل الشيخ وصالح الفوزان وعائض القرني ومحمد العريفي وعبد الرحمن السديس وغيرهم من بلاعمة الطواغيت، وبين الجعد بن درهم والحلاج والجهم بن صفوان؟ تغيرت الوجوه والأسماء ومناطات التكفير وبقي الكفر واحدا.

ولله در ابن القيم إذ يقول في نونيته فرحا بمقتل الجعد:

ولأجل ذا ضحى بجعد خالد الـ
قسري يوم ذبائح القربان
إذ قال إبراهيم ليس خليله
كلا ولا موسى الكليم الداني
شكر الضحية كل صاحب سنة
لله درك من أخي قربان

نعم مرتدون ولا كرامة، ومن أظهر لنا الكفر أظهرنا له التكفير وإن كان شيخا قد طالت لحيته، وذاع على قنوات الطاغوت صيته، فليسوا أمام تعبّد الحلاج وتنفّله لله بشيء، فقد روي عنه أنه كان يصلي في اليوم والليلة ثلاثمائة ركعة سوى الفرائض، ومع ذلك فقد قال ابن كثير: "وقد اتفق علماء بغداد على كفر الحلاج وزندقته، وأجمعوا على قتله وصلبه، وكان علماء بغداد إذ ذاك هم الدنيا" [البداية والنهاية].

نعم، من أقر أمريكا على حربها للدولة الإسلامية مرتد، ومن دخل في حزبها مرتد، ومن دعا ل تاعس بالنصر مرتد ومن فرح لانحياز جند الخلافة من أرض يحكم فيها بشرع الله فدخلها الكفار مرتد، {إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ}.

فاللهم منزل الكتاب سريع الحساب هازم الأحزاب، اللهم اهزم الأحزاب وزلزلهم.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


• صحيفة النبأ – العدد 16
السنة السابعة - الثلاثاء 22 ربيع الآخر 1437 هـ

مقال:
طواغيت.. ومرتدون.. ولو تعلقوا بأستار الكعبة
...المزيد

من صفات عُلمَاءِ السُّوءِ • قال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا ...

من صفات عُلمَاءِ السُّوءِ

• قال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ} [الأعراف:١٧٥]

• يحملون العلم ولا يعملون به، قال تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ۚ بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [الجمعة:٥]

• يتركون المحكم ويأخذون بالمتشابه، قال تعالى: {هُوَ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ مِنۡهُ آيَٰتٌ مُّحۡكَمَٰتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلۡكِتَٰبِ وَأُخَرُ مُتَشَٰبِهَٰتٌ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمۡ زَيۡغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَٰبَهَ مِنۡهُ ٱبۡتِغَآءَ ٱلۡفِتۡنَةِ وَٱبۡتِغَآءَ تَأۡوِيلِهِۦۖ وَمَا يَعۡلَمُ تَأۡوِيلَهُۥٓ إِلَّا ٱللَّهُۗ وَٱلرَّٰسِخُونَ فِي ٱلۡعِلۡمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِۦ كُلٌّ مِّنۡ عِندِ رَبِّنَاۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّآ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ} [آل عمران:٧]

• يكتمون ما أنزل الله، قال تعالى: {إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلْنَا مِنَ ٱلْبَيِّنَٰتِ وَٱلْهُدَىٰ مِنۢ بَعْدِ مَا بَيَّنَّٰهُ لِلنَّاسِ فِى ٱلْكِتَٰبِ ۙ أُوْلَٰٓئِكَ يَلْعَنُهُمُ ٱللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ ٱللَّٰعِنُونَ} [البقرة:١٥٩]

• يكذبون على الله ورسوله ﷺ، قال تعالى: {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُۥنَ أَلْسِنَتَهُم بِٱلْكِتَٰبِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ ٱلْكِتَٰبِ وَمَا هُوَ مِنَ ٱلْكِتَٰبِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران:٧٨]

• ينقضون ميثاق الله، قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ لَتُبَيِّنُنَّهُۥ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُۥ فَنَبَذُوهُ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ وَٱشْتَرَوْاْ بِهِۦ ثَمَنًا قَلِيلًا ۖ فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} [آل عمران:١٨٧]

• يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً، قال تعالى: {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۖ فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ} [البقرة:٧٩]

إنفوغرافيك النبأ جمادى الأولى ١٤٣٨ هـ
...المزيد

العلاقة بين الطواغيت والعلماء القاعدين • وعلماء الحق والصدق والجهاد قليل جدا، أما علماء السوء ...

العلاقة بين الطواغيت والعلماء القاعدين

• وعلماء الحق والصدق والجهاد قليل جدا، أما علماء السوء فما أكثرهم -لا كثّرهم الله- فعلماء الآخرة غرباء بين علماء الدنيا كما ذكر ابن رجب - رحمه الله - من أنواع الغربة أن "غربة علماء الآخرة بين علماء الدنيا الذين سُلبوا الخشية والإشفاق" اهـ.

أخي المسلم من المعلوم أن كل من ينتسب للعلم لابدّ أن يقع في الزلل والهلاك إنْ هو آثر الدنيا، يقول ابن القيم رحمه الله: "كل من آثر الدنيا من أهل العلم واستحبها فلا بد أن يقول على الله غير الحق، في فتواه وحكمه، في خبره وإلزامه، لأن أحكام الرب - سبحانه - كثيرا ما تأتي على خلاف أغراض الناس، ولا سيما أهل الرئاسة والذين يتّبعون الشهوات، فإنهم لا تتم لهم أغراضهم إلا بمخالفة الحق ودفعه كثيرا، فإذا كان العالم والحاكم محبا للرئاسة، متبعا للشهوات لم يتم له ذلك إلا بدفع ما يضاده من الحق" اهـ.

هذا أخي المسلم يفسر لك لمَ يبيع هؤلاء دينهم ويفتون بحرب الخلافة وبدعم الصحوات وغيرها، ذلك أن أغراض أهل الجاه والملك من الحكام ضد الخلافة التي تريد إقامة الدين وهم يريدون حربه، وتريد الجهاد وهم يريدون الشهوات، فيأتي دور علماء السوء من القاعدين وتأتي الفتاوى والبرامج والرسائل وغيرها لحرب الخلافة.

أخي المسلم إن كثيرا من علماء السوء من القاعدين الذين يحاربون دولة الخلافة نصرها الله، يعلمون أنها على الحق، وأنها دولة الإسلام، ولكنهم لا يريدون المشقة والتعب وعداوة الطواغيت وغيرهم، وهذا يحصل في كل زمان ومكان، حيث يقوم كل صادق بدعوة للدين والحق والجهاد، نعم أخي المسلم حين قام شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - بالدعوة للتوحيد وحرب الشرك وافقه من يسمّون العلماء، ولكن حين بدأ رحمه الله الجهاد والقتال وتكفير الطواغيت رفضوا ذلك لمشقة ذلك عليهم وعلى دنياهم يقول شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: "صدﱠقني مَن يدّعي أنه من العلماء في جميع البلدان في التوحيد ونفي الشرك، وردوا علي التكفير والقتال" اهـ.

وهذا ما نراه الآن، فكم من محسوب على العلم من القاعدين كان يقرر أحكام الجهاد والجزية وحرب المرتدين ويبشر بالخلافة وأنها قادمة، وحين قامت الخلافة وأعلنت التوحيد وهدمت الشرك وجاهدت الكفار وأهل الردّة وهدمت الحدود الطاغوتية، رفض هؤلاء ذلك، لأنهم يريدون الراحة والدعة والعيش في القصور والمزارع والجاه والسمعة، هذه هي العلة الكبرى التي جعلت الكثير منهم يحارب دولة الخلافة المجاهدة.

أخي المسلم لا تعجب من ذلك فإن في من ينتسب للعلم والعلماء من يقدّم الكفر على الإيمان، ويفضل الطاغوت على الشرع، وذلك لأجل الدنيا والعياذ بالله مع معرفته بأن ذلك هو الهلاك المبين في الآخرة، يقول شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله: "في من ينتسب إلى العلم من يختار الكفر على الإيمان مع علمه أن من اختاره لا حظ له في الآخرة" اهـ.

أخي الموحد لتعلم أن العالم إذا ترك ما علمه من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم واتبع حكم الحاكم المخالف لحكم الله ورسوله فهو مرتد كافر، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ومتى ترك العالم ما علمه من كتاب الله وسنة رسوله واتبع حكم الحاكم المخالف لحكم الله ورسوله كان مرتدا كافرا يستحق العقوبة في الدنيا والآخرة" اهـ.

وختاما أخي المسلم في دولة الإسلام، فلتحمد الله على هذه النعمة العظيمة الكبيرة أن تعيش في دولة إسلامية تحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتهدم الشرك وتنشر التوحيد، فهي نعمة عظيمة وكبيرة، نسأل أن يرزقنا شكرها، ويستعملنا في مرضاته، والحمد لله رب العالمين.


• مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 12
السنة السابعة - الثلاثاء 24 ربيع الأول 1437 هـ

مقال: العلاقة بين الطواغيت والعلماء القاعدين
...المزيد

طواغيت جدد بلحى طويلة ينسون -الصليبيون والمرتدون- أن الجهاد في شريعة المسلمين ماض ولو تحداه كل ...

طواغيت جدد بلحى طويلة

ينسون -الصليبيون والمرتدون- أن الجهاد في شريعة المسلمين ماض ولو تحداه كل طواغيت العرب والعجم، ولو سعت قوى الكفر لمنعه وهي بالفعل تحاول ذلك منذ بزوغ فجر الإسلام...

فمنذ ذلك الحين، يحاول الكفار وفي إثرهم المنافقون، أن يوقفوا عجلة الجهاد بالمكر والمؤامرات تارة، وبالحروب والتحالفات تارات، وإلى عصرنا هذا تستمر محاولات وتحالفات الجاهلية المعاصرة بجيوشها ومنافقيها، بممارسة نفس الأدوار علّهم يحققون ما عجزت الجاهلية الأولى عن تحقيقه ولكن هيهات، فمن يرد قدر الله تعالى ويتحدى مشيئته؟!

افتتاحية النبأ "صومال الهجرة والجهاد" 476
...المزيد

أولياء الرافضة في فلسطين • هل يرضى العاقلُ أن يصاحبَ ويُؤالفَ مَن يطعن بعرض أمه، ويكيل لها ...

أولياء الرافضة في فلسطين

• هل يرضى العاقلُ أن يصاحبَ ويُؤالفَ مَن يطعن بعرض أمه، ويكيل لها السِباب ليل نهار؟ فكيف يرضى هؤلاء بمُحالفة ومُؤاخاةِ مَن يطعن بعرض أمهات المؤمنين وصحابة خير المرسلين محمدٍ ﷺ؟ كيف يرضى المرء أن يكون في حلف ومحور هؤلاء؟ لو تدبر العاقل هذا الأمر وحده لكان كافيا ليُسارع بالبراءة من هذه الفصائل والمحاور، {وَمَنْ كَانَ فِي هَٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلًا}

* مقتطف من كلمة الشيخ أبي حذيفة الأنصاري حفظه الله (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ)
...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً