*الإحساس بالذنوب والعصيان وواجب التوبة قبل رمضان* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو ...

*الإحساس بالذنوب والعصيان وواجب التوبة قبل رمضان*

#خطب_مكتوبة

👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/Lxa3IoxGWjc?si=RlXf2hWLz4kswiNK
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير /المكلا / 22/شعبان/1446هـ ↶

الخــطبة الأولــى: ↶

ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.

أمــــــا بــــعـــــد:

- فكم يضج عالم اليوم بأخبار الطقس، وتغير المناخ، وأسباب من هذه التي يضج بها العالم بكله من صحفه، ومجلاته، واجتماعات كبرى، ومؤتمرات عظمى، ودول تتنادى، وصيحة عالمية تدوي في الأرجاء؛ لأن هناك خطرٌ خطرٌ، وهو خطر لا شك ولا ريب فيه، ولكن ما سبب هذا التغير المناخي الذي يجري في عالم اليوم، والأزمة الطاحنة المهددة للعالم بأكمله، والذي تعلمناه أن التغير المناخي يحدث نتيجة اختراق طبقة الأوزون بأسباب بشرية تسببها دخان المصانع، وعوادم السيارات، والدول الكبرى هي الجانية لهذا بكله، فأدى لاشتداد حرارة الشمس بسبب اختراق طبقة الأوزون، فسبب ذلك بكارثة كبرى على الأرض من حرارة، أو من أمطار قليلة، أو من برودة شديدة، أو من عدمها، ومن جفاف، ومن تصحر، ومن أشياء أخرى.

- وهذه المسببات التي يتداول العالم، والتي هي واضحة جلية للعيان، والتي لا شك ولا ريب على أن هناك ثورة ضد هذه الأمور المفتعله البشرية، لكن هناك أشياء أخرى قل من يلتفت إليها، وهو عالم الغيوب، هو عالم الأسرار، هو عالم القلوب الذي قل من يستيقظ لها، ومن يفطن للتغيّر الذي حصل فيها، وأتحدث هنا عن المسلمين، لأربط بين التغيرين، وأنتقل من عالم ظاهر إلى عالم خفي، من عالم مدوي بأخبار أدت لتغير كبير في العالم، إلى تغيّر عظيم في القلوب، إلى عدم انتفاع بكلام علام الغيوب، إلى بعد عن الدار الآخرة، وانشغال بالدار الدنيا، إلى خلود وتراكم هنا، وابتعاد عن الدار هناك، إنه انشغال عظيم جد عظيم، وبعد كبير، وفجوة أدت لموت القلوب، لتصحر القلوب، لتغير كبير في القلوب، أشد من التغير المناخي الذي يجري في عالم اليوم…

- إن القلوب قد اخترقت وتلوثت بالذنوب والمعاصي، وبهذا الدمار البشري الذي يحدثه البشر كما أخبر عنه رب العالمين سبحانه وتعالى في كتابه الكريم فقال: ﴿ظَهَرَ الفَسادُ فِي البَرِّ وَالبَحرِ بِما كَسَبَت أَيدِي النّاسِ...﴾.

- فكل ما يجري في عالم اليوم من اضطربات، من مشاكل، من فساد، من فتن، من دمار، من خراب، من قتل، من ضياع... فسببه يعود للإنسان الذي يفتعل ذلك الفساد ﴿ظَهَرَ الفَسادُ فِي البَرِّ وَالبَحرِ بِما كَسَبَت أَيدِي النّاسِ...﴾، وانظر لكلمة الفساد فهي لفظة عامة شاملة لكل فساد داخلي أو خارجي، وكل ما يطلق عليه ايم الفساد فسببه الإنسان: ﴿ظَهَرَ الفَسادُ فِي البَرِّ وَالبَحرِ بِما كَسَبَت أَيدِي النّاسِ...﴾، يؤكد ذلك قول الرحمن: ﴿وَما أَصابَكُم مِن مُصيبَةٍ فَبِما كَسَبَت أَيديكُم وَيَعفو عَن كَثيرٍ﴾، هكذا يقول الله سبحانه وتعالى…

- لكن انعد في القلوب هذا الإحساس، وتبلد هذا الشعور من أن يصل إليها، وابتعدت تمامًا عن ربها، وإن قرأت، وإن صلت، وإن تلت، وإن تعبدت، وإن ذكرت، وإن فعلت ما فعلت، لكن ذلك بعيد عن أن يصل إلى القلب تمام البعد لأن الحجاب الحاجز بين القلب والوصول منعه…والسبب هو تلوث العبد في ذنوبه ومعاصيه، في خلواته، في سره وعلنه، في قوله وفعله، في منطقه وسكوته، في كل شيء من ذنبه...

- والكبيرة العظمى على أن هذا الإنسان يستمر في ذنبه، ويرتكس في معاصيه، ويبقى مجاهرًا لربه فيما هو فيه دون أن يقرر عودته إلى الله سبحانه وتعالى لينقذه مما هو فيه فيعود لصالحه في الدنيا فيسعد، ويعود لصالحه في الآخرة فلا يشقى مؤكّد… لكن لا يفهم، ولن يفهم؛ لأن الطبقه التي ما بين القلب وما بين الانتفاع بآيات القرآن قد اختُرقت، اخترقتها الذنوب والمعاصي، فانتُهكت القلوب بسبب الذنوب، وانتهاكها بالغشاوة التي كانت عليها هي غشاوة التقوى والمراقبة التي تحجب الذنب عن الوصول إلى القلب فينتفع بآيات القرآن الكريم مباشرة.
- ولهذا كان الصحابي، وكان السلف، وكان المؤمنون، ولا زال المؤمنون يقرؤون فيخشعون، يسمعون فيعون، يوعظون فيتعظون… لكن لما أصبحت القلوب في بعد عن هذا، ولا يصل إليها بسبب حجاب آخر، بدلًا عن التقوى والمراقبة لرب العالمين غشتها الذنوب والمعاصي، فلم يصل إليها شيء من هذه الأمور ولهذا قال الله مصداقًا لذلك: ﴿كَلّا بَل رانَ عَلى قُلوبِهِم ما كانوا يَكسِبونَ﴾…

- فهناك غطاء على القلب سببته الذنوب والمعاصي المرتكبة من العبد وكلما زادت الذنود اشتدت صلابة الغطاء حتى لا يسمع شيئًا أبدًا: ﴿كَلّا بَل رانَ عَلى قُلوبِهِم ما كانوا يَكسِبونَ﴾… فبسبب ما اجترحته أيديهم، بسبب ما اجترحوه بفأعلهم وأقوالهم وحركاتهم وسكناتهم وكل شيء كسبوه، بسبب ذنوب أصرَّو عليها، بسبب معاصي أدمَنَوا عليها، بسبب ذنوب في الليل والنهار جاهر الله بها بسبب هذا بكلِّه لم يعد للقلوب انتفاع بآيات الرحمن، والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم: ﴿إِنَّ في ذلِكَ لَذِكرى لِمَن كانَ لَهُ قَلبٌ...﴾…

- إنه لا ينتفع بالقرآن، وبالذكر، وبالعبادة، وبالصلاة، وبكل شيء من طاعة الله إلا بقلب تصل إليه هذه العبادات والطاعات، أما إذا لم يكن ذلك فلا ينتفع بصلاته، وكل عبادة منه لربه جل جلاله، وهذا هو الذي نراه حقًا في واقعنا كل لحظة؛ إذ تراه يصلي ولا ينتفع بصلاته، مع أن الله يقول في كتابه الكريم: ﴿إِنَّ الصَّلاةَ تَنهى عَنِ الفَحشاءِ وَالمُنكَرِ...﴾.

- لكن نرى ذلك المصلي لا تنهه صلاته عن الفحشاء وعن المنكر في قوله وفعله، ولا عن شيء من ذلك البتة، بل هو مستمر عليها، وهو مستمر في صلاته أيضاً، بل تجده في الصف الأول، مداومًا، وقارئ للقرآن مرتلًا، وذاكرًا لله كثيرًا لكن لا ينتفع بذلك أصلاً، فما فائدته ما دام أنه لا يكتسب عملاً، وما ذاك كله إلا لأن القلب محجوب عن الانتفاع بسبب الذنوب التي حالت ما بينه وبين أي انتفاع كان، فلم يستطع أن يحرك الجوارح للعمل بما يسمعه من خطاب إن سمع، فيدخل من أذن ويخرج من أذن كما يقال، وهذا إن سمع وإلا فقد عطل قلبه بل كل حواسه بسبب ذنبه: ﴿لَهُم قُلوبٌ لا يَفقَهونَ بِها وَلَهُم أَعيُنٌ لا يُبصِرونَ بِها وَلَهُم آذانٌ لا يَسمَعونَ بِها أُولئِكَ كَالأَنعامِ بَل هُم أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الغافِلونَ﴾، فلم ينتفع بشيء منها لأنه عطلها بنفسه بسبب ذنوبه وهذه هي الكارثة حقه: ﴿فَإِنَّها لا تَعمَى الأَبصارُ وَلكِن تَعمَى القُلوبُ الَّتي فِي الصُّدورِ﴾، فهو عمى لا ريب فيه…

- أما إلى القلوب الحية التي خففت الذنوب واستقامت بحق وصدق مع غلام الغيوب فلا يوجد حجاب يمنع من وصول الطاعات للقلب، بل يصل فورًا وينطلق للعمل، بل ينتفع ولو بالشيء اليسير جدًا ولهذا كان الصحابي، والسلف عمومًا إذا ذكّرهم أحد بالله، بل بمجرد إذا نطقوا بالشهادتين انتفعوا، بل إذا قرأوا آيات من كتاب الله ورتلوه تكفيهم تلك الآيات فيقرأ النبي صلى الله عليه وسلم على الرجل سورة الزلزلة: ﴿إِذا زُلزِلَتِ الأَرضُ زِلزالَها حتى انتهى منها، ثم ولى الرجل وهو يقول: "حسبي، حسبي". فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ولصحابته: "لقد فقُه الرجل، لقد فقه الرجل"، أي أصبح فقيها، أصبح عالماً، أصبح عاملاً، أصبح مصلياً، بل ورد أنه قال صلى الله عليه وسلم: "دخل الجنة إن صدق" وهي سورة قصيرة فقط لكن وصلت للقلب وسينطلق فوراً للعمل بما يرضي الرب…

- فهذه الجارحة التي أدت إلى ما أدت إليه من نتائج كارثية على الإنسان، وعلى البشر عموماً، وعن الوصول إلى جنة الرب سبحانه وتعالى خصوصاً يجب أن نراجع أنفسنا، وأن نقبل على ربنا، وأن نحافظ على الحجاب الذي يبقى وهو حجاب التقوى وحجاب المراقبة للملك الأعلى، فذاك شرط دخول جنة الله تعالى ﴿تِلكَ الجَنَّةُ الَّتي نورِثُ مِن عِبادِنا مَن كانَ تَقِيًّا﴾، ﴿وَسارِعوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّماواتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقينَ﴾…

- فلا بد من يقظة وترك لما كان عليه العبد سابقاً؛ لعل الله سبحانه وتعالى أن يرحمنا جميعاً، ويرفع عنا ما نزل بنا، وأن لا نبقى في غفلتنا، ويجب أن نشعر بخطورة ذنوبنا وجرمنا، وما سببته على قلوبنا، وتسبب أيضاً على جوارحنا، وعلى أرزاقنا، وعلى أعمالنا، وعلى دنيانا، وعلى المجتمع حولنا، وأيضاً على ما هو أعظم من ذلك، بكله عن جنة ربنا سبحانه وتعالى…

- ولنحذر أن يصيبنا العقاب من ربنا، وينزل علينا أعظم وأشد مما هو فينا؛ إذ قال للإنسان محذراً ﴿أَفَأَمِنوا أَن تَأتِيَهُم غاشِيَةٌ مِن عَذابِ اللَّهِ...﴾، ﴿أَفَأَمِنَ الَّذينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَن يَخسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الأَرضَ أَو يَأتِيَهُمُ العَذابُ مِن حَيثُ لا يَشعُرونَ أَو يَأخُذَهُم في تَقَلُّبِهِم فَما هُم بِمُعجِزينَ أَو يَأخُذَهُم عَلى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُم لَرَءوفٌ رَحيمٌ﴾…
- فماذا ننتظر إذن، ألا فلنراجع أنفسنا ولنتب لربنا، ولنعد إليه قبل أن نخسر ونشقى مؤبدًا… ﴿وَلَو أَنَّ أَهلَ القُرى آمَنوا وَاتَّقَوا لَفَتَحنا عَلَيهِم بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالأَرضِ وَلكِن كَذَّبوا فَأَخَذناهُم بِما كانوا يَكسِبونَ أَفَأَمِنَ أَهلُ القُرى أَن يَأتِيَهُم بَأسُنا بَياتًا وَهُم نائِمونَ أَوَأَمِنَ أَهلُ القُرى أَن يَأتِيَهُم بَأسُنا ضُحًى وَهُم يَلعَبونَ أَفَأَمِنوا مَكرَ اللَّهِ فَلا يَأمَنُ مَكرَ اللَّهِ إِلَّا القَومُ الخاسِرونَ﴾…

- فالسبب هو نحن ولو أقبلنا لتقبل ربنا منا ورحمنا: ﴿وَأَلَّوِ استَقاموا عَلَى الطَّريقَةِ لَأَسقَيناهُم ماءً غَدَقًا﴾… فمتى سنستيقظ، ومتى سنعود، ومتى سنرجع، متى سنتوب، متى سنقبل، متى سيترك ذلك المسلم عمومًا ذنبه…

- كم نصبح ونمسي في نعم الله ثم لا نشكرها، ولا ترتفع منا الأعمال الصالحة لربنا، ولا يرانا إلا حيث نهانا ولا نحس بخطر ما نحن فيه، وسوء جرمنا، وقدرته جل وعلا علينا: ﴿إِن يَشَأ يُذهِبكُم أَيُّهَا النّاسُ وَيَأتِ بِآخَرينَ وَكانَ اللَّهُ عَلى ذلِكَ قَديرًا﴾، ﴿أَلَم تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ بِالحَقِّ إِن يَشَأ يُذهِبكُم وَيَأتِ بِخَلقٍ جَديدٍ وَما ذلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزيزٍ﴾… لكنه إمهال وتأخير من الله لنا لعلنا ولعلنا: ﴿وَلَو يُؤاخِذُ اللَّهُ النّاسَ بِما كَسَبوا ما تَرَكَ عَلى ظَهرِها مِن دابَّةٍ وَلكِن يُؤَخِّرُهُم إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُم فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصيرًا﴾.

- ولذلك من رحمته سبحانه وتعالى بالناس أن فتح باب التوبة، فلم يغلقه إلا إذا وصل إلى مرحلة الغرغرة التي ينتزع فيها روحه، ويصل بعدها مباشرة إلى ربه سبحانه وتعالى، قال النبي ﷺ في الحديث الذي يضمن به أن الله يغفر للعبد ذنبه ما عاد إليه: "إن الله يبسط يده في الليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها"، وربنا سبحانه وتعالى إنما يفتح باب التوبة لعباده لعلهم أن يتوبوا، لعلهم أن يرجعوا، لعلهم أن يكفوا عن ذنوبهم ومعاصيهم، لعلهم أن ينتفعوا بآياته، وأيضًا لعلهم ينتفعون بأيام وعبر وعظات في كتابه وكونه، ولعلهم ينتفعون بمرض، لعلهم ينتفعون بنعمة، لعلهم ينتفعون بنقمة، وهذه المصائب من الدنيا التي تتقاذفنا يمنة ويسره، وأمواج عاتية وكوارث شديدة ومصائب كبيرة تأتي على العباد فمتى يمكن للعبد أن يستيقظ ويعود لربه!.

- ألا وإن التوبة مطلوبة من العبد في كل وقت خاصة ونحن في زمن الإمهال الذي هو أعظم منة من الله لنا وانظر لأصحاب النار ماذا طلبوا بعد أن اعتذروا إلى ربهم إنهم أرادوا أن يخرجوا مما هم فيه من النار: ﴿وَهُم يَصطَرِخونَ فيها رَبَّنا أَخرِجنا نَعمَل صالِحًا غَيرَ الَّذي كُنّا نَعمَلُ... ﴾ قال الله لهم : ﴿أَوَلَم نُعَمِّركُم ما يَتَذَكَّرُ فيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذيرُ فَذوقوا فَما لِلظّالِمينَ مِن نَصيرٍ﴾ هناك لا ينفع الصراخ، هناك لا ينفع البكاء، هناك لا ينفع النداء، هناك لا تنفع حتى التوبة، هناك لا ينفع خضوع، هناك لا ينفع شىء من ذلك البتة؛ لأن العبد انقطع عن عمله ووصل لجزائه وعقابه المقرر من ربه ﷻ…

- فلا زلنا في هذا الزمن الذي قال الله سبحانه وتعالى لأهل النار في النار: ﴿أَوَلَم نُعَمِّركُم...﴾، وهذا النداء لنا جميعًا، ونحن في زمن لا زالت التوبة مفتوحة لنا، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له. كما قال صلى الله عليه وسلم في حديث حسن يقول فيه للناس جميعًا: "كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون"، فالذي يتوب، الذي يعود، الذي يرجع تحول من شر لخير بتوبته، وكل الناس تذنب لكن الكارثة أن يستمر: "لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم"، فالمطلوب من العبد أن يقرر التوبة، أن يقرر الرجعة، أن يقرر العودة إلى رب البَرِيَّة سبحانه وتعالى…

- وإذا كانت التوبة واجبة في كل وقت وحين فهي أوجب ما تكون في الأيام الفاضلة، والأزمنة المباركة، ولا شك أننا نقدم على شهر عظيم، شهر رمضان المبارك، وحتى ننتفع بشهر القرآن، وما فيه من بركات وخيرات وعبادات وآيات تتلى فيه، نسمعها، نقرأها، نرتلها، نصلي بها، وبشعائر عظيمه نمارسها، فإذا أردنا أن ننتفع بها فلا بد كشرط لازم من غسل قلوبنا من ذنوبنا ومعاصينا حتى نُقبل على الله، وننتفع بالطاعات التي نفعلها لأجل الله سبحانه: ﴿إِنَّ في ذلِكَ لَذِكرى لِمَن كانَ لَهُ قَلبٌ...﴾ ..

- أما من غشي قلبه فإنه سيدخل رمضان ويخرج منه كأنه لم يدخل، وكأنه لم يخرج، لا يفرق لديه، ولا يأبه به، ولا يستشعر بعظمته فهو شهر من الشهور وهذه هي الكارثة بحق…

أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ..

الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:

- فإن الواجب علينا جميعًا أن نستيقظ من غفلتنا، وأن نعود إلى ربنا سبحانه وتعالى، وأن نقرر توبة صادقة خالصة لله عز وجل بشروطها من إقلاع عن ذنوبنا، ومن ندم على ما فعلنا، ومن عزم على عدم العودة إلى الذنب مرة أخرى، وإن كانت ذنوب بيننا وبين الخلق فلا بد من إعادة الحقوق إلى أصحابها، لعل الله سبحانه وتعالى أن يرحمنا، فما نزل بلاء إلا بذنب، وما رفع إلا بتوبة: ﴿وَما أَصابَكُم مِن مُصيبَةٍ فَبِما كَسَبَت أَيديكُم وَيَعفو عَن كَثيرٍ﴾.


- وهذا ربنا سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم مبينًا أنه لا بد من العباد أن يرجعوا إليه ليكشف عنهم ما بهم: ﴿لَيسَ لَها مِن دونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ﴾… فلا يكشف همومنا وغمومنا، وما نزل بنا من مصائب كانت خاصة أو كانت عامة، كانت كبيرة أو كانت صغيرة، كانت ما كانت إلا الله سبحانه وتعالى فهو الذي يرفع الهموم والغموم، والكروب والأحزان، والأمراض والآلام، والأسقام والفقر، والفتن والدمار، وكل هذا بكله إنما يرفعه الله سبحانه وتعالى عنا بأسباب نفعلها نحن، كما أننا سببنا بعدم نزول الرحمة من ربنا سبحانه وتعالى على قلوبنا.

فأيها الإخوة، فالتوبة واجبة على كل مسلم ومسلمة؛ فلقد قسم الله سبحانه وتعالى الناس فقال: ﴿وَمَن لَم يَتُب فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمونَ﴾ فكل مسلم بين خيارين إما تائب، وإما ظالم، فإما تائب مقبل على ربه، وإما ظالم بعيد عن مولاه وحبيبه.

- ألا فواجبنا أن نعود، وأن نرجع نؤوب، وإذا كان هذا الواجب حتميًا في كل يوم فهو أوجب ما يكون في الأزمنة الفاضلة، والأيام المباركة ونحن ندخل في شهر رمضان المبارك إن دخلنا وإلا فلعلها تكون آخر جمعة لنا في زمن الإمهال، بل لعلها تكون آخر ساعة في حياتنا، فلا ندري ما الذي يحصل بعدها، ولا يعلم ذلك إلا ربنا سبحانه وتعالى ﴿ وَما تَدري نَفسٌ ماذا تَكسِبُ غَدًا وَما تَدري نَفسٌ بِأَيِّ أَرضٍ تَموتُ إِنَّ اللَّهَ عَليمٌ خَبيرٌ﴾…

- وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:

*❈- الحساب الرسمي الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص الاحتياطي فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty3
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.com
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر (إكس):*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص تليجرام:*
https://t.me/alsoty
*❈- مجموعة #يستفتونك اطرح سؤال تليجرام:*
https://t.me/alsoty11
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A
...المزيد

*بين أبرهة الحبشي وأبرهة الأمريكي* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد ...

*بين أبرهة الحبشي وأبرهة الأمريكي*

#خطب_مكتوبة

👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/2xrPoyG95SM?si=qZ2VqKuI215DLzVM
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير / المكلا / 15/شعبان/1446هـ ↶

👤ـ للشيخ/عبدالله رفيق السوطي.

الخــطبة الأولــى: ↶

ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.

أمــــــا بــــعـــــد:

- فنعيش اليوم وكأنّنا في غابةٍ كبيرة مستأسدة متوحّشةٍ، لا تعرف صغيرها من كبيرها، لا تعرف المريض والهزيل والضعيف منها، ولا تعرف الحق ولا صاحب الحق أصلا، ولا تعرف شيئًا إلا نفسها، إلا غطرستها، إلا تجبرها، إلا قوتها، إلا المخالب والأنياب التي تفترس بها، لا تعرف أحدًا، ولا تميز بين حقٍ وباطلٍ أبدًا، بل الكلُّ في نظرها سواء، وذلك الظلم القابع في نفسها أعماها عن كل حقٍ، أعماها عن أن تبصر ما أمامها، أعمى هذه المتوحشة التي تسيطر وتحكم وتبطش وتنهب وتقتل وتفعل ما تشاء، لا ترى غير نفسها…

- وكأنها إبليس في خطابه وتكبره وتجبره ﴿أَنا خَيرٌ مِنهُ...﴾ يجادل رب العالمين سبحانه وتعالى، وبكل بجَاحةٍ، وبكل قبحٍ، وسفهٍ وانحطاطٍ، يجادل ربه من خلقه، ومن أعطاه، وفوق ذلك يقسم ﴿قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغوِيَنَّهُم أَجمَعينَ﴾ يتحدى الله جل جلاله.. ونحن اليوم نعيش عالم الدجّالين إن كان إبليس واحدًا فهؤلاء أبالسةٌ متعدّدون، فهم أكثر كبرًا وظلمًا وغطرسة من إبليس، بل إنّ تخطيطه ووسوسته ليست بشيءٍ أمام ما يفعله اليوم ذلك الخبث الإنساني القابع في نفوس المتكبرين والظالمين، والذين يتسلطون على رقاب الناس بغير حق.

- هذه الغابة المتوحشة أو الأبَالِسَة التي تسيطر على عالم اليوم أخبر عنها نبينا صلى الله عليه وسلم قبل أكثر من ألف وأربعمائة عام وفي حديثٍ صحيح يبين لنا كيف سنعيش في ظلها، وكيف حال المسلم فيها، وعند تسلط الذين سماهم النبي عليه الصلاة والسلام بالتافهين والمرده الفسقة المتجبّرين: "تأتي على الناس سنون خداعات"، فما هي أمارتها وعلامتها؟ وما هي الأشياء التي جعلتها تفوز بلقب الخداعات… "يكذب فيها الصادق، ويصدق فيها الكاذب، ويخوّن الأمين، ويؤتمن الخائن"، ويوسد الأمر إلى غير أهله، "وينطق فيها الرويبضة، قيل: وما الرويبضة يا رسول الله؟ قال: "السفية يتكلم في أمر العامة"، أو في شأن العامة، نعم السفيه يتكلم ويتغطرس على العالم كله وكأنه هو المتحكم في كل شيء فيه، وأنه هو الذي يملك كل شىء عليه، وكأنه الذي خلق الكون، ورزقه، كأنه الذي يقدر أن يبطش، وأن يهلك، وأن يدمر، وأن يحيى ويميت، وأن يفعل ما يشاء بمن شاء!.

- هذه الغطرسة، والتكبر، والتجبر الذي نعيشه
في عالم اليوم هو ما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم بأنها: "سنون خداعات، يكذب فيها الصادق، ويصدق فيها الكاذب" فصاحب الأرض لا أرض له، وصاحب الحق لا حق له ، وصاحب القول لا قول له، وصاحب المال لا مال له، وهكذا كل الحقوق مسلوبة، وكل كرامة مهدورة، وكل دماء فهي مسحوقة…!.

- ولا ينتصر في عالم اليوم المتجبر المتكبر المتغطرس سوى الدول المسيطرة أو الدول العظمى التي تتحدث كذبًا عن الحريات والحقوق، التي تتحدث زيفًا عن المرأة والطفل، التي تتحدث تكبرًا وعتوًا وعلوًا عن أسلحة الدمار الشامل بينما كل هذه الأمور التي تفتعلها وتقول بها، وتسيطر باسمها، هي أكبر وأجرم وأعظم من يفعلها ويرتكبها، وهي أعظم من يبطش بها… إنما هي سياسة ابتزاز…

- كيف للأمم المتحدة ومنظماتها مثلًا أن تحكم العالم باسم الديمقراطية بينما هي التي تمارس الدكتاتورية، والقمع، بينما هي تمارس الظلم، بينما هي تمارس الجبروت فتحكم العالم بكله الدول الخمس باسم إجرامي شيطاني اسمه حق الفيتو أو حق النقض، أو الرفض، والامتناع… ومن خمس دول فقط حتى لو اتفق العالم بكله وخالفت دولة واحدة من هذه الظالمة المجرمة الكافرة التي هي في السنين الخدعات التي يكذب فيها الصادق، ويصدق فيها الكاذب، نعم إننا اليوم أمام رحمة هذه الدول الخمس أظلم وأجرم وأفجر وأكفر من عرفت الأرض…!.
- هذه الدول التي في السنين الخداعات التي فيها صاحب الحق كاذب ولا حق له، ومن له أن يتحدث وأن يقول ممنوع من حديثه، ومن قوله سلاحه طريقه السجن، أو التعذيب، أو السحل، أو الإخفاء، أو الصمت، أو الإطباق عليه بأي شيء من أوامر الإطباق وإغلاق الأفواه…

- صاحب الحق هو الذي يجب أن يسكت، وأن يسلم حقه، وأن يخرج من أرضه وبلده، وأن يسلمه للمتكبر المتجبر الذي يوجد من بين آلاف الأميال مع ذلٍ وخضوعٍ، مع مهلكة تعيشها هذه الأمّة، بل والعالم كله الذي هو ضعيف كذبابة أمام جبل كبير لا يستطيع أن يقاومه، ولا يحس به الجبل أصلًا أين وقع، سواء وقع في أسفله، وقع في أعلاه، وقع في وسطه لا يؤثر على جبل، رغم كل كلماتهم، تصريحاتهم، وأقوالهم، حتى الأوامر التي لا يمكن أن تصدر عنهم ليست لها قيمة…


- وما هذا الذي نراه ونعيشه من امتهان وإذلال لأمتنا إلا لأن الأمة الواحدة التي يجب أن تكون لها القيمة قد تضعضعت، وقد فُرد بكل واحد منها وعبث بها جميعًا، وأصبحت أمتنا بمن فيها وكأن الحق الذي يحملونه هو الباطل الذي يجب أن يسكتوا عنه، وأن يخافوا من قوله، ولا يبيحوا به، بل يجب أن يأتوا صاغرين حقيرين ذليلين للمتجبر المتغطرس وكأن لا ملايين خلفهم فيأتون طائعين صاغرين ذليلين إلى بيت أسود مجرم، قمعي، بلطجي، ظالم، متكبر….

- أليس هذا البيت الذي يسمى بالأبيض من يتحكم في العالم بكله وكيف يشاء، ويفعل ما يشاء، ويرتكب كل جريمة فما الذي فعله في الصومال، وما الذي فعله في أفغانستان، وما الذي فعله في العراق، ما الذي فعله ويفعله في كل يوم في فلسطين الحبيبة، ما الذي يفعله في عالمنا العربي والإسلامي في كل لحظة وساعة، ما الذي يفعله في العالم بكله…

- ما الذي يفعل ذلك المتغطرس الذي اسمه "المنظومة الحاكمة" في الولايات المتحدة الأمريكية التي هي الشيطان الأعظم والأكبر، وهي إبليس الجديد المتحضر الذي يقتل الإنسانية ثم يتحدث عن الإنسانية، الذي يقتل الطفل ثم يتحدث عن حقوق الطفل، الذي يبيد المرأة ثم يتحدث عن حقوق المرأة، الذي يتحدث عن العدالة والمساواة، ثم هو يقوم بإجهاض العدالة والمساواة، هو الذي يتحدث عن الديمقراطية، يمارس الدكتاتورية بل قوة، وبينما الديمقراطية التي يحكم بها إذا خالفت شيئًا من أوامره فإنها تنتهي من لحظتها كالكلبة تأكل أبناءها… لا قيمة حتى لأبنها ما دام وقد خالف مصلحتها…

- إن قانون المصلحة والغاية التي تبرر الوسيلة، هي التي تحكم هؤلاء النتنى الذين وصفهم النبي ﷺ بالسفهاء والتافهين، ثم يتحدثون عن حقوق وحريات ويتذرعون باسمها، ويقولون صباح مساء دون حياء أو خجل.

- إن عالم اليوم لا يحكمه الحق ولا تحكمه القيم، ولا تحكمه شيء من منظومة صادقة وعدالة إنسانية قائمة، ولا أي شيء من ذلك البتة مما يتخيل أو يحلم به في المدينة الفاضلة لأفلاطون أو لأرسطو أو لهؤلاء منظومة الشر الأولى، لا لشيء من ذلك أبدًا…

- إن المنظومة الواحدة التي تحكم عالم اليوم هي منظومة الظلم، هي منظومة الشيطان، هي منظومة الإجرام والبطش والقمع، هي منظومة الغابة، هي المنظومة المستفزة، هي المنظومة المتجبرة التي تحسب نفسها وكأنها الإله الأكبر، وكأنها فرعون هذا العصر ﴿أَنا رَبُّكُمُ الأَعلى﴾، وإن كانوا لم يقولوا ذلك بأفواههم، إنما يُظهرون ذلك من خلال أفعالهم، ويتحدثون عن شيء جميل كحقوق الإنسان ثم يخالفون في كل شيء من أعمالهم، لكنهم يبطشون بكل شيء هو أضغف منهم…

- إننا نعيش في عصرنا جاهلية عمياء بكماء صماء بسبب هؤلاء الأشرار، إنه الضلال المبين الذي وصفه رب العالمين في كتابه الكريم قبل مجيء الرسول الأمين، عليه الصلاة وأزكى التسليم بقوله: ﴿وَإِن كانوا مِن قَبلُ لَفي ضَلالٍ مُبينٍ﴾، وضلال اليوم هو الضلال الذي كان أهل الجاهلية عليه، والذي يعود اليوم بوجه جديد، ووسائل جديدة، واستبداد يعيد ليهيمن على العالم بكله ويقول بلسان حاله وفعاله: أنا وحدي مَن أستحق الحياة، أنا وحدي مَن يستحق العيش، أنا وحدي مَن يجب أن يأخذ وينهب، أنا وحدي مَن يسيطر ويأمر وينهى، وأنا وحدي أستطيع إخضاع العالم ولا أخضع، بينما أنتم جميعًا رعاة، ليس لكم قيمة.

- إننا نعيش اليوم جميعًا تحت قوتين متغطرستين ، نترنح مرة نحو روسيا وأخرى نحو أمريكا، إما بين قوة متحاربة متقاتلة بسلاح وفوهة دمار وقتل ومحرقة وإبادة، إما حرب باردة، أو حقيقة، أو تهديدية بدمار شامل يهددون به صباح مساء، ويملكونه ويسيطرون عليه، بل يغزون كل دولة تمتلكه كالعراق الذي فُعل به ما فعل، وأهلكوا قرابة ستة ملايين من أبنائه، إما قتل، وإما جراحة، وإما اختطاف، ومهلكة، ولا زالت مأساة العراق وغيره ما وجد الشر فيها الشر الإيراني أو الشر الأمريكي، أي واحد من الشرين.
- أما الشعب الفلسطيني الأبي شعب الحق والقوة، شعب الإرادة والعزيمة، شعب الجهاد والاستشهاد، الشعب الذي ما عرف إلا باسم الملك والحق والظهور، ما عرف إلا باسم العظمة، والعزة، والإباء، لا ويقبل الأفكار العفنة، ولا لتهجير البلطجي القسري لأجل سياسة الهيمنة، مع أن دعوات التهجير الرعناء غير متحققة أصلاً، لا عقلاً ولا نقلاً ولا أرضاً ولا أمراً، ولا ابتزازًا ولا قوة، ولا دمارًا… ولا شيء من ذلك إنما هي فضفضات سياسية هوجاء عوجاء بكماء صماء واستفزاز، وتكبر وتجبر وفرعونية جديدة ﴿أَنا رَبُّكُمُ الأَعلى﴾، أنا المسيطر الأوحد الذي آمركم أن تعطوني ما شئت، وأترك لكم ما شئت، أن أخذ ما شئت، وأترك ما شئت، أن أفعل ما أشاء، وأنتم تسلّمون لي، أو تعطونه لغيري.

- إنها أمريكا الظالمة المجرمة القاتلة الشريرة المتكبرة أصل الشر ومكمنه وإن ظهرت في نغماتها على غير ذلك، ولكنها هي نفسها من تبييد بيد، ثم تحكم بقوة بيد، من تهلك بيد ثم تقول عكس هذه الخطابات، من تدمر الإنسانية، ثم تتحدث عن شيء اسمه الإنسانية، تقتل الأطفال والنساء، وتدمر البيوت، وتمارس حرب إبادة، ثم تنهى عن ذلك كله…

- وكأن هؤلاء لم يعلموا أن أممًا قبلهم قد بادت، وأن أرواحًا قبلهم قد انتهت، وأن حضارات كبرى قد قامت وزالت، وأن أولئك قد حكموا ثم ماتوا، وأن أولئك قد كانوا ثم فنوا، أين عاد، وأين ثمود، وأين قوم لوط، وأين فرعون، وأين جنوده، وأين جيشه، وأين مملكته، وأين غطرسته، أين ألوهيته، وأين تحكّمه، وأين تجبره، وأين قوله وهو يقول لأهل مصر مهيمنا: ﴿ أَنا رَبُّكُمُ الأَعلى﴾، وهو يقول لهم أيضاً ﴿وَنادى فِرعَونُ في قَومِهِ قالَ يا قَومِ أَلَيسَ لي مُلكُ مِصرَ وَهذِهِ الأَنهارُ تَجري مِن تَحتي أَفَلا تُبصِرونَ أَم أَنا خَيرٌ مِن هذَا الَّذي هُوَ مَهينٌ وَلا يَكادُ يُبينُ﴾، فهو وحده الذي يستطيع الحديث بينما موسى هو المَهين الذي لا ينطق وليس بمبين… وهذه هي قدراته التي يحكم بها ويصلح أن يكون إلها في نظره الملك، والأنهار، والقصور، والمنطق الجميل هذه مؤهلاته للحكم كما هو منطق أمريكا اليوم… لكن في الأول والأخير ذهب وانتهى وأصبح للعالمين عبرة فأين فرعون، أين ذلك البطاش السفاح المتجبر المتغطرس القاتل، أين هو اليوم؟ إنه جثة هامدة ورفاة باقي للعالم ليشهد، وتشهد أمريكا وروسيا والأمم المتحدة أنها منتهية كما انتهى: ﴿فَاليَومَ نُنَجّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكونَ لِمَن خَلفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثيرًا مِنَ النّاسِ عَن آياتِنا لَغافِلونَ﴾.. وكم أتمنى يومًا لو يستضاف فرعون في الأمم المتحدة لينظر العالم إليه بكله، على أن العالم ذلك الذي يتكبر سينتهي..

- وأخيرًا كعبرة للمعتبرين وعظة للمتعظين أتحدث عن أصحاب الفيل الذين انتهوا عما بعيد، وسينتهي هؤلاء عما قريب كما حدثنا ربنا عنهم في القرآن الكريم فقد ذكر أن أبرهة بفيله وجيشه أراد أن ينهي قدسية الكعبة المشرفة ويهدمها ويلفت نظر الناس إليه وقليسه الذي بناه وشيده وهي قصة أمريكا اليوم التي تريد أن تأخذ قدسنا الحبيب، وأقصانا الأسير، وتعطيه لليهود المحتلين الغاصبين السفاكين لكن كما لم يتحقق لأبرهة مراده في هدم الكعبة بل انهدم وانهزم وجيشه وأرسل عليهم طيرًا أبابيل من سمائه فهؤلاء سينتهون وينهزمون ولن يحققوا مرادهم البتة، وسيتولى الله انتقامه للقدس والأقصى ودماء المستضعفين في غزة العزة، وفلسطين الحبيبة مهما طال الوقت أو قصر…

- فكما انتهى أبرهة الحبشي سينتهي أبرهة الأمريكي، كما زالت غطرسة أبرهة الأشرم ستنتهي غطرسة أبرهة الأصفر، كما هلك جيش أبرهة سينتهي جيش ترامب ومن معه، كما ذهبت قوة أبرهة ستنتهي قوة أمريكا بإذن الله، وبمجرد سعي أبرهة للهدم انتقم الله منه وبدولته التي زالت بعده فبمجرد سعي المعتوه ترامب بتصريحاته لتهجير الفلسطينيين سينتهي بإذن الله ودولته… وذلك كائن بإذن الله لا محالة، وقد تحدثت في خطبة سابقة عن بوادر بداية الحرب الأهلية الأمريكية بإذن رب البرية… ﴿أَلَم تَرَ كَيفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصحابِ الفيلِ أَلَم يَجعَل كَيدَهُم في تَضليلٍ وَأَرسَلَ عَلَيهِم طَيرًا أَبابيلَ تَرميهِم بِحِجارَةٍ مِن سِجّيلٍ فَجَعَلَهُم كَعَصفٍ مَأكولٍ﴾…


- لكن قبل أن ينتهي أبرهة كان هناك في طريقه ما يسمونه بالرغاليين إنه أبو رغال الذي دلّه على طريق مكة، وعلى الطريق المختصرة من اليمن إلى قبيلة ثقيف إلى مكة فباء بسوءتها أبو رغال وأهلكه الله في منتصف الطريق فرجم قبره العرب بعد ذلك، ولكن اليوم الرغاليين كثير، وأولئك الذين يدلّون على الطريق ويعبدونها لليهود والأمريكان ليسوا بقليل في عالم اليوم، في عالم التآمر والتخاذل والجبن، في عالم الذل والخنوع، في عالم بيع الحق، وفي عالم التنازل عن الأرض، وفي عالم العمالة، وفي عالم الابتزاز، يمكن أن يسلم العرض والأرض، يمكن أن يسلم كل شيء لأجل أن يبقى حاكمًا لكن أبشر كل الرغاليين بهلاك في منتصف الطريق كما أهلك الله أبا رغال…
- إن الرغاليين الذين دلوا أبرهة على طريق مكة هم اليوم ك يعبدون من دون الله منذ أكثر من 75 سنة بما تسمى بدولة إسرائيل، والتي تنازلوا عن فلسطين كلها، وتنازلوا عن القدس بما فيها، وأصبحوا لا يطالبون إلا بالقدس الشرقية بكل ذل وخضوع، بدولة فلسطين على حدود 67، والقدس الشرقية عاصمة لها، والإجماع قائم عليه، عربهم وعجمهم، مسلمهم وكافرهم، الجميع على ذلك على فلسطين بحدود 67 يعني التنازل عن فلسطين كلها، التنازل عن فلسطين في قدسيتها، التنازل عن فلسطين بكل شيء فيها، التنازل عن فلسطين من حدود 67 حتى حدود 2025 بكل برودة وبكل تساهل وجبن وتخاذل وعمالة وذل…

- لكن عالم الغطرسه، وأبرهة اليوم المتكبر لا يرتضي بهذه التنازلات، لأن من تنازل عن القليل سيتنازل رغماً عنه بالكثير، وفعلاً، اليوم نسمع بالتهجير لسكان غزة، وأما الضفة فهي في جيب نتنياهو؛ لأنها في جيب نتنياهو الصغير أبو مازن…

- لكن الأمل باق فإن تخلى عنها أهلها فإن الله لن يتخلى عن مقدساتنا وعن أرضنا وعن أمتنا. ولقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم، ومبلِّغًا لنا: "أمتي عصمها الله من أن تجتمع على ضلالة" وهي روايات متعددة للحديث بلغت حد التواتر.

أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ..

الــخـــطــبة الثانــــية: ↶

ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:

- فإن واجب الأمة اليوم أمام ما يراد لها ويراد عليها أن تستيقظ أكثر مما استيقظت من قبل، وأن تعرف أن الخطر الداهم أكبر وأجل مما تتصور، وأن ما تبديه أفواههم هو قليل جداً، قليل مما تخفيه نفوسهم ولقد قال لنا ربنا سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ..﴾ لكن بشرنا بقوله مطمئنًا:﴿ قُل موتوا بِغَيظِكُم...﴾ [آل عمران: ١١٩]. وسيموتون بغيضهم ولن تنتصر إرادتهم ولو لم يبق منا رجل واحد.

- وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:

*❈- الحساب الرسمي الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص الاحتياطي فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty3
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.com
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر (إكس):*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص تليجرام:*
https://t.me/alsoty
*❈- مجموعة #يستفتونك اطرح سؤال تليجرام:*
https://t.me/alsoty11
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A
...المزيد

*كيف.تستقبل.رمضان.cc* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي. عضو الاتحاد العالمي لعلماء ...

*كيف.تستقبل.رمضان.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A 🕌🕌🕌🕌🕌
*📆 تم إلقاؤها بمسجد بانوير المكلا شحير: 22/شعبان /1443هـ.*

الخــطبة الأولــى: ↶

ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.

أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- فقد جرت حكمة الله جل جلاله، أن يفضل ما شاء، بما شاء، وكيف شاء، وفي الوقت الذي يشاء، هذه حكمة الله عز وجل: ﴿وَرَبُّكَ يَخلُقُ ما يَشاءُ وَيَختارُ ما كانَ لَهُمُ الخِيَرَةُ﴾، فهو الذي يختار جل جلاله بما شاء، وكيف شاء، ولهذا تجدون أن الله عز وجل قد فضّل من البقاع مكة المكرمة على سائر البقاع، ومن البشر فضل الأنبياء، ومن الأنبياء الرسل، ومن الرسل فضل أولي العزم، ومن أولي العزم فضل نبينا صلى الله عليه وسلم، وأيضًا من الأزمان لقد فضل الله عز وجل أزمانًا على أزمان حتى في اليوم الواحد؛ فقد فضّل السحر على أربع وعشرين ساعة تمر خلال اليوم والليلة، وفضّل الجمعة على الأسبوع، وفضل من السنة شهرًا قادم إلينا، ضيف زائر من الله عز وجل لنا، ضيف نازل بوادينا، ضيف حبيب إلى ربنا، من أحسن ضيافته، وأحسن استقباله عاد إلى الله مادحًا له، مثنيًا عليه، شاكرًا له ثم سيكرمه ربه جل وعلا الذي أرسله، و:﴿هَل جَزاءُ الإِحسانِ إِلَّا الإِحسانُ﴾، فمن أحسن استقبال رمضان أحسن الله إليه، ومن أجزل ضيافته أجزل الله عطيته، ومن أحبه أحبه الله، وعلى قدر الضيف يكون الاستعداد فكيف والضيف هو ضيف إلهي، ورحمة سماوية، ومنة ربانية، فهل قدرناه حق قدره، وعرفنا منزلته عند ربه، وعظمناه كما هو الواجب علينا تجاهه…!.

- هذا الشهر بمثابة جامعة كبرى لأنواع الخيرات، وأعظم الكرامات، وأجزل الأعطيات، لقد جعله الله عز وجل جامعة مانعة شاملة فيها يجد المؤمن الذي يريد الله والدار الآخرة، كلما يريد من كرامات وهبات، المؤمن الذي يريد أن يقطع مسافات كبرى إلى ربه، المؤمن الذي يريد أن يختصر بونا شاسعًا وزمنًا كبيرا بينه وبين مولاه، إنه محطة إلهية، ومدرسة عظمى لا مدرسة بشرية، ولا مدرسة دنيوية، بل هي نفحة إلهية ربانية سماوية، أرادها الله و:﴿إِنَّما أَمرُهُ إِذا أَرادَ شَيئًا أَن يَقولَ لَهُ كُن فَيَكونُ﴾، جعل فيها ما جعل، أعد فيها ما أعد، فضلها بما فضل، إنه رمضان..: ﴿شَهرُ رَمَضانَ الَّذي أُنزِلَ فيهِ القُرآنُ هُدًى لِلنّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الهُدى وَالفُرقانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهرَ فَليَصُمهُ وَمَن كانَ مَريضًا أَو عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِن أَيّامٍ أُخَرَ يُريدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسرَ وَلا يُريدُ بِكُمُ العُسرَ وَلِتُكمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُم وَلَعَلَّكُم تَشكُرونَ﴾.

- هذا الشهر الكريم الذي ما إن يدخل حتى ينادي مناد من السماء من قِبل الله عز وجل أن: "يا باغي الخير أقبل"، تعال، اقدم على ربك، ائت إليه، تضرع بين يديه، اقبل على ربك عز وجل ليقبل الله عليك، "ويا باغي الشر أقصر" خفف، هون، احترم، تأدب، قدّر؛ فأنت لا تقدر غير الله، أنت لا تقصر من ذنوبك ومعاصيك لأحد سوى الله، أنت ملزم من الله بأن تنكسر بأن تخفف بأن تهون، ولهذا ما أن يسمع المؤمنون ذلك الخطاب الرباني بأذان قلوبهم إلا وتجد المساجد مكتظة بالمصلين، وتجد الناس تغيرت قلوبهم، وأذعنت أرواحهم لربهم، وخشعت أصواتهم لخالقهم، وصامت بطونهم لمولاهم، وفاضت أعينهم لمليكهم، وسجدت جباههم لفاطرهم، وأصبحوا يتركون كثيراً من أعمالهم وأشغالهم تلقائيًا، يحبون المساجد، يقبلون على القرآن، يقومون، يصومون، يتلون، يرتلون، يسبحون ويستغفرون، ويقدمون ما يقدمون، كل ذلك استجابة لنداء الرب جل جلاله، شاءوا أم أبوا، لستجابة لذلك النداء الإلهي: "يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر"، يا من تريد الخير، إنك في شهر رمضان شهر معظم، شهر مفضل، شهر مبارك، لا من أحد بل من الله عز وجل الواحد الأحد…
- وإن من أعظم تفضيل في هذا الشهر أن فيه ليلة هي خير من ألف شهر، هي خير من عمر إنسان بكل سنواته، بكل لحظاته، بكل ثوانيه، ليلة واحدة تختصر للمؤمن سنوات، بل عشرات السنوات، ما أجمل ذلك! ما أعظم هذا!، ما أجمل وأرق هذا: أن يُقبل مسلم على ربه في ليلة واحدة وكأنه عبد الله في قرابة أربع وثمانين سنة، ما أعظم وأفضل وأجل وأجمل عطية هي عطية الله الذي يعطي بلا حساب، وإن لربكم كما في الحديث الذي حسنه الألباني: "إن لربكم أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لنفحات الله؛ فإنه من تصيبه نفحة من نفحات الله لا يشقى بعدها أبدا"، لا شقاء لا في الدنيا ولا في الآخرة، خير بركة سعادة صحة طول عمر أولاد رزق مال بنون كل شيء يريده ذلك الإنسان، لا يشقى فيه أبدا، {وَلَم أَكُن بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا﴾، لا يشقى لا في طلب دنيا ولا في طلب آخرة، لا يشقى مع الله، ﴿وَمَن أَعرَضَ عَن ذِكري فَإِنَّ لَهُ مَعيشَةً ضَنكًا وَنَحشُرُهُ يَومَ القِيامَةِ أَعمى﴾، لكن هذا لم يعرض عن الله بل أقبل على الله في وقت القبول، أتى إلى الله في وقت الصدق، دخل على الله في وقت النفحات، أقبل على الله في وقت البركات، وأي ذلك أعظم من ليلة خير من ألف شهر: ﴿لَيلَةُ القَدرِ خَيرٌ مِن أَلفِ شَهرٍ﴾.

ـ هذا هو الإنسان الذي عظم شعائر الله: ﴿ذلِكَ وَمَن يُعَظِّم شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِن تَقوَى القُلوبِ﴾، {وَمَن يُعَظِّم حُرُماتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيرٌ لَهُ عِندَ رَبِّه}ِ، وإن من أعظم وأجل حرمات الله وأعظم وأجل شعائر الله هو شهر رمضان، فمن فضّله فإنه يفضلّ ما فضّل الله، من عبد الله فيه فإنه يتقرب إلى الله في أفضل الأيام، من أقبل على الله فيه فإن الله يقبل عليه أفضل مما يقبل عليه في غيره، من قدم على اله قدم الله عليه، من تقرب إلى الله تقرب الله منه، من أتى ربه أتاه، وهذا الحديث القدسي في البخاري ومسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم حدث عن ربه أنه قال: "من تقرب مني شبراً تقربت منه ذراعًا، ومن تقرب مني ذراعًا تقربت منه باعًا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة"، هذا ولو كان في غير رمضان فكيف برمضان شهر القبول، إن من أقبل على الله، أقبل الله عليه، وماذا يعني أن يقبل الله على العبد؟ معناه تسخر له الحياة، تسخر له الدنيا، تسخر له مرضاة الله، لا شيء يطلبه من ربه الا ويأتيه، لا مرض ينزل عليه، لا كرب، لا هم، لا غم
لا ألم، لا شقاء لا شيء من هذا يأتي عليه إلا ويُفرج، الا ويرفع، إلا ويتدخل الرب جل جلاله من فوق سبع سماوات ليرفع ذلك عن عبده الصالح: "من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب" كما رواه البخاري.

- إن شهر رمضان شهر قبول على الله، شهر دخول، شهر التسجيل، شهر فتح باب خير للدنيا والآخرة، لسعادة أبدية سرمدية، قادم إلينا أيها الأخوة، ضيف هو أعظم ضيف على الإطلاق على مدار العام، فأقبل على الله؛ فإن الله أفرح بتوبة العبد من أن يفقد إنسان دابته في أرض صحراء قاحلة، وعليها طعامه وشرابه فينتظر تحت ظل شجرة للموت أن يأتيه من الجوع والعطش على تلك الصحراء القاحلة التي لا يوجد فيها أنيس ولا جليس ولا ماء ولا مرعى ولا شيء من ذلك، فتقبل عليه دابته عليها طعامه وشرابه فيفرح أشد الفرح لأنها أعادت إليه الحياة لأنها أقبلت عليه بالدنيا، لأنها أنقذته في أحرج موقف له حتى أنه يخطئ من شدة الفرح ليعبر عن شكره لربه فيقول: "اللهم أنت عبدي وأنا ربك" يخطئ من شدة الفرح كما في البخاري ومسلم، وفرح الله لا حاجة إلينا ولكن رأفة ورحمة بنا، ولطفًا بنا لنقبل عليه…

- رمضان قادم إلينا أيها الأحبة ذلك الضيف الكريم من الله، الذي هو شهر القرآن، ﴿شَهرُ رَمَضانَ الَّذي أُنزِلَ فيهِ القُرآنُ...}، شهر إحياء ميلاد القرآن إن جازت التسمية، القرآن العظيم الذي لو لم يكن لما كنا، ولم يكن نبيه صلى الله وسلم أصلا، ولكنا الآن كما كنا في جاهلية عمياء ظلماء صماء بكماء لا تحسن شيئًا أبدا، لما كنا الا كما كنا في تناحر وتخاصم وشقاق ما عرفنا الله ولا عرفنا غير نعجتنا وغير مائنا وسقائنا وخيمتنا، أعراب أجلاف بدو رحل لا يعرفون ربًا، ولا يعرفون دينًا، ولا يعرفون شعيرة، ولا يعرفون شيئًا من ذلك حتى جاء القرآن، وفي كل عام يأتي القرآن متجدداً مُجدداً لتلك الأيام الخالية: ﴿شَهرُ رَمَضانَ الَّذي أُنزِلَ فيهِ القُرآنُ...}، إحياء، مدارسة، تعبداً، قراءة، وترتيلاً، أيضًا عملاً وهو الأهم وفي الصحيح: "من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، لا أقول ألف لام ميم حرف، بل ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف، والحرف بحسنة، والحسنة بعشر أمثالها إلى سبعين ضعف إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة والله يضاعف لمن يشاء"، بل في البخاري ومسلم يستثير النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة بسؤال: "أيحب أحدكم أن يغدو إلى العقيق أو إلى بطحان فيأتي منه بناقتين كوماوين زهراوين من غير إثم ولا قطيعة رحم"، وهن أجمل نوق العرب، كآخر موديل من سياراتنا الآن، والعقيق أو إلى بطحان مسافة أمتار يخرج من بيته إليها ثم يعود فيأتي بسيارتين كأفخم أنواع سياراتنا الآن، قال الصحابة: كلنا يحب ذلك يا رسول الله قال: " لأن يغدو أحدكم إلى المسجد فيقرأ أو يعلم آيتين من كتاب الله خير له من ناقتين وثلاث، خير له من ثلاث وأربع خير له من أربع، ومن أعدادهن من الإبل"، فبقدر قراءتك لآيات كتاب الله في مسجدك، تكون الفضائل والمكرمات لك، والعطايا الجسام، والهبات والمنح من الله لا من الناس…

- قادم إلينا رمضان وهو شهر الصبر و: {إِنَّما يُوَفَّى الصّابِرونَ أَجرَهُم بِغَيرِ حِسابٍ﴾.

- قادم إلينا رمضان وهو شهر القيام، "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه"، والحديث في البخاري ومسلم وزاد البخاري: "ما تقدم من ذنبه وما تأخر".

- قادم إلينا شهر رمضان شهر الصوم و: "من صام يومًا في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفًا" أي سبعين سنة كما صح عنه صلى الله عليه وسلم.

- قادم إلينا شهر رمضان شهر التراويح: "ومن قام مع إمامه حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة' كما في صحيح مسلم.

- قادم إلينا شهر رمضان شهر المغفرة، وفي المتفق عليه; "ورمضان إلى رمضان كفاراتٌ لما بينهن إذا اُجتنبت الكبائر"، و:"رغم أنف من أدرك رمضان ثم انصرم ولم يغفر له"، و: "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه" متفق عليه.

ـ قادم إلينا شهر باب الريان: " إن في الجنة بابا يقل له الريان يدخل منه الصائمون لا يدخل منه غيرهم" متفق عليه.

ـ قادم إلينا شهر الأخلاق، والكف عن القيل والقال، وغشيان الحرام، وفي الصحيح: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"، وفي آخر: "فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد فليقل: "إني صائم، إني صائم، إني صائم".

ـ قادم إلينا أيها الأحبة شهر إجابة الدعاء وفي الصحيح: "للصائم دعوة لا ترد".

- شهر رمضان ذلك القادم إلينا ببركاته ونفحاته وعطاياه هو شهر الإقبال على الله بكل ما تعنيه الكلمة من إقبال، شهر النوافل، شهر الفرائض وفي البخاري: "ما تقرب إلي عبدي بأحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي"، وهنا اللغز الذي يجب أن يُتداول في رمضان، أما الفرائض فكلنا إن شاء الله مؤديها إن لم يكن بنسبة ساحقة بالمئات فيكون بالتسعينات من الناس لكن الأهم هو تكملة الحديث: "وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فأذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به"، ما اعظمها! ما اجملها! الله عز وجل تسمع بسمعه، وترى برؤيته، وتمشي كذلك وتنطلق وكل شيء، "وما تقرب إلي عبدي بأحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فأذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه"، نون توكيد المثقلة المشددة لأعطينه، "ولأن استعاذني لأعيذنه"، حاز جميع الفضائل في الدنيا و الآخرة، وانتهت وزالت وابتعدت تلك المكروهات عنه وفي الدنيا وفي الآخرة، بتقربه إلى الله، ومن لم يقترب من الله في رمضان فلن يقترب من الله في غيره، من لم يقبل على في هذا الشهر الكريم فلا تنتظر منه أن يقبل عليه في غيره، من لم يعرف الله، من لم يتعرف على الله، ومن لم يزدد من النوافل في رمضان فلا تنتظر له في غيره، من لم يعبد الله، من لم يعرف مساجد الله، من فاتته تكبيرة الإحرام، من لم يقرأ القرآن، من لم يعمل بأحكامه، ويرتل آياته، ويستمتع بخطابه، ويتذوق حلواته في رمضان فمتى، من لم يفعل هذا ولا ذاك في رمضان فبعيد محال عادة أن يقبل على الله في غيره؛ لأنه شهر هيأه الله بكل المهيئات، حتى أنه قيّد الشياطين، وأغلق باب النيران، فتح باب الجنان، وهدى القلوب إليه، وحبب طاعته لها، ويسر مرضاته لأصحابها، فإنسان لم يقبل على الله وهذه الأمور موجودة لن يقبل على الله ما دام وأنها معدومة، أقول قولي هذا وأستغفر الله…

ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶

ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…

- إن شهر رمضان أكثر من أن نتكلم عنه، وأكثر من أن نحدثكم به، وأكثر من أن نححي ما فيه من فضائل ومكرمات، ولكن أيها الاخوة ساعات قليلة تفصلنا عن هذا الشهر الكريم، ألا فالله الله في الإقبال على الله، في الإتيان بكل طاعات الله نستطيعها، في الاقتراب أكثر وأكثر من الله، في الفوز بهذه البركات والنفحات، بأن لا تفوتنا هذه الفضائل والمكرمات، الله الله بأن نأتي إلى مساجد الله، نقرأ آيات الله نرتل ما فيها نعلم ما فيها، الله الله في أن نستغل أوقات رمضان فيما فيه خير، الله الله لا تفوتنا تلك الفرصة السانحة التي لا تعوض، الله الله في أن نعرف قدر رمضان نقدره حق قدره، ونعرف عظمته، أن نحافظ على هذه الأمانة الكبرى، وهذه الشعيرة العظمى التي وهبنا الله عز وجل إياها، أن نرعاها حق رعايتها، الله الله لأن نستغل ليله ونهاره، وأن نحصن أنفسنا ألسنتنا أسماعنا لنتخلق بأخلاقه، أن نتخرج من هذه الجامعة الإلهية بأعظم الأوسمة…

- رمضان قادم إلينا فلنقدم عليه اولاً بقلوبنا، لنقدم عليه بقلوب طاهرة صافية ناوية للخيرات، تريد الخير تقبل على الله، وتطلب منه أن يوفقها لخيراته: ﴿ إِن يَعلَمِ اللَّهُ في قُلوبِكُم خَيرًا يُؤتِكُم خَيرًا مِمّا أُخِذَ مِنكُم وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾، وإياك لنحذر جميعًا من أن نكون من أولئك الناس الذين تقبل عليهم الأيام والليالي والمكرمات فلا يبالي بها وكأنها غير موجودة، وأولئك يصدق عليهم قول الله تبارك وتعالى: ﴿ وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتنَتَهُ فَلَن تَملِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيئًا أُولئِكَ الَّذينَ لَم يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلوبَهُم لَهُم فِي الدُّنيا خِزيٌ وَلَهُم فِي الآخِرَةِ عَذابٌ عَظيمٌ﴾، نعوذ بالله من ذلك، أولئك أناس حرمهم الله، أشقاهم الله، أعماهم الله، ثقلت عليهم الخيرات، اشتدت عليهم، صعُبت، رأوها بعيدة محالة كبيرة لا يمكن أن يقربوها بينه وبينها مسافات شاسعات لا يستطيعون الوصول إليها، أما الحرام فليس بينهم وبينه شيء، بل هو قريب إليهم، حبيب إلى قلوبهم، ما إن يريدوه حتى يهتكوه، ما أن يطلبوه حتى يأتوه، ما أن يفكروا فيه حتى يروه أمامهم، ذلك إنسان محروم، إنسان بعيد، إنسان شقي، إنسان لا ينظر بنظر الله، لا يرى بنور الله، لا يسمع بسمع الله، إنسان يسمع بسمع الشيطان، يرى بالشيطان، ينطلق مع الشيطان، أعرض عنه الرحمن وتولاه الشيطان: ﴿وَمَن يَعشُ عَن ذِكرِ الرَّحمنِ نُقَيِّض لَهُ شَيطانًا فَهُوَ لَهُ قَرينٌ﴾.

- وأخيرًا: أنت بين خيارين، خاصة في شهر رمضان بين خيارين إما أن تكون في صف الرحمن، وبالتالي أنت تقبل على الله بأنواع الطاعات، أو أن تكون في طريق وسبيل وطاعة الشيطان وبالتالي ويل لك ثم ويل لك…
صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:

- *للاشتراك في قناة *الشيخ/عبدالله رفيق السوطي ، على الواتساب.*

*للاشتراك↓👇*
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A

*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
...المزيد

أما.آن.الأوان.لنغار.على.دين.الرحمن.cc.* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد ...

أما.آن.الأوان.لنغار.على.دين.الرحمن.cc.*

#خطب_مكتوبة

👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/Jz_80v8BpYs?si=F1_On4ZasVbp0KCR
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ المكلا / 8 /شعبان /1446هـ ↶
👤ـ للشيخ/عبدالله رفيق السوطي.

الخــطبة الأولــى: ↶

ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.

أمــــــا بــــعـــــد:

- ففي ظل توسع الباطل وانتشاره، وانتفاخه وتكبّره، وفي ظل تقزم الحق وأهله، وفي ظل هذا الباطل الذي يعلو ويزبدُ، ويحكم ويسيطر ويقول ويفعل، ما هو واجب صاحب الحق والدين؟ ما هو الواجب لذلك الإنسان الغيور ماهو واجب المسلم عندما يسمع قول الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿وَدَّ كَثيرٌ مِن أَهلِ الكِتابِ لَو يَرُدّونَكُم مِن بَعدِ إيمانِكُم كُفّارًا حَسَدًا مِن عِندِ أَنفُسِهِم ....﴾، وأيضًا: {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً}، ﴿وَلَن تَرضى عَنكَ اليَهودُ وَلَا النَّصارى حَتّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم ....﴾، وفوق هذا: ﴿ما يَوَدُّ الَّذينَ كَفَروا مِن أَهلِ الكِتابِ وَلَا المُشرِكينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيكُم مِن خَيرٍ مِن رَبِّكُم....﴾، حتى الشيء اليسير من الخير فإنهم لا يرتضونه لنا، ولا يحبون أن يكون عندنا، لا منظمات، ولا حقوق إنسان، ولا مساعدات، ولا منح ولا أي شيء كله لذر الرماد على العيون لتحقيق مصالحهم، وابتزاز خيراتك، ونهبك، وغزوك، وسلب دينك، وعقيدتك، وأخلاقك، وأرضك، وخيراتك، هكذا قال ربنا سبحانه وتعالى عنهم في كتابه الكريم: ﴿وَمَن أَصدَقُ مِنَ اللَّهِ قيلًا﴾؟ {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا}، ومن أحسن؟ ومن أصدق؟ ومن أكرم؟ ومن أعز؟ ومن أدق وصفًا وتفصيلًا من رب العالمين سبحانه وتعالى... فمتى يكون للمؤمنين الموقف واليقظة أمام هذه الآيات والواقع الذي يراه محققًا لا شك ولا ريب...

- وفوق ذلك فإنهم يصبرون ويصابرون، وينفقون ويدعمون، يمونون ويبذلون، ويعطون كل شيء حتى إنهم لا ترخص عليهم النفوس أن يقدموها، والأموال أن يبذلونها، والسلطة والملك يمكن أن يتنازلوا عنها لأجل أن ينتشر الباطل، وينهزم الحق: ﴿امشوا وَاصبِروا عَلى آلِهَتِكُم ...﴾، نعم يوصي بعضهم بعضًا أن صابر وتجلد وتحمل لا لأجل شيء بل لأجل الباطل المتمثل بالآلهة، فإذا كان هؤلاء يصبرون لأجل باطلهم، ولأجل الشر الذي يحملونه، ومشعل الضلال الذي ينشرونه...

- فما موقف المسلم أمام ذلك، ما موقف المؤمن وهو يرى هذا الشر يعلو وينتشر، ويمتد ويكثر، فمحرمات تنتشر، وحدود الله تنتهك، والمنكرات تعم، والآمرون بالمعروف يقلون، والناهون عن المعروف يكثرون، ما موقف ذلك المؤمن وما هو واجبه وفي أي صف يكون؟ وكلما ازداد الخطر كان الواجب أكبر وأكثر وأعظم، ولقد صرح الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم، وفي آيات تتلى ولا زال المؤمنون يقرأون هذه الآيات إلى يوم الدين: ﴿يُريدونَ أَن يُطفِئوا نورَ اللَّهِ بِأَفواهِهِم وَيَأبَى اللَّهُ إِلّا أَن يُتِمَّ نورَهُ وَلَو كَرِهَ الكافِرونَ﴾، والأفواه إنما هي لضئآلة ما ينفقون ويعطون ويبذلون أمام قدرة الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذينَ كَفَروا يُنفِقونَ أَموالَهُم لِيَصُدّوا عَن سَبيلِ اللَّهِ....﴾...

- وإذا كان الكفار يتحدون ضدنا لأجل نشر الشر فينا فماذا عنا وما هو واجبنا: ﴿وَالَّذينَ كَفَروا بَعضُهُم أَولِياءُ بَعضٍ إِلّا تَفعَلوهُ تَكُن فِتنَةٌ فِي الأَرضِ وَفَسادٌ كَبيرٌ﴾، هكذا صورها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم، إنها فتنة كبيرة إذا ما انتشر الباطل وانحاز الحق وضعف وذبل، إذا ما كان الباطل يرعد ويبرق وإذا بالحق يخبو ويخفض، ويسكت ولا يتكلم، ولا ينبس بشفاه ولا يكون له موقف مشرف.
- إن الله سبحانه وتعالى ليغار على حرمته، وما من أحد أغير منه جل وعلا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من أحد أغير من الله"، ولذلك حرّم المنكرات المحرمات الفواحش ما ظهر منها وما بطن، إن الله يغار كما في الحديث الصحيح أيضا: "إن الله يغار"، ومن غيرة الله سبحانه وتعالى أن يأتي عبده المؤمن المنكرات والمحرمات، والقاذورات، هذه من غيرة رب العالمين سبحانه وتعالى بأن يقترف المؤمن هذه الموبقات والمحرمات ويقع فيها ويلطخ نفسه بها...

- وإذا كان الأب والأم والحبيب على حبيبه والصديق على صديقه يغار ويحزن عليه إذا رآه في منكر يفعل، أو لمعروف يدع، أفلا يكون هذا لرب العالمين سبحانه وتعالى أن يرى محرمات تنتهك ولا يغير، ولا يرعد ويبرق، ولا يقول ويزمجر، لكن قد يغار ويرعد ويبرق ويهدد ويتوعد ويضرب إذا ما غاب ولده عن المدرسة مثلا أو عن أي شيء من أمور الحياة، أو الموظف تأخر في الدوام أو تلاعب بعد الحضور لكن أن يرى محرمات تنتهك، وأن يرى صلوات تُترك، وأن يرى معروفات لا يبالى بها فلا يحرك ساكنا.

- انظر إلى الكيل بمكيالين حقه لا يفرط فيه، بينما حقوق الله يتساهل فيها، يغار عندما يرى ولده يدخن مثلًا، على أنه لا يخاف عليه لأجل الآخرة ومن نار ومن حرام ومما بعد الدخان مثلا إنما يغار عليه ويخاف لما له من مضرة صحية عليه، ومالية وحياه، تعيسة، لا لأجل أنه حرام، قد ربما يرى ولده وإذا هو هنا وهنا يمشي فيخاف عليه لأنَه ترك باب النجاح والفلاح في الدنيا، لكن لا يخاف عليه ولا يغضب إذا ما رآه يترك الصلاة، أو يقول الحرام، أو يرتكب الحرام، أن يرى ابنته خارجة من بيتها متبرجة فاتنة، أو تضيع وقتها فيما لا يحل لها، أو ربما تنتهك الحرام، إن لم يدافع عنها فإنه يسكت ويتغاضى، ثم ماذا بعده إلا الشرور والحرام والمحرمات تنتهك، فكيف يغار لأجل ولده في أمور الدنيا ثم يتركه يفعل ما يشاء ولا ينكره إن ابتعد عن أمور الآخرة!.

- أولسنا نسمع ونرى من سبِ رب العالمين سبحانه وتعالى جهارًا نهارًا ولرسوله الأمين صلى الله عليه وسلم، وللنصوص الشرعية عامة لكن لا نرى المسلم يندفع غَيرة ليقول للباطل توقف، والسبب أن القلب ميت، القلب منتكس، القلب في وادي عميق، القلب لا يعظم شعائر الله، القلب لا يهمه إلا النفس، القلب لا يهمه إلا الدنيا ومصالحها فتراه يخاف على ماله، يخاف على سلطته، يخاف على هذا وذاك، بينما ما هو لله فلا يبالي به.

- لكن أقول لكل مسلم مختصرًا، وجاهرًا صوتي بها، وأصرخ للعالمين جميعًا: أيها المسلم إن سقط عنك التغيير للمنكرات والمحرمات بيدك، فلا يسقط عنك إن تغيّره بلسانك، فإن لم تستطع فلا يسقط عنك أن تغيره بقلبك، وما من مسلم على وجه الأرض إلا وهو يستطيع أن يغير المنكرات على الأقل بقلبه بأن يكرهها، أن يبغضها، أن يغضب عليها، أن لا يرضاها، أن يواجهها بدعوة سرية، إن لم يستطع جهرية، ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا عُمِلتِ الخطيئةُ في الأرضِ كان من شهِدَها فكرِهَها كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فرضيَها كان كمن شهِدَها"، والحديث حسن.. فهو قريب لكنه لا يرضاها، لكنه يغضب لوجودها، لكنه أبدًا لا يمكن أن يهش ويبش لها، وكلما زاد شعاع الإيمان في قلبه ابتعد عن الحرام بقدر وجوده.

- شعار المؤمن الحق الذي لا يرضا الحرام للأبد: والله لا ينقص الإسلام وأنا حي، هذه حياتك، هذا وجوهر وجودك، ومنطلق توجهك، كان الثوري عليه رحمه الله كما حدث عن نفسه إذا رأيت منكرًا ولم أستطع تغييره فإني أعود إلى بيتي فأبول الدم، حرقة وحسرة على وجودها، ولم يستطع أن يغيرها، وما ذاك إلا لحياة القلب، وبعده عن الذنب، وغيرته للرب، ألا فيجب على المسلم أن يرفض المنكرات ويحذر منها، سواء كان ذلك بکلمة أو بفعل أو بأي شيء يصدر منه وعنه ولو بالقلب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان"، ومعناه أنه يجب على المسلم أن يأخذ موقفًا واضحًا من المنكرات، وأن يرفضها ويحذر منها، وأن يدعو إلى تغييرها وزوالها حتى ولو كان ذلك بقلبه.

- وأما إذا كان المنكر لا يجد من يقول له لا، لا يجد من يقول له اصمت فهي الكارثة العظمى، والداهية الكبرى، ومعناه أن الشر سيتمدد ويعم، ونهلك جميعًا كما قال عليه الصلاة لما سُئل أنهلك وفينا الصالحون قال: "نعم إذا كثُر الخبث"...

- أيها الإخوة، أما بعثت فينا الغيرة تلك الأشلاء والدماء، وعشر الألاف من الجرحى والشهداء، مشاهد والأطفال المقتلة، والنساء المرملة، والأيتام في كل ساحة، وتلك البيوت المدمرة، والفيديوهات المنتشرة، والصور المعلنة.

- أما حركت فينا الغيرة تلك الدول الصليبية الكافرة التي اجتمعت من كل قطر وصوب على إخواننا في غزة العزة؟، وفعلوا ما فعلوا في أرض العزة والكرامة، أبادوا، قتلوا، يتموا، رملوا، قصفوا، دمروا، أهلكوا الحرث والنسل أمام مرأى ومسمع من العالم كله…
- أما حركت فينا الغيرة تلك المناظر البشعة التي تأتي من عدسات صهيونية، وكأنهم فقط يريد أن يحرقوا قلوب المسلمين لكن للأسف الشديد ماتت القلوب، وانتهت الأفئدة، وأصبحت الغيرة ميتة ومنعدمة… وفي خبر كان ولم تعد حتى الآن……

- لقد ذهب ذلك الصوت الندي الشجي، والنداء الخفي… "وامعتصماه"، لقد ذهبت مع المعتصم تلك المرأة التي نادت وصرخت وامعتصماه فيحرك الجيش لأجلها، وينتصر للمرأة وللأمة بأكملها، وأعاد عزة كبرى لأمة محمد صلى الله عليه وسلم قائدها…

- انتهت في زماننا تلك الرسالة التي جاءت صلاح الدين الأيوبي رسالة على لسان المسجد الأقصى، كناطقة باسمه، ومن رجل غيور مسلم شاعر…
يا أيهـا الــمـلـك الذي لمــعالم الصـلبان نكّـس
جاءت إليك ظلامة تسعى من البيت المقدس
كل المساجد طُهِّرتْ وأنا على شـرفي أدنــس

فلم يجامع زوجته بعدها أبدًا، ولم يُر ضاحكًا حتى ولا أي شيء من ذلك مطلقًا؛ لأنه يعلم على أن الواجب عليه قد تحتم، وأن الفريضة لازمة لابد أن يحققها، ولابد أن يطهر هذا المسجد من دنس الغاصبين.

- واليوم يعيث الصليبيون جميعًا ليس اليهود وحدهم بل جميع هؤلاء يعيثون في بيت المقدس فسادًا، وفي بلاد المسلمين دمارًا ويعيثون في سلطات المسلمين وفي أموال المسلمين فسادًا ثم المسلم لا يحرك ساكنًا ولا يغار أبدًا… ولا يقول أيها الباطل يجب أن تتوقف فورًا… لا لا يهمه وإن همه فإنها للحظات ثم تنتهي وتزول وتبيد مؤبدا..

- إن واجبنا نحو الإسلام، وواجب الغيرة عليه يجب أن ترافق كل واحد منا، فتكون في الأب في بيته، والأم في بيت ومال زوجها، والموظف في عمله، والمعلم في مدرسته وجامعته، والطالب بين زملائه، وكل مسلم في بيته، وسوقه، وطريقه، ونومه، وفي كل أوقاته، وفي كل كل مكان وصل إليه فيجب أن ترافقه هذه الغيرة في كل لحظة من لحظاته فيغار على دين الله سبحانه وتعالى ويكون الشعار: "لا ينـقـص الإسـلام وأنـا حـي"، بل يكون الشعار أيضًا: ﴿فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخشَوهُ إِن كُنتُم مُؤمِنينَ﴾، وأيض ﴿وَعَجِلتُ إِلَيكَ رَبِّ لِتَرضى﴾…

- فالإيمان هو الذي ينطلق بذلك المؤمن فيسعى له ثم يغار على حدود الله، وعلى المحرمات، وعلى المنكرات عامة، فلا يراها أبدًا إلا كان ناهيًا، ولا المحرمات إلا كان زاجرًا، ولا لأي شيء يغضب الله جل وعلا إلا كان غاضبًا، وعلى أقل أحواله كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تلقوا أصحاب المنكرات إلا بوجوه مكفهّرة" أي غير بشوشة.

أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ..

الــخـــطــبة الثانــــية: ↶

ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:

- فإن من الغيرة التي لا بد أن نستشعر بها المسلم، وأن تكون ملازمة لنا دائمًا وأبدًا أننا نعظم ما عظم الله، فما كان من حلال فإننا نأتيه ونقتصر عليه، وما كان من حرام فإننا نبتعد عنه، ونتبرأ منه، ولا يمكن أن يرانا الله في معصية، وألا يفقدنا في طاعة، وعلى أقل الأحوال أن نعمل بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما نهيتكم عن شيء فدعوه، وما أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم"، فيترك الحرام عامة، ويعمل بما أمر النبي صلى الله عليه وسلم ما استطاع: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا استَطَعتُم...﴾.

- وإن من ذلك أن يعظم الزمان ونحن في شهر فاضل وزمان مبارك في شهر شعبان الذي هو مقدمة لشهر رمضان لتتهيأ القلوب وتتهيأ أيضًا الأبدان والجوارح فتنطلق إلى شهر رمضان المبارك جاهزة مستعدة وعلى أكمل الاستعداد لشهر الرحمن سبحانه وتعالى.

- ولذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر في شهر شعبان من الصيام، بل وصفته بعض نسائه بأنه كان يواصل شعبان برمضان، ولم يُر صلى الله عليه وسلم في شهر من الشهور صائمًا ما يُرى صلى الله عليه وسلم في شهر شعبان…

- ففي شعبان كان صلى الله عليه وسلم يكثر من الصيام عليه الصلاة والسلام ولما سأله أسامة بن زيد عن كثرة الصيام في شعبان قال: (ذلك شهْرٌ يغْفُل الناس عنْه بيْن رجب ورمضان، وهو شهْرٌ تُرْفَع فيه الأعْمال إلى ربِّ العالمين، فأحبّ أنْ يرْفعَ عملي وأنا صائمٌ)، أخرجه أحمد والنسائي.

- فهو شهر ترفع فيه الأعمال، وتطوى فيه الصحف إلى الرحمن، فما هو واجب المسلم في هذه الأوقات الفاضلة، والأزمان المباركة، وعلى أقل الأحوال إن لم يستطيع أن يصوم كله والصيام أفضل عبادة في شعبان…

- فإن لم يستطع أن يصوم أكثر شعبان فيمكن أن يصوم صيام داود عليه السلام، يصوم يومًا بيوم، فإن لم يستطع فالاثنين والخميس المستحب صومها في كل السنة، فإن لم يستطع فأيام البيض كما أكد النبي صلى الله عليه وسلم على سرر شعبان، لما سأل رجلًا فقال: "هل صمت من سرر شعبان شيئًا"، والسرر هي نصف الشهر، هسام البيض، الثالث والرابع والخامس عشر من شهر شعبان: "هل صمت من سرر شعبان شيء"، - فليكثر المسلم من ذلك، وليكن الصيام والجدول الروتيني؛ لأنه قادم على شهر الصوم، شهر رمضان المبارك، ولا ينبغي له أن يسوي شعبان بغيره من الشهور في الصيام ولا غيره من الأعمال فقد ورد أن السلف كانوا يعكفون على مصاحفهم إذا جاء شهر شعبان…

- وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:

*❈- الحساب الرسمي الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص الاحتياطي فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty3
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.com
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر (إكس):*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص تليجرام:*
https://t.me/alsoty
*❈- مجموعة #يستفتونك اطرح سؤال تليجرام:*
https://t.me/alsoty11
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A
...المزيد

بنود.المؤامرة.على.قدوات.الأمة.cc. #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي ...

بنود.المؤامرة.على.قدوات.الأمة.cc.

#خطب_مكتوبة

👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/dsKwyVV84zQ?si=-u55GWp9ehBLJHGC
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير
اليوم: 1 / شعبان / 1446هـ ↶

👤ـ للشيخ/عبدالله رفيق السوطي.

الخــطبة الأولــى: ↶

ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.

أمــــــا بــــعـــــد:

- فإن من الفطرة التي جُبل الناس عليها، والسجية التي لا بد منها، على أن الإنسان يتأثر بالآخر ويقتدي به، ويسعى لمحاكاته واقتفاء أثره. فترى مثلاً الصغير يقلد الكبير، والمحب يقلد الحبيب، والفقير يقلد الغني، والضعيف يقلد القوي، وهكذا بسلسلة طويلة من الحياة، لأن الناس جبن على تقليد بعضهم، وعلى محاكاة الآخر منهم، فهم يتّأثرون ويؤثّرون، يأخذون ويعطون، يقلِدون ويقلَّدون، فالإنسان بطبيعته كما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم يولد على الفطرة، نعم يولد على الفطرة صفحة بيضاء، أكتب فيها ما شئت، أكتب الجميل والقبيح، الحسن والسيئ، ولخير والشر، فهو قابل لذلك وكل شيء، ثم تكون النتيجة في حياته أيضا على ما زرعت فيه في الصغر تحصد ثمرته" كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه".

- لكن الإنسان ذلك الذي يقتدي، ويتأثر، ويحاكي الآخرين، هو بين خيارين، إما أن يحاكي آخر في سلوكه الحسنة، أو في سلوكه السيئة، في أعماله الطيبة، أو في أعماله القبيحة، في الفاظه وأقواله، وحركاته وسكناته الحسنة، أو بالعكس من ذلك تمامًا: ﴿فَريقٌ فِي الجَنَّةِ وَفَريقٌ فِي السَّعيرِ﴾ هكذا الحياة، ثم يكون كذلك ما بعدها؛ فالنتيجة مباشرة من الحياة إلى الآخرة، وأعماله تحصى، ثم يجازى بها الإنسان، فالإنسان بطبيعته إما يميل إلى هذا، وإما يميل إلى ذلك، قال الله: ﴿أُولئِكَ الَّذينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقتَدِه...﴾ هذا طريق اسمه طريق الخير، طريق الهدى والصلاح، ﴿لَقَد كانَ لَكُم في رَسولِ اللَّهِ أُسوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كانَ يَرجُو اللَّهَ وَاليَومَ الآخِرَ ...﴾، وأيضًا ﴿لَقَد كانَ لَكُم فيهِم أُسوَةٌ حَسَنَةٌ...﴾. وبالعكس من ذلك أيضًا في الجانب المقابل هنا طريق الخسارة، طريق الغواية، أو فريق النار لا الجنة: ﴿وَجَعَلناهُم أَئِمَّةً يَدعونَ إِلَى النّارِ ...﴾.


- إنهم دعاة على أبواب جهنم، يدعون الناس إليها، ويقذفونهم فيها طوعا وكرها، مرة بلهو، ومرة بعبث، ومرة بضحك، ومرة بمال، ومرة بمنصب، ومرة بفكر قبيح، ومرة بهذا وذاك، تتنوع الأساليب، والوسائل، خاصة أمام النار التي حُفت بالشهوات فيتقاذف الناس في هذه الشهوات: { إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ}، أو أن يكونوا في جنة عرضها السماوات والأرض، ولكن الثمن غال ونفيس؛ إذ يصل لمحاربة الهواء، ومحاربة النفس الأمارة بالسوء، ومحاربة الميلان إلى الطرف الآخر الذي فيه الهوى والشهوة والرغبة، ومتاع الحياة الفانية، والمتع الزائلة، وما تشتهيه النفس الأمارة، وهي (الجنة) حُفت بالمكاره كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "حُفت الجنة بالمكاره، وحُفت النار بالشهوات" .

- فالمسلم والإنسان عمومًا بين خيارين في أمر ما أتحدث عنه التي هي القدوة في هذه الخطبة الإسعافية، وفي الأزمة الطاحنة التي تعيشها الأمة اليوم، والتي لا شك ولا ريب أُصبنا بها، وانغمسنا فيها، وصرنا في وسطها لا ندري إلى أين نتجه، ومن نقلد، وعلى من نتعرف، بل قد تجد إنسانًا عندما تحدثه عن الدليل من القرآن والسنة، ومن أقوال علماء الأمة يحتج لك وبكل سهولة: يا أخي كل الناس يفعلونه، خلينا نضرب مثلًا مثلا واعتذر عنه، حلق اللحية، لو قلت له النبي صلى الله عليه وسلم يقول كذا، والقرآن يقول كذا، يقول الناس كل الناس يحلقون لحاهم يا أخي هل كلهم يدخلون النار، وانظر كيف يتهمك أنك حكمت عليه بالنار بالرغم لم تقل لكن يعظم نهيك، وكذلك مثله الدخان ، الرشوة....فأصبح ذلك المسلم في فوضى؛ إذ أن القدوة التي أمامه، والتي ترتسم في ذهنه هي قدوة ساقطة مليئة بالسيئ، ومخالفة الشرع فيريد أن يكون الشرع معهم، ويلاحق هواهم، إلى أين يتجه وكيف يتخارج.

- ما الذي أوصلنا إلى ذلك، وكيف وصلنا أقول: إن الغرب لما علم على أن الإسلام بقدراته العملية الكثيرة عبر التاريخ، وأهمية هذه القدوة وحساسيتها جدًا فعمدوا إلى هذه القدوات الإسلامية فأسقطوها بمنهج وخطة كبيرة عريضة، أحدثكم عن خطة نشرت في العام 2005 م لمؤسسة راند، مركز التخطيط الاستراتيجي الأمريكي، صانعة القرار في هذا الجانب الأول والوحيد في أمريكا، والتي تسعى إلى أمركة العالم بكله إنها هذه المؤسسة التي لا سياسة تمضي إلا عبرها، وبعد دراسات مؤصلة من علمائها، فنشرت هذه المؤسسة في صفحات طويلة في العام 2005م الخطة القادمة لأمريكا حتى تحكم العالم وتسيطر عليه بثقافتها، وبمالها، وبقوتها، وبغطرستها، وحتى بقتلها ودمارها وبطشها ونهبها...

- فهذا التقرير لمؤسسة راند يقول: يجب على الإدارة الأمريكية أن تركز على إفساح المجال، نعم افساح المجال لما سمته الإسلام الديمقراطي المدني، يعني (الإسلام الأمريكي)، نعم الإسلام الديمقراطي المدني، ومحاربة المتطرفين وإقصائهم، جاء في تعريف المتطرفين على أنهم كل من يطالب بحكم الشريعة، حتى ولو كان مسلمًا لا يصلي فهو متطرف، وبالتالي يحاربون ويقصون بأنواع من الإقصاءات، وافساح المجال لغيرهم، للذين يدعون لمحاربة الأفكار القديمة والعادات البائدة، مثل الحجاب، وإلى آخره من الأشياء والموروثات القديمة للناس، يعني الإسلام... ويثورون عليها، ويخالفونها....

- ما هو العمل لذلك؟ هو الإعلام، هو التركيز على الإعلام، والتركيز على منهج الدراسة للنشء للصغار منهج المدارس والجامعات والكليات..، الإعلام، أتحدث عنه بداية الإعلام الذي يصنع هالة كبرى لساقطين وساقطات، وسفهاء وسفيهات، وفساق وفاسقات... وما يستحى من ذكره في هذا المنبر.

- الإعلام يكوّن هؤلاء ليكونوا قدوة للناس بملايين مملينة من المتابعين والمعجبين يجلبون إليها هؤلاء، لا نسميهم بالقطيع، لكن يجلبون هؤلاء بأشياء من تفاهات، ومما سبق من نار حفت بالشهوات، ثم ماذا؟ ثم يكون زرع الأفكار العفنة، ولا ينشرونها إلا بعد جماهير غفيرة تتوارد عليهم، وأحيانًا يفتضحون في موقف ما على الأمة، في حدث ما نزل على الأمة، وإذا بهم يُعرفون ولا يُخفون، لكن لا يدري المتابع ماذا يفعل، لفخته تغريده، أو مقاله، أو منشور، ولا يستطيع الخروج من هذا القيد والشبهة والمصيبة والكارثة يبقى في حياته مسيطرًا عليه، ومترددًا متذبذبًا لا هو بالمسلم الكامل، ولا المتشكك الكامل...

- فمثلًا يأتي إنسان مفسبك أو في مكان ما من وسائل التواصل أو الحقيقة ويقول شبهة ضد الإسلام، أو ينشر مقالة ما فيها السم القاتل فيصاب بها المؤمن وإذا هو في مقتل وتغير حاله ووضعه ، وتغير يقينه وانقلب من يقين جازم إلى شك متردد لا يبوح به لمن أمره الله بسؤالهم: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}، ولا يدع مكان الشر الذي وصلت منه هذه الشبهة القذرة: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}، { وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ}...

- وهنا مشكلة للأسف يريدون أنهم يحكمون على الإسلام ويفهمون الإسلام على أنه إسلام هذا الجيل الذي جاء متأخًرا، لا أن يرجعوا الإسلام إلى أصل التشريع، وفي وقت التشريع الذي كان أنموذجًا يصلح للاقتداء أعني جيل الصحابة ومن بعدهم، أما بالنسبة للمسلمين اليوم والمجتمع المسلم عامة فلا يصلح للقدوة، ولا لضرب نماذج حتى يقال هذا هو الإسلام، انظروا للإسلام هذا هو تفجيرات، وهذه الحضارة المنعدمة، الفقر، والدمار، والضعف في كل شيء...

- هذه هي وسيلة الإعلام من خطة مؤسسة راند، ثم كذلك التركيز على المناهج الدراسية بأن تركّز المناهج الدراسية على التاريخ القديم وما قبل الإسلام خصوصًا كدولة قتبان ومعين وسبأ... والآشورية والكنعانيين والفراعنة، وقل ما شئت، وهكذا الحديث عنهم، بينما يتجاهل التاريخ الإسلامي تمام التجاهل، وإن تم الحديث عنه فعلى استحياء معارك النبي صلى الله عليه وسلم مع تكرار ممل في تاسع وثالث ثانوي...

- لا ذكر للتاريخ الإسلامي بل يطعن في التاريخ الإسلامي، ويشوه التاريخ الإسلامي فالخلافة الأموية العباسية مثلا العثمانية، التي نالت أكبر قدر ونصيب من الحرب الشعواء على أنها احتلال ودمار، ووقعت حروب طاحنة ضدها في كل دولة وصلت إليها، إلا ما ندر، إذا بها مشوهة ساقطة في مناهج أجيالنا...
- وأيضًا التجاهل التام للتاريخ الإسلامي عامة الأموي والعباسي والزنكي، وأين دولة المرابطين، والأيوبي، والمماليك، ثم ليست الدول والمماليك هذا التجاهل وفقط بل والقادة الإسلاميين، بينما التركيز على القادة، الثوار، ثوار ماذا علينا، كنابليون، لكن هل نعرف عبد الرحمن الداخل لا، هل نعرف قتيبة بن مسلم، محمد الفاتح، سليمان القانوني، محمد بن مسلم، يوسف بن تاشفين، أحمد بن ياسين، قطز، بيبرس... وإن كان بعض الأسماء فعبر الأفلام والمسلسلات...

- واهتمام المناهج أصبح بماذا ويدرسون ماذا… المدرسة الكلاسيكية، والمدرسة التقليدية، وشكسبير، وكأن الأدب والعلم والبطولات والنضال والثورة والحرية ليست إلا حصرًا فيهم وتناسوا كل تاريخنا وحضارتنا وأمجادنا وكل شيء لنا وكأن المنهج لم تضعه أياد من بلداننا بل من غيرنا لكن وفق خطة مرسومة سلفا…

- حتى من الغربيين الجدد أصبحت شعارات الناس فيهم ولهم، وأصبحوا رموزا للثورة والحرية ك جيفار، ومانديلا، وغاندي وامثال هؤلاء، مع أن هناك من هو أعظم وأكبر وأجل منهم من عظماء المسلمين في دفعه الظلم الذي عليه وعلى بلده، وعدم رضاه به لو أدى لقتل نفسه وأهله.. سواء كان هذا النضال في أفريقيا، أو كان في آسيا أو أوروبا، أو كان في أي مكان، لكن يتجاهل هؤلاء تماما، وسواء كانت دول وخلافات ومماليك، أو كان قادة، أو كان ما كان، هؤلاء يتجاهلون تماما، لا في المدارس فحسب، لا بل في الكليات العسكرية والمدنية والجامعات الحكومية والأهلية، والى آخره من كارثة ومسخ لأجيالنا بمنهج يمسخ الفطرة ولا ينهض بها.

- حتى نهضة المسلمين في العصور النهضة الكبرى، والتي تعد لها الفضل الأعظم لأوروبا، هذه بكلها لم نعرف عنها إلا ما ندر، لا عنا أشهرناهم بل هم لحاجتهم إليهم كـ ابن سينا وابن رشد وابن الهيثم والخوارزمي، لأنهم استفادوا من هؤلاء، فهم في حنبة وورطة؛ لأن الأسماء ليست مناسبة ولا تستقيم تتغير بالإنجليزية…

- إذن هذه هي الكارثة التي تكون والمأساة التي أصبحنا نعشعش فيها صباح مساء، وأصبح القدوات التي نقتدي بها يتجاهلون تمامًا، بل يحاربون سرًا وعلنًا، وجهارًا نهارًا…

- ولإقصاء القدوات الأحياء كالعلماء والدعاة والمصلحين وعموم أهل الخير والصلاح وكل من فيه أمل لاستعادة أمجاد الأمة ونهضتها عمومًا وهم من تسميهم مؤسسة راند لسان حال الإسلام الأمريكي الجديد بالمتطرفين… هؤلاء يبعدون تمامًا إما بإبعادهم عن الواقع الإعلامي، والقرار السياسي، والاقتصادي، وأي شيء لا يشاركون فيه، ولا يدعون إليه، ولا إلى فتوى يحتاج لهم فيها، ولا إلى مؤتمرات، ولا إلى رأي، ولا إلى سياسة، ولا إلى صنع قرار، ولا عن استشارة، ولا أي شيء من ذلك، وإن كانت بشيء فهي جهود ذاتية لأشخاص من علماء معهم ما معهم من وسائل بسيطة، إذا لم يكن العكس من ذلك وهي المطاردة والسجون والقتل والتشريد … والاتهام والتخوين والملاحقة… إلى آخره.

- وأخيرًا أتحدث عن العنصر الثالث من أهداف خطة مؤسسة راند ألا وهو محاربة التعليم.. وهذه هي ثلاث مقومات لإنهاء أي أمة، ثانيا محاربة التعليم، تجهيل التعليم، منهج غث ليس فيه شيء وعظيم فائدة لا يسمن ولا يغني من جوع، أو لا رواتب لموظفين، وإن وجدت في مدرسين فهي أقل القليل، قد يستلم هذا وذاك أكثر منهم بكثير، أو بعدم التوظيف أبدًا بتوقيف الوظائف تماما، أو لا بنية تحتية مشجعة، ولا دفع بأبناء وبنات، وكذلك عدم دعم البحث العلمي الذي يساوي ما تنفقه إسرائيل (الصهيونية) للبحث العلمي ما يعادل ما تنفقه الدول العربية مجتمعة وأكثر وهذا للبحث، سواء كان البحث العلمي المدني والعسكري أو التكنولوجيا أو أي شيء لا يعادل شيئا للعرب مجتمعين.

- فهي محاربة لكل شيء يخص التعليم، وتهميش له، فما الذي يدفع الطالب ليدخل الجامعة ويدخل المدرسة، ثم ماذا بعد الثانوية يغادر ويصبح غريبا في الغربة، أو أن يكون لا شيء لا يحصل على وظيفة أو يكون أكثر من 97% من التخصصات العلمية كمهندس ويذهب في إدارة ، طبيب، ويذهب في الدار، وهنا وهناك، أو مندوب، أو في أقل الأحوال، لا شيء له، ينسى المعلومات، ويتناسى هذا بكله، تجهيل ومحاربة للتعليم، تمام المحاربة، وإقصاء له، ولا بنية تحتية مساعدة، ولا أي شيء.

الحديث طويل، ولا أطيل

أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ..

الــخـــطــبة الثانــــية: ↶

ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... وبعد : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…:

- الحديث عن هذا مأساة، ومؤرق، ومصيبة أن نجد في هذا التذكر للأسف الشديد كوارث ولا زالت مستمرة، ولا شيء يقف عند حدها، بل بالعكس تشجع بكل ما تعنيه الكلمة من تشجيع…
- وبالتالي على ماذا ينشأ الفتيان منا… على إعلام ساقط، وعلى صور فنانين، ورياضين، وعلى صور الكاسيات العاريات، الصايعات الضائعات، وعلى قدوات عبثية ساقطة، لا تصلح أبدًا حتى للنظر إليها، فضلاً عن الاقتداء بها…!.

- بينما تجد من يصلح للقدوة مهمش محارب… بينما هذا الذي لا يستحق النظر إليه لو ألقى كلمة أو تصريحا أو حضر حفلا… تجد المايكات بجواره بالعشرات، والقنوات، والفضائيات، والتصاريح، والجوائز، مثلا الرياضة الفريق الوطني للناشئين حين فاز انكتب عليه الجوائز من كل مكان حتى التجار من ثلاجات، وغسالات، وملايين، لأنه فاز… بينما هناك من حفظ القرآن، هناك من تخرج ونال أعظم الأوسمة، هناك من درس، هناك من شرف اليمن والأمة، هناك الأذكياء النوابغ… لا أحد يذكرهم…

- هذه الكوارث والعبث الذي نراه في واقعنا، متى ينتهي؟ متى ينتهي؟، وأقول سينتهي حين نصحو، إذا صحصحنا من النوم، والنعسة الكبرى التي فينا، والتي طال جدا ، والناس في نومة طويله، وإلى متى؟ ماذا ننتظر؟…

- ووالله، وبالله، وتالله، لو كان أولياء الله جميعا في اليمن جميعا أو في الأمة يجتمعون فيدعون الله 100 سنة، والأمة لا زالت على ما هي عليه، لن يتغير أي شيء، لن يتغير أي شيء، لماذا لأنه كثر الفساد، وقل الصلاح…

فلابد من تحرك الجميع، وكل واحد عليه مسؤلية ويجب أن يقوم بدوره لننهض جميعا… ولابد من نهضة، ولا بد من الجميع، لا بد من بذل سبب… ماذا قال عمر لما رأى تلك العجوز والناس وإبلهم في مرض قاتل، أيها الناس ما الذي تفعلونه لها؟ فقالوا دعاء هذه العجوز، قال اجعلوا معه القطران، والنبي قال للرجل: "اعقلها وتوكل"… ادع، اعمل، وانطلق، وسيكون النصر، أما أن لا تتحرك ثم تريد الشيء يتحرك إليك فهذا خارج عن العقل.

- فنحتاج إلى نهضة حقيقية من أنفسنا لنتحقق بالآية الكريمة التي وعدنا بها ربنا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم...﴾ فإذا غيرنا الواقع الذي نحن فيه، وغير كل واحد منا نفسه بدأت النهضة..

- ولا بد أن يكون قدوة لأبنائه ومن حوله فالأب يريد أن يمنع ولده من التدخين، وإذا هو يدخن، أو أن يدفعه للمسجد وإذا به لا يصلي، يريد أن ينهاه عن خلق سيء وإذا هو فيه صباح مساء مساء، والمعلم يعلم الولد والأولاد الصغار الأخلاق الطيبة، وإذا ألفاظه وأخلاقه سيئة كل هذا غير صحيح بل نكون نحن قدوة لغيرنا وسيفعلون كفعلنا حتى دون نكلمهم أصلا…

- وإنما يقتدي الصغار والناس بالأفعال لا بالأقوال، حتى النبي صلى الله عليه وسلم انظروا إلى نموذج واحد في البخاري ومسلم، لما أمر الصحابة في صلح الحديبية أن ينحروا، وأن يحلقوا، بعد أن ذهبوا على أساس أن يعتمروا وهو وعد الله لهم، قال أيها الناس أحلقوا، ونحروا ونعود إلى المدينة رفضوا وهم الصحابة فدخل إلي أم سلمة مغضبا حزينا، مالي أؤمرولا أطاع، فقالت يا رسول الله، لا تكلم أحدا منهم ، اخرج أنت وانحر ناقتك ، وادع الحلاق ليحلق شعرك ، قالت فإذا بهم جميعا يقتتلون على بعضهم البعض، كل واحد يريد أن يحلق الأول ، لأنه نموذج قدوة أمامهم،…

وهذا الذي نحتاجه لنكون جميعا قدوات لغيرنا… سواء كان من مدرس، كان المعلم، كان من مدير، كان من أستاذ، كان من موظف، كان من والدين من أي أحد في المجتمع مطالب شرعا أن يكون قدوة حسنة… هكذا حركة المجتمع ونهضة المجتمع، التغيير لا يحصل بواحد والأمة بأفرادها كلهم لا بواحد منهم.. قال النبي صلى الله عليه وسلم لما قالت له زينب يا رسول الله" أنهلك وفينا الصالحون قال نعم إذا كثر الخبث ". إذا كثر الخبث يهلك الناس، ألا فلننقذ أنفسنا من الهلاك الشديد الذي قد نصاب به إن استمرينا.

- وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:

*❈- الحساب الرسمي الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص الاحتياطي فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty3
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.com
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر (إكس):*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:* http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص تليجرام:*
https://t.me/alsoty
*❈- مجموعة #يستفتونك اطرح سؤال تليجرام:*
https://t.me/alsoty11
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A
...المزيد

*نصر.غزة.أملٌ.للأمة.cc.* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء ...

*نصر.غزة.أملٌ.للأمة.cc.*

#خطب_مكتوبة

👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/Vn8L_CY-pR0?si=Z9Gsj1DsIrUeTuTs
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ المكلا / 17/رجب/1446هـ ↶
👤ـ للشيخ/عبدالله رفيق السوطي.

الخــطبة الأولــى: ↶

ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.

أمــــــا بــــعـــــد:

- فقد جرت السنة الإلهية التي لا تتخلف ولا تزول، ولا تُغالط، ولا تُسيس، ولا يمكن لأحد أن يخترقها لا بحذقه ولا بكياسته ولا بفطنته ولا بقوته ولا باقتصاده ولا بشيء من ذلك البتة مهما بلغ ما عنده: ﴿سُنَّةَ اللَّهِ الَّتي قَد خَلَت مِن قَبلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبديلًا﴾، ولن تجد نفي للمستقبل والمضارع المستمر في التحقق: ﴿وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبديلًا﴾، وفي آية أخرى: ﴿ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحويلًا﴾.

- هذه السنة الإلهية بدأ الله بها بنفسه جل وعلا؛ ليعلم العباد على أنها جارية على خلقه، وأنها لازمة في أرضه وسمائه، وأن هذه السنة الكونية لا معارض لها من متقدم ولا متأخر البتة، إنها سنة الله الواحدة المتحدة التي أرادها جل وعلا للأمة لا الإسلامية أو العربية بل لأمة آدم عليه السلام جميعها بل للكون بكله…

- وقد اقتضت هذه السنة أن يهيئ الله للأمور العظيمة، والأشياء الكبيرة التي يُعقد عليها أمل لأمة بأن يوطئ الله لها أحداثًا كثيرة وكبيرة وجليلة وجسيمة وآلام شديدة لعلها تصل بأولئك الذين يريد الله أن يبدل ما بهم، وأن يغير حالهم، وأن ينقلهم من شيء إلى شيء أعظم، وأهم، وأكبر حتى أن يصل إلى مرحلة أن يباد الأطفال والنساء والدمار هناك وهنا والقتل وزهق الأرواح والأبرياء والتشريد وقل ما شئت… ثم يأتي الفرج حتمًا…

- ولا أتحدث عن أمر تكهني بمستقبل يمكن أن يكون أو لا يكون، بل أتحدث من القرآن الكريم الذي هو كلام الله الذي ﴿لا يَأتيهِ الباطِلُ مِن بَينِ يَدَيهِ وَلا مِن خَلفِهِ تَنزيلٌ مِن حَكيمٍ حَميدٍ﴾ فمثلًا ألم تروا إلى نموذج فرعون الذي ادعى الألوهية، وذبح الأطفال، وأبقى النساء أحياء للخدمة، والامتهان، والبيع والشراء والفساد… انظر إلى التمعن في القهر والظلم والاستبداد والإذلال، والإهلاك، والإبادة، والقتل، والمجزرة، وإبادة لأمة بأكملها، بل لإحصاء سكاني كبير يجري على البطون قبل أن ينزل المولود إلى الأرض فمن هي حامل فما إن تنزل جنينها إن كان ولدا إلا وذبح تحتها..

- نعم هكذا فرعون ونموذج من أعماله وسياساته الاستبدادية وبكل وقاحة قتل إمعان في الإبادة، وفي التعذيب، وفي إبادة أمة بأكملها قادمة يخاف منها ذلك السلطان، نعم هذا الذي حدث وسجله القرآن… لكن من الأمة المبادة في تلك الفترة… إنها أمة بني إسرائيل الذي أراد الله أن ينتشلها ويخرجها من مأساة عظيمة هي عليه، وإبادة ومحرقه وقتل وتدمير وتعمد للتعذيب النفسي وآلام على المجتمع وعلى والأمهات وعلى الأباء وعلى الجميع دون استثناء...

- إنهم آلاف مؤلفة من الناس في تلك الفترة هم بنو إسرائيل، ولا يوجد نبي لهم ما بين موسى عليه السلام والذي قبله قد انقطع لفترة فيحتاجون إلى مجدد؛ لأن الأنبياء تنتهي رسالتهم لمن بعثوا إليهم بموتهم فيحتاجون إلى رجل جديد ليغيّر ما بهم، وليخرجهم الله به بعد إبادة ومحرقة عظيمة، ثم هم لا ينتظرون لرجل موجود فيما بينهم؛ لأن هذا لا يمكن أن يكون إلا من إنسان جديد يخلقه الله بإرادته ويصطنعه لنفسه… لكن هذه الأمة قد أبيد الأطفال فيها فكيف المخرج بعد هذه الإبادة إنه مخرج موسى عليه السلام الذي هيأه الله في قصر الطاغية ليسقط الطاغية: ﴿إِنَّ فِرعَونَ عَلا فِي الأَرضِ وَجَعَلَ أَهلَها شِيَعًا يَستَضعِفُ طائِفَةً مِنهُم يُذَبِّحُ أَبناءَهُم وَيَستَحيي نِساءَهُم إِنَّهُ كانَ مِنَ المُفسِدينَ وَنُريدُ أَن نَمُنَّ عَلَى الَّذينَ استُضعِفوا فِي الأَرضِ وَنَجعَلَهُم أَئِمَّةً وَنَجعَلَهُمُ الوارِثينَ وَنُمَكِّنَ لَهُم فِي الأَرضِ وَنُرِيَ فِرعَونَ وَهامانَ وَجُنودَهُما مِنهُم ما كانوا يَحذَرونَ﴾، آية قرآنية بل آيات قرآنية في قصته وقومه آنذاك معه، بل هي أكثر قصة ذُكرت في كتاب الله؛ لأن المأساة للأمة المحمدية، والعذاب، والاضطهاد، والتشريد، والقتل، والدمار، والسلب، والنهب، والعمالة، والخيانة، وكل شيء من عربدة هو أشبه بذلك الواقع المرير الذي عاشه بنو إسرائيل في تلك الفترة تعاد أحداثه بفصل أو آخر اليوم..

- والتاريخ يعيد نفسه، وما أشبه الليلة بالبارحة، وتغيّر الأشخاص لكن لم تتغير السياسة البلطجية المبيدة المميتة، والعذاب القاسي للفراعنة الجدد إنهم ورثة أولئك وإن تغيرت أشخاصهم لكن الفكرة واحدة: ﴿أَتَواصَوا بِهِ بَل هُم قَومٌ طاغونَ﴾، فجاء من نسل اليهود أولئك من يبيدون الأطفال، والنساء، ويهلكون الحرث والنسل، وقد ألفت كتابًا كاملًا بحمدالله فيهم في مائتي 200 صفحة لم أعد لمرجع من كتب بل لكتاب الله فقط وتأملات باسم اليهود في القرآن الكريم… كان من ضمن ذلك هذا الحدث في بني إسرائيل، ويوسف عليه السلام ذلك الطفل وتآمرهم عليه بالرغم أنه أخوهم فكيف ببعيد عنهم، فكيف بمسلم هو أعظم وأشد عدو لهم… فجاء أولئك الذين يقتلون ويبيدون ويدمرون ويفعلون الأفاعيل بالأخضر واليابس… جاء هؤلاء لينتقموا لا من من فعل بهم بل من أبناء الأمة المحمدية…

- لكن الأمر الذي لا بد أن أتحدث عنه لأصل إلى نتيجة لم تنتهِ بعد على أن هذه السنة الإلهية التي جاءت بهؤلاء لينتشلهم مما هم فيه من ضعف ومهانة وذل وقتل وإبادة… ونقلهم إلى أمر آخر تمامًا فكان موسى عليه السلام الذي خرج فيهم ولأجلهم وحدثنا الله عن خبرهم ليكون لنا عبرة وعظة: ﴿إِنَّ فِرعَونَ عَلا فِي الأَرضِ وَجَعَلَ أَهلَها شِيَعًا يَستَضعِفُ طائِفَةً مِنهُم يُذَبِّحُ أَبناءَهُم وَيَستَحيي نِساءَهُم إِنَّهُ كانَ مِنَ المُفسِدينَ وَنُريدُ أَن نَمُنَّ عَلَى الَّذينَ استُضعِفوا فِي الأَرضِ وَنَجعَلَهُم أَئِمَّةً وَنَجعَلَهُمُ الوارِثينَ وَنُمَكِّنَ لَهُم فِي الأَرضِ وَنُرِيَ فِرعَونَ وَهامانَ وَجُنودَهُما مِنهُم ما كانوا يَحذَرونَ﴾…

- وإن تغيّر الأشخاص الذين استُضعفوا لكن الأحداث تعاد، وها هي أمتنا تُستضعف في مشرقها، وفي مغربها، في شمالها، وفي جنوبها، وفي أموالها، وفي أهلها، وفي عرضها، وأرضها، في رجالها، في اقتصادها، في برها، في بحرها، في جوها، في كل شيء منها وفيها ولها وإليها هي أمة الإسلام اليوم لكن سيتحقق قوله تعالى: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا} لم يحدد من هم الذين استُضعفوا، بل يصدق الأمر على كل وأي مستضعف في الأرض ممن حققوا الشرط: ﴿ وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾…

- نعم ﴿وَنُمَكِّنَ لَهُم فِي الأَرضِ...﴾ وهنا الأرض عامة لكل أرض؛ لأن ألألف واللام للعموم أي عموم الأرض بأن تكون لهم القوة، بأن تكون لهم السلطة، بأن يكون لهم الأمر والنهي، أن يكون لهم التحكم في العالم بكله، أن يكونوا هم القوة الكبرى ناعمه كانت أو قاسية لأولئك الذين طالما استضعفوهم: ﴿وَما ذلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزيزٍ﴾… ﴿كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَت لِلنّاسِ تَأمُرونَ بِالمَعروفِ وَتَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَتُؤمِنونَ بِاللَّهِ﴾…

- إذن هذه قصة هي قصة موسى عليه السلام ولا ريب أن القصص كثيرة، لكن ماذا عن نبينا صلى الله عليه وسلم، ماذا عن صحابته، كيف كان وضعهم في مكة، ألم يعذبوا، ألم يطردوا، ألم يشردوا، ألم يؤخذوا، ألم يضربوا، ألم يسلبوا، ألم يعذبوا حتى على حر الرمضاء، وتوضع على بعضهم الحجارة، وأحدهم يقول أحد أحد، ألم يكن عليهم ذلك وأكثر وأشد حتى يأتون إلى رسول الله صلى الله وسلم فقط لطلب الدعاء يقول خباب بن الأرت رضي الله عنه: (فشكونا إليه فقلنا ألا تستنصر لنا، ألا تدعو الله لنا؟ فجلس محمرًا وجهه فقال: "قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض ثم يؤتى بالمنشار فيُجعل على رأسه، فيُجعل فرقتين ما يصرفه ذلك عن دينه، ويُمشط بأمشاط الحديد ما دون عظمة من لحم وعصب ما يصرفه ذلك عن دينه، والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب ما بين صنعاء وحضرموت ما يخاف إلا الله تعالى والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون")

- فسيتم الله هذا الدين بعد أن كان في أبنائه ما كان، بعد أن عُذب النبي عليه الصلاة والسلام والصحابة، وطردوهم وشردوهم وآلموهم وفعلوا بهم الأفاعيل ونكلوا بهم ونزلت كل مأساة عليهم حتى إنهم أخرجوا لأول مرة، وثاني مرة، ثم ثالث مرة، حتى وصل الحال لمحاربة القيادة التي هي من أسرة لا يمكن في العادة أن تحارب، ولا يمكن في العادة أن تضطهد، ولا يمكن أن تهدد إنه النبي عليه الصلاة والسلام والصديق معه: ﴿وَإِذ يَمكُرُ بِكَ الَّذينَ كَفَروا لِيُثبِتوكَ أَو يَقتُلوكَ أَو يُخرِجوكَ وَيَمكُرونَ وَيَمكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيرُ الماكِرينَ﴾، هكذا يعده الله فيخرج النبي عليه الصلاة والسلام إلى المدينة ليس عن رغبة بل إنه ليبكي على مكة: "والله أنك لأحب البقاع إليك ولولا أن قومك أخرجوني منك ما خرجت"، وتظل مكة في مخيلة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يأذن الله بالفرج بقوله: ﴿أُذِنَ لِلَّذينَ يُقاتَلونَ بِأَنَّهُم ظُلِموا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصرِهِم لَقَديرٌ﴾، فرأينا نصر الله عز وجل في أول معركة خاضها النبي والصحابة في بدر الكبرى، ثم ولو حدث شيء في أحد فقد اتفق أهل التاريخ إنها ليست بهزمية ودليله على أن الهزيمة التي تكون هو أن يطارد المنتصر المهزوم ويفعل به وينكل ويشرد ويأسر لكن لم يأسر أحدًا ولم يتابع ولم يلاحق بل الصحابة والنبي عليه الصلاة والسلام الذي وقع فيه ما وقع من قتل لسبعين لكنهم لاحقوهم وتبعوهم وشردوهم حتى وصلوا إلى حمراء الأسد ثم عادوا وقد هرب قريش إلى مكة...

- إن هذا ليثبت لنا إثباتًا قاطعًا على أن أي شيء يحدث من ضعف واستكانة وهوان وقتل وتدمير وتشريد وتعذيب واضطهاد وإخراج هذه بكلها التي يمكن أن تكون لابد أن يأتي النصر كما أتى لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبته وللمجاهدين عامة، لا في بدر وحدها بل في كل معركة خاضوها ولولا الانتصارات التي نالوها وحققتها لما أسقطوا فارس والروم وهي امبراطوريات عظيمة ووصلوا إلى السند والهند وحكموا هناك في آخر الكرة الأرضية ثمان مائة سنة في الهند أعني …ووصلوا وتوغلوا حتى إلى قلب فرنسا في معركة بلاط الشهداء بقيادة وعبد الرحمن الداخل اليمني.

- وأتحدث عن أنه يمكن أن يكون قتل وتدمير واضطهاد وإهلاك وأي شيء من ذلك فهذا أمر محتمل؛ لأن الأحداث الكبيرة تحتاج إلى تضحيات عظيمة وجسيمة، ولا يمكن أن تنال الحقوق بالتساهل، أو التنازل، أو أي شيء من ذلك أبدًا، ولا يمكن أن يُرد حق سُلب ليس وراءه مطالب حتى ولو كان الحق يسيرًا حتى ولو كانت قطعة أرضية صغيرة، إذا لم يلاحق إذا لم يتابع فإن الظالم يأخذها ويأخذ غيرها معها… إذن فلابد أن تكون مقاومة، ولابد أيضًا مع ذلك أن يكون شيء من قتل وتضحيات جسيمة، وقد حدثت كثيرًا في الأمة…

- فلا يقل قائل من المخذلين والمرجفين والمنافقين: عن أي نصر تتحدثون عن أكثر من خمسين ألف شهيد، وأكثر من مائة ألف جريح، وتدمير لأكثر من ثمانين بالمئة من الأرض… وكأنهم يقولون: أنتم مهزمون، ونصر الله نصر لغيركم ومعناه إساءة الظن بالله جل وعلا… مع أنه لا يمكن أن يكون، وهذه الإبادة والدمار ليس بنصر لهم، بل هزيمة أمام عالم بأكمله، فبدلا من أن كانوا يقولون ما يقولون عن جيشهم الإخلاقي، والذي هو الجيش الذي لا يقهر كما كانوا يروجون، وهو يعد من أكبر الجيوش في العالم تطورًا حتى أنه وصل قبل العام الماضي إلى الجيش الرابع عالميًا لكن ردته المقاومة هذه السنة إلى الجيش الخامس عشر على مستوى الجيوش العالمية، وأصبحت جيوش إسلامية قبله بكثير فأخرته للوراء بل عرته أمام العالم بأكمله، وعرف الناس على أن هذا ما هو إلا جيش ضعيف هزيل يرد انتقامه وغضبه على لأطفال وعلى النساء وعلى البيوت لم يقبض على أسير واحد مقاوم، ولم يخرج أسيراً واحدًا من مقاتليه أبدًا… ولن يفعل وقد كانت أمريكا بكل قوتها، وسلاحها، ومالها، وسياستها، وإعلامها، وكل شيء معها ولها مع الكيان بل هي أجرم منه، وقل عن أوروبا وغيرها بطائراتها التجسسية، وكان العالم معه لوجستيًا وسياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا وفي كل شيء، ومن العالم العربي والغربي على حد سواء… لكن ماذا أغناه العالم، هل أخرجه من ورطته بل سقط أمام العالم بأكمله بكل شيء وفي كل شيء ...

- ولا والله لو أنفقنا مليارات الدولارات مقابل سقوط هذا الجيش اليهودي كما أسقطته المقاومة لما استطعنا ولا واحد بالمئة.. ولو أن مصارعًا في العالم صارع طفلًا صغيرًا لا يملك شيئًا مما يملك المصارع لضحك العالم عليه بأكمله أن يصارع الصغير، ولا يعدونه نصرًا عليه… فأولئك صارعوا الأطفال والنساء والبيوت… وليس المقاتلين مع أنهم لا يملكون حتى المقاتلين ولا واحد بالمئة مما يملك العدو من تسليح ومن إعداد وعدة… لكن: ﴿وَمَا النَّصرُ إِلّا مِن عِندِ اللَّهِ العَزيزِ الحَكيمِ لِيَقطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذينَ كَفَروا أَو يَكبِتَهُم فَيَنقَلِبوا خائِبينَ﴾ …﴿فَقُطِعَ دابِرُ القَومِ الَّذينَ ظَلَموا وَالحَمدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمينَ﴾، ﴿مِنَ المُؤمِنينَ رِجالٌ صَدَقوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ فَمِنهُم مَن قَضى نَحبَهُ وَمِنهُم مَن يَنتَظِرُ وَما بَدَّلوا تَبديلًا لِيَجزِيَ اللَّهُ الصّادِقينَ بِصِدقِهِم وَيُعَذِّبَ المُنافِقينَ إِن شاءَ أَو يَتوبَ عَلَيهِم إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفورًا رَحيمًا وَرَدَّ اللَّهُ الَّذينَ كَفَروا بِغَيظِهِم لَم يَنالوا خَيرًا وَكَفَى اللَّهُ المُؤمِنينَ القِتالَ وَكانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزيزًا وَأَنزَلَ الَّذينَ ظاهَروهُم مِن أَهلِ الكِتابِ مِن صَياصيهِم وَقَذَفَ في قُلوبِهِمُ الرُّعبَ فَريقًا تَقتُلونَ وَتَأسِرونَ فَريقًا وَأَورَثَكُم أَرضَهُم وَدِيارَهُم وَأَموالَهُم وَأَرضًا لَم تَطَئوها وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرًا﴾…
- لقد صنع الغرب وأمريكا هذا الكيان وجيشه المجرم على عينه؛ حتى يكون عنصر الصد من أي تفكير للعرب والمسلمين من أن يقولوا لأوروبا وأمريكا وهذه الدول المسيطرة على الأمة في كل شيء حتى في أتفه شيء منها أن يقولوا لها… فهو تأديب ومصدر هيمنة عليهم...

- فماذا فعل هذا الجيش والعالم كله وهل حقق أهدافه التي روج لها، وضج في العالم بها، لقد كان يتحدى بإبادة المقاومة فانتصرت، وخرجت في مشاهد أبهرت العالم بكله، وزلزلت الكيان وسلطته، وقذفت الرعب في قلبه وجيشه معه، فضلاً عن مواطنيه…

- لقد أعلنوا عن أهداف حربهم من إخراج الفلسطينيين بخطة الترحيل، ونشروا خطة الجنرالات، وخطة إعادة احتلال غزة، وغيرها فماذا حققوا، وماذا صنعوا، وها هي حكومتهم وجيشهم يتساقط، واقتصادهم ينهار…

- - بعد أكثر من خمسة شهرًا من أقسى حرب إبادة على الإطلاق ومنذ مئات السنين ضد غزة وأطفالها ونساءها وتجويع وتهجير… ها هي انتصرت غزة وهزم الكيان وداعميه، وهزم العالم الصهيوني بكله، والقنوات الصهيونية، والعملاء الخونة، والدول الغربية الصهيونية، والحكام العرب المتصهينين، وكشفت الأقنعة، وأخرجت كل شيء فوق الطاولة…

- لقد بعثت في الأمة روح الجهاد والتضحية، وحب القضية الفلسطينية بعد أن كادت أن تنسى من نفوس أبناء الأمة… لقد عاد للقدس والأقصى وفلسطين ألَقُهم، وصدارتهم، ومكانتهم… حتى ولو كان الثمن عشرات الألوف ما بين شهيد وجريح… فالأرض المباركة تستحق أكثر من ذلك من الأمة كلها لا غزة وحدها…

- لقد تغيرت القدوات من رياضي وفنان إلى أبي عبيدة والسنوار، وواجبنا أن نعيد النظر في تربية أبنائنا بعد أن رأينا في غزة العزة ما رأينا…

- فأيها الاخوة الوعي بقضية الأمة الكبرى وبمركزيتها فريضة، وعلى أن الحق لا يمكن أن يضيع وله مقاومة تطالب به، وعلى أن هذه التضحيات الجسيمة إنما أراد الله أن ينقذ بها الأمة أمة بأكملها، وإن اختار شهداء من هؤلاء فهذه كرامة لهم، وصطفاهم الله واختارهم وجعلهم أحياء عنده: {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذينَ آمَنوا...} فهذا هو تمحيص واختبار وبلاء للأمة لعل هذه هي جرعة دفع يكون فيها أمل لاستعادة ويقظة أمة بأكملها وأحياء لقلوب طالما عشعشت التوافه فيها.

أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ..

الــخـــطــبة الثانــــية: ↶

ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:

- فإن الأمة بهذا الطوفان الذي طاف العالم بأكمله سوال العالم الغربي، أو العربي، أو أي عالم كان لقد طاف به مطافات عظيمة، وغير من كل شيء وسحب من تحت البساط عليهم خططهم العفنة، وما يمكن أن نقول كان في الدهاليز وتحت الطاولة ولا يمكن أن يظهر لكن قد ظهر للعلن كل شيء، ولقد كشف اليوم كل شيء، ولقد أصبح هذا ظاهر للناس سواء كانت عمالة، أو كانت خيانة، أو كانت صهينة، أو كان أي شيء، أو حتى ضعف ومهانة الأمة التي لم تستطع أن تقدم لهؤلاء شيئًا مع ما لديها من قوة ومن غطرسة ومن جيوش ومن أسلحة شريت بمليارات الدولارات لكن ما نفعت تلك بكلها.

- فأين أمة الوعي التي تعلم علم يقين أنها لن تعود بشيء من ذلك لا بهرطقات سياسية، وبعلاقات دولية زائفة، ولا بتنازل عن دين ومقدسات الأمة… ولا بشيء من ذلك البتة… بل أمة تصنع بإعداد قوة إيمانية، قوة عقيدة أولاً، ووالله لو كان معه الحق ما معه فلن ينتصر المصحف إلا ومعه قوة تحميه، وتحرسه ولذلك قال الله: ﴿وَأَعِدّوا لَهُم مَا استَطَعتُم مِن قُوَّةٍ...﴾ فليس النصر بكثرة وإنما هي بقوة وهنا مطلق القوة إيمانية وغيرها، وفي غزة دروس وعبر من هذه وكثيره وعديدة ولكن الوقت لا يتسع لسردها.....

- صلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:

*❈- الحساب الرسمي الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص الاحتياطي فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty3
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.com
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر (إكس):*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- حساب انستقرام:* https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص تليجرام:*
https://t.me/alsoty
*❈- مجموعة #يستفتونك اطرح سؤال تليجرام:*
https://t.me/alsoty11
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A
...المزيد

*الكبر.والغطرسة.سبب.هلاك.الأفراد.والدول.والأنظمة.cc.* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي ...

*الكبر.والغطرسة.سبب.هلاك.الأفراد.والدول.والأنظمة.cc.*

#خطب_مكتوبة

👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/Dlwk0_nCEP4?si=O8LOaEu-t4nmx_VF
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ المكلا / 10/رجب/1446هـ ↶
👤ـ للشيخ/عبدالله رفيق السوطي.

الخــطبة الأولــى: ↶

ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.

أمــــــا بــــعـــــد:

- فإن الإسلام حريص كل الحرص على الأخلاق، ونشر القيم في المجتمعات، وبين الأفراد، وفي الدول، والمؤسسات، وفي الوظائف العامة والخاصة، ولا تقتصر أخلاق الإسلام على مسألة الأفراد وتوعيتهم بها، بل الأخلاق منظومة إسلامية فردية واجتماعية وشعبوية، وكذا فإنها دولية وعالمية؛ فالأخلاق قضية عظيمة من قضايا ديننا، بل إن الأخلاق هي الثمرة لكل عبادة ولكل طاعة، نعم الأخلاق ثمرة للعبادات والطاعات، فهو ثمرة للصلاة، ثمرة للصيام، ثمرة للحج، ثمرة للزكاة، ثمرة لكل أمر ونهي في الدين فأساسه الأخلاق.

- ولهذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم حث على الأخلاق كثيرًا، وبينها طويلًا، وجعل من لا أخلاق له لا إيمان له، من ليس له أخلاق فكأنه عديم الإيمان، فعلى قدر أخلاقه يكون إيمانه من عدمه، وعلى قدر الأخلاق الموجودة في المرء يكون الإيمان من عدم الإيمان عند الفرد، وعلى قدر الإيمان تكون الأخلاق، فمن ضعُف إيمانه قلت أخلاقه، فالأخلاق أساس ومحدد لذلك المسلم، وكلما زاد زادت أخلاقه، كلما زاد إيمانه، والعكس بالعكس، فكلما نقصت من أخلاقه فأيضًا ينقص من إيمانه بقدر النقص في أخلافه.

- ولذا أكمل المؤمنين إيمانًا كما جاء في الحديث الصحيح: "أكمل المؤمنين إيمانًا أحاسنهم أخلاقًا"، و:"إن المؤمن ليبلغ بحسن خلقه درجة الصائم النهار القائم الليل"، "وإن من أحبكم، وأقربكم مني منزلة مني يوم الق أحاسنكم أخلاقًا"، و: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض"، هكذا النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة يبين ويفصل في أمر الأخلاق؛ لأنها قضية مركزية كبرى في الإسلام، لا يحل أن يتهاون فيها امرئ ينتسب للإسلام بأي نسبة، بل الواجب أن يتنبه لذلك أيما انتباه في ألفاظه، وأفعاله، وحركاته، وسكناته، وفي كل مكان اتجه إليه، وفي كل مكان كان.

- وأتحدث عن واحدة من سوء الأخلاق التي يبينها الإسلام، ويحاربها دومًا، بكل قوة بل كانت في النار، وكان أصحابها في النار أيضًا، بل يكفي من كانت فيه، ووجدت فيه هذه الخصلة ولو كان الشيء اليسير منها جدًا فإن مصيره إلى النار ولا يدخل الجنة أبدًا كما جاء في الأحاديث الصحاح الصراح في ذلك: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر".

- إنه الكبر أول ذنب عُصي الله به على الإطلاق، الكبر الذي كانت من طبيعة إبليس فحرص على بثه في أبنائه وأتباعه وأفراده، وكلما تمكن الكبر من إنسان كلما كان بالشيطان ألصق، ومن الرحمن أبعد، فكل متكبر فينتسب إلى الشيطان بتكبره، ويبتعد عن الرحمن بقدر ما فيه من التكبر، أيًا كان ذلك التكبر، وأيًا من تحققت فيه هذه الصفة الذميمة، والجريمة العظيمة في ديننا التي ليست إلا عند إبليس وعند أتباعه ومن قلده واتبعه كما قال الله عز وجل ﴿وَإِذ قُلنا لِلمَلائِكَةِ اسجُدوا لِآدَمَ فَسَجَدوا إِلّا إِبليسَ أَبَى واسْتَكبَرَ﴾…

- إذن الاستكبار هو الذي منع إبليس من أن يعبد الرحمن، وأن يتوجه له بالعبادة والطاعة بالسجود لآدم عليه السلام، فعصى الله لتكبر لديه ومذمة، وجدت في قلبه، واصطنعها لنفسه، ثم كانت في ذريته وفي أتباعه…

- فأي جريمة هي جريمة الكبر، ومذمة الكبر التي ليست جريمة واحدة بل هي جرائم متعددة عادة تلحق بالكبر، فهي جرائم من ظلم، من اضطهاد، من قتل، من سلب، من نهب، من أذى، وغير ذلك من كل أنواع الكبائر تلحق بالكبر عادة.
- بل يكفي أن المتكبر قد أراد أن يسلب صفةً لله جل وعلا، وأن تكون فيه هذه الصفة التي لا تكون إلا لله عز وجل إنها صفة العظمة، إنها صفة الكبرياء، كما قال الله في الحديث القدس "الكبرياء ردائي، والعزة أزاري فمن نازعني في واحد منهما عذبته"، نعم إنه عذاب في الدنيا، وعذاب في الآخرة، خزي وراء خزي، وهلاك وراء هلاك، ودمار على ذلك الذي يتكبر على الرحمن جل وعلا، ويحاول أن يتقمص صفة لله تبارك وتعالى من عزة واستكبار: ﴿وَلِلَّهِ العِزَّةُ﴾ فمن ذا يتكبر على الرحمن، ومن ذا يريد أن يتألى على الله جل وعلا، فإن الله يهلكه ويدمره ويعذبه ويفعل به الأفاعيل، ويستحق ذلك لا محالة، وفي الدنيا وفي الآخرة؛ لأنه اعتدى على مقام الألوهية، اعتدى على أمر لا يحل أن تكون في العبد الذي يبقى العبد عبدًا والرب ربًا.

- ألا فمن وُجدت في صفة الكبر ولو كانت يسيرة كان السبب الأكبر والأعظم لدخوله النار وابتعاده عن الجنة، حتى ولو كان مسلمًا كيف لا والنبي صلى الله عليه وسلم يتحدث للمسلمين بذلك أصلًا، كما في الحديث في البخاري ومسلم" لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر"، إذن ما دام وجد الكبر في المسلم فإن هذا حائل بينه وبين أن يدخل الجنة، فإن هذا يحول بينه وبين دخول الجنة ونيل فيها الكرامة، وبين مرافقة النبي، وبين النظر إلى وجه الله، وبين النعيم فاصل يسير اسمه الكبر، فإما يُعذب، وإما يُنعّم، إما يُعذب بكبره في الدنيا وفي الآخرة، وإما يُنعّم بأن يزيل عن نفسه هذه الصفة السيئة، القبيحة، والجريمة الكبيرة التي هي صفة الشيطان أولا، وصفة أهل النار ثانيا.

- ولذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح عند مسلم: "ألا أخبركم بأهل النار... كل جواظ عتل مستكبر"، ذلك الجواظ، ذلك المتكبر، ذلك المتغطرس، ذلك الذي يتقمص الصفة التي لله تبارك وتعالى، الذي يحاول سلب العزة من ربه، ويريد أن يأخذ ما هو لله تبارك وتعالى له، فإن الله يسلبه الكرامة في الدنيا وفي الآخرة، ويحوله إلى شر ما أراد من هلاك وخزي وندامة هنا في الدنيا ثم هناك في الآخرة إنه من أهل النار وبئس المصير…

- ولقد قالت النار كما في المتفق عليه: "أُثرت بالمتكبرين والمتجبرين"، تتحدث عن نفسها، وتجادل عن نفسها مع الجنة… لماذا لا يدخلني إلا هؤلاء النتنى، لماذا يزدحم بي هؤلاء الذين يتكبرون على الخلق، ويتكبرون على الخالق، ويتكبرون على الشرع برفضه، وعلى الرسل بعدم الائتمار بأمرهم، وعلى الله برفض العبادة له تبارك وتعالى:﴿وَإِذا قيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتهُ العِزَّةُ بِالإِثمِ فَحَسبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئسَ المِهادُ﴾، ﴿إِنَّهُم كانوا إِذا قيلَ لَهُم لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ يَستَكبِرونَ﴾،… وقال النبي صلى الله عليه وسلم لذلك الذي يأكل بشماله: "كل بيمينك"، قال: لا أستطيع، فقال له صلى الله عليه وسلم: "لا استطعت ما منعه إلا الكبر"، فيبست يده فلم يرفعها أبدًا، ولم ينتفع بها مطلقا…

- إن المتكبرين يُدعون إلى هذا الشرع، وإلى هذا الوحي، وإلى هذا الأمر، إلى هذا النص وإذا بهم يتكبرون على شرع الله، وعلى الله، وعلى رسل الله، وعلى عباد الله… فارتكبوا الجرائم بكلها، لا جريمة أنهم اعتدوا على ربهم فحسب، بل اعتدوا على رسله، واعتدوا على خلقه، وآذوا الله عز وجل: {إِنَّ الَّذينَ يُؤذونَ اللَّهَ وَرَسولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُم عَذابًا مُهينًا وَالَّذينَ يُؤذونَ المُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ بِغَيرِ مَا اكتَسَبوا فَقَدِ احتَمَلوا بُهتانًا وَإِثمًا مُبينًا﴾، فاجتمع كل الأذى هنا في هذه الآيات الكريمات بتكبر المرء، وأن يحمل هذه الصفة الخبيثة السيئة التي ربنا تبارك وتعالى في كتابه وفي سنة رسوله وحتى في الأديان السابقة وفي الفطر السوية حارب الكبر وحارب المتكبرين.

- ولو أن المسلم السوي تفكر في نفسه، وعاد إلى رشده، ونظر في أمره، وفكّر وقدر فإنه سيجد على ماذا، وبماذا يتكبر، وما هو أصله أولًا وآخرًا، وإلى أين سيعود ثانيًا، وكيف سيكون العذاب والمصير أبدًا، فلو تفكّر في ذلك جيدًا على أنه كان في رحم أمه لا يملك حتى قوته، ويأتيه الرزق عبر حبل سري، وفي ظلمات ثلاث، ثم يخرج من مخرج البول، ويكون في البول لسنوات… قال رجل لمالك بن دينار: ألا تعرفني قال بلى، أولك نطفة مذرة، وآخرك جيفة قذرة، وأنت فيما بينك تحمل العذرة... وقال زين العابدين بن علي: إن الله خلق الجنة لمن أطاعه، ولو كان عبدًا حبشيًا، وخلق النار لمن عصاه ولو كان حرًا قرشيًا أليس الله يقول: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ}… نعم لقد كان فلان بن فلان بالأمس نطفة، واليوم مضغة ثم علقة، ثم عظامًا ما بعده حتى يصبح في يوم جيفة… ألا فيا من لا زال يدب في قلبِه كبر أو غرور ألا تذكرت من ماذا خُلقت: {أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يمنى ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فسوى}، قال الأحنفُ بنُ قيس: عجبتُ لمن يجري في مَجرى البَول مرَّتين، كيف يتكبَّر!: هكذا كنتَ فكيف تتكبر: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ}...

- نعم إنه ذلك الإتسان عامة، والمتكبر خاصة… ثم سنوات وهو على هذا الضعف، وما أن يشب قليلاً حتى يهرم كثيرًا، ولربما لا يهرم أصلًا، بل يأتيه الموت فيعيده إلى التراب الذي هو أصله الأصيل، وإلى حفرته المؤقتة، ثم يكون ذلك المصير الأبدي إلى الجنة أو نار إلى أن يأذن الله بقيام الساعة فيقوم الناس لرب العالمين فهنا يكون الجزاء للمتكبر بجنس ما عمل كما جاء في الحديث الصح عن النبي صلى الله عليه وسلم يُحشر المتكبرون كالذر في صور الرجال تدوسهم الناس" ﴿جَزاءً وِفاقًا﴾؛ لأنهم تكبروا على الناس فيحشرهم الله كالذر ضعفًا ومهانة وخذلانًا وفوق هذا تدوسهم الناس يوم القيامة وهم في صورهم وانظروا إلى الحديث في صور الرجال تدوسهم الناس يوم القيامة ثم ماذا، "ثم يساقون إلى نار الأنيار"، انظروا إلى التعبير، ثم إلى سجن في جهنم، فيُسقون مهانة وعذابًا؛ لأنهم تغطرسوا وتكبروا في الدنيا فيسقون من صديد أهل النار؛ لأنهم تكبروا على البشر في الدنيا في مأكلهم، وفي مشربهم، وفي لباسهم، ولأن هذا المتكبر أغنى منهم، أو أجمل منهم، أو أقوى نسبًا منهم، أو أكثر قوة منهم، أو أكثر سلطة منهم، أو أكثر سطوة منهم، أو يملك ما يملك فإنه يتكبر عليهم.

- هذه هي مقومات ذلك المتكبر؛ لأنه يملك اليوم بضع ريالات؛ لأنه يملك اليوم بضع مليارات الدولارات، لأنه يملك اليوم جيوشًا ذليلة خاضعة له، لأنه يملك اليوم قوة وقدرة وسلطة وهيبة، لأنه اليوم يملك سياسة قوية، لأنه اليوم يملك بنية تحتية متينة، لأنه اليوم يملك قوة عالمية أو شعبوية في وطنه، أو في بلده، أو في إقليمه، أو في العالم بأكمله، لأنه يتحكم في قرار الأمم، ويتحكم في الدول، ويتحكم في السلب والنهب، والضرب والسجن القتل والسحل والسجن، لأنه يملك ما يملك في الدنيا فيكون المهانة في الدنيا ثم في الآخرة.

- وما أحداث لوس أنجلوس عنا ببعيدة كم تكبرت إمريكا على الأمة، كم تكبرت على العالم بأكمله فأذاقها الله لباس الخوف، والمحرقة، والقتل، والدمار، والهلاك، والعذاب وأيضًا الأعاصير والزلازل والدمار والقوة التي يتكبرون بها أصبحت هي التي تعذبهم…

- وليس بالضرورة أن يكون هذا العذاب من زلازل، وأعاصير، وبراكين، وحرائق، وصراع، وقتل، وحروب، ودمار، وسفك دماء، وبلطجة سياسية، واقتصادية، وثقافية، وأخلاقية… وقل ما شئت؛ فقد تكون العقوبات معنويًا بالتشتت والتفرق في قلوب المجتمع، وتكون أيضًا بالخوف والقلق والاضطراب والخلاف والانتحار والتفكك الأسري، والمجتمعي وهي دول كثيرة تعاني من هذا بكله: ﴿ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى﴾ .

- وما الدولة اليهو'دية القومية المحتلة أيضا إلا مثال لذلك بكله وأنموذج التي يعاني أكثر من ثلثي الشعب فيها من الأمراض النفسية القهرية التي أصبح أكثر من ثلثي محتل قد زار الأطباء النفسانيين، وأتو إليهم ولم يجدوا أي حل لهم، بل إن أكثر ما يعانون منه هو ذلك، ولقد نفدت كل السبل والوسائل الأرضية، بل وحتى علاج تخفيف القلق منهم في الصيدليات وحتى الأطباء في نقص كبير فيهم لأنهم يعانون حربًا نفسية وبشرية واقتصادية كبرى، فعند أعداء الدين والمسلمين من المتكبرين عامة كاليهود وأمريكا وبريطانيا وألمانيا وغيرها من دول العدو والمتآمرين الخونة إلا أنها المعنوية أعظم وأكبر وأجل وأخطر وما لا يظهر للعلن أكبر وأكثر مما يظهر.

إنها إرادة الله ﴿إِنَّما أَمرُهُ إِذا أَرادَ شَيئًا أَن يَقولَ لَهُ كُن فَيَكونُ﴾، فلكم يدمرون يقتلون يقصفون يحرقون يفعلون الأفاعيل لكن تأتي لحظات وثوان معدودة إذا بها تجهز على القتلة… وتنسي ماضي سحيق لهم ودمار وعذاب اليم على غيرهم منهم، وإذا بهم في خبر كان سواء كان في الماضي، أو في الحاضر، أو في المستقبل بإذن الرحمن. سيكون لا محالة.

إن عدالة الله العدالة الإلهية في الأرض لابد أن تتحقق وفي الدنيا وفي الآخرة إن لم تُر بالأعين فإنها ترى في القلوب والأبصار والأعمال وإن لم تكن ظاهرة للحقائق﴿فَإِنَّها لا تَعمَى الأَبصارُ وَلكِن تَعمَى القُلوبُ الَّتي فِي الصُّدورِ﴾.

أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ..

الــخـــطــبة الثانــــية: ↶

ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد: - فما مثال فرعون إلا واحد من الأمثلة التي أبرزها القرآن وكررها في كثير من السور والآي، هي مثال ونموذج واحد لعل الناس ينزجرون ويرتدعون بدءًا من ملوك وأمراء ومسؤولين ومدراء وكل من لديه سلطة كبرت أو صغرت وأيضًا حتى ذلك الفرد سلطته في نفسه: ﴿وَما ظَلَمناهُم وَلكِن كانوا أَنفُسَهُم يَظلِمونَ﴾ فكلكم راع فليتق الله الإنسان في رعيته بدءًا من نفسه ولينظر إلى من سبقه ممن تكبر على الخلق كيف أصبحوا رميم ورماد وعبرة وعظة للمتعظين والمعتبرين.

- أما قرأتم قصة قارون أيضًا ﴿قالَ إِنَّما أوتيتُهُ عَلى عِلمٍ عِندي.. ﴾ ورثته من أبائي، من أجدادي، أخذته من قوتي، وحنكتي، وفطنتي، ودهائي، وشهائدي، وخبراتي فإذا به لا أن يخسف بشخصه لا بل وبأملاكه: ﴿فَخَسَفْنَا بِهِۦ وَبِدَارِهِ ٱلْأَرْضَ...﴾، ﴿ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنوءُ بِالعُصبَةِ أُولِي القُوَّةِ إِذ قالَ لَهُ قَومُهُ لا تَفرَح إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الفَرِحينَ﴾، يعني حتى المفاتيح للدار الذي فيه القصور أو بنك البنوك لذلك المليار دير لا يستطيع حتى المفاتيح أن يأخذه العصبة عشرة وأكثر فكيف بالكنوز الموجودة وحتى لا يتهم موسى ولا يتهم من آمن معه بأنهم أرادوا ملكه ﴿ فَخَسَفْنَا بِهِۦ وَبِدَارِهِ ٱلْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُۥ مِن فِئَةٍۢ يَنصُرُونَهُۥ مِن دُونِ ٱللَّهِ﴾ من ينصر الغرب عندما يتكبرون على الأمة يوم أن يأتيهم أمر الله لا محالة: ﴿وَلا يَحسَبَنَّ الَّذينَ كَفَروا سَبَقوا إِنَّهُم لا يُعجِزونَ﴾، ﴿وَكَذلِكَ أَخذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ القُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخذَهُ أَليمٌ شَديدٌ﴾ … ﴿أَفَأَمِنَ أَهلُ القُرى أَن يَأتِيَهُم بَأسُنا بَياتًا وَهُم نائِمونَ أَوَأَمِنَ أَهلُ القُرى أَن يَأتِيَهُم بَأسُنا ضُحًى وَهُم يَلعَبونَ أَفَأَمِنوا مَكرَ اللَّهِ فَلا يَأمَنُ مَكرَ اللَّهِ إِلَّا القَومُ الخاسِرونَ﴾..


كم سلبوا، كم قتلوا، كم بطشوا، كم تآمروا، كم خذلو، كم سحقوا، كم أبادوا، كم دمروا، كم خططوا، كم فرقوا، كم سادوا، كم فعلوا ما فعلوا لكن ما ذاقوه قبل قرن من الزمان سيذيقونه وأكبر منه بإذن الرحمن: ﴿إِنَّما أَمرُهُ إِذا أَرادَ شَيئًا أَن يَقولَ لَهُ كُن فَيكُونَ﴿إِن يَشَأ يُذهِبكُم وَيَأتِ بِخَلقٍ جَديدٍ وَما ذلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزيزٍ﴾…

- وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:

*❈- الحساب الرسمي الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص الاحتياطي فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty3
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.com
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر (إكس):*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص تليجرام:*
https://t.me/alsoty
*❈- مجموعة #يستفتونك اطرح سؤال تليجرام:*
https://t.me/alsoty11
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A
...المزيد

*إعلان.النفير.نحو.رب.العالمين.cc.* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي ...

*إعلان.النفير.نحو.رب.العالمين.cc.*

#خطب_مكتوبة

👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/FzoMZDUL5yQ?si
NTH_0w3p5W_zTrv
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير / المكلا / 3/ رجب /1446هـ ↶
👤ـ للشيخ/عبدالله رفيق السوطي.

الخــطبة الأولــى: ↶

ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.

أمــــــا بــــعـــــد:

- فلو لم تُصب هذه الأمة من المصائب، والنكبات، والأحزان، والهموم، والغموم، والألآم، والصراعات، والفتن، والقتل، والدمار، والجوع، والنزوح، والهلاك، والغلاء، والفتن بشكل عام إلا هذه الفتنة العمياء البكماء الصماء سواء كانت على الأفراد، أو على المجتمعات، أو على الشعوب، أو على الدول، أو على العموم، إنها فتنة لا تميز بين صغير وكبير، ولا بين ذكر وأنثى، تموج هذه الأمة موج البحر، وتتقاذفها الأمواج من كل جانب، وأصبحت الأمة تعيش في حالة مزرية، في حالة فقر وإفقار، في حالة جهل وتجهيل، في حالة تهميش وقتال وصراع، في حالة يرثى لها لا تدري أين تتجه، ومتى تنتهي…

إنها ترى على أن كل شيء عليها لا لها، ولا يخدم مصلحتها، ولا شيء يمكن أن ينقذها…. تنتظر للخلاص، تنتظر لعل قائدًا يقودها، لعل إنسانٌا يفطن لها، لعل مثل صلاح الدين وعمر بن عبدالعزيز يخرج فيها، لعل فلانًا وفلانً يأتيها لإنقاذها، لعل الرجل الرشيد لم يخلق بعد، وهكذا في كل ساعة تأمل الفرج، وتنتظر المخرج، لكن تتيه الأمة، وتزداد في تيهها، وفي غيها، وفي همها، وفي صراعها، وفي قتلها، وفي غلائها، وفي أوبائها، وفي فتنها، ولا حل يمكن أن يلوح في الأفق من البشر…: ﴿وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذينَ خُلِّفوا حَتّى إِذا ضاقَت عَلَيهِمُ الأَرضُ بِما رَحُبَت وَضاقَت عَلَيهِم أَنفُسُهُم وَظَنّوا أَن لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ ثُمَّ تابَ عَلَيهِم لِيَتوبوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوّابُ الرَّحيمُ﴾ والأخير هو الذي ينقصنا…


- لقد قُطعت أوصالها، وأصبح الناس في هم أكبر مما هم فيه من فقر أفقر مما هم فيه، ولعل فقر البطون أيسر من فقر العقول والقلوب والكثير يعاني من هذا وذاك، لقد أصبحت هذه الأمة لا تعرف الاتجاه الصحيح بالرغم على أن معها الدين الصحيح، بل أصبح حتى الدين مهاجمًا فيها، وحتى الدين منبوذًا عند شرذمة خبيثة منها، وحتى الدين مأسورًا، وحتى الدين مشردًا مطاردًا هنا وهناك…!.

- أيها الإخوة هكذا حال الناس اليوم وكأن لا مخرج بين أيديهم، وليس كتاب الله معهم، وليس النور يحملونه في صدورهم، وفي صحفهم، وكأنهم لم يعلموا على أن في هذا المخرج خروج من كل أزمة، وورطة، وغمة، وعسر، وضيق، وصراع ودمار، وأحزان، وآلام، وأن فيه الحل كله ولكن أعمى لا يبصر وإن كان قريبًا منه، وأصم لا يسمع وأن كان بجانبع وعند أذنيه، وكفيف مريض أليم ضعيف مكسور لا يستطيع الحراك لأجل أن يتناول ذلك الداء الذي قُرب إليه، أصبحت هكذا الأمة للأسف الشديد هذا هو الحال، وإلا فإن الله عز وجل يقول: {وَإِن تَصبِروا وَتَتَّقوا لا يَضُرُّكُم كَيدُهُم شَيئًا... }…


- لا يضركم كيد الكائدين، ولا مكر الماكرين، ولا تربص المجرمين ولا تسلط المتآمرين، والعملاء الخائنين، ولا أي شيء من هذا أبدًا ما دمتم معتصمين برب العالمين: ﴿وَمَن يَعتَصِم بِاللَّهِ فَقَد هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُستَقيمٍ ﴾ ..

- والله عز وجل في الأثر القدسي يقول: "وعزتي وجلالي ما استعاذ بي عبد من عبادي، فكادت له السماوات والأرض إلا جعلت له ما بينهما فرجًا ومخرجًا"، والمخرج هو عندنا، وبين أيدينا، ومننا وفينا;
نعيب زماننا والعيب فينا
وما لزماننا عيب سوانا
﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم...﴾، ﴿ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَم يَكُ مُغَيِّرًا نِعمَةً أَنعَمَها عَلى قَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم ...﴾…
- إذن نحن السبب وعندنا الحل: ﴿وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذينَ خُلِّفوا حَتّى إِذا ضاقَت عَلَيهِمُ الأَرضُ بِما رَحُبَت وَضاقَت عَلَيهِم أَنفُسُهُم وَظَنّوا أَن لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ ثُمَّ تابَ عَلَيهِم لِيَتوبوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوّابُ الرَّحيمُ﴾، ﴿وَمَن يَعتَصِم بِاللَّهِ فَقَد هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُستَقيمٍ ﴾، ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم...﴾، ﴿ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَم يَكُ مُغَيِّرًا نِعمَةً أَنعَمَها عَلى قَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم ...﴾… ولكن من يتناول هذا الحل، ومن يقرر يأخذ هذا الحل بقوة؛ إذ من أخذ به ينجح ويفوز، ولا ينتظر من الآخر إن يعمل به…

- نعم نهلك وفينا الصالحون كما قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: أنهلك وفينا الصالحون؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "نعم إذا كثر الخبُث". لكن عندما يزداد الصلاح، وعندما يعم الخير ينزل الخير أيضًا، ينزل الأمن ينزل النصر حتمًا، ينزل ذلك بكله من الله عز وجل، ولقد قال الله ﴿ إِن يَعلَمِ اللَّهُ في قُلوبِكُم خَيرًا يُؤتِكُم خَيرًا﴾ آية جامعة مانعة شاملة…

- إذا وُجد الخير عندنا، وانبعث من قلوبنا، وصدقنا في الخير، وفي طلب الخير أتانا من ربنا إذا كنا نستحق أن ينزل علينا النصر، أن ينزل علينا الفرج، أن تنزل علينا البركة، أن تنزل علينا الرحمة، أن ينزل علينا الفضل من ربنا تبارك وتعالى فإنه لن يتأخر عنا: ﴿وَلَو أَنَّ أَهلَ القُرى آمَنوا وَاتَّقَوا لَفَتَحنا عَلَيهِم بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالأَرضِ ...﴾، نعم إذا آمنوا وسبقت الآية: {وَإِن تَصبِروا وَتَتَّقوا لا يَضُرُّكُم كَيدُهُم شَيئًا... }…

- فيحتاج منا ربنا إلى عاملين، وإلى سببين، وأملين يرتفعان الإيمان والصبر إلى ربنا تبارك وتعالى فينزل من الله ما ينزل من ما وعدنا من خير، وإن لم نفعل يحل علينا ما يحل من غضب وسخط إن تماهينا فيما نحن فيه: ﴿وَلَو أَنَّ أَهلَ القُرى آمَنوا وَاتَّقَوا لَفَتَحنا عَلَيهِم بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالأَرضِ وَلكِن كَذَّبوا فَأَخَذناهُم بِما كانوا يَكسِبونَ أَفَأَمِنَ أَهلُ القُرى أَن يَأتِيَهُم بَأسُنا بَياتًا وَهُم نائِمونَ أَوَأَمِنَ أَهلُ القُرى أَن يَأتِيَهُم بَأسُنا ضُحًى وَهُم يَلعَبونَ أَفَأَمِنوا مَكرَ اللَّهِ فَلا يَأمَنُ مَكرَ اللَّهِ إِلَّا القَومُ الخاسِرونَ﴾ .

-أمِنّا مكر الله، واستمرينا في معاصي الله، وذهبنا هنا وهناك في ما يخالف منهج الله، وأصبحنا في بعد بعيد عن الله، وفي ظلام دامس، وفي هم عميق يزداد فينا وعلينا كل يوم؛ لأننا لم نبصر الطريق، ولم نخط نحوه كثيرًا…

- وإن مسافة الألف ميل تبدأ بخطوة إنها خطوة القرار، وخطوة الانطلاقة، إنها خطوة التغيير، إنها خطوة إرادة الخير، إنها خطوة الاتجاه نحو رب العالمين: ﴿فَفِرّوا إِلَى اللَّهِ إِنّي لَكُم مِنهُ نَذيرٌ مُبينٌ﴾، فنحتاج إلى فرار حقيقي إلى رب العالمين؛ فإن النذارة عندنا، وإن البشارة بين أيدينا إذا نحن صدقنا مع ربنا، إذا نحن اتجهنا إلى خالقنا، إذا نحن تعرفنا على من بيده كل أمرنا، على من: ﴿إِنَّما أَمرُهُ إِذا أَرادَ شَيئًا أَن يَقولَ لَهُ كُن فَيَكونُ﴾…

- كم مريضًا شفاه، وكم مهمومًا عافاه وأغناه وأعطاه، وكم فقيرًا يسر له ومنحه واجتباه، وكم مذنبًا مقصرًا منتكسًا ضالًا مضلًا استهداه فهداه، وكم خائبًا بئيسًا حقيرًا معكوسًا مركوسًا دعا الله فاستجاب له وأغاثه بعد أن ناجاه: ﴿أَمَّن يُجيبُ المُضطَرَّ إِذا دَعاهُ...﴾ وكلنا مضطر، وكلنا مهموم، وكلنا مغموم، وكلنا في حسرة، وكلنا قد نزل به البأس، ونزل به الهم، قد نزل به الغم، بل لعل البعض نزلت به الغموم كلها تراكمت عليه من كل جانب، وأصبح يمسي عليها، ويصبح عليها، وينطلق بها، ويتجه فيها، ولا يجد إلا أكثر منها؛ لأنه لا زال في غيه، لا زال في الاتجاه الخاطئ الذي يسير فيه، وبالتالي كيف ينطلق، وكيف ينتشل نفسه، وكيف يخرجها من ما هي فيه…

- ولا والله لو كانت الدنيا نستطيع أن نتناولها أن نعمل ونبذل ونجتهد ونسهر الليل والنهار لفعلنا وما ترددنا، أما رأيتم الزارع كيف يعمل حتى يكل، ويصبح على عمل، ويمسي على أمثاله ويعمل كل عمل من أجل انتظار حصاد لأنه يأمن ثمرة قادمة، ولا يهمه التعب، ألم تروا إلى طالب العلم كيف يدخل في الصف الأول في المدرسة، ثم يتخرج من الثانوية ويصل إلى الجامعية، ثم يدخل إلى المراحل الأخرى العلمية، ويترقى في سلمه العلمي، ويصبر لسنوات طوال يتحمل الغربة، يتحمل هم المذاكرة، يتحمل تقديم المال لأكله وشربه وسكنه ومنهج دراسته… ويتحمل انتكاسات الدرجات، يتحمل الرسوب، يتحمل الهموم والغموم، يتحمل طول الطريق، والسهر على الكتب، يتحمل هذا وذاك لكنه يصبر ويصابر من أجل أنه ينتظر لفرج من شهادة، ثم وظيفة، أو من رفعة أو من هذا وذاك، وكذلك انظروا إلى ذلك الذي فيه المرض كيف ينطلق من دكتور لآخر، ومن مشفى لآخر، ومن طبيب لطبيب، ومن معالج لمعالج، ومن صيدلية لأخرى؛ لأنه ينتظر الشفاء؛ لأنه يأمن المعافاة…

-أوليس الدين أحق بهذا من كل ذلك، أوليس ديننا، أوليس ربنا، أليست آخرتنا، أحق بهذا كله من عمل نعمله؛ لعله ينجينا عند ربنا، ألم يقل الله عز وجل في كتابه الكريم: ﴿وَتِلكَ الجَنَّةُ الَّتي أورِثتُموها بِما كُنتُم تَعمَلونَ﴾، تكدون، وتسهرون، وتجتهدون، تأتون إلى المساجد، وتستمعون لكتاب الله ترتلون كتاب الله تعملون بآيات الله تتحرون منهج الشرع في أنفسكم، في أهلكم، في تجارتكم، في معاملاتكم، في عملكم، أين اتجهتم، فكتاب الله، وبالتالي تستحقون ما عند ربكم؛ لأنكم عملتم بما يجب عليكم.

- أيها الإخوة إن النبي صلى الله عليه وسلم قد دلنا على علاج قريب ولعلنا لا نعلم .... فإن السماء إذا منعت قطرها، وإن الأرض إذا أجدبت فلم تنبت شيئًا، والأمور إذا اختلطت وتعقدت واحتار المسلم في اختيارها، فإن يتجه للصلاة إما الاستسقاء لينزل الغيثذ أو يتجه لصلاة الكسوف لترتفع ما بالشمس من ما نزل بها من كسوف، أو في القمر من خسوف، أو حار في أمر دنيوي فإنه يتجه إلى صلاة الاستخارة، وهكذا أنواع كثيرة من صلوات متعددة يتجه إلى رب البرية بها؛ لأنها المدخل والمخرج، ولذا كان صلى الله عليه وسلم كما جاء عنه وصح ذلك يقول: "يا بلال أرحنا بها أقم الصلاة"، وإذا حزبه أمر صلى، وإذا نزل عليه شيء من ذلك فزع إلى الصلاة، بل تراه صلى الله عليه وسلم في بدر مصليًا مناشدًا ربه عز وجل؛ حتى يبكي ويتضرع ويخشى، حتى رفع يديه ورفعهما بشدة حتى سقط الرداء من على منكبيهد وقال له رحمة به أبو بكر رضي الله عنه: "كفاك مناشدتك ربك يا رسول الله؛ فإنه سينزل عليك ولك ما وعدك به" رحمة برسول الله صلى الله عليه وسلم: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا استَعينوا بِالصَّبرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصّابِرينَ﴾ فنحن نحتاج إلى ذلك بكله، اختصاره في قوله ﷻ: ﴿فَفِرّوا إِلَى اللَّهِ....﴾، ﴿لَيسَ لَها مِن دونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ﴾،زإن الكاشف لها هو الله إن المخرج لنا هو الله، إن الذي بيده الحل كل الحل هو ربنا عز وجل فلنتجه إليه: ﴿إِنَّما أَمرُهُ إِذا أَرادَ شَيئًا أَن يَقولَ لَهُ كُن فَيَكونُ﴾…

أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ..

الــخـــطــبة الثانــــية: ↶

ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وأما بعد:

- فإن قوم موسى عليه السلام لما نزل بهم هم من الهموم، وضج عليه أمر من الأمور، ولم يجدوا مخرجًا لذلك مع أنهم آلآف مؤلفة من الناس، وفوق هذا فبينهم موسى كليم الله، وحبيب الله، وصفي الله، ومن رعاه من صغره، وحفظه في شبابه، ورباه ﷻ واصطفاه على عينه، ومع ذلك نزل بهم ما نزل ولم يجدوا الحل، فدلهم الله عليه بأن يتجهوا جميعًا في صعيد واحد، ويجتمع الرجال والنساء، والصغار والكبار، وحتى البهائم في صعيد واحد، فكل أحد مطلوب منه أن يرجع إلى الله، مطلوب منه أن يستغيث بالله، مطلوب منه أن يتوب إلى الله، مطلوب منه أن يعلنها صراحة مع الله، مطلوب منه أن يدعو الله في سره، ويستمع لدعاء موسى في جهره.

- فبينما موسى عليه السلام يدعو ويتضرع إذا برب العالمين سبحانه وعالى ينزل إليه وحيا ويقول: "يا موسى كيف أسقيكم وفيكم فلان ابن فلان قد عصاني منذ كذا وكذا"، قد بارزني بالذنوب كثيرًا، قد انتكس في ذنبه طويلاً، ولم يخرج منه، "يا موسى مره فليخرج من بينكم؛ لعلي أن أغيثكم"، كشرط أساسي شرطه رب العالمين سبحانه وتعالى، وفي نفس اللحظة ذلك الرجل عندما رأى أن موسى سكت عن خطبته، وكف عن دعائه، راجع نفسه وعلم على أنه يجب أن يراجع نفسه، وإنه هو السبب من بين هؤلاء جميعاً فقرر التوبة والعودة، والذل والمسكنة بين يدي من عصاه كثيرًا، وفي نفس اللحظة أدخل رأسه في جيب ثوبه من أعلى ثم راجعها وتحسر على ما مضى، و إذا به يقرر توبة صادقة في نفس مجلسه…

- ولما أراد موسى أن يصرخ في الناس يا فلان ابن فلان إن الله قد منعنا القطر من السماء بسببك فاخرج من بيننا فلم يبدأ بها موسى حتى نزل إليه الوحي من السماء يقول له "يا موسى بالذي منعتكم سقيتكم؛ لأنه قرر توبة وعودة إلي، لأنه صدق معي، لأنه رجع إلي".

- وقصته قصة كل واحد منا، هي قصتي، وقصتك، وقصة هذا وذاك وهؤلاء وأولئك وتلك وهن وهؤلاء جميعاً قصته قصة الجميع، فنحتاج إلى مراجعة، نحتاج إلى ذل وانكسار، نحتاج إلى افتقار، نحتاج إلى توبة، نحتاج إلى أوبة؛ لعل ذنبي، ولعل ذنبك، ولعل ذنب هذا وذاك هو السبب الذي أدى بنا إلى ما نحن فيه، أدى بالأمة إلى ما هي عليه، زاد العناء الذي هي فيه، زادت الفتن والصراعات التي حلت عليها منذ سنوات طوال….
- فإذا كل واحد منا راجع نفسه، وبدأ بالتغيير من ذاته فإن التغيير سيحدث في المجتمع بكله، أما أن كل واحد كما يقال يلعن الظلام الذي حل ولم يوقد شمعة يستضيء بها لبقي في الظلام يلعن الظلام، بل يلعن نفسه؛ لأن الحل معه أن يقوم فيوقد شمعه وإذا بالشموع قد أوقدت عند الجميع، وأصبح يرى النور.

- فكذلك نحن نلعن ما نحن فيه، ونعيب ما نحن عليه لكن السبب هو منا وفينا، ولو أن رجلًا مسؤولا أمر كل واحد منا أن يغرس شجرة باب بيته فتقاعس الجميع، وكل واحد تراكن على الآخر أن يغرسها لما غُرست شجرة في المدينة، ولو أن كل واحد بادر بنفسه فغرس شجرة باب داره ما جاءت أشهر يسيرة إلا وقد أصبحت المدينة خضراء جميلة؛ لأنها تفاعل الناس معها وكل واحد منها قدم سببًا وفعل شيئًا وغيّر أمرًا فكذلك نحن إن تكاتفنا جميعا فإننا سننهض…

- ولو رأينا إلى الدول التي كانت سواء كانت في إفريقيا، كانت في أوروبا، في آسيا، كانت في أي مكان كانت لو رأيناها قبل سنوات يسيرة كيف كانوا وكيف أصبحوا الآن لأن الكل قرر أن يغير شيئًا في نفسه، وفي مجتمعه، وأن يصنع شيئًا لبلده، وأن يكون ذلك الشعلة الذي يشتعل بها ويوقدها لغيره فالكل قرر ذلك فكان التغيير عم الجميع، وما سنغافورا عنا ببعيدة، وما كثير من دول العالم بل أوروبا المحتدمة التي دامت حروبها ودام دمارها وعاشت أشد وأقسى أوقاتها على الإطلاق ومع هذا خرجت من ركام هي فيه. لأن أن يغير شيئًا فنحن متى..

فالواجب على أبناء الامة أن يحملوا هذه المسؤولية والأمانة، أنها أمانة التغيير لأنفسهم لأجل أن يغير الله ما بهم: ﴿وَالَّذينَ كَفَروا بَعضُهُم أَولِياءُ بَعضٍ إِلّا تَفعَلوهُ تَكُن فِتنَةٌ فِي الأَرضِ وَفَسادٌ كَبيرٌ﴾، وأختم بما به بدأت: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم...﴾، ﴿وَاتَّقوا فِتنَةً لا تُصيبَنَّ الَّذينَ ظَلَموا مِنكُم خاصَّةً وَاعلَموا أَنَّ اللَّهَ شَديدُ العِقابِ﴾…

- وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:

*❈- الحساب الرسمي الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص الاحتياطي فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty3
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.com
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر (إكس):*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص تليجرام:*
https://t.me/alsoty
*❈- مجموعة #يستفتونك اطرح سؤال تليجرام:*
https://t.me/alsoty11
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A
...المزيد

*الهوية.الإسلامية.في.خطر.التاريخ.الميلادي.أنموذجًا.cc.* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي ...

*الهوية.الإسلامية.في.خطر.التاريخ.الميلادي.أنموذجًا.cc.*
#خطب_مكتوبة

👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/3uPnNLx9uX8?si=6WmAhF0VqbXFyf2V

*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير / المكلا 26 / جمادى الآخرة / 1446هـ ↶
👤ـ للشيخ/عبدالله رفيق السوطي.

الخــطبة الأولــى: ↶

ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.

أمــــــا بــــعـــــد:


- أما بعد فإن الله تبارك وتعالى قد قسم الناس إلى طبقات، وإلى شعوب، وقبائل، وإلى أنساب وأحساب، ومن الطبيعي جدًا أن ينتسب الناس إلى أحسابهم، وأنسابهم، وقراهم، وشعوبهم، وإلى هذه الأمور بكلها، لا شك ولا ريب أنها عادة للناس جميعًا، وما يُعرف الإنسان إلا بانتسابه إلى هؤلاء، أو إلى هذه وتلك…

- وكلما كانت نسبته إلى كريم كانت كرامته أعظم، وأفضل، وأهم، أبلغ؛ ففلان من الشعب الفلاني، أو من الدولة الفلانية، أو من القبيلة الفلانية، أو ابن فلان يختلف في الكرامة عن غيره، فكلما كانت ما يرتكز إليه أقوى عند الناس كانت كرامته عندهم أفضل وأعظم وأجل هو في أعينهم، وهذه عادة الناس مع أن الله إنما قسم الناس إلى هذه الأقسام وبينها لتعارفوا ﴿وَجَعَلناكُم شُعوبًا وَقَبائِلَ لِتَعارَفوا ....﴾، فالله جعل الناس لأجل ذلك بل: ﴿وَاختِلافُ أَلسِنَتِكُم وَأَلوانِكُم إِنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِلعالِمينَ﴾، فكله التنوع والاختلاف سنة كونية لا ريب فيها…

- ولكن الملاحظ أن الإسلام مع إقراره لهذه الامور بكلها إلا أنه حارب أن تكون هي المرتكز الأساس، والأصل الأصيل الذي يعود وينتسب ويرجع ويعتز ويفتخر إليه به الناس، ويجعلونه هو الوسام الأبرز والوحيد الذي يتمايز به الناس بين هذا وذاك، فحاربه الإسلام كل محاربة، ووقف ضد من تسول له نفسه أن يرتكب هذه الحماقات…

- ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا أيها الناس: "ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضلَ لعربيٍّ على أعجميٍّ، ولا لعجميٍّ على عربيٍّ، ولا لأحمر على أسود، ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى"…

- فما الذي يستحق أن تفخروا به، وأن تعتزوا به، وأن تكون هي القيمة الأصلية والمرتكز الذي تعودون إليه… هل هذا التراب، هل هذه الحمرة، هل هذا الشعر، هل هذه القبيلة، هل هذا الأب، والنسب، هل هذه الوظيفة، ألا فأي انتساب تنتسبون إليه من أمور الحياة لا فضل لأحد بها: "كل نسب وسبب منقطع يوم القيامة"، ﴿فَإِذا نُفِخَ فِي الصّورِ فَلا أَنسابَ بَينَهُم يَومَئِذٍ وَلا يَتَساءَلونَ﴾، وقال عليه الصلاة والسلام محذرًا من الاعتماد على هذه التفاهات من أحساب وأنساب ودنيا: "من بطّأ به عمله لم يسرع به نسبه"، ونادى في الناس: "يا معشر قريش اشتروا أنفسكم من الله لا أغني عنكم من الله شيئًا، يا بني عبد مناف اشتروا أنفسكم من الله لا أغني عنكم من الله شيئًا، يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئًا، يا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئًا، يا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئًا" والحديث في البخاري ومسلم…

- ولما تفاخر أناس من العرب بأبائهم وأجدادهم وحُق لهم في زمنهم الجاهلي أن يتفاخروا بها، بل كانوا يموتون، ويقاتلون، ويهلكون من أجل كرامة أب أو أم، فلما جاء الإسلام ورأى النبي صلى الله عليه وسلم على أن هذه الممتنة والعصبية الجاهلية لا زالت عند بعضهم قام فيهم خطيبًا عليه الصلاة والسلام "ألا لينتهين أقوام عن فخرهم بأبائهم إنما هم حمم جهنم
أو ليكونن أهون على الله من الجعل التي تهدهد الخراءة بأنفها"، وهم صحابة لكن ليكونن أهون على الله من الجعل التي تهدهد الخراءة بأنفها.

- هكذا يقول صلى الله عليه وسلم ويبينها للناس ويعلنها صراحة على أن لا فضل لأحد على أحد إلا بميزان واحد هو ميزان الإسلام، هو ميزان التقوى، هو ميزان الدين، والتدين، فهي الكرامة الحقة للمسلم عند رنتسابه إلى دينه، عند انتسابه إلى إسلامه، عند اعتزازه وتكرمه وتشرفه بهذا الدين العظيم…﴿أَفَحُكمَ الجاهِلِيَّةِ يَبغونَ وَمَن أَحسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكمًا لِقَومٍ يوقِنونَ﴾ .


- أراد عليه الصلاة والسلام أن يمنع الناس من هذه الفوضى الخلاقة بالانتساب إلى هذا وذاك، وأن تكون طبقية بين الناس، وأن تكون هي الأساس التي هي النعرات والعصبيات وهذه الجاهليات أيًا كانت…

- ولهذا لما انتسب رجلان في عهد موسى عليه السلام إلى أبائهم فانتسب الأول إلى عشرة قال الله كلهم في النار وأنت عاشرهم، ولما انتسب الآخر إلى أبيه فقط فقال أنا فلان ابن فلان نحن اللذَين أسلما وبالتالي لا أنتسب لكفار بعد أبي فأنا فلان ابن فلان ابن الإسلام، فقال هم في الجنة، وكأن الله يقول للناس من انتسب لهذه النسب سواء كانت من آباء، أو من شعوب، أو من قبائل، أو من نعرات، أو من جاهليات، أو من أي تعصبات، أو من حزبيات، أو من جماعات، أو من طوائف، أو من مذاهب، أو أيًا كانت هذه…

- وإن أنواع التعصبات لأكثر وأعظم في عصرنا مما كانت عليه من قبل خاصة مع انفتاح الأمة وانصهارها في الثقافة الغربية، وارتكسنا في هذه المفاهيم الباطلة الساذجة، وأصبحنا للأسف الشديد في مسخٍ عن الهوية الإسلامية التي يجب على المسلم أن يعتز بها أيما اعتزاز وأن يفخر بها أيما فخر، وأن يعلم أن كل شيء يعارضها فقد قال عليه الصلاة والسلام فيه: "ألا أن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع"، سواء كانت قوميه طائفية قبلية أبوية شعبوية حزبية جماعية أيًا كانت هذه النسب، وأيًا كان هذا التمايز، فلا تكون كرامة المسلم إلا بإسلامه، إلا بدينه، إلا بما ينتسب إليه ويحق له أن ينتسب إليه.


- إنها النسبة الأعظم والأكبر والأهم نسبة المسلم إلى دينه: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، شعار المسلم الذي لأجله يقاتل ويصاول ويدافع ويحيا ويموت عليه، لأجله يمكن ذلك، أما ما دون هذه الأمور فهي جاهليات ما أنزل الله بها من سلطان، وليُعذبن أقوام اعتزوا بها دون إسلامهم، ودون إيمانهم، ودون المرجعية الكبرى التي يجب أن ينتسبوا لها، وأن يفاخروا العالم بانتسابهم لها ﴿اليَومَ أَكمَلتُ لَكُم دينَكُم وَأَتمَمتُ عَلَيكُم نِعمَتي وَرَضيتُ لَكُمُ الإِسلامَ دينًا﴾. هذا هو الشرف الأعظم هو هذا الدين العظيم، والإسلام القويم الذي ارتضاه لنا رب العالمين…

- ألم يقل الله ﴿لَقَد مَنَّ اللَّهُ عَلَى المُؤمِنينَ إِذ بَعَثَ فيهِم رَسولًا مِن أَنفُسِهِم يَتلو عَلَيهِم آياتِهِ وَيُزَكّيهِم وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتابَ وَالحِكمَةَ وَإِن كانوا مِن قَبلُ لَفي ضَلالٍ مُبينٍ﴾، ﴿هُوَ الَّذي بَعَثَ فِي الأُمِّيّينَ رَسولًا مِنهُم يَتلو عَلَيهِم آياتِهِ وَيُزَكّيهِم وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتابَ وَالحِكمَةَ وَإِن كانوا مِن قَبلُ لَفي ضَلالٍ مُبينٍ﴾، فقد كان المسلمون من قبل هذا الدين وبعثة رسوله الأمين في ضلال مبين ثم أصبحت لهم عزة وقوة والعزة لله جميعا…

- وليست العزة بانتسابهم لهذه المفاهيم، وإلى هذه الجاهليات، وإلى العصبيات، وإلى هذه النعرات والطائفيات: ﴿أَيَبتَغونَ عِندَهُمُ العِزَّةَ ...﴾ يقلدونهم يتبعونهم في كل شيء من صحيح ومن خطأ، ما دام وأنه قد جاء من بلاد الغرب فهو الحضارة، ولباس، وقصات، وموضات، ومشية، وحركات، ومحرمات أيًا كانت هذه فهي مقدسة حتى ولو كانت صناعات لا ترتاح نفسه إلا لصناعة غير محلية، أو غير عربية، أو أن يكون اللباس والتشجيع والإهتمام والرضا والموالاه لفلان وعلان لا يهمه أيًا كان دينه إنما يهمه أن يتابع هذا وأن ينسلخ فيه فيقلده على حق وباطل على خير وشر أي دين بقى لهذا، أوما يستحق هذا النهي من النبي عليه الصلاة والسلام "لينتهين أقوام عن فخرهم بأبائهم إنما هم حمم جهنم أو فحم جهنم"، ﴿أَيَبتَغونَ عِندَهُمُ العِزَّةَ ...﴾!

- ألا فلا يحل لمسلم أن يعتز بقيمة فوق قيمة دينه، فوق قيمة إسلامه، فوق ما هو فيه من انتساب لهذه القيمة العظيمة: ﴿قُل إِنَّ صَلاتي وَنُسُكي وَمَحيايَ وَمَماتي لِلَّهِ رَبِّ العالَمينَ﴾ هذه شعار المسلم في كل لحظة وحركة وسكنة… وهي التي تحدث التوازن اليومي اللحظي لكل مسلم في كل حركاته في كل سكناته في كل نطقه في كل شيء يصدر منه وعنه إنما هو وفق دينه: ﴿فَاستَمسِك بِالَّذي أوحِيَ إِلَيكَ...﴾ ﴿وَكَذلِكَ أَوحَينا إِلَيكَ روحًا مِن أَمرِنا...﴾ فهو بلا إسلام بلا روح، فهو بلا دين، فهو بلا ضمير، فهو هو بلا دين بلا شعار، هو بلا بصمة، هو بلا هوية، هو بلا اسم حقيقي يمكن أن يفخر به عند ربه لا عند الخلق.

- إن ديننا اليوم أيها الإخوة للأسف الشديد قد أصبحت هذه القيم، وهذه المبادئ، وهذه العروة والوصايا النبوية شبه مهجورة، عند كثير من الناس، وأصبح التفاخر، وأصبح التظاهر إنما هي لهنا وهناك…
- ذهبت القيمة للمسلمين عندما انسلخوا من هويتهم، ومن تدينهم، ومن إلتزامهم بما هم فيه من دين، واعتزازهم بما أعطاهم الله، ومنحهم، وفضلهم، وكرمهم على البشر عامة: ﴿كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَت لِلنّاسِ....﴾﴿اليَومَ أَكمَلتُ لَكُم دينَكُم وَأَتمَمتُ عَلَيكُم نِعمَتي وَرَضيتُ لَكُمُ الإِسلامَ دينًا﴾.

- هذه الأمة المحمدية إن لم تلتزم بما يجب عليها، وإن عادت لما كانت عليه في جاهليتها عاد إليها ذلها وهوانها وضعفها وتخاصمها وتقاتلها وما هي فيه اليوم هي أشبه بما كانت عليه بالأمس، قبل أن يكون هذا النور الذي هو المشعل الذي يمشون به في دنيا، ودين، وآخرة لكنهم تركوه، لكنهم تولو عنه، وأعرضوا عنه، وبقدر التولي عن هذا الدين يكون الضعف والهشاشة: ﴿وَأَطيعُوا اللَّهَ وَرَسولَهُ وَلا تَنازَعوا ...﴾ لا تأخذوا بمبادئ غيركم، بقيم وثقافات… وبأشياء من هنا وهناك، بل الزموا المنبع طاعة الله ورسوله، ولا تأخذوا بأي شيء من أموري دنياكم ودينكم عن من لا يحل لكم أن تأخذوا عنهم لأنكم أعلى وإلا فسيكون هذا من التنازع: ﴿وَلا تَنازَعوا فَتَفشَلوا...﴾…

- نعم: ﴿وَلا تَنازَعوا فَتَفشَلوا...﴾ تفشلوا في دينكم، تفشلوا في دنياكم، تفشلوا في سياستكم، تفشل في اقتصادكم، تفشلوا في ثقافتكم، تفشلوا في اجتماعكم، تفشلوا في كل نواحي حياتكم؛ لأنكم لم تطيعوا من له حق الطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم: ﴿وَأَطيعُوا اللَّهَ وَرَسولَهُ وَلا تَنازَعوا فَتَفشَلوا وَتَذهَبَ ريحُكُم .....﴾ .

- تذهب كرامتكم تذهب هيبتكم وهي الحاصلة اليوم ونعايشها في كل لحظة وفي كل ساعة كرامة المسلم العربي مهدورة لا تساوي في بلاد الغرب حتى بقطة أو ببقرة أو بأي شيء من الحيوانات لديهم، هي معزة مكرمة ولڤا حقوق أكثر من المسلم لديهم من اعتزازه به.. ومما هو فيه من هيبة وخطوة وسلطة…

- وما ذاك أيها الإخوة إلا لأننا تركنا هذا الدين، وتولينا عنه، وابتعدنا عنه، وبقدر البعد يكون هذا بكله…

- ووالله وبالله وتالله إن اعتزينا بغير هذا الدين. ورجعنا إلى غير هذا الدين، وتفاخرنا بعصبياتنا، وجاهلياتنا، وحزبياتنا، وطوائفنا، وشعوبنا، وقبائلنا، وبدساتيرنا، وقوانيننا، وبأي شيء كان منا وكنا فيه فإننا قد تشبهنا بأهل الكتاب الذين منحهم الله تبارك وتعالى المن والسلوى كتفضيل وكهبة من الله لهم وكرامة لم يجعلها في غيرهم. لكنهم تولوا عنها وطلبوا ما لا يطلب عقلا عنادين ورجوعا إلى الورى.

﴿فَادعُ لَنا رَبَّكَ يُخرِج لَنا مِمّا تُنبِتُ الأَرضُ مِن بَقلِها وَقِثّائِها وَفومِها وَعَدَسِها وَبَصَلِها ...﴾ أرخص الأشياء ولعلها عند كثير من الناس مما يعافه أصلاً وليست وجبة رسمية لهم قطعًا ومع هذا طلبوها بعد منة من الله وكرامة لهم لكنهم تولوا عنها، فنحن سنكون وإياهم على سواء إن أعتزينا بغير ديننا، وبغير إسلامنا، وبغير قيمنا، وبغير هويتنا الإسلامية… وما التاريخ الميلادي عنا ببعيد… فلقد أصبح هذا التاريخ هو المعتمد الرسمي الذي لا يعرف سواه في الغالب للأسف الشديد، بل إذا قلت لمسلم كم اليوم بالهجري لا يعرف كم هو بالهجري، حتى ولو قلت له بالهجري لا بد يقول كم يعني ميلادي لا يستطيع أن يحسب كم إن لم يكن حافظًا للأشهر الهجرية…

- بل أصبح الميلادي هو الأساس والرسمي في كل البلدن العربية والإسلامية تقريبًا بل لا يعرف صلاته وصيامه وحجه وأن كل شيء من أحكام دينه متعلقة به، بل إن هؤلاء ما أبعدونا عن تاريخنا الهجري وأبدلونا عن تاريخنا بالتواريخ الاخرى؛ إلا لأنهم أرادوا ان يطمسوا هويتنا، وأن يطمسوا قيمنا وإسلامنا ومبادئنا وأن نتناسى أن أحداث تاريخنا هي مدونة بتاريخنا الهجري العربي والإسلامي…

فبدر وأحد واليرموك وحطين والقادسية وعين جالوت وقل عن كل معارك الدين، فضلًا عن الفضلاء العظماء الأخيار من أمتنا إنما مؤرخة ميلادهم وأيضاً وفاتهم وحياتهم إنما هي بالهجري، فأرادوا أن يسلخوا المسلم عن هذه وأن يعيدوه إلى أشياء جديدة ثانوية لا قيمة لها حتى عند عقلاء النصارى، وقد قال بابا الفاتيكان الذي هو الأصل والعمدة والمرجعية لهم على أن لا أساس للكريسماس في النصارى والإنجيل أبدا وإنما هي عقائد فردية وبدع محلية اتخذها أناس من ملحدي النصارى وجعلوها عامة لأنهم يملكون السلطة.

- وأصبح اليوم كثير من المسلمين لا وفقط أنهم يؤرخون به في رسمياتهم لا بل كثير من المسلمين يجعلونه هو يوم عيد.ك نعم هو يوم تهاني وسرور، هو يوم ترتة وحلوى وإجازة.. هو يوم وكأنهم يرضون بأن الله تبارك وتعالى وحاشاه ثالث ثلاثة وأن عيسى صلب والله ينكر ذلك ﴿وَما قَتَلوهُ وَما صَلَبوهُ...﴾. وهم يقولون ذلك عن عيسى عليه السلام… فأيها الإخوة يجب أن نستيقظ، وأن نعي ماذا يراد بنا، وكيف يراد أن ننسلخ عن هويتنا، وعن قيمنا، وعن مبادئنا، ويجب أن نستيقظ حقًا؛ فعلى قدر اليقظة تكون العودة…

أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ..

الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:


- فألا أن من أبرز المظاهر التي رأيناها خارجة عن هويتنا الإسلامية، وحذرنا منها نبينا صلى الله عليه وسلم كل تحذير، وأنذرنا وأوصانا عليه الصلاة والسلام بأن ندعها كل الودع هي التشبه بغير المسلمين؛ فلنا ديننا، لنا إسلامنا، لنا قيمنا، لنا حضارتنا، لنا تاريخنا، لنا لباسنا، لنا كل شيء….

- ولذا حرص النبي صلى الله عليه وسلم على مخالفة أهل الكتاب في كل شيء حتى لما علم على أن اليهود يسدلون شعورهم فترك السدل ومسح عليه الصلاة والسلام على العكس، وحتى في سلام، وحتى في قيام، وحتى في لباس وحتى في جلسة، وحتى في كل شيء أمرنا بمخالفة أهل الكتاب وبمخالفة المشركين عموما "خالفوا المشركين" .

- وكل من كان غير مسلم فيدخل تحت دائرة الشرك: "خالفوا المشركين"، فهو أمر نبوي صريح ﴿وَما آتاكُمُ الرَّسولُ فَخُذوهُ وَما نَهاكُم عَنهُ فَانتَهوا ...﴾ إن لم يكن أمره عليه الصلاة والسلام فهذا أمر الله بالأخذ بسنة رسول الله والاتباع لهدي خير خلق الله عليه الصلاة والسلام وإنه قد أمر بأن لا نتشبه ونهى كل النهي من أن يتشبه المسلم بغير المسلمين : ﴿ فَبِهُداهُمُ اقتَدِه ...﴾ بالأنبياء بالمرسلين بالفضلاء بالعظماء من الأمة فبهداه مقتدي ﴿أُولئِكَ الَّذينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقتَدِه ...﴾ فلا بشرقي، ولا بغربي، ولا بفنان، ولا برياضي، ولا بعلان، ولا بممثل، ولا بمشهور، ولا بزعيم، ولا بأحد لا يحق لأحد أن يقلده ما دام وأنه على غير هدى وعلى غير هدي، أي على غير هدى يمشي عليها، وعلى غير هدي من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يمضي عليه.

- ألا فلنتق الله، ألا فلنعلم علم يقين أن التحذير الإلهي: ﴿ فَليَحذَرِ الَّذينَ يُخالِفونَ عَن أَمرِهِ أَن تُصيبَهُم فِتنَةٌ أَو يُصيبَهُم عَذابٌ أَليمٌ﴾ كائن فينا، وعندنا وفي كل شيء من حياتنا إن ابتعدنا عن إسلامنا، وعن ديننا، وعن مبادئنا، وأهدافنا، وعن شرع ربنا عامة، واعتزينا بغيره… وإنما ضربت مثالا بالتاريخ الميلادي والهجري، وإلا فهي كثيرة جد كثيرة ألا فالتمسك التمسك بهدي هذا الدين ﴿فَاستَمسِك بِالَّذي أوحِيَ إِلَيكَ... ﴾.

- وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:

*❈- الحساب الرسمي الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص الاحتياطي فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty3
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.com
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر (إكس):*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص تليجرام:*
https://t.me/alsoty
*❈- مجموعة #يستفتونك اطرح سؤال تليجرام:*
https://t.me/alsoty11
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A
...المزيد

.الشعور.بآلام.المسلمين.من.فرائض.الدين.cc. #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد ...

.الشعور.بآلام.المسلمين.من.فرائض.الدين.cc.

#خطب_مكتوبة

👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇

https://youtu.be/2biqRwc7D1g?si=x1QD3L3cjFX69P7f
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ 18/جمادى الأخرة/1446هـ ↶
👤ـ للشيخ/عبدالله رفيق السوطي.

الخــطبة الأولــى: ↶

ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.

أمــــــا بــــعـــــد:

- فإن الملاحظ لهذا الدين أنه قد حرص كل الحرص على أن يبني هذا المجتمع المسلم أعظم بناء، وأمتن بناء، وأصلب بناء؛ حتى يواجه الحياة بما فيها، حتى يواجه هذه الدنيا بأحداثها، ومغرياتها، وكوارثها، وشهواتها، وشبهاتها، وأي صراعات تحدث فيها.

- هذا المجتمع المسلم الذي حرص الإسلام على بنائه أشد بناء، وأعظم بناء، وأمتن بناء؛ لأنه يعلم أن قوة هذا البناء المجتمعي يعني أن يكون الترابط، أن يكون التآخي، أن يكون التعاون، أن يكون التآزر، أن تكون المحبة، أن تكون المودة، أن تكون القيم والأخلاق فيما بينهم هي السائدة وهي الحاكمة، بينما تلك القيم السيئة الفرقة، والتخاصم، والنزاع، والمشاكل بعيدة عنهم كل البعد، فكلما كان المجتمع أحب وأصلح فيما بينه وبين المجتمع الآخر الذي هو فيه فإنه يصعب على العدو اختراقه، ويصعب على العدو أيًا كان ومهما بلغت قوته، ومهما بلغ جيشه، ومهما بلغ إعداده، وسلطته، فإنه لا يمكن أن يخترق هذا البناء أبدًا، بالعكس ما إذا كان هشًا في الفرقة، والخصام، والنزاع، والمشاكسات فيما بينهم يمكن لكل أحد أن يخترق بل أن يفتته تفتيتًا، وأن يزيد فيه لهبا.

- ولهذا قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَأَطيعُوا اللَّهَ وَرَسولَهُ وَلا تَنازَعوا فَتَفشَلوا وَتَذهَبَ ريحُكُم﴾، التنازع، والفشل، والقيم التي تؤدي لهذا بكله بعد أن من الله عليكم بما أنتم عليه من مودة ومحبة، ومن وفاق إلاخوة التي هي أعظم وأوثق من رباط النسب: ﴿إِنَّمَا المُؤمِنونَ إِخوَةٌ...﴾،﴿وَاعتَصِموا بِحَبلِ اللَّهِ جَميعًا وَلا تَفَرَّقوا وَاذكُروا نِعمَتَ اللَّهِ عَلَيكُم إِذ كُنتُم أَعداءً فَأَلَّفَ بَينَ قُلوبِكُم فَأَصبَحتُم بِنِعمَتِهِ إِخوانًا...﴾، يعني إن لم تعتصموا بحبل الله تفرقتم، وتشتتم، وتنازعتم، وعدتم لما كنتم عليه في أزمانكم الغابرة أيام الجاهلية، وذهبت ريحكم بين العرب والعجم عامة، وأصبحتم شذر مذر كما هو الواقع اليوم يتحدث وينطق.

- الله سبحانه وتعالى منّ على نبيه بأعظم منّة، وأعظم كرامة، وألّف بين قلوبهم أفضل تأليف وأمتنه: ﴿وَأَلَّفَ بَينَ قُلوبِهِم لَو أَنفَقتَ ما فِي الأَرضِ جَميعًا ما أَلَّفتَ بَينَ قُلوبِهِم...﴾، هكذا الله تبارك وتعالى هو الذي يؤلف بين قلوب عباده إذا أقبلوا العباد إليه، وإذا رجعوا وأنابوا إلى جل جلاله فإن أولئك العباد قد استحقوا ما عند الله من نعمة وكرامة، وما من نعمة أعظم من نعمة التقارب، والتآخي، والتعاون، والتآزر، وأن يكونوا كما كان مجتمع الصحابة الذي حرص النبي صلى الله عليه وسلم أن تكون أولى أعماله المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار؛ لأنه يعلم صلى الله عليه وسلم على أن قوة المجتمع في مؤاخاته، في تآزره، في تعامله، في محبته، في أي شيء يحدث عليه كأنما يحدث كأنما يحدث على أخيه، وأي شيء يحدث على أخيه كأنه يحدث عليه: "مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم، كمثل الجسد الواحد إذا أشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".

- لا يمكن لطرف من الجسد أن يتألم ولا يتألم كل الجسد معه، فلابد فطرة أن يكون ذلك، ولن يتبرأ عضو من بقية الأعضاء، فالشرع يريد من المجتمع المسلم أن يكون بهذه الدرجة، وهذه الحاسية، وهذا الشعور الذي لا بد أن يوجد، والشعور والإحساس موجود في الجميع، لكن إما أن يغرسه بخير فيوجه نحو الخير، أو أن يغرسه بشر فإلى اليمين وإلى الشمال يتجه…
- المؤمن الحق هو الذي كالبنيان لأخيه المسلم، يشد بعضه بعضًا، وشبك صلى الله عليه وسلم بين أصابعه، ولحرصه صلى الله عليه وسلم على المجتمع المسلم أن يكون لحمة واحدة جعل التكاتف والتعاون فيما بينهم كأنه جهاد في سبيل الله؛ ففي البخاري ومسلم: "الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله"، وتأمل لا حتى يدفع بماله لهذه الأرملة، أو لهذا المسكين، أو لهذا الفقير، أو لهذا المنكوب، أو لهذا اليتيم، أو لهذا الضعيف، أو لهذا المريض، لا بماله، بل ولو أن يسعى عند غيره ليسد رمقه فذاك مجاهد في سبيل الله.

- بل قال صلى الله عليه وسلم: "أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين" يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم ومن يكفل هذا اليتيم الضعيف يكون بدرجة واحدة في الجنة بمقام النبوة؛ لأنه حرص على لحمة المجتمع، وحرص على تآخي المجتمع، والتكاتف الذي يجب أن يسود في المجتمع: ﴿إِنَّمَا المُؤمِنونَ إِخوَةٌ ....﴾، فلا يحصل شيء على أخيه إلا وهو واقف في صفه، وإلا نقص من الإيمان في قلبه بقدر نقص ذلك منه بعدم تآزره، وتآخيه، وتعاونه، وإحساسه بالمسلم أيًا كان المسلم وفي أي مكان وبلد كان.

- ولذا قال عليه الصلاة والسلام: "ما آمن بي"، نفي للإيمان: "ما آمن بي من بات شبعانًا وجاره جائع بجواره وهو يعلم"، فليس مؤمنًا برسول الله صلى الله عليه وسلم ما دام وأنه يبيت في شبع، بينما الآخر يجوع، بينما الآخر يحزن، بينما الآخر يتألم، بينما الآخر يعاني، بينما الآخر يمرض، بينما الآخر يُدمّر، يُذبح، يُسجن، يُعذّب، يُفعل به الأفاعيل، فليس بمؤمن ذلك أبدًا، بل في الحديث الصحيح الآخر "أيما أهل عرصة باتوا وفيهم أمرؤ جائع فقد برئت منهم ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم" الله بريء منه ورسوله صلى الله عليه وسلم كذلك ﴿أَنَّ اللَّهَ بَريءٌ مِنَ المُشرِكينَ وَرَسولُهُ...﴾ لا يتبرئ الله إلا من أمر عظيم ومن الشرك فكيف أن يكون هذا? لأن المسلم لم يهتم ولم يستيقظ ليدفع جوعا عن أخيه.

- ولذلك فقد جعل صلى الله عليه وسلم أحب الأعمال إلى الله سرور يدخله المسلم على أخيه المسلم: "أحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور يدخله على مسلم، أو يكشف عنه كربة، أو يقضي عنه دينًا، أو يطرد عنه جوعًا، ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد (يعني المسجد النبوي)، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تتهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام"، هكذا جاء في الحديث الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم فيتحدث عن خدمة الأخ لأخيه بمجرد أن يتعاون معه فيتعبد الله بخدمة أخيه، ولذا الأنبياء والرسل لم يُبعثوا عبادًا في صوامعهم، بل بُعثوا للناس عامة لمجتمعاتهم، فيجوع مع الناس، ويشبع مع الناس، ويقاتل مع الناس، ويسهر مع الناس، ويأكل كما يأكل الناس، ويشرب كما يشرب الناس.

- ولهذا لما جيء للنبي صلى الله عليه وسلم مرة بماء في شن بارد حلو رده النبي عليه الصلاة والسلام وكان في يوم عرفة، فقال: "أسقني مما يسقى الناس"، قاله صلى الله عليه وسلم للعباس، ولقد اشتُهرت قصته عليه الصلاة والسلام، ونحفظها جميعًا أنه كان يربط حجرين في يوم الخندق إذا الصحابة ربطوا من الجوع حجرًا واحدًا، فمن شدة الجوع الذي نزل به صلى الله عليه وسلم كشف عن بطنه وإذا هو صلى الله عليه وسلم قد ربط أكثر مما ربطوا، وجاع أكثر مما جاعوا، وإن كان من أحد حصل على شيء فإنه صلى الله عليه وسلم لم يحصل على شيء، وكان يمكث الليالي والأيام بل الأشهر كما قالت عائشة في المتفق عليه: "إنها لتمر ثلاثة أهلة لا يوقد في بيت رسول الله صلى الله وسلم نار"، بل في البخاري مات رسول الله ولم يشبع من خبز الشعير حتى من خبز الشعير الذي الآن تعافه حتى الحيوانات، ولا يأكله البشر إلا عند الضرورات، ومع ذلك فورسول الله مات ولم يشبع منه…

- انظروا إليه صلى الله عليه وسلم كيف كان القدوة والأسوة للناس جميعًا يساوي نفسه بهم، ويتلمس حوائجهم، ويشاركهم الهموم والغموم والأحزان، والأفراح، والأتراح، وما هم فيه صلى الله عليه وسلم، وهكذا كان ذاك المجتمع فكل مجتمع مسلم نريد يكون كذلك مثل ذلك المجتمع، من أجل أن يستحقوا الرحمة من الله؛ لأن "من لا يرحم لا يُرحم"، و"لا تُنزع الرحمة إلا من شقي"، كما جاء في الحديث الصحيح: "والراحمون يرحمهم الرحمن عز وجل".

- بل في الصحيح لما دخل وفد من مضر أشبه بعراة، لا يجدون حتى ما يكسون أنفسهم، فضلًا من أن يشبعوا بطونهم، أو أن يكون لهم ديار وغير ذلك، فلما رآهم عليه الصلاة والسلام دخلوا المسجد وهم بهذه الهيئة تمعر وجهه، وارتعدت فرائصه، وأمر بلالًا أن يقيم الصلاة فصلى على عجالة، ثم قام فخطب الناس وهو صلى الله عليه وسلم مغضب، محمر الوجنتين، يرتفع صوته، ينادي في الناس: "الصدقة الصدقة، أغيثوا عباد الله، ليتصدق أحدكم من ديناره، من ماله، من طعامه، من قوته، من أي شيء"، في معناه، وإذا بهم يبادرون حتى يتهلل وجه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، انظروا كيف تمعر وجهه لجوعهم، وانظروا كيف تهلل وجهه، لسد حاجتهم.

- أين الشعور، أين الإحساس الذي فينا؛ لأجل الفقراء، المساكين، الضعفاء، المحتاجين، المرضى، الأرامل، الأيتام، وأي محتاج من المسلمين خاصة مع اشتداد الحاجة، والغلاء، والنكبة، والألم، والحسرة، وفي كل يوم يزداد، ولعل ما من بيت إلا وفيه من هذه المأساة.

- فأين النخوة والإحساس الذي يجب أن يُغرس في قلب كل مسلم كعبادة يتعبد بها الله عز وجل أمام يرى، ويسمع، ويُنقل إليه من مجازر عظيمة، ومحرقات، وقتل، ودمار، وقصف، وآلآم، وسحل، وسح،ق بل أصبحت الجثث في غزة العزة تأكلها الكلاب، فأين المسلمون، أين غيرتهم، أين شعورهم، أين اندفاعهم: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا ما لَكُم إِذا قيلَ لَكُمُ انفِروا في سَبيلِ اللَّهِ اثّاقَلتُم إِلَى الأَرضِ أَرَضيتُم بِالحَياةِ الدُّنيا مِنَ الآخِرَةِ فَما مَتاعُ الحَياةِ الدُّنيا فِي الآخِرَةِ إِلّا قَليلٌ إِلّا تَنفِروا يُعَذِّبكُم عَذابًا أَليمًا وَيَستَبدِل قَومًا غَيرَكُم وَلا تَضُرّوهُ شَيئًا وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ﴾…

- نعم لقد حرص أعداء الإسلام على إخماد جذوة الإحساس في المسلمين، وإخراج العواطف من نفوسهم بكثرة الألآم، والنكبات، والقتل، والدمار، الذي يحصل عند المسلمين، لكن المؤمن الحق لا يمكن أن يتزعزع، ولا يمكن أن يتضعضع، ولا يمكن أن يتراجع، بل كلما زادوا زاد من شعوره، وألآمه، وإحساسه بإخوانه أيًا كانوا…

- وكلما زاد إيمانه زاد إحساسه، وزادت على الآمه على مصاب المسلمين عامة، وزادت همومه حتى تُقضى هموم غيره كما كان عليه الصلاة والسلام؛ لأنها عبادة لا يجدها إلا قلة من الناس، فإذا زدادوا إيمانًا، وتعرفوا على ربهم، زاد إحساسهم، وزادت ألآمهم لأجل إخوانهم أيًا كانوا في القريب أو في البعيد.

- وما غزة عنا ببعيدة، وكل مسلم على قطر الأرض ينادي ويصرخ فإن واجب المسلم أن يحس به، وأن يتألم لألآمه، وأن يكون كأنه هو المتألم، فما من متألِم من المسلمين إلا والكل يتألَم لأجله… وإلا لنزل العذاب على ذلك الذي الذي يتساهل ويتراخى، والذي لا يعير اهتمامًا بإخوانه أبدًا، بل تراه مطنشًا لهم في أي شيء من هموم حياته، أو في شهواته، وملذاته، أو في دنياه، أو في أي أمر كان، وليس المؤمن ذلك كما تقدم في الحديث: "ما آمن بي من بات شبعانًا وجاره جائع بجواره وهو يعلم": ﴿إِلّا تَنفِروا يُعَذِّبكُم عَذابًا أَليمًا وَيَستَبدِل قَومًا غَيرَكُم وَلا تَضُرّوهُ شَيئًا وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ﴾…


- وهؤلاء جميعًا بالنسبة للمسلمين في غزة وغيرها حقوقهم في الحقيقة أعظم من غيرهم فإذا كنا يجب علينا أن نُشبع الجار الفقير من جوع فيجب أن نحمي المسلمين؛ لأن الله تبارك وتعالى يقول: ﴿وَإِنِ استَنصَروكُم فِي الدّينِ فَعَلَيكُمُ النَّصرُ...﴾، فإذا كان يجب أن نسد رمق الجائع فمن باب أولى أن نغار على القتل والدمار والدماء التي تزهق منذ أكثر من سنة في غزة، وفي أي بلد من بلاد المسلمين عامة، ومن لم يكن إحساسه وألآمه ورضي بذلك بأفعاله فالعذاب عليه كما قال صلى الله عليه وسلم: "إذا عُملت الخطيئة في الأرض فمن رضيها كان كمن شهدها".

- ولذلك جاء في الأثر أن جبريل لما نزل على قرية من القرى، وأمره الله بأن يفعل بها الأفاعيل، ويعذبها العذاب الشديد جاء جبريل وإذا فيها رجل متعبد في صومعته، فعاد إلى ربه فقال يا ربي كيف أهلكهم وفيهم فلان ابن فلان ما عصاك قط، ولا خرج من صومعته عبادة وطاعة لوجهك الكريم، فكيف أهلكهم وأعذبهم وهذا فيهم؟ قال الله: "به فابدأ؛ لأنه لم يتمعر وجهه غضبًا لحرماتي"، وانظروا حتى أن يتمعر وجهه، حتى أن يتألم بجسده، حتى لا يرضى أي منكر يفعل على الأرض فذاك دليل إيمانه، وإنكاره، ويكفيه أن يرفع عنه العذاب بإذن الله عنه: ﴿وَاتَّقوا فِتنَةً لا تُصيبَنَّ الَّذينَ ظَلَموا مِنكُم خاصَّةً وَاعلَموا أَنَّ اللَّهَ شَديدُ العِقابِ﴾.

- ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم جعل مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ثلاثة فقال: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فمن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الايمان"، أن يكره، وأن لا يرتضيه أبدًا، وأن يتألم على مصاب إخوانه أيضا.

أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ..

الــخـــطــبة الثانــــية: ↶

ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:

- فإن من علامة النفاق أن يكون بليد الإحساس، أو متعاونًا مع عدو الأمة بدلًا من يكون في صف المسلمين معاونًا، ومؤازرًا، وعلى أقل أحواله متعاطفًا ولو بلسانه إن لم يستطع بفعاله ما دام وأن لا قوة ولا سلطة ولا شيء من ذلك له وإلا فهو علامة نفاق ولذلك الله سبحانه وتعالى حين ذكر المنافقين ﴿أَلَم تَرَ إِلَى الَّذينَ نافَقوا يَقولونَ لِإِخوانِهِمُ الَّذينَ كَفَروا مِن أَهلِ الكِتابِ لَئِن أُخرِجتُم لَنَخرُجَنَّ مَعَكُم وَلا نُطيعُ فيكُم أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قوتِلتُم لَنَنصُرَنَّكُم وَاللَّهُ يَشهَدُ إِنَّهُم لَكاذِبونَ﴾.

- وهكذا يتحدث الله عن صفات النفاق عندما يكونون في صف أعداء الأمة بل يسارعون فيهم: ﴿فَتَرَى الَّذينَ في قُلوبِهِم مَرَضٌ يُسارِعونَ فيهِم يَقولونَ نَخشى أَن تُصيبَنا دائِرَةٌ ....﴾ يخافون على أنفسهم، يخافون على مصالحهم، يخافون على شهواتهم، يخافون على ذواتهم، يخافون على أي شيء من دنياهم، ثم يضحون بأمتهم، ولا يحترقون عليها، ولا يهتمون بأمرها، إما لهم قدرة، أو ليس لهم قدرة، ولكنهم حتى حتى بألسنتهم لم يفعلوا لم يشاركوا الأمة همها وغمها وما نزل بها…

- وأيضًا من صفاتهم يعتذرون عند حلول الأزمات بالأمة: ﴿وَيَستَأذِنُ فَريقٌ مِنهُمُ النَّبِيَّ يَقولونَ إِنَّ بُيوتَنا عَورَةٌ وَما هِيَ بِعَورَةٍ إِن يُريدونَ إِلّا فِرارًا﴾، ﴿وَمِنهُم مَن يَقولُ ائذَن لي وَلا تَفتِنّي أَلا فِي الفِتنَةِ سَقَطوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحيطَةٌ بِالكافِرينَ﴾، قال الله لهم: ﴿إِنَّما يَستَأذِنُكَ الَّذينَ لا يُؤمِنونَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَارتابَت قُلوبُهُم فَهُم في رَيبِهِم يَتَرَدَّدونَ وَلَو أَرادُوا الخُروجَ لَأَعَدّوا لَهُ عُدَّةً وَلكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعاثَهُم فَثَبَّطَهُم وَقيلَ اقعُدوا مَعَ القاعِدينَ لَو خَرَجوا فيكُم ما زادوكُم إِلّا خَبالًا وَلَأَوضَعوا خِلالَكُم يَبغونَكُمُ الفِتنَةَ وَفيكُم سَمّاعونَ لَهُم وَاللَّهُ عَليمٌ بِالظّالِمينَ﴾، ثم يشككون في شرعية جهادهم وتضحياتهم وأفعالهم: ﴿وَلِيَعلَمَ الَّذينَ نافَقوا وَقيلَ لَهُم تَعالَوا قاتِلوا في سَبيلِ اللَّهِ أَوِ ادفَعوا قالوا لَو نَعلَمُ قِتالًا لَاتَّبَعناكُم هُم لِلكُفرِ يَومَئِذٍ أَقرَبُ مِنهُم لِلإيمانِ يَقولونَ بِأَفواهِهِم ما لَيسَ في قُلوبِهِم وَاللَّهُ أَعلَمُ بِما يَكتُمونَ﴾، ﴿وَإِنَّ مِنكُم لَمَن لَيُبَطِّئَنَّ فَإِن أَصابَتكُم مُصيبَةٌ قالَ قَد أَنعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذ لَم أَكُن مَعَهُم شَهيدًا﴾، وعند الهزيمة لو حصلت للمسلمين يقولون: ﴿الَّذينَ قالوا لِإِخوانِهِم وَقَعَدوا لَو أَطاعونا ما قُتِلوا قُل فَادرَءوا عَن أَنفُسِكُمُ المَوتَ إِن كُنتُم صادِقينَ﴾، ﴿يَقولونَ لَو كانَ لَنا مِنَ الأَمرِ شَيءٌ ما قُتِلنا هاهُنا قُل لَو كُنتُم في بُيوتِكُم لَبَرَزَ الَّذينَ كُتِبَ عَلَيهِمُ القَتلُ إِلى مَضاجِعِهِم﴾، فإذا كان النصر: ﴿الَّذينَ يَتَرَبَّصونَ بِكُم فَإِن كانَ لَكُم فَتحٌ مِنَ اللَّهِ قالوا أَلَم نَكُن مَعَكُم وَإِن كانَ لِلكافِرينَ نَصيبٌ قالوا أَلَم نَستَحوِذ عَلَيكُم وَنَمنَعكُم مِنَ المُؤمِنينَ فَاللَّهُ يَحكُمُ بَينَكُم يَومَ القِيامَةِ وَلَن يَجعَلَ اللَّهُ لِلكافِرينَ عَلَى المُؤمِنينَ سَبيلًا﴾، ﴿وَلَئِن أَصابَكُم فَضلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقولَنَّ كَأَن لَم تَكُن بَينَكُم وَبَينَهُ مَوَدَّةٌ يا لَيتَني كُنتُ مَعَهُم فَأَفوزَ فَوزًا عَظيمًا﴾، والصفات من هذه تطول… فقد فضحهم الله جل وعلا في كتابه…

- ثم أيضًا فإن من صفات المنافقين هؤلاء أنهم مع أعداء الأمة على الأقل في التخذيل والتحذير من المؤمنين ممن هم في صف مواجهة عدو الأمة قال الله سبحانه وتعالى في صفاتهم وفي تخذيلهم: ﴿وَقالوا لا تَنفِروا فِي الحَرِّ قُل نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَو كانوا يَفقَهونَ ﴿فَليَضحَكوا قَليلًا وَليَبكوا كَثيرًا جَزاءً بِما كانوا يَكسِبونَ﴾، يحذرونهم من أن ينفروا في الحرب وفي الجهاد، ثم التحذير من النفقة عليهم: ﴿هُمُ الَّذينَ يَقولونَ لا تُنفِقوا عَلى مَن عِندَ رَسولِ اللَّهِ حَتّى يَنفَضّوا وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالأَرضِ وَلكِنَّ المُنافِقينَ لا يَفقَهونَ﴾ حتى يتركوهم، حتى يدعوهم، حتى يشتتوهم، حتى يقتلوهم، حتى يبيدوهم ونرتاح منهم ونضرب عصفورين بحجر، وننتهي من هؤلاء جميعًا…

- هذه من أبرز صفات النفاق في الموضوع وإن كانت طويلة، ألا فإما أن يكون المسلم في صف المؤمنين، وفي صف أولياء الله الصالحين، وفي صف الأمة بشكل عام، أو يكون في صف هؤلاء متحالفًا، متظاهرًا، متعاونًا، أو على الأقل ساكتا…

- وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:

*❈- الحساب الرسمي الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص الاحتياطي فيسبوك:* https://www.facebook.com/Alsoty3
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.com
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر (إكس):*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص تليجرام:*
https://t.me/alsoty
*❈- مجموعة #يستفتونك اطرح سؤال تليجرام:*
https://t.me/alsoty11
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A
...المزيد

*جريمة.الاعتداء.على.الحقوق.والحريات.في.الإسلام.cc.* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي ...

*جريمة.الاعتداء.على.الحقوق.والحريات.في.الإسلام.cc.*

#خطب_مكتوبة

👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/7-p9NuBVkK0?si=okrfIuN0hIFeuJ5m
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ 12/جمادى الآخرة/1446هـ ↶
👤ـ للشيخ/عبدالله رفيق السوطي.

الخــطبة الأولــى: ↶

ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.

أمــــــا بــــعـــــد:

- أما بعد فإن الإسلام قد قسم الذنوب إلى قسمين: صغيرة، وكبيرة، وجعل هذه الذنوب الصغائر والكبائر إما مغفورة تلقائيًا بمجرد الطاعات كـ الصلاة إلى الصلاة، ورمضان إلى رمضان، وهكذا الحج عاد كيوم ولدته أمه، وأي طاعة أخرى، وحتى البلاء، فهذه مغفورة تلقائيًا بمجرد أن يفعل الإنسان الطاعات: ﴿إِنَّ الحَسَناتِ يُذهِبنَ السَّيِّئَاتِ﴾، وهناك ذنوب كبيرة لا يمكن أن تغفر تلقائيًا بمجرد أن يفعل الإنسان الطاعة دون أن يتقصد ذلك الذنب العظيم بالتوبة، والندم، والعزم على عدم العودة، إضافة إلى كثرة العبادة والطاعة، والإقلاع عن ذلك الذنب من فوره، فإذا لم تتحقق الشروط هذه المتفق عليها مع شروط أخرى كمالية ليغفر الله الذنب الكبير من العبد فإنه يبقى مسجلًا عليه لا يغفره الله تبارك وتعالى إلا بتوبة صادقة صالحة من ذلك العبد يقصد به ذلك الذنب.

- لكن هناك من الذنوب الكبيرة والجليلة ما لا يمكن أن تكفّر حتى بالتوبة بشروطها السابقة، نعم تخيل! حتى بندم، حتى بعزم لعدم عودة، حتى بإقلاع من فوره، حتى بكثرة طاعة وعبادة، لا يمكن أن تُغفر بها وحدها ولا بد من شرط بجوارها، إنها تلك الذنوب والمعاصي الداخلة تحت الكبائر لكنها تتعلق بحقوق المخلوقين، تتعلق بالآخرين، تتعلق بالبشر جميعًا لا بين الله وبين العبد كما سبق من ذنوب صغيرة وكبيرة، لكن بينه وبين الخلق من كبائر عظيمة، حتى ولو صغرت، حتى ولو دقت، حتى ولو كانت ما كانت، فإن الله لا يغفرها للعبد حتى يرد الحقوق إلى أهلها، وإلى أصحابها، إلى أن يتسامح منهم، إلى أن يصطلح فيما بينه وبينهم.

- ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح قد ذكر أن: "الظلم ثلاثة: فظلم لا يتركه الله، وظلم يُغفر، وظلم لا يُغفر فأما الظلم الذي لا يُغفر فالشرك لا يغفره الله، وأما الظلم الذي يُغفر فظلم العبد فيما بينه وبين ربه، وأما الظلم الذي لا يُترك فظلم العباد فيقتص الله بعضهم من بعض"، إذن فالظلم الذي لا يتركه الله فهو الذي نتحدث عنه اليوم وهي الحقوق فيما بين العبد وبين الآخرين، المظالم التي تبقى عالقة في ذمة العبد لا يغفرها الله له بمجرد مضي الأيام، وانقضاء الأعمار، وإتبان الموت، وحتى بحسن العبادة والطاعة، فضلًا عن فرار من حقوق الآخرين، وتقفز إلى حقوق أخرى أعظم وأكبر.

- أيها الإخوة هذا هو ديننا، هذا هو إسلامنا، هذا هو كتاب ربنا، هذه هي سنة نبينا صلى الله عليه وسلم كثيرة جدًا أدلتها، وتفاصيلها، وأحكامها، وتشريعاتها في هذا الجانب في حقوق الانسان، في الحقوق والحريات عامة قبل أن تكون الأمم المتحدة، وقبل أن تكون المنظمات الدولية، وقبل أن تكون القوانين الدولية، وقبل أن تُنظم القوانين المحلية، وقبل أن يوجد هؤلاء الذين يتذرعون بالحقوق والحريات ويركزون على جانب منها دون آخر، بل يميّزون ما بين حق وحق بحسب البشرة، واللون، والمكان، والجنسية، والإسلام، وعدم الإسلام، وبين الإلحاد وعدمه، بل بين الجنسين؛ فحقوق الرجل قليل من يتحدث عنها، لكن بالنسبة لحقوق المرأة فقد عبدوها، وعظموها، وقدسوها، وأجلوها لا حبًا فيها، لا، ولكن لأنها تخدم مصالحهم التي يريدونها، والتي هي في ثورات شهواتهم، وشبهاتهم، ومعارضاتهم، وما يريدون تزييفه للآخرين فإنهم يركزون عليه بقوة…
- أما الإسلام فإنه قد كرّم بني آدم كل بني آدم: ﴿وَلَقَد كَرَّمنا بَني آدَمَ...﴾ أي عموم بني آدم، وجعل له الحقوق، وجعل له الحريات، وكفل له في دينه، وفي ظل إسلامه، بل في ظل إنسانيته ما هو أكمل، وأشمل، وأعظم، وأجل من كل حق يتذرعه الآدمي اليوم، ويدندنون به بألسنتهم، ويخالفونه بأفعالهم ووقاحاتهم…

- إن أكثر من يتحدث عن الحقوق، وعن الحريات، وعن الحرية بشكل عام، هم من سلبوا الحرية، هم من عادوا الحرية، هم من سلبو كل شيء من الآدمية، هم من تاجروا بالآدمي بكله، فضلاً عن حقوقه، وحرياته، وممتلكاته، وشخصيته، ومقدساته، وما فيه، لكنهم أكثر من يتحدثون عن حقوقه وحرياته، وعن ما يجب له، لكنهم يسلبونها غصبًا عنه، سواء كان من بعيد، أو من قريب، وما الحكّام مثلاً، وما الزعماء أيضًا، وما أحد يترأس على شيء عادة ويكون متملكًا على شيء إلا ويستغل ما بين يديه لأجل صالح نفسه، ولشهوته، ولشخصيته، ولمن له حق عليك من القريب أو البعيد، وإن كان يتذرع بأنه نظيف، وشريف، ويحترم حقوق الآخرين، ويعطي كل ذي حق حقه، لكنه يكذب عملًا وإن تذرع به قولا...

- أما الإسلام فقد أبانها، وفصلها، ووضّحها، وإن زعموا غير ذلك، بل إذا كان ديننا قد جعل حقًا حتى لحيوان، بل لا ليس كذلك وفقط، بل أدخل النار من عذب حيوانًا، فكيف بمسلم، فكيف بإنسان، فكيف بأدمي مكرم، نفخ الله فيه من روحه، وأسجد له ملائكته، وفضله على خلقه، بعقله بإنسانيته بشكل عام، وهذا النبي صلى الله عليه وسلم في البخاري ومسلم ذكر أن امرأة دخلت النار في هرة؛ لأنها حبستها. لا أطلقتها ولا هي التي أطعمتها، لم تفعل شيئًا من ذلك لا هذا ولا ذاك، فعذاب الهرة سبب لهذه المرأة المعذبة النار، فإذا كان هذا في هرة وفي تعذيب مخلوق ليس بإنسان، وليس بمكرم عند الكثير، وكذلك من سقت كلبًا مع جرائمها فدخلت الجنة، فكيف بإنسان أن يُسلب، وأن يُؤخذ، وأن يُبتز، وأن يُغتصب، وأن يُقتل وأن يُسجن. وأن يُعذب، وأن تُنزل به العقوبات العظيمة، والمهانات الشديدة، التي تقشعر لها الأبدان، وترتعد لها الفرائص…

- وما نراه في واقعنا اليوم، ونراه في لحظاتنا، وفي ساعاتنا، وعلى وسائل التواصل، فضلاً عن الحقيقة المرئية أمام أعيننا إلا ليؤكد ذلك كل تأكيد على أن الحريات، والحقوق، وحقوق الإنسان عامة إنما هي مفتعلة عند من يدعونها، لكنها مسلوبة كل السلب في واقعهم، أو عند أشخاص لا يريدون أن توصل لهم الحقوق، وكما قال أحد المنظرين الذين يقولون الحق: "نريد أن نعرف الإنسان قبل أن نعرف الحقوق"، من هذا الإنسان الذي له الحقوق، ومن ليس له الحقوق، من، هل الإنسان الأوروبي مثلًا، الأمريكي مثلًا، الروسي مثلًا… من… أما بالنسبة لحقوق الآخرين المسلمين فليس لهم حقوق؛ فلعل كلبة في وسط أوروبا أو قطًا أو أي شيء من الحيوانات هذه لها حرية، ولها حقوق، ولها تعظيم، ولها قدسية أكبر وأجل وأكثر ما لمسلمي اليوم في بلاد العرب والمسلمين، بل حتى عند الغربيين وفي بلاد الغربيين.

- أين ما يدعون وأينما نراه في الواقع، أما الإسلام ذلك الذي يحاربونه فهو الذي احترم حقوق الآخرين كل احترام، وشرّعها كل تشريع، وبينها كل بيان، وفصّل فيها كل تفصيل، وأوضحها بل جعلها مقدسة لا يحل لإنسان أن ينتهكها، ولا أن يبتزها، وأن يأخذها، وأن يبطش بها، وأن يزايد عليها، ليس له ذلك أبدًا… بل إذا كان الإسلام قد أدخل الجنة بمقابل أنه أدخل النار التي حبست الهرة فإنه أدخل الجنة، من سقت كلبًا يلهث الثرى من شدة العطش، ومن أزال غصن شوك من طريق المسلمين؛ لأنه حفظ حقوقهم، لأنه أزال ما يؤذيهم، لأنه رفع عنهم ما يؤدي لأذى في أقدامهم، فكيف بما هو أعظم، وما هو أجل، وما هو أكبر لو فعل، بل هذا نبينا صلى الله عليه وسلم منع الرجل أن يأتي للمسجد وقد أكل كراثًا أو بصلًا أو ثومًا أو شيئًا من هذه الروائح التي تؤذي الآخرين وتؤذي ملائكة رب العالمين وهي عبادة وشعيرة الصلاة ومع هذا منعه صلى الله عليه وسلم منها مادام قد يتعدى أذاه لغيره.

- هكذا حتى في العبادة وفي الطاعة فالإسلام قد ضمن لمن أتى المسجد ألا يؤذى، ومنع من أراد العبادة والطاعة من أن يؤذي الطائعين، فكيف بمن يؤذيهم بغير ذلك من أنواع الأذى عامة، كيف بمن يعاديهم، كيف بمن يحاربهم، كيف بمن ينصب لهم العداء، ويجعلهم دائمًا وأبدًا تحت مجهر المراقبة والمتابعة والمحاسبة ومنظر العداوة والبغضاء، ويصفهم بأنهم الإرهاب ومثل هذه التهم الجاهزة والافتراءات المعلبة وبالتالي فيستحقون السحل والسجن واللجوء والهروب وقل ما شئت...

-إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أسقط حتى عبادة وشعيرة وهي صلاة الجماعة من مسلم أكل ما يؤذي غيره، فكيف بما هو أشد وأعظم من أذاه بغيره كسجنه بعذابه باضطهاده بتشتيته بأخذ أي شيء مما هو له، وأيضًا فنبينا صلى الله عليه وسلم قال في البخاري وغيره وإن كان الأول في المتفق عليه "إذا مر أحدكم في مسجدنا، وفي سوقنا، ومعه نبل فليمسك على نصالها؛ أن يصيب أحدًا من المسلمين منها بشيء"، وهو مجرد أذى بسيط من جرح، من معارضة لطريق، من أي شيء كان وهو نصل فقط أن يؤذي فكيف بنصل أن يقتل، كيف بنصل أن يذبح، كيف بنصل أن يخدش، كيف بسجن أن يغيِب، كيف هذه الجرائم التي ترى وتشاهد، والتي نسمع بها والتي هي اليوم في واقعنا نعيشها…

- ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم قد حرم حتى من الاعتداء على المسلمين بمجرد أن يشار إليه بحديدة: "من أشار إلى أخيه بحديدة لم تزل ملائكة تلعنه حتى يدعها" فإن الرجل ولو كان مازحًا فإن الرجل الذي يشير بحديدة إلى المسلم، سواء كان ليخوفه أو ليهدده، أو كان ليؤذيه، أو كان ليمزح معه فإنه ملعون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكيف بغيرهذ كيف بما هو أعظم وأشد وأشق من هذا كله، بل منع النبي صلى الله عليه وسلم من سبه ومن شتمه ومن لعنه ومن هجره بل جعل لعن المسلم والمؤمن كقتله "لعن المؤمن كقتله" والحديث صحيح، وقال: "من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه" وهو حديث صحيح أيضًا…

- فهي حقوق كثيرة، وأدلة عظيمة، وآيات ونصوص يطول ذكرها في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تبين لنا صراحة على أن الحقوق في الإسلام مضمونة ومرعية ومقدسة، ولا أن يحل لمسلم أن يؤذي غيره بأي أذى، ولا يدخل عليه أي حزن بل لا بالعكس أن يشاركه في همومه، وفي غمومه، وفي أحزانه، وأن يسعى في فكها عنه: "من فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربه من كرب يوم القيامه، ومن ستر على مسلم ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه"، وهكذا تفاصيل كثيرة في ديننا بينها رسولنا صلى الله عليه وسلم، لا فقط بأجور في الدنيا بل قارنها بالآخرة: "من ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة، ومن فرج عن مؤمن فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة"، وقل ما شئت من أدلة…

- فهذا هو ديننا، هذا هو إسلامنا، يصعب أن نحصر مثل هذه الأدلة الناصعة البينة الواضحة في خطبة واحدة، ولا في خطب متعددة، ولكن يكفي أن نتحدث عن هذه النماذج فقط؛ لنبين كيف الواقع وما هو ديننا، وكيف من يتذرعون بحقوق الإنسان، وهم يسلبونها ويقتلونه، ويعذبونه، ويفعلون به الأفاعيل بالرغم أنهم يقولون ويشرعون ويتحدثون عن هذه الحقوق، وما غزة، وما سوريا، وما بلادنا، وما العراق سابقًا، وما أفغانستان قبل ذلك، وما الشيشان، وما بورما، وما كل قطر من من قطر الإسلام، ومن بلدان الإسلام والمسلمين والدول العربية بالذات إلا وفيها ما فيها من مآسي وجراحات وصراعات وقتل ونهب ودمار واختلاس وقل ما شئت، سواء من داخلها الذين تسلطوا على حقوق الآخرين من داخلها… أو كان من غيرهم الذين يأمرن من داخلها لأن يفعلوا هذه الأفاعيل بها…

أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ..

الــخـــطــبة الثانــــية: ↶

ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:

- فالواجب على المسلم أيها الإخوة أن يتنبه، وأن يتحرى ألا يكون يؤذي غيره وهو يعلم أو لا يعلم فيتسبب بأذى غيره فيكون العذاب عليه في الدنيا والآخرة، والجزاء يراه في دنياه وأخراه من هموم ومن أحزان ومن أمراض ومن آلآم، حتى من هم ومن غم ومن حزن ومن مآس وقل ما شئت.

- فكم هي همومنا وغمومنا وأحزاننا وأمراضنا وآلامنا وأشياء من هذا القبيل، ولعل السبب فيها أننا قد فعلنا بالآخرين شيئًا مما لا يحل لنا أن نفعله فإذا ذلك المخلوق قد رفع يده إلى ربه أن يأخذ له بحقه من فلان وعلان، ولقد تحدث أحدهم بقصة جميلة أختم بها هي امرأة عجوزة مسكينة لها أرضية صغيرة في مكان جميل، فجاء أحد المتنفذين المسؤولين الذين عندهم السلطة والقوة والسطوة والمال أراد أن يشتري منها أرضيتها فامتنعت أن تبيعها فهددها أن لم تبع ليأخذها غصبًا عنها، فرفضت واغتصب أرضها، ووسع فلته إليها إلى الأرض، ثم ذهبت المرأة، ولكنها لم لم تنس أرضيتها، ولم تنس الظالم الذي ظلمها وابتزها وأخذها تدعو عليه، وإذا بالرجل بعد أيام قليلة، وأشهر معدودة إذا به يصاب بمرض أقعده وآلمه وآذاه ومنعه من عمله، ومن تلذذه بمتعته وأمواله وسلطته وجاهه وبين الآخرين عامة، وأصبح بدلا من أن يتحول من مكتب إلى مكتب، ومن فلة لأخرى، ومن مسؤول لمسؤول إذا هو يتنقل من مستشفى إلى آخر، ومن دولة لأخرى، ومن طبيب لطبيب، تحول هذا الغني إلى تعيس، تحول هذا العظيم إلى حقير، تحول هذا الذي كان يتكبر عليها بماله وسلطته وجاهه وغناه إلى من يتمنى أن تعاد له الصحة ولو بماله بكله فضلًا عن أرضيته التي بنى عليها فلته… لم تنفعه هذه بكلها.
- ثم بعد مدة طويلة من خسارة كبيرة، ومن هموم متلاحقة اهتدى لرجل صالح نصحه بنصيحة فقال له لعلك ظلمت، لعلك آذيت، لعلك ابتززت، لعل بينك وبين الآخرين شيئًا وذكر أحاديث، وقول ابن المبارك عليه رحمة الله اذهب إلى مكان كذا واحفر بئر كذا فلعل الله أن يشفيك، قال نعم أتذكر تلك العجوز التي أخذت أرضيتها إلى أرضيتي وإلى بيتي، ووسعت داري ولابد أن أذهب إليها، فبحث عنها فوجدها بعد بحث طويل وإرهاق شديد، فلما اهتدى إليها طلب منها السماح فسامحته نعم سامحته وقالت ما دمت أتيت فعفا الله عما سلف، ثم ماذا، قال والله ما أن أكملت كلماتها حتى أحسست بالشفاء والعافية قد نزلت على بدني، والهموم قد ذهبت من قلبي، والأمراض والأوجاع قد ارتحلت عني، وتبدلت حياته إلى شيء آخر تمامًا بسبب أن المرأة صاحبت الحق سامحته.

- وإن قصة هذا الرجل هي قصة كثير منا لعل أمراضه وآلآمه وأسقامه وما نزل به من هموم وغموم بل حتى من عصيان أولاده وغير ذلك كله وحتى من أي شيء في حياته إن كان يبحث عنه من أسباب هنا وهناك، ويلتجأ إلى هذا المستشار وذاك، ويأخذ هذا الدواء وذاك فإن شيئًا آخر تمامًا لا يعلمه هو بينه وبين الآخرين قد تسبب به فأصابه ما أصابه…

- فالواجب علينا أن نتنبه لذلك كثيرًا، وأن نهتم به جيداً، وأن نعلم علم يقين على أن أذى الآخرين، وأن ابتزاز الآخرين، وإن أخذ حقوق الآخرين ستؤخذ هنا في الدنيا ثم تؤخذ هناك في الآخرة ولقد قال صلى الله عليه وسلم: "من اغتصب شبرًا من الأرض طوقه من سبع أرضين يوم القيامة"، وقال: "ردوا الحقوق إلى أهلها"، ثم قال عليه الصلاة والسلام عن يوم القيامة "حتى يأخذ للشاة الجلحاء من الشاة القرناء"،فإذا كانت هذه الشاة الجلحاء والقرناء فكيف بالمسلم لا قرن ولا جلح وهو أعظم حرمة منها: "كل المسلم على المسلم حرام".

- وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.

┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:

*❈- الحساب الرسمي الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص الاحتياطي فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty3
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.com
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر (إكس):*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص تليجرام:*
https://t.me/alsoty
*❈- مجموعة #يستفتونك اطرح سؤال تليجرام:*
https://t.me/alsoty11
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A
...المزيد

*بلاد.الشام.فضائل.وبشائر.cc. #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء ...

*بلاد.الشام.فضائل.وبشائر.cc.
#خطب_مكتوبة

👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/EOX4czx0hWc?si=vef1sbEDE88rzYZv
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ 5/جمادى الآخرة/1446هـ ↶
👤ـ للشيخ/عبدالله رفيق السوطي.

الخــطبة الأولــى: ↶

ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.

أمــــــا بــــعـــــد:

- فهناك أحداث متسارعة، وأخبار كثيرة متواردة، وأمور تجري في هذه الأمة نراها في كل لحظة وساعة، ولعلها والله أعلم على أن الأرض تتهيأ لأمر عظيم لا يعلمه إلا رب العالمين سبحانه وتعالى، ولعل من أدلة ذلك ما في سورة المائدة بعد أن تحدث الله تبارك وتعالى عن أهل الكتاب وعن موالاتهم من بعض المسلمين: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تَتَّخِذُوا اليَهودَ وَالنَّصارى أَولِياءَ بَعضُهُم أَولِياءُ بَعضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِنكُم فَإِنَّهُ مِنهُم إِنَّ اللَّهَ لا يَهدِي القَومَ الظّالِمينَ﴾، فلا يدوم الظلم ولا ظلم ظالم قال بعدها: ﴿فَتَرَى الَّذينَ في قُلوبِهِم مَرَضٌ يُسارِعونَ فيهِم ...﴾، أي يسارعون في اليهود والنصارى بتعليلهم وتموضعاتهم الأمنية، وخططهم السياسية، والفكرية، والأيدولوجية تقول ﴿فَتَرَى الَّذينَ في قُلوبِهِم مَرَضٌ يُسارِعونَ فيهِم يَقولونَ نَخشى أَن تُصيبَنا دائِرَةٌ...﴾، قال الله وهنا اللغز الأهم والأعظم والأكبر والأجل بل هو أعظم بشارة نتحدث عنها اليوم قال الله: {فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأتِيَ بِالفَتحِ أَو أَمرٍ مِن عِندِهِ فَيُصبِحوا عَلى ما أَسَرّوا في أَنفُسِهِم نادِمينَ﴾.، نعم على ما أسروا في أنفسهم نادمين من الأضرار بالأمة، من الإهلاك للأمة، من نهب خيرات الأمة، من تسليم الأمة لأعداء الأمة، من كل شيء فعلوه فيها، ومن كل تربص تربصوه بها أيًا كان وأعيد الآية سردًا ﴿فَتَرَى الَّذينَ في قُلوبِهِم مَرَضٌ يُسارِعونَ فيهِم يَقولونَ نَخشى أَن تُصيبَنا دائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأتِيَ بِالفَتحِ أَو أَمرٍ مِن عِندِهِ فَيُصبِحوا عَلى ما أَسَرّوا في أَنفُسِهِم نادِمينَ﴾ .

- وهذه الأمة التي تجري فيها ما تجري من أحداث وأمور، وفيها ما فيها من صراع، وعذاب، وويلات، وحسرات، وقتل، واضطهاد، ونهب لهذه الأمة التي طالما استضعفوها، وأذلوها، وقتلوها، ودمّروها، ونهبوها، واغتصبوها، واستعمروها، وفعلوا الأفاعيل بها لكن لا يمكن أن تدوم على ذلك…

- إن أولئك الذين تربصوا بها، والذين تآمروا عليها، والذين حاكوا عليها كل الخذلان والدمار والسحق والقتال والصراع، ونهبوا خيراتها، وفعلوا الأفاعيل بأبنائها، لا يمكن أن يدوم ذلك لهم، وعمر عز لم يدم، وكذلك الذل لم يدم، ولم يدم لحضارة، ولا لأمة، ولا لخلافة، ولا لدولة، ولا لإمبراطورية، ولا لأي شيء عزها، ولا للطرف الآخر ذلها وهوانها، بل إنه ليجري على الأمم، والحضارات، والخلافات، والإمبراطوريات، والدول، والمنظمات، والمؤسسات، والأحزاب، والجماعات، والمجتمعات، والأفراد ما يجري على كل فرد من أفراد هذه الأمة والبشر عامة من مرض، من هلاك، من موت، من استضعاف، من انحطاط، من سفول، من بقاء، من يقظة… فيجري على الأمم ما يجري على الأفراد.


- فكما أن الفرد يموت فالأمم تموت، والحضارة تنهار، وحدث ولا حرج عن حضارات انهارت ولو سألتكم وقلت وأسائل العالم كله: أين عاد، وأين ثمود، وأين فرعون، وأين النمرود، وأين كسرى، وأين قيصر، وأين فارس، وأين الروم، أين الأحباش، أين التتار، أين المغول، أين الصليبيون، بل قل أين هتلر، وماركس، ولينين، بل قل أين الاتحاد السوفييتي، أين الشيوعية وجيشها، أين هؤلاء جميعًا، أين ذهبوا، أين ساروا، أين هؤلاء جميعًا… لقد ماتوا، وانتهوا، وانتهت حضاراتهم، ولم يبق منها شيء… - قال أبو ذر بعد أن وصل المسلمون إلى ما وصلوا إليه في آخر بقعة وصلوا إليها آنذاك في سنة ثلاثة عشر للهجرة قال: من يشتري مني تركة عاد بدرهم، وميراث ثمود بدينار، وهذا بكذا وهذا بكذا...، نعم هكذا انتهوا وهكذا بادو وأصبحت آثارهم دمار، وخراب، وعبرة، وعظة للمتعظين والمنزجرين فأين هؤلاء… وستتكرر الحكايات في زماننا كما فعلت في السابق؛ فقد سادت أمم وبادت، قامت وماتت.

- وإذا كنا تحدثنا عن ماض سحيق لهؤلاء فحُق لنا أن نتحدث عن من تربصوا بالأمة سواء من ظالمين في داخلها، أو من دول كبرى فعلت الأفاعيل بها، كل هؤلاء سينتهون لا شك ولا ريب، وكما قلنا أين الاتحاد السوفييتي، وأين جيشه، فيجب أن نقول: سيأتي اليوم الذي نسأل ونساءل ويسأل من بعدنا وربما نحن ونحن أحياء في هذا المكان أننا سنقول إن شاء الله: أين أمريكا، أين جيشها، أين غواصاتها، أين طائراتها، أين دباباتها، أين تريليونياتها، أين أموالها، أين ما كانت عليه، وما فيها، وما معها، أين غطرستها، وبطرها، أين تكبرها وتجبرها، أين قتلها وسحلها ودمارها، أين سجونها وجرائمها أين وأين، لقد انتهت ولن تعود بإذن الله…

- وقل مثل ما قبلنا عن أمريكا نقوله عن إسرائيل التي هي البنت الصغرى لها، أين هؤلاء جميعا سنقول إن لم نقل نحن سيقون أجيال بعدنا لا شك ولا ريب إن شاءالله فلا يدوم لحضارة عزها، ولا يدوم لأمة ذلها، ولا بد أن يعود المجد ولابد أن ينحط أيضا في يوم من الأيام.

- وإن كان حديثي أيها الإخوة ليس عن هذا وإنما هي مقدمة فقط لما أريد الحديث عنه، ولا شك ولا ريب أن لا بد أن أصل إلى ما أريد بهذه المقدمة حديث اليوم هو عن أم المدائن، وعن صانعة المجد، عن البلد الذي هي أصل أصيل في أمتنا، وهي ضرغام كبير فيها، وهي الخلود الدائم، والبلد الأفضل والأرقى والأعظم، وهي البلد التي سكنها الأنبياء، ونشأوا فيها، وولدوا على ترابها وماتو فيها، بل هي أكثر بلد على الإطلاق عاش فيها الأنبياء وبُعث منها الأنبياء، وقل عن الصحابة، بل مئات وآلآف هاجروا إليها، وماتوا على ترابها، ووصلوا إلى عمقها، وقل عن الآف العلماء الذين تخرجوا من تربتها، وقل عن كل شيء جميل فيها.

هي تلك المدينة التي هي خاصرة الإسلام، وهي أيضًا الترس التي ترد عنه الأعداء، وتدفع عن الأمة ما ينزل بها من أشرار، وما من شر نزل على الأمة على الإطلاق حتى الآن أشر من شر الصليبين، والمغول، والتتار، ولكن انتهوا على أسوار هذه المدينة الفاضلة إما الصليبيون فعلى يد صلاح الدين الأيوبي في حطين، ثم الظاهر بيبرس في فتح عكا، وقل عن عين جالوت قطز في سحق فهذه المدينة بالذات هي المحور الأكبر في الأمة وهي محل الدفاع والصد عن هذه الأمة العظيمة.

- إنها تلك المدينة الفاضلة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في فضائل عديدة لم تجتمع لبلد بعد الحرمين الشريفين مكة والمدينة في أي مدينة غيرها إلا في هذه المدينة مع أن أكثر الأحاديث التي وردت في فضائل البلدان والمدن هي ضعيفة أو موضوعة مكذوبة لا أساس لها من الصحة إنما وضعت لأمور مناطقية وتعصبات ونعرات طائفية، إلا هذه المدينة وقلة قليلة من أحاديث المدن… فمن يا ترى أن تكون إلا أنها بلاد الشام وأتحدث عن بلاد الشام عامة ما قبل الاستعمار الذي جزأها ومزقها وفتتها وصنع الأفاعيل بها ولا زال يقسم ويفتت ويجزئ منها وما سوريا عنا ببعيدة التي أصبحت خمس دويلات.

- لكن أتحدث عن الشام بكلها الشام التي تشمل حسب تقسيم الاستعمار اليوم فلسطين وسوريا ولبنان والأردن وجزء من العراق هذه الشام بكلها بلاد الشام التي أجمع العلماء على أنه ما من بلد من بلدان المسلمين ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث والفضائل أكثر من أحاديثها بعد مكة والمدينة، نعم إنها الشام إنها بلاد الشام جنة الدنيا، وحضارة العالم بكله التي وردت ما وردت فيها من فضائل عظيمة وكبيرة وجليلة، ولا زالت كما كانت تصنع الأمجاد، وتأتي بالأخبار السارة، ويردنا منها كل شيء جميل بإذن الله، وما الثورة الأخيرة إلا واحدة منها وسيأتي بعدها ما بعدها إن شاءالله تعالى… وإن جاء وهن في لحظة من اللحظات، أو في زمن من الأزمان فهذا شيء طبيعي استثنائي، يأتي ثم يذهب، يشرق ثم يغرب، ولا بد منه في الأمة والبلدان عامة كما سبق وتقدم ذكرت…

-فهذه الشام وأهل الشام عامة بدءًا من فلسطين المقدسة، وانتهاء بسوريا والأردن ولبنان وأيضا جزء من العراق هي كل الشام المباركة التي يكفي فيها أن الله تبارك وتعالى قد باركها وبارك ما حولها وفضلها وميزها وجعل الأنبياء فيها كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَلِسُلَيمانَ الرّيحَ عاصِفَةً تَجري بِأَمرِهِ إِلَى الأَرضِ الَّتي بارَكنا فيها .......﴾، وقال عن قوم سبأ لما هاجروا إليها: ﴿وَجَعَلنا بَينَهُم وَبَينَ القُرَى الَّتي بارَكنا فيها قُرًى ظاهِرَةً وَقَدَّرنا فيهَا السَّيرَ سيروا فيها لَيالِيَ وَأَيّامًا آمِنينَ﴾، وقال: ﴿سُبحانَ الَّذي أَسرى بِعَبدِهِ لَيلًا مِنَ المَسجِدِ الحَرامِ إِلَى المَسجِدِ الأَقصَى الَّذي بارَكنا حَولَهُ ...﴾، {وَنَجَّينَاهُ وَلُوطًا إِلى الأَرضِ الَّتي بَارَكنَا فِيهَا لِلعَالمِينَ}، بل دعا لها صلى الله عليه وسلم بالبركة مع أن الله جل جلاله قد باركها في كتابه: "اللهم بارك لنا في شامنا"، وقل عن آيات كثيرة في كتاب الله تبارك وتعالى تتحدث عن بركتها…

- وليس هذا وفقط بل إن النبي صلى الله عليه وسلم ذكرها في أحاديث كثيرة جدًا، بل تواترت فيها الأدلة على خلاف غيرها فكما مر دعا لها عليه الصلاة والسلام بالبركة، ولم يكتف فقط عن الصفة التي وردت في كتاب الله عز وجل بل قال النبي عليه الصلاة والسلام كما في البخاري وغيره: "اللهم بارك لنا في شامنا"…

ولذلك لما كان فيها ما فيها اهتم النبي صلى الله عليه وسلم بها، وأهتم الصحابة بالهجرة إليها حتى تجد عليه الصلاة والسلام قد جعل لها أكبر اهتمام بدءا من غزوة مؤته وانتهاء بتبوك وجيش أسامة رضي الله عنه، ثم عمر الذي فتحها في الثالث عشر للهجرة، وتوج بها الفتح العظيم والمجد الكبير لهذه الأمة، وهذه البقعة الطاهرة هي مغرز الإيمان كما قال عليه الصلاة والسلام " ألا وإن الايمان حين تقع في الشام" ولما قال عليه الصلاة والسلام وهو يتحدث عن الجيش الكبير الذي يكون في آخر الأمة قال صلى الله عليه وسلم عن هذا الجيش قال "حتى تصيروا إلى فسطاطين فسطاط إيمان لا نفاق فيه، وفسطاط نفاق لا إيمان فيه" وهذا يكون في الشام نعم إنه صلى الله عليه وسلم يتحدث عن فسطاط الإيمان لا نفاق فيه، وفسطاط نفاق لا إيمان فيه فهذا الفساط من الإيمان الصافي النقي الذي لا نفاق فيه ولا كفر ولا دخن فيه يكون هو في الشام: "سَيَصِيرُ الأَمْرُ إِلَى أَنْ تَكُونُوا جُنُودًا مُجَنَّدَةً، جُنْدٌ بِالشَّامِ، وَجُنْدٌ بِالْيَمَنِ، وَجُنْدٌ بِالْعِرَاقِ". قَالَ ابْنُ حَوَالَةَ -رضي الله عنه-: خِرْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ. فَقَالَ: "عَلَيْكَ بِالشَّامِ، فَإِنَّهَا خِيَرَةُ اللَّهِ مِنْ أَرْضِهِ؛ يَجْتَبِى إِلَيْهَا خِيَرَتَهُ مِنْ عِبَادِهِ؛ فَأَمَّا إِنْ أَبَيْتُمْ فَعَلَيْكُمْ بِيَمَنِكُمْ، وَاسْقُوا مِنْ غُدُرِكُمْ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَوَكَّلَ لِي بِالشَّامِ وَأَهْلِهِ".

- بل جعل ميزان فساد الأمة من عدمه الشام فقال عليه الصلاة والسلام: "إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم" وما الفساد الذي يجري ويستشري في الأمة إلا وهذا من أسبابه…لكن أبشركم كما أن الدجال سيهلك في الشام في آخر الزمان فإن دجاجلة الأرض ممن أتوها من المجوس الرافضة والروس وجنود أمريكا واليهود وغيرهم سيكون مصيرهم مصيره.

- وفيها الطائفة المنصورة: "لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَذَلِكَ، وَهُمْ بالشَّامِ"، وأهلها سوط الله في الأرض كما أخبر صلى الله عليه وسلم: "أَهْلُ الشَّامِ سَوْطُ اللهِ فِي الْأَرْضِ، يَنْتَقِمُ بِهِمْ مِمَّنْ يَشَاءُ كَيْفَ يَشَاءُ، وَحَرَامٌ عَلَى مُنَافِقِيهِمْ أَنْ يَظْهَرُوا عَلَى مُؤْمِنِيهِمْ، وَلَنْ يَمُوتُوا إِلَّا هَمَّاً أَوْ غَيْظَاً أَوْ حُزْنَاً" .

- ومن فضائلها أن الملائكة تبسط أجنحتها لحراستها كما قال صلى الله عليه وسلم: "طوبى للشام؛ لأن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليها"، ، ويتجمع المؤمنون في آخر الزمان داخلها كما أخبر صلى الله عليه وسلم: "وعقر دار المؤمنين الشام"، وصح عن عبدالله بن عمرو بن العاص قوله: "ليأتين على الناس زمان لا يبقى على الأرض مؤمن إلا لحق بالشام"..

وفيها الملحمة الكبرى آخر الزمان وفي الغوطة ودمشق تحديدًا بل كل الأحداث الجسام، ومن ذلك مقتل الدجال ونزول عيسى عليه السلام كما قال صلى الله عليه وسلم: "يَنزِلُ عِيسَى ابنُ مَريَمَ -عليه السلام- عِندَ المَنَارَةِ البَيضَاءِ شَرقِيَّ دِمَشقَ" وفي آخر: "فَإِذَا جَاؤُوا الشَّامَ خَرَجَ -أي ؟جاء المسلمون الشام خرج الدجال- فَبَينَمَا هُم يُعِدُّونَ لِلقِتَالِ يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ، إِذْ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ، فَيَنزِلُ عِيسَى ابنُ مَريَمَ فَأَمَّهُم، فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللهِ ذَابَ كَمَا يَذُوبُ المِلحُ في المَاءِ، فَلَو تَرَكَهُ لانذَابَ حَتَّى يَهلِكَ، وَلَكِنْ يَقتُلُهُ اللهُ بِيَدِهِ، فَيُرِيهِم دَمَهُ في حَربَتِهِ"، بل هي أرض المحشر والمنشر كما أخبر صلى الله عليه وسلم: "الشام أرض المحشر والمنشر"، ففيها بداية العالم ونهايته إذن…

- وكل هذه الأمور ثابتة في البخاري ومسلم، أو في أحدهما أو صحيحة لا جدال فيها، فهذه البلاد العظيمة أيها الإخوة وردت أحاديث كثيرة، ومنها تأتي البشائر للأمة، ولعلها تعود كما بدأت منها أول مرة؛ لأن هذه البلاد لا تنتج إلا الخير، ولا يأتي منها إلا الخير، ولا يأتي منها إلا البركة؛ لأنها مباركة، ومن باركه الله في تربته يبارك الله في رجاله، وتعود للأمة المجد الكبير الذي انتزع منها. - وهذه البلاد العظيمة التي باركها الله بوجود أنبيائه، وبوجوه رسله، وبوجود صحابة نبيه، وبوجود خير الخلق في تلك الفترة، وفي فترات متلاحقة حتى أتى وقت الاستعمار لا بد أن تعود هذه الخيرية، ولابد أن يأتي مجد الأمة منها، ولعل ما يدور اليوم في الساحة الإسلامية عامة، وفي بلاد الشام خاصة بدءًا من طوفان الأقصى في غزة، وانتهاء بتحرير سورية تليها بلدان ومدن متعددة بإذن رب العزة… وهي مبشرات عظيمة…

أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ..

الــخـــطــبة الثانــــية: ↶

ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:


- فأيها الإخوة الذي يلاحظ في هذه الأحاديث التي تقدمت في الخطبة الأولى، وفي زمننا الآن وما يجري في بلاد الشام من فساد، ومن ظلم، ومن استشراء للعلمانية، والرافضة، والنصيرية، والدروز، والنصارى، واليهود وجنود الأرض باسم اتحادات متعددة لمحاربات دول صنعوها، وما يجري أيضا من اغتصاب لسلطات المسلمين من غيرهم أعني النصيرية التي سلم لها الاستعمار بلاد الشام ويعرف لمن يسلم واسمعوا ما قال ابن تيمية عليه رحمة الله وهو من الشام وفي الشام وإلى الشام، ومن الغوطة ودمشق بالذات رحمه الله، ومعناه هو يعايش هؤلاء الباطنية النصيرية بين قوسين والدروز العلوية وأسماء من هذه متعددة ولكن العقيدة واحدة عقيدة الرفض والمجوسية، عقيدة الكفر، عقيدة الإلحاد، عقيدة المعاداة للإسلام، قال ابن تيمية عليه رحمة الله فيهم: (هَؤُلاءِ القَومُ المُسَمَّونَ بِالنُصَيرِيَّةِ هُم وَسَائِرُ أَصنَافِ القَرَامِطَةِ البَاطِنِيَّةِ أَكفَرُ - يعني أشد كفرًا- مِن اليَهُودِ وَالنَّصَارَى، بَل وَأَكفَرُ مِن كَثِيرٍ مِنَ المُشرِكِينَ، وَضَرَرُهُم عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم أَعظَمُ مِن ضَرَرِ الكُفَّارِ المُحَارِبِينَ، مِثلِ كُفَّارِ التَّتَارِ وَالفِرِنجِ وَغَيرِهِم).

- وما جرى في القرن الماضي، وفي سوريا بالذات وفي حماة تحديدا التي شهدت أكبر وأعظم وأفجر وأفظع مجزرة في القرن الحديث للأمة على الإطلاق منذ اثنين وثمانين للميلاد من القرن الماضي، وعلى يد حافظ الأسد والد المجرم بشار حين قتل أكثر من أربعين ألفًا في أقل من شهر واحد فقط، نعم في حماه بالذات، وسلو التاريخ، وعودوا إلى الكتب، إنه العداء المتأصل للأمة الإسلامية من قبل النصيرية…

- بل لا تتحدث عن حافظ الأسد بل تحدث عن الرجل القريب بشار الذي قتل من أهل السنة بإحصائيات عالمية أكثر من ستمائة ألف قتيل، فقط في عشر سنوات وبأسماء محصاة على المرصد السوري لحقوق الإنسان وعلى منظمات عالمية شهدت المعركة والمجزرة، وقل أكثر من مليون سجين فيها، وما خبر سجن صيدنايا العسكري الأفظع والأجرم والأخطر والأشد والمسلخ البشري الأفجر في التاريخ عنا ببعيد….

- وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:

*❈- الحساب الرسمي الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص الاحتياطي فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty3
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.com
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر (إكس):*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص تليجرام:*
https://t.me/alsoty
*❈- مجموعة #يستفتونك اطرح سؤال تليجرام:*
https://t.me/alsoty11
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A
...المزيد

معلومات

✾- مجاز في الفتوى، والتدريس، والدعوة من فضيلة مفتي الديار اليمنية القاضي/ محمد بن إسماعيل العمراني. ❖- زكّاه أبرز وأشهر العلماء، منهم مفتي اليمن، ورئيس هيئة علماء اليمن رئيس جامعة الإيمان، ونائبه، وغيرهم.... ❀- حصل على إجازات مختلفة، عامة، وخاصة من كبار العلماء، وفي شتّى العلوم الشرعية منها: إجازة في القراءات السبع، وإجازة خاصة برواية حفص عن عاصم، والكتب الستة، والعقيدة، والإيمان، واللغة، والفقه، وأصول الفقه، والتفسير، والحديث، والمصطلح، والتوحيد، والتجويد، والسيرة، والنحو، والصرف، والتصريف، وعلم البلاغة( معان، وبيان، وبديع)، والتاريخ، والآداب، والأدب، والمنطق، والحساب، والأذكار، والأدعية، والأخلاق، والفلك… ✦- له إجازات في المذاهب الأربعة، وإجازات في جميع مصنفات بعض العلماء كمصنفات ابن الجوزي، والسيوطي، والخطيب البغدادي، وابن حجر العسقلاني، والبيهقي.. ✺- أستاذ بجامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية، وجامعة الإيمان، وجامعة العلوم والتكنلوجيا بالمكلا. ❃- نال عضوية الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين عام 2019م. ┈┉┅━━ ❀ ❃ ✾ ❈ ❀━━ ┅┉┈ ❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي: ❈- الصفحة العامة فيسبوك: https://www.facebook.com/Alsoty2 ❈- الحساب الخاص فيسبوك: https://www.facebook.com/Alsoty1 ❈- القناة يوتيوب: https://www.youtube.com//Alsoty1 ❈- حساب تويتر: https://mobile.twitter.com/Alsoty1 ❈- المدونة الشخصية: https://Alsoty1.blogspot.com/ ❈- حساب انستقرام: https://www.instagram.com/alsoty1 ❈- حساب سناب شات: https://www.snapchat.com/add/alsoty1 ❈- إيميل: [email protected] ❈- قناة الفتاوى تليجرام: http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik ❈- رقم الشيخ وتساب: https://wa.me/967714256199

أكمل القراءة

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً