مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - بل تؤثرون الحياة الدنيا
{بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ (17) إِنَّ هَٰذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَىٰ (18) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ (19) } [الأعلى]
{بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} :
بل تقدمون المتعة العاجلة رغم ما فيها من قصور وفناء على نعيم الأبد المنتظر لكل مؤمن, رغم التفاوت الواضح بين متعة ناقصة زائلة, وبين متع كاملة دائمة لا تزول.
ثم ختم سبحانه سورة الأعلى بأن هذه المواعظ والآيات البينات, هي نفس المنهج الوارد في صحف إبراهيم وموسى عليهما السلام.
قال تعالى:
{بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ (17) إِنَّ هَٰذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَىٰ (18) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ (19) } [الأعلى]
قال السعدي في تفسيره:
{ {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} } أي: تقدمونها على الآخرة، وتختارون نعيمها المنغص المكدر الزائل على الآخرة.
{ {وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} } وللآخرة خير من الدنيا في كل وصف مطلوب، وأبقى لكونها دار خلد وبقاء وصفاء، والدنيا دار فناء، فالمؤمن العاقل لا يختار الأردأ على الأجود، ولا يبيع لذة ساعة، بترحة الأبد، فحب الدنيا وإيثارها على الآخرة رأس كل خطيئة.
{ {إِنَّ هَذَا} } المذكور لكم في هذه السورة المباركة، من الأوامر الحسنة، والأخبار المستحسنة { {لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى} }
[ {صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} } اللذين هما أشرف المرسلين، سوى النبي محمد صلى الله وسلم عليه وسلم.
فهذه أوامر في كل شريعة، لكونها عائدة إلى مصالح الدارين، وهي مصالح في كل زمان ومكان.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: