حكم أثار الطغاة يقول سبحانه {{ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ ...

حكم أثار الطغاة
يقول سبحانه {{ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (98) لَوْ كَانَ هَؤُلاء آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ }} " الأنبياء , 98-99 "
الآية نزلت لتبين الحكم على المشركين وأصنامهم يوم القيامة وهو جعلهم حصب جهنم أي وقودها فإذا كان الحكم على الأصنام يوم القيامة جعلها وقودا للنار وهي جماد لا ذنب لها في عبادة وتعظيم المشركين لها فهذا يستفاد منه الحكم عليها بالتحطيم والحرق أبدا مثل ما فعل إبراهيم خليل الله مع أصنام المشركين في بابل
{{ فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلاَّ كَبِيرًا لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ }} " الأنبياء , 58 "
جُذَاذًا : أي حطاما
ومثل ما فعل موسى عليه السلام بالعجل الذي عبده بنوا إسرائيل في غيابه ذلك أن موسى عليه السلام ذهب لمناجاة ربه عند جبل الطُّور وترك بني إسرائيل في عهد أخيه النبيء هارون عليه السلام ولم يكن هارون رجلا شديدا ومهابا عند بني إسرائيل مثل موسى عليه السلام فلم يستطع منع بني إسرائيل من عبادة العجل وهو عجل صنعه لهم نحات دجال اسمه السامري من الذهب الذي كان عندهم من كنوز الفراعنة فلما رجع موسى عليه السلام غضب غضبا شديدا مما فعل بنوا إسرائيل وأحرق العجل الذهبي ورماه في البحر وقال وهو يخاطب السامري {{ قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ (95) قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (96) قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّنْ تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (97) إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا (98) " طه "
فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي : أي أنه رأى جبريل عليه السلام فأخذ قبضة من أثره فألقاها على العجل الذي نحته لهم من الذهب وكان


له خوار أي يصدر صوتا مثل صوت العجل بسبب هندسته التي صممها له وليس بسبب قبضة التراب التي أخذها من أثر الرسول ( جبريل عليه السلام ) كما اعتقده بعض المفسرين لأنهم لم يفهموا قصد السامري ب (فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي) فما قصده السامري بذلك هو إقناع بني إسرائيل بعبادة العجل وذكر ذلك لموسى ظنا منه أن ذكره يسقط العقوبة عنه أما ما رواه بعض المفسرين عن مجاهد قوله أن السامري قبضة قبضة من أثر حافر فرس جبريل عليه السلام فألقاها على حلي بني إسرايئل فأنسبك منها عجلا جسدا له خوار فهو قول لا يطابق سنن الله في خلقه فليس من سنن الله أن يجعل أثر رسوله جبريل عليه السلام ملك الوحي فتنة للدجاجلة يفتنون بها عباده فيشركون به .

أَن تَقُولَ لا مِسَاسَ : هو تعبير عن العذاب الذي وعد به موسى عليه السلام السامري والراجح في تفسيره أنه تعبير يقوله من ذاق العذاب في زمانهم مثل الدعوى بالويل والثبور في اللغة العربية .
وعلى دأب إبراهيم وموسى عليهما السلام في تحطيم الأصنام وحرقها دأب رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه رضي الله عنهم فلم يفتحوا بلدا فيه أصنام إلا وحطموها أو أحرقوها كما في فتح مكة ٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- قَالَ: {{ دَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ وَحَوْلَ البيتِ ثَلاَثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ نُصُبًا، فَجَعَلَ يَطْعَنُهَا بِعُودٍ فِي يَدِهِ وَجَعَلَ يَقُولُ : " جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِل ". الآية }}
" الصحيحين"
نُصُبًا : أي أصناما
هذا هو حكم الله وفعل أنبيائه في أصنام المشركين أما ما يدعيه بعض الضالين اليوم من ترك هذه الأصنام وعدم تحطيمها للاستفادة منها في السياحة فهو باطل ينافي ملة إبراهيم عليه السلام في التبرء من المشركين و معبوداتهم {{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ }} " الممتحنة , 4 "
وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا: لقد كان نبي الله إبراهيم عليه السلام عدو للمشركين وأصنامهم فتبرأ منهم وحطم الأصنام وهذا ينافي ما عليه أهل الأثار والسياحة اليوم من الاهتمام بها والاستفادة منها .
وكذلك قولهم أنه لم يعد لهذه الآثار سبب في تحطيمها لعدم وجود أشخاص يعبدونها أو يعظمونها فهو باطل ينافي ما جاء في الكتاب والسنة من استمرار الشرك إلى يوم القيامة فيقول سبحانه {{ حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ (96) وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي



غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ (97) إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (98) }}
" الأنبياء "

يستفاد من الآيات أن عبادة الأصنام ستستمر حتى فتح يأجوج ومأجوج واقتراب الوعد الحق : أي اقتراب يوم القيامة فإذا حصل ذلك أدرك المشركين أنهم كانوا في غفلة وأنهم ظالمين لأنهم أشركوا بالله وقالوا {{ يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِين }} .
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: {{ لا تقوم الساعة حتى تضطرب أَلْيَاتُ نساء دوس على ذي الخَلَصة)) وذو الخلصة طاغية دوس التي كانوا يعبدون في الجاهلية }} " الصحيحين "
معنى الحديث أنه لن تقوم الساعة حتى يرجع الشرك في جزيرة العرب فتطوف قبيلة دوس وهم قبيلة أبي هريرة بصنمهم (ذي الخلصة) فتتحرك ألْيات أي أعجاز نساء دوس من الطواف حوله .
وكذلك قولهم أن الصحابة رضي الله عنهم لم يهدموا آثار الطغاة في مصر والحقيقة غير هذا فالصحابة لما فتحوا مصر لم يبحثوا عن هذه الآثار ولا رأوها فمصر كانت حينئذ دولة للأقباط الدين السائد فيها المسيحية وكان ملكها المقوقس قبل ذلك على صلة طيبة بالرسول صلى الله عليه وسلم أهدى له هدايا منها جارية اسمها مارية القبطية أنجبت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولده إبراهيم فلما فتح الصحابة بلدهم تعاملوا معهم بالمودة وأحكام الإسلام التي تخص أهل الكتاب فما هدموا كنائسهم ولا بحثوا في أرضهم عن الأصنام لأنها ليست من معبوداتهم ولا رأوها فقد كانت مغمورة بالرمال أو ليست على مرأى الناس حتى تم اكتشافها من قبل علماء الآثار والمهتمين بها في العصور الحديثة كتمثال أبي الهول تم اكتشافه عام 1798م ثم أزيلت عنه الرمال عام 1905م بعد أن كان مغطى تماما بها ومعبد سنمبل الذي تم اكتشافه عام 1813م عندما عثر عليه المستشرق السويسري جي أل بورخاردت
.
...المزيد

تفسير سورة الإخلاص بسم الله الرحمن الرحيم قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ ...

تفسير سورة الإخلاص
بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)
هذه سورة الإخلاص يعني الدين : العقيدة الصحيحة وهي سورة مكية نزلت لتكون الفيصل بين المسلمين وجميع المشركين في اعتقادهم بالله لذا فهي تعدل ثلث القرآن [راجع الصحيحين]
وقد ورد في فضلها عدة أحاديث في الصحيحين منها ما رواه البخاري عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، " بَعَثَ رَجُلًا عَلَى سَرِيَّةٍ ، وَكَانَ يَقْرَأُ لِأَصْحَابِهِ فِي صَلَاتِهِمْ فَيَخْتِمُ بِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَلَمَّا رَجَعُواذكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : سَلُوهُ ، لِأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ ؟ فَسَأَلُوهُ ، فَقَالَ : " لِأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ " ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ ." وقد تلخص مضمونها في صفات الله ((قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )): أحد : أي لا شريك له في ربوبيته وألوهيته لا إله سواه أحد في أسمائه وصفاته وتصريفه للكون لا شريك له في ذلك كله وهذه الوحدانية

يثبتها بالأدلة القطعية والبراهين الساطعة فيقول سبحانه ((وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ عِندَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ (19) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ (20) أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِّنَ الأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ (21) لَوْ كَانَ
فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (22) )) الأنبياء الآيات تتضمن أن ملك السموات والأرض ومن فيهما لله وحده لا شريك له ولو كان له شريك فيهما لفسدتا بسبب الاختلاف بين المالكين ثم يبين الله هذا الدليل مفصلا
في آية أخرى ((مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91) )) " المؤمنون ,91"
((اللَّهُ الصَّمَدُ(( : أي المنزه والمعظم عن كل ما يعتري بني أدم من صفات الضعف ( النوم , التعب ,الجوع , الظمأ , الأكل, ألشرب , النعاس ... إلخ ) فهو سبحانه منزه عن كل هذا . ((لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ )) : أي لم يوجد منه ولد ولم يتولد عن شيئ قبله تعالى ربنا علوا كبيرا عن ذلك وقد ظلم النصارى وكفروا حين أدعو أن عيسى عليه السلام ابن الله لذا يقول الله تعالى عنهم ((وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (95) )) "مريم " أما كيف خلق الله المسيح عليه السلام من غير أب وكيف ولد فبينه في سورة مريم وأقام الحجة في سورة آل عمران أن خلق عيسى من غير أب كخلق أدم من تراب لأن العبرة ليست في الأسباب وإنما في قدرة الله التي لا يعجزها شئ إنما يقول لشئ إذا أراده كن فيكون ((إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ )) " آل عمران , 59 " هذه هي عقيدة الإخلاص التي فطر الله عليها خلقه لذا نجد في الحديث الصحيح عن أبي هريرة رصي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ(( " صحيح البخاري " . ((وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ)) : أي ليس له شبيه في صفاته وأسمائه ولا ند في ربوبيته وألوهيته وهو الإله لا إله سواه لا يشبهه أحد من خلقه ولا يشبه أحدا من خلقه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " قَالَ اللَّهُ : كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ ، وَشَتَمَنِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ ، فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ لَنْ يُعِيدَنِي كَمَا
بَدَأَنِي ، وَلَيْسَ أَوَّلُ الْخَلْقِ بِأَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ إِعَادَتِهِ ، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ، وَأَنَا الْأَحَدُ الصَّمَدُ لَمْ أَلِدْ ، وَلَمْ أُولَدْ ، وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفْئًا أَحَدٌ " .. صحيح البخاري
...المزيد

تفسير الآيتين من أخر البقرة آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ ...

تفسير الآيتين من أخر البقرة

آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)

تضمنت الآيات أركان الإيمان وقد ورد في فضلها ما رواه ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((منْ قَرَأَ بالآيتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورةِ البقَرةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ )) "متفقٌ عَلَيْهِ." وقد تضمنت ثلاثة مسائل كبرى في العقيدة :

المسألة الأولى في الإيمان : أن تؤمن بالله : أي توحده توحيد الربوبية ( وهو أن تؤمن بأن الله ربك ورب الخلق جميعا وخالقهم ورازقهم وحده لا شريك له وهو مدبر أمورهم) , وتوحيد الألوهية (وهو أن تعبد الله وحده لا شريك له ولا تعتقد الضر والنفع لأحد سواه ولا تتوسل إليه إلا بأسمائه وصفاته ولا تدعوا أحدا من دونه ولا تعتقد التصرف في الكون لأحد سواه ) وبالملائكة أي بوجودهم وأنهم مخلوقات نورانية لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ((لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ))" التحريم , 6 " فهم مخلوقات خلقوا لعبادة الله وحده وتعظيمه وتقديسه ولكل منهم ما يؤمر به وينفذه بقدر الله من تصريف هذا الكون والله غني عنهم فهو المتصرف وحده في الكون حقيقة وحكما وبالرسل أنهم أرسلوا من عند الله جميعا فبلغوا وصدقوا لا نفرق بينهم في الإيمان وأن نقول (( سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)) : أي أن نكون سامعين لأوامر الله ونواهيه طائعين لها راضين بالعبودية والانقياد له مؤمنين بأن المصير إليه أي مؤمنين باليوم الأخر وقد دل على مضمون هذه المسألة حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين سأل جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ما الإيمان؟ قال ((أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ )) " الصحيحين "
المسألة الثانية أن الله لم يكلفنا فيما شرع لنا فوق طاقتنا وما هو ليس بوسعنا فأوامره ونواهيه التي شرع في طاقة البشر ووسعهم لذا يقول (( لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا )) وهذه الآية تفسرها أية أخرى في سورة الحج ((وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ )) " الحج ,78 " : أي ما جعل عليكم في الدين ( وهو ما شرع ) من حرج : أي تضيق دليل على سماحة شرعة الله ((أَحَبُّ الدِّينِ إلى اللَّهِ الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ )) " صحيح البخاري " .
المسألة الثالثة أن كل نفس لها ما كسبت من الخير وعليها ما اكتسبت من الشر فذلك قوله تعالى ((لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ )) وهذا التفسير يتوافق مع قوله تعالى ((فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8) ))
ثم تختم الآيتين بهذا الدعاء لندعوا به ((رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ))
((وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا )) : الإصر العهد المؤكد الذي يثبط ناقضه عن الخيرات
والثواب قال تعالى ((قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي ))" أل عمران , 81" : أي عهدي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا وَسْوَسَتْ، أَوْ حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ بِهِ أَوْ تَكَلَّمْ)) " الصحيحين " .
...المزيد

آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ ...

آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)

تضمنت الآيات أركان الإيمان وقد ورد في فضلها ما رواه ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((منْ قَرَأَ بالآيتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورةِ البقَرةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ )) "متفقٌ عَلَيْهِ." وقد تضمنت ثلاثة مسائل كبرى في العقيدة :

المسألة الأولى في الإيمان : أن تؤمن بالله : أي توحده توحيد الربوبية ( وهو أن تؤمن بأن الله ربك ورب الخلق جميعا وخالقهم ورازقهم وحده لا شريك له وهو مدبر أمورهم) , وتوحيد الألوهية (وهو أن تعبد الله وحده لا شريك له ولا تعتقد الضر والنفع لأحد سواه ولا تتوسل إليه إلا بأسمائه وصفاته ولا تدعوا أحدا من دونه ولا تعتقد التصرف في الكون لأحد سواه ) وبالملائكة أي بوجودهم وأنهم مخلوقات نورانية لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ((لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ))" التحريم , 6 " فهم مخلوقات خلقوا لعبادة الله وحده وتعظيمه وتقديسه ولكل منهم ما يؤمر به وينفذه بقدر الله من تصريف هذا الكون والله غني عنهم فهو المتصرف وحده في الكون حقيقة وحكما وبالرسل أنهم أرسلوا من عند الله جميعا فبلغوا وصدقوا لا نفرق بينهم في الإيمان وأن نقول (( سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)) : أي أن نكون سامعين لأوامر الله ونواهيه طائعين لها راضين بالعبودية والانقياد له مؤمنين بأن المصير إليه أي مؤمنين باليوم الأخر وقد دل على مضمون هذه المسألة حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين سأل جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ما الإيمان؟ قال ((أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ )) " الصحيحين "
المسألة الثانية أن الله لم يكلفنا فيما شرع لنا فوق طاقتنا وما هو ليس بوسعنا فأوامره ونواهيه التي شرع في طاقة البشر ووسعهم لذا يقول (( لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا )) وهذه الآية تفسرها أية أخرى في سورة الحج ((وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ )) " الحج ,78 " : أي ما جعل عليكم في الدين ( وهو ما شرع ) من حرج : أي تضيق دليل على سماحة شرعة الله ((أَحَبُّ الدِّينِ إلى اللَّهِ الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ )) " صحيح البخاري " .
المسألة الثالثة أن كل نفس لها ما كسبت من الخير وعليها ما اكتسبت من الشر فذلك قوله تعالى ((لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ )) وهذا التفسير يتوافق مع قوله تعالى ((فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8) ))
ثم تختم الآيتين بهذا الدعاء لندعوا به ((رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ))
((وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا )) : الإصر العهد المؤكد الذي يثبط ناقضه عن الخيرات
والثواب قال تعالى ((قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي ))" أل عمران , 81" : أي عهدي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا وَسْوَسَتْ، أَوْ حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ بِهِ أَوْ تَكَلَّمْ)) " الصحيحين " .
...المزيد

تفسير أية الكرسي اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ ...

تفسير أية الكرسي
اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ
التفسير
هذه أية الكرسي أعظم أية في القران كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة منها حديث أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له
{{ يَا أَبَا الْمُنْذِرِ ، أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : يَا أَبَا الْمُنْذِرِ ، " أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ ؟ قَالَ : قُلْتُ " اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ " ، قَالَ : فَضَرَبَ فِي صَدْرِي ، وَقَالَ : وَاللَّهِ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ}} . " صحيح مسلم " وقد دل الحديث على فضل أية الكرسي لما اشتملت عليه من إثبات ربوبية الله وألوهيته وأسمائه وصفاته وتنزيهه عن النقائص وقد اشتملت على عشر جمل مستقلة فقوله ((اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ)) :إخبارا بأنه المنفرد بالألوهية لجميع الخلائق ((الْحَيُّ الْقَيُّومُ)) : أي الحي في نفسه الذي لا يموت أبدا القيوم : أي الدائم الوجود والقائم بأمر خلقه من تصريف ورزق وكل خلقه مفتقر إليه قائم بقدرته لا يستغني عنه لحظة . ((لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ)) : أي لا يعتريه نقص ولا غفلة ولا ذهول عن خلقه فهذه الصفات إنما هي في بني أدم فتعالى الله عنها علوا كبيرا فهو سبحانه لا تأخذه سنة أي نعاس ولا نوم فهو لا ينام أبدا ((ۚ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ)) : إخبار أن الجميع عبيده وملكه وتحت قهره وسلطانه ((مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ )) : وفي هذا رد على المشركين الذين زعموا أن معبوداتهم تشفع لهم عند الله فلا شفاعة لهم لأن الشفاعة لله جميعا وقد حرمها على المشركين فلا يُشفع عنده إلا بإذنه فيكون أول من يؤذن له في الشفاعة هو سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك يوم الحق يوم القيامة ((يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ )): دليل على إحاطة علمه بجميع الكائنات ماضيها وحاضرها ومستقبلها ((وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ )) أي لا يطلع أحد على شيئ من علمه إلا ما أطلعه عليه فالعلم كله عنده سبحانه وما علمنا منذوا خلق السموات والأرض إلى اليوم إلا قليلا من علمه (( وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا)) " الإسراء , 85"
وما نقص الذي علمنا من علمه شيئ ونحن لا نعلم عن الله عن ذاته وصفاته إلا ما علمنا ((وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا )) "سورة طه ,110"
((وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ )) : أي أن كرسيه عظيم الاتساع يسع السموات والأرض فإذا كانت الجنة عرضها السموات والأرض وطولها لا يعلمه إلا الله فما بالك بالكرسي إذا كان عرش الرحمن الذي عليه استوى ((ٰالرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) "سورة طه ,5" هذا هو الراجح لأن الكرسي في اللغة العربية هو العرش ولأن سياق الآية يدل على أن المقصود به هو العرش فقوله سبحانه [وَسِعَ كُرْسِيُّهُ] بإضافة الكرسي إلى الضمير العائد على الله يدل على أن المعظم هو معهود ذهني لدى المخاطب أي يعرفه وهذا إنما ينطبق على العرش ويرى أهل العلم اليوم أن الكرسي موضع القدمين يقول ابن باز في تفسير هذه الآية "الكرسي مخلوق عظيم فوق السماء السابعة غير العرش قال ابن عباس (هو موضع القدمين) :قدمي الرب , وقال بعض أهل العلم إنه العرش لأن العرش يسمى كرسي والمشهور الأول " قلت حديث ابن عباس صححه الحاكم في مستدركه لكنه ليس حجه لأنه موقوف على ابن عباس فلم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومادام لم يرفعه مع عظمة ما فيه من العلم فيحتمل أن يكون أخذه عن أهل الكتاب ولأن طرقه إليه لم تتعدد فلا يكون قطعي الصحة ((ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)) أي لا يثقله لا يشق عليه حفظهما يعني السموات والأرض إنه على كل شيئ قدير وهو العلي العظيم 0
...المزيد

أسباب النصر والتمكين يقول سبحانه {{ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ ...

أسباب النصر والتمكين
يقول سبحانه {{ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ (41) }} " الحج "
يستفاد من الآيتين أن الله ينصر المسلمين ويستخلفهم في الأرض إذا اعتصموا بدينه ونصروه وتوفرت فيهم شروط التمكين :
أولا : أن تكون عقيدتهم صحيحة يعبدون لله وحده لا يشركون به شيئا لقوله سبحانه في سورة النور {{ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا }} " النور , 55 "
ثانيا : أن يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ويؤمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر
وقد رأينا في عصرنا الاستخلاف الذي وعد لله به في عدة بلدان لكن المسلمون أفسدوه بمخالفتهم للسنة وقتالهم بينهم وفشلهم وتنازعهم فحق عليهم قول الله
سبحانه {{ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ }} " آل عمران , 158 " : الآية نزلت بعد غزوة أحد لتبين للمسلمين سبب خسارتهم في الغزوة ذلك أن بعض الرماة خالفوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وفشلوا وتنازعوا في الأمر بعدما رأوا النصر في بداية المعركة ففرحوا به وخالفوا أمر الرسول بالثبات في أماكنهم وذهبوا يجمعون الغنائم ويقول سبحانه مخاطبا لهم في نفس الأمر {{ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }}
" آل عمران , 165 "
هذا ما حصل للصحابة رضي الله عنهم لأنهم خالفوا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم فماذا سيحصل لنا وقد استبحنا دماءنا وقاتلنا بعضنا وأسأنا للإسلام وخالفناه بأعمالنا كقتلنا للأطفال والنساء والذمين والمسالمين وتمثيلنا بالقتلى وكيف نرجوا النصر وفتح دمشق وقتل الطاغية بشار قبل أن نتوب إلى الله من ذالك وماذا نتوقع أن يحصل لنا أقل من الهزائم والخسائر ألا تتجلى لنا حكمة الله في تأجيل النصر الذي نرجوه في بلاد الشام حتى لا تتحول من بلاد الرباط والجهاد والاستشهاد في سبيل الله إلى بلاد الفتنة والمعصية ودخول النار بقتالنا بيننا .


لذا يجب أن نتوب إلى الله من هذا كله وتخشع قلوبنا لذكره يقول سبحانه {{ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ }} " الحديد , 16"
و أن نستعين بأسباب النصر و معية الله : بذكر ه وطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ولابتعاد عن التنازع والخلاف والثبات والصبر عند لقاء العدو يقول سبحانه {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ (45) وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46) }} " الأنفال " .
{{ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ }} : وكفى بالله إذا كنا من الصابرين فلن نهزم أبدا لأن الله معنا وقد وعدنا بإرسال الملائكة لنصرتنا إذا صبرنا واتقينا يقول سبحانه {{ بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126) }} " آل عمران "
وبالإيمان بالله والتوكل عليه يقول سبحانه {{ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }} " آل عمران , 139 " : المؤمنون هم الذين يتصفون بصفات الإيمان المذكورة في قوله سبحانه {{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3) أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4) }} " الأنفال " ويقول سبحانه {{ إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ }} " آل عمران , 160 " وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال {{ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ }} قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا {{ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}} " آ ل عمران , 173 " " صحيح البخاري "
وبتقواهم وخشيتهم لله وإحسانهم في عبادته وعلى خلقه يقول سبحانه {{ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ {{ "النحل ,128 "
وبإعدادهم وتنظيمهم كما أمر الله {{ وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ }} " الأنفال , 60 "
ولعل أنجح أسباب النصر التي ينصر بها المسلمون الدعاء والتضرع إلى الله والإحسان على ضعفاءهم يقول سبحانه {{ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ }} " النمل , 62 "


وعن عبد الله ابن أبي أوفى رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في بعض أيامه التي لقي فيها العدو وانتظر حتى مالت الشمس ثم قام في الناس فقال {{ أَيُّهَا النَّاسُ لاَ تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوْ وَاسْأَلُوا الله الْعَافِيَةَ فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلاَلِ السُّيُّوفِ اللَّهُم مُنَزِّلَ الْكِتَابِ وَمُجْرِيَ السَّحَابِ وَهَازِمِ الْأَحْزَابِ اهُزِمْهُمْ وانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ }} " الصحيحين "
وعن مصعب ابن سعد قال رأى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن له فضلا على من دونه فقال النبي صلى الله عليه وسلم {{ هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلاَّ بِضُعَفَاءِكُمْ }} " صحيح البخاري " .
...المزيد

خلق السموات والأرض (التفسير العلمي للآيات ) يقول الله تعالى {{ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ ...

خلق السموات والأرض (التفسير العلمي للآيات )
يقول الله تعالى {{ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }} " يس , 82 "
هذه عظمة الله وقدرته التي لا يعجزها شئ : أنه سبحانه قال للكون كن فكان على الوجه الذي أراد وقد بين ذلك مفصلا في كتابه وبين أن خلق السموات والأرض كان لحكمة بالغة وهي ابتلاء بني آدم واختبارهم فيقول سبحانه {{ وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً }} " هود , 7 " : يستفاد من الآية أن خلق السموات والأرض تم في ستة أيام وأن خلق العرش قبلهما وأن هذا العرش كان على الماء وهو تصوير في غاية الدقة لحالة الكون آنذاك لا نفهمه الآن لكن بعد تعمق وفهم أكثر لخفايا الكون قد نفهمه مستقبلا ولكن نفهم في الوقت الحاضر من الآية أن السموات والأرض التي خلقت حينئذ هي أرضنا وغلافها الجوي بطبقاته السبع :( السموات السبع ) فخلقهما ضروري لحياتنا ومرتبط بها فلعل هذا هو المقصود بقوله تعالى في الآية {{ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً }} : أي أن خلقهما لاختبارنا يدل على ارتباطهما بحياتنا وكونه ضروري لها وهو ما ينطبق علي الأرض وغلافها الجوي بطبقاته السبع ولا
ينطبق على افتراض أن السموات المذكورة في الآية هي الكون . ومما لا شك فيه أن السماء والسموات بلغة العرب الذين نزل بلغتهم القرآن تطلقان على كل ما هو فوق الأرض وجبالها ابتداءا من الغلاف الجوي إلى حافة الكون .
ولذا نجد في القرآن بعض الآيات التي جاء فيها ذكر السماء يقصد بها الكون كقوله تعالى {{ تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُّنِيرًا }}
" الفرقان , 61 " :
البروج في اللغة هي الأبنية الضخمة والمرتفعة وهي في الكون التجمعات المجرية الضخمة والهائلة العدد وما يعرف بأعمدة الكون وهي أعمدة بعيدة عنا في المجرة شديدة الضخامة والإرتفاع إذ يقدر إرتفاع وضخامة الواحد منها بنظامنا الشمسي كله .
وكقوله تعالى {{ وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ }} " الذاريات , 47 " : الآية تثبت ما يعرف عند العلماء بتوسع أو تمدد الكون .
ونجد بعض الآيات التي جاء فيها ذكر السماء يقصد بها الغلاف الجوي بطبقاته السبع كقوله تعالى {{ وَالسَّمَاء ذَاتِ الرَّجْعِ }} " الطارق , 11 "
الرجع : هو الإرجاع للمطر باتجاه الأرض وإرجاع الأشعة الضارة بعيدا عنها وهو خاصية جعلها الله في طبقات الغلاف الجوي .
وكقوله تعالى {{ أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (16) }} " نوح , 15 , 16 " : لآيات تنطبق على الغلاف الجوي للأرض وما جعل الله فيه من خواص ككونه سبع طبقات بعضها فوق بعض وكونه يشع ضوء الشمس ونور القمر فنراهما فيه سراجا وقمرا منيرا .
وكقوله تعالى {{ قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ (10) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12) }} " فصلات , 9 إلى 12 " : الآيات تشرح خلق الأرض وغلافها الجوي ذوا السبع طبقات في ستة أيام وتبين أن خلق الأرض تم في يومين و أن الله جعل فيها
رواسي من فوقها ( جبالا تثبها ) وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام (الأقوات : هي كل ما في الأرض غير تربتها وجبالها ) قد يخطر لمن ليس له دراية بالتفسير أن خلق الأرض وجبالها والمباركة وتقدير الأقوات فيها تم في ستة أيام ثم خلقت السموات ( الغلاف الجوي بطبقاته السبع ) في يومين فيكون المجموع ثمانية أيام وهذا ممتنع لأن الله ذكر في آيات كثيرة أن خلقهما كان في ستة أيام منها قوله تعالى
{{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ }} .
" ق , 38 "
أما كيف يكون مجموع ذلك ستة أيام فيستفاد من قوله تعالى {{ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }}
" البقرة , 29 " : يستفاد من الآية أن خلق السماوات تم بعد خلق الأرض وما فيها جميعا ونحن نعلم أن السموات خلقت في اليومين الأخيرين من الأيام الستة فيكون خلق الأرض وما فيها جميعا تم في الأيام الأربعة الأولى أي أن خلق الجبال والمباركة وتقدير الأقوات في الأرض كان في هذه الأيام واشترك مع خلق الأرض في اليومين الأولين وأكمل بعد خلقها يومين فيكون المجموع أربعة أيام ولفهم أكثر لهذا نطرح فرضية توافق القرءان ولا تعارض العلم هي أن خلق طبقات الأرض الستة غير الطبقة الأولى تم في اليومين الأولين أما الطبقة الأولى من الأرض التي تعرف بالقشرة الأرضية وهي التي فيها الجبال والمباركة وتقدير الأقوات من الماء والشجر والنبات والدواب فبدأ خلقها مع خلق الطبقات الستة ولم يكمل إلا بعد تمام أربعة أيام وعلينا أن نفهم من هذا أن البحار والأنهار والأشجار والنباتات والدواب كلها لم تنشأ في هذه الأيام وإنما قدرت : ( خلق أصلها ) . فلما تم خلق الأرض وما فيها جميعا في أربعة أيام استوى الله إلى السماء أي غلاف الأرض الجوي وهو عبارة عن دخان فجعل منه سبع طبقات ( سبع سموات ) في يومين {{ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ }} : " وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا " : أي جعل في كل طبقة ما تختص به من حفظ لأرض وساكنها أو ما يحتاجانه من الرجع وإشعاع الضوء وجعل في كل سماء ملا ئكتها يسبحون الله الليل والنهار لا يفترون . " وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا " : أي جعل الله المصابيح تزين السماء الدنيا وحفظا من الجن
يقذف بها من أراد استراق السمع منهم يقول سبحانه {{ إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ (7) لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلإٍ الأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (10) }} " الصافات " : يستفاد من الآية أن الكواكب أي النجوم تزين السماء الدنيا ولهذا يرى جمهور أهل العلم اليوم أن طبقات الغلاف الجوي لا يمكن أن تكون السموات السبع لأنها لا تحوي النجوم التي هي زينة السماء الدنيا وقد كنت متمسكا بهذا عاضا عليه حتى ظهر لي أن اعتبار طبقات الغلاف الجوي هي
السموات السبع لا يعارض القرآن بل يوافقه في كثير من الآيات ولا يعارضه في آية واحدة ذلك أن قوله تعالى {{ وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا }} : لا يعني
بالضرورة أن تكون هذه المصابيح في السماء الدنيا فهي زينتها مع أنها خارجها فلو قال جعل فيها أو خلق فيها المصابيح لكان لازما فهم أنها فيها ولكن قال أنه زينها بها ثم أوضح هذا المعني في قوله {{ إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ }} : أي جعل زينة الكواكب ( النجوم ) زينة للسماء الدنيا يعني طبقة الغلاف الجوي الدنيا وهذه المصابيح التي هي زينة السماء الدنيا جعلها الله رجوما للشياطين تقذف بها
{{ وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ }} " الملك , 5 " فهل المقصود أن النجوم بعينها راجمات للشياطين أم أن منها ما هو كذلك كالشهب أما الأول فهو مستبعد وذلك لبعد هذه النجوم وكونها خارج أقطار الأرض وغلافها الجوي والثاني محتمل لتوافقه مع الآيات السابقة من الصافات وقد يكون المقصود أن في الغلاف الجوي خواص تجعله يحوي شعاع هذه النجوم فنراها زينة لطبقته الدنيا ثم يشعها بأمر الله على من أراد الصعود من الشياطين واستراق السمع إلى الملإ الأعلى وهل تلك الخواص هي مواقع النجوم التي أقسم الله بها في قوله {{ فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ }} " الواقعة , 75 " ؟ العلم والعلماء لا يملكون إجابة على هذ السؤال اليوم ولكن قد يملكون الإجابة عليه في المستقبل خاصة إذا اهتم به علماء الإسلام وكانت لهم وكالة فضاء دولية مثل وكالة ناسا .
ومن الآيات التي يستدل بها العلماء على أن السموات السبع ليست الغلاف الجوي بطبقاته السبع قوله تعالى {{ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانفُذُوا لا تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ (33) فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (34)

يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنتَصِرَانِ (35) }} " الرحمن " فيقولون أن السموات تقع فوق الكون محيطة به على بعد عشرات المليارات من السنين الضوئية فلهذا لا يمكن لأحد من الإنس والجن الوصول إليها لبعدها مما يعني استحالة النفاذ منها وأن هذا هو الإعجاز في الآية وقد كنت أقول بهذا حتى تبين لي أن الإعجاز في الآية أقرب من ذلك فهي إخبار من علام الغيوب بحالة عصرنا وما وصل إليه من تقدم علمي وزهو فنجد فيها إشارة إلى قدرة البشر أنها ستضاهي قدرة الجن في العروج إلى السموات ثم فيها إشارة إلى إمكانية وصولهم إلى السموات ثم يمنعون بإرسال شواظ من النار والنحاس {{ يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنتَصِرَانِ }} ثم فيها إشارة إلى اتصال أقطار السموات والأرض وهذا ما ينطبق
على الأرض وغلافها الجوي فالآية تنطبق على الغلاف الجوي بطبقاته السبع وما يحدث لمن يريد النفاذ خارجه يوم القيامة فهي تصور ما يحدث للإنس والجن يومئذ من محاولة النفاذ من الغلاف الجوى للأرض والسفر لكواكب أخرى فيمنعون بإرسال قطع من النار والنحاس عليهم ثم إنها تصور بعض ما يحدث لهم لآن
فمن المعلوم المؤكد عند العلماء أن النفاذ من الغلاف الجوي يعرض رواد الفضاء للرياح الشمسيه وأن عددا لا يحصى من الشهب يحترق يوميا في الغلاف الجوي وهذا يوافق قوله تعالى {{ يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنتَصِرَانِ }}
ترسل الرياح الشمسية على البشر فلا ينتصرون وترسل الشهب على الجن فلا ينتصرون : أي لا يستطيعون النفاذ أما ما تدعيه الولايات المتحدة الأمريكية من إرسال رواد فضاء إلى القمر فالراجح أنه مجرد إدعاء ولو سلمنا بصحته فهو لا يعارض لآية لأنها تصور أحداث يوم القيامة أن الأنس والجن لن يستطيعوا النفاذ من أقطار الأرض وغلافها الجوي يومئذ ثم إن ما أدعته الولايات المتحدة الأمريكية من إرسال رواد الفضاء إلى القمر كان أمرا نادرا وقد أشارت الآية إلى أنه قد يسمح لمثله بالنفاذ {{ لا تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ }} : السلطان المقصود هنا هو سلطان الله وتسخيره وذلك لحكمة بالغة يعلمها سبحانه منها ما رأينا من السماح لأجهزتهم بالنفاذ وذلك لتصوير عظمة الله وإبداعه في الكون وإظهار معجزات القرآن للمسلمين فيزدادون إيمانا ويكون ما يصورون حجة عليهم لأنه شهادة للقرآن بأنه كلام الخالق سبحانه شهادة هم من صوروها ورأوها فلو كان المسلمون هم الذين اكتشفوا أغوار الكون ومعجزات القرآن في تصوير ذلك ثم أوقفوهم عليها لقالوا إن المسلمين يكذبون ليوافقوا كتابهم المقدس ولكن شاء الله أنهم هم من يصورون ويكتشفون فإذا اكتشفوا أو صوروا آية تدل على عظمة الله وإبداعه في الكون نجد ذكرها في القرآن وأمثلة ذلك كثيرة نذكر منها ما خاطبهم الله تعالى به في شأن خلق السموات والأرض وأنهم سيرونه ويكتشفونه وأنه دليل على صدق رسالة الإسلام وتأيدي الله لها فيقول
سبحانه مخاطبا لهم {{ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ (30) وَجَعَلْنَا فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (31) وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا مَّحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (32 }} " الأنبياء 30 إلى 32 " الآيات كلها إعجاز فكون السموات والأرض كانتا رتقا أي كتلة واحدة ففتقهما الله أي جعلهما تنفصلان واكتشاف الكافرين لذلك كما أشار القرآن دليل على أنه كلام الله علام الغيوب الذي أحاط بكل شئ علما ومن الإعجاز في الآية أن السموات هنا تنطبق علي الكون وتنطبق علي الغلاف الجوي بطبقاته السبع فكلاهما كان رتقا مع الأرض ثم
أنفصل عنها و اكتشافهم أن الماء أساس الحياة على الأرض واكتشافهم أن الجبال
رواسي للأرض تثبتها من الإضطراب وتباعد الصفحات التكتونية وارتطامها كما تثبت الأوتاد الخيمة واكتشافهم أن السماء سقفا محفوظا والمقصود بها الغلاف الجوي بطبقاته السبع فهو سقف محفوظ من اختراق الجن والأشعة الضارة والرياح الشمسية وهوسقف يحفظ الأرض وساكنها من ذلك ومن أعظم أوجه الإعجاز في الآية إخبارها أن الكفار سيرون ذلك ثم يعرضون عنه وهو ما حصل في عصرنا .
وقد ورد في خلق السموات والأرض عشرات الآيات غير التي ذكرنا كل آية منها معجزة بحد ذاتها لا نستطيع تفسيرها كلها إلا إذا خصصنا لها كتابا ووردت عدة أحاديث صحيحة نذكر منها حديثين :
الأول جاء في صحيح البخاري عن عمران ابن الحصين رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال {{ كانَ اللَّهُ ولَمْ يَكُنْ شيءٌ غَيْرُهُ، وكانَ عَرْشُهُ علَى المَاءِ، وكَتَبَ في الذِّكْرِ كُلَّ شيءٍ، وخَلَقَ السَّمَوَاتِ والأرْضَ }} : الحديث صحيح يتوافق معناه مع الآيات السابقة و نستفيد منه عدة أسئلة هل ذلك الماء الذي كان تحت العرش هو أصل الكون مع العلم أن أصل الجميع العدم ؟ وما علاقته بقول الله تعالى {{ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ }} ؟ وهل العرش هو سقف الكون : أما السؤالين الأولين فلا أحد يملك الإجابة عليهما وأما كون العرش سقف الكون فدل عليه حديث أَبِي ذَرّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ الذي دل على أن فلك الشمس تحت العرش وفلك الشمس مثل فلك كل النجوم قَالَ {{ كُنْت مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِد عِنْد غُرُوب الشَّمْس فَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَا أَبَا ذَرّ أَتَدْرِي أَيْنَ تَغْرُب الشَّمْس؟" قُلْت اللَّه وَرَسُوله أَعْلَم قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَإِنَّهَا تَذْهَب حَتَّى تَسْجُد تَحْت
الْعَرْش فَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: "وَالشَّمْس تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِير الْعَزِيز الْعَلِيم" }}
" صحيح البخاري " : الفهم الصحيح الذي يتوافق مع نص الآية لهذا الحديث أن الشمس تجري في فلكها نحو مستقرها تحت العرش تسجد لله وتسبح بحمده فيؤذن لها بالطلوع كل يوم حتي تبلغ المستقر الذي ستستقر فيه حينها ستغرب فيه الغروب الأكبر وهو الغروب لمقصود في الحديث ثم تطلب الإذن فيقال لها إرجعي من حيث جئت فتطلع على الناس من مغربها دل على هذا رواية أخرى للحديث في الصحيحين جاء فيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر {{ أَتَدْرِي أَيْنَ تَذْهَب ؟ قُلْت اللَّه وَرَسُوله أَعْلَم قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَإِنَّهَا تَذْهَب حَتَّى تَسْجُد تَحْت الْعَرْش فَتَسْتَأْذِن فَيُؤْذَن لَهَا وَيُوشِك أَنْ تَسْجُد فَلَا يُقْبَل مِنْهَا وَتَسْتَأْذِن فَلَا
يُؤْذَن لَهَا وَيُقَال لَهَا اِرْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْت فَتَطْلُع مِنْ مَغْرِبهَا فَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى :
" وَالشَّمْس تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِير الْعَزِيز الْعَلِيمِ . {{ "
الثاني عن أَبي بَكْرَةَ نُفَيْعِ بنِ الحارثِ عن النَّبيِّ ﷺ قَالَ: إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّه السَّماواتِ والأَرْضَ: السَّنةُ اثْنَا عَشَر شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُم: ثَلاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقعْدة، وَذو الْحجَّةِ، والْمُحرَّمُ، وَرجُب مُضَر الَّذِي بَيْنَ جُمادَى وَشَعْبَانَ ... " الصحيحين " : يستفاد من الحديث أن لأصل في حساب الزمن حساب لدوران لجرم ما وفي هذا إشارة صريحة إلى ما توصل له العلماء اليوم من حساب للزمن بإكمال دورتي الأرض والقمر ولكن ما قصده النبي صلى الله عليه وسلم من استدارة الزمن عام حجة الوداع فلا أحد يعلمه إلا الله ومع تقدم العلم واهتمام علماء المسلمين بالإجابة عليه قد نتمكن من الإجابة عليه في المستقبل .
...المزيد

عقيدة الولاء والبراء دليل الإيمان الولاء هو حب الله ورسوله وطاعتهما والتضحية بالغالي والنفيس في ...

عقيدة الولاء والبراء دليل الإيمان
الولاء هو حب الله ورسوله وطاعتهما والتضحية بالغالي والنفيس في سبيل ذلك وموالاة ونصرة من يواليهما وينصر دينهما
يقول الله تعالى {{ قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ }} "التوبة 24 " : يستفاد من الآية أن الجهاد في سبيل الله والتضحية بكل ما يحب المرؤ من الأهل والمال في سبيل ذلك توكلا على الله هما دليل الولاء الله ورسوله والإيمان بهما وأن من كان أهله أو ماله أحب إليه من الله ورسوله والجهاد في سبيله فهو من الفاسقين ويقول سبجانه {{ لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }} " المجادلة , 22 " يستفاد من الآية أن الولاء لمن حارب الله ورسوله ولو كانوا أولي قربى دليل النفاق وأن حزب الله هم من يوالون الله ورسوله ولا يوالون من حاربهما ولو كانوا أولي قربي



وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {{ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ }}" الصحيحين "
والبراؤ : هو التبرؤ من المشركين ومعبوداتهم ومعاداتهم ومحاربتهم في سبيل الله لأن الله بريء منهم وحرم موالتهم حتى وإن كانوا أولي قربى فيقول سبحانه {{وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ }}
" التوبة , 3 " ويقول سبحانه {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء إَنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }}"التوبة ,23 "
ويقول سبحانه {{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ }} " الممتحنة , 4 " .
...المزيد

الحكم بالكتاب والسنة شرط الإيمان يقول الله تعالى {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ ...

الحكم بالكتاب والسنة شرط الإيمان
يقول الله تعالى {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }} " النساء ,59 "
يستفاد من الآية أنه يجب على المسلمين الاحتكام إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في كل ما يتنازعون فيه وأن ذلك دليل الإيمان بالله واليوم الأخر ويقول سبحانه {{ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِينًا }} " الأحزاب ,36 "
يستفاد من الآية أنه يجب على المسلمين طاعة الله ورسوله وتنفيذ كل حكم في الكتاب والسنة وأن من عصى أمرا من ذلك فقد ضل ضلالا مبينا وفي هذا دليل على أن المتأولين من المسلمين في تأجيل تنفيذ الأحكام الشرعية دون تغيرها لا يحكم عليهم بالكفر إنما يحكم عليهم بالضلال المبين ويُدعون بالموعظة الحسنة من الكتاب والسنة حتى يتوبوا إلى الله أما إذا غيروا الأحكام أو أتو بقوانين وضعية و أحلوها بدل الحكم بالكتاب والسنة فيحكم عليهم بالردة والكفر لأنهم فعلوا فعل اليهود في أجكام شريعة الله التي كانت عندهم ولذلك قال لله عنهم {{ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ }} " المائدة , 44 "

الآية نزلت قطعا في اليهود لأن السياق الذي وردت فيه يدل على ذلك فالآيات قبلها وبعدها عن اليهود ولأنهم هم من غير شرع الله الذي كان عندهم ولم يحكموا به كله فحكموا ببعضه وتركوا بعضه فأنزل الله فيهم أيضا قوله سبحانه {{ وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }} " البقرة , 85 " : يقول الحافظ ابن كثير عند تفسير هذه الآية { قال محمد بن إسحاق بن يسار : حدثني محمد بن أبي محمد ، عن سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس {ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم { الآية ، قال أنبهم الله من فعلهم ، وقد حرم عليهم في التوراة سفك دمائهم وافترض عليهم فيها فداء أسراهم ، فكانوا فريقين : طائفة منهم بنو قينقاع وإنهم حلفاء الخزرج ، والنضير ، وقريظة وإنهم حلفاء الأوس ، فكانوا إذا كانت بين الأوس والخزرج حرب خرجت بنو قينقاع مع الخزرج ، وخرجت النضير وقريظة مع الأوس ، يظاهر كل واحد من الفريقين حلفاءه على إخوانه ، حتى يتسافكوا دماءهم بينهم ، وبأيديهم التوراة يعرفون فيها ما عليهم وما لهم . والأوس والخزرج أهل شرك يعبدون الأوثان ، ولا يعرفون جنة ولا نارا ، ولا بعثا ولا قيامة ، ولا كتابا ، ولا حلالا ولا حراما ، فإذا وضعت الحرب أوزارها افتدوا أسراهم ، تصديقا لما في التوراة ، وأخذا به ; بعضهم من بعض ، يفتدي بنو قينقاع ما كان من أسراهم في أيدي الأوس ، ويفتدي النضير وقريظة ما كان في أيدي الخزرج منهم ، ويطلبون ما أصابوا من دمائهم وقتلى من قتلوا منهم فيما بينهم ، مظاهرة لأهل الشرك عليهم . يقول الله تعالى ذكره حيث أنبهم بذلك{ أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض} أي : يفاديه بحكم التوراة ويقتله ، وفي حكم التوراة ألا يفعل ، ولا يخرج من داره ، ولا يظاهر عليه من يشرك بالله ، ويعبد الأوثان من دونه ، ابتغاء عرض الدنيا . ففي ذلك من فعلهم مع الأوس والخزرج فيما بلغني نزلت هذه القصة .}
روي مالك في موطئه عن نافع عن عبد الله ابن عمر أن اليهود جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له أن رجلا منهم وامرأة زنيا فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تجدون في التوراة في شأن الرجم فقالوا نفضحهم ويجلدون قال عبد الله بن سلام كذبتم إن فيها الرجم فأتوا بالتوراة فنشروها فوضع أحدهم يده على آية الرجم فقرأ ما قبلها وما بعدها فقال له عبد الله بن سلام ارفع يدك فرفع يده فإذا فيها آية الرجم قالوا صدق يا محمد فيها آية الرجم فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما فرأيت الرجل يحني على المرأة يقيها الحجارة " أخرجاه في الصحيحين "

هذا الحديث يبين صورة من كفر اليهود وهي إنكارهم لأحكام الله وتبديلها ولذا فمن أصاب شيئا من ذلك فلا شك في كفره ومن لم يرضى بحكم الله وقضاء رسوله لا يكون مؤمنا لقوله سبحانه {{ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا}} " النساء , 65 " ونجيب على سؤال متعلق بهذا وهو حكم المحاماة في الشرع فنقول ببدعتها ومخالفتها له لقوله سبحانه {{ إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا }} " النساء , 105 "
وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا : أي لا تكن لهم معينا أو مجادلا عنهم وهذا يدل على بطلان وظيفة المحاماة التي لا تفرق بين الجدال عن المجرم والبرئ ولا الوقوف أمام قاض يقضي بشرع الله أو غيره فيقول سبحانه استنكار للجدال عن المجرم {{ هَاأَنتُمْ هَـؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً }} " النساء , 109 " .
...المزيد

الحكم بالكتاب والسنة شرط الإيمان يقول الله تعالى {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ ...

الحكم بالكتاب والسنة شرط الإيمان
يقول الله تعالى {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }} " النساء ,59 "
يستفاد من الآية أنه يجب على المسلمين الاحتكام إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في كل ما يتنازعون فيه وأن ذلك دليل الإيمان بالله واليوم الأخر ويقول سبحانه {{ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِينًا }} " الأحزاب ,36 "
يستفاد من الآية أنه يجب على المسلمين طاعة الله ورسوله وتنفيذ كل حكم في الكتاب والسنة وأن من عصى أمرا من ذلك فقد ضل ضلالا مبينا وفي هذا دليل على أن المتأولين من المسلمين في تأجيل تنفيذ الأحكام الشرعية دون تغيرها لا يحكم عليهم بالكفر إنما يحكم عليهم بالضلال المبين ويُدعون بالموعظة الحسنة من الكتاب والسنة حتى يتوبوا إلى الله أما إذا غيروا الأحكام أو أتو بقوانين وضعية و أحلوها بدل الحكم بالكتاب والسنة فيحكم عليهم بالردة والكفر لأنهم فعلوا فعل اليهود في أجكام شريعة الله التي كانت عندهم ولذلك قال لله عنهم {{ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ }} " المائدة , 44 "

الآية نزلت قطعا في اليهود لأن السياق الذي وردت فيه يدل على ذلك فالآيات قبلها وبعدها عن اليهود ولأنهم هم من غير شرع الله الذي كان عندهم ولم يحكموا به كله فحكموا ببعضه وتركوا بعضه فأنزل الله فيهم أيضا قوله سبحانه {{ وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }} " البقرة , 85 " : يقول الحافظ ابن كثير عند تفسير هذه الآية { قال محمد بن إسحاق بن يسار : حدثني محمد بن أبي محمد ، عن سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس {ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم { الآية ، قال أنبهم الله من فعلهم ، وقد حرم عليهم في التوراة سفك دمائهم وافترض عليهم فيها فداء أسراهم ، فكانوا فريقين : طائفة منهم بنو قينقاع وإنهم حلفاء الخزرج ، والنضير ، وقريظة وإنهم حلفاء الأوس ، فكانوا إذا كانت بين الأوس والخزرج حرب خرجت بنو قينقاع مع الخزرج ، وخرجت النضير وقريظة مع الأوس ، يظاهر كل واحد من الفريقين حلفاءه على إخوانه ، حتى يتسافكوا دماءهم بينهم ، وبأيديهم التوراة يعرفون فيها ما عليهم وما لهم . والأوس والخزرج أهل شرك يعبدون الأوثان ، ولا يعرفون جنة ولا نارا ، ولا بعثا ولا قيامة ، ولا كتابا ، ولا حلالا ولا حراما ، فإذا وضعت الحرب أوزارها افتدوا أسراهم ، تصديقا لما في التوراة ، وأخذا به ; بعضهم من بعض ، يفتدي بنو قينقاع ما كان من أسراهم في أيدي الأوس ، ويفتدي النضير وقريظة ما كان في أيدي الخزرج منهم ، ويطلبون ما أصابوا من دمائهم وقتلى من قتلوا منهم فيما بينهم ، مظاهرة لأهل الشرك عليهم . يقول الله تعالى ذكره حيث أنبهم بذلك{ أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض} أي : يفاديه بحكم التوراة ويقتله ، وفي حكم التوراة ألا يفعل ، ولا يخرج من داره ، ولا يظاهر عليه من يشرك بالله ، ويعبد الأوثان من دونه ، ابتغاء عرض الدنيا . ففي ذلك من فعلهم مع الأوس والخزرج فيما بلغني نزلت هذه القصة .}
روي مالك في موطئه عن نافع عن عبد الله ابن عمر أن اليهود جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له أن رجلا منهم وامرأة زنيا فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تجدون في التوراة في شأن الرجم فقالوا نفضحهم ويجلدون قال عبد الله بن سلام كذبتم إن فيها الرجم فأتوا بالتوراة فنشروها فوضع أحدهم يده على آية الرجم فقرأ ما قبلها وما بعدها فقال له عبد الله بن سلام ارفع يدك فرفع يده فإذا فيها آية الرجم قالوا صدق يا محمد فيها آية الرجم فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما فرأيت الرجل يحني على المرأة يقيها الحجارة " أخرجاه في الصحيحين "

هذا الحديث يبين صورة من كفر اليهود وهي إنكارهم لأحكام الله وتبديلها ولذا فمن أصاب شيئا من ذلك فلا شك في كفره ومن لم يرضى بحكم الله وقضاء رسوله لا يكون مؤمنا لقوله سبحانه {{ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا}} " النساء , 65 " ونجيب على سؤال متعلق بهذا وهو حكم المحاماة في الشرع فنقول ببدعتها ومخالفتها له لقوله سبحانه {{ إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا }} " النساء , 105 "
وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا : أي لا تكن لهم معينا أو مجادلا عنهم وهذا يدل على بطلان وظيفة المحاماة التي لا تفرق بين الجدال عن المجرم والبرئ ولا الوقوف أمام قاض يقضي بشرع الله أو غيره فيقول سبحانه استنكار للجدال عن المجرم {{ هَاأَنتُمْ هَـؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً }} " النساء , 109 " .
...المزيد

الجنة والنار يقول سبحانه {{ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ ...

الجنة والنار
يقول سبحانه {{ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ (30) وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ (33) ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34) لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35) }} " ق "
وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِين : أي قربت لهم ثم يقال لهم {{ ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ}} فيدخلون جنة عرضها السموات والأرض {{ وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ }} " أل عمران , 133 "
أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ : أي أنها معدودة الآن وجاهزة لهم فوق السموات السبع عند سدرة المنتهى {{ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) " النجم " فلما يدخلونها يجدون فيها ما يشاءون من النعيم بل يزادون بما هوأكبر من ذلك رضوان الله ورؤيته {{ لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ }} وقد فصل القرآن في وصف نعيمها وجاء فيه كل صور النعيم التي يتمناها الإنسان من ذلك قوله سبحانه {{ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46) فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (47) ذَوَاتَا أَفْنَانٍ (48) فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (49) فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ (50) فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (51) فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ (52) فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (53) مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ (54) فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (55) فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (56) فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (57) كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (58) }}"الرحمن "
بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ : أي من حرير الجنة
وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ : أي أن ثمار الجنة وفواكهها قريبة من المتكئ على فرش الحرير تلك فيسهل عليه اقتطافها دون بذل مجهود فالجنى هو ما يقتطف من الثمار ودان بمعني قريب يسهل اقتطافه فالآيات تصور صور من النعيم لا يوجد مثلها عند أنعم المنعمين في الدنيا إنها جنان النعيم المعدودة في الجنة لكل من خاف مقام ربه فتكون له تلك الجنتان يتنعم بنعيمهما ويتنعم بما في الجنة من النعيم تشهيه النفس ويعجز عن تخيله الإنسان فأزواجهم الحور العين كأنهن الياقوت والمرجان لجمالهن وندرته فهن شديدات البياض والجمال أبكار قاصرات على أزواجهن لا ينظرن لغيرهم من الرجال {{ وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ }}
" الصافات , 48-49 " : يرى مخ سيقانهن من وراء اللحم والعظم من شدة الحسن والجمال كما في الصحيحين عن أبي هريرة
أنيتهم الذهب والفضة {{ يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }} " الزخرف 71 " , {{ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ (17) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِين{{ " الواقعة , 18 "
مِّن مَّعِين : من فضة
خدمهم غلمان مخلدون شديدو الحسن والجمال {{ وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ }} " الطور , 24 "
أكلهم أنواع ما تشتهي الأنفس من اللحوم المشوية والفواكه اللذيدة {{ وَأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ }} " الطور , 22 "
شربهم أنواع ما تشتهي الأنفس من المشروبات {{ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ }} " محمد , 15 "
لباسهم أنواع الحرير الجيد ( السندس والاستبرق ) {{ عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا }} " الإنسان , 21 "
سياحتهم يتبوءون من الجنة حيث شاءوا {{ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ }} " الزمر ,74 "
مساكنهم غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار {{ لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ }} " الزمر , 20 " : من أجل فهم الآية تخيل أن ترى قصرا شامخا وطويلا من عدة طوابق وهذا القصر تجري من تحته الأنهار وله جنتان فيهما أنواع الثمرات والفواكه وسبل الراحة والنعيم من الأسِرَّة وحور العين والخدم يحملون صحاف من الذهب مملوءة بما تشتهي الأنفس من اللحوم والمأكولات وأباريق وأكواب وكؤوس من أنواع المشروبات وكل ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين من النعيم .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {{ إنّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أَشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إضَاءَةً، لا يَبُولُونَ، وَلا يَتَغَوَّطُونَ، وَلا يَتْفِلُونَ، وَلا يَمْتَخِطُونَ، أَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ، وَرَشْحُهُمُ المِسْكُ، وَمَجَامِرُهُمُ الألُوَّةُ، وَأَزْوَاجُهُمُ الحُورُ العِينُ، عَلَى خَلْقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، عَلَى صُورَةِ أَبِيْهِمْ آدَمَ سِتُّونَ ذِرَاعاً فِي السَّمَاء }} " متفق عليه"
وَرَشْحُهُمُ المِسْكُ : أي عرقهم مثل رائحة المسك
وَمَجَامِرُهُمُ الألُوَّةُ : المجامر هي المواقد الصغيرة التي يوقد عليها عود الطيب
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه- قال: {{ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «قال الله -تعالى-: أَعْدَدْتُ لعِبَادي الصَّالحين ما لا عَيْنٌ رأَت، ولا أُذُنٌ سَمِعَت، ولا خَطَر على قَلب بَشَر، واقْرَؤُوا إن شِئْتُمْ: (فلا تَعلم نفس ما أُخْفِي لهم من قُرَّة أَعْيُنِ جَزَاءاً بما كانوا يعملون}} " الصحيحين "
لهم الأمان التام من كل ما يخافه الإنسان من الفناء والمرض والبؤس والشيخوخة
عنْ أَبِي سعِيدٍ وأَبي هُريْرةَ رضِي اللَّه عنْهُما أَنَّ رسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَال: {{ إِذَا دخَلَ أَهْلُ الْجنَّةِ الجنَّةَ يُنَادِي مُنَادٍ: إِنَّ لَكُمْ أَنْ تَحْيَوْا، فَلا تَمُوتُوا أَبداً وإِنَّ لكُمْ أَنْ تَصِحُّوا، فَلاَ تَسْقَمُوا أَبداً، وإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَشِبُّوا فَلا تهْرَمُوا أَبداً وإِنَّ لَكُمْ أَن تَنْعمُوا، فَلا تَبْأسُوا أَبَداً }} " رواهُ مسلم "
وأفضل ما يرون من النعيم والكرامة هو رؤية الله تعالى ورضوانه {{ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23) }} " القيامة "
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَال }} إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ ، فَيَقُولُونَ : لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ ، فَيَقُولُ : هَلْ رَضِيتُمْ ؟ ، فَيَقُولُونَ : وَمَا لَنَا لَا نَرْضَى يَا رَبِّ وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ ، فَيَقُولُ : أَلَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ ؟ ، فَيَقُولُونَ : يَا رَبِّ وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ ، فَيَقُولُ : أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي فَلَا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا }} " الصحيحين "
إن الآيات والأحاديث في وصف الجنة ونعيمها أكثر من أن نحصرها هنا وأما عذاب أهل النار فنكتفي بذكر آيات معدودة في شأنه فيها من التخويف والعذاب ما يكفي للعبرة والاتعاظ يقول سبحانه {{ هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20) وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21) كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (22) " الحج "

ويقول سبحانه {{ وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23) يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24) فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (25) وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ (26) }} " الفجر "
في هذه الآيات صفة جهنم وعذاب من يدخلها من كفرة الإنس والجن فلا تمتلأ وتطلب المزيد{{ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ }} وتظل تطلب المزيد حتى يضع الله فيها قدمه فتمتلئ حتى تصدر أصواتا فتقول قَطِ : أي أكتفيت كما جاء في الصحيحين عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {{ لَا تَزَالُ جَهَنَّمُ تَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ، حَتَّى يَضَعَ رَبُّ الْعِزَّةِ فِيهَا قَدَمَهُ ، فَتَقُولُ قَطْ قَطْ وَعِزَّتِكَ ، وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ.}} .
...المزيد

البعث البعث هو إحياء كافة من على الأرض وفي السموات من الكائنات الحية بعد موتهم جميعا وذلك يوم ...

البعث
البعث هو إحياء كافة من على الأرض وفي السموات من الكائنات الحية بعد موتهم جميعا وذلك يوم القيامة يوم النفخ في الصور{{ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ }}
" الزمر , 68 }}
ينفخ في الصور مرتين نفخة الصعق وهي النفخة الأولى فيموت كل من في السموات والأرض ثم ينفخ فيه مرة أخرى وهي النفخة الثانية فيبعثون جميعا فيقومون من قبورهم مسرعين إلى الله ليحاسبهم {{ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ }} " يس ,51 " يَنسِلُون : أي يسرعون
هذا هو البعث ونحن نؤمن على أنه كائن على الوجه الذي حدد الله ولا يجادل فيه إلا الجهلة الكافرون وقد رد الله عليهم في أكثر من آية منها قوله سبحانه {{ أَوَلَمْ يَرَ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ (77) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ (80) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83) }} " يس " . {{ خَصِيمٌ مُّبِينٌ }} : يعني شديد المجادلة مبين لها يتعجب من خلق العظام وهي رميم : أي بالية متفتتة قد أكلتها الأرض ألا يرى أن الله الذي خلقه أول مرة فسواه وأحسن خلقه أنه قادر إلى إعادة تلك العظام الرميم إلى حالتها الأولى بلى إنه على كل شيء قدير ألا يرى أن الله الذي خلق السموات والأرض قادر على بعث تلك العظام الرميم وهذا البعث يكون في هذه الأرض بعد ما تكون مهيأة لذلك فتكون أرضا ممدودة الشكل بيضاء عفراء كخبزة بيضاء جيدة الاستواء كما في حديث سهل ابن سعد الساعدي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول {{ يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى أَرْضٍ بَيْضَاءَ عَفْرَاءَ كَقُرْصَةِ نَقِيٍ لَيْسَ فِيهَا مَعْلَمٌ لِأَحَدٍ }} " الصحيحين " الظاهر من الحديث أن الأرض تكون يوم القيامة كقرصة نقي : أي كخبزة جيدة الاستواء ليست



مغشوشة فهي بيضاء عفراء : أي أن بياضها يشوبه شيء من الحمرة فينزل الله عليها مطرا كأنه الطًّلُ أوِ الظِّلُ منه تنبت أٌجساد الكائنات الحية يقول سبحانه
{{ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }} " فصلات , 39 " إحياء الأرض بماء المطر هو الذي تنبت بسببه البذور والأشجار وتصبح مخضرة {{ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }} : إن الله الذي أنبت من نواة التمر نخلا طويلا وأخرج به جنات وحدائق وزروع كذلك سوف يخرج الموتى من قبورهم
{{ وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ (10) رِزْقًا لِّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ (11) }} " ق "
إن الكائن الحي بعد ما يفنى وتأكل الأرض عظامه تبقى منه عظمة صغيرة في أخر ظهره تسمى عَجْبَ الذَّنَبِ يقول عنها علماء الإعجاز هذه العظمة لا ترى بالعين المجردة لكن العلماء اكتشفوها بالأجهزة ولاحظوا أنها تظل صامدة متماسكة مهما مر عليها من تغيرات عنيفة كالإحراق والتفجير والطحن وهي التي ينبت الله منها أجساد الكائنات الحية بعد مطر الآخرة كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال {{ ... وَيَبْلَى كُلُ شَيْءٍ مِنَ الْإِتْسَانِ إِلاَّ عَجْبَ الذَّنَبِ فِيهِ يُرَّكَّبُ الْخَلْقُ ثُمَّ يُنْزِلُ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءًا فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ الْبَقْلُ }} ويكون نباتهم سريعا فتتشقق الأرض عن أجسادهم سريعا {{ يَوْمَ تَشَقَّقُ الأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ }} " ق , 44 " .
...المزيد

معلومات

داعية إلى الله حاصل على شهادة الثانوية في علوم الشريعة 2003م ثم شهادة الإجازة في اللغة العربية من جامعة أنواكشةط 2010 ثم تسجيل الماجستير في قسم النحو بكلية دار العلوم جامعة القاهرة 2013م مؤلف كتاب الخلاص وله عدة بحوث في الإعجاز والتاربخ الجليلوجي للأرض من القرآن

أكمل القراءة

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً