الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 491 المقال الافتتاحي: معركة الجمارك الأمريكية [2/2] إن ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 491
المقال الافتتاحي:
معركة الجمارك الأمريكية

[2/2]
إن الكساد الذي يهدد الاقتصاد العالمي الربوي، لن يقتصر على أمريكا أو أوروبا، بل سيطال جميع الأنظمة والحكومات الطفيلية التي ربطت مصيرها بأمريكا وحلفها ودولارها، بل ستكون أزمتها أكبر من أزمة دولة الدولار نفسها! وستغدو عملة الدولار التي استخدمتها أمريكا في إخضاع وابتزاز الشركاء والأعداء، ستغدو أيقونة الأزمة الاقتصادية، وستنقلب لعنة ووبالا على عبادها البائعين أنفسهم بها.

لكن هذا لا يعني أن يتّكل المسلمون على ذلك، فليس بالضرورة أن يسقط هذا النظام الجاهلي غدا أو بعد غد، فقد تطول أو تقصر مدة بقائه وتربُّعه على عرش الحرب على الإسلام، وقد يسقط وينشأ بعده نظام أكثر حرابة.

وإنما المطلوب من المسلمين شرعا وواقعا، أن يعززوا نظام اقتصادهم بالصدقات كي لا يكون المال دولة بين الأغنياء منهم، والمطلوب الاعتماد على الذهب قدر المستطاع، وهجر البنوك الربوية ومعاملاتها التي تفشّت في المجتمعات الجاهلية، كما عليهم وجوبًا مناصرة المجاهدين ومؤازرتهم والالتحاق بهم، لأنهم الطائفة التي سيجري الله على أيديها أقداره بهزيمة الكافرين وتدمير عروشهم.

لقد بات ثابتًا أنّ الاقتصاد الأمريكي وتبعًا له العالمي، يعيش أزمة مزمنة، كلما وضعوا خطة لعلاجه، انتكست حالته مجددا فعادوا من حيث بدأوا، فهم في الحقيقة من أزمة إلى أخرى، لأن الأساس الذي بنوا عليه اقتصادهم؛ أساس متصدع متداع يتضمن كل أسباب السقوط والانهيار، {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ}.

ختاما، زعم الأهوج "ترامب" مرارا أنه انتصر في محاربة الجهاد، وبينما هو الآن منهمك في محاربة السيارات الألمانية والبضائع الصينية! ومقبل على المزيد من هذه المعارك التجارية؛ يبقى الجهاد المستفيد الأكبر من هذه المعارك التي اندلعت بين هذه الدول الكافرة، لأن جميعها عدو للجهاد الذي هو قدر الطائفة المنصورة إلى يوم الدين.


* المصدر:
صحيفة النبأ العدد 491
السنة السادسة عشرة - الخميس 19 شوال 1446 هـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 491 المقال الافتتاحي: معركة الجمارك الأمريكية [2/2] إن ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 491
المقال الافتتاحي:
معركة الجمارك الأمريكية

[2/2]
إن الكساد الذي يهدد الاقتصاد العالمي الربوي، لن يقتصر على أمريكا أو أوروبا، بل سيطال جميع الأنظمة والحكومات الطفيلية التي ربطت مصيرها بأمريكا وحلفها ودولارها، بل ستكون أزمتها أكبر من أزمة دولة الدولار نفسها! وستغدو عملة الدولار التي استخدمتها أمريكا في إخضاع وابتزاز الشركاء والأعداء، ستغدو أيقونة الأزمة الاقتصادية، وستنقلب لعنة ووبالا على عبادها البائعين أنفسهم بها.

لكن هذا لا يعني أن يتّكل المسلمون على ذلك، فليس بالضرورة أن يسقط هذا النظام الجاهلي غدا أو بعد غد، فقد تطول أو تقصر مدة بقائه وتربُّعه على عرش الحرب على الإسلام، وقد يسقط وينشأ بعده نظام أكثر حرابة.

وإنما المطلوب من المسلمين شرعا وواقعا، أن يعززوا نظام اقتصادهم بالصدقات كي لا يكون المال دولة بين الأغنياء منهم، والمطلوب الاعتماد على الذهب قدر المستطاع، وهجر البنوك الربوية ومعاملاتها التي تفشّت في المجتمعات الجاهلية، كما عليهم وجوبًا مناصرة المجاهدين ومؤازرتهم والالتحاق بهم، لأنهم الطائفة التي سيجري الله على أيديها أقداره بهزيمة الكافرين وتدمير عروشهم.

لقد بات ثابتًا أنّ الاقتصاد الأمريكي وتبعًا له العالمي، يعيش أزمة مزمنة، كلما وضعوا خطة لعلاجه، انتكست حالته مجددا فعادوا من حيث بدأوا، فهم في الحقيقة من أزمة إلى أخرى، لأن الأساس الذي بنوا عليه اقتصادهم؛ أساس متصدع متداع يتضمن كل أسباب السقوط والانهيار، {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ}.

ختاما، زعم الأهوج "ترامب" مرارا أنه انتصر في محاربة الجهاد، وبينما هو الآن منهمك في محاربة السيارات الألمانية والبضائع الصينية! ومقبل على المزيد من هذه المعارك التجارية؛ يبقى الجهاد المستفيد الأكبر من هذه المعارك التي اندلعت بين هذه الدول الكافرة، لأن جميعها عدو للجهاد الذي هو قدر الطائفة المنصورة إلى يوم الدين.


* المصدر:
صحيفة النبأ العدد 491
السنة السادسة عشرة - الخميس 19 شوال 1446 هـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

جزاءر. . . سيكون. . عبد ملك. ...

جزاءر. . . سيكون. . عبد ملك. -3


https://e.top4top.io/p_339622ukv0.png


https://f.top4top.io/p_3396kjv8i2.png

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 491 المقال الافتتاحي: معركة الجمارك الأمريكية [1/2] بعد ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 491
المقال الافتتاحي:
معركة الجمارك الأمريكية

[1/2]
بعد معركة "البيت البيضاوي" التي فتح فيها الطاغوت الأمريكي النار على أوروبا، ها هو يلقي في "حديقة الورود" قنبلة نووية على الاقتصاد العالمي بأسره! مستهدفًا حلفاءه قبل أعدائه! عبر فرض تعريفات جمركية خيالية، يريد من خلالها "إنقاذ" الاقتصاد الأمريكي من الغرق، مكرِّرًا بذلك سياسات أسلافه التي زادتهم رهقًا وغرقًا.

فما فعله "ترامب" ليس جديدا على عالم السياسات الأمريكية الفاشلة في علاج أزماتهم المزمنة، فقد سبقه وشابهه قانون "سموت هاولي" للتعريفات الجمركية الذي فرضه الطاغوت "هربرت هوفر" قبل نحو قرن لنفس الأسباب التي يتعلل بها "ترامب" اليوم، إلا أن ردود الفعل المضادة على تلك التعريفات، أحدثت العكس وزادت المركب الأمريكي غرقا، وهو ما يتكرر اليوم.

يبرر "ترامب" خطوته المتشنجة بأنها تهدف إلى تجاوز "العجز التجاري" الأمريكي وإحداث "توازن" مع الدول المنافسة، خصوصا الصين والاتحاد الأوروبي، عبر تطبيق سياسة "العين بالعين" أي المعاملة بالمثل.

المعاملة بالمثل ستدفع الدول المتضررة إلى تطبيق نفس السياسة مع أمريكا، وبالفعل، فالرد الصيني والأوروبي لم يتأخر وجاء قويا وموازيا، وهو ما يهيئ الفرصة لاندلاع مزيد من المعارك الاقتصادية المتبادلة بين أعداء الإسلام، وتعمُّقها وانتقالها إلى ميادين جديدة خارج الميدان الاقتصادي.

إن ما حدث هو بمثابة فرض "حواجز وقيود" على حرية التجارة التي كان الصليبيون يتفاخرون بها، وينظرون إليها رمزا لقوتهم ووحدتهم؛ بينما هم اليوم يفضّون وحدتهم بأموالهم، ويهدمون بيوتهم بأيديهم.

وبعيدا عن الغوص في تعقيدات الاقتصاد، تنطوي الخطوة الترامبية على مخاوف حقيقية من حدوث "ركود عالمي" غير مسبوق يضرب الاقتصاد العالمي، إلى حد دفع "خبراء الاقتصاد" الدوليين إلى التحذير من خطورة الخطوة واصفين إيّاها بـ "القنبلة النووية! والزلزال الاقتصادي!"

الزلزال الاقتصادي بالفعل بدأ يضرب الأسواق العالمية الربوية التي تقتات عليها الحكومات الكافرة التي تساق راغمة إلى مستقبلها الأسود المليء بالحروب والتصدعات السياسية والاقتصادية.

وإلى جانب التبعات الاقتصادية والسياسية، فإنّ للأزمة تبعات اجتماعية وخيمة على شعوب هذه الدول الصليبية، فارتفاع معدلات البطالة وتفشي الفقر كل ذلك سيؤدي حتما إلى تفشي جرائم القتل والسرقة وتجارة المخدرات والبشر، وستنشأ أجيال أمريكية أوروبية تمتهن الجريمة! وتقتل لكي تأكل! إننا نتحدث عن تفكك اجتماعي يفوق حد السيطرة والعلاج.

ولكي نقرّب الصورة أكثر، نستذكر ما حلّ بهذه الشعوب الصليبية إبّان "أزمة كورونا" وكيف ظهرت على حقيقتها الهمجية البهيمية في السرقة والنهب والاعتداء بحثا عن الطعام والمال، كان ذلك عينة صغيرة من التفكك الاجتماعي الناجم عن الأزمة الاقتصادية بفعل "الفيروس الصيني!"، بينما التفكك المتوقع حدوثه بفعل "الكساد الأمريكي" سيفوق كل الحدود.

في البعد الشرعي، فإنّ الأسباب التي أدت إلى خلخلة النظام الاقتصادي العالمي ممتدة متعددة نلخِّصها في أمرين اثنين، الأول: قيامه على الربا جملة وتفصيلا، والثاني: تورطه -بقيادة أمريكا- في سلاسل الحروب الصليبية باهظة التكلفة، والتي بلغت ذروتها في مرحلة "التحالف الدولي" الذي أنفق المليارات على حرب الدولة الإسلامية، بعد أن جرجرته إلى أكبر معركة استنزاف معاصرة، ولا أدلّ على ذلك من أنّ الخطوة التي اضطرت أمريكا لاتخاذها لتدارك الأمر؛ هي تعزيز السياسة الانسحابية من المنطقة، كي تقلل نفقاتها العسكرية وتُوفرها لعلاج أزماتها المتفاقمة خلف المحيطات.

وبذلك جمعت أمريكا ونظامها الدولي بين الأمرين الأمرّين الموجبين لحرب الله تعالى؛ فرابت، وأولياء الله عادت؛ فاستحقّت بذلك وعيد الله تعالى في الحديث القدسي: (مَن آذى لي وليًّا فقد آذنتُه بالحرب)، كما استحقّت وعيده للمرابين في قوله سبحانه: {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}، قال ابن عباس: أي "استيقِنوا بحرب من الله ورسوله"، قال قتادة: "أوعدهم الله بالقتل كما تسمعون"، قال أبو جعفر: "هذه الأخبار تنبئ عن أنّ -الآية- إيذان من الله عز وجل لهم بالحرب والقتل" أهـ. كما قال سبحانه: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ}، فالحرب والمحق والسحق هو وعد الله الذي ينتظر اقتصاد الكافرين ونظامهم الربوي، سواء حكمهم "ترامب" أو غيره، وسواء حكمهم اليسار أو يمينه، ومصير قارون وفرعون هو ما ينتظر الطاغوت الأمريكي وأمثاله، فكيف يفلح نظام هذا حاله ومآله؟!


* المصدر:
صحيفة النبأ العدد 491
السنة السادسة عشرة - الخميس 19 شوال 1446 هـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 491 المقال الافتتاحي: معركة الجمارك الأمريكية [1/2] بعد ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 491
المقال الافتتاحي:
معركة الجمارك الأمريكية

[1/2]
بعد معركة "البيت البيضاوي" التي فتح فيها الطاغوت الأمريكي النار على أوروبا، ها هو يلقي في "حديقة الورود" قنبلة نووية على الاقتصاد العالمي بأسره! مستهدفًا حلفاءه قبل أعدائه! عبر فرض تعريفات جمركية خيالية، يريد من خلالها "إنقاذ" الاقتصاد الأمريكي من الغرق، مكرِّرًا بذلك سياسات أسلافه التي زادتهم رهقًا وغرقًا.

فما فعله "ترامب" ليس جديدا على عالم السياسات الأمريكية الفاشلة في علاج أزماتهم المزمنة، فقد سبقه وشابهه قانون "سموت هاولي" للتعريفات الجمركية الذي فرضه الطاغوت "هربرت هوفر" قبل نحو قرن لنفس الأسباب التي يتعلل بها "ترامب" اليوم، إلا أن ردود الفعل المضادة على تلك التعريفات، أحدثت العكس وزادت المركب الأمريكي غرقا، وهو ما يتكرر اليوم.

يبرر "ترامب" خطوته المتشنجة بأنها تهدف إلى تجاوز "العجز التجاري" الأمريكي وإحداث "توازن" مع الدول المنافسة، خصوصا الصين والاتحاد الأوروبي، عبر تطبيق سياسة "العين بالعين" أي المعاملة بالمثل.

المعاملة بالمثل ستدفع الدول المتضررة إلى تطبيق نفس السياسة مع أمريكا، وبالفعل، فالرد الصيني والأوروبي لم يتأخر وجاء قويا وموازيا، وهو ما يهيئ الفرصة لاندلاع مزيد من المعارك الاقتصادية المتبادلة بين أعداء الإسلام، وتعمُّقها وانتقالها إلى ميادين جديدة خارج الميدان الاقتصادي.

إن ما حدث هو بمثابة فرض "حواجز وقيود" على حرية التجارة التي كان الصليبيون يتفاخرون بها، وينظرون إليها رمزا لقوتهم ووحدتهم؛ بينما هم اليوم يفضّون وحدتهم بأموالهم، ويهدمون بيوتهم بأيديهم.

وبعيدا عن الغوص في تعقيدات الاقتصاد، تنطوي الخطوة الترامبية على مخاوف حقيقية من حدوث "ركود عالمي" غير مسبوق يضرب الاقتصاد العالمي، إلى حد دفع "خبراء الاقتصاد" الدوليين إلى التحذير من خطورة الخطوة واصفين إيّاها بـ "القنبلة النووية! والزلزال الاقتصادي!"

الزلزال الاقتصادي بالفعل بدأ يضرب الأسواق العالمية الربوية التي تقتات عليها الحكومات الكافرة التي تساق راغمة إلى مستقبلها الأسود المليء بالحروب والتصدعات السياسية والاقتصادية.

وإلى جانب التبعات الاقتصادية والسياسية، فإنّ للأزمة تبعات اجتماعية وخيمة على شعوب هذه الدول الصليبية، فارتفاع معدلات البطالة وتفشي الفقر كل ذلك سيؤدي حتما إلى تفشي جرائم القتل والسرقة وتجارة المخدرات والبشر، وستنشأ أجيال أمريكية أوروبية تمتهن الجريمة! وتقتل لكي تأكل! إننا نتحدث عن تفكك اجتماعي يفوق حد السيطرة والعلاج.

ولكي نقرّب الصورة أكثر، نستذكر ما حلّ بهذه الشعوب الصليبية إبّان "أزمة كورونا" وكيف ظهرت على حقيقتها الهمجية البهيمية في السرقة والنهب والاعتداء بحثا عن الطعام والمال، كان ذلك عينة صغيرة من التفكك الاجتماعي الناجم عن الأزمة الاقتصادية بفعل "الفيروس الصيني!"، بينما التفكك المتوقع حدوثه بفعل "الكساد الأمريكي" سيفوق كل الحدود.

في البعد الشرعي، فإنّ الأسباب التي أدت إلى خلخلة النظام الاقتصادي العالمي ممتدة متعددة نلخِّصها في أمرين اثنين، الأول: قيامه على الربا جملة وتفصيلا، والثاني: تورطه -بقيادة أمريكا- في سلاسل الحروب الصليبية باهظة التكلفة، والتي بلغت ذروتها في مرحلة "التحالف الدولي" الذي أنفق المليارات على حرب الدولة الإسلامية، بعد أن جرجرته إلى أكبر معركة استنزاف معاصرة، ولا أدلّ على ذلك من أنّ الخطوة التي اضطرت أمريكا لاتخاذها لتدارك الأمر؛ هي تعزيز السياسة الانسحابية من المنطقة، كي تقلل نفقاتها العسكرية وتُوفرها لعلاج أزماتها المتفاقمة خلف المحيطات.

وبذلك جمعت أمريكا ونظامها الدولي بين الأمرين الأمرّين الموجبين لحرب الله تعالى؛ فرابت، وأولياء الله عادت؛ فاستحقّت بذلك وعيد الله تعالى في الحديث القدسي: (مَن آذى لي وليًّا فقد آذنتُه بالحرب)، كما استحقّت وعيده للمرابين في قوله سبحانه: {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}، قال ابن عباس: أي "استيقِنوا بحرب من الله ورسوله"، قال قتادة: "أوعدهم الله بالقتل كما تسمعون"، قال أبو جعفر: "هذه الأخبار تنبئ عن أنّ -الآية- إيذان من الله عز وجل لهم بالحرب والقتل" أهـ. كما قال سبحانه: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ}، فالحرب والمحق والسحق هو وعد الله الذي ينتظر اقتصاد الكافرين ونظامهم الربوي، سواء حكمهم "ترامب" أو غيره، وسواء حكمهم اليسار أو يمينه، ومصير قارون وفرعون هو ما ينتظر الطاغوت الأمريكي وأمثاله، فكيف يفلح نظام هذا حاله ومآله؟!


* المصدر:
صحيفة النبأ العدد 491
السنة السادسة عشرة - الخميس 19 شوال 1446 هـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته انا زوجي أعطاني بطاقة البنك قال لي اخد مبلغ معين انا اخدت ...

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته انا زوجي أعطاني بطاقة البنك قال لي اخد مبلغ معين انا اخدت أكتر شوية من المبلغ المحدد وضميري أنبني وهو عرف وسئلني انا مع الخوف من كدبت عليه وهو عرف وصار مشكلة كبيرة وصلت للانفصال وانا والله احست بتأنيب الضمير من الله عز وجل ومن زوجي شو أعمل لحتى أعد تقته بي ويسامحني وشكرا ...المزيد

كما ويَحرم على الحائض والنفساء أن يأتيها زوجها لقول الله، عز وجل: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ...

كما ويَحرم على الحائض والنفساء أن يأتيها زوجها لقول الله، عز وجل: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222]؛ قال الإمام الطبري -رحمه الله تعالى- في تفسيره: "وإنما كان القوم سألوا رسول الله، صلى الله عليه وسلم -فيما ذُكر لنا- عن الحيض، لأنهم كانوا قبل بيان الله لهم ما يتبيَّنون من أمره، لا يساكنون حائضاً في بيت، ولا يؤاكلونهنَّ في إناء ولا يشاربونهن. فعرَّفهم الله بهذه الآية، أنّ الذي عليهم في أيام حيض نسائهم، أن يجتنَّبوا جماعهن فقط، دون ما عدا ذلك من مضاجعتهن ومؤاكلتهن ومشاربتهن".

وعن عروة، أنه سُئل: "أتخدمني الحائض أو تدنو مني المرأة وهي جُنُب؟"، فقال عروة: "كل ذلك عليَّ هيِّن، وكل ذلك تخدمني وليس على أحد في ذلك بأس، أخبرتني عائشة: أنها كانت ترجِّل، تعني رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي حائض، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- حينئذ مجاور في المسجد، يُدني لها رأسه، وهي في حجرتها، فتُرجِّله وهي حائض" [رواه البخاري].
ويجوز للرجل –إن كان يملك إربَه- أن يباشر زوجته الحائض ويستمتع بها دون الجماع وهي متَّزرة؛ عن عائشة قالت: "كانت إحدانا إذا كانت حائضا فأراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يباشرها، أمَرَها أن تتَّزر في فور حيضتها ثم يباشرها، قالت: وأيُّكم يملك إربه كما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يملك إربه" [أخرجه البخاري].

أما الحج فإن من تحيض فيه أو يفاجئها المخاض؛ تؤدي المناسك جميعها إلا الطواف بالبيت؛ عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "خرجنا لا نرى إلا الحج، فلما كنا بسَرَف حضت، فدخل عليَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا أبكي، قال: (ما لك أنَفِستِ؟)، قلت: نعم، قال: (إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم، فاقضي ما يقضي الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت)" [متفق عليه].

كما ويَجدر بالمسلمة أن تعلم أن الحيض لا ينفي كل عبادة، فالذكر والتسبيح والتحميد والتهليل والدعاء لا بأس به، وأما مسألة قراءة الحائض من المصحف فمسألة اختلف فيها أهل العلم، والجمهور على القول بمنع الحائض من قراءة القرآن.

ويجوز للحائض دخول المسجد لتناول حاجة أو المرور عبره إذا أمنت التلويث ولا تمكث فيه؛ عن عائشة قالت: "قال لي رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (ناوليني الخُمْرة من المسجد)"، قالت: "فقلت: إني حائض، فقال: (إنَّ حيضَتكِ ليست في يَدِك)" [رواه مسلم].

وأما في المعاملات فهناك مسألة تجهلها الكثير من النساء، ألا وهي حكم الطلاق في زمن الحيض، فقد أجمع أهل العلم على أنه طلاق بِدعي محرَّم؛ عن ابن عمر، أنه طلَّق امرأته، وهي حائض في عهد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فسأل عمر بن الخطاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، فقال له رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (مُره فليراجِعها، ثم ليتركها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعد، وإن شاء طلَّق قبل أن يمس، فتلك العِدَّة التي أمر الله -عز وجل- أن يُطلق لها النساء) [متفق عليه]، غير أن الفقهاء اختلفوا في هل يقع طلاق الحائض أم لا.

وأخيراً: على الحائض والنفساء أن تغتسل إذا ما طهرت -بالإجماع- لأداء ما عليها من واجبات وغيرها.

- هل المستحاضة لها أحكام الحائض؟

ربما تسأل سائلة: هل هذه الأحكام من منع وإباحة تجري على المستحاضة كما تجري على الحائض؟
والجواب: لا، فإنه ولما كان لدم الحيض صفة مختلفة عن دم الاستحاضة، جاءت أحكامهما أيضا مختلفة، فالمستحاضة تصوم وتصلي وتطوف بالبيت وغير ذلك، إلا أنها تغسل موضع الدم وتتوضأ عند دخول كل صلاة؛ عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن أم حبيبة بنت جحش، خَتَنَة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وكانت تحت عبد الرحمن بن عوف استحيضت سبع سنين، فاستفتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ذلك، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إن هذه ليست بالحيضة، ولكن هذا عرق، فاغتسلي وصلِّي) [رواه مسلم]، هذا والله تعالى أعلم، والحمد لله رب العالمين.

المصدر: صحيفة النبأ - العدد 72
الخميس 17 جمادى الآخرة 1438 ه‍ـ


ما لا يسع الحائض والنُّفَساء جهله
...المزيد

كما ويَحرم على الحائض والنفساء أن يأتيها زوجها لقول الله، عز وجل: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ...

كما ويَحرم على الحائض والنفساء أن يأتيها زوجها لقول الله، عز وجل: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222]؛ قال الإمام الطبري -رحمه الله تعالى- في تفسيره: "وإنما كان القوم سألوا رسول الله، صلى الله عليه وسلم -فيما ذُكر لنا- عن الحيض، لأنهم كانوا قبل بيان الله لهم ما يتبيَّنون من أمره، لا يساكنون حائضاً في بيت، ولا يؤاكلونهنَّ في إناء ولا يشاربونهن. فعرَّفهم الله بهذه الآية، أنّ الذي عليهم في أيام حيض نسائهم، أن يجتنَّبوا جماعهن فقط، دون ما عدا ذلك من مضاجعتهن ومؤاكلتهن ومشاربتهن".

وعن عروة، أنه سُئل: "أتخدمني الحائض أو تدنو مني المرأة وهي جُنُب؟"، فقال عروة: "كل ذلك عليَّ هيِّن، وكل ذلك تخدمني وليس على أحد في ذلك بأس، أخبرتني عائشة: أنها كانت ترجِّل، تعني رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي حائض، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- حينئذ مجاور في المسجد، يُدني لها رأسه، وهي في حجرتها، فتُرجِّله وهي حائض" [رواه البخاري].
ويجوز للرجل –إن كان يملك إربَه- أن يباشر زوجته الحائض ويستمتع بها دون الجماع وهي متَّزرة؛ عن عائشة قالت: "كانت إحدانا إذا كانت حائضا فأراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يباشرها، أمَرَها أن تتَّزر في فور حيضتها ثم يباشرها، قالت: وأيُّكم يملك إربه كما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يملك إربه" [أخرجه البخاري].

أما الحج فإن من تحيض فيه أو يفاجئها المخاض؛ تؤدي المناسك جميعها إلا الطواف بالبيت؛ عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "خرجنا لا نرى إلا الحج، فلما كنا بسَرَف حضت، فدخل عليَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا أبكي، قال: (ما لك أنَفِستِ؟)، قلت: نعم، قال: (إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم، فاقضي ما يقضي الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت)" [متفق عليه].

كما ويَجدر بالمسلمة أن تعلم أن الحيض لا ينفي كل عبادة، فالذكر والتسبيح والتحميد والتهليل والدعاء لا بأس به، وأما مسألة قراءة الحائض من المصحف فمسألة اختلف فيها أهل العلم، والجمهور على القول بمنع الحائض من قراءة القرآن.

ويجوز للحائض دخول المسجد لتناول حاجة أو المرور عبره إذا أمنت التلويث ولا تمكث فيه؛ عن عائشة قالت: "قال لي رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (ناوليني الخُمْرة من المسجد)"، قالت: "فقلت: إني حائض، فقال: (إنَّ حيضَتكِ ليست في يَدِك)" [رواه مسلم].

وأما في المعاملات فهناك مسألة تجهلها الكثير من النساء، ألا وهي حكم الطلاق في زمن الحيض، فقد أجمع أهل العلم على أنه طلاق بِدعي محرَّم؛ عن ابن عمر، أنه طلَّق امرأته، وهي حائض في عهد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فسأل عمر بن الخطاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، فقال له رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (مُره فليراجِعها، ثم ليتركها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعد، وإن شاء طلَّق قبل أن يمس، فتلك العِدَّة التي أمر الله -عز وجل- أن يُطلق لها النساء) [متفق عليه]، غير أن الفقهاء اختلفوا في هل يقع طلاق الحائض أم لا.

وأخيراً: على الحائض والنفساء أن تغتسل إذا ما طهرت -بالإجماع- لأداء ما عليها من واجبات وغيرها.

- هل المستحاضة لها أحكام الحائض؟

ربما تسأل سائلة: هل هذه الأحكام من منع وإباحة تجري على المستحاضة كما تجري على الحائض؟
والجواب: لا، فإنه ولما كان لدم الحيض صفة مختلفة عن دم الاستحاضة، جاءت أحكامهما أيضا مختلفة، فالمستحاضة تصوم وتصلي وتطوف بالبيت وغير ذلك، إلا أنها تغسل موضع الدم وتتوضأ عند دخول كل صلاة؛ عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن أم حبيبة بنت جحش، خَتَنَة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وكانت تحت عبد الرحمن بن عوف استحيضت سبع سنين، فاستفتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ذلك، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إن هذه ليست بالحيضة، ولكن هذا عرق، فاغتسلي وصلِّي) [رواه مسلم]، هذا والله تعالى أعلم، والحمد لله رب العالمين.

المصدر: صحيفة النبأ - العدد 72
الخميس 17 جمادى الآخرة 1438 ه‍ـ

ما لا يسع الحائض والنُّفَساء جهله
...المزيد

صحيفة النبأ - العدد 72 مقال: ما لا يسع الحائض والنُّفَساء جهله لما كان الحيض أمرا قد كتبه ...

صحيفة النبأ - العدد 72
مقال:

ما لا يسع الحائض والنُّفَساء جهله

لما كان الحيض أمرا قد كتبه الله -عز وجل- على بنات آدم، كان كتاب الحيض من أهم المسائل الفقهية وأدقِّها، لتعلقه بالعبادات من صلاة وصيام وغيرها، وتعلقه كذلك بالمعاملات التي يدخل فيها فقه الأسرة، ومنه النكاح والطلاق وغير ذلك، وهو الذي قال فيه الإمام أحمد، رحمه الله تعالى: "مكثت في الحيض تسع سنين حتى علمته"، فكان حرياً بكل مسلمة أن تتفقَّه فيه، وتعرف ما لها وما عليها أثناء حيضها ونفاسها، وتكون معنية بأمر دينها، تسأل دون حرج من تثق في علمهم، لا المتعالمين والمتعالمات، المتجرِّئين على الفتيا والمتجرّئات، كيلا تقع في محظور شرعي، ولا تأتي بقول أو فعل بدعي، ورضي الله عن الصدِّيقة عائشة إذ تقول: "نِعم النساء نساء الأنصار، لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين" [رواه البخاري].

الحيض والنفاس يشتركان في الأحكام:

ابتداءً، لتعلم المسلمة أنه لا فرق بين الحيض والنفاس من حيث الأحكام، وقد بوَّب الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه: [باب من سمَّى النفاس حيضا، والحيض نفاسا]، جاء فيه: "عن أبي سلمة أن زينب بنت أم سلمة، حدثته أن أم سلمة حدثتها قالت: بينا أنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- مضطجعة في خميصة، إذ حضت، فانسللت، فأخذت ثياب حيضتي، قال: (أنَفِستِ؟) قلت: نعم، فدعاني، فاضطجعتُ معه في الخميلة".
غير أن الحيض دم ينزل من رحم المرأة بعد بلوغها في أوقات معتادة من الشهر، أقلُّ مدته ساعة، وأكثرُ مدته خمسة عشر يوماً على أرجح الأقوال، وما زاد على ذلك عدَّہ العلماء استحاضة.

وأما النِّفاس فهو الدم الذي ينزل من المرأة بعد الولادة أو عند السقط، وأحيانا يسبق موعد الولادة بيوم أو يومين أو ثلاثة مع الطَّلق، لأنه علامة الولادة أو قربها ويخرج بسبب ترخية الرحم، فمن تكون قد أوشكت على الولادة ورأت دما فإنه دم نفاس وعلامة مخاض، والله أعلم.

- الفرق بين الحائض والمستحاضة:

الاستحاضة نزول الدم على المرأة في غير أوقاته المعتادة من عرق يسمى العاذل، أو استمرار نزول الدم عليها بعد انتهاء أيام حيضها المعتادة، وهنا تجدر الإشارة إلى نقطتين مهمتين ينبغي على الأخت المسلمة التفطن والاحتراز منهما، أولاها: أن تحسن المرأة حساب تاريخ حيضتها وعدد أيامها، حتى إذا ما نزل الدم في غير وقته المعتاد، أو زادت أيام فترة الحيض، علمت المرأة أن ذلك دم استحاضة، فعن عائشة أنها قالت: قالت فاطمة بنت أبي حُبيش لرسول الله، صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إني لا أطهر أفأدَعُ الصلاة، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إنما ذلك عِرقٌ وليس بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة، فإذا ذهب قدْرُها، فاغسِلي عنك الدم وصلي) [رواه البخاري].

وثانيها: أن تُحسن التمييز بين دم الحيض ودم الاستحاضة، فلكليهما صفة تختلف عن الأخرى، كما ينبغي للمسلمة أن تميِّز علامة طهرها ونقائها، وللطهر علامتان؛ إما قَصة بيضاء وإما جُفوف، فأما القَصة فهي عبارة عن ماء أبيض يدفعه الرحم عند انتهاء الدم، كما في حديث الفقيهة العالمة أم المؤمنين عائشة، رضي الله عنها وعن أبيها، فعن علقمة بن أبي علقمة، عن أمِّه، مولاة عائشة أم المؤمنين أنها قالت: كان النساء يبعثن إلى عائشة بالدرجة فيها الكُرسُف، فيه الصفرة من دم الحيضة، يسألنها عن الصلاة. فتقول لهن: (لا تعجلن حتى ترين القَصَّة البيضاء. تريد بذلك الطُّهر من الحيضة) [رواه مالك]، وأما الجفوف فهو لمن لا ترى القَصَّة فتدخل خرقة فتخرجها جافة.

- أحكام الحيض والنفاس:

كما أشرنا آنفا فإن للحيض والنفاس أحكاما تتعلق بالعبادات والمعاملات، أولها أن المرأة إذا حاضت أو وضعت مولودا ورأت دما تنقطع عن الصلاة والصوم، وهذا هو نقصان الدين الذي وصف به النبي -صلى الله عليه وسلم- النساءَ، إذ جاء في الحديث عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله قال: (ما رأيت مِن ناقصات عقل ولا دين أغلب لذي لُبٍّ منكن). قالت: "وما نقصان العقل والدين؟". قال: (أما نُقصان العقل فشهادة امرأتين شهادة رجل، وأما نقصان الدين فإن إحداكن تُفطر رمضان وتقيم أياما لا تصلي) [رواه أبو داود ورواه الشيخان مطوّلا].

وعند انتهاء المرأة من حيضتها أو خروجها من النفاس تغتسل غسل رفع الحدث الأكبر ولا تقضي تلك الصلوات التي تركتها، على خلاف الصوم فإن المرأة إذا حاضت أو نفست في رمضان، وجب عليها قضاء الأيام التي أفطرتها، فعن معاذة، أن امرأة قالت لعائشة: "أتجزي إحدانا صلاتها إذا طهرت؟"، فقالت: "أحرورية أنت؟ كنا نحيض مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فلا يأمرنا به"، أو قالت: "فلا نفعله" [رواه البخاري]. وقد نقلَ الإجماع بوجوب قضاء الصوم طائفةٌ من أهل العلم، رحمهم الله.
...المزيد

صحيفة النبأ - العدد 72 مقال: ما لا يسع الحائض والنُّفَساء جهله لما كان الحيض أمرا قد كتبه ...

صحيفة النبأ - العدد 72
مقال:

ما لا يسع الحائض والنُّفَساء جهله

لما كان الحيض أمرا قد كتبه الله -عز وجل- على بنات آدم، كان كتاب الحيض من أهم المسائل الفقهية وأدقِّها، لتعلقه بالعبادات من صلاة وصيام وغيرها، وتعلقه كذلك بالمعاملات التي يدخل فيها فقه الأسرة، ومنه النكاح والطلاق وغير ذلك، وهو الذي قال فيه الإمام أحمد، رحمه الله تعالى: "مكثت في الحيض تسع سنين حتى علمته"، فكان حرياً بكل مسلمة أن تتفقَّه فيه، وتعرف ما لها وما عليها أثناء حيضها ونفاسها، وتكون معنية بأمر دينها، تسأل دون حرج من تثق في علمهم، لا المتعالمين والمتعالمات، المتجرِّئين على الفتيا والمتجرّئات، كيلا تقع في محظور شرعي، ولا تأتي بقول أو فعل بدعي، ورضي الله عن الصدِّيقة عائشة إذ تقول: "نِعم النساء نساء الأنصار، لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين" [رواه البخاري].

الحيض والنفاس يشتركان في الأحكام:

ابتداءً، لتعلم المسلمة أنه لا فرق بين الحيض والنفاس من حيث الأحكام، وقد بوَّب الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه: [باب من سمَّى النفاس حيضا، والحيض نفاسا]، جاء فيه: "عن أبي سلمة أن زينب بنت أم سلمة، حدثته أن أم سلمة حدثتها قالت: بينا أنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- مضطجعة في خميصة، إذ حضت، فانسللت، فأخذت ثياب حيضتي، قال: (أنَفِستِ؟) قلت: نعم، فدعاني، فاضطجعتُ معه في الخميلة".
غير أن الحيض دم ينزل من رحم المرأة بعد بلوغها في أوقات معتادة من الشهر، أقلُّ مدته ساعة، وأكثرُ مدته خمسة عشر يوماً على أرجح الأقوال، وما زاد على ذلك عدَّہ العلماء استحاضة.

وأما النِّفاس فهو الدم الذي ينزل من المرأة بعد الولادة أو عند السقط، وأحيانا يسبق موعد الولادة بيوم أو يومين أو ثلاثة مع الطَّلق، لأنه علامة الولادة أو قربها ويخرج بسبب ترخية الرحم، فمن تكون قد أوشكت على الولادة ورأت دما فإنه دم نفاس وعلامة مخاض، والله أعلم.

- الفرق بين الحائض والمستحاضة:

الاستحاضة نزول الدم على المرأة في غير أوقاته المعتادة من عرق يسمى العاذل، أو استمرار نزول الدم عليها بعد انتهاء أيام حيضها المعتادة، وهنا تجدر الإشارة إلى نقطتين مهمتين ينبغي على الأخت المسلمة التفطن والاحتراز منهما، أولاها: أن تحسن المرأة حساب تاريخ حيضتها وعدد أيامها، حتى إذا ما نزل الدم في غير وقته المعتاد، أو زادت أيام فترة الحيض، علمت المرأة أن ذلك دم استحاضة، فعن عائشة أنها قالت: قالت فاطمة بنت أبي حُبيش لرسول الله، صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إني لا أطهر أفأدَعُ الصلاة، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إنما ذلك عِرقٌ وليس بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة، فإذا ذهب قدْرُها، فاغسِلي عنك الدم وصلي) [رواه البخاري].

وثانيها: أن تُحسن التمييز بين دم الحيض ودم الاستحاضة، فلكليهما صفة تختلف عن الأخرى، كما ينبغي للمسلمة أن تميِّز علامة طهرها ونقائها، وللطهر علامتان؛ إما قَصة بيضاء وإما جُفوف، فأما القَصة فهي عبارة عن ماء أبيض يدفعه الرحم عند انتهاء الدم، كما في حديث الفقيهة العالمة أم المؤمنين عائشة، رضي الله عنها وعن أبيها، فعن علقمة بن أبي علقمة، عن أمِّه، مولاة عائشة أم المؤمنين أنها قالت: كان النساء يبعثن إلى عائشة بالدرجة فيها الكُرسُف، فيه الصفرة من دم الحيضة، يسألنها عن الصلاة. فتقول لهن: (لا تعجلن حتى ترين القَصَّة البيضاء. تريد بذلك الطُّهر من الحيضة) [رواه مالك]، وأما الجفوف فهو لمن لا ترى القَصَّة فتدخل خرقة فتخرجها جافة.

- أحكام الحيض والنفاس:

كما أشرنا آنفا فإن للحيض والنفاس أحكاما تتعلق بالعبادات والمعاملات، أولها أن المرأة إذا حاضت أو وضعت مولودا ورأت دما تنقطع عن الصلاة والصوم، وهذا هو نقصان الدين الذي وصف به النبي -صلى الله عليه وسلم- النساءَ، إذ جاء في الحديث عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله قال: (ما رأيت مِن ناقصات عقل ولا دين أغلب لذي لُبٍّ منكن). قالت: "وما نقصان العقل والدين؟". قال: (أما نُقصان العقل فشهادة امرأتين شهادة رجل، وأما نقصان الدين فإن إحداكن تُفطر رمضان وتقيم أياما لا تصلي) [رواه أبو داود ورواه الشيخان مطوّلا].

وعند انتهاء المرأة من حيضتها أو خروجها من النفاس تغتسل غسل رفع الحدث الأكبر ولا تقضي تلك الصلوات التي تركتها، على خلاف الصوم فإن المرأة إذا حاضت أو نفست في رمضان، وجب عليها قضاء الأيام التي أفطرتها، فعن معاذة، أن امرأة قالت لعائشة: "أتجزي إحدانا صلاتها إذا طهرت؟"، فقالت: "أحرورية أنت؟ كنا نحيض مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فلا يأمرنا به"، أو قالت: "فلا نفعله" [رواه البخاري]. وقد نقلَ الإجماع بوجوب قضاء الصوم طائفةٌ من أهل العلم، رحمهم الله.
...المزيد

إقامة الدولة الإسلامية.. بين منهاج النبوة وسبل أهل الضلالة (4) الرافضة الاثنا عشرية من إمامة ...

إقامة الدولة الإسلامية.. بين منهاج النبوة وسبل أهل الضلالة (4)
الرافضة الاثنا عشرية
من إمامة المعدوم.. إلى ولاية الطواغيت
[4/4]

- نظرية (نيابة الفقيه):

تمكن طواغيت (الأصوليين) من فتح باب الاجتهاد أمام أنفسهم، بكسرهم قفل (الإمامة الإلهية) الذي أغلق الباب عليهم، وحلِّهم للعقدة التي وضعها طواغيت (الإخباريين)، والمتعلقة بعدِّ كل علم غير علم الأنبياء والأئمة علما ظنِّيا، وعدم إجازتهم العمل به، فأخرجوا نظرية جديدة تقوم على أساس (النيابة العامة للفقهاء) عن المهدي، بناء على تأويل نص منسوب لأحد أئمتهم يجيز طاعة من يعرف أقوال آثارهم، فهم نواب للمهدي في هذا الباب لا أكثر، وهو (أي المهدي) يسددهم ويمنعهم من الخطأ، اعتمادا على نظرية (اللطف) الاعتزالية، بل هو يَظهر عند الضرورة لينقض إجماعهم على الخطأ بقول يلقيه بين أقوالهم من معلوم أو مجهول.

إلا أن الغالب في قضية التأصيل لنظرية (نيابة الفقيه) هو حل إشكالية استلام ضريبة (الخمس) التي فرضوا من خلالها اقتطاع خمس أموالهم وتأديتها لأئمتهم، إذ توقف أداؤها لفترة طويلة لغياب الإمام، فما كان أمام طواغيت الرافضة سوى أن يفتحوا الباب لأنفسهم لأخذ هذه الأموال من الناس، بدعوى الاحتفاظ بها في خزائنهم وتأديتها لمهديِّهم عند خروجه، أو نيابته في التصرِّف فيها وإنفاقها على آل البيت، زعموا، وفي سبيل نشر دينهم، وتقوية أتباعهم، فلما فُتح باب النيابة عن الإمام الغائب في باب واحد هو (الخمس)، أجاز طواغيت الرافضة لأنفسهم النيابة عنه في الأبواب كلها تدريجيا، حتى قال أحد رواد هذا الاتجاه، وهو شيخهم الكركي: "إن الفقيه المأمون، الجامع لشرائط الفتوى، منصوب من قبل الإمام المهدي".

وهكذا بدأ طواغيت الرافضة يحلون محل أئمتهم، ويتشبهون بهم أكثر فأكثر، ويحتكرون لأنفسهم ما حصروه بهم، من تشريع، واجتهاد، وقضاء، ورئاسة، فبدؤوا يستثمرون نظرية (نيابة الفقهاء) في الضغط على الحكام لأخذ الإجازة منهم بالحكم، وإلا كانوا طواغيت مشركين، فشابهوا بذلك ما كان يفعله "باباوات" النصارى في أزمنة ضعفهم من اشتراط إجازتهم لشرعنة حكم ملوك أوروبا، زاعمين النيابة في ذلك عن عيسى المسيح عليه السلام.

- من "نيابة الفقيه" إلى "ولاية الفقيه"..:

ربما تكون الدولة الصفوية أول الدول الرافضية التي مارس فيها طواغيت الرافضة سلطتهم نوابا للمهدي المزعوم، بأن جعل طهماسب بن إسماعيل الصفوي الحكم لأحدهم وهو الكركي، ليحكم بالنيابة عن المهدي، على أن يجيزه بإدارة شؤون بلاد فارس، فيكتسب بذلك شرعيّة في نظر الروافض الذين كان يسعى لاستمالتهم إلى صفِّه ضد أعدائه العثمانيين بشكل خاص، وكذلك في نظر جنوده وأنصاره من القزلباشية الصوفيين الباطنيين.

ولكن اشتراط هذه الإجازة للحكام من "نواب المهدي" لم يرسخ كقانون، نظرا لتهرب الملوك منها أولا، وللتنازع حول أصل نظرية "نيابة الفقهاء" مع (الإخباريين) الذين لم يستسلموا لإخوانهم (الأصوليين)، ولم يسلّموا لهم بتنصيبهم من قبل مهديِّهم، ورغم ذلك فقد استمر نفوذ طواغيت الروافض بازدياد بين أتباعهم، وبالتالي امتلكوا القوى التي يستطيعون من خلالها الضغط على الحكام، كما فعلوا مع سلاطين القاجاريين حتى نهاية حكمهم، ونظرا لاضطراب العلاقة بينهم وبين الحكام، فقد ظهر بين طواغيت الروافض اتجاه قوي يقول بوجوب أن تكون السلطة في أيديهم بشكل مباشر، ثم يفوِّضوا هم جزءا منها لمن يرون من الناس، بدل تقاسمها مع الحكام، فلا ينالوا منها غير الولاية على القضايا الدينية فحسب.

وهكذا وبعد أن ضاق الروافض وطواغيتهم ذرعا بنظرية (الإمامة الإلهية) وشروطها، ونظريات (الغيبة) و(الانتظار)، باتوا يجهرون بصوت خافت بالحاجة إلى إعادة النظر في هذه النظريات الباطلة، أو على الأقل إيجاد منافذ تسمح لهم بإقامة الدول والحكومات، والفصل في القضايا والمنازعات، وحراسة الثغور وإقامة الحدود، وجمع "الخمس"، والزكوات، وغير ذلك مما لا غنى لمجتمعاتهم عنه، فتطور لديهم القول بنظرية جديدة بنوا عليها آخر دولهم الطاغوتية بإذن الله، وهي دولة إيران الشركية التي تقاتلها دولة الإسلام اليوم، وهي نظرية "ولاية الفقيه".

وسنسعى -بإذن الله- في حلقة قادمة من هذه السلسلة إلى الحديث عن هذه النظرية، وواقعها اليوم في ظل تطبيقها من قبل طواغيت إيران، نسأل الله أن يعلِّمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا، وأن يهدينا سواء السبيل، والحمد لله رب العالمين.



المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 72
الخميس 17 جمادى الآخرة 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

إقامة الدولة الإسلامية.. بين منهاج النبوة وسبل أهل الضلالة (4) الرافضة الاثنا عشرية من إمامة ...

إقامة الدولة الإسلامية.. بين منهاج النبوة وسبل أهل الضلالة (4)
الرافضة الاثنا عشرية
من إمامة المعدوم.. إلى ولاية الطواغيت
[4/4]

- نظرية (نيابة الفقيه):

تمكن طواغيت (الأصوليين) من فتح باب الاجتهاد أمام أنفسهم، بكسرهم قفل (الإمامة الإلهية) الذي أغلق الباب عليهم، وحلِّهم للعقدة التي وضعها طواغيت (الإخباريين)، والمتعلقة بعدِّ كل علم غير علم الأنبياء والأئمة علما ظنِّيا، وعدم إجازتهم العمل به، فأخرجوا نظرية جديدة تقوم على أساس (النيابة العامة للفقهاء) عن المهدي، بناء على تأويل نص منسوب لأحد أئمتهم يجيز طاعة من يعرف أقوال آثارهم، فهم نواب للمهدي في هذا الباب لا أكثر، وهو (أي المهدي) يسددهم ويمنعهم من الخطأ، اعتمادا على نظرية (اللطف) الاعتزالية، بل هو يَظهر عند الضرورة لينقض إجماعهم على الخطأ بقول يلقيه بين أقوالهم من معلوم أو مجهول.

إلا أن الغالب في قضية التأصيل لنظرية (نيابة الفقيه) هو حل إشكالية استلام ضريبة (الخمس) التي فرضوا من خلالها اقتطاع خمس أموالهم وتأديتها لأئمتهم، إذ توقف أداؤها لفترة طويلة لغياب الإمام، فما كان أمام طواغيت الرافضة سوى أن يفتحوا الباب لأنفسهم لأخذ هذه الأموال من الناس، بدعوى الاحتفاظ بها في خزائنهم وتأديتها لمهديِّهم عند خروجه، أو نيابته في التصرِّف فيها وإنفاقها على آل البيت، زعموا، وفي سبيل نشر دينهم، وتقوية أتباعهم، فلما فُتح باب النيابة عن الإمام الغائب في باب واحد هو (الخمس)، أجاز طواغيت الرافضة لأنفسهم النيابة عنه في الأبواب كلها تدريجيا، حتى قال أحد رواد هذا الاتجاه، وهو شيخهم الكركي: "إن الفقيه المأمون، الجامع لشرائط الفتوى، منصوب من قبل الإمام المهدي".

وهكذا بدأ طواغيت الرافضة يحلون محل أئمتهم، ويتشبهون بهم أكثر فأكثر، ويحتكرون لأنفسهم ما حصروه بهم، من تشريع، واجتهاد، وقضاء، ورئاسة، فبدؤوا يستثمرون نظرية (نيابة الفقهاء) في الضغط على الحكام لأخذ الإجازة منهم بالحكم، وإلا كانوا طواغيت مشركين، فشابهوا بذلك ما كان يفعله "باباوات" النصارى في أزمنة ضعفهم من اشتراط إجازتهم لشرعنة حكم ملوك أوروبا، زاعمين النيابة في ذلك عن عيسى المسيح عليه السلام.

- من "نيابة الفقيه" إلى "ولاية الفقيه"..:

ربما تكون الدولة الصفوية أول الدول الرافضية التي مارس فيها طواغيت الرافضة سلطتهم نوابا للمهدي المزعوم، بأن جعل طهماسب بن إسماعيل الصفوي الحكم لأحدهم وهو الكركي، ليحكم بالنيابة عن المهدي، على أن يجيزه بإدارة شؤون بلاد فارس، فيكتسب بذلك شرعيّة في نظر الروافض الذين كان يسعى لاستمالتهم إلى صفِّه ضد أعدائه العثمانيين بشكل خاص، وكذلك في نظر جنوده وأنصاره من القزلباشية الصوفيين الباطنيين.

ولكن اشتراط هذه الإجازة للحكام من "نواب المهدي" لم يرسخ كقانون، نظرا لتهرب الملوك منها أولا، وللتنازع حول أصل نظرية "نيابة الفقهاء" مع (الإخباريين) الذين لم يستسلموا لإخوانهم (الأصوليين)، ولم يسلّموا لهم بتنصيبهم من قبل مهديِّهم، ورغم ذلك فقد استمر نفوذ طواغيت الروافض بازدياد بين أتباعهم، وبالتالي امتلكوا القوى التي يستطيعون من خلالها الضغط على الحكام، كما فعلوا مع سلاطين القاجاريين حتى نهاية حكمهم، ونظرا لاضطراب العلاقة بينهم وبين الحكام، فقد ظهر بين طواغيت الروافض اتجاه قوي يقول بوجوب أن تكون السلطة في أيديهم بشكل مباشر، ثم يفوِّضوا هم جزءا منها لمن يرون من الناس، بدل تقاسمها مع الحكام، فلا ينالوا منها غير الولاية على القضايا الدينية فحسب.

وهكذا وبعد أن ضاق الروافض وطواغيتهم ذرعا بنظرية (الإمامة الإلهية) وشروطها، ونظريات (الغيبة) و(الانتظار)، باتوا يجهرون بصوت خافت بالحاجة إلى إعادة النظر في هذه النظريات الباطلة، أو على الأقل إيجاد منافذ تسمح لهم بإقامة الدول والحكومات، والفصل في القضايا والمنازعات، وحراسة الثغور وإقامة الحدود، وجمع "الخمس"، والزكوات، وغير ذلك مما لا غنى لمجتمعاتهم عنه، فتطور لديهم القول بنظرية جديدة بنوا عليها آخر دولهم الطاغوتية بإذن الله، وهي دولة إيران الشركية التي تقاتلها دولة الإسلام اليوم، وهي نظرية "ولاية الفقيه".

وسنسعى -بإذن الله- في حلقة قادمة من هذه السلسلة إلى الحديث عن هذه النظرية، وواقعها اليوم في ظل تطبيقها من قبل طواغيت إيران، نسأل الله أن يعلِّمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا، وأن يهدينا سواء السبيل، والحمد لله رب العالمين.



المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 72
الخميس 17 جمادى الآخرة 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد
يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
25 شوال 1446
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً