‏اللهم إن الأمر أمرك ، والخلق خلقك ، والقضاء قضاؤك ، ولا حول لنا ولا قوة إلا بك ، آمنّا بك وتوكلنا ...

‏اللهم إن الأمر أمرك ، والخلق خلقك ، والقضاء قضاؤك ، ولا حول لنا ولا قوة
إلا بك ، آمنّا بك وتوكلنا عليك ، اللهم
لا تُطل إقفال مساجدنا ، وأقرّ أعيننا والمسلمين برفع البلاء 🕊

التشيع بلباس صوفي في الصومال ...

التشيع بلباس صوفي في الصومال (1)
____________________________________________________________________________________________
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
من المعلوم أن الشعب الصومالي أمة مسلمة سنية شافعية 100% وهذا من أكبر نعم الله على هذا الشعب الذي يعاني من فساد السلطة وصراع قبلي وطائفي ومع ذالك يواجه الان إلى أخطر من ذلك حيث ينتشر المذهب الشيعي في أوساط المجتمع متغطيا بستار الإغاثة وحب أهل البيت مع أنّ علاقة إيران مع الصومال مقطوعة منذ سقوط الحكم العسكري في البلاد إلى 2011 .
وبعد التحافل العربي على اليمن أصبحت دولة إيران الشيعية تبذل جهدها من نشر الفكر الشيعي في البلاد وخاصة العاصمة -مقديشو- والمدن المجاورة لها متغطيةَ بستار الإغاثة وحب أهل البيت ومستفيدة من إفتراق أبناء الشعب .
وبعد إستقراء نشاطات دولة إيران يتضح لك أنها أخذت وسائل التبشير لتنصير الأمة الإسلامية وخاصة اللاجئين في المخيمات والمرضى والمحتاجين حيث تستغلّ هذه الفرصة لتعطي الخبز والدواء وتخرج من السنة إلى الشيعة بدل ذالك .
إستشكل على الإيران الدخول المباشر إلى الصومال فألجأت إلى الدخول الدبلوماسي ففي عام 2011 زار الوزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي إلى مقديشوا وكان هناك كارثة مجاعة وقحط شديد في البلاد فصرح أن دولة إيران الشيعية ستقدم للشعب الصومالي الشقيق _حسب قوله_ المعاونة والمساعدة والإغاثة الإنسانية بملايين الدولارات عبر هلال الاحمر الإيراني ومنظمة الخميني للإغاثة وذالك ببناء المستشفيات والمخيمات الإغاثية .
ثم زار البلاد أيضا في عام 2012 إثر إنتخاب البرلمان للرئيس السابق حسن شيخ محمود صرح علي أكبر صالحي أن بلاده ستعيد فتح سفارتها في البلاد بعد مدة أكثر من عقدين من الزمان وتم إفتتاح السفارة آن ذالك وزادت إيران أعمالها الإغاثية في البلاد .
وأخوف ما يخاف الشعب الان هو المنح الدراسية التي تقدمه السفارة لأبناء الشعب الصومالي حيث فتحت هذا المجال بكل صراعيه .
سنتابع القصة في المقالات الأتية .
شرماركي محمد عيسى
2019_هرجيسيا
...المزيد

خطبة بعنوان الرجال والرجولة في زمن قل فيه أخلاق الرجولة @ الحمد لله مُستحقِ الحمد بلا انقطاع، ...

خطبة بعنوان الرجال والرجولة في زمن قل فيه
أخلاق الرجولة @

الحمد لله مُستحقِ الحمد بلا انقطاع، ومستوجبِ الشكر بأقصى ما يستطاع، الوهابُ المنان، الرحيم الرحمن، المدعو بكل لسان، المرجو للعفو والإحسان، الذي لا خير إلا منه، ولا فضل إلا من لدنه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الجميل العوائد، الجزيل الفوائد، أكرم مسؤول، وأعظم مأمول، عالم الغيوب مفرّج الكروب، مجيب دعوة المضطر المكروب. وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، وحبيبه وخليله، الوافي عهده، الصادق وعده، ذو الأخلاق الطاهرة، المؤيّد بالمعجزات الظاهرة، والبراهين الباهرة. صلى الله عليه، وعلى آله وأصحابه وتابعيه وأحزابه، صلاة تشرق إشراق البدور. عباد الله: اتقوا الله حق التقوى وراقبوه في السر والعلن وتمسكوا بما شرع الله لكم من الدين القويم، وأعلموا أن طاعة الله فيها السلامة والنجاة وفيها الرفعة والعزة، وإياكم والمعاصي فإنها توجب اليم العقاب ووبيل العذاب. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران:102]. {يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء:1]. سنقف وإياكم مع الرجال والرجولة. نتكلم عن الرجال والرجولة في زمنٍ فقدت الأمة أخلاق الرجولة، وصرنا نرى أشباه الرجال ولا رجال، غثاءً كغثاء السيل. أو كما قال الشاعر: يثقلون الأرض من كثرتهم *** ثم لا يُغنون في أمر جلل نتكلم عن الرجال والرجولة في زمنٍ صدق فينا قول القائل: "يا له من دين لو كان معه رجال". نتكلم عن الرجال والرجولة، والأمة اليوم بحاجة إلى رجال يحملون الدين وهمّ الدين ويسعون جادّين لخدمة دينهم وأوطانهم شعارهم قوله تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب:23]. اللهم اجعلنا منهم يا رب العالمين. عباد الله: أختلف الناس في تفسير معنى الرجولة فمنهم من يفسرها بالقوة والشجاعة، ومنهم من يفسرها بالزعامة والقيادة والحزم، ومنهم يفسر الرجولة بالكرم وتضييف الضيوف، ومنهم يقيسها بمدى تحصيل المال والاشتغال بجمعه، ومنهم من يظنها حمية وعصبيةً جهلاء، ومنهم من يفسرها ببذل الجاه والشفاعة وتخليص مهام الناس بأي الطرق كانت... لكن الرجولة بمفهومها الصحيح ومعناها الحقيقي هو ما ذكره الله تبارك وتعالى في ثنايا كتابه الذي:{لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت:42]. عباد الله: لا بد أن نعلم أن هناك فرقٌ بين الرجل والذكر، فكل رجل ذكر، وليس كل ذكر رجل، ما أكثر الذكور لكن الرجال منهم قليل، ولقد جاءت كلمة (ذكر) في القرآن الكريم غالباً في المواطن الدنيوية التي يجتمع فيها الجميع، مثل الخلق وتوزيع الإرث وما أشبه ذلك، أما كلمة رجل فتأتي في المواطن الخاصة التي يحبها الله تعالى، ولذلك كان رسل الله إلى الناس كلهم رجال قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا} [يوسف: 109]. عباد الله: الرجولة هي تحمُّلُ المسئولية في الذب عن التوحيد، والنصح في الله، والدفاع عن أولياء الله قال الله تعالى: {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ} [القصص: 20]. ما جعله يأتي من أقاصي المدينة، وما جاء يمشي بل جاء يسعى لماذا؟ دفاعاً عن أولياء الله والدعاة إلى الله، إنها الرجولة الحقة بكل معانيها. الرجولة: قوةٌ في القول، وصدعٌ بالحق، كلمة حق عند سلطان جائر، قال الله تعالى: {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ} [غافر:28]. الرجولة: صمودٌ أمام الملهيات، واستعلاء على المغريات، حذراً من يوم عصيب يشيب فيه الولدان وتتبدل الأرض غير الأرض والسماوات، قال الله تعالى: {رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ} [النور:37]. الرجولة: رأيٌ سديد، وكلمة طيبة، ومروءةٌ وشهامةٌ، وتعاون وتضامن. الرجولة: ليست هي تطويل الشوارب ورفع الصوت والصياح وليست عرض للقوة والعضلات. عباد الله: إن الرجال: لن يتربوا إلا في ظلال العقائد الراسخة، والفضائل الثابتة، والأخلاق الحسنة. الرجال: لن يتربوا إلا في ظلال بيوت الله، في ظلال القران والسنة النبوية. الرجال هم الذين يَصدُقون في عهودهم، ويوفون بوعودهم، ويثبتون على الطريق، قال الله تعالى:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 23] الرجال: لا يُقاسون بضخامة أجسادهم وبهاء صورهم، وقوة أجسامهم فعن علي بن أبي طالب قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم ابن مسعود فصعد على شجرةٍ أمره أن يأتيه منها بشيء فنظر أصحابه إلى ساق عبد الله بن مسعود حين صعد الشجرة فضحكوا من دقة ساقيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتعجبون من دقّة ساقيه؟! إنّهما أثقل في الميزان من جبل أحد» (رواه أحمد وصححه ابن حبان). الرجال: هم الذين يعلمون علم اليقين أن حال الأمة لا يمكن تغييره إلا بصلاح الأفراد وإيجاد الرجال، قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد:11]. عباد الله: عند الأزمات تشتد الحاجة لوجودالرجال الحقيقيين، عند الفتن نحتاج إلى رجال يثبتون على الحق ويدافعون عن الحق ولا يخافون في الله لومة لائم. يقول الله تعالى: {قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة:23]. حاصر خالد بن الوليد (الحيرة) فطلب من أبي بكر مدداً، فما أمده إلا برجل واحد هو القعقاع بن عمرو التميمي وقال: لا يهزم جيش فيه مثله، وكان يقول: لصوت القعقاع في الجيش خيرٌ من ألف مقاتل! ولما طلب عمرو بن العاص المدد من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في فتح مصر كتب إليه: "أما بعد: فإني أمددتك بأربعة آلاف رجل، على كل ألف: رجل منهم مقام الألف: الزبير بن العوام، والمقداد بن عمرو، وعبادة بن الصامت، ومسلمة بن مخلد". عباد الله: إن خير ما تقوم به دولة لشعبها، وأعظم ما يقوم عليه منهج تعليمي، وأفضل ما تتعاون عليه أدوات التوجيه كلها من صحافة وإذاعة، ومسجد ومدرسة، هو صناعة هذه الرجولة، وتربية هذا الطراز من الرجال. أيها المسلمون نحتاج إلى الرجال الذين يثبتون وسط الأزمات التي تعصف بالمسلمين، الأزماتوالفتن التي تجعل الحليم حيراناً، نحتاج إلى رجال يبصرون الناس بالدين، إلى رجاليكونون قدوة للناس، إلى رجال يُثبِّتُون الناس على شرع الله. في دار من دور المدينة المباركة جلس عمر بن الخطاب ا إلى جماعة من أصحابه فقال لهم: تمنوا؛ فقال أحدهم: أتمنى لو أن هذه الدار مملوءةٌ ذهباً أنفقه في سبيل الله، ثم قال عمر: تمنوا، فقال رجل آخر: أتمنى لو أنها مملوءة لؤلؤاً وزبرجداً وجوهراً أنفقه في سبيل الله وأتصدق به، ثم قال: تمنوا، فقالوا: ما ندري ما نقول يا أمير المؤمنين؟ فقال عمر: ولكني أتمنى رجالاً مثلَ أبي عبيدة بنِ الجراح، ومعاذِ بنِ جبلٍ، وسالمٍ مولى أبي حذيفة، فأستعين بهم على إعلاء كلمة الله. رحم الله عمر الملهم، لقد كان خبيراً بما تقوم به الحضارات الحقة، وتنهض به الرسالات الكبيرة، وتحيا به الأمم الهامدة. إنهم الرجال أقوياء الإيمان أقوياء العزائم فهم أعز من كل معدن نفيس، وأغلى من كل جوهر ثمين. إن القوة ليست بحد السلاح بقدر ما هي في قلب الجندي، والتربية ليست في صفحات الكتاب بقدر ما هي في روح المعلم. عباد الله: بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم ولسائر المؤمنين فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية: الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين نحمده تعالى ونشكره ونثني عليه الخير كله، وأصلي وأسلم على عبده ورسوله وخيرته من خلقه صلوات الله عليه وسلامه وعلى آله وأصحابه أجمعين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أيها المسلمون: ميزان الرجال في شريعة الإسلام ليس المال وليس الجاه وليس المنصب إنما الأعمال الفاضلة والأخلاق الحسنة والإيمان القوي، مرّ رجلٌ على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:«ما تقولون في هذا؟» قالوا: هذا حريٌ إن خَطَب أن يُنْكح، وإن شَفَع أن يُشَفّع، وإن قال أن يُسْتمع له. قال: ثم سكت، فمر رجل من فقراء المسلمين فقال:«ما تقولون في هذا؟» قالوا: هذا حريٌ إن خَطَب أن لا يُنْكح، وإن شَفَع أن لا يُشَفّع، وإن قال أن لا يُسْتمع له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا خيرٌ من ملء الأرض من مثل هذا» (صحيح البخاري 6447). عنوان الرجولة تتجلى في محمد صلى الله عليه وسلم الذي علم الرجال وربى الرجال وهو الذي قال:«والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن اترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو اهلك فيه ما تركته» (سيرة ابن هشام 1/150). عباد الله: دعونا وإياكم نبحر ونغوص في كتاب الله عز وجل لنرى الرجولة في القرآن الكريم. لقد ذكر الله الرجولة في القرآن الكريم في أكثر من خمسين موضعًا. - أول صفة من صفات الرجال وعلامة من علامات الرجولة في القرآن الطهارة بشقيها الظاهرة والباطنة قال تعالى:{لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة:108]. قول الله تعالى:{لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ} [التوبة: 108] أُسس على التقوى، أُسس على التوحيد، أسس على العقيدة الصحيحة لوجه الله {مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ} [التوبة: 108] أحق أن تقوم فيه يا محمد من مسجد الضرار الذي بناه المنافقون. ما هي صفاته الأخرى؟ ما هي أهم صفة من صفاته؟ {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108]. أين مكان أولئك الرجال؟! أين مكانهم؟! هل هم في الأندية أو في الحفلات؟! هل هم في الأسواق يمرحون ويسرحون؟! هل هم في المجتمعات الفارغة التي تُفْرِغ الرجولة من معانيها؟! كلا أيها المسلمون {فِيهِ رِجَالٌ} [التوبة: 108] في هذا المسجد رجال. {رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} [التوبة: 108] يأتون إلى المسجد على طهارة، والله يحب هؤلاء الرجال الذين من صفتهم الطهارة ظاهراً بالنظافة والنقاء والمحافظة على الوضوء والطهارة الباطنة من أدران المعاصي والحقد والحسد والبغضاء {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108]. فلنكن عباد الله: طاهرين في أقوالنا وأفعالنا. - الصفة الثانية من صفات الرجولة في القرآن: الصدق مع الله والثبات على المنهج الرباني: فمن صفات الرجال: أنهم يثبتون على المنهج الرباني الذي أنزله الله عزوجل قال الله عزوجل مادحاً صنفاً من أصناف الرجال:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23]، عاهدوا الله ثم صدقوا في الوعد، صدقوا ما عاهدوا الله على هذا المنهج، استمروا عليه، تشبثوا به، وساروا غير مضطربين ولا متحيرين، لا تعيقهم العوائق، ولا تقف أمامهم الصعوبات ولا الشهوات، ولا الشبهات التي يثيرها أعداء الإسلام. {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ} [الأحزاب: 23] ومات على هذا المنهج شهيداً عاملاً لمنهج الله عز وجل. {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ} [الأحزاب: 23]ينتظر أن يتوفاه الله على حسن الختام؛ ليموت على هذا المنهاج غير مغيّر ولا مبدل. قال الله عز وجل:{وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 23] ما بدلوا ولا غيروا ولا انحرفوا، بل هم مستقيمون على هذا المنهاج، ينتظرون أمر الله تعالىأن يتوفاهم وهم سائرون على هذا الدرب مستقيمون عليه، لا يلوُون على شيء إلا مرضاة ربهم عز وجل. فالله الله في الصدق معه، فإنه بقدر صدقك يمنحك الله الثبات في الأقوال والأفعال والتصرفات، ويحرسك بعين رعايته. جاء رجل من الأعراب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فآمن به واتبعه ثم قال:"أُهاجر معك، فأوصى به النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه أن يعلموه"، فالذي أسلم حديثاً يلتقي بالقديم، الجديد مع القديم يأخذ معه ويتربى عنه، هناك تعليم واهتمام بالأفراد، فقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يهتم بأصحابه: "فلما كانت غزوةٌ، غنم النبي صلى الله عليه وسلم سبياً، فقسم وقسم له -لهذا الأعرابي- أعطى أصحابه ما قسم له - يعني: أمرهم أن يوصلوا نصيبه إليه- فجاءوا به إليه، فقال: ما هذا؟ قالوا: قسمٌ قسمه لك النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذه وجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: ما هذا؟ قال صلى الله عليه وسلم: «قسمته لك»، قال: ما على هذا اتبعتك، ولكني اتبعتك على أن أرمى بسهم هاهنا -وأشار إلى حلقه- فأموت وأدخل الجنة -لا غنائم، ولا أموال- فقال: «إن تصدق الله؛ يصدقك»، فلبثوا قليلاً، ثم نهضوا في قتال العدو، فأتي به إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحمل وقد أصابه سهمٌ حيث أشار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أهو هو؟» قالوا: نعم، قال صلى الله عليه وسلم: صدق الله فصدقه، ثم كفنه النبي صلى الله عليه وسلم في جبته ثم قدمه فصلى عليه، فكان فيما ظهر من صلاته: «اللهم إن هذا عبدك خرج مهاجراً في سبيلك، فقتل شهيداً أنا شهيدٌ على ذلك» (رواه النسائي وهو حديث صحيح). قال صلى الله عليه وسلم:«من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء ولو مات على فراشه» (رواه مسلم). حج عمر رضي الله عنه وأرضاه في آخر حياته وقف في الأبطح ورفع يديه، وقال: "اللهم انتشرت رعيتي، ورق عظمي، ودنا أجلي، فاقبضني إليك غير مفرطٍ ولا مفتون، اللهم إني أسألك شهادةً في سبيلك وموتة في بلد رسولك صلى الله عليه وسلم " ، فقال له الصحابة: يا أمير المؤمنين! إن من يطلب الشهادة يخرج إلى الثغور، فقال: " هكذا سألت واسأل الله أن يلبي لي ما سألت". فلمّا وصل إلى المدينة طُعن في صلاة الفجر، وفي أحسن وقت، وفي أجلَّ مقام، وفي أحسن مكان، طُعن بعدما صلَّى الركعة الأولى ودخل في الثانية بيدٍ غادرة فاجرة، فوقع يقول: "حسبي الله، لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم"، وعلم أنها الشهادة التي سألها اوأرضاه، فلما وضع في بيته، وضعوا رأسه على وسادة فقال لابنه: " انزع الوسادة من تحت رأسي وضع رأسي على التراب علَّ الله أن يرحمني". اللهم اجعل خير أعمارنا أواخرها وخير أعمالنا خواتمها، هذاوصلوا عباد الله على رسول الهدى فقد أمركم الله بذلك في كتابه فقال:{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:56]. اللهم صلِّ وسلّم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين. أمير بن محمد المدري 49 973,166 ...المزيد

بائع الثلج المسكين !!! ذكر ابن الجوزي في كتابه (المُدهِش) أن رجلًا كان يبيع الثلج، فكان ينادي ...

بائع الثلج المسكين !!!
ذكر ابن الجوزي في كتابه (المُدهِش)
أن رجلًا كان يبيع الثلج، فكان ينادي عليه فيقول: «ارحموا من يذوب رأس ماله»!
لقد كان هذا الرجل يستدِرّ عطف الناس وأموالَهم بأن بضاعته تذوب مع الوقت فتفنى؛ فلو لم يبع الثلج لذاب، ولضاع رأس المال، فهو ينادي في السوق: «ارحموا من يذوب رأس ماله» أي: اشتروا مني الثلج وإلا ذاب وضاع رأس مالي كله.
ارحموا مَن يذوبُ رأسُ مالِه
اغتنم الأيام المعدودات..
قال واحد من السلف الصالح:
لقد قرأت سورة "العصر" عشرين عاما ولا أفهم معناها..
كنت أفكر كيف يكون الأصل في الإنسان الخسران.. والله يؤكده بكل المؤكدات.. ثم يستثني الله الناجين من الخسران بصفات أربعة وهي: الإيمان/ والعمل الصالح/ والتواصي بالحق/ والتواصي بالصبر؟
إلى أن سمعت يوماً بائعًا للثلج ينادي على بضاعته مستعطفا الناس فيقول:
"ارحموا من يذوبُ رأسُ مالِه"..
لأن الثلج ماء متجمد..
وقطرة الماء التي تسقط لن تعود مرة أخرى..
هنا فهمت أن هذا هو معنى القسم في سورة "العصر"..
فرأس مالِك في الدنيا هو عمرك..
واللحظة التي تمر من عمرك لن تعود ثانية..
فكل واحد منا يذوب رأسُ ماله..
فانتبهوا لرأسِ مالِكم وهو الوقت الذي تحيا فيه.. قبل أن ينتهي الأجل..
وها أنت قد من الله عليك بأن تكون من أهل رمضان.. ولا تدري هل سيمر علينا رمضان آخر
ونحن من أهل الدنيا أم سنكون اين؟
أطال الله عمركم وأحسن عملكم
انتبهوا لمن يسرق منكم رأس مالكم.. وكل واحدٍ فينا يعرف من الذي يسرقُ منه رأسَ ماله..
لا تضيّع لحظةً من رأس مالك.. وأنت لست في ذكرٍ لله أو طاعةٍ لله ولرسوله ﷺ.
طابت أوقاتكم في طاعة الله
محمدعادل عبدالمنعم
...المزيد

حين وصف الله القمر قال "قمرا منيرا" وعندما وصف الشمس قال "سراجا وهاجا"ولكن عندما وصف الحبيب محمد ...

حين وصف الله القمر قال "قمرا منيرا" وعندما وصف الشمس قال "سراجا وهاجا"ولكن عندما وصف الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم قال:"سراجا منيرا" فاللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.

___قصة يوسف عليه السلام_____________________________ الحمدلله وكفى والصلاة والسلام على النبي ...

___قصة يوسف عليه السلام_____________________________
الحمدلله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى اما بعد :
القرآن الكريم ليس كتاب قصص وإنما هو كتاب دعوة وتشريع فإذا جاء بالقصة فإنما يأتي بها في إطار الدعوة إلى الإيمان بالله وللإشارة إلى وحدة الدعوة على رغم تعدد الأنبياء واختلاف الأزمنة والأمكنة والأقوام وعلى رغم تطور التكاليف من دعوة إلى أخرى حتى اكتملت بالدعوة الإسلامية التي بلغها نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عيه وسلم ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً ﴾ [المائدة: 3] وهكذا ينبغي أن يكون النظر إلى القصة القرآنية مختلفاً عن النظر إلى القصة الأدبية فهي ليست للمتعة ولا للتذوق الأدبي المجرد ولا لفرض منهج نقدي عليها أياً كان هذا المنهج لأن القصة القرآنية فريدة في طابعها وغايتها وتكوينها .

جاءت قصة يوسف في موضع واحد من القران وهي سورة يوسف المعروفة وجاء في بداية هذه السورة الكريمة قوله تعالى (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ ) جاء في التحرير والتنوير لابن عاشور - رحمه الله - قال:( ... وجعل هذا القصص أحسن القصص لأن بعض القصص لا يخلو عن حُسن ترتاح له النفوس. وقصص القرآن أحسن من قصص غيره من جهة حُسن نظمه وإعجاز أسلوبه وبما يتضمنه من العِبر والحِكم، فكل قصص في القرآن هو أحسن القصص في بابه، وكل قصة في القرآن هي أحسن من كل ما يقصه القاص في غير القرآن. وليس المراد أحسن قصص القرآن حتى تكون قصة يوسف - عليه السلام - أحسن من بقية قصص القرآن كما دل عليه قوله: بما أوحينا إليك هذا القرآن. والباء في " بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ " للسببية متعلقة بـ نَقُصُّ، فإن القصص الوارد في القرآن كان أحسن لأنه وارد من العليم الحكيم، فهو يوحِي ما يعلم أنه أحسن نفعاً للسامعين في أبدع الألفاظ والتراكيب، فيحصل منه غذاء العقل والروح وابتهاج النفس والذوق مما لا تأتي بمثله عقول البشر. أ هـ. ويل: لأن فيها ذِكر الأنبياء والصالحين، والعفة والغواية، وسير الملوك والممالك، والرجال والنساء، وحيل النساء ومكرهن، وفيها ذكر التوحيد والفقه، وتعبير الرؤيا وتفسيرها، فهي سورة غنية بالمشاهد والانفعالات).

• وقيل: إنها سُمِّيَت أحسن القصص لأن مآل من كانوا فيها جميعاً كان إلى السعادة.

• ولقد ذُكر اسم يوسف عليه السلام في القرآن الكريم 27 مرة، منها 25 مرة في "سورة يوسف" ومرة في "سورة الأنعام" وأخرى في "سورة غافر.

وهذه الاية تشير الينا اهمية هذه القصة وخاصتها حيث جاءت في بداية قصة كامله عن حياة نبي من انبياء الله عزوجل .

وكذالك نفهم من وقت نزولها انها تثبيت للنبي صلى الله عليه وسلم فالسورة نزلت في نهاية عام الحزن في السنة التي ماتت فيه خديجة رضي الله عنها زوج الرسول صلى الله عليه وسلم وابو طالب عمه ومن المعروف انهما كانا سندا للرسول صلى الله عليه وسلم فخديجة كانت سنده الداخلي وابو طالب سنده الخارجي وقد وافتهما المنية في عام واحد فاتت سورة يوسف وفيها قصة عجيبة ولهذا كان من حكم الله في ايراد القصص تثبيته لعباده المؤمنين ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا ) .

من ميزة قصة يوسف انها تتكلم عن حياة نبي من انبياء الله عزوجل وهذا النبي الكريم له مراحل مختلفة ففي بدايته تعرض للحسد والغيرة من اخوانه فقررو قتله ثم اتفقوا عل ابعاده من ابيه ثم شروه بثمن بخس واصبح عبدا رقيقا بعد ان كان عزيزا حرا ثم تعرض للاغراء والطمع في نفسه فتعفف وحماه الله من الفاحشة ثم دخل السجن ظلما ثم خرج منه واصبح وزيرا فحياته كانت مليئة بالتقلبات وهذه القصة تشمل ايضا صبر يعقوب عليه السلام حين فقد ولديه وكذالك توضحنا سبل الشيطان لتحسين الفاحشة كما سنراه .

قال ابن عطاء: لا يسمع سورة يوسف محزون إلا استراح إليها .

عن ابن عباس رضي الله عنه: " أن طائفة من اليهود حين سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلو هذه السورة أسلموا لموافقتها ما عندهم .

وفي القصص احكام وفوائد دينية وكذالك عبر وموعظة واسوة قال تعالى بعد ذكر صنف من الانبياء وتحدث عنهم في القران (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ ) وكذالك امرنا الله بالتأسي بطريق الانبياء والصالحين قال تعالى (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ ) فأحاول سرد القصة مع بعض التعليقات اليسيرة .

كان ليعقوب (ولقبه إسرائيل) اثنا عشر ولداً ذكراً (من بينهم يوسف) وابنة واحدة هي دينا. وهؤلاء الأبناء الاثنا عشر يدعون بني إسرائيل.

رأى يوسف يومًا في منامه، أحد عشر كوكبًا والشمس والقمر يسجدون له فلما استيقظ، ذهب إلى أبيه يعقوب في هذه الرؤيا ، فعرف أن ابنه سيكون له شأن عظيم، فحذره من أن يخبر إخوته برؤياه، فيفسد الشيطان قلوبهم، ويجعلهم يحسدونه على ما آتاه الله من فضله، فلم يقص رؤيته على أحد. وكان يعقوب يحب يوسف حبًّا كبيرًا، ويعطف عليه ويداعبه، وهذا مما ليس في مقدور البشر فالقلب يميل لاحد ولا تستطيع مقاومته مما جعل إخوته يحسدونه، ويحقدون عليه، فاجتمعوا جميعا ليدبروا له مؤامرة تبعده عن أبيه.
فاقترح أحدهم أن يقتلوا يوسف أو يلقوه في أرض بعيدة، فيخلو لهم أبوهم، وبعد ذلك يتوبون إلى الله،ولكن واحدًا آخر منهم رفض قتل يوسف، واقترح عليهم أن يلقوه في بئر بعيدة، فيعثر عليه بعض السائرين في الطريق، ويأخذونه ويبيعونه. ولقيت هذه الفكرة استحسانًا وقبولاً، واستقر رأيهم على نفيه وإبعاده، وأخذوا يتشاورون في تدبير الحيلة التي يمكن من خلالها أخذ يوسف وتنفيذ ما اتفقوا عليه، ففكروا قليلا، ثم ذهبوا إلى أبيهم وقالوا ( قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ ) . فأجابهم يعقوب أنه لا يقدر على فراقه ساعة واحدة، وقال لهم ( قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ ).

• نتعلم من هذا أن المخطئ كثيراً ما يلجأ إلى تبرير سوء فعله ليهرب من تأنيب الضمير ولذلك عاب أخوة يوسف على أبيهم حبه ليوسف قائلين ﴿ مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ ﴾ ثم رادوا ﴿ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ﴾ .

• نتعلم من هذا ﺃﻥ هناك من بين ﺍﻟﻨﺎﺱ من ﻳﻜﺮﻫﻮﻧﻨﺎ ﻟﻤﺰﺍﻳﺎﻧﺎ ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻌﻴﻮﺑﻨﺎ غيرة منهم وحسداً .

• نتعلم من هذا ان داء الحسد ومريضه لا يعرف الاخوة ولا الصلة والقرابة بل يسعى الى اعاقة من يريد حسده فقد عميت بصيرته وبصره .

فقالوا: (لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذا لخاسرون)[يوسف:14]. وفي الصباح، خرج الأبناء جميعًا ومعهم يوسف إلى الصحراء، ليرعوا أغنامهم، وما إن ابتعدوا به عن أبيهم حتى تهيأت لهم الفرصة لتنفيذ اتفاقهم، فساروا حتى وصلوا إلى البئر، وخلعوا ملابسه ثم ألقوه فيها، وشعر يوسف بالخوف، والفزع، لكن الله كان معه، حيث أوحى إليه ألا تخاف ولا تجزع فإنك ناج مما دبروا لك. وبعد أن نفذ إخوة يوسف مؤامرتهم، جلسوا يفكرون فيما سيقولون لأبيهم عندما يسألهم، فاتفقوا على أن يقولوا لأبيهم إن الذئب قد أكله، واخلعوا يوسف قميصه، وذبحوا شاة، ولطخوا بدمها قميص يوسف. وفي الليل، عادوا إلى أبيهم، ولما دخلوا عليه بكوا بشدة، فنظر يعقوب إليهم ولم يجد فيهم يوسف معهم، لكنهم أخبروه أنهم ذهبوا ليتسابقوا، وتركوا يوسف ليحرس متاعهم، فجاء الذئب وأكله، ثم أخرجوا قميصه ملطخًا بالدماء، ليكون دليلا لهم على صدقهم. فرأى يعقوب القميص سليمًا، حيث نسوا أن يمزقوه، فقال لهم: عجبًا لهذا الذئب كان رحيمًا بيوسف أكله دون أن يقطع ملابسه. ثم قال لهم مبينًا كذبهم (وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ).
• نتعلم من هذه الفقرة أنه مهما تذاكى المجرم أو تفنن في إخفاء جريمته فلابد من أن يفوته ما يفضح أمره ويهتك ستره .
أما يوسف فكان لا يزال حبيسًا في البئر ينتظر الفرج والنجاة، وبينما هو كذلك، مرت عليه قافلة متجهة إلى مصر، فأرادوا أن يتزودوا من الماء، فأرسلوا أحدهم إلى البئر ليأتيهم بالماء، فلما ألقى دلوه تعلق به يوسف، فنظر في البئر فوجد غلامًا جميلاً يمسك به، فأخرجه فإذا بإخوة يوسف ينظرون فأتوا إليه وقالوا هذا عبد لنا آبق، فسكت يوسف خوفاً من إخوته فشروه بثمن بخس (لأنهم لم يكن المال هو مايريدون) فأخذوه معهم إلى مصر ليبيعوه. وكان عزيز مصر في هذا اليوم يتجول في السوق، ليشتري غلامًا له؛ لأنه لم يكن له أولاد، فوجد هؤلاء الناس يعرضون يوسف للبيع، فذهب إليهم، واشتراه منهم بعدة دراهم قليلة. ورجع عزيز مصر إلى زوجته، وهو سعيد بالطفل الذي اشتراه، وطلب من زوجته أن تكرم هذا الغلام، وتحسن معاملته، فربما نفعهما أو اتخذاه ولدًا لهما، وهكذا مكن الله ليوسف في الأرض فأصبح محاطًا بعطف العزيز ورعايته.
ومرت السنون، وكبر يوسف، وأصبح شابًا قويًّا، رائع الحسن، وكانت امرأة العزيز تراقب يوسف يومًا بعد يوم، وازداد إعجابها به لحظة بعد أخرى، فبدأت تظهر له هذا الحب بطريق الإشارة والتعريض، لكن يوسف كان يعرض عنها، ويتغافل عن أفعالها، فأخذت المرأة تفكر كيف تغري يوسف بها. وذات يوم، انتهزت فرصة غياب زوجها عن القصر، فتعطرت وتزينت، ولبست أحسن الثياب، وغلقت الأبواب ودعت يوسف حتى أدخلته حجرتها، وطلبت منه أن يفعل معها الفاحشة. لكن يوسف بعفته وطهارته امتنع عما أرادت، ورد عليها ردًّا بليغًا حيث قال ( وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ) . ثم أسرع يوسف ناحية الباب يريد الخروج من المكان، لكن امرأة العزيز لم تدع الفرصة تفوتها، فجرت خلفه، لتمنعه من الخروج، وأمسكت بقميصه فتمزق. وفجأة، حضر زوجها العزيز، وتأزم الموقف، وزاد الحرج، لكن امرأة العزيز تخلصت من حرج موقفها أمام زوجها، فاتهمت يوسف بالخيانة ومحاولة الاعتداء عليها، وقالت لزوجها (وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) . وأمام هذا الاتهام، كان على يوسف أن يدافع عن نفسه، فقال ( قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ) . وشهد شاهد من اهلها وقيل انه صبيا صغيرا وقيل انه رجل حكيم كان يرافق العزيز ( قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ , وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ ). فالتفت الزوج إلى امرأته، وقال لها، , فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ )، ثم طلب العزيز من يوسف أن يهمل هذا الموضوع، ولا يتحدث به أمام أحد، ثم طلب من زوجته أن تستغفر من ذنبها وخطيئتها.


• العفة في أعلى درجاتها _______________
قال ابن قيِّم الجوزية - رحمه الله -: "وأخبر عن الحال التي صار إليها يوسف عليه السلام بصبره وعفَّتِه وتَقواه، مع أن الذي ابتُلي به أمر لا يَصبر عليه إلا مَن صبَّره الله عليه، فإن موافَقة الفعل بحسب قوة الداعي، وزوال المانع، وكان الداعي ها هنا في غاية القوة؛ وذلك لوجوه:

• أحدها: ما ركَّب الله سبحانه في طبع الرجل من ميله الى المرأة، كما يَميل العطْشان إلى الماء، والجائع إلى الطعام، حتى إنَّ كثيرًا من الناس يصبر عن الطعام والشراب ولا يصبر عن النساء، وهذا لا يُذمُّ إذا صادف حلالاً، بل يُحمَد، كما في كتاب الزهد للإمام أحمد من حديث يوسف بن عطية الصغار عن ثابت البناني عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((حُبِّبَ إليَّ من دنياكم: الطيب والنساء، أصبر عن الطعام والشراب ولا أصبر عنهنَّ)).

• الثاني: أنَّ يوسف عليه السلام كان شابًّا، وشهوة الشباب وحدَّته أقوى.

• الثالث: أنه كان عزبًا لا زوجةَ له ولا سريَّة تَكسِر شدَّة الشهوة.

• الرابع: أنه كان في بلاد غُربة يتأتَّى للغريب فيها مِن قضاء الوطر ما لا يتأتَّى لغيره في وطنه وأهله ومعارفه.

• الخامس: أنَّ المرأة كانت ذات منصب وجمال؛ بحيث إنَّ كل واحد مِن هذَين الأمرين يدعو إلى موافقتِها.

•ا لسادس: أنها غير آبية، ولا ممتنعة، فإن كثيرًا من الناس يُزيل رغبتَه في المرأة إباؤها وامتناعها؛ لما يجد في نفسه من ذلِّ الخُضوع والسؤال لها، وكثير من الناس يَزيده الإباء والامتِناع زيادة حبٍّ؛ كما قال الشاعر:

• وزادني كلفًا في الحُبِّ أنْ منعتْ


• أحبُّ شيءٍ إلى الإنسانِ ما مُنعَا


• فطِباع الناس مُختلفة في ذلك، فمنهم مَن يتَضاعف حبُّه عند بذْل المرأة ورغبتها، وتضمحلُّ عند إبائها وامتِناعها، وأخبَرَني بعض القضاة أن إرادته وشهوته تضمحلُّ عند امتِناع زوجته أو سريته وإبائها؛ بحيث لا يُعاودها، ومنهم مَن يتَضاعف حبه وإرادته بالمنع، ويشتدُّ شوقه، وتَحصل له من اللذَّة بالظفر نظير ما يَحصل من لذَّة بالظفر بالصيد بعد امتِناعه ونفاره، واللذَّة بإدراك المسألة بعد استِصعابها وشدة الحرص على إدراكها.

• السابع: أنها طلبَت وأرادت وبذلَت الجهد، فكفَتْه مؤنة الطلب وذلَّ الرغبة إليها، بل كانت هي الراغبة الذليلة، وهو العزيز المرغوب إليه.

• الثامن: أنه في دارِها، وتحت سلطانها وقهرِها؛ بحيث يَخشى إن لم يُطاوعها مِن أذاها له، فاجتمَع داعي الرغبة والرهبة.

• التاسع: أنه لا يخشى أن تنمي عليه هي ولا أحد من جهتها، فإنها هي الطالبة والراغبة، وقد غلَّقت الأبواب، وغيَّبت الرقباء.

• العاشر: أنه كان مملوكًا لها في الدار؛ بحيث يدخل ويَخرج ويَحضُر معها ولا يُنكَر عليه، وكان الأمن سابقًا على الطلَب، وهو مِن أقوى الدواعي، كما قيل لامرأة شريفة من أشراف العرب: ما حملَكِ على الزنا؟ قالتْ: قربُ الوساد، وطول السِّواد؛ تعني: قرب وساد الرجل من وسادتي، وطول السِّواد (المُسارَّة) بيننا.

• الحادي عشر: أنها استعانت عليه بأئمَّة المكر والاحتيال، فأرتْه إياهنَّ، وشكَتْ حالَها إليهنَّ؛ لتستعين بهن عليه، فاستعان هو بالله عليهنَّ، فقال: ﴿ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾ [يوسف: 33].

• الثاني عشر: أنها تواعدته بالسجن والصَّغار، وهذا نوع إكراه؛ إذ هو تهديد ممن يغلب على الظن وقوعُ ما هدَّد به، فيَجتمع داعي الشهوة وداعي السلامة من ضِيق السجن والصَّغار.
• الثالث عشر: أن الزوج لم يظهر منه مِن الغيرة والنَّخوة ما يفرِّق به بينهما، ويبعد كلاًّ منهما عن صاحبه، بل كان غاية ما خاطَبَهما به أن قال ليوسف: ﴿ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا ﴾، وللمرأة: ﴿ وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ ﴾، وشدَّة الغيرة للرجل مِن أقوى المَوانع، وهذا لم يظهَر منه غيرة.

• ومع هذه الدَّواعي كلها، فآثَر عليه السلام مرضاة الله وخوفه، وحمَلَه حبُّه لله على أن اختار السجن على الزِّنا، فقال: ﴿ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ﴾ [يوسف: 33]، وعلم أنه لا يطيق صرف ذلك عن نفسه، وأن ربه تعالى إن لم يَعصمْه ويَصرف عنه كيدهنَّ، صَبا إليهنَّ بطبعه وكان من الجاهلين، وهذا من كمال معرفته بربه وبنفسه، وفي هذه القصة مِن العِبَر والفوائد والحِكَم ما يزيد على ألف فائدة".

واتفق الجميع على أن يظل هذا الفعل سرًّا لا يعرفه أحد، ومع ذلك فقد شاع خبر مراودة امرأة العزيز ليوسف، وطلبها للفاحشة، وانتشر في القصر وتحدث نساء المدينة بما فعلته امرأة العزيز مع فتاها، وعلمت امرأة العزيز بما قالته النسوة عنها، فغضبت غضبًا شديدًا، وأرادت أن تظهر لهن عذرها، وأن جمال يوسف وحسن صورته هما اللذان جعلاها تفعل ذلك، فأرسلت إليهن، وهيأت لهن مقاعد مريحة، وأعطت كل واحدة منهن سكينا، ثم قالت ليوسف: اخرج عليهن. فخرج يوسف متمثلاً لأمر سيدته، فلما رآه النسوة انبهرن بجماله وحسنه، وجرحن أيديهن بالسكين قيل من الدهشة فلم يشعرن بالطرح من شدة جماله

( فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ )

. فقالت امرأة العزيز، ( قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آَمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ ) . واقتنع النساء بما تفعله امرأة العزيز مع يوسف، فلما رأى ذلك منهن قال، ( قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ ) وكادت تحدث فتنة في المدينة بسبب عشق النساء ليوسف، فرأى القائمون على الأمر أن يسجن يوسف إلى حين، فسجنوه، وظل يوسف في السجن فترة .

• نتعلم من هذه الفقرة أن السجن يحوي بين جدرانه الكثير من المظلومين والمستضعفين الذين يلجأ الظالم إلى تغييبهم لكي لا يذيع صيتهم أو لكي لا يذكرون الظالم بما بدر منه من سوء. وهؤلاء إذا ظلمهم العباد فإن ناصرهم هو رب العباد.

ودخل معه السجن فتيان أحدهما خباز والآخر ساقي، ورأيا من أخلاق يوسف وأدبه وعبادته لربه ما جعلهما يعجبان به، فأقبلا عليه ذات يوم يقصان عليه ما رأيا في نومهما، ( وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآَخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ) ففسر لهما يوسف رؤياهما، بأن أحدهما سيخرج من السجن، ويرجع إلى عمله كساق للملك، وأما الآخر وهو خباز الملك فسوف يصلب، وتأكل الطير من رأسه. وقبل أن يخرج ساقي الملك من السجن طلب من يوسف أن يذكر أمره عند الملك، ويخبره أن في السجن بريئًا حبس ظلمًا، حتى يعفو عنه، ويخرج من السجن، ولكن الساقي نسى، فظل يوسف في السجن بضع سنين، وبمرور فترة من الزمن تحقق ما فسره لهما يوسف. وفي يوم من الأيام، نام الملك فرأى في منامه سبع بقرات سمان يأكلهن سبع نحيفات، وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات، فقام من نومه خائفا مفزوعًا مما رآه، فجمع رجاله وعلماء دولته، وقص عليهم ما رآه، وطلب منهم تفسيره، فأعجزهم ذلك، وأرادوا صرف الملك عنه حتى لا ينشغل به، فقالوا ( قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ ) . لكن هذه الرؤيا ظلت تلاحق الملك وتفزعه أثناء نومه، فانشغل الملك بها، وأصر على معرفة تفسيرها، وهنا تذكر الساقي أمر يوسف، وطلب أن يذهب إلى السجن ليقابل يوسف، وهناك طلب منه أن يفسر رؤيا الملك، ففسر يوسف البقرات السمان والسنبلات الخضر بسبع سنين يكثر فيها الخير وينجو الناس فيه من الهلاك. ولم يكتف يوسف بتفسير الحلم، وإنما قدم لهم الحل السليم. وما يجب عليهم فعله تجاه هذه الأزمة، وهو أن يدخروا في سنوات الخير ما ينفعهم في سنوات القحط والحاجة من الحبوب بشرط أن يتركوها في سنابلها، حتى يأتي الله بالفرج. ولما عرف الساقي تفسير الرؤيا، رجع إلى الملك ليخبره بما قاله له يوسف. ففرح الملك فرحًا شديدًا، وراح يسأل عن ذلك الذي فسر رؤياه، فقال الساقي: يوسف. فقال الملك على الفور: ائتوني به. فذهب رسول الملك إلى يوسف وقال له: أجب الملك، فإنه يريد أن يراك، ولكن يوسف رفض أن يذهب إلى الملك قبل أن تظهر براءته، ويعرف الملك ما حدث له من نساء المدينة. فأرسل الملك في طلب امرأة العزيز وباقي النسوة، وسألهن عن الأمر، فقلن معترفات بذنوبهن مقرَّات بخطئهن، ومعلنات عن توبتهن إلى الله: ما رأينا منه سوءًا، وأظهرت امرأة العزيز براءة يوسف أمام الناس جميعًا. عندئذ أصدر الملك قراره بتبرئة يوسف مما اتهم به، وأمر بإخراجه من السجن وتكريمه، وتقريبه إليه. ثم خيره أن يأخذ من المناصب ما شاء فقال، ( قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ). فوافق الملك على أن يتقلد يوسف هذا المنصب لأمانته وعلمه. وتحققت رؤيا الملك.

• نتعلم من هذه الفقرة أن قدر الله غالب لا محالة وأن جنود الله تعالى لا يعلمها إلا هو فلولا " الحلم " الذي رآه عزيز مصر ما خرج يوسف من السجن .

وانتهت سنوات الرخاء، وبدأت سنوات المجاعة، وجاء الناس من كل مكان في مصر والبلاد المجاورة ليأخذوا حاجتهم من خزائن الملك. وفي يوم من الأيام، وأثناء توزيع الحبوب على الناس إذا بيوسف أمام رجال يعرفهم بلغتهم وأشكالهم وأسمائهم، وكانت مفاجأة لم يتوقعوها، إنهم إخوته، أبناء أبيه يعقوب، الذي ألقوه في البئر وهو صغير، لقد جاءوا محتاجين إلى الطعام، ووقفوا أمامه دون أن يعرفوه، فقد تغيرت ملامحه بعدما كبر، فأحسن يوسف إليهم، وأنسوا هم به، وأخبروه أن لهم أخا أصغر من أبيهم لم يحضر معهم، لأن أباه يحبه ولا يطيق فراقه. فلما جهزهم يوسف بحاجات الرحلة، وقضى حاجتهم، وأعطاهم ما يريدون من الطعام، قال لهم،


( وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ ) فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلَا تَقْرَبُونِ ) فأظهروا أن الأمر ليس ميسورا وسوف يمانع، ليستبدلوا بها القمح والعلف في رحالهم بدلا من القمح فيضطروا إلى العودة إليه بأخيهم. وعاد إخوة يوسف إلى أبيهم، وقالوا، ( فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) فرفض يعقوب. وذهب الإخوة إلى بضاعتهم ليخرجوها ففوجئوا ببضاعتهم الأولى التي دفعوها ثمنا، ولم يجدوا قمحا، فأخبروا والدهم أن بضاعتهم قد ردت إليهم، ثم أخذوا يحرجون أباهم بالتلويح له بمصلحة أهلهم في الحصول على الطعام، ويؤكدون له عزمهم على حفظ أخيهم، ويرغبونه بزيادة الكيل لأخيهم، فقد كان يوسف يعطي لكل فرد حمل بعير. فقال لهم أبوهم، ( قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آَتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ ) ، ولم ينس أن يوصيهم في هذا الموقف وينصحهم، ( وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ) وسافر الإخوة إلى مصر، ودخلوها من حيث أمرهم أبوهم، ولما وقفوا أمام يوسف، دعا أخاه الصغير، وقربه إليه، واختلى به، وأخبره أنه يوسف أخوه. ثم وزن البضاعة لإخوته، فلما استعدوا للرحيل والعودة إلى بلادهم، إذا بيوسف يريد أن يستبقي أخاه بجانبه، فأمر فتيانه بوضع السقاية (إناء كان يكيل به) في رحل أخيه الصغير، وعندما بدأت القافلة في الرحيل إذا بمناد ينادي ويشير إليهم ( فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ ). فأقبل الإخوة يتساءلون عن الذي فقد، فأخبره المنادي أنه فقد مكيال الملك، وقد جعل لمن يأتي به مكافأة قدرها حمل بعير. وهنا لم يتحمل إخوة يوسف ذلك الاتهام، فدخلوا في حوار ساخن مع يوسف ومن معه، فهم ليسوا سارقين وأقسموا على ذلك. ( قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ ). هنا ينكشف التدبير الذي ألهمه الله يوسف، فقد كان الحكم السائد في شريعة بني إسرائيل أن السارق يكون عبدًا للمسروق منه، ولما كان يوسف يعلم أن هذا هو جزاء السارق في شريعة بني إسرائيل، فقد قبل أن يحتكم إلى شريعتهم دون شريعة المصريين، ووافق إخوته على ذلك لثقتهم في أنفسهم. فأصدر يوسف الأوامر لعماله بتفتيش أوعية إخوته. فلم يجدوا شيئا، ثم فتشوا وعاء أخيه، فوجدوا فيه إناء الكيل. وتذكر إخوة يوسف ما وعدوا به أباهم من عودة أخيهم الصغير إليه، ( قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ). فقال ( قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ ) وهكذا مكن الله ليوسف أن يحتفظ بأخيه، أما الإخوة فقد احتاروا وجلسوا يفكرون فيما سيقولونه لأبيهم عندما يعودون، فقرر كبيرهم ألا يبرح مصر، وألا يواجه أباه إلا أن يأذن له أبوه، أو يقضي الله له بحكم، وطلب منهم أن يرجعوا إلى أبيهم، ويخبروه صراحة بأن ابنه سرق، فأخذ بما سرق، وإن شك في ذلك؛ فليسأل القافلة التي كانوا معها أو أهل المدينة التي كانوا فيها. فعادوا إلى أبيهم وحكوا له ما حدث، إلا أن أباهم لم يصدقهم، ( قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ )، ثم تركهم، وأخذ يبكي على يوسف وأخيه، حتى فقد بصره، فاغتاظ أبناءه ( قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِين ) فرد يعقوب عليهم أنه يشكو أمره لله، وليس لأحد من خلقه، وطلب منهم أن يذهبوا ليبحثوا عن يوسف وأخيه، فهو يشعر بقلب المؤمن أن يوسف ما زال حيًّا، والمؤمن لا ييأس من رحمة الله أبدًا. وتوجه الأبناء إلى مصر للمرة الثالثة يبحثون عن أخيهم، ويلتمسون بعض الطعام، وليس معهم إلا بضاعة رديئة.

ولما وصلوا دخلوا على يوسف، يقول الله عز وجل ( فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِين , قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ , قَالُوا أَئِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ). فأخبرهم يوسف بحقيقته، وبفضل الله عليه. فاعتذر له إخوته، وأقروا بخطئهم، فعفا يوسف عنهم، وسأل الله لهم المغفرة. ثم سألهم يوسف عن أبيه، فعلم منهم أنه قد فقد بصره بسبب حزنه عليه، ( اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ , وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ , قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ ) وبعد أيام عاد إخوة يوسف إلى أبيهم، وبشروه بحياة يوسف وسلامة أخيه، ثم أخرجوا قميص يوسف، ووضعوه على وجه يعقوب، فارتد إليه بصره. وطلب إخوة يوسف من أبيهم أن يستغفر لهم، فوعدهم يعقوب بأنه سيستغفر لهم الله وقت السحر؛ لأن هذا أدعى إليه استجابة الدعاء. وغادر بنو إسرائيل أرضهم متوجهين إلى مصر، فلما دخلوها، استقبلهم يوسف بترحاب كبير، وأكرم أبويه، فأجلسهما على كرسيه، وهنا لم يتمالك يعقوب وامرأته وبنوه الأحد عشر أنفسهم حتى انحنوا تحية ليوسف وإكبار لوفائه، وتقديرا لعفوه وفضله، وتذكر يوسف رؤياه القديمة التي رآها وهو صغير، فالأحد عشر كوكبًا بعدد إخوته، والشمس والقمر هنا أبواه، ( وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) ثم توجه يوسف إلى الله يشكره على نعمه، ( رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ) .

هذه كانت خلاصة قصة يوسف عليه السلام في القران وقد وردت في السنة النبوية النصوص عن هذا النبي الكريم ومن تلك النصوص :
1- عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الكريمُ، ابنُ الكريمِ، ابنِ الكريمِ، ابنِ الكريمِ، يوسفُ بنُ يعقوبَ بنِ إسحاقَ بنِ إبراهيمَ عليهم السَّلامُ " (رواه البخاري).

2- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ الكريمَ ابنَ الكريمِ ابنِ الكريمِ ابنِ الكريمِ، يوسفُ بنُ يعقوبَ بنِ إسحاقَ بنِ إبراهيمَ خليلِ الرَّحمنِ وقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: لوْ لَبِثْتُ في السِّجْنِ ما لَبِثَ يوسُفُ، ثمَّ جاءني الداعي لأجَبتُه، إذ جاءه الرسولُ، فقال: ارجعْ إلى ربِّك، فاسأله ما بالُ النِّسْوةِ اللَّاتِي قَطَّعن أيدِيَهُنَّ، إِنَّ ربِّي بكَيْدِهِنَّ عليمٌ، ورَحْمَةُ اللهِ على لوطٍ، إِنْ كانَ لَيَأْوِي إِلى رُكْنٍ شديدٍ، إِذ قال لقومِه: لو أَنَّ لي بكم قُوَّةً، أو آوي إلى رُكْنٍ شديدٍ، وما بعث اللهُ من بعدِه من نَبِيٍّ إِلا في ثَروَةٍ مِنْ قومِه " (رواه أحمد).

3- عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أُعطِيَ يوسفُ شَطرَ الحُسنِ " (صحيح الجامع).

4- عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أُعطِيَ يوسفُ و أمُّه شَطرَ الحُسنِ " (صحيح الجامع.)

5- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " سُئِل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أيُّ الناسِ أكرَمُ؟ قال: (أكرَمُهم عِندَ اللهِ أتقاهم). قالوا: ليس عن هذا نَسأَلُك، قال: (فأَكرَمُ الناسِ يوسُفُ نبيُّ اللهِ، ابنُ نبيِّ اللهِ، ابنِ نبيِّ اللهِ، ابنِ خليلِ اللهِ). قالوا: ليس عن هذا نَسأَلُك، قال: (فعن مَعادِنِ العربِ تَسأَلونَني). قالوا: نعمْ، قال: (فخِيارُكم في الجاهليةِ خِيارُكم في الإسلامِ، إذا فَقُهوا) (رواه البخاري)

6- عن أبي موسى الأشعري عبدالله بن قيس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أَعجِزتُم أن تكونوا مثلَ عجوزِ بني إسرائيلَ؟ فقال أصحابُه: يا رسولَ اللهِ و ما عجوزُ بني إسرائيلَ؟ قال: إنَّ موسى لما سار ببني إسرائيلَ من مصرَ، ضَلُّوا الطريقَ، فقال: ما هذا؟ فقال علماؤهم نحن نُحَدِّثُك: إنَّ يوسفَ لما حضره الموتُ أخذ علينا مَوثِقًا من اللهِ أن لا نخرُجَ من مصرَ حتى ننقِل عظامَه معنا، قال: فمن يعلمْ موضعَ قبرَه؟ قالوا ما ندري أين قبرُ يوسفَ إلا عجوزًا من بني إسرائيلَ، فبعث إليها، فأتَتْه، فقال دُلُّوني على قبرِ يوسفَ، قالت لا و الله لا أفعلُ حتى تُعطِيَني حُكمي، قال: و ماحُكمُكِ؟ قالت أكونُ معك في الجنَّةِ، فكره أن يُعطِيَها ذلك، فأوحى اللهُ إليه أن أَعطِها حكمَها، فانطلقَتْ بهم إلى بُحَيرةٍ، موضعَ مُستَنْقَعِ ماءٍ، فقالت: انضِبوا هذا الماءَ، فأَنضبوا، قالت احفِروا و استخرِجوا عظامَ يوسفَ، فلما أقلُّوها إلى الأرضِ، إذ الطريقُ مثلُ ضوءِ النَّهارِ " (صححه الألباني في السلسلة الصحيحة وقال: إسناده صحيح على شرط مسلم).

7- عن علقمة عَن عبدِ اللَّهِ قالَ: " الفَتَيانِ اللَّذانِ أتَيا يوسُفَ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ في الرُّؤيا إنَّما كانا تَكاذَبا فلمَّا أوَّلَ رؤياهُما قالا: إنَّا كنَّا نلعَبُ، قالَ يوسُفُ: قُضِيَ الأمرُ الَّذي فيهِ تَستَفتِيانِ " (رواه الحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين).
• جاء في تفسير بن كثير: وقال إخوة يوسف لما رأوا الصواع قد أخرج من متاع بنيامين " إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ " يتنصلون إلى العزيز من التشبه به، ويذكرون أن هذا فعل كما فعل أخ له من قبل، يعنون به يوسف عليه السلام. قال قتادة:"كان يوسف عليه السلام قد سرق صنماً لجده أبي أمه فكسره"".

ومما نتعلم من حياة هذا الرسول الكريم :
1- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام كيف أخطط لكل صغيرة وكبيرة في حياتي فمن يفشل في التخطيط فهو يخطط للفشل والعمل الارتجالي لا يُؤتي ثماره.

• خطط نبي الله يوسف عليه السلام كيف يُظهر براءته مما نسبته إليه امرأة العزيز وكان له ذلك.

• خطط نبي الله يوسف عليه السلام لكي يكون أميناً على اقتصاد مصر لأنه عليه السلام رأى في نفسه القدرة والأهلية وكان له ذلك.

• خطط نبي الله يوسف عليه السلام كيف يستقدم أخاه إلى مصر وكان له ذلك.

• خطط نبي الله يوسف عليه السلام كيف يستبقي أخاه معه في مصر وكان له ذلك.

• خطط نبي الله يوسف عليه السلام كيف يستقدم والديه إليه في مصر وكان له ذلك.

2- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام التحدث بنعمة الله تعالى مع الثقات ومع من يُقدِّرون ذلك ويعينونني على شكر النعمة.

3- _علمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن أستشير في خصوصياتي من هم أهل الثقة
والحكمة.

4- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن أوقر أهل الثقة والحكمة وأن أنفذ نصيحتهم اختصاراً للوقت والجهد واستفادة من خبرتهم وتجاربهم في الحياة .

5- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام العفة والأمانة وصيانة الأعراض.

6- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام الاستعانة بالله تعالى في كل أموري وطلب العون على عقبات الحياة ومشكلاتها فالإنسان ضعيف بنفسه قوي بربه.

7- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام الصبر على المعصية.

8- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام الصبر على الطاعة.

9- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام الصبر على قدر الله تعالى وابتلائه.

10- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام الأخذ بالأسباب حتى وإن بدى لي انقطاع الأسباب.

11- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن أدافع عن نفسي وأقدم حُجتي مهما كان بطش من هم حولي.

12- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن الطاهر العفيف ربما يدفع ثمن طُهره وعفافه سجناً وألماً وغُصة، لأنه رفض الوقوع في أوحال الخيانة ولم يقبل الدنية في دينه ولا في نفسه.

13- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن أرض الله تعالى مهما ضاقت فكل شبر فيها يصلح لكي يكون محراب عبادة وميدان دعوة.

14- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام ألا أساوم على شرفي ولا على سُمعتي وألا أقبل الهبة التي تنتقص منهما.

15- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام ألا أنتظر الفرج إلا من الله تعالى وألا أرجع الفضل إلا لله تعالى أولاً وأخيراً.

16- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أنه مهما طال ليل الظلم فلابد من طلوع النهار ومهما أحكم الباطل تدبيره فإن تدبير الله تعالى لا يُغلب وأنه سبحانه يتولى الصالحين.
17- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن أعاتب من أساء إليَّ وأجلي له حقيقة موقفي وأفند حُجته.

18- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن المؤمن لا يُصطفى لا يُمَكَّن له حتى يُبتلى وأن ابتلائه يكون على قدر دينه.

19- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن الحق هو ما شهد به الأعداء حيث شهد له عزيز مصر وشهد له رفقاء السجن وشهدت له النسوة وشهدت له امرأة العزيز.

20- تعلمت من نبي الله يوسف عليه السلام أن أعرض خبراتي وإمكانياتي وأبادر بالمساعدة وأن أكون إيجابياً وأن يتساوى عندي تلبية طلبي مع رفضه لأن ما أطلبه هو من باب التكليف لا التشريف فإن قُبِلَ أطلب العون عليه من الله تعالى وإن رُفِضَ أحمد الله الذي عافاني من مشقته.

وفي الختام نسأل الله عزوجل ان يغفر لنا ويحشرنا مع النبيين والصديقيين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا وآخر دعوانا ان الحمدلله رب العالمين .
محاضرة القاها : الشيخ شرماركي محمد عيسى (بخاري) حفظه الله ورعاه
مسجد الصحابة _برعو _ارض الصومال (1440 _ 2019 ) .
...المزيد

كُن على يقين أن هناك شيء ينتظرك بعد الصبر، ليبهرك و ينسيك مرارة الألم! ذلك وعد رّبي "وبشّر ...

كُن على يقين أن هناك شيء ينتظرك بعد الصبر، ليبهرك و ينسيك مرارة الألم! ذلك وعد رّبي "وبشّر الصّابرين".

بسم الله الرحمن الرحيم السيرة الذاتية الاسم: ياسر عبد الله محمد الحوري ...

بسم الله الرحمن الرحيم
السيرة الذاتية
الاسم: ياسر عبد الله محمد الحوري
الحالة الاجتماعية: متزوج ولدي أربعة أبناء
مكان وتاريخ الميلاد: اليمن – صنعاء 1983م
المؤهلات الدراسية: دكتوراه في التفسير وعلوم القرآن، ماجستير علوم قرآن، بكلاريوس دراسات إسلامية وعربي، دبلوم الخطيب المتميز، دبلوم دوواوين السنة، دبلوم الإيمان والتوحيد، دبلوم ما لا يسع المسلم جهله.
الشهادات:
- شهادة التخرج في مرحلة الدكتوراه تخصص تفسير وعلوم قرآن.
- شهادة التخرج في مرحلة الماجستير تخصص علوم قرآن .
- شهادة إكمال حفظ القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم .
- إجازتان في القرآن برواية حفص عن عاصم عن طريق الشاطبية وطيبة.
- إجازة علمية في أحاديث متفرقة من صحيح البخاري.
- إجازة علمية في دراسة صحيح مسلم من الشيخ عبد الله بن محمد الحاشدي
- إجازة علمية في أحاديث متفرقة من السنن.
- إجازة في الفقه الشافعي في كتاب متن الغاية التقريب للعلامة أبو شجاع.
- إجازة علمية في المواريث من د. أحمد بن محمد المصباحي
- إجازة إتقان متن الآجرومية. .
- شهادة دبلوم خطابة دراسة لمدة سنة ونصف من مؤسسة العمراني العلمية بصنعاء .
- شهادة مشاركة في الدورة التدريبية التنشيطية لمعلمي القرآن الكريم بمركز الهدى بصنعاء .
- شهادة إتمام الدراسة بالمرحلة التكميلية بمدارس تحفيظ القرآن الكريم .
- شهادة مشاركة بمركز الأنصار الصيفي الرابع 1423ه/ 2002م بصنعاء
- شهادة شكر وتقدير من إدارة الدعوة بقطر لعام 2014
- شهادة مشاركة في دورة الجانب النفسي للمشاكل الأسرية بإدارة الدعوة للمدرب البرفسور/مالك بابكر لعام 2014
- شهادة مشاركة في دورة الخطباء لعام 2014بمعهد الدعوة.
- شهادة اجتياز دورة في العقيدة 200 سؤال وجواب.
- شهادة مشاركة واجتياز في دورة أحوال النبي صلى الله عليه وسلم.
- شهادة مشاركة في دبلوم دوواوين السنة.
- شهادة مشاركة في الأرجوزة الميئية في سيرة خير البرية.
- شهادة مشاركة في دروس متن الجزرية شرح الشيخ عبد الرشيد صوفي.
- شهادة شكر وتقدير من إدارة الدعوة والإرشاد الديني ممثلة بقسم القرآن وعلومه.
مهارات:
تحضير الخطب والدروس وإرسالها للمواقع.
الخطابة وإلقاء الدروس والمحاضرات لمدة 23 سنة.
استخدام الحاسب الآلي والتعامل مع نظام الويندوز وبرامج الأوفيس والإنترنت والبريد الإلكتروني.
التدريس في حلقات تحفيظ القرآن الكريم لمدة 15 سنة.
الإشراف والتدريس وإعداد وإقامة الأنشطة الثقافية والترفيهية للطلاب في عدة مدارس أهلية في اليمن.
...المزيد

رسالة الى طالب العلم . قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ( من كان منكم مستنًا فليستن بمن قد مات، ...

رسالة الى طالب العلم .

قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ( من كان منكم مستنًا فليستن بمن قد مات، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمد،كانوا أبر هذه الأمة قلوبًا، وأعمقها علمًا، وأقلها تكلفًا، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه، فاعرفوا لهم حقهم، وتمسكوا بهديهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم )

قال شيخ الاسلام في مجموع الفتاوى (ج4/138):فأخبر عنهم بكمال بر القلوب، مع كمال عمق العلم، وهذا قليل في المتأخرين، كما يقال‏:‏ من العجائب فقيه صوفي، وعالم زاهد ونحو ذلك‏.‏ فإن أهل برّ القلوب وحسن الإرادة وصلاح المقاصد يحمدون على سلامة قلوبهم من الإرادات المذمومة، ويقترن بهم كثيرًا عدم المعرفة، وإدراك حقائق أحوال الخلق التي توجب الذم للشر والنهي عنه، والجهاد في سبيل الله، وأهل التعمق في العلوم قد يدركون من معرفة الشرور والشبهات ما يوقعهم في أنواع الغى والضلالات، وأصحاب محمد كانوا أبر الخلق قلوبًا وأعمقهم علماً‏.‏
ثم إن أكثر المتعمقين في العلم من المتأخرين يقترن بتعمقهم التكلف المذموم من المتكلمين والمتعبدين، وهو القول والعمل بلا علم، وطلب ما لا يدرك‏.‏ وأصحاب محمد كانوا مع أنهم أكمل الناس علمًا نافعًا وعملاً صالحًا أقل الناس تكلفًا، يصدر عن أحدهم الكلمة والكلمتان من الحكمة أو من المعارف، ما يهدي الله بها أمة، وهذا من منن الله على هذه الأمة‏.‏ وتجد غيرهم يحشون الأوراق من التكلفات والشطحات، ما هو من أعظم الفضول المبتدعة، والآراء المخترعة، لم يكن لهم في ذلك سلف إلا رعونات النفوس المتلقاة ممن ساء قصده في الدين‏.
...المزيد

مع كتاب المنتقى من أخبار المصطفى صلى الله عليه وسلم لمجد الدين أبي البركات عبد السلام بن تيمية ...

مع كتاب المنتقى من أخبار المصطفى صلى الله عليه وسلم
لمجد الدين أبي البركات عبد السلام بن تيمية الحراني
(جد شيخ الإسلام) رحم الله الجميع .
أهم سمات ومميزات , كتاب المنتقى من أخبار المصطفى صلى الله عليه وسلم, من واقع قراءتي للكتاب
بداية أقول هذا الكتاب مختصر من كتاب الأحكام الكبرى للمؤلف كما قاله ابن رجب في ترجمته .
مؤلف الكتاب مذكور في العنوان
1- عدد أحاديث الكتاب (5029) حديثاً حسب نسختي التي حققها وعلق عليها , الشيخ محمد حامد الفقي رحمه الله تعالى , وتقع في مجلدين وهي المرفقة في الصورة وهذا العدد فيه المكرر وفيه أقوال الصحابة , ومن الممكن أن يزيد هذا العدد لان من اعد الكتاب للطبع ترك كثيراً من أقوال الصحابة لم يرقمها .
2- أحاديث هذا السفر المبارك كما أشار المؤلف في المقدمة منتقاة من الكتب الستة والمسند وغيرها... وسأفرد لها عنوان خاص بها تجده آخر المنشور إن شاء الله .
3- لم يحكم المؤلف على درجة أحاديث كتابه إلا في بعض الأحاديث المعدودة .
4- جعل المؤلف العلامة للكل ( أي الكتب الستة والمسند ) رواه الجماعة ولهم دون البخاري ومسلم رواه الخمسة وللبخاري ومسلم أخرجاه ولهم مع احمد متفق عليه والأخير شرط خاص بالمؤلف .
5- أول حديث في هذا السفر حديث أبي هريرة في ماء البحر ( هو الطهور مائه والحل ميتته ) .
6- آخر حديث في الكتاب حديث ابن عمر ( خطبنا عمر بالجابية ).
7- أول كتاب , كتاب الطهارة
8- آخر كتاب ,كتاب الأقضية والأحكام ( وفي رأيي ينبغي لقضاتنا ان يطالعوا هذا السفر وان عجزوا فليس اقل من حفظ كتاب الأقضية والأحكام ) .
9- أحياناً يعلق المؤلف تعليقات خفيفة توضح المراد من الحديث الذي يورده إلا عند حديث صلح الحديبية فقد أسهب قليلاً في ذكر الغريب وشرح بعض الكلمات .
10- قد يذكر عقب الحديث بعض الكلمات الغريبة ويبين المراد منها .
11- ينقل المؤلف عن العلماء السابقين توثيق او تضعيف بعض الرواة انظر مثالاً على ذلك الحديث رقم (11- ص10 ج 1)
12- قد ينقل تصحيح الأحاديث عن احد العلماء المتقدمين كما في الحديث رقم 22 ص14 ج1 حديث بئر بضاعة نقل هناك تصحيح الإمام احمد .
13- المؤلف رحمه الله له إشارات لطيفة وعبارات خفيفة في الجمع بين الأدلة انظر واحداً منها عند الحديث رقم 26ص16ج1
14- قد يكتب معنى الحديث ولا يسوق لفظه كما فعل في الحديث رقم 27ج1
15- أحيانا يبدأ بالعزو ثم يذكر الحديث او العكس.
16- قد يثبت الفروق بين الروايات من زيادات او نقص انظر ص22ج1
17- يبوب على حكم معين ثم يعود ويبوب على نسخه كما في ص 35ج1 باب ما جاء في تطهير الدباغ ( يعني لجلد الميتة ) وانظر ص 38ج1 باب ما جاء في نسخ تطهير الدباغ .
18- قد يحكم المؤلف على الحديث ابتدئاً انظر الحديث رقم 353ج1.
19- أحيانا يترجم بالشيء المكروه وضده المستحب انظر ص 130ج1.
20- قد يذكر المؤلف رواية ويكون ذكر غيرها أولى كرواية احمد وابن ماجة فيمن فاتته صلاة العصر فقد حبط عمله وتركه لرواية البخاري انظر ص 211ج1 حديث رقم 547.
21- قد يعزو الحديث إلى كتاب وعزوه إلى غيره من الكتب أولى, كأن يعزو مثلاً إلى سنن النسائي والحديث في البخاري ومسلم انظر الحديث رقم 576ج1ص222.
22- هناك أحاديث يختصرها اختصاراً بيناً.
23- قد يجعل الباب او التبويب في صيغة سؤال كما في كتاب الصلاة أبواب الإمامة قال ( باب هل يأخذ القوم مصافهم قبل الإمام أم لا ؟)
24- وقد يترجم بالحكم مباشرة كقوله باب كراهة كذا او استحباب كذا .
25- قد يحكم على الإسناد بنفسه, مثل الحديث رقم 2057ص148ج2 وهذا قليل جداً
26- من الأشياء المنغصة في هذا الكتاب حين ينقل من سنن الترمذي رحمه الله لا يذكر كلامه بعد الحديث بالكامل , بل قد يترك منه بعض الكلمات , ونحن نعلم أهمية كلام الترمذي نهاية الأحاديث التي يرويها في سننه .
الحديث عن هذا الكتاب حديث ذو شجون ولعلي اختم معكم بهذا العنوان حتى لا أطيل عليكم واراني قد فعلت .
-الكتب التي انتقى المؤلف منها أحاديث كتابه .
انتقى المؤلف رحمه الله أحاديث كتابه من عدة كتب حديثيه كلها مسندة وهي في نظري حسب انتقاء المؤلف منها طرفين ووسط
*كتب أكثر من النقل عنها
وهي الصحيحين -والمسند وأكثر عنه جداً - والسنن الأربعة .
*كتب توسط من النقل عنها
الموطأ وسنن كلاً من الدارمي -وسعيد ابن منصور- والدارقطني- والبيهقي- ومستدرك -الحاكم -وزوائد عبد الله ابن الإمام احمد على المسند .
*كتب اخذ منها قليلاً
التاريخ الكبير للبخاري -مسند الشافعي- مغازي ابن إسحاق -سنن الأثرم مسند الحميدي - ابو بكر الجوزقي في كتابه المخرج على الصحيحين -البرقاني في مستخرجه على الصحيح - وأشار في رواية إلى صحيح ابن حبان رقم 2744ج2 -ومسند أبو داود الطيالسي- وابو عبيد القاسم ابن سلاّم - وإسماعيل بن حرب الكرماني - وذكر ابن المنذر في أكثر من موضع لكن لا ادري في أي كتبه يقصد لأنه يذكره مجرداً - وأورد حديث قال رواه الخطابي بإسناده رقم الحديث 1221 .
هذا تقريباً كل المصادر التي ذكرها او كان العزو إليها في هذا الكتاب لا أظنني أسقطت منها شيئاً إن شاء الله تعالى .
كانت هذه أهم سمات ومميزات كتاب المنتقى من أخبار المصطفى صلى الله عليه وسلم .
وفي النهاية لا يسعني إلا أن اردد مع القائل :
يا ناظراً فيه إن ألفيت فائدة
............ فاجنح إليها ولا تجنح إلى الحسد
وان عثرت لنا فيه على زلل فاغفر
................. فلست مجبولاً على الرشد

دمتم في طاعة الله وأمنه .
وكتب
الراجي عفو ربه القوي
............... أبو مسلم الصيودي الأثري
حمدي حامد محمود الصيد
حامداً ومصلياً لله رب العالمين
#الصيودي حمدي حامد
...المزيد

اللهم اعنا على اداء الامانة على أحسن ما تريد و لا نخرج من الدنيا الا و أنت راض عنا يا كريم

اللهم اعنا على اداء الامانة على أحسن ما تريد و لا نخرج من الدنيا الا و أنت راض عنا يا كريم

عنوان الورقة: طالب العلم دروس وعبر من السيرة النبوية الاسم: فرج مراجع فرج بن موسى طالب ماجستير ...

عنوان الورقة: طالب العلم دروس وعبر من السيرة النبوية
الاسم: فرج مراجع فرج بن موسى
طالب ماجستير بجامعة السلطان إدريس بماليزيا
[email protected]البريد الإلكتروني:











هجرة طالب العلم دروس وعبر من السيرة النبوية
المقدمة:
سيرة رسول الله (ﷺ) ليست أحاديث رائعة من نسج الخيال، ولا هي قصص تسرد للأطفال، ولم تكن في يوم من الأيام قصص عابرة للتسْلية ولا لإضاعة الوقت وقتله، على العكس من ذلك، فهي سيرة طيبة جميلة تتعطَّر المجالس بذكْرها، وترْتاح النَّفُوس والأرْوح بِسماعِها، وتشْتاق العقول والقلوب لمحمد (ﷺ) وأصحابه ()، فالسِّيرة النَّبوية هي طريقنا إلى الجنة، ونسْتحضر هذه السِّيرة العطرة ونرْبطها بطالب العلم؛ ونضع له الحلول التي تساهم في سلامته وحمايته من المخالفات والمغالطات والأخطاء التي حذَّرنا الله عز وجل منها، فيا طالب العلم اعلم بأن طلب العلم من علامة حب الله للْعباد، فاجعل همُّك في كسب العلم وزيادة للحسنات يوم القيامة، واحرص على سلامة نفسك عند أول ليلة في القبر، واعلم بأن حياة البرزخ أول منازل الآخرة، وتذكر بأن العبور على الصراط يحتاج منا سرعة إنجاز الخيرات، قال تعالى ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ (سورة المجادلة، الآية 11) ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾. (سورة آل عمران، الآية 31)

من مدرسة رسول الله (ﷺ) يتعلَّم طالب العلم:
1- الصِّدق والإخْلاص:
على طالب العلم الحرص والاجتهاد في تحقيق الإخلاص لله سبحانه وتعالى، وأن يتجرد من حظوظ النَّفس، وأن يبتعد ويترك العمل من أجل السُّمعة، حتى لا يقع في الرِّياء نعوذ بالله من ذلك الدَّاء. يقول الجنيد: الإخلاص سر بين الله وبين العبد، لا يعلمه ملك فيكتبه ولا شيطان فيفسده، ولا هوى فيميله (ابن القيم الجوزية: مدارج السالكين، 2/95)، ويجب على طالب العلم الصدق في قوله وعمله، وأن تتجسَّد وتبْرُز وتظْهر أخلاق محمد (ﷺ) أمام عامة النَّاس، لاسيما إذا كان مُهاجِراً في طلب العلم، فإنَّه يُظهر تَعاليم القُرْآن والسُّنة أمام النَّاس في الدُّول الأوْرُوبية والغربية، فسيرة رسول الله نِبْراس عمل لطالب العلم في كل زمن ومكان، ونقف عند هذا الحديث الذي يُظْهر نتائج الصِّدق في وقتِ البلاء والمِحن، عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله (ﷺ) يقول: {انطلق ثلاث نفر ممن كان قبلكم حتى آواهم المبيت إلى الغار، فدخلوه، فانحدرت الصخرة من الجبل، فسدت عليهم الغار، فقالوا: إنه لا ينجيكم من الصخرة إلا أن تدعوا الله (ﷻ) بصالح أعمالكم.
قال رجل منهم: اللهم كان لي أبوانِ شيخانِ كبيرانِ وكنت لا أغْبق قبلهما أهلاً ولا مالاً، فنأى بي طلب الشجر يوماً، فلم أرح عليهما حتى ناما، فحلبت لهما غبوقهما، فوجدتهما نائمين، فكرهت أن أُوقظهما وأن أغبق قبلهما أهلا أو مالاً، فلبثت والقدح على يدي؛ أنتظر اسْتيقاظهما؛ حتى برق الفجر؛ والصبية يتضاغون عند قدميَّ، فاستيقظا، فشربا غبوقهما، اللهم إن كنت تعلم ذلك ابتغاء وجهك؛ ففرج عنَّا ما نحن فيه من هذه الصخرة، فانفرجت شيئا لا يستطيعون الخروج منه.
وقال الآخر: اللهم إنه كانت لي ابنة عمٍّ، كانت أحب الناس إلى – وفي روايةٍ: كنت أُحبُّها كأشدِّ ما يحب الرجال النِّساء-، فأردتها على نفسها، فامتنعت مني، حتى ألمت بها سنة من السنين، فجاءتني فأعطيتها عشرين ومئة دينار؛ على أن تخلي بيني وبين نفسها، ففعلت، حتى إذا قدرْتُ عليها – وفي رواية: فلما قعدت بين رجليها -؛ قالت: اتَّق الله، ولا تفُضَّ الخاتم إلا بحقِّه، فانصرفْتُ عنها وهي أحبُّ النَّاسِ إليَّ، وتركت الذَّهب الَّذي أعْطيتها، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك؛ فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة؛ غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها.
وقال الثالث: اللهم إني اسْتأجرتُ أُجراء، وأعطيتهم أجرهم غير رجل واحدٍ، ترك الذي له وذهب، فثمَّرتُ أجره حتى كثرت منه الأموال، فجاءني بعد حين، فقال: يا عبد الله أدِّ إِليَّ أجري، فقلت: كل ما ترى من أجرك؛ من الإبل والبقر والغنم والرقيق، فقال: يا عبد الله لا تسْتهْزئ بي فقلتُ: لا أستهزئُ بك، فأخذه كُلَّهُ، فاستاقهُ، فلم يترك منه شيئاً، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك؛ فافرج عنَّا ما نحن فيه، فانفرجت الصَّخرة، فخرجوا يمشون (النووي: رياض الصالحين، ص47-48-49).

2- التَّواضع:
يجب أن يحرص طالب العلم على التواضع، وأن يتميز بهذه الصفة الحميدة، التي تُظهر خفض الجناح للآخرين، فمهما تحصَّل طالب العلم على الإبداع والابتكار بالعلوم المختلفة، فسيبقى هناك من هو أفضل وأعلم وأقدر منه. وقدوتُنا وأُسْوتُنا محمد (ﷺ) فهو أشدُّ النَّاس تواضعاً، وأبعدهم عن التَّكبر، يمنع عن القيام له كما يقومون للملوك، وكان يعود المساكين، ويجالس الفقراء، ويجيب دعوة العبد، ويجلس في أصحابه كأحدهم (المباركفوري: الرحيق المختوم، ص485)، قالت عائشة: (ﷺ) يخيط ثوبهُ، ويخصف نعله، ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم (الألباني: 1988، 1/886)، فعلى طالب العلم أن يتأمل جيداً في أعماله وأفعاله وأقوله، وأن ينظر بعين البصر والبصيرة بأنه سوف يصعد القمة ويقطف الثِّمار ويكون على قمة الهرم، فينبغي عليه أن يكون أداة بناءٍ، ولا يتكبر على العباد، فكُلُنا أبناء أدم عليه السلام وأدم من تراب.

قال موسى بن علي بن موسى:
تواضع تكن كالنجم لاح لناظر على صفحات الماء وهو رفيع
ولا تك كالدخان يعلو بنفسه إلى طبقات الجو وهو وضيع

وقال أحد الشعراء:

يا مظهر الكبر إعجاباً بصورته انظر خلاك فإن البين تثريب
لو فكر الناس فيما في بطونهم ما استشعر الكبر شبان ولا شيب

3- الأمل:
يعد التفاؤل والأمل والسعادة من الجوانب الإيجابية في الشخصية، تلك الجوانب التي يتناولها بالدراسة علم النفس الإيجابي، وذلك العلم الذي يهدف إلى اكتشاف مصادر القوة لدى شخصية الفرد وتقويمها بما يساعده على تجاوز الصعاب التي تواجهه أحداث الحياة، ومن ثم يساعده على تطوير شخصيته والتخلص مما يشويها من نقص وضعف، وازدهار حركة علم النفس الإيجابي ونموها في العصر الحديث إنما تعكس الاهتمام العلمي بالعلاقة التي تربط القدرات الكامنة لدى الفرد من أمل وتفاؤل وسعادة في تنمية الأفكار والانفعالات الإيجابية للفرد (جودة – أبو جراد: 2011، ص132)، وفي سيرة رسول الله دروس وعبر لكل طلاب العلم، ففي الهجرة النبوية ورسول الله (ﷺ) وصاحبه الصديق () في صحراء مكة الشاسعة تبعهما سرقة بن مالك حتى إذا وصل وأقترب منهما عثرت به فرسه فسقط عنها، قال سرقة حتى إذا سمعت قراءة رسول الله - وهو لا يلتفت، وأبو بكر يكثر الالتفاف – ساخت يدا فرسي في الأرض، حتى بلغتا الركبتين، فخررت عنها، فناديتهم بالأمان (المباركفوري، 2007، ص168)، ورجع سرقة إلى مكة فجعل لا يلقى أحداً من الطلب إلا رده وهو يقول: كفيتم هذا الوجه! أصبح أول النهار جاهداً عليهما، وأمسى آخره حارساً لهما (الغزالي: 1965، ص176).
فأقول يا طالب العلم: جميعنا بوسعنا أن ننتصر مهما قست علينا الظروف، فإن أعظم نجاحاتنا هي التي تأتي بعد الهزات والصدمات التي نتعرض لها، فأطيب الثمار لا تهطل من الأشجار إلا بعد أن نهزها بقوة، فالعمل الجاد والمخلص عندما يأتي مدفوعاً بألم وجراح يحقق نجاحاً لا عين رأت ولا أذن سمعت، وجميعنا باستطاعتنا الفوز بلا استثناء، تتفاوت الإمكانات بيننا بلا شك، ولكن جميع الناس فنانون بشكل أو آخر، فلو كل واحدٍ منا أدرك أين موهبته وعمل على تنميتها وصقلها لن نجد يائساً بجوارنا، حتى لو لم يملك أحدنا موهبة محددة باستطاعته أن يصبح ناجحاً إذا رغب في ذلك، وهذه الرغبة تتطلب جهداً وعزيمة وليس نوماً واتكالية (الملغوث: 2012، ص108).

4- الرحمة:
الرحمة من الأخلاق والأسس الإسلامية، وهي رقة في القلب وحساسية في الضمير، وصدق في الشعور، تستهدف الرفق واللين والرأفة بالآخرين، والعطف عليهم، والـتألم لهم، ومسح دموع أحزانهم وآلامهم، وهذا الخلق يعطي المؤمن الابتعاد عن فعل الإيذاء والجرائم؛ وبذلك يصبح مصدر خير وسلام للناس أجمعين (علوان: 1992، 1/360-361)، فعلى طالب العلم أن يكون رحيما في هجرته لطلب العلم، مع أصدقائه ومع أستاذه، وحتى مع أهله وأقاربه وجيرانه.

الطائف دروس وعبر في فن الرحمة لطلاب العلم:
ففي إرهاصات الهجرة النبوية، وبالتجديد في شوال سنة عشر من النبوة – في أواخر مايو أو أوائل يونيو سنة 619م – خرج النبي (ﷺ) إلى الطائف وهي تبعد عن مكة نحو ستين ميلاً، سارها ماشياً على قدميه، ومعه مولاه زيد بن حارثه، وكان كلما مر على قبيلة في الطريق دعاهم إلى الإسلام فلم تجب إليه واحدة منها، فلما انتهى إلى الطائف عمد ثلاثة إخوة من رؤساء ثقيف، وهم عبد ياليل ومسعود وحبيب أبناء عمرو بن عمير الثَّقفي، فجلس إليهم ودعاهم إلى الله، وإلى نصرة الإسلام، فقال أحدهم: هو يمرط ثياب الكعبة (أي يمزقها)، إن كان الله أرسلك، وقال الآخر: أما وجد الله أحداً غيرك، وقال الثالث: والله لا أُكلمك أبداً، إن كنت رسولاً لأنت أعظم خطراً من أن أرد عليك الكلام، ولئن كنت تكذب على الله ما ينبغي أن أُكلمك، فقام عنهم رسول الله (ﷺ)، وقال لهم: إذ فعلتم ما فعلتم فاكتموا عني، وأقام رسول الله (ﷺ) بين أهل الطائف بين أهل الطائف عشرة أيام، لا يدع أحداً من أشرافهم إلا جاءه وكلمه، فقالوا: اخرج من بلادنا، وأغروا به سفاءهم، فلما أراد الخروج تبعه سفاؤهم وعبيدهم، يسبونه ويصيحون به، حتى اجتمع عليه الناس، فوقفوا له صفين، وجعلوا يرمونه بالحجارة وبكلمات من السفه، ورجموا عراقيبه، حتى اختضب نعلاه بالدماء، وكان زيد بن حارثة يقيه بنفسه، حتى أصابه شجاج في رأسه، ولم يزل به السُّفهاء كذلك حتى ألجأوه إلى حائط لعتبه وشيبة ابني ربيعة، على ثلاثة أميال من الطائف، فلما التجأ إليه رجعوا عنه، وأتي رسول الله (ﷺ) إلى حبلة من عنب، فجلس تحت ظلها إلى جدار فلما جلس إليه واطمأن، دعا بالدُّعاء المشهور الذي يدل على امتلاء قلبه كآبة وحزناً مما لقي من الشدة، أسفاً على أنه لم يؤمن به أحد، قال:
"اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الرحيم، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني؟ أم إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك، أو يحل على سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بالله"
فلما رآه ابنا ربيعة تحركت له رحمهما، فدعوا غلاماً لهما نصرانياً، يقال له عداس، وقالا له: خذ قطفا من هذا العنب واذهب به إلى هذا الرجل، فلما وضعه بين يدي رسول الله (ﷺ) مد يده إليه قائلاً: "باسم الله" ثم أكل، فقال عداس: إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد، فقال له رسول الله (ﷺ): من أي البلاد أنت؟ وما دينك؟ قال: أنا نصراني، من أهل "نينوى"، فقال رسول الله (ﷺ) من قرية الرجل الصالح يونس بن متى عليه السلام، قال له: وما يدريك ما يونس بن متى؟ قال رسول الله (ﷺ): ذاك أخي، كان نبياً وأنا نبي، فأكب عداس على رأس رسول الله (ﷺ) ويديه ورجليه يقبلها، فقال ابنا ربيعة أحدهما للآخر: أما غلامك فقد أفسده عليك، فلما جاء عداس قالا له: ويحك ما هذا؟ قال: يا سيدي، ما في الأرض شيء خير من هذا الرجل، لقد أخبرني بأمرٍ لا يعلمه إلا نبي، قالا له: ويحك يا عداس، لا يصرفك عن دينك، فإن دينك هو خير من دينه، ورجع رسول الله (ﷺ) من طريق مكة بعد خروجه من الحائط كئيباً مخزوناً كسير القلب، فلما بلغ قرن المنازل بعث الله إليه جبريل ومعه ملك الجبال، يستأمره أن يطبق الأخشبين على أهل مكة، قال النبي (ﷺ) بل أرجو أن يخرج الله (ﷻ) من أصلابهم من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئاً، وفي هذا الجواب الذي أدلى به الرسول (ﷺ) تتجلى شخصيته الفذة، وما كان عليه من خلق عظيم، ثم تقدم رسول الله (ﷺ) نحو مكة حتى بلغ وادي نخلة، وأقام فيه أياماً، وخلال إقامته هناك بعث الله إليه نفراً من الجن، فدخلوا في الإسلام، ينبغي على طلاب العلم أن يعملوا بخلق الرحمة في كان زمن ومكان وفي كل وقت وحين (مباركفوري: 2007، ص125-126-127)، فمع ما فعله أهل الطائف مع رسول الله (ﷺ) إلا أن الله سخر له الجن فدخلوا في الإسلام، فعلى طالب العلم العمل بالرحمة ولو أغلقت الأبواب في وجهه، فلا ييأس ولا يغضب، بل يجب عليه التواصل واللين والرفق مع أصدقائه من أجل العلم.
5- الإيثار:
من اسْمى وأجْود وأكْمل الصِّفات الطِّيبة والرائعة خُلق الإيثار، فهذا الخلق يتلعثم اللسان ويجف القلم وتمتلئ الكتب عند ذكره ووصفه، وعندما يقدمه طلاب العلم في الميادين والمجالات العلمية فإن له وقع على القلوب وأثر في النفوس، لا يمكن أن ينتهي ولا أن يختفي من العقول أبداً، فالإيثار عكس الشح، فيجب على طالب العلم أن يستفيد من الإيثار بإصلاح وقته وقلبه وحاله مع الله، وأن ينظر ويتأمل في كتب السير أثناء الهجرة النبوية ويأخذ منها الدروس والعبر، فقد صح عن رسول الله ﴿ﷺ﴾ لما هاجر أهل الإسلام للمدينة آخى رسول الله (ﷺ) بين عبد الرحمن وسعد بن الربيع، فقال لعبد الرحمن: إني أكثر الأنصار مالاً، فاقسم مالي نصفين، ولي امرأتان، فانظر أعجبهما إليك فسمها لي، أطلقها، فإذا انقضت عدتها فتزوجها، قال: بارك الله لك في أهلك ومالك، وأين سوقكم؟ فدلوه على السوق بني قينقاع فما انقلب إلا ومعه فضل أقط وسمن، ثم تابع الغدو، ثم جاء وبه أثر صفرة، فقال النبي (ﷺ): مهيم؟ قال: تزوجت، قال: كم سقت إليها؟ قال: نواة من ذهب (المباركفوري، 2007، ص186)، فهذه السيرة الطيبة حدثت في هجرة الرسول (ﷺ) من مكة إلى المدينة، إثار منقطع النظير، فلعل الله سبحانه وتعالى أن يوفق طلاب العلم أن تبرز مثل تلك الصفات الطيبة في التبادل العلمي من أجل التطور والابتكار والإبداع العلمي، وقيل عن الإيثار:
أُسد ولكن يؤثرون بزادهم والأُسد ليس تدين بالإيثار
يتزين الناد بحسن وجوههم كتزين الهالات بالأقمار
وقيل:
المال للرجل الكريم ذارئعٌ يبغي بهن جلائل الأخطار
والناس شتى في الخلال وخيرهم من كان ذا فضل وذا إيثار


6- التمسك بالثوابت الإسلامية:
الثوابت المقصود بها عدم التغيير والتبديل، وهي تمثل الأخلاق الحميدة، والثوابت التي لا يمكن أن تكون مجال مساومة أبداً، فهي من تعاليم محمد (ﷺ) لا تحْتمل تغييراً أو تأويلاً، فعلى طالب العلم أن يتقي الله في غض بصره وحفظ فرجه وعلاقته مع طلاب العالم، ونحن نتحدث عن كِلا الجنسين شباب وشابات وفتيان وفتيات، ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ﴾ (سورة النور: الآية 30-31)، وينبغي على طالب العلم أن يأمل جيداً بأنه هاجر من أجل العلم، وبطبيعة الحال هو ينظر إليه أغلب أفراد المجتمع، فيحْرص أن يقدم الصورة الصحيحة للإسلام، ويظهر أخلاق هجرة رسول الله (ﷺ)، ويحرص على الفوز في الدارين، حتى يكون سعيداً في أول منازل الآخرة.
7- المعوقات التي توجه طالب العلم:
لا شك بأن طالب العلم يقدم الوقت والجهد في سبيل البحث العلمي، ولابد أن ينتج عن ذلك العديد من المعوقات والصُّعوبات وهي تتمثل في الآتي:
 قلة الموارد المالية: وهذه من أكبر المشاكل وأعْظمُها، فيجب على الحكومات والدول أن تتبنى مشاريع استثمارية لمساعدة طلاب العلم وبحوثهم العلمية.
 الصحبة السيئة: للأصدقاء أثار كبيرة سواء كانت هذه التأثيرات سلبية أو إيجابية، وهنا ننصح طلاب العلم أن يحرصوا على اختيار الصحبة الطَّيِّبة، التي تعين على طلب العلم، وتشجع على البذل والعطاء، وتساهم في الإبداع والبحث العلمي.
 ضعف الهمة: لا شك بأن عدم الاجتهاد، وضعف الإنجاز العلمي، من أهم المعوقات والمشكال التي تسبب في تأخير طالب العلم.
 الفتن والمعاصي: ينبغي على طالب العلم أن يتقي الله في كل صغيرة وكبيرة وفي كل واردةٍ وشاردة، خصوصاً في مسألة غض البصر وحفظ الفرج، وأن يضع بين عيْنيْه أن النظر لمحاسن الرجال أو النساء، للشباب أو الشابات و الفتيان و الفتيات بشهوة لها أضرار كبيرة على النفس والجسم في الدنيا ويوم القيامة، لاسيما المحرَّمات التي تصل إلى كل بيتٍ وغرفة نومٍ عبر الفضاء من خلال الإنترنت (السُّوشيال ميديا)؛ فلهذه الوسائل الاجتماعية أضرار كبيرة في ضياع الأعْمار واسْتنزاف الأوْقات دون قراءة أو كتابة أو مشاركة في ندوات أو مؤتمرات علمية، فقد قال الإمام الشافعي:
"شكوت إلى وكيعٍ سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي، وأخبرني
بأن علم الله نور، ونور الله لا يهدى لعاصي".
8- الإبداع العملي
أولاً: أسس الإبداع العلمي
الأسس التي لابد من وجودها عند كل شخص مبدع، ولا يتصوَّر وجود مبدع دونها، ومن هذه الأسس القوة العقلية، فلا من توفر هذه القدرة عند الإنسان المبدع، والعبقرية هي أعلى المستويات من القدرات العقلية المعرفية، وقد وضع علماء التربية مستويات متدرجة للذكاء، تبدأ من المعتوه (أقل من 20 درجة) وتنتهي بالعبقري (أعلى 140 درجة) والعباقرة أيضاً لهم درجات، وأعلى درجة للعبقرية اكتشفت حتى الآن هي (300 درجة)، وأيضاً من الأسس الإبداع العلمي القوة النفسية، فلابد أن يتصف المبدع بقوة النفس العلمية والعملية، والمراد بها: قوة الثبات والإرادة والتصميم والمثابرة والنُّزوع إلى الكمال، وكذلك من أسس الإبداع العلمي القوة الجسدية والمقصود بها الطاقة الحيوية والنشاط المتدفق الذي هو شعلة الإبداع ووقود أُتونه، حتى وإن كان صاحبها لطيف الجسم، نحيل البدن، فإن هذا ليس مقياساً للطاقة والحيوية والنشاط (القرني:2007، ص37-43-52)، بل ربما كان العكس هو الصحيح كما قال بعضهم:
تراه من الذكاء نحيف جسمٍ عليه من توقده دليل
إذا كان الفتى ضخم المعالي فليس يضره الجسم النحيل!

ثانياً: أهمية الإبداع العلمي
- يساهم الإبداع العلمي في تطور المجتمعات إلى الأفضل
- صقل المهارات وتنظيم الطاقات مما يساهم في جعل حياة المفكرين والمبدعين أفضل
- يساهم الإبداع العلمي في حل المشاكل المختلفة في أي دولة من الدول.
- يتميز الإبداع بالتعاون والتعارف بين علماء البلد الواحد
ثالثاً: صفات تدل على موهبة الإبداع العلمي
- القدرة على الحوار والتعامل بثقة في المؤتمرات والندوات العلمية
- الموهبة في تقديم المقترحات والأفكار المقنعة
- العمل على تحقيق الأهداف المحمودة، والاجتهاد بالوصول إليها
رابعاً: أسباب نجاح الإبداع العلمي
- لابد من عنصر التجديد، والاهتمام بموضوع الفكرة، لاستقطاب عدد كبير من الناس
- الإثارة والتجديد فعندما يشعر الجمهور العلمي الذي ينتظر المادة أو الفكرة العلمية بأنهم اكتشفوا شيئاً جديداً، من هنا تبدأ عملية الإثارة وستبدأ الناس بالحديث عنك لأناس آخرون، وهكذا ينتشر الابتكار والإبداع العلمي
- استثمار المقدرة الطبيعية بحيث أن تكون قدوة للآخرين، وتقديم مستوى رائع وصحيح لتحقيق الأهداف والنتائج.


الخاتمة:
عندما نتأمل في هجرة رسول الله (ﷺ) نعرف بأنها دروس وعبر في مختلف المجالات، خصوصاً لطلاب العلم، فيجب علينا الحرص على سلامة أرْوحنا وأجسادنا بتعاليم القرآن ودروس الهجرة النبوية، بالتواضع والرحمة والأمل والتفاؤل والالتزام بالثوابت الإسلامية، حتى تكون لنا بصمة على ظهر هذه الأرض تستمر بإذن الله وتساهم في الإبداع والتطور العلمي، والابتعاد عن المعوقات التي تقابل طالب العلم، من حيث الصحبة السيئة، ضعف الهمة، وأيضاً الابتعاد عن الذنوب والمعاصي، كما تعتبر أهمية الإبداع العلمي كبيرة جداً، فهي تساهم في تطور المجتمعات إلى الأفضل، فينبغي علينا الأخذ بأسباب الإبداع العلمي بالبحث عن الأفكار الجيدة، لاستقطاب شريحة كبيرة من الناس والتأثير فيهم من خلال الإبداع والابتكار العلمي.









قائمة المصادر والمراجع:
- القرآن الكريم.
- ابن القيم الجوزية، أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب، د.ت، مدارج السالكين، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت.
- النووي، محيي الدين يحيى بن شرف، 2001، رياض الصالحين، تحقيق على حسين بن علي بن عبد الحميد الحلبي الأثري، ط1، دار ابن الجوزي، الرياض.
- الألباني، محمد ناصر، 1988، صحيح الجامع الصغير وزيادته، ط3، المجلد الأول، المكتب الإسلامي، بيروت.
- المباركفوري، صفي الرحمن، 2007، الرحيق المختوم، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الدوحة.
- جودة، آمال – أبو جراد، حمدي، 2011، التنبؤ بالسعادة في ضوء الأمل والتفاؤل لدى عينة من طلبة جامعة القدس المفتوحة، مجلة جامعة القدس المفتوحة للأبحاث والدِّراسات، ع24.
- الغزالي، محمد، 1965، فقه السيرة، ط6، دار الكتب الحديثة، د.م.
- علوان، عبد الله ناصح، تربية الأولاد في الإسلام، ط9، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع، د.م، ج1.
- القرني، أحمد بن علي، 2007، الإبداع العلمي، ط1، دار عالم الفوائد، مكة.
- البغدادي، الخطيب، 1985، اقتضاء العلم العمل، تحقيق محمد ناصر الدين الألباني، ط5، المكتب الإسلامي، بيروت.
- المغلوث، عبد الله، 2012، تغريدة في السعادة والتفاؤل والأمل، ط1، مدارك للنشر، بيروت.
...المزيد
يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
8 محرم 1446
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً