عنوان الورقة: طالب العلم دروس وعبر من السيرة النبوية الاسم: فرج مراجع فرج بن موسى طالب ماجستير ...

عنوان الورقة: طالب العلم دروس وعبر من السيرة النبوية
الاسم: فرج مراجع فرج بن موسى
طالب ماجستير بجامعة السلطان إدريس بماليزيا
[email protected]البريد الإلكتروني:











هجرة طالب العلم دروس وعبر من السيرة النبوية
المقدمة:
سيرة رسول الله (ﷺ) ليست أحاديث رائعة من نسج الخيال، ولا هي قصص تسرد للأطفال، ولم تكن في يوم من الأيام قصص عابرة للتسْلية ولا لإضاعة الوقت وقتله، على العكس من ذلك، فهي سيرة طيبة جميلة تتعطَّر المجالس بذكْرها، وترْتاح النَّفُوس والأرْوح بِسماعِها، وتشْتاق العقول والقلوب لمحمد (ﷺ) وأصحابه ()، فالسِّيرة النَّبوية هي طريقنا إلى الجنة، ونسْتحضر هذه السِّيرة العطرة ونرْبطها بطالب العلم؛ ونضع له الحلول التي تساهم في سلامته وحمايته من المخالفات والمغالطات والأخطاء التي حذَّرنا الله عز وجل منها، فيا طالب العلم اعلم بأن طلب العلم من علامة حب الله للْعباد، فاجعل همُّك في كسب العلم وزيادة للحسنات يوم القيامة، واحرص على سلامة نفسك عند أول ليلة في القبر، واعلم بأن حياة البرزخ أول منازل الآخرة، وتذكر بأن العبور على الصراط يحتاج منا سرعة إنجاز الخيرات، قال تعالى ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ (سورة المجادلة، الآية 11) ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾. (سورة آل عمران، الآية 31)

من مدرسة رسول الله (ﷺ) يتعلَّم طالب العلم:
1- الصِّدق والإخْلاص:
على طالب العلم الحرص والاجتهاد في تحقيق الإخلاص لله سبحانه وتعالى، وأن يتجرد من حظوظ النَّفس، وأن يبتعد ويترك العمل من أجل السُّمعة، حتى لا يقع في الرِّياء نعوذ بالله من ذلك الدَّاء. يقول الجنيد: الإخلاص سر بين الله وبين العبد، لا يعلمه ملك فيكتبه ولا شيطان فيفسده، ولا هوى فيميله (ابن القيم الجوزية: مدارج السالكين، 2/95)، ويجب على طالب العلم الصدق في قوله وعمله، وأن تتجسَّد وتبْرُز وتظْهر أخلاق محمد (ﷺ) أمام عامة النَّاس، لاسيما إذا كان مُهاجِراً في طلب العلم، فإنَّه يُظهر تَعاليم القُرْآن والسُّنة أمام النَّاس في الدُّول الأوْرُوبية والغربية، فسيرة رسول الله نِبْراس عمل لطالب العلم في كل زمن ومكان، ونقف عند هذا الحديث الذي يُظْهر نتائج الصِّدق في وقتِ البلاء والمِحن، عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله (ﷺ) يقول: {انطلق ثلاث نفر ممن كان قبلكم حتى آواهم المبيت إلى الغار، فدخلوه، فانحدرت الصخرة من الجبل، فسدت عليهم الغار، فقالوا: إنه لا ينجيكم من الصخرة إلا أن تدعوا الله (ﷻ) بصالح أعمالكم.
قال رجل منهم: اللهم كان لي أبوانِ شيخانِ كبيرانِ وكنت لا أغْبق قبلهما أهلاً ولا مالاً، فنأى بي طلب الشجر يوماً، فلم أرح عليهما حتى ناما، فحلبت لهما غبوقهما، فوجدتهما نائمين، فكرهت أن أُوقظهما وأن أغبق قبلهما أهلا أو مالاً، فلبثت والقدح على يدي؛ أنتظر اسْتيقاظهما؛ حتى برق الفجر؛ والصبية يتضاغون عند قدميَّ، فاستيقظا، فشربا غبوقهما، اللهم إن كنت تعلم ذلك ابتغاء وجهك؛ ففرج عنَّا ما نحن فيه من هذه الصخرة، فانفرجت شيئا لا يستطيعون الخروج منه.
وقال الآخر: اللهم إنه كانت لي ابنة عمٍّ، كانت أحب الناس إلى – وفي روايةٍ: كنت أُحبُّها كأشدِّ ما يحب الرجال النِّساء-، فأردتها على نفسها، فامتنعت مني، حتى ألمت بها سنة من السنين، فجاءتني فأعطيتها عشرين ومئة دينار؛ على أن تخلي بيني وبين نفسها، ففعلت، حتى إذا قدرْتُ عليها – وفي رواية: فلما قعدت بين رجليها -؛ قالت: اتَّق الله، ولا تفُضَّ الخاتم إلا بحقِّه، فانصرفْتُ عنها وهي أحبُّ النَّاسِ إليَّ، وتركت الذَّهب الَّذي أعْطيتها، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك؛ فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة؛ غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها.
وقال الثالث: اللهم إني اسْتأجرتُ أُجراء، وأعطيتهم أجرهم غير رجل واحدٍ، ترك الذي له وذهب، فثمَّرتُ أجره حتى كثرت منه الأموال، فجاءني بعد حين، فقال: يا عبد الله أدِّ إِليَّ أجري، فقلت: كل ما ترى من أجرك؛ من الإبل والبقر والغنم والرقيق، فقال: يا عبد الله لا تسْتهْزئ بي فقلتُ: لا أستهزئُ بك، فأخذه كُلَّهُ، فاستاقهُ، فلم يترك منه شيئاً، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك؛ فافرج عنَّا ما نحن فيه، فانفرجت الصَّخرة، فخرجوا يمشون (النووي: رياض الصالحين، ص47-48-49).

2- التَّواضع:
يجب أن يحرص طالب العلم على التواضع، وأن يتميز بهذه الصفة الحميدة، التي تُظهر خفض الجناح للآخرين، فمهما تحصَّل طالب العلم على الإبداع والابتكار بالعلوم المختلفة، فسيبقى هناك من هو أفضل وأعلم وأقدر منه. وقدوتُنا وأُسْوتُنا محمد (ﷺ) فهو أشدُّ النَّاس تواضعاً، وأبعدهم عن التَّكبر، يمنع عن القيام له كما يقومون للملوك، وكان يعود المساكين، ويجالس الفقراء، ويجيب دعوة العبد، ويجلس في أصحابه كأحدهم (المباركفوري: الرحيق المختوم، ص485)، قالت عائشة: (ﷺ) يخيط ثوبهُ، ويخصف نعله، ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم (الألباني: 1988، 1/886)، فعلى طالب العلم أن يتأمل جيداً في أعماله وأفعاله وأقوله، وأن ينظر بعين البصر والبصيرة بأنه سوف يصعد القمة ويقطف الثِّمار ويكون على قمة الهرم، فينبغي عليه أن يكون أداة بناءٍ، ولا يتكبر على العباد، فكُلُنا أبناء أدم عليه السلام وأدم من تراب.

قال موسى بن علي بن موسى:
تواضع تكن كالنجم لاح لناظر على صفحات الماء وهو رفيع
ولا تك كالدخان يعلو بنفسه إلى طبقات الجو وهو وضيع

وقال أحد الشعراء:

يا مظهر الكبر إعجاباً بصورته انظر خلاك فإن البين تثريب
لو فكر الناس فيما في بطونهم ما استشعر الكبر شبان ولا شيب

3- الأمل:
يعد التفاؤل والأمل والسعادة من الجوانب الإيجابية في الشخصية، تلك الجوانب التي يتناولها بالدراسة علم النفس الإيجابي، وذلك العلم الذي يهدف إلى اكتشاف مصادر القوة لدى شخصية الفرد وتقويمها بما يساعده على تجاوز الصعاب التي تواجهه أحداث الحياة، ومن ثم يساعده على تطوير شخصيته والتخلص مما يشويها من نقص وضعف، وازدهار حركة علم النفس الإيجابي ونموها في العصر الحديث إنما تعكس الاهتمام العلمي بالعلاقة التي تربط القدرات الكامنة لدى الفرد من أمل وتفاؤل وسعادة في تنمية الأفكار والانفعالات الإيجابية للفرد (جودة – أبو جراد: 2011، ص132)، وفي سيرة رسول الله دروس وعبر لكل طلاب العلم، ففي الهجرة النبوية ورسول الله (ﷺ) وصاحبه الصديق () في صحراء مكة الشاسعة تبعهما سرقة بن مالك حتى إذا وصل وأقترب منهما عثرت به فرسه فسقط عنها، قال سرقة حتى إذا سمعت قراءة رسول الله - وهو لا يلتفت، وأبو بكر يكثر الالتفاف – ساخت يدا فرسي في الأرض، حتى بلغتا الركبتين، فخررت عنها، فناديتهم بالأمان (المباركفوري، 2007، ص168)، ورجع سرقة إلى مكة فجعل لا يلقى أحداً من الطلب إلا رده وهو يقول: كفيتم هذا الوجه! أصبح أول النهار جاهداً عليهما، وأمسى آخره حارساً لهما (الغزالي: 1965، ص176).
فأقول يا طالب العلم: جميعنا بوسعنا أن ننتصر مهما قست علينا الظروف، فإن أعظم نجاحاتنا هي التي تأتي بعد الهزات والصدمات التي نتعرض لها، فأطيب الثمار لا تهطل من الأشجار إلا بعد أن نهزها بقوة، فالعمل الجاد والمخلص عندما يأتي مدفوعاً بألم وجراح يحقق نجاحاً لا عين رأت ولا أذن سمعت، وجميعنا باستطاعتنا الفوز بلا استثناء، تتفاوت الإمكانات بيننا بلا شك، ولكن جميع الناس فنانون بشكل أو آخر، فلو كل واحدٍ منا أدرك أين موهبته وعمل على تنميتها وصقلها لن نجد يائساً بجوارنا، حتى لو لم يملك أحدنا موهبة محددة باستطاعته أن يصبح ناجحاً إذا رغب في ذلك، وهذه الرغبة تتطلب جهداً وعزيمة وليس نوماً واتكالية (الملغوث: 2012، ص108).

4- الرحمة:
الرحمة من الأخلاق والأسس الإسلامية، وهي رقة في القلب وحساسية في الضمير، وصدق في الشعور، تستهدف الرفق واللين والرأفة بالآخرين، والعطف عليهم، والـتألم لهم، ومسح دموع أحزانهم وآلامهم، وهذا الخلق يعطي المؤمن الابتعاد عن فعل الإيذاء والجرائم؛ وبذلك يصبح مصدر خير وسلام للناس أجمعين (علوان: 1992، 1/360-361)، فعلى طالب العلم أن يكون رحيما في هجرته لطلب العلم، مع أصدقائه ومع أستاذه، وحتى مع أهله وأقاربه وجيرانه.

الطائف دروس وعبر في فن الرحمة لطلاب العلم:
ففي إرهاصات الهجرة النبوية، وبالتجديد في شوال سنة عشر من النبوة – في أواخر مايو أو أوائل يونيو سنة 619م – خرج النبي (ﷺ) إلى الطائف وهي تبعد عن مكة نحو ستين ميلاً، سارها ماشياً على قدميه، ومعه مولاه زيد بن حارثه، وكان كلما مر على قبيلة في الطريق دعاهم إلى الإسلام فلم تجب إليه واحدة منها، فلما انتهى إلى الطائف عمد ثلاثة إخوة من رؤساء ثقيف، وهم عبد ياليل ومسعود وحبيب أبناء عمرو بن عمير الثَّقفي، فجلس إليهم ودعاهم إلى الله، وإلى نصرة الإسلام، فقال أحدهم: هو يمرط ثياب الكعبة (أي يمزقها)، إن كان الله أرسلك، وقال الآخر: أما وجد الله أحداً غيرك، وقال الثالث: والله لا أُكلمك أبداً، إن كنت رسولاً لأنت أعظم خطراً من أن أرد عليك الكلام، ولئن كنت تكذب على الله ما ينبغي أن أُكلمك، فقام عنهم رسول الله (ﷺ)، وقال لهم: إذ فعلتم ما فعلتم فاكتموا عني، وأقام رسول الله (ﷺ) بين أهل الطائف بين أهل الطائف عشرة أيام، لا يدع أحداً من أشرافهم إلا جاءه وكلمه، فقالوا: اخرج من بلادنا، وأغروا به سفاءهم، فلما أراد الخروج تبعه سفاؤهم وعبيدهم، يسبونه ويصيحون به، حتى اجتمع عليه الناس، فوقفوا له صفين، وجعلوا يرمونه بالحجارة وبكلمات من السفه، ورجموا عراقيبه، حتى اختضب نعلاه بالدماء، وكان زيد بن حارثة يقيه بنفسه، حتى أصابه شجاج في رأسه، ولم يزل به السُّفهاء كذلك حتى ألجأوه إلى حائط لعتبه وشيبة ابني ربيعة، على ثلاثة أميال من الطائف، فلما التجأ إليه رجعوا عنه، وأتي رسول الله (ﷺ) إلى حبلة من عنب، فجلس تحت ظلها إلى جدار فلما جلس إليه واطمأن، دعا بالدُّعاء المشهور الذي يدل على امتلاء قلبه كآبة وحزناً مما لقي من الشدة، أسفاً على أنه لم يؤمن به أحد، قال:
"اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الرحيم، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني؟ أم إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك، أو يحل على سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بالله"
فلما رآه ابنا ربيعة تحركت له رحمهما، فدعوا غلاماً لهما نصرانياً، يقال له عداس، وقالا له: خذ قطفا من هذا العنب واذهب به إلى هذا الرجل، فلما وضعه بين يدي رسول الله (ﷺ) مد يده إليه قائلاً: "باسم الله" ثم أكل، فقال عداس: إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد، فقال له رسول الله (ﷺ): من أي البلاد أنت؟ وما دينك؟ قال: أنا نصراني، من أهل "نينوى"، فقال رسول الله (ﷺ) من قرية الرجل الصالح يونس بن متى عليه السلام، قال له: وما يدريك ما يونس بن متى؟ قال رسول الله (ﷺ): ذاك أخي، كان نبياً وأنا نبي، فأكب عداس على رأس رسول الله (ﷺ) ويديه ورجليه يقبلها، فقال ابنا ربيعة أحدهما للآخر: أما غلامك فقد أفسده عليك، فلما جاء عداس قالا له: ويحك ما هذا؟ قال: يا سيدي، ما في الأرض شيء خير من هذا الرجل، لقد أخبرني بأمرٍ لا يعلمه إلا نبي، قالا له: ويحك يا عداس، لا يصرفك عن دينك، فإن دينك هو خير من دينه، ورجع رسول الله (ﷺ) من طريق مكة بعد خروجه من الحائط كئيباً مخزوناً كسير القلب، فلما بلغ قرن المنازل بعث الله إليه جبريل ومعه ملك الجبال، يستأمره أن يطبق الأخشبين على أهل مكة، قال النبي (ﷺ) بل أرجو أن يخرج الله (ﷻ) من أصلابهم من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئاً، وفي هذا الجواب الذي أدلى به الرسول (ﷺ) تتجلى شخصيته الفذة، وما كان عليه من خلق عظيم، ثم تقدم رسول الله (ﷺ) نحو مكة حتى بلغ وادي نخلة، وأقام فيه أياماً، وخلال إقامته هناك بعث الله إليه نفراً من الجن، فدخلوا في الإسلام، ينبغي على طلاب العلم أن يعملوا بخلق الرحمة في كان زمن ومكان وفي كل وقت وحين (مباركفوري: 2007، ص125-126-127)، فمع ما فعله أهل الطائف مع رسول الله (ﷺ) إلا أن الله سخر له الجن فدخلوا في الإسلام، فعلى طالب العلم العمل بالرحمة ولو أغلقت الأبواب في وجهه، فلا ييأس ولا يغضب، بل يجب عليه التواصل واللين والرفق مع أصدقائه من أجل العلم.
5- الإيثار:
من اسْمى وأجْود وأكْمل الصِّفات الطِّيبة والرائعة خُلق الإيثار، فهذا الخلق يتلعثم اللسان ويجف القلم وتمتلئ الكتب عند ذكره ووصفه، وعندما يقدمه طلاب العلم في الميادين والمجالات العلمية فإن له وقع على القلوب وأثر في النفوس، لا يمكن أن ينتهي ولا أن يختفي من العقول أبداً، فالإيثار عكس الشح، فيجب على طالب العلم أن يستفيد من الإيثار بإصلاح وقته وقلبه وحاله مع الله، وأن ينظر ويتأمل في كتب السير أثناء الهجرة النبوية ويأخذ منها الدروس والعبر، فقد صح عن رسول الله ﴿ﷺ﴾ لما هاجر أهل الإسلام للمدينة آخى رسول الله (ﷺ) بين عبد الرحمن وسعد بن الربيع، فقال لعبد الرحمن: إني أكثر الأنصار مالاً، فاقسم مالي نصفين، ولي امرأتان، فانظر أعجبهما إليك فسمها لي، أطلقها، فإذا انقضت عدتها فتزوجها، قال: بارك الله لك في أهلك ومالك، وأين سوقكم؟ فدلوه على السوق بني قينقاع فما انقلب إلا ومعه فضل أقط وسمن، ثم تابع الغدو، ثم جاء وبه أثر صفرة، فقال النبي (ﷺ): مهيم؟ قال: تزوجت، قال: كم سقت إليها؟ قال: نواة من ذهب (المباركفوري، 2007، ص186)، فهذه السيرة الطيبة حدثت في هجرة الرسول (ﷺ) من مكة إلى المدينة، إثار منقطع النظير، فلعل الله سبحانه وتعالى أن يوفق طلاب العلم أن تبرز مثل تلك الصفات الطيبة في التبادل العلمي من أجل التطور والابتكار والإبداع العلمي، وقيل عن الإيثار:
أُسد ولكن يؤثرون بزادهم والأُسد ليس تدين بالإيثار
يتزين الناد بحسن وجوههم كتزين الهالات بالأقمار
وقيل:
المال للرجل الكريم ذارئعٌ يبغي بهن جلائل الأخطار
والناس شتى في الخلال وخيرهم من كان ذا فضل وذا إيثار


6- التمسك بالثوابت الإسلامية:
الثوابت المقصود بها عدم التغيير والتبديل، وهي تمثل الأخلاق الحميدة، والثوابت التي لا يمكن أن تكون مجال مساومة أبداً، فهي من تعاليم محمد (ﷺ) لا تحْتمل تغييراً أو تأويلاً، فعلى طالب العلم أن يتقي الله في غض بصره وحفظ فرجه وعلاقته مع طلاب العالم، ونحن نتحدث عن كِلا الجنسين شباب وشابات وفتيان وفتيات، ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ﴾ (سورة النور: الآية 30-31)، وينبغي على طالب العلم أن يأمل جيداً بأنه هاجر من أجل العلم، وبطبيعة الحال هو ينظر إليه أغلب أفراد المجتمع، فيحْرص أن يقدم الصورة الصحيحة للإسلام، ويظهر أخلاق هجرة رسول الله (ﷺ)، ويحرص على الفوز في الدارين، حتى يكون سعيداً في أول منازل الآخرة.
7- المعوقات التي توجه طالب العلم:
لا شك بأن طالب العلم يقدم الوقت والجهد في سبيل البحث العلمي، ولابد أن ينتج عن ذلك العديد من المعوقات والصُّعوبات وهي تتمثل في الآتي:
 قلة الموارد المالية: وهذه من أكبر المشاكل وأعْظمُها، فيجب على الحكومات والدول أن تتبنى مشاريع استثمارية لمساعدة طلاب العلم وبحوثهم العلمية.
 الصحبة السيئة: للأصدقاء أثار كبيرة سواء كانت هذه التأثيرات سلبية أو إيجابية، وهنا ننصح طلاب العلم أن يحرصوا على اختيار الصحبة الطَّيِّبة، التي تعين على طلب العلم، وتشجع على البذل والعطاء، وتساهم في الإبداع والبحث العلمي.
 ضعف الهمة: لا شك بأن عدم الاجتهاد، وضعف الإنجاز العلمي، من أهم المعوقات والمشكال التي تسبب في تأخير طالب العلم.
 الفتن والمعاصي: ينبغي على طالب العلم أن يتقي الله في كل صغيرة وكبيرة وفي كل واردةٍ وشاردة، خصوصاً في مسألة غض البصر وحفظ الفرج، وأن يضع بين عيْنيْه أن النظر لمحاسن الرجال أو النساء، للشباب أو الشابات و الفتيان و الفتيات بشهوة لها أضرار كبيرة على النفس والجسم في الدنيا ويوم القيامة، لاسيما المحرَّمات التي تصل إلى كل بيتٍ وغرفة نومٍ عبر الفضاء من خلال الإنترنت (السُّوشيال ميديا)؛ فلهذه الوسائل الاجتماعية أضرار كبيرة في ضياع الأعْمار واسْتنزاف الأوْقات دون قراءة أو كتابة أو مشاركة في ندوات أو مؤتمرات علمية، فقد قال الإمام الشافعي:
"شكوت إلى وكيعٍ سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي، وأخبرني
بأن علم الله نور، ونور الله لا يهدى لعاصي".
8- الإبداع العملي
أولاً: أسس الإبداع العلمي
الأسس التي لابد من وجودها عند كل شخص مبدع، ولا يتصوَّر وجود مبدع دونها، ومن هذه الأسس القوة العقلية، فلا من توفر هذه القدرة عند الإنسان المبدع، والعبقرية هي أعلى المستويات من القدرات العقلية المعرفية، وقد وضع علماء التربية مستويات متدرجة للذكاء، تبدأ من المعتوه (أقل من 20 درجة) وتنتهي بالعبقري (أعلى 140 درجة) والعباقرة أيضاً لهم درجات، وأعلى درجة للعبقرية اكتشفت حتى الآن هي (300 درجة)، وأيضاً من الأسس الإبداع العلمي القوة النفسية، فلابد أن يتصف المبدع بقوة النفس العلمية والعملية، والمراد بها: قوة الثبات والإرادة والتصميم والمثابرة والنُّزوع إلى الكمال، وكذلك من أسس الإبداع العلمي القوة الجسدية والمقصود بها الطاقة الحيوية والنشاط المتدفق الذي هو شعلة الإبداع ووقود أُتونه، حتى وإن كان صاحبها لطيف الجسم، نحيل البدن، فإن هذا ليس مقياساً للطاقة والحيوية والنشاط (القرني:2007، ص37-43-52)، بل ربما كان العكس هو الصحيح كما قال بعضهم:
تراه من الذكاء نحيف جسمٍ عليه من توقده دليل
إذا كان الفتى ضخم المعالي فليس يضره الجسم النحيل!

ثانياً: أهمية الإبداع العلمي
- يساهم الإبداع العلمي في تطور المجتمعات إلى الأفضل
- صقل المهارات وتنظيم الطاقات مما يساهم في جعل حياة المفكرين والمبدعين أفضل
- يساهم الإبداع العلمي في حل المشاكل المختلفة في أي دولة من الدول.
- يتميز الإبداع بالتعاون والتعارف بين علماء البلد الواحد
ثالثاً: صفات تدل على موهبة الإبداع العلمي
- القدرة على الحوار والتعامل بثقة في المؤتمرات والندوات العلمية
- الموهبة في تقديم المقترحات والأفكار المقنعة
- العمل على تحقيق الأهداف المحمودة، والاجتهاد بالوصول إليها
رابعاً: أسباب نجاح الإبداع العلمي
- لابد من عنصر التجديد، والاهتمام بموضوع الفكرة، لاستقطاب عدد كبير من الناس
- الإثارة والتجديد فعندما يشعر الجمهور العلمي الذي ينتظر المادة أو الفكرة العلمية بأنهم اكتشفوا شيئاً جديداً، من هنا تبدأ عملية الإثارة وستبدأ الناس بالحديث عنك لأناس آخرون، وهكذا ينتشر الابتكار والإبداع العلمي
- استثمار المقدرة الطبيعية بحيث أن تكون قدوة للآخرين، وتقديم مستوى رائع وصحيح لتحقيق الأهداف والنتائج.


الخاتمة:
عندما نتأمل في هجرة رسول الله (ﷺ) نعرف بأنها دروس وعبر في مختلف المجالات، خصوصاً لطلاب العلم، فيجب علينا الحرص على سلامة أرْوحنا وأجسادنا بتعاليم القرآن ودروس الهجرة النبوية، بالتواضع والرحمة والأمل والتفاؤل والالتزام بالثوابت الإسلامية، حتى تكون لنا بصمة على ظهر هذه الأرض تستمر بإذن الله وتساهم في الإبداع والتطور العلمي، والابتعاد عن المعوقات التي تقابل طالب العلم، من حيث الصحبة السيئة، ضعف الهمة، وأيضاً الابتعاد عن الذنوب والمعاصي، كما تعتبر أهمية الإبداع العلمي كبيرة جداً، فهي تساهم في تطور المجتمعات إلى الأفضل، فينبغي علينا الأخذ بأسباب الإبداع العلمي بالبحث عن الأفكار الجيدة، لاستقطاب شريحة كبيرة من الناس والتأثير فيهم من خلال الإبداع والابتكار العلمي.









قائمة المصادر والمراجع:
- القرآن الكريم.
- ابن القيم الجوزية، أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب، د.ت، مدارج السالكين، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت.
- النووي، محيي الدين يحيى بن شرف، 2001، رياض الصالحين، تحقيق على حسين بن علي بن عبد الحميد الحلبي الأثري، ط1، دار ابن الجوزي، الرياض.
- الألباني، محمد ناصر، 1988، صحيح الجامع الصغير وزيادته، ط3، المجلد الأول، المكتب الإسلامي، بيروت.
- المباركفوري، صفي الرحمن، 2007، الرحيق المختوم، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الدوحة.
- جودة، آمال – أبو جراد، حمدي، 2011، التنبؤ بالسعادة في ضوء الأمل والتفاؤل لدى عينة من طلبة جامعة القدس المفتوحة، مجلة جامعة القدس المفتوحة للأبحاث والدِّراسات، ع24.
- الغزالي، محمد، 1965، فقه السيرة، ط6، دار الكتب الحديثة، د.م.
- علوان، عبد الله ناصح، تربية الأولاد في الإسلام، ط9، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع، د.م، ج1.
- القرني، أحمد بن علي، 2007، الإبداع العلمي، ط1، دار عالم الفوائد، مكة.
- البغدادي، الخطيب، 1985، اقتضاء العلم العمل، تحقيق محمد ناصر الدين الألباني، ط5، المكتب الإسلامي، بيروت.
- المغلوث، عبد الله، 2012، تغريدة في السعادة والتفاؤل والأمل، ط1، مدارك للنشر، بيروت.
...المزيد

مع كتاب المنتقى من أخبار المصطفى صلى الله عليه وسلم لمجد الدين أبي البركات عبد السلام بن تيمية ...

مع كتاب المنتقى من أخبار المصطفى صلى الله عليه وسلم
لمجد الدين أبي البركات عبد السلام بن تيمية الحراني
(جد شيخ الإسلام) رحم الله الجميع .
أهم سمات ومميزات , كتاب المنتقى من أخبار المصطفى صلى الله عليه وسلم, من واقع قراءتي للكتاب
بداية أقول هذا الكتاب مختصر من كتاب الأحكام الكبرى للمؤلف كما قاله ابن رجب في ترجمته .
مؤلف الكتاب مذكور في العنوان
1- عدد أحاديث الكتاب (5029) حديثاً حسب نسختي التي حققها وعلق عليها , الشيخ محمد حامد الفقي رحمه الله تعالى , وتقع في مجلدين وهي المرفقة في الصورة وهذا العدد فيه المكرر وفيه أقوال الصحابة , ومن الممكن أن يزيد هذا العدد لان من اعد الكتاب للطبع ترك كثيراً من أقوال الصحابة لم يرقمها .
2- أحاديث هذا السفر المبارك كما أشار المؤلف في المقدمة منتقاة من الكتب الستة والمسند وغيرها... وسأفرد لها عنوان خاص بها تجده آخر المنشور إن شاء الله .
3- لم يحكم المؤلف على درجة أحاديث كتابه إلا في بعض الأحاديث المعدودة .
4- جعل المؤلف العلامة للكل ( أي الكتب الستة والمسند ) رواه الجماعة ولهم دون البخاري ومسلم رواه الخمسة وللبخاري ومسلم أخرجاه ولهم مع احمد متفق عليه والأخير شرط خاص بالمؤلف .
5- أول حديث في هذا السفر حديث أبي هريرة في ماء البحر ( هو الطهور مائه والحل ميتته ) .
6- آخر حديث في الكتاب حديث ابن عمر ( خطبنا عمر بالجابية ).
7- أول كتاب , كتاب الطهارة
8- آخر كتاب ,كتاب الأقضية والأحكام ( وفي رأيي ينبغي لقضاتنا ان يطالعوا هذا السفر وان عجزوا فليس اقل من حفظ كتاب الأقضية والأحكام ) .
9- أحياناً يعلق المؤلف تعليقات خفيفة توضح المراد من الحديث الذي يورده إلا عند حديث صلح الحديبية فقد أسهب قليلاً في ذكر الغريب وشرح بعض الكلمات .
10- قد يذكر عقب الحديث بعض الكلمات الغريبة ويبين المراد منها .
11- ينقل المؤلف عن العلماء السابقين توثيق او تضعيف بعض الرواة انظر مثالاً على ذلك الحديث رقم (11- ص10 ج 1)
12- قد ينقل تصحيح الأحاديث عن احد العلماء المتقدمين كما في الحديث رقم 22 ص14 ج1 حديث بئر بضاعة نقل هناك تصحيح الإمام احمد .
13- المؤلف رحمه الله له إشارات لطيفة وعبارات خفيفة في الجمع بين الأدلة انظر واحداً منها عند الحديث رقم 26ص16ج1
14- قد يكتب معنى الحديث ولا يسوق لفظه كما فعل في الحديث رقم 27ج1
15- أحيانا يبدأ بالعزو ثم يذكر الحديث او العكس.
16- قد يثبت الفروق بين الروايات من زيادات او نقص انظر ص22ج1
17- يبوب على حكم معين ثم يعود ويبوب على نسخه كما في ص 35ج1 باب ما جاء في تطهير الدباغ ( يعني لجلد الميتة ) وانظر ص 38ج1 باب ما جاء في نسخ تطهير الدباغ .
18- قد يحكم المؤلف على الحديث ابتدئاً انظر الحديث رقم 353ج1.
19- أحيانا يترجم بالشيء المكروه وضده المستحب انظر ص 130ج1.
20- قد يذكر المؤلف رواية ويكون ذكر غيرها أولى كرواية احمد وابن ماجة فيمن فاتته صلاة العصر فقد حبط عمله وتركه لرواية البخاري انظر ص 211ج1 حديث رقم 547.
21- قد يعزو الحديث إلى كتاب وعزوه إلى غيره من الكتب أولى, كأن يعزو مثلاً إلى سنن النسائي والحديث في البخاري ومسلم انظر الحديث رقم 576ج1ص222.
22- هناك أحاديث يختصرها اختصاراً بيناً.
23- قد يجعل الباب او التبويب في صيغة سؤال كما في كتاب الصلاة أبواب الإمامة قال ( باب هل يأخذ القوم مصافهم قبل الإمام أم لا ؟)
24- وقد يترجم بالحكم مباشرة كقوله باب كراهة كذا او استحباب كذا .
25- قد يحكم على الإسناد بنفسه, مثل الحديث رقم 2057ص148ج2 وهذا قليل جداً
26- من الأشياء المنغصة في هذا الكتاب حين ينقل من سنن الترمذي رحمه الله لا يذكر كلامه بعد الحديث بالكامل , بل قد يترك منه بعض الكلمات , ونحن نعلم أهمية كلام الترمذي نهاية الأحاديث التي يرويها في سننه .
الحديث عن هذا الكتاب حديث ذو شجون ولعلي اختم معكم بهذا العنوان حتى لا أطيل عليكم واراني قد فعلت .
-الكتب التي انتقى المؤلف منها أحاديث كتابه .
انتقى المؤلف رحمه الله أحاديث كتابه من عدة كتب حديثيه كلها مسندة وهي في نظري حسب انتقاء المؤلف منها طرفين ووسط
*كتب أكثر من النقل عنها
وهي الصحيحين -والمسند وأكثر عنه جداً - والسنن الأربعة .
*كتب توسط من النقل عنها
الموطأ وسنن كلاً من الدارمي -وسعيد ابن منصور- والدارقطني- والبيهقي- ومستدرك -الحاكم -وزوائد عبد الله ابن الإمام احمد على المسند .
*كتب اخذ منها قليلاً
التاريخ الكبير للبخاري -مسند الشافعي- مغازي ابن إسحاق -سنن الأثرم مسند الحميدي - ابو بكر الجوزقي في كتابه المخرج على الصحيحين -البرقاني في مستخرجه على الصحيح - وأشار في رواية إلى صحيح ابن حبان رقم 2744ج2 -ومسند أبو داود الطيالسي- وابو عبيد القاسم ابن سلاّم - وإسماعيل بن حرب الكرماني - وذكر ابن المنذر في أكثر من موضع لكن لا ادري في أي كتبه يقصد لأنه يذكره مجرداً - وأورد حديث قال رواه الخطابي بإسناده رقم الحديث 1221 .
هذا تقريباً كل المصادر التي ذكرها او كان العزو إليها في هذا الكتاب لا أظنني أسقطت منها شيئاً إن شاء الله تعالى .
كانت هذه أهم سمات ومميزات كتاب المنتقى من أخبار المصطفى صلى الله عليه وسلم .
وفي النهاية لا يسعني إلا أن اردد مع القائل :
يا ناظراً فيه إن ألفيت فائدة
............ فاجنح إليها ولا تجنح إلى الحسد
وان عثرت لنا فيه على زلل فاغفر
................. فلست مجبولاً على الرشد

دمتم في طاعة الله وأمنه .
وكتب
الراجي عفو ربه القوي
............... أبو مسلم الصيودي الأثري
حمدي حامد محمود الصيد
حامداً ومصلياً لله رب العالمين
#الصيودي حمدي حامد
...المزيد

اللهم اعنا على اداء الامانة على أحسن ما تريد و لا نخرج من الدنيا الا و أنت راض عنا يا كريم

اللهم اعنا على اداء الامانة على أحسن ما تريد و لا نخرج من الدنيا الا و أنت راض عنا يا كريم

من نونية القحطاني . . . لا خير في صور المعازف كلها ... والرقص والإيقاع في القضبان إن التقي ...

من نونية القحطاني
.
.
.
لا خير في صور المعازف كلها ... والرقص والإيقاع في القضبان
إن التقي لربه متنزه ... عن صوت أوتار وسمع أغان
وتلاوة القرآن من أهل التقى ... سيما بحسن شجا وحسن بيان
أشهى وأوفى للنفوس حلاوة ... من صوت مزمار ونقر مثان
وحنينه في الليل أطيب مسمع ... من نغمة النايات والعيدان
أعرض عن الدنيا الدنية زاهدا ... فالزهد عند أولي النهى زهدان
...المزيد

دعاء تحقيق الأمنيات يارب ياقادر على كل شيء، يارب المعجزات حقق لي حلمي، وأسعد قلبي، يارب لا يغير ...

دعاء تحقيق الأمنيات
يارب ياقادر على كل شيء، يارب المعجزات حقق لي حلمي، وأسعد قلبي، يارب لا يغير القضاء إلا الدعاء، وإني أرجوك وادعوك واتوسل إليك أن تعطيني ما دعوت وتجعله خيرا لي اللهم غير حالي لأفضل حال عاجلا برحمتك وارزقني رزقا واسعا عاجلا مباركا مدرارا يارب كل لدعائي وما اتمنى كن ليكون لا حول ولا قوة الا بالله 🤲❤❤❤ ...المزيد

خاطرة للدكتور عثمان جيلان معجمي حول قوله تعالى : لقد خلقنا الانسان في كبد الله تعالى خلق الانسان ...

خاطرة للدكتور عثمان جيلان معجمي حول قوله تعالى : لقد خلقنا الانسان في كبد
الله تعالى خلق الانسان , في دنيا تتطلب منه الكد والجري والتعب وراء لقمة العيش , (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15) سورة الملك) , و هيأ جسمه لذلك , ليتمكن من المشي والجري والاخذ والعطاء والتفكير , وعمل جميع الاسباب التي يتحصل بها على رزقه , بل واداء العبادات , من صلاة وحج وغير ذلك , و خلق الله للإنسان المأكولات والاغذية , وركب فيه الشهية للأكل , و كانت البداية بآدم عليه السلام , الذي بدأت مسيرة حياته في الجنة , يأكل منها رغدا حيث شاء , دون كد او تعب , وحذره الله من الاكل من شجرة معينة (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35) سورة البقرة) , والفرق بين هذه الشجرة وبقية اشجار الجنة , ان الاكل من هذه الشجرة , ينتج عنه تكوين مخلفات ومواد سامة في الجسم , فتخرج المخلفات من الجسم على شكل براز وبول , وتبقي المواد السامة في الجسم مسببة الاحساس بالضنك والضيق والضجر والاكتئاب والطفش , تماما مثل الاشجار والمأكولات على سطح الارض , اما بقية اشجار الجنة , فإن اكلها لا يؤدي الى تكوين مخلفات في الجسم , ولا تكوين مواد سامة, بل تتكون مواد اخرى , تؤدي الى الشعور بالنشاط والقوة و الفرحة والسعادة والسرور , ولذلك سميت الجنة ببلاد الافراح , (فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) سورة ال عمران) , فلا يصيبهم الملل والخوف والحزن , و لا يشعرون بالضنك والضيق والضجر , وهذا هو الانسب للحياة الابدية والخلود في الجنة .
وعندما اكل ادم من تلك الشجرة , تكونت المخلفات في جسمه , من البراز والبول , وهذه المخلفات لا بد ان يتخلص منها الجسم , ولكن لا مكان في الجنة للبراز والبول والنجاسات والقاذورات , ولذلك خرج ادم من الجنة وهبط الى الارض , ليضع تلك المخلفات على سطح الارض , فهي المكان المناسب لوضع المخلفات والقاذورات , وعلى سطح هذه الارض , سيعيش ادم وبنوه الى يوم القيامة , (فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (22) سورة الاعراف) , (قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (24) قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ (25) سورة الاعراف)

اذن اخي القارئ , هناك فرق بين المأكولات والاشجار في الارض , والمأكولات والاشجار في الجنة , المأكولات التي توجد في الجنة , لا ينتج عنها مخلفات او سموم في الجسم , فلا يتكون البول ولا البراز ولا السموم في جسم الانسان , بل تتحول الى مواد تجعل الانسان فرحا مسرورا, والى مواد اخرى تخرج من الجلد على شكل عرق ذو رائحة زكية طيبة , تجعل الجو من حوله منعشا (فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ (89) سورة الواقعة)
واما المأكولات والاشجار الموجودة في الارض , فإنها تتحول في جسم الانسان الى مخلفات و مركبات سامة , واهم المخلفات هي البراز والبول , واهم المركبات السامة هي مواد تؤدي الى الشعور بالضيق والاكتئاب والضجر , وتمنع عن الانسان الشعور بالسعادة والبهجة والفرجة والسرور , فأما البول والبراز , فيتخلص الجسم منهما بسهولة , واما المواد السامة , فإن الجسم يجد صعوبة في تكسيرها والتخلص منها , وتتراكم تلك المواد السامة في الجسم , ولا يمكن التخلص منها , الا ببذل مجهود عضلي كبير , كالمشي مسافات طويلة , و اداء التمارين , والصيام .
اذن , تبقى الوسيلة الوحيدة للتخلص من المواد السامة , هو اداء مجهود عضلي شاق , او الصيام , ولذلك تجد العامل المسكين , الذي يشتغل حجر وطين , ويتعب طول يومه , ويبذل مجهودا عضليا في حمل الاسمنت والاحجار , تجده في نهاية عمله سعيدا فرحا مسرورا , لان هذا المجهود الشاق , ادى الى تخلص جسمه من السموم , ويعود هذا العامل الى اهله بشوشا فرحا , يلعب مع اطفاله وينشر في منزله البهجة والسرور , وهو لا يملك الا قوت يومه , ويعود ذلك الغني المرتاح على كرسي مكتبه , والذي لم يبذل مجهودا عضليا في عمله , يعود الى منزله ضيقا ضنكا غاضبا , بسبب تراكم السموم في جسمه .
ولذلك , فرض الله تعالى خمس صلوات في اليوم والليلة , ليذهب كل مسلم الى المسجد خمس مرات , هذا الذهاب والمشي الى المساجد كل يوم خمس مرات , يستهلك مجهودا عضليا , والذي يؤدي الى التخلص من السموم , فيشعر المصلي بالفرحة والسعادة والسرور , ولذلك فرض الله تعالى قيام الليل على حبيبه ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم , (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6) سورة المزمل) , (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (8) سورة الشرح ) , أي: إذا فَرغت من أمور الدنيا وأشغالها ، وقمت بأمر الدعوة , فانصب في العبادة واتعب فيها، وقم إليها نشيطا, لأن الله يحبه , يريده ان يكون سعيدا مسرورا .
اذن , المرتاح في الدنيا تعبان ,و التعبان فيها مرتاح , وكلما تعب الانسان وبذل مجهودا عضليا وبدنيا في يومه , تخلص من السموم , وشعر بالسعادة والسرور في نهاية يومه , وكلما زاد تعبه وكده , زاد احساسه بالفرح والسرور , وكلما ارتاح جسمه من التعب , ولم يبذل مجهودا عضليا في يومه , تراكمت السموم , وزاد احساسه بالضيق والهم والضجر والطفش والضنك , ولذلك اخبرنا الله تعالى عن هذه الحقيقة , بعد ان اقسم ثلاث مرات , (لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (2) وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (4) سورة البلد) , أي ان الله خلق الانسان , وجعله يكابد التعب والمشقة والعناء , لأن جسمه لا يناسبه الا التعب والعناء في الدنيا , ليشعر بالسعادة والسرور , ولن يقيه من الضجر والضيق والضنك الا بالمكابدة والتعب , اما في الاخرة , فلا يحتاج الى التعب والعناء والمكابدة , فلا مخلفات ولا مواد سامة , بل فرحة وسعادة و سرور .
, اخي القارئ , ونحن في عصر السيارات والمواصلات , يذهب الانسان الى عمله راكبا , ويؤدي عمله على كرسيه جالسا , ويعود الى منزله راكبا , لا يتحرك ولا يمشي كثيرا , لذا , وجب القيام ببعض التمارين اليومية , واقل تلك التمارين هي المشي لمسافات طويلة , والذي لا يستطيع القيام بالتمارين , فعليه بقيام الليل , والذي لا يستطيع قيام الليل , فعليه بالصيام ,كصيام الاثنين والخميس , ولذلك ترى الصائمين في ليالي شهر رمضان , تراهم فرحين مسرورين بعد الافطار , بسبب تخلص اجسامهم من السموم , وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال , للصائم فرحتان, فرحة عند فطره , وفرحة عند لقاء ربه , وهذا هو السر , في ادمان بعض الناس صيام الاثنين والخميس , لانهم طعموا البهجة والسرور بعد الافطار
وفي الاخير , تبين ان الانسان لا يشعر بالسعادة والسرور في الحياة الدنيا , الا اذا تعب وكابد في العمل او العبادة , والذي لا يتعب ولا يتعبد , يعيش حياة ضنك وضجر وضيق وتعاسة , حتى لو كان يملك الدنيا باسرها , لن يذوق البهجة والسرور الا اذا تحرك وتعب وتعبد , اما الجنة , فهي العكس , كلما جلس وارتاح , زاد احساسه بالبهجة والفرح والسرور , (فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171) سورة البقرة)
...المزيد

فتاة عزباء تنام مع شاب العشرين في غرفة واحده ليله كامله ! اقرأها جميلة جدا ~. : فتح لها الباب ...

فتاة عزباء تنام مع شاب العشرين في غرفة واحده ليله كامله !
اقرأها جميلة جدا ~. :
فتح لها الباب وقال لها في دهشة :
من انتي ؟
فردت عليه :
انا طالبة اتيت هنا مع المدرسة ولكنهم تركوني وحدي ولا اعرف طريق العودة
فقال لها انك في منطقة مهجورة فالقرية التي تريدينها في الناحية الجنوبية
وانت الان في الناحية الشمالية
وهنا لايسكن احد فطلب منها ان تدخل وتقضي الليلة بغرفته
حتى حلول الصباح ليتمكن من ايجاد وسيلة تنقلها الى مدينتها
فطلب منها ان تنام هي على سريره وهو سينام على الارض في طرف الغرفة ..
فاخذ شرشفا وعلقه على حبل ليفصل السرير عن باقي الغرفة ..
فاستلقت الفتاة وهي خائفة وغطت نفسها حتى لا يظهر منها اي شيء غير عينيها
واخذت تراقب الشاب ..
وكان الشاب جالسا في طرف الغرفة بيده كتاب
وفجاة اغلق الكتاب واخذ ينظر الى الشمعة المقابلة له
وبعدها وضع اصبعه الكبير على الشمعة لمدة خمس دقائق
وحرقه اصباعه
وكان يفعل نفس الشيء مع جميع اصابعه
والفتاة تراقبه وهي تبكي بصمت خوفا من ان يكون جنيا
او يمارس احد الطقوس الدينية . .
لم ينم احد منهما ..
وفي الصباح اوصلها الى منزلها وحكت قصتها لوالديها مع الشاب
ولكن الاب لم يصدق القصة خصوصا ان البنت مرضت من شدة الخوف الذي عاشت فيه ..
ذهب الاب في اليوم التالي إلى الشاب على انه عابر سبيل
وطلب منه ان يدله الطريق
فشاهد الاب يد الشاب وهما سائران ملفوفة
فساله عن السبب الحريق
فقال له الشاب :
لقد اتت الي فتاة جميلة امس ونامت عندي وكان الشيطان يوسوس لي
وكنت عندما يشتد بي الوسواس كنت اقوم بحرق احد اصابعي ل اتذكر نار الاخرة
ولتحترق شهوة الشيطان مع اصبعي
قبل ان يكيد ابليس لي
وكان التفكير بالإعتداء على الفتاة يؤلمني اكثر من الحرق
اعجب والد الفتاة بالشاب ودعاه الى منزله
وقرر ان يزوجه ابنته دون ان يعلم الشاب بان تلك الابنة هي نفسها الجميلة التائهة ..
فبدل ان يظفر بها ليلة واحدة بالحرام
فاز بها طول العمر
فمن ترك شيئا لله عوضه الله خير منه !

" اللهم ارزق الشباب عفة سيدنا يوسف ، وارزق البنات طهارة السيدة مريم العذراء البتول "
...المزيد

حكمة سديدة

اعندما يكون الكذب سائداً..
فأن قول الحقيقة سيبدو عملا في منتهى الاستفزاز.

بسم الله الرحمن الرحيم المسلمون الأماجد من تعلقت قلوبهم بالمساجد الحمد لله معز من أطاعه واتقاه، ...

بسم الله الرحمن الرحيم
المسلمون الأماجد من تعلقت قلوبهم بالمساجد
الحمد لله معز من أطاعه واتقاه، ومذل من خالف أمره وعصاه، مجيب دعوة الداعي إذا دعاه، وهادي من توجه إليه واستهداه، محقق رجاء من صدق في معاملته ورجاه، من أقبل إليه صادقا تلقاه ومن ترك لأجله أعطاه فوق ما تمناه، ومن لاذ بحماه وقاه وحماه، ومن توكل عليه كفاه سبحانه من إله عظيم تفرد بكماله وبقائه، وعم بإحسانه وآلائه، أحمده سبحانه حمدا يملأ أرضه وسماه، وأشكره على سوابغ نعماه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا معبود بحق سواه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي اصطفاه وأسرى به إلى سماه وأراه من عظيم الملكوت ما أراه وقربه وأدناه من القرب والإكرام ما لم ينله سواه، اللهم صلّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ومن نصره وآواه واقتفى أثره واتبع هداه.
أما بعد، فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة أجارني الله وإياكم من البدع والضلالات. { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } [ آل عمران: 102]
معاشر المسلمين:
من منا لا يريد أن يكرمه الله؟ من منا لا يتمنى رحمة الله؟ من منا لا يشتاق إلى رؤية الله؟ من أراد هذه الأجور العظيمة فعليه أن يكون قلبه مشتاق إلى بيوت الله ، شديد الحب لها, شديد التعلق بها.
فعن سلمان رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من توضأ في بيته فأحسن الوضوء، ثم أتى المسجد فهو زائر لله وحق على المزور أن يكرم الزائر) . إسناده حسن رواه الطبراني وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.
عباد الله:
ما أعظمها من لحظات والناس يهرولون إلى بيوت الله يطلبون مغفرة الله ورضوانه! ما أحلاها من ساعات والناس يرفعون أكف الضراعة إلى الله وهم في بيته يرجون رحمته ويخشون عذابه! ما أجملها من أوقات وهم يتلون كتاب الله سبحانه ويتدارسونه فيما بينهم! فإذا ما فعلوا ذلك تنزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمات، ويكفيهم أن الله يذكرهم، ويثني عليهم، ويباهي بهم ملائكته، ويسكنهم جنته، وأعظم من هذا كله رؤية وجه خالقهم سبحانه، فأعظم نعيم يوم القيامة أن ترى وجه الله الكريم، فإذا أردت أن تحصل على هذا النعيم، فاستمع إلى وصية النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم عن جرير بن عبدالله - رضي الله عنه - قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فنظر إلى القمر ليلةً يعني البدر، فقال: ((إنكم سترون ربكم، كما ترون هذا القمر لا تضامون ( )في رؤيته، فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا) متفق عليه
أيها المسلمون الأماجد: هناك تقرير مشرف يرتفع من الأرض لمن تعلق قلبه بالمساجد وواظب على الصلوات في المسجد جماعة؛ تقرير ترفعه الملائكة إلى الله سبحانه تقرير فيه سعادتك في الدنيا والآخرة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم : كيف تركتم عبادي؟ فيقولون : تركناهم وهم يصلون ، وأتيناهم وهم يصلون”. رواه البخاري ومسلم
فمن أراد أن يُشْرِق قلبه بنور الله، فعليه أن يتصف بصفات هؤلاء الرجال، التي منها عمارة المساجد، وليس المقصود بتلك العمارة أداء الصلوات فيها فقط، ولكن لا بد كذلك من تعلُّق قلبه بها، كما في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، ((،.....ورجل قلبه معلَّق في المساجد،........)) رواه مسلم
من أراد النور فليبحث عنه في بيوت الله؛ قال عليه الصلاة والسلام : ( بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة ) [رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني]
أهل المساجد؛ أصحاب القلوب المرتبطة بالله هم في ضمان الله وفي أمانه إن عاشوا رُزِقوا وكفُوا وسُعِدوا، وإن ماتوا فازوا بالنعيم المقيم، سعادة في الدنيا والآخرة، فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ( ثَلَاثَةٌ كُلُّهُمْ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ، إِنْ عَاشَ رُزِقَ وَكُفِيَ، وَإِنْ مَاتَ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ: مَنْ دَخَلَ بَيْتَهُ فَسَلَّمَ، فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّه) [رواه أبو داود ، وابن حبان في صحيحه وأورده الألباني في صحيح الترغيب والترهيب].
المشتاقون لبيوت الله والمواظبون عليه؛ الله يباهي بهم ملائكته، بل يأتي النبي صلى الله عليه وسلم مسرعاً وقد حسر عن ركبتيه ليبشر أصحابه بهذا الفضل العظيم، إنه كرم الله وفضله للمصلين؛ المرابطين في بيوت الله، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ : صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَغْرِبَ ، فَرَجَعَ مَنْ رَجَعَ ، وَعَقَّبَ مَنْ عَقَّبَ ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْرِعًا قَدْ حَفَزَهُ النَّفَسُ ، وَقَدْ حَسَرَ عَنْ رُكْبَتَيْهِ ، فَقَالَ : " أَبْشِرُوا ، هَذَا رَبُّكُمْ قَدْ فَتَحَ بَابًا مِنْ أَبْوَابِ السَّمَاءِ يُبَاهِي بِكُمُ الْمَلَائِكَةَ ، يَقُولُ : " انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي قَدْ قَضَوْا فَرِيضَةً ، وَهُمْ يَنْتَظِرُونَ أُخْرَى " [رواه ابن ماجة، وصححه الألباني].
ومما يدل على أن كثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة فيها من وسائل ربط القلوب بالله ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة – رضي الله عنه - ن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ( ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟، قالوا بلى يا رسول الله، قال إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط ) .
معاشر المسلمين:
من تعلق قلبه بالله وببيته نال رحمة الله واجتاز الصراط ليفوز برضوان الله، فعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ( المسجد بيت كل تقي، وتكفل الله لمن كان المسجد بيته بالروح والرحمة، والجواز على الصراط إلى رضوان الله إلى الجنة) [ رواه الطبراني، وصححه الألباني].
السلف الصالح عرفوا الطريق فشمروا لها، وأيقنوا أن ما عند الله خير وأبقى، وأن الفلاح بقوة الصلة بالله، وملازمة
بيوت الله، لما حضرت سعيد بن المسيب عالم التابعين الوفاة، بكت ابنته عليه، فقال لها: لا تبكي علي يا بنيّة، والله ما أذن المؤذن من أربعين سنة إلا وأنا في المسجد منذ أربعين سنة، لا يؤذن المؤذن إلا وسعيد بن المسيب في المسجد ينتظر الصلاة، ينتظر النداء ليصلي مع المسلمين.
وكان الأعمش يقول: والله ما فاتتني تكبيرة الإحرام مع الجماعة خمسين سنة.
كيف ترتقي أمة لا تحسن المعاملة مع الله – عز وجل -؟ كيف تفلح أمة لا تقدّس شعائر الله؟ كيف تكون صادقة في الحرب، أو في التعليم، أو في التصنيع، أو في الحضارة، وهي لا تتصل بربها في صلاة فرضها الله عليها؟
فحافظوا – رحمكم الله – على هذه الصلوات حيث ينادى بهن، عمّروا المساجد، وتسابقوا إلى الصفوف الأولى، واعلموا أنه لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.
محمد إقبال الشاعر المعروف يقول، وهو يتوجع على المسلمين وقد زار قرطبة فوقف أمام الجامع وما وجد المسلمين ،
ووجد المسجد قد حول إلى حانات من الخمر والعياذ بالله ، ووجد العاهرات وهن في محراب المسجد ، فبكى وجلس عند
الباب وأنشد قصيدته الفضفاضة الشهيرة في مسجد قرطبة فقال :
أرى التفــكير أدركه خمـول ولم تبق الـــعزائم في اشتعال
وأصبح وعظكم من غير نور ولا سحـــر يطل من المقـال
وعند النـــــاس فلســفة وفكر ولكن أين تلقين الغـــــــزالي
وجلــجلة الأذان بكل حـــــي ولكن أين صوت من بــــلال
منائركم علـــت في كل سـاح ومسجدكم من العــباد خــال
أسأل الله تعالى أن يهدينا إلى سواء الصراط ، أقول ما تسمعون واستغفر الله العظيم لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشانه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه وسلم تسليماً كثيراً .
أما بعد
فيا أيها المؤمنون: يقول ابن عباس: إن المساجد بيوت الله في الأرض تضيء لأهلها كما تضيء نجوم السماء لأهلها.
كم تأخذ صلاة الجماعة من أوقاتنا، تلكم الأوقات التي أضعناها في الأكل والشرب، والنوم، والمرح، إنها دقائق معدودة،
يرتفع فيها المؤمنون، ويسقط الفجرة والمنافقون، بها يعرف أولياء الشيطان، بها يتميز المؤمن من المنافق.
نصيحة من القلب لمن كان يتهاون عن صلاة الجماعة، لمن كان يصلي في بيته أن يكون من الذين يرتادون المساجد ويعمرونها بطاعة الله، قبل أن يندم ويتحسر، يوم لا تنفع الحسرة.
فمن أراد النجاة، والفوز والفلاح في الآخرة ، وأن يظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله في يوم شديد حره فما عليه إلا أن تقر عينه ببيوت الله وطاعتة والأنس بذكره سبحانه وتعالى.
إنَّ الصلاة هي قرة عيون المحبيبن كم أخبر بذلك إمام المصلين وخاتم المرسلين وسيد ولد آدم أجمعين .
فعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (حُبِّب إليَّ الطِّيب, والنساء, وجعلت قرة عيني في الصلاة ) رواه النسائي وصححه الألباني
إن الصلاة جماعة هي بستان العابدين, وسعادة الخاشعين, وراحة نفوس العارفين, ولا ينبئك مثل خبير .
فعن سالم بن أبي الجعد, عن رجل من أسلم, أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يا بلال, أقم الصلاة, أرحنا بها )
صحيح سنن أبي داود وصححه الألباني
﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾ [ق:37]
أسال الله أن يوفقني وإياكم لما يحب ويرضى، وأسأله أن يجعلني وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنة أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب اللهم أصلحنا وأصلح شباب المسلمين اللهم أصلحنا وأصلح بنات المسلمين اللهم أصلحنا وأصلح نساء المسلمين اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويهدى فيه أهل معصيتك ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر يا رب العالمين اللهم اجعل هذا البلد آمناً وسائر بلاد المسلمين من كل سوء ومكروه اجعل لنا وللحاضرين من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ومن كل عسر يسراً ومن كل ظالم نجا ارزقنا جميعاً من حيث لا نحتسب من أرادنا أو أراد الإسلام والمسلمين بسوء فاشغله بنفسه واجعل كيده في نحره اللهم اجعل اجتماعنا هذا اجتماعاً مرحوماً واجعل تفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً ولا تجعل فينا ولامنا ولا معنا شقياً ولا محروماً لا تخرجنا جميعاً من هذا المكان إلا بذنب مغفور وسعي مشكور وتجارة رابحة لا تبور...... عباد الله صلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين حيث أمركم فقال { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } [الأحزاب: 56]
ياسر عبدالله محمد الحوري
...المزيد

إذا نُزِع الحياءُ من المرأةِ فلا تَسأل عن سُوءِ عاقبتِها - ابن عُثيمِين.

إذا نُزِع الحياءُ من المرأةِ فلا تَسأل عن سُوءِ عاقبتِها

- ابن عُثيمِين.

قال عثمان بن عفان رضي الله عنه: "لو طهرت قلوبنا، لما شبعت من كلام الله".

قال عثمان بن عفان رضي الله عنه: "لو طهرت قلوبنا، لما شبعت من كلام الله".
يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
11 ربيع الأول 1446
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً