مجادلة أهل العقائد الضالة يقول سبحانه {{ وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ ...

مجادلة أهل العقائد الضالة
يقول سبحانه {{ وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ }} " آل عمران , 80 " : الآية نزلت لتبين العقيدة الصحيحة والصراط المستقيم الذي ضلت عنه بعض الفرق التي تدين بدين الإسلام ولكنها سلكت طريق الغلو في الأنبياء والصالحين دون تدبر معنى هذه الآية التي تجعل من يفعل ذلك مرتدا بعد إسلامه {{ أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ }} , فِإذا جادلتهم بهذه الآية قالوا نحن لا نجعلهم أربابا بل نرجوا بركتهم وبركة أعمالهم الصالحة عند الله ولا يدركون أن قولهم واعتقادهم هذا بدعة شركية لم تكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وقد قال {{ مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَالَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ }}" الصحيحين " , بل إنهم يعتقدون ضلالا وجهلا منهم أن هؤلاء الصالحين أعطاهم الله التصرف في الكون ويستدلون على ذلك بما سخر الله لسليمان من الريح يقول سبحانه {{ فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء حَيْثُ أَصَابَ (36) وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاصٍ (37) }} " ص "
ولا يدركون أن معنى سخَّر ليس التصرف بل معناها في هذه الآية أن الله سخر لسليمان الريح تخدمه ولكنه لا يملكها ولا يصرفها ولا يقضي فيها موتا ولا حياة بل شأنه فيها أنه مسخرة له تقضي له مصالحه كما سخرت السفن لنا يقول سبحانه
{{ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ }} " إبراهيم , 32 " , أ ما التصرف فيهما فهو بيد الله وحده وهو الذي يقضي ويصرف كل شيء في خلقه يقول سبحانه
{{ وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }} " غافر , 20 " : ألا يدركون أن معنى هذه الآية أن التصرف في الكون والقضاء والقدر لله وحده وهو خاص له لا يجوز لغيره نبيا كان أو صالحا ثم ألا يدركون أن إجابة الدعاء وإغاثة المضطر هما الله وحده ومن صفاته يقول سبحانه {{ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ }} " النمل , 62 " : إجابة المضطر المستغيث وكشف السوء عن الناس هما لله وحده جعلهما دليلا على ألوهيته مما يدل على أنهما لا يجوزان لغيره ويقول سبحانه {{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }} " البقرة , 186 "


الله سبحانه وتعالى يريد أن يسأله عباده وحده لا شريك له فهو قريب يجيب دعوة الداعي إذا دعاه فما من أحد يسأل الله ثم يرجع خائبا بل يعطى ويؤجر أما من دعى غيره فقد خالف أمره ودعاءه سيكون شركا بالله ووزرا عليه .
ثم تجدهم يعظمون النبي صلى الله عليه وسلم والصالحين من بعده كما عظم النصارى عيسى صلى الله عليه وسلم ألا يرون أن تعظيم الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم الذي رباهم عليه من حبه وفداءه واتباعه هو الطريق المستقيم في ذلك .
وعلى هذا سار السلف الصالح يقو سبحانه {{ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }} " التوبة , 100 "
أما هم فيعظمون النبي صلى الله عليه وسلم والصالحين كتعظيم النصارى لعيسى صلى الله عليه وسلم مخالفين بذلك نهيه صلى الله عليه وسلم :
{{ لاَتُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصارَى ابْنَ مَرْيَمَ إِنَّمَا أَنَا عَبْدُ الله فَقُولُوا عَبْدُ الله وَرَسُولُهُ}} " صحيح البخاري "
ثم ألا يدركون أنهم بذلك أشركوا وكفروا كما كفر النصارى .
...المزيد

مجادلة الملحدين يقول سبحانه {{ إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا ...

مجادلة الملحدين
يقول سبحانه {{ إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }} " فصلات , 40 " :
الآية تبين مصير الملحدين وهي كافية لمن له عقل منهم أن يتوب إلى الله عند سماعها حتى لا يكون مصيره الحرمان من الجنة ودخول النار بسبب إلحاده لكن أكثرهم متكبرين يريدون أن يصلوا إلى علم ما هم ليسوا ببالغيه فيجادلون بالباطل يقول سبحانه عنهم{{ إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }} " غافر . 56 "
ثم يعلمنا الله في كتابه كيف نخاطبهم بالآيات وذلك في قول سبحانه {{ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَـمًّى }} " إبراهيم , 10 "
ولأنهم أهل كتاب بسبب ما أعطاهم الله من العلم وجب مجادلتهم بالتي هي أحسن إلا من عُرف منهم بإصراره على الإلحاد والكفر يقول سبحانه {{ وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ }} " القصص , 46 "
فنبين لهم عظمة الإسلام وأنه دين الله الذي ارتضاه لخلقه وما جاء به من العلم في العقيدة والإعجاز والهدى المستقيم في كل شأن لذا تجد أن الله تعالى لما ذكر أسمائه الحسنى ذكر عاقبة الملحدين بعدها إشارة لهم أنه هو من علم رسوله تلك الأسماء التي لا يستطيع أحد أن يأتي بها كلها إلا إذا كان رسول يوحى إليه من الله فيقول سبحانه {{ وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }} " الأعراف , 180 " : ذلك أن الله علم رسوله محمد صلى الله عليه وسلم الأسماء الحسنى فجاءنا بما يزيد على مائة إسم من أسماء الله الحسنى وجاءنا بالقرآن من عند الله يخبرنا فيه عن ذات الله وصفاته وعظمته فكان ذلك أعظم المعجزات التي حصلت في تاريخ الرسل وخير ما جاء به الرسل من عند الله أنهم يُعَرِّفون الناس على ربهم وأن الله أعطاهم العلم بذلك وهو ما لا يمكن لأحد غير الرسل المؤيدين بالوحي من الله وكان حجة لهم فسعد من تبعهم وعرف ربه وَهُدِي إلى اليقين والعقيدة الصحيحة .
وهذا ما قصده إبراهيم عليه السلام لما خاطب أباه وذلك في قوله سبحانه {{ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا (41) إِذْ قَالَ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا (42) يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (43) يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا (44) يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (45) }}
" مريم "
كان إبراهيم عليه السلام يحذر أباه من الشرك بالله وعبادة الأصنام وأن ذلك يجعله وليا للشيطان وعابدا له فيستوجب عذاب الله ودعاه إلى إتباعه وأن ذلك سيوصله إلى معرفة الله وإتباع دينه , والذي ينطبق على أبا إبراهيم ينطبق عل الملحدين فهم جعلوا هواهم إلها لهم فألحدوا بإتباعه يقول سبحانه {{ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً (43) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً (44) }} " الفرقان " : ليس لملحدون إلا كالأنعام .
ألا يكفي الملحدين أن كل ما يسألون عنه في العقيدة والهدى المستقيم والمعجزات يجدونه في القرءان وأنه الكتاب الوحيد الذي لا يوجد فيه خطأ ولا اختلاف فيقول سبحانه عن ذلك {{ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا }} " النساء , 82 " , وأنه لا يمكن لهم أن يأتوا بمثله يقول سبحانه {{ قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا }} " الإسراء , 180 "
وذلك لما جعل الله فيه من الخصائص والإعجاز " راجع إعجاز القرءان , ص 106 من الكتاب "
وأن الله علمنا في كتابه وعلى لسان رسوله دواء الإلحاد وأنه من الشيطان ووسوسته يقول سبحانه {{ وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ (201) }}
" الأعراف "
وصح عن الرسول صلى الله عليه وسلم {{ لَا يَزَالُ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ حَتَّى يُقَالُ هَذَا :
خَلَقَ الله الْخَلْقَ . فَمَنْ خَلَقَ الله فَمَنْ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئاَ فَالْيَقُلْ ءامَنْتُ بِالله ... }}
" صحيح البخاري "
...المزيد

الأصول في فهم الحديث الحديث كما بينا هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقوله وتقريره يقول سبحانه ...

الأصول في فهم الحديث
الحديث كما بينا هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقوله وتقريره يقول سبحانه
{{ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }} " النحل , 44 "
فالحديث هو نوع من استنباط النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن وهو أيضا تشريع من الله وبعضه أيضا أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم كالأحاديث القدسية {{ وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا }} " النساء , 113 "
الْكِتَابَ : هو القرءان
وَالْحِكْمَةَ : هي السنة
وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ : بالكتاب والسنة المنزلين من الله وبالاستنباط منهما والفهم الصحيح لهما
ويقول سبحانه {{ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }} " الحشر , 7 "
يستفاد من الآية وجوب الآخذ بالحديث ولكن في ذلك تفصيل :
إذا سمعت الحديث من النبي صلى الله عليه وسلم وجب عليك الأخذ به وتصديق ما فيه من العلم وطاعته وذلك لم يحصل إلا للصحابة رضي الله عنهم أما نحن فالذي وصلنا من الحديث هو ما دون بعد ذلك بزمن ليس بقصير فماذا نأخذ منه وماذا نترك وكيف نفهمه ونستنبط منه ؟
يقول سبحانه {{ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ }} " الرعد , 17 " : الحديث الصحيح يبقى في الأرض لأنه حق والحديث الموضوع يذهب جفاء كغثاء السيل لأنه باطل .
ولتوقن خبر الحديث هل هو موضوع أعرضه على كتاب الله
كقوله سبحانه {{ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }} " النحل , 90 " : فإذا كان يخالف ما جاء فيه عن صفات الله تعالى وما يتعلق بذلك من العقيدة الصحيحة أو كان ينهى عن ما أمر الله به من العدل والإحسان أو يأمر بما نهى الله عنه من الفحشاء والمنكر فهو حديث مكذوب على الرسول صلى الله عليه وسلم , فإن كان فيه شيئ من النكارة مما تنكره قلوب المؤمنين وجب عليهم رده مثال ذلك حديث الإفك رده بعض المؤمنين لأن قلوبهم أنكرته وكانوا على حق في ذلك يقول سبحانه {{ لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ }}"النور ,12 "
فإذا روى الحديث بعض الرواة الذين يزيدون في روايتهم وينقصون ويروون ما يخالف رواية العدول الضابطين فهؤلاء حديثهم يجب التَّبَيُّنُ فيه ولا يحكم بصحته إلا إذا وجد ما يصححه يقول سبحانه {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ }} " الحجرات , 6 "
ويعرف هذا النوع من الحديث بالحديث الضعيف
أما إذا كان رواة الحديث ممن يكذبون في حديثهم فهؤلاء لا يؤخذ منهم الحديث بل يرد عليهم كما فعل يعقوب عليه السلام لما رد حديث إخوة يوسف لأنه كان يعلم كذبهم ونيتهم السيئة يقول سبحانه في ذلك {{ وَجَآؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ }} " يوسف ,18 "
والخبر الصحيح هو الذي يأتي به عدلان ممن نرضى من الشهداء ولا يكون مخالفا لما في القرءان أو تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم مخالفة لا يمكن الجمع بينهما ولهذا نجد أن المحدثين اشترطوا لصحة الحديث وثبوته أن يأتي بطرقين صحيحين عن أحد الصحابة رضي الله عنهم ثم اشترطوا عدم وجود العلة القادحة والشذوذ في السند والمتن , وذلك أن الله اشترط في ثبوت الطلاق والنكاح شهادة عدلان فأكثر وفي ثبوت الدين شهادة رجلين ممن نرضى من الشهداء لقوله سبحانه {{ وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء }}
فإذا كان هذا حال ثبوت النكاح والطلاق والدين فما بالك بحديث النبي صلى الله عليه وسلم أليس التَّبَيُّنُ فيه أولى من هذه الأمور .
ويشترط في الطريق الصحيحة عند البخاري ثبوت صحبة الراوي لمن ر وى عنه وهذا هو الحق في هذه المسألة لوجود الدليل عل ذلك من الكتاب وذلك أن الله جعل الصحبة لأهل الفضل والعلم هي التفقه في الدين فيقول سبحانه {{ فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ }} "التوبة , 122 " , والوجود الدليل عليه من علم الحديث فالدارس لهذا العلم ولرجاله كالبخاري يرى ما وقع من التدليس عند رواة الحديث منذوا عهد التابعين إلى العصور الوسطى ولهذا وجب أن لا نكتفى بشرط المعاصرة فقط ولأن اعتبار طريق للحديث صحيحا بمثابة شاهد عدل فلا بد أن يكون هذا الطريق محكم ولا يكون ذلك إلا بتوفر شرط العدالة والصحبة والمعاصرة وانتفاء التدليس ولذا نجد المحدثين يبحثون عن الحديث المسلسل والسند العالي وينتقدون انقطاع السند وعنعنته .
ولتأصيل الحديث وفهمه والاستنباط منه يجب دراسته من خلال الآيات والأحاديث الصحيحة التي وردت في بابه ولذا أدعوا إلى دراسة جميع الأحاديث على النحو التالي :
أولا : عرض كل حديث منها على كتاب الله فإذا خالفه في ظاهره في ما أمر الله به أو نهى عنه أو أخبر به فهو مردود على ر واته مهما كانوا عدولا وإن كان يخالفه في الأحكام فإن أمكن الجمع بينهما جمع وإن لم يمكن ترك الحديث وعمل بنص القرءان
ثانيا : إذا اختلفت عليك روايات الصحابة فاعلم أن الله قدم الأعدل منهما والأكثر صحبة للنبي صلى الله عليه وسلم فأكثرهم عدالة هم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار لقول سبحانه عنهم {{وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }} " التوبة , 100 "
وأهل بيعة الرضوان لقوله سبحانه عنهم {{ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا }}"الفتح , 18"
أما عن غيرهم فعدالته تحتاج إلى دليل كثناء النبي صلى الله عليه وسلم ومن هؤلاء خالد ابن الوليد وعبد الله ابن عباس وأبو هريرة وعبد الله ابن عمرو ابن العاص أو الاشتهار بالعدالة كأبي بكرة
وقد قال البخاري رحمه الله وعامة المحدثين من بعده أن الصحابة كلهم عدول وهو قول يوافق ما ذكرنا من وجه ويخالفه من وجه آخر فلا شك أن البخاري يقصد بقوله ما ذكرنا من عدالة عامة المهاجرين والأنصار وأهل بيعة الرضوان وكل من أثنى عليهم النبي صلى الله عليه وسلم وكل من اشتهروا بالعدالة بين الناس أو روى عنهم اثنين من أئمة التابعين وإلا يكون كلامه فيه نظر لأن الصحابي عندهم كل من رأى النبي صلى الله عليه وسلم وآمن به وقد أدعى كثير من المنافقين ذلك رأوا النبي صلى الله عليه وسلم وآمنوا به في الظاهر وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعرف بعضهم وبعضهم لا يعرفه بدليل قوله سبحانه {{ وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ}}
" التوبة , 101 "
ووصفِ بعضهم بعدم الصدق والتربص بالنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين كقوله سبحانه عن بعض الٌأعراب {{ وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }} " التوبة , 98 "
وإذا كان الصحابي ممن ذكرنا أكثر صحبة للنبي صلى الله عليه وسلم من غيره فهو مقدم على الآخر الأقل صحبة في العلم والرواية لقوله سبحانه {{ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }} " المجادلة , 11 "
والذين أوتوا العلم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم هم الأكثر صحبة له كالخلفاء وأمهات المؤمنين وجمع من السابقين كزيد ابن ثابت الأنصاري وأبي ابن كعب وأبا ذر وعبد الله ابن مسعود وغيرهم من الصحابة كأبي هريرة وعبد الله ابن عباس ومن أبلغ ما ورد في شأن هؤلاء قوله سبحانه {{ فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ }} " التوبة . 122 "
فجعل الله سبحانه وتعالى التفقه في الدين صحبة النبي صلى الله عليه وسلم مما يعني أن الأكثر صحبة يكون أكثر علما وتفقها في الدين .
ثالثا : اعلم أن الحديث إذا كان الأصل فيه الرواية باللفظ فقد روي أيضا بالمعنى وروايته بالمعنى ظهرت منذوا عهد الصحابة إلى فترة تدوينه ويظهر ذلك جليا في اختلاف الرواة في رواية ألفاظ بعض الأحاديث الصحيحة .
...المزيد

مجادلة الملحدين يقول سبحانه {{ إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا ...

مجادلة الملحدين
يقول سبحانه {{ إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }} " فصلات , 40 " :
الآية تبين مصير الملحدين وهي كافية لمن له عقل منهم أن يتوب إلى الله عند سماعها حتى لا يكون مصيره الحرمان من الجنة ودخول النار بسبب إلحاده لكن أكثرهم متكبرين يريدون أن يصلوا إلى علم ما هم ليسوا ببالغيه فيجادلون بالباطل يقول سبحانه عنهم{{ إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }} " غافر . 56 "
ثم يعلمنا الله في كتابه كيف نخاطبهم بالآيات وذلك في قول سبحانه {{ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَـمًّى }} " إبراهيم , 10 "
ولأنهم أهل كتاب بسبب ما أعطاهم الله من العلم وجب مجادلتهم بالتي هي أحسن إلا من عُرف منهم بإصراره على الإلحاد والكفر يقول سبحانه {{ وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ }} " القصص , 46 "
فنبين لهم عظمة الإسلام وأنه دين الله الذي ارتضاه لخلقه وما جاء به من العلم في العقيدة والإعجاز والهدى المستقيم في كل شأن لذا تجد أن الله تعالى لما ذكر أسمائه الحسنى ذكر عاقبة الملحدين بعدها إشارة لهم أنه هو من علم رسوله تلك الأسماء التي لا يستطيع أحد أن يأتي بها كلها إلا إذا كان رسول يوحى إليه من الله فيقول سبحانه {{ وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }} " الأعراف , 180 " : ذلك أن الله علم رسوله محمد صلى الله عليه وسلم الأسماء الحسنى فجاءنا بما يزيد على مائة إسم من أسماء الله الحسنى وجاءنا بالقرآن من عند الله يخبرنا فيه عن ذات الله وصفاته وعظمته فكان ذلك أعظم المعجزات التي حصلت في تاريخ الرسل وخير ما جاء به الرسل من عند الله أنهم يُعَرِّفون الناس على ربهم وأن الله أعطاهم العلم بذلك وهو ما لا يمكن لأحد غير الرسل المؤيدين بالوحي من الله وكان حجة لهم فسعد من تبعهم وعرف ربه وَهُدِي إلى اليقين والعقيدة الصحيحة .
وهذا ما قصده إبراهيم عليه السلام لما خاطب أباه وذلك في قوله سبحانه {{ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا (41) إِذْ قَالَ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا (42) يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (43) يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا (44) يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (45) }}
" مريم "
كان إبراهيم عليه السلام يحذر أباه من الشرك بالله وعبادة الأصنام وأن ذلك يجعله وليا للشيطان وعابدا له فيستوجب عذاب الله ودعاه إلى إتباعه وأن ذلك سيوصله إلى معرفة الله وإتباع دينه , والذي ينطبق على أبا إبراهيم ينطبق عل الملحدين فهم جعلوا هواهم إلها لهم فألحدوا بإتباعه يقول سبحانه {{ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً (43) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً (44) }} " الفرقان " : ليس لملحدون إلا كالأنعام .
ألا يكفي الملحدين أن كل ما يسألون عنه في العقيدة والهدى المستقيم والمعجزات يجدونه في القرءان وأنه الكتاب الوحيد الذي لا يوجد فيه خطأ ولا اختلاف فيقول سبحانه عن ذلك {{ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا }} " النساء , 82 " , وأنه لا يمكن لهم أن يأتوا بمثله يقول سبحانه {{ قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا }} " الإسراء , 180 "
وذلك لما جعل الله فيه من الخصائص والإعجاز " راجع إعجاز القرءان , ص 106 من الكتاب "
وأن الله علمنا في كتابه وعلى لسان رسوله دواء الإلحاد وأنه من الشيطان ووسوسته يقول سبحانه {{ وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ (201) }}
" الأعراف "
وصح عن الرسول صلى الله عليه وسلم {{ لَا يَزَالُ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ حَتَّى يُقَالُ هَذَا :
خَلَقَ الله الْخَلْقَ . فَمَنْ خَلَقَ الله فَمَنْ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئاَ فَالْيَقُلْ ءامَنْتُ بِالله ... }}
" صحيح البخاري "
...المزيد

بعض حال أهل الأرض اليوم نقصد به قول الله تعالى {{ عَمَّ يَتَسَاءلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ ...

بعض حال أهل الأرض اليوم
نقصد به قول الله تعالى {{ عَمَّ يَتَسَاءلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (3) }} " النبأ " : كان سؤالهم حين نزول هذه السورة عن الرسالة وما جاء فيها من وعد ووعيد وزادت هذه الأسئلة في زمننا فأصبح السؤال الأهم عندهم يدور حول الكون وما فيه وعن الأرض ودنو نهايتها وهم في هذا يضلون عن سبيل الله ويتبعون الظن كما أخبر القرءان عنهم {{ وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ }} " الأنعام , 116 "
يَخْرُصُونَ : أي يخمِّنُون وهو إتباع الظن
ثم تجد دنو أجلهم ونهايتهم في قوله سبحانه {{ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ }} " الأنعام , 123 "
نزلت هذه الآية في أكابر كفار مكة فكان مكرهم سببا في هلاكهم في غزوة بدر وهي تنبهنا إلا سنة من سنن الله في خلقه نراها اليوم وهي أن تمكين المجرمين في الأرض ليمكروا فيها يكون سببا لهلا كهم فكفار قريش هلكوا بسبب الحروب التي كانوا يمكرون بها للنبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه وكفار هذا العصر ارتكبوا كل أنواع الكفر والإلحاد والفجور والمكر للإسلام والمسلمين الذين لا يملكون لهم حولا ولا قوة وسيكون مكرهم ذلك سببا في هلاكهم وعقاب الله لهم حتى يرجعوا إلى الإسلام لذا يخاطبهم الله سبحانه وتعالى منذرا لهم فيقول سبحانه
{{ أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ (44) قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاء إِذَا مَا يُنذَرُونَ (45) وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (46) }} " الأنبياء " : الغريب في توافق هذه الآية مع ما نراه اليوم من عذاب للناس بسبب لاحتباس الحراري أنهم أدركوا هذه الظاهرة لما رأوا ذوبان جليد القارتين المتجمدتين الشمالية والجنوبية فبدؤا يدقون ناقوس الخطر وينذرون بظاهرة الاحتباس الحراري وما تتسبب فيه من كوارث مناخية وهو ما أشارت له الآيات فأطراف الأرض هما القارتين المتجمدتين الشمالية والجنوبية والنقص منهما هو ذوبان جليدهما لصالح المحيطات والبحار وهو علامة على عقاب الله للناس حتى يرجعوا عن ظلمهم بالكفر والإلحاد والفجور {{وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ }} .

ولعل سائلا يسأل لماذا أخر الله عنهم العذاب إلى هذا العصر والإجابة في قوله سبحانه {{ فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ (116) وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ( (117 }} " هود "
يستفاد من الآيات أنه إذا كان في الأرض بقية من أهل الخير تأمر بالإيمان بالله وطاعته وتنهى عن الكفر به ومعصيته وكانت هذه البقية لها بعض التمكين فأهل الأرض بخير ولن يتعرضوا لتعجيل عقاب الله لهم بدليل قوله سبحانه {{ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ }} , أما إذا طغى أهل الكفر بالله ومعصيته وغلبوا بسبب قوتهم جاءهم العقاب من الله يقول سبحانه {{ وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ }} " القصص , 59 "
فليست الحرب العالمية الثانية إلا من مظاهر ذالك فهي عقاب من الله ونوع من أنواع الهلاك للكافرين لما طغوا في الأرض وغلبوا وكذلك ما يعرف بالاحتباس الحراري وتأثيره على الأرض وساكنيها وسيكون سريعا إذا طغى أهل الكفر وغلبوا ولم يكن المصلحون في الأرض قادرون على الأمر بالإيمان بالله وطاعته وإتباع دينه ين الإسلام والنهي عن الكفر به ومعصيته .
ويقول سبحانه عنهم {{ وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105) وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ (106) أَفَأَمِنُواْ أَن تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِّنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ (107) قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108) }} " يوسف "
لقد رأى أهل الأرض اليوم الآيات في السموات والأرض ورأوا معجزات القرءان في وصف ذلك لكنهم يصرون على كفرهم وإلحادهم والبقية منهم أكثرها إيمانه بالله واليوم الآخر لا ينفعه لأنه يشرك معه غيره في العبادة والتعظيم كالنصارى واليهود والبوذية والرافضة ألا يخافون من قول الله تعالى {{ أَفَأَمِنُواْ أَن تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِّنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ }}



وكيف لا وقد رأوا الآيات في السموات والأرض الدالة على أن الإسلام دين الله وأن القرءان كلامه وتلك الآيات في قوله سبحانه {{ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ (30) وَجَعَلْنَا فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (31) وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا مَّحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (32) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (33) }} " الأنبياء "
جاء في الآيات خمس معجزات تدل على أن الإسلام دين الله وأن القرءان كلامه وذلك في سبقها للكلام على هذه لحقائق العلمية التي لم تكتشف إلا قريبا وإخبارها أن الكافرين سيرونها وهي كون السموات والأرض كانتا كتلة واحدة ملتصقة ففتقهما الله أي فصلهما بالفتق وهو الانشطار وفي هذا إشارة إلى نظرية الانفجار العظيم وكون الماء أصل الحياة في الأرض وأساسها وكون الجبال رواسي للأرض تثبتها وكون الغلاف الجوي سقفا محفوظا من الرياح الشمسية والأشعة الكونية والبرد والصقيع وهو يحفظ الأرض وساكنيها من ذلك وكون الشمس والقمر والليل والنهار كل له فلك يسبح فيه .
فالشمس فلكها الذي تسبح فيه هو أنها تجري نحو مستقرها تحت العرش فإذا بلغته طلعت على الناس من مغربها إيذانا بقيام الساعة والقمر يسبح في فلكه الذي يدور فيه حول الأرض وكذلك لليل والنهار.
والغريب أن هذه الآيات وردت في سورة الأنبياء على أن الكافرين سيرونها ثم ورد بعدها في الآية الربعة والأربعون أن الكافرين سيرون نقص أطراف الأرض وأن ذلك علامة على عقاب الله لهم كما بينا فيقول سبحانه منذرا لهم {{ بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلاء وَآبَاءهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ (44) ... }} : بدأت الآية بالإشارة إلى ما يتوهمونه من البقاء لنوقن أن المخاطب فيها هم الكافرون في هذ ا العصر الذين يَدَّعُون أن عمر الأرض هو مليارات السنين وأن الجنس البشري قد يعيش لملاين السنين وذلك في قوله {{ بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلاء وَآبَاءهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ }} , ثم محضت الآية هذا الوهم بالإشارة إلى نقص أطراف الأرض الذي هو علامة على عقاب الله لهم بظاهرة الاحتباس الحراري وهو عقاب كفيل بأن يزيلهم لكنهم سيعترفون بظلمهم كما بينا.


وقد وردت لإشارة إلى هذا أيضا في سورة الدخان أن الله سيعاقبهم بدخان السماء حتى يدخلوا في الإسلام وأن ذلك ليس إلا عقابا أوليا لن يرجعهم عن الكفر بالله وتوهم البقاء إلا قليلا من الزمن ثم بعد ذلك تأتيهم البطشة الكبرى يعني الساعة يقول الله سبحانه {{ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ (10) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (11) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (12) أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ (13) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ (14) إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (15) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنتَقِمُونَ (16) }} : الآيات تشير إلى عقاب الله للكفرين بدخان مبين يأتي من السماء فيغشاهم بعذاب أليم حتى يدخلوا في الإسلام ثم تشير لآيات إلى أن الله سيكشف عنهم العذاب لما يدخلوا في الإسلام لكنهم سيعودون للكفر ثم تقوم عليهم الساعة وليس ما نراه اليوم من كوراث الاحتباس الحراري إلا بداية ذلك العقاب فالسبب فيه هو دخان السماء لكن لن نتأكد أنه الدخان المقصود في الآيات إلا حين يحدث كل ما أشارت له بعد ذلك .
هذا حال أهل الأرض اليوم من الكافرين , أما المؤمنون الصادقون فلا عجب أنهم يتعرضون لأشد أنواع البلاء فإذا سمعوا قول الله سبحانه {{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ }} " البقرة , 214 "
أطمأنوا وصبروا
وإذا سمعوا قوله سبحانه {{ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ }} " الزمر ,10 "
أزدادوا إيمانا وصبرا طلبا لِأجر الصبر , وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم {{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ وَاسْأَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ }} " الصحيحين "
بل إنهم أصبحوا يدركون أنهم يعيشون في آخر الزمان ويرون علامات الساعة التي أخبرهم عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أبلغ ما رأوا ما جاء في مختصر صحيح البخاري للألباني : باب
2662- عَنْ أَبي هُريرَةَ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:"لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ عَظِيمَتَانِ (15)، تَكُونُ بَيْنَهُمَا مَقْتَلَةٌ عَظيمَةٌ، دَعْوَتُهُمَا (وفي رواية: دعواهما 8/ 53) وَاحِدَةٌ (16).
2663- وَحَتَّى يُقْبَضَ العِلْمُ، [ويظهر الجهل 1/ 29]، [وينقص العمل، ويلقى الشح 8/ 89]، وَتَكْثُرَ الزَّلازِلُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَتَظْهَرَ الفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الهَرْجُ، وَهْوَ القَتْلُ. (وفي طريق: قيل: يا رسول الله! وما الهَرْجُ؟ فقال هكذا بيدِهِ فَحَرَّفَها، كأنه يريدُ القتل)
(17).2664 - وَحَتَّى يَكْثُرَ فيكُمُ المَالُ، فَيَفيضَ، حَتَّى يُهِمَّ رَبَّ المالِ مَنْ يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ، وَحَتَّى يَعْرِضَهُ فَيَقُولَ الَّذي يَعْرِضُهُ عَلَيْهِ: لا أَرَبَ لي بِهِ
.2665 - ولتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ نَشَرَ الرَّجُلاَنِ ثَوْبَهُمَا بَيْنَهُمَا، فَلا يَتبَايَعَانِهِ وَلا يَطوِيَانِهِ
.2666 - وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدِ انْصَرَفَ الرَّجُلُ بِلَبَنِ لِقْحَتِهِ (18) فَلا يَطْعَمُهُ.
2667 - وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَهْوَ يُليطُ (19) حَوْضَهُ فَلا يَسْقي فيهِ
.2668 - وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ رَفَعَ أُكْلَتَهُ إلى فيهِ فَلا يَطْعَمُهَا".
كل هذه العلامات نعيشها في زماننا إلا علامة كثرة المال التي تجعل الناس يعفون عن الصدقة .
...المزيد

الأصول في فهم الحديث الحديث كما بينا هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقوله وتقريره يقول سبحانه ...

الأصول في فهم الحديث
الحديث كما بينا هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقوله وتقريره يقول سبحانه
{{ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }} " النحل , 44 "
فالحديث هو نوع من استنباط النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن وهو أيضا تشريع من الله وبعضه أيضا أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم كالأحاديث القدسية {{ وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا }} " النساء , 113 "
الْكِتَابَ : هو القرءان
وَالْحِكْمَةَ : هي السنة
وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ : بالكتاب والسنة المنزلين من الله وبالاستنباط منهما والفهم الصحيح لهما
ويقول سبحانه {{ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }} " الحشر , 7 "
يستفاد من الآية وجوب الآخذ بالحديث ولكن في ذلك تفصيل :
إذا سمعت الحديث من النبي صلى الله عليه وسلم وجب عليك الأخذ به وتصديق ما فيه من العلم وطاعته وذلك لم يحصل إلا للصحابة رضي الله عنهم أما نحن فالذي وصلنا من الحديث هو ما دون بعد ذلك بزمن ليس بقصير فماذا نأخذ منه وماذا نترك وكيف نفهمه ونستنبط منه ؟
يقول سبحانه {{ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ }} " الرعد , 17 " : الحديث الصحيح يبقى في الأرض لأنه حق والحديث الموضوع يذهب جفاء كغثاء السيل لأنه باطل .
ولتوقن خبر الحديث هل هو موضوع أعرضه على كتاب الله
كقوله سبحانه {{ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }} " النحل , 90 " : فإذا كان يخالف ما جاء فيه عن صفات الله تعالى وما يتعلق بذلك من العقيدة الصحيحة أو كان ينهى عن ما أمر الله به من العدل والإحسان أو يأمر بما نهى الله عنه من الفحشاء والمنكر فهو حديث مكذوب على الرسول صلى الله عليه وسلم , فإن كان فيه شيئ من النكارة مما تنكره قلوب المؤمنين وجب عليهم رده مثال ذلك حديث الإفك رده بعض المؤمنين لأن قلوبهم أنكرته وكانوا على حق في ذلك يقول سبحانه {{ لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ }}"النور ,12 "
فإذا روى الحديث بعض الرواة الذين يزيدون في روايتهم وينقصون ويروون ما يخالف رواية العدول الضابطين فهؤلاء حديثهم يجب التَّبَيُّنُ فيه ولا يحكم بصحته إلا إذا وجد ما يصححه يقول سبحانه {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ }} " الحجرات , 6 "
ويعرف هذا النوع من الحديث بالحديث الضعيف
أما إذا كان رواة الحديث ممن يكذبون في حديثهم فهؤلاء لا يؤخذ منهم الحديث بل يرد عليهم كما فعل يعقوب عليه السلام لما رد حديث إخوة يوسف لأنه كان يعلم كذبهم ونيتهم السيئة يقول سبحانه في ذلك {{ وَجَآؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ }} " يوسف ,18 "
والخبر الصحيح هو الذي يأتي به عدلان ممن نرضى من الشهداء ولا يكون مخالفا لما في القرءان أو تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم مخالفة لا يمكن الجمع بينهما ولهذا نجد أن المحدثين اشترطوا لصحة الحديث وثبوته أن يأتي بطرقين صحيحين عن أحد الصحابة رضي الله عنهم ثم اشترطوا عدم وجود العلة القادحة والشذوذ في السند والمتن , وذلك أن الله اشترط في ثبوت الطلاق والنكاح شهادة عدلان فأكثر وفي ثبوت الدين شهادة رجلين ممن نرضى من الشهداء لقوله سبحانه {{ وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء }}
فإذا كان هذا حال ثبوت النكاح والطلاق والدين فما بالك بحديث النبي صلى الله عليه وسلم أليس التَّبَيُّنُ فيه أولى من هذه الأمور .
ويشترط في الطريق الصحيحة عند البخاري ثبوت صحبة الراوي لمن ر وى عنه وهذا هو الحق في هذه المسألة لوجود الدليل عل ذلك من الكتاب وذلك أن الله جعل الصحبة لأهل الفضل والعلم هي التفقه في الدين فيقول سبحانه {{ فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ }} "التوبة , 122 " , والوجود الدليل عليه من علم الحديث فالدارس لهذا العلم ولرجاله كالبخاري يرى ما وقع من التدليس عند رواة الحديث منذوا عهد التابعين إلى العصور الوسطى ولهذا وجب أن لا نكتفى بشرط المعاصرة فقط ولأن اعتبار طريق للحديث صحيحا بمثابة شاهد عدل فلا بد أن يكون هذا الطريق محكم ولا يكون ذلك إلا بتوفر شرط العدالة والصحبة والمعاصرة وانتفاء التدليس ولذا نجد المحدثين يبحثون عن الحديث المسلسل والسند العالي وينتقدون انقطاع السند وعنعنته .
ولتأصيل الحديث وفهمه والاستنباط منه يجب دراسته من خلال الآيات والأحاديث الصحيحة التي وردت في بابه ولذا أدعوا إلى دراسة جميع الأحاديث على النحو التالي :
أولا : عرض كل حديث منها على كتاب الله فإذا خالفه في ظاهره في ما أمر الله به أو نهى عنه أو أخبر به فهو مردود على ر واته مهما كانوا عدولا وإن كان يخالفه في الأحكام فإن أمكن الجمع بينهما جمع وإن لم يمكن ترك الحديث وعمل بنص القرءان
ثانيا : إذا اختلفت عليك روايات الصحابة فاعلم أن الله قدم الأعدل منهما والأكثر صحبة للنبي صلى الله عليه وسلم فأكثرهم عدالة هم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار لقول سبحانه عنهم {{وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }} " التوبة , 100 "
وأهل بيعة الرضوان لقوله سبحانه عنهم {{ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا }}"الفتح , 18"
أما عن غيرهم فعدالته تحتاج إلى دليل كثناء النبي صلى الله عليه وسلم ومن هؤلاء خالد ابن الوليد وعبد الله ابن عباس وأبو هريرة وعبد الله ابن عمرو ابن العاص أو الاشتهار بالعدالة كأبي بكرة
وقد قال البخاري رحمه الله وعامة المحدثين من بعده أن الصحابة كلهم عدول وهو قول يوافق ما ذكرنا من وجه ويخالفه من وجه آخر فلا شك أن البخاري يقصد بقوله ما ذكرنا من عدالة عامة المهاجرين والأنصار وأهل بيعة الرضوان وكل من أثنى عليهم النبي صلى الله عليه وسلم وكل من اشتهروا بالعدالة بين الناس أو روى عنهم اثنين من أئمة التابعين وإلا يكون كلامه فيه نظر لأن الصحابي عندهم كل من رأى النبي صلى الله عليه وسلم وآمن به وقد أدعى كثير من المنافقين ذلك رأوا النبي صلى الله عليه وسلم وآمنوا به في الظاهر وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعرف بعضهم وبعضهم لا يعرفه بدليل قوله سبحانه {{ وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ}}
" التوبة , 101 "
ووصفِ بعضهم بعدم الصدق والتربص بالنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين كقوله سبحانه عن بعض الٌأعراب {{ وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }} " التوبة , 98 "
وإذا كان الصحابي ممن ذكرنا أكثر صحبة للنبي صلى الله عليه وسلم من غيره فهو مقدم على الآخر الأقل صحبة في العلم والرواية لقوله سبحانه {{ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }} " المجادلة , 11 "
والذين أوتوا العلم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم هم الأكثر صحبة له كالخلفاء وأمهات المؤمنين وجمع من السابقين كزيد ابن ثابت الأنصاري وأبي ابن كعب وأبا ذر وعبد الله ابن مسعود وغيرهم من الصحابة كأبي هريرة وعبد الله ابن عباس ومن أبلغ ما ورد في شأن هؤلاء قوله سبحانه {{ فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ }} " التوبة . 122 "
فجعل الله سبحانه وتعالى التفقه في الدين صحبة النبي صلى الله عليه وسلم مما يعني أن الأكثر صحبة يكون أكثر علما وتفقها في الدين .
ثالثا : اعلم أن الحديث إذا كان الأصل فيه الرواية باللفظ فقد روي أيضا بالمعنى وروايته بالمعنى ظهرت منذوا عهد الصحابة إلى فترة تدوينه ويظهر ذلك جليا في اختلاف الرواة في رواية ألفاظ بعض الأحاديث الصحيحة .
...المزيد

الحديث النبوي الحديث هو قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله وتقريره وهو البيان والتفسير المفصل لما ...

الحديث النبوي
الحديث هو قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله وتقريره وهو البيان والتفسير المفصل لما أجمل من آيات الذكر الحكيم أو أشكل فهمه ولذا نجد أن الصحابة رضي الله عنهم اهتموا به كاهتمامهم بالقرآن فكانوا يودون كتابته وتدوينه حتى نهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك لئلا يختلط بالقرآن عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال {{ : لا تَكْتُبُوا عَنِّي وَمَنْ كَتَبَ عَنِّي غَيْرَ الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ وَحَدِّثُوا عَنِّي وَلا حَرَجَ وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ - قَالَ هَمَّامٌ : أَحْسِبُهُ قَالَ - مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ }} " صحيح مسلم " : فعمد الصحابة رضي الله عنهم في عهد الخلافة إلى حفظه عن طريق المذاكرة والتحديث به إلى تلاميذهم من التابعين ثم نقله عن التابعين تلاميذهم من تابعي التابعين لكن جمعا من المحدثين المدلسين والضعفاء أخذوا الحديث من غير مصادره الصحيحة ونشروها بين الناس فكان لزاما على علماء الحديث أن يدونوا الحديث وأن يدرسوا أسانيده ومتونه ليتبينوا الصحيح منها والضعيف فكان أصح ما ألف من الكتب في ذلك العهد هو موطأ لإمام مالك رحمه الله لكنه لم يحوي كل الحديث الصحيح ولم تكن طرقه وضوابطه التي أُلف عليها بلغت النضوج الذي يحقق ذلك فظل جمع الحديث الصحيح كله في كتاب مطلب ضروري للأمة إلى أن جاء إمام المحدثين محمد ابن إسماعيل البخاري فانبرى لذلك منذوا شبابه إلى شيخوخته وسافر إلى الأقطار الإسلامية التي تحتضن المحدثين في زمنه ثم استطاع بتوفيق من الله وسداد لتقواه ونبوغه وحفظه أن يجمع الحديث ويختار منه 2761من المتون ضمها كتابه الجامع الصحيح وهو ما يعرف بصحيح البخاري التزم فيه بأن يورد الأحكام والفضائل والأخبار المحضة عن الأمور الماضية والآتية وغير ذلك من الآداب والرقاق والتزم أيضا بأن لا يورد إلا الحديث الصحيح وقد صرح بذلك فقال " ما أدخلت في الجامع إلا ما صح "
واشترط لصحة الحديث أن يكون الإسناد متصلا وأن يكون الرواة عدولا وأن يتصفوا بالضبط وأن يكونوا كثيروا الصحبة لمن رووا عنهم عارفين بحديثهم .
وكان ممن أهتم بجمع الحديث الصحيح مع البخاري تلميذه مسلم ابن حجاج النيسابوري الذي رأى أن شرط صحبة الراوي لمن روى عنه ليس ضروريا في صحة الحديث فألف كتابه صحيح مسلم الذي ضم 3033 من متون الحديث اتفق مع البخاري في 1906 أحاديث منها وانفرد بالباقي وهو 1127 حديث وهذا لباقي يحتاج إلى دراسة من أئمة الحديث في الأمة الإسلامية وقد نبه بعضهم إلى بعض العلل فيه كابن عمار الشهيد في كتابه علل الأحاديث في صحيح مسلم واقتصر بعضهم على تضعيف حديث أو حديثين منها كالبخاري وابن تيمية ويكفينا في هذا الصدد أن ننقل كلام ابن تيمية قال " ومما قد يسمى صحيحا ما يصححه بعض علماء الحديث وآخرون يخالفونهم في تصحيحه فيقولون ضعيف ليس بصحيح مثل ألفاظ رواها مسلم في صحيحه ونازعه في صحتها غيره من أهل العلم إما مثله أو دونه أو فوقه فهذا لا يجزم بصدقه إلا بدليل مثل حديث ابن وعلة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال {{ أَيُّمَا إِيهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ}} , فإن هذا انفرد به مسلم عن البخاري وقد ضعفه الإمام أحمد وقد رواه مسلم , ومثل ما روى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الكسوف ثلاث ركعات وأربع ركعات انفرد بذلك عن البخاري فإن هذا ضعفه حذاق أهل العلم وقالوا إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل الكسوف إلا مرة واحدة يوم مات إبراهيم , وفي نفس هذه الأحاديث التي الصلاة بثلاث ركعات وأربع ر كعات أنه إنما صلى ذلك يوم مات إبراهيم ومعلوم أن إبراهيم لم يمت مرتين ولا كان له إبراهيمان وقد تواتر عنه أنه صلى الكسوف يومئذ ركوعين في كل ركعة كما روى ذلك عائشة وابن عباس وابن عمر وغيرهم , فلهذا لم يرو البخاري إلا هذه الأحاديث وهذا حذف من مسلم ولهذا ضعف الشافعي وغيره أحاديث الثلاثة والأربعة ولم يستحبوا ذلك وهذا أصح الروايتين عن أحمد "
[ الفتاوي 18- 17 ] .
ثم جاء من بعد البخاري ومسلم أصحاب السنن والمسانيد كابن حبان وابن خزيمة وأبي داوود والترمذي والبيهقي وحاول أبو عبد الله محمد ابن عبد الله الحاكم النيسابوري أن يجمع الحديث الصحيح كله في كتاب سماه المستدرك قاصد بذلك أن يأتي بأحاديث صحيحة على شرط الشيخين أو على شرط أحدهما لم يروياها وكذلك الألباني في كتابه سلسلة الأحاديث الصحيحة .
وبعد البحث والتقصي تبين لي أن جميع ما يمكن أن يقطع بصحته أو يسمى صحيحا من متون الحديث في حدود أربعة ألاف متن ولذا أدعوا علماء الحديث في الأمة الإسلامية إلى جمع هذه المتون بشكل مبسط ومبين في كتاب مع مراعاة أن الحديث لا يقطع بصحته إلا إذا روي بسندين تتوفر فيهما شروط البخاري في الصحة عن أحد الصحابة المشهود لهم بالعدالة من الله ورسوله كعامة المهاجرين والأنصار وأهل بيعة الرضوان أو ممن اشتهروا بالعدالة كأبي هريرة وابن عباس .
أما الباقي مما يسمى صحيحا وهو ليس قطعي الصحة يقبل منه ما تعددت طرقه وتلقته الأمة بالقبول ولم يخالف ما هو أصح منه والعلة في ذلك سأبينها في الفصل التالي .
...المزيد

القراءات السبع الأصل في القراءات أن رسول الله صلى الله عليه قال {{ أَقْرَأَنِي جِبْرِيلُ عَلى ...

القراءات السبع
الأصل في القراءات أن رسول الله صلى الله عليه قال {{ أَقْرَأَنِي جِبْرِيلُ عَلى حَرْفٍ فَرَاجَعْتُه فَلَمْ أَزَلْ أَسْتَزِيدُه وَيَزِيدُنِي حَتى أَنْتَهى إِلَى سَبْعَةٍ }} " صحيح البخاري "
فالقراءات هي تخفيف من الله عز وجل على الأمة ليقرءوا القرءان باللسان العربي الذي يعرفونه ولهذا أراد النبي صلى الله عليه وسلم من جبريل أن يزيده في عدد الأحرف التي يقرأ بها القرءان فزاده حتى بلغ سبعة أحرف ومعناها لا يمكن تفسيره إلا من خلال الثراء اللغوي والتواتر القطعي للقراءات السبع وهو كونه نوع من التجوز في القراءة عكسته غزارة المعارف اللغوية للقراءات والتعمق في دراسة اللغة العربية وهي كلها قراءات قطعية ومتواترة بالأسانيد الصحيحة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد تعددت القراءات بتعدد الأئمة والمقرئين والأمصار وأصبح لكل إما م قراءته الخاصة به حتى كان عهد تابعي التابعين وبعد جهود طويلة من البحث والتحقيق وبالاستقراء والتتبع ضبط العلماء ما تواتر من أسانيد القراءات فإذا هي قراءات سبع قام بجمعها العالم أحمد ابن موسى ابن مجاهد المتوفى عام 324هجرية وذلك في كتابه المشهور السبعة في القراءات وقد اشترط للقراءة ثلاثة شروط :
الأول أن توافق القراءة رسم المصحف العثماني على الشكل الذي كتب في عهد الخليفة عثمان ابن عفان رضي الله عنه وذلك قبل استنباط نقط الحروف وعلامات الشكل كالفتحة والسكون وغيرهما .
ثانيا : أن يتواتر سندها متصلا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يرويها جمع عن جمع من أول السند إلى منتهاه
ثالثا : أن توافق وجها من أوجه اللغة العربية وقواعد النحو
توفرت هذه الشروط في قراءات سبعة من الأئمة القراء هم : نافع إمام أهل المدينة , ابن كثير إمام أهل مكة , ابن عامر إمام أهل الشام أبو عمرو ابن العلاء إمام أهل البصرة والباقون أئمة الكوفة هم عاصم وحمزة و الكسائ وجاءت قراءاتهم على نهج لغوي يقوي بعضه بعضا وكان أكثر تنوع قراءاتهم التنوع اللغوي الصرفي الذي لا يضيف معنى جديدا كالإدغام وأحكام الهمزة و الأمداد وغيرها من أحكام التجويد والقراءة .


وتنوعت قراءاتهم لبعض الكلمات لتكون للكلمة منها قراءتان تؤديان معنيان فكانت رواياتهم لتك الكلمات يقوي بعضها بعضا مما يدل على صحة القراءتان في الكلمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل قراءة بعضهم لقوله سبحانه {{ وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146)
قَاتَلَ : بمعنى أن النبي والربيون معه جاهدوا في سبيل الله بالقتال هكذا قرأ عاصم وحمزة والكسائ وبن عامر وقرأها الباقون وهم نافع وابن كثير وأبو عمرو ابن العلاء " قًتِلَ " بمعنى أن النبي والربيون معه قتلوا في سبيل الله والمعنيان صحيحان وقطعيان بتواتر القراءة واتفاقها مع قراءات أخرى متواترة
وقد يكون تنوع القراءة عندهم في الكلمة أن إحداهما تفسر الأخرى كما في قراءة الكوفيون (عاصم وحمزة و الكسائ ) {{ حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِين }} " يوسف , 110 " قرؤها هكذا بالتخفيف في " كُذِبُواْ " : والمعنى المقصود " بِكُذِبُواْ " هنا أن الرسل أيقنوا بتكذيب قومهم لهم وهو ما جاء في قراءة الباقون (نافع وابن كثير وابن عامر وأبو عمرو ابن العلاء ) فقرؤها هكذا " كُذِّبُوا " بالتشديد {{ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِّبُواْ }} .
...المزيد

معرفة الحقوق وإقامتها لأصحابها يقول سبحانه {{ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ ...

معرفة الحقوق وإقامتها لأصحابها
يقول سبحانه {{ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }} " النحل , 90 "
لقد بين الله في هذه الآية الحق الفصل في الحقوق ويتجلى ذلك في أمره بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وبهذا تتحقق لحقوق لجميع الناس ثم نهيه عن الفحشاء والمنكر والبغي وهو الظلم وهذا ما يحقق الكرامة والأمان والطمأنينة والسعادة لكل الناس سواء المسلم منهم وغير المسلم ثم بين في نصوص أخرى ما للمسلم منهم وما لغيره .
فمن حقوق المسلم ما ورد في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال {{ حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ رَدُّ السَّلاَمْ وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ وَإِجَابَةُ الدَّعْوَة وَتَشْمِيتُ الْعَىاطِسِ }}
وعن أَبي عُمارة الْبراءِ بنِ عازبٍ رضي اللَّه عنهما قَالَ: "أَمرنا رسولُ اللَّه ﷺ بِسبْعٍ، ونهانا عن سبعٍ: أَمرنَا بِعِيادة الْمرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الْجنازةِ، وتَشْمِيتِ الْعاطِس، وَإِبْرارِ الْمُقْسِمِ، ونَصْرِ المَظْلُومِ، وَإِجابَةِ الدَّاعِي، وإِفْشاءِ السَّلامِ. وَنَهانَا عَنْ خواتِيمَ – أَوْ: تَختُّمٍ بالذَّهبِ- وَعنْ شُرْبٍ بالفضَّةِ، وعَنِ المَياثِرِ الحُمْرِ، وَعَنِ الْقَسِّيِّ، وَعَنْ لُبْسِ الحَرِيرِ وَالإِسْتَبْرَقِ وَالدِّيبَاجِ " الصحيحين ".
وعَنِ المَياثِرِ الحُمْرِ، وَعَنِ الْقَسِّيِّ : هما قماشان والسبب في النهي عنهما مخالطتهما للحرير
ومن حقوق غير المسلمين دعوتهم إلى الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة وتبين الحق لهم يقول سبحانه {{ ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }} " النحل , 125 " ,


ويقول سبحانه {{ قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }} " يوسف , 108 " , وجهادهم بالقرآن والسيف حتى يدخلوا في الإسلام يقول سبحانه {{ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا }} " الفرقان , 52 "
ويقول سبحانه {{ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ }} " البقرة , 193 " , ثم لهم العفو والصفح والإحسان إلى أسراهم وإجارة من استجار منهم أو لجأ إلى بلاد المسلمين يقول سبحانه {{ قُل لِّلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُون أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِما كَانُوا يَكْسِبُونَ }} " الجاثية ,14 " , ويقول سبحانه {{ وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ }} " التوبة , 6 "
ثم إن للذ مِّين منهم حقوق خاصة وهم أهل الكتاب الذين دخلوا في ذمة المسلمين بدفع الجزية أو الصلح أو كانوا يعملون لمصلحة المسلمين أو سائحين أو لاجئين منها أن لهم حرية العبادة وبناء الكنائس ومجادلتهم بالتي هي أحسن إذا كانوا من أهل الكتاب يقول سبحانه {{وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }} " العنكبوت , 46 "
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
{{ مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا}}
" الصحيحين "
ومنها أن المقتول منهم خطئا له الدية يقول سبحانه {{ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا }} " النساء , 92 "
ومنها أن الله سبحانه رغب في البر والقسط إليهم يقول سبحانه {{ لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }} " الممتحنة , 8 "



ومن الحقوق ما هو مشترك بين المسلمين وغيرهم كما في المثال الأول وكما في قوله سبحانه {{وَاعْبُدُواْ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا }} " النساء , 36 "
...المزيد

التعزير التعزير : هو ما يقره القاضي من عقوبة على المذنبين الذين لم يرتكبوا حدودا ويجب أن لا يكون ...

التعزير
التعزير : هو ما يقره القاضي من عقوبة على المذنبين الذين لم يرتكبوا حدودا ويجب أن لا يكون قدر هذا التعزير يفوق الحدود التي حدها الله لقوله سبحانه {{ مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ }} : فالذي يقر عقوبة على مذنب فوق الحدود التي شرعها الله في الكتاب والسنة على مرتكبي الكبائر من الحراب والقتل والزنى والقذف كأنه يحرص على المسلمين أكثر من الكتاب والسنة وهذا محال عقلا وشرعا ومن اعتقده ارتد عن دينه ولذا نجد أن الصحابة رضي الله عنهم لم يتعاملوا مع عقوبة شرب الخمر على أنها حد بل اعتبروها تعزيرا عن أنس ابن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب في الخمر بالجريد والنعال وجلد أبو بكر أربعين
" صحيح البخاري "
وعن علي ابن أبي طالب قال ما كنت لأقيم حدا على أحد فيموت فأجد في نفسي إلا صاحب الخمر فإنه لو مات وديته وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يَسُنَّه " الصحيحين "
وعن السائب بن زيد قال كنا نؤتى بالشارب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإمرة أبي بكر فصدرا من خلافة عمر فنقوم إليه بأيدينا ونعالنا وأردِيتنا حتى كان آخر إمرة عمر فجلد أربعين حتى إذا عتوا وفسقوا جلد ثمانيبن " صحيح البخاري "
لو كانت عقوبة شارب الخمر حدا لما قال عنها علي رضي الله عنه " وذلك أن رسول الله لم يسنَّه " , ولما زاد فيها أبوبكر وعمر حتى بلغت ثمانين جلدة وهي أدنى حدود الله التي حد فلما بلغت ثمانين جلدة لم يرد عن أحد من الخلفاء ولا العلماء الزيادة عليها لأن ذلك يعتبر زيادة على قدر العقوبات التي حد الله في أمور أعظم إثما وأكبر خطرا على المسلمين من شرب الخمر ثم دلت الأحاديث الصحيحة أنه لا تعزير فوق عشر جلدات للذنوب التي هي أخف من الخمر قال الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه حدثنا عمرو بن علي حدثنا فضيل ابن سليمان حدثنا مسلم بن أبي مريم عمن سمع النبي صلى الله عليه وسلم حدثني عبد الرحمن ابن جابر عمن سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال {{ لاَ عُقَوبَةَ فَوْقَ عَشْرِ ضَرَبَاتٍ إِلاَّ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ الله }}

يستفاد من الحديث أن كل تعزير لم يرتكب صاحبه حدا من حدود الله يجب أن لا يتعدى عشر جلدات أما التعزير بالسجن فالأحسن أن يكون للمراهقين الذين ليس عليهم مسؤوليات الأسرة فإذا ارتكبوا اثما ليس فيه حدا كعقوق الوالدين مثلا يسجنون فترة كافية لتربيتهم وتعليمهم .
...المزيد

إقامة الحدود وقدرها يقول سبحانه {{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي ...

إقامة الحدود وقدرها
يقول سبحانه {{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }} " النحل , 91 "
لما أمرالله بالعدل والإحسان ونهى عن الفحشاء والمنكر كان من حكمته أن شرَّع حدودا يتحقق بها ذلك وبين الحكمة عند كل حد منها ففي حد القتل يبين أن الحكمة من القصاص في القتل تتحقق به حياة الأبرياء ويدرأ الفتنة بين المومنين يقول سبحانه في ذلك {{ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }} " البقرة , 179 " ويقول سبحانه {{ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ }} " البقرة , 191 "
وفي حد السرقة يبين أن الحكمة من الحد فيها هو النكال بالسارق ليكون عبرة لملاين السارقين فيزجرهم عن السرقة يقول سبحانه {{ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }} " المائدة , 37 "
والحكمة من حد الرجم هي النكال من الله بالزناة المحصنين ليتوبوا ويكفر عنهم ذنوبهم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : (إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ ، فَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ آيَةُ الرَّجْمِ ، فَقَرَأْنَاهَا ، وَعَقَلْنَاهَا ، وَوَعَيْنَاهَا ، رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ ، فَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ : وَاللَّهِ مَا نَجِدُ آيَةَ الرَّجْمِ فِي كِتَابِ اللَّهِ ، فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ ، وَالرَّجْمُ فِي كِتَابِ اللَّهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أُحْصِنَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ، إِذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ ، أَوْ كَانَ الْحَبَلُ ، أَوْ الِاعْتِرَافُ وقد قرأناها
{{ الشَّيْخُ وَ الِشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ نَكَالاً مِنَ الله والله عَزِيزٌ حَكِيمٌ }} "الصحيحين"
ويقول سبحانه عن الزاني والزانية اللذين لا يقام عليها حد الرجم لأنها ليسا محصنين : أي لم يسبق عليهما نكاح صحيح {{ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ }} " النور , 2 "
ويبين سبحانه الحكمة من حد الحراب أنه الخزي لأصحابه في الدنيا إن لم يتوبوا قبل ٌأن يقدر عليهم يقول سبحانه {{ إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (34) }} " المائدة "
وأهل الحراب الذين يقام عليهم حد الحراب هم الجماعة التي تخرج في بلاد المسلمين تقتل وتسرق وتغتصب المال والأعراض بالسلاح وغير ذلك من الإجرام الذي تقوم به مثل هذه الجماعات كبيع الأعضاء البشرية وهؤلاء إذا قدر عليهم قبل أن يتوبوا يقام عليهم حد الحراب والحدود الأخرى التي ارتكبوها أما إذا تابوا قبل أن يقدر عليهم فيسقط عنهم حد الحراب لقوله سبحانه {{ إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }} , وتبقى عليهم الحدود الأخرى وضمان الأموال التي استولوا عليها أو أفسدوها .
ومن رحمة الله بهذه الأمة أن حد الزنى لا يثبت إلا بالإقرار أو الحمل أو شهادة أربعة شهود يشهدون أنهم رأوا الزانين في حالة ارتكابهما للزنى فإن اختلفوا في شهادتهم لم تقبل شهادتهم وأقيم عليهم حد القذف وهو ثمانون جلدة تقام على كل من رمى مسلما بالزنى ولو بالتعريض يقول سبىحانه {{ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }} " النور , 4 "
ومن رحمته أن حد السرقة لا يقام إلا بعدة شروط يصعب تحققها جميعا أولها أن تثبت السرقة ويكون ذلك بالإقرار أو بشهادة عدلين يشهدان على السارق , وانتفاء الشبهة : بأن لا يكون للسارق حق في المال المسروق ومنها أن يكون المال المسروق في حرز وأن يبلغ نصابا وهو ثلاث دراهم أو ربع دينار وقد عد العلماء عدة شروط غير هذه يجب توفرها وإلا سقط الحد .
...المزيد

الحكم بين المتخاصمين في أحكام النكاح والطلاق يقول سبحانه {{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ ...

الحكم بين المتخاصمين في أحكام النكاح والطلاق
يقول سبحانه {{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا }} " النساء , 1 "
الآية تهدينا وترشدنا إلى تقوى الله وأن الله شرع لنا الزواج في قوله {{ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءاً }} " النساء , 1 "
وهذا الزواج له أحكام كثيرة من الكتاب والسنة يجب على القاضي معرفتها والحكم بين المتخاصمين على أساسها كقوله سبحانه {{ وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }}
" البقرة , 237 "
يستنبط من الآية أن المرأة إذا طلقت قبل الدخول بها لها نصف الصداق ولها أن تعفو عنه وعلى القاضي أن يحكم بهذا وكقوله سبحانه {{ أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ }}
" الطلاق , 7 "
يستنبط من الآية أن للمطلقة السكن حتى تنقضي عدتها وهذا السكن مشروط بأن لا تأتي بفاحشة مبينة وذلك في قوله سبحانه {{ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ }} " الطلاق , 1 " ولها النفقة إن كانت حاملا حتى تضع حملها ثم لها حق الرضاعة بعد ذلك على أب الطفل وعلى القاضي رعاية حقها ومن الأمثلة التي قد تأتي القاضي من الكتاب والسنة حديث عائشة رضي الله عنها قالت اختضم سعد ابن أبي وقاص وعبد ابن زمعة في غلام فقال سعد هذا يا رسول الله ابن أخي عتبة ابن أبي وقاص عهد إلي أنه ابنه انظر إلى شبهه وقال عبد ابن زمعة هذا أخي يا رسول الله ولد على فراش أبي من وليدته فنطر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شبهه فرأى شبها بينا بعتبة فقال {{ هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ , وَاحْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ , فلم تره سودة قط }}
" الصجيجين "
يستنبط من الحديث أن الولد للفراش أي أن من ثبت وطئه بنكاح صحيح أو ملك يمين كان الولد تابعا له سواءا شبهه أم لم يشبهه وهذا ما أشار إليه البخاري في صحيحه قال : " باب الولد للفرش قرة كانت أو أمة " وأورد هذا الحديث وخلاصة قصتة : أن عتبة ابن أبي وقاص كان قد عهد إلى أخيه سعد ابن أبي وقاص وهو بمكة أنه وطيء أمة لزمعة وأن الولد الذي سيكون منها ابنه ثم شاء الله أن الولد ولد وترعرع حتى كبر ثم رأه سعد بعد موت زمعة ورأى شبهه بأخيه فعرف أنه من صلبه فأراد أن يأخذه ولكن عبد ابن زمعة خاصمه فيه وأبى أن يعطيه له فتخاصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقضى به لعبد ابن زمعة أنه أحق به وقال {{ هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ . الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ }}
العاهر : هو الزاني وليس له من صلبه شيء
ولما كان الولد شبيها بعتبة أدرك أنه من صلبه ولكن مالك الأمة زمعة أحق به فقضى به تابعا له ثم قال لسودة {{ وَاحْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ }} , وهي أم المؤمنين زوج النبي صلى الله عليه سودة بنت زمعة ليدل ذلك على أنه ليس أخاها .
وهذه الأمثلة ليست إلا خرزات في عقد منظوم وكثير من أحكام النكاح والطلاق في الكتاب والسنة وننصح المهتم بمعرفتها بالرجوع إلى الآيات التي تتضمن ذلك من الكتاب والأحاديث الصحيحة وفتاوي ابن تيمية رحمه الله في ذلك .
...المزيد

معلومات

داعية إلى الله حاصل على شهادة الثانوية في علوم الشريعة 2003م ثم شهادة الإجازة في اللغة العربية من جامعة أنواكشةط 2010 ثم تسجيل الماجستير في قسم النحو بكلية دار العلوم جامعة القاهرة 2013م مؤلف كتاب الخلاص وله عدة بحوث في الإعجاز والتاربخ الجليلوجي للأرض من القرآن

أكمل القراءة

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً