محور الحياة .. ذكرى الدار
قال الطبري "هي ذكرى الدار الآخرة، فعملوا لها، فأطاعوا الله وراقبوه" وأما قتادة فأضاف معنى لازما له وهو "الدعوة الى الدار الآخرة". والحق أن من اهتم بأمر دعا غيره اليه، فهو لازم للمعنى الأول.
ينكر المجانين الدار الآخرة ولقاء الله تعالى..
ينسى البعض الدار الآخرة رغم إقراره بها، وكأنه لا يؤمن بها .. هي أمر مؤجل من بعيد، لم يحِن وقتها بعد. بل وكأن وقتها لن يحين يوما ما.
يتذكر البعض الدار الآخرة في موقف حاسم، فيغير وجهة حياته ويستقيم على أمر ربه ويقرر "الالتزام"؛ لكن كثيرا ما يعقب ذلك النسيان، ويصبح التذكر للآخرة "عندما تأتي مناسَبة"..!
لكن يصطفي تعالى قوما، بخالصةٍ خاصة، هي التذكر الدائم للدار الآخرة لا هّمّ لأحدهم غيرُها.. هي الدافع من وراء العمل، وهي المرجوة من وراء كل عمل، وهي الشاغل للمشاعر والتفكير والهَمّ والبحث..
وقد أخبر تعالى عن صفوة خلقه أنهم كانوا كذلك {واذكر عبادنا إبراهيم واسحق ويعقوب أوْلي الأيدي والأبصار، إنا أخلصناهم بخالصةٍ ذكرى الدار} أي إنا أخلصناهم بخالصةٍ هي ذكرى الدار.
قال مجاهد " بذكر الآخرة؛ فليس لهم هَمٌّ غيرها" وقال الطبري "هي ذكرى الدار الآخرة، فعملوا لها، فأطاعوا الله وراقبوه" وأما قتادة فأضاف معنى لازما له وهو "الدعوة الى الدار الآخرة". والحق أن من اهتم بأمر دعا غيره اليه، فهو لازم للمعنى الأول.
ينبغي لك إن أردت القرب من هؤلاء القوم وإن رغبت في الاصطفاء، ورجوت أن تكون ممن يصنع الله تعالى بهم التغيير، وأن تكون من مصابيح الهدى؛ أن تكون الآخرة هي الشعور الذي لا يفارِق، هي الدافع للعمل والمرجوة من ورائه والحاجز عن الحدود. الانشغال بها تذكرا وتفكرا، والترتيب الدائم لها، والتقديم الكثير من أجلها..
بها تزِن الأمور، وترتب الاهتمامات، وتوفر العمل، وتوجه الجهد، فلا تغرق في أمور الدنيا فهي أهون من ذلك.
إن ذكرى الدار هي الأمر الكبير والانشغال الدائم وهي محل الاصطفاء؛ فمن اصطفاه ربه شغله بها، وهي المؤهلة للإصطفاء العظيم يوم القيامة؛ فلا تفارقك ولا تفارقها؛ فغداً هي الواقع الجديد والذي لا يزول.
- التصنيف: