خواطر مجاهد من ملحمة الموصل 3/5 • الطبيب الانغماسي.. أمير ديوان الصحة: يومٌ هادىء في ...

خواطر مجاهد من ملحمة الموصل

3/5

• الطبيب الانغماسي.. أمير ديوان الصحة:

يومٌ هادىء في قاطعنا، فالمرتدون لا زالوا مذعورين من غزوة مباركة للإخوة في قاطع ثان، فأتممنا صيامنا باقي اليوم، وجلسنا على مأدبة الإفطار المكونة من بضع تمرات وشيء من العدس، فضيفنا اليوم أمير ديوان الصحة المكنى بالدكتور عبد الله.

استلقى الشيخ الطبيب على ظهره بعد الإفطار ليأخذ قسطاً من الراحة العزيزة عليه، إذ يقضي يومه في تفقد جميع المفارز وزيارتها، يرافقه في بعض الأحيان يحيى وهو شاب عشريني لم يكمل دراسته في كلية الطب، كان خدوماً للإخوة، متى ما دخلتَ عليه وجدتَه يعد لهم طعاما أو يقضي لهم حاجة، واقفاً لا ينام حتى يرى جميع من بالمهجع نياما، حييٌّ جدا، كنت أنظر إليه وأقول: هذا الرجل أحسبه من أهل الجنة، فما باله لا يزال بيننا؟

ناداه الشيخ عبد الله: دونك ساقي فالألم اشتد بها، ثم تنهد طويلاً، وقال: بُعث النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو في الأربعين من عمره، وتحمل مشاق الدعوة وآلامها، وقضى ثلاثا وعشرين سنة في دعوة وجهاد، وها أنذا للتو تجاوزت الأربعين ولا أستطيع المطاولة ليوم واحد، فيا رب ارحم ضعفنا.

شحوب وتعب على قسماته، يغطي عليه وقار شيبه، شدّ يحيى على ساق الشيخ فتألم قليلاً، فقلت له -مازحاً- مثلاً معروفاً: (ليس الكبر بعيب)، فضحك وقال: صدقت، ليس بعيب. وكان رجلا خفيف الظل، ثم تمتم بكلمات لم أسمعها لأن دوي القصف القريب كان أعلى منها، قال الشيخ بعد انتهاء الغارة، أمريكا هذه، هي بحقٍ فرعونُ هذا الزمان، تخيَّل تقصف صالة العمليات الثانية في المجمع الطبي ذي الأربع طوابق وتجعلها ركاما، والمعلوم عند القاصي والداني أن أطباءنا فيها يجرون العمليات لضحايا قصف أمريكا وأذنابها، فهي لم تكتفِ بقتل الطفل والمرأة والشيخ وتقطيع أوصالهم، حتى لحقتهم إلى صالة العمليات لتقضي عليهم وعلى الكادر الطبي فيها، في عداوة للتوحيد واضحة وشغف بسفك دماء المسلمين.

بالمقابل كان جنودنا الأطباء والممرضون والمسعفون في قمة الشجاعة والنخوة، فلما قُصفت الصالة بأول ضربة كان من نجا منهم رجع يبحث عن أحياء بين الركام وهو يعلم يقينا أن الطيران سيكرر الإغارة عليهم ويقتلهم، وكان هذا ما حدث في ثلاث ضربات متعاقبة، فبالفعل كانوا مفخرة لنا، انتهى حديثي معه حسيراً كسيراً بعدما فوجئتُ أن صديقي الطبيب أبا اليمان البغدادي ذا الوجه البشوش والثغر الباسم كان أحد ضحايا ذاك القصف الهمجي.

بعد أيام سمعتُ بنبأ مقتل أمير ديوان الصحة الشيخ الطبيب عبد الله، بعدما انغمس وحيداً بأعداء الله في حي الشفاء، فتقبله الله، وجمعه بزوجه التي قضت بقصف بقذائف الهاون على المدينة القديمة في نفس يوم مقتل زوجها، ونحسب أن الله استجاب دعاء شيخنا إذ كان يدعو الله أن يصطفيه وزوجه معاً، فلله درك يا فارس ديوان الصحة، وهنيئاً لأمير المؤمنين بأمثال هؤلاء الأمراء.

قُتل أمراء ديوان الصحة في غضون يومين، كان أولهم نائب أمير الديوان الدكتور خالد قرداش، إذ قُتل عقب إصابته وهو في الصف الأول بمعارك المجمع الطبي، ثم الفارس الطبيب اللبيب الدكتور قتيبة، وخاتمة المسك الهزبر عبد الله.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 88
الخميس 12 شوال 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

خواطر مجاهد من ملحمة الموصل 2/5 • أفضل الحسنيين: وفي نفس المنطقة كنت قد التقيت بأخ قناص من ...

خواطر مجاهد من ملحمة الموصل

2/5

• أفضل الحسنيين:

وفي نفس المنطقة كنت قد التقيت بأخ قناص من جزر الكاريبي، سمع اتصالي بأحد الإخوة العجم بالإنجليزية فاقترب مني يحاول التعرف على هذا الصوت، ولما تحادثنا قال: أتحتاج قناصا ماهرا في هذا المكان؟ قلت له: أرسله، فأرسل لي شقيقه وربيب شقيقه أبا ذر البوسني، وهو مجاهد في ربيعه الخامس عشر من البوسنة والهرسك.

فتجاذبنا وشقيقه أطراف الحديث، فكنت أسأله عن سبيل هدايته وكيف وصل للدولة الإسلامية، فأجاب: قرأت في القرآن عن الجهاد وتدبرت آياته كقول الله تعالى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} [التوبة: 41]، فبدأت أبحث عن سبيلٍ للجهاد، فلما أُعلنت الدولة الإسلامية، سارعت وشقيقي إليها، فهيأ الله لنا السبل إليها وله الحمد والفضل، فقلت له مازحا: نرجع لجزر الكاريبي فاتحين -بإذن الله- ونأكل من صيدك، ومن جوزها وموزها، فأجاب: كلا، أنا لا أريد سوى الجنة، فابتسمت له، وقد ذكرني كلامه بخير الحسنيين، في حين كنت أنا أستعجل الأخرى.

• أسود الدواوين في ميادين القتال:

على الجهاز اللاسلكي، نادى النذير أنَّ ميليشيات الرد السريع تسللت لمبنىً تعرض لقصف عنيف، أجاب على الفور أخ يكنى بأبي مصعب ذات الصواري، يعمل ناقلاً للمؤن إلى الثغور: جهِّزوا لي أربعة إخوة وسأقتحم معهم -بإذن الله- وندوس على رقاب المرتدين؛ فهؤلاء الرافضة نساء ليسوا أهلاً للقتال والنزال.

تعجبتُ من همّة وشجاعة هذا الناقل، فرد عليه فارس آخر يقال له أبو يعقوب: صبراً أخي حتى يصل الإخوة عندي وآتيك بهم.

أحس أبو مصعب من أبي يعقوب إحجاماً فنهره، فرد عليه: على رِسلك يا أخي والله لأتقدمنّ صفّهم، وسأقتحم بهم لكني أنتظر قدومهم قرب الهدف، فما هي إلا دقائق حتى اجتمع الفُرسان، وانطلقوا نحو أعدائهم مكبِّرين، قائلين: هيا يا إخوة إنها لإحدى الحسنيين!

فمضى الفوارس يمشِّطون المبنى الذي تقبع على مقربة منه دبابة أبرامز وعجلة همر، بعد أن استغرق العدو أياماً من المعارك محاولاً فتح طريق إلى المبنى بجرافاته بسبب تدميره للشوارع.

عاد أبو مصعب برضوض بسيطة إثر قصف، وعاد معه باقي الإخوة وقد أكملوا مهمتهم، إلا ذاك الهمام المكنى بأبي يعقوب الذي سمعنا بشرى رفيقه على جهاز المناداة أن أبا يعقوب قد ارتاح، أي والله إنه ارتاح من تعب الدنيا ونكدها، ونحسبه الآن في جوف طير تسرح من الجنة حيث تشاء!

لا عجب أن يقدم هؤلاء ويتسابقوا إلى الموت في سبيل الله ولتنغيص عيش الكافرين، إذا كان قادتهم أمامهم في الصف، فأميرهم بشيبته كلما سمع بهيعةٍ طار إليها يبتغي الموت مظانه وكان يلح على تنفيذ عملية استشهادية غير أن أمراءه منعوه مرارا وتكرارا. تراه يجوب ثغور قاطع عمله، يستطلع، ويرصد، وينشر المفارز، ويقتحم بنفسه، فما بالك بجندي يرى أميره بهذه الهمة والتضحية؟ يحتقر نفسه ويرغمها على اتباعه والاقتداء بصنيعه.

كان ابن المبارك يقول: "كنت إذا نظرت إلى وجه الفضيل بن عياض احتقرت نفسي."

لعلك تسألني من هؤلاء، ولأي جيش ينتمون؟ وبأي طريقة دُرِّبوا؟

أجيبك، ببساطة إنهم أسود ديوان الصحة الذين حطَّموا كل أبجديات العلوم العسكرية. رجالٌ أفذاذٌ لم يألوا جهداً في مداواة جرحى المجاهدين، ورعية أمير المؤمنين، ولما حل بدارهم العدو كان هذا جانباً من صنيعهم، الذي لن أوفيهم وإن كتبت فيهم مجلداً، تجد أحدهم يصاب عدة إصابات متتالية فيدوس على جراحه ويرجع يدافع عن ثغره ويداوي جرحاه، كالدكتور عمر كسار.

إذ أُصيب بكسر في ساقه في جزيرة الرمادي، وجاء للموصل قبل النازلة للعلاج، فأجرى عدة عمليات لم يمثل فيها للشفاء، فنصحه الإخوة بالخروج من المدينة قبل حصارها، فأصر هو وزوجه الطبيبة شقيقة الشيخ حذيفة البطاوي على البقاء، وأبوا الخروج حتى ينالا إحدى الحسنين، وأبلوا بلاءً حسناً في مداواة الجرحى، ولما وصل العدو إلى مقربة من المجمع الطبي وحدثت الملاحم على أبوابه أبوا الخروج كما أبى بقية الكادر الطبي، حتى نالا الشهادة -نحسبهما والله حسيبهما- بالقصف الشديد الذي أحال المجمع الطبي إلى تراب، قومٌ كرامٌ بواسلٌ طلاب شهادة في سبيل الله لا شهادات و"بوردات".



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 88
الخميس 12 شوال 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

خواطر مجاهد من ملحمة الموصل 2/5 • أفضل الحسنيين: وفي نفس المنطقة كنت قد التقيت بأخ قناص من ...

خواطر مجاهد من ملحمة الموصل

2/5

• أفضل الحسنيين:

وفي نفس المنطقة كنت قد التقيت بأخ قناص من جزر الكاريبي، سمع اتصالي بأحد الإخوة العجم بالإنجليزية فاقترب مني يحاول التعرف على هذا الصوت، ولما تحادثنا قال: أتحتاج قناصا ماهرا في هذا المكان؟ قلت له: أرسله، فأرسل لي شقيقه وربيب شقيقه أبا ذر البوسني، وهو مجاهد في ربيعه الخامس عشر من البوسنة والهرسك.

فتجاذبنا وشقيقه أطراف الحديث، فكنت أسأله عن سبيل هدايته وكيف وصل للدولة الإسلامية، فأجاب: قرأت في القرآن عن الجهاد وتدبرت آياته كقول الله تعالى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} [التوبة: 41]، فبدأت أبحث عن سبيلٍ للجهاد، فلما أُعلنت الدولة الإسلامية، سارعت وشقيقي إليها، فهيأ الله لنا السبل إليها وله الحمد والفضل، فقلت له مازحا: نرجع لجزر الكاريبي فاتحين -بإذن الله- ونأكل من صيدك، ومن جوزها وموزها، فأجاب: كلا، أنا لا أريد سوى الجنة، فابتسمت له، وقد ذكرني كلامه بخير الحسنيين، في حين كنت أنا أستعجل الأخرى.

• أسود الدواوين في ميادين القتال:

على الجهاز اللاسلكي، نادى النذير أنَّ ميليشيات الرد السريع تسللت لمبنىً تعرض لقصف عنيف، أجاب على الفور أخ يكنى بأبي مصعب ذات الصواري، يعمل ناقلاً للمؤن إلى الثغور: جهِّزوا لي أربعة إخوة وسأقتحم معهم -بإذن الله- وندوس على رقاب المرتدين؛ فهؤلاء الرافضة نساء ليسوا أهلاً للقتال والنزال.

تعجبتُ من همّة وشجاعة هذا الناقل، فرد عليه فارس آخر يقال له أبو يعقوب: صبراً أخي حتى يصل الإخوة عندي وآتيك بهم.

أحس أبو مصعب من أبي يعقوب إحجاماً فنهره، فرد عليه: على رِسلك يا أخي والله لأتقدمنّ صفّهم، وسأقتحم بهم لكني أنتظر قدومهم قرب الهدف، فما هي إلا دقائق حتى اجتمع الفُرسان، وانطلقوا نحو أعدائهم مكبِّرين، قائلين: هيا يا إخوة إنها لإحدى الحسنيين!

فمضى الفوارس يمشِّطون المبنى الذي تقبع على مقربة منه دبابة أبرامز وعجلة همر، بعد أن استغرق العدو أياماً من المعارك محاولاً فتح طريق إلى المبنى بجرافاته بسبب تدميره للشوارع.

عاد أبو مصعب برضوض بسيطة إثر قصف، وعاد معه باقي الإخوة وقد أكملوا مهمتهم، إلا ذاك الهمام المكنى بأبي يعقوب الذي سمعنا بشرى رفيقه على جهاز المناداة أن أبا يعقوب قد ارتاح، أي والله إنه ارتاح من تعب الدنيا ونكدها، ونحسبه الآن في جوف طير تسرح من الجنة حيث تشاء!

لا عجب أن يقدم هؤلاء ويتسابقوا إلى الموت في سبيل الله ولتنغيص عيش الكافرين، إذا كان قادتهم أمامهم في الصف، فأميرهم بشيبته كلما سمع بهيعةٍ طار إليها يبتغي الموت مظانه وكان يلح على تنفيذ عملية استشهادية غير أن أمراءه منعوه مرارا وتكرارا. تراه يجوب ثغور قاطع عمله، يستطلع، ويرصد، وينشر المفارز، ويقتحم بنفسه، فما بالك بجندي يرى أميره بهذه الهمة والتضحية؟ يحتقر نفسه ويرغمها على اتباعه والاقتداء بصنيعه.

كان ابن المبارك يقول: "كنت إذا نظرت إلى وجه الفضيل بن عياض احتقرت نفسي."

لعلك تسألني من هؤلاء، ولأي جيش ينتمون؟ وبأي طريقة دُرِّبوا؟

أجيبك، ببساطة إنهم أسود ديوان الصحة الذين حطَّموا كل أبجديات العلوم العسكرية. رجالٌ أفذاذٌ لم يألوا جهداً في مداواة جرحى المجاهدين، ورعية أمير المؤمنين، ولما حل بدارهم العدو كان هذا جانباً من صنيعهم، الذي لن أوفيهم وإن كتبت فيهم مجلداً، تجد أحدهم يصاب عدة إصابات متتالية فيدوس على جراحه ويرجع يدافع عن ثغره ويداوي جرحاه، كالدكتور عمر كسار.

إذ أُصيب بكسر في ساقه في جزيرة الرمادي، وجاء للموصل قبل النازلة للعلاج، فأجرى عدة عمليات لم يمثل فيها للشفاء، فنصحه الإخوة بالخروج من المدينة قبل حصارها، فأصر هو وزوجه الطبيبة شقيقة الشيخ حذيفة البطاوي على البقاء، وأبوا الخروج حتى ينالا إحدى الحسنين، وأبلوا بلاءً حسناً في مداواة الجرحى، ولما وصل العدو إلى مقربة من المجمع الطبي وحدثت الملاحم على أبوابه أبوا الخروج كما أبى بقية الكادر الطبي، حتى نالا الشهادة -نحسبهما والله حسيبهما- بالقصف الشديد الذي أحال المجمع الطبي إلى تراب، قومٌ كرامٌ بواسلٌ طلاب شهادة في سبيل الله لا شهادات و"بوردات".



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 88
الخميس 12 شوال 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 90 قصة شهيد: أبو أيمن العراقي رجل بأمة من ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 90
قصة شهيد:

أبو أيمن العراقي
رجل بأمة من الرجال
[4/4]
• في ولاية الخير

دخل مجاهدو الساحل وأميرهم الشيخ أبو أيمن العراقي في قتال الصحوات فور وصولهم إلى المنطقة الشرقية، ووقع على عاتقهم عبء مهاجمة الصحوات من جهة البادية الشامية، في حين تولى مجاهدو ولاية البركة والرقة والخير، جبهات القتال من جهة الجزيرة على الضفة الشرقية لنهر الفرات، فكانت غزواتهم المباركة على مناطق كباجب والشولة غرب مدينة الخير وغيرها من المناطق، التي كانت درتها غزوة البوكمال، التي كانت من أهم وأكبر عمليات الالتفاف في ذلك الحين.

إذ هاجم مجاهدو الدولة الإسلامية آخر نقطة في مؤخرة مناطق أعدائهم، التي تبعد عن جبهات القتال الرئيسية قرب مدينة الخير أكثر من 80 كم، ليضربوا جنود الصحوات داخل مدينة البوكمال في هجوم مفاجئ من جهة الصحراء، نجح خلاله المجاهدون في السيطرة على أجزاء واسعة من المدينة، وقُتل عدد كبير من الصحوات المرتدين، ثم الانحياز والعودة مرة ثانية إلى الصحراء، لتقليل الخسائر في صفوف المجاهدين، بعد أن استنفر المرتدون كل قواتهم في ولاية الخير لاستعادة ما خسروه في المدينة، فأجبرتهم الغزوة، رغم عدم تحقيقها الهدف الرئيسي لها والمتمثل في السيطرة على مدينة البوكمال، على حشد قوات كبيرة في مناطقهم المختلفة خوفا من هجمات مفاجئة جديدة من جهة الصحراء.

وفي هذه الأثناء فتح الله مدينة الموصل لعباده المجاهدين، وسقطت منطقة الحدود كلها، فاستغل جنود الدولة الإسلامية الفرصة مجددا لتنفيذ هجوم جديد على مدينة البوكمال قاد أبو أيمن العراقي أحد محاوره، لتفتح المدينة بفضل الله، وينتهي أمر الصحوات في ولاية الخير بين يوم وليلة، وكذلك أمر ربنا عز وجل، إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون.

وعُيِّن الشيخ أبو أيمن العراقي واليا على الخير، خلفا للشيخ أبي عمر الرفدان -تقبله الله- الذي انتدب للعمل في ولايات العراق، فكَرَّس جهده الجهيد على تنقية الولاية من فلول الصحوات المختبئين، ثم القضاء على فتنة المرتدين في منطقة الشعيطات شرق الولاية، الذين غدروا بجنود الدولة الإسلامية بعد أن طلبوا الصلح، ليستقر أمر ولاية الخير -بفضل الله- وتنقطع آمال الصحوات المرتدين بتعكير أجوائها، والتغرير بالناس للخروج على الدولة الإسلامية.

• نهاية الرحلة.. في الموصل

بعد شهور من إدارته لولاية الخير، جاء الأمر بنقله إلى ولاية شمال بغداد، فما كان منه إلا أن يسمع ويطيع لأمرائه، فانتقل إليها، ليجاهد على أرضها جنديا من جنود الدولة الإسلامية، فلم يطل به الزمن أن اختير أميرا لأحد قواطع العمل فيها، ثم أميرا عسكريا لكل جنود الخلافة فيها، ثم واليا على ولاية شمال بغداد، وبقي فيها حتى انحاز بجنوده منها إلى ولاية الفلوجة، ليصاب هناك بشظية من قذيفة هاون انفجرت على مقربة منه بينما كان يتفقد جنوده على جبهة القتال، ليعود إلى الموصل جريحا، حتى تماثل للشفاء بعد أشهر طويلة، ويعود إلى ساحات الجهاد من جديد، أميرا لاستخبارات ديوان الجند، حيث قُتل -تقبله الله- بغارة صليبيَّة استهدفته في مدينة الموصل، لتنتهي رحلة جهاده في المدينة التي بدأت فيها.

فتقبلك الله يا أبا أيمن، يا أمني الموصل، وأمير الساحل، وأسد البادية، والشهيد في سبيل الله، كما نحسبك والله حسيبك، ولا نزكي على الله أحدا.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 90
الخميس 26 شوال 1438 ه‍ـ

لقراءة القصة كاملة.. تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

خواطر مجاهد من ملحمة الموصل 1/5 إيمانٌ خالطت بشاشته القلوب: على بُعد أمتار من خط رباطنا ...

خواطر مجاهد من ملحمة الموصل

1/5

إيمانٌ خالطت بشاشته القلوب:

على بُعد أمتار من خط رباطنا كان العدو، لا يفصل بيننا وبينه إلا شارع أحدثت فيه طائرات (B52) الأمريكية المنطلقة من قواعد جزيرة العرب حفرا هائلة، كتلك التي انتشرت في مختلف أحياء الموصل القديمة، نتيجة تطبيق الصليبيين وأذنابهم استراتيجية ساذجة لمنع وصول الاستشهاديين إلى تجمعات المرتدين ومقراتهم، فانقلب تدبيرهم تدميرا لهم، فأخرجت تلك الحفر آلياتهم عن الخدمة، ومنعتها من الحركة، ولم يبق أمامهم إلا أن تقوم طائراتهم مقام آلياتهم لتقدم التغطية النارية لجنودهم، وتفتح أمامهم الطريق، فتحرق الأخضر واليابس، وتحيل المناطق الواسعة يباباً حتى يتقدم القطيع المثقل بالجراح بضعة أمتار.

عوداً إلى خط النار إذ يتوزع المجاهدون على مفارز وكمائن على طوله بين ركام المباني المهدَّمة والخنادق، يتخلل كل مفرزة قناصون ماهرون يتربصون بالروافض الأنجاس، يتناوبون على القنص الليلي والنهاري.

عمل شاق ومحفوف بالمخاطر، فهو يتطلب التركيز الدائم، والعين الساهرة والقوة البدنية.

اقتربتُ من أحدهم، وقد شدتني فيه وضاءة وجهه، وجبيرة يده المكسورة، حاولت أن أفتح حديثاً معه، لكن خشيت أن تفوته فريسته أثناء حديثي، فجلست بجانبه أرصد تحركات العدو.

سادت حالة من الصمت شقت جدارها أصوات انفجارات متعددة، كانت إحداها نتيجة قنبلة فوسفور أبيض انفجرت على مقربة منّا، فانبعث دخان كريه الرائحة، فسارعت إلى قطعة قماش كنت قد هيئتها للحوادث المماثلة كي أستنشق عبرها.

ولكن الله -تعالى- أبعد الدخان عنا، واتجه صوب المرتدين ولله الحمد، غير أن غبار المبنى المدمَّر القريب أعدم الرؤية بالمكان، فلما انقشع الغبار جاء إليّ هذا القنّاص والبسمة تعلو محيَّاه، وهو يهمّ باتخاذ موقع بديل، قائلا: بإذن الله، هذا الغبار لن يجتمع بأنفي وأنفك وأنوف من يستنشقه من المجاهدين، مع دخان نار جهنم، كما قال صلى الله عليه وسلم: (لا يجتمعُ غبار في سبيل الله ودخان جهنم في جوف عبد أبداً) [رواه البخاري في الأدب المفرد وغيره]، ثم أردف قائلاً: تعرف أن الدخان أكثر رائحة أكرهها في حياتي، غير أني أستعذبها الآن!

ذكرني بقول بلال -رضي الله عنه- لما سُئل كيف صبرت يا بلال؟ (أي على عذاب المشركين لك برمضاء مكة) قال: مزجتُ حلاوة الإيمان بمرارة العذاب، فطغتْ حلاوة الإيمان على مرارة العذاب، فصبرت!

ذكرتني هذه الحادثة بقصة أخرى عن أثر حلاوة الإيمان على المؤمن، فيستطيب العسير الشاق في سبيل دينه.

شاب ينحدر من إحدى قرى الموصل، نحيل به عرجة نتيجة إصابة عصبية في رجله في إحدى المعارك، وصل للصف الخامس العلمي وكان من المتفوقين في دراسته، كان والده -تقبله الله- يحلم أن يكون ابنه طبيباً.

ولما فُتحت الموصل، التحق والده بالمجاهدين، ثم تبعه هو وأعمامه، حتى التحق بنو جده كلهم، وقد قُتلوا كلهم في سبيل الله، نحسبهم والله حسيبهم، آخرهم والده وعمه في يوم واحد في الزنجيلي.

سألته: هل تؤلمك إصابتك؟ قال: عندما أضغط على شيء ناتئ أتألم.

كنت أشفق عليه لحالته، غير أنه لما يحمى الوطيس تجده أول المتقدمين، مهرولاً وكأنه صحيح معافى. ما شاء الله... لا يعرف السكون، يستطلع أماكن العدو، ويبحث عن نقاط مناسبة لاصطياد فرائسه.

ففي ظل هذه المعركة القاسية، صار إيجاد المكمن المناسب للمجاهد غاية عسيرة، إذ جرت العادة أن يهاجَم أيُّ مكان يُرمى منه العدو برصاصة بصاروخ طائرة، في استنزاف مريع للترسانة العسكرية الصليبية والرافضية، فغدت أماكن الرباط في خط النار أكواما من الحجارة، أحالها المجاهدون بثباتهم وصلابة دفاعهم قلاعا حصينة، بفضل الله تعالى.

عاد أخونا من مهمة بحثه عن مكمن لنفسه، وقال: أثناء استطلاعي وجدت قطعة حلوى وبعض زجاجات المياه المعدنية. فنبهته أن مدة صلاحيتها انتهت منذ سنوات، فالمكان كان مهجورا، قال: على كل حال أكلت قطعة الحلوى وإن وجدت غيرها فسآكلها إن شاء الله، وتركني مبتسماً، وكأنه قد تناول لحم طير، وليس قطعة حلوى منتهية الصلاحية.

نعم إنها حلاوة الإيمان التي ذكرها أبو سفيان -رضي الله عنه- على لسان هرقل لما سأله عن حال أتباع محمد -صلى الله عليه وسلم- فقال له: "وسألتك أيرتدُّ أحدٌ سخطةً لدينه بعد أن يدخل فيه، فذكرتَ أن لا، وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب".



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 88
الخميس 12 شوال 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

خواطر مجاهد من ملحمة الموصل 1/5 إيمانٌ خالطت بشاشته القلوب: على بُعد أمتار من خط رباطنا ...

خواطر مجاهد من ملحمة الموصل

1/5

إيمانٌ خالطت بشاشته القلوب:

على بُعد أمتار من خط رباطنا كان العدو، لا يفصل بيننا وبينه إلا شارع أحدثت فيه طائرات (B52) الأمريكية المنطلقة من قواعد جزيرة العرب حفرا هائلة، كتلك التي انتشرت في مختلف أحياء الموصل القديمة، نتيجة تطبيق الصليبيين وأذنابهم استراتيجية ساذجة لمنع وصول الاستشهاديين إلى تجمعات المرتدين ومقراتهم، فانقلب تدبيرهم تدميرا لهم، فأخرجت تلك الحفر آلياتهم عن الخدمة، ومنعتها من الحركة، ولم يبق أمامهم إلا أن تقوم طائراتهم مقام آلياتهم لتقدم التغطية النارية لجنودهم، وتفتح أمامهم الطريق، فتحرق الأخضر واليابس، وتحيل المناطق الواسعة يباباً حتى يتقدم القطيع المثقل بالجراح بضعة أمتار.

عوداً إلى خط النار إذ يتوزع المجاهدون على مفارز وكمائن على طوله بين ركام المباني المهدَّمة والخنادق، يتخلل كل مفرزة قناصون ماهرون يتربصون بالروافض الأنجاس، يتناوبون على القنص الليلي والنهاري.

عمل شاق ومحفوف بالمخاطر، فهو يتطلب التركيز الدائم، والعين الساهرة والقوة البدنية.

اقتربتُ من أحدهم، وقد شدتني فيه وضاءة وجهه، وجبيرة يده المكسورة، حاولت أن أفتح حديثاً معه، لكن خشيت أن تفوته فريسته أثناء حديثي، فجلست بجانبه أرصد تحركات العدو.

سادت حالة من الصمت شقت جدارها أصوات انفجارات متعددة، كانت إحداها نتيجة قنبلة فوسفور أبيض انفجرت على مقربة منّا، فانبعث دخان كريه الرائحة، فسارعت إلى قطعة قماش كنت قد هيئتها للحوادث المماثلة كي أستنشق عبرها.

ولكن الله -تعالى- أبعد الدخان عنا، واتجه صوب المرتدين ولله الحمد، غير أن غبار المبنى المدمَّر القريب أعدم الرؤية بالمكان، فلما انقشع الغبار جاء إليّ هذا القنّاص والبسمة تعلو محيَّاه، وهو يهمّ باتخاذ موقع بديل، قائلا: بإذن الله، هذا الغبار لن يجتمع بأنفي وأنفك وأنوف من يستنشقه من المجاهدين، مع دخان نار جهنم، كما قال صلى الله عليه وسلم: (لا يجتمعُ غبار في سبيل الله ودخان جهنم في جوف عبد أبداً) [رواه البخاري في الأدب المفرد وغيره]، ثم أردف قائلاً: تعرف أن الدخان أكثر رائحة أكرهها في حياتي، غير أني أستعذبها الآن!

ذكرني بقول بلال -رضي الله عنه- لما سُئل كيف صبرت يا بلال؟ (أي على عذاب المشركين لك برمضاء مكة) قال: مزجتُ حلاوة الإيمان بمرارة العذاب، فطغتْ حلاوة الإيمان على مرارة العذاب، فصبرت!

ذكرتني هذه الحادثة بقصة أخرى عن أثر حلاوة الإيمان على المؤمن، فيستطيب العسير الشاق في سبيل دينه.

شاب ينحدر من إحدى قرى الموصل، نحيل به عرجة نتيجة إصابة عصبية في رجله في إحدى المعارك، وصل للصف الخامس العلمي وكان من المتفوقين في دراسته، كان والده -تقبله الله- يحلم أن يكون ابنه طبيباً.

ولما فُتحت الموصل، التحق والده بالمجاهدين، ثم تبعه هو وأعمامه، حتى التحق بنو جده كلهم، وقد قُتلوا كلهم في سبيل الله، نحسبهم والله حسيبهم، آخرهم والده وعمه في يوم واحد في الزنجيلي.

سألته: هل تؤلمك إصابتك؟ قال: عندما أضغط على شيء ناتئ أتألم.

كنت أشفق عليه لحالته، غير أنه لما يحمى الوطيس تجده أول المتقدمين، مهرولاً وكأنه صحيح معافى. ما شاء الله... لا يعرف السكون، يستطلع أماكن العدو، ويبحث عن نقاط مناسبة لاصطياد فرائسه.

ففي ظل هذه المعركة القاسية، صار إيجاد المكمن المناسب للمجاهد غاية عسيرة، إذ جرت العادة أن يهاجَم أيُّ مكان يُرمى منه العدو برصاصة بصاروخ طائرة، في استنزاف مريع للترسانة العسكرية الصليبية والرافضية، فغدت أماكن الرباط في خط النار أكواما من الحجارة، أحالها المجاهدون بثباتهم وصلابة دفاعهم قلاعا حصينة، بفضل الله تعالى.

عاد أخونا من مهمة بحثه عن مكمن لنفسه، وقال: أثناء استطلاعي وجدت قطعة حلوى وبعض زجاجات المياه المعدنية. فنبهته أن مدة صلاحيتها انتهت منذ سنوات، فالمكان كان مهجورا، قال: على كل حال أكلت قطعة الحلوى وإن وجدت غيرها فسآكلها إن شاء الله، وتركني مبتسماً، وكأنه قد تناول لحم طير، وليس قطعة حلوى منتهية الصلاحية.

نعم إنها حلاوة الإيمان التي ذكرها أبو سفيان -رضي الله عنه- على لسان هرقل لما سأله عن حال أتباع محمد -صلى الله عليه وسلم- فقال له: "وسألتك أيرتدُّ أحدٌ سخطةً لدينه بعد أن يدخل فيه، فذكرتَ أن لا، وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب".



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 88
الخميس 12 شوال 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 90 قصة شهيد: أبو أيمن العراقي رجل بأمة من ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 90
قصة شهيد:

أبو أيمن العراقي
رجل بأمة من الرجال
[3/4]

• التصدي لغدر الصحوات

ما إن أعلن الشيخ أبو بكر البغدادي -حفظه الله- عن وجود جنوده في الشام، وإلغائه للمسمى الذي عملوا تحته فترة من الزمن وهو (جبهة النصرة)، جامعا المجاهدين جميعا تحت اسم جديد هو (الدولة الإسلامية في العراق والشام) حتى بدأت المؤامرات على الدولة الإسلامية، طلبا لإخراجها من الشام، خوفا من إفسادها لمشاريع المرتدين والصليبيِّين في هذه الأرض، فكان العمل يجري على قدم وساق تحضيرا لقتالها، من قبل أطراف عديدة، يدفعهم ويُمَوِّلهم الصليبيون والطواغيت، ويحرضهم أمراء تنظيم القاعدة وشرعيوهم، ويروجون بينهم أن جنود الدولة الإسلامية بغاة خوارج، مبدين استعدادهم للمشاركة في أي قتال ضدهم.

ولم يكن مجاهدو الدولة الإسلامية غافلين عما يحاك لهم، بل كانوا موقنين أن الصحوات ستظهر في الشام لا محالة، ولكن غم عليهم موعد ظهورها، فكان العمل الأمني قائما على رصد تحركات جميع الفصائل على الأرض، وخاصة الكبيرة منها، ومعرفة قادتها، ومصادر قوتها، وخططها، استعدادا لتوجيه ضربات موجعة لها عند تحركها ضد الدولة الإسلامية.

ولم يتأخر أبو أيمن العراقي وإخوانه عن هذا الواجب، فكانت معالجته للموضوع تقوم على محورين؛ الأول وقائي يتمثل في سعيه إلى تأمين منطقة حصينة خاصة بمجاهدي الدولة الإسلامية، تكون مأوى لهم إذا خرجت الصحوات، ينشؤون فيها معسكراتهم ومقراتهم، وتكون قاعدة خلفية آمنة لكل تحركاتهم، ووقع اختيار الشيخ على منطقة جبلية تغطيها الغابات شمال جبال التركمان، لتكون حصنه الحصين عند غدر الصحوات، بينما كان المحور الثاني لعمله هجوميا ضد الصحوات يقوم على اختراق الفصائل أمنيا، لمعرفة تفاصيل المعلومات عنها، وكذلك تعزيز خيار ضرب رؤوس المرتدين، وخاصة من يثبت عنه الاجتماع مع الصليبيِّين أو الطواغيت في تركيا للتحضير لقتال الدولة الإسلامية، بل واجتثاث الفصائل التي تتعهد بقتالها كليا، قبل أن تبدر منها أي حركة معادية.

وهكذا مكَّن الله الشيخ أبا أيمن وإخوانه من ضرب مجموعة من رؤوس فصائل المرتدين، الذين عزموا على قتال جنود الدولة الإسلامية، وإخراجها من ولاية الساحل، ومنهم المرتد (كمال حمامي) عضو المجلس العسكري لمنطقة الساحل، والمرتد (جلال بايرلي) الذي أفتى لبعض المجرمين بقتل مجاهدي الدولة الإسلامية وخاصة المهاجرين منهم، وقُتل بفتواه هذه أربعة من المهاجرين، والمرتد (أبو فراس عيدو)، بالإضافة إلى ضرب بعض الكتائب التابعة للمجلس العسكري، والسيطرة على مستودعات السلاح الذي استلمته من هيئة الأركان المرتدة.

ويروي أحد الإخوة مشهدا جمعه بأبي أيمن بعد تلك المرحلة، وقد رآه يركب سيارة جديدة، سأله: بكم اشتريتها، فأجاب أبو أيمن: بطلقة في رأس مرتد.

في ظل استعدادات الفصائل للغدر بجنود الدولة الإسلامية، كان المجاهدون يعدون العدة لواحدة من أكبر الغزوات في الشام، وهي "غزوة الخير" التي كان هدفها السيطرة على المحيط الغربي لمدينة الخير والذي يضم عددا من كتائب وألوية الجيش النصيري، بالإضافة لواحد من أكبر مستودعات سلاحه، هذه الغزوة التي شاركت فيها كل ولايات الدولة الإسلامية، شارك فيها مجاهدو الساحل أيضا، وأبلوا فيها بلاء حسنا.

استغل المرتدون انشغال جنود الدولة الإسلامية في "غزوة الخير"، فخرجت الصحوات في حلب وإدلب، وبدأت الاستعدادات من الفصائل للغدر بالمجاهدين في المنطقة الشرقية والبادية والساحل، ولكن الحملة الأمنية السابقة كانت قد آتت أكلها بفضل الله، فقد زرعت عمليات المجاهدين الرعب في قلوب الفصائل، ونجحت الحملة الدعوية في توعية كثير من المقاتلين بخطورة موالاة الكافرين على المسلمين، وبالتالي لم توجد في الساحل قوة قادرة على الوقوف في وجه الدولة الإسلامية، ما دفع صحوات الردة إلى إرسال تعزيزات عسكرية من المناطق الأخرى لقتال المجاهدين في الساحل، وكان على رأسهم المرتد (جمال معروف) والفصائل التابعة له، الذي أرسل رتلا كبيرا من جبل الزاوية لقتال الدولة الإسلامية في الساحل.

فتصدى لهم المجاهدون، وأعظموا فيهم النكاية، فلما جاء الأمر لهم بالانحياز من الساحل، متحيزين إلى فئتهم التي تجمعت في المنطقة الشرقية، مَكَّن الله الشيخ أبا أيمن من إدارة خطة الانتقال بطريقة جيدة، فقسمهم إلى مجموعات، وأرسلهم من طرق متعددة إلى دار الإسلام، بحسب حال كل منهم، ومدى قدرته على اجتياز حواجز المرتدين، حتى أكمل إرسال كل جنوده مع عوائلهم، ثم كان من أواخر المهاجرين من ولاية الساحل إلى مناطق سيطرة الدولة الإسلامية، بعد أن اطمأن على سلامة إخوانه ووصولهم إلى بر الأمان، بفضل الله.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 90
الخميس 26 شوال 1438 ه‍ـ

لقراءة القصة كاملة.. تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 90 قصة شهيد: أبو أيمن العراقي رجل بأمة من ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 90
قصة شهيد:

أبو أيمن العراقي
رجل بأمة من الرجال
[3/4]

• التصدي لغدر الصحوات

ما إن أعلن الشيخ أبو بكر البغدادي -حفظه الله- عن وجود جنوده في الشام، وإلغائه للمسمى الذي عملوا تحته فترة من الزمن وهو (جبهة النصرة)، جامعا المجاهدين جميعا تحت اسم جديد هو (الدولة الإسلامية في العراق والشام) حتى بدأت المؤامرات على الدولة الإسلامية، طلبا لإخراجها من الشام، خوفا من إفسادها لمشاريع المرتدين والصليبيِّين في هذه الأرض، فكان العمل يجري على قدم وساق تحضيرا لقتالها، من قبل أطراف عديدة، يدفعهم ويُمَوِّلهم الصليبيون والطواغيت، ويحرضهم أمراء تنظيم القاعدة وشرعيوهم، ويروجون بينهم أن جنود الدولة الإسلامية بغاة خوارج، مبدين استعدادهم للمشاركة في أي قتال ضدهم.

ولم يكن مجاهدو الدولة الإسلامية غافلين عما يحاك لهم، بل كانوا موقنين أن الصحوات ستظهر في الشام لا محالة، ولكن غم عليهم موعد ظهورها، فكان العمل الأمني قائما على رصد تحركات جميع الفصائل على الأرض، وخاصة الكبيرة منها، ومعرفة قادتها، ومصادر قوتها، وخططها، استعدادا لتوجيه ضربات موجعة لها عند تحركها ضد الدولة الإسلامية.

ولم يتأخر أبو أيمن العراقي وإخوانه عن هذا الواجب، فكانت معالجته للموضوع تقوم على محورين؛ الأول وقائي يتمثل في سعيه إلى تأمين منطقة حصينة خاصة بمجاهدي الدولة الإسلامية، تكون مأوى لهم إذا خرجت الصحوات، ينشؤون فيها معسكراتهم ومقراتهم، وتكون قاعدة خلفية آمنة لكل تحركاتهم، ووقع اختيار الشيخ على منطقة جبلية تغطيها الغابات شمال جبال التركمان، لتكون حصنه الحصين عند غدر الصحوات، بينما كان المحور الثاني لعمله هجوميا ضد الصحوات يقوم على اختراق الفصائل أمنيا، لمعرفة تفاصيل المعلومات عنها، وكذلك تعزيز خيار ضرب رؤوس المرتدين، وخاصة من يثبت عنه الاجتماع مع الصليبيِّين أو الطواغيت في تركيا للتحضير لقتال الدولة الإسلامية، بل واجتثاث الفصائل التي تتعهد بقتالها كليا، قبل أن تبدر منها أي حركة معادية.

وهكذا مكَّن الله الشيخ أبا أيمن وإخوانه من ضرب مجموعة من رؤوس فصائل المرتدين، الذين عزموا على قتال جنود الدولة الإسلامية، وإخراجها من ولاية الساحل، ومنهم المرتد (كمال حمامي) عضو المجلس العسكري لمنطقة الساحل، والمرتد (جلال بايرلي) الذي أفتى لبعض المجرمين بقتل مجاهدي الدولة الإسلامية وخاصة المهاجرين منهم، وقُتل بفتواه هذه أربعة من المهاجرين، والمرتد (أبو فراس عيدو)، بالإضافة إلى ضرب بعض الكتائب التابعة للمجلس العسكري، والسيطرة على مستودعات السلاح الذي استلمته من هيئة الأركان المرتدة.

ويروي أحد الإخوة مشهدا جمعه بأبي أيمن بعد تلك المرحلة، وقد رآه يركب سيارة جديدة، سأله: بكم اشتريتها، فأجاب أبو أيمن: بطلقة في رأس مرتد.

في ظل استعدادات الفصائل للغدر بجنود الدولة الإسلامية، كان المجاهدون يعدون العدة لواحدة من أكبر الغزوات في الشام، وهي "غزوة الخير" التي كان هدفها السيطرة على المحيط الغربي لمدينة الخير والذي يضم عددا من كتائب وألوية الجيش النصيري، بالإضافة لواحد من أكبر مستودعات سلاحه، هذه الغزوة التي شاركت فيها كل ولايات الدولة الإسلامية، شارك فيها مجاهدو الساحل أيضا، وأبلوا فيها بلاء حسنا.

استغل المرتدون انشغال جنود الدولة الإسلامية في "غزوة الخير"، فخرجت الصحوات في حلب وإدلب، وبدأت الاستعدادات من الفصائل للغدر بالمجاهدين في المنطقة الشرقية والبادية والساحل، ولكن الحملة الأمنية السابقة كانت قد آتت أكلها بفضل الله، فقد زرعت عمليات المجاهدين الرعب في قلوب الفصائل، ونجحت الحملة الدعوية في توعية كثير من المقاتلين بخطورة موالاة الكافرين على المسلمين، وبالتالي لم توجد في الساحل قوة قادرة على الوقوف في وجه الدولة الإسلامية، ما دفع صحوات الردة إلى إرسال تعزيزات عسكرية من المناطق الأخرى لقتال المجاهدين في الساحل، وكان على رأسهم المرتد (جمال معروف) والفصائل التابعة له، الذي أرسل رتلا كبيرا من جبل الزاوية لقتال الدولة الإسلامية في الساحل.

فتصدى لهم المجاهدون، وأعظموا فيهم النكاية، فلما جاء الأمر لهم بالانحياز من الساحل، متحيزين إلى فئتهم التي تجمعت في المنطقة الشرقية، مَكَّن الله الشيخ أبا أيمن من إدارة خطة الانتقال بطريقة جيدة، فقسمهم إلى مجموعات، وأرسلهم من طرق متعددة إلى دار الإسلام، بحسب حال كل منهم، ومدى قدرته على اجتياز حواجز المرتدين، حتى أكمل إرسال كل جنوده مع عوائلهم، ثم كان من أواخر المهاجرين من ولاية الساحل إلى مناطق سيطرة الدولة الإسلامية، بعد أن اطمأن على سلامة إخوانه ووصولهم إلى بر الأمان، بفضل الله.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 90
الخميس 26 شوال 1438 ه‍ـ

لقراءة القصة كاملة.. تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 90 قصة شهيد: أبو أيمن العراقي رجل بأمة من ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 90
قصة شهيد:

أبو أيمن العراقي
رجل بأمة من الرجال
[2/4]
وكذلك منَّ الله عليه بانضمام الكثير من المجاهدين المهاجرين إليه، فقد كانت ولاية الساحل واحدة من أكبر بوابات دخول المهاجرين إلى الشام، العابرين للحدود من جهة أنطاكيا، ليشكلوا لأنفسهم مجموعات مقاتلة مستقلة، أو يبقوا منفردين يتنقلون بين الجماعات والتنظيمات بحثا عن الراية الصحيحة والمنهج القويم، وهكذا انضم كثير من هؤلاء المهاجرين إلى الدولة الإسلامية في الساحل، وبايعوها جماعات وأفرادا، لينصر الله بهم الدين، وتكون لمجاهدي الساحل صولات وجولات في مختلف مناطق الدولة الإسلامية وولاياتها في العراق والشام.

• في قتال النصيرية

لم تكن ظروف الحرب في منطقة الساحل لتسمح لجنود الدولة الإسلامية بطويل إعداد، إذ كان عليهم أن ينغمسوا في المعارك مباشرة بما تيسر لديهم من مقاتلين وسلاح، وهكذا لم يكد تعدادهم يبلغ العشرات، حتى انطلق بهم أميرهم إلى ساحات القتال، ليغمسهم ونفسه في أتونها.

فكانت أولى غزواتهم المباركة، صولات على نقاط وضعها الجيش النصيري لتأمين منطقة كسب، ومشاركة في صد هجوم كبير شنه الجيش النصيري لاستعادة ما خسره في منطقة الساحل، فكسر الله هجمته وخسر المرتدون كثيرا من عناصرهم، وسلاحهم الذي أضحى غنيمة للمقاتلين.

ثم كانت الحادثة التي اعترفت على إثرها الفصائل والتنظيمات بشراسة مجاهدي الدولة الإسلامية وشدّة بأسهم في القتال، عندما استجدى أمراء فصيل (أحرار الشام) بالشيخ أبي أيمن العراقي لإنقاذ مجموعة من مقاتلي الفصيل حاصرهم جنود الجيش النصيري بعد هجوم فاشل لهم على (قمة النبي يونس)، فلم يتأخر الشيخ وانغمس جنود التوحيد في المعركة التي أُبعدوا عنها، وفكوا الحصار عن المحاصرين، رغم تآمر أمرائهم ضد الدولة الإسلامية، بعد نكث الغادر الجولاني لبيعته، وفتحهم معركة الهجوم على (قمة النبي يونس) دون علم الشيخ أبي أيمن وجنوده، بسبب ثباتهم على بيعتهم لأمير المؤمنين، ورفضهم السير مع الغادر الجولاني في غدرته، ومخططه لشق صف المجاهدين في الدولة الإسلامية، وكان قادة (أحرار الشام) حينها يظهرون الإسلام، والسعي لتحكيم الشريعة، ويزعمون أن خلافهم مع الدولة الإسلامية منحصر في مسائل السياسة الشرعية، فيعاملهم المجاهدون على ما ظهر منهم، حتى كشف الله حقيقتهم، وأظهر خبيأتهم في الشهور اللاحقة.

وكما كان لأبي أيمن وإخوانه الدور الأكبر -بعد تيسير الله- في وضع موطئ قدم للدولة الإسلامية في الساحل، فقد كان له -تقبله الله- الدور الأكبر كذلك في تثبيت جنود الدولة الإسلامية هناك على بيعتهم لأمير المؤمنين، إذ طاف بالمقرّات والمضافات، وبيَّن للجنود حقيقة الجولاني ومن معه، وأنهم جنود للدولة الإسلامية، في عنقهم بيعة لأمير المؤمنين الشيخ أبي بكر البغدادي حفظه الله، وأنهم نكثوا هذه البيعة، وطمعوا في الاستحواذ على فرع الدولة الإسلامية في الشام، وهو (جبهة النصرة)، ووضح لهم حكم من ينقض العهد مع من أعطوه صفقة يدهم، وبايعوه على السمع والطاعة في المنشط والمكره، فكان لدعوته هذه الأثر الكبير في نفوس الجنود، الذي كانوا يكنون له غاية الحب، وغاية الاحترام والثقة، وذلك لما لمسوه منه، على طول خلطة ومعاشرة، من صدق في الحديث، وبسالة في القتال، وحرص على دين إخوانه، وعلى سلامتهم في المعارك، فبقي مجاهدو الساحل على بيعتهم، ومنهم تكونت ولاية الساحل، التي أصبح الشيخ أبو أيمن العراقي -تقبله الله- أول ولاتها.

ثم كانت غزوة "أم المؤمنين عائشة، رضي الله عنها" أولى المعارك التي خاضها جنود الدولة الإسلامية بعد إعلان ولاية الساحل، وأكبرها في تلك الأرض، فمَكَّن الله مجاهدي ولاية الساحل من تنفيذ الجزء المخصص لهم من خطة المعركة، وسيطروا على أبراج مراقبة الجيش النصيري التي نصبوها على قمم الجبال، ثم نزلوا إلى السفوح، ففتح الله على أيديهم 16 قرية نصيرية، بعد أن هرب رجال تلك القرى أمام المجاهدين، تاركين نساءهم وذراريهم وأموالهم وأسلحتهم، وكان لتلك الغزوة أن تكون من المعارك الفاصلة في جهاد الشام، وتفتح الطريق باتجاه مدن الساحل الكبرى، لولا إخلال بعض الفصائل في تنفيذ الهجوم على النقاط التي تعهدوا بالسيطرة عليها، وتخاذلهم عن القتال حتى تمكن الجيش النصيري من لملمة صفوفه، واستقدام التعزيزات من مناطق أخرى، ثم انسحاب مقاتلي الفصائل، ليستعيد النصيرية كل ما سلبه منهم جنود الدولة الإسلامية من مناطق، بذل فيها عشرات الشهداء والجرحى من الموحدين دماءهم رخيصة، نصرة للدين، وسعيا لتحكيم شرع رب العالمين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 90
الخميس 26 شوال 1438 ه‍ـ

لقراءة القصة كاملة.. تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 90 قصة شهيد: أبو أيمن العراقي رجل بأمة من ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 90
قصة شهيد:

أبو أيمن العراقي
رجل بأمة من الرجال
[2/4]
وكذلك منَّ الله عليه بانضمام الكثير من المجاهدين المهاجرين إليه، فقد كانت ولاية الساحل واحدة من أكبر بوابات دخول المهاجرين إلى الشام، العابرين للحدود من جهة أنطاكيا، ليشكلوا لأنفسهم مجموعات مقاتلة مستقلة، أو يبقوا منفردين يتنقلون بين الجماعات والتنظيمات بحثا عن الراية الصحيحة والمنهج القويم، وهكذا انضم كثير من هؤلاء المهاجرين إلى الدولة الإسلامية في الساحل، وبايعوها جماعات وأفرادا، لينصر الله بهم الدين، وتكون لمجاهدي الساحل صولات وجولات في مختلف مناطق الدولة الإسلامية وولاياتها في العراق والشام.

• في قتال النصيرية

لم تكن ظروف الحرب في منطقة الساحل لتسمح لجنود الدولة الإسلامية بطويل إعداد، إذ كان عليهم أن ينغمسوا في المعارك مباشرة بما تيسر لديهم من مقاتلين وسلاح، وهكذا لم يكد تعدادهم يبلغ العشرات، حتى انطلق بهم أميرهم إلى ساحات القتال، ليغمسهم ونفسه في أتونها.

فكانت أولى غزواتهم المباركة، صولات على نقاط وضعها الجيش النصيري لتأمين منطقة كسب، ومشاركة في صد هجوم كبير شنه الجيش النصيري لاستعادة ما خسره في منطقة الساحل، فكسر الله هجمته وخسر المرتدون كثيرا من عناصرهم، وسلاحهم الذي أضحى غنيمة للمقاتلين.

ثم كانت الحادثة التي اعترفت على إثرها الفصائل والتنظيمات بشراسة مجاهدي الدولة الإسلامية وشدّة بأسهم في القتال، عندما استجدى أمراء فصيل (أحرار الشام) بالشيخ أبي أيمن العراقي لإنقاذ مجموعة من مقاتلي الفصيل حاصرهم جنود الجيش النصيري بعد هجوم فاشل لهم على (قمة النبي يونس)، فلم يتأخر الشيخ وانغمس جنود التوحيد في المعركة التي أُبعدوا عنها، وفكوا الحصار عن المحاصرين، رغم تآمر أمرائهم ضد الدولة الإسلامية، بعد نكث الغادر الجولاني لبيعته، وفتحهم معركة الهجوم على (قمة النبي يونس) دون علم الشيخ أبي أيمن وجنوده، بسبب ثباتهم على بيعتهم لأمير المؤمنين، ورفضهم السير مع الغادر الجولاني في غدرته، ومخططه لشق صف المجاهدين في الدولة الإسلامية، وكان قادة (أحرار الشام) حينها يظهرون الإسلام، والسعي لتحكيم الشريعة، ويزعمون أن خلافهم مع الدولة الإسلامية منحصر في مسائل السياسة الشرعية، فيعاملهم المجاهدون على ما ظهر منهم، حتى كشف الله حقيقتهم، وأظهر خبيأتهم في الشهور اللاحقة.

وكما كان لأبي أيمن وإخوانه الدور الأكبر -بعد تيسير الله- في وضع موطئ قدم للدولة الإسلامية في الساحل، فقد كان له -تقبله الله- الدور الأكبر كذلك في تثبيت جنود الدولة الإسلامية هناك على بيعتهم لأمير المؤمنين، إذ طاف بالمقرّات والمضافات، وبيَّن للجنود حقيقة الجولاني ومن معه، وأنهم جنود للدولة الإسلامية، في عنقهم بيعة لأمير المؤمنين الشيخ أبي بكر البغدادي حفظه الله، وأنهم نكثوا هذه البيعة، وطمعوا في الاستحواذ على فرع الدولة الإسلامية في الشام، وهو (جبهة النصرة)، ووضح لهم حكم من ينقض العهد مع من أعطوه صفقة يدهم، وبايعوه على السمع والطاعة في المنشط والمكره، فكان لدعوته هذه الأثر الكبير في نفوس الجنود، الذي كانوا يكنون له غاية الحب، وغاية الاحترام والثقة، وذلك لما لمسوه منه، على طول خلطة ومعاشرة، من صدق في الحديث، وبسالة في القتال، وحرص على دين إخوانه، وعلى سلامتهم في المعارك، فبقي مجاهدو الساحل على بيعتهم، ومنهم تكونت ولاية الساحل، التي أصبح الشيخ أبو أيمن العراقي -تقبله الله- أول ولاتها.

ثم كانت غزوة "أم المؤمنين عائشة، رضي الله عنها" أولى المعارك التي خاضها جنود الدولة الإسلامية بعد إعلان ولاية الساحل، وأكبرها في تلك الأرض، فمَكَّن الله مجاهدي ولاية الساحل من تنفيذ الجزء المخصص لهم من خطة المعركة، وسيطروا على أبراج مراقبة الجيش النصيري التي نصبوها على قمم الجبال، ثم نزلوا إلى السفوح، ففتح الله على أيديهم 16 قرية نصيرية، بعد أن هرب رجال تلك القرى أمام المجاهدين، تاركين نساءهم وذراريهم وأموالهم وأسلحتهم، وكان لتلك الغزوة أن تكون من المعارك الفاصلة في جهاد الشام، وتفتح الطريق باتجاه مدن الساحل الكبرى، لولا إخلال بعض الفصائل في تنفيذ الهجوم على النقاط التي تعهدوا بالسيطرة عليها، وتخاذلهم عن القتال حتى تمكن الجيش النصيري من لملمة صفوفه، واستقدام التعزيزات من مناطق أخرى، ثم انسحاب مقاتلي الفصائل، ليستعيد النصيرية كل ما سلبه منهم جنود الدولة الإسلامية من مناطق، بذل فيها عشرات الشهداء والجرحى من الموحدين دماءهم رخيصة، نصرة للدين، وسعيا لتحكيم شرع رب العالمين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 90
الخميس 26 شوال 1438 ه‍ـ

لقراءة القصة كاملة.. تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 90 قصة شهيد: أبو أيمن العراقي رجل بأمة من ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 90
قصة شهيد:

أبو أيمن العراقي
رجل بأمة من الرجال
[1/4]
رُبّ رجل بأمّة من الرجال... عبارة تصدق في حق كثير من مجاهدي الدولة الإسلامية، فكم من أخ أحيى اللهُ به وبهمته العالية الجهاد في منطقة من المناطق، وكم من أخ أخمد اللهُ به وبثباته على الحق فتنا كادت أن تعصف بجماعة المسلمين، وكم من أخ فتح الله للمسلمين على يديه الأرض، ومكن لهم فيها، ومن هؤلاء الأفذاذ الشيخ المجاهد أبو أيمن العراقي، تقبله الله.

علي أسود الجبوري، بطل من أبطال الجهاد في العراق والشام، بدأ مسيرة جهاده مقارعا للصليبيِّين بعد غزوهم للعراق، وكانت الموصل أولى الساحات التي صال فيها وجال، إذ هي مربع صباه وشبابه، وفي جامعتها أتم دراسته في قسم اللغة الإنكليزية، فكان أول علاقته بهذه اللغة، أن يقاتل أصحابها من الأمريكيِّين، حتى اعتقلوه وأودعوه سجونهم، في مرحلة من مراحل التربية الجهادية التي مرّ بها كل مجاهدي العراق تقريبا.

عاد للجهاد متوثبا لقتال المرتدين، فور خروجه من سجون أوليائهم الصليبيِّين، فكان فارسا من فرسان العمل الأمني في مدينة الموصل، الذين أرهقوا جيش الروافض وشرطتهم وأجهزة أمنهم بالعبوات والكواتم، والمفخخات والعمليات الاستشهادية، حتى انهار المرتدون تماما على أيدي هؤلاء الأبطال، فلما اقتحم إخوانهم من أسود الجزيرة مدينة الموصل لم يجدوا أمامهم إلا صورة جيش مهزوز لم يلبث أن كسره الله على أيديهم في الصدمة الأولى.

لم يكتب الله لأبي أيمن العراقي أن يكون شاهدا على فتح مدينته العزيزة، وساحة جهاده الكبرى، ويشارك في تحقيق الفتح المبين الذي ساهم فيه من خلال سنوات من الجهاد سبقت الفتح ومهدت له، إذ كان في هذه الأثناء يصاول أعداء الله من صحوات الردة في الشام.

• تأسيس ولاية الساحل:

بدأت قصة أبي أيمن -تقبله الله- مع الجهاد في الشام منذ أيامه الأولى، إذ انتدبه أمير المؤمنين مع مجموعة من كوادر الجهاد في العراق لنصرة المسلمين في الشام، وتأسيس نواة للمجاهدين على أرضها، هذه النواة التي أطلق عليها في ذلك الوقت (جبهة النصرة لأهل الشام)، وألحَق بها الجندي المكلف بإدارة العمل عبارة (من مجاهدي الشام في ساحات الجهاد)، هذه اللاحقة التي أُشيع حينها أنها وسيلة لخداع الصليبيِّين، والتعمية على وجود المهاجرين، ليتبين لاحقا أنها كانت تخفي وراءها ضلالات وأهواء، تفوح منها رائحة العصبية الوطنية، والتمهيد للغدر ونكث البيعة، وقطع الصلة مع دولة العراق الإسلامية التي لم تَعْدُ (جبهة النصرة) عن كونها سرية من سراياها المقاتلة، لا تختلف عن أي من السرايا الأخرى التي تقاتل في الموصل وصلاح الدين وبغداد وغيرها من مناطق العراق.

دخل الشيخ إلى الشام، وحط رحاله في حلب، التي كانت حينها مركزا لقيادة (جبهة النصرة)، فيها أغلب الأمراء والمسؤولين المقربين من الجولاني، والموالين له، الذين كانوا كلهم تقريبا من "السوريين"، في سعي واضح من الجولاني آنذاك لتهيئة الأوضاع للغدر وشق الصف، ولذلك كان مصير أي كادر من الكوادر القادمة من العراق العزل والتهميش، أو الزج به في الجبهات المشتعلة للتخلص منه، أو النفي إلى مناطق الأطراف كما كان مصير أبي أيمن العراقي الذي وجدوا فيه خطرا عليهم، لما يحمله من عداوة للمرتدين وشدة على أعداء الدين، ومن إخلاص لمن بايعه أميرا للمؤمنين، كان جزاؤه على ذلك النفي والإبعاد إلى منطقة الساحل، حيث لا وجود يذكر للجبهة فيها، فانقلب هذا الأمر -بفضل الله- وبالا على الغادرين، بأن فتحوا بذلك لأبي أيمن المجال ليعمل قريبا من مناطق دخول المهاجرين، بعيدا عن تأثير القيادة المنحرفة التي كانت تقود العمل، وتسير به إلى طريق الضلال.

حط الشيخ أبو أيمن رحاله في الساحل وما فيه آنذاك من جنود الدولة الإسلامية إلا أفراد، يعدون على الأصابع، ووجد أن الساحة هناك يغلب عليها التشرذم والتفرق، في ظل فوضى الفصائل والكتائب التي طغت على الواقع آنذاك، إذ كان السائد اجتماع عدد من المقاتلين فور امتلاكهم لقطع قليلة من السلاح الخفيف، لا يجاوز عددهم في أكثر الأحيان العشرة أفراد، يعلنون تشكيل كتيبة أو سرية، وينصبون لها راية، ويختارون لها اسماً، ويطلبوا من الناس الانضمام إليهم والقتال تحت رايتهم، دون أن تُعرف لهم عقيدة صحيحة، أو منهج مستقيم، أو حتى هدف واضح لقتالهم، ولتأسيس كتبيتهم.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 90
الخميس 26 شوال 1438 ه‍ـ

لقراءة القصة كاملة.. تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 90 قصة شهيد: أبو أيمن العراقي رجل بأمة من ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 90
قصة شهيد:

أبو أيمن العراقي
رجل بأمة من الرجال
[1/4]
رُبّ رجل بأمّة من الرجال... عبارة تصدق في حق كثير من مجاهدي الدولة الإسلامية، فكم من أخ أحيى اللهُ به وبهمته العالية الجهاد في منطقة من المناطق، وكم من أخ أخمد اللهُ به وبثباته على الحق فتنا كادت أن تعصف بجماعة المسلمين، وكم من أخ فتح الله للمسلمين على يديه الأرض، ومكن لهم فيها، ومن هؤلاء الأفذاذ الشيخ المجاهد أبو أيمن العراقي، تقبله الله.

علي أسود الجبوري، بطل من أبطال الجهاد في العراق والشام، بدأ مسيرة جهاده مقارعا للصليبيِّين بعد غزوهم للعراق، وكانت الموصل أولى الساحات التي صال فيها وجال، إذ هي مربع صباه وشبابه، وفي جامعتها أتم دراسته في قسم اللغة الإنكليزية، فكان أول علاقته بهذه اللغة، أن يقاتل أصحابها من الأمريكيِّين، حتى اعتقلوه وأودعوه سجونهم، في مرحلة من مراحل التربية الجهادية التي مرّ بها كل مجاهدي العراق تقريبا.

عاد للجهاد متوثبا لقتال المرتدين، فور خروجه من سجون أوليائهم الصليبيِّين، فكان فارسا من فرسان العمل الأمني في مدينة الموصل، الذين أرهقوا جيش الروافض وشرطتهم وأجهزة أمنهم بالعبوات والكواتم، والمفخخات والعمليات الاستشهادية، حتى انهار المرتدون تماما على أيدي هؤلاء الأبطال، فلما اقتحم إخوانهم من أسود الجزيرة مدينة الموصل لم يجدوا أمامهم إلا صورة جيش مهزوز لم يلبث أن كسره الله على أيديهم في الصدمة الأولى.

لم يكتب الله لأبي أيمن العراقي أن يكون شاهدا على فتح مدينته العزيزة، وساحة جهاده الكبرى، ويشارك في تحقيق الفتح المبين الذي ساهم فيه من خلال سنوات من الجهاد سبقت الفتح ومهدت له، إذ كان في هذه الأثناء يصاول أعداء الله من صحوات الردة في الشام.

• تأسيس ولاية الساحل:

بدأت قصة أبي أيمن -تقبله الله- مع الجهاد في الشام منذ أيامه الأولى، إذ انتدبه أمير المؤمنين مع مجموعة من كوادر الجهاد في العراق لنصرة المسلمين في الشام، وتأسيس نواة للمجاهدين على أرضها، هذه النواة التي أطلق عليها في ذلك الوقت (جبهة النصرة لأهل الشام)، وألحَق بها الجندي المكلف بإدارة العمل عبارة (من مجاهدي الشام في ساحات الجهاد)، هذه اللاحقة التي أُشيع حينها أنها وسيلة لخداع الصليبيِّين، والتعمية على وجود المهاجرين، ليتبين لاحقا أنها كانت تخفي وراءها ضلالات وأهواء، تفوح منها رائحة العصبية الوطنية، والتمهيد للغدر ونكث البيعة، وقطع الصلة مع دولة العراق الإسلامية التي لم تَعْدُ (جبهة النصرة) عن كونها سرية من سراياها المقاتلة، لا تختلف عن أي من السرايا الأخرى التي تقاتل في الموصل وصلاح الدين وبغداد وغيرها من مناطق العراق.

دخل الشيخ إلى الشام، وحط رحاله في حلب، التي كانت حينها مركزا لقيادة (جبهة النصرة)، فيها أغلب الأمراء والمسؤولين المقربين من الجولاني، والموالين له، الذين كانوا كلهم تقريبا من "السوريين"، في سعي واضح من الجولاني آنذاك لتهيئة الأوضاع للغدر وشق الصف، ولذلك كان مصير أي كادر من الكوادر القادمة من العراق العزل والتهميش، أو الزج به في الجبهات المشتعلة للتخلص منه، أو النفي إلى مناطق الأطراف كما كان مصير أبي أيمن العراقي الذي وجدوا فيه خطرا عليهم، لما يحمله من عداوة للمرتدين وشدة على أعداء الدين، ومن إخلاص لمن بايعه أميرا للمؤمنين، كان جزاؤه على ذلك النفي والإبعاد إلى منطقة الساحل، حيث لا وجود يذكر للجبهة فيها، فانقلب هذا الأمر -بفضل الله- وبالا على الغادرين، بأن فتحوا بذلك لأبي أيمن المجال ليعمل قريبا من مناطق دخول المهاجرين، بعيدا عن تأثير القيادة المنحرفة التي كانت تقود العمل، وتسير به إلى طريق الضلال.

حط الشيخ أبو أيمن رحاله في الساحل وما فيه آنذاك من جنود الدولة الإسلامية إلا أفراد، يعدون على الأصابع، ووجد أن الساحة هناك يغلب عليها التشرذم والتفرق، في ظل فوضى الفصائل والكتائب التي طغت على الواقع آنذاك، إذ كان السائد اجتماع عدد من المقاتلين فور امتلاكهم لقطع قليلة من السلاح الخفيف، لا يجاوز عددهم في أكثر الأحيان العشرة أفراد، يعلنون تشكيل كتيبة أو سرية، وينصبون لها راية، ويختارون لها اسماً، ويطلبوا من الناس الانضمام إليهم والقتال تحت رايتهم، دون أن تُعرف لهم عقيدة صحيحة، أو منهج مستقيم، أو حتى هدف واضح لقتالهم، ولتأسيس كتبيتهم.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 90
الخميس 26 شوال 1438 ه‍ـ

لقراءة القصة كاملة.. تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد
يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
3 رجب 1447
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً