بين الحانوكاه والكريسماس! • مع نهاية كل عام ميلادي يتجدّد الجدل حول حكم تهنئة النصارى في أعيادهم ...

بين الحانوكاه والكريسماس!

• مع نهاية كل عام ميلادي يتجدّد الجدل حول حكم تهنئة النصارى في أعيادهم الشركية التي تزعم أن "عيسى هو الله!" وأنه "ابن الله" تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.

لكننا لا نجد هذا الجدل يُثار حول حكم تهنئة اليهود في أعيادهم، مع أن نفس المسوّغات التي يفترضونها في النصارى، موجودة في اليهود، ومواقفهم من المسلمين متداخلة متماثلة! فلماذا يثار الجدل حول أحدهما دون الآخر؟! وتخيل كيف ستكون ردة فعل الناس على شخص يهنيء اليهود بعيد "الحانوكاه" الذي يقارب زمان "الكريسماس".

إنه الاضطراب العقدي، فنحن نرى من يقيم الدنيا ويُقعدها لتورط حكومة أو فرد بعلاقات سرّية مع اليهود، بينما لا غضاضة ولا نكير على من يوثّق تحالفاته ويرسم مع النصارى شعوبا وحكومات، فضلا عن أن يهنئهم في أعيادهم، مع أن الآيات لم تفرق بين الفعلين في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ}، ومع أن الفريقين كفروا بالله تعالى بأبشع وأشنع صورة: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ}، ومع أن الله شرع لنا في كل صلاة الاستعاذة من سبيل الفريقين {الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} و{الضَّالِّينَ}، وبيّن لنا أن اقتضاء صراطه المستقيم في البراءة التامة من الطرفين، فلماذا يشنّعون على التقارب من اليهود، بينما يتقبلون ويتساهلون في التقارب من النصارى، بل يتهافتون على تهنئتهم والتودد ١إليهم بحجج وذرائع واهية لا يسيغونها في اليهود؟!

ولقد كنا نرى هذا الفصام المنهجي في ردود أفعالهم على استهداف النصارى واليهود في أعيادهم، فيباركون طعن يهودي في "العُرُش" أو "الحانوكاه" ويطعنون فيمن يقتل عشرات النصارى في "الكريسماس" ويعدون الأول "بطلا" والثاني "خارجيا!".

ولذلك من الغبن تصنيف الجدل المثار حول هذه المسألة جدلا فقهيا مجردا، بل هي مسألة عقدية تنم عن مدى عظمة التوحيد في قلوب العباد، ومدى تسليمهم بكفر النصارى ووجوب بغضهم ومعاداتهم تماما كاليهود، وقد بيّن ابن القيم ذلك في فتواه الشهيرة حول المسألة، ووضع يده على الجرح كعادته وشيخه في سبر أغوار النفس البشرية فقال: "وكثير ممن لا قدر للدين عنده، يقع في ذلك" وهذه والله لم تزل هي المشكلة وعين العلة، فإنّ تهافُت الناس على تهنئة النصارى ليس بسبب جهلهم بالحكم الشرعي، ولا حرصا منهم على دعوة النصارى ليلة الكريسماس!، بل بسبب اهتزاز قدر الدين في النفوس، فإنه والله لو عظم قدر الإسلام في نفوسهم، وأيقنوا أنه الدين الحق الأوحد، وأن الله لن يقبل سواه من أحد؛ لأنِفوا أن يتقدموا إلى النصارى بتهنئة في عيد كفري كهذا، ولكنهم استنكفوا أن يكونوا عبادا لله حق العبودية.

ويثير هؤلاء شبها متهاوية حول المسألة، فيدرجون تهنئة النصارى بأعيادهم الدينية تحت بند البر والقسط في قوله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ... أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ}، علما أن تهنئة النصارى بأعيادهم الكفرية مسألة مستقلة تماما عن سياق الآية لأنها محرمة شرعا، وأن الآية محمولة على الكافر غير المحارب، ومع ذلك نقول: هل حقق نصاری زماننا الشروط التي ذكرتها الآية السابقة لينالوا برنا وقسطنا؟! يدفعنا ذلك للتطرق إلى أحكام أهل الذمة الذين لا يُمنحون "عقد الذمة" من الإمام إلا ببذل الجزية والتزام أحكام الملة، التي جلّتها العهدة العمرية الشهيرة، فهل حقق نصارى زماننا شروطها لينالوا عهدها، أم قد نقضوها من أولها لآخرها؟! بل ولو حققوا شروطها كاملة، لم يجز لنا تهنئتهم في أعيادهم لأنها من شعائر دينهم الباطل، وهو ما لم تفعله القرون المفضلة، فلم يفعله النبي ﷺ ولا الصحابة ولا التابعون.



وعليه فالبر والقسط مع الكافر غير المحارب ممن لم يتورط في أي سلسلة من سلاسل العون على حرب المسلمين، بفعل، أو قول أو مشورة، أو بمجرد التأييد فالمؤيد كالفاعل، وبالحملة فأهل الكتاب اليوم واقعون تحت قوله تعالى:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}، قال ابن كثير: "لا يجوز إعزاز أهل الذمة ولا رفعهم على المسلمين، بل هم أذلاء صغرة أشقياء"، هذا في حق الذمي، فكيف بالمحارب؟!.

ولو تتبع المهتم مشارب فقهاء التثليث ومنطلقاتهم، سيجد أغلبهم ممن يرفضون تقسيم العالم إلى" دار إسلام ودار كفر" ويرفضون تقسيم الكافرين إلى "ذميين ومعاهدين ومستأمنين"، وينظرون إليها أنها "موروثات تاريخية" فرضتها حوادث بعينها لم تعد موجودة في زماننا ولا يصح إسقاطها على واقعنا!

ومما يلقنه الشياطين في روع هؤلاء أن بفعلهم هذا يكسبون قلوب النصارى إلى الإسلام، ومع أن هذا الافتراض تبريري ليس أكثر، إلا أنه على العكس تماما، فإن تهنئة النصارى في عيدهم "توجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل"، ولذلك كيف سيهتدي إلى الإسلام وأنت تحببه بما هو عليه من الكفر وتهنئه عليه؟! بل على هذا النحو فإن النصراني هو الذي يقرّبك إلى دينه! ويدعوك إليه! فأنت هنا مفعول به لا فاعل!

وإن التهنئة اليوم بأعيادهم، لا تخرج عن إطار الود أو الإعجاب أو التقليد أو المداهنة أو المعايشة ونحوها، بل لو نظر العاقل إلى حال المستميتين المتهافتين على النصارى، وجد أن المشكلة لا تقتصر على رأس السنة فحسب، بل هؤلاء مفتونين بالنصارى طوال الدهر، عاكفين على ملاطفتهم ومخالطتهم ومشابهتهم في أفعالهم وعاداتهم وتقاليدهم، بل في حكمهم في "ديمقراطيتهم" في كل شيء، حتى لو دخلوا جحر ضب دخلوه معهم، ولذلك فالمشكلة عندهم ليست في رأس السنة، بل رأس الأمر الإسلام، وأصله وركنه الشديد الحب والبغض في الله، حب الإيمان وكراهية الكفر، ولذلك كان من دعاء النبي ﷺ: (اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكرّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان.)

كل هذه الزوايا المنهجية العقدية يستشفها المسلم من دائرة الجدال السنوية حول حكم تهنئة النصارى المشركين بأعيادهم الشركية، فالقضية أخطر وأعمق بكثير مما يحاول أن يصوّره فقهاء هذا الزمان.

وإن نزول عيسى ابن مريم في آخر الزمان مفعِّلا خيار السيف، معطِّلا خيار الجزية؛ هو رد إلهي عقدي حاسم لهذا الجدل المثار في زمن اختلال موازين الولاء والبراء، وغربة التوحيد في زمن التفلت والتفريط.

ولن ينصلح حال الأمة حتى يستوي عندها حكم اليهود بالنصارى، وحكم الحانوكاه بالكريسماس! وحكم المتولي "المطبّع" مع النصارى بحكم المتولي "المطبّع" مع اليهود، وحتى تحتفي الأمة بالمنغمس في صفوف النصارى كالمنغمس في صفوف اليهود، فالتوحيد لا يتجزأ، ومن لم تغنه الآيات والنذر، سيغنيه سيف عيسى ابن مريم عبد الله ورسوله.


◽ المصدر: صحيفة النبأ العدد 475
الخميس 25 جمادى الآخرة 1446هـ

المقال الافتتاحي:
بين الحانوكاه والكريسماس!
...المزيد

بين الحانوكاه والكريسماس! • ويثير هؤلاء شبها متهاوية حول المسألة، فيدرجون تهنئة النصارى بأعيادهم ...

بين الحانوكاه والكريسماس!

• ويثير هؤلاء شبها متهاوية حول المسألة، فيدرجون تهنئة النصارى بأعيادهم الدينية تحت بند البر والقسط في قوله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ... أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ}، علما أن تهنئة النصارى بأعيادهم الكفرية مسألة مستقلة تماما عن سياق الآية لأنها محرمة شرعا، وأن الآية محمولة على الكافر غير المحارب، ومع ذلك نقول: هل حقق نصاری زماننا الشروط التي ذكرتها الآية السابقة لينالوا برنا وقسطنا؟! يدفعنا ذلك للتطرق إلى أحكام أهل الذمة الذين لا يُمنحون "عقد الذمة" من الإمام إلا ببذل الجزية والتزام أحكام الملة، التي جلّتها العهدة العمرية الشهيرة، فهل حقق نصارى زماننا شروطها لينالوا عهدها، أم قد نقضوها من أولها لآخرها؟! بل ولو حققوا شروطها كاملة، لم يجز لنا تهنئتهم في أعيادهم لأنها من شعائر دينهم الباطل، وهو ما لم تفعله القرون المفضلة، فلم يفعله النبي ﷺ ولا الصحابة ولا التابعون.

وعليه فالبر والقسط مع الكافر غير المحارب ممن لم يتورط في أي سلسلة من سلاسل العون على حرب المسلمين، بفعل، أو قول أو مشورة، أو بمجرد التأييد فالمؤيد كالفاعل، وبالحملة فأهل الكتاب اليوم واقعون تحت قوله تعالى:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}، قال ابن كثير: "لا يجوز إعزاز أهل الذمة ولا رفعهم على المسلمين، بل هم أذلاء صغرة أشقياء"، هذا في حق الذمي، فكيف بالمحارب؟!.

ولو تتبع المهتم مشارب فقهاء التثليث ومنطلقاتهم، سيجد أغلبهم ممن يرفضون تقسيم العالم إلى" دار إسلام ودار كفر" ويرفضون تقسيم الكافرين إلى "ذميين ومعاهدين ومستأمنين"، وينظرون إليها أنها "موروثات تاريخية" فرضتها حوادث بعينها لم تعد موجودة في زماننا ولا يصح إسقاطها على واقعنا!

ومما يلقنه الشياطين في روع هؤلاء أن بفعلهم هذا يكسبون قلوب النصارى إلى الإسلام، ومع أن هذا الافتراض تبريري ليس أكثر، إلا أنه على العكس تماما، فإن تهنئة النصارى في عيدهم "توجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل"، ولذلك كيف سيهتدي إلى الإسلام وأنت تحببه بما هو عليه من الكفر وتهنئه عليه؟! بل على هذا النحو فإن النصراني هو الذي يقرّبك إلى دينه! ويدعوك إليه! فأنت هنا مفعول به لا فاعل!

وإن التهنئة اليوم بأعيادهم، لا تخرج عن إطار الود أو الإعجاب أو التقليد أو المداهنة أو المعايشة ونحوها، بل لو نظر العاقل إلى حال المستميتين المتهافتين على النصارى، وجد أن المشكلة لا تقتصر على رأس السنة فحسب، بل هؤلاء مفتونين بالنصارى طوال الدهر، عاكفين على ملاطفتهم ومخالطتهم ومشابهتهم في أفعالهم وعاداتهم وتقاليدهم، بل في حكمهم في "ديمقراطيتهم" في كل شيء، حتى لو دخلوا جحر ضب دخلوه معهم، ولذلك فالمشكلة عندهم ليست في رأس السنة، بل رأس الأمر الإسلام، وأصله وركنه الشديد الحب والبغض في الله، حب الإيمان وكراهية الكفر، ولذلك كان من دعاء النبي ﷺ: (اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكرّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان.)

كل هذه الزوايا المنهجية العقدية يستشفها المسلم من دائرة الجدال السنوية حول حكم تهنئة النصارى المشركين بأعيادهم الشركية، فالقضية أخطر وأعمق بكثير مما يحاول أن يصوّره فقهاء هذا الزمان.

وإن نزول عيسى ابن مريم في آخر الزمان مفعِّلا خيار السيف، معطِّلا خيار الجزية؛ هو رد إلهي عقدي حاسم لهذا الجدل المثار في زمن اختلال موازين الولاء والبراء، وغربة التوحيد في زمن التفلت والتفريط.

ولن ينصلح حال الأمة حتى يستوي عندها حكم اليهود بالنصارى، وحكم الحانوكاه بالكريسماس! وحكم المتولي "المطبّع" مع النصارى بحكم المتولي "المطبّع" مع اليهود، وحتى تحتفي الأمة بالمنغمس في صفوف النصارى كالمنغمس في صفوف اليهود، فالتوحيد لا يتجزأ، ومن لم تغنه الآيات والنذر، سيغنيه سيف عيسى ابن مريم عبد الله ورسوله.


◽ المصدر: صحيفة النبأ العدد 475
الخميس 25 جمادى الآخرة 1446هـ

مقتطف من المقال الافتتاحي:
بين الحانوكاه والكريسماس!
...المزيد

بين الحانوكاه والكريسماس! • مع نهاية كل عام ميلادي يتجدّد الجدل حول حكم تهنئة النصارى في أعيادهم ...

بين الحانوكاه والكريسماس!

• مع نهاية كل عام ميلادي يتجدّد الجدل حول حكم تهنئة النصارى في أعيادهم الشركية التي تزعم أن "عيسى هو الله!" وأنه "ابن الله" تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.

لكننا لا نجد هذا الجدل يُثار حول حكم تهنئة اليهود في أعيادهم، مع أن نفس المسوّغات التي يفترضونها في النصارى، موجودة في اليهود، ومواقفهم من المسلمين متداخلة متماثلة! فلماذا يثار الجدل حول أحدهما دون الآخر؟! وتخيل كيف ستكون ردة فعل الناس على شخص يهنيء اليهود بعيد "الحانوكاه" الذي يقارب زمان "الكريسماس".

إنه الاضطراب العقدي، فنحن نرى من يقيم الدنيا ويُقعدها لتورط حكومة أو فرد بعلاقات سرّية مع اليهود، بينما لا غضاضة ولا نكير على من يوثّق تحالفاته ويرسم مع النصارى شعوبا وحكومات، فضلا عن أن يهنئهم في أعيادهم، مع أن الآيات لم تفرق بين الفعلين في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ}، ومع أن الفريقين كفروا بالله تعالى بأبشع وأشنع صورة: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ}، ومع أن الله شرع لنا في كل صلاة الاستعاذة من سبيل الفريقين {الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} و{الضَّالِّينَ}، وبيّن لنا أن اقتضاء صراطه المستقيم في البراءة التامة من الطرفين، فلماذا يشنّعون على التقارب من اليهود، بينما يتقبلون ويتساهلون في التقارب من النصارى، بل يتهافتون على تهنئتهم والتودد ١إليهم بحجج وذرائع واهية لا يسيغونها في اليهود؟!

ولقد كنا نرى هذا الفصام المنهجي في ردود أفعالهم على استهداف النصارى واليهود في أعيادهم، فيباركون طعن يهودي في "العُرُش" أو "الحانوكاه" ويطعنون فيمن يقتل عشرات النصارى في "الكريسماس" ويعدون الأول "بطلا" والثاني "خارجيا!".

ولذلك من الغبن تصنيف الجدل المثار حول هذه المسألة جدلا فقهيا مجردا، بل هي مسألة عقدية تنم عن مدى عظمة التوحيد في قلوب العباد، ومدى تسليمهم بكفر النصارى ووجوب بغضهم ومعاداتهم تماما كاليهود، وقد بيّن ابن القيم ذلك في فتواه الشهيرة حول المسألة، ووضع يده على الجرح كعادته وشيخه في سبر أغوار النفس البشرية فقال: "وكثير ممن لا قدر للدين عنده، يقع في ذلك" وهذه والله لم تزل هي المشكلة وعين العلة، فإنّ تهافُت الناس على تهنئة النصارى ليس بسبب جهلهم بالحكم الشرعي، ولا حرصا منهم على دعوة النصارى ليلة الكريسماس!، بل بسبب اهتزاز قدر الدين في النفوس، فإنه والله لو عظم قدر الإسلام في نفوسهم، وأيقنوا أنه الدين الحق الأوحد، وأن الله لن يقبل سواه من أحد؛ لأنِفوا أن يتقدموا إلى النصارى بتهنئة في عيد كفري كهذا، ولكنهم استنكفوا أن يكونوا عبادا لله حق العبودية.

ويثير هؤلاء شبها متهاوية حول المسألة، فيدرجون تهنئة النصارى بأعيادهم الدينية تحت بند البر والقسط في قوله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ... أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ}، علما أن تهنئة النصارى بأعيادهم الكفرية مسألة مستقلة تماما عن سياق الآية لأنها محرمة شرعا، وأن الآية محمولة على الكافر غير المحارب، ومع ذلك نقول: هل حقق نصاری زماننا الشروط التي ذكرتها الآية السابقة لينالوا برنا وقسطنا؟! يدفعنا ذلك للتطرق إلى أحكام أهل الذمة الذين لا يُمنحون "عقد الذمة" من الإمام إلا ببذل الجزية والتزام أحكام الملة، التي جلّتها العهدة العمرية الشهيرة، فهل حقق نصارى زماننا شروطها لينالوا عهدها، أم قد نقضوها من أولها لآخرها؟! بل ولو حققوا شروطها كاملة، لم يجز لنا تهنئتهم في أعيادهم لأنها من شعائر دينهم الباطل، وهو ما لم تفعله القرون المفضلة، فلم يفعله النبي ﷺ ولا الصحابة ولا التابعون.


◽ المصدر: صحيفة النبأ العدد 475
الخميس 25 جمادى الآخرة 1446هـ

مقتطف من المقال الافتتاحي:
بين الحانوكاه والكريسماس!
...المزيد

آفات اللسان {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوۡلٗا سَدِيدٗا ۝٧٠ ...

آفات اللسان

{يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوۡلٗا سَدِيدٗا ۝٧٠ يُصۡلِحۡ لَكُمۡ أَعۡمَٰلَكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۗ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ فَازَ فَوۡزًا عَظِيمًا ۝٧١} [الأحزاب]

قال تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱجۡتَنِبُواْ كَثِيرًا مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعۡضَ ٱلظَّنِّ إِثۡمٌ وَلَا تَجَسَّسُواْ وَلَا يَغۡتَب بَّعۡضُكُم بَعۡضًاۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمۡ أَن يَأۡكُلَ لَحۡمَ أَخِيهِ مَيۡتًا فَكَرِهۡتُمُوهُۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٞ رَّحِيمٌ ۝١٢} [الحجرات]

• الغيبة: قال رسول الله ﷺ: أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول، فقد اغتبته. وإن لم يكن فيه، فقد بهته. صحيح مسلم

• النميمة: [النميمة هي نقل الكلام بين الناس بقصد الإفساد] عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: لا يدخل الجنة نمّام صحيح مسلم

• شهادة الزور: قال رسول الله ﷺ: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: (الإشراك بالله، وعقوق الوالدين وكان متكئا فجلس فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور، ألا وقول الزور وشهادة الزور. فما زال يقولها، حتى قلت: لا يسكت. صحيح البخاري

• الكذب: قال رسول الله ﷺ: إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكون صِدّيقا، وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب، حتى يكتب عند الله كذابا. صحيح البخاري

• الجدال والخصومة: عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله ﷺ: إن أبغض الرجال عند الله الألدّ الخَصِم. صحيح البخاري، قال النووي [والألدّ: شديد الخصومة] قال رسول الله ﷺ: أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء، وإن كان محقاّ...). مسند أبي داود

• عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد). ثم قال: ألا أخبرك بملاك ذلك كله، قلت: بلى يا رسول الله، قال: فأخذ بلسانه، قال: كف عليك هذا. فقلت: يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم، أو على مناخرهم، إلا حصائد ألسنتهم؟. صحيح البخاري

• عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: إن الله كره لكم ثلاثا: قيل وقال، وإضاعة المال وكثرة السؤال. صحيح البخاري

إنفوغرافيك النبأ جمادى الأولى 1437 هـ
...المزيد

الإشاعة رواية مصطنعة يتم بثها وتداولها، دون ذكر لمصدرها أو ما يدل على صحتها، وسندها قيل وقال ...

الإشاعة

رواية مصطنعة يتم بثها وتداولها، دون ذكر لمصدرها أو ما يدل على صحتها، وسندها قيل وقال وسمعنا وزعموا، وتتعرض هذه الرواية أثناء التداول للتحريف والزيادة.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: كفى بالمرء كذباً أن يُحَدِّث بكل ما سمع [رواه مسلم].

• يصنعها العدو
• يتلقفها المنافقون والفساق
• يتناقلها الجهلة من المسلمين

• {إِذۡ تَلَقَّوۡنَهُۥ بِأَلۡسِنَتِكُمۡ وَتَقُولُونَ بِأَفۡوَاهِكُم مَّا لَيۡسَ لَكُم بِهِۦ عِلۡمٌ وَتَحۡسَبُونَهُۥ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيمٌ} [النور:١٥].

• {وَإِذَا جَآءَهُمۡ أَمۡرٌ مِّنَ ٱلۡأَمۡنِ أَوِ ٱلۡخَوۡفِ أَذَاعُواْ بِهِۦۖ وَلَوۡ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰٓ أُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنۡهُمۡ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسۡتَنۢبِطُونَهُۥ مِنۡهُمۡۗ وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ لَٱتَّبَعۡتُمُ ٱلشَّيۡطَٰنَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء:٨٣].

• {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن جَآءَكُمۡ فَاسِقُۢ بِنَبَإٖ فَتَبَيَّنُوٓاْ أَن تُصِيبُواْ قَوۡمَۢا بِجَهَٰلَةٖ فَتُصۡبِحُواْ عَلَىٰ مَا فَعَلۡتُمۡ نَٰدِمِينَ} [الحجرات:٦].

• قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ [سنن ابن ماجه].

»» خطر الإشاعة

• تشويه سمعة فرد أو جماعة من المسلمين
• تخذيل المسلمين والإرجاف بهم في أوقات الشدائد
• تفريق صف المسلمين وإثارة النزاعات بينهم
• إختلال الموازين في تصديق وتكذيب الأخبار
• ذهاب الثقة بين الرعية والراعي والجنود وأميرهم
• التسبب بخسائر كبيرة لفرد أو جماعة من المسلمين

»» كيف نكافح الإشاعات

1- التثبت والتبين من الأخبار قبل نقلها
2- ترك الأمور العامة لأولي الأمر (الأمراء وأهل العلم)
3- الاعتماد على المصادر الرسمية في الأخبار العامة
4- عدم الانشغال بمصادر الأخبار غير موثوقة
5- الاقتصار على نقل ما يفيد من الكلام
6- أن يترك المسلم ما لا يعنيه
7- إحسان الظن بالمسلمين

»» ما تظن أنه بشرى وتتسرع في نقله دون تثبّت، قد ينقلب إلى حزن إن ثبت عكسه.

»» وقد بين النبي ﷺ عقوبة ناقل الإشاعة بحديث رواه البخاري، عن سمرة بن جندب رضي الله عنه، عن النبي ﷺ أنه قال: إنه أتاني الليلة آتيان، وإنهما ابتعثاني، وإنهما قالا لي، انطلق، وإني انطلقت معهما... فأتينا على رجل مستلق لقفاه، وإذ آخر قائم عليه بكلّوب من حديد، وإذا هو يأتي أحد شقي وجهه فيشرشر شدقه إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه، ثم يتحول إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول، فما يفرغ من ذلك الجانب حتى يصح ذلك الجانب كما كان، ثم يعود عليه فيفعل مثل ما فعل المرة الأولى.

»» ثم بين النبي ﷺ سبب هذه العقوبة فقال: فإنه الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق

إنفوغرافيك النبأ ربيع الآخر 1437 هـ
...المزيد

أربع قواعد في معرفة الشرك وأهله • قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: اعلم أرشدك أخي ...

أربع قواعد في معرفة الشرك وأهله

• قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله:
اعلم أرشدك أخي لطاعته أن الحنيفية ملة إبراهيم أن تعبد الله وحده مخلصا له الدين، كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:٥٦] فإذا عرفت أن الله خلقك لعبادته، فاعلم أن العبادة لا تسمى عبادة إلا مع التوحيد، كما إن الصلاة لا تسمى صلاة إلا مع الطهارة، فإذا دخل الشرك في العبادة فسدت، كالحدث إذا دخل في الطهارة. فإذا عرفت أن الشرك إذا خالط العبادة أفسدها وأحبط العمل وصار صاحبه من الخالدين في النار، عرفت أن أهم ما عليك معرفة ذلك، لعل الله أن يخلصك من هذه الشبكة، وهي الشرك بالله، الذي قال الله تعالى فيه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء:٤٨] وذلك بمعرفة أربع قواعد ذكرها الله تعالى في كتابه.

1- القاعدة الأولى: أن تعلم أن الكفار الذين قاتلهم رسول الله ﷺ مُقِرُّون بأن الله تعالى هو الخالق المدبر، وأن ذلك لم يدخلهم في الإسلام. والدليل قوله تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ۚ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ ۚ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ} [يونس:٣١]

2- القاعدة الثانية: أنهم يقولون: ما دعوناهم وتوجهنا إليهم إلا لطلب القربة والشفاعة. فدليل القربة قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَىٰ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} [الزمر:٣] ودليل الشفاعة قوله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَٰؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [يونس:١٨]

3- القاعدة الثالثة: أن النبي ﷺ ظهر على أناس متفرقين في عبادتهم منهم من يعبد الملائكة، ومنهم من يعبد الأنبياء والصالحين، ومنهم من يعبد الأشجار والأحجار، ومنهم من يعبد الشمس والقمر، وقاتلهم رسول الله ﷺ ولم يفرق بينهم. والدليل قوله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [الأنفال:٣٩]

4- القاعدة الرابعة: أن مشركي زماننا أغلظ شركاً من الأولين، لأن الأولين يشركون في الرخاء ويخلصون في الشدة، ومشركو زماننا شركهم دائما في الرخاء والشدة. والدليل قوله تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [العنكبوت:٦٥].

مختصر من رسالة [القواعد الأربعة] التي صنفها الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

إنفوغرافيك النبأ رجب 1437 هـ
...المزيد

من الحكم في الابتلاء {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ ...

من الحكم في الابتلاء

{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ ۖ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة:٢١٤]

• تحقيق العبودية:
{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [آل عمران:١٤٢]

• تمييز الصفوف:
{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً ۚ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [التوبة:١٦]

• اصطفاء الشهداء:
{إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [آل عمران:١٤٠]

• حفظ قلوب المؤمنين من الزيغ
لو نصر الله سبحانه وتعالى المؤمنين دائما وأظفرهم بعدوهم في كل موطن وجعل لهم التمكين والقهر لأعدائهم أبدا لطغت نفوسهم وشمخت. [زاد المعاد]، وقال تعالى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا} [التوبة:٢٥]، فيعلم المبتلى أن لا نجاة ولا نصر بغير التوكل عليه.

• إعلاء مراتب أهل البلاء:
فالله سبحانه هيأ لعباده المؤمنين منازل في دار كرامته لم تبلغها أعمالهم ولم يكونوا بالغيها إلا بالبلاء والمحنة فقيض لهم الأسباب التي توصلهم إليها من ابتلائه وامتحانه كما وفقهم للأعمال الصالحة التي هي من جملة أسباب وصولهم إليها [زاد المعاد]

»» قال ابن القيم رحمه الله: "فكل بلية ومحنة تنال العبد بعد حصول هذا الخير العظيم له أمر يسير جدا في جنب الخير الكثير كما ينال الناس بأذى المطر في جنب ما يحصل لهم به من الخير، فأعلمهم أن سبب المصيبة من عند أنفسهم ليحذروا، وأنها بقضائه وقدره، ليوحدوا ويتكلوا، ولا يخافوا غيره، وأخبرهم بما لهم فيها من الحكم لئلا يتهموه في قضائه وقدره، وليتعرف إليهم بأنواع أسمائه وصفاته، وسلاهم بما أعطاهم مما هو أجل قدرا وأعظم خطرا مما فاتهم من النصر والغنيمة، وعزاهم عن قتلاهم بما نالوه من ثوابه وكرامته، لينافسوهم فيه، ولا يحزنوا عليهم، فله الحمد كما هو أهله، وكما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله" [زاد المعاد]

إنفوغرافيك النبأ ذو الحجة 1439 هـ
...المزيد

الثبات حتى الممات • وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل قال تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ ...

الثبات حتى الممات

• وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل
قال تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ۝١٧٣ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} [آل عمران: ١٧٣- ١٧٤].

• إن معي ربي سيهدين
قال تعالى: {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ۝٦١ قَالَ كَلَّا ۖ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ۝٦٢ فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ ۖ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ۝٦٣ وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ ۝٦٤ وَأَنْجَيْنَا مُوسَىٰ وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ ۝٦٥ ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ} [الشعراء:٦١-٦٦].

• إنما تقضي هذه الحياة الدنيا
قال تعالى: {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَىٰ ۝٧٠ قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ۖ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ ۖ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَىٰ ۝٧١ قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا ۖ فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ ۖ إِنَّمَا تَقْضِي هَٰذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ۝٧٢ إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ ۗ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ} [طه:٧٠-٧٣]

• اصبري فإنك على الحق
عن صهيب رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال عن قصة أصحاب الأخدود: (.... فقال الناس: آمنا برب الغلام، آمنا برب الغلام، آمنا برب الغلام، فأتي الملك فقيل له: أرأيت ما كنت تحذر؟ قد والله نزل بك حذرك، قد آمن الناس، فأمر بالأخدود في أفواه السكك، فخدت وأضرم النيران، وقال: من لم يرجع عن دينه فأحموه فيها، أو قيل له: اقتحم، ففعلوا حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها فتقاعست أن تقع فيها، فقال لها الغلام: يا أمه اصبري فإنك على الحق) [رواه مسلم].

• عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ عن قصة قتل فرعون لماشطة ابنته (.... قال: يا فلانة، وإن لك ربا غيري؟ قالت: نعم، ربي وربك الله، فأمر ببقرة من نحاس فأحميت، ثم أمر بها أن تلقى هي وأولادها فيها، قالت له: إن لي إليك حاجة. قال: وما حاجتك؟ قالت: أحب أن تجمع عظامي وعظام ولدي في ثوب واحد، وتدفننا، قال: ذلك لك علينا من الحق، قال: فأمر بأولادها فألقوا بين يديها، واحدا واحدا، إلى أن انتهى ذلك إلى صبي لها مرضع، كأنها تقاعست من أجله، قال: يا أمه، اقتحمي، فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، فاقتحمت) [رواه أحمد]

»» إنفوغرافيك النبأ جمادى الأولى 1439 هـ
...المزيد

من أسباب تفريج الكربات • التوحيد: حين مس يُونُسَ عليه السلام الكرب كان أول ما لهج لسانه به هو ...

من أسباب تفريج الكربات

• التوحيد: حين مس يُونُسَ عليه السلام الكرب كان أول ما لهج لسانه به هو التوحيد، قال تعالى: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ۝٨٧ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء:٨٧-٨٨]. وكان النبي ﷺ يقول عند الكرب: لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم) [متفق عليه]

• الصلاة: قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة:١٥٣]، وكان النبي ﷺ "إذا حزبه أمر - أي: أهمَّه - صلَّى".[رواه أبو داود]

• الرضا بالقضاء والقدر: قال النبي ﷺ: عجبًا لأمر المؤمن، إنَّ أمره كلَّه خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له [رواه مسلم]

• المداومة على ذكر الله: قال تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ ۝٩٧ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ} [الحجر:٩٧-٩٨]

• الدعاء والتضرع إلى الله: قال تعالى: {وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ ۝٧٥ وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ} [الصافات:٧٥-٧٦]

• تفريج كربات المسلمين: قال ﷺ: من نفَّس عن مسلم كربة من كرب الدنيا، نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة [أخرجه مسلم]

• تقوى الله تعالى: قال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ۝٢ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق:٢-٣]

إنفوغرافيك النبأ ذو الحجة 1442 هـ
...المزيد

وحدة المسلمين • التوحيد: فالمسلمون كلهم عربا وعجما عباد لله تعالى لا يعبدون سواه تجمعهم عقيدة ...

وحدة المسلمين

• التوحيد: فالمسلمون كلهم عربا وعجما عباد لله تعالى لا يعبدون سواه تجمعهم عقيدة واحدة وكتاب واحد وغاية واحدة.

• الجهاد: تشتد الحاجة لوحدة صفوف المسلمين في فريضة الجهاد لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ}.

• الخلافة: وهي المظلة الجامعة للمسلمين وبها تتحقق جميع صور الوحدة الداخلية والخارجية خلف إمام واحد يقاتلون من عصاه بمن أطاعه.

• الصلاة: يصلي المسلمون الصلوات جماعة في صفوف متراصة تشبه صفوف الملائكة، يؤدونها بكيفية واحدة وأوقات واحدة يبدأون وينتهون معا.

• الصيام: يصوم جميع المسلمون لرؤية الهلال ويفطرون لرؤيته، كلهم يمسكون عن الطعام فجرا يفطرون غروبا.

• الحج: يجتمع المسلمون في الحج في مكان واحد ويرتدون ثيابا موحدة ويؤدون مناسك واحدة كأنهم جسد واحد.

• الأعياد: تتأكد وحدة المسلمين في أعيادهم وهي عيدان فقط الفطر بعد الصيام والأضحى بعد الحج وفيهما الاجتماع والألفة.

»» قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: "إنّ سبب الاجتماع والألفة: جمع الدين والعملُ به كله، وهو عبادة الله وحده لا شريك له، كما أمر به باطنا، وظاهرا، وسبب الفرقة: ترك حظ مما أمر العبدُ به، والبغي بينهم، ونتيجة الجماعة: رحمة الله ورضوانه وصلواته، وسعادة الدنيا والآخرة، وبياض الوجوه، ونتيجة الفرقة: عذاب الله ، ولعنته، وسواد الوجوه، وبراءة الرسول ﷺ منهم" [مجموع الفتاوى]

إنفوغرافيك النبأ ذو الحجة 1445 هـ
...المزيد

أصول الأهواء والبدع عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ قال: تفرقت اليهود على إحدى وسبعين ...

أصول الأهواء والبدع

عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ قال: تفرقت اليهود على إحدى وسبعين أو اثنتين وسبعين فرقة، والنصارى مثل ذلك، وتفرقت أمتي على ثلاث وسبعين فرقة [رواه الترمذي، وصححه]

• قال الإمام عبد الله بن المبارك رحمه الله: "أصل اثنين وسبعين هوى أربعة أهواء، فمِن هذه الأربعة أهواء تشعب اثنان وسبعون هوى، وهذه الأربعة هي:

• الشيعة: فمن قدّم أبا بكر وعمر وعثمان وعليا على أصحاب رسول الله ﷺ، ولم يتكلم في الباقين إلا بخير ودعا لهم، فقد خرج من التشيع أوله وآخره.

• المرجئة: ومن قال: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، فقد خرج من الإرجاء أوله وآخره.

• القدرية: ومن قال: المقادير كلها من الله عز وجل، خيرها وشرها، يُضل من يشاء، ويهدي من يشاء، فقد خرج من قول القدرية أوله وآخره.

• الخوارج: ومن قال: الصلاة خلف كل بر وفاجر، والجهاد مع كل خليفة، ولم ير الخروج على السلطان بالسيف، ودعا لهم بالصلاح، فقد خرج من قول الخوارج أوله وآخره.

»» شرح السنة، للإمام البربهاري رحمه الله

إنفوغرافيك النبأ رجب 1442 هـ
...المزيد

وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ العاقبة من كل شئ آخره، فآخر ما يؤول إليه أمر أهل الإيمان في الدنيا ...

وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ

العاقبة من كل شئ آخره، فآخر ما يؤول إليه أمر أهل الإيمان في الدنيا هو النصر والظفر والتمكين، إذ أن العاقبة لهم كما قال تعالى {فَاصْبِرْ ۖ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ} وقال تعالى {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}.

• قال ابن القيم رحمه الله: الحرب دول وسجال، والنصر مع الصبر، ومن صبر صابر ورابط واتقى الله فله العاقبة في الدنيا والآخرة، وقد حكم الله تعالى حكما لا يبدّل أبداً، وأن العاقبة للتقوى، والعاقبة للمتقين.

• إذا اعتقد العبد أن صاحب الحق لا ينصره الله تعالى في الدنيا والآخرة، بل قد تكون العاقبة في الدنيا للكفار والمنافقين على المؤمنين، وللفجار الظالمين على الأبرار المتقين، فهذا من جهله بوعد الله تعالى ووعيده.

• الله سبحانه إنما ضمن نصر دينه وحزبه وأوليائه القائمين بدينه علماً وعملاً، لم يضمن نصر الباطل، ولو اعتقد صاحبه أنه محق، وكذلك العزة والعلو إنما هما لأهل الأيمان قال تعالى: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}.

• ابتلاء المؤمن كالدواء يستخرج منه الأدواء التي لو بقيت فيه أهلكته، أو نقصت ثوابه، وأنزلت درجته، فيستخرج الابتلاء والامتحان منه تلك الأدواء ويستعد به لتمام الأجر، وعلو المنزلة.

• إن حكمة الله وسنته في رسله وأتباعهم جرت بأن يدالوا مرة، ويدال عليهم أخرى، لكن تكون العاقبة لهم، فإنهم لو انتصروا دائماً دخل معهم المؤمنون وغيرهم، ولم يتميز الصادق من غيره.

إنفوغرافيك النبأ شوال 1440 هـ
...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً