فالقول الهين اللين الطيب ضروري في مصاحبة الداعي؛ فالنصح وطيب الكلام ولينه من صفات المؤمنين الأتقياء ...

فالقول الهين اللين الطيب ضروري في مصاحبة الداعي؛ فالنصح وطيب الكلام ولينه من صفات المؤمنين الأتقياء الأنقياء البررة، وهو أثر من آثار رحمة الله تعالى، وهو يورث الدرجات العلى من الجنة، ويباعد من النار في الآخرة، ومن الشر والعداوات في الدنيا.

رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/139913/#ixzz700Nbb82Z
...المزيد

حكم دعاء نية صيام رمضان (اللهم إنى نويت صوم رمضان كاملا لوجهك الكريم إيمانا واحتسابًا). لا أصل ...

حكم دعاء نية صيام رمضان (اللهم إنى نويت صوم رمضان كاملا لوجهك الكريم إيمانا واحتسابًا).

لا أصل له، و النية محلها القلب و لم يثبت عن النبي ﷺ و لا عن أصحابه رضي الله عنهم هذا الدعاء أو دعاء عقد النية.

و في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله ﷺ (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) وفي رواية (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد).
...المزيد

صبر الرسول صلى الله عليه وسلم صبر الرسول صلى الله عليه وسلم على أذى اليهود تحمَّل رسولُ الله ...

صبر الرسول صلى الله عليه وسلم

صبر الرسول صلى الله عليه وسلم على أذى اليهود
تحمَّل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أذى اليهود المستمر والعظيم، حتى إنهم حاولوا قتله صلى الله عليه وسلم أكثر من مرة، ومنها: «أَنَّ يَهُودِيَّةً أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ فَأَكَلَ مِنْهَا فَجِيءَ بِهَا فَقِيلَ أَلَا نَقْتُلُهَا؟ قَالَ (لَا)» قَالَ أَنَسٌ: «فَمَا زِلْتُ أَعْرِفُهَا فِي لَهَوَاتِ (هي اللحمة الحمراء المعلقة في أصل الحنك أو اللحمات في سقف أقصى الفم كأنه بقي للسم فيها أثر وعلامة)

https://bit.ly/34So0gO
...المزيد

ان الضيقَ الذي تمرُّ به الآن ما هو إلا رسالةٌ لفرجٍ قد اقترب،ْ فاصبرْ و قل يارب.

ان الضيقَ الذي تمرُّ به الآن ما هو إلا رسالةٌ لفرجٍ قد اقترب،ْ فاصبرْ و قل يارب.

مؤسسة #الفرقان تقدم كلمة صوتية للمتحدث الرسمي للدولة الإسلامية الشيخ المهاجر أبي حمزة القرشيّ ...

مؤسسة #الفرقان تقدم
كلمة صوتية للمتحدث الرسمي للدولة الإسلامية
الشيخ المهاجر أبي حمزة القرشيّ (حفظه الله تعالى)
بعنوان:
(وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً)


شاهد روابط مباشرة مميزة

https://upinja.com/up/1572833999323.mp4

https://up.20script.ir/file/85a7-1572833999323.mp4
...المزيد

قالو إنّه تسامح وواضح أنّه تنازل ومعلوم أنّ الحق لا يقدم للباطل تنازلات . جاء في سبب نزول سورة ...

قالو إنّه تسامح وواضح أنّه تنازل ومعلوم أنّ الحق لا يقدم للباطل تنازلات .
جاء في سبب نزول سورة الكافرون عن ابن عباس رضي الله عنهما :
(أن قريشا وعدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطوه مالا فيكون أغنى رجل بمكة ، ويزّوجوه ما أراد من النساء ، ويطئوا عقبه ، فقالوا له : هذا لك عندنا يا محمد ، وكفّ عن شتم آلهتنا ، فلا تذكرها بسوء ، فإن لم تفعل فإنا نعرض عليك خصلة واحدة ، فهي لك ولنا فيها صلاح . قال : ما هي ؟ قالوا : تعبد آلهتنا سنة : اللات والعزي ، ونعبد إلهك سنة ، قال : حتى أنْظُرَ ما يأْتي مِنْ عِنْدِ رَبّي . فجاء الوحي من اللوح المحفوظ : (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) السورة، وأنزل الله : (قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ) ... إلى قوله : (فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) .
رواه رواه ابن أبي حاتم في " التفسير " (10/3471)، والطبري في " جامع البيان " (24/703)، والطبراني في " المعجم الصغير " (751) والنيسابوري الواحدي: أسباب النزول، ص467. ( )
يبدو من هذه المفاوصة بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين قريش أنَّ قريشًا بدأت تشعر بالهزيمة -وإن كان الظاهر أنَّهم هم الممكَّنون في الأرض، وأصحاب الرأي والسيادة- فقد قَبِلُوا أن يتنازلوا للمسلمين عن أشياء ظلُّوا يتمسَّكون بها قرونًا عديدة، وهذه نتيجةٌ طبيعيَّةٌ لثبات المؤمنين
ولا ريب أنّ أشبه ما تكون حالة الأمة اليوم يوم أن هاجر النبّي إلى المدينة فأصبح له أعداء في داخل مدينته وهم اليهود وأعداء في الشام وهم النصارى حيث كانوا في دمشق وأعداء في مكة وهم كفار قريش مع قلّة حيلة المسلمين وضعف حالهم وهكذا ترى اليوم أعداء المسلمين يتداعون كما تتداعى الأكلة على قصعتها حتى آوائهم أتباعهم فأصبحوا في عقر دارنا في حالة تشبه حال المشركين يوم أن قالوا يا محمد تعال نعبد إلهك سنة وتعبد آلهتنا سنة فنزلت (قل يا أيها الكافرون إلخ ) .
إن ما يزعمون أنّه تسامح وعفو ما هو إلّا منازلات لأهل الخنزير وعبّاد الصليب إنْ لم يكن موافقة وإظهار رضى مما عليه فلا تكون حال المسلمين اليوم عذرا لنا لننازل أهل الباطل وعبّاد الصليب ولا أن نسامحهم فلم يكن في التاريخ ولا يكون أيضا موافقة بين الحقّ والباطل بل بينهم العداوة والبغضاء أبدا حتى يؤمنوا بالله وحده .
﴿وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ [يوسف: 21].
الشيخ : شرماركي محمد عيسى (أبو الأثير الصومالي ) .
هرجيسيا _الصومال .
3 جمادى الآخر 1440 الموافق 8فبراير 2018
...المزيد

غيرة النبي صلى الله عليه وسلم على بناته فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب أبا بكر وعمر ...

غيرة النبي صلى الله عليه وسلم على بناته
فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم

خطب أبا بكر وعمر رضى الله عنهما فاطمة بنت رسول الله فأبى عليهما فقال عمر : أنت لها يا على فقال : ما لى من شئ إلا درعى أرهنها فزوجه رسول الله فاطمة فلما بلغ فاطمى بكت فدخل عليها رسول الله فقال : ما لك تبكين يا فاطمة فوالله لقد أنكحتك أكثرهم علماً وأفضلهم حلماً وأولهم سلماً

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلى رضى الله عنه ليلة البناء بفاطمة : لا تحدثنَّ شيئاً حتى تلقانى فدعا رسول الله بماء فتوضأ منه ثم أفرغه على على وقال : ( اللهم بارك فيهما وبارك عليهما وبارك لهما فى نسلهما )

قال بن اسحاق : حدثنى من لا أتهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغار لبناته غيرة شديدة كان لا يُنكح بناته على ضُرة ٍ

عن المسور بن مخرمة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( وهو على المنبر إن بنى هشام بن المغيرة استأذنونى فى أن ينكحوا ابنتهم على بن أبى طالب فلا آذن ثم لا آذن ثم لا آذن إلا أن يريد على بن أبى طالب أن يطلق ابنتى وينكح ابنتهم فإنها بضعة منى يُريبنى ما يُريبها ويؤذينى ما آذاها) ولما دخل على بفاطمة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة : إئتنى بماء فقامت تعثر بثوبها من الحياء إلى قعب فى البيت فأتت فيه بماء فأخذه ومج فيه " أى وضعه فى فمه ورمى فى القعب والقعب إناء ضخم "ثم قال لها تقدمى فتقدمت فنضح بين يديها وعلى رأسها وقال : ( اللهم إنى أُعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم ثم قال أدبرى فأدبرت فصب بين كتفيها ثم فعل مثل ذلك بعلى ثم قال له : إدخل بأهلك بسم الله والبركة وكان مهرها 400 درهم فضة وخر على ساجداً شكراً لله تعالى وتُلقب فاطمة بالبتول لانقطاعها عن الدنيا وولدت لعلى الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم وتوفيت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بستة أشهر وهى أول من غُطى نعشها فى الإسلام وأوصت أن تُدفن ليلاً وتوفيت لثلاثون خلون من رمضان سنة إحدى عشرة وكان عمرها 29 سنة وقيل ثلاثون سنة رحمها الله تعالى
...المزيد

مـن أراد القمـة ، فليرفع الهمـة فمـا وصل أحدٌ إلـى مبتغـاه وهـو هائمٌ يمشي علـى هـواه.. - منقول

مـن أراد القمـة ، فليرفع الهمـة فمـا وصل أحدٌ إلـى مبتغـاه وهـو هائمٌ يمشي علـى هـواه..

- منقول

مماقرأت واعجبني ›› قصة اﻻرمله والمسلم والمجوسي ‹‹ روى أنه كان هناك رجل قد نزل في بلاد العجم ...

مماقرأت واعجبني
›› قصة اﻻرمله والمسلم والمجوسي ‹‹
روى أنه كان هناك رجل قد نزل في بلاد العجم ، وله زوجة و له منها بنات ، و كانوا في نعمة واسعة ، فمات الزوج ، و أصاب المرأة و بناتها الفقر و القلة .
فخرجت ببناتها إلى بلدة أخرى خوف شماتة الأعداء و خرجت في شدة البرد، فلما دخلت تلك البلدة، أدخلت بناتها في بعض المساجد المهجورة و مضت تبحث لهم عن القوت، فمرت بجمعين ؛ جمع على رجل مسلم و هو شيخ البلد و جمع على رجل مجوسي وهو ضامن البلد، فبدأت بالمسلم و شرحت له حالها .
وقالت :أنا امرأة مسلمة و معي بنات أيتاما أدخلتهم بعض المساجد المهجورة، و أريد الليله قوتهم فقال لها :أقيمي عندي البينة ،أنك مسلمة شريفة. فقالت : أنا امرأة غريبة وما في البلد من يعرفني !!! فأعرض عنها . فمضت من عنده منكسرة القلب، فجاءت إلى ذلك الرجل المجوسي فشرحت له حالها، و أخبرته أن معها بنات أيتام ، و هي امرأة شريفة غريبة، و قصت عليه ما جرى لها مع الشيخ المسلم ، فقام وأرسل بعض نسائه، و أتوا بها و بناتها إلى داره فأطعمهن أطيب الطعام و باتوا عنده في نعمة و كرامة...
* فلما انتصف الليل رأى ذلك الشيخ المسلم في منامه كأن القيامة قد قامت ، و قد عقد اللواء على رأس النبي صلى الله عليه واله و سلم و إذا القصر من الزمرد الأخضر شرفاته من اللؤلؤ و المرجان وفيه قباب الياقوت .
فقال : يا رسول الله ! لمن هذا القصر ؟؟
قال : لرجل مسلم موحد .
فقال : يا رسول الله ! أنا رجل مسلم موحد!!!
فقال رسول الله :لما قصدتك المرأة المسلمة قلت أقيمي عندي البينة أنك مسلمة شريفة فكذا أنت أقم عندي البينة أنك مسلم؟؟؟؟
فانتبه الرجل حزينا على رده المرأة خائبة، ثم جعل يطوف بالبلد يسأل عنها، حتى دل عليها أنها عند المجوسي، فأرسل إليه فأتاه .
فقال له : أريد منك المرأة المسلمة الشريفة و بناتها .
فقال : ما إلى هذا من سبيل و قد لحقني من بركاتهم ما لحقني .
قال : خذ مني ألف دينار و سلمهن إلي .
فقال المجوسي: لا أفعل . إن الذي تريده أنت ، أنا أحق به، و القصر الذي رأيته في منامك
خُلق لي و والله ما نمت البارحة أنا و أهل بيتي حتى أسلمنا على يد هذه المرأة المسلمة ،
ورأيت مثل الذي رأيت في منامك و قال
لي رسول الله :المرأة و بناتها عندك ؟؟؟
قلت نعم يا رسول الله .
قال القصر لك و لأهل دارك، و أنت و أهل دارك من أهل الجنة...

...المزيد

قال صل الله عليه وسلم : «لا تقوم الساعة حتى يبني الناس بيوتًا يوشونها وشي المراحيل» . قال إبراهيم: ...

قال صل الله عليه وسلم : «لا تقوم الساعة حتى يبني الناس بيوتًا يوشونها وشي المراحيل» . قال إبراهيم: يعني الثياب المخططة. وإبراهيم هذا هو ابن المنذر الحزامي شيخ البخاري.
قوله: "يوشونها"؛ يعني: ينقشونها ويصبغونها بأنواع الألوان المختلفة كما تنقش الثياب والفرش؛ يقال: وشى الثوب ووشاه وشيًا وشية: إذا نقشه وحسنه. قال الراغب الأصفهاني: "وشيت الشيء وشيًا: جعلت فيه أثرًا يخالف معظم لونه، واستعمل الوشي في الكلام تشبيهًا بالمنسوج ...المزيد

حال النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه إعداد الشيخ السيد طه أحمد الحمد لله رب العالمين .. أرسل ...

حال النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه
إعداد
الشيخ السيد طه أحمد
الحمد لله رب العالمين .. أرسل نبيه محمد (ﷺ) رحمة للعالمين فأنار به القلوب وشرح به الصدور، فقال تعالى } لَقَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُولٞ مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ عَزِيزٌ عَلَيۡهِ مَا عَنِتُّمۡ حَرِيصٌ عَلَيۡكُم بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَءُوفٞ رَّحِيمٞ (128){ ] التوبة[.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كل شيء قدير ..خصنا بخير أنزل ، وأكرمنا بخير نبي أرسل وجعلنا بالإسلام خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله فقال تعالى } كُنتُمۡ خَيۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ تَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَتَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَتُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِۗ (110){ ] آل عمران[.

وأشهد أن سيدنا محمد رسول الله (ﷺ) تعامل مع أصحابه بأخلاقه العظيمة ، فكان يقضي حوائجهم ، ويتواضع معهم ، ويجيب دعوتهم ، ويزور مرضاهم ، ويشهد جنائزهم ، ويدعو لهم ولأبنائهم ، ويشفق عليهم ، ويشعر بآلامهم ، وينهاهم عن المبالغة في مدحه .. فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع عمر رضي الله عنه يقول على المنبر: سمعت النبي (ﷺ) يقول :}لا تطروني(تبالغوا في مدحي) كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده ، فقولوا عبد الله ورسوله { ]البخاري[

فاللهم صل علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم تسليما ...

أما بعد .. فيا أيها المؤمنون

ما زلنا مع جوانب العظمة في حياة الرسول (ﷺ) وهو حاله (ﷺ) مع أصحابه ، فتعالوا بنا نتعرف على هذا الجانب العظيم ليكون لنا نبراسا يضيء لنا الطريق ومنهاجاً نقتدي في حياتنا مع بعضنا البعض ، حتى تستقر حياتنا وتنصلح علاقتنا ببعضنا فهذا الموضوع بعنوان } حال النبي (ﷺ) مع أصحابه{ وذلك من خلال هذه العناصر الرئيسية التالية ..

1ـ محبة النبي (ﷺ) لأصحابه ومظاهرها.

2ـ مشاركة النبيّ لأصحابه الآلام والآمال.

3ـ ترسيخ مبدأ الشورى مع أصحابه.

4ـ معرفة النبيّ لقدرات أصحابه ونفسيّاتهم.

5ـ حرصه النبي (ﷺ) على تعليم أصحابه ما ينفعهم وحسن التعامل مع أخطاءهم.

6ـ الخاتمة.

العنصر الأول: محبة النبي (ﷺ) لأصحابه :

لقد كانت محبّة النبيّ (ﷺ) لأصحابه عظيمة، فكان يتعامل معهم بلطف واهتمام شديد ، فكانت البشاشة تملأ وجهه نوراً وسروراً وهو يسأل عن حالهم ويُطيّب

خاطرهم؛ ولقد وصفَه الله تعالى بلين الجانب لأصحابه فقال: }فَبِمَا رَحۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمۡۖ وَلَوۡ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ ٱلۡقَلۡبِ لَٱنفَضُّواْ مِنۡ حَوۡلِكَۖ فَٱعۡفُ عَنۡهُمۡ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ وَشَاوِرۡهُمۡ فِي ٱلۡأَمۡرِۖ (59){ [آل عمران] فكانت الألفة بينه وبين أصحابه من أقوى ما تكون، وهو ما جعل كثيرًا من المشركين يتعجَّبون لهذه الرابطة القويَّة التي جمعته بأصحابه، حتى لقد وصف ذلك أبو سفيان بن حرب قبل إسلامه فقال: }ما رأيتُ من الناس أحدًا يحبُّ أحدًا كحُبِّ أصحابِ محمدٍ محمدًا!!{ [السيرة النبوية لابن هشام].

ومن مظاهر محبته (ﷺ) لأصحابه تواضعه (ﷺ) معهم :

عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه في وصفه للنبي (ﷺ) قال: كان النبيُّ (ﷺ) يكثرُ الذكرَ ويقلُّ اللغوَ ويطيلُ الصلاةَ ويقصرُ الخطبةَ ولا يأنفُ أنْ يمشيَ مع الأرملةِ والمسكينِ فيقضي له الحاجةَ.{ ]النسائي[.

وعن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال :}كان رسول الله (ﷺ) يأتي ضعفاء المسلمين ويزورهم ، ويعود مرضاهم ، ويشهد جنائزهم{ ]الحاكم[ .

وعن أنس رضي الله عنه قال : }كان رسول الله (ﷺ) يزور الأنصار، فيسلم على صبيانهم ، ويمسح برؤوسهم ، ويدعو لهم { ]النسائي[.

قال جرير بن عبد الله رضي الله عنه }ما حَجَبَنِي رَسولُ اللهِ (ﷺ) مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلَا رَآنِي إلَّا تَبَسَّمَ في وَجْهِي{.[ صحيح الترمذي] .

قال أنس بن مالك رضي الله عنه ، كان رسول الله (ﷺ) "كان إذا لقيَهُ أحدٌ مِنْ أصحابِهِ فقام معه ، قام معه فلم ينصرِفْ حتى يكونَ الرجُلُ هو الذي ينصرِفُ عنه ، وإذا لقِيَهُ أحدٌ من أصحابِهِ فتناول يَدَهُ ناوَلَهُ إيَّاها فَلَمْ ينزِعْ يَدَهُ منه حتى يكونَ الرَّجُلُ هوَ الذي ينزِعُ يدَهُ منه ، وَإذا لقِيَ أحدًا مِنْ أصحابِهِ فتناول أُذُنَهُ ، ناولَهُ إيَّاها ، ثُمَّ لم ينزِعْها حتى يكونَ الرَّجُلُ هو الذي ينزِعُها عنه".[ صحيح الجامع حسن |أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى]

وكان دائم البِشر، سهل الخُلق، ليّن الجانب، يقول ﷺ: }رحم الله امرئ سمحًا إذا باع، سمحًا إذا اشترى، سمحًا إذا اقتضى{، ليس بعيّاب ولا مدّاح، يتغافل عمّا لا يشتهي، لا يخيّب مؤمله، ترك نفسه من ثلاث: (المراء، ومما لا يعنيه، وذم الناس).

قال أبو هريرة رضي الله عنه كان رسولُ اللهِ (ﷺ) يَجْلِسُ بينَ ظهرَيْ أصحابِه، فيجيءُ الغريبُ، فلا يدري أيُّهم هو، حتى يسألَ{.[ صحيح أبي داود]

ومن مظاهر محبته(ﷺ) لأصحابه انصاف أصحابه من نفسه (ﷺ) ،ومن أجمل القصص ما حدث مع الصحابي الجليل سوادِ بن غَزِيَّةَ الأنصاريِّ يوم بدرٍ، حيث

كان النَّبيُّ عليه الصلاة والسلام يتفقَّد المُقاتلين ويُسوِّي الصُّفوف، وكان سوادُ مُتقدِّماً خطوةً عن باقي الجُند، ممّا جعل الصَّف غير مستوٍ، فأرجعه النَّبيُّ (ﷺ) إلى الوراء بواسطة سهمٍ بلا نصلٍ كان يحمله ويسوِّي به الصُّفوف، فقال سواد للرَّسول إنّه أوجعه ويريد أن يقتصَّ منه ، ولم تُغضب هذه الشَّكوى رسول الله (ﷺ) ، بل على العكس قَبِل القصاص وكشف عن بطنه وأمر سواداً بأن يأخذ حقّه فيضربه بالسَّهم كما فعل له، وإذا بسوادٍ يُقبِل على النَّبيِّ (ﷺ) ويُقبِّل بطنه الشَّريفة! فعجب النَّبيُّ من فعله وسأله لِم صنع ذلك، فأخبر سوادٌ رضي الله عنه رسول الله (ﷺ) أنّ

وقت الحرب والقتال قد حلَّ، فأراد أن يكون آخر عهدٍ له في هذه الدنيا هو أن يمسَّ جلدُه جلدَه (ﷺ) ، فدعا له رسول الله بالخير{.وقد وردت هذه الحادثة في السنة النبوية بإسنادٍ حسنٍ.

ومن مظاهر محبته لأصحابه مزاحه (ﷺ) مع أصحابه ،فكان النبيّ (ﷺ) بسّاماً يحبّ إدخال الفرح والضحك على قلوب من حوله، ومن ذلك مزاحه (ﷺ) مع زاهر بن حرام رضي الله عنه، فقد جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه يروي قصّة هذا الصحابيّ فقال: "كان النَّبِيُّ (ﷺ) يُحِبُّه، وكان دَميمًا، فأَتاهُ النَّبِيُّ (ﷺ) يَومًا، وهو يَبيعُ مَتاعَه، فاحْتَضَنَه مِن خَلفِه، وهو لا يُبصِرُه، فقال: أرسِلْني، مَن هذا؟ فالتَفَتَ، فعَرَفَ النَّبِيَّ (ﷺ) ، فجعَلَ لا يَأْلو ما ألزَقَ ظَهرَه بصَدرِ النَّبِيِّ (ﷺ) حينَ عَرَفَه، وجعَلَ النَّبِيُّ (ﷺ) يَقولُ: مَن يَشْتَري العَبدَ؟ فقال: يا رَسولَ اللهِ، إذَنْ واللهِ تَجِدُني كاسِدًا. فقال النَّبِيُّ (ﷺ): لكِنْ عِندَ اللهِ لستَ بكاسِدٍ{.[صحيح ابن حجر العسقلاني]

وكان (ﷺ) يمزح معهم، ولا يقول إلا حقًّا.. فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله (ﷺ) أنه قال: }إِنِّي لَا أَقُولُ إِلَّا حَقًّا، قال بعض أصحابه: فإنك تداعبنا يا رسول الله؟!، فقال: «إِنِّي لَا أَقُولُ إِلَّا حَقًّا»{ ]رواه أحمد[.

رأى النبي (ﷺ) صهيبًا وهو يأكل تمرًا وبعينه رمد، فقال له النبي (ﷺ) ممازحًا: }أَتَأْكُلُ التَّمْرَ وَبِكَ رَمَدٌ؟!! فقال صهيب: إِنَّمَا آكُلُ عَلَى شِقِّي الصَّحِيحِ لَيْسَ بِهِ رَمَدٌ!! فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ (ﷺ) { (رواه الحاكم)

ومزاحه (ﷺ) مع العجوز التي جاءت تطلب منه الدعاء، فقد ورد عن الحسن البصري أنه قال: }أنَّ امرأةً عجوزًا جاءتْهُ تقولُ لَهُ: يا رسولَ اللهِ، ادع اللهَ لي أنْ يدْخِلَني الجنةَ، فقال لَها: يا أمَّ فلانٍ، إِنَّ الجنَّةَ لا يدخلُها عجوزٌ، وانزعجَتِ المرأةُ وبكَتْ ظنًّا منها أنها لن تدخلَ الجنةَ، فلما رأى ذلِكَ منها؛ بيَّنَ لها غرضَهُ أنَّ العجوزَ لَنْ تدخُلَ الجنَّةَ عجوزًا، بل يُنشِئُها اللهُ خلقًا آخرَ، فتدخلُها شابَّةً بكرًا، وتَلَا عليها قولَ

اللهِ تعالى:} إِنَّآ أَنشَأۡنَٰهُنَّ إِنشَآءٗ (35) فَجَعَلۡنَٰهُنَّ أَبۡكَارًا (36)]{ الواقعة[

مزاحه مع أخي أنس بن مالك رضي الله عنه بسؤاله عن الطائر الصغير، فقد جاء عن أنس أنه قال: }كان لي أخٌ صغيرٌ، وكان له نُغَرٌ يَلعَبُ به، فمات، فدخَلَ النَّبيُّ (ﷺ) ذاتَ يَومٍ فرآه حزينًا، فقال: ما شأنُ أبي عُمَيرٍ حزينًا؟ فقالوا: مات نُغَرُه الذي

كان يَلعَبُ به يا رسولَ اللهِ، فقال: يا أبا عُمَيْر، ما فَعَلَ النُّغَيْر؟ أبا عُمَيْر، ما فَعَلَ النُّغَيْر؟{.[البخاري].

ومن مظاهر حبه لأصحابه العدل بينهم ،فكان (ﷺ)عادلا بينهم لا يحابي أحدا بغير

حق .. لما كلمه حِبه أسامة بن زيد في العفو عن المرأة المخزومية التي سرقت ، تلون وجهه (ﷺ) وقال : }أتشفع في حد من حدود الله؟ ، ثم قام فاختطب ثم قال : إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها{ ]البخاري[

وكان (ﷺ) يثني على أصحابه إظهاراً لفضلهم وعلو قدرهم ..فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله (ﷺ): }أرحم أمتي بأمتي أبو بكر ، وأشدهم في أمر الله عمر ، وأصدقهم حياء عثمان ، وأقرؤهم لكتاب الله أُبَي بن كعب ، وأفرضهم زيد بن ثابت ، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل ، ألا وإن لكل أمة أمينا ، وإن أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح { ]الترمذي[ .

ومن مظاهر محبة النبي (ﷺ) لأصحابه ثقته بهم: لقد بلغت ثقة النبي (ﷺ) مبلغاً عظيماً ،ولولا ذلك لما زجّ بهم إلى معارك ضاريةٍ يكون الأعداء فيها ثلاثةَ أضعافهم ، وتظهر محبّة النبيّ (ﷺ) لأصحابه ومحبّة أصحابه له في كُلّ وقت؛ سلمٍ وحربٍ.

العنصر الثاني : مشاركة النبيّ لأصحابه الآلام والآمال :

إنّ ممّا يعظّم شخصيّة هذا النبيّ الخاتم (ﷺ) هو مشاركته (ﷺ)لأصحابه رضي الله عنهم في كل شيء ولا يميز نفسه عنهم بل كان دائما يُساوي نفسه بأصحابه، بل أحياناً كان يستئثر نفسه دونهم بالوقوع في المشقّة والجهد، فها هو يحمل الحجارة لبناء المسجد وكأنّه فردٌ معهم، لا فرق بينه وبين أحدٍ من المسلمين، وفي يوم الخندق يحفر بيده ويتكلّف بعناءٍ حمل الأحجار على عاتقه الشريف، حيث قال البراء بن عازب

رضي الله عنه: "كانَ النبيُّ (ﷺ) يَنْقُلُ التُّرَابَ يَومَ الخَنْدَقِ، حتَّى أغْمَرَ بَطْنَهُ، أوِ اغْبَرَّ بَطْنُهُ{.] صحيح البخاري[

وما رواه أنس رضي الله عنه قال : خرج رسول الله (ﷺ) إلى الخندق، فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداة باردة ، فلما رأى ما بهم من النَصَب والجوع قال :}اللهم إن العيش عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة .. فقالوا مجيبين له : نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا أبدا{ ]البخاري[

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كان رسول الله (ﷺ) أحسن الناس ، وكان أجود الناس ، وكان أشجع الناس ، ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة فانطلق ناس قِبَل الصوت ، فتلقاهم رسول الله (ﷺ) راجعا وقد سبقهم إلى الصوت وهو على فرس لأبي طلحة عري، في عنقه السيف وهو يقول: لم تراعوا ،لم تراعوا{ ]البخاري[.

قال ابن حجر : " وقوله : لم تراعوا : هي كلمة تقال عند تسكين الروع تأنيساً ، وإظهاراً للرفق بالمخاطَب " ..

وكان يشاركهم الأحزان والآلام ، فعن قرة بن إياس رضي الله عنه: "كان نبي الله (ﷺ)إذا جلس يجلس إليه نفر من أصحابه ، وفيهم رجل له ابن صغير يأتيه من خلف ظهره فيقعده بين يديه ، فهلك (مات) ، فامتنع الرجل أن يحضر الحلقة ، لذكر ابنه ، فحزن عليه ، ففقده النبي (ﷺ) فقال : مالي لا أرى فلانا؟ ، قالوا : يا رسول الله ، بَنِيهِ الذي رأيته هلك . فلقيه النبي (ﷺ) فسأله عن بَنِيهِ ، فأخبره أنه هلك ، فعزاه عليه ، ثم قال «يَا فُلَانُ أَيُّمَا كَانَ أَحَبَّ إِلَيْكَ: أَنْ تُمَتَّعَ بِهِ عُمُرَكَ، أَوْ لَا تَأْتِي غَدًا إِلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ إِلَّا وَجَدْتَهُ قَدْ سَبَقَكَ إِلَيْهِ يَفْتَحُهُ لَكَ ؟ قال: يا نبي الله بل يسبقني إلى باب الجنة فيفتحها لي لهو أحب إليَّ، قال: فَذَاكَ لَكَ، فقالوا: يا رسول الله أَلَهُ خاصة أم لكلنا؟ قال: بَلْ لِكُلِّكُمْ{ ]النسائي[ .

وقد لاقى النبيّ (ﷺ) أخطر المواقف والصّعاب ولم يدَع المكروه يُصيب أحداً من أصحابه، كما كان يشاركهم بحبٍّ في مأكلهم ومشربهم، وفي حزنهم وفرحهم.

وكان (ﷺ) يشارك أصحابه ما يعانونه من فقر وجوع ، فإذا حلَّ الجوع بهم يكون قد مر قبلهم به ، وإذا أرسل أحد إليه بصدقة ، جعلها في الفقراء من أصحابه ، وإن أُهْدِيت إليه هدية أصاب منها وأشركهم فيها ،وكان معهم أجود بالخير من الريح المرسلة ، كما وصفه بذلك عبد الله بن عباس رضي الله عنهما .. عن محمد بن جبير قال: أخبرني جبير بن مطعم : }أنه بينما يسير هو مع رسول الله (ﷺ) ومعه الناس مقفلة من حنين ، فعلقه الناس يسألونه ، حتى اضطروه إلى سمرة فخطفت رداءه ، فوقف النبي (ﷺ) فقال : أعطوني ردائي ، لو كان لي عدد هذه العضاه نعماً لقسمته بينكم ، ثم لا تجدوني بخيلا ولا كذوبا ولا جبانا{ ]البخاري[

مقفلة : راجعة من حنين ، السَّمُر : شجر طويل قليل الظل صغير الورق قصير

الشوك ، الرداء: ما يوضع على أعالي البدن من الثياب ، العضاه : نوع من الشجر عظيم له شوك ، النعم : الإبل والشاء ، وقيل الإبل خاصة ..

وكان (ﷺ) يُغدق في العطاء لمن يتألفه ، قال أنس رضي الله عنه :ما سئل رسول الله (ﷺ) على الإسلام شيئاً إلا أعطاه ، قال فجاءه رجل فأعطاه غنماً بين جبلين ،

فرجع إلى قومه فقال : يا قوم أسلموا ، فإن محمداً يعطي عطاء لا يخشى الفاقة (الفقر)..{ ]البخاري[.

العنصر الثالث: ترسيخ مبدأ الشورى مع أصحابه:

كان النبيّ لا يُبرم أمراً قبل أن يستشير أصحابه، فكثيراً ما كان يقول لهم:}أشيروا عليَّ أيها الناس { ]مسلم[

وقد كان النبي (ﷺ) حريصاً على مشورة أصحابه حتى في الأمور الصغيرة، ومن ذلك ما جاء عن النبيّ (ﷺ) في صحيح البخاري:}أُتِيَ النبيُّ (ﷺ) بثِيابٍ فيها خَمِيصَةٌ سَوْداءُ صَغِيرَةٌ، فقالَ: }مَن تَرَوْنَ أنْ نَكْسُوَ هذِه؟ فَسَكَتَ القَوْمُ، قالَ: ائْتُونِي بأُمِّ خالِدٍ، فَأُتِيَ بها تُحْمَلُ، فأخَذَ الخَمِيصَةَ بيَدِهِ فألْبَسَها، وقالَ: أبْلِي وأَخْلِقِي{.[ البخاري] ] أم خالد أمة بنت خالد بن سعيد بن العاص[

فقد استشار النبيّ (ﷺ) أصحابه وسألهم لمن يُعطي هذا الثوب.

فمواقفه في استشارة أصحابه في الأمور العسكريّة وغيرها لها الأثر البالغ في مصالح الإسلام والمسلمين، حيث استشار أصحابه في جميع غزواته .

وهذه بعص صور استشارة النبي (ﷺ) لأصحابه رضي الله عنهم ..

ما وقَع يوم بدر عِندما خرَج للقاء القافلة العائدة مِن الشام فأفلتَتْ منه، وعَلم بخروج مُشركي قريش لحرْبه، فاستشار المسلمين الذين كانوا معه، فأشار عليه أبو بكر وعمر والمِقداد رضي الله عنهم ولكنَّ النبيَّ (ﷺ) كان يُريد الأنصارَ بهذه الاستِشارة؛ رغبةً منه في مَعرفة ما في نفوسهم، هل يُحارِبون معه خارج المدينة أم يُحاربون معه داخل المدينة فقط؛ تطبيقًا لما بايَعوه عليه في العقَبة؟ فتبيَّن له بعد أن فَطِنَ سيدُهم سعد بن معاذ مُرادَ النبي (ﷺ) أنهم معه في المدينة وخارجها، وأن روابط الإيمان الراسخ أقوى مِن روابط المعاهدات، وبذلك اتَّضح موقف الأنصار جليًّا للنبيِّ (ﷺ) وللمُهاجِرين الذين كانوا معه يومئذٍ، وكانت هذه الاستشارة للجَميع؛ ولكنَّها أُريد بها الأنصار.

وفي غَزوة الأحزاب، عَلِم النبيُّ (ﷺ) أن قريشًا وحلفاءها وقبائل غطفان قد خرجَتْ صَوب المدينة تُريد غزْوها واستِئصال مَن فيها، فعقد النبي (ﷺ) مَجلِسًا استِشاريًّا شاوَر فيه أصحابه حول خطَّة الدِّفاع التي يَدفعون بها هذه الجيوشَ الجرَّارة، فأشار

سلمان الفارسي رضي الله عنه بحفْر الخَندق للحَيلولة دون دخول تلك الأحزاب إلى المدينة، فوافَق النبيُّ (ﷺ) على هذا الرأيِ وباشَر تطبيقه.

ومنها ما كان في غزوة تبوك، فعِندما وصَل النبيُّ (ﷺ) إلى تبوكَ وأقام بها عِشرين ليلةً ولم يَلْقَ جيش الروم، استشار مَن معه من المسلمين في التقدُّم شمالاً من تبوك، فأشار عمر بن الخطاب بعدم التقدُّم؛ لإمكان الاصطِدام بحشود الروم وحلفائهم المتفوِّقة على المسلمين بعُدَّتها وعَتادها، وأنَّ دُنوَّ النبي إلى المكان الذي وصَل إليه قد حصَل به المقصود مِن إفزاع الروم، فقَبِل النبيُّ (ﷺ) مشورة عُمر ولم يتجاوزْ تبوك.

والسيرة النبوية المشرفة مليئة بصور رائعة من هذا الأمر.

العنصر الرابع: معرفة النبيّ لقدرات أصحابه ونفسيّاتهم :

كان النبيّ (ﷺ) على بصيرةٍ في معرفة نفسيّات أصحابه وقابليّتهم للأمور، فيعرف ما يحبّونه وما يكرهونه، ويحْرِص على علاجِ ما يواجههم في حياتهم، كُلٌّ بحسب استعداده وطاقتِه، وكثيراً ما تتفاوت إجاباته على أسئلتهم وفق حالهم وحاجتهم، وقد يُحذّر أحدهم من أمرٍ، في حين يقدّم غيره إليه؛ لِما يراه من قدرة واستعداد أحدهم، وضعف الآخر عن أدائه.

وما كان ذلك إلا لأنّه وُلد وكبُر معهم، وعاش في بيئتهم وحياتهم، فأدرك مزاياهم الشخصيّة والنفسيّة، فكان يُكلّف كُلّاً منهم حسب حاله، فحققّوا أسمى غايات البطولة في تلك التكاليف بإتقانٍ وكفاءةٍ فائقةٍ، فقد استمال النبيّ (ﷺ) المؤلفة قلوبهم في حُنَينٍ بالمال؛ إذ كانت المادّيّة تستولي على فكرهم، فلم يتشبّع الإيمان بحلاوته في قلوبهم بعد، ومنع الأنصار من الغنائم في حُنينٍ لعلمه بأنّ الحلاوة الإيمانيّة قد بلغت مبلغاً عظيماً في قلوبهم.

وفي يوم أُحدٍ سأل النبيّ (ﷺ) أصحابه من يأخذ السيف منه، فقام عدّة رجال، واختار نبيّ الله أبا دجانة الأنصاريّ رضي الله عنه ؛ لِما كان يعلمه من قوّته وشجاعته، حتّى فلقَ به هام المشركين، فواجبات الشجاعة يتولّاها من هو أهلٌ لها، ومن الصّحابة من لا يقوى على القتال فيُبقيه النبيّ (ﷺ) في المدينة عند النساء؛ كحسان بن ثابت مثلاً.

وذلك لأنه (ﷺ) لا يُحمّل أحداً فوق طاقته، ويراعي قدرات من حوله؛ لذلك كانت سياسته القيادية الحكيمة أن يضع الرجل المناسب في المكان المناسب، فكان يبني الرجال في أماكنهم التي يتقنون فيها أدوارهم، والأهمّ من ذلك أنّه كان يُثني عليهم

في مواقعهم بأفضل صفاتهم، ولا يلتفت لِما يعانونه من النقص البشريٍّ.

نجده (ﷺ) يعتذر للصحابي الجليل أبو ذر الغفاري رضي الله عنه عندما طلب منه أن يستعمله، بل حذره من خطر ذلك عليه مما عرفه عنه (ﷺ) ، فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله (ﷺ):}يا أبا ذرٍّ إني أراك ضعيفاً، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمَّرَنَّ على اثنين ولا تَوَلَّيَنَّ مال يتيم{ [ رواه مسلم]، وعنه قال: قلت يا رسول الله ألا تستعمِلُني؟ فضرب بيده على منكبي ثم قال: }يا أبا ذرٍّ إنك ضعيفٌ، وإنها أمانةٌ، وإنها يوم القيامة خزيٌ وندامةٌ إلاَّ مَنْ أَخَذها بحقها، وأدَّى الذي عليه فيها{ ] رواه مسلم[

رأينا في جيل الصحابة نوابغ وقمم عالية في جميع المجالات وهذه بفضل الله تعالى ثم بفضل تربية النبي (ﷺ) لهم ،وقد وجدنا في الصّحابة الكرام من تفوّق في علمٍ على غيره من إخوانه، فقد كان أقرأهم للقرآن "أبيّ بن كعب"، وأكثرهم علماً بالقضاء "علي بن أبي طالب"، وأعلم خبرة بالمواريث "زيد بن ثابت"، وأعلمهم بالحرام والحلال "معاذ بن جبل"، وأقدرهم على الحفظ "أبو هريرة". وأبرعُهم في المجال العسكري "خالد بن الوليد" وهكذا الكثير..

العنصر الخامس: حرصه النبي (ﷺ) على تعليم أصحابه ما ينفعهم وحسن التعامل مع أخطاءهم:

كان (ﷺ) حريصاً على تعليم أصحابه .. حينما أساء رجل في صلاته فعلمه صفتها ، وسُمِّي حديثه بحديث المسيء صلاته ، وقال (ﷺ): }صلوا كما رأيتموني أصلي{ ]البخاري[ .

وفي حجة الوادع قال (ﷺ):}لتأخذوا مناسككم ، فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه { ]مسلم[

وقال أبو ذر رضي الله عنه : " تركنا رسول الله (ﷺ) وما طائر يقلب جناحيه في الهواء إلا وهو يذكرنا منه علما " ..

وكان (ﷺ) لا يرضى لأحد أن يحتقر أو يسب أحدا من أصحابه أو يحتقره، ولو كان صحابيا مثله ..

فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أنَّ رَجُلًا علَى عَهْدِ النبيِّ (ﷺ) كانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ، وكانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا، وكانَ يُضْحِكُ رَسولَ اللَّهِ (ﷺ) ، وكانَ النبيُّ (ﷺ) قدْ جَلَدَهُ في الشَّرَابِ، فَأُتِيَ به يَوْمًا فأمَرَ به فَجُلِدَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: اللَّهُمَّ العنْه، ما أكْثَرَ ما يُؤْتَى بهِ؟ فَقَالَ النبيُّ (ﷺ): لا تَلْعَنُوهُ، فَوَاللَّهِ ما عَلِمْتُ إنَّه يُحِبُّ اللَّهَ ورَسولَهُ { ] البخاري[

ولقد اتبع النبي (ﷺ) أسلوباً تربوياًّ عالياً في توجيههم والتعامل مع أخطاءهم وهو

كالآتي...

1ـ أسلوب الإشفاق على المخطئ وعدم تعنيفه:

كان صلوات الله وسلامه عليه يقدر ظروف الناس، ويراعي أحوالهم، ويعذرهم بجهلهم، ويتلطف في تصحيح أخطائهم، ويترفَّق في تعليمهم الصواب، ولاشك أن ذلك يملأ قلب المنصوح حباً للرسالة وصاحبها (ﷺ) ، مثلما فعل مع معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه يوم غزوة أوطاس، ولنتركه يحدثنا عن هذه القصة قال: }بينا أنا أصلي مع رسول الله (ﷺ) إذ عطس رجل من القوم، فقلت: "يرحمك الله"، فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: "واثُكْلَ أُمِّيَاهْ! ما شأنكم تنظرون إلي؟" فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يُصمِّتونني، لكني سكتُّ، فلما صلى رسول الله (ﷺ) فبأبي هو وأمي! ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه، فوا الله ما كهرني، ولا ضربني، ولا شتمني قال: "إن هذه الصلاة لا يَصْلُح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن"{” [صحيح الجامع].

وجاء أعرابي إلى النبي ﷺ وهو جالس بين أصحابه فقال: يا محمد أعطني من مال

الله الذي أعطاك، فإنكم يا قريش قوم تظلمون، فقام الصحابة يريدون به سوءا

فأمرهم أنْ يدعوه ثم أعطاه فقال: هل أحسنت إليك؟ قال: لا، ولا أجملت، فأدخله رسول الله ﷺ بيته وزاده حتى أرضاه، فقال: رضيت وجزاك الله خيرًا من أخ عشيرة فاستوقفه رسول الله ﷺ وقال معلّمًا أصحابه: }إنّ مثلي ومثل هذا الأعرابي كمثل رجل كانت له ناقة فشردت عليه، فاتبعها الناس فلم يزيدوها إلاَّ نفورًا، فقال لهم صاحب الناقة: خلّوا بيني وبين ناقتي، فأنا أرفق بها وأعلم بها، فتوجّه إليها فأخذ لها من قتام -طعام- الأرض ودعاها حتى جاءت واستجابت، وشد عليها رحلها واستوى عليها، وإنّي لو أطعتكم حيث قال ما قال، لدخل النار{.] رواه البزار[

2ـ أسلوب الإرشاد إلى الخطأ بالرفق والملاطفة

وكان(ﷺ) يقابل الخطأ بنوع من الملاطفة والرفق بالمخطئ، كما صنع مع خادمه أنس بن مالك رضي الله عنه حين أمره (ﷺ) أن يذهب في بعض حاجته، فانشغل عنها باللعب مع الصبيان، قال: }كان رسول الله (ﷺ) من أحسن الناس خلقا فأرسلني يوما لحاجة، فقلت: والله لا أذهب، وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به نبي الله (ﷺ)، فخرجت حتى أمر على صبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا رسول الله (ﷺ) قد قبض بقفاي من ورائي قال: فنظرت إليه وهو يضحك فقال:( يا أنيس

أذهبت حيث أمرتك) قال: قلت نعم أنا أذهب يا رسول الله، قال أنس: والله لقد خدمته تسع سنين ما علمته قال لشيء صنعته لم فعلت كذا وكذا، أو لشيء تركته هلا فعلت كذا وكذا{[صحيح مسلم]

3ـ أسلوب التعريض فيما يذم دون التصريح

كان النبي (ﷺ) يذم الخطأ ويشهر به، ولا يشهر بصاحبه، ولذلك لم يكن (ﷺ) يواجه المخطئين بالخطأ أمام الناس؛ لأن ذلك يؤدي إلى تحطيم شخصية المخطئ وإذلال نفسيته، وهذا أسلوب ذكي يتعلم منه المخطئ دون أن ينظر له الآخرون نظرة ازدراء.

عن أنس بن مالك قال :}إن نفرا من أصحاب النبي (ﷺ) سألوا أزواج النبي (ﷺ) عن عمله في السر، فقال بعضهم: لا أتزوج النساء، وقال بعضهم: لا آكل اللحم، وقال بعضهم: لا أنام على فراش، فحمد الله وأثنى عليه فقال: }ما بال أقوام قالوا كذا وكذا لكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني"{ [صحيح ابن حبان]

4ـ أسلوب الإقناع بالخطأ :

ومن منهجه (ﷺ) مع المخطئين أنه كان ينتهج معهم أسلوباً رفيعاً في تقويم

أخطائهم من ذلك: إقناعه (ﷺ) فبينما رسول الله (ﷺ) جالس بين أصحابه إذ جاءه شابّ من الأنصار فقال: يا رسول الله، أتأذن لي في الزنا؟، فعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: إن فتى شابا أتى النبيَّ (ﷺ) فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا!، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه مه، فقال: ادنه، فدنا منه قريبا، قال: فجلس، قال: أتحبه لأمك؟، قال: لا واللَّه، جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم، قال: أفتحبه لابنتك؟، قال: لا واللَّه، يا رسول اللَّه جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم، قال: أفتحبه لأختك؟ قال: لا واللَّه، جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم، قال: أفتحبه لعمتك؟ قال: لا واللَّه، جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم، قال أفتحبه لخالتك؟ قال: لا واللَّه جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم قال: فوضع يده عليه وقال: اللَّهمّ اغفر ذنبه وطهر قلبه، وحَصِّنْ فرْجَه، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء){. ]رواه أحمد[ .

فهذا شاب عارم الشهوة، صريح في التعبير عن نزواته دون حياء، فلقيه الرسول (ﷺ) بهذا الرفق الحسن والحوار الهادئ ، فقام ذلك الفتى مقتنعاً بخطئه عازماً على

تركه وعدم الالتفات إليه .

5ـ أسلوب التلميح بالغضب :

من توجيه النبي (ﷺ) وإرشاده للمخطئين أنه أحيانا لا يواجه المخطئ بفعله، وإنما يغضب لذلك فيُعرف في وجهه (ﷺ) ، فقد روى البخاري من حديث أبي سعيد الخدري أنه قال: كان النبي (ﷺ) }أشد حياء ً من العذراء في خدرها، فإذا رأى شيئاً يكرهه عرفناه في وجهه {[صحيح البخاري] .

وروت عائشة رضي الله عنها أنها اشترت نمرقة [أي وسادة] فيها تصاوير، فلما رآها رسول الله (ﷺ) قام على الباب فلم يدخل، فعرفت في وجهه الكراهية، فقالت : "يا رسول الله أتوب إلى الله وإلى رسوله، فماذا أذنبت؟ فقال (ﷺ):"ما بال هذه النمرقة" قلت: اشتريتها لك لتقعد عليها وتوسدها فقال رسول الله (ﷺ): "إن أصحاب هذه الصور يوم القيامة يعذبون فيقال لهم أحيوا ما خلقتم وقال: إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة" [ متفق عليه أخرجه البخاري في صحيحه].

وقد يبتسم ابتسامة المغضب؛ هذه الابتسامة التي يعاتب فيها أحيانا المخطئ ويوجهه ويقوِّم خطأه مثلما فعل مع كعب بن مالك الذي تخلف عن غزوة تبوك دون عذر ولنترك كعب يحدثنا عن لقائه الأول بالرسول (ﷺ) حين رجوعه من الغزوة قال: "فجئته فلما سلمت عليه تَبسَّم تَبسُّم المغضب ثم قال: ( تعال)، فجئت أمشي حتى جلست بين يديه، فقال لي: }ما خلفك ألم تكن قد ابتعت ظهرك، فقلت: بلى إني

والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أن أخرج من سخطه بعذر ولقد أعطيت جدلا، ولكني والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به عني ليوشكن الله أن يسخطك علي، ولئن حدثتك حديث صدق تجد علي فيه إني لأرجو فيه عفو الله. لا والله ما كان لي من عذر والله ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك. فقال رسول الله (ﷺ): أما هذا فقد صدق فقم حتى يقضي الله فيك…{[ صحيح البخاري]

ففي هذه القصة يتجلى الأثر العظيم في تهذيب نفوس المخطئين بهذا الأسلوب الحسن، عاقبه بابتسامة مغضبة من غير صراخ رغم عِظم هذا الموقف، فأين نحن اليوم من هذا الأسلوب النبوي الحكيم.

6ـ أسلوب العتاب والتأنيب :

على أن هذا العتاب يكون عتاباً توجيهياً، على قدر الحاجة من غير إسفافٍ ولا إسراف، ومن ذلك ما رواه البخاري عن أبي ذر قال :"سببت رجلاً فعيّـرته بأمه قال له : يا ابن السوداء، فقال رسول الله (ﷺ): }يا أبا ذر، أعيرته بأمه ، إنك امرؤ فيك جاهلية{ ] البخاري[

فقد عالج النبي (ﷺ) خطأ أبي ذر حين عيَّر الرجل بسواده بالتوبيخ والتأنيب ثم

وجهه لما يجب فعله .

وقد عاتب رسول الله (ﷺ) الشاب معاذ بن جبل عندما أطال بقومه الصلاة، حيث جاء رجل يشكو معاذاً إلى الرسول (ﷺ)، فقال (ﷺ): }يا معاذ، أفتّان أنت ؟ …{ [البخاري]

7ـ التذكير وتكرار التخويف:

وذلك ما رواه جندب ابن عبد الله البجلي: "أن رسول الله (ﷺ) بعث بعثا من المسلمين إلى قوم من المشركين وإنهم التقوا، فكان رجل من المشركين إذا شاء أن يقصد إلى رجل من المسلمين قصد له فقتله وإن رجلا من المسلمين قصد غفلته قال: وكنا نحدث أنه أسامة بن زيد فلما رفع عليه السيف قال: لا إله إلا الله فقتله فجاء البشير إلى النبي (ﷺ) فسأله فأخبره حتى أخبره خبر الرجل كيف صنع فدعاه فسأله فقال: (لم قتلته) قال: يا رسول الله أوجع في المسلمين وقتل فلانا وفلانا وسمى له نفرا وإني حملت عليه فلما رأى السيف قال: لا إله إلا الله . قال رسول الله (ﷺ): (أقتلته) قال: نعم قال:(فكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة) قال: يا رسول الله استغفر لي. قال: (وكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة) قال: ( فجعل لا يزيده على أن يقول: كيف تصنع بلا إله إلا الله

إذا جاءت يوم القيامة{[ أخرجه مسلم].

8ـ أسلوب العفو والصفح مهما كان الخطأ كبيرا :

يحتاج الإنسان أحيانا إلى مثل هذا الأسلوب مهما كانت درجة الخطأ، وقد كان (ﷺ) يستعمل هذا الأسلوب في الوقت المناسب لإصلاح أخطاء بعض الصحابة.

ومن أروع الأمثلة على ذلك: ما فعله مع حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه عندما كتب كتابا إلى قريش يُخبرهم بمسير رسول الله (ﷺ) إليهم، ثم أعطاه لامرأة، وجعل لها أجراً على أن تبلغه إلى قريش، فجعلته في ضفائر شعرها، ثم خرجت به إلى مكة، ولكن الله تعالى أطلع نبيه (ﷺ) بما صنع حاطب، فقضى (ﷺ) على هذه المحاولة، ولم يصل قريش أي خبر من أخبار تجهُّز المسلمين وسيرهم لفتح مكة.

فالخطأ الذي اقترفه هذا الصحابي الجليل ليس بالخطأ اليسير، إنه حاول أن يكشف أسرار الدولة المسلمة لأعدائها، ومع ذلك عامله معاملة رحيمة تدل على إقالة عثرات ذوي السوابق الحسنة، فجعل (ﷺ) من ماضي حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه سببًا في الصفح عنه، وهو أسلوب تربوي بليغ، وفيه درس تربوي حكيم.

الخاتمة..

لقد استطاع النبي (ﷺ) أن يصنع أعظم جيل عرفته البشرية وذلك بتوفيق الله تعالى،

ثم بحسن إدارته (ﷺ) ، فما أحوجنا إلى التأسي بحضرته الشريفة (ﷺ) حتى نقيم علاقات قوية بيننا وبين بعضنا والله تعالى أمرنا بذلك فقال تعالى } لَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ لِّمَن كَانَ يَرۡجُواْ ٱللَّهَ وَٱلۡيَوۡمَ ٱلۡأٓخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيرٗا (21){ ] الأحزاب[

نسأل الله تعالى أن يأدبنا بأدب الإسلام ويخلقنا بخلق النبي عليه الصلاة والسلام، وأن يجعلنا من أهل رضوانه وجناته إنه ولي ذلك والقادر عليه .



=========================
...المزيد

لقد أوهم اللعين خلقا كثيرا أنه لا إله و لا صانع ،و أن هذه الأشياء كانت بلا مكون، و هؤلاء لما لم ...

لقد أوهم اللعين خلقا كثيرا أنه لا إله و لا صانع ،و أن هذه الأشياء كانت بلا مكون، و هؤلاء لما لم يدركوا الصانع بالحس و لم يستعملوا في معرفته العقل جحدوه.
و هل يشك ذو عقل في وجود صانع؟!

فإن الإنسان لو مر بقاع ليس فيه بنيان؛ ثم عاد فرأى حائطا مبنيا علم أنه لابد له من بانٍ بناه.
فهذا المهاد الموضوع، و هذا السقف المرفوع، و هذه الأبنية العجيبة، و القوانين الجارية على وجه الحكمة؛ أما تدل على صانع؟!

و ما أحسن ما قال بعض العرب : إن البعرة تدل على البعير.
فهيكل علوي بهذه اللطافة، و مركز سفلي بهذه الكثافة أما يدلان على اللطيف الخبير؟!

ثم لو تأمل الإنسان نفسه لكفت دليلا ؛و لشفت غليلا، فإن في هذا الجسد من الحكم ما لا يسع ذكره في أسطر فايسبوكية.

من تأمل تحديد الأسنان لتقطع، و تقريض الأضراس لتطحن ،و اللسان يقلب الممضوغ و تسليط الكبد على الطعام ينضجه، ثم ينفذ إلى كل جارحة قدر ما تحتاج إليه من الغذاء.

هذه الأصابع التي هُيئت فيها العُقل لتُطوى و تنفتح، فيمكن العمل بها، و لم تُجوَّف لكثرة عملها ،إذ لو جُوِفت لصدمها الشيء القوي فكسرها ،و جعل بعضها أطول من بعض لتستوي إذا ضُمت.

و أخفى في البدن ما فيه قوامه، و هي النفس ؛التي إذا ذهبت فسُد العقل الذي يرشد إلى المصالح.

و كل شيء من هذه الأشياء ينادي : أفي الله شك؟!
و إنما يخبط الجاحد لأنه طلبه من حيث الحس.

و من الناس من جحده لأنه لما أثبت وجوده من حيث الجملة لم يدركه من حيث التفصيل؛ فجحد أصل الوجود ،و لو أعمل هذا فكره لعلم أن لنا أشياء لا تُدرك إلا جملة كالنفس و العقل ،و لم يمتنع أحد من إثبات وجودهما.
و هل الغاية إلا إثبات الخلق جملة ؟!
و كيف يُقال : كيف هو أو ما هو؟
و لا كيفية له و لا ماهية.

و من الأدلة القطعية على وجود أن العالَم حادث بدليل أنه لا يخلو من الحوادث، و كل ما لا ينفك عن الحوادث حادث، و لا بد لحدوث هذا الحادث من مسبب؛ و هو الخالق سبحانه.

و للملحدين اعتراض يتطاولون به على قولنا : لابد للصنعة من صانع؛ فيقولون : إنما تعلقتم في هذا بالشاهد و إليه تقاضيكم.
فنقول : كما أنه لابد للصنعة من صانع، فلا بد للصورة الواقعة من الصانع من مادة تقع الصورة فيها، كالخشب لصورة الباب، و الحديد لصورة الفأس.
قالوا : فدليلكم الذي تثبتون به الصانع يوجب قِدم العالم.
فالجواب : أنه لا حاجة بنا إلى مادة، بل نقول : إن الصانع اخترع الأشياء اختراعا، فإنا نعلم أن الصور و الأشكال المتجددة في الجسم مصورة الدولاب ليس لها مادة، و قد اخترعها و لابد لها من مصور. فقد أريناكم صورة و هي شيء جاءت لا من شيء و لا يمكنكم أن ترونا صنعة جاءت لا من صانع.
...المزيد
يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
29 محرم 1446
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً