ازمة القراءة إن روعة البيان وسحر الكلام ليعجزان عن التعبير في هذا الموضوع لأنه كتب فيه الكثير ...

ازمة القراءة

إن روعة البيان وسحر الكلام ليعجزان عن التعبير في هذا الموضوع لأنه كتب فيه الكثير من الكتب والمقالات وطوقته الأقلام أكثر من مرة وما انا الا قطرة في بحر احاول ان استعير بلاغة القول لابين اهمية هذا الموضوع في حياتنا الادبية والاجتماعية وما له من انعكاسات على الفرد والمجتمع ، فهو من المواضيع الشائعة التي تعتبر من موضوعات الساعة ،التي شغلت بال المجتمع العربي دون جدوى ، لان الكلام الذي لا يصاحبه عمل وتطبيق يعد من قائله ثرثرة وهذيان فهو منه بمثابة المجنون الذي يجري وراء ظله ليمسك به ،
فمتى سنعقل ان القراءة ضرورية في الحياة ؟ وبالقراءة تنمو الحضارات وتتقدم المجتماعات ؟ وقبل هذا وذك فنحن من امة كان اول عهدها بكلام ربها هو القراءة والقلم ، متى ستصحو الامة العربية من سباتها العميق وتعيد الاعتبار الى امجادها وعظمائها الاوائل ؟
قبل الغوص في العرض سٲنقل لكم كلاما لعله يثير فينا الفضول وحب القراءة ، يحكى ان الجاحظ وما ادراك ما الجاحظ كان
لم يقع بيدِه كتاب قطّ إلا استوفى قراءته، حتّى أنّه كان يكتَري دكاكينَ الْكُتْبيين، ويبيتُ فيها للمُطالعة، وكان ماهرا في قوّة الحفظ وعالم بالشعر واللغة ،
لن نتقدم الا اذا كان غدنا افضل من يومنا ولا يكون ذلك الا اذا عدنا الى رشدنا وصحون من سباتنا وجعلنا القراءة مصدر حياتنا وانتمائنا لهذا الدين ، ولنجعل شعار يومنا هو ـ لا تنم بنفس العقل الذي استيقظت به ـ حتى نمسك بسراج العلم والمعرفة ونشيح به في وجه العدو ونغوص في عمق تراثنا وثقافتنا لنستخرج الجواهر المكنونة التي بها تقدم اسلافنا ،
ونعلن في وجه خصومنا اننا قادرون على الصمود امام زحفهم المستهدف للعقول العربية والذي التجٲت اليه الدول الغربية عند ما وجدت الشراسة والضراوة في الانسان العربي المدافع عن وطنه وتراثه خلال الحملات الصليبية.
ولكي نمسك ببوارق النور والهدى فعلينا ان نــلتفت التفات المتعطش في الفيافي والفقار الى عهد ربنا بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم فكان اول ما خاطب به الله نبينا هو قوله تعالى ( اقرٲ باسم ربك الذي خلق...الذي علم بالقلم)
فلنجعل القراءة مبدٲ اساسي في حياتنا اليومية ، وان يكون ذلك عن طريق الاقتناع لا الاكراه لكي يصمد الواحد منا حاملا لعبء القراءة ومحاميا عنه امام التيارات المنحرفة ، وليكون هاجس الكشف والاطلاع وحب المعرفة يسكن في عقولنا ويجري مجرى الدم في اجسادنا ،
فإذا كان الطعام غداء للجسد فالقراءة هي غداء للروح والقلب معا ، فالقراءة تلين الطبع وترود العقل وتعين على المروءة
وطلب الارتقاء ،
ولنا في اسلافنا وعلمائنا القدوة الحسنة في هذا المجال ،
فكان همهم القراءة وحب المعرفة وبذل الجهود في الابداع وتكوين العلوم وتٲسيسها حتى بلغوا بذلك الذروة.
فتركوا لنا المكاتب زاخرة مملوءة بالكتب والمخطوطات
المتضمنة للعلوم المختلفة في مجالات شتى ، ولمثل هذا فاليعمل العاملون
لما كان موضوع القراءة من المواضع التي جفت فيه الاقلام
والفت فيه الكتب والمجلات ، على منحى متداول بين الجميع
معتمدين في ذلك على معطيات وتحليلات لا تعدو ان تكون من باب الاطلاع على هذه الازمة التي نعيشها ، وقد لا تثير فيك الحمس والنهوض لكون الارقام تتقارب الصفر ، فقد يعكس هذا المنحى المعتمد على الارقام صورة سلبية لدى القارئ.
فوددت قبل امساك القلم معاهدا نفسي على انني في هذا المقال لم اكتب على هذا النهج المتداول ، وانما ساخالف المعهود وسامسك بيد القارئ لاحلق به في سماء المجد ،
وعلى ضفاف تاريخ اسلافنا من الكتاب والادباء ،
وحسبي من هذا المقال ان اثير في القارئ شغف المعرفة وحب القراءة.
--------------
اسماعيل الهرموش
...المزيد

{كيف أنجب إبليس ذريته؟} *الذرية في اللغة:- أصلها ذريئة فخففت الهمزة وتعني النسل وهي تنسب إلي الذر ...

{كيف أنجب إبليس ذريته؟}
*الذرية في اللغة:- أصلها ذريئة فخففت الهمزة وتعني النسل وهي تنسب إلي الذر وهو صغار النمل أو تنسب إلي الذرء بمعني الخلق قال تعالي (وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنْ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيباً) سورة الأنعام. وهذا معناها اللغوي وقد خلق الله إبليس بغير زوجة ثم كانت له ذرية فقد قال الله عز وجل (أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً (50) سورة الكهف. فكيف أنجب إبليس ؟ ومن هي زوجته التي أنجب منها تلك الذرية التي صارت (ذكورا وإناثا)؟ فعن أَنَسً رصي الله عنه قُالُ كَانَ النَّبِي صلي الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ الْخَلاَءَ قَالَ «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ» رواه الجماعة وصححه الألباني. وفي السنة أيضا عَنْ أَبَي هُرَيْرَةَ عن النَّبِي صلي الله عليه وسلم قال «إِنَّمَا ذَلِكَ مَثَلُ شَيْطَانَةٍ لَقِيَتْ شَيْطَانًا فِي السِّكَّةِ فَقَضَي مِنْهَا حَاجَتَهُ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ» رواه أبو داوود وصححه الألباني. وقد اختلف العلماء قديما وحديثا في كيفية إنجاب إبليس لذريته ولم تحسم القضية حتي الآن ولكنني سأسوق أدلتي لحسمها إن شاء الله والله الموفق.
(أقوال العلماء في كيفية إنجاب الشيطان)
*القول الأول:- الشيطان ينكح نفسه فينجب وقد جعل الله له ذكرا في فخذه الأيمن وفرجا في فخذه الأيسر فينكح نفسه وتحمل فخذه ثم يلد. ولا دليل علي ذلك وهذا الأمر لا نعلمه إلا بوحي أو بالمشاهدة فأما الوحي فلا يوجد ما يحتج به أصحاب هذا القول وأما المشاهدة فمستحيل لقوله تعالي (إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (27) سورة الأعراف.
*القول الثاني:- أنه يبيض ودليل ذلك عندهم حديث عن سلمان عن النبي صلي الله عليه وسلم قال (لا تكن أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها فيها باض الشيطان وفرخ) وهو حديث صحح إسناده القرطبي وذكره الشيخ الشنقيطي في أضواء البيان مرجحا صحته وقد أبطل الاحتجاج به قائلا (هذا كان مثل تعرفه العرب) أي قبل ميلاد النبي صلي الله عليه وسلم. ويقال هذا المثل لمن طال مكثه في مكان ما وقد استدل به العلماء علي سبيل الاحتمال واستدلالهم هذا خطأ لأن القاعدة تقول (الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال) وهذه القاعدة معروفة.
*القول الثالث:- أن له زوجة لأن الذرية لا تكون إلا بزوجة كما قال الإمام الشعبي رحمه الله عندما سأله سائل فقال له هل للشيطان زوجة فرد عليه قائلا ذاك عرس لم أحضره ثم قال رحمه الله ولكني تذكرت قول الله (أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدوا) فقلت نعم له زوجة. وأصحاب هذا القول لم يوضحوا متي كانت الزوجة وهل كانت معه في الجنة قبل المعصية وهل عصت كزوجها وهل طردت من الجنة وهل وهل؟ كل هذه أسئلة لم يجيب عنها أصحاب هذا القول وعلي هذا فلا يعد قولا أصلا لأن الأصل أن له زوجة وهم لم يقدموا جديدا فلا حاجة لنا بقولهم.
*القول الرابع:- يقولون الله أعلم فهذا علم لا ينفع وجهل لا يضر ونسكت عنه أسلم لنا. وهؤلاء لا يستطيعون أن يردوا علي الملحدين أو الطاعنين في الدين فلا داعي لذكر قولهم أصلا لأنهم اتبعوا منهج التفويض في كل شيء وهم بذلك أسوء من الجهلة فإن ضرهم أكثر من نفعهم. وبما أنني جعلت منهجي (القرآن تبيان لكل شيء) فكان لزاما علي أن أبحث في هذا الأمر والله الموفق.
(القول الخامس وهو بحثي أنا أقول وبالله التوفيق)
إن الله خلق الشيطان وحده بلا زوجة وهذا ما دلت عليه النصوص من القرآن والسنة ثم أذن الله له بمشاركة البشر فقال له (وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَولادِ) أي البشر. فشاركهم في طعامهم وقد ورد هذا عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِي صلي الله عليه وسلم يَقُولُ «إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ لاَ مَبِيتَ لَكُمْ وَلاَ عَشَاءَ. وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ. وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ». رواه مسلم. وهذا الحديث يوضح المشاركة في الطعام والمبيت , والمشاركه في الشراب ورد في الحديث عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما عن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال «خَمِّرُوا الآنِيَةَ ، وَأَوْكُوا الأَسْقِيَةَ ، وَأَجِيفُوا الأَبْوَابَ ، وَاكْفِتُوا صِبْيَانَكُمْ عِنْدَ الْعِشَاءِ ، فَإِنَّ لِلْجِنِّ انْتِشَارًا وَخَطْفَةً ، وَأَطْفِئُوا الْمَصَابِيحَ عِنْدَ الرُّقَادِ ، فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ رُبَّمَا اجْتَرَّتِ الْفَتِيلَةَ فَأَحْرَقَتْ أَهْلَ الْبَيْتِ» رواه البخاري ومسلم. وهذين الحديثين يوضحان كم أن النبي صلي الله عليه وسلم لا يريد للشيطان أن ينتفع من المسلمين بشيء فأوضح مشاركة الشياطين في الطعام والشراب والمبيت بل وعلي الفرش أيضا فقد ورد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم قَالَ «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ عَنْ فِرَاشِهِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ فَلْيَنْفُضْهُ بِصَنِفَةِ إِزَارِهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ بَعْدَهُ فَإِذَا اضْطَجَعَ فَلْيَقُلْ بِاسْمِكَ رَبِّي وَضَعْتُ جَنْبِي وَبِكَ أَرْفَعُهُ...» متفق عليه. ولنعلم من الذي قد يخلف الإنسان في فراشه سيوضحه هذا الحديث عَنْ أَبِي الأَزْهَرِ الأَنْمَارِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ «بِسْمِ اللَّهِ وَضَعْتُ جَنْبِي اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي وَأَخْسِئْ شَيْطَانِي وَفُكَّ رِهَانِي وَاجْعَلْنِي فِي النَّدِي الأَعْلَي». رواه أبو داوود وصححه الألباني. ولنعلم سبب ذكر الشيطان فقد ورد في حديث أبي هريرة توضيح أكثر عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ ، فَأَتَانِي آتٍ ، فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ ، فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ لأَرْفَعَنَّكَ إِلَي رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وفيه أن الشيطان قال له (إِذَا أَوَيْتَ إِلَي فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِي لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ ، وَلاَ يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّي تُصْبِحَ. فَقَالَ النَّبِي صلي الله عليه وسلم «صَدَقَكَ وَهْوَ كَذُوبٌ، ذَاكَ شَيْطَانٌ». رواه البخاري. وهذا الحديث قد أوضح لنا أن الشيطان يقرب الإنسان عند النوم والسؤال هنا لماذا يقربه مع أنه نائم يعني لا سبيل لجره إلي معصية غالبا في هذا الوضع؟ الإجابة:- أنه قد يجامع نساء الإنس وتجامع نساء الشياطين رجال الإنس من أجل المتعة أو أن ينجبوا منهم ذرية لهم ولهذا أمرنا النبي صلي الله عليه وسلم أن نسمي ونقول هذا الدعاء عند الجماع فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أن النَّبِي صلي الله عليه وسلم قَالَ «لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَتَي أَهْلَهُ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا . فَقُضِي بَيْنَهُمَا وَلَدٌ ، لَمْ يَضُرَّهُ» متفق عليه. وهنا سؤال لماذا يأمرنا النبي صلي الله عليه وسلم أن نقول هذا الدعاء عند الجماع خاصة؟ الإجابة المتوقعة هي لأن الشيطان قد يوسوس للرجل أن يأتي زوجته وهي حائض أو في دبرها وهذا صحيح ولكن قد يكون ثم أمر آخر وهو أنه قد يجامع مع الرجل زوجته وهذا سبب قول النبي (اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا) فمعناها أن الشيطان سيقترب منا ومما رزقنا الله وهن نسائنا أي بالجماع كما روي عن قتاده قال (إن الشيطان ينطوي في إحليل الرجل فيجامع مع الرجل زوجته) وهذا أمر معروف وملموس ومنتشر أعاذنا الله وإياكم والمسلمين وهو ما يسمي بحالات (العشق) فإن نساء الشياطين تعشق ذكور الأنس والعكس ويتم الجماع وهذا ما فعله الشيطان الأول فعندما فعل الشيطان الأول ذلك كثرت ذريته وهذا مما أذن الله له به فقال تعالي (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدْ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنْ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنْ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (128) سورة الأنعام. ومن هذه الآية يتضح الآتي.
1- هذا الأمر عند الحشر وهو يوم القيامة وكلمة (جميعا) تدل علي أن الكلام موجه إلي جميع أهل الجن وجميع أهل الإنس وليس للعصاة فقط كما تقول التفاسير فكلمة (معشر) أي من كانت بينهما معاشرة.
2- في هذه الآية نداء لمعشر الجن وليس للشياطين وهذا يدل علي أن الكلام للجنس وليس لنوع بعينه فإن الجن أنواع مثل الشياطين والعفاريت والمردة وكلهم ذكروا في القرآن.
3- هذه الآية توضح كيفية تكاثر الجن في قوله تعالي (قَدْ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنْ الإِنسِ) أي كثركم الله منهم فأصبحتم كثيرين ولم يقل هذا في الأنس لأنهم يستكثرون من أنفسهم كما ورد قوله تعالي (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (72) سورة النحل. وهذا يدل علي أن الأنس فقط أزواجهم من أنفسهم أما الجن أزواجهم من أنفسهم ومن غير أنفسهم والأنس والجن هم أهل التكليف وهذا يؤيد ما ذكرناه سلفا من الأحاديث ووضح لنا لماذا أمرنا النبي صلي الله عليه وسلم بهذه الأدعية عند النوم خاصة لكي لا تأتي ذكور الشياطين النساء والعكس فتكثر ذريتهم من المسلمين.
4- (الواو) في قوله تعالي (وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنْ الإِنسِ) ليست ردا علي الكلام بل استئناف لكلام آخر ولهذا لم يقل ربنا (فقال) لتدل علي التعقيب ولم يقل (قال) لتدل علي إجابة السؤال فتبين أن (الواو) استئنافية وليست عطفا والكلام ليس لكل الأنس بل لطائفة منهم هم من قالوا ذلك فليس كل الأنس أولياء للجن وهذا مستحيل لوجود رسل وصالحين من الأنس بل القائل هم الطائفة من الأنس التي اتخذت الجن أولياء أي أن الكلام بدأ عاما ثم خصص في طائفة معينة وهم العصاة من الأنس قد يكونوا أمثال السحرة فالموالاة هي الطاعة المطلقة وهي خدمة الشياطين للسحرة والمشعوذين فيكون المعني عطف الخاص علي العام في سياق الكلام.
5- ومن كل هذا يتبين لنا أن الجن شارك الأنس في الزوجات وفي الأولاد وفي المأكل والمشرب والفراش وهذه هي الحكمة من أمر النبي صلي الله عليه وسلم لنا بكل ما سبق من أحاديث.
6- الاستكثار في قوله تعالي (قد استكثرتم) بمعني الكثرة مثل قوله تعالي (وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ وَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (86) سورة الأعراف.
7- إن الله جمع زواج نوعين من الرجال من الإنس والجن بنكاح نوع واحد في الجنة وهن الحور العين التي ستكون للجن والأنس الطائعين أزواجا أعني نفس النوع قال تعالي (ِفيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (56) سورة الرحمن. والطمث هو فض غشاء البكارة وفي هذه الآية دليل علي أن الجني يطمث كما يطمث الإنسي كما قال الزجاج وقال قتادة في هذه الآية (إذا جامع الرجل ولم يسم الله انطوي الجان علي إحليل الرجل فجامع معه ) وقال القرطبي (وجائز أن تطأ الجن بنات آدم) وقال أيضا (وقد يعلمك أن نساء الآدميات قد يطمثهن الجان) وبعد هذا كله تبين أن الجن قد يجامع نساء البشر وينجب منهن ويكون المولود يحمل صفات الجن ولهذا كان الكلام موجه للجن في قوله (قد استكثرتم من الإنس) ولم يقل ذلك للإنس لأن الأنس يكثر بعضهم من بعض كما بينا قبل ذلك ومن هذا علمنا أن الشيطان عندما فعل ذلك يعني شارك الرجال في الأولاد بالإنجاب من نسائهم واستكثر من الإنس أصبح له ذكورا وإناثا فُعن أَنَسً قُالُ كَانَ النَّبِي صلي الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ الْخَلاَءَ قَالَ «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ» متفق عليه. فالخبث بمعني ذكور الشياطين والخبائث بمعني نسائهم كما قال العلماء وعن أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ عِنَْ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم َقَالَ «لَعَلَّ رَجُلاً يَقُولُ مَا يَفْعَلُ بِأَهْلِهِ وَلَعَلَّ امْرَأَةً تُخْبِرُ بِمَا فَعَلَتْ مَعَ زَوْجِهَا». فَأَرَمَّ الْقَوْمُ فَقُلْتُ إِي وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُنَّ لَيَقُلْنَ وَإِنَّهُمْ لَيَفْعَلُونَ. قَالَ «فَلاَ تَفْعَلُوا فَإِنَّمَا مِثْلُ ذَلِكَ مِثْلُ الشَّيْطَانِ لَقِي شَيْطَانَةً فِي طَرِيقٍ فَغَشِيَهَا وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ». رواه أحمد وصححه الألباني. فهذين الحديثين يوضحان أنه يوجد شياطين ذكور وشياطين إناث فتزاوجا وأنجبا ذرية فكانت ذرية الشيطان علي أربعة أنواع (الأول) من كان أبواه شياطين و(الثاني) من كان أباه شيطان وأمه من الإنس و(الثالث) من كان أباه من الإنس وأمه من الجن و(الرابع) مختلف فهو شيطان ولكن من شياطين الإنس أبواه إنسيان وهو شيطان قال تعالي (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَي بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ . . . (112) سورة الأنعام. ومن هذا كله تبين أن كل من لم يسم الله ويدعو الدعاء كما أمر النبي صلي الله عليه وسلم قد يشاركه الشيطان أهله وقد يقول قائل فكيف مشاركة المال أقول ألم يخبر النبي صلي الله عليه وسلم أن الشيطان يأكل معنا إذا لم نسم الله وأخبرنا أن الشيطان يسرق أموالنا قال تعالي (قَالَ عِفْريتٌ مِنْ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) سورة النمل. إذا لماذا قال (أمين)؟ ليطمئن سليمان عليه السلام أنه لن يسرق منه شيء ولن يدع الجن يسرقون منه شيء فهو (قوي أمين) وقد ذكرنا الحديث الذي ذكر فيه سرقة الشيطان من أموال زكاة رمضان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ . َقَالَ النَّبِي صلي الله عليه وسلم «صَدَقَكَ وَهْوَ كَذُوبٌ ، ذَاكَ شَيْطَانٌ» رواه البخاري. فهذه هي المشاركة في المال والله أعلم.
8- قد أوضحنا والحمد لله مشاركة الشيطان لنا في الطعام والشراب والأولاد والبيوت والمنامات فلا يستنكر علي أحد بحثي هذا في المشاركة في النساء كما بينت ومن أراد أن يرد علي بحثي فاليأتي بالبديل ويكون بالدليل كما فعلت أنا والله الموفق.
9- بعد أن شارك الشيطان في الجماع وأنجب واستكثر من الأنس أصبح له ذرية قال تعالي (أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً (50) سورة الكهف. وبهذا قد علمنا كيف كانت ذريته ليس عن طريق نكاح نفسه ولا عن طريق بيضه وغير ذلك والله أعلم.
10- قول النبي صلي الله عليه وسلم عن الجن أنهم إخواننا صراحة فعَنْ ابْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ فَفَقَدْنَاهُ فَالْتَمَسْنَاهُ فِي الأَوْدِيَةِ وَالشِّعَابِ فَقُلْنَا اسْتُطِيرَ أَوِ اغْتِيلَ قَالَ فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إِذَا هُوَ جَاءٍ مِنْ قِبَلِ حِرَاءٍ قَالَ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَدْنَاكَ فَطَلَبْنَاكَ فَلَمْ نَجِدْكَ فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ. فَقَالَ «أَتَانِي دَاعِي الْجِنِّ فَذَهَبْتُ مَعَهُ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ». قَالَ فَانْطَلَقَ بِنَا فَأَرَانَا آثَارَهُمْ وَآثَارَ نِيرَانِهِمْ وَسَأَلُوهُ الزَّادَ فَقَالَ «لَكُمْ كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ يَقَعُ فِي أَيْدِيكُمْ أَوْفَرَ مَا يَكُونُ لَحْمًا وَكُلُّ بَعَرَةٍ عَلَفٌ لِدَوَابِّكُمْ». فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم «فَلاَ تَسْتَنْجُوا بِهِمَا فَإِنَّهُمَا طَعَامُ إِخْوَانِكُمْ». رواه مسلم. وفي رواية الترمذي وأحمد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم «لاَ تَسْتَنْجُوا بِالرَّوْثِ وَلاَ بِالْعِظَامِ فَإِنَّهُ زَادُ إِخْوَانِكُمْ مِنَ الْجِنِّ». وهذا الحديث صريح في أنهم إخواننا في النسب لأن أمهاتهم من البشر والعكس كما أوضحنا قبل ذلك ولا يقول قائل أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يقصد أنهم إخواننا في الإسلام فقط. أقول له يا أخي وهل الطعام الذي ذكره النبي صلي الله عليه وسلم من العظام للجن المسلمين منهم فقط أم أنه طعام لكل الجن؟ أكيد طبعا كل الجن وليس للمسلمين فقط. بمعني أنه لو وجد أحد الجن الكفار طعام من عظم فهل سيتركه ويقول هذا للمسلمين فقط؟ أكيد لا بل سيأكل وسيسمي الله عليه أيضا. إذا فكل الجن إخواننا كما صرح الحديث وبهذا اتضح الأمر والحمد لله والله أعلي وأعلم.
11- وبهذا اتضح قول الله بعد هذه الآيات (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ...) سورة الأنعام. والمعني هو أن الجن أصلهم متصل بالبشر كما أوضحنا فكل الرسل من الإنس والجن تبع للإنس في التكاثر فكانت الرسل منهم جميعا وبهذا حل الإشكال وضيق الخلاف والله أعلم.
12- وهنا لفته بسيطة وهي أني أعتبر تفسير حديث بن عباس رضي الله عنه «كان بين نوح وآدم عشرة قرون كلهم علي شريعة من الحق فاختلفوا فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين». رواه البخاري. كانوا علي الإسلام لأن الشيطان لم يكثر بعد ولم ينتشر لانعدام ذريته أو لقلتهم بسبب إيمان الناس الذي كان سببا في ذلك فكان إيمان الناس سببا في قلة الشياطين وكانت قلة الشياطين سببا في إيمان الناس ويزداد الأمر وضوحا عندما يزداد الناس طاعة في رمضان بسبب تصفيد الشياطين فيظهر عليهم الإيمان ويكون إيمانهم سببا في تصفيد الشياطين ويكون تصفيد الشياطين سببا في إيمانهم فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم «... وَتُصَفَّدُ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ فَلاَ يَخْلُصُوا فِيهِ إِلَي مَا كَانُوا يَخْلُصُونَ إِلَيْهِ فِي غَيْرِهِ وَيُغْفَرُ لَهُمْ فِي آخِرِ لَيْلَةٍ». قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَهِي لَيْلَةُ الْقَدْرِ قَالَ «لاَ وَلَكِنَّ الْعَامِلَ إِنَّمَا يُوَفَّي أَجْرَهُ إِذَا قَضَي عَمَلَهُ». رواه أحمد وصححه الألباني. وبهذا فض الخلاف بالدليل من القران والسنة والحمد لله.
وأخيرا الشيطان من المنظرين وحده وهو المستثني من الجن وأما غيره فيموتون بآجالهم. والله أعلي وأعلم.
*ملحوظة مهمة :- أعرف أن قولي هذا لا يروق لهؤلاء الذين يميلون إلي المادة والحواس فأقول لهم إذا أجيبونا أنتم علي هذا السؤال كيف أنجب إبليس ذريته؟ ولا نترك المجال للملاحدة فيعبثون في قلوب المؤمنين بقولهم ألم يقل قرآنكم أنه تبيان لكل شيء فكيف لم يبين ما فيه؟ وهكذا فإن قرآنكم علي خطأ فهو ليس تبيان لأي شيء. وأنا أطالب الذين يعترضون علي نتائج أبحاثي أن يجيبوا علي سؤال الملاحدة الذي ذكرته سلفا فقد قرأته والله في بعض طعنهم وهذا ما جعلني أبحث في كل مسائل القرآن المبهمة لأجد لها أجوبة في تبيان القرآن وقد أعانني الله ووفقني ووجدت ما أبحث عنه والحمد لله وسيظهر ذلك خلا قراءة الكتاب إن شاء الله. وأذكر القاريء الكريم أن كل ما تعترض عليه من بحثي فعليك أن توجد أنت له حلا والله الموفق وأنا في النهاية بشر أخطيء وأصيب والقرآن أكبر من فهمي وأعظم فلا يلوم علي أحد إذا ظهر خطأ في بعض أبحاثي فالكمال لله وحده وكلنا بعد ذلك مجتهدون.
...المزيد

+++++ إصدارات دولة الخلافة الإسلامية نصرها الله خلال عام 1439 هجري مع جميع اعداد صحيفة ...

+++++

إصدارات دولة الخلافة الإسلامية نصرها الله خلال عام 1439 هجري مع جميع اعداد صحيفة النبأ
ومجلة رومية واهم التوثيقات والرسائل للذئاب المنفردة

https://pastethis.at/ZMeOjJZs

https://pastethis.at/JwizIjIbfuw82s

https://justpaste.it/4kjix

https://justpaste.it/6mr1c

https://pastethis.at/zwdWJiOZm2de
...المزيد

صـداع الرأس من علامات أهل الإيمان وأهل الجنـة دخَل أعرابـيٌّ على النَّبيِّ ﷺ : فقال النَّبيُّ ﷺ ...

صـداع الرأس من علامات أهل الإيمان وأهل الجنـة

دخَل أعرابـيٌّ على النَّبيِّ ﷺ :
فقال النَّبيُّ ﷺ ( هل أخذَتكَ أُمُّ مِلدَمٍ ))
قـال : وما مِـلدَمُ ؟
قال : (( حَرٌّ بين الجلدِ و اللحـمِ ))
قـال : لا ،
قال : (( فهل صدَعتَ ؟ ))
قـال : و ما الصُّـداعُ ؟
قال : (( ريحٌ تعترِضُ في الرأسِ ، تضرب العروقَ ))
قـال : لا ،
قـال : فلما قـام ،
قـال ﷺ :
(من سرَّه أن ينظرَ إلى رجلٍ
من أهل النارِ أي فلْيَنْظُـرْه)
وفي رواية :
(( مَن أحَـبَّ أن ينظُرَ إلى رجلٍ مِن أهلِ النَّارِ فلينظُر إلى هذا ))
صححه الألباني في
صحيح الأدب المفرد - رقم: (381)
قال ابن رجب رحمه الله :
وصداع الرأس من علامات أهل الإيمان
وأهل الجنة.
لطائف المعارف ١٠٥
...المزيد

*​خمسة أوقات تفتح فيها أبواب السماء*​ ❶ الوقت الأول : ☜ ​قبل الظهر​ ☆ قال رسول الله ﷺ : ( ...

*​خمسة أوقات تفتح فيها أبواب السماء*​

❶ الوقت الأول :
☜ ​قبل الظهر​
☆ قال رسول الله ﷺ :
( إنَّ أبوابَ السماءِ تُفْتحُ إلى زوالِ الشمسِ ، فلا تُرْتَجُ حتى يُصلَّى الظهرُ ، فأحبُّ أن يُصعدَ لي فيها خيرٌ )
📚صححه الألباني في
📚صحيح الجامع - رقم: (1532)


❷الوقت الثاني :
☜ ​عند كل أذان​ :
☆ قال رسول الله ﷺ :
(( إذا نُودي بالصلاةِ فُتِّحتْ أبوابُ السماءِ ، و اسْتُجيبَ الدعاءُ ))
📚الألباني في
📚صحيح الترغيب - رقم: (260)
📚صحيح الجامع - رقم: (818)

❸ الوقت الثالث :
☜ ​عند الرباط بين صلاتين​ :
☆ قال رسول الله ﷺ :
(( أَبْشِروا ، هذا ربُّكم قد فتح بابًا من أبوابِ السماءِ ، يُباهي بكم الملائكةَ ؛ يقول : انظُروا إلى عبادي ، قد قضَوا فريضةً ، و هم ينتظِرون أخرى ))
📚صححه الألباني في
📚صحيح الترغيب - رقم: (445)
📚صحيح الجامع - رقم: (36)

❹ الوقت الرابع :
☜ ​عند منتصف الليل​ :
☆ قال رسول الله ﷺ :
( تُفتحُ أبوابُ السماءِ نصفَ الليلِ ، فيُنادي منادٍ : هل من داعٍ فيُستجابَ له ؟
هل من سائلٍ فيُعطى ؟
هل من مكروبٍ فيُفَرَّجَ عنه ؟
فلا يبقى مسلمٌ يدعو بدعوةٍ إلا استجابَ اللهُ تعالى له ؛ إلا زانيةً تسعى بفرجِها ،
أو عشَّارًا )
تسعى بفرجها:أي تكتسب بالزنى.

عشارا: هو صاحب المكس ..(جمعه مكوس) الذي يأخذ من التجار إذا مروا مُكسا باسم العشر ... ( ضريبة )
📚صححه الألباني في
📚صحيح الترغيب - رقم: (786)
📚صحيح الجامع - رقم: (2971)

❺ الوقت الخامس :
☜عند الاستفتاح في الصلاة بـ[ ​اللهُ أكبرُ كبيرًا والحمدُ لله كثيرًا وسبحان اللهِ بكرةً وأصيلاً​] .
بينما نحن نصلي مع رسولِ اللهِ ﷺ إذ قال رجلٌ مَن القومُ : اللهُ أكبرُ كبيرًا والحمدُ لله كثيرًا وسبحان اللهِ بكرةً وأصيلاً .
فقال رسولُ اللهِ ﷺ : (من القائلُ كلمةَ كذا وكذا) ؟
قال رجلٌ من القومِ : أنا يا رسولَ الله ِ!
قال ﷺ : (عجِبتُ لها فُتِحَتْ لها أبوابُ السماءِ) .
قال ابنُ عمر : فما تركتُهنَّ منذُ سمعتُ رسولَ اللهِ ﷺ يقول ذلك .
📚صحيح مسلم (601).

​أُنشرُوهَا فنشَرُ العِلمِ من أَعْظَمِ القُرُبَات​
☜ قال ابن المبارك رحمه الله :
​⇦ « لا أعلم بعد النُّبوَّة درجة أفضل من بثِّ العِلم ».​

طيب الله أوقاتكم بما ينفعكم في الدنيا والآخرة
...المزيد

ثلاثة أعمال لا تدخل الموازين يوم القيامة لعظمها 1- العفو عن الناس قال الله تعالى: { فَمَنْ عَفَا ...

ثلاثة أعمال لا تدخل الموازين يوم القيامة لعظمها
1- العفو عن الناس
قال الله تعالى:
{ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ }
لم يحدد الأجر
- لعظمة هذا الفعل فاصفحوا وسامحوا طمعا في أجر لا حدود له....
2- الصبر
قال الله تعالى :
{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}
لم يحدد اﻷجر....
3- الصيام
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( قال الله عز وجل كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به )
لم يحدد الأجر
وينادي مُنادٍ يوم البعث:
أين الذين أجرهم على الله ؟
فـيقبل الصابرون والصائمون والعافون عن الناس ..
- صوموا / واصبروا / واصفحوا
جعلني الله وإياكم ووالدينا والمسلمين ممن ينادى عليهم
بـ هذا النداء ..!!
...المزيد

الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم - أما بعد : فإن ...

الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم - أما بعد :

فإن قضاء حوائج المسلمين و تنفيس الكرب عنهم من أعظم العبادات و أجلّها ، حث عليها الشرع الحنيف و رغّب فيها ، ففيها من جميل المعاني و طِيب الخُلُق ما فيها ، و قد وردت نصوص كثيرة في الحث على ذلك و الترغيب فيه و التحريض عليه فمن ذلك على سبيل المثال لا الحصر :
قوله تعالى " وتعاونوا على البِرِّ و التقوى "
قال العلّامة السعدي -رحمه الله - " أي لِيُعِن بعضكم بعضاً على البر"
-قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " خير الناس أنفعُهم للناس "
و أي نفعٍ أعظم من تفريج كربات المسلمين؟! و قضاء حوائجهم ، في هذا الزمن الذي ضاعت فيه القيم ، و تلوثت فيه الفطرة ، و بِيع الدين بعَرَضٍ من الدنيا قليل!


-إن قضاء حوائج المسلمين فيه من إدخال السرور عليهم ما الله به عليم ، قال رسول الله - صلوات الله عليه و سلامه - " إن من أحبّ الأعمالِ إلى الله : إدخال السرور على قلب المؤمن، وأن يفرج عنه غماً ، أو يقضي عنه دَيْناً ، أو يطعمه من جوع "
و قد سئل الإمام مالك رحمه الله : أي الأعمال تحب ؟ فقال " إدخال السرور على المسلمين ، و أنا نذرت نفسي أفرج كربات المسلمين "!
فسبحان الله ! هذا الإمام العالِم الذي وهب نفسه للعلم حتى صار إمام أهل المدينة ، يهتم بإدخال السرور على المسلمين و قضاء حوائجهم ، وإن دل ذلك فإنما يدل على عظيم فقهه لدين الله تبارك و تعالى
و لله در الشافعي حيث يقول :
و أفضل الناس ما بين الورى رجلٌ
تُقضى على يده للناس حاجاتُ
لا تمنعنّ بيدَ المعروفِ عن أحدٍ
ما دمت مقتدراً فالسعدُ تاراتُ
-اقضوا حوائج المسلمين ، و فرجوا عنهم كرباتهم ما استطعتم ، فإن ثكالى المسلمين و ضعفائهم كُثُر ، والواقع خير شاهد!
فيا لله كم في أمة الإسلام اليوم من ثكلى! ، و كم فيها من مكروبٍ و مُستضعَف!
قال أبو العتاهية :
اقـضِ الحـوائجَ مـا اسـتطعت
و كُـنْ لهـمّ أخيـك فـارجْ
فَـلَخيـرُ أيـام الفـتى
يـومٌ قضـى فيـه الـحوائجْ
-إن الناظرَ لحالِ أمة الإسلام اليوم ، يرى كم حصل فيها من تغريب ، و كم تشوهت في منهجها و دينها من معانٍ يُفترض أنها أصول و ثوابت! ، لقد طُمستْ معالمُ الولاء و البراء، فحريٌّ بعباد الله الصادقين ، أن يعيدوا تلك االمعالمَ ما استطاعوا!
و في الحديث " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا "
وكم في قضاء حوائج المسلمين من شعورٍ بالترابط و الألفة!
و ما أجمل هذا الحديث الذي يُعدّ قاعدة في حياة المسلمين
فعن أبي أمامة رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " صنائعُ المعروف تقي مصارع السوء "
فكم من بليّةٍ قد دُفعتْ بسبب تفريج كرب عن مكروب!
و كم من مصيبة كانت ستقع ، فدفعها الله عن صاحبه جزاءَ قضاء حاجةٍ لمسلمٍ قد فعلها سابقاً و ربما قد نسيها! لكن الله لا ينسى!!


- يقول سيد قطب - رحمه الله - " فالناس في حاجةٍ إلى كنفٍ رحيم ، و إلى رعاية فائقة ، و إلى بشاشةٍ سمحة، وإلى ود يسعهم ، و حلم لا يضيق بجهلهم و ضعفهم و نقصهم ، في حاجة إلى قلب كبير يعطيهم ولا يحتاج منهم إلى عطاء ، ويحمل همومهم ولا يعينهم بهمه ، و هكذا كان قلب رسول الله صلى الله عليه و سلم و أصحابه و الصالحين "
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "من نفّس عن مؤمن كربة نفّس الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ، ومن يسر عن معسرٍ يسر الله عليه في الدنيا والآخرة "

قال الشافعي :
و ليس فتى الفتيان من راح و اغتدى
لشُربِ صبوحٍ أو لشُربِ غبوق
و لكن فتى الفتيان من راح و اغتدى
لضرّ عدوٍّ أو لنفعِ صديق
جعلنا الله و إياكم من عباده الصالحين الذين يفرجون هموم المسلمين و يقضون حوائجهم لا يبتغون من ذلك إلا وجه الله و مرضاته
"إنما نُطعمُكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شُكوراً" و الحمد لله أولاً و آخراً.
كتبه : قتيبة الغريب
...المزيد

مَا زاحم القرآن شيئاً (إلا باركهَ) ، وَ لا ضِيقا ( إلاوَسعه )، وَ لا ظلمة ( إلا آنارها) ، وَلا ...

مَا زاحم القرآن شيئاً (إلا باركهَ) ، وَ لا ضِيقا ( إلاوَسعه )، وَ لا ظلمة ( إلا آنارها) ، وَلا وِحدة( إلا آنَسها ).
اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا.💥

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى ...

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. ...المزيد

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا ...

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:

يقول النبي صلى الله عليه وسلم:{ كيف أنعم؟ وصاحب الصور قد التقم القرن, واستمع الإذن متى يأمر بالنفخ} فكأنما ثقل ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال لهم: { قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل} –الحديث رواه الترمذي, هو في الصحيح الجامع-.

يقول عليه الصلاة والسلام:{ كيف أنعم؟...} أي كيف أنعم بالحياة؟ كيف أركن إلى الدنيا؟ وكيف تطيب لي الحياة؟وكيف ألتذ بالعيش وأسر به؟ {...وصاحب القرن...} الذي هو إسرافيل, مستعد, متهيء ينتظر أن يأمره الله بالنفخ في الصور, فينفخ. فكأن ذلك صعب على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم, فقالوا له: كيف نقول يارسول الله؟ قال: {قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل} يعني التجأنا إلى الله, حسبنا الله ونعم الوكيل. فالنبي صلى الله عليه وسلم يريد يذكر الناس بهذا الحديث, وأن موعد الساعة قد اقترب, ليستعدوا للقاء الله بالعمل الصالح, والنفخ في الصور نفختان: النفخة الأولى: نفخة الفزع والصعق, حيث يموت على إثر النفخة كل من يكون يومئذ حيا على الأرض, والساعة لا تقوم إلا على شرار الناس, وشبه العلماء تقريبا للمعنى إلى الأذهان, الصيحة بصوت الرعد, القوي, الشديد, المفزع, أو برجل جهير –أي جهوري الصوت-, يصيح إلى جانب صبي صغير, فيفزع الصبي ويموت, هذا تقريب للمعنى, وإلا فالحقيقة لا يعلمها إلا الله, ثم يمكث الناس بعد النفخة الأولى أربعين عاما, أمواتا خاملين, ثم ينزل الله مطرا, فتنبت منه أجساد الناس, حتى إذا تكاملت الأجساد, حيي إسرافيل, فيأمره الله عز وجل بالنفخة الثانية, فتنطلق الأرواح إلى أجسادها, لا تخطئ روح الجسم الذي كانت فيه, فتحيى الأجساد بإذن ربها, ويقوم الناس قياما ينظرون, يقول الله عز وجل: [ما بعثكم ولا خلقكم إلا كنفس واحدة]. عشرات الملايير من البشر وأكثر, يبعثهم الله تعالى كأنهم نفس واحدة, [ما بعثكم ولا خلقكم إلا كنفس واحدة], وهذا محير للعقول, ولكن لا يستحيل على قدرة الله عز وجل, لا يستحيل على قدرة الله شيء. قال العلماء: الذين يغرقون في البحر, فتقتسم لحومهم الحيتان, ولا يبقى منهم شيء إلا العظام, فتلقيها الأمواج إلى الساحل, ثم تصير العظام بالية نخرة, ثم تمر بها الإبل فتأكلها, ثم تسير الإبل فتبعر, ثم يجيء قوم فينزلون فيأخذون ذلك البعر, فيوقدون به النار, ثم تخمد تلك النار, ثم تجيء الريح فتلقي ذلك الرماد يمينا وشمالا, ثم إذا نفخ إسرافيل نفخة البعث والنشور, خرج أولائك الذين تناثرت ذرات أجسادهم, وأهل القبور سواءا. إن ذلك يسير على الله عز وجل, فإنه يجمع ما تناثر من ذرات أجساد الناس, ويعيده كما كانت أول مرة, يعيد ما تفرق منها في البر, والبحر وفي بطون السباع, حتى تكون كهيأتها الأولى, حتى السقط الذي لم يكتمل نموه في بطن أمه وسقط, لكن نفخت فيه الروح, يبعث يوم القيامة, ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: { والذي نفسي بيده, إن السقط ليجر أمه بسرره إلى الجنة إذا احتسبته}. –رواه بن ماجه, وهو في الصحيح الجامع-. إذا احتسبته معناه: إذا صبرت, إذا احتسبت الأجر عند الله عندما سقط, عندما فقدته احتسبت. ومر النبي صلى الله عليه وسلم بحمزة, وهو قتيل يوم أحد, وقد جدع ومثل به, فقال: {لولا أن تجد صفية في نفسها –أخته صفية بنت عبد المطلب- يعني لولا أن تحزن- لتركته حتى تأكله العافية –يعني السباع- حتى يحشر من بطونها يوم القيامة} –والحديث في الصحيح الجامع, رواه أبو داوود في سننه-. يقول الله عز وجل: [ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن الأرض] هذه النفخة الأولى: كلهم يموتون من الفزع, [...إلا من شاء الله] قيل: هؤلاء هم الحور العين, والولدان في الجنة, لأنهم في الجنة هكذا قيل والله أعلم. [ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون ]. إذا بعث الناس يوم الدين, تحسر المجرمون المكذبون, وصدموا بحقيقة البعث بعد الموت, كانوا يظنون ألا بعث, فإذا نفخ إسرافيل في الصور صدموا, يقول الله تعالى: [ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون] يعني من القبور الأجداث, [...إلى ربهم ينسلون] أي يسرعون, [قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا] فيجابون تجيبهم الملائكة والمؤمنون: [هذا ما وعد الرحمان وصدق المرسلون] هذا ما كنتم به تكذبون يقول الشيخ السعدي رحمه الله في قوله تعالى [هذا ما وعد الرحمان] يقول: ولا تحسبن ذكر الرحمان في هذا الموضع لمجرد الخبر عن وعده, وإنما ذلك للإخبار بأنه في ذلك اليوم العظيم سيرى الناس من رحمته ما لا يخطر على عقولهم -إنتهى-. إن الإنسان قبل أن يكون بشرا سويا, لم يكن شيئا مذكورا, لقد كان كائنا لا يمكن أن تراه إلا بالمجهر, ثم نمى ذلك الكائن, وتلك النطفة, إلى أن صارت بقدرة الله بشرا سويا, له سمع وبصر, وعقل, إلى أن أصبح شابا قوي البنية, عندئذ تمرد على الله, تمرد على الذي خلقه من نطفة, [فإذا هو خصيم مبين] طغى وتجبر, ونسي صورته الأولى, نسي خلقته, وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بسق يوما في كفه, فوضع عليها أصبعه, قال:{ قال الله تعالى: بني آدم, أنى تعجزني., وقد خلقتك مثل هذه, حتى إذا سويتك وعدلتك, مشيت بين برديك, وللأرض منك وئيد –يمشي مشية الاستكبار- فجمعت ومنعت, حتى إذا بلغت التراقي, قلت أتصدق وأنى أوان الصدقة} –رواه بن ماجه وهو في السلسلة الصحيحة-.

العاص بن وائل أحد المشركين الغلاظ, أخذ عظما من البطحاء بطحاء مكة, وجعل يفتته بيده, ثم قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم مستهزءا ساخرا: أيحيي الله هذا بعدما أرم؟ بعدما بلي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يميتك ثم يحييك, ثم يدخلك جهنم} ونزلت الآيات من سورة ياسين :[وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم[] قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم]. ربما أيها الناس ستذكرون هذه اللحظات, التي أحدثكم فيها عن البعث, والنشور, وأنتم تخرجون من قبوركم, حفاة عراة غرلا, يقول النبي صلى الله عليه وسلم: { يآيها الناس, إنكم تحشرون إلى الله, حفاة, عراة, غرلا, [كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين]} ثم قال: {ألا إن أول الناس يكسى يوم القيامة إبراهيم, ألا إنه يأتى برجال من أمتي, فيأخذ بهم ذات الشمال, فأقول: يا رب أصحابي, فيقول: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك, فأقول كما قال العبد الصالح: [وكنت شهيدا عليهم ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد[] إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم] فيقال: إنهم لا يزالون مدبرين مرتدين على أعقابهم مذ فارقتهم} –رواه البخاري ومسلم-. فهنيئا لمن كسي في ذلك اليوم من ثياب الجنة, فإنه من لبسها فقد لبس جبة تقيه مكاره الحشر, وعرقه, وحر الشمس, وغير ذلك من أهوال يوم القيامة. وإبراهيم يكون أول من يكسى, إبراهيم يكون أول من يكسى من الخلق, لأن قومه لما أرادوا أن يلقوه في النار, جردوه من ثيابه, فصار عاريا, فجوزي بأن كان أول من يكسى, ثم يليه بعد ذلك محمد صلى الله عليه وسلم, وتكون الحلة التي يكساها لا يقوم لها البشرلينجبر ما حصل له من التأخير, استدل بهذا الحديث الشيعة الشنيعة عليهم من الله ما يستحقون, على أن الصحابة ارتدوا عن دينهم وحاشاهم من ذلك, والشيعة فجرة مفترون, كذبة, يقول الله تعالى: [محمد رسول الله والذن معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود], أبعد أن زكاهم الله من فوق سبع سماوات, يرتدون على أعقابهم, إن هذا لهو البهتان المبين, وإنما الذين ارتدوا هم الأعراب, الذين دخلوا في الإسلام ظاهرا, ثم تولوا مدبرين, وحاربهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم.

الحمد لله رب العالمين, والعاقبة للمتقين,ولا عدوان إلا على الظالمين, وأشهد الا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:

فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {تجتمعون يوم القيامة, فيقال: أين فقراء هذه الأمة ومساكينها؟ فيقومون, فيقال: ماذا عملتم؟ فيقولون: ربنا ابتليتنا فصبرنا, ووليت الأموال والسلطان غيرنا, فيقول الله جل وعلا: صدقتم. قال: فيدخلون الجنة قبل الناس,} قيل بخمسمئة سنة. وتبقى شدة الحساب على ذوي الأموال, والسلطان, قالوا: فأين المؤمنون يومئذ؟ قال: توضع لهم كراسي من نور, ويضلل عليهم الغمام, يكون ذلك أقصر على المسلم من ساعة من نهار} –رواه الطبراني وهو حديث صحيح- يكون يوم القيامة وطوله خمسون ألف سنة, يكون على المؤمن أقصر من ساعة من نهار, ولذلك قال بن عباس وغيره في قوله تعالى: [أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا] قالوا: ما هي إلا ضحوة, ما هي إلا ساعات, ثم يقيل أولياء الله مع الحور العين على الأسرة, ويقيل المجرمون أعداء الله مع الشياطين المقرنين, ما هي إلا ضحوة, [أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا] يعني تقوم القيامة بعد الفجر, فما تمضي إلا ساعات, فإذا المؤمنون قائلون على الأسرة مع الحور العين, وإذا أعداء الله قائلون مع الشياطين القرنين.

أسال الله تبارك وتعالى أن يجعلنا من عباده المرحومين, اللهم اجعلنا من عبادك المرحومين, اللهم اجعلنا من عبادك المرحومين, اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب لها من قول وعمل, ونعوذ بك من النار وما قرب لها من قول وعمل, ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا, وثبت أقدامنا, وانصرنا على القوم الكافرين, ربنا اغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار, اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين, اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار, آمين والحمد لله رب العالمين
...المزيد

بسم الله الرحمن الرحيم خطبة الجمعة بعنوان: مراقبة الله في حياتنا الحمد ...

بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة الجمعة بعنوان:

مراقبة الله في حياتنا

الحمد لله الذي وَسِعَ كلَّ شَيءٍ عِلمًا، وقهَر كلَّ مخلوقٍ عزَّة وحُكمًا، يعلَمُ ما بين أيديهم وما خلفَهم ولا يُحِيطون به عِلمًا، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحدَه لا شريك له، الملك الكبير اللطيف الخبير، الذي ليس كمِثلِه شيء وهو السميع البصير.



معاشر المسلمين الموحدين:

هل سألنا أنفسنا هذا السؤال يوما من الأيام، أين الله في حياتنا؟

عندما نرتكب الذنوب والمعاصي بعيداً عن أعين الخلق، أين الله في حياتنا؟

عندما ننتهك حرمات الله في الظلمات.. في الخلوات.. في الفلوات، أين الله؟

يدخل بعض الناس غابة ملتفة أشجارها لا تكاد ترى الشمس معها، ثم يقول: لو عملت المعصية – الآن - من يراني؟ فيسمع هاتفًا بصوت يملأ الغابة ويقول: ﴿ أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الملك:14] بلى والله!.

عندما نضيع أوقاتنا وشبابنا في معصية الله، أين الله؟

عندما نطلق أعيننا، ونفسح لها المجال لأن تنظر إلى ما حرم الله، أين الله؟

عندما نسخر النعم التي أنعمها الله علينا في معصيته، أين الله؟



في الصحيح من حديث ثوبان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأعلمن أقوامًا من أمتي يوم القيامة يأتون بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاء ، يجعلها الله هباءً منثورًا، قال ثوبان: صِفْهُم لنا؟! جلِّهم لنا؟! ألاَّ نكون منهم يا رسول الله؟ قال: أما إنهم إخوانكم، ومن جلدتكم، ويأخذون من الليل كما تأخذون، لكنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها". رواه ابن ماجه وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة.



يا رب لطفك!! يا لله!! أعمال كجبال تهامة بيضاء، يجعلها الله هباء منثوراً!، فالأمر عباد الله جِدُّ خطير إذا لم نراقب الله في السر والعلن، تخيلوا معي معاشر المسلمين الموحدين، بمجرد أن ننتهك حرمات الله تضيع حسناتنا، والطامة الكبرى أن هؤلاء الذين وصفهم النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث أنهم يأخذون من الليل ما يأخذون، بمعنى يتهجدون ويناجون ربهم،لكن بسبب عدم تعظيمهم لله، واستهتارهم، واستخفافهم بالله ، نالوا الخزي والعار يوم القيامة، أما الذي يذنب نسأل الله السلامة.



أيها المؤمنون:

ما أحوجنا إلى هذه المراقبة! ما أحوجنا إلى هذا الخلق العظيم في حياتنا حين ينطلق المسلم في بيته وسوقه، في حله وسفره، في نهاره وليله، عند وجود الناس أو في الخلوة عنهم، ما أحوجنا إلى هذا الخلق العظيم!.

قال زيد بن أسلم: "مَرّ ابن عمر براعي غنم فقال: يا راعي الغنم هل مِن جَزرة؟ قال الراعي: ليس ها هنا ربها ، فقال ابن عمر: تقول أكلها الذئب ! فرفع الراعي رأسه إلى السماء ثم قال: فأين الله ؟ قال ابن عمر: فأنا والله أحق أن أقول فأين الله، فاشترى ابن عمر الراعي واشترى الغنم فأعتقه وأعطاه الغنم.



رواها البيهقي في "شُعب الإيمان"، ومِن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"، قال الهيثمي: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن الحارث الحاطبي، وهو ثقة.

أين الله؟ منهج حياة، أين الله في تصرفاتنا؟ أين الله حينما نضغط على أزرار التلفون لنبحث عن حرام؟ أين الله حينما ننشر البلوتوث نوزع الفاحشة في الذين آمنوا؟

أين الله حينما ننظر بأعيننا إلى ما حرم الله؟

أين الله عندما نسمع بآذاننا ما يسخط الله؟ أين الله ونحن نتعامل بالربا إلا من رحم الله؟ أين الله عند أولئك الذين يسرقون المال المعصوم؟ لماذا لا يراقبون الله الذين يقتلون النفس التي حرم الله، وهم يعلمون أنهم سيقفون بين يدي الله، فلا مفر للطغاة والظالمين من لقاء الله عز وجل.

أما استشعرنا معاشر المسلمين أن الله يرانا، قال تعالى: ﴿ يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً ﴾ [النساء:108].

فإذا خلوت بريبة في ظلمة
والنفس داعية إلى الطغيان
فاستحي من نظر الإله وقل لها
إن الذي خلق الظلام يراني

إن الله لا يخفي عليه شيء، فهلا اتقينا الله يا عباد الله!

أيها الأحبة الكرام في الله:

يعسُّ عمر - رضي الله عنه - ليلة من الليالي، ويتتبع أحوال الأمة، وتعب واتكأ على جدار، فإذا بامرأة تقول لابنتها: امذقي اللبن بالماء ليكثر عند البيع، فقالت البنت: إن عمر أمر مناديه أن ينادي: ألا يشاب اللبن بالماء، فقالت الأم: يا ابنتي قومي إنكِ بموضع لا يراكِ فيه عمر ولا مناديه، فقالت البنت المستشعرة لرقابة الله: يا أماه! أين الله؟ والله ما كنت لأطيعه في الملا وأعصيه في الخلا.



ويمر عمر مرة أخرى بامرأة أخرى تغيب عنها زوجها منذ شهور في الجهاد في سبيل الله - عز وجل - قد تغيبت في ظلمات ثلاث: في ظلمة الغربة والبعد عن زوجها، وفي ظلمة الليل، وفي ظلمة قعر بيتها، وإذا بها تنشد وتقول وتحكي مأساتها:

تطاول هذا الليل وازورَّ جانبه
وأرَّقني ألا حبيب ألاعبه
فو الله لولا الله لا رب غيره
لحُرِّك من هذا السرير جوانبه
من الذي راقبته في ظلام الليل، وفي بُعْد عن زوجها، وفي هدأة العيون؛ والله ما راقبت إلا الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء. أنْعِم بها من مراقبة، وأنْعِم بها من امرأة!



عباد الله، ما ثمرة مراقبة الله؟

هذا الخلق - أعني خلق المراقبة - خلق عظيم، متى ما تدثّر الإنسان به فاح ذكره وطيبه، ونال من خيري الدنيا والآخرة ما تكون سعادته. قال ذو النون: "علامة المراقبة إيثار ما أنزل الله، وتعظيم ما عظّم الله، وتصغير ما صغّر الله"، وقيل: "من راقب الله في خواطره عصمه الله في حركات جوارحه". قال ابن القيم - رحمه الله تعالى -: "وأرباب الطريق مجمعون على أن مراقبة الله في الخواطر سبب لحفظها في حركات الظواهر، فمن راقب الله في سرّه حفظه الله في علانيته".



اسمعوا لهذا الحدث ولم يقع في هذا الزمن، وإنما وقع في زمن مضى؛ لنعرف ثمرة مراقبة الله - عز وجل- واستشعار ذلك الأمر. رجل اسمه نوح بن مريم كان ذا نعمة ومال وثراء وجاه، وفوق ذلك صاحب دين وخلق، وكان له ابنة ذات منصب وجمال، وفوق ذلك صاحبة دين وخلق، وكان معه عبد اسمه مبارك لا يملك من الدنيا قليلاً ولا كثيرًا، ولكنه يملك الدين والخلق - ومن ملكهما فقد ملك كل شيء - أرسله سيده إلى بساتين له، وقال له: اذهب إلى تلك البساتين، واحفظ ثمرها، وقم على خدمتها إلى أن آتيك، فمضى الرجل، وبقي في البساتين لمدة شهرين، وجاءه سيده، ليستجم في بساتينه؛ وليستريح في تلك البساتين.



جلس تحت شجرة وقال: يا مبارك ! ائتني بقطف من عنب، فجاءه بقطف، فإذا هو حامض، فقال: ائتني بقطف آخر إن هذا حامض، فأتاه بآخر فإذا هو حامض، فقال: ائتني بآخر إن هذا حامض، فجاءه بالثالث فإذا هو حامض، وكاد أن يستولي عليه الغضب، وقال: يا مبارك ! أطلب منك قطف عنب قد نضج، وتأتيني بقطف لم ينضج، ألا تعرف حلوه من حامضه؟ قال: والله! ما أرسلتني لآكله، وإنما أرسلتني لأحفظه، وأقوم على خدمته، والذي لا إله إلا هو! ما ذقت منه عنبة واحدة، والذي لا إله إلا هو! ما راقبتك ولا راقبت أحدًا من الكائنات، ولكني راقبت الذي لا يخفى عليه شئ في الأرض ولا في السَّماء.

فأعجب به، وأُعْجِب بورعه، وقال: الآن أستشيرك - والمؤمنون نصحة، والمنافقون غششة، والمستشار

مؤتمن - تقدم لابنتي فلان وفلان من أصحاب الثراء والمال والجاه، فمن ترى أن أزوج هذه البنت؟

فقال مبارك: لقد كان أهل الجاهلية يزوجون للأصل والحسب والنسب، واليهود يزوجون للمال، والنصارى للجمال، وعلى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يزوجون للدين والخلق، وعلى عهدنا هذا للمال والجاه، والمرء مع من أحب، ومن تشبَّه بقوم فهو منهم.



أي نصيحة وأي مشورة! نظر وقدَّر وفكَّر، وتملى ونظر فما وجد خيرًا من مبارك ، قال: أنت حرُ لوجه الله، فأعتقه أولاً، ثم قال: لقد قلبت النظر، ورأيت أنك خير من يتزوج بهذه البنت، قال: اعرض عليها، فذهب فعرض على البنت، وقال لها: إني قلبت ونظرت وحصل كذا وكذا، ورأيت أن تتزوجي بمبارك ، قالت: أترضاه لي؟ قال: نعم. قالت: فإني أرضاه مراقبة للذي لا يخفي عليه شيء في الأرض ولا في السماء.



فكان الزواج المبارك من مبارك ، فما الثمرة وما النتيجة؟ حملت هذه المرأة وولدت طفلاً أسمياه عبد الله ، لعل الكل يعرف هذا الرجل، إنه عبد الله بن المبارك المحدث الزاهد العابد الذي ما من إنسان قلَّب صفحة من كتب التاريخ إلا ووجده حيًا بسيرته وذِكْره الطيب، إن ذلك ثمرة مراقبة الله - عز وجل - في كل شيء.



معاشر المؤمنين الموحدين:

أما والله لو راقبنا الله حق المراقبة؛ لصلحت الحال واستقامت الأمور.

إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل
خلوت ولكن قل عليّ رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ساعة
ولا أن ما تخفيه عنه يغيب

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم...
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، أحمده تعالى وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله، وسع كل شيءٍ علمًا، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا.



أيها الفضلاء:

فلنحاسب أنفسنا، ونحن هنا في الدنيا، وفي الوقت متسع، وباب التوبة مفتوح، قبل أن يؤتى بالشهود، في يوم عسير، على الكافرين والفاسقين والمنافقين غير يسير.

فلنبادر - أيها الإخوة - بترك المنكرات، وترك ما نهى الله عنه، قبل أن يؤتى بشهود يوم القيامة، الذين لا تنفع معهم واسطة ولا محاباة لأحد.

فالله هو الرقيب، وهو الحسيب، وأن لا ملجأ منه إلا إليه سبحانه، فهو الرقيب سبحانه، وهو الشهيد وكفى به شهيداً، ومن حكمته سبحانه وتعالى أن جعل علينا شهوداً آخرين لإقامة الحجة على الناس، وكفى بالله شهيداً.



أيها الأحباب الكرام في الله:

إن شهودَ الدنيا قد يكذِبون، وقد يُبالغون في الحقيقة، وقد يمتنعون عن الإدلاء بالشهادة خوفاً من مُهدِّدٍ، أو طمعاً في مُرَغِّب، وقد تكون شهادتُهم غامضةٌ تحتاج إلى توضيح وتفصيل، وقد يحضرون للشهادة وقد يمتنعون عن الحضور لشغل أو عائقٍ، لكن شهودَ يومِ القيامة يختلفون تماماً عن شهود الدنيا، لا تنفع معهم الرشاوي، ولا يعرفون المجاملات، يُؤمرون من ربهم وخالقهم فينطقون، لا يزيدون ولا ينقصُون، لا يكذبون ولا يمتنعون، شهادتهم واضحة، وعباراتهم مفهومة.



فمن هؤلاء الشهود، شهادة النفس، نفس الإنسان تشهد عليه، تكون هذه الشهادة عند الاحتضار، حيث لا ينفع الندم، ولا يجدي الأسف في تلك اللحظات التي يكون الواحد فيها في ذروة الحسرة، وشدة الألم، وتقفل أبواب التوبة ويعترف الإنسان ويشهد على نفسه بالتقصير والتفريط، فأغلى أمانيه أن يقول: ﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾ [ المؤمنون:99-100]. ولكن الله يكذبه، ولكن الله عز وجل يأبى ذلك ويقول: (كَلَّا)، وقد قال سبحانه في تكذيب هذا الإنسان: ﴿ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ ﴾ [ الأنعام: 28]. قال سبحانه وتعالى: ( ﴿ وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِين ﴾ [الأنعام:130].



ومن هؤلاء الشهود رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول الله عز وجل: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ﴾ [البقرة:143] .. ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً * يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً ﴾ [النساء:41-42] فرسول الله صلى الله عليه وسلم سيشهد على الأمم، وعلى هذه الأمة.



والملائكة – أيضًا - سيشهدون، وكفى بالله شهيدًا، قال الله عز وجل: ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الانفطار:10-12].

ويقول جلَّ وعلا: ﴿ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق:17-18]. فالملائكة أيضًا ستشهد.



والكتاب سيشهد، والسجلات ستفتح بين يدي الله فترى الصغير والكبير، والنقير والقطمير، تنظر في صفحة اليوم الثامن من هذا الشهر، فإذا هي لا تٌغادر صغيرة ولا كبيرة ﴿ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً ﴾ [الكهف:49] .. ﴿ وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً ﴾ [الإسراء:13-14].

والأرض التي ذللها الله - عز وجل - لنا ستشهد بما عُمل على ظهرها من خير أو شر ﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الأرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الإِنسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ﴾ [الزلزلة:1-4].

والخلق -أيضًا- سيشهدون، وكفى بالله شهيدًا.

في صحيح مسلم: "أن جنازةً مرت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في نفر من أصحابه، فيثني عليها الناس خيرًا، فيقول صلى الله عليه وسلم: وجبت. وتمر أخرى فيثني عليها الناس سوءًا، فيقول صلى الله عليه وسلم: وجبت. فيتساءل الصحابة، فيقول صلى الله عليه وسلم: أثنيتم على الأولى بخير
فوجبت لها الجنة، وعلى الثانية بسوء فوجبت لها النار، أنتم شهداء الله في أرضه، أنتم شهداء الله في أرضه".



وسيشهد ما هو أقرب من هذا؛ ستشهد الجوارح، لأنه في الأخير يرفض هؤلاء الشهود كلهم، فلا يريد شهادة إلا من جوارحه، ظناً منه أنها ستشهد له بما يريد، ونسي أن الذي خلقها قادر على أن يسيرها كيفما يريد سبحانه، فأيدٍ تشهد، وأرجل تشهد، وألسن تشهد، وجوارح تشهد: ﴿ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [يس:65] .. ﴿ وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ * وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ * فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ ﴾ [فصلت:19-24].

فلنتق الله جميعاًيا عباد الله! ولنجعل هؤلاء الشهود جميعهم لنا لا علينا، ولنبادر بالأعمال الصالحات قبل حلول الآجال وبقاء الحسرات.....

عباد الله: صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه...
...المزيد
يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
2 محرم 1446
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً