هل أتزوج فتاة زنت عدة مرات؟
تعرَّفتُ إلى فتاةٍ، وقد اعترفتْ لي في أول العلاقة بأنها كانتْ مخطوبةً لشابٍّ، وكانا يُمارسان الجنسَ معًا بطريقةٍ سطحيَّةٍ، وبدون أن تفْقِدَ عُذريتها، ثم حَمَلَتْ منه، وأجهضت الجنين، وقد انتهت علاقتهما الرسميةُ وتم فسخ الخطبة، لكن جمعتْهما بعد ذلك علاقاتٌ جنسية.. إلى أن عرَفتْني!
وقد جمعتنا في أول العلاقة تجارب جنسية -سامحنا الله- ولم أجدْ أي شيء يدل على أنها عذراء! ومع ذلك غضضتُ الطرف، وحين نشأ بيننا حبٌّ مُتبادَلٌ، طلبتُ منها الكفَّ على ممارسة الجنس؛ خوفًا من الله، ولأني لا أقبل الزواج من امرأةٍ غير عذراء، وتفهَّمت الأمر بعد مدة.
والآن تريد أن أطلبَ يدها رسميًّا، لكنني مُتردِّدٌ جدًّا؛ لأني لا أستطيع نسيان ماضيها، سيما وأني أعرف خطيبها السابق مِن خلال الصوَر التي لم تتخلص منها إلا بعد أن طلبتُ منها.
وقد صارحتُها بأني لم أقدرْ على نسيان علاقتها السابقة، وحمْلِها، وإجهاضها، وكانت متفهمةً، فحاولتْ أن تنسيني هذا بحبِّها، وبالاهتمام بي، وبتغيير نمط حياتها.
فما حكم الدين في هذا؟ وهل إن تَمَّ الزواج سيُكَلَّل بالنجاح، بالرغم مما حدَث في الماضي؟
لم أستطعْ أن أطلبَ النصيحة مِن أي شخصٍ لكون المسألة حساسة، وشكرًا لكم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فأحب أن أُنَبِّهك - في البداية - وقبل الجواب عن استشارتك أنه يجب عليك التوبة النصوح مما اقترفتَه مِن زنًا - عياذًا بالله - مع تلك المرأة.
ومن شروط التوبة: الإقلاع عن الذنب التي هي مصدره؛ لذلك يجب عليك قطْع علاقتك بها فورًا، ودون تردُّد، ولمعرفة كيفية التوبة النصوح؛ راجع على موقعنا الاستشارات: "كيف أشعر بالتوبة؟"، "شؤم الزنا"، "كيفية التوبة"، "زنيتُ بها وحَمَلَت، فماذا أفعل؟!".
أما مسألة ارتباطك بها، فيرجع لأمرين هامين، لا يُغني أحدهما عن الآخر:
الأول: توبة المرأة النصوح إلى الله، والتأكد مِن إقلاعها بالكلية عن الزِّنا، فقد علمنا من كلامك أنها مارست الجنس مع خطيبها، وبصفة متكررة، وأنها حملتْ منه، وأجهضت الحمل! وحتى لما فسخت خطوبتها، ونجا الخاطبُ بنفسه، لم تنته علاقتهما الآثمة، بل استمرَّا على الزِّنا؛ مما يدل على تأصُّل الفساد في قلبها وتمرُّسها عليه؛ حتى غلب على الشعور الفطري بالغضب من خطيبها السابق؛ بترْكه لها حتى عرفتك، فوجدتْ فيك البديل، فمارستْ معك -كما تقول أنت- تجارب جنسيةً متعددةً، فهذا ما أنت متيقنٌ منه الآن، وفي شكٍّ هل ستكرر العلاقات مع خليل آخر، فأمرٌ مظنونٌ؛ لا سيما وأنت لم تذكرْ في كلامك شيئًا عن أنها استقامتْ، أو حتى ندمتْ، بل على العكس قام ما يدل على نقيضه، وهو احتفاظها بصوَر عشيقها الأول، حتى طلبتَ تخليها عنها!
أما الأمر الثاني الهام: فهو أن تقبل نفسك الارتباط بامرأةٍ كهذه! فإن كنت تعلم مِن نفسك أنها تطيب بعشرة مَن كانتْ هكذا، ولن تقع فريسةً للشك، ولن تتذكر بين الحين والآخر ما فعلته معك ومع غيرك، فتزوجها بشرط أن تحسن توبتها، ويظهر لك ذلك بجلاءٍ.
أما إن كانت نفسك لا تطيب بهذا، أو لن تستطيع التخلُّص من الشك، فدَعْك منها، وابتعدْ عنها، وتُبْ إلى الله، وابحثْ عن امرأة متدينة وخلوقٍ، تحفظ عليك دينك، وعِرْضك، وبيتك، وأولادك، وتعينك على الخير والطاعة، وعلى المؤمن الصادق أن يكون الدين مَطْمح نظره في كل شيءٍ؛ لا سيما في المرأة التي ستشاركه الحياة، ويفضي إليها، وأن يُؤْثِر ذات الدين على غيرها؛ كما في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- في الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «
».والظفر في اللغة: هو نهاية المطلوب، وغاية البغية؛ قال الحافظ ابن حجر: "والمعنى: أن اللائق بذي الدين والمروءة أن يكون الدين مَطمح نظره في كل شيءٍ؛ لاسيما فيما تطول صُحبته، فأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- بتحصيل صاحبة الدين، الذي هو غاية البغية".
ومن أعظم مقاصد النكاح: التعاون على الدين، وتكثير أمة خاتم النبيين؛ ولذلك قال -صلى الله عليه وسلم-: «
» (رواه الحاكم وصحَّحه).واحذر المُغامَرة معها لأنَّ المشوار طويلٌ.
- التصنيف:
- المصدر: