وحي الشياطين أمام الضجة الكبيرة التي أثارها قرار طالبان منع "كتاب التوحيد" والصدمة التي أحدثها ...

وحي الشياطين

أمام الضجة الكبيرة التي أثارها قرار طالبان منع "كتاب التوحيد" والصدمة التي أحدثها ذلك في الأوساط الجهادية الموالية لطالبان؛ لم يكن أمام الميليشيا إلا محاولة تبرير ذلك بترقيعٍ متداعٍ جاء معتمدًا بالكلّية على بثوث "فقهاء التراجعات" واستعارةً لوحي شياطينهم الذي لم يصمد أمام صواعق الحق المرسلة.

- افتتاحية النبأ "في الأصل لا الحاشية" 482
- لقراءة الافتتاحية، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

عزة المجاهدين رغم اشتداد غربتهم وفي زماننا هذا الذي نعيشه تتكرر القصة بين الثلة المؤمنة، ...

عزة المجاهدين رغم اشتداد غربتهم

وفي زماننا هذا الذي نعيشه تتكرر القصة بين الثلة المؤمنة، والطواغيت الكفرة الفجرة، وقد تكالبت أمم الكفر على الإسلام وأهله، وعاد الإسلام غريبا كما بدأ، وعاد القائمون بأمره المستمسكون به غرباء في الأرض بعد أن حملوا راية الإسلام صافية ورفضوا الالتقاء مع أعدائه في منتصف الطريق، ووقفوا في وجه طواغيت العصر وفراعنته، وكفروا بهم وجاهروا بعداوتهم وبغضهم تحقيقا لملة إبراهيم عليه السلام، وجاهدوا في سبيل الله تعالى كل من رام صرفهم عن غايتهم بتعبيد الناس لخالقهم سبحانه، وأن لا يحكم في الأرض بغير شرعه.

فجمع الطواغيت لحربهم كل أحلافهم وأوباشهم من الصليبيين واليهود والمنافقين، وأتوا بجيوشهم الكافرة عبر البر والبحر والجو، يريدون ما أراده فراعنة الأمس من حرب التوحيد وطمس دعوته، فثبت لهم أجناد الإسلام ثبات الجبال ولم يعطوا الدنية في دينهم، وقاتلوا في سبيل الله -نحسبهم ولا نزكيهم-، وبذلوا الغالي والنفيس وما ضرهم ما يصيبهم لمّا علموا أنه إلى الله المنقلب، وكانت تضحياتهم نورا أضاءت طريق إخوانهم من بعدهم، وأحيا الله بها أجيالا من شباب الإسلام لا يعدلون بالتوحيد مصلحة، ولا يرون غير الشريعة غاية، ولم يُضع الله تعالى إيمانهم وتضحياتهم وقد استعانوا بالملك العزيز ولاذوا بجنابه، ورفضوا الالتجاء إلى غيره سبحانه، والاعتصام بغير حبله، فكانوا أعزة في حياتهم ومماتهم، وعلى ذلك فليواصل إخوانهم الطريق مِن بعدهم، حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.


- افتتاحية النبأ "سبيل العزة" 484
- لقراءة الافتتاحية، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

إنما تصان العقائد بالدماء إنّ العقائد لا تحفظ في متون الكتب وبطونها، إنما تصونها الدماء -وتصون ...

إنما تصان العقائد بالدماء

إنّ العقائد لا تحفظ في متون الكتب وبطونها، إنما تصونها الدماء -وتصون الدماء- في ميادين القتال والمراغمة، وترسم خارطة الطريق في الحكم والعلاقات والولاءات، يحتكم إليها المسلمون دوما وأبدا دون غيرها ولا يعدلون أو يخلطون بها سواها، ولا يستبدلونها بالشورى الأمريكية نعني "الديمقراطية".

- مقتبس من افتتاحية صحيفة النبأ " في الأصل لا الحاشية! " العدد (482)

- لقراءة الافتتاحية، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

حرص سلاطين الإسلام على بيعة الخليفة الإمام (٢/٢) - أمير خراسان محمود الغزنوي يبايع الخليفة ...

حرص سلاطين الإسلام على بيعة الخليفة الإمام

(٢/٢)

- أمير خراسان محمود الغزنوي يبايع الخليفة القادر بالله

ومن القوقاز إلى خراسان في أوائل القرن الخامس الهجري سنة (404 هـ) فبعدما أخضع السلطان محمود الغزنوي كثيرا من البلاد تحت سلطانه، أرسل رسالته إلى الخليفة العباسي مبايعاً له، وطالبا توليته على ما تحت يده من بلاد، قال ابن الأثير: «فلما فرغ من غزوته عاد إلى غزنة وأرسل إلى القادر بالله يطلب منه منشورا وعهدا بخراسان، وما بيده من الممالك فكتب له ذلك»، وقد ذكرنا في مقالة سابقة ما منَّ الله به على هذا السلطان من عز وتمكين مع التزامه بجماعة المسلمين وإمامهم امتثالا لأمر الله، لا لمصالح عسكرية أو مادية.

- أمير المغرب والأندلس يبايع الخليفة المستظهر بالله

ومن بلاد المغرب في أواخر القرن الخامس الهجري أرسل الأمير يوسف بن تاشفين إلى الخليفة العباسي يطلب توليته، قال ابن الأثير: «ولما ملك الأندلس، على ما ذكرناه، جمع الفقهاء وأحسن إليهم، فقالوا له: ينبغي أن تكون ولايتك من الخليفة لتجب طاعتك، فأرسل إلى الخليفة المستظهر بالله، أمير المؤمنين، رسولا ومعه هدية كثيرة، وكتب معه كتابا يذكر ما فتح الله من بلاد الفرنج، وما اعتمده من نصرة الإسلام، ويطلب تقليدا بولاية البلاد، فكتب له تقليدا من ديوان الخليفة بما أراد، ولقب أمير المسلمين، وسيرت إليه الخلع، فسُر بذلك سرورا كثيرا».

هكذا ورغم ما تمتَّع به ابن تاشفين من سلطة وتمكين، إلا أنها لم تُوجب طاعته حتى يدخل في جماعة المسلمين كما أفتاه بذلك فقهاء ذلك الزمان، وقد بارك الله في دولته وفتوحاتها كما هو معلوم في تاريخها.

- أمير الشام نور الدين زنكي يبايع الخليفة المقتفي

وإلى دمشق أواسط القرن السادس الهجري (549 هـ)، وصلت رسالة الخليفة العباسي إلى نور الدين زنكي بقبول بيعته وتوليته على ديار الشام ومصر، قال ابن كثير: «ملك السلطان نور الدين الشهيد بدمشق وجاءت الأخبار بأن مصر قد قُتل خليفتها الظافر [المقصود طاغوت العبيديين]، ولم يبق منهم إلا صبي صغير ابن خمس شهور، قد ولوه عليهم ولقبوه الفائز، فكتب الخليفة [العباسي] عهدا إلى نور الدين محمود بن زنكي بالولاية على بلاد الشام والديار المصرية، وأرسله إليها».

وقد كان لهذه الخطوة دور كبير في عزم نور الدين على تخليص مصر من حكم العبيديين الكفرة الذين تسمّوا بالفاطميين، وإلحاقها بديار الإسلام تحت حكم الخليفة العباسي، وقد تم له ذلك في المحرم سنة (567 هـ) إذ خطبت أول خطبة للخليفة المستضيء بالله.

وقال ابن تيمية، رحمه الله: «وكذلك السلطان نور الدين محمود، الذي كان بالشام، عزّ أهل الإسلام والسنّة في زمنه، وذلّ الكفار وأهل البدع ممن كان بالشام ومصر وغيرهما، من الرافضة والجهمية ونحوهم، وكذلك ما كان من زمنه من خلافة بني العباس» [مجموع الفتاوى].

وبهذا توحدت بلاد الإسلام تحت سلطان الإمام، مما مهَّد الطريق لمواصلة الجهاد ضد الصليبيين حتى إخراجهم من كل ديار المسلمين.


- وها قد عادت الخلافة

واليوم بفضل الله عادت الخلافة من جديد بعد قرون من تغييبها وبدأ المسلمون من أصقاع العالم يأوون إليها مبايعين لأميرها، وقد بايعها -بفضل الله- المجاهدون من كل أصقاع العالم -كالعراق والشام والقوقاز وخراسان وبلاد المغرب والصحراء وغرب إفريقية- كما بايعها المجاهدون في سيناء واليمن وجزيرة العرب وأرض ليبيا وشرق آسيا، ليعاد تشكيل جماعة المسلمين من جديد، ويعود تقسيم الأرض إلى فسطاطين، فمن تمسَّك بجماعة المسلمين وإمامها فقد نجى، ومن اختار لنفسه الفرقة فقد هلك، ولله عاقبة الأمور.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 59
الخميس 15 ربيع الأول 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

حرص سلاطين الإسلام على بيعة الخليفة الإمام (١/٢) أجمع المسلمون في كل العصور على وجوب الإمامة ...

حرص سلاطين الإسلام على بيعة الخليفة الإمام

(١/٢)
أجمع المسلمون في كل العصور على وجوب الإمامة ونصب الإمام ومبايعته وطاعته، فهو الذي يقيم الصلاة بهم، ويطبق الحدود، ويحفظ الثغور، ويجاهدون تحت لوائه أعداء الله، بل إن الصحابة -رضي الله عنهم- بعد وفاة النبي -صـلى الله عليه وسلم- كان أول ما شغلهم -حتى قبل دفنه- تنصيب خليفته، فكانت البيعة لأبي بكر الصديق -رضي الله عنه- في سقيفة بني ساعدة.

وبالرغم من أن الخلافة قد ضعفت في القرون المتأخرة قبل غيابها عن المعمورة بسقوط الدولة العباسية، إلا أن هذا لم يمنع كثيرا من سلاطين المسلمين، من أن يستمدوا شرعية سلطتهم من مبايعة الخليفة العباسي وبذل الطاعة امتثالا لأمر الله -عزو جل- بلزوم الجماعة، ونبذ الفرقة والتنازع، وقد وجد أولئك السلاطين بركات هذه البيعات، فأجرى الله على أيديهم الفتوحات وأطاعتهم رعاياهم.

- أمير الصقالبة في القوقاز يبايع الخليفة المقتدر بالله

ففي أوائل القرن الرابع الهجري سنة (309 هـ) أرسل الخليفة العباسي المقتدر بالله مبعوثه أحمد بن فضلان إلى أمير الصقالبة في بلاد القوقاز الذي أعلن بيعته للخليفة وطلب منه مساعدته في رد عادية الكفار المجاورين له في تلك البلاد، فأرسل الخليفة مبعوثه ليخلع عليه خِلَع الإمارة كما جرت العادة، وليُعينه فيما طلب.

وقد روى ابن فضلان في كتابه (رسالة ابن فضلان) تفاصيل تلك الرحلة الشاقة من بغداد دار الخلافة إلى ديار ذلك الأمير في عمق بلاد القوقاز، ومما جاء فيه: «فلمّا كنّا من ملك الصقالبة، وهو الذي قصدنا له على مسيرة يوم وليلة وجّه لاستقبالنا الملوك الأربعة الذين تحت يده وإخوته وأولاده فاستقبلونا ومعهم الخبز واللّحم والجاورس، وساروا معنا، فلمّا صرنا منه على فرسخين تلقّانا هو بنفسه فلمّا رآنا نزل، فخرّ ساجدا شكرا لله، جلّ وعزّ».

ويكمل ابن فضلان رواية الأحداث فيقول: «حتّى جمع الملوك والقوّاد وأهل بلده ليسمعوا قراءة الكتاب... ولم يزل التّرجمان يترجم لنا حرفا حرفا، فلمّا استتممنا قراءته كبّروا تكبيرة ارتجّت لها الأرض»، وهكذا علم هذا الأمير النائي في أقاصي الأرض فضل أن يكون تحت إمرة خليفة المسلمين وأن يصله التكليف منه بإمارة قومه.

وقد حرص هذا الأمير المسلم على امتثال كل ما يأمره به مبعوث الخليفة من تعاليم الشرع فعندما نهاه ابن فضلان عن أن يطري نفسه باسم الملك في الخطبة بادر بالامتثال، قال ابن فضلان: «فقال لي: فكيف يجوز أن يُخطب لي؟ قلت: باسمك واسم أبيك. قال: إن أبي كان كافرا ولا أحبّ أن أذكر اسمه على المنبر، وأنا أيضا فما أحب أن يُذكر اسمي إذ كان الذي سمّاني به كافرا، ولكن ما اسم مولاي أمير المؤمنين؟ فقلت: جعفر. قال: فيجوز أن أتسمّى باسمه؟ قلت: نعم، قال: قد جعلت اسمي جعفرا واسم أبي عبد الله، فتقدّم إلى الخطيب بذلك. ففعلت».

وكان جعفر بن عبد الله مع عظم سلطته وبعد دياره عن مركز الخلافة يخشى غضب الخليفة عليه، ومما قاله لابن فضلان: «فوالله إنّي لَبِمكاني البعيد الذي تراني فيه وإنّي لخائف من مولاي أمير المؤمنين، وذلك أنّي أخاف أن يبلغَه عني شيء يكرهه، فيدعو عليَّ فأهلك بِمَكاني»، وأخبره عن سبب طلبه المال من خليفة المسلمين، فقال: «رأيت دولةَ الإسلام مقبلة وأموالَهم يؤخذ من حلها فالتمست ذلك لهذه العلّة، ولو أني أردت أن أبني حصنا من أموالي من فضة أو ذهب لما تعذَر ذلك عليّ، وإنما تبرّكت بمال أمير المؤمنين»، أي لبُعد مال الخليفة عن الشبهة في ظن الأمير، والله أعلم.

فسبحان من فقَّه أمثال هؤلاء بفضل الجماعة ومبايعة الإمام!


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 59
الخميس 15 ربيع الأول 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

لسان حالكِ «لأموتَنَّ والإسلام عزيز» (١/٢) إنَّ الهمم -أرشدكِ الله- نوعان، همم سامية عالية، ...

لسان حالكِ «لأموتَنَّ والإسلام عزيز»

(١/٢)
إنَّ الهمم -أرشدكِ الله- نوعان، همم سامية عالية، وأخرى ساقطة نازلة، يقول ابن القيم، رحمه الله: «ولله الهمم! ما أعجب شأنها، وأشد تفاوتها، فهمة متعلقة بمن فوق العرش، وهمة حائمة حول الأنتان والحش» [مدارج السالكين].

فأما الذين تعلَّقت هممهم بمن فوق العرش، فقوم تزينت لهم الدنيا فأغرتهم بالخسيس والدني، وجعلت من نفسها أكبر همِّهم ومبلغ علمهم، وغلّقت الأبواب دون المعالي وقالت: هيت لكم! فما كان منهم إلا أن أدبروا هلعى، وفروا منها فرار المعافى من المجذوم، لا يلوون على شيء سوى أن يعصمهم الرحمن منها ويكفيهم شرها، فعاشوا فيها والأرواح تتنفس عزة.

إن لله عبادا فطنا * طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا
نظروا فيها فلما علموا * أنها ليست لحيّ وطنا
جعلوها لُجّة واتخذوا * صالح الأعمال فيها سفنا

وأما الذين تحوم هِممهم حول الأنتان والحش، فقوم نجحت الدنيا في فتنتهم، وجعلت همَّهم بين مال وبطن وفرج، فعاشوا فيها والأرواح ترهقها ذلة.

ثم قال ابن القيم: «وإذا أردت أن تعرف مراتب الهمم، فانظر إلى همة ربيعة بن كعب الأسلمي -رضي الله عنه- وقد قال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (سلني)؛ فقال: أسألك مرافقتَك في الجنة؛ وكان غيره يسألُه ما يملأ بطنَه، أو يواري جلده، وانظر إلى همة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين عُرضت عليه مفاتيح كنوز الأرض فأباها، ومعلوم أنه لو أخذها لأنفقها في طاعة ربه تعالى، فأبت له تلك الهمة العالية، أن يتعلق منها بشيء مما سوى الله ومحابه، وعُرض عليه أن يتصرف بالملك، فأباه، واختار التصرف بالعبودية المحضة، فلا إله إلا الله، خالق هذه الهمة، وخالق نفس تحملها، وخالق همم لا تعدو همم أخس الحيوانات» [مدارج السالكين].

وجاء في «حلية الأولياء»: «عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، قال: اجتمع في الحِجر مصعب بن الزبير، وعروة بن الزبير، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمر، فقالوا: تمنّوا؛ فقال عبد الله بن الزبير: أما أنا، فأتمنّى الخلافة؛ وقال عروة: أما أنا، فأتمنّى أن يؤخذ عني العلم؛ وقال مصعب: أما أنا، فأتمنّى إمرة العراق والجمع بين عائشة بنت طلحة، وسكينة بنت الحسين؛ وقال عبد الله بن عمر: أما أنا، فأتمنّى المغفرة؛ قال: فنالوا كلهم ما تمنوا، ولعل ابن عمر قد غُفر له».

ويقال إن عمر بن عبد العزيز خطب الناس فقال في خطبته: «أيها الناس، إن لي نفسا توّاقة لا تُعطى شيئا إلا تاقت إلى ما هو أعلى منه، وإني لمّا أُعطيت الخلافة تاقت نفسي إلى ما هو أعلى منها وهي الجنة» [البداية والنهاية].

ورُوي أن نابغة بني جعدة أنشد هذه الأبيات في حضرة النبي، صلى الله عليه وسلم:

بلغنا السماء مجدنا وثراؤنا * وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا

فيسأله النبي: (إلى أين المظهر يا أبا ليلى؟) قال: «إلى الجنة»؛ قال: (كذلك إن شاء الله) [رواه أبو نعيم والبيهقي في «دلائل النبوة»].
ولطالما كانت الجنة همَّة الصالحين من الأولين والآخرين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 59
الخميس 15 ربيع الأول 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

سياحة الجهاد • روى أبو داود في سُننه عن أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه- أن رجلا قال: «يا رسول ...

سياحة الجهاد

• روى أبو داود في سُننه عن أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه- أن رجلا قال: «يا رسول الله، ائذن لي بالسياحة»؛ فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: (إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله)؛ سكت عنه أبو داود، ورواه الحاكم في مستدركه وصحّح إسناده، وصحّحه عبد الحق الإشبيلي والذهبي، وجوّد إسناده النووي والعراقي.

وهذا الحديث مما أخطأ بعض أهل الهجرة والجهاد في فهمه، وظنوا أن سياحة الجهاد هي ما عليه أهل العصر من «التنقل من بلد إلى بلد طلبا للتنزه أو الاستطلاع والكشف» [المعجم الوسيط المعاصر]، فإذا نظر بعد فهمه الخاطئ إلى شيء من جمال البلد المُهاجَر إليه من جبال وأنهار وشواطئ وأشجار، أو وجد شيئا من رغد العيش فيه من طعام وشراب وزينة وراحة، أشار إلى زهرة الحياة الدنيا، وقال: «صدق رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إن الجهاد سياحة الأمة!».

وهكذا أخطأ كثير من الناس في فهم الحديث والأثر، فشتّان ما بين ما هو مقصود في الحديث الشريف، وبين ما ذهبت إليه أذهان كثير من الناس.

فإن قيل، فما معنى «السياحة» المذكورة إن لم يكن سفر النزهة المتعارف عليه؟

الجواب: إنما يُفسّر غريب الحديث والأثر بلسان العرب الفصيح وبفهم السلف الصالح -لا ما اصطلح عليه المتأخرون ولا ما تعارف عليه المعاصرون- وهذا بالرجوع إلى أئمة اللغة والغريب، الذين حفظوا معاني القرآن والحديث لمن بعدهم من القرون كما حفظ القراء والمحدثون ألفاظ الوحيين، جزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خيرا كبيرا كثيرا.

قال ابن قتيبة، رحمه الله (المتوفى 276 هـ) في شرح ما جاء من السياحة في الأثر: «[السياحة]: مفارقة الأمصار والذهاب في الأرض كفعل... عُبّاد بني إسرائيل... وأراد -صلى الله عليه وسلم- أن الله -جل وعز- قد وضع هذا عن المسلمين وبعثه بالحنيفية السمحة» [غريب الحديث].

وقال ابن الأنباري، رحمه الله (المتوفى 328 هـ): «السياحة: الخروج إلى أطراف البلاد، والتفرد من الناس، بحيث لا يشهد جمعة، ولا يحضر جماعة» [الزاهر].

وقال أبو منصور الأزهري، رحمه الله (المتوفى 370 هـ): «قال الليث: السياحة ذهاب الرجل في الأرض للعبادة والترهّب، وسياحة هذه الأمة الصيام ولزوم المساجد» [تهذيب اللغة].

فالسياحة التي لم يأذن بها النبي -صلى الله عليه وسلم- هي من الترهّب الذي لم يشرّعه أحكم الحاكمين، قال سبحانه وتعالى: {ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد: 27].

عن عروة بن الزبير -رحمه الله- قال: «دخلت امرأة عثمان بن مظعون... على عائشة وهي باذَّة الهيئة فسألتها ما شأنك؟ فقالت: زوجي يقوم الليل ويصوم النهار؛ فدخل النبي -صلى الله عليه وسلم- فذكرت عائشة ذلك له، فلقي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عثمان فقال: (يا عثمان، إن الرهبانية لم تكتب علينا، أفما لك فيّ أسوة، فوالله إني أخشاكم لله، وأحفظكم لحدوده) [رواه أحمد وأبو داود وابن حبان].

وهكذا، لما استأذن بعض الصحابة -رضي الله عنهم- النبي -صلى الله عليه وسلم- في السياحة، نهاه -صلى الله عليه وسلم- عن التشبّه بالرهبان الضالين، وأرشده إلى ما شرعه الله –تعالى- منهاجا لخير أمة أخرجت للناس: الجهاد في سبيله؛ وفيه ما في سياحة الرهبانية من الزهد والعزلة والذكر والعبادة، يتقرب المجاهد إلى الله بالتزام هذه الحقائق في أسفار جهاده، وليكون بذلك من رهبان الليل فرسان النهار، وهم: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ} [الواقعة: 13-14].

وتشهد لقول أئمة اللغة بعضُ الأحاديث المرفوعة الضعيفة، منها: (عليك بالجهاد، فإنه رهبانية الإسلام) [رواه أحمد عن أبي سعيد الخدري]، و(لكل نبي رهبانية، ورهبانية هذه الأمة الجهاد في سبيل الله) [رواه أحمد عن أنس]، و(عليك بالجهاد فإنه رهبانية أمّتي) [رواه ابن حبّان عن أبي ذر].
ومنها: رواية لحديث عثمان بن مظعون، أنه أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: «ائذن لنا بالاختصاء»؛ فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من خصى، ولا اختصى، إنّ إخصاء أمتي الصيام)؛ فقال: «يا رسول الله، ائذن لنا في السياحة»؛ فقال: (إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله)؛ فقال: «يا رسول الله، ائذن لنا في الترهّب»؛ فقال: (إن ترهّب أمتي الجلوس في المساجد انتظار الصلاة) [رواه ابن المبارك في الزهد بإسناد ضعيف].
ومنها: (لا سياحة، ولا تبتّل، ولا ترهّب في الإسلام) [رواه عبد الرزاق عن طاووس مرسلا].
قال ابن قتيبة: «قوله (ولا رهبانية) يريد فعل الرهبان من مواصلة الصوم ولبس المُسوح وترك أكل اللحم وأشباه ذلك... وقوله (ولا تبتّل) يريد ترك النكاح» [غريب الحديث].

وقال ابن الأنباري: «[راهب متبتّل]: منقطع إلى الله -تبارك وتعالى- تارك للنكاح»، ثم ذكر حديث طاووس، ثم قال: «الرهبانية: لزوم الصوامع، وترك أكل اللحم» [الزاهر].

ومما يشهد لقول أئمة اللغة أيضا بعضُ الآثار الموقوفة والمقطوعة، منها: «سياحةُ هذه الأمة الصيام» [رواه الطبري عن عائشة]، و«{السَّائِحُونَ}: الصائمون»، و«{سَائِحَاتٍ}: صائمات» [رواهما الطبري عن عدد من السلف].

قال ابن قتيبة: «أصل السائح: الذاهب في الأرض... والسائح في الأرض ممتنع من الشهوات، فشُبّه الصائم به، لإمساكه في صومه عن المطعم والمشرب والنكاح» [غريب القرآن].

وقال الطبري -رحمه الله- في تفسيره: «كان بعض أهل العربية يقول: نرى أن الصائم إنما سُمي سائحا، لأن السائح لا زاد معه، وإنما يأكل حيث يجد الطعام، فكأنه أُخذ من ذلك».

ومنها: عن سفيان بن عيينة -رحمه الله- قال: «حدثنا عمرو، أنه سمع وهب بن منبه يقول: كانت السياحة في بني إسرائيل...» قال ابن عيينة: «إذا ترك الطعام والشراب والنساء فهو السائح» [رواه الطبري].

وقال المروزي، رحمه الله (المتوفى 294 هـ): «عن إسحاق بن سويد [تابعي، توفي 131 هـ]: كانوا [أي السلف الصالح] يرون السياحة صيام النهار وقيام الليل» [مختصر قيام الليل].

وبعد هذا، يظهر بلا ريب أن المقصود بـ (سياحة أمتي الجهاد)، النهي عن سياحة الرهبان المبتدعة وما فيها من ادعاء التوكّل والزهد بترك الزاد والإعراض عن النكاح -وهي عادة وَرِثَتها بعض الطرق الصوفية من كفرة أهل الكتاب- والمقصود أيضا، الإرشاد إلى ما هو خير من السياحة، الجهاد في سبيل الله، وما يترتّب عليه من الاجتهاد في العبادة وطلب لقاء الله -سبحانه وتعالى- علماً أن بعض السلف الصالح جعلوا من بدائل السياحة: الاعتكاف وقيام الليل والصيام وطلب العلم، ومنهم من جعلها الهجرة إلى الله التي قورنت بالجهاد في الوحيين، قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -رحمه الله- (المتوفى 182 هـ) في تفسير قوله سبحانه {السَّائِحُونَ} وقوله تعالى {سَائِحَاتٍ}: «ليس في القرآن ولا في أمة محمد سياحة إلا الهجرة» [رواه الطبري]، وقال: «كان سياحتهم الهجرة حين هاجروا إلى المدينة» [رواه ابن أبي حاتم].

فمن أراد أن يكون من أهل السياحة السنية السلفية، فعليه بالهجرة والجهاد، وعليه أن يجاهد نفسه في الله بالتزام الزهد والذكر في رباطه وقتاله ما استطاع، وعليه أن يهجر ما كره الله من الخطايا والذنوب الظاهرة والباطنة، ومنها: العجب والكبر والغيبة والنميمة والقتال للمغنم وللذكر.
وفي الختام، قال ابن القيم -رحمه الله- في تفسير قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ...} الآية [التوبة: 111-112]: «فُسِّرت السياحة بالصيام، وفُسِّرت بالسفر في طلب العلم، وفُسِّرت بالجهاد، وفُسِّرت بدوام الطاعة، والتحقيق فيها أنها سياحة القلب في ذكر الله، ومحبته، والإنابة إليه، والشوق إلى لقائه، ويترتّب عليها كل ما ذكر من الأفعال، ولذلك وصف الله –سبحانه- نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- اللاتي لو طُلق أزواجه، بدله بهن بأنهن سائحات، وليست سياحتهن جهادا، ولا سفرا في طلب علم، ولا إدامة صيام، وإنما هي سياحة قلوبهن في محبة الله تعالى، وخشيته، والإنابة إليه، وذكره، وتأمل كيف جعل الله -سبحانه- التوبة والعبادة قرينتين، هذه ترك ما يكره وهذه فعل ما يحب، والحمد والسياحة قرينتين، هذا الثناء عليه بأوصاف كماله وسياحة اللسان في أفضل ذكره، وهذه سياحة القلب في حبه وذكره وإجلاله، كما جعل سبحانه العبادة والسياحة قرينتين في صفة الأزواج، فهذه عبادة البدن وهذه عبادة القلب» [حادي الأرواح].

هذا، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على الرسول النبي الصادق الأمين، وعلى أزواجه وذريته الطيبين الطاهرين.
 
 
 
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 59
الخميس 15 ربيع الأول 1438 ه‍ـ

• لقراءة الصحيفة تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

قصة شهيد: أبو جهاد الكبيِّر حفظ كتاب الله وعمل بما فيه، نحسبه والله حسيبه.. (٢/٢) وقد أحسن ...

قصة شهيد:
أبو جهاد الكبيِّر
حفظ كتاب الله
وعمل بما فيه، نحسبه والله حسيبه..

(٢/٢)
وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن

مكث في السجن 3 سنين حتى فرّج الله عنه مع بدايات الجهاد في الشام، وبمجرد خروجه بدأ بالبحث عن طريق إلى ساحات الجهاد، وتخطي منع السفر الذي فرضه الطواغيت عليه ، فبقي عدة أشهر على هذا الحال حتى يسر الله له طريقاً إلى الشام، وكان خلال فترة الانتظار يجهز بعض المواد الإعلامية، ويجمع ما تفرّق من كلمات المجاهدين وعلمائهم، ليعدها ويوزعها بين الشباب، وكذلك شارك في مواقع التواصل مع أنصار الجهاد، حتى يسّر الله له الطريق فلم ينتظر أو يتوانَ، وانطلق مستعيناً بالله ووصل -بفضل الله- إلى الشام بسهولة ويسر.

وما إن أنهى المعسكر حتى بدأ بإكمال بعض مشاريعه الدعوية والإعلامية، وتوزيع ما جمعه من مواد علمية على الإخوة ليستفيدوا منها في أوقات فراغهم، فقد كان يتحسر دائماً على أي لحظة يضيعها من عمره دون أن يقدم شيئا للإسلام والمسلمين.

ومن تجربته الأولى مع حمير العلم ودعاة الضلالة عَلم كبير خطرهم على المسلمين، فكان لا يجلس مجلساً إلا حذّر منهم، ودعا إلى البراءة من أولئك الرموز الذين اتخذهم الناس طواغيت يتبعونها على ضلالة، خاصة وأن شرّهم وصل إلى ساحات الجهاد، فحشروا أنوفهم في كل صغيرة وكبيرة، لينفّذوا أوامر أسيادهم في تخريب الجهاد، والتحريض على الموحدين، ولم يطل الوقت حتى قامت صحوات الشام وغدرت بالمجاهدين بفتاويهم وتوصياتهم، فثبت -تقبله الله- وثبت إخوانه، وقد سمع في أول يوم من قيام الصحوات عن مجموعة من الشباب تردّدوا في قتال الصحوات، فقام إليهم مسرعاً وجمعهم وخطب فيهم خطبة بليغة انشرحت بها صدورهم، بفضل الله، ومضوا يقاتلون أولئك المرتدين بثبات ويقين.

ربِّ أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليّ

وبعد القضاء على الصحوات في أغلب المناطق وانحياز المجاهدين في ريف حلب الشمالي، كان أبو جهاد واحدا منهم، حيث انتقل إلى مدينة منبج وعمل في مركز الحسبة فيها، آمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر.

فكان لا يترك منكراً إلا وأنكره مهما صغُر، وإن لم يجد منكراً أمر بالمعروف، فلا يجد رجلا من عامة المسلمين أو مجاهدا من إخوانه إلا أمره بمعروف يناسب حاله، فتميَّز بذلك، فلا تجده في مكان إلا وهو يتكلم مع هذا وينصح ذاك، وكان يصل ليله بنهاره مجتهدا في الاحتساب في هذا الميدان، وكان له ولإخوانه في منبج قصب السبق في إقامة الدورات الشرعية للموقوفين من أهل المعاصي والمنكرات.

وبقي على هذه الحال زماناً طويلاً لا يفتر ولا يكل أو يمل، وكل همه رفع راية لا إله إلا الله، وإن كان حاله يوم أن كان بين أظهر السرورية شعلة لا تنطفئ فهو في الجهاد بركان لا يخمد، وقد كان المجاهدون يتعجبون أشد العجب من صبره وجلده وبذله في كل مجال، خاصة فيما لم يكلَّف به إدارياً، فعمله الأساسي لا يحتمله إلا رجل جلد صبور؛ إذ يقابل عشرات وربما مئات الناس يومياً في مكتب الحسبة ويتعامل مع قضاياهم، ومع كل هذا لا تفارق الابتسامة وجهه، فأحبه عامة المسلمين وكان سبباً بعد توفيق الله لهداية كثير منهم، ولحوقهم بالمجاهدين.

من الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، نحسبه

ومع كل هذا البذل ومع أنه لم يترك هيعة أو صيحة للقتال إلا كان من أول المجيبين لها، فقد كان يتهم نفسه دوماً بالنفاق ويحزن على بقائه كل هذا المدة بعيدا عن الرباط والقتال، فكم ألح على أميره لينقله من عمله إلى الكتائب العسكرية فيبقى في الرباط دائماً، ولكن أميره كان يذكِّره بأهمية عمله، وقلة من يسد مكانه، حتى وصل القتال إلى مدينة منبج، فصدَّق الأقوال بالأفعال، والتزم الرباط على ثغور منبج.

وفي اليوم الثالث عشر من رمضان تسلل إلى موقع قريب من نقطته مجموعة من مقاتلي حزب الـ PKK المرتدين، فلم يتراجع من مكانه، بل بادر بالهجوم عليهم، وسمعه الإخوة على اللاسلكي وهو يقول: قتلت المرتد الأول! ثم يخبرهم أنه قد أجهز على الثاني، ثم الثالث، حتى قتل 5 من المرتدين، ثم أُصيب برصاصة في قدمه فلم يترك موقعه، حتى يسر الله له الشهادة فأصابته قذيفة RPG، وكانت نهايته كما أحب وتمنى، فقد كان يدعو أن لا يُقتل حتى يَقتل من الكفار ويثخن فيهم.

رحل -رحمه الله- وبقيت أعماله لتشهد له -بإذن الله- يوم القيامة، فمشاريعه في الحسبة والدعوة والتعليم والإعلام وغيرها قائمة وصدقة له- بإذن الله- جارية.

• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 59
الخميس 15 ربيع الأول 1438 ه‍ـ

• لقراءة القصة كاملة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

وتلك الأيام نداولها بين الناس الظهور والتمكين من النعم التي يمنّ الله بها على من يشاء من عباده، ...

وتلك الأيام نداولها بين الناس

الظهور والتمكين من النعم التي يمنّ الله بها على من يشاء من عباده، فأما الذين آمنوا فلا يُقابلون هذا الفضل إلا بقول موسى، عليه السلام: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص: 24]، إقرارا منهم بأن ما نالهم من نصر إنما هو من محض فضل الله عليهم، فلا يصيبهم العجب والكبر، ولا يبتغون في الأرض الفساد، وكذلك إن ابتلاهم الله بخسارة أرض أو معركة من المعارك فإن إرادة القتال عندهم لا تنكسر بذلك، إن شاء الله، ليقينهم أن ما يصيبهم من خير أو شر إنما هو ابتلاء يصيب به الله من يشاء من عباده.

وأما الذين كفروا فإنهم يقابلون نعمة الله عليهم بالعُجب والطغيان في الأرض، كما قابل سلفهم قارون فضلَ ربه عليه بقوله: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِي} [القصص: 78]، فهذا يزعم أنه نال ما فُتح عليه من الدنيا بعلمه أو بحسن تخطيطه وتدبيره، أو بقوة سلاحه، وعديد جنوده، ولذلك يبغي على عباد الله، ويتكبر عن طاعة الله سبحانه، وينازعه في سلطانه، فيحكم الأرض بغير ما أنزل الله تعالى.

وإن مما يزيد المؤمن إيمانا في ظل هذه الفتن والامتحانات، تدبّره قوله تعالى: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ * أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 139-142].

فليس المشركون بمنأى عن تحمل تكاليف المعركة، لما ينالهم من نكاية وإثخان على يد الموحدين، فأما ما أصاب المؤمنين من قرح فهو تمحيص لهم من الخطايا، وتطهير لهم من الذنوب، ورفع لمن شاء الله تعالى له منهم إلى مراتب الشهداء، وأما ما أصاب المشركين من قرح فهو إهلاك لهم.

وأيام الابتلاء بالسوء لا تستقر على أهل الإيمان، وإنما هي مداولة بينهم وبين أهل الكفر، ليبلوا الفريقين فيما آتاهم أو ابتلاهم، فالصابرون يوفَّون أجورهم بغير حساب، والكافرون يكونون لجهنم حطبا.

ولقد رأينا هذا الأمر واقعا -بفضل الله- في فتح ولايات العراق وعلى رأسها الموصل من قبل، بعد سنين من القرح الذي أصاب الموحدين على أيدي الكفرة من روافض وصليبيين وصحوات، لم يَهِنوا فيها ولم يحزنوا على ما أصابهم، ومضوا يزيدون من إيمانهم بالصبر والمصابرة والرباط والجهاد، لعلمهم أنهم بإيمانهم سيكونون الأعلون على الكافرين، حتى جعل الله لهم الدولة على أعدائهم، فازدادوا إيمانا، بشكرهم لله تعالى على فضله بإقامة دينه وتحكيم شرعه، ثم صبروا على ذلك لمّا قاتلهم عليه المشركون في العالم أجمع، وما زالوا على ذلك حتى يحكم الله بينهم وبين القوم الكافرين.

وكذلك رأيناه واقعا في تدمر التي فتحها الله على المجاهدين قبل زمن، فحكموها بشرع الله، وأمروا فيها بالمعروف ونهوا عن المنكر، ثم دافعوا عن دار الإسلام هذه حتى انحازوا منها بعد الإثخان في أعدائهم، ورغم مرارة أن يروا أرض الإسلام تعود لحكم الطاغوت عليها، فإنهم لم ينكسروا ،بفضل الله، بل استمروا في جهادهم لشهور طويلة مرابطين على أطرافها، لا يتركون فرصة إلا وينالون فيها من المرتدين والصليبيين، حتى أكرمهم الله بفتحها من جديد، ومنّ عليهم بأضعاف ما أنفقوه من السلاح والمال في حربهم لاستعادتها، ومكّن لهم في هذه الأرض من جديد، ليعيدوا -بإذن الله- تحكيم شرع الله على ثراها، ويقيموا شعائر الدين الكامل في أرضها، وهم مستعدون لأن يعيدوا الكرّة في هذه الأرض أو سواها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

لقد أثبتت هذه الأمثلة وسواها للناس، أن خسارة قرية هنا، أو مدينة هناك لا تعني أبداً انتهاء المعركة، فما دام التوحيد غضا طريا في النفوس، فستبقى جذوة الجهاد مشتعلة فيها، وستبقى إرادة القتال قائمة، وسيبقى القعود للمشركين في كل مرصد أمرا واقعا، بإذن الله.

والرب العظيم الذي أعاد لعباده الدولة في أرض تدمر، ومن قبلها أرض الموصل وغيرها من ولايات العراق، قادر على أن يعيد لهم الدولة في الفلوجة والرمادي وتكريت وبيجي وسرت ومنبج والشدادي، وغيرها من مدن المسلمين المسلوبة، ما دام المؤمنون واثقين بوعد ربهم لهم، {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [آل عمران: 139].


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 59
الخميس 15 ربيع الأول 1438 ه‍ـ
...المزيد

الحسبة في ولاية سيناء (٤/٤) أمير مركز الحسبة بولاية سيناء لمشركي الصوفية: هدايتكم أحب إلينا من ...

الحسبة في ولاية سيناء

(٤/٤)
أمير مركز الحسبة بولاية سيناء لمشركي الصوفية:
هدايتكم أحب إلينا من قتلكم

تعد محاربة الشرك من أهم وظائف ديوان الحسبة في الدولة الإسلامية.

حيث يقوم الديوان باستتابة مشركي الصوفية وإحالة بعضهم إلى القضاء ليحكم فيهم بما أنزل الله.

(النبأ) بحثت هذه القضية مع مركز الحسبة في ولاية سيناء للوقوف على أهم جوانب محاربة الطرق الصوفية المشركة، فكان هذا الحوار...


الكاهن الهالك (أبو حراز) لاحظنا تركيزاً كبيراً من وسائل الإعلام على قصة قتله فمن هو؟ ولماذا هذا الاهتمام من قبل المرتدين؟

لقد ألقى رجال الحسبة القبض على اثنين من الكهنة المجرمين هما سليمان مصبح حمدان أبو حراز، وقطيفان بريك عيد منصور.

وهما كاهنان، طاغوتان، يدعيان علم الغيب، ويقصدهما الناس كثيراً، ليسألوهما عن الغيب، ويطلبون سحرهما للشفاء والبركة.

والمدعو أبو حراز عمره يناهز سبعة وتسعين عاماً، وقد اقتبس الآخر منه هذا الشرك، فتعلم منه الكهانة والاستعانة بالشياطين.

وهو من رؤوس الطريقة الصوفيّة الجريريّة، ومن أجل ذلك كان هناك تركيز كبير على قصة قتله من وسائل الإعلام، فقد كانت له علاقة قوية جداً بالمرتدين، حتى أن كثيراً من عناصر الحكومة المصرية والجيش المرتد كانوا يقصدونه ويعتقدون فيه النفع والضر، ويزعمون أنه رجل صالح، ويسألونه عن الغيبيات.

وكذلك تلميذه قطيفان، الذي كان قد جعل داخل بيته عموداً، يأمر الناس بالطواف حوله، والذبح عنده، ويدعي علم الغيب، ويتعامل بالسحر، ويخبرهم عن المسروقات، وقد عمل بهذا الشرك عشرين عاماً بعد أن تعلمه على يد الهالك أبو حراز.

كيف تعامل القضاء مع هذين المرتدين بعد القبض عليهما؟

لقد حكم القاضي الشرعي على كلا الكاهنين بالقتل ردة لادعائهما علم الغيب وممارستهما الكهانة والعرافة، ولأنهما رأسان من رؤوس الطواغيت، يدعوان الناس إلى الشرك في عبادة الله، تحت مسمى الصلاح والخير والولاية.

وقد قال تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} [الجن: 26]، وقال النبي، صلى الله عليه وسلم: (من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمد) [رواه أحمد والحاكم عن أبي هريرة].

فهذا حكم الله فيمن يصدّق الكاهن، فكيف بالكاهن الذى يشرك نفسه مع الله -عز وجل- قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (من بدّل دينه فاقتلوه) [رواه البخاري عن ابن عباس]، وكتب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إلى أبي موسى، رضي الله عنه: «اقتلوا كل ساحر وكاهن» [رواه ابن أبي شيبة].

تحدث بعض الناس أن هذا الكاهن تم اعتقاله من قبل جنود الدولة الإسلامية وإطلاق سراحه فما حقيقة الأمر؟

هذه المعلومات غير صحيحة، ولم يتم إطلاق سراحه قبل ذلك أبداً بل تم القبض عليه مرة واحدة، والحكم عليه وعلى صاحبه بالقتل ردة، بلا استتابة، ومصادرة أملاكهما فيئاً للمسلمين.
وقد نشر المشركون من أتباعهما شائعات كثيرة ليس لها أساس من الصحة، منها بعض الخرافات المضحكة، كقولهم أن السيف لم يتمكن من قطع رأسه، وذلك قبل أن يقوم إخواننا في المكتب الإعلامي لولاية سيناء بنشر صورهم مقطوعي الرأس، فخنسوا، وخرِسوا، والحمد لله رب العالمين.

ما هي رسالتكم إلى مشركي الصوفيّة في ولاية سيناء؟

نقول لجميع الزوايا الصوفيّة شيوخاً وأتباعاً في داخل سيناء وخارجها أننا لن نسمح بوجود طرق صوفية في ولاية سيناء خاصة، وفي مصر عامة، وأننا لا نريد لكم إلا الهداية، فتعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً، وأن نتحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- نقول لكم تعلموا التوحيد والإيمان ونواقضهما.

ولتعلموا أن المجاهدين في سبيل الله ما خرجوا، وما جاهدوا إلا لإقامة التوحيد وإزالة الشرك، وأنهم بذلوا دماءهم رخيصة في قتال أعتى أمم الكفر على وجه الأرض، فوالله لن تأخذهم في الله لومة لائم.

واعلموا أنكم عندنا مشركون كفار، وأن دماءكم عندنا مهدورة نجسة، ولكننا ندعوكم، ونستتيبكم، ونرجو لكم الإسلام والهداية، ونرجو لكم أن تتبعوا طريق خاتم النبيين محمد -صلى الله عليه وسلم- وطريق أصحابه، والتابعين من بعده، فكل خير في اتباع من سلف، وكل شر في الابتداع واتباع من خلف.

وآخر ما نختم به كلامنا، هو أن نحمد الله على ما رزقنا به من نعمة التوحيد والجهاد والخلافة، إنه أهل للحمد سبحانه، وصلى الله على نبيّنا محمد وآله وصحبه وسلم.



* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 58
الخميس 8 ربيع الأول 1438 ه‍ـ

• لقراءة الحوار كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

الحسبة في ولاية سيناء (٣/٤) أمير مركز الحسبة بولاية سيناء لمشركي الصوفية: هدايتكم أحب إلينا من ...

الحسبة في ولاية سيناء
(٣/٤)

أمير مركز الحسبة بولاية سيناء لمشركي الصوفية:
هدايتكم أحب إلينا من قتلكم

تعد محاربة الشرك من أهم وظائف ديوان الحسبة في الدولة الإسلامية.

حيث يقوم الديوان باستتابة مشركي الصوفية وإحالة بعضهم إلى القضاء ليحكم فيهم بما أنزل الله.

(النبأ) بحثت هذه القضية مع مركز الحسبة في ولاية سيناء للوقوف على أهم جوانب محاربة الطرق الصوفية المشركة، فكان هذا الحوار...


كيف واجه المجاهدون في ولاية سيناء الطرق الصوفيّة وكيف تعاملوا مع شيوخهم وأتباعهم؟

بعد أن جاهد المجاهدون لتكون كلمة الله هي العليا وقاتلوا أئمة الكفر من الطواغيت الحاكمين بغير ما أنزل الله، أصبحت للمجاهدين شوكة في بقعة من أرض سيناء، وصارت لهم الكلمة، فسعوا جاهدين لإقامة دين الله في الأرض، وإزالة معالم الشرك والجاهلية، وعزموا عزيمة صادقة على أن لا تبقى طرق صوفية في أرض تعلو فيها راية الجهاد.

فبدأ المجاهدون بدعوة هؤلاء الصوفيّة سواء كانوا من أتباع الطريقة الأحمدية أو الطريقة الجريريّة، فأظهر بعضهم الاستجابة للدعوة والتوبة منذ البداية بعدما أوضح المجاهدون لهم خطر الشرك بالله، عز وجل.

وبعضهم آثر الإعراض عن دين الله والاستماع لدعوة التوحيد، عندها انتشر جنود الدولة الإسلامية، وأقاموا الحواجز على الطرقات، وألقوا القبض على جميع رؤوسهم المشركة، وحبسوهم للاستتابة ثلاثة أيام، فإن تابوا وإلا قُتلوا، وبفضل الله تعالى تابوا من أول يوم، وتاب معهم أتباعهم من ضلالهم وردّتهم، وهذا بعد أن أوضح المجاهدون لهم ما عندهم من شركيات وبدع وبيّنوا لهم خطرها، ولله الحمد.

وما زالت هناك بعض الزوايا الشركية الكبيرة خارج سلطان الخلافة في أراضي سيناء ومصر، وستكون -بإذن الله تعالى- من أهداف جنود الخلافة متى ما تمكنوا منها، بالحسبة والجهاد، سعياً إلى هداية الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور.

ما هو دور الدعوة إلى التوحيد بين الأهالي في سيناء في محاربة الشرك عموماً والتصوف خصوصاً؟

يقوم جنود الدولة الإسلامية بعمل برامج شرعية لدعوة الناس، وتعليمهم أمر دينهم، بالتعاون بين مركزي الدعوة والحسبة، ونسأل الله تعالى التوفيق في هذه البرامج، كما نقوم بطباعة الكتيبات والمطويات الدعوية في مسائل العقيدة وتوزيعها، وعمل جولات دعوية ميدانية، والتركيز فيها على ترسيخ التوحيد لدى عوام المسلمين، وتحذيرهم من الشرك والردة بجميع أنواعها.



* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 58
الخميس 8 ربيع الأول 1438 ه‍ـ

• لقراءة الحوار كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

الحسبة في ولاية سيناء (٢/٤) أمير مركز الحسبة بولاية سيناء لمشركي الصوفية: هدايتكم أحب إلينا من ...

الحسبة في ولاية سيناء
(٢/٤)

أمير مركز الحسبة بولاية سيناء لمشركي الصوفية:
هدايتكم أحب إلينا من قتلكم

تعد محاربة الشرك من أهم وظائف ديوان الحسبة في الدولة الإسلامية.

حيث يقوم الديوان باستتابة مشركي الصوفية وإحالة بعضهم إلى القضاء ليحكم فيهم بما أنزل الله.

(النبأ) بحثت هذه القضية مع مركز الحسبة في ولاية سيناء للوقوف على أهم جوانب محاربة الطرق الصوفية المشركة، فكان هذا الحوار...


ما هي أخطر البدع والشركيات التي تمارسها هذه الطرق الصوفيّة؟

لقد انتشر الشرك بالله في أوساط هذه الطرق بشكل كبير، حتى هرم عليه الكبار، ونشأ عليه الصغار، فعظمت البلوى، واشتدت المصيبة.

فهم يعتقدون النفع والضر في الأموات، ويصرفون لهم شتى أنواع العبادات، كالدعاء والاستغاثة والتوكل والذبح والطواف، واتخذوهم وسائط بينهم وبين الله -سبحانه وتعالى- وكذلك فإنهم يتبعون طواغيتهم وشيوخهم في باطلهم، ويؤدون لهم السمع والطاعة العمياء في كل الأقوال والأفعال.

وهذه الأمور تشترك بها كل الطرق الصوفيّة في العالم اليوم، مع اختلافات بسيطة بينها، وإلا فكل الطرق الصوفيّة التي نعرفها، أو سمعنا بها، أو قرأنا عنها واقعة في الشرك من هذا الباب أو ذاك.

فأتباع الطريقة الأحمدية يعتقدون الحلول والاتحاد والعياذ بالله، ويقولون أن الله سبحانه: «ساكن في كل ساكن ومتحرك في كل متحرك»! تعالى عما يقولون علواً كبيراً، ويقدّسون ابن عربي والحلاج وغيرهما من أئمة الكفر والضلال.

أما الطريقة الجريريّة فهم أشد منهم شركاً، وهم معروفون بتقديس الأضرحة، والذبح لها، والطواف حولها، ولهذه الطريقة علاقة بدين الرافضة، حيث أن من ألّف كتاب الشعر الذي يقدّسونه ويعتبرونه بمثابة «قرآن» لهم يسمونه «بستان المحبة» هو الرافضي الهالك (النمر الليثي)، وكان مستقره في طنطا.

ومن الطقوس التعبدية عند الصوفيّة في سيناء ما يسمونه «الحضرة»، وهي اجتماعهم للذكر البدعي ليلة الجمعة، وليلة الاثنين، فيذكرون بشكل جماعي، وبصوت واحد، ويحركون أجسامهم، ويقرؤون كلاماً يحتوي على ألفاظ شركية، مثل الاستغاثة بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وطلب الشفاعة من الأموات.

وما علاقة الطرق الصوفيّة بالطواغيت الحاكمين لأرض سيناء؟

علاقة هؤلاء الصوفيّة بأجهزة الطاغوت هي علاقة وثيقة، فما عُيّن محافظ أو مدير أمن إلا زاره الهالك (خلف الخلفات) رأس الطريقة الأحمدية، وعلاقته كانت جيدة بالمخابرات المصرية، وأيام الاحتلال اليهودي لسيناء لم تخرج زاوية الجورة من مكانها، وزارها الحاكم العسكري اليهودي، وكان الضباط اليهود يزورون (خلف الخلفات) في الزاوية، وكذلك قادة القوات الصليبية التي تسمي زوراً بـ»حفظ السلام»، وكان (خلف الخلفات) يستغل الأتباع لإظهار مدى قوته على الساحة.

أما الطريقة الجريريّة فعلاقتها بالأنظمة الطاغوتية الحاكمة وطيدة جداً بل إن كثيراً من الضباط والمسؤولين المرتدّين، يحبون هذه الطريقة، ويتبع لهذه الطريقة الدجال الهالك سليمان أبو حراز.

ما هو موقف هذه الطرق الصوفيّة من المجاهدين في سيناء قبل إعلان البيعة لأمير المؤمنين وبعدها؟

لقد كان من الطبيعي أن تحصل العداوة والبغضاء بين أهل التوحيد وأهل الشرك، وقد كان (خلف الخلفات) شديد العداوة للمؤمنين الموحدين، ويسميهم بـ«السنيّة»، أي أهل السنة.

وقد حرص طواغيت الطرق الصوفية أشد الحرص على أن يفرضوا حاجزاً منيعاً بين شبابهم وأتباعهم والمجاهدين في سبيل الله خوفاً على شبابهم أن يتبعوا الموحّدين، ويستمسكوا بالمذهب الحق، وحرصاً منهم أن يظل هؤلاء الأتباع تحت رايتهم الجاهلية وعلى ما هم فيه من جهل وعمى.

وزادت هذه العزلة التي فرضها شيوخهم على شبابهم بعد قيام دولة الخلافة، وظهور دعوة التوحيد، ومع ذلك فقد هدى الله كثيراً من شبابهم إلى دين الواحد الأحد -جل وعلا- فتابوا من شركهم، وتعلموا التوحيد، والتحقوا بصفوف المجاهدين، وأولئك الشباب هم اليوم من أحرص الناس على إزالة هذا الشرك، وقد ضربوا أروع الأمثلة في التمسك بعقيدة الولاء والبراء.


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 58
الخميس 8 ربيع الأول 1438 ه‍ـ

• لقراءة الحوار كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً