(79) سُنَّة قيام الليل

لم يكن رسول الله يترك سُنَّة قيام الليل قط في حياته؛ لا في مرض ولا في كسل، وكان ينصح أصحابه بالحفاظ عليها، وعدم التذبذب في أدائها.. ... المزيد

نص السؤال لما كان الإمام يتقدم على الناس وله شرف الإمامة فإنه أحياناً يضعف ويصيبه العجب والغرور ...

نص السؤال
لما كان الإمام يتقدم على الناس وله شرف الإمامة فإنه أحياناً يضعف ويصيبه العجب والغرور فكيف يتخلص من هذا البلاء ؟

نص الفتوى
أي نعمة ينعم الله بها على عبده في الدين أو الدنيا فإنه مختبره ومبتليه ، أنعم الله على الأنبياء والصفوة من الأخيار والصلحاء فلما نظروا إلى نعمه وعظيم منِّه وكرمه انكسرت قلوبهم لله ، وأصبحت فرائصهم ترعد خشية من الله أن تكون النعمة نقمة عليهم في دينهم ، أو دنياهم ، ولذلك لما رأى سليمان عرش بلقيس بين يديه كان أول ما قال : { هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ} فالواجب على المسلم إذا رأى أي نعمة وفضل أن يقول : الحمد الله الذي وفقني ويسر لي ذلك ، ويشكر بقلبه ويشكر بلسانه ويشكر بجوارحه ، وشكر القلب أن تعتقد الفضل كله لله ، إياك إذا تقدمت إماماً ، أو خطيباً ، أو واعظاً ، أو معلماً ، أو مدرساً ، أن تشعر بأن لك فضلاً على الناس بل عليك أن تعتقد أن الفضل كله لله وحده لا شريك له ، فإذا اعتقدت الفضل لله آمنت وأيقنت وبورك لك في نعمتك ، فإن الله اختار القلب محلاً للنظر : (( إن الله لا ينظر إلى صوركم ، ولا إلى ألوانكم ؛ ولكن ينظر إلى قلوبكم )) فالله الله أن يدخلك العجب في قراءتك ، أو يدخلك العجب في إلقاءك ، أو يدخلك العجب في علمك ، ولذلك يبتلي الله القارئ والمعلم بابتلاءت فيسلبه النعم لأوقات حتى يح
س بنعمة الله عليه وجميل فضله وجليل نعمه لديه ، وإذا دخل الإنسان العجب فلينظر فكم من أُناس هم أعلم منه ! فإن كان عالماً فكم من أناس هم أعلم منه ؟! لم يرزقهم الله ما رزقه ، وإذا نظر إلى ذكائه فكم من أناس هم أذكى منه ! ، وإذا نظر إلى حفظه فلينظر إلى من هو أحفظ منه ، وإذا نظر إلى جماله ونعمة الله عليه في الدينا فلينظر إلى من هو أكثر نعمة منه ، وعليه أن يقول : اللهم لك الحمد على فضلك ، وأن يشكر الله على إحسانه ، وأن لا يغتر بجمال صوته ، وألا يغتر بحسن أداءه ، ليس المهم أن يقرأ القارئ فيجود ويرتل ، ليس هذا هو المهم وحده ؛ ولكن المهم والأهم أن يتقبل الله قراءته ، وكم من تال لكتاب الله يتلوه بسليقته وفطرته وجبلته فتحت أبواب السموات لقراءته وتلاوته ! وكم من قارئ يقرأ القرآن فيحبره تحبيراً ويتقنه إتقاناً تغلق أبواب السماء دون تلاوته ؛ لأن الله نظر إليها فوجده مغروراً بقوله ، مغروراً بقراءته ، يظن أن ذلك بفضله ، وأن ذلك بضبطه ، وأن ذلك بإتقانه والفضل كل الفضل لله ، فالله الله يا عباد الله ، أن تنظر أن لك فضلاً على الله- انكسر لله وقل : الحمد الله ، والفضل كله لله ، والله إن الله قادر على أن يسلب العبد نعمته في أقل من طر
فة عين ، وليس في طرفة عين بل في أقل من طرفة عين ، فالله وحده هو الذي بيده أزمة الأمور ، ولذلك كان السلف الصالح-رحمهم الله- كثيراً ما ينكسرون ، وكان الرجل كلما وجد إقبال الناس وعجب الناس به يبكي ويخاف ويخشع ، ومنهم من كان يعتزل الناس بعد شهرته وبعد دخول فتنة السمعة عليه ، كل ذلك خوفاً من الله وفراراً من الله إلى الله .
فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم ، ألا يفتننا في نعمه ، اللهم إنا نعوذ بك من الغرور ، ونعوذ بك من حال أهل الغي والشرور ، ونسألك اللهم حسن الخاتمة ، ونسألك اللهم التوفيق لما تحب وترضى .

صاحب الفتوى
محمد المختار الشنقيطي
...المزيد

نص السؤال أيهما أعظم أجراً ؛ أجر الأذان أو أجر الإمامة ؟ نص الفتوى لا شك أن الإمامة أفضل - على ...

نص السؤال
أيهما أعظم أجراً ؛ أجر الأذان أو أجر الإمامة ؟

نص الفتوى
لا شك أن الإمامة أفضل - على أصح قولي العلماء - ، ومن تأمل ذلك وجده جلياً :
أولاً : أن الإمامة تتعلق بالأصل الذي من أجله شرع الأذان ، فالأذان وسيلة للصلاة ؛ والإمام هو الذي يقيم الصلاة ، وهو الذي يتبعه الناس ويأتمون بإمامته ، ويسمعون إلى كلامه وخطبته ، فالإمامة من حيث تفضيل الشرع لها من عدة وجوه : كون المؤذن ينادي بالشهادتين أفضل منه تلاوة القرآن ، فالإمام يقرأ القرآن ويتلو آيات الله-سبحانه وتعالى- ، فكم من قلوب خشعت ! وكم من عيون دمعت ! وكم من نفوس اهتدت وصلحت وزكت بفضل الله-سبحانه وتعالى- ثم بالأئمة الذين وفقوا لحسن الأداء وحسن الترتيل ، والإخلاص في ذلك لوجه الله-سبحانه وتعالى- ، وكذلك بالأئمة الذين وفقوا للإخلاص في الخطب والمواعظ والتوجيه ، فالإمامة لها فضل عظيم ، وقد اختارها الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ولا يختار له إلا الأفضل ، ثم إن الإمامة إذا نظر إلى تفضيل الشرع للإمام من عدة وجوه ففي يوم الجمعة - مثلاً - هو الذي يخطب ، وهو الذي يعظ الناس إلى درجة أنه لو تكلم رجل أثناء خطبته وأثناء كلامه لغت جمعته ، فهذا فضل عظيم ؛ ولذلك : الإمامة شرف عظيم ، فإذا تقلدها الخيرِّ الصالح الدَّيِّن عَظُم أجره ، وثَقُل ميزانه واهتدت به أمم وصلحت به أحوال ، وقلَّ أن ترى حياً أو ترى أمة فيها إمام
صالح موفق إلا وجدت أثره عظيماً في النفوس ، وجدت أثره في إصلاح الناس وهدايتهم ودلالتهم على الخير جلياً واضحاً ، وخطب الجمعة كم أخرجت من المساجد من التائبين ! وكم أخرجت من المساجد من أناس على الحق ثابتين ! إلى غير ذلك من المصالح والمنافع والخيرات التي جعلها الله-سبحانه وتعالى- للأئمة ؛ ولكن لمن أخلص لوجه الله وأراد ما عند الله ، وتكلم من قلبه وأراد ما عند ربه ، فهؤلاء هم الذين يعظم أجرهم ويثقل ميزانهم ويعظم نفعهم بين الناس ، فالإمامة أفضل ؛ولذلك تقلدها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولما أراد الصحابة أن يولوا أبا بكر قالوا رضيك رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا أفلا نرضاك لدنيانا ! فجعلوا الاستنابة إلى الخلافة بالصلاة ، وما جعلوها بالأذان ، جعلوها بالصلاة لأن الإمام في الصلاة في أعظم الطاعات وأشرفها عند الله-سبحانه وتعالى- بعد الشهادتين ، فلا شك أن الإمامة أفضل وهي أعظم أجراً وأثقل ميزاناً ، وكونه يرد بعض الأحاديث مثلاً قوله-عليه الصلاة والسلام-في حديث أبي هريرة في فضل الأذان قال : إن رسول الله قال : (( أطول الناس أعناقاً يوم القيامة المؤذنون )) ، وفي حديث عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي المشهور حديث ال
كثبان من المسك المؤذن ، وكذلك - أيضاً - في حديث أبي هريرة عند أبي داود وأحمد - في مسنده - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( الإمام ضامن ، والمؤذن مؤتمن ، اللهم اغفر للمؤذنين ، وأرشد الأئمة )) قالوا : فقال : (( اللهم اغفر للمؤذنين )) وقال : (( وأرشد الأئمة )) وهذا لايقتضي تفضيل المؤذن على الإمام فإن القاعدة المعروفة في المناقب والفضائل ورود الخاص من وجه لا يقتضي تفضيله من كل وجه فكونهم أطول الناس أعناقاً يوم القيامة لا يقتضي تفضيلهم على غيرهم ، فلا يقتضي - مثلاً - تفضيلهم على الأنبياء ، ولا تفضيلهم على العلماء بالعلم ، فدل على أن المزية الخاصة مثل ما ورد عن الصحابة-رضوان الله عليهم- قال لسعد : (( إرم فداك أبي وأمي)) لا يقتضي هذا أنه أفضل من أبي بكر وعمر ، فالمقصود أن ورود المنقبة الخاصة هذا أصل تكلم عليه العلماء من خلال السنة ( أن ورود المنقبة الخاصة والفضيلة الخاصة في القول ، والفعل ، والشخص ، والزمان ، والمكان ، لا يقتضي التفضيل من كل وجه ) فكونه يقول : (( أطول الناس أعناقا يوم القيامة المؤذنون )) لا يقتضي تفضيله على الإمامة ، ومن نظر إلى العواقب يعني قوله-تعالى- : { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّ
نْ دَعَا إِلَى اللَّهِ} فالإمام يدعو إلى الله ، الإمام يدعو إلى الله من كل الوجوه ، يدعو إلى الله خطيباً على منبره ، وواعظاً بعد الصلوات ، ومذكراً للناس حتى أثناء صلاته قبل أن يكبر ، يأمرهم بتسوية صفوفهم ، وسد الخلل ، ونحو ذلك مما يكون بينهم من الفُرج ، وكل ذلك من الدعوة إلى الله ، فالمقصود أن الإمامة أفضل وأعظم أجراً لمن عرف حقوقها وأدى الحقوق على وجهها ، ووضع الله له القبول بين الناس فأداها على أتم الوجوه ، وإذا وقف في محرابه أو وقف في مكان صلاته كأنه ينظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في إمامته ، يطيل بالناس فلا يملوه ، ويخفف فلا يقصر في تخفيفه ، فانعقدت القلوب على حبه ، وحب إمامته ، والرضا به ، فإن أمثال هؤلاء - لا شك إن شاء الله - أنهم أعظم عند الله أجراً ، وأثقل ميزاناً ، - نسأل الله العظيم من فضله الكريم - ، والله -تعالى- أعلم .

صاحب الفتوى
محمد المختار الشنقيطي
...المزيد

نص السؤال بعض الأئمة من كبار السن وله باع طويل في الإمامة وهو حريص ومنضبط ولكنه عند مشيبه وكبره هل ...

نص السؤال
بعض الأئمة من كبار السن وله باع طويل في الإمامة وهو حريص ومنضبط ولكنه عند مشيبه وكبره هل الأولى أن يتنحى عن الإمامة لمن هو أولى ويعتبر هذا من الفقه الإمام أم من حقه البقاء ؟

نص الفتوى
إذا نحيتموه فهذا من كفران النعمة ونسيان الفضل لأهل الفضل أي فقه في هذا رجل كبير السن وله السابقة والفضل وأمّ هذا الزمان بأي حق تنحيه عن إمامته لكبر سنه ؟! يقول النبي-هل ورد عن النبي-صلى الله عليه وسلم- أن المسلم يطلب من أخيه المسلم الدعاء ؟- : (( فإن كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سناً )) ويقول لمالك بن الحويرث : (( وليؤمكما أكبركما )) هذا هو الفقه وهذه هي السُّنة إجلال الكبير وتوقير الكبير واحترام الكبير (( وإن من إجلال الله إجلال ذي الشيبة المسلم )) وما زال الناس يقدرون الإمامة ويقدرون مجالس الأئمة لماّ كان فيها كبار السن والفضلاء فكانوا أعقل وكانوا أكرم وكانوا أفضل وكانوا أحلم وكانت صدورهم متسعة وكان فيهم من الخير ما الله به عليم ، ولماّ تصدر لها الأحداث وتتبع الناس النغمات وأصبحوا يقدمون من لا ينظر إلى فعله ؛ وإنما يُنظر إلى قوله وجمال قراءته تغير الحال والله المستعان ! ولا نحُقِّر من أمر الشباب وهل كان أصحاب رسول الله-هل ورد عن النبي-صلى الله عليه وسلم- أن المسلم يطلب من أخيه المسلم الدعاء ؟- إلا شباباً ؛ ولكن نأمر بالقسط الذي أمر الله به والعدل نأمر بما أمر الله-عزوجل- به وننهى عما نهى الله عنه { وَلاَ تَ
بْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَائَهُمْ } الإمام إذا كان كبير السن يقولون : إنه أفضل لأنه أقرب إلى الآخرة وأكثر خوفاً وأكثر خشية لله-عزوجل- من غيره فقد جرب الدنيا حلوها ومرها وعايش الحياة فعرف غثاه وسمينها فهو أعقل وهو أمكن ؛ لأن طول الزمان في الإمامة ، وكذلك كبر السن لاشك أنه يبصره بأمور يكون تقدمه فيها على غيره أفضل ، وبناءً على ذلك الذي أراه أن تحفظوا فضل هذا الإمام وأن تحترموه وتوقروه وتجلوه ، وبعضهم يقول : والله عندنا إمام خطبه متكررة ! وهل الدين إلا خطب متكررة سور القرآن وحوادث القرآن كلها مكررة ، الإسلام لا يبحث الإنسان فيه وكأنه شيء يجدد أو شيء يطور ، الإسلام قديمه جديد وجديده قديم ، وما يدريك أن الكلمة من هذا الرجل الذي يخاف الله تقع عند الله بمكان ! وما يـدريك أن هذا الذي تصلي وراءه صلاته مقبولة ! وأنه أحظ عند الله-عزوجل- من غيره فلا يحتقر الإنسان الناس ، ولايزدريهم ، بعض الأحداث وبعض الصغار وبعض من لايفقه سنن الله-عزوجل- في عباده بمجرد أن يتعلم حديثاً أو حديثين أو ثلاثة أو سُنَّة أو سنتين ويرى شيخاً كبيراً لا يطبقها إزدراه وانتقصه ونسى فضله ؟! ولذلك الله الله في كبار السن فإن لهم حقاً على المسلمين ويوقرون
ويقدرون وخاصة إذا شابت رؤوسهم في الإسلام وكان لهم فضل من الأئمة وتعليم وتوجيه وتذكير بالله-عزوجل- ، ولذلك تجد الإنسان كأحسن ما أنت رائىٍ إذا جلس في مجالس العلماء أو حضر لإمام مسجده وجلس وأنصت وحاول أن يستفيد من كلامه وتوجيهه ؛ ولكن بمجرد أن تمر عليه فترة في هدايته ويألف الكلام يتنكر-والعياذ بالله- للمعروف ويقول : يا أخي هذا شيء مكرر ، ولذلك تجد بعضهم إذا رأى محاضرة عن الصبر ، رأى محاضرة عن الصلاة يقول : هذا شيء مكرر ! يا إخوان تكرار هذه المباديء وإعادتها هو منهج الإسلام ؛ لأنه يجعل الأمر عندك عقيدة لايمكن أبداً أن يساوم عليها ! ويجعل الأمر عندك في رسوخ لايمكن أن تتنازل عنه ! الفاتحة تكررها في صلاتك حتى تتفقه ما فيها من المعاني وتوحيد الله وتقديسه وتمجيده فتصبح عقيدة راسخة في قلبك ، الكلمات والآداب والأخلاق والشمائل التي تكررها كل يوم كل هذا مدرسة ربانية تعود الإنسان على هذا النمط الذي لايقبل التغيير والتبديل ؟! ولذلك على الإنسان أن يتقي الله وهذا الذي نريده أن يتقي الله-تعالي- فيمن لهم فضل ولهم حق ، ومن سنن الله-تعالي- أنه ما من إنسان تكون له سابقة في الخير مثلاً إمام تمر عليه عشر سنوات وهو يصلي بالناس أو عشر
ين سنة وهو يؤم الناس ، أو أكثر من ذلك وكان مخلصاً لله-عزوجل- في إمامته وصلاته وديانته وصلاحه إلاَّ وضع الله له البركة في إمامته وجعل الخير في قوله وهدايته ، وولايته ، ولربما الكلمة الواحدة منه يضع الله فيها البركة ما لم يضعها لإنسان حدث ؛ لأن الله لا يبخس الناس أشياءهم ، والله-عزوجل- حكيم عليم ، ولايضيع أولياءه { وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ اللَّهِ } فليس هناك أحد أوفى من ربك ، والله-عزوجل- إذا رأى هذه القدم التي صلت له وركعت وسجدت الأربعين والخمسين سنة لن يذهب عملها هدراً عند الله ، فإياك أن تنظر إلى الجمال الظاهر وتترك المعاني التي تدور عليها الفائدة ، والأصل وهي أن تستفيد وتنتفع من كبير سن وغيره ، جرّب أن تجلس عند خطيبٍ يخطب في موضوع واضح وأحضر له قلبك وأخشع له فؤادك وحاول أن تنظر وكأنك لأول مرة تسمع هذا الكلام وستجد عاقبة ذلك ، إياك أن تنظر أنك من الراسخين في الهداية أو أنك لست بحاجة إلى هذا كبير سن الذي يأتي بالمواضيع الواضحة حس بأن كل كلمة أنت محتاج إليها وستجد أن الوضع قد تغير تماماً ، وأن الله سيبارك لك في كل نصيحة تسمعها ، وفي كل حكمة تعلمها لأنك تريد الخير أنَّى وجدته أخذته وعلمت به - نسأل الله
العظيمرب العرش الكريم أن يجعلنا وإياكم ذلك الرجل - ، والله - تعالى - أعلم .

صاحب الفتوى
محمد المختار الشنقيطي
...المزيد

وصية مُوَدِّع: إيَّاكم..! فارقوا الرعاع، وإياكم والغوغاء. قال سيدنا عليّ في حديث كميل بن زياد: ...

وصية مُوَدِّع: إيَّاكم..!

فارقوا الرعاع، وإياكم والغوغاء. قال سيدنا عليّ في حديث كميل بن زياد: "الناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق".

الحمد لله، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد،

إخوتي في الله:
أولا أنا أحبكم في الله، وأسأل الله أن يرزقني وإياكم الإخلاص في القول والعمل. ولأنني الآن على سفر، ولعل الوجوه لا تلتقي -أسأل الله لي ولكم حسن الخاتمة-، فهذه وصية مُوَدِّع:

أولا: إياكم وهيشات الأسواق.. والزموا المساجد:
إياكم وهيشات الأسواق: هيشات الأسواق هي الضوضاء والجلبة التي تحدث في السوق؛ الكل ينادي على سلعته، والكل لا يسمع غير نفسه. فهو حريص على أن لا يسمع غير نفسه، ويظن أن الناس لا تسمع أحدًا غيره.

إياكم وهيشات الأسواق: أن تعيش في وسط هذه الفتن المتلاطمة هذه الأيام في كل المسائل وفي كل الأحوال. الكل يتكلم ولا يسمع، والكل يظن أن الناس يسمعونه، وفي الحقيقة لا أحد يسمع أحدًا.

العلاج: الزموا المساجد (اللهم اجعلنا أوتادا لبيوتك، اللهم اجعلنا من أهل المساجد الذين تفتقدهم الملائكة، اللهم حبّب إلينا المكث في المساجد).

ثانيا : إياكم والجدل في الدين.. والزموا الصمت:
إياكم والجدل الكثير واللَّجاجة، فما غضب الله من قوم إلا رزقهم الجدل، ومنعهم العمل. وهذه القضية سمة من سمات غضب الله على القوم. قال حبيبك محمد صلى الله عليه وسلم: «ائتمروا بالمعروف، وتناهوا عن المنكر، حتى إذا رأيت شُحًا مُطاعًا، وهوى متبعًا، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بخاصة نفسك، ودع عنك أمر العوام» (رواه أبو داود والترمذي، وقال عنه الأخير: حسن غريب).

إن هذه الأمراض التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وصحبه وسلم:
• شُح مطاع.
• هوى متبع.
• دنيا مؤثرة.
• إعجاب كل ذي رأي برأيه.

هذه يسيرة بالنسبة لما نحن فيه اليوم؛ فعليك بخاصة نفسك، ودَعْ عنك العوام (اللهم اهد الناس، وأصلح الناس).

والحل: في لزوم الصمت؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمسك عليك لسانك، وليَسعك بيتك، وابكِ على خطيئتك» (صحيح الترغيب وغيره، صحيح).

إذن الأولى: إياكم وهيشات الأسواق، والزموا المساجد.
الثانية: إياكم والجدل، والزموا الصمت.

ثم..

ثالثا: إياكم والدنيا.. والزموا الآخرة:
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «من كانت الدنيا همه فَرّق الله عليه شمله، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له، ومن كانت الآخرة همه جمع الله عليه شمله، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة» (إسناده جيد ورجاله ثقات، السلسلة الصحيحة). وقال الحسن: "إذا رأيت الرجل ينافسك في الدنيا فألقِها في نحره، وإذا رأيت الرجل ينافسك في الآخرة فنافسه فيها".

الله أكبر..! في زمن غلاء الأسعار.. ونَهَم الناس.. وظلم الناس.. وطمع الناس.. رأيت بالأمس في أحد الأسواق شيئًا عجيبًا؛ رأيت الناس يشترون بنهمٍ كما لو كانوا في أول ليلة من رمضان. سبحان الله! أين الفقر؟!! وأين الغلاء؟!!

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقتربت الساعة، ولا يزداد الناس على الدنيا إلا حرصًا، ولا يزدادون من الله إلا بعدًا» ( إسناده صحيح، السلسلة الصحيحة). فكلما ارتفعت الأسعار ازداد الناس حرصًا على الدنيا، وتضاعف طمعهم فيها، وكبرت رغبتهم في الاستزادة منها. وسبحان الله العظيم!!

فإياكم والدنيا. (اللهم اكفنا شر الدنيا، اللهم اصرف عنا همّ الدنيا)

وأؤكد هنا -وأنتم خاصتي، فلا ينبغي لي في الأصل أن أوضح لأنكم تفهمون المنهج- أن كلامي هذا ليس نهيًا عن التملك، بل لا بأس أن تملك ملايين بل ملايين الملايين.. امتلك دون أن يشغلك هذا عن الله.. دون أن يشغل هذا قلبك.

إذن فعندما أقول: "إياك والدنيا" فالمقصود:
* إياك أن يشتغل قلبك بالدنيا.
* إياك أن تفرح بالدنيا.
* إياك أن تحزن على الدنيا.
* إياك أن تنافس في الدنيا.
* إياك أن تكون حريصًا على الدنيا.
* إياك أن تحرص على زيادة الدنيا.
* إياك.. إياك.. إياك والدنيا، والزم الآخرة (اللهم اجعلنا من أهل الآخرة).

يقول ابن الجوزي: "علامات الإدبار عن الآخرة لا تخفى عليك؛ ندخل بيتك فنرى ملعقة ولا نرى مصحفًا، ونرى وسادة ولا نرى سجادة". وهذا صحيح؛ فكل واحد يظهر عليه: من هو؟ فإن كان من أهل الدنيا تظهر عليه علامات ذلك، وإن كان من أهل الآخرة يتضح عليه ذلك (فاللهم اجعلنا من أهل الآخرة).

رابعًا: الزموا الجماعة.. وفارقوا العامة:
فارقوا الرعاع، وإياكم والغوغاء. قال سيدنا عليّ في حديث كميل بن زياد: "الناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق".

إخوتي..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المرء مع من أحب» (متفق عليه). قال أنس رضي الله عنه: "فما فرحنا بعد الإسلام بشيء مثل فرحنا بهذا الحديث، لأنني أحب رسول الله وأبا بكر وعمر، وأحب أن أحشر معهم".

فهذه هي القضية: الذي تحبه وترجو أن تكون معه في الآخرة؟؟ مع من تعيش؟ ومع من تتعامل؟

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يغزو جيش الكعبة، فإذا كانوا ببيداء من الأرض يُخسف بأولهم وآخرهم». فقالت عائشة رضي الله عنها: "يا رسول الله؛ كيف يخسف بأولهم وآخرهم، وفيهم أسواقهم ومن ليس منهم؟" قال: «يُخسف بأوّلهم وآخرهم، ثم يبعثون على نياتهم» (رواه البخاري، الجامع الصحيح).

مثلا: وأنت تعمل في القصر قد يُخسف به وبك معهم، ثم تبعثون على نياتكم.. فما نيتك في وجودك في هذا المكان؟ وما هي نيتك وأنت تتعامل مع هذه الأشكال؟

قد يكون في "الميكروباص" -مثلًا- خمسة عشر شخصًا، فإذا ماتوا فيه بُعثوا على نياتهم. وإني قد رأيت اليوم حادثة عجيبة على الطريق؛ لقد أتت سيارة من الجهة الأخرى، فاصطدمت بمقدمة سيارة أخرى، ومات رجل. فقلت: "هذا الرجل المسكين كان يسير وفق القانون على اليمين، وبهدوء، ويربط حزام الأمان، أي أنه كان يسوق بشكل صحيح.. ولكن من أين أتاه البلاء؟

لذلك؛ فالقضية ليست فقط أن تسير بشكل صحيح، ولكن القضية هي: ما نيتك؟

إذن.. الزموا الجماعة -أي الصحبة الصالحة والصالحين من المسلمين-، وإياكم والرعاع.

هذه وصيتي، وبقيت الأخيرة:

خامسًا: إياكم والرخص.. والزموا المنهج

إني أجعلها كلمة باقية في عقبي، أحتسبها عند الله، وأسأل الله أن ألقاه بها:
المنهج هو: الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة.
الله.. الله في المنهج؛ كل الناس يقولون: "كتاب وسنة"، ويبقى التمايز في: "بفهم سلف الأمة"

فإياك وعقلك.. إياك وآراء الناس.. عليك بالمنهج بفهم السلف، أي الصحابة والتابعين وأتباع التابعين.

أحبكم في الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

محمد حسين يعقوب
...المزيد

الناس تجمع فى مقامٍ واحد يوم القيامة ◻إلا حافظ القرآن🤞 ◻مع الملائكة..! ◻مع السفرة، الكرام، ...

الناس تجمع فى مقامٍ واحد يوم القيامة
◻إلا حافظ القرآن🤞
◻مع الملائكة..!
◻مع السفرة، الكرام، البررة

◻كل النّاس يفرّون
◻من بعضهم يوم القيامة!
◻إلا حافظ القرآن
◻يبحث عن والديه ؛
◻ليلبسهم تاج الوقار 👑

🔹لا يكتفى القرآن بإيصالك للجنة
بل لايزال معك فيها تقرأوه حتى تصل لأعلى درجاتها
(اقرأ، وارتَقِ، ورتِّل)

🔹لو علم المقصر مع القرآن
ما الذي ينتظره من نعيم حين يشرع في التلاوة ماتردد والله لحظة ..!!

🔹العاجز عن (تلاوة) شئ من كتاب الله ..
تجاوزته "مواطن الأنس" وهو قادر على الظفر بها
🔸من بركة القرآن
أن الله تعالى يبارك في عقل قارئه وحافظه . .
* فعن عبد الملك بن عمير :
' ( كان يقال إن أبقى الناس عقولا قراء القرآن ) ،
- وفي رواية :
' ( أنقى الناس عقولا قراء القرآن ) '
🔸وقال القرطبي رحمه الله :
من قرأ القرآن مُتّع بعقله وإن بلغ مئة !

🔸وقد أوصى الإمام إبراهيم : المقدسي تلميذه عباس بن عبد الدايم - رحمهم الله :
( أكثر من قراءة القرآن ولا تتركه ، فإنه يتيسر لك الذي تطلبه على قدر ما تقرأ ) ؛

🔸وقال أبو الزناد :
' ( كنت أخرج من السّحَر إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا أمر ببيت إلا وفيه قارئ ) ؛

🔸وقال شيخ الإسلام رحمه الله :
( ما رأيت شيئا يغذّي العقل والروح ويحفظ الجسم ويضمن السعادة أكثر من إدامة النظر في كتاب الله تعالى ) ؛

🔸وكان بعض المفسرين يقول :
- ( اشتغلنا بالقرآن فغمرتنا البركات والخيرات في الدنيا ) ؛

🔸الدال على الخير كفاعله ذكر بها..
لعل أحدا يقرئها فيحرص على قراءة القرآن فتؤجر انت عليها..
...المزيد

قيام الليل من أسباب ثبات القرآن في الصدور

‏"لا يُثبِّت القرآن في الصدر، ولا يُسهِّل حفظه، ويُيسِّر فهمه إلا القيام به في جوف الليل" العلامة محمدالأمين الشنقيطي

القرآن سلاح ضد الشيطان

نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور أبصارنا، وجلاء همنا وغمنا وحزننا. ... المزيد

(4) إدمان معاتبة النفس وتخويفها

النفس إخوتاه تركن الى اللذيذ والهين .. فعلمها التحليق .. تكره الاسفاف .. علمها العز .. تأنف من الذل .. عرّفها الرب .. تستوحش من الخلق ... ... المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً