🔖قل لا أشهد . . أخي الحبيب وقرة العين، إن الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا ...

🔖قل لا أشهد

.
.

أخي الحبيب وقرة العين، إن الله سبحانه وتعالى يقول:
﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ﴾ [الأنعام: 57]، ويقول جل شأنه: ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: 2].

فمشاركة المسلم في انتخاب المرشحين اليوم ليست سوى مشاركة في عملية باطلة مخالفة لشريعة الله، قائمة على مبدأ فاسد، وهو أن السيادة للشعب لا لله، وأن التشريع مردّه إلى البشر لا إلى الوحي. وهذا مناقض للتوحيد، ومصادمة لأصل الدين الذي بعث الله به رسله وأنزل به كتبه.

▪️أما عن حقيقة الانتخابات المعاصرة

فهذه الانتخابات ليست إلا ستاراً لتغطية ظلمهم وفسادهم.
فكم من مرة وصلوا إلى الحكم عبر صناديق الاقتراع، ثم ما لبثوا أن سنّوا القوانين الوضعية، وأحلّوا الربا، وضيعوا حدود الله، وأباحوا المحرمات، وأعانوا أعداء الإسلام على أولياء الله.

إنها عملية خادعة، ظاهرها الحرية والمشاركة، وباطنها الكفر والصد عن سبيل الله.
فلا يخرج منها إلا من خسر دينه ودنياه.
ألم ترَ أنهم يتقاتلون على الكراسي لا على إقامة شرع الله؟!
ألم ترَ كيف يتاجرون بأصوات الناس، يوزّعون الوعود الكاذبة، ثم إذا تمكنوا أفسدوا في الأرض؟


▪️فل تعلم أخي حقيقة التشريع البشري

إن المقصود بالانتخابات أن يُفوَّض حق التشريع للشعب عبر ممثليه في البرلمانات والمجالس التشريعية الكفرية، فيشرّعون ما شاؤوا، ويحلّون ما أرادوا، ويحرمون ما أرادوا.

وهذا عين ما حذّر الله منه:

📍قال تعالى: ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ﴾ \[الأعراف: 54].

📍وقال: ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ۗ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ﴾ \[القصص: 68].

📍 وقال: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ \[الشورى: 21].

📍وقال ﷺ: «إن الله هو الحكم وإليه الحكم» (رواه أبو داود وصححه أهل العلم).


▪️أما من أقوال العلماء

📍 قال الإمام إسحاق بن راهويه رحمه الله: "أجمع المسلمون على أن من دفع شيئًا مما أنزل الله عز وجل أنه كافر بذلك"* (الصارم المسلول 9/1).

📍 وقال الشيخ الشنقيطي رحمه الله: "الإشراك بالله في حكمه، والإشراك به في عبادته كلها بمعنى واحد… فالذي يتبع نظامًا غير نظام الله وتشريعًا غير تشريع الله كالذي يعبد الصنم ويسجد للوثن، ولا فرق بينهما البتة"(أضواء البيان 7/162).


▪️أما في شأن الولاية والحكم

وقد أجمع العلماء على أن الولاية لا تنعقد لكافر، وأنه لو طرأ عليه الكفر وجب الخروج عليه وعزله.
قال تعالى: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا﴾ \[النساء: 141].

وقال رسول الله ﷺ: «الإسلام يعلو ولا يُعلى» (رواه الدارقطني والبيهقي).
فتولية الكافر أو من يحكم بالقوانين الكفرية إعلاء لكلمة الكفر على كلمة الإسلام، وهو كفر من وجهين:

1. من جهة استحقاقه الولاية بالأكثرية ولو كان كافراً.
2. من جهة عدم جواز القيام عليه إذا كفر، وقد قال ﷺ: «إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان».

وقد نقل الإمام ابن العربي والحافظ ابن حجر الإجماع على وجوب القيام على الحاكم إذا طرأ عليه الكفر.


▪️كما أحذرك أخي من الانخداع

فلا يَغُرَّنَّك أصحاب اللحى من أهل السوء بمصالح الدنيا، أو بخدمات دنيوية، أو بحجة خير الشرّين، فإن الخير كل الخير في اتباع دين الله وأوامره، واجتناب الشرك وأسبابه.

كما لا يخدعنك تلبيسهم بجعل الديمقراطية شبيهة بالشورى، فشتان ما بينهما!
فلا شورى في أوامر الله ولا اختيار فيما أنزله من الدين، فقد أكمله الله تعالى وبلّغه رسولنا الحبيب ﷺ كاملاً غير منقوص، قال تعالى:
﴿اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً﴾ [المائدة: 3].


▪️ختاماً

فيا أخي المسلم، اعلم أن المشاركة في الانتخابات ليست إصلاحاً، بل هي إعانة على الكفر والفساد، وإضفاء شرعية على من يحاربون شرع الله.

فقلها بلسانك وقلبك:
لا أشارك في باطل، ولا أُضفي شرعية على طاغوت، ولا أبيع ديني بصوتٍ في صندوق.

وليعلموا أن ديننا أعظم من أن يُختزل في عملية انتخابية زائفة، وحكم الله أسمى من أن يُعرض على اقتراع البشر.

🏷 أبو حجر الإعلامي

الأحد 28 ربيع الأول 1447 هـ
...المزيد

📋 لا تسقط في الهاوية! يا أخي المسلم... يا من كنت بالأمس تأبى أن تكون جنديًا في صفوف جيش الطاغية ...

📋 لا تسقط في الهاوية!

يا أخي المسلم... يا من كنت بالأمس تأبى أن تكون جنديًا في صفوف جيش الطاغية بشار، لما علمت من كفره وجرائمه، وجنوده الذين لا يعرفون لله حقًا ولا للخلق رحمة... فإيّاك ثم إيّاك أن تخدعك الشعارات، أو تسقط في الهاوية ذاتها بثوب جديد، يلبسه اليوم من كانوا بالأمس في صفك، فإذا بهم اليوم يحرسون مصالح أعداء الله، ويجعلونك درعًا لأقليات مرتدة، بل هل هذا الجيش إلا امتدادٌ لتلك الجيوش، لكن بلون مختلف، وزينةٍ جديدة؟!

إنه جيش يدعوك اليوم لتحمل السلاح، لا لتدافع عن دينك، بل لتحمي ما يسمونه "حقوق الأقليات"، وتقف في وجه المسلم الغيور إن دعا إلى تحكيم الشريعة، أو تبرّأ من الطواغيت.
جيش يُجندك لتحمي دستورًا وضعيًا، ومحاكم طاغوتية، وسلطةً لا تحكم بشرع الله، بل تطلب رضا الغرب وتتنافس على مقاعد المؤتمرات.

أفيكون هذا جهادًا؟! مشروعًا يُرضي الله؟!

"أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون" \[القلم: 35-36].

إن جيش "أحمد الشرع" – وغيره من الجيوش المدعية للثورية أو المدنية – ليس بأفضل حالًا من جيش الطاغية، بل انه أشد خطرًا، إذ يلبس لبوس الإسلام، ويتكلم بلسان الثورة، فيوهمك أنه نقيض للعدو، وهو في الحقيقة ظلّه وسنده، يتلقى دعمه من ذات الجهات، ويحرس نفس الحدود، ويذود عن ذات المشاريع.


فأي جهاد هذا تقاتل دفاعًا عن أقليات نصرانية أو علمانية إلحادية ، بلا عهدٍ شرعي ولا ذمة ولا أمان، وتُدافع عن قرى لا ترفع فيها كلمة التوحيد، ولا تقام فيها حدود الله، بل تَمنع من ذلك وتُحاربه!

وتُجنّد لتكون جنديًا في مشروع وُضع لترضى عنه أمريكا، وتُفتح له أبواب المؤتمرات الدولية، وتُمنح له أوراق الاعتماد من مجالس الأمن الدولية ...


قال الله تعالى:
"وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ" \[الأنفال: 39]

فهل الدين لله في هذه الحكومات؟ أم للدساتير الوضعية، والأمم المتحدة، والشرائع الكافرة؟

أما علمت قول رسول الله ﷺ:
"من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله" \[البخاري ومسلم].
فهل تقاتل لتكون كلمة الله هي العليا؟ أم كلمة الأقليات ومواثيق الكفر؟

إن الحكومة التي تضع يدها في يد الكافر، وتعترف به وتشرعن وجوده، وتطلب منه العون والمشورة، وتحارب المجاهدين الحقيقيين، ليست حكومة مسلمة، وإن رفعت راية الشريعة زيفًا أو أعلنت شعارات التقوى كذبًا.

قال ابن تيمية رحمه الله في ما معناه :
"وكل طائفة ممتنعة عن التزام شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة من هؤلاء القوم، فإنهم يُقاتَلون باتفاق المسلمين، حتى يكون الدين كله لله".

بل إنها "طالبان أخرى"، مُروَّضة، تقف على أبواب الأمم المتحدة، وتدعو لمؤتمرات التسوية، وتُهادن الكفار، وتسعى للاعتراف الدولي.

وهاهم يُريدون أن يجعلوا من "جيش أحمد الشرع" تجربةً مشابهة، باسم الشام... لكنهم ينسون أن الله وعد أهل الشام بالنصر والتمكين، وأن معركة دابق قادمة، وأن الإسلام الحقيقي لا يُقام تحت رايات الصليب، ولا في أحضان المؤتمرات.

فإياك أن تكون جنديًا في هذا الجيش...

فهل سألت نفسك يومًا: كيف يُثني الصليبيون والعلمانيون على حكومة أو جيش، ثم تزعم أنت أنه "إسلامي"؟!

إن رضى الأغلبية اليوم، لا سيما من أعداء الله، دليلُ فسادٍ في المنهج، لا تزكية له.

فأي إسلام هذا الذي يأتي برضا الغرب؟
أي إسلام تُقام فيه انتخابات شركية؟
أي شريعة تُعطّل فيها الحدود، ويُترك فيها العهر والفسوق دون نكير؟!

"أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكمًا لقوم يوقنون"[المائدة: 50]

ما هذا بإسلامنا، بل هو إسلام صاغه الغرب، وارتضاه لكم، ليقطع الطريق على عودة الخلافة، ويجهض أحلامكم في التمكين لها .

ويامن قد دخلت في هذا الجيش
انظر وتدبر في سبيل مَن تُقاتل... وعلى راية مَن تموت... وتذكّر: لا يدخل الجنة من قاتل تحت راية عمية، يدعو إلى عصبية، أو يغضب لعصبة كما قال النبي ﷺ.

فهل جهادك اليوم يكون تحت راية إسلامية ، لإعلاء كلمة الله، أم جهادًا من أجل الوطنية أو القومية أو المصالح الدنيوية

أفق قبل أن تُسقط في الهاوية، فليس بعد الغفلة إلا الندم، وليس بعد الزلل إلا الخسارة إن لم تُبادر بالتوبة.

وإياك التتعلل بالفقر أو الحاجة فلا تجعل "قلة الرزق" أو "الحاجة للعمل" مبررًا يدفعك للدخول في جيش طاغوتي، أو الانخراط في مشروع يخدم الكافرين.
فهذا عذر شيطاني، وهمٌ مَرَضيّ، لا يُبيح ارتكاب الكفر، ولا يُسوغ نقض الدين.

"ومن الناس من يعبد الله على حرف، فإن أصابه خير اطمأن به، وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين" [الحج: 11].

وقال الله عز وجل:
"وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ" \[الطلاق: 2-3].

والله لا يرزق عبده من طريق الحرام، ولا يبارك له في سعيٍ خالف به أمر ربه فثق بوعد الله، فإن الرزق لا يأتي من رضا البشر، بل من فوق سبع سماوات.

ولا تزال الفرصة قائمة، ولا زال باب التوبة مفتوحًا على مصراعيه.

وإن أهل الجهاد الصادق، أولئك الذين قاتلوا لأجل لا إله إلا الله، وبايعوا على إقامة الخلافة، وأعلنوا البراءة من الطواغيت والكافرين...
هؤلاء قد دعوك، ولا يزالون يدعونك، للالتحاق بركبهم، والانضمام إلى دولة إسلامية تسعى لإعادة مجد الأمة، دون أن تبيع دينها في مؤتمرات، أو تطلب شهادة حسن سيرة من أمريكا وفرنسا!

فهم يُقاتلون اليوم في الثغور، يُقيمون الشرع، يُحكمون الكتاب، ويُوالون في الله ويُعادون فيه.
ما بدّلوا وما غيّروا... فهل لحقت بهم؟


ختاماً
يا من تبحث عن الجهاد الحقيقي، الجهاد الذي ترضى عنه السماء لا الأمم المتحدة...
اعلم أن الجهاد الحق ليس مرهونًا بحدود سايكس وبيكو، ولا بتوقيع وزراء دفاعٍ أو رؤساء حكوماتٍ، بل هو فرض باقٍ إلى قيام الساعة، كما قال ﷺ:

"الجهاد ماضٍ منذ بعثني الله إلى أن يُقاتل آخر أمتي الدجال، لا يبطله جور جائر، ولا عدل عادل..." [رواه أبو داود].

فميادين الجهاد الحقيقي مفتوحة، لا تغلق أبوابها، وأهله معروفون بأفعالهم لا بأسمائهم، يصدعون بكلمة التوحيد، ويقاتلون لإعلاء كلمة الله، ولا يُقاتلون تحت رايات وضعية أو مواثيق دولية.

فكّر في خطوتك قبل أن تضع قدمك في مستنقع الهاوية... لا تكن جنديًا في جيش لا يحكم بشرع الله، ولا يُقاتل في سبيل الله، ولا يعرف من الجهاد إلا رسمه وشكله، وقد خلع مضمونه وروحه


▪️٩ صفر ١٤٤٧ هـ
أبو حجر الإعلامي
...المزيد

لا يَرَ القوم فيكم غَمِيزَة بيّن الله تعالى لعباده الموحّدين صفة عداوة المشركين والمنافقين لهم، ...

لا يَرَ القوم فيكم غَمِيزَة

بيّن الله تعالى لعباده الموحّدين صفة عداوة المشركين والمنافقين لهم، وأخبرهم أنّ من صورها أنّهم لا يودّون أن يروا المسلمين في خير قط، وأنّ ما يصيبهم من خير يحزنهم وما يبتليهم به ربّهم من الشّر يفرحون به، فقال جل جلاله: {مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [البقرة: 105]، وقال سبحانه: {إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [آل عمران: 120].

وإن الله عزّ وجلّ يحبّ أن يغيظ الكفّار بظهور قوّة المسلمين، وأن تبدو عليهم سيما أهل الإيمان والصّلاح، وأن تتشابه صفاتهم مع صفات القوم المرضيين، كما قال سبحانه: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَہُ فَآزَرَہُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} [الفتح: 29].


• إلا كتب لهم به عمل صالح

وإنّنا نرى مصداق هذا كلّه في أيّامنا هذه وما نعايشه فيها من أحداث، فالكفّار وأولياؤهم المنافقون في كل مكان يرقبون المعركة بين عباد الله الموحّدين من جنود الدّولة الإسلاميّة وبين أعدائه المشركين من صليبيين ومرتدّين، ويسرّهم أشدّ السّرور أن يروا من المسلمين ضعفا وقلّة.

ويسوء وجوههم أن يروا منهم قوّة وثباتا في جهادهم، ويملأ قلوبهم غيظا أن يسمعوا عن أخبار هجماتهم المستمرّة على الكفّار في مشارق الأرض ومغاربها، ويمزّق أكبادهم أن تكذّب الوقائع أمانيهم بزوال دولة الخلافة وانفراط عقدها، ومجاهدوها يكرّرون على مسامع الدّنيا يوما بعد يوما تجديد بيعتهم لإمامها -حفظه الله تعالى ونصره- على السّمع والطّاعة في المعروف، وعلى إقامة دين الله تعالى، وجهاد عدوّہ سبحانه، لا يغيّرون ولا يبدّلون، ولا يقيلون ولا يستقيلون منها أبدا.

ونسأل الله تعالى أن يجعل كلّ ما يلقاه المجاهدون من نصب ووصب، وكلّ ما يبذلونه من جهد وجهاد للنكاية في المشركين، والصّبر على أذاهم، وما يترتّب على ذلك كلّه من إغاظة لأعداء الله تعالى من جنس ما رتّب سبحانه لفاعله الأجر العظيم، قال ربنا: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [التوبة: 120].

فإدخال الغيظ على قلوب الكافرين هو عبادة يتقرّب بها العبد لمولاه العظيم، وكما أنّ إدخال الفرح والسّرور على قلوب المؤمنين عبادة يحبها سبحانه وتعالى.


• لا يرى القوم فيكم غميزة

وقد حرّض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صحابته الكرام يوم فتح مكة أن يُروا أهلها ما قدّرهم الله تعالى عليه من قوّة، ليَفرح من أحبّ رؤية ذلك منهم، ويُغيظوا من يكره ظهور الإسلام وأهله، ويُكذّبَ من زعم أن في المسلمين ضعفا ومرضا، وحذّرهم أن يَروا منهم أي شيء يعيبونهم به ولو مرضا وجوعا، فقال عليه الصّلاة والسّلام: (لَا يَرَى الْقَوْمُ فِيكُمْ غَمِيزَةً) [رواه أحمد]، ورُوي أنّه قال لهم: (رحم الله من أراهم اليوم من نفسه قوّة)، وقالوا:"وَلَيْسَ فِي فُلَانٍ غَمِيزة وَلَا غَمِيزٌ وَلَا مَغْمَزٌ أَي مَا فِيهِ مَا يُغْمَزُ فَيُعاب بِهِ وَلَا مَطْعَنٌ" [لسان العرب].ففعل الصحابة رضوان الله عليهم ما أُمروا به، حتّى فيما ليسوا مأمورين به لنفسه كالإسراع في طوافهم حول الكعبة، وذلك أنّ هذا الفعل أصبح وسيلة لإتمام مندوب إليه وهو إظهار قوة المسلمين، فعن ابْنِ عَبَّاسٍ"أنّ النّبي صلّى الله عليه وسلّم اضطبع فاستلم وكبّر، ثمّ رمل ثلاثة أطواف، وكانوا إذا بلغوا الركن اليماني وتغيّبوا من قريش مشوا، ثم يطلعون عليهم يرملون، تقول قريش: كأنّهم الغزلان ، قال ابن عباس: فكانت سنّة" [رواه أبو داود]، فالصحابة كانوا يرملون (أي يهرولون) أمام قريش ليُظهروا لهم القوّة، فإن غابوا عن أبصارهم لم يكلّفوا أنفسهم العناء في طوافهم.ويستدلّ بهذه القصّة وغيرها على مشروعية التظاهر بالقوّة أمام العدو، ولو كان من غير داعٍ شرعي آخر، بل ولو كان ذلك خلافا لحقيقة ما عليه المسلمون من ضعف، وما كان مكروها أو محرّما في هذا الباب أصلا قد يصبح مندوبا أو واجبا إليه في حال القتال، كما قال عليه الصّلاة والسّلام: (الخيلاء التي يحب الله اختيال الرّجل في القتال، واختياله في الصّدقة، والخيلاء التي يبغض الله الخيلاء في البغي أو قال: في الفخر) [رواه أحمد].

وحكى ابن حجر العسقلاني رحمه الله اتفاق فقهاء الإسلام على جواز صبغ الشعر بالسواد للمجاهد في الحرب [فتح الباري]، حتّى من رأى منهم حرمة ذلك لنفسه لنص الحديث، أو لغيره كمشابهة أهل الكتاب، أو مخادعة الخاطب والمخطوبة والمشتري للعبد أو الأمة، وذلك لإخفاء مشيب المجاهدين وهو مظهر ضعف، وخداع الأعداء بأن لا يروا أمامهم إلا شبابا أقوياء تُخشى فتوّتهم وترهب صلابتهم في القتال، فيضعفوا عن قتالهم، وقد قال عليه الصّلاة والسّلام: (الحَرْبُ خَدْعَةٌ) [متفق عليه].


• ألا تُجيبوا له

وكان من سنّة الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، إغاظة الكفّار بإظهار صلابة إيمانهم بالله عزّ وجلّ ورسوله الكريم صلّى الله عليه وسلّم، وقوّة ثباتهم عليه، وعدم مبالاتهم بما يلقونه من العذاب في سبيل ذلك على أيدي المشركين.
فهذا خبيب بني عدي رضي الله تعالى عنه لما حضره القتل صلّى ركعتين ولم يطل فيهما راغبا عن ثواب الصلاة النافلة إلى ما هو أعظم منه وهو إظهار قوّة المسلم، وإغاظة أعداء الله تعالى بذلك، فقال: (لولا أن تروا ما بي جزعا من الموت لزدت) [رواه أحمد]، فكانت هذه العبادة من آخر ما تقرّب به ذلك العبد الصالح إلى باريه ذي الجلال والإكرام، ونسأل الله تعالى أن يجعل كلّ صلاة يصليها مسلم قبل القتل في ميزان حسناته، قال أبو هريرة رضي الله تعالى عنه: "وكان أول من سن الركعتين عند القتل هو".

بل أمر النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام أصحابه أن يصدعوا بقوّة الإسلام وعلوه، وهم في أشدّ حالات البلاء، وقد عظمت فيهم الجراح، وكثر فيهم القتل، وهم مختبؤون يخافون أن يجهز عليهم عدوّهم، كما حدث في غزوة أحد.

فقد كان أبو سفيان جعل يستفز الصحابة رضوان الله عليهم بعد المعركة يقول: " أعل هبل، أعل هبل، قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (ألا تجيبوا له)، قالوا: يا رسول الله، ما نقول؟ قال: (قولوا: الله أعلى وأجلّ)، قال: إنّ لنا العزى ولا عزى لكم، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (ألا تجيبوا له؟)، قال: قالوا: يا رسول الله، ما نقول؟ قَالَ: (قولوا الله مولانا، ولا مولى لكم)" [رواه البخاري].

وعلى كل مسلم مجاهد في سبيل الله تعالى، وكل مهاجرة صابرة على بلاء الله، قابضين على جمر دينهم بأياديهم، عاضين على أصل إيمانهم بنواجذهم، معتصمين بجماعة المسلمين، أن يسعوا في إغاظة الكفّار بكلّ مظهر من مظاهر القوّة والصّبر والثبّات، فأروا الله تعالى من أنفسكم ما يحبّ، وأروا المسلمين منكم ما يحبون، وأروا الكفّار منكم ما يكرهون، ولن يصيبنا وإيّاكم إلّا ما كتب الله ربّ العالمين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 172
الخميس 30 جمادى الآخرة 1440 هـ
...المزيد

ماذا ينقم الطواغيت الجدد من ربّهم؟ لا زلنا نرى بعض الأحزاب والتنظيمات تكفّر الحاكمين بغير ما ...

ماذا ينقم الطواغيت الجدد من ربّهم؟


لا زلنا نرى بعض الأحزاب والتنظيمات تكفّر الحاكمين بغير ما أنزل سبحانه، وترفض قبول اعتذارات أولياءهم عنهم بعجزهم عن إقامة الدّين كاملا بالخوف من إغضاب الدول الكافرة المتجبّرة، والزعم أن أولئك الطواغيت يجنبون البلاد بامتناعهم عن أحكام الدّين الغزو والدّمار، وسكّانها القتل والتشريد.

وفي ذات الوقت نرى تلك الأحزاب والتنظيمات وقد مكّنها الله تعالى في أرضه، ومنحهم بعض أو كل ما كان بأيدي أولئك الطواغيت، تمتنع عن تحكيم شريعة ربّ العالمين، لما وجدوا أن في طاعتهم لربّ العالمين، إغضابا لسكّان تلك البلاد من المشركين والمنافقين، وإسخاطا لطواغيت الكفر أجمعين، وخرج قادتها وعلماء السوء فيها يكرّرون ما كان يردّده إخوانهم من علماء الطواغيت من شبهات حول مسألة تحكيم الشريعة تارة، ويزيد بعضهم بتحريم إقامة الشريعة ما لم تتحقق شروط للتمكين ما أنزل الله تعالى بها من سلطان، بل وبتنا نسمع من بعضهم تلميحا أو تصريحا بإخراج مسألة الحكم بغير ما أنزل الله تعالى من نواقض الإسلام، وجعلها من جنس المعاصي التي يفعلها المسلمون، أو يحرّف المعنى الشرعي لتحكيم الشريعة ليخدع أتباعه الجاهلين أنّه بإقامته لبعض شعائر الدّين محكّم لشريعة الله عزّ وجلّ كلّها، ناج من وعيده لمن حكم بغير ما أنزله سبحانه.

وهكذا رأينا مشركي الإخوان المرتدّين وإخوانهم الذين ساروا على نفس خطاهم من أتباع تنظيم القاعدة في اليمن والشّام وليبيا يمتنعون صراحة عن تحكيم شريعة الله تعالى فيما مكّنهم فيه سبحانه من أرضه، يعينهم على ذلك إخوانهم في مناطق أخرى بالفتاوى والكتب التي تؤصّل لهذا الكفر الصريح، حتى أصابوا بعض أتباعهم المرتدّين بالحيرة والشك.

إذ كيف يكون الطواغيت من آل سعود -مثلا- كفّارا مرتدّين لامتناعهم عن بعض أحكام الدّين، وهم يقيمون بعضها الآخر، ولا يكون من شابههم في الحال من طواغيت الإخوان وغيرهم الحاكمين بغير ما أنزل الله تعالى كفّارا مرتدّين وهم يفعلون فعلهم، ويقولون قولهم.

ولم يجد أولئك الطواغيت الجدد ما يدفعون به عن أنفسهم إلّا الزّعم أنّ غايتهم هي تحكيم الشريعة، ويحسبون هذه الأقوال تنفعهم بشيء متناسين أن الطواغيت من آل سعود لا زالوا يزعمون إلى يومنا هذا أنهم أهل التوحيد وحماته، رغم كل ما فعلوه ويفعلونه من نواقض صريحة لذلك التوحيد.

وإن هذه الدعوى التي يحاول الطواغيت وأولياؤهم أن يجعلوها مانعا دون تكفيرهم ما كانت لتجد سوقا رائجة لولا شيوع دين التجهّم والإرجاء بين أتباعهم الذين يزعمون أنّهم يرون الإيمان اعتقادا وقولا وعملا، وأنّه لا يصح بغيرها جميعا، ولكن عند الحكم على النّاس فهم يجعلون الإيمان مجرّد قول باللسان يحكمون به على كل زاعم إرادة تحكيم الشريعة، كما نراه في حالة أتباع القاعدة والإخوان المرتدّين في الشّام واليمن وليبيا ومصر وفلسطين وغيرها، بل إنّهم يجعلونه اعتقادا باطنيا يفترضون وجوده في قلوب بعض الطواغيت دليلا على أمر ظاهر وهو الإسلام، مع أنّهم يجاهرون بإيمانهم بدين العلمانية والديمقراطية كأمثال الطاغوت التركي أردوغان.
مع أنه لو وُجد من أقام الدّين قولا وعملا، ثم طرأ عليه تحكيم لغير شريعة الله تعالى لكان ذلك ناقضا لإيمانه موجبا للحكم عليه بالكفر والردة عن الدّين، كما قال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44]، فكيف بمن لم يحكّم ما أنزل الله ساعة من نهار.

إن الله عزّ وجلّ قد ابتلى جنود الدّولة الإسلاميّة بالتمكين، ونحسب أنهم أطاعوه سبحانه فيما مكّنهم فيه بإقامة دينه وتحكيم شرعه غير مبالين بما لاقوه ويلقونه في سبيل ذلك، وقد ابتلى غيرهم من أدعياء التوحيد والجهاد فكانت خشية الكفّار في قلوبهم أشدّ من خشيتهم لله تعالى، وكان تمكينهم في الأرض وبالا عليهم، وسببا لفتنتهم عن الدّين ووقوعهم في الشرك المبين.

وإن حال هؤلاء الكافرين بأنعم الله كحال ذلك المسكين الذي منع الصدقة لما أرسل إليه رسول الله عليه الصّلاة والسّلام من يطلبها منه، فقال فيه: (مَا يَنْقِمُ ابْنُ جَمِيلٍ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ فَقِيرًا فَأَغْنَاهُ اللهُ) [متفق عليه]، فقد كانوا فقراء يخافون أن يتخطّفهم النّاس من الأرض، فلمّا اطعمهم ربّهم من جوع وأمنهم من خوف كفروا نعمته، وجعلوا الأمر بيد غيره يخافونهم ولا يخافونه، ويطلبون رضاهم بسخطه، ومعافاتهم بعقوبته، ونسأل الله أن يعيننا على إزالة شركهم وتحكيم شرع الله فيما تحت أيديهم من البلاد والعباد، إنه مولى ذلك والقادر عليه سبحانه، والحمد لله ربّ العالمين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 172
الخميس 30 جمادى الآخرة 1440 هـ
...المزيد

إن التي تكرهون للتي خرجتم تطلبون الحمد لله الذي جعل ذروة سنام الإسلام الجهاد، وفرضه على العباد، ...

إن التي تكرهون للتي خرجتم تطلبون

الحمد لله الذي جعل ذروة سنام الإسلام الجهاد، وفرضه على العباد، وحثّهم على الغزو والاستشهاد، والصّلاة والسّلام على خير العباد، وعلى آله وأصحابه وكلّ هاد، أمّا بعد:

فيا بهجة القلوب وفرسان الحروب يا فَرَحَ المؤمنين وغيظَ الكافرين.. أيّها المنافحون المدافعون عن الدين وعن حرمات المسلمين تذكرّوا أنّكم خرجتم تبتغون إحدى الحسنيين النصر أو الشهادة.

فلا تتردّدوا في قتال الكفّار والمرتدّين ولا تتأخّروا خوفا من القتل أو قلة العدد والعُدد ولْيكن قدوتُكم في ذلك الصحابي الجليل عبد الله بن رواحة رضي الله عنه حيث قَالَ مشجّعا ومحرّضا قومه: "يا قوم، والله إنّ الّتي تكرهون، للتي خرجتم تطلبون الشهادة، وما نقاتل الناس بعدد ولا قوّة ولا كثرة، ما نقاتلهم إلّا بهذا الدّين الذي أكرمنا الله تعالى به، فانطلقوا فإنّما هي إحدى الحسنيين إمّا ظهور وإمّا شهادة". [حلية الأولياء]

نعم تذكّر دائما أيّها المجاهد الثابت الصابر أنّك خرجت للنصر أو الشهادة فكيف تتأخّر خوفا من نيل مرادِك وحصول مرامِك وتحقيق أغلى أهدافك.

وتمثّل قول جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه:
يا حبذا الجنة واقترابها
طيبة وباردا شرابها


• إنما هي سنة الله

أيها الأبطال الصناديد.. يا رهبان الليل وفرسان النهار.. تذكّروا أنّ عزّ هذه الأمةِ لن يُقام إلّا على الأشلاء، وشجرة هذه الأمّة لا تُسقى إلا بالدّماء، فأرخصوا أنفسكم ودماءكم في سبيل الله تعالى ولتحكيم شرعه وخلِّصوا أنفسكم وأهلكم وأمّتكم من جبروت الطواغيت فإنّ أمّتكم تنتظركم وتترقّب نصركم وكسركم لشوكة الكفّار والمرتدّين، نعم إنّ النّساء والرّجال الّذين في السجون يترقبون اليوم الذي تدكّون به حصون الطواغيت، وينتظرون السّاعة الّتي تأتون بها لتخرجوهم من الذّلة التي هم فيها والفتنة الّتي أجبروا عليها، فقاتلوا في سبيل الله من كفر به وصد عن سبيله حتى يكون الدّين كلّه لله تعالى وحتّى لا يُفتن المسلمين عن دينهم فهذا أمر الله لكم كما قال سبحانه وتعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الأنفال : 39]
قال ابن جرير رحمه الله: "يقول تعالى ذكره للمؤمنين به وبرسوله صلّى الله عليه وسلّم: وإن يَعُد هؤلاء لحربك، فقد رأيتم سنّتي فيمن قاتلكم منهم يوم بدر، وأنا عائد بمثلها فيمن حاربكم منهم، فقاتلوهم حتّى لا يكون شرك، ولا يعبد إلا الله وحده لا شريك له، فيرتفع البلاء عن عباد الله من الأرض وهو الفتنة {ويكون الدّين كلّه لله} يقول: حتى تكون الطّاعة والعبادة كلّها لله خالصةً دون غيره". ا.هـ [تفسير الطبري]

واجعلوا قتالكم لتكون كلمة الله تعالى هي العليا فإنّ الثّواب المذكور في القتال إنّما هو لمن أخلص فيه وقاتل لتكون كلمته سبحانه هي العليا، ففي الصحيحين عن أبي موسى رضي الله عنه، قال: جاء رجل إلى النّبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال الرّجل: يقاتل للمغنم، والرّجل يقاتل للذكر، والرّجل يقاتل ليرى مكانه، فمن في سبيل الله؟ قال: (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله).

وفي رواية لهما: "يقاتل غضبا، ويقاتل حمية ..." فقال صلّى الله عليه وسلّم: (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، فهو في سبيل الله).

قال النووي رحمه الله: "فيه بيان أن الأعمال إنّما تحسب بالنيات الصالحة وأن الفضل الّذي ورد في المجاهدين في سبيل الله يختصّ بمن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا". ا.هـ [شرح صحيح مسلم].

وقال ابن تيمية رحمه الله: "والجهاد مقصوده أن تكون كلمة الله هي العليا وأن يكون الدّين كلّه لله؛ فمقصوده إقامة دين الله لا استيفاء الرّجل حظه؛ ولهذا كان ما يصاب به المجاهد في نفسه وماله أجره فيه على الله؛ فإن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأنّ لهم الجنة". ا.هـ [الفتاوى]
• الذل والهوان لمن ترك الجهاد

أمّا إن تركنا الجهاد وخلدنا إلى الأرض ورضينا بملذاتها الفانية وشهواتها الزائلة -ولا أظنكم تفعلون- فإنّ الله سيسلط علينا الذّل والهوان، وهو ما نراه في الديار التي ترك أهلها الجهاد ورضوا بالسّلمية والدّيمقراطية والأحكام الجاهلية، وهذا مصداقا لقول نبينا صلّى الله عليه وسلّم الّذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.

فعن ابن عمر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول (إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم). [رواه أبو داود].

قال ابن النحاس رحمه الله: "ومعنى الحديث: أنّ النّاس إذا تركوا الجهاد وأقبلوا على الزرع ونحوه تسلّط عليهم العدو؛ لعدم تأهّبهم له واستعدادهم لنزوله ورضاهم بما هم فيه من الأسباب فأوْلاهم ذلا وهوانا لا يتخلّصون منه حتّى يرجعوا إلى ما هو واجب عليهم من جهاد الكفّار والإغلاظ عليهم وإقامة الدّين ونصرة الإسلام وأهله وإعلاء كلمة الله وإذلال الكفر وأهله" ا.هـ [مشارع الأشواق إلى مصارع العشاق]

وكما قيل:

طِلاب المعالي للمنون صديق
وطول الأماني للنفوسِ عشِيقُ
إذا لم تكن هذي الحياة عزيزةٌ
فماذا إلى طول الحياةِ تتوق
ألا إنّ خوفَ الموت مرٌّ كطعمه
وخوف الفتى سيفٌ عليه ذلوق
وإنك لو تستشعرِ العيشَ في الردى
تحلَّيْتَ طعم الموت حين تذوق

أخي المجاهد.. لتكن على يقين بأنّ الأجل محتوم والرّزق مقسوم فلن يعجّل من قَدَرِك إقدام ولن يؤخرَہ إحجام.

قال تعالى:{قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا * قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} [الأحزاب :16،17]
قال الإمام الطبري رحمه الله: "يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلّى الله عليه وسلّم : {قُلْ} يا محمد، لهؤلاء الّذين يستأذنوك في الانصراف عنك ويقولون: إنّ بيوتنا عورة {لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ} يقول: لأن ذلك، أو ما كتب الله منهما واصل إليكم بكل حال، كرهتم أو أحببتم {وإذًا لا تُمَتَّعُونَ إلا قَلِيلا} يقول: وإذا فررتم من الموت أو القتل لم يزد فراركم ذلك في أعماركم وآجالكم، بل إنما تمتّعون في هذه الدّنيا إلى الوقت الّذي كتب لكم، ثم يأتيكم ما كتب لكم وعليكم". ا.هـ [تفسير الطبري]

وقال ابن تيمية رحمه الله: "فأخبر الله أن الفرار لا ينفع لا من الموت ولا من القتل، فالفرار من الموت كالفرار من الطّاعون...والفرار من القتل كالفرار من الجهاد، وحرف "لن" ينفي الفعل في الزمن المستقبل، والفعل نكرة، والنكرة في سياق النفي تعم جميع أفرادها، فاقتضى ذلك: أن الفرار من الموت أو القتل ليس فيه منفعة أبدا، وهذا خبر الله الصادق، فمن اعتقد أن ذلك ينفعه فقد كذّب الله في خبره والتجربة تدل على مثل ما دل عليه القرآن، فإن هؤلاء الذين فروا في هذا العام لم ينفعهم فرارهم، بل خسروا الدّين والدّنيا وتفاوتوا في المصائب، والمرابطون الثابتون نفعهم ذلك في الدّين والدّنيا، حتى الموت الذي فرّوا منه كثر فيهم، وقل في المقيمين، فما منع الهرب من شاء الله، والطالبون للعدو والمعاقبون له لم يمت منهم أحد ولا قتل، بل الموت قل في البلد من حين خرج الفارون، وهكذا سنّة الله قديما وحديثا، ثم قال تعالى: {وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إلَّا قَلِيلًا} يقول: لو كان الفرار ينفعكم لم ينفعكم إلا حياة قليلة ثم تموتون، فإن الموت لا بد منه".ا.هـ

نفى النوم عن عينيه نفس أبية
لها بين أطراف الأسنة مطلب
إذا أنا لم أعط المكارم حقها
فلا عزني خال ولا ضمني أب
ومن تكن العلياء همة نفسه
فكل الذي يلقاه فيها محبب

فلتكن همّتك أخي الموحّد عالية وعزيمتك متجذّرة راسخة وتذكّر ما أعده الله تعالى لك من الجنان العالية، وأن هذه الدنيا زائلة فانية فاطلب العليا واترك الدّنيا، وسارع إلى الجنان واتّق النيران، واصبر وصابر مستجيبا لأمر الله تعالى القائل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200]

والحمد لله ربّ العالمين


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 172
الخميس 30 جمادى الآخرة 1440 هـ
...المزيد

إثم تشويه السمعة عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من قال ...

إثم تشويه السمعة

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله رَدْغَةَ الخَبَالِ حتى يخرج مما قال".

رواه أبو داود في حديث، والطبراني وزاد: "وليس بخارجٍ"، والحاكم بنحوه، وقال: صحيح الإسناد.

- ردغة الخبال: هي عصارة أهل النار.
...المزيد

الابتلاء سنة أتباع الأنبياء فيا أيها المجاهد المبتلى في كل ثغر من ثغور الدولة الإسلامية مهما كان ...

الابتلاء سنة أتباع الأنبياء

فيا أيها المجاهد المبتلى في كل ثغر من ثغور الدولة الإسلامية مهما كان ابتلاؤك، تذكر ابتلاءات أتباع الأنبياء ورفعة منزلتهم في الجنة وأنت في طريقك إلى الله تعالى، وتذكر أنك اختصرت الطريق إلى الجنان.

فقد قال الحسن البصري رحمه الله تعالى: "إن لكل طريق مختصرا ومختصر طريق الجنة الجهاد " [حلية الأولياء لأبي نعيم].

• المصدر: النبأ العدد 74
...المزيد
يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
14 جمادى الأولى 1447
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً