*دور المخذلين تجاه قضايا المسلمين "غزة أنموذجًا"*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/FwgN4YK2Mi0?si=MLMaCsMc4-DzYIkK
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ المكلا جامعة حضرموت / 27/شوال/1446هـ ↶
👤ـ للشيخ/عبدالله رفيق السوطي.
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
- فإن الله تبارك وتعالى قد تحدث في بداية سورة البقرة عن أصناف الناس، وأصنافهم ثلاثة، فتحدث ربنا عن المؤمنين في صفات محصورة، لكنها هي الصفات الجامعة المانعة العظيمة التي تؤدي إلى الجنة وتبعد عن النار، وكذلك بالنسبة للآخرين الذين هم الكافرون، لقد تحدث الله تبارك وتعالى عنهم واختصر جد اختصار؛ لأن هؤلاء بالنسبة لهم الشر الذي فيهم واضح، ظاهر، معلوم، يحذر منه كل مسلم رآه، لكن تحدث الله تبارك وتعالى في أكثر من عشر آيات عن نوع من الناس يتقمصون باسم الإسلام، لكنهم النفاق في الحقيقة مزروع كل الزرع في أنفسهم، ولا يخرج ذلك النفاق، ولا ذلك المرض بشكل عام، كان نفاقًا صغيرًا أو متوسطًا أو كبيرًا، كان كفرًا كان ما كان إلا عند الفتن والمدلهمات، وعند البلاء والشرور، وعند هذه الأمور يظهر هؤلاء الذين في قلوبهم مرض، الذين يراوغون، الذين يتمتمون بكلمات باسم الإسلام ويتحدثون في الإسلام، ولعلك تراهم في المسجد يصلون، ويحجون، وبجوار الكعبة يطوفون، ولعلك تراهم أيضًا في ظاهرهم الخير، لكنهم يبيتون الشر.
- لكنهم يتربصون بالإسلام وأهل الإسلام السوء والشر، ودائمًا وأبدًا يتقنصون أي فرصة للنيل من الإسلام ومن أهل الإسلام، ولا يجدون أي ثغرة إلا استغلوها ودخلوا فيها، وركبوا الموجة كما يقال للنيل من الإسلام وأهل الإسلام، ثم يبثون ما أرادوا من طعن في دين ربهم، وأيضًا طعن بالمؤمنين جميعًا، ولا يظهرون، وأوكد إلا وقت الفتن ووقت المحن ووقت الشدائد التي تظهر على العامة، ولا تظهر على الخاصة…
- وربما تشتهر كثيرًا هذه الفئة وقت الفتنة والغمة التي تنزل على الأمة بسبب مجيئها بأمور غريبة وعجيبة، ومخالفة شديدة كما يقال: "خالف تُعرف"، ولو أن يخالف إجماع الأمة، ويطعن في كل مسلم للشرع ومقدس فيه، وهذه عادة عند هذا الصنف الذي هو صنف النفاق المعلوم، أو صنف النفاق الخفي المجهول، أو صنف الأمراض، أو صنف المرجفين، أو صنف المخذلين والمثبطين، هذه كلها الأصناف المذكورة في كتاب الله سبحانه وتعالى، ومبينة أعظم بيان وأدق بيان، وأكثر تفصيل، ونراها بأم أعيننا في واقعنا وفي كل واقع.
- والله سبحانه وتعالى عندما يتحدث عن هذه الأصناف، ولربما عن القصص بشكل عام، إنما هي عبارة عن نماذج للبشر، لتصلح هذه النماذج وهذه الصور للتطبيق في كل زمان ومكان، ويمكن أن تندرج على أشخاص كثر، ولذا كان القرآن هو الذي لا تغيره الأزمان، ولا يُطرأ عليه شيء من النقصان؛ لأنه من رب العالمين سبحانه وتعالى، الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، قيوم السماوات والأرض سبحانه وتعالى، لهذا كان القرآن هو الصالح لكل زمان ومكان، فيتحدث عن نوع من البشر، أو عن نماذج من البشر، أو عن صور معينة من البشر، لينظر الناس فيها في كل وقت وفي كل حين…
- صنف منهم أولئك، نراهم مع فرعون، لا يفقهون عن مراد رسول الله، بل رسولي الله هارون وموسى عليهما السلام، لكنهم مع ذلك استخف بهم فرعون، وليس هذا الاستخفاف وحده، بل الكارثة الأعظم والأخطر والأعم هي أنهم أطاعوه، ولو أنه استخف بهم ورفضوا طاعته، فما كان فرعون وجبروته، ولا ما ادعى الألوهية، ولم يصبح ملكًا، ولا ما كان منه من كفر ومن استهزاء ومن تنقص بموسى وهارون، ومن أفعال مجرمة لا زالت مؤرخة في كتاب الله وفي تاريخ الأمم لكنهم اطَّاعوه، فاستخف فرعون هؤلاء، واستطاع أن يتلاعب عليهم، فأطاعه الناس في ذلك بسبب ربما الطغيان، بسبب لربما حالة الخوف والهلع والجبن، بسبب هذا وذاك، أو من مجاعة أو من فقر أو من سياط عذاب أو من أي شيء فسرعان ما يستسلمون: ﴿فَاستَخَفَّ قَومَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُم كانوا قَومًا فاسِقينَ﴾، ولذلك جاءت الفاء الترتيبية التعقيبية {فَاستَخَفَّ قَومَهُ فَأَطَاعُوهُ}، والفاء للترتيب مع التقيب، فكأنهم سرعوا لطاعته، مجرد ما استخف بهم وضحك على عقولهم بماله وغناه وثروته التي جمعها من خيرات بلده ومستحقات شعبه: ﴿وَنادى فِرعَونُ في قَومِهِ قالَ يا قَومِ أَلَيسَ لي مُلكُ مِصرَ وَهذِهِ الأَنهارُ تَجري مِن تَحتي أَفَلا تُبصِرونَ أَم أَنا خَيرٌ مِن هذَا الَّذي هُوَ مَهينٌ وَلا يَكادُ يُبينُ فَلَولا أُلقِيَ عَلَيهِ أَسوِرَةٌ مِن ذَهَبٍ أَو جاءَ مَعَهُ المَلائِكَةُ مُقتَرِنينَ فَاستَخَفَّ قَومَهُ فَأَطاعوهُ إِنَّهُم كانوا قَومًا فاسِقينَ فَلَمّا آسَفونَا انتَقَمنا مِنهُم فَأَغرَقناهُم أَجمَعينَ فَجَعَلناهُم سَلَفًا وَمَثَلًا لِلآخِرينَ﴾.
- فكثير من العوام هؤلاء تنطلي عليهم الخدع والتفاهات، ويصدق الشائعات، ويصدق الكذبات، يصدق كثرة الأكاذيب التي تنتشر في المجتمع من هذا وذاك خاصة إذا كانت من ثقات من الناس فيما يحسبهم هو أو من مشاهير الناس كما هو عصر التفاهات اليوم، وإظهار الساقطين والساقطات، ورفع مكانتهم وإشهارهم، وتهميش غيرهم من قدوات الناس فيصدق فتبتز هذه الشخصيات كلمات، فيتبع ويصدق، والإشكالية والكارثة الكبرى أنه يروج لتلك الشائعات الكاذبة والمغرضة حتى تصبح حقيقة في نفسه: ﴿لِيَحمِلوا أَوزارَهُم كامِلَةً يَومَ القِيامَةِ وَمِن أَوزارِ الَّذينَ يُضِلّونَهُم بِغَيرِ عِلمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرونَ﴾، فيصبح ذلك لا يحمل وزر نفسه، فيحمل وزر نفسه مع أوزارهم، ويأبى إلا أن يحمل هذه الأوزار كاملة يوم القيامة: ﴿لِيَحمِلوا أَوزارَهُم كامِلَةً يَومَ القِيامَةِ....﴾، ﴿وَلَيَحمِلُنَّ أَثقالَهُم وَأَثقالًا مَعَ أَثقالِهِم...﴾.
- فيصبح ذلك الشخص بوقًا للشائعات حقها وباطلها، حرامها وحلالها، كبير جرمها وصغيره عموما ويحمل كل هذه الشائعات الكاذبة والمغرضة، وعادة تكون ضد الإسلام والدين، بل لربما على خيار الناس على الإطلاق من علماء وأنقياء وأموات وأحياء… لكنه يصدقها ويتبعها ويتقبلها كأنها حقيقة مطلقة، ويرفع من شأنها ويشيعها هذا صنف هم الجهل والعوام.
- الصنف الآخر لعلهم من أتباع الرسل، لكنهم ضعاف الإيمان، أي ما دخل الإيمان الدخول الحق في نفوسهم، أو أنهم من أتباع الرسل لكنهم في نفاق خفي ظهر للرسل ولم يظهر ذلك النبي نفاقهم للمجتمع؛ حتى يحافظ على المجتمع وعلى تكاتف المجتمع فلا يقتل فلانا مع أنه يتبعه فيفتن المسلمين ويفتن غيرهم ممن لم يدخبمل الإسلام أصلا، ويشاع في الناس: "إن فلانًا يقتل أصحابه!"، فكانت هذه حكمة، ولذلك موسى عليه السلام ما ظهر هؤلاء إلا لما ترائت الجمعان: ﴿فَلَمّا تَراءَى الجَمعانِ قالَ أَصحابُ موسى إِنّا لَمُدرَكونَ﴾، البحر أمامهم، وفرعون خلفهم، وأين ينجون من ذلك؟ فقالوا: "إِنّا لَمُدرَكونَ"، فكان الجواب الحاسم من صاحب النفس الطيبة والإيمان الراسخ والثقة الكبيرة بربه: ﴿قالَ كَلّا إِنَّ مَعِيَ رَبّي سَيَهدينِ﴾!.
- فالمؤمن الحق لا تزعزعه الشبهة والشهوة، ولا البلاء والمحنة، ولا الشدة والفتنة، ولا أي شيء من ذلك البتة، بل هو واثق بربه تمام الثقة، وفي كل لحظة، وأيضًا لا يمكن أن يترك فرصة لهؤلاء، بل إنه ليسحقهم بما معه من ثقة بربه وموعود بنصره، وآيات كثيرة في كتابه لا يمكن أبداً أن يتزعزع بشبهة: ﴿كَلّا إِنَّ مَعِيَ رَبّي سَيَهدينِ﴾.
- فهؤلاء هم المؤمنون حقًا، هؤلاء من نحسبهم على خير، هؤلاء لا يمكن أن يتقبلوا أي شائعة ورائحة وكلمة بل يحتاط: من أنت، ما دليلك، ما توثيقك، من قال لك، لا يمكن أبداً أن يسمع الشائعة أو الكلمة الشيطانية يقذفها في أذنه فتخالج قلبه، ثم يصبح متردداً مشككاً أو حاملاً لوزره، ناقلاً له إلى غيره: ﴿وَلَولا إِذ سَمِعتُموهُ قُلتُم ما يَكونُ لَنا أَن نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبحانَكَ هذا بُهتانٌ عَظيمٌ﴾ .
- فهذا هو الذي يواجه به كل مغرض: ﴿لا تَحزَن إِنَّ اللَّهَ مَعَنا...﴾، وهذا شعاره عند الضراء،
وعند مصائبه، عند كربه، هي رسالة الله إليه ومهدئة بقلبه ليطمئن ﴿لا تَحزَن إِنَّ اللَّهَ مَعَنا...﴾ دائماً وأبداً.
- تطبيقات كثيرة على الأمم السابقة، لكن ماذا عن نبينا صلى الله عليه وسلم؟ ماذا عن كتاب ربنا؟ ماذا عن آيات نتلوها مسموعة في كل لحظة؟ ماذا عنها؟ ألم يكن أولئك الذين نافقوا، والذين تمردوا، والذين أرجفوا، والذين خططوا، والذين تخاذلوا، والذين فعلوا ما فعلوا، وفي وقت الفتن والشدائد والملمات التي نزلت على النبي ﷺ وعلى الصحابة، بدأوا يظهرون، وبدأت أصواتهم ترتفع، انظر إليهم في وقت البلاء في وقت الفتنة والشدة، في وقت قُتل سبعون من الصحابة: ﴿وَما أَصابَكُم يَومَ التَقَى الجَمعانِ فَبِإِذنِ اللَّهِ وَلِيَعلَمَ المُؤمِنينَ﴾، ﴿وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا...﴾ هنا القصة والحكاية، هنا المعركة حامية الوطيس، هنا ترتفع رؤوس المنافقين لأول مرة في وقت أعظم بلاء وشدة تمر على النبي ﷺ وعلى كل بيت في المدينة ومكة: ﴿وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا ۚ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا ۖ قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَّاتَّبَعْنَاكُمْ.....﴾
- فترى أصحاب النفاق أكثر ما يرفعون رؤرسهم بكلماتهم التافهة، وألسنتهم المسعورة المأفوكة، ووقاحتهم الممقوتة بمثل أهذا جهاد أهذا قتال أهذه مقاومة لا إنما هؤلاء فئران، هؤلاء مبتدعون فسقة، هؤلاء ليسوا على السنة، هؤلاء لا يدافعون عن الأمة، بل على المصلحة، هؤلاء جلبوا الفتن والشر لفلسطين والأمة عامة، هؤلاء قتلوا، هؤلاء هم من تسببوا، هؤلاء هم من فعلوا الأفاعيل، هؤلاء هم من يركنون على الإيرانيين، هؤلاء هم روافض خبثاء، هؤلاء، وهكذا كلمات يتمتم بها المنافقون المرجفون المثبطون المخذلون سواء كان بلحية أطول من حذائه، أو بلا لحية، أو كانت قصيرة، أو كان منافقاً متمرداً، أو ساقطاً مجرمًا أو تافهًا مشهورًا، أو مأفوكًا مغمورًا، أو كان ما كان من ذلك، أو من مخابرات صهيونية عالمية تجري كان على المسلمين وفي دواخل المسلمين، أو في خارجهم، لا يظهرون إلا وقت الفتنة: ﴿وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا ۚ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا ۖ قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَّاتَّبَعْنَاكُمْ....﴾، هم الذين يقولون ليس جهاداً بل هو قتال في سبيل الشيطان، قتال في سبيل المناصب، والمال، والحظوة والجاه، ليس قتالاً هذا أبدا ﴿ قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَّاتَّبَعْنَاكُمْ....﴾.
- لكن كان الرد القرآني: ﴿ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ.....﴾، وهم أنفسهم من حذروا من الإنفاق المالي على المجاهدين حتى يموتوا جوعًا، ويتم محاصرتهم تمامًا ﴿هُمُ الَّذينَ يَقولونَ لا تُنفِقوا عَلى مَن عِندَ رَسولِ اللَّهِ حَتّى يَنفَضّوا وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالأَرضِ وَلكِنَّ المُنافِقينَ لا يَفقَهونَ﴾، ويستهزؤون بمن ينفقون عليهم: ﴿الَّذينَ يَلمِزونَ المُطَّوِّعينَ مِنَ المُؤمِنينَ فِي الصَّدَقاتِ وَالَّذينَ لا يَجِدونَ إِلّا جُهدَهُم فَيَسخَرونَ مِنهُم سَخِرَ اللَّهُ مِنهُم وَلَهُم عَذابٌ أَليمٌ﴾…
- بل قالوا: ﴿الَّذينَ قالوا لِإِخوانِهِم وَقَعَدوا لَو أَطاعونا ما قُتِلوا قُل فَادرَءوا عَن أَنفُسِكُمُ المَوتَ إِن كُنتُم صادِقينَ﴾، كما يقول المنافقون في هذا الزمان: لو شاورونا ما قُتلوا، لو عادوا إلينا ما هلموا، لو أتوا إلينا لدعمناهم، لو فعلوا ما فعلوا، لو نافقوا مثلنا لسلموا للصهاينة من زمان كما سلمنا نحن وارتحنا من الإسلام وأهله وصرنا عملاء وتصهينا، ودعمناهم بالمال والسلاح والغذاء والدواء وكل شيء مر من بلادنا ومن خيراتنا بكل سلام وأمان، وعقدنا تحالفات معهم لا علاقة لها بديننا...، والأهم لو أنهم سلموا أسلحتهم لكانوا مثل عباس ونحن جميعا… والأمر يطول… جدا: ﴿ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ.....﴾!.
- وعلى العموم ماذا جنت لنا الاتفاقيات، والمؤتمرات والتحالفات والتنازلات، ماذا، وماذا جنت لنا القرارات الأممية الإلزامية وعددها أكثر من أربع وثلاثين قراراً أممياً يصدُر من أروقة مجلس الأمن لأجل فلسطين وحق الفلسطينيين، حتى باحتلال إسرائيل لفلسطين عامة لا تعترف بها المنظومة الأممية، وألزمت الصهاينة بالخروج من فلسطين فورًا ومع ذلك لم ولن يكون له غير الخزي والعار، فما الذي نفعت هذه قرارات… غير أن الذي نعرفه وعلى يقين به: أن ما أُخذ بالقوة فلن يسترد بالقوة، وإنما القوة السلاح ولا قوة سواها!.
- وأخيرا والأمر يطول في الحديث عن نماذج المنافقين في الكتاب والسنة لكن هم الذين ظهروا يوم الأحزاب، وقالوا ما قالوا في وقت الفتنة والمأزق الأعظم الذي نزل على النبي والصحابة، وتجمعت قريش كلها، وغطفان، وثقيف، واليهود، والمنافقون من الداخل كما قال الله واصفا الحال: ﴿إِذ جاءوكُم مِن فَوقِكُم وَمِن أَسفَلَ مِنكُم وَإِذ زاغَتِ الأَبصارُ وَبَلَغَتِ القُلوبُ الحَناجِرَ وَتَظُنّونَ بِاللَّهِ الظُّنونا هُنالِكَ ابتُلِيَ المُؤمِنونَ وَزُلزِلوا زِلزالًا شَديدًا﴾، فهنا يظهرون:
﴿وَإِذ يَقولُ المُنافِقونَ وَالَّذينَ في قُلوبِهِم مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسولُهُ إِلّا غُرورًا﴾… يعني أين النصر الذي تتحدثون عنه؟ أين الجهاد الذي تقولون؟ أين الله الذي تتمتون؟ أين القرآن؟ أين آياته؟ أين أحاديث النبي؟ أينما تقولون؟ أينما تتحدثون؟ أين هذه كلها؟ من قتل الأطفال؟ من قتل النساء؟ من هدم البيوت؟ من أجاع الناس: ﴿وَإِذ يَقولُ المُنافِقونَ وَالَّذينَ في قُلوبِهِم مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسولُهُ إِلّا غُرورًا﴾!. - وفوق ذلك قالوا في الآية التي تليها محرضين الناس على التمرد والترك النبي والصحابة وحدهم في نحر العدو: ﴿يا أَهلَ يَثرِبَ لا مُقامَ لَكُم...﴾ وهي دعوة الناس إلى التخاذل ولم يكتفوا بأنهم مخذولون في أنفسهم، بل يدعون الناس إلى ذلك صراحة: ﴿وَإِذ قالَت طائِفَةٌ مِنهُم يا أَهلَ يَثرِبَ لا مُقامَ لَكُم فَارجِعوا وَيَستَأذِنُ فَريقٌ مِنهُمُ النَّبِيَّ.....﴾، فريق منهم وليس كلهم، يستأذنون لأجل الهروب أما البقية فهربوا دون إذن أصلا كما قال تعالى: ﴿إِنَّما يَستَأذِنُكَ الَّذينَ لا يُؤمِنونَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَارتابَت قُلوبُهُم فَهُم في رَيبِهِم يَتَرَدَّدونَ وَلَو أَرادُوا الخُروجَ لَأَعَدّوا لَهُ عُدَّةً وَلكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعاثَهُم فَثَبَّطَهُم وَقيلَ اقعُدوا مَعَ القاعِدينَ لَو خَرَجوا فيكُم ما زادوكُم إِلّا خَبالًا وَلَأَوضَعوا خِلالَكُم يَبغونَكُمُ الفِتنَةَ وَفيكُم سَمّاعونَ لَهُم وَاللَّهُ عَليمٌ بِالظّالِمينَ لَقَدِ ابتَغَوُا الفِتنَةَ مِن قَبلُ وَقَلَّبوا لَكَ الأُمورَ حَتّى جاءَ الحَقُّ وَظَهَرَ أَمرُ اللَّهِ وَهُم كارِهونَ﴾، فهم هنا في الأحزاب قالوا: {يَقولونَ إِنَّ بُيوتَنا عَورَةٌ} أراضينا ستنتهب، بلادنا ستحتل، وأولادنا وأطفالنا وملكنا سيزوب وجاهنا وهذه بكله سيذهب فهم يتهربون من الجهاد بكل كلمة ذعر وخوف وتخاذل: ﴿ يا أَهلَ يَثرِبَ لا مُقامَ لَكُم فَارجِعوا وَيَستَأذِنُ فَريقٌ مِنهُمُ النَّبِيَّ يَقولونَ إِنَّ بُيوتَنا عَورَةٌ وَما هِيَ بِعَورَةٍ إِن يُريدونَ إِلّا فِرارًا﴾.
هذه الحقيقة فضحهم الله: {إِن يُريدونَ إِلّا فِرارًا}، ثم قال ﴿وَلَو دُخِلَت عَلَيهِم مِن أَقطارِها ثُمَّ سُئِلُوا الفِتنَةَ لَآتَوها وَما تَلَبَّثوا بِها إِلّا يَسيرًا﴾، ولو دخلت عليهم، جاءتهم فتنة أكبر وأعظم وأشد في أنفسهم وأولادهم وممتلكاتهم ما تلبثوا بها إلا يسيراً، والفتنة هي الكفر والخروج حتى عن الإسلام، والسب والشتم مستعدين تمام الاستعداد، واستعدوا حتى لتسليم بعض ديارهم وبعض أموالهم إن لم يكن كل هذه؛ لتسلم الرؤوس وتسلم بعض الأموال، وبعض النساء، وبعض الأرض، هكذا هم على استعداد تام، إن لم يكن التسليم الحقيقي، فيكون التسليم بالأفكار، وبالأقوال، وبالأعمال، المهم لا هم لهم إلا سلامة أنفسهم وأرواحهم فقط ولا علاقة لهم بشعوبهم وأمتهم ودينهم….!.
أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ..
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:
- إن الله سبحانه وتعالى قد جلى لنا أمر هؤلاء الذين تحدثنا عنهم من أصحاب نفاق، وأصحاب الشر، والنفوس الخبيثة السيئة التي لا تظهر إلا في وقت الفتن والملمات التي تنزل على الأمة، ومشاغبة تعد على القضايا العامة التي فيها ما فيها، وهم يظهرون كالأفاعي: ﴿قَد يَعلَمُ اللَّهُ المُعَوِّقينَ مِنكُم وَالقائِلينَ لِإِخوانِهِم هَلُمَّ إِلَينا وَلا يَأتونَ البَأسَ إِلّا قَليلًا﴾، لا يمكن أن يقتربوا من بأس، من خوف، من شيء من هذا، أو حتى واحد بالمئة، من خوف يتركون سبعين باباً، بل ألف باب من الذي يمكن أن يدخل عليهم النقص في الأموال، والنقص في الأنفس، والنقص في الملك، والنقص في أي شيء كان منهم تماماً…
- ثم كيف فضحهم الله: ﴿أَشِحَّةً عَلَيكُم فَإِذا جاءَ الخَوفُ رَأَيتَهُم يَنظُرونَ إِلَيكَ تَدورُ أَعيُنُهُم....﴾. أنت الذي ودفّت بنا، أنت الذي أوصلتنا، أنت الذي فعلت بنا، أنت الذي بدأت القتال، أنت الذي قدتنا، أنت الذي أوصلتنا إلى مهلكة، أنت، وأنت، وأنت، وسقت الأمة بكلها: ﴿ فَإِذا جاءَ الخَوفُ رَأَيتَهُم يَنظُرونَ إِلَيكَ تَدورُ أَعيُنُهُم كَالَّذي يُغشى عَلَيهِ مِنَ المَوتِ فَإِذا ذَهَبَ الخَوفُ سَلَقوكُم بِأَلسِنَةٍ حِدادٍ أَشِحَّةً عَلَى الخَيرِ....﴾، لكن قال الله: ﴿وَإِنَّ مِنكُم لَمَن لَيُبَطِّئَنَّ فَإِن أَصابَتكُم مُصيبَةٌ قالَ قَد أَنعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذ لَم أَكُن مَعَهُم شَهيدًا وَلَئِن أَصابَكُم فَضلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقولَنَّ كَأَن لَم تَكُن بَينَكُم وَبَينَهُ مَوَدَّةٌ يا لَيتَني كُنتُ مَعَهُم فَأَفوزَ فَوزًا عَظيمًا﴾،
والعجب أن يجعلها نعمة أن الله خلّفه، ولم يجعله في شرف للأمة، وفي دفاع عن الأمة: ﴿فَليُقاتِل في سَبيلِ اللَّهِ الَّذينَ يَشرونَ الحَياةَ الدُّنيا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقاتِل في سَبيلِ اللَّهِ فَيُقتَل أَو يَغلِب فَسَوفَ نُؤتيهِ أَجرًا عَظيمًا﴾ ،﴿لا يَستَأذِنُكَ الَّذينَ يُؤمِنونَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ أَن يُجاهِدوا بِأَموالِهِم وَأَنفُسِهِم وَاللَّهُ عَليمٌ بِالمُتَّقينَ﴾. - وهناك آياتٌ في كتاب الله كثيرة تبين لنا مدى خطر هذه الأصناف المريضة المجرمة في المجتمع، ولعل أسباب ظهور هذه الأصناف إما مرض، وإما ضعف إيمان، وإما ركون على هذا وذاك من أمور الدنيا، وإما خوف على مصلحة أو نفس، وإما هلع وجبن، وإما نقص عقيدة…، وإما قنوط من رحمة الله عز وجل، وعدم فقه للسنن الكونية والمتغيرات الربانية التي تجري على الأمة، بل تجري على الأمم كلها، هذه الأشياء التي ذكرتها من أسباب ظاهرة أو من أسباب خفية هي التي تؤدي إلى هذه الكوارث، وتؤدي إلى هذه الأصناف، وتجعل هؤلاء يظهرون في الأمة بكل قوة…
- فبينما الله سبحانه وتعالى ينادي: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا ما لَكُم إِذا قيلَ لَكُمُ انفِروا في سَبيلِ اللَّهِ اثّاقَلتُم إِلَى الأَرضِ....﴾. ويقول: ﴿إِلّا تَنفِروا يُعَذِّبكُم عَذابًا أَليمًا وَيَستَبدِل قَومًا غَيرَكُم...﴾، ويقول: ﴿انفِروا خِفافًا وَثِقالًا وَجاهِدوا بِأَموالِكُم وَأَنفُسِكُم في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُم خَيرٌ لَكُم إِن كُنتُم تَعلَمونَ﴾، فإذا هم يقولون: ﴿ وَقالوا لا تَنفِروا فِي الحَرِّ...﴾، ﴿قالوا لَو نَعلَمُ قِتالًا لَاتَّبَعناكُم....﴾.
- فواجب المجتمع أن يتنبه لهؤلاء، وأن يحذر منهم، وأن يبقى دائماً وأبداً على حذر من أمراض النفوس، والمثبطين المرجفين المخذلين عامة: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِن جاءَكُم فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنوا أَن تُصيبوا قَومًا بِجَهالَةٍ فَتُصبِحوا عَلى ما فَعَلتُم نادِمينَ﴾، وليحذروا هم من غضب الله: ﴿لَئِن لَم يَنتَهِ المُنافِقونَ وَالَّذينَ في قُلوبِهِم مَرَضٌ وَالمُرجِفونَ فِي المَدينَةِ لَنُغرِيَنَّكَ بِهِم ثُمَّ لا يُجاوِرونَكَ فيها إِلّا قَليلًا مَلعونينَ أَينَما ثُقِفوا أُخِذوا وَقُتِّلوا تَقتيلًا سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذينَ خَلَوا مِن قَبلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبديلًا﴾، ألا فواجب المجتمع أن لا يكون منهم، ولا أن يستمع لهم، ونعوذ بالله أن نكون ممن قال الله فيهم: ﴿سَمّاعونَ لِلكَذِبِ أَكّالونَ لِلسُّحتِ...﴾، ﴿وَفيكُم سَمّاعونَ لَهُم وَاللَّهُ عَليمٌ بِالظّالِمينَ﴾.
- وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الرسمي الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص الاحتياطي فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty3
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.com
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر (إكس):*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص تليجرام:*
https://t.me/alsoty
*❈- مجموعة #يستفتونك اطرح سؤال تليجرام:*
https://t.me/alsoty11
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A ...المزيد
مساعدة
الإبلاغ عن المادة
تعديل تدوينة
*دور المخذلين تجاه قضايا المسلمين "غزة أنموذجًا"* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو ...
*دور المخذلين تجاه قضايا المسلمين "غزة أنموذجًا"*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇 ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇 ...المزيد
#خطب_مكتوبة *خطبة.ارتفاع.الأسعار.cc* 👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي. عضو الاتحاد العالمي لعلماء ...
#خطب_مكتوبة
*خطبة.ارتفاع.الأسعار.cc*
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/OEyQ02sLV1A
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
عظيم أن نتحدث اليوم عن موضوع مقلق، ومهم غاية في الأهمية، يلامس واقعنا، وهو هم أكبر لدى كثير منا، بل لدى الجميع لربما الصغير، والكبير، الذكر، والأنثى، شغلنا الشاغل، حديث مجالسنا، وطرقنا، ومقايلنا، إنها مصيبة في الحقيقة، ورزية عظيمة، وفاجعة، وكارثة والله يقول في كتابه الكريم: ﴿وَلَنَبلُوَنَّكُم بِشَيءٍ مِنَ الخَوفِ وَالجوعِ وَنَقصٍ مِنَ الأَموالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصّابِرينَ الَّذينَ إِذا أَصابَتهُم مُصيبَةٌ قالوا إِنّا لِلَّهِ وَإِنّا إِلَيهِ راجِعونَ أُولئِكَ عَلَيهِم صَلَواتٌ مِن رَبِّهِم وَرَحمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ المُهتَدونَ﴾، إنه موضوع ارتفاع الأسعار، تلك الكارثة المدوية، التي تنذر بفقر عظيم، ومجاعة كاسحة لكثير من الناس، ليس أي ارتعاع بل ارتفاع جنوني هائل وعظيم، ولا حدود ولا ساحل له، ولا شيء يحده، ولا شيء يقله…
ارتفاع الأسعار تلك الكارثة العظمى التي تنذر بهلاك المجتمعات، والتي تنذر بمجاعات، وقتل لكثير من الناس وفي عقر ديارهم، فضلا عن هم بليل ونهار، وأرق شديد، وفيه إشغال للناس بتوافه دنياهم، عن واجباتهم الدينية، وعن واجباتهم نحو ربهم ﷻ، وإشغالهم عنها بما يجب أن تتوفر أصلا، ولكن أصبح ذلك الإنسان المسلم من فقر إلى فقر، ومن هم إلى هم، ومن ارتفاع إلى ارتفاع، خاصة المواطن اليمني الذي أصبح في القرن الواحد والعشرين قرن الثورة العلمية، والتكنولوجية، والثورة الفاحشة، والغناء الطائل في كثير من الدول، اصبح للأسف اليمني هو أفقر مواطن على وجه الأرض بحسب الإحصائيات العالمية الرسمية، لقد أوشكت المجاعة أن تعم أغلب الناس، لقد اختفت كثير من الطبقات الوسطى التي كانت موجودة من فئات عمالية متواضعة، من فئات متواضعة دخلها من صيادين، أو معلمين، أو موظفين عاديين، برواتب زهيدة، أو من دخل بسيط، اختفت الطبقات تلك، وأصبحت الأغلب والأكثر هي الطبقات العادية البسيطة الفقيرة التي لربما مع قادم الأيام إن لم يكن أمل بالله جل جلاله أن تجوع، وأن تهلك، وأن تتكفف الناس، وتصبح شحاتة لدى هذا وذاك، وهذا ما يراد لها، لقد اصبحت اليوم هلكى أو لا وجود لها أصلا، وأصبح كثير من شرائح الناس إنما هم طبقات صفرية، أو طبقات مفرطة عليا كبيرة، تباعدت الفجوة بيننا كأننا لسنا بمسلمين، كأن لم يأمرنا الله جل جلاله: ﴿ كَي لا يَكونَ دولَةً بَينَ الأَغنِياءِ مِنكُم ﴾، تداول المال من غني لغني، والفقير يعاني، اليوم العمارات، والشركات، والمؤسسات الكبرى كل يوم يفتتح هذا وذاك من اناس معينين كرسميين أصبحوا هم الإقطاعيون في عهد هو القرن الواحد والعشرين، لا نسمع كل يوم الا بالتهام لشركة، او بسط على خرضية، أو أخذ لممتلك، او شيء من هذ، لقد أصبح النافذون هم المتحكمون، هم الذين يتحكمون بزمام هؤلاء الناس البسطاء المساكين في ظل هذه الأسعار المرتفعة المخيفة التي لا طائل منها…
أيها المؤمنون:
مع أن العادة، والطبيعة، والجميع يتفق أن افعالا سفيهة، وحمقاء بشرية هي السبب عند كثير من الناس في ارتفاع الأسعار الجنوني لكن هناك ما يجب أن أنبه عليه كتنبيه غاية في الأهمية، ثم أعطي رسائل أربع:
رسالة للتجار
ورسالة للأغنياء عموما
ورسالة للناس
ورسالة أخيرة للدولة
ثم نصيحة أختم بها خطبتي
ولكن قبل هذا يجب أن نتحدث عن السبب الباطن، والتنبيه العاجل؛ لأن الله يقول في كتابه الكريم: ﴿وَذَروا ظاهِرَ الإِثمِ وَباطِنَهُ﴾، الظاهر والباطن من الإثم يجب أن يُترك لا أن ينظر الإنسان للأسباب العادية من سفه وطيش وتحكم للسفهاء وللحمقاء في تجارات الناس وفي اقواتهم وضرورياتهم وينسى السبب من عند نفسه، وهو ما يجهله كثير من الناس فربنا يقول في كتابه الكريم: ﴿وَما أَصابَكُم مِن مُصيبَةٍ فَبِما كَسَبَت أَيديكُم وَيَعفو عَن كَثيرٍ﴾، ﴿أَوَلَمّا أَصابَتكُم مُصيبَةٌ قَد أَصَبتُم مِثلَيها قُلتُم أَنّى هذا قُل هُوَ مِن عِندِ أَنفُسِكُم ﴾، إذن أنفسكم اولا هي السبب في المصائب، ذنوبكم، معاصيكم… ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَريَةً كانَت آمِنَةً مُطمَئِنَّةً يَأتيها رِزقُها رَغَدًا مِن كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَت بِأَنعُمِ اللَّهِ فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الجوعِ وَالخَوفِ بِما كانوا يَصنَعونَ﴾، بما صنعوا، بما عملوا، بما اكتسبوا، بما اقترحوا، بألسنتهم، بأيديهم، بأرجلهم، بجوارحهم بأي شيء فيهم، تحولت النعمة لديهم إلى نقمة، تحول الرزق الرغد الذي يأتي من كل مكان إلى جوع، إلى فقر، إلى مجاعة، والسبب ما كسبت أيديهم، فالنظر أولا إلى أنفسنا، وما الذي اكتسبناه، ما الذي فعلناه حتى حلّت الكارثة بنا والله جل جلاله لا يخلف وعده أبدا…
وأذكر قصة حدثت في شبه القارة الهندية إذ جاء الناس في فترة غلاء أسعار فاحش للإمام المجدد الكندهلوي عليه رحمة الله صاحب كتاب حياة الصحابة قالوا له إن المجاعة قد أوشكت ان تعمنا جميعا بشبه القارة الهندية فقال لهم: إن الناس والأقوات وكل شيء لدى رب العالمين جل جلاله ككفتي الميزان فإذا ارتفعت قيمة الناس عند الله بأعمالهم الصالحة خفت ورخصت قيمة الأشياء وإذا خف الإنسان عند رب العالمين وفي ميزانه ارتفعت قيمة الأشياء وبالتالي أصبح هذا الإنسان الضعيف المسكين الذي رخص عند الله يصبح يلاحق هذه الأشياء التافهة، التي هي ليست بشيء عند الله، ولكنه أغلاها بسبب الناس، بسبب ذنوبهم ومعاصيهم، بما كانوا يعملون، فإذا الإنسان حرص على أن يكسب الأعمال الصالحة، والإيمان ارتفعت قيمته، ورخصت قيمة الأشياء، وأصبح ذلك الإنسان لا يهم شيئا قال الله عن هذه الحقيقة التي يجب أن تخلد في أذهاننا: ﴿وَلَو أَنَّ أَهلَ القُرى آمَنوا وَاتَّقَوا لَفَتَحنا عَلَيهِم بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالأَرضِ وَلكِن كَذَّبوا فَأَخَذناهُم بِما كانوا يَكسِبونَ﴾، تتفتح لأجلهم بركات السماوات والأرض، وتسخر لأجلهم إذا أمنوا واتقوا ﴿وَلَو أَنَّ أَهلَ القُرى آمَنوا وَاتَّقَوا لَفَتَحنا عَلَيهِم بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالأَرضِ وَلكِن كَذَّبوا فَأَخَذناهُم بِما كانوا يَكسِبونَ﴾، بما كسبت أيديهم، بما اجترحوا أخذناهم، ومن ذلك أن عذبناهم بمعايشهم، وأصبح الحقير لديهم عظيما جليلا لا يكاد يحصل عليه، والرخيص غاليا صعب المنال، ﴿وَأَن لَوِ استَقاموا عَلَى الطَّريقَةِ لَأَسقَيناهُم ماءً غَدَقًا﴾، لا إشكال عند رب العالمين جل جلاله، والمشكلة هي عند الناس، والعلاج هو علاج علي كما قال رضي الله عنه: " ما نزل بلاء إلا بذنب وما رُفع إلا بتوبة" التوبة التي يجب ان تعم المجتمعات؛ ليرتفع ما بهم، ﴿وَما أَرسَلنا في قَريَةٍ مِن نَبِيٍّ إِلّا أَخَذنا أَهلَها بِالبَأساءِ وَالضَّرّاءِ لَعَلَّهُم يَضَّرَّعونَ﴾، يعني لأجل أن يتضرعوا، لعلهم يأوبون، لعلهم يرجعون، لعلهم يتوبون، قال الله في أخرى: ﴿وَلَقَد أَرسَلنا إِلى أُمَمٍ مِن قَبلِكَ فَأَخَذناهُم بِالبَأساءِ وَالضَّرّاءِ لَعَلَّهُم يَتَضَرَّعونَ فَلَولا إِذ جاءَهُم بَأسُنا تَضَرَّعوا وَلكِن قَسَت قُلوبُهُم وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيطانُ ما كانوا يَعمَلونَ﴾، قست قلوبهم فأصبحوا يلاحقون حوائجهم، ودنياهم، وما يريدون، ونسوا الله الذي يجب أن يتضرعوا إليه، من أجل أن يرد لهم ضائعاتهم، لأجل أن يرد لهم ما يريدون، لأجل أن يرخص عليهم جل جلاله تلك المعايش التي هي عنده حقيرة، هذا شيء، وبقي شيء آخر هو ما قاله إبراهيم ابن أدهم عليه رحمة الله لما قيل له ان الأسعار قد غلت وارتفعت قال وما همي بهذا؟ والله لو أصبحت حبة القمح بدينار ما أهم هذا؛ عليّ أن أعبده كما أمرني، وهو سيعطيني كما وعدني، ﴿وَما مِن دابَّةٍ فِي الأَرضِ إِلّا عَلَى اللَّهِ رِزقُها﴾، وهي دابة أي دابة فكيف بالإنسان المكرم، لن يضيعك الله وقد كرمك، ﴿وَلقَدْ كَرّمّنَا بَني آدَمَ}، يجب أن ترتفع الهمة، والأمل برب العالمين جل جلاله، أن يسعى ذلك المسلم بالذات اليمني يسعى ليل نهار من أجل أن يحصل على قوت يومه وليلته ولا يخاف ولا يخشى من ذي العرش إقلالا؛ فالله هو الرزاق ذو القوة المتين، علينا ان نعبده كما امرنا وهو سيعطينا كما وعدنا، وهو لا يخلف الميعاد جل جلاله، فلا أمل إلا به، ويجب العودة إليه؛ لترد الأشياء كما كانت…
من رزقك في الرخص سيرزقك في الغلاء؛ فالرزاق حي لا يموت، أنت فقط اخرُج إلى عملك، واسعَ في هذه الأرض، واترُك الأمر لله فله الأمر والحكمة البالغة، فهو الذي تكفَّل برزقك، وقال: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾...
هذا علاج لا بد منه ثم بعده أوجه رسائلي الأربع: أولا رسالتي للتجار
*رسالة إلى التجار* إلى أولئك الذين عليهم مسؤولية كبرى، وأمانة عظمة، إلى أولئك الذين خيرهم النبي صلى الله عليه وسلم بين الأبرار أو الفجار
إلى أولئك الذين يتحكمون بزمام الأمور ولديهم أكثر الحلول
إلى أولئك أيضا الجشعين الطمعين الذين عبأوا مخازنهم من سنوات ثم رفعوا اليوم لعشرات الأضعاف
إلى أولئك الذين يقتلون الناس صمتا ويدفنونهم جبرا بأفعالهم
أناديهم اليوم بذلك النداء الذي ناداهم به النبي صلى الله عليه وسلم اذ قال مرتين: ( يا معشر التجار) ثم كرر (يا معشر التجار) فرفعوا أبصارهم اليه صلى الله عليه وسلم، ومدوا أعناقهم وقال النبي صلى الله عليه وسلم لهم: (إن التاجر الصدوق الأمين يبعث يوم القيامة مع النبيين والصديقين والشهداء)، وقال لهم مرة صلى الله عليه وسلم:(ان التجار هم الفجار الا من اتقى الله وبر وصدق). واتقى الله وبر وصدق يحشر مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة كما في الحديث السابق.
وأي فضل وعظمة بعد هذه الكلماتا، والمرتبة الشريفة التي يحصدها ذلك التاجر وماذاك الا لأن مفتاح الدنيا بين يدي التاجر فاذا ارخص او اقتنع بشيء بسيط ففيه البركة، واذا لم يقتنع فانه تمحق بركة ماله؛ لأن البركة من الله ليست من الأموال، يظن الكثير على أن كلما جمع كلما ارتفع، وكلما سمى، وكلما اعتلى، وكلما اغتنى، لا والله ليست البركة هذه بل البركة مخفية، سر الهي يوضع في الأموال، يوضع في الأشخاص، يوضع في المجتمعات، يوضع في الأهل، يوضع في الإنسان في صحته في غناه في ماله في أهله في كل شيء، فإذا انتزعت البركة أصبح ذلك الانسان ممسوخا ولو عنده ملايين ومليارات الدولارات لا تنفعه ممسوخ لا شيء له، وقد قال صلى الله عليه وسلم عند مسلم:( من اخذ مالا بغير حقه لا بورك له فيه ومن اخذه بحقه وفي حله بارك الله له فيه)، فخذه بحله ومن حقك ولا تزد عليه، واقتنع باليسير؛ ليعطيك الله الكثير، وليس الكثير بدنيا بل ببركة يضعها الله في أموالك فاحذر أن تلتهم ما بأيدي الناس وتوقع نفسك وإياهم في ضرر في الدنيا والآخرة.
ثانياً: رسالة للأغنياء
*للأغنياء اصحاب اليسار*
للذين عندهم اليسار، أقول لهم:( ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)، تفقدوا جيرانكم وفقراءكم وأهاليكم وذوي الحاجات منكم؛ ليتفقدكم الله، ارحموهم ليرحمكم الله، ارفقوا بهم ليرفق الله بكم، إذا نظرتم اإليهم نظر الله إليكم، إذا سترتموهم ستركم الله، إذا فرّجتم همومكم فرّج الله همومهكم، إن سعيتنم في سد حوائجهم سد اللله حوائجكم، والجزاء من جنس العمل، وهذا نبينا قد نفى الإيمان عن من بات شبعان وجاره جائع والحديث صحيح:( ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع بجواره وهو يعلم)، لا يحل لمسلم أن يترك صديقه وجاره ومعدمه فقيرا تعيسا مغموما مكروبا مهموما، ويترك الدنيا عليه، ويترك الفقر بين يديه، ويتركه يحمل هم الليل والنهار، هذا لأصحاب اليسار الأغنياء ....
*واجب الناس أمام ارتفاع الأسعار*
أما عامة الناس فأقول لهم ما قال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم: (اربعوا على أنفسكم) أي خففوا على أنفسكم، ربنا يقول: (﴿يا بَني آدَمَ خُذوا زينَتَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ وَكُلوا وَاشرَبوا وَلا تُسرِفوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُسرِفينَ﴾،
﴿ وَلا تُبَذِّر تَبذيرًاإِنَّ المُبَذِّرينَ كانوا إِخوانَ الشَّياطينِ وَكانَ الشَّيطانُ لِرَبِّهِ كَفورًا﴾
خفف على نفسك من المشتريات، رشد مشترياتك، الترشيد الاقتصادي أن تأخذ المهم، وتترك ما لا داعي له، أن تأخذ ما لا بد منه وتترك الكماليات والتحسينيات، أن تأخذ الضروريات والحاجيات وتترك ما ليس له داعي، ما يمكن ان تستغني عنه ما يعد من التوافه، ولعل الرخصة يأتي هذا سبب حقيقي وواقع…
ثم أيضًا الواجب على المجتمع أن يحاربوا التجار، نعم أن يحاربوا التجار بترك بضائعهم لديهم، وينظرون ماذا سيفعلون كما قال عمر في قاعدته العمرية، وأيضاً القاعدة العلوية علي رضي الله عنه قال عمر لما غلي اللحم في تلك الفترة قالوا إن اللحم قد غلي فقال عمر رضي الله عنه للناس: ( ارخصوه انتم) والقصة ثابتة متواترة عنه، قال ( ارخصوه انتم) قالوا: وكيف نرخصه وهو من عندهم ليس من عندنا؟ فقال ( ارخصوه انتم) فقالوا بم؟ قال: ( اتركوه لهم) خلوه، البيض بمئة، الحبة الروتي بكذا اتركه فينتهي لديه فيظطر ان يبيعه بأرخص الأثمان، اتركه له اجعله يهنأ به، وسترى كيف يكون، أو القاعدة العلوية لعلي رضي الله عنه عندما بعثوا اليه من المدينة: لقد لقد غلي الزبيب فقال علي رضي الله عنه: (ارخصوه بالتمر) أي اتركوا الزبيب واستبدلوا التمر، يعني استبدلوا بضاعة أميركية ببضاعة مثلا اندونيسية أو ماليزية أو أيا كانت من السلع، واستبدل بدلها أخرى، سترى على ان تلك رخصت، فتكاتف المجتمعات لمحاربة الجشعين من التجار واجب الساعة وواجب الوقت.
أقول قولي هذا وأستغفر الله
الخــطبة الــثــانــيــة: ↶
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾، أما بعد:
*رسالة إلى الدولة*
أخيرا رسالتي للدولة التي نؤمن بها بالغيب وإن لم نرها، ولم نشمها، ولم نسمع عنها، ولم ندركها، ولم نطعمها، أقول أين المسؤولية الملقاة على عاتقها في مراقبة التجار الجشعين، الظلمة، المجرمين، الذين تسلطوا على رقاب الناس، وانتهبوهم، وأخذوا أموالهم كرها، واضطرارا…
أين المسؤولية الملقاة على عاتقهم ونبينا صلى الله عليه وسلم في البخاري ومسلم قد قال: ( من استرعاه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته الا حرم الله عليه الجنة)، فاهنئوا بدنياكم واشبعوا وتنعموا، ثم تحرمون جنة عرضها السماوات والأرض؛ بسبب مسؤولية ألقيت على عواتقكم ثم لم تقوموا بها، ونمتم عنها… وربنا لا تأخذه سنة ولا نوم.. تنام عيناك والمظلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لم تنم
أين الواجب من متابعة، من مراقبة، من فرض أسعار رسمية للأقوات الضرورية، أو دعم للأقوات الضرورية…
شيء آخر إذا كان عمر رضي الله عنه قد جعل مراقبين للأسواق في كل سوق حتى انه فرض النساء على النساء في الأسواق ايضا فكيف بنا وفي وضعنا؟
وهم في فترة إيمانية، وفترة ورع وخوف من الله، ومع هذا فرض هؤلاء.. وعلي رضي الله عنه كذلك بل لما قيل له إن فلانا احتكر شيئًا بألف درهم أمر بما احتكره فأحرقه أمام الناس، أين واحدة فقط من هذه؟ قصة لهؤلاء الذين أخذوا، والتهموا، وفعلوا ما فعلوا وجرعوا الناس غصص العذاب…
أين قصة من هذه تشتهر أمام الإعلام ليرتدع التجار الجشعين، وليس أي تجار لا أعمم هنا، أين هؤلاء الذين جعلت المسؤولية على عواثقهم ثم ناموا عنها… اتقوا الله في الناس…
….وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين….
┈┉┅━━ ❀ ❃ ✾ ❈ ❀━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
❈- الصفحة العامة فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty2
❈- الحساب الخاص فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty1
❈- القناة يوتيوب:
https://www.youtube.com//Alsoty1
❈- حساب تويتر:
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
❈- المدونة الشخصية:
https://Alsoty1.blogspot.com/
❈- حساب انستقرام:
https://www.instagram.com/alsoty1
❈- حساب سناب شات:
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
❈- إيميل:
[email protected]
❈- قناة الفتاوى تليجرام:
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
❈- رقم الشيخ وتساب:
https://wa.me/967714256199 ...المزيد
*خطبة.ارتفاع.الأسعار.cc*
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/OEyQ02sLV1A
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
عظيم أن نتحدث اليوم عن موضوع مقلق، ومهم غاية في الأهمية، يلامس واقعنا، وهو هم أكبر لدى كثير منا، بل لدى الجميع لربما الصغير، والكبير، الذكر، والأنثى، شغلنا الشاغل، حديث مجالسنا، وطرقنا، ومقايلنا، إنها مصيبة في الحقيقة، ورزية عظيمة، وفاجعة، وكارثة والله يقول في كتابه الكريم: ﴿وَلَنَبلُوَنَّكُم بِشَيءٍ مِنَ الخَوفِ وَالجوعِ وَنَقصٍ مِنَ الأَموالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصّابِرينَ الَّذينَ إِذا أَصابَتهُم مُصيبَةٌ قالوا إِنّا لِلَّهِ وَإِنّا إِلَيهِ راجِعونَ أُولئِكَ عَلَيهِم صَلَواتٌ مِن رَبِّهِم وَرَحمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ المُهتَدونَ﴾، إنه موضوع ارتفاع الأسعار، تلك الكارثة المدوية، التي تنذر بفقر عظيم، ومجاعة كاسحة لكثير من الناس، ليس أي ارتعاع بل ارتفاع جنوني هائل وعظيم، ولا حدود ولا ساحل له، ولا شيء يحده، ولا شيء يقله…
ارتفاع الأسعار تلك الكارثة العظمى التي تنذر بهلاك المجتمعات، والتي تنذر بمجاعات، وقتل لكثير من الناس وفي عقر ديارهم، فضلا عن هم بليل ونهار، وأرق شديد، وفيه إشغال للناس بتوافه دنياهم، عن واجباتهم الدينية، وعن واجباتهم نحو ربهم ﷻ، وإشغالهم عنها بما يجب أن تتوفر أصلا، ولكن أصبح ذلك الإنسان المسلم من فقر إلى فقر، ومن هم إلى هم، ومن ارتفاع إلى ارتفاع، خاصة المواطن اليمني الذي أصبح في القرن الواحد والعشرين قرن الثورة العلمية، والتكنولوجية، والثورة الفاحشة، والغناء الطائل في كثير من الدول، اصبح للأسف اليمني هو أفقر مواطن على وجه الأرض بحسب الإحصائيات العالمية الرسمية، لقد أوشكت المجاعة أن تعم أغلب الناس، لقد اختفت كثير من الطبقات الوسطى التي كانت موجودة من فئات عمالية متواضعة، من فئات متواضعة دخلها من صيادين، أو معلمين، أو موظفين عاديين، برواتب زهيدة، أو من دخل بسيط، اختفت الطبقات تلك، وأصبحت الأغلب والأكثر هي الطبقات العادية البسيطة الفقيرة التي لربما مع قادم الأيام إن لم يكن أمل بالله جل جلاله أن تجوع، وأن تهلك، وأن تتكفف الناس، وتصبح شحاتة لدى هذا وذاك، وهذا ما يراد لها، لقد اصبحت اليوم هلكى أو لا وجود لها أصلا، وأصبح كثير من شرائح الناس إنما هم طبقات صفرية، أو طبقات مفرطة عليا كبيرة، تباعدت الفجوة بيننا كأننا لسنا بمسلمين، كأن لم يأمرنا الله جل جلاله: ﴿ كَي لا يَكونَ دولَةً بَينَ الأَغنِياءِ مِنكُم ﴾، تداول المال من غني لغني، والفقير يعاني، اليوم العمارات، والشركات، والمؤسسات الكبرى كل يوم يفتتح هذا وذاك من اناس معينين كرسميين أصبحوا هم الإقطاعيون في عهد هو القرن الواحد والعشرين، لا نسمع كل يوم الا بالتهام لشركة، او بسط على خرضية، أو أخذ لممتلك، او شيء من هذ، لقد أصبح النافذون هم المتحكمون، هم الذين يتحكمون بزمام هؤلاء الناس البسطاء المساكين في ظل هذه الأسعار المرتفعة المخيفة التي لا طائل منها…
أيها المؤمنون:
مع أن العادة، والطبيعة، والجميع يتفق أن افعالا سفيهة، وحمقاء بشرية هي السبب عند كثير من الناس في ارتفاع الأسعار الجنوني لكن هناك ما يجب أن أنبه عليه كتنبيه غاية في الأهمية، ثم أعطي رسائل أربع:
رسالة للتجار
ورسالة للأغنياء عموما
ورسالة للناس
ورسالة أخيرة للدولة
ثم نصيحة أختم بها خطبتي
ولكن قبل هذا يجب أن نتحدث عن السبب الباطن، والتنبيه العاجل؛ لأن الله يقول في كتابه الكريم: ﴿وَذَروا ظاهِرَ الإِثمِ وَباطِنَهُ﴾، الظاهر والباطن من الإثم يجب أن يُترك لا أن ينظر الإنسان للأسباب العادية من سفه وطيش وتحكم للسفهاء وللحمقاء في تجارات الناس وفي اقواتهم وضرورياتهم وينسى السبب من عند نفسه، وهو ما يجهله كثير من الناس فربنا يقول في كتابه الكريم: ﴿وَما أَصابَكُم مِن مُصيبَةٍ فَبِما كَسَبَت أَيديكُم وَيَعفو عَن كَثيرٍ﴾، ﴿أَوَلَمّا أَصابَتكُم مُصيبَةٌ قَد أَصَبتُم مِثلَيها قُلتُم أَنّى هذا قُل هُوَ مِن عِندِ أَنفُسِكُم ﴾، إذن أنفسكم اولا هي السبب في المصائب، ذنوبكم، معاصيكم… ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَريَةً كانَت آمِنَةً مُطمَئِنَّةً يَأتيها رِزقُها رَغَدًا مِن كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَت بِأَنعُمِ اللَّهِ فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الجوعِ وَالخَوفِ بِما كانوا يَصنَعونَ﴾، بما صنعوا، بما عملوا، بما اكتسبوا، بما اقترحوا، بألسنتهم، بأيديهم، بأرجلهم، بجوارحهم بأي شيء فيهم، تحولت النعمة لديهم إلى نقمة، تحول الرزق الرغد الذي يأتي من كل مكان إلى جوع، إلى فقر، إلى مجاعة، والسبب ما كسبت أيديهم، فالنظر أولا إلى أنفسنا، وما الذي اكتسبناه، ما الذي فعلناه حتى حلّت الكارثة بنا والله جل جلاله لا يخلف وعده أبدا…
وأذكر قصة حدثت في شبه القارة الهندية إذ جاء الناس في فترة غلاء أسعار فاحش للإمام المجدد الكندهلوي عليه رحمة الله صاحب كتاب حياة الصحابة قالوا له إن المجاعة قد أوشكت ان تعمنا جميعا بشبه القارة الهندية فقال لهم: إن الناس والأقوات وكل شيء لدى رب العالمين جل جلاله ككفتي الميزان فإذا ارتفعت قيمة الناس عند الله بأعمالهم الصالحة خفت ورخصت قيمة الأشياء وإذا خف الإنسان عند رب العالمين وفي ميزانه ارتفعت قيمة الأشياء وبالتالي أصبح هذا الإنسان الضعيف المسكين الذي رخص عند الله يصبح يلاحق هذه الأشياء التافهة، التي هي ليست بشيء عند الله، ولكنه أغلاها بسبب الناس، بسبب ذنوبهم ومعاصيهم، بما كانوا يعملون، فإذا الإنسان حرص على أن يكسب الأعمال الصالحة، والإيمان ارتفعت قيمته، ورخصت قيمة الأشياء، وأصبح ذلك الإنسان لا يهم شيئا قال الله عن هذه الحقيقة التي يجب أن تخلد في أذهاننا: ﴿وَلَو أَنَّ أَهلَ القُرى آمَنوا وَاتَّقَوا لَفَتَحنا عَلَيهِم بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالأَرضِ وَلكِن كَذَّبوا فَأَخَذناهُم بِما كانوا يَكسِبونَ﴾، تتفتح لأجلهم بركات السماوات والأرض، وتسخر لأجلهم إذا أمنوا واتقوا ﴿وَلَو أَنَّ أَهلَ القُرى آمَنوا وَاتَّقَوا لَفَتَحنا عَلَيهِم بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالأَرضِ وَلكِن كَذَّبوا فَأَخَذناهُم بِما كانوا يَكسِبونَ﴾، بما كسبت أيديهم، بما اجترحوا أخذناهم، ومن ذلك أن عذبناهم بمعايشهم، وأصبح الحقير لديهم عظيما جليلا لا يكاد يحصل عليه، والرخيص غاليا صعب المنال، ﴿وَأَن لَوِ استَقاموا عَلَى الطَّريقَةِ لَأَسقَيناهُم ماءً غَدَقًا﴾، لا إشكال عند رب العالمين جل جلاله، والمشكلة هي عند الناس، والعلاج هو علاج علي كما قال رضي الله عنه: " ما نزل بلاء إلا بذنب وما رُفع إلا بتوبة" التوبة التي يجب ان تعم المجتمعات؛ ليرتفع ما بهم، ﴿وَما أَرسَلنا في قَريَةٍ مِن نَبِيٍّ إِلّا أَخَذنا أَهلَها بِالبَأساءِ وَالضَّرّاءِ لَعَلَّهُم يَضَّرَّعونَ﴾، يعني لأجل أن يتضرعوا، لعلهم يأوبون، لعلهم يرجعون، لعلهم يتوبون، قال الله في أخرى: ﴿وَلَقَد أَرسَلنا إِلى أُمَمٍ مِن قَبلِكَ فَأَخَذناهُم بِالبَأساءِ وَالضَّرّاءِ لَعَلَّهُم يَتَضَرَّعونَ فَلَولا إِذ جاءَهُم بَأسُنا تَضَرَّعوا وَلكِن قَسَت قُلوبُهُم وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيطانُ ما كانوا يَعمَلونَ﴾، قست قلوبهم فأصبحوا يلاحقون حوائجهم، ودنياهم، وما يريدون، ونسوا الله الذي يجب أن يتضرعوا إليه، من أجل أن يرد لهم ضائعاتهم، لأجل أن يرد لهم ما يريدون، لأجل أن يرخص عليهم جل جلاله تلك المعايش التي هي عنده حقيرة، هذا شيء، وبقي شيء آخر هو ما قاله إبراهيم ابن أدهم عليه رحمة الله لما قيل له ان الأسعار قد غلت وارتفعت قال وما همي بهذا؟ والله لو أصبحت حبة القمح بدينار ما أهم هذا؛ عليّ أن أعبده كما أمرني، وهو سيعطيني كما وعدني، ﴿وَما مِن دابَّةٍ فِي الأَرضِ إِلّا عَلَى اللَّهِ رِزقُها﴾، وهي دابة أي دابة فكيف بالإنسان المكرم، لن يضيعك الله وقد كرمك، ﴿وَلقَدْ كَرّمّنَا بَني آدَمَ}، يجب أن ترتفع الهمة، والأمل برب العالمين جل جلاله، أن يسعى ذلك المسلم بالذات اليمني يسعى ليل نهار من أجل أن يحصل على قوت يومه وليلته ولا يخاف ولا يخشى من ذي العرش إقلالا؛ فالله هو الرزاق ذو القوة المتين، علينا ان نعبده كما امرنا وهو سيعطينا كما وعدنا، وهو لا يخلف الميعاد جل جلاله، فلا أمل إلا به، ويجب العودة إليه؛ لترد الأشياء كما كانت…
من رزقك في الرخص سيرزقك في الغلاء؛ فالرزاق حي لا يموت، أنت فقط اخرُج إلى عملك، واسعَ في هذه الأرض، واترُك الأمر لله فله الأمر والحكمة البالغة، فهو الذي تكفَّل برزقك، وقال: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾...
هذا علاج لا بد منه ثم بعده أوجه رسائلي الأربع: أولا رسالتي للتجار
*رسالة إلى التجار* إلى أولئك الذين عليهم مسؤولية كبرى، وأمانة عظمة، إلى أولئك الذين خيرهم النبي صلى الله عليه وسلم بين الأبرار أو الفجار
إلى أولئك الذين يتحكمون بزمام الأمور ولديهم أكثر الحلول
إلى أولئك أيضا الجشعين الطمعين الذين عبأوا مخازنهم من سنوات ثم رفعوا اليوم لعشرات الأضعاف
إلى أولئك الذين يقتلون الناس صمتا ويدفنونهم جبرا بأفعالهم
أناديهم اليوم بذلك النداء الذي ناداهم به النبي صلى الله عليه وسلم اذ قال مرتين: ( يا معشر التجار) ثم كرر (يا معشر التجار) فرفعوا أبصارهم اليه صلى الله عليه وسلم، ومدوا أعناقهم وقال النبي صلى الله عليه وسلم لهم: (إن التاجر الصدوق الأمين يبعث يوم القيامة مع النبيين والصديقين والشهداء)، وقال لهم مرة صلى الله عليه وسلم:(ان التجار هم الفجار الا من اتقى الله وبر وصدق). واتقى الله وبر وصدق يحشر مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة كما في الحديث السابق.
وأي فضل وعظمة بعد هذه الكلماتا، والمرتبة الشريفة التي يحصدها ذلك التاجر وماذاك الا لأن مفتاح الدنيا بين يدي التاجر فاذا ارخص او اقتنع بشيء بسيط ففيه البركة، واذا لم يقتنع فانه تمحق بركة ماله؛ لأن البركة من الله ليست من الأموال، يظن الكثير على أن كلما جمع كلما ارتفع، وكلما سمى، وكلما اعتلى، وكلما اغتنى، لا والله ليست البركة هذه بل البركة مخفية، سر الهي يوضع في الأموال، يوضع في الأشخاص، يوضع في المجتمعات، يوضع في الأهل، يوضع في الإنسان في صحته في غناه في ماله في أهله في كل شيء، فإذا انتزعت البركة أصبح ذلك الانسان ممسوخا ولو عنده ملايين ومليارات الدولارات لا تنفعه ممسوخ لا شيء له، وقد قال صلى الله عليه وسلم عند مسلم:( من اخذ مالا بغير حقه لا بورك له فيه ومن اخذه بحقه وفي حله بارك الله له فيه)، فخذه بحله ومن حقك ولا تزد عليه، واقتنع باليسير؛ ليعطيك الله الكثير، وليس الكثير بدنيا بل ببركة يضعها الله في أموالك فاحذر أن تلتهم ما بأيدي الناس وتوقع نفسك وإياهم في ضرر في الدنيا والآخرة.
ثانياً: رسالة للأغنياء
*للأغنياء اصحاب اليسار*
للذين عندهم اليسار، أقول لهم:( ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)، تفقدوا جيرانكم وفقراءكم وأهاليكم وذوي الحاجات منكم؛ ليتفقدكم الله، ارحموهم ليرحمكم الله، ارفقوا بهم ليرفق الله بكم، إذا نظرتم اإليهم نظر الله إليكم، إذا سترتموهم ستركم الله، إذا فرّجتم همومكم فرّج الله همومهكم، إن سعيتنم في سد حوائجهم سد اللله حوائجكم، والجزاء من جنس العمل، وهذا نبينا قد نفى الإيمان عن من بات شبعان وجاره جائع والحديث صحيح:( ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع بجواره وهو يعلم)، لا يحل لمسلم أن يترك صديقه وجاره ومعدمه فقيرا تعيسا مغموما مكروبا مهموما، ويترك الدنيا عليه، ويترك الفقر بين يديه، ويتركه يحمل هم الليل والنهار، هذا لأصحاب اليسار الأغنياء ....
*واجب الناس أمام ارتفاع الأسعار*
أما عامة الناس فأقول لهم ما قال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم: (اربعوا على أنفسكم) أي خففوا على أنفسكم، ربنا يقول: (﴿يا بَني آدَمَ خُذوا زينَتَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ وَكُلوا وَاشرَبوا وَلا تُسرِفوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُسرِفينَ﴾،
﴿ وَلا تُبَذِّر تَبذيرًاإِنَّ المُبَذِّرينَ كانوا إِخوانَ الشَّياطينِ وَكانَ الشَّيطانُ لِرَبِّهِ كَفورًا﴾
خفف على نفسك من المشتريات، رشد مشترياتك، الترشيد الاقتصادي أن تأخذ المهم، وتترك ما لا داعي له، أن تأخذ ما لا بد منه وتترك الكماليات والتحسينيات، أن تأخذ الضروريات والحاجيات وتترك ما ليس له داعي، ما يمكن ان تستغني عنه ما يعد من التوافه، ولعل الرخصة يأتي هذا سبب حقيقي وواقع…
ثم أيضًا الواجب على المجتمع أن يحاربوا التجار، نعم أن يحاربوا التجار بترك بضائعهم لديهم، وينظرون ماذا سيفعلون كما قال عمر في قاعدته العمرية، وأيضاً القاعدة العلوية علي رضي الله عنه قال عمر لما غلي اللحم في تلك الفترة قالوا إن اللحم قد غلي فقال عمر رضي الله عنه للناس: ( ارخصوه انتم) والقصة ثابتة متواترة عنه، قال ( ارخصوه انتم) قالوا: وكيف نرخصه وهو من عندهم ليس من عندنا؟ فقال ( ارخصوه انتم) فقالوا بم؟ قال: ( اتركوه لهم) خلوه، البيض بمئة، الحبة الروتي بكذا اتركه فينتهي لديه فيظطر ان يبيعه بأرخص الأثمان، اتركه له اجعله يهنأ به، وسترى كيف يكون، أو القاعدة العلوية لعلي رضي الله عنه عندما بعثوا اليه من المدينة: لقد لقد غلي الزبيب فقال علي رضي الله عنه: (ارخصوه بالتمر) أي اتركوا الزبيب واستبدلوا التمر، يعني استبدلوا بضاعة أميركية ببضاعة مثلا اندونيسية أو ماليزية أو أيا كانت من السلع، واستبدل بدلها أخرى، سترى على ان تلك رخصت، فتكاتف المجتمعات لمحاربة الجشعين من التجار واجب الساعة وواجب الوقت.
أقول قولي هذا وأستغفر الله
الخــطبة الــثــانــيــة: ↶
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾، أما بعد:
*رسالة إلى الدولة*
أخيرا رسالتي للدولة التي نؤمن بها بالغيب وإن لم نرها، ولم نشمها، ولم نسمع عنها، ولم ندركها، ولم نطعمها، أقول أين المسؤولية الملقاة على عاتقها في مراقبة التجار الجشعين، الظلمة، المجرمين، الذين تسلطوا على رقاب الناس، وانتهبوهم، وأخذوا أموالهم كرها، واضطرارا…
أين المسؤولية الملقاة على عاتقهم ونبينا صلى الله عليه وسلم في البخاري ومسلم قد قال: ( من استرعاه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته الا حرم الله عليه الجنة)، فاهنئوا بدنياكم واشبعوا وتنعموا، ثم تحرمون جنة عرضها السماوات والأرض؛ بسبب مسؤولية ألقيت على عواتقكم ثم لم تقوموا بها، ونمتم عنها… وربنا لا تأخذه سنة ولا نوم.. تنام عيناك والمظلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لم تنم
أين الواجب من متابعة، من مراقبة، من فرض أسعار رسمية للأقوات الضرورية، أو دعم للأقوات الضرورية…
شيء آخر إذا كان عمر رضي الله عنه قد جعل مراقبين للأسواق في كل سوق حتى انه فرض النساء على النساء في الأسواق ايضا فكيف بنا وفي وضعنا؟
وهم في فترة إيمانية، وفترة ورع وخوف من الله، ومع هذا فرض هؤلاء.. وعلي رضي الله عنه كذلك بل لما قيل له إن فلانا احتكر شيئًا بألف درهم أمر بما احتكره فأحرقه أمام الناس، أين واحدة فقط من هذه؟ قصة لهؤلاء الذين أخذوا، والتهموا، وفعلوا ما فعلوا وجرعوا الناس غصص العذاب…
أين قصة من هذه تشتهر أمام الإعلام ليرتدع التجار الجشعين، وليس أي تجار لا أعمم هنا، أين هؤلاء الذين جعلت المسؤولية على عواثقهم ثم ناموا عنها… اتقوا الله في الناس…
….وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين….
┈┉┅━━ ❀ ❃ ✾ ❈ ❀━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
❈- الصفحة العامة فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty2
❈- الحساب الخاص فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty1
❈- القناة يوتيوب:
https://www.youtube.com//Alsoty1
❈- حساب تويتر:
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
❈- المدونة الشخصية:
https://Alsoty1.blogspot.com/
❈- حساب انستقرام:
https://www.instagram.com/alsoty1
❈- حساب سناب شات:
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
❈- إيميل:
[email protected]
❈- قناة الفتاوى تليجرام:
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
❈- رقم الشيخ وتساب:
https://wa.me/967714256199 ...المزيد
ارتفاع.سعر.الصرف.وتأثيره.على.الناس.cc. #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد ...
ارتفاع.سعر.الصرف.وتأثيره.على.الناس.cc.
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik/17809
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ المكلا 15 / ربيع الآخر / 1446هـ ↶
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
- فقد زادت المشاكل والبلاءات، وكثرت الغموم والهموم والنكبات، وعظمت على الناس الكربات، واشتدت الحسرات والأزمات، وتضاعفت المكاره والمعضلات، وأصبحنا نعيش في أزمات متلاحقة، وفتن طاحنة تأكل الأخضر واليابس، ويمسي ذلك الإنسان المسلم وإذا هو بفتنة يسيرة، ويصبح على على فتنة أكبر، ويمسي على خبر يمكن أن نقول مقبول فإذا هو يصبح على إجرام مفعول.
- أصبح المسلم تتجاذبه هذه الهموم والغموم والمعضلات، وبين هذا البلاء، وهذه الهموم، وهذه المشاكل، وهذه الغموم، وهذه الكربات، لا يدري أين يتجه، ولا يدري لمن يشكو، ولا يدري لمن يتحدث، ومتى الفرج، ومتى المخرج وإلى أين الاتجاه… والكارثة أن لا مجيب لا من قريب ولا من بعيد، لا ممن يعرف ولا ممن لا يعرف، لا من من وجب عليهم أن يجيبوا وأن يحلوا هذه الأزمات، ويرفعوا هذه النوازل الكبرى التي قضت مضاجع الناس، وأن يحلوا هذه القضايا والمشاكل والهموم التي أصابت الرعية، لكن لا يوجد ولن يوجد…
- لقد أصبح حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم متحققًا فينا كل التحقق وينطق في الناس بصمت: "أمتكم هذه جُعل عافيتها في أولها، وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها، وتجيء فتنة فيرقق بعضها بعضًا، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي، ثم تنكشف، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه هذه…" والحديث عند مسلم.
- وانظر لوصفه صلى الله عليه وسلم ودقة لفظه وتعبيره: "وتجيء فتنة فيرقق بعضها بعضًا" أي أن الفتنة الأولى ليست بشيء أمام الثانية، بل هي صغيرة ومقبولة ومعقولة، ثم الثانية ليست بشيء أمام الثالثة بل هي صغيرة ومقبولة ومعقولة، وهكذا حتى يقول المؤمن هذه مهلكتي فيعيش المؤمن بين فتن كلما انجلت فتنة أتت فتنة أكبر وأعظم لا يخرج من الفتن هذه للأسف إلا من رحم الله وقليل ما هم…
- وإن من أعظم الفتن، وأشد الفتن، وأخطر الفتن التي وقعت فينا وعلى بلدنا أن من يجب عليهم أن ينظروا وأن يجدوا حلًا عاجلًا لما وقع على الناس من ضر وبؤس ومصائب وفقر وآلآم وهموم وغموم وأحزان وكُرب وقل ما شئت… إذا بهؤلاء لا هم لهم مطلقًا بل بالعكس هم من يدخلون على الناس الهموم والغموم والكروبات والأحزان والأمراض والآلآم والأسقام... ولا يعيشون إلا عليها أصلًا، وتأملوا أنهم لا يعيشون إلا على هذه الأوجاع كالذباب أفضل ما يعيش عليه هي الجراحات والأوساخ والأقذار…
- فهكذا هم أولئك الذين ولاهم الله علينا لا يعيشون إلا على هموم الناس ومشاكل الناس، والبلاء الذي يصيب الناس، فبدلًا من أن يسعوا لحلحلة ما نزل على الناس، وأن يجدوا حلًا لهذه الأمور بكلها، وبدلًا من أن يستشعر هؤلاء قول نبينا صلى عليه وسلم: "من استرعاه الله رعية يموت يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة"، بل دعا عليه الصلاة والسلام على من تولى شيئًا من أمر الأمة ثم شق عليها: "اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فاشق عليهم فاشقق عليه"، بمعنى يجد المشقة والضنك والتعب وكل بلاء في حياته، في صحته، في ماله، في أولاده، في أهله، في كل شيء من حياته تصيبه التعاسة والشقاء…
- وإن من أعظم البلاء وأشده وأفجره وأجرمه محاربة الناس في أقواتهم وإدخال الهموم والأحزان والغموم عليهم وتضييق الخناق عليهم… وبدلًا من أن يسعى ولاة الأمور وعموم المسؤولين لفك كرب الناس يدخل كل هذه البلاءات عليهم، وبدلًا من أن يستشعروا قول النبي عليه الصلاة والسلام كما نحفظ جميعاً: "من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه" والحديث رواه مسلم….
- وكذا المرأة التي كانت بغيًا من بغايا بني إسرائيل لكنها سقت كلبًا فغفر الله لها وأدخلها الجنة نعم غفر الله لها لسقيها كلبا وهو كلب ورغم جرائمها، وأيضًا تلك المرأة التي حبست هرة فلا أطعمتها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض فقال عليه الصلاة والسلام "دخلت مرأة النار في هرة" … ورجل أزال غصن شوك من طريق المسلمين إنظر غصن شوك من طريق المسلمين فغفر الله له وأدخله الجنة والحديث عند مسلم.
- فهذا كلب وهرة وشوكة فكيف بأنفس مسلمة، كيف بمشقة تنزل على هؤلاء جميعًا دون رحمة… فبدلا من أن يزيلوا الأشواك من طريق المسلمين. لا ليس المسلمين وفقط، بل من ولاهم الله عليهم عموماً حتى ولو كان من غير المسلمين فكيف بالمسلمين، ولقد كان في زمن الراشدين، ومن يخافون الله تبارك وتعالى عمومًا يتفقدون حتى أحوال أهل الكتاب من غير المسلمين أعني اليهود والنصارى ما دام وأن الإسلام يحميهم وهم تحت رعيته وفي بلده فكيف بالمسلمين…
- فكيف بإدخال المشقة على الناس وأعني بذلك الهم الكبير والشغل الشاغل على الناس اليوم في مجالسهم، وفي بيوتهم، وفي أسواقهم، وفي أعمالهم، وفي قيامهم وقعودهم، وفي كل وقتهم حتى في نومهم تحول لكوابيس لشدة ما نزل عليهم إنه ارتفاع سعر الصرف، وبالتالي ارتفاع جنوني للأسعار، وبالتالي المشقة العظمى على الناس، وبالتالي الفقر والهم والغموم والأحزان والأمراض والآلآم والبطالة وقل ما شئت من أكدار ومتاعب وأهوال…
- ومعلوم على أن أغلب هذا الشعب المسكين يعيشون تحت خط الفقر بشهادة العالم بأكمله ويعترفون به حتى من ولاهم الله أمر هذه البلاد يقولون اليمن يعيش تحت خط الفقر كواحد من أفقر دول العالم، طيب إذا كان كذلك هل يعني على أن المشاكل والهموم هذه تزيد على الناس، أم ترفعونها عنهم، وتخففونها، وتحلحلونها لكن لا بالعكس بل تزيد وتعظم وتشتد وفي كل يوم، مع أني على يقين أنها أزمات مفتعلة لأجل أن يعيشوا على فقر الناس، وعلى الآم الناس، وعلى جراحات الناس…
- ذلك المواطن المغلوب على أمره المسكين الفقير دخله محدود لا يزيد أبدًا وتزيد فقط الأسعار وسواء كان دخله من شغل أو من راتب يتقاضاه هنا وهناك، أو كان لا شيء وكثير ماهم لا شيء لهم فدخله محدود كان يصرف لو أفترضنا مائة الف ريال الف ريال يمني يصرفها في قوتياته الضرورية من دقيق مثلا وأرز مثلا وزيت مثلا. وما لابد منه، لكن المئة الألف اليوم هذه لا تفي بما كان يشتريه من قبل، قد نزل سعرها ونخفضت قيمتها، وأصبح قيمة طباعتها أكثر من قيمة هذه الورقة فلو جئت إلى صاحب مطبعة لتطبع ورقة ملون لكانت أكثر منها بكثير، ما هذه الجريمة، ما هذه الكارثة التي أصيب بها الناس اليوم…
- إذا لم يحلوا هذه الأمور ستزداد الكوارث والجرائم بين الناس، وليست الجرائم العادية فيما بينهم من فقر وهم وغم وحزن وآلام وضنك وطبقية وقل ما شئت، لا، بل جرائم أخرى المتعدية على الغير بسرق بنصب بسلب بغش برشاوى المهم يدبر مصروف بيته، وقوت أهله هكذا قد يتعللون، ومن يتحمل هذه بكلها غير أولئك الذين يجب عليهم أن يجدوا حلًا عاجلًا لهذه القضايا والمشاكل أولًا بأول ليخرجوا الناس من هذه الأزمات.
- في كل يوم يزداد الألم على الناس، وفي كل يوم ترتفع الأسعار، وفي كل يوم يرتفع سعر الدولار أمام هذه العملات النافقة المنتهية الصلاحية، ماذا يعني عندما ينزل سعر الصرف يعني أن سرقة كبرى من كل مواطن تمت في غمضة عين فالعشرة الالآف سُرق منها ثلاثة ألآف من كل أحد، لماذا؛ لأن قيمتها أصحب أقل، فابتزوا الناس من هذه الطريقة وبحيلة أخرى بدلا من ضرائب على البضائع لا بل فرضوها على الناس جميعًا وابتزوا منهم أموالًا طائلة، ثم المواطن تضيع عنده الثقة بالعملة المحلية فيسعى لشراء عملة أخرى هي أضمن وأوثق فيشتريها فيرتفع سعر الطلب عليها فيرتفع سعرها يرتفع ويقل سعر تلك المعروضة بقوة،
وبالتالي تنهار وهكذا نحن في انهيار.
- إن هذه الجرائم والموبقات التي تصيب الناس يجب على الناس أيضًا أن يعوها، وأن يدركوها، وأن يفهموا الأمر المحدق عليهم، وأنهم سيقعون في يوم ما في أكثر وأكبر وأعظم منها، وأن يستغل حال هؤلاء الضعفاء فيما هو أشد سواء كان من ولاة الأمور أو كان من ولاة أخرى وهم التجار الذين يفرحون بهذه الأسعار وبارتفاعها يرفع ما عندهم من مخزونات سابقة وبالتالي يربحوا أضعاف أضعافها بالرغم إن هؤلاء التجار هم أنفسهم كانوا مثل الناس يتحدثون عن الرحمة والشفقة والتعاون والتراحم والحرام فإذا ما جاء وقت أن يكون تاجرًا إذا هو يقول شيئًا آخر تمامًا لأنه عرف قيمة الرسالة وزاد والجشع والطمع لديه وأصبح يستغل حاجة الناس وضرورات الناس. فيرفع أكثر مما هو في السوق…. بل قد ربما تجد من بقالة لأخرى ومن محل لآخر الفرق ألف ريال في شيء واحد، بل أكثر بل ألف، وفي هذه أكثر من أن تذكر، ولعل كل واحد منا قد وجدها.…
حسبنا الله ونعم الوكيل.
أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ..
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:
- فما لا شك فيه على أن هذه المحن والبلاءات والشدائد التي نزلت على الناس وأصبح من حاله مستورًا أصبح مقهورًا فقيرًا إنما هو بلاء لأسباب، ومعلوم على أن البلاء لا يُرفع إلا بتوبة، وتوبة عامة من الناس، وما نزل بلاء إلا بذنب، وما رُفع إلا بتوبة: ﴿أَوَلَمّا أَصابَتكُم مُصيبَةٌ قَد أَصَبتُم مِثلَيها قُلتُم أَنّى هذا قُل هُوَ مِن عِندِ أَنفُسِكُم إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ﴾، ﴿وَما أَصابَكُم مِن مُصيبَةٍ فَبِما كَسَبَت أَيديكُم وَيَعفو عَن كَثيرٍ﴾..
- ولا ريب على أن أعظم بلاء هو أن يتولى على المسؤولية من هو بلاء، ومصيبة، وكارثة كمن تولوا على رقاب اليمنيين عامة، لكن نتحدث عن البلاء الآخر الذي يمكن لنا كرعية أن نأخذ به لنبرئ ذمتنا أمام ربنا جل وعلا، لعل الله أن يفرج عنا ما نحن فيه ومن كل بلاء.. ﴿وَتوبوا إِلَى اللَّهِ جَميعًا أَيُّهَ المُؤمِنونَ لَعَلَّكُم تُفلِحونَ﴾، ﴿وَمَن لَم يَتُب فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمونَ﴾…
- ونحتاج نحن أيها الناس إلى أن نتصرف التصرف الخاص بكثرة الرجوع إلى الله، والاستغفار، وعموم العبادة لله تعالى… ومهما بلغ سعر كل شيء فإن الله تبارك وتعالى بيده الفرج وبيده الأمر.
- ثم نثق يقينًا على أن الأرزاق بيد الله ليست بيد هؤلاء لا التجار ولا المسؤولين ولا أحد من العالمين بل من الله ومن الله فقط: ﴿وَفِي السَّماءِ رِزقُكُم وَما توعَدونَ﴾، وهو الرزاق من أحسن العبادة وجد الخلاص لا محالة: ﴿وَفِي السَّماءِ رِزقُكُم وَما توعَدونَ فَوَرَبِّ السَّماءِ وَالأَرضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثلَ ما أَنَّكُم تَنطِقونَ﴾ وقد طمأن الله الناس بذلك فقال: ﴿وَما خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلّا لِيَعبُدون ما أُريدُ مِنهُم مِن رِزقٍ وَما أُريدُ أَن يُطعِمونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزّاقُ ذُو القُوَّةِ المَتينُ﴾.
- ألا فلنؤدِ الشرط الذي يجب علينا وهو العبادة لعل الله أن يفرج عنا ما نحن فيه من أزمة وورطة: ﴿فَقُلتُ استَغفِروا رَبَّكُم إِنَّهُ كانَ غَفّارًا يُرسِلِ السَّماءَ عَلَيكُم مِدرارًا وَيُمدِدكُم بِأَموالٍ وَبَنينَ وَيَجعَل لَكُم جَنّاتٍ وَيَجعَل لَكُم أَنهارًا﴾، والرزق يأتي من السماء.
- ألا فلنستقم معه، ولنعد إلى الله جل جلاله، ولنرجع إليه، ولنثق به، ولنعلم على أن الأرزاق بيده، وعلى أنه سبحانه وتعالى هو الذي يقدر الأشياء ولن ينسانا أبدًا كما أنه جلا وعلا لا ينسى الدابة التي لا تملك حرفة ولا كياسة ولا شهادة ولا علمًا ولا تجارة ولا عملة ولا مسؤولية ولا سياسة ولا شيء من ذلك كله: ﴿وَما مِن دابَّةٍ فِي الأَرضِ إِلّا عَلَى اللَّهِ رِزقُها وَيَعلَمُ مُستَقَرَّها وَمُستَودَعَها كُلٌّ في كِتابٍ مُبينٍ﴾… فلنحسن الرجوع والعبادة مع الثقة بربنا تبارك وتعالى وسيأتينا ما وعدنا.
- وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الرسمي الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص الاحتياطي فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty3
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.com
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر (إكس):*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص تليجرام:*
https://t.me/alsoty
*❈- مجموعة #يستفتونك اطرح سؤال تليجرام:*
https://t.me/alsoty11
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik/17809
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ المكلا 15 / ربيع الآخر / 1446هـ ↶
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
- فقد زادت المشاكل والبلاءات، وكثرت الغموم والهموم والنكبات، وعظمت على الناس الكربات، واشتدت الحسرات والأزمات، وتضاعفت المكاره والمعضلات، وأصبحنا نعيش في أزمات متلاحقة، وفتن طاحنة تأكل الأخضر واليابس، ويمسي ذلك الإنسان المسلم وإذا هو بفتنة يسيرة، ويصبح على على فتنة أكبر، ويمسي على خبر يمكن أن نقول مقبول فإذا هو يصبح على إجرام مفعول.
- أصبح المسلم تتجاذبه هذه الهموم والغموم والمعضلات، وبين هذا البلاء، وهذه الهموم، وهذه المشاكل، وهذه الغموم، وهذه الكربات، لا يدري أين يتجه، ولا يدري لمن يشكو، ولا يدري لمن يتحدث، ومتى الفرج، ومتى المخرج وإلى أين الاتجاه… والكارثة أن لا مجيب لا من قريب ولا من بعيد، لا ممن يعرف ولا ممن لا يعرف، لا من من وجب عليهم أن يجيبوا وأن يحلوا هذه الأزمات، ويرفعوا هذه النوازل الكبرى التي قضت مضاجع الناس، وأن يحلوا هذه القضايا والمشاكل والهموم التي أصابت الرعية، لكن لا يوجد ولن يوجد…
- لقد أصبح حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم متحققًا فينا كل التحقق وينطق في الناس بصمت: "أمتكم هذه جُعل عافيتها في أولها، وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها، وتجيء فتنة فيرقق بعضها بعضًا، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي، ثم تنكشف، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه هذه…" والحديث عند مسلم.
- وانظر لوصفه صلى الله عليه وسلم ودقة لفظه وتعبيره: "وتجيء فتنة فيرقق بعضها بعضًا" أي أن الفتنة الأولى ليست بشيء أمام الثانية، بل هي صغيرة ومقبولة ومعقولة، ثم الثانية ليست بشيء أمام الثالثة بل هي صغيرة ومقبولة ومعقولة، وهكذا حتى يقول المؤمن هذه مهلكتي فيعيش المؤمن بين فتن كلما انجلت فتنة أتت فتنة أكبر وأعظم لا يخرج من الفتن هذه للأسف إلا من رحم الله وقليل ما هم…
- وإن من أعظم الفتن، وأشد الفتن، وأخطر الفتن التي وقعت فينا وعلى بلدنا أن من يجب عليهم أن ينظروا وأن يجدوا حلًا عاجلًا لما وقع على الناس من ضر وبؤس ومصائب وفقر وآلآم وهموم وغموم وأحزان وكُرب وقل ما شئت… إذا بهؤلاء لا هم لهم مطلقًا بل بالعكس هم من يدخلون على الناس الهموم والغموم والكروبات والأحزان والأمراض والآلآم والأسقام... ولا يعيشون إلا عليها أصلًا، وتأملوا أنهم لا يعيشون إلا على هذه الأوجاع كالذباب أفضل ما يعيش عليه هي الجراحات والأوساخ والأقذار…
- فهكذا هم أولئك الذين ولاهم الله علينا لا يعيشون إلا على هموم الناس ومشاكل الناس، والبلاء الذي يصيب الناس، فبدلًا من أن يسعوا لحلحلة ما نزل على الناس، وأن يجدوا حلًا لهذه الأمور بكلها، وبدلًا من أن يستشعر هؤلاء قول نبينا صلى عليه وسلم: "من استرعاه الله رعية يموت يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة"، بل دعا عليه الصلاة والسلام على من تولى شيئًا من أمر الأمة ثم شق عليها: "اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فاشق عليهم فاشقق عليه"، بمعنى يجد المشقة والضنك والتعب وكل بلاء في حياته، في صحته، في ماله، في أولاده، في أهله، في كل شيء من حياته تصيبه التعاسة والشقاء…
- وإن من أعظم البلاء وأشده وأفجره وأجرمه محاربة الناس في أقواتهم وإدخال الهموم والأحزان والغموم عليهم وتضييق الخناق عليهم… وبدلًا من أن يسعى ولاة الأمور وعموم المسؤولين لفك كرب الناس يدخل كل هذه البلاءات عليهم، وبدلًا من أن يستشعروا قول النبي عليه الصلاة والسلام كما نحفظ جميعاً: "من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه" والحديث رواه مسلم….
- وكذا المرأة التي كانت بغيًا من بغايا بني إسرائيل لكنها سقت كلبًا فغفر الله لها وأدخلها الجنة نعم غفر الله لها لسقيها كلبا وهو كلب ورغم جرائمها، وأيضًا تلك المرأة التي حبست هرة فلا أطعمتها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض فقال عليه الصلاة والسلام "دخلت مرأة النار في هرة" … ورجل أزال غصن شوك من طريق المسلمين إنظر غصن شوك من طريق المسلمين فغفر الله له وأدخله الجنة والحديث عند مسلم.
- فهذا كلب وهرة وشوكة فكيف بأنفس مسلمة، كيف بمشقة تنزل على هؤلاء جميعًا دون رحمة… فبدلا من أن يزيلوا الأشواك من طريق المسلمين. لا ليس المسلمين وفقط، بل من ولاهم الله عليهم عموماً حتى ولو كان من غير المسلمين فكيف بالمسلمين، ولقد كان في زمن الراشدين، ومن يخافون الله تبارك وتعالى عمومًا يتفقدون حتى أحوال أهل الكتاب من غير المسلمين أعني اليهود والنصارى ما دام وأن الإسلام يحميهم وهم تحت رعيته وفي بلده فكيف بالمسلمين…
- فكيف بإدخال المشقة على الناس وأعني بذلك الهم الكبير والشغل الشاغل على الناس اليوم في مجالسهم، وفي بيوتهم، وفي أسواقهم، وفي أعمالهم، وفي قيامهم وقعودهم، وفي كل وقتهم حتى في نومهم تحول لكوابيس لشدة ما نزل عليهم إنه ارتفاع سعر الصرف، وبالتالي ارتفاع جنوني للأسعار، وبالتالي المشقة العظمى على الناس، وبالتالي الفقر والهم والغموم والأحزان والأمراض والآلآم والبطالة وقل ما شئت من أكدار ومتاعب وأهوال…
- ومعلوم على أن أغلب هذا الشعب المسكين يعيشون تحت خط الفقر بشهادة العالم بأكمله ويعترفون به حتى من ولاهم الله أمر هذه البلاد يقولون اليمن يعيش تحت خط الفقر كواحد من أفقر دول العالم، طيب إذا كان كذلك هل يعني على أن المشاكل والهموم هذه تزيد على الناس، أم ترفعونها عنهم، وتخففونها، وتحلحلونها لكن لا بالعكس بل تزيد وتعظم وتشتد وفي كل يوم، مع أني على يقين أنها أزمات مفتعلة لأجل أن يعيشوا على فقر الناس، وعلى الآم الناس، وعلى جراحات الناس…
- ذلك المواطن المغلوب على أمره المسكين الفقير دخله محدود لا يزيد أبدًا وتزيد فقط الأسعار وسواء كان دخله من شغل أو من راتب يتقاضاه هنا وهناك، أو كان لا شيء وكثير ماهم لا شيء لهم فدخله محدود كان يصرف لو أفترضنا مائة الف ريال الف ريال يمني يصرفها في قوتياته الضرورية من دقيق مثلا وأرز مثلا وزيت مثلا. وما لابد منه، لكن المئة الألف اليوم هذه لا تفي بما كان يشتريه من قبل، قد نزل سعرها ونخفضت قيمتها، وأصبح قيمة طباعتها أكثر من قيمة هذه الورقة فلو جئت إلى صاحب مطبعة لتطبع ورقة ملون لكانت أكثر منها بكثير، ما هذه الجريمة، ما هذه الكارثة التي أصيب بها الناس اليوم…
- إذا لم يحلوا هذه الأمور ستزداد الكوارث والجرائم بين الناس، وليست الجرائم العادية فيما بينهم من فقر وهم وغم وحزن وآلام وضنك وطبقية وقل ما شئت، لا، بل جرائم أخرى المتعدية على الغير بسرق بنصب بسلب بغش برشاوى المهم يدبر مصروف بيته، وقوت أهله هكذا قد يتعللون، ومن يتحمل هذه بكلها غير أولئك الذين يجب عليهم أن يجدوا حلًا عاجلًا لهذه القضايا والمشاكل أولًا بأول ليخرجوا الناس من هذه الأزمات.
- في كل يوم يزداد الألم على الناس، وفي كل يوم ترتفع الأسعار، وفي كل يوم يرتفع سعر الدولار أمام هذه العملات النافقة المنتهية الصلاحية، ماذا يعني عندما ينزل سعر الصرف يعني أن سرقة كبرى من كل مواطن تمت في غمضة عين فالعشرة الالآف سُرق منها ثلاثة ألآف من كل أحد، لماذا؛ لأن قيمتها أصحب أقل، فابتزوا الناس من هذه الطريقة وبحيلة أخرى بدلا من ضرائب على البضائع لا بل فرضوها على الناس جميعًا وابتزوا منهم أموالًا طائلة، ثم المواطن تضيع عنده الثقة بالعملة المحلية فيسعى لشراء عملة أخرى هي أضمن وأوثق فيشتريها فيرتفع سعر الطلب عليها فيرتفع سعرها يرتفع ويقل سعر تلك المعروضة بقوة،
وبالتالي تنهار وهكذا نحن في انهيار.
- إن هذه الجرائم والموبقات التي تصيب الناس يجب على الناس أيضًا أن يعوها، وأن يدركوها، وأن يفهموا الأمر المحدق عليهم، وأنهم سيقعون في يوم ما في أكثر وأكبر وأعظم منها، وأن يستغل حال هؤلاء الضعفاء فيما هو أشد سواء كان من ولاة الأمور أو كان من ولاة أخرى وهم التجار الذين يفرحون بهذه الأسعار وبارتفاعها يرفع ما عندهم من مخزونات سابقة وبالتالي يربحوا أضعاف أضعافها بالرغم إن هؤلاء التجار هم أنفسهم كانوا مثل الناس يتحدثون عن الرحمة والشفقة والتعاون والتراحم والحرام فإذا ما جاء وقت أن يكون تاجرًا إذا هو يقول شيئًا آخر تمامًا لأنه عرف قيمة الرسالة وزاد والجشع والطمع لديه وأصبح يستغل حاجة الناس وضرورات الناس. فيرفع أكثر مما هو في السوق…. بل قد ربما تجد من بقالة لأخرى ومن محل لآخر الفرق ألف ريال في شيء واحد، بل أكثر بل ألف، وفي هذه أكثر من أن تذكر، ولعل كل واحد منا قد وجدها.…
حسبنا الله ونعم الوكيل.
أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ..
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:
- فما لا شك فيه على أن هذه المحن والبلاءات والشدائد التي نزلت على الناس وأصبح من حاله مستورًا أصبح مقهورًا فقيرًا إنما هو بلاء لأسباب، ومعلوم على أن البلاء لا يُرفع إلا بتوبة، وتوبة عامة من الناس، وما نزل بلاء إلا بذنب، وما رُفع إلا بتوبة: ﴿أَوَلَمّا أَصابَتكُم مُصيبَةٌ قَد أَصَبتُم مِثلَيها قُلتُم أَنّى هذا قُل هُوَ مِن عِندِ أَنفُسِكُم إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ﴾، ﴿وَما أَصابَكُم مِن مُصيبَةٍ فَبِما كَسَبَت أَيديكُم وَيَعفو عَن كَثيرٍ﴾..
- ولا ريب على أن أعظم بلاء هو أن يتولى على المسؤولية من هو بلاء، ومصيبة، وكارثة كمن تولوا على رقاب اليمنيين عامة، لكن نتحدث عن البلاء الآخر الذي يمكن لنا كرعية أن نأخذ به لنبرئ ذمتنا أمام ربنا جل وعلا، لعل الله أن يفرج عنا ما نحن فيه ومن كل بلاء.. ﴿وَتوبوا إِلَى اللَّهِ جَميعًا أَيُّهَ المُؤمِنونَ لَعَلَّكُم تُفلِحونَ﴾، ﴿وَمَن لَم يَتُب فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمونَ﴾…
- ونحتاج نحن أيها الناس إلى أن نتصرف التصرف الخاص بكثرة الرجوع إلى الله، والاستغفار، وعموم العبادة لله تعالى… ومهما بلغ سعر كل شيء فإن الله تبارك وتعالى بيده الفرج وبيده الأمر.
- ثم نثق يقينًا على أن الأرزاق بيد الله ليست بيد هؤلاء لا التجار ولا المسؤولين ولا أحد من العالمين بل من الله ومن الله فقط: ﴿وَفِي السَّماءِ رِزقُكُم وَما توعَدونَ﴾، وهو الرزاق من أحسن العبادة وجد الخلاص لا محالة: ﴿وَفِي السَّماءِ رِزقُكُم وَما توعَدونَ فَوَرَبِّ السَّماءِ وَالأَرضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثلَ ما أَنَّكُم تَنطِقونَ﴾ وقد طمأن الله الناس بذلك فقال: ﴿وَما خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلّا لِيَعبُدون ما أُريدُ مِنهُم مِن رِزقٍ وَما أُريدُ أَن يُطعِمونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزّاقُ ذُو القُوَّةِ المَتينُ﴾.
- ألا فلنؤدِ الشرط الذي يجب علينا وهو العبادة لعل الله أن يفرج عنا ما نحن فيه من أزمة وورطة: ﴿فَقُلتُ استَغفِروا رَبَّكُم إِنَّهُ كانَ غَفّارًا يُرسِلِ السَّماءَ عَلَيكُم مِدرارًا وَيُمدِدكُم بِأَموالٍ وَبَنينَ وَيَجعَل لَكُم جَنّاتٍ وَيَجعَل لَكُم أَنهارًا﴾، والرزق يأتي من السماء.
- ألا فلنستقم معه، ولنعد إلى الله جل جلاله، ولنرجع إليه، ولنثق به، ولنعلم على أن الأرزاق بيده، وعلى أنه سبحانه وتعالى هو الذي يقدر الأشياء ولن ينسانا أبدًا كما أنه جلا وعلا لا ينسى الدابة التي لا تملك حرفة ولا كياسة ولا شهادة ولا علمًا ولا تجارة ولا عملة ولا مسؤولية ولا سياسة ولا شيء من ذلك كله: ﴿وَما مِن دابَّةٍ فِي الأَرضِ إِلّا عَلَى اللَّهِ رِزقُها وَيَعلَمُ مُستَقَرَّها وَمُستَودَعَها كُلٌّ في كِتابٍ مُبينٍ﴾… فلنحسن الرجوع والعبادة مع الثقة بربنا تبارك وتعالى وسيأتينا ما وعدنا.
- وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الرسمي الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص الاحتياطي فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty3
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.com
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر (إكس):*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص تليجرام:*
https://t.me/alsoty
*❈- مجموعة #يستفتونك اطرح سؤال تليجرام:*
https://t.me/alsoty11
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A ...المزيد
جريمة خذلان المسلم لأخيه "غزة أنموذجا" #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي ...
جريمة خذلان المسلم لأخيه "غزة أنموذجا"
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/i5-G1m7lDZs?si=1tShbLSmKVg_PTi8
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير فلك جامعة حضرموت / 20/شوال/1446هـ ↶
👤ـ للشيخ/عبدالله رفيق السوطي.
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
- فالمتأمل في كتاب الله عز وجل، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليجد الآيات الكثيرة، والأحاديث العديدة التي تذكر نصوصًا قاطعةً صريحةً في مسألة الأخوة الإسلامية التي يجب أن تدوم وأن تبقى، وأن تكون راسخةً في أذهان كل مسلم دائمًا وأبدًا…
- وكل مسلم انتقص من أخوته فقد انتقص من إيمانة ودينه، ولذا الله عز وجل حصر الإيمان كل الإيمان في أخوة المؤمنين بعضهم بعضًا: ﴿إِنَّمَا المُؤمِنونَ إِخوَةٌ....﴾، وإنما أداة حصر وقصر، فكأن من لا أخوة له لا إيمان له من باب أولى، ولهذا قال الله عز وجل في كتابه الكريم: ﴿المُنافِقونَ وَالمُنافِقاتُ بَعضُهُم مِن بَعضٍ....﴾، ولم يقل: المنافقون والمنافقات بعضهم أولياء بعض، أما في المؤمنين فقال: ﴿وَالمُؤمِنونَ وَالمُؤمِناتُ بَعضُهُم أَولِياءُ بَعضٍ...﴾. فالولاء للمؤمن أيًا كان ذلك المؤمن..
- وبقدر إيمان العبد يكون ولاؤه للمؤمن، يكون حبه، ونصرته للمسلم، ويكون معونته للمسلم، ويكون الإخاء الكامل الصادق بينه وبين أخيه المسلم، ولذا النبي صلى الله عليه وسلم ذكر ذلك في أحاديث كثيرة، والقرآن صرح بذلك طويلاً في كتابه الكريم، وحذر من عدمه، أو حتى بنقصه وأمر باعتصام كل الاعتصام من كل المؤمنين، ولكل المؤمنين فقال في محكم التنزيل: ﴿وَاعتَصِموا بِحَبلِ اللَّهِ جَميعًا....﴾، ومع أن الواو في "اعتصموا"، هي واو الجماعة أي تشمل جميع المسلمين، وجميع المؤمنين، وجميع من قال: لا إله إلا الله، وآمن بها حق الإيمان، فهو يدخل في واو الجماعة في "واعتصموا "، لكن مع ذلك أكدها كتأكيد جازم: ﴿جَميعًا وَلا تَفَرَّقوا...﴾.
- وهذا الذي أُصبنا به، وهلكنا بسببه، وصرنا على ما نحن عليه اليوم إنه التفرق، والتنازع: "ولا تَفَرَّقوا" وهذا هو الداء الذي رمانا به الغرب عن قوس واحدة، وهذا المرض العضال الذي لم يفتؤ أن يُلقى في الأمة في مهاو، وأن يجرحها، ويقتلها، ويذبحها، وأن يفعل بها ما يشاء في كل وقت يشاء، إنه التفرق، هو التشتت، والافتراق، هو الاختلاف، هو التناحر، هو القتال، هو الصراع، هو التمزق.
- فأصبح كل واحد يهم نفسه، وأصبح ذلك المسلم مشغولًا بنفسه، مشغولًا ببيته، مشغولًا ببطنه، مشغولًا بقوته ورزقه، مشغولًا بعمله ووظيفته، مشغولًا بأمر دنيوي تافه لا يعدو أن يكون تفاهة وسفاهة أمام واجب أكبر وأعظم على الإطلاق، وأمر داهم، وخطر محدّق لا عليه وحده بل على المسلمين جميعًا، ولهذا أمر الله سبحانه وتعالى باليقظة والانتباه والحذر: ﴿وَاعتَصِموا بِحَبلِ اللَّهِ جَميعًا وَلا تَفَرَّقوا وَاذكُروا نِعمَتَ اللَّهِ عَلَيكُم إِذ كُنتُم أَعداءً فَأَلَّفَ بَينَ قُلوبِكُم....﴾ أي إن لم تعتصموا بحبل الله جميعاً فإنكم ستعودون للعداء والقتال والشقاء والدمار الذي كنتم عليه من قبل أن تعرفوا الإسلام أصلًا.
- وهذا الحاصل اليوم ويحدث في كل يوم من تمزيق، من شتات، من فرقة، كل دولة يهمها نفسها وشعبها ومالها ومخططاتها وسياساتها واقتصادها، وأشياء ثانوية لا تهم الأمة وليست منها في شيء، وكأن الأمر لا يعنيها، بينما دول الغرب تجتمع إذا شاءت، تتوحد إذا أرادت، وشيء واحد يجمع الجميع دون استثناء.
- وما حرب غزة عنا ببعيدة، ولا زالت هي الشوكة الكبرى والجرح الأعظم والاختبار الأكبر للأمة جميعًا، غزة التي رماها الغرب عن قوس واحدة، وعادوها جميعًا، وتوحدوا وتكاتفوا وتعاونوا ضدها بكل وقاحة فذاك بسلاحه، وذاك بماله، وذاك بسياسته، وهذا بإعلامه، وهذا بخبرته، وخبراته، وذاك بجاهه، وهذا بتكنولوجياته، وكل أحد من الغربيين يفعل فعلًا في أهل غزة ويتعاونوا عليهم جميعًا، بينما المسلمون في تشاغل عنها تمام التشاغل، وفي ابتعاد كلي، إن لم يكن في تآمر كلي.
- وما التقارير العالمية والعربية والتسريبات المتواصلة لتحالفات عربية يهودية التي تأتي من هنا وهناك بل لم تصبح مجرد تسريبات، بل علانيات من لقاءات، من اتفاقات، ومن خطط، ومن تعاون عسكري، وسياسي، ومالي، واقتصادي، ومن كل شيء بين الكيان الصهيوني المغتصب المبيد وبين الدول العربية وبين أمريكا المجرمة…!.
- أمريكا أم الإرهاب، ورعاية الكيان، وداعمته، وأصله، وأمه، وأبوه، وكل إجرام له فهو منها، ولها، ومتسببة فيه كليا، بل هي أصل الشر في كل شيء يحدث في عالم اليوم، ومن ذلك غزة العزة التي لولا أمريكا المجرمة القذرة لما قامت لليهود والصهاينة قائمة، ولا ليوم واحد، فضلاً عن أسبوع واحد، إن تصمد دولة الكيان الصهيوني القاتل المبيد للأمة كلها.
- وإنما يجري في أرض غزة العزة من مذابح عظيمة، وإبادة جماعية، وسياسة الأرض المحروقة، وتجويع، ومعاقبة، وسجن، وإحراق، ودمار، وكل جريمة فظيعة دون حراك للأمة إنما هي تقرب للأمة العقوبة الربانية، لأن أصحاب غرة الأبطال استنصرونا، وصرخوا، ونادوا، وصاحوا، وما قصروا، قدموا أرواحهم وأولادهم ودماءهم وأنفسهم وأموالهم وكل شيء عظيم وغال عليهم، ومع ذلك نقلوه للمسلمين جميعًا، وللعالم بأكمله، ونقلوه لهم في كل لحظة بالصوت والصورة، كإدانة له عظيمة لكل مسلم ومسلمة على وجه الأرض، بل للعالم كله..
- ذلك العالم الذي يزعم الحريّة، والديمقراطية، والإنسانية، وحقوق المرأة، وحقوق الطفل، والاحتياجات الخاصة، والأولويات العالمية، والمنظمات الحقوقية، والقوانين الدولية، والأنظمة العالمية، والكلمات الفلسفية الباطلة الكاذبة، والذي ظهر العالم بكله وتآمره، وتخاذله، وسياسة الكيل بمكيالين بكل نذالة!.
- فما يوصل إلينا من توثيق من أهل غزة إدانة للعالم كله، وما نراه بأم أعيننا، وما نشاهده صباح مساء، ومع ذلك لا شيء يمكن أن يحرك ضمائرنا، ولا شيء يمكن أن يوقظ النخوة في قلوبنا، لا نخوة المعتصم لما نادته امرأة مسلمة واحدة فأجابها، وأغاثها، وحرك جيشه كله لأجلها، ولا غير هذه المواقف البطولية، ولا النصوص الشرعية التي توجب على كل مسلم نصرة أخيه كحديث: "انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا"…
- فالمسلمون بحاجة ماسة لتذكر قوله صلى الله عليه وسلم: "ما من امرئ يخذل امرءًا مسلمًا في موطن يُنتقص فيه من عرضه، ويُنتهك فيه من حرمته، إلا خذله الله تعالى في موطن يحب فيه نصرته، وما من أحد ينصر مسلمًا في موطن يُنتقص فيه من عرضه، ويُنتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته"، وحديث: "من أُذل عنده مؤمن فلم ينصره وهو يقدر على أن ينصره أذله الله على رؤوس الأشهاد يوم القيامة"، وحديث: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرّج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة"، وحديث: "المسلمون تتكافأ دماؤهم: يسعى بذمتهم أدناهم، ويجير عليهم أقصاهم، وهم يد على من سواهم، يرد مشدهم على مضعفهم"، وحديث: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"، وحديث: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً"، وغير ذلك من النصوص الشرعية التي لا تحصى عددا، ولا ينقصهم إلا العمل بما فيها، ونجدة إخوانهم عاجلا…
- أولئك إخواننا استنصروا أمتنا، واستغاثوا، نادوا، وجاعوا، وأبيدوا لكن الأمة في سبات عميق جد عميق، وما فهموا أن ما يجري في غزة اليوم سيجري في كل عاصمة عربية وإسلامية إن لم يوقفوا المحتل وينهوه أبداً، إن لم يفعلوا ذلك فإن الفتنة قائمة وقادمة لا محالة، وكتاب الله شاهد على ذلك فالله يقول: ﴿إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا....﴾…
- ألا فإما نصرة إخواننا كما أمرنا ربنا، أو العذاب الأليم الذي ننتظره وينتظرنا، وقبل هذه الآية المنذرة المحذرة قال ربنا: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا ما لَكُم إِذا قيلَ لَكُمُ انفِروا في سَبيلِ اللَّهِ اثّاقَلتُم إِلَى الأَرضِ أَرَضيتُم بِالحَياةِ الدُّنيا مِنَ الآخِرَةِ فَما مَتاعُ الحَياةِ الدُّنيا فِي الآخِرَةِ إِلّا قَليلٌ﴾، وهذا هو السبب الأعظم والأكبر الذي ذكره الله في كتابه الكريم من سبب التقاعس للمسلمين عن نصرة إخوانهم وإنقاذ أبناء جلدتهم وإغاثتهم بعد أن استنصرونا: ﴿وَإِنِ استَنصَروكُم فِي الدّينِ فَعَلَيكُمُ النَّصرُ﴾!.
- أترضون بالحياة الدنيا من الآخرة، يريد حياة كريمة في أرضه، يريد بيتًا يبنيه، يريد مالًا يجمعه، يريد أولادًا، يريد هذا وذاك من الدنيا، وتناسى الآخرة تمامًا، نسي النعيم ونسي الجنة، ونسي مقام الشهداء، ومرافقة الأنبياء، ونسي كل ذلك تمامًا…، ونصر بالسلاح، والنفس، والمال، والإعلام، والفعال، والخبرات، وكل شيء…. فقد وجب علينا وبلا استثناء لأحد منا…!.
- لقد نسي أولئك الذين يرسلوا لنا ما يرسلون في الصباح والمساء، ويتحدثون ويصرخون، والدماء والأشلاء والصراخ والقتل والدمار والصواريخ، وكل شيء يمطر عليهم ليل نهار، ودون سابق إنذار، بل يتحرى قصف الخيام المأهولة التي تعج بالمواطنين عامة، بينما الأمة في سبات عميق عن ذلك كله: ما لَكُم إِذا قيلَ لَكُمُ انفِروا في سَبيلِ اللَّهِ اثّاقَلتُم إِلَى الأَرضِ أَرَضيتُم بِالحَياةِ الدُّنيا مِنَ الآخِرَةِ فَما مَتاعُ الحَياةِ الدُّنيا فِي الآخِرَةِ إِلّا قَليلٌ﴾…
- فمتاع الدنيا قليل أمام الآخرة بل إن الدنيا كلها لو افترضنا يعيش مسلم مائة سنة لما كان المائة السنة تساوي غير أقل من دقيقتين من عمر يوم واحد من أيام الآخرة. لو عاش مسلم لمئة سنة، ما عمره في الدنيا كلها في يوم واحد من أيام يوم القيامه إلا ما يقرب من دقيقتين فقط: ﴿فَما مَتاعُ الحَياةِ الدُّنيا فِي الآخِرَةِ إِلّا قَليلٌ﴾!.
- ألا فالحذر الحذر من التخاذل، وترك النصرة، وترك إخواننا فريسة للغرب وأحفاد الخنازير والقردة: ﴿وَالَّذينَ كَفَروا بَعضُهُم أَولِياءُ بَعضٍ إِلّا تَفعَلوهُ تَكُن فِتنَةٌ فِي الأَرضِ وَفَسادٌ كَبيرٌ﴾، فإن لم ننصرهم كان الفساد الكبير، والعذاب الأليم على المسلمين وعلى الأرض جميعاً: {وَلَولا دَفعُ اللَّهِ النّاسَ بَعضَهُم بِبَعضٍ لَفَسَدَتِ الأَرضُ...﴾.
- فلا بد من الدفاع، لا بد من الحماية، لا بد من القتال، لا بد من الدعم، لا بد من المؤازرة، لا للخذلان، لا للسكوت، لا للركون إلى الدنيا، لا لترك إخوانننا في القتل والإباده لقرابة العامين. وفي كل يوم يموت مئات، ويجرح ما يزيد على ذلك عشرات وعشرات… ونحن في سبات…
- ألا فكل من يستطيع من المسلمين عامة الصغار والكبار الذكور والإناث كل من يستطيع أن يقدم شيئًا، فقد وجب عليه، ولا يعذر عند الله إن لم يفعله… سواء كان بالنفس، أو السلاح، أو المال، أو الإعلام، أو أي شيء كان فقد وجب الآن بلا تأخر ولا تقاعس، وعلى كل واحد منا بلا استثناء…. فالنجدة النجدة والنصرة النصرة، ويا خيل الله اركبي: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشتَرى مِنَ المُؤمِنينَ أَنفُسَهُم وَأَموالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقاتِلونَ في سَبيلِ اللَّهِ فَيَقتُلونَ وَيُقتَلونَ وَعدًا عَلَيهِ حَقًّا فِي التَّوراةِ وَالإِنجيلِ وَالقُرآنِ وَمَن أَوفى بِعَهدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاستَبشِروا بِبَيعِكُمُ الَّذي بايَعتُم بِهِ وَذلِكَ هُوَ الفَوزُ العَظيمُ﴾ !.
- أهلنا، مقدساتنا، أرضنا، قدسنا، إخواننا، أهم وأحب وأعظم وأجل في أعيننا والإسلام مقدم على كل شيء، وقبل كل شيء، وأهم من كل شيء…
- ولو أن العدو الغازي أتى إلى بلد من بلاد المسلمين، ولم يستطيعوا دفعه كما هو الآن، فقد وجب الجهاد على كل المسلمين، نقل الإجماع عليه عامة أهل العلم واحداً واحداً، على أن القتال قد وجب على الجميع، بدءاً من الأقرب إلى المنتهى، فإن تقاعس الأقرب كما هو الآن، فقد وجب على المنتهى….
- ولو أن امرأة صرخت في المغرب لوجب على المسلمين أن يستنقذوها، وأن يلبوا نداءها وصراخها، وأن يستنجدوها، وأن يهبوا جميعاً لنصرتها، هكذا يقولون وهي امرأة واحدة فكيف وهن مئات الآلاف…. فأين المسلمون اليوم من نصرة أهل فلسطين وغزة، وكل مستضعف ومستضعفة في الأرض عامة…
أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ..
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:
- فوالله الذي لا إله إلا هو إنا لمسؤولون عند ربنا سبحانه وتعالى عن كل قطرة دم تراق في أرض غزة، وفي أرض المسلمين عامة دون أن نحرك ساكنًا؛ فالله يقول في كتابه الكريم: { وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ}.
- لماذا لا ينصر بعضكم بعضًا؟ لماذا خذل بعضكم بعضًا؟ لماذا ترك بعضكم بعضًا؟ لماذا تآمر بعضكم على بعض؟ لماذا ذبح إخوانه بلسانه وصمته وأفعاله وماله وما لديه؟ لماذا لم يقدم شيئًا لأطفال يموتون، لنساء يصرخن، لشيوخ يبكون ويئنون، لجرحى يموتون في جرحاتهم، لقتلى لا يوارون على ترابهم، لجرحى وقتلى أيضًا هناك حتى الكلاب تأكلهم.
أين المسلمون؟ أين التناصر؟ أين تذكر أنهم مسؤولون عند ربهم؟ أين ذلك كله؟ ماذا ينتظرون أصلًا؟ ماذا ينتظرون إلا أن يعمهم عقاب الله على تخاذلهم، وينزل عليهم غضبه على سكوتهم وعدم نصرتهم لإخوانهم…
- ولنا فيما فعل التتار عبرة لما أجهزوا على أهل خراسان وأنهوهم بملايين على حسب تصنيفاتنا اليوم، وكانوا يقولون عنها: ألف ألف قتيل يعني أكثر من مليون قتيل هناك في أرض خراسان، بينما أهل العراق ينظرون ويسمعون بكلمات ويسمعون بأخبار، ولا جزيرة تنقل، ولا عربية أيضًا تتآمر، ولا شيء من ذلك أبدًا كل أولئك أصلًا في تآمر شديد أو في تخاذل عظيم، وبعد سنتين فقط، أو في أقل من ذلك، إذا بالتتار الذين أجرموا وفعلوا ما فعلوا، بل أحرقوا قرى ومدن كاملة فيها آلاف مؤلفة من المسلمين، إذا بهم على أرض العراق وفي بغداد وفي أرض الخلافة الإسلامية، ويفعلون الأفاعين باثنين مليون قتيل، كما نقل ابن كثير عليه رحمة الله: ألفي ألف قتيل، أي اثنين مليون قتيل، أولئك الذين قُتلوا في لحظة واحدة، حتى إن أهل الشام تأذوا بريحة القتلى في العراق، فمات الكثير من الناس بسبب هذه الروائح المنبعثة، والأوبئة المنتشرة، بل بقى بعضهم لأيام في المقابر يختبئون ولما خرجوا إلى وجه الأرض، ذُبحوا.
- ثم بعد أن أجهز على أهل بغداد إذا بالتتار أنفسهم يراسلون رسلهم إلى أهل مصر أن تهادنوا معنا، وكونوا في صفنا، وأرسل إلى أهل الشام، وفعلاً فعلوا ذلك تماماً، وكتبوا الصلح والمعاهدات، ثم قدم التتار إلى حلب، وقدموا إلى حمص، وأحرقوهما، وأبادوهما، وفعلوا الأفعال بالمدينتين الجميلتين التاريخيتين لبني أمية.
- ثم ماذا كان بعد ذلك إذا بهم أيضاً يراسلون إلى أهل مصر، وكان فيهم دولة المماليك، وقطز عليه رحمة الله، فما كان منه إلا أن جرد سيفه وخرج في قومه، إن لم نقاتل اليوم سنُقتل حتماً كما قُتل أهل العراق، وأهل حمص، وحلب، وقبل ذلك في خراسان فلنمت جميعاً بسيوفنا في قتالهم، وفي وجوههم، إنه جهاد وصرخ وإسلاماه…وفعلاً كان ما كان وقاتلوا في عين جالوت، وانتصروا، ونصرهم الله لأنهم قدموا سبباً، لأنهم فعلوا شيئاً.
- ووالذي لا إله إلا هو لو قدم المسلمون اليوم ولو شيئاً يسيراً، ولو هدد حكام الأمة مجرد تهديد بالتدخل العسكري وفتح المعابر والحدود لزحف المسلمين لخاف الكيان الصهيوني وأوقف إبادته في لحظة واحدة، إن لم ينه احتلاله البتة، لكن التخاذل الموجود سيكون وباله على الجميع لا محالة، وسيكون غداً في رفح، ثم يكون في الأردن، ثم يكون ما بعدها، كما فعلوا في خراسان، وانتقلوا إلى بغداد، ثم إلى حلب، ، وحمص، ثم وصلوا إلى أرض مصر، وإلى عكا، وما هناك، فالواجب علينا جميعاً أن نعي حجم الكارثة والمأساة، وحجم المؤامرة أيضاً.
- وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الرسمي الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص الاحتياطي فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty3
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.com
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر (إكس):*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص تليجرام:*
https://t.me/alsoty
*❈- مجموعة #يستفتونك اطرح سؤال تليجرام:*
https://t.me/alsoty11
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/i5-G1m7lDZs?si=1tShbLSmKVg_PTi8
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير فلك جامعة حضرموت / 20/شوال/1446هـ ↶
👤ـ للشيخ/عبدالله رفيق السوطي.
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
- فالمتأمل في كتاب الله عز وجل، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليجد الآيات الكثيرة، والأحاديث العديدة التي تذكر نصوصًا قاطعةً صريحةً في مسألة الأخوة الإسلامية التي يجب أن تدوم وأن تبقى، وأن تكون راسخةً في أذهان كل مسلم دائمًا وأبدًا…
- وكل مسلم انتقص من أخوته فقد انتقص من إيمانة ودينه، ولذا الله عز وجل حصر الإيمان كل الإيمان في أخوة المؤمنين بعضهم بعضًا: ﴿إِنَّمَا المُؤمِنونَ إِخوَةٌ....﴾، وإنما أداة حصر وقصر، فكأن من لا أخوة له لا إيمان له من باب أولى، ولهذا قال الله عز وجل في كتابه الكريم: ﴿المُنافِقونَ وَالمُنافِقاتُ بَعضُهُم مِن بَعضٍ....﴾، ولم يقل: المنافقون والمنافقات بعضهم أولياء بعض، أما في المؤمنين فقال: ﴿وَالمُؤمِنونَ وَالمُؤمِناتُ بَعضُهُم أَولِياءُ بَعضٍ...﴾. فالولاء للمؤمن أيًا كان ذلك المؤمن..
- وبقدر إيمان العبد يكون ولاؤه للمؤمن، يكون حبه، ونصرته للمسلم، ويكون معونته للمسلم، ويكون الإخاء الكامل الصادق بينه وبين أخيه المسلم، ولذا النبي صلى الله عليه وسلم ذكر ذلك في أحاديث كثيرة، والقرآن صرح بذلك طويلاً في كتابه الكريم، وحذر من عدمه، أو حتى بنقصه وأمر باعتصام كل الاعتصام من كل المؤمنين، ولكل المؤمنين فقال في محكم التنزيل: ﴿وَاعتَصِموا بِحَبلِ اللَّهِ جَميعًا....﴾، ومع أن الواو في "اعتصموا"، هي واو الجماعة أي تشمل جميع المسلمين، وجميع المؤمنين، وجميع من قال: لا إله إلا الله، وآمن بها حق الإيمان، فهو يدخل في واو الجماعة في "واعتصموا "، لكن مع ذلك أكدها كتأكيد جازم: ﴿جَميعًا وَلا تَفَرَّقوا...﴾.
- وهذا الذي أُصبنا به، وهلكنا بسببه، وصرنا على ما نحن عليه اليوم إنه التفرق، والتنازع: "ولا تَفَرَّقوا" وهذا هو الداء الذي رمانا به الغرب عن قوس واحدة، وهذا المرض العضال الذي لم يفتؤ أن يُلقى في الأمة في مهاو، وأن يجرحها، ويقتلها، ويذبحها، وأن يفعل بها ما يشاء في كل وقت يشاء، إنه التفرق، هو التشتت، والافتراق، هو الاختلاف، هو التناحر، هو القتال، هو الصراع، هو التمزق.
- فأصبح كل واحد يهم نفسه، وأصبح ذلك المسلم مشغولًا بنفسه، مشغولًا ببيته، مشغولًا ببطنه، مشغولًا بقوته ورزقه، مشغولًا بعمله ووظيفته، مشغولًا بأمر دنيوي تافه لا يعدو أن يكون تفاهة وسفاهة أمام واجب أكبر وأعظم على الإطلاق، وأمر داهم، وخطر محدّق لا عليه وحده بل على المسلمين جميعًا، ولهذا أمر الله سبحانه وتعالى باليقظة والانتباه والحذر: ﴿وَاعتَصِموا بِحَبلِ اللَّهِ جَميعًا وَلا تَفَرَّقوا وَاذكُروا نِعمَتَ اللَّهِ عَلَيكُم إِذ كُنتُم أَعداءً فَأَلَّفَ بَينَ قُلوبِكُم....﴾ أي إن لم تعتصموا بحبل الله جميعاً فإنكم ستعودون للعداء والقتال والشقاء والدمار الذي كنتم عليه من قبل أن تعرفوا الإسلام أصلًا.
- وهذا الحاصل اليوم ويحدث في كل يوم من تمزيق، من شتات، من فرقة، كل دولة يهمها نفسها وشعبها ومالها ومخططاتها وسياساتها واقتصادها، وأشياء ثانوية لا تهم الأمة وليست منها في شيء، وكأن الأمر لا يعنيها، بينما دول الغرب تجتمع إذا شاءت، تتوحد إذا أرادت، وشيء واحد يجمع الجميع دون استثناء.
- وما حرب غزة عنا ببعيدة، ولا زالت هي الشوكة الكبرى والجرح الأعظم والاختبار الأكبر للأمة جميعًا، غزة التي رماها الغرب عن قوس واحدة، وعادوها جميعًا، وتوحدوا وتكاتفوا وتعاونوا ضدها بكل وقاحة فذاك بسلاحه، وذاك بماله، وذاك بسياسته، وهذا بإعلامه، وهذا بخبرته، وخبراته، وذاك بجاهه، وهذا بتكنولوجياته، وكل أحد من الغربيين يفعل فعلًا في أهل غزة ويتعاونوا عليهم جميعًا، بينما المسلمون في تشاغل عنها تمام التشاغل، وفي ابتعاد كلي، إن لم يكن في تآمر كلي.
- وما التقارير العالمية والعربية والتسريبات المتواصلة لتحالفات عربية يهودية التي تأتي من هنا وهناك بل لم تصبح مجرد تسريبات، بل علانيات من لقاءات، من اتفاقات، ومن خطط، ومن تعاون عسكري، وسياسي، ومالي، واقتصادي، ومن كل شيء بين الكيان الصهيوني المغتصب المبيد وبين الدول العربية وبين أمريكا المجرمة…!.
- أمريكا أم الإرهاب، ورعاية الكيان، وداعمته، وأصله، وأمه، وأبوه، وكل إجرام له فهو منها، ولها، ومتسببة فيه كليا، بل هي أصل الشر في كل شيء يحدث في عالم اليوم، ومن ذلك غزة العزة التي لولا أمريكا المجرمة القذرة لما قامت لليهود والصهاينة قائمة، ولا ليوم واحد، فضلاً عن أسبوع واحد، إن تصمد دولة الكيان الصهيوني القاتل المبيد للأمة كلها.
- وإنما يجري في أرض غزة العزة من مذابح عظيمة، وإبادة جماعية، وسياسة الأرض المحروقة، وتجويع، ومعاقبة، وسجن، وإحراق، ودمار، وكل جريمة فظيعة دون حراك للأمة إنما هي تقرب للأمة العقوبة الربانية، لأن أصحاب غرة الأبطال استنصرونا، وصرخوا، ونادوا، وصاحوا، وما قصروا، قدموا أرواحهم وأولادهم ودماءهم وأنفسهم وأموالهم وكل شيء عظيم وغال عليهم، ومع ذلك نقلوه للمسلمين جميعًا، وللعالم بأكمله، ونقلوه لهم في كل لحظة بالصوت والصورة، كإدانة له عظيمة لكل مسلم ومسلمة على وجه الأرض، بل للعالم كله..
- ذلك العالم الذي يزعم الحريّة، والديمقراطية، والإنسانية، وحقوق المرأة، وحقوق الطفل، والاحتياجات الخاصة، والأولويات العالمية، والمنظمات الحقوقية، والقوانين الدولية، والأنظمة العالمية، والكلمات الفلسفية الباطلة الكاذبة، والذي ظهر العالم بكله وتآمره، وتخاذله، وسياسة الكيل بمكيالين بكل نذالة!.
- فما يوصل إلينا من توثيق من أهل غزة إدانة للعالم كله، وما نراه بأم أعيننا، وما نشاهده صباح مساء، ومع ذلك لا شيء يمكن أن يحرك ضمائرنا، ولا شيء يمكن أن يوقظ النخوة في قلوبنا، لا نخوة المعتصم لما نادته امرأة مسلمة واحدة فأجابها، وأغاثها، وحرك جيشه كله لأجلها، ولا غير هذه المواقف البطولية، ولا النصوص الشرعية التي توجب على كل مسلم نصرة أخيه كحديث: "انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا"…
- فالمسلمون بحاجة ماسة لتذكر قوله صلى الله عليه وسلم: "ما من امرئ يخذل امرءًا مسلمًا في موطن يُنتقص فيه من عرضه، ويُنتهك فيه من حرمته، إلا خذله الله تعالى في موطن يحب فيه نصرته، وما من أحد ينصر مسلمًا في موطن يُنتقص فيه من عرضه، ويُنتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته"، وحديث: "من أُذل عنده مؤمن فلم ينصره وهو يقدر على أن ينصره أذله الله على رؤوس الأشهاد يوم القيامة"، وحديث: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرّج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة"، وحديث: "المسلمون تتكافأ دماؤهم: يسعى بذمتهم أدناهم، ويجير عليهم أقصاهم، وهم يد على من سواهم، يرد مشدهم على مضعفهم"، وحديث: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"، وحديث: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً"، وغير ذلك من النصوص الشرعية التي لا تحصى عددا، ولا ينقصهم إلا العمل بما فيها، ونجدة إخوانهم عاجلا…
- أولئك إخواننا استنصروا أمتنا، واستغاثوا، نادوا، وجاعوا، وأبيدوا لكن الأمة في سبات عميق جد عميق، وما فهموا أن ما يجري في غزة اليوم سيجري في كل عاصمة عربية وإسلامية إن لم يوقفوا المحتل وينهوه أبداً، إن لم يفعلوا ذلك فإن الفتنة قائمة وقادمة لا محالة، وكتاب الله شاهد على ذلك فالله يقول: ﴿إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا....﴾…
- ألا فإما نصرة إخواننا كما أمرنا ربنا، أو العذاب الأليم الذي ننتظره وينتظرنا، وقبل هذه الآية المنذرة المحذرة قال ربنا: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا ما لَكُم إِذا قيلَ لَكُمُ انفِروا في سَبيلِ اللَّهِ اثّاقَلتُم إِلَى الأَرضِ أَرَضيتُم بِالحَياةِ الدُّنيا مِنَ الآخِرَةِ فَما مَتاعُ الحَياةِ الدُّنيا فِي الآخِرَةِ إِلّا قَليلٌ﴾، وهذا هو السبب الأعظم والأكبر الذي ذكره الله في كتابه الكريم من سبب التقاعس للمسلمين عن نصرة إخوانهم وإنقاذ أبناء جلدتهم وإغاثتهم بعد أن استنصرونا: ﴿وَإِنِ استَنصَروكُم فِي الدّينِ فَعَلَيكُمُ النَّصرُ﴾!.
- أترضون بالحياة الدنيا من الآخرة، يريد حياة كريمة في أرضه، يريد بيتًا يبنيه، يريد مالًا يجمعه، يريد أولادًا، يريد هذا وذاك من الدنيا، وتناسى الآخرة تمامًا، نسي النعيم ونسي الجنة، ونسي مقام الشهداء، ومرافقة الأنبياء، ونسي كل ذلك تمامًا…، ونصر بالسلاح، والنفس، والمال، والإعلام، والفعال، والخبرات، وكل شيء…. فقد وجب علينا وبلا استثناء لأحد منا…!.
- لقد نسي أولئك الذين يرسلوا لنا ما يرسلون في الصباح والمساء، ويتحدثون ويصرخون، والدماء والأشلاء والصراخ والقتل والدمار والصواريخ، وكل شيء يمطر عليهم ليل نهار، ودون سابق إنذار، بل يتحرى قصف الخيام المأهولة التي تعج بالمواطنين عامة، بينما الأمة في سبات عميق عن ذلك كله: ما لَكُم إِذا قيلَ لَكُمُ انفِروا في سَبيلِ اللَّهِ اثّاقَلتُم إِلَى الأَرضِ أَرَضيتُم بِالحَياةِ الدُّنيا مِنَ الآخِرَةِ فَما مَتاعُ الحَياةِ الدُّنيا فِي الآخِرَةِ إِلّا قَليلٌ﴾…
- فمتاع الدنيا قليل أمام الآخرة بل إن الدنيا كلها لو افترضنا يعيش مسلم مائة سنة لما كان المائة السنة تساوي غير أقل من دقيقتين من عمر يوم واحد من أيام الآخرة. لو عاش مسلم لمئة سنة، ما عمره في الدنيا كلها في يوم واحد من أيام يوم القيامه إلا ما يقرب من دقيقتين فقط: ﴿فَما مَتاعُ الحَياةِ الدُّنيا فِي الآخِرَةِ إِلّا قَليلٌ﴾!.
- ألا فالحذر الحذر من التخاذل، وترك النصرة، وترك إخواننا فريسة للغرب وأحفاد الخنازير والقردة: ﴿وَالَّذينَ كَفَروا بَعضُهُم أَولِياءُ بَعضٍ إِلّا تَفعَلوهُ تَكُن فِتنَةٌ فِي الأَرضِ وَفَسادٌ كَبيرٌ﴾، فإن لم ننصرهم كان الفساد الكبير، والعذاب الأليم على المسلمين وعلى الأرض جميعاً: {وَلَولا دَفعُ اللَّهِ النّاسَ بَعضَهُم بِبَعضٍ لَفَسَدَتِ الأَرضُ...﴾.
- فلا بد من الدفاع، لا بد من الحماية، لا بد من القتال، لا بد من الدعم، لا بد من المؤازرة، لا للخذلان، لا للسكوت، لا للركون إلى الدنيا، لا لترك إخوانننا في القتل والإباده لقرابة العامين. وفي كل يوم يموت مئات، ويجرح ما يزيد على ذلك عشرات وعشرات… ونحن في سبات…
- ألا فكل من يستطيع من المسلمين عامة الصغار والكبار الذكور والإناث كل من يستطيع أن يقدم شيئًا، فقد وجب عليه، ولا يعذر عند الله إن لم يفعله… سواء كان بالنفس، أو السلاح، أو المال، أو الإعلام، أو أي شيء كان فقد وجب الآن بلا تأخر ولا تقاعس، وعلى كل واحد منا بلا استثناء…. فالنجدة النجدة والنصرة النصرة، ويا خيل الله اركبي: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشتَرى مِنَ المُؤمِنينَ أَنفُسَهُم وَأَموالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقاتِلونَ في سَبيلِ اللَّهِ فَيَقتُلونَ وَيُقتَلونَ وَعدًا عَلَيهِ حَقًّا فِي التَّوراةِ وَالإِنجيلِ وَالقُرآنِ وَمَن أَوفى بِعَهدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاستَبشِروا بِبَيعِكُمُ الَّذي بايَعتُم بِهِ وَذلِكَ هُوَ الفَوزُ العَظيمُ﴾ !.
- أهلنا، مقدساتنا، أرضنا، قدسنا، إخواننا، أهم وأحب وأعظم وأجل في أعيننا والإسلام مقدم على كل شيء، وقبل كل شيء، وأهم من كل شيء…
- ولو أن العدو الغازي أتى إلى بلد من بلاد المسلمين، ولم يستطيعوا دفعه كما هو الآن، فقد وجب الجهاد على كل المسلمين، نقل الإجماع عليه عامة أهل العلم واحداً واحداً، على أن القتال قد وجب على الجميع، بدءاً من الأقرب إلى المنتهى، فإن تقاعس الأقرب كما هو الآن، فقد وجب على المنتهى….
- ولو أن امرأة صرخت في المغرب لوجب على المسلمين أن يستنقذوها، وأن يلبوا نداءها وصراخها، وأن يستنجدوها، وأن يهبوا جميعاً لنصرتها، هكذا يقولون وهي امرأة واحدة فكيف وهن مئات الآلاف…. فأين المسلمون اليوم من نصرة أهل فلسطين وغزة، وكل مستضعف ومستضعفة في الأرض عامة…
أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ..
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:
- فوالله الذي لا إله إلا هو إنا لمسؤولون عند ربنا سبحانه وتعالى عن كل قطرة دم تراق في أرض غزة، وفي أرض المسلمين عامة دون أن نحرك ساكنًا؛ فالله يقول في كتابه الكريم: { وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ}.
- لماذا لا ينصر بعضكم بعضًا؟ لماذا خذل بعضكم بعضًا؟ لماذا ترك بعضكم بعضًا؟ لماذا تآمر بعضكم على بعض؟ لماذا ذبح إخوانه بلسانه وصمته وأفعاله وماله وما لديه؟ لماذا لم يقدم شيئًا لأطفال يموتون، لنساء يصرخن، لشيوخ يبكون ويئنون، لجرحى يموتون في جرحاتهم، لقتلى لا يوارون على ترابهم، لجرحى وقتلى أيضًا هناك حتى الكلاب تأكلهم.
أين المسلمون؟ أين التناصر؟ أين تذكر أنهم مسؤولون عند ربهم؟ أين ذلك كله؟ ماذا ينتظرون أصلًا؟ ماذا ينتظرون إلا أن يعمهم عقاب الله على تخاذلهم، وينزل عليهم غضبه على سكوتهم وعدم نصرتهم لإخوانهم…
- ولنا فيما فعل التتار عبرة لما أجهزوا على أهل خراسان وأنهوهم بملايين على حسب تصنيفاتنا اليوم، وكانوا يقولون عنها: ألف ألف قتيل يعني أكثر من مليون قتيل هناك في أرض خراسان، بينما أهل العراق ينظرون ويسمعون بكلمات ويسمعون بأخبار، ولا جزيرة تنقل، ولا عربية أيضًا تتآمر، ولا شيء من ذلك أبدًا كل أولئك أصلًا في تآمر شديد أو في تخاذل عظيم، وبعد سنتين فقط، أو في أقل من ذلك، إذا بالتتار الذين أجرموا وفعلوا ما فعلوا، بل أحرقوا قرى ومدن كاملة فيها آلاف مؤلفة من المسلمين، إذا بهم على أرض العراق وفي بغداد وفي أرض الخلافة الإسلامية، ويفعلون الأفاعين باثنين مليون قتيل، كما نقل ابن كثير عليه رحمة الله: ألفي ألف قتيل، أي اثنين مليون قتيل، أولئك الذين قُتلوا في لحظة واحدة، حتى إن أهل الشام تأذوا بريحة القتلى في العراق، فمات الكثير من الناس بسبب هذه الروائح المنبعثة، والأوبئة المنتشرة، بل بقى بعضهم لأيام في المقابر يختبئون ولما خرجوا إلى وجه الأرض، ذُبحوا.
- ثم بعد أن أجهز على أهل بغداد إذا بالتتار أنفسهم يراسلون رسلهم إلى أهل مصر أن تهادنوا معنا، وكونوا في صفنا، وأرسل إلى أهل الشام، وفعلاً فعلوا ذلك تماماً، وكتبوا الصلح والمعاهدات، ثم قدم التتار إلى حلب، وقدموا إلى حمص، وأحرقوهما، وأبادوهما، وفعلوا الأفعال بالمدينتين الجميلتين التاريخيتين لبني أمية.
- ثم ماذا كان بعد ذلك إذا بهم أيضاً يراسلون إلى أهل مصر، وكان فيهم دولة المماليك، وقطز عليه رحمة الله، فما كان منه إلا أن جرد سيفه وخرج في قومه، إن لم نقاتل اليوم سنُقتل حتماً كما قُتل أهل العراق، وأهل حمص، وحلب، وقبل ذلك في خراسان فلنمت جميعاً بسيوفنا في قتالهم، وفي وجوههم، إنه جهاد وصرخ وإسلاماه…وفعلاً كان ما كان وقاتلوا في عين جالوت، وانتصروا، ونصرهم الله لأنهم قدموا سبباً، لأنهم فعلوا شيئاً.
- ووالذي لا إله إلا هو لو قدم المسلمون اليوم ولو شيئاً يسيراً، ولو هدد حكام الأمة مجرد تهديد بالتدخل العسكري وفتح المعابر والحدود لزحف المسلمين لخاف الكيان الصهيوني وأوقف إبادته في لحظة واحدة، إن لم ينه احتلاله البتة، لكن التخاذل الموجود سيكون وباله على الجميع لا محالة، وسيكون غداً في رفح، ثم يكون في الأردن، ثم يكون ما بعدها، كما فعلوا في خراسان، وانتقلوا إلى بغداد، ثم إلى حلب، ، وحمص، ثم وصلوا إلى أرض مصر، وإلى عكا، وما هناك، فالواجب علينا جميعاً أن نعي حجم الكارثة والمأساة، وحجم المؤامرة أيضاً.
- وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الرسمي الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص الاحتياطي فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty3
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.com
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر (إكس):*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص تليجرام:*
https://t.me/alsoty
*❈- مجموعة #يستفتونك اطرح سؤال تليجرام:*
https://t.me/alsoty11
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A ...المزيد
*أبناؤنا.وضرورة.المراكز.الصيفية.لهم.cc* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد ...
*أبناؤنا.وضرورة.المراكز.الصيفية.لهم.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/H8HoqPFycm4
*📆 تم إلقاؤها : بمسجد عمر بن عبدالعزيز 19/ شوال /1443هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- فقد جاء في الأثر أن عيسى عليه السلام مر ذات يوم على قبر وهو يعذب صاحبه فيه، فسمع عيسى عليه السلام من بكائه وأنينه وعذابه وآلامه ما خاف ووجل ورق له عيسى عليه السلام ورثي لحاله ودعا الله لصاحب القبر أن يخفف العذاب عليه، فلم يجب رب العالمين سبحانه وتعالى لذلك؛ لأن العبد يستحق بذنوبه هذا العذاب، فذهب عيسى من عند ذلك القبر لحال سبيله، وبعد سنوات جاء عيسى عليه السلام ماراً من على القبر فسمع وإذا بصاحب القبر ينعّم فيه، إذا هو اقتلب حاله من عذاب إلى نعيم، ومن صراخ إلى ضحك واستبشار، ومن حزن إلى فرح وسرور، انقلبت حياته رأسًا على عقب، فتعجب عيسى عليه السلام وقال لربه عز وجل مناديًا هل خرج هذا العبد إلى الدنيا ليعمل صالحًا فتغير حاله فأصبح على ما أسمع، ما الذي فعل هذا الرجل حتى تحول كل شيء إلى غير ذلك؟ قال الله تبارك وتعالى لعيسى عليه السلام: يا عيسى أن عبدي هذا قد كان على ما هو عليه من العصيان فاستحق بذلك العذاب في القبر قبل أن يأتي العذاب الأكبر يوم القيامة، ولكنه ترك جنينًا في بطن زوجته فخرج الولد للحياة ولد هذا الرجل صاحب القبر فخرج الولد للحياة فكبر وتعلم وأول ما تعلم أن أمرت به أمه ليذهب للكتاتيب صار أول ما نطق في الكتاب باسمي بسم الله الرحمن الرحيم، فأول ما نطق هناك باسمي،ثم قال الله عز وجل يا عيسى: "إني استحييت أن أعذب عبدي في باطن الأرض وولده يذكرني على ظاهرها"… .
- أرأيتم أيها الإخوة نفعه ماذا؟ نجاه ماذا؟ رفع عنه العذاب ماذا؟ لم يخرج هذا الرجل إلى الدنيا ليعمل خيراً ولكن ترك ولداً ليدعو له ترك ولداً ليذكر الله فيكتب الذكر لوالده، ترك ولداً على ظهر الحياة ليحفظ ليتعلم ليقرأ ليسبح ليذكر الله تبارك وتعالى فيكون ذلك الخير وتلك الحسنات الصادرة من الولد للوالد ما يعمله من خير وما يعمل من سوء وشر فلوالده ايضًا أجره ونصيبه من ذلك لا ريب ولا شك فيه أبدا فإنا الولد إنما هو قطعة من الوالد وإنما هو بضعة منهم، وهذا عمر رضي الله عنه كان يقول: "إني لأستكره نفسي على الجماع لعلها تخرج نسمة تسبح الله" أي فيكتب الله لي أجرها؛ لأني سبب وجوده للحياة، ولو لم يكن الوالد -والوالدة قطعا- لم يكن الولد، وأشبه بقول الفاروق ما قال الشعبي: "إذا بلغ الولد الاحتلام، واستطاع الوالد أن يزوجه فلم يفعل فزنا على والده مثل إثمه".
- بل هذا الله تعالى يقول: ﴿وَالَّذينَ آمَنوا وَاتَّبَعَتهُم ذُرِّيَّتُهُم بِإيمانٍ أَلحَقنا بِهِم ذُرِّيَّتَهُم وَما أَلَتناهُم مِن عَمَلِهِم مِن شَيءٌٍ﴾، ما ألتناهم أي أنقصناهم من عملهم من شيء بل عمله هو عمله لا ينقص الله عز وجل ذلك العبد من عمله شيئًا، ولكن إكرامًا لذلك الوالد أن ولده معه، ولكن إكرامًا لتلك المرأة الصالحة أن ولدها معها في الجنة، وأي كرامة وأي نعيم وأي خير تراه أن يتنعم الوالد في جنة عرضها السماوات والارض بينما ولده في النار، أو أن يتنعم الولد بينما الوالد في النار فلا نعيم حقيقي مادام لم تقر عينه بولده أو والده وهو معه، فمن أراد النعيم ومن أراد الخير ومن أراد الجنة ومن أراد السعادة في الدنيا وفي البرزخ وعند رب العالمين سبحانه وتعالى فعليه بتربية أولاده، وإلزامهم طاعة الله تعالى؛ فهم المشروع التجاري الأعظم والأكبر والأجل والأهم مع الله عز وجل، هم المشروع الناجح في الحياة، هم السعادة في الدنيا وفي الآخرة، هم الأمانة العظمى التي جعلها الله عزوجل بأيدينا، هم الأمانة الكبرى التي منحنا الله عز وجل إياها.
- الأبناء هؤلاء أيها الفضلاء إما أن يوصلونا إلى النعيم والسعادة في الدنيا وفي الآخرة، أو يوصلونا إلى الشقاء والتعاسة والجحيم في الدنيا وفي الآخرة أيضًا، إما أن نسعد بأبنائنا في الدنيا بأن نراهم على الخير وعلى الصلاح وعلى طاعة الله، فيدخل المسجد الولد قبل والده فيسعد الوالد، يتعلم فيعلم ويفقه ويحسن في دينه ودنياه أفضل من والده فيسعد الوالد، والناس يقولون هذا ابن فلان أحسن التربية، أن يحفظ كتاب الله تعالى يرتله يجوده يكون إماما أو مؤذنا فيسعد به والداه أعظم سعادة وتقر بذلك أعينهم أعظم قرار: ﴿وَالَّذينَ يَقولونَ رَبَّنا هَب لَنا مِن أَزواجِنا وَذُرِّيّاتِنا قُرَّةَ أَعيُنٍ وَاجعَلنا لِلمُتَّقينَ إِمامًا﴾.
ـ فمن أحسن تربية ولده سعد به قبل غيره، وقرت به عينه، وارتاحت له نفسه، وسعد في دنياه وآخرته، بل ثمرة ولده يراها والناس معه ظاهرة فيسعد الوالد ويسعد الناس ويدعون للوالد والولد، أما إذا كان والده لم يربه لم يعنه على طاعة الله لم يلزمه على ذلك فإن الولد سيذهب في طريق الشرور والمعاصي والحرام ستجده متسكعًا ذاهبًا آيبًا عند الحرام وفي الحرام وللحرام ومع أولاد السوق ممن لم يعرفوا المساجد، فعرف وإياهم طريق السجون لم يعرف طريق الخير فذهب نحو الشر، لم يعرف طريق الرحمن فعرف طريق الشيطان، لم يعرف شرب الحلال فذهب لشرب الحرام من الدخان والخمر والمخدرات والشبو وهذه الأضرار ومن ذلك القات، ومن هذه الأمور الموبقات، لم يعلمه الوالد الطريق الصحيح فاضطر الولد لأن يتعلم ويتعرف على أولاد السوء والسوق فيتجه نحوهم لأنه لم يجد المحضن الحقيقي في الأسرة الصالحة فعاش خاوي الروح فذهب إلى روح أخرى تنهي له الخواء، وتملي له الفراغ: ﴿وَمَن يَعشُ عَن ذِكرِ الرَّحمنِ نُقَيِّض لَهُ شَيطانًا فَهُوَ لَهُ قَرينٌ﴾، لا بديل لأسرة صالحة ملتزمة تربي الولد على طاعة الله إلا أصدقاء السوء الأشرار الذين يربونه على كل رذيلة وانحطاط، وأول من يتعب هو الوالد بولده، أول من يشقى أول من يتحسر أول من يندم أول من يذوق الحسرات على ولده هو الوالد، وأول من يتنعم أيضًا بولده هو الوالد….
- فنحن بين خيارين إما سعادة بأولادنا بأن نلزمهم طاعة الله، أو شقاء بأولادنا أن لا نعرفهم الطاعة وطريق الصلاح، وبعد أن سقت ما سقت حري أن أعود بكم للقصة التي وردت بداية الخطبة لو أن هذا الوالد مات وترك أراضي وعقارات وسيارات ودولارات وملايين بل مليارات الريالات، هل تراه سينعم الوالد ويخرج مما هو فيه من الضيق والألام والعذاب والعقاب في قبره ويخرج مما هو فيه إلى النعيم؟ هل سيخرج مما هو فيه من الشقاء؟ لأنه ترك لولده الأموال أم لأنه ترك لولده أمًا صالحة تربيه تحبب إليه الخير، وتبغض له الشر كتلك المرأة السابقة…
- أيها الأخوة أموالنا التي نجمعها في الدنيا العقارات السيارات الأراضي والمجوهرات وهذا وذاك من الأموال أيًا كانت صورتها مما نترك لأولادنا ليست هي التي تنجينا من عذاب ربنا، ليست تلك هي التي تخفف عنا العذاب والعقاب، ليست تلك التي ترفع عنا أن مأساة الدنيا والآخرة، وتخفف عنا ما يمكن أن نلاقيه في القبور كذلك الرجل، أو بعد القبر، ليست الا التربية الصالحة التي تنفعنا وتنفع أولادنا، ليست أي شيء من الشركات بل التركة الحقيقية والتجارة الرابحة العظمى التي يمكن أن نتركها لأولادنا أن نؤدبهم ونعلمهم علمًا حسناً، أن نربيهم تربية صالحة، أن نلدهم على طريق الخير والصلاح وأن نحثهم عليه، وإذا كان نبينا صلى الله عليه وسلم قد أمر بضرب الولد الصغير اذا بلغ العاشرة لأجل أن يصلي، "علموهم للصلاة أبناء سبع وأضربوهم عليها ابناء عشر"، فإذا كان أمر النبي بضرب الطفل حتى وهو في العاشرة فكيف بما فوق العاشرة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "ما نحل والد ولدا خيرا من أدب حسن" كما جاء في الحديث الحسن أيضًا وقد جاء عند البخاري في الأدب المفرد واحمد أيضا في المسند وصححه الألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "ترفع للعبد درجات في الجنة فيقول العبد يا ربي من أين لي هذا"، أياه ما الذي أوصلني إليه وحسناتي معروفة أنا في هذه الدرجة من الجنة ما الذي رفعني، فيقول الله تبارك وتعالى: "ولدك استغفر لك"، ولدك نفعك باستغفاره لك، بدعائه، بصلاحه، بقراءته، بصدقته، باستقامته بخيره، يرتفع الوالد عند ربه منازل دون أن يعمل الوالد لكن بعمل الولد انتفع الوالد، أترون الولد غير الصالح سيستغفر للوالد؟ سيصلي سيستقيم سينتفع والده بأعماله، أم ينزل الوالد دركات في النار فيقول كيف ولم فيقال ولدك سرق، زنا، شتم، نهب، أخذ، حشش،… ألم يقل نبينا صلى الله عليه وسلم في البخاري ومسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله الا من ثلاث" وذكر منها صلى الله عليه وسلم ومنها "ولد صالح يدعو له"، وانظروا لكلمة صالح ولد صالح يدعو له، لن يدعو لك الفاسد، لن يدعو لك الشرير، لن يدعو لك ولد السوق، لن يدعو لك صاحب الحرام الذي ورثت له والذي تعبت في الحياة والذي انتصبت والذي تحملت الديون والذي تحملت حرارة الشمس والذي تحملت ما تحملته في الحياة من أجل ولدك ذلك السيء من أجل أن تترك له ارثًا فلعب بتركتك ولعب بأموالك ولعب بما جمعت لأنه ليس بصالح أما الولد الصالح فهو فسيسخرها للصلاح والخير وتنتفع وإياه…
- فيا أيها الأخوة أولادنا مسؤوليتنا، أولادنا أمانة عندنا أولادنا أمل أمتنا أولادنا فلذات أكبادنا، نحن أمام خيارين إما أن نحافظ على هذه الأمانة التي اعطانا الله إياها أو نضيعها، "وكفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يعول" كما عند مسلم، أن يضيع أولئك، "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته"، ونحن والله أمام رعاية كبرى هي رعاية الأسرة اذا رعينا وراعينا وربينا وأحسنا وأدبنا وعلمنا الأسرة صلح المجتمع وبصلاح المجتمع صلاح الأمة، فالأمة بعدد أفرادها ثم بأسرها ثم بمجتمعها ثم بالأمة بأكملها، فإن صلحت الأسرة صلحت الأمة، فصلاح الأسرة صلاح للأمة نصر للأمة، فهل رعينا تلك الأسرة، هل ربيناها هل تابعنا هل راقبنا هل نظرنا لما يدخل ويخرج في بيوتنا، هل سألنا أولادنا من أين أتيت وأين تذهب؟ ومع من وماذا فعلت وماذا صنعت؟.
- هل راقبناه أم أننا ربما نترك لأمورنا وتوافه حياتنا أكثر مما نترك لأولادنا وربما لسيارته يحافظ عليها ينظر فيها يتفاقد أحوالها لكنه لا يتفاقد ولده لكنه لا يتنبه لولده لكنه لا يسأل عن ولده أين ذهب مع من ولماذا جاءت هذه ولماذا ولدي أصبح يتأخر في أمور دراسته وفي أمور مسجده وفي الصالحات وفي طاعة ما السبب؟ ما الذي أوداه إلى هذا ولا شيء من ذلك أبداً، وبالتالي اضعنا الامانة والله عز وجل يقول في كتابه الكريم: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تَخونُوا اللَّهَ وَالرَّسولَ وَتَخونوا أَماناتِكُم وَأَنتُم تَعلَمونَ﴾، نداء للمؤمنين ان لا يخونوا الأمانة وإن أعظم الأمانات هي أمانة الأولاد وأمانة الأسرة وفي البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من استرعاه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته الا حرم الله عليه الجنة"، لأنه غش الرعية لأنه لم يربهم لأنه لم يتابع لأنه لم يحافظ لأنه لم يؤدب لأنه لم يحسن إلى رعيته ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا قوا أَنفُسَكُم وَأَهليكُم نارًا وَقودُهَا النّاسُ وَالحِجارَةُ عَلَيها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعصونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُم وَيَفعَلونَ ما يُؤمَرونَ﴾، ومعنى الآية لا يكفي صلاحك واستقامتك والتزامك بالصف الأول في المسجد ثم تترك أهلك للضياع، والحرام، والنار، تترك ولدك في الشارع، وابنتك في السوق، وعلى الهاتف… ألا فلنحذر كل الحذر…
أقول قولي هذا وأستغفر الله.
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… أما بعد
- فإن هذه العطلة الصيفية التي نحن فيها فرصة كبرى للحفاظ على أولادنا، وفيها تكون المضيعة الكبرى لأولادنا أو تكون السعادة والتربية والتحول العظيم لأولادنا، العطلة الصيفية هذه التي نعيشها والفراغ الكبير الصباح والعصر والليل إما أن تفسد أخلاق أبنائنا أو أن تصلحهم، إما أن يذهبوا المسجد ولتعلم كتاب الله عز وجل او أيضًا نحو المعاهد لدراسة ما ينفع في أمور دينهم ودنياهم، وإما أن يكونوا على الهواتف وعند أولاد السوق والحرام، وسترون نتيجة ذلك في بداية السنة الدراسية ثم للحياة بأكملها يتغير الولد للأبد بسبب صديقه بسبب جلسات عصرية مع هذا او ذاك ولم يحافظ عليه والده ولم يراقب ولم يتابع ولم يحفظ الأمانة…
- ربما يقول بعض الأباء أنا لا استطيع أن أربي أن أعلّم أن أحاضر أن أنصح أن اتحدث بكتاب الله بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن أحفّظه القرآن، وهنا ياتي الجواب: إذا لم تستطع أنت فدله على أهل الصلاح، دله على اهل الخير، دله على المساجد، دله على أئمة المساجد. دله على المراكز الصيفية، دله على الحلقات المقامة في المساجد أيام الصيف، والمنتشرة أيضًا في كل مسجد في كل السنة، دله إذا لم تستطع أن تقول بلسانك فدله على من يقول له ذلك واديت بذلك الواجب واسقطت بذلك أمانة، والزمه بالحلقة، والمسجد، ورفقاء الصلاح…
- ثم يأتي الدور في المتابعة، وإن لم تستطع أن تتابع الولد مباشرة فتابع الأستاذ المدرس إمام المسجد ما الذي يفعل الولد، ولا تتركه دون سؤال؛ حتى ترى ثمرة، ويتشجع الولد، ويحفظ سريعا فتنجو وتسعد بولدك ووتتوج بتاج الوقار يوم القيامة كما في الحديث الحسن أو الصحيح عند كثير من المحدثين كالإمام الحاكم أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أن والد حامل القرآن يعني حافظ القرآن يتوج بتاج من نور أضوء من ضوء الشمس، فيقول الوالد بماذا بأي عمل؟ فيقول الله تبارك وتعالى بحفظ ولدك للقرآن يتوج بتاج الوقار يوم القيامة ثم يكسى بحلتين لا تقوّم لهم الدنيا، يعني أن قيمتهما اعظم من قيمة الدنيا بما فيها منذ أن خلق الله الدنيا حتى زوالها، لا تقوم لها الدنيا يكسى بها والد حامل القرب بحمل ولده للقرآن بأخذه لكتاب الله بحفظه للآيات البينات حفظ الله الوالد والولد وأهل بيته كلهم والأسرة بأكملها بسبب الولد، بولد واحد هو زكاة الأسرة… ومن لبس هذه الحلة وتوج هذا التاج فمعناه لن يدخل النار…
- ونحن في هذه الإيام نعيش ما نعيش من فوضى عارمة في العقيدة الاسلامية خاصة في بعض المناطق في الجمهورية اليمنية، اتحدث عن الرافضة الذين ينفقون أموالهم من أجل إهلاك الحرث والنسل في غسل أدمغة الشباب الصغار بعقائد فاسدة مجوسية رافضية، يقولون كرسمياتهم على أن من تبعهم في هذه المراكز قد تجاوز المليون طفل من أبناء اليمن ومعناه بعد سنة واحدة بل بعد شهر واحد تكون قد ترفض وأصبح مجوسيًا بامتياز، فما الذي نحن أعددنا لابنائنا، إذا كانوا يحرصون على هدم عقائدنا، ونشر فسادهم، وهم أهل باطل ويهتمون لباطلهم وينفقون ما ينفقون فأيننا نحن، وأين الحماية والتحصين لأبنائنا، وأين المسؤولية، وأين الأمانة، ولماذا لانواجه الفكر بالفكر العقيدة بالعقيدة وأن نواجه هؤلاء التغذية السيئة بالتربية الصالحة، فواجبنا أيها الإخوة أن نحافظ على أبنائنا وأن ندلهم على الخير وأن نبعدهم عن الشر، ونعلم على أنه الواجب والأكبر والمسئولية العظمى علينا هي أبناؤنا إن أحسنا فيهم أحسن الله إلينا وإن أسأنا فيهم فلا نأمن مكر الله أن ينزل بنا، فالله الله فيهم لنحافظ عليهنم ونربيهن لنحفظ أوقاتهم لنعلمهم الخير والصلاح لندلهم على مراكز التحفيظ وعلى حلقات القرآن وعلى أئمة المساجد وعلى أهل الصلاح، ولنبعدهم عن اهل الشر، ولا نتركهم هملا، ونضيعهم ثم نكتوي بنارهم ونتحسر بعد ذلك…
هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2 ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/H8HoqPFycm4
*📆 تم إلقاؤها : بمسجد عمر بن عبدالعزيز 19/ شوال /1443هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- فقد جاء في الأثر أن عيسى عليه السلام مر ذات يوم على قبر وهو يعذب صاحبه فيه، فسمع عيسى عليه السلام من بكائه وأنينه وعذابه وآلامه ما خاف ووجل ورق له عيسى عليه السلام ورثي لحاله ودعا الله لصاحب القبر أن يخفف العذاب عليه، فلم يجب رب العالمين سبحانه وتعالى لذلك؛ لأن العبد يستحق بذنوبه هذا العذاب، فذهب عيسى من عند ذلك القبر لحال سبيله، وبعد سنوات جاء عيسى عليه السلام ماراً من على القبر فسمع وإذا بصاحب القبر ينعّم فيه، إذا هو اقتلب حاله من عذاب إلى نعيم، ومن صراخ إلى ضحك واستبشار، ومن حزن إلى فرح وسرور، انقلبت حياته رأسًا على عقب، فتعجب عيسى عليه السلام وقال لربه عز وجل مناديًا هل خرج هذا العبد إلى الدنيا ليعمل صالحًا فتغير حاله فأصبح على ما أسمع، ما الذي فعل هذا الرجل حتى تحول كل شيء إلى غير ذلك؟ قال الله تبارك وتعالى لعيسى عليه السلام: يا عيسى أن عبدي هذا قد كان على ما هو عليه من العصيان فاستحق بذلك العذاب في القبر قبل أن يأتي العذاب الأكبر يوم القيامة، ولكنه ترك جنينًا في بطن زوجته فخرج الولد للحياة ولد هذا الرجل صاحب القبر فخرج الولد للحياة فكبر وتعلم وأول ما تعلم أن أمرت به أمه ليذهب للكتاتيب صار أول ما نطق في الكتاب باسمي بسم الله الرحمن الرحيم، فأول ما نطق هناك باسمي،ثم قال الله عز وجل يا عيسى: "إني استحييت أن أعذب عبدي في باطن الأرض وولده يذكرني على ظاهرها"… .
- أرأيتم أيها الإخوة نفعه ماذا؟ نجاه ماذا؟ رفع عنه العذاب ماذا؟ لم يخرج هذا الرجل إلى الدنيا ليعمل خيراً ولكن ترك ولداً ليدعو له ترك ولداً ليذكر الله فيكتب الذكر لوالده، ترك ولداً على ظهر الحياة ليحفظ ليتعلم ليقرأ ليسبح ليذكر الله تبارك وتعالى فيكون ذلك الخير وتلك الحسنات الصادرة من الولد للوالد ما يعمله من خير وما يعمل من سوء وشر فلوالده ايضًا أجره ونصيبه من ذلك لا ريب ولا شك فيه أبدا فإنا الولد إنما هو قطعة من الوالد وإنما هو بضعة منهم، وهذا عمر رضي الله عنه كان يقول: "إني لأستكره نفسي على الجماع لعلها تخرج نسمة تسبح الله" أي فيكتب الله لي أجرها؛ لأني سبب وجوده للحياة، ولو لم يكن الوالد -والوالدة قطعا- لم يكن الولد، وأشبه بقول الفاروق ما قال الشعبي: "إذا بلغ الولد الاحتلام، واستطاع الوالد أن يزوجه فلم يفعل فزنا على والده مثل إثمه".
- بل هذا الله تعالى يقول: ﴿وَالَّذينَ آمَنوا وَاتَّبَعَتهُم ذُرِّيَّتُهُم بِإيمانٍ أَلحَقنا بِهِم ذُرِّيَّتَهُم وَما أَلَتناهُم مِن عَمَلِهِم مِن شَيءٌٍ﴾، ما ألتناهم أي أنقصناهم من عملهم من شيء بل عمله هو عمله لا ينقص الله عز وجل ذلك العبد من عمله شيئًا، ولكن إكرامًا لذلك الوالد أن ولده معه، ولكن إكرامًا لتلك المرأة الصالحة أن ولدها معها في الجنة، وأي كرامة وأي نعيم وأي خير تراه أن يتنعم الوالد في جنة عرضها السماوات والارض بينما ولده في النار، أو أن يتنعم الولد بينما الوالد في النار فلا نعيم حقيقي مادام لم تقر عينه بولده أو والده وهو معه، فمن أراد النعيم ومن أراد الخير ومن أراد الجنة ومن أراد السعادة في الدنيا وفي البرزخ وعند رب العالمين سبحانه وتعالى فعليه بتربية أولاده، وإلزامهم طاعة الله تعالى؛ فهم المشروع التجاري الأعظم والأكبر والأجل والأهم مع الله عز وجل، هم المشروع الناجح في الحياة، هم السعادة في الدنيا وفي الآخرة، هم الأمانة العظمى التي جعلها الله عزوجل بأيدينا، هم الأمانة الكبرى التي منحنا الله عز وجل إياها.
- الأبناء هؤلاء أيها الفضلاء إما أن يوصلونا إلى النعيم والسعادة في الدنيا وفي الآخرة، أو يوصلونا إلى الشقاء والتعاسة والجحيم في الدنيا وفي الآخرة أيضًا، إما أن نسعد بأبنائنا في الدنيا بأن نراهم على الخير وعلى الصلاح وعلى طاعة الله، فيدخل المسجد الولد قبل والده فيسعد الوالد، يتعلم فيعلم ويفقه ويحسن في دينه ودنياه أفضل من والده فيسعد الوالد، والناس يقولون هذا ابن فلان أحسن التربية، أن يحفظ كتاب الله تعالى يرتله يجوده يكون إماما أو مؤذنا فيسعد به والداه أعظم سعادة وتقر بذلك أعينهم أعظم قرار: ﴿وَالَّذينَ يَقولونَ رَبَّنا هَب لَنا مِن أَزواجِنا وَذُرِّيّاتِنا قُرَّةَ أَعيُنٍ وَاجعَلنا لِلمُتَّقينَ إِمامًا﴾.
ـ فمن أحسن تربية ولده سعد به قبل غيره، وقرت به عينه، وارتاحت له نفسه، وسعد في دنياه وآخرته، بل ثمرة ولده يراها والناس معه ظاهرة فيسعد الوالد ويسعد الناس ويدعون للوالد والولد، أما إذا كان والده لم يربه لم يعنه على طاعة الله لم يلزمه على ذلك فإن الولد سيذهب في طريق الشرور والمعاصي والحرام ستجده متسكعًا ذاهبًا آيبًا عند الحرام وفي الحرام وللحرام ومع أولاد السوق ممن لم يعرفوا المساجد، فعرف وإياهم طريق السجون لم يعرف طريق الخير فذهب نحو الشر، لم يعرف طريق الرحمن فعرف طريق الشيطان، لم يعرف شرب الحلال فذهب لشرب الحرام من الدخان والخمر والمخدرات والشبو وهذه الأضرار ومن ذلك القات، ومن هذه الأمور الموبقات، لم يعلمه الوالد الطريق الصحيح فاضطر الولد لأن يتعلم ويتعرف على أولاد السوء والسوق فيتجه نحوهم لأنه لم يجد المحضن الحقيقي في الأسرة الصالحة فعاش خاوي الروح فذهب إلى روح أخرى تنهي له الخواء، وتملي له الفراغ: ﴿وَمَن يَعشُ عَن ذِكرِ الرَّحمنِ نُقَيِّض لَهُ شَيطانًا فَهُوَ لَهُ قَرينٌ﴾، لا بديل لأسرة صالحة ملتزمة تربي الولد على طاعة الله إلا أصدقاء السوء الأشرار الذين يربونه على كل رذيلة وانحطاط، وأول من يتعب هو الوالد بولده، أول من يشقى أول من يتحسر أول من يندم أول من يذوق الحسرات على ولده هو الوالد، وأول من يتنعم أيضًا بولده هو الوالد….
- فنحن بين خيارين إما سعادة بأولادنا بأن نلزمهم طاعة الله، أو شقاء بأولادنا أن لا نعرفهم الطاعة وطريق الصلاح، وبعد أن سقت ما سقت حري أن أعود بكم للقصة التي وردت بداية الخطبة لو أن هذا الوالد مات وترك أراضي وعقارات وسيارات ودولارات وملايين بل مليارات الريالات، هل تراه سينعم الوالد ويخرج مما هو فيه من الضيق والألام والعذاب والعقاب في قبره ويخرج مما هو فيه إلى النعيم؟ هل سيخرج مما هو فيه من الشقاء؟ لأنه ترك لولده الأموال أم لأنه ترك لولده أمًا صالحة تربيه تحبب إليه الخير، وتبغض له الشر كتلك المرأة السابقة…
- أيها الأخوة أموالنا التي نجمعها في الدنيا العقارات السيارات الأراضي والمجوهرات وهذا وذاك من الأموال أيًا كانت صورتها مما نترك لأولادنا ليست هي التي تنجينا من عذاب ربنا، ليست تلك هي التي تخفف عنا العذاب والعقاب، ليست تلك التي ترفع عنا أن مأساة الدنيا والآخرة، وتخفف عنا ما يمكن أن نلاقيه في القبور كذلك الرجل، أو بعد القبر، ليست الا التربية الصالحة التي تنفعنا وتنفع أولادنا، ليست أي شيء من الشركات بل التركة الحقيقية والتجارة الرابحة العظمى التي يمكن أن نتركها لأولادنا أن نؤدبهم ونعلمهم علمًا حسناً، أن نربيهم تربية صالحة، أن نلدهم على طريق الخير والصلاح وأن نحثهم عليه، وإذا كان نبينا صلى الله عليه وسلم قد أمر بضرب الولد الصغير اذا بلغ العاشرة لأجل أن يصلي، "علموهم للصلاة أبناء سبع وأضربوهم عليها ابناء عشر"، فإذا كان أمر النبي بضرب الطفل حتى وهو في العاشرة فكيف بما فوق العاشرة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "ما نحل والد ولدا خيرا من أدب حسن" كما جاء في الحديث الحسن أيضًا وقد جاء عند البخاري في الأدب المفرد واحمد أيضا في المسند وصححه الألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "ترفع للعبد درجات في الجنة فيقول العبد يا ربي من أين لي هذا"، أياه ما الذي أوصلني إليه وحسناتي معروفة أنا في هذه الدرجة من الجنة ما الذي رفعني، فيقول الله تبارك وتعالى: "ولدك استغفر لك"، ولدك نفعك باستغفاره لك، بدعائه، بصلاحه، بقراءته، بصدقته، باستقامته بخيره، يرتفع الوالد عند ربه منازل دون أن يعمل الوالد لكن بعمل الولد انتفع الوالد، أترون الولد غير الصالح سيستغفر للوالد؟ سيصلي سيستقيم سينتفع والده بأعماله، أم ينزل الوالد دركات في النار فيقول كيف ولم فيقال ولدك سرق، زنا، شتم، نهب، أخذ، حشش،… ألم يقل نبينا صلى الله عليه وسلم في البخاري ومسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله الا من ثلاث" وذكر منها صلى الله عليه وسلم ومنها "ولد صالح يدعو له"، وانظروا لكلمة صالح ولد صالح يدعو له، لن يدعو لك الفاسد، لن يدعو لك الشرير، لن يدعو لك ولد السوق، لن يدعو لك صاحب الحرام الذي ورثت له والذي تعبت في الحياة والذي انتصبت والذي تحملت الديون والذي تحملت حرارة الشمس والذي تحملت ما تحملته في الحياة من أجل ولدك ذلك السيء من أجل أن تترك له ارثًا فلعب بتركتك ولعب بأموالك ولعب بما جمعت لأنه ليس بصالح أما الولد الصالح فهو فسيسخرها للصلاح والخير وتنتفع وإياه…
- فيا أيها الأخوة أولادنا مسؤوليتنا، أولادنا أمانة عندنا أولادنا أمل أمتنا أولادنا فلذات أكبادنا، نحن أمام خيارين إما أن نحافظ على هذه الأمانة التي اعطانا الله إياها أو نضيعها، "وكفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يعول" كما عند مسلم، أن يضيع أولئك، "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته"، ونحن والله أمام رعاية كبرى هي رعاية الأسرة اذا رعينا وراعينا وربينا وأحسنا وأدبنا وعلمنا الأسرة صلح المجتمع وبصلاح المجتمع صلاح الأمة، فالأمة بعدد أفرادها ثم بأسرها ثم بمجتمعها ثم بالأمة بأكملها، فإن صلحت الأسرة صلحت الأمة، فصلاح الأسرة صلاح للأمة نصر للأمة، فهل رعينا تلك الأسرة، هل ربيناها هل تابعنا هل راقبنا هل نظرنا لما يدخل ويخرج في بيوتنا، هل سألنا أولادنا من أين أتيت وأين تذهب؟ ومع من وماذا فعلت وماذا صنعت؟.
- هل راقبناه أم أننا ربما نترك لأمورنا وتوافه حياتنا أكثر مما نترك لأولادنا وربما لسيارته يحافظ عليها ينظر فيها يتفاقد أحوالها لكنه لا يتفاقد ولده لكنه لا يتنبه لولده لكنه لا يسأل عن ولده أين ذهب مع من ولماذا جاءت هذه ولماذا ولدي أصبح يتأخر في أمور دراسته وفي أمور مسجده وفي الصالحات وفي طاعة ما السبب؟ ما الذي أوداه إلى هذا ولا شيء من ذلك أبداً، وبالتالي اضعنا الامانة والله عز وجل يقول في كتابه الكريم: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تَخونُوا اللَّهَ وَالرَّسولَ وَتَخونوا أَماناتِكُم وَأَنتُم تَعلَمونَ﴾، نداء للمؤمنين ان لا يخونوا الأمانة وإن أعظم الأمانات هي أمانة الأولاد وأمانة الأسرة وفي البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من استرعاه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته الا حرم الله عليه الجنة"، لأنه غش الرعية لأنه لم يربهم لأنه لم يتابع لأنه لم يحافظ لأنه لم يؤدب لأنه لم يحسن إلى رعيته ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا قوا أَنفُسَكُم وَأَهليكُم نارًا وَقودُهَا النّاسُ وَالحِجارَةُ عَلَيها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعصونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُم وَيَفعَلونَ ما يُؤمَرونَ﴾، ومعنى الآية لا يكفي صلاحك واستقامتك والتزامك بالصف الأول في المسجد ثم تترك أهلك للضياع، والحرام، والنار، تترك ولدك في الشارع، وابنتك في السوق، وعلى الهاتف… ألا فلنحذر كل الحذر…
أقول قولي هذا وأستغفر الله.
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… أما بعد
- فإن هذه العطلة الصيفية التي نحن فيها فرصة كبرى للحفاظ على أولادنا، وفيها تكون المضيعة الكبرى لأولادنا أو تكون السعادة والتربية والتحول العظيم لأولادنا، العطلة الصيفية هذه التي نعيشها والفراغ الكبير الصباح والعصر والليل إما أن تفسد أخلاق أبنائنا أو أن تصلحهم، إما أن يذهبوا المسجد ولتعلم كتاب الله عز وجل او أيضًا نحو المعاهد لدراسة ما ينفع في أمور دينهم ودنياهم، وإما أن يكونوا على الهواتف وعند أولاد السوق والحرام، وسترون نتيجة ذلك في بداية السنة الدراسية ثم للحياة بأكملها يتغير الولد للأبد بسبب صديقه بسبب جلسات عصرية مع هذا او ذاك ولم يحافظ عليه والده ولم يراقب ولم يتابع ولم يحفظ الأمانة…
- ربما يقول بعض الأباء أنا لا استطيع أن أربي أن أعلّم أن أحاضر أن أنصح أن اتحدث بكتاب الله بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن أحفّظه القرآن، وهنا ياتي الجواب: إذا لم تستطع أنت فدله على أهل الصلاح، دله على اهل الخير، دله على المساجد، دله على أئمة المساجد. دله على المراكز الصيفية، دله على الحلقات المقامة في المساجد أيام الصيف، والمنتشرة أيضًا في كل مسجد في كل السنة، دله إذا لم تستطع أن تقول بلسانك فدله على من يقول له ذلك واديت بذلك الواجب واسقطت بذلك أمانة، والزمه بالحلقة، والمسجد، ورفقاء الصلاح…
- ثم يأتي الدور في المتابعة، وإن لم تستطع أن تتابع الولد مباشرة فتابع الأستاذ المدرس إمام المسجد ما الذي يفعل الولد، ولا تتركه دون سؤال؛ حتى ترى ثمرة، ويتشجع الولد، ويحفظ سريعا فتنجو وتسعد بولدك ووتتوج بتاج الوقار يوم القيامة كما في الحديث الحسن أو الصحيح عند كثير من المحدثين كالإمام الحاكم أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أن والد حامل القرآن يعني حافظ القرآن يتوج بتاج من نور أضوء من ضوء الشمس، فيقول الوالد بماذا بأي عمل؟ فيقول الله تبارك وتعالى بحفظ ولدك للقرآن يتوج بتاج الوقار يوم القيامة ثم يكسى بحلتين لا تقوّم لهم الدنيا، يعني أن قيمتهما اعظم من قيمة الدنيا بما فيها منذ أن خلق الله الدنيا حتى زوالها، لا تقوم لها الدنيا يكسى بها والد حامل القرب بحمل ولده للقرآن بأخذه لكتاب الله بحفظه للآيات البينات حفظ الله الوالد والولد وأهل بيته كلهم والأسرة بأكملها بسبب الولد، بولد واحد هو زكاة الأسرة… ومن لبس هذه الحلة وتوج هذا التاج فمعناه لن يدخل النار…
- ونحن في هذه الإيام نعيش ما نعيش من فوضى عارمة في العقيدة الاسلامية خاصة في بعض المناطق في الجمهورية اليمنية، اتحدث عن الرافضة الذين ينفقون أموالهم من أجل إهلاك الحرث والنسل في غسل أدمغة الشباب الصغار بعقائد فاسدة مجوسية رافضية، يقولون كرسمياتهم على أن من تبعهم في هذه المراكز قد تجاوز المليون طفل من أبناء اليمن ومعناه بعد سنة واحدة بل بعد شهر واحد تكون قد ترفض وأصبح مجوسيًا بامتياز، فما الذي نحن أعددنا لابنائنا، إذا كانوا يحرصون على هدم عقائدنا، ونشر فسادهم، وهم أهل باطل ويهتمون لباطلهم وينفقون ما ينفقون فأيننا نحن، وأين الحماية والتحصين لأبنائنا، وأين المسؤولية، وأين الأمانة، ولماذا لانواجه الفكر بالفكر العقيدة بالعقيدة وأن نواجه هؤلاء التغذية السيئة بالتربية الصالحة، فواجبنا أيها الإخوة أن نحافظ على أبنائنا وأن ندلهم على الخير وأن نبعدهم عن الشر، ونعلم على أنه الواجب والأكبر والمسئولية العظمى علينا هي أبناؤنا إن أحسنا فيهم أحسن الله إلينا وإن أسأنا فيهم فلا نأمن مكر الله أن ينزل بنا، فالله الله فيهم لنحافظ عليهنم ونربيهن لنحفظ أوقاتهم لنعلمهم الخير والصلاح لندلهم على مراكز التحفيظ وعلى حلقات القرآن وعلى أئمة المساجد وعلى أهل الصلاح، ولنبعدهم عن اهل الشر، ولا نتركهم هملا، ونضيعهم ثم نكتوي بنارهم ونتحسر بعد ذلك…
هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2 ...المزيد
*الخيانة دمار الأمة* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين. ...
*الخيانة دمار الأمة*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/0HYgDW-6DG0?si=nMhrRnIvkD6amHKE
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ 13/شوال الأولى/1446هـ ↶
👤ـ للشيخ/عبدالله رفيق السوطي.
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
- فإن بقاء الأمم البقاء الحقيقي الثابت الراسخ الدائم، لا يقوم إلا بأمر هو أمر الأخلاق، وكل أمة أخذت النصيب الأوفر من الأخلاق كانت هي أمة تصلح للبقاء أكثر من غيرها، وكلما اندثرت الأخلاق فيها، وظهرت الرذائل على أبنائها، كان السقوط في فترة أقل وأقل، وعاشت البؤس والشقاء كل الشقاء وأعظم، وأمة لا أخلاق فيها لا قيمة لها، وإن عاشت فعيشة بهيمية متوحشة وما تمر به البلدان الغربية خير مثال.
- وما من أمة أخذت بالأخلاق أعظم ولا أكثر من أمتنا؛ لأنها خير أمة أخرجت للناس، أكد نبينا عليه الصلاة والسلام على أصل مبعثه فقال: "إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق"، وفي رواية ضعيفة:" لأتمم مكارم الأخلاق"، فإذا كانت هذه بعثته عليه الصلاة والسلام على الأخلاق وعلى إتمام صالحها، فكيف لا تأخذ بها هذه الأمة!.
- وما من نبي إلا وأكد على أمر الأخلاق، وبين وفصل وحذر وأنذر قومه من سوء الأخلاق التي قد تظهر فيها فإن ظهرت اندثرت وزالت… وكان عمرها أقل مما لو بالأخلاق تمسكت...
- ولذا أجمعت الشرائع جميعاً على أصل الأخلاق، وعلى قدسية الأخلاق، وعلى مكانة الأخلاق، وإن كانت أمتنا أخذت بها حق الأخذ إن كانت الأمم الأخرى لم تأخذ حتى بأصول دينها، فكيف أن تلتزم بأخلاقها من النصارى واليهود، وما يعيشون فيه وما يبعثونه للعالم من فساد، ودمار، ونهب، وإهلاك للحرث والنسل، وأسلحة وقتال وصراع… كله يعيش على الفساد، إما فساد أخلاق، أو فساد أموال، أو فساد قيم، ومجتمع، أو أي فساد من أنواعه، وهو أصل من أصل رذائل الأخلاق.
- وإذا كانت أمتنا تتمسك بأخلاقها في الحرب فكيف بأيام السلم، ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء والقادة بعده قبل أي معركة تكون الوصية العظمى للجنود: "لا تقتلوا وليدًا، ولا امرأة، ولا شيخًا مسنًا، ولا راهبًا في صومعته، ولا جريحًا، ولا من لا أرَب له بقتالكم…."، ويوصيهم بالأسرى خيراً ويقول: "وإياكم أن تغدروا، أو تمثّلوا…"، فهذه أمتنا وأخلاقها ودينها وتعاليمه في الحرب فكيف بأيام السلم… فهذه أخلاقنا فماذا عن أخلاق الأمم غيرنا التي انحطت أخلاقها، وظهرت كل جريمة و
- ولهذا ما وقع في أمتنا ما وقع من مآسٍ كبرى، ولا حدث فيها ما حدث من تراجع واندثار نوعاً ما لحضارتها، وانحدار لها، وأصبحت في سلة مهملات العالم، يستضعفها الصغير والكبير، ويأكل خيراتها، وينهب ما فيها، ويعيث فيها فساداً، ويبتز الكبير والصغير، ويحسب أنها لقمة سائغة له متى شاء أكل منها، ومتى ما شاء أخذ منها، ومتى ما شاء عاث فساداً في برها، وفي جوها، وفي بحرها، وفي كل شيء منها، لأنه بلا أخلاق، وبلا قيم، يستضعف الضعيف، ولا يستجرئ على القوي، يعيش على الرذائل كالحيوانات والبهائم، سواء في مجتمعه، أو أن يصدره لغيره، أو أن يأخذ من غيره باسم أخلاق سيئة يصدرها هو ويشرعها بالرغم من أنها انتكاسة على الفطرة، و انقلاب على قيم الأنبياء والرسل والأديان جميعاً، وعلى هذا يعيش أولئك، والأخطر أنهم جعلوا لنا حتى من دواخلنا، من عاش فيهم سوء الأخلاق كل العيش، وأصبحوا من رأسهم إلى أخمص قدمهم لا يعيشون إلا عليه، وبشتّى أنواع الأخلاق.
- وإن كنت أتحدث على عجالة شديدة عن الخيانة، تلك الآفة الكبيرة، والجريمة الخطيرة والعظيمة التي ما دخلت الأمة من نتن أعظم من نتنها، ومن شر أعظم من شرها، ومن جريمة أكبر من جريمتها، بها بطشنا، ونهبنا، وسلبنا، وقُتلنا، ودمّرنا، وجُعنا، وهلكنا… وسُلمنا لغيرنا، وأخذت أراضينا وأموالنا، وأخذ كل شيء من أملاكنا، وكل شيء لنا، وأصبحنا بلا كرامة، وأصبحنا بلا رأس، وأصبحنا بلا قيمة، وأصبحنا بلا أمة حقيقية لأن قائدها خائن، سواء كانت الخيانة سياسية أو إدارية أو مالية أو اجتماعية أو أخلاقية أو في أي شيء كان من الخيانة، فإنك تجد جريمة الخيانة هي الجريمة التي أدتنا لهذه المأساة بكلها، وفوق ذلك بها يعيشون، وعليها يحيون، ويموتون..!.
- نعم هي الخيانة، وخيانة على كل الأصعدة، خيانة على كل الوسائل والأنظمة، خيانة عظيمة لا يعيش المجرمون إلا عليها، ولا يتسترون إلا بها، ويحكمون الأمة بالحديد والنار هم خونتها، وأفجر من فيها: ﴿وَكَذلِكَ جَعَلنا في كُلِّ قَريَةٍ أَكابِرَ مُجرِميها لِيَمكُروا فيها وَما يَمكُرونَ إِلّا بِأَنفُسِهِم وَما يَشعُرونَ﴾ .
- ولقد حدثنا النبي صلى الله عليه وسلم عن زمن الرويبضة، عن السفيه يتكلم في أمر العامة، فقال: "سيأتي على الناس سنوات خداعات، يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة"، قيل: وما الرويبضة؟ قال: "الرجل التافه يتكلم في أمر العامة"، وقال عليه الصلاة والسلام: "إذا وُسّد الأمر إلى غير أهله، فانتظر الساعة".
- وساعة الأمة قد كانت منذ زمن بعيد أعني زمن النهضة، والحضارة، والقيمة، والكرامة، والعز، والسؤدد، التي كانت تعيشه الأمة والرخاء، انتهت مع بدء الخيانة من أصولها، التي بعثها غيرنا لنا بأسماء شتى، بداية من الاستعمار، وانتهى بإسقاط الخلافة الإسلامية، والرأس الذي كان يجمع الأمة، ومن الأمل الذي بقي للأمة إلى وقتنا هذا ولا أكل يلوح في الأفق سيجمع الأمة مادام والخونة في كل بلد يحكمونه، ويتحكمون فيه…!.
- وإذا كانت خيانة الأفراد جريمة فإن خيانة الأمم والشعوب أخطر وأشد وأعظم وأنكى وأفجر وأجرم وأدهى على الإطلاق، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد قال وحذر والأمة من أن يخون الرجل منها الخائن لها: "لا تخن من خانك"، هكذا يقول النبي في الحديث الصحيح: "لا تخن من خانك"، فإذا كان النبي منع خيانة الخائن، وأن نكافئ السيئة، بالسيئة بل كما وجهنا ربنا: ﴿ادفَع بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ السَّيئِة....﴾. حتى وإن كانت سيئة، ادفع بأحسنها. تكلم عن أحسنها. افعل أحسن، وهي سيئة فكيف وهي آفة، وهي جريمة على الأمة بأكملها.
- وللسبب ذاته الخيانة ركن من أركان النفاق، إن لم تكن الركن الأول من أركان النفاق، وأركان النفاق أربعة، والخيانة في مقدمة هذه الأركان، قال النبي عليه الصلاة والسلام: "أربع عند البخاري، وعند مسلم ثلاث"، "أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان، وإذا خاصم فجر". خيانة على كل شيء، وإن كانت الخيانة البسيطة هي التي تحدث عنها النبي على غرار، قول الله تبارك وتعالى: "فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ..." أي لا تقل لهما حتى الصغير فكيف بالضرب وما فوقه، وما دونه، كيف به!.
- فالنبي صلى الله عليه وسلم تحدث عن خيانة الأفراد حين قال: "إذا أؤتمن خان"، فكيف إذا كانت خيانة الشعوب والأمم والمجتمع بأكمله، وليس هذا وفقط من حيانة سياسية، بل هي عامة شاملة لكل خائن وخائنة وخيانة… فالخائن قد يكون في إدارته، أو في عمله، أو في شغله، أو في محله، أو في سوقه، أو في بيته، أو في مجتمعه؟ أو المدير في دائرته الإدارية، أو الأستاذ في مدرسته، أو في جامعته، أو الطالب كذلك أينما كان طالباً، وهكذا قل عن الخيانة المتداولة في كل شيء هي كارثة وجريمة عظيمة.
- ألا إن الخيانة رأس كل خطيئة، وأصل كل مهلكة نزلت على الأمة، وانطلت على الشعوب على العربية والإسلامية، وهي العنوان الأبرز لكل جريمة، ولهذا حذر الله نبيه صلى الله عليه وسلم من أن يخاصم ويجادل عن الخائنين: ﴿وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا ﴾، بل هو توجيه لكل الأمة لا للنبي صلى الله عليه وسلم وحده، وقد أكد ذلك ربنا جل جلاله بقوله: ﴿وَلا تُجادِل عَنِ الَّذينَ يَختانونَ أَنفُسَهُم إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَن كانَ خَوّانًا أَثيمًا يَستَخفونَ مِنَ النّاسِ وَلا يَستَخفونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُم إِذ يُبَيِّتونَ ما لا يَرضى مِنَ القَولِ وَكانَ اللَّهُ بِما يَعمَلونَ مُحيطًا ها أَنتُم هؤُلاءِ جادَلتُم عَنهُم فِي الحَياةِ الدُّنيا فَمَن يُجادِلُ اللَّهَ عَنهُم يَومَ القِيامَةِ أَم مَن يَكونُ عَلَيهِم وَكيلًا﴾!.
- وهذا ربنا جل وعلا ينادي ويحذر من الخيانة لكل أمانة أوتيناها: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾، وأي أمانة أعظم من أمانة ديننا، ومقدساتنا، وكرامتنا، وشعوبنا، وبلداننا وكل شيء لنا…!.
- ولهذا كانت الأمانة ثقيلة جد ثقيلة وقليل من يؤديها: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ليعذب الله… ﴾، لكن سيأتي يوم الفضائح كما أخبر نبينل صلى الله عليه وسلم: "يرفع لكل غادر لواء يوم القيامة، هذه غدرة فلان ابن فلان".
والأبشع أن الخائن في النار كما أخبر عليه الصلاة والسلام: "المكر والخديعة في النار"، كما في الحديث الحسن، بل في صحيح مسلم: "أَهْلُ النَّارِ خَمْسَةٌ - وذَكَرَ منهم: الْخَائِنُ الَّذِي لاَ يَخْفَى لَهُ طَمَعٌ - وَإِنْ دَقَّ - إِلاَّ خَانَهُ، وَرَجُلٌ لاَ يُصْبِحُ وَلاَ يُمْسِي إِلاَّ وَهُوَ يُخَادِعُكَ عَنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ" رواه مسلم، وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الإيمان والخيانة لا يجتمعان في مؤمن البتة: "لاَ يَجْتَمِعُ الإِيمَانُ وَالْكُفْرُ فِي قَلْبِ امْرِئٍ، وَلاَ يَجْتَمِعُ الصِّدْقُ وَالْكَذِبُ جَمِيعًا، وَلاَ تَجْتَمِعُ الْخِيَانَةُ وَالأَمَانَةُ جَمِيعًا"، وهو حديث حسن رواه أحمد وغيره…
- والخائن تُردُّ شهادتُه ولا تُقبل؛ تعزيراً له، وتنفيراً للناس منه من فعله: "رَدَّ صلى الله عليه وسلم
شَهَادَةَ الْخَائِنِ وَالْخَائِنَةِ"، وقال صلى الله عليه وسلم: "لاَ تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ وَلاَ خَائِنَةٍ"!.
- وفوق ذلك كله فربه جل جلاله لا يحبه: ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ﴾، وقال سبحانه في شأن المنافقين: ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا﴾…
وقد استعاذ النبيُّ صلى الله عليه وسلم من الخيانة؛ لأنها أسوأ ما يخفيه المسلم عن غيره: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُوعِ؛ فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخِيَانَةِ؛ فَإِنَّهَا بِئْسَتِ الْبِطَانَةُ"
- فالواجب على كل مسلم أن يحذر الخيانة، ويحذر منها…
أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ..
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:
- إن الخيانة هي أصل الشر، وأصل الجريمة، وبها تتولد الجرائم الصغيرة والكبيرة، وإن الأمة ما أُصيبت بمصيبة أعظم من مصيبتها من أبنائها، ومن فلذات أكبادها، وممن وُلوا عليها، وممن وسدوا في مهامهم، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، وممن وثقنا بهم، سواء كانوا مسؤولين أو وزراء أو ضباط أو أفرادًا.... لكنهم خونة وهم جزء من قتلة الأمة، ووثقنا بهم وجادلنا عنهم وربنا يمقتهم ويبغضهم ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ﴾، : ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا﴾…، ومع ذلك لا زلنا نحسن الظن بهم ونجادل عنهم: ﴿ها أَنتُم هؤُلاءِ جادَلتُم عَنهُم فِي الحَياةِ الدُّنيا فَمَن يُجادِلُ اللَّهَ عَنهُم يَومَ القِيامَةِ أَم مَن يَكونُ عَلَيهِم وَكيلًا﴾ !.
- ويؤسفنا أن نقول: إذا وجدت الخيانة في مجتمع فأبشر بزواله ونهايته، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال ذلك، وأكد عليه وردده كثيرًا: "إذا وُسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة"، ووسدنا أمرنا إلى خونة لربنا، ونبينا، وديننا، وعقائدنا، وأموالنا، وشعوبنا، وأوطاننا وكل شيء فينا…!
- وأخيرًا: فلا ريب أن كل الخيانة قاسية ومريرة، لكن الأقسى أن يخونك من تتوقع منه العون، والنصر، والتأييد والنفير… ومن يناديك صباح مساء.. ويستصرخ فيك، ويستنصرك، ويشكو إليك مظالم عظمى، وإبادات كبرى، وتصل إلينا زفرات، وأنات، وشهقات، وبالصوت والصورة، إنهم أهل ڠـزة العزة الذين يتعرضون لأعظم حرب إبادة منذ الحرب العالمية الثانية، والجريمة أن خونة الأمة في صف عدونا عليهم، وفي الباطن يؤيدون التخلص منهم، وإبادة كل شيء لهم وعندهم…
- ولهذا أختم فأقول: وإنها والله ما من جريمة اعظم، ولا من خيانة أكبر، ولا من كارثة أشد ولا أعظم من خيانتنا لمن استنصرنا، ونادانا، وصرخ في وجوهنا، وشكى همه وحزنه إلينا، ثم لم نفعل شيئًا له، ولم نساعده بشيء البتم، فأي جريمة أعظم، وأي كارثة أكبر، وأي مصيبة أشد من هذه المصيبة… ﴿وَإِنِ استَنصَروكُم فِي الدّينِ فَعَلَيكُمُ النَّصرُ﴾، ونادنا ربنا جل وعلا بقوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا ما لَكُم إِذا قيلَ لَكُمُ انفِروا في سَبيلِ اللَّهِ اثّاقَلتُم إِلَى الأَرضِ أَرَضيتُم بِالحَياةِ الدُّنيا مِنَ الآخِرَةِ فَما مَتاعُ الحَياةِ الدُّنيا فِي الآخِرَةِ إِلّا قَليلٌ إِلّا تَنفِروا يُعَذِّبكُم عَذابًا أَليمًا وَيَستَبدِل قَومًا غَيرَكُم وَلا تَضُرّوهُ شَيئًا وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ﴾…
- وها هم إخواننا في غزة يصرخون في وجوهنا، ويبكون، ويتضرعون، وينادوننا، ويرسلون صورا وكوارث وفيديوهات وكل شيء وثقوه له، وأدوا الواجب وزيادة عليهة وهم يحمون المقدسات والمقدسات تعود لنا جميعا، وهي عارنا، وأعراضنا، وأرضنا… وأوقافنا، ووصية نبينا، وتمثل كل شيء فينا… فماذا صنعنا…!.
ـ ألم يقل الله جل وعلا في كتابه الكريم: ﴿وَإِنِ استَنصَروكُم فِي الدّينِ فَعَلَيكُمُ النَّصرُ﴾، فهل نصرناهم، وأدينا الواجب علينا حتى لا يغضب الله علينا: ﴿إِلّا تَنفِروا يُعَذِّبكُم عَذابًا أَليمًا وَيَستَبدِل قَومًا غَيرَكُم وَلا تَضُرّوهُ شَيئًا وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ﴾… أوليس حماية فلسطين وغزة والقدس الحبيبة واجبة على كل مسلم على وجه الأرض كافة، بأن يحميها ويحرسها ويبذل روحه نفسه ماله وأهله وممتلكاته من أجل حمايتها، والموت بعزة وكرامة، أو الحياة بهما…!.
- وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الرسمي الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص الاحتياطي فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty3
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.com
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر (إكس):*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص تليجرام:*
https://t.me/alsoty
*❈- مجموعة #يستفتونك اطرح سؤال تليجرام:*
https://t.me/alsoty11
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/0HYgDW-6DG0?si=nMhrRnIvkD6amHKE
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ 13/شوال الأولى/1446هـ ↶
👤ـ للشيخ/عبدالله رفيق السوطي.
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
- فإن بقاء الأمم البقاء الحقيقي الثابت الراسخ الدائم، لا يقوم إلا بأمر هو أمر الأخلاق، وكل أمة أخذت النصيب الأوفر من الأخلاق كانت هي أمة تصلح للبقاء أكثر من غيرها، وكلما اندثرت الأخلاق فيها، وظهرت الرذائل على أبنائها، كان السقوط في فترة أقل وأقل، وعاشت البؤس والشقاء كل الشقاء وأعظم، وأمة لا أخلاق فيها لا قيمة لها، وإن عاشت فعيشة بهيمية متوحشة وما تمر به البلدان الغربية خير مثال.
- وما من أمة أخذت بالأخلاق أعظم ولا أكثر من أمتنا؛ لأنها خير أمة أخرجت للناس، أكد نبينا عليه الصلاة والسلام على أصل مبعثه فقال: "إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق"، وفي رواية ضعيفة:" لأتمم مكارم الأخلاق"، فإذا كانت هذه بعثته عليه الصلاة والسلام على الأخلاق وعلى إتمام صالحها، فكيف لا تأخذ بها هذه الأمة!.
- وما من نبي إلا وأكد على أمر الأخلاق، وبين وفصل وحذر وأنذر قومه من سوء الأخلاق التي قد تظهر فيها فإن ظهرت اندثرت وزالت… وكان عمرها أقل مما لو بالأخلاق تمسكت...
- ولذا أجمعت الشرائع جميعاً على أصل الأخلاق، وعلى قدسية الأخلاق، وعلى مكانة الأخلاق، وإن كانت أمتنا أخذت بها حق الأخذ إن كانت الأمم الأخرى لم تأخذ حتى بأصول دينها، فكيف أن تلتزم بأخلاقها من النصارى واليهود، وما يعيشون فيه وما يبعثونه للعالم من فساد، ودمار، ونهب، وإهلاك للحرث والنسل، وأسلحة وقتال وصراع… كله يعيش على الفساد، إما فساد أخلاق، أو فساد أموال، أو فساد قيم، ومجتمع، أو أي فساد من أنواعه، وهو أصل من أصل رذائل الأخلاق.
- وإذا كانت أمتنا تتمسك بأخلاقها في الحرب فكيف بأيام السلم، ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء والقادة بعده قبل أي معركة تكون الوصية العظمى للجنود: "لا تقتلوا وليدًا، ولا امرأة، ولا شيخًا مسنًا، ولا راهبًا في صومعته، ولا جريحًا، ولا من لا أرَب له بقتالكم…."، ويوصيهم بالأسرى خيراً ويقول: "وإياكم أن تغدروا، أو تمثّلوا…"، فهذه أمتنا وأخلاقها ودينها وتعاليمه في الحرب فكيف بأيام السلم… فهذه أخلاقنا فماذا عن أخلاق الأمم غيرنا التي انحطت أخلاقها، وظهرت كل جريمة و
- ولهذا ما وقع في أمتنا ما وقع من مآسٍ كبرى، ولا حدث فيها ما حدث من تراجع واندثار نوعاً ما لحضارتها، وانحدار لها، وأصبحت في سلة مهملات العالم، يستضعفها الصغير والكبير، ويأكل خيراتها، وينهب ما فيها، ويعيث فيها فساداً، ويبتز الكبير والصغير، ويحسب أنها لقمة سائغة له متى شاء أكل منها، ومتى ما شاء أخذ منها، ومتى ما شاء عاث فساداً في برها، وفي جوها، وفي بحرها، وفي كل شيء منها، لأنه بلا أخلاق، وبلا قيم، يستضعف الضعيف، ولا يستجرئ على القوي، يعيش على الرذائل كالحيوانات والبهائم، سواء في مجتمعه، أو أن يصدره لغيره، أو أن يأخذ من غيره باسم أخلاق سيئة يصدرها هو ويشرعها بالرغم من أنها انتكاسة على الفطرة، و انقلاب على قيم الأنبياء والرسل والأديان جميعاً، وعلى هذا يعيش أولئك، والأخطر أنهم جعلوا لنا حتى من دواخلنا، من عاش فيهم سوء الأخلاق كل العيش، وأصبحوا من رأسهم إلى أخمص قدمهم لا يعيشون إلا عليه، وبشتّى أنواع الأخلاق.
- وإن كنت أتحدث على عجالة شديدة عن الخيانة، تلك الآفة الكبيرة، والجريمة الخطيرة والعظيمة التي ما دخلت الأمة من نتن أعظم من نتنها، ومن شر أعظم من شرها، ومن جريمة أكبر من جريمتها، بها بطشنا، ونهبنا، وسلبنا، وقُتلنا، ودمّرنا، وجُعنا، وهلكنا… وسُلمنا لغيرنا، وأخذت أراضينا وأموالنا، وأخذ كل شيء من أملاكنا، وكل شيء لنا، وأصبحنا بلا كرامة، وأصبحنا بلا رأس، وأصبحنا بلا قيمة، وأصبحنا بلا أمة حقيقية لأن قائدها خائن، سواء كانت الخيانة سياسية أو إدارية أو مالية أو اجتماعية أو أخلاقية أو في أي شيء كان من الخيانة، فإنك تجد جريمة الخيانة هي الجريمة التي أدتنا لهذه المأساة بكلها، وفوق ذلك بها يعيشون، وعليها يحيون، ويموتون..!.
- نعم هي الخيانة، وخيانة على كل الأصعدة، خيانة على كل الوسائل والأنظمة، خيانة عظيمة لا يعيش المجرمون إلا عليها، ولا يتسترون إلا بها، ويحكمون الأمة بالحديد والنار هم خونتها، وأفجر من فيها: ﴿وَكَذلِكَ جَعَلنا في كُلِّ قَريَةٍ أَكابِرَ مُجرِميها لِيَمكُروا فيها وَما يَمكُرونَ إِلّا بِأَنفُسِهِم وَما يَشعُرونَ﴾ .
- ولقد حدثنا النبي صلى الله عليه وسلم عن زمن الرويبضة، عن السفيه يتكلم في أمر العامة، فقال: "سيأتي على الناس سنوات خداعات، يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة"، قيل: وما الرويبضة؟ قال: "الرجل التافه يتكلم في أمر العامة"، وقال عليه الصلاة والسلام: "إذا وُسّد الأمر إلى غير أهله، فانتظر الساعة".
- وساعة الأمة قد كانت منذ زمن بعيد أعني زمن النهضة، والحضارة، والقيمة، والكرامة، والعز، والسؤدد، التي كانت تعيشه الأمة والرخاء، انتهت مع بدء الخيانة من أصولها، التي بعثها غيرنا لنا بأسماء شتى، بداية من الاستعمار، وانتهى بإسقاط الخلافة الإسلامية، والرأس الذي كان يجمع الأمة، ومن الأمل الذي بقي للأمة إلى وقتنا هذا ولا أكل يلوح في الأفق سيجمع الأمة مادام والخونة في كل بلد يحكمونه، ويتحكمون فيه…!.
- وإذا كانت خيانة الأفراد جريمة فإن خيانة الأمم والشعوب أخطر وأشد وأعظم وأنكى وأفجر وأجرم وأدهى على الإطلاق، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد قال وحذر والأمة من أن يخون الرجل منها الخائن لها: "لا تخن من خانك"، هكذا يقول النبي في الحديث الصحيح: "لا تخن من خانك"، فإذا كان النبي منع خيانة الخائن، وأن نكافئ السيئة، بالسيئة بل كما وجهنا ربنا: ﴿ادفَع بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ السَّيئِة....﴾. حتى وإن كانت سيئة، ادفع بأحسنها. تكلم عن أحسنها. افعل أحسن، وهي سيئة فكيف وهي آفة، وهي جريمة على الأمة بأكملها.
- وللسبب ذاته الخيانة ركن من أركان النفاق، إن لم تكن الركن الأول من أركان النفاق، وأركان النفاق أربعة، والخيانة في مقدمة هذه الأركان، قال النبي عليه الصلاة والسلام: "أربع عند البخاري، وعند مسلم ثلاث"، "أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان، وإذا خاصم فجر". خيانة على كل شيء، وإن كانت الخيانة البسيطة هي التي تحدث عنها النبي على غرار، قول الله تبارك وتعالى: "فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ..." أي لا تقل لهما حتى الصغير فكيف بالضرب وما فوقه، وما دونه، كيف به!.
- فالنبي صلى الله عليه وسلم تحدث عن خيانة الأفراد حين قال: "إذا أؤتمن خان"، فكيف إذا كانت خيانة الشعوب والأمم والمجتمع بأكمله، وليس هذا وفقط من حيانة سياسية، بل هي عامة شاملة لكل خائن وخائنة وخيانة… فالخائن قد يكون في إدارته، أو في عمله، أو في شغله، أو في محله، أو في سوقه، أو في بيته، أو في مجتمعه؟ أو المدير في دائرته الإدارية، أو الأستاذ في مدرسته، أو في جامعته، أو الطالب كذلك أينما كان طالباً، وهكذا قل عن الخيانة المتداولة في كل شيء هي كارثة وجريمة عظيمة.
- ألا إن الخيانة رأس كل خطيئة، وأصل كل مهلكة نزلت على الأمة، وانطلت على الشعوب على العربية والإسلامية، وهي العنوان الأبرز لكل جريمة، ولهذا حذر الله نبيه صلى الله عليه وسلم من أن يخاصم ويجادل عن الخائنين: ﴿وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا ﴾، بل هو توجيه لكل الأمة لا للنبي صلى الله عليه وسلم وحده، وقد أكد ذلك ربنا جل جلاله بقوله: ﴿وَلا تُجادِل عَنِ الَّذينَ يَختانونَ أَنفُسَهُم إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَن كانَ خَوّانًا أَثيمًا يَستَخفونَ مِنَ النّاسِ وَلا يَستَخفونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُم إِذ يُبَيِّتونَ ما لا يَرضى مِنَ القَولِ وَكانَ اللَّهُ بِما يَعمَلونَ مُحيطًا ها أَنتُم هؤُلاءِ جادَلتُم عَنهُم فِي الحَياةِ الدُّنيا فَمَن يُجادِلُ اللَّهَ عَنهُم يَومَ القِيامَةِ أَم مَن يَكونُ عَلَيهِم وَكيلًا﴾!.
- وهذا ربنا جل وعلا ينادي ويحذر من الخيانة لكل أمانة أوتيناها: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾، وأي أمانة أعظم من أمانة ديننا، ومقدساتنا، وكرامتنا، وشعوبنا، وبلداننا وكل شيء لنا…!.
- ولهذا كانت الأمانة ثقيلة جد ثقيلة وقليل من يؤديها: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ليعذب الله… ﴾، لكن سيأتي يوم الفضائح كما أخبر نبينل صلى الله عليه وسلم: "يرفع لكل غادر لواء يوم القيامة، هذه غدرة فلان ابن فلان".
والأبشع أن الخائن في النار كما أخبر عليه الصلاة والسلام: "المكر والخديعة في النار"، كما في الحديث الحسن، بل في صحيح مسلم: "أَهْلُ النَّارِ خَمْسَةٌ - وذَكَرَ منهم: الْخَائِنُ الَّذِي لاَ يَخْفَى لَهُ طَمَعٌ - وَإِنْ دَقَّ - إِلاَّ خَانَهُ، وَرَجُلٌ لاَ يُصْبِحُ وَلاَ يُمْسِي إِلاَّ وَهُوَ يُخَادِعُكَ عَنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ" رواه مسلم، وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الإيمان والخيانة لا يجتمعان في مؤمن البتة: "لاَ يَجْتَمِعُ الإِيمَانُ وَالْكُفْرُ فِي قَلْبِ امْرِئٍ، وَلاَ يَجْتَمِعُ الصِّدْقُ وَالْكَذِبُ جَمِيعًا، وَلاَ تَجْتَمِعُ الْخِيَانَةُ وَالأَمَانَةُ جَمِيعًا"، وهو حديث حسن رواه أحمد وغيره…
- والخائن تُردُّ شهادتُه ولا تُقبل؛ تعزيراً له، وتنفيراً للناس منه من فعله: "رَدَّ صلى الله عليه وسلم
شَهَادَةَ الْخَائِنِ وَالْخَائِنَةِ"، وقال صلى الله عليه وسلم: "لاَ تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ وَلاَ خَائِنَةٍ"!.
- وفوق ذلك كله فربه جل جلاله لا يحبه: ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ﴾، وقال سبحانه في شأن المنافقين: ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا﴾…
وقد استعاذ النبيُّ صلى الله عليه وسلم من الخيانة؛ لأنها أسوأ ما يخفيه المسلم عن غيره: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُوعِ؛ فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخِيَانَةِ؛ فَإِنَّهَا بِئْسَتِ الْبِطَانَةُ"
- فالواجب على كل مسلم أن يحذر الخيانة، ويحذر منها…
أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ..
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:
- إن الخيانة هي أصل الشر، وأصل الجريمة، وبها تتولد الجرائم الصغيرة والكبيرة، وإن الأمة ما أُصيبت بمصيبة أعظم من مصيبتها من أبنائها، ومن فلذات أكبادها، وممن وُلوا عليها، وممن وسدوا في مهامهم، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، وممن وثقنا بهم، سواء كانوا مسؤولين أو وزراء أو ضباط أو أفرادًا.... لكنهم خونة وهم جزء من قتلة الأمة، ووثقنا بهم وجادلنا عنهم وربنا يمقتهم ويبغضهم ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ﴾، : ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا﴾…، ومع ذلك لا زلنا نحسن الظن بهم ونجادل عنهم: ﴿ها أَنتُم هؤُلاءِ جادَلتُم عَنهُم فِي الحَياةِ الدُّنيا فَمَن يُجادِلُ اللَّهَ عَنهُم يَومَ القِيامَةِ أَم مَن يَكونُ عَلَيهِم وَكيلًا﴾ !.
- ويؤسفنا أن نقول: إذا وجدت الخيانة في مجتمع فأبشر بزواله ونهايته، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال ذلك، وأكد عليه وردده كثيرًا: "إذا وُسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة"، ووسدنا أمرنا إلى خونة لربنا، ونبينا، وديننا، وعقائدنا، وأموالنا، وشعوبنا، وأوطاننا وكل شيء فينا…!
- وأخيرًا: فلا ريب أن كل الخيانة قاسية ومريرة، لكن الأقسى أن يخونك من تتوقع منه العون، والنصر، والتأييد والنفير… ومن يناديك صباح مساء.. ويستصرخ فيك، ويستنصرك، ويشكو إليك مظالم عظمى، وإبادات كبرى، وتصل إلينا زفرات، وأنات، وشهقات، وبالصوت والصورة، إنهم أهل ڠـزة العزة الذين يتعرضون لأعظم حرب إبادة منذ الحرب العالمية الثانية، والجريمة أن خونة الأمة في صف عدونا عليهم، وفي الباطن يؤيدون التخلص منهم، وإبادة كل شيء لهم وعندهم…
- ولهذا أختم فأقول: وإنها والله ما من جريمة اعظم، ولا من خيانة أكبر، ولا من كارثة أشد ولا أعظم من خيانتنا لمن استنصرنا، ونادانا، وصرخ في وجوهنا، وشكى همه وحزنه إلينا، ثم لم نفعل شيئًا له، ولم نساعده بشيء البتم، فأي جريمة أعظم، وأي كارثة أكبر، وأي مصيبة أشد من هذه المصيبة… ﴿وَإِنِ استَنصَروكُم فِي الدّينِ فَعَلَيكُمُ النَّصرُ﴾، ونادنا ربنا جل وعلا بقوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا ما لَكُم إِذا قيلَ لَكُمُ انفِروا في سَبيلِ اللَّهِ اثّاقَلتُم إِلَى الأَرضِ أَرَضيتُم بِالحَياةِ الدُّنيا مِنَ الآخِرَةِ فَما مَتاعُ الحَياةِ الدُّنيا فِي الآخِرَةِ إِلّا قَليلٌ إِلّا تَنفِروا يُعَذِّبكُم عَذابًا أَليمًا وَيَستَبدِل قَومًا غَيرَكُم وَلا تَضُرّوهُ شَيئًا وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ﴾…
- وها هم إخواننا في غزة يصرخون في وجوهنا، ويبكون، ويتضرعون، وينادوننا، ويرسلون صورا وكوارث وفيديوهات وكل شيء وثقوه له، وأدوا الواجب وزيادة عليهة وهم يحمون المقدسات والمقدسات تعود لنا جميعا، وهي عارنا، وأعراضنا، وأرضنا… وأوقافنا، ووصية نبينا، وتمثل كل شيء فينا… فماذا صنعنا…!.
ـ ألم يقل الله جل وعلا في كتابه الكريم: ﴿وَإِنِ استَنصَروكُم فِي الدّينِ فَعَلَيكُمُ النَّصرُ﴾، فهل نصرناهم، وأدينا الواجب علينا حتى لا يغضب الله علينا: ﴿إِلّا تَنفِروا يُعَذِّبكُم عَذابًا أَليمًا وَيَستَبدِل قَومًا غَيرَكُم وَلا تَضُرّوهُ شَيئًا وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ﴾… أوليس حماية فلسطين وغزة والقدس الحبيبة واجبة على كل مسلم على وجه الأرض كافة، بأن يحميها ويحرسها ويبذل روحه نفسه ماله وأهله وممتلكاته من أجل حمايتها، والموت بعزة وكرامة، أو الحياة بهما…!.
- وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الرسمي الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص الاحتياطي فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty3
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.com
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر (إكس):*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص تليجرام:*
https://t.me/alsoty
*❈- مجموعة #يستفتونك اطرح سؤال تليجرام:*
https://t.me/alsoty11
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A ...المزيد
*ماذا غيّر رمضان فينا… و جمعة النفير إلى غزة* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو ...
*ماذا غيّر رمضان فينا… و جمعة النفير إلى غزة*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik/20138
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير فلك جامعة حضرموت المكلا/ 6/شوال/1446هـ ↶
👤ـ للشيخ/عبدالله رفيق السوطي.
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
- فإن من الطبيعي جدًا أن الإنسان وإن كان مهمشًا في الحياة، أو كان ناجحًا وهو الأهم والأعظم، أن يتخذ أهدافًا وخططًا ورؤى، ويطمح إلى ما يريد أن يحققه، ويسعى لمصالح في الحياة يريد أن يكتسبها؛ فتراه يتحرى هنا أو هناك، في حركة أو مقال، أو كلام أو خطاب، أو عمل، أو ما إن يدخل إلى أي دراسة أو أي شيء من هذا إلا وله استراتيجيته الخاصة به، وقد تختلف هذه من شخص لآخر، لكن كل عظُم الشخص كلما اتخذ هذه الخطة، ويحدثها لربما يوميًا، أو شهريًا، أو سنويًا، أو خمسيا، أو عشريًا، كل أحد له رؤيته الخاصة به، وكل أحد له خبره، وكل أحد له عمله يختلف من هذا لذاك: ﴿بَلِ الإِنسانُ عَلى نَفسِهِ بَصيرَةٌ﴾!.
- فإذا كان هذا أمر الإنسان المخلوق، فكيف بأمر من خلقه، من علّمه، من أعطاه، من وهبه جل جلاله، ولله المثل الأعلى فله تبارك وتعالى الحِكَم والغايات والمقاصد النبيلة والشريفة التي قد يراها الناس في ظاهرها شرًا، لكن في باطنها هو الخير كل الخير له، وسيراه الإنسان إن حَيِيَ، وإن طال به العمر، وإن بعد نظره، وإيمانه، فإنه سيرى ذلك الخير الذي ينزل عليه كفرد أو ينزل عليهم كأسرة، أو ينزل على الأمة بكاملها، سيراه في حياته، وسيتحقق الخير شاء أم أبى في يوم من أيامه: ﴿كُتِبَ عَلَيكُمُ القِتالُ وَهُوَ كُرهٌ لَكُم وَعَسى أَن تَكرَهوا شَيئًا وَهُوَ خَيرٌ لَكُم وَعَسى أَن تُحِبّوا شَيئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُم وَاللَّهُ يَعلَمُ وَأَنتُم لا تَعلَمونَ﴾؛ لأن لله الحكم والمقاصد العليا، سبحانه وتعالى، وما على الإنسان إلا أن يسلم الأمر الواقع لأمر الله سبحانه وتعالى، وإن كان في ظاهره ما في ظاهره: ﴿فَعَسى أَن تَكرَهوا شَيئًا وَيَجعَلَ اللَّهُ فيهِ خَيرًا كَثيرًا﴾…
- نعم لقد اختصرها الله في كتابه الكريم، ألا فذلك الشر الذي تراه سيدمرك، ويدمر حياتك، ويجهز على عمرك، وأولادك، ومستقبلك، وعلى أمتك، وعلى أفرادك، وعلى خططك وأهدافك، لكن لعل الخير في باطنه، فما على الإنسان إلا أن يسلم لذلك كل التسليم، فلله سبحانه وتعالى الحكم والغايات البالغة، وكامل الحجة كما ذكر في سورة الأنعام: ﴿قُل فَلِلَّهِ الحُجَّةُ البالِغَةُ فَلَو شاءَ لَهَداكُم أَجمَعينَ﴾، ﴿صِبغَةَ اللَّهِ وَمَن أَحسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبغَةً وَنَحنُ لَهُ عابِدونَ﴾، ﴿وَمَن أَحسَنُ دينًا مِمَّن أَسلَمَ وَجهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحسِنٌ﴾، فمن هو أحسن من الله في تقديره!.
- فإذا كان هذا هو الإنسان فكيف برب العالمين، كيف برب الإنسان، كيف برب العالمين جميعًا، الإنس والجان، كيف برب كل شيء على الإطلاق، فإن الله سبحانه وتعالى له الحكم والمقاصد، وخاصة في التشريع، وأتحدث عن تشريع لا زالت آثاره حية، وهو تشريع رمضان: ﴿كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾…!.
- التقوى هي الحكمة من تشريع الصيام، لكن ماذا عن التقوى بعد أن صمنا رمضان هذا هو السؤال الكبير والمهم الذي نبحث له عن إجابة عملية في واقع حال الصائمين، ماذا غيّر رمضان فينا، هل تغيّرنا في أخلاقنا، ومعاملاتنا، وعباداتنا، هل نحن بعد رمضان أفضل مما كنا قبل رمضان، هل تغيرنا للأفضل في تعبدنا لربنا، ومعاملتنا لأسرنا والناس جميعًا، ماذا عن قلوبنا هل صفت وتنقت من الغل، والحسد، والنفاق، والرياء، وحب المسلمين جميعًا، وليس يخصم مسلما!.
- ماذا عن التقوى في كل شيء من حياتنا التقوى التي يجب أن تنتج آثارًا في المجتمع، في الأفراد، في الأسرة، في الأعمال، في كل شيء، لأن التقوى حوت كل شيء إذا ما فقهناها وفهمناها، وعرفنا معناها وتعرفنا عليها، فإن التقوى معناها عظيم معناها أن يتغير الفرد في أقواله، في أفعاله، في كل شيء، وأن يتغير للأفضل تمامًا، سواء في أمور حياته الدنيويه أو أمور حياته الاخروية…
- ألا فإن المطلوب من ذلك المسلم الذي صام رمضان أن يحقق التقوى التي شرع الصيام لأجلها في نفسه، وحياته، وكل شيء من قوله وفعله، فتبقى التقوى راسخة في قلبه، ظاهرة في جميع أعماله، وأقواله، وأفعاله، وحركاته، سواء كان في نفسه، أو كان في أسرته، أو كان في مجتمعه، أو في أمته، أو في عمله، أو في أي مكان كان، فإنه يحمل معنى التقوى معه، فيتغير ذلك الإنسان تمام التغير وللأفضل على كل حال.
- ولو أن حيوانًا أتينا به ودربناه على شيء ما، لتغير حاله في فترة قصيرة، فكيف بإنسان له عقل كرم الله الإنسان به، وأسجد الله ملائكته لآدم وعلمه وفهمه: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسماءَ....﴾. فعرفهم بهذه الأسماء فسجد له الملائكة، ففضله وكرمه بما كرمه: ﴿وَلَقَد كَرَّمنا بَني آدَمَ...﴾ فهذه الكرامة للإنسان، إذا كان الحيوان يتدرب في فترة يسيرة على الشيء الذي يراد منه، فماذا عن الإنسان ماذا عن الإنسان المكرم من رب العالمين سبحانه وتعالى، أو ليس رمضان أعظم مرحلة تدريب وتأهيل…!.
- لقد تخرجنا جميعاً من دورة رمضان التربوية التدريبية الإيمانية الربانية، تخرجنا من مدرسة رمضان لنتساءل ما هي ثمرة رمضان فينا، ما هي ثمرة رمضان في أقوالنا، وأفعالنا، وأخلاقنا، ماذا غيّر رمضان فينا، ماذا غير في قلوبنا هل تصالحنا… هل تصافحنا، هل تآخينا أم دخل وخرج ولا زلنا كما كنا في أقوالنا، وأفعالنا، وسوء ما بدواخلنا…!.
- إن رمضان كسوق تشتري منه ويبقى معك ما اشتريت، ورمضان أخذنا منه كل جميل فهل بقي معنا جميله ننتفع به حتى يأتي رمضان القادم إن كتب الله لنا حياة… ، رمضان شجرة نبتت في قلوبنا فهلا زرعناها، وتعهدناها، وحفظناها، وحافظنا عليها بخير أعمالنا وأقوالنا، رمضان كمطر نزل ولا بد أن يؤتي المطر ثماره فما ثمرة رمضان فينا…أين حلاوة الإيمان التي تذوقناها،أين حلاوة القرآن ونحن نرتل ٱياته،أين التراويح التي كنا نتسابق عليها….!.
- أين ثمرة رمضان فينا، أين أثر صلاتنا وصيامنا وقيامنا وذكرنا… في الشهر المبارك، ما آثارها فينا، وإن لم نتغير بعد رمضان فمتى سنتغير أصلا، ألا فهذه دعوة عامة غيّر علاقتك مع الصلاة، غيّر علاقتك مع القرآن، غيّر علاقتك مع الجماعة، غيّر علاقتك مع أهلك، غيّر علاقتك مع الأصدقاء، غيّر علاقتك في عملك، غيّر علاقتك مع جوارحك، سمعك، بصرك، لسانك… كل شيء لك وفيك…
- فالواجب على المسلم أن يفقه ذلك جيدًا، وأن يسعى للتغيير دومًا، ويسأل نفسه كثيرًا ما أثر التقوى في نفسي بعد رمضان وفي رمضان؟ ما أثر التقوى في حياته؟ ما أثر التقوى في أفعاله؟ ما أثر التقوى في منطقه؟ ما أثر التقوى في كل عمل يتجه له؟ ما أثر التقوى في كل مكان وُجد فيه؟ ما أثر التقوى؟ يتساءل الإنسان عن ذلك كله، ما أثر رمضان بكله؟ ما أثر رمضان بعمومه؟ ماذا غيّر فينا؟ هل غيّر في أقوالنا، في أفعالنا، في تحركاتنا، في خططنا، في أشياء يجب أن تتغير به التغير الأمثل، الذي يفتح الله فُرصة رمضان من أجل أن يغير ذلك الإنسان ما يُغير، وفي كل سنة يعود ويتجدد. وما رمضان إلا كمطر أو كغيث ينزل على مكان ما، وترك أثرًا، لا بد أن نترك زرعًا ينبت، ولو بعد مدة، لا بد أن ينتج أثرًا حتى على البيئة، حتى على الجو، حتى على الإنسان، على القلوب، على الأقوال… لا بد أن ينتج أثرًا.
والقرآن نزل من السماء، والوحي كذلك، والمطر أيضًا، فما نزل من السماء لا بد أن يكون له الاحترام والهيبة. في السنة كلها، وفي العمر بكله، رمضان شجرة زرعت في القلب، فلا يمكن أن يقتلعها الإنسان بسهولة ويسر، بل يجب أن يحافظ على إنباتها لتنتج ثمرة يانعة في السنة بكلها، لا يسعى لقطعها في شوال، فيتغير إلى الأسوأ، لا إلى الأفضل، ولا إلى الأحسن، وذلك دليل على عدم القبول الأعمال أصلا، ورد الله لها، وعدم نظره إليها، وهي عقوبة على ذلك المسلم تمامًا.
- تعب وقام صلاة وصيام وتراويح وقرآن ومسجد وأشياء كثيرة حرم نفسه مما لا يمكن أن يتخلى عنه بإرادته لو كانت له إرادة، لكن إرادة الله غلبته في رمضان، يرى ذلك حتى ولو اختبأ، في مكان ما ليأتي شهوة يريدها من مضغة، مثلاً، أو سيجارة، أو تخزينة قات، مثلاً، أو أي شيء من ولعة هو تعود عليها، لا يتخيل أن يتركها، وإذا به يتركها تلقائيًا، ولا يمكن أن يختلي بها ليقول للناس على أنه صائم، ويمكن أن يفعل أن يقول لهم ذلك فيصدقه الناس، لكنه لا لا يفعل ذلك.
- هداية رمضان هداية، لكن الواجب أن تثبت هذه الهداية، أن تغير فينا حياة، أن تغير فينا العلاقة مع المسجد، مع القرآن، مع الجماعة، مع الناس، حتى مع الصيام، ألا نودع الصيام للسنة كلها حتى يعود رمضان، فلا بد أن نتعاهد الصيام، أن يتعاهد القرآن، أن يتعاهد الخير فتعود عليه في رمضان فيبقى على ما هو عليه، لا أن يتغير، وأن يحافظ على ما كان عليه في رمضان، لا أن يكون كما قال الله عن تلك المرأة التي كانت في قريش، تغزل في الصباح، حتى المساء وتنقض غزلها الذي تعبت عليه من المساء حتى الصباح، وكانت معروفة بجنانها، فيها جنون، فقال الله: ﴿وَلا تَكونوا كَالَّتي نَقَضَت غَزلَها مِن بَعدِ قُوَّةٍ أَنكاثًا....﴾ [النحل: ٩٢].
- ألا فهذا نداء الله لنا، وتحذيره إيانا لا تكونوا مثلها أن ترجعوا على أعقابكم، وأن تنتكسوا بعد صومكم وعبادتكم، وأن تعودوا إلى ما كنتم عليه قبل رمضانكم، بل ينبغي أن يغير ما بكم، وأن تتغير الأفعال، تتغير الأقوال، ويتغير السلوك أيضًا، ليكن إنسانًا أكثر سلوكًا وأدبًا وإيمانًا وتربية، فإن رمضان مدرسة، وإن رمضان دورة تدريبية تربوية إيمانية ربانية، المطلوب أن نتغير فيها للأفضل، ونقبل على الله جل جلاله الإقبال الأمثل ونستمر على ذلك دوماً حتى نلقى ربنا تبارك وتعالى يوماً: ﴿وَلَقَد نَعلَمُ أَنَّكَ يَضيقُ صَدرُكَ بِما يَقولونَ فَسَبِّح بِحَمدِ رَبِّكَ وَكُن مِنَ السّاجِدينَ وَاعبُد رَبَّكَ حَتّى يَأتِيَكَ اليَقينُ﴾.
أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ..
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:
- بعيدًا عن موضوعنا الذي تحدثنا عنه في خطبتنا الأولى، أو نصله بتغيير آخر هو تغيير تعاملنا مع أحداث أمتنا فلا بد أن نتحدث أيضًا عن التغيّر الذي يجب أن يكون من قلوبنا نحو إخواننا في غزة العزة وقضايا المسلمين عامة، واليوم هو يوم جمعة النفير كما أسمتها المقاومة في غزة العزة…
- الكلام وحده عجز وعيب أمام ما نرى ونسمع منذ قرابة عامين من حرب إبادة وتطهير يقوم به أحفاد القردة والخنازير في غزة الززة، ويجب أن تكون الأفعال لا الكلام، يجب أن نصمت عن الأقوال، ونحن ننظر بأعيننا، ونشاهد المجازر تلو المجازر في إخواننا، فماذا سنجيب ربنا يوم يسألنا عنهم، عن إبادتهم، عن عشرات الآلاف من الأطفال قتلوا، ونساء، وشيوخ، وشباب في عمر الورود ذهبوا إلى الله يشكون إليه خذلانا لهم، ماذا سنجيب ربنا وقد استنصروا بنا، واستغاثوا ولم ننصرهم ولم نغثهم وهو جل جلاله يقول: ﴿ وَإِنِ استَنصَروكُم فِي الدّينِ فَعَلَيكُمُ النَّصرُ﴾، ويقول: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا ما لَكُم إِذا قيلَ لَكُمُ انفِروا في سَبيلِ اللَّهِ اثّاقَلتُم إِلَى الأَرضِ أَرَضيتُم بِالحَياةِ الدُّنيا مِنَ الآخِرَةِ فَما مَتاعُ الحَياةِ الدُّنيا فِي الآخِرَةِ إِلّا قَليلٌ إِلّا تَنفِروا يُعَذِّبكُم عَذابًا أَليمًا وَيَستَبدِل قَومًا غَيرَكُم وَلا تَضُرّوهُ شَيئًا وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ﴾!.
- جريمة كل جريمة على أن يبقى المسلم مسلمًا أمام ما يرى ويسمع دون أن يحرك ساكنًا يقتضي صحة إسلامه، جريمة كل جريمة أن تباد غزة وتلفظ أنفاسها الأخيرة دون أن يكون لنا مواقف عملية من إبادة اليهود والأمريكان عليها، جريمة كل جريمة أن تتكتل القوى الصليبية العالمية ضد ڠـزة ونقف متفرجين عليهم وهم يبيدون الأخضر واليابس فيها، ويكتمون نفسها أمام مرأى ومسمع من العالم كله، يحرقونهم حرقًا، ويمتونهم جوعًا وعطشًا، ويأتيهم الموت من كل مكان صباحاً ومساءً…!.
- أي إسلام بقي لنا، وأي دين نتنتسب إليه وهم يقاتلون عنا، ويذودون عن حرماتنا، ومقدساتنا، وعرضنا، وأرضنا، وثقافتنا، وحضارتنا، وعارنا، وأمجادنا، وأوقافنا وكل شيء من عزة وكرامة بقيت لنا… فأي جريمة هذه أن لا يكون لنا أي حراك عملي ينقذهم، بل حكام أمتنا يتأمرون عليهم، ويبصمون لليهود والأمريكان بالعشر لإبادتهم والتخلص منهم!.
- تخيلوا لو أننا في غزة لساعة واحدة فقط نسمع الطائرات وأزيزها على رؤوسنا، وقذائفها، وصواريخها، وضرباتها فينا وفي أبنائنا وبناتنا وجيراننا وأصدقائنا وحوالينا…، نرى أمام أعيننا دماء وأشلاء وصراخ، ثم نحمل أوصالا ممزقة لبعض أقاربنا وأحبتنا، وفوق ذلك فالطائرات لا زالت تحوم فوق رؤوسنا ثم تعاود فتقصفنا فتلحق آخرنا بأولنا، ننقل بعضنا بعضا إلى شوارع أخرى دون مستشفيات تستقبلنا ولا سيارات تحملنا والجوع يقتلنا ولا أدوية عندنا ولا حتى الشراب يرد ظمأنا الموت يأتينا من كل مكان لكن لم يأت بعد أجلنا...
هل تخيلنا هذه الساعة التي تمر على كل من في غزة وأمتنا تغط في سبات عميق، تمسي على النعمة وتصبح عليها، ومع ذلك فهي تنظّر عنهم، وتتهمهم، وتتفلسف عليهم، وتفسقهم، وتكفرهم، أو على أعلى مستويات الإيمان تتبجح بكلمات تنعيهم، وتأسف عليهم، أو تخرص كالحجر الأصم عنهم….!.
- أي جريمة هذه أن نكون من خير أمة، وأن نكون كالجسد الواحد، وكالبنيان المرصوص كما وصف النبي عليه الصلاة والسلام ثم لا نكون كذلك لا من قريب ولا من بعيد، بل ذلك أبعد مما نقول، وإنها والله فتنة كبيرة علينا، وامتحان لإيماننا وأعمالنا، وإنها هي الكارثة الحقة التي لن تقوم لنا بعدها قائمة، إنها لكارثة وانتقام قادم من الله لهذه الأمة أن ترى هذه المشاهد، وهذه النداءات، وهذا الصراخ، وتسمع هذه الكلمات التي تقول لأمة الملياري مسلم: لن نسامحهم، دماؤنا، أطفالنا، نساؤنا، أرواحنا كل شيء ينزل علينا لن نسامحكم!.
- خزي وعار على الأمة أن تصمت عن غزة، ولا تنصرها، ولا يقدم المسلم حتى شيئًا لإخوانه كواجب فردي عليه ومن ماله لا تبرعًا منه، بل هي فريضة شرعية واجبة هي أقل ما يقدمه، ويخفف عقوبة الله عليه، ألا وقد وجب جهاد المال على كل مسلم ومسلمة بدون استثناء…
- وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الرسمي الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص الاحتياطي فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty3
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.com
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر (إكس):*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص تليجرام:*
https://t.me/alsoty
*❈- مجموعة #يستفتونك اطرح سؤال تليجرام:*
https://t.me/alsoty11
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik/20138
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير فلك جامعة حضرموت المكلا/ 6/شوال/1446هـ ↶
👤ـ للشيخ/عبدالله رفيق السوطي.
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
- فإن من الطبيعي جدًا أن الإنسان وإن كان مهمشًا في الحياة، أو كان ناجحًا وهو الأهم والأعظم، أن يتخذ أهدافًا وخططًا ورؤى، ويطمح إلى ما يريد أن يحققه، ويسعى لمصالح في الحياة يريد أن يكتسبها؛ فتراه يتحرى هنا أو هناك، في حركة أو مقال، أو كلام أو خطاب، أو عمل، أو ما إن يدخل إلى أي دراسة أو أي شيء من هذا إلا وله استراتيجيته الخاصة به، وقد تختلف هذه من شخص لآخر، لكن كل عظُم الشخص كلما اتخذ هذه الخطة، ويحدثها لربما يوميًا، أو شهريًا، أو سنويًا، أو خمسيا، أو عشريًا، كل أحد له رؤيته الخاصة به، وكل أحد له خبره، وكل أحد له عمله يختلف من هذا لذاك: ﴿بَلِ الإِنسانُ عَلى نَفسِهِ بَصيرَةٌ﴾!.
- فإذا كان هذا أمر الإنسان المخلوق، فكيف بأمر من خلقه، من علّمه، من أعطاه، من وهبه جل جلاله، ولله المثل الأعلى فله تبارك وتعالى الحِكَم والغايات والمقاصد النبيلة والشريفة التي قد يراها الناس في ظاهرها شرًا، لكن في باطنها هو الخير كل الخير له، وسيراه الإنسان إن حَيِيَ، وإن طال به العمر، وإن بعد نظره، وإيمانه، فإنه سيرى ذلك الخير الذي ينزل عليه كفرد أو ينزل عليهم كأسرة، أو ينزل على الأمة بكاملها، سيراه في حياته، وسيتحقق الخير شاء أم أبى في يوم من أيامه: ﴿كُتِبَ عَلَيكُمُ القِتالُ وَهُوَ كُرهٌ لَكُم وَعَسى أَن تَكرَهوا شَيئًا وَهُوَ خَيرٌ لَكُم وَعَسى أَن تُحِبّوا شَيئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُم وَاللَّهُ يَعلَمُ وَأَنتُم لا تَعلَمونَ﴾؛ لأن لله الحكم والمقاصد العليا، سبحانه وتعالى، وما على الإنسان إلا أن يسلم الأمر الواقع لأمر الله سبحانه وتعالى، وإن كان في ظاهره ما في ظاهره: ﴿فَعَسى أَن تَكرَهوا شَيئًا وَيَجعَلَ اللَّهُ فيهِ خَيرًا كَثيرًا﴾…
- نعم لقد اختصرها الله في كتابه الكريم، ألا فذلك الشر الذي تراه سيدمرك، ويدمر حياتك، ويجهز على عمرك، وأولادك، ومستقبلك، وعلى أمتك، وعلى أفرادك، وعلى خططك وأهدافك، لكن لعل الخير في باطنه، فما على الإنسان إلا أن يسلم لذلك كل التسليم، فلله سبحانه وتعالى الحكم والغايات البالغة، وكامل الحجة كما ذكر في سورة الأنعام: ﴿قُل فَلِلَّهِ الحُجَّةُ البالِغَةُ فَلَو شاءَ لَهَداكُم أَجمَعينَ﴾، ﴿صِبغَةَ اللَّهِ وَمَن أَحسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبغَةً وَنَحنُ لَهُ عابِدونَ﴾، ﴿وَمَن أَحسَنُ دينًا مِمَّن أَسلَمَ وَجهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحسِنٌ﴾، فمن هو أحسن من الله في تقديره!.
- فإذا كان هذا هو الإنسان فكيف برب العالمين، كيف برب الإنسان، كيف برب العالمين جميعًا، الإنس والجان، كيف برب كل شيء على الإطلاق، فإن الله سبحانه وتعالى له الحكم والمقاصد، وخاصة في التشريع، وأتحدث عن تشريع لا زالت آثاره حية، وهو تشريع رمضان: ﴿كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾…!.
- التقوى هي الحكمة من تشريع الصيام، لكن ماذا عن التقوى بعد أن صمنا رمضان هذا هو السؤال الكبير والمهم الذي نبحث له عن إجابة عملية في واقع حال الصائمين، ماذا غيّر رمضان فينا، هل تغيّرنا في أخلاقنا، ومعاملاتنا، وعباداتنا، هل نحن بعد رمضان أفضل مما كنا قبل رمضان، هل تغيرنا للأفضل في تعبدنا لربنا، ومعاملتنا لأسرنا والناس جميعًا، ماذا عن قلوبنا هل صفت وتنقت من الغل، والحسد، والنفاق، والرياء، وحب المسلمين جميعًا، وليس يخصم مسلما!.
- ماذا عن التقوى في كل شيء من حياتنا التقوى التي يجب أن تنتج آثارًا في المجتمع، في الأفراد، في الأسرة، في الأعمال، في كل شيء، لأن التقوى حوت كل شيء إذا ما فقهناها وفهمناها، وعرفنا معناها وتعرفنا عليها، فإن التقوى معناها عظيم معناها أن يتغير الفرد في أقواله، في أفعاله، في كل شيء، وأن يتغير للأفضل تمامًا، سواء في أمور حياته الدنيويه أو أمور حياته الاخروية…
- ألا فإن المطلوب من ذلك المسلم الذي صام رمضان أن يحقق التقوى التي شرع الصيام لأجلها في نفسه، وحياته، وكل شيء من قوله وفعله، فتبقى التقوى راسخة في قلبه، ظاهرة في جميع أعماله، وأقواله، وأفعاله، وحركاته، سواء كان في نفسه، أو كان في أسرته، أو كان في مجتمعه، أو في أمته، أو في عمله، أو في أي مكان كان، فإنه يحمل معنى التقوى معه، فيتغير ذلك الإنسان تمام التغير وللأفضل على كل حال.
- ولو أن حيوانًا أتينا به ودربناه على شيء ما، لتغير حاله في فترة قصيرة، فكيف بإنسان له عقل كرم الله الإنسان به، وأسجد الله ملائكته لآدم وعلمه وفهمه: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسماءَ....﴾. فعرفهم بهذه الأسماء فسجد له الملائكة، ففضله وكرمه بما كرمه: ﴿وَلَقَد كَرَّمنا بَني آدَمَ...﴾ فهذه الكرامة للإنسان، إذا كان الحيوان يتدرب في فترة يسيرة على الشيء الذي يراد منه، فماذا عن الإنسان ماذا عن الإنسان المكرم من رب العالمين سبحانه وتعالى، أو ليس رمضان أعظم مرحلة تدريب وتأهيل…!.
- لقد تخرجنا جميعاً من دورة رمضان التربوية التدريبية الإيمانية الربانية، تخرجنا من مدرسة رمضان لنتساءل ما هي ثمرة رمضان فينا، ما هي ثمرة رمضان في أقوالنا، وأفعالنا، وأخلاقنا، ماذا غيّر رمضان فينا، ماذا غير في قلوبنا هل تصالحنا… هل تصافحنا، هل تآخينا أم دخل وخرج ولا زلنا كما كنا في أقوالنا، وأفعالنا، وسوء ما بدواخلنا…!.
- إن رمضان كسوق تشتري منه ويبقى معك ما اشتريت، ورمضان أخذنا منه كل جميل فهل بقي معنا جميله ننتفع به حتى يأتي رمضان القادم إن كتب الله لنا حياة… ، رمضان شجرة نبتت في قلوبنا فهلا زرعناها، وتعهدناها، وحفظناها، وحافظنا عليها بخير أعمالنا وأقوالنا، رمضان كمطر نزل ولا بد أن يؤتي المطر ثماره فما ثمرة رمضان فينا…أين حلاوة الإيمان التي تذوقناها،أين حلاوة القرآن ونحن نرتل ٱياته،أين التراويح التي كنا نتسابق عليها….!.
- أين ثمرة رمضان فينا، أين أثر صلاتنا وصيامنا وقيامنا وذكرنا… في الشهر المبارك، ما آثارها فينا، وإن لم نتغير بعد رمضان فمتى سنتغير أصلا، ألا فهذه دعوة عامة غيّر علاقتك مع الصلاة، غيّر علاقتك مع القرآن، غيّر علاقتك مع الجماعة، غيّر علاقتك مع أهلك، غيّر علاقتك مع الأصدقاء، غيّر علاقتك في عملك، غيّر علاقتك مع جوارحك، سمعك، بصرك، لسانك… كل شيء لك وفيك…
- فالواجب على المسلم أن يفقه ذلك جيدًا، وأن يسعى للتغيير دومًا، ويسأل نفسه كثيرًا ما أثر التقوى في نفسي بعد رمضان وفي رمضان؟ ما أثر التقوى في حياته؟ ما أثر التقوى في أفعاله؟ ما أثر التقوى في منطقه؟ ما أثر التقوى في كل عمل يتجه له؟ ما أثر التقوى في كل مكان وُجد فيه؟ ما أثر التقوى؟ يتساءل الإنسان عن ذلك كله، ما أثر رمضان بكله؟ ما أثر رمضان بعمومه؟ ماذا غيّر فينا؟ هل غيّر في أقوالنا، في أفعالنا، في تحركاتنا، في خططنا، في أشياء يجب أن تتغير به التغير الأمثل، الذي يفتح الله فُرصة رمضان من أجل أن يغير ذلك الإنسان ما يُغير، وفي كل سنة يعود ويتجدد. وما رمضان إلا كمطر أو كغيث ينزل على مكان ما، وترك أثرًا، لا بد أن نترك زرعًا ينبت، ولو بعد مدة، لا بد أن ينتج أثرًا حتى على البيئة، حتى على الجو، حتى على الإنسان، على القلوب، على الأقوال… لا بد أن ينتج أثرًا.
والقرآن نزل من السماء، والوحي كذلك، والمطر أيضًا، فما نزل من السماء لا بد أن يكون له الاحترام والهيبة. في السنة كلها، وفي العمر بكله، رمضان شجرة زرعت في القلب، فلا يمكن أن يقتلعها الإنسان بسهولة ويسر، بل يجب أن يحافظ على إنباتها لتنتج ثمرة يانعة في السنة بكلها، لا يسعى لقطعها في شوال، فيتغير إلى الأسوأ، لا إلى الأفضل، ولا إلى الأحسن، وذلك دليل على عدم القبول الأعمال أصلا، ورد الله لها، وعدم نظره إليها، وهي عقوبة على ذلك المسلم تمامًا.
- تعب وقام صلاة وصيام وتراويح وقرآن ومسجد وأشياء كثيرة حرم نفسه مما لا يمكن أن يتخلى عنه بإرادته لو كانت له إرادة، لكن إرادة الله غلبته في رمضان، يرى ذلك حتى ولو اختبأ، في مكان ما ليأتي شهوة يريدها من مضغة، مثلاً، أو سيجارة، أو تخزينة قات، مثلاً، أو أي شيء من ولعة هو تعود عليها، لا يتخيل أن يتركها، وإذا به يتركها تلقائيًا، ولا يمكن أن يختلي بها ليقول للناس على أنه صائم، ويمكن أن يفعل أن يقول لهم ذلك فيصدقه الناس، لكنه لا لا يفعل ذلك.
- هداية رمضان هداية، لكن الواجب أن تثبت هذه الهداية، أن تغير فينا حياة، أن تغير فينا العلاقة مع المسجد، مع القرآن، مع الجماعة، مع الناس، حتى مع الصيام، ألا نودع الصيام للسنة كلها حتى يعود رمضان، فلا بد أن نتعاهد الصيام، أن يتعاهد القرآن، أن يتعاهد الخير فتعود عليه في رمضان فيبقى على ما هو عليه، لا أن يتغير، وأن يحافظ على ما كان عليه في رمضان، لا أن يكون كما قال الله عن تلك المرأة التي كانت في قريش، تغزل في الصباح، حتى المساء وتنقض غزلها الذي تعبت عليه من المساء حتى الصباح، وكانت معروفة بجنانها، فيها جنون، فقال الله: ﴿وَلا تَكونوا كَالَّتي نَقَضَت غَزلَها مِن بَعدِ قُوَّةٍ أَنكاثًا....﴾ [النحل: ٩٢].
- ألا فهذا نداء الله لنا، وتحذيره إيانا لا تكونوا مثلها أن ترجعوا على أعقابكم، وأن تنتكسوا بعد صومكم وعبادتكم، وأن تعودوا إلى ما كنتم عليه قبل رمضانكم، بل ينبغي أن يغير ما بكم، وأن تتغير الأفعال، تتغير الأقوال، ويتغير السلوك أيضًا، ليكن إنسانًا أكثر سلوكًا وأدبًا وإيمانًا وتربية، فإن رمضان مدرسة، وإن رمضان دورة تدريبية تربوية إيمانية ربانية، المطلوب أن نتغير فيها للأفضل، ونقبل على الله جل جلاله الإقبال الأمثل ونستمر على ذلك دوماً حتى نلقى ربنا تبارك وتعالى يوماً: ﴿وَلَقَد نَعلَمُ أَنَّكَ يَضيقُ صَدرُكَ بِما يَقولونَ فَسَبِّح بِحَمدِ رَبِّكَ وَكُن مِنَ السّاجِدينَ وَاعبُد رَبَّكَ حَتّى يَأتِيَكَ اليَقينُ﴾.
أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ..
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:
- بعيدًا عن موضوعنا الذي تحدثنا عنه في خطبتنا الأولى، أو نصله بتغيير آخر هو تغيير تعاملنا مع أحداث أمتنا فلا بد أن نتحدث أيضًا عن التغيّر الذي يجب أن يكون من قلوبنا نحو إخواننا في غزة العزة وقضايا المسلمين عامة، واليوم هو يوم جمعة النفير كما أسمتها المقاومة في غزة العزة…
- الكلام وحده عجز وعيب أمام ما نرى ونسمع منذ قرابة عامين من حرب إبادة وتطهير يقوم به أحفاد القردة والخنازير في غزة الززة، ويجب أن تكون الأفعال لا الكلام، يجب أن نصمت عن الأقوال، ونحن ننظر بأعيننا، ونشاهد المجازر تلو المجازر في إخواننا، فماذا سنجيب ربنا يوم يسألنا عنهم، عن إبادتهم، عن عشرات الآلاف من الأطفال قتلوا، ونساء، وشيوخ، وشباب في عمر الورود ذهبوا إلى الله يشكون إليه خذلانا لهم، ماذا سنجيب ربنا وقد استنصروا بنا، واستغاثوا ولم ننصرهم ولم نغثهم وهو جل جلاله يقول: ﴿ وَإِنِ استَنصَروكُم فِي الدّينِ فَعَلَيكُمُ النَّصرُ﴾، ويقول: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا ما لَكُم إِذا قيلَ لَكُمُ انفِروا في سَبيلِ اللَّهِ اثّاقَلتُم إِلَى الأَرضِ أَرَضيتُم بِالحَياةِ الدُّنيا مِنَ الآخِرَةِ فَما مَتاعُ الحَياةِ الدُّنيا فِي الآخِرَةِ إِلّا قَليلٌ إِلّا تَنفِروا يُعَذِّبكُم عَذابًا أَليمًا وَيَستَبدِل قَومًا غَيرَكُم وَلا تَضُرّوهُ شَيئًا وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ﴾!.
- جريمة كل جريمة على أن يبقى المسلم مسلمًا أمام ما يرى ويسمع دون أن يحرك ساكنًا يقتضي صحة إسلامه، جريمة كل جريمة أن تباد غزة وتلفظ أنفاسها الأخيرة دون أن يكون لنا مواقف عملية من إبادة اليهود والأمريكان عليها، جريمة كل جريمة أن تتكتل القوى الصليبية العالمية ضد ڠـزة ونقف متفرجين عليهم وهم يبيدون الأخضر واليابس فيها، ويكتمون نفسها أمام مرأى ومسمع من العالم كله، يحرقونهم حرقًا، ويمتونهم جوعًا وعطشًا، ويأتيهم الموت من كل مكان صباحاً ومساءً…!.
- أي إسلام بقي لنا، وأي دين نتنتسب إليه وهم يقاتلون عنا، ويذودون عن حرماتنا، ومقدساتنا، وعرضنا، وأرضنا، وثقافتنا، وحضارتنا، وعارنا، وأمجادنا، وأوقافنا وكل شيء من عزة وكرامة بقيت لنا… فأي جريمة هذه أن لا يكون لنا أي حراك عملي ينقذهم، بل حكام أمتنا يتأمرون عليهم، ويبصمون لليهود والأمريكان بالعشر لإبادتهم والتخلص منهم!.
- تخيلوا لو أننا في غزة لساعة واحدة فقط نسمع الطائرات وأزيزها على رؤوسنا، وقذائفها، وصواريخها، وضرباتها فينا وفي أبنائنا وبناتنا وجيراننا وأصدقائنا وحوالينا…، نرى أمام أعيننا دماء وأشلاء وصراخ، ثم نحمل أوصالا ممزقة لبعض أقاربنا وأحبتنا، وفوق ذلك فالطائرات لا زالت تحوم فوق رؤوسنا ثم تعاود فتقصفنا فتلحق آخرنا بأولنا، ننقل بعضنا بعضا إلى شوارع أخرى دون مستشفيات تستقبلنا ولا سيارات تحملنا والجوع يقتلنا ولا أدوية عندنا ولا حتى الشراب يرد ظمأنا الموت يأتينا من كل مكان لكن لم يأت بعد أجلنا...
هل تخيلنا هذه الساعة التي تمر على كل من في غزة وأمتنا تغط في سبات عميق، تمسي على النعمة وتصبح عليها، ومع ذلك فهي تنظّر عنهم، وتتهمهم، وتتفلسف عليهم، وتفسقهم، وتكفرهم، أو على أعلى مستويات الإيمان تتبجح بكلمات تنعيهم، وتأسف عليهم، أو تخرص كالحجر الأصم عنهم….!.
- أي جريمة هذه أن نكون من خير أمة، وأن نكون كالجسد الواحد، وكالبنيان المرصوص كما وصف النبي عليه الصلاة والسلام ثم لا نكون كذلك لا من قريب ولا من بعيد، بل ذلك أبعد مما نقول، وإنها والله فتنة كبيرة علينا، وامتحان لإيماننا وأعمالنا، وإنها هي الكارثة الحقة التي لن تقوم لنا بعدها قائمة، إنها لكارثة وانتقام قادم من الله لهذه الأمة أن ترى هذه المشاهد، وهذه النداءات، وهذا الصراخ، وتسمع هذه الكلمات التي تقول لأمة الملياري مسلم: لن نسامحهم، دماؤنا، أطفالنا، نساؤنا، أرواحنا كل شيء ينزل علينا لن نسامحكم!.
- خزي وعار على الأمة أن تصمت عن غزة، ولا تنصرها، ولا يقدم المسلم حتى شيئًا لإخوانه كواجب فردي عليه ومن ماله لا تبرعًا منه، بل هي فريضة شرعية واجبة هي أقل ما يقدمه، ويخفف عقوبة الله عليه، ألا وقد وجب جهاد المال على كل مسلم ومسلمة بدون استثناء…
- وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الرسمي الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص الاحتياطي فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty3
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.com
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر (إكس):*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص تليجرام:*
https://t.me/alsoty
*❈- مجموعة #يستفتونك اطرح سؤال تليجرام:*
https://t.me/alsoty11
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A ...المزيد
#خطب_مكتوبة *خطبة.ارتفاع.الأسعار.cc* 👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي. عضو الاتحاد العالمي لعلماء ...
#خطب_مكتوبة
*خطبة.ارتفاع.الأسعار.cc*
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/OEyQ02sLV1A
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
عظيم أن نتحدث اليوم عن موضوع مقلق، ومهم غاية في الأهمية، يلامس واقعنا، وهو هم أكبر لدى كثير منا، بل لدى الجميع لربما الصغير، والكبير، الذكر، والأنثى، شغلنا الشاغل، حديث مجالسنا، وطرقنا، ومقايلنا، إنها مصيبة في الحقيقة، ورزية عظيمة، وفاجعة، وكارثة والله يقول في كتابه الكريم: ﴿وَلَنَبلُوَنَّكُم بِشَيءٍ مِنَ الخَوفِ وَالجوعِ وَنَقصٍ مِنَ الأَموالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصّابِرينَ الَّذينَ إِذا أَصابَتهُم مُصيبَةٌ قالوا إِنّا لِلَّهِ وَإِنّا إِلَيهِ راجِعونَ أُولئِكَ عَلَيهِم صَلَواتٌ مِن رَبِّهِم وَرَحمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ المُهتَدونَ﴾، إنه موضوع ارتفاع الأسعار، تلك الكارثة المدوية، التي تنذر بفقر عظيم، ومجاعة كاسحة لكثير من الناس، ليس أي ارتعاع بل ارتفاع جنوني هائل وعظيم، ولا حدود ولا ساحل له، ولا شيء يحده، ولا شيء يقله…
ارتفاع الأسعار تلك الكارثة العظمى التي تنذر بهلاك المجتمعات، والتي تنذر بمجاعات، وقتل لكثير من الناس وفي عقر ديارهم، فضلا عن هم بليل ونهار، وأرق شديد، وفيه إشغال للناس بتوافه دنياهم، عن واجباتهم الدينية، وعن واجباتهم نحو ربهم ﷻ، وإشغالهم عنها بما يجب أن تتوفر أصلا، ولكن أصبح ذلك الإنسان المسلم من فقر إلى فقر، ومن هم إلى هم، ومن ارتفاع إلى ارتفاع، خاصة المواطن اليمني الذي أصبح في القرن الواحد والعشرين قرن الثورة العلمية، والتكنولوجية، والثورة الفاحشة، والغناء الطائل في كثير من الدول، اصبح للأسف اليمني هو أفقر مواطن على وجه الأرض بحسب الإحصائيات العالمية الرسمية، لقد أوشكت المجاعة أن تعم أغلب الناس، لقد اختفت كثير من الطبقات الوسطى التي كانت موجودة من فئات عمالية متواضعة، من فئات متواضعة دخلها من صيادين، أو معلمين، أو موظفين عاديين، برواتب زهيدة، أو من دخل بسيط، اختفت الطبقات تلك، وأصبحت الأغلب والأكثر هي الطبقات العادية البسيطة الفقيرة التي لربما مع قادم الأيام إن لم يكن أمل بالله جل جلاله أن تجوع، وأن تهلك، وأن تتكفف الناس، وتصبح شحاتة لدى هذا وذاك، وهذا ما يراد لها، لقد اصبحت اليوم هلكى أو لا وجود لها أصلا، وأصبح كثير من شرائح الناس إنما هم طبقات صفرية، أو طبقات مفرطة عليا كبيرة، تباعدت الفجوة بيننا كأننا لسنا بمسلمين، كأن لم يأمرنا الله جل جلاله: ﴿ كَي لا يَكونَ دولَةً بَينَ الأَغنِياءِ مِنكُم ﴾، تداول المال من غني لغني، والفقير يعاني، اليوم العمارات، والشركات، والمؤسسات الكبرى كل يوم يفتتح هذا وذاك من اناس معينين كرسميين أصبحوا هم الإقطاعيون في عهد هو القرن الواحد والعشرين، لا نسمع كل يوم الا بالتهام لشركة، او بسط على خرضية، أو أخذ لممتلك، او شيء من هذ، لقد أصبح النافذون هم المتحكمون، هم الذين يتحكمون بزمام هؤلاء الناس البسطاء المساكين في ظل هذه الأسعار المرتفعة المخيفة التي لا طائل منها…
أيها المؤمنون:
مع أن العادة، والطبيعة، والجميع يتفق أن افعالا سفيهة، وحمقاء بشرية هي السبب عند كثير من الناس في ارتفاع الأسعار الجنوني لكن هناك ما يجب أن أنبه عليه كتنبيه غاية في الأهمية، ثم أعطي رسائل أربع:
رسالة للتجار
ورسالة للأغنياء عموما
ورسالة للناس
ورسالة أخيرة للدولة
ثم نصيحة أختم بها خطبتي
ولكن قبل هذا يجب أن نتحدث عن السبب الباطن، والتنبيه العاجل؛ لأن الله يقول في كتابه الكريم: ﴿وَذَروا ظاهِرَ الإِثمِ وَباطِنَهُ﴾، الظاهر والباطن من الإثم يجب أن يُترك لا أن ينظر الإنسان للأسباب العادية من سفه وطيش وتحكم للسفهاء وللحمقاء في تجارات الناس وفي اقواتهم وضرورياتهم وينسى السبب من عند نفسه، وهو ما يجهله كثير من الناس فربنا يقول في كتابه الكريم: ﴿وَما أَصابَكُم مِن مُصيبَةٍ فَبِما كَسَبَت أَيديكُم وَيَعفو عَن كَثيرٍ﴾، ﴿أَوَلَمّا أَصابَتكُم مُصيبَةٌ قَد أَصَبتُم مِثلَيها قُلتُم أَنّى هذا قُل هُوَ مِن عِندِ أَنفُسِكُم ﴾، إذن أنفسكم اولا هي السبب في المصائب، ذنوبكم، معاصيكم… ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَريَةً كانَت آمِنَةً مُطمَئِنَّةً يَأتيها رِزقُها رَغَدًا مِن كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَت بِأَنعُمِ اللَّهِ فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الجوعِ وَالخَوفِ بِما كانوا يَصنَعونَ﴾، بما صنعوا، بما عملوا، بما اكتسبوا، بما اقترحوا، بألسنتهم، بأيديهم، بأرجلهم، بجوارحهم بأي شيء فيهم، تحولت النعمة لديهم إلى نقمة، تحول الرزق الرغد الذي يأتي من كل مكان إلى جوع، إلى فقر، إلى مجاعة، والسبب ما كسبت أيديهم، فالنظر أولا إلى أنفسنا، وما الذي اكتسبناه، ما الذي فعلناه حتى حلّت الكارثة بنا والله جل جلاله لا يخلف وعده أبدا…
وأذكر قصة حدثت في شبه القارة الهندية إذ جاء الناس في فترة غلاء أسعار فاحش للإمام المجدد الكندهلوي عليه رحمة الله صاحب كتاب حياة الصحابة قالوا له إن المجاعة قد أوشكت ان تعمنا جميعا بشبه القارة الهندية فقال لهم: إن الناس والأقوات وكل شيء لدى رب العالمين جل جلاله ككفتي الميزان فإذا ارتفعت قيمة الناس عند الله بأعمالهم الصالحة خفت ورخصت قيمة الأشياء وإذا خف الإنسان عند رب العالمين وفي ميزانه ارتفعت قيمة الأشياء وبالتالي أصبح هذا الإنسان الضعيف المسكين الذي رخص عند الله يصبح يلاحق هذه الأشياء التافهة، التي هي ليست بشيء عند الله، ولكنه أغلاها بسبب الناس، بسبب ذنوبهم ومعاصيهم، بما كانوا يعملون، فإذا الإنسان حرص على أن يكسب الأعمال الصالحة، والإيمان ارتفعت قيمته، ورخصت قيمة الأشياء، وأصبح ذلك الإنسان لا يهم شيئا قال الله عن هذه الحقيقة التي يجب أن تخلد في أذهاننا: ﴿وَلَو أَنَّ أَهلَ القُرى آمَنوا وَاتَّقَوا لَفَتَحنا عَلَيهِم بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالأَرضِ وَلكِن كَذَّبوا فَأَخَذناهُم بِما كانوا يَكسِبونَ﴾، تتفتح لأجلهم بركات السماوات والأرض، وتسخر لأجلهم إذا أمنوا واتقوا ﴿وَلَو أَنَّ أَهلَ القُرى آمَنوا وَاتَّقَوا لَفَتَحنا عَلَيهِم بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالأَرضِ وَلكِن كَذَّبوا فَأَخَذناهُم بِما كانوا يَكسِبونَ﴾، بما كسبت أيديهم، بما اجترحوا أخذناهم، ومن ذلك أن عذبناهم بمعايشهم، وأصبح الحقير لديهم عظيما جليلا لا يكاد يحصل عليه، والرخيص غاليا صعب المنال، ﴿وَأَن لَوِ استَقاموا عَلَى الطَّريقَةِ لَأَسقَيناهُم ماءً غَدَقًا﴾، لا إشكال عند رب العالمين جل جلاله، والمشكلة هي عند الناس، والعلاج هو علاج علي كما قال رضي الله عنه: " ما نزل بلاء إلا بذنب وما رُفع إلا بتوبة" التوبة التي يجب ان تعم المجتمعات؛ ليرتفع ما بهم، ﴿وَما أَرسَلنا في قَريَةٍ مِن نَبِيٍّ إِلّا أَخَذنا أَهلَها بِالبَأساءِ وَالضَّرّاءِ لَعَلَّهُم يَضَّرَّعونَ﴾، يعني لأجل أن يتضرعوا، لعلهم يأوبون، لعلهم يرجعون، لعلهم يتوبون، قال الله في أخرى: ﴿وَلَقَد أَرسَلنا إِلى أُمَمٍ مِن قَبلِكَ فَأَخَذناهُم بِالبَأساءِ وَالضَّرّاءِ لَعَلَّهُم يَتَضَرَّعونَ فَلَولا إِذ جاءَهُم بَأسُنا تَضَرَّعوا وَلكِن قَسَت قُلوبُهُم وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيطانُ ما كانوا يَعمَلونَ﴾، قست قلوبهم فأصبحوا يلاحقون حوائجهم، ودنياهم، وما يريدون، ونسوا الله الذي يجب أن يتضرعوا إليه، من أجل أن يرد لهم ضائعاتهم، لأجل أن يرد لهم ما يريدون، لأجل أن يرخص عليهم جل جلاله تلك المعايش التي هي عنده حقيرة، هذا شيء، وبقي شيء آخر هو ما قاله إبراهيم ابن أدهم عليه رحمة الله لما قيل له ان الأسعار قد غلت وارتفعت قال وما همي بهذا؟ والله لو أصبحت حبة القمح بدينار ما أهم هذا؛ عليّ أن أعبده كما أمرني، وهو سيعطيني كما وعدني، ﴿وَما مِن دابَّةٍ فِي الأَرضِ إِلّا عَلَى اللَّهِ رِزقُها﴾، وهي دابة أي دابة فكيف بالإنسان المكرم، لن يضيعك الله وقد كرمك، ﴿وَلقَدْ كَرّمّنَا بَني آدَمَ}، يجب أن ترتفع الهمة، والأمل برب العالمين جل جلاله، أن يسعى ذلك المسلم بالذات اليمني يسعى ليل نهار من أجل أن يحصل على قوت يومه وليلته ولا يخاف ولا يخشى من ذي العرش إقلالا؛ فالله هو الرزاق ذو القوة المتين، علينا ان نعبده كما امرنا وهو سيعطينا كما وعدنا، وهو لا يخلف الميعاد جل جلاله، فلا أمل إلا به، ويجب العودة إليه؛ لترد الأشياء كما كانت…
من رزقك في الرخص سيرزقك في الغلاء؛ فالرزاق حي لا يموت، أنت فقط اخرُج إلى عملك، واسعَ في هذه الأرض، واترُك الأمر لله فله الأمر والحكمة البالغة، فهو الذي تكفَّل برزقك، وقال: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾...
هذا علاج لا بد منه ثم بعده أوجه رسائلي الأربع: أولا رسالتي للتجار
*رسالة إلى التجار* إلى أولئك الذين عليهم مسؤولية كبرى، وأمانة عظمة، إلى أولئك الذين خيرهم النبي صلى الله عليه وسلم بين الأبرار أو الفجار
إلى أولئك الذين يتحكمون بزمام الأمور ولديهم أكثر الحلول
إلى أولئك أيضا الجشعين الطمعين الذين عبأوا مخازنهم من سنوات ثم رفعوا اليوم لعشرات الأضعاف
إلى أولئك الذين يقتلون الناس صمتا ويدفنونهم جبرا بأفعالهم
أناديهم اليوم بذلك النداء الذي ناداهم به النبي صلى الله عليه وسلم اذ قال مرتين: ( يا معشر التجار) ثم كرر (يا معشر التجار) فرفعوا أبصارهم اليه صلى الله عليه وسلم، ومدوا أعناقهم وقال النبي صلى الله عليه وسلم لهم: (إن التاجر الصدوق الأمين يبعث يوم القيامة مع النبيين والصديقين والشهداء)، وقال لهم مرة صلى الله عليه وسلم:(ان التجار هم الفجار الا من اتقى الله وبر وصدق). واتقى الله وبر وصدق يحشر مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة كما في الحديث السابق.
وأي فضل وعظمة بعد هذه الكلماتا، والمرتبة الشريفة التي يحصدها ذلك التاجر وماذاك الا لأن مفتاح الدنيا بين يدي التاجر فاذا ارخص او اقتنع بشيء بسيط ففيه البركة، واذا لم يقتنع فانه تمحق بركة ماله؛ لأن البركة من الله ليست من الأموال، يظن الكثير على أن كلما جمع كلما ارتفع، وكلما سمى، وكلما اعتلى، وكلما اغتنى، لا والله ليست البركة هذه بل البركة مخفية، سر الهي يوضع في الأموال، يوضع في الأشخاص، يوضع في المجتمعات، يوضع في الأهل، يوضع في الإنسان في صحته في غناه في ماله في أهله في كل شيء، فإذا انتزعت البركة أصبح ذلك الانسان ممسوخا ولو عنده ملايين ومليارات الدولارات لا تنفعه ممسوخ لا شيء له، وقد قال صلى الله عليه وسلم عند مسلم:( من اخذ مالا بغير حقه لا بورك له فيه ومن اخذه بحقه وفي حله بارك الله له فيه)، فخذه بحله ومن حقك ولا تزد عليه، واقتنع باليسير؛ ليعطيك الله الكثير، وليس الكثير بدنيا بل ببركة يضعها الله في أموالك فاحذر أن تلتهم ما بأيدي الناس وتوقع نفسك وإياهم في ضرر في الدنيا والآخرة.
ثانياً: رسالة للأغنياء
*للأغنياء اصحاب اليسار*
للذين عندهم اليسار، أقول لهم:( ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)، تفقدوا جيرانكم وفقراءكم وأهاليكم وذوي الحاجات منكم؛ ليتفقدكم الله، ارحموهم ليرحمكم الله، ارفقوا بهم ليرفق الله بكم، إذا نظرتم اإليهم نظر الله إليكم، إذا سترتموهم ستركم الله، إذا فرّجتم همومكم فرّج الله همومهكم، إن سعيتنم في سد حوائجهم سد اللله حوائجكم، والجزاء من جنس العمل، وهذا نبينا قد نفى الإيمان عن من بات شبعان وجاره جائع والحديث صحيح:( ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع بجواره وهو يعلم)، لا يحل لمسلم أن يترك صديقه وجاره ومعدمه فقيرا تعيسا مغموما مكروبا مهموما، ويترك الدنيا عليه، ويترك الفقر بين يديه، ويتركه يحمل هم الليل والنهار، هذا لأصحاب اليسار الأغنياء ....
*واجب الناس أمام ارتفاع الأسعار*
أما عامة الناس فأقول لهم ما قال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم: (اربعوا على أنفسكم) أي خففوا على أنفسكم، ربنا يقول: (﴿يا بَني آدَمَ خُذوا زينَتَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ وَكُلوا وَاشرَبوا وَلا تُسرِفوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُسرِفينَ﴾،
﴿ وَلا تُبَذِّر تَبذيرًاإِنَّ المُبَذِّرينَ كانوا إِخوانَ الشَّياطينِ وَكانَ الشَّيطانُ لِرَبِّهِ كَفورًا﴾
خفف على نفسك من المشتريات، رشد مشترياتك، الترشيد الاقتصادي أن تأخذ المهم، وتترك ما لا داعي له، أن تأخذ ما لا بد منه وتترك الكماليات والتحسينيات، أن تأخذ الضروريات والحاجيات وتترك ما ليس له داعي، ما يمكن ان تستغني عنه ما يعد من التوافه، ولعل الرخصة يأتي هذا سبب حقيقي وواقع…
ثم أيضًا الواجب على المجتمع أن يحاربوا التجار، نعم أن يحاربوا التجار بترك بضائعهم لديهم، وينظرون ماذا سيفعلون كما قال عمر في قاعدته العمرية، وأيضاً القاعدة العلوية علي رضي الله عنه قال عمر لما غلي اللحم في تلك الفترة قالوا إن اللحم قد غلي فقال عمر رضي الله عنه للناس: ( ارخصوه انتم) والقصة ثابتة متواترة عنه، قال ( ارخصوه انتم) قالوا: وكيف نرخصه وهو من عندهم ليس من عندنا؟ فقال ( ارخصوه انتم) فقالوا بم؟ قال: ( اتركوه لهم) خلوه، البيض بمئة، الحبة الروتي بكذا اتركه فينتهي لديه فيظطر ان يبيعه بأرخص الأثمان، اتركه له اجعله يهنأ به، وسترى كيف يكون، أو القاعدة العلوية لعلي رضي الله عنه عندما بعثوا اليه من المدينة: لقد لقد غلي الزبيب فقال علي رضي الله عنه: (ارخصوه بالتمر) أي اتركوا الزبيب واستبدلوا التمر، يعني استبدلوا بضاعة أميركية ببضاعة مثلا اندونيسية أو ماليزية أو أيا كانت من السلع، واستبدل بدلها أخرى، سترى على ان تلك رخصت، فتكاتف المجتمعات لمحاربة الجشعين من التجار واجب الساعة وواجب الوقت.
أقول قولي هذا وأستغفر الله
الخــطبة الــثــانــيــة: ↶
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾، أما بعد:
*رسالة إلى الدولة*
أخيرا رسالتي للدولة التي نؤمن بها بالغيب وإن لم نرها، ولم نشمها، ولم نسمع عنها، ولم ندركها، ولم نطعمها، أقول أين المسؤولية الملقاة على عاتقها في مراقبة التجار الجشعين، الظلمة، المجرمين، الذين تسلطوا على رقاب الناس، وانتهبوهم، وأخذوا أموالهم كرها، واضطرارا…
أين المسؤولية الملقاة على عاتقهم ونبينا صلى الله عليه وسلم في البخاري ومسلم قد قال: ( من استرعاه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته الا حرم الله عليه الجنة)، فاهنئوا بدنياكم واشبعوا وتنعموا، ثم تحرمون جنة عرضها السماوات والأرض؛ بسبب مسؤولية ألقيت على عواتقكم ثم لم تقوموا بها، ونمتم عنها… وربنا لا تأخذه سنة ولا نوم.. تنام عيناك والمظلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لم تنم
أين الواجب من متابعة، من مراقبة، من فرض أسعار رسمية للأقوات الضرورية، أو دعم للأقوات الضرورية…
شيء آخر إذا كان عمر رضي الله عنه قد جعل مراقبين للأسواق في كل سوق حتى انه فرض النساء على النساء في الأسواق ايضا فكيف بنا وفي وضعنا؟
وهم في فترة إيمانية، وفترة ورع وخوف من الله، ومع هذا فرض هؤلاء.. وعلي رضي الله عنه كذلك بل لما قيل له إن فلانا احتكر شيئًا بألف درهم أمر بما احتكره فأحرقه أمام الناس، أين واحدة فقط من هذه؟ قصة لهؤلاء الذين أخذوا، والتهموا، وفعلوا ما فعلوا وجرعوا الناس غصص العذاب…
أين قصة من هذه تشتهر أمام الإعلام ليرتدع التجار الجشعين، وليس أي تجار لا أعمم هنا، أين هؤلاء الذين جعلت المسؤولية على عواثقهم ثم ناموا عنها… اتقوا الله في الناس…
….وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين….
┈┉┅━━ ❀ ❃ ✾ ❈ ❀━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
❈- الصفحة العامة فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty2
❈- الحساب الخاص فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty1
❈- القناة يوتيوب:
https://www.youtube.com//Alsoty1
❈- حساب تويتر:
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
❈- المدونة الشخصية:
https://Alsoty1.blogspot.com/
❈- حساب انستقرام:
https://www.instagram.com/alsoty1
❈- حساب سناب شات:
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
❈- إيميل:
[email protected]
❈- قناة الخــطبة الــثــانــيــة: ↶
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾، أما بعد:
*رسالة إلى الدولة*
أخيرا رسالتي للدولة التي نؤمن بها بالغيب وإن لم نرها، ولم نشمها، ولم نسمع عنها، ولم ندركها، ولم نطعمها، أقول أين المسؤولية الملقاة على عاتقها في مراقبة التجار الجشعين، الظلمة، المجرمين، الذين تسلطوا على رقاب الناس، وانتهبوهم، وأخذوا أموالهم كرها، واضطرارا…
أين المسؤولية الملقاة على عاتقهم ونبينا صلى الله عليه وسلم في البخاري ومسلم قد قال: ( من استرعاه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته الا حرم الله عليه الجنة)، فاهنئوا بدنياكم واشبعوا وتنعموا، ثم تحرمون جنة عرضها السماوات والأرض؛ بسبب مسؤولية ألقيت على عواتقكم ثم لم تقوموا بها، ونمتم عنها… وربنا لا تأخذه سنة ولا نوم.. تنام عيناك والمظلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لم تنم
أين الواجب من متابعة، من مراقبة، من فرض أسعار رسمية للأقوات الضرورية، أو دعم للأقوات الضرورية…
شيء آخر إذا كان عمر رضي الله عنه قد جعل مراقبين للأسواق في كل سوق حتى انه فرض النساء على النساء في الأسواق ايضا فكيف بنا وفي وضعنا؟
وهم في فترة إيمانية، وفترة ورع وخوف من الله، ومع هذا فرض هؤلاء.. وعلي رضي الله عنه كذلك بل لما قيل له إن فلانا احتكر شيئًا بألف درهم أمر بما احتكره فأحرقه أمام الناس، أين واحدة فقط من هذه؟ قصة لهؤلاء الذين أخذوا، والتهموا، وفعلوا ما فعلوا وجرعوا الناس غصص العذاب…
أين قصة من هذه تشتهر أمام الإعلام ليرتدع التجار الجشعين، وليس أي تجار لا أعمم هنا، أين هؤلاء الذين جعلت المسؤولية على عواثقهم ثم ناموا عنها… اتقوا الله في الناس…
….وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين….
┈┉┅━━ ❀ ❃ ✾ ❈ ❀━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
❈- الصفحة العامة فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty2
❈- الحساب الخاص فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty1
❈- القناة يوتيوب:
https://www.youtube.com//Alsoty1
❈- حساب تويتر:
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
❈- المدونة الشخصية:
https://Alsoty1.blogspot.com/
❈- حساب انستقرام:
https://www.instagram.com/alsoty1
❈- حساب سناب شات:
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
❈- إيميل:
[email protected]
❈- قناة الفتاوى تليجرام:
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
❈- رقم الشيخ وتساب:
https://wa.me/967714256199 تليجرام:
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
❈- رقم الشيخ وتساب:
https://wa.me/967714256199 ...المزيد
*خطبة.ارتفاع.الأسعار.cc*
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/OEyQ02sLV1A
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
عظيم أن نتحدث اليوم عن موضوع مقلق، ومهم غاية في الأهمية، يلامس واقعنا، وهو هم أكبر لدى كثير منا، بل لدى الجميع لربما الصغير، والكبير، الذكر، والأنثى، شغلنا الشاغل، حديث مجالسنا، وطرقنا، ومقايلنا، إنها مصيبة في الحقيقة، ورزية عظيمة، وفاجعة، وكارثة والله يقول في كتابه الكريم: ﴿وَلَنَبلُوَنَّكُم بِشَيءٍ مِنَ الخَوفِ وَالجوعِ وَنَقصٍ مِنَ الأَموالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصّابِرينَ الَّذينَ إِذا أَصابَتهُم مُصيبَةٌ قالوا إِنّا لِلَّهِ وَإِنّا إِلَيهِ راجِعونَ أُولئِكَ عَلَيهِم صَلَواتٌ مِن رَبِّهِم وَرَحمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ المُهتَدونَ﴾، إنه موضوع ارتفاع الأسعار، تلك الكارثة المدوية، التي تنذر بفقر عظيم، ومجاعة كاسحة لكثير من الناس، ليس أي ارتعاع بل ارتفاع جنوني هائل وعظيم، ولا حدود ولا ساحل له، ولا شيء يحده، ولا شيء يقله…
ارتفاع الأسعار تلك الكارثة العظمى التي تنذر بهلاك المجتمعات، والتي تنذر بمجاعات، وقتل لكثير من الناس وفي عقر ديارهم، فضلا عن هم بليل ونهار، وأرق شديد، وفيه إشغال للناس بتوافه دنياهم، عن واجباتهم الدينية، وعن واجباتهم نحو ربهم ﷻ، وإشغالهم عنها بما يجب أن تتوفر أصلا، ولكن أصبح ذلك الإنسان المسلم من فقر إلى فقر، ومن هم إلى هم، ومن ارتفاع إلى ارتفاع، خاصة المواطن اليمني الذي أصبح في القرن الواحد والعشرين قرن الثورة العلمية، والتكنولوجية، والثورة الفاحشة، والغناء الطائل في كثير من الدول، اصبح للأسف اليمني هو أفقر مواطن على وجه الأرض بحسب الإحصائيات العالمية الرسمية، لقد أوشكت المجاعة أن تعم أغلب الناس، لقد اختفت كثير من الطبقات الوسطى التي كانت موجودة من فئات عمالية متواضعة، من فئات متواضعة دخلها من صيادين، أو معلمين، أو موظفين عاديين، برواتب زهيدة، أو من دخل بسيط، اختفت الطبقات تلك، وأصبحت الأغلب والأكثر هي الطبقات العادية البسيطة الفقيرة التي لربما مع قادم الأيام إن لم يكن أمل بالله جل جلاله أن تجوع، وأن تهلك، وأن تتكفف الناس، وتصبح شحاتة لدى هذا وذاك، وهذا ما يراد لها، لقد اصبحت اليوم هلكى أو لا وجود لها أصلا، وأصبح كثير من شرائح الناس إنما هم طبقات صفرية، أو طبقات مفرطة عليا كبيرة، تباعدت الفجوة بيننا كأننا لسنا بمسلمين، كأن لم يأمرنا الله جل جلاله: ﴿ كَي لا يَكونَ دولَةً بَينَ الأَغنِياءِ مِنكُم ﴾، تداول المال من غني لغني، والفقير يعاني، اليوم العمارات، والشركات، والمؤسسات الكبرى كل يوم يفتتح هذا وذاك من اناس معينين كرسميين أصبحوا هم الإقطاعيون في عهد هو القرن الواحد والعشرين، لا نسمع كل يوم الا بالتهام لشركة، او بسط على خرضية، أو أخذ لممتلك، او شيء من هذ، لقد أصبح النافذون هم المتحكمون، هم الذين يتحكمون بزمام هؤلاء الناس البسطاء المساكين في ظل هذه الأسعار المرتفعة المخيفة التي لا طائل منها…
أيها المؤمنون:
مع أن العادة، والطبيعة، والجميع يتفق أن افعالا سفيهة، وحمقاء بشرية هي السبب عند كثير من الناس في ارتفاع الأسعار الجنوني لكن هناك ما يجب أن أنبه عليه كتنبيه غاية في الأهمية، ثم أعطي رسائل أربع:
رسالة للتجار
ورسالة للأغنياء عموما
ورسالة للناس
ورسالة أخيرة للدولة
ثم نصيحة أختم بها خطبتي
ولكن قبل هذا يجب أن نتحدث عن السبب الباطن، والتنبيه العاجل؛ لأن الله يقول في كتابه الكريم: ﴿وَذَروا ظاهِرَ الإِثمِ وَباطِنَهُ﴾، الظاهر والباطن من الإثم يجب أن يُترك لا أن ينظر الإنسان للأسباب العادية من سفه وطيش وتحكم للسفهاء وللحمقاء في تجارات الناس وفي اقواتهم وضرورياتهم وينسى السبب من عند نفسه، وهو ما يجهله كثير من الناس فربنا يقول في كتابه الكريم: ﴿وَما أَصابَكُم مِن مُصيبَةٍ فَبِما كَسَبَت أَيديكُم وَيَعفو عَن كَثيرٍ﴾، ﴿أَوَلَمّا أَصابَتكُم مُصيبَةٌ قَد أَصَبتُم مِثلَيها قُلتُم أَنّى هذا قُل هُوَ مِن عِندِ أَنفُسِكُم ﴾، إذن أنفسكم اولا هي السبب في المصائب، ذنوبكم، معاصيكم… ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَريَةً كانَت آمِنَةً مُطمَئِنَّةً يَأتيها رِزقُها رَغَدًا مِن كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَت بِأَنعُمِ اللَّهِ فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الجوعِ وَالخَوفِ بِما كانوا يَصنَعونَ﴾، بما صنعوا، بما عملوا، بما اكتسبوا، بما اقترحوا، بألسنتهم، بأيديهم، بأرجلهم، بجوارحهم بأي شيء فيهم، تحولت النعمة لديهم إلى نقمة، تحول الرزق الرغد الذي يأتي من كل مكان إلى جوع، إلى فقر، إلى مجاعة، والسبب ما كسبت أيديهم، فالنظر أولا إلى أنفسنا، وما الذي اكتسبناه، ما الذي فعلناه حتى حلّت الكارثة بنا والله جل جلاله لا يخلف وعده أبدا…
وأذكر قصة حدثت في شبه القارة الهندية إذ جاء الناس في فترة غلاء أسعار فاحش للإمام المجدد الكندهلوي عليه رحمة الله صاحب كتاب حياة الصحابة قالوا له إن المجاعة قد أوشكت ان تعمنا جميعا بشبه القارة الهندية فقال لهم: إن الناس والأقوات وكل شيء لدى رب العالمين جل جلاله ككفتي الميزان فإذا ارتفعت قيمة الناس عند الله بأعمالهم الصالحة خفت ورخصت قيمة الأشياء وإذا خف الإنسان عند رب العالمين وفي ميزانه ارتفعت قيمة الأشياء وبالتالي أصبح هذا الإنسان الضعيف المسكين الذي رخص عند الله يصبح يلاحق هذه الأشياء التافهة، التي هي ليست بشيء عند الله، ولكنه أغلاها بسبب الناس، بسبب ذنوبهم ومعاصيهم، بما كانوا يعملون، فإذا الإنسان حرص على أن يكسب الأعمال الصالحة، والإيمان ارتفعت قيمته، ورخصت قيمة الأشياء، وأصبح ذلك الإنسان لا يهم شيئا قال الله عن هذه الحقيقة التي يجب أن تخلد في أذهاننا: ﴿وَلَو أَنَّ أَهلَ القُرى آمَنوا وَاتَّقَوا لَفَتَحنا عَلَيهِم بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالأَرضِ وَلكِن كَذَّبوا فَأَخَذناهُم بِما كانوا يَكسِبونَ﴾، تتفتح لأجلهم بركات السماوات والأرض، وتسخر لأجلهم إذا أمنوا واتقوا ﴿وَلَو أَنَّ أَهلَ القُرى آمَنوا وَاتَّقَوا لَفَتَحنا عَلَيهِم بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالأَرضِ وَلكِن كَذَّبوا فَأَخَذناهُم بِما كانوا يَكسِبونَ﴾، بما كسبت أيديهم، بما اجترحوا أخذناهم، ومن ذلك أن عذبناهم بمعايشهم، وأصبح الحقير لديهم عظيما جليلا لا يكاد يحصل عليه، والرخيص غاليا صعب المنال، ﴿وَأَن لَوِ استَقاموا عَلَى الطَّريقَةِ لَأَسقَيناهُم ماءً غَدَقًا﴾، لا إشكال عند رب العالمين جل جلاله، والمشكلة هي عند الناس، والعلاج هو علاج علي كما قال رضي الله عنه: " ما نزل بلاء إلا بذنب وما رُفع إلا بتوبة" التوبة التي يجب ان تعم المجتمعات؛ ليرتفع ما بهم، ﴿وَما أَرسَلنا في قَريَةٍ مِن نَبِيٍّ إِلّا أَخَذنا أَهلَها بِالبَأساءِ وَالضَّرّاءِ لَعَلَّهُم يَضَّرَّعونَ﴾، يعني لأجل أن يتضرعوا، لعلهم يأوبون، لعلهم يرجعون، لعلهم يتوبون، قال الله في أخرى: ﴿وَلَقَد أَرسَلنا إِلى أُمَمٍ مِن قَبلِكَ فَأَخَذناهُم بِالبَأساءِ وَالضَّرّاءِ لَعَلَّهُم يَتَضَرَّعونَ فَلَولا إِذ جاءَهُم بَأسُنا تَضَرَّعوا وَلكِن قَسَت قُلوبُهُم وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيطانُ ما كانوا يَعمَلونَ﴾، قست قلوبهم فأصبحوا يلاحقون حوائجهم، ودنياهم، وما يريدون، ونسوا الله الذي يجب أن يتضرعوا إليه، من أجل أن يرد لهم ضائعاتهم، لأجل أن يرد لهم ما يريدون، لأجل أن يرخص عليهم جل جلاله تلك المعايش التي هي عنده حقيرة، هذا شيء، وبقي شيء آخر هو ما قاله إبراهيم ابن أدهم عليه رحمة الله لما قيل له ان الأسعار قد غلت وارتفعت قال وما همي بهذا؟ والله لو أصبحت حبة القمح بدينار ما أهم هذا؛ عليّ أن أعبده كما أمرني، وهو سيعطيني كما وعدني، ﴿وَما مِن دابَّةٍ فِي الأَرضِ إِلّا عَلَى اللَّهِ رِزقُها﴾، وهي دابة أي دابة فكيف بالإنسان المكرم، لن يضيعك الله وقد كرمك، ﴿وَلقَدْ كَرّمّنَا بَني آدَمَ}، يجب أن ترتفع الهمة، والأمل برب العالمين جل جلاله، أن يسعى ذلك المسلم بالذات اليمني يسعى ليل نهار من أجل أن يحصل على قوت يومه وليلته ولا يخاف ولا يخشى من ذي العرش إقلالا؛ فالله هو الرزاق ذو القوة المتين، علينا ان نعبده كما امرنا وهو سيعطينا كما وعدنا، وهو لا يخلف الميعاد جل جلاله، فلا أمل إلا به، ويجب العودة إليه؛ لترد الأشياء كما كانت…
من رزقك في الرخص سيرزقك في الغلاء؛ فالرزاق حي لا يموت، أنت فقط اخرُج إلى عملك، واسعَ في هذه الأرض، واترُك الأمر لله فله الأمر والحكمة البالغة، فهو الذي تكفَّل برزقك، وقال: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾...
هذا علاج لا بد منه ثم بعده أوجه رسائلي الأربع: أولا رسالتي للتجار
*رسالة إلى التجار* إلى أولئك الذين عليهم مسؤولية كبرى، وأمانة عظمة، إلى أولئك الذين خيرهم النبي صلى الله عليه وسلم بين الأبرار أو الفجار
إلى أولئك الذين يتحكمون بزمام الأمور ولديهم أكثر الحلول
إلى أولئك أيضا الجشعين الطمعين الذين عبأوا مخازنهم من سنوات ثم رفعوا اليوم لعشرات الأضعاف
إلى أولئك الذين يقتلون الناس صمتا ويدفنونهم جبرا بأفعالهم
أناديهم اليوم بذلك النداء الذي ناداهم به النبي صلى الله عليه وسلم اذ قال مرتين: ( يا معشر التجار) ثم كرر (يا معشر التجار) فرفعوا أبصارهم اليه صلى الله عليه وسلم، ومدوا أعناقهم وقال النبي صلى الله عليه وسلم لهم: (إن التاجر الصدوق الأمين يبعث يوم القيامة مع النبيين والصديقين والشهداء)، وقال لهم مرة صلى الله عليه وسلم:(ان التجار هم الفجار الا من اتقى الله وبر وصدق). واتقى الله وبر وصدق يحشر مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة كما في الحديث السابق.
وأي فضل وعظمة بعد هذه الكلماتا، والمرتبة الشريفة التي يحصدها ذلك التاجر وماذاك الا لأن مفتاح الدنيا بين يدي التاجر فاذا ارخص او اقتنع بشيء بسيط ففيه البركة، واذا لم يقتنع فانه تمحق بركة ماله؛ لأن البركة من الله ليست من الأموال، يظن الكثير على أن كلما جمع كلما ارتفع، وكلما سمى، وكلما اعتلى، وكلما اغتنى، لا والله ليست البركة هذه بل البركة مخفية، سر الهي يوضع في الأموال، يوضع في الأشخاص، يوضع في المجتمعات، يوضع في الأهل، يوضع في الإنسان في صحته في غناه في ماله في أهله في كل شيء، فإذا انتزعت البركة أصبح ذلك الانسان ممسوخا ولو عنده ملايين ومليارات الدولارات لا تنفعه ممسوخ لا شيء له، وقد قال صلى الله عليه وسلم عند مسلم:( من اخذ مالا بغير حقه لا بورك له فيه ومن اخذه بحقه وفي حله بارك الله له فيه)، فخذه بحله ومن حقك ولا تزد عليه، واقتنع باليسير؛ ليعطيك الله الكثير، وليس الكثير بدنيا بل ببركة يضعها الله في أموالك فاحذر أن تلتهم ما بأيدي الناس وتوقع نفسك وإياهم في ضرر في الدنيا والآخرة.
ثانياً: رسالة للأغنياء
*للأغنياء اصحاب اليسار*
للذين عندهم اليسار، أقول لهم:( ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)، تفقدوا جيرانكم وفقراءكم وأهاليكم وذوي الحاجات منكم؛ ليتفقدكم الله، ارحموهم ليرحمكم الله، ارفقوا بهم ليرفق الله بكم، إذا نظرتم اإليهم نظر الله إليكم، إذا سترتموهم ستركم الله، إذا فرّجتم همومكم فرّج الله همومهكم، إن سعيتنم في سد حوائجهم سد اللله حوائجكم، والجزاء من جنس العمل، وهذا نبينا قد نفى الإيمان عن من بات شبعان وجاره جائع والحديث صحيح:( ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع بجواره وهو يعلم)، لا يحل لمسلم أن يترك صديقه وجاره ومعدمه فقيرا تعيسا مغموما مكروبا مهموما، ويترك الدنيا عليه، ويترك الفقر بين يديه، ويتركه يحمل هم الليل والنهار، هذا لأصحاب اليسار الأغنياء ....
*واجب الناس أمام ارتفاع الأسعار*
أما عامة الناس فأقول لهم ما قال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم: (اربعوا على أنفسكم) أي خففوا على أنفسكم، ربنا يقول: (﴿يا بَني آدَمَ خُذوا زينَتَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ وَكُلوا وَاشرَبوا وَلا تُسرِفوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُسرِفينَ﴾،
﴿ وَلا تُبَذِّر تَبذيرًاإِنَّ المُبَذِّرينَ كانوا إِخوانَ الشَّياطينِ وَكانَ الشَّيطانُ لِرَبِّهِ كَفورًا﴾
خفف على نفسك من المشتريات، رشد مشترياتك، الترشيد الاقتصادي أن تأخذ المهم، وتترك ما لا داعي له، أن تأخذ ما لا بد منه وتترك الكماليات والتحسينيات، أن تأخذ الضروريات والحاجيات وتترك ما ليس له داعي، ما يمكن ان تستغني عنه ما يعد من التوافه، ولعل الرخصة يأتي هذا سبب حقيقي وواقع…
ثم أيضًا الواجب على المجتمع أن يحاربوا التجار، نعم أن يحاربوا التجار بترك بضائعهم لديهم، وينظرون ماذا سيفعلون كما قال عمر في قاعدته العمرية، وأيضاً القاعدة العلوية علي رضي الله عنه قال عمر لما غلي اللحم في تلك الفترة قالوا إن اللحم قد غلي فقال عمر رضي الله عنه للناس: ( ارخصوه انتم) والقصة ثابتة متواترة عنه، قال ( ارخصوه انتم) قالوا: وكيف نرخصه وهو من عندهم ليس من عندنا؟ فقال ( ارخصوه انتم) فقالوا بم؟ قال: ( اتركوه لهم) خلوه، البيض بمئة، الحبة الروتي بكذا اتركه فينتهي لديه فيظطر ان يبيعه بأرخص الأثمان، اتركه له اجعله يهنأ به، وسترى كيف يكون، أو القاعدة العلوية لعلي رضي الله عنه عندما بعثوا اليه من المدينة: لقد لقد غلي الزبيب فقال علي رضي الله عنه: (ارخصوه بالتمر) أي اتركوا الزبيب واستبدلوا التمر، يعني استبدلوا بضاعة أميركية ببضاعة مثلا اندونيسية أو ماليزية أو أيا كانت من السلع، واستبدل بدلها أخرى، سترى على ان تلك رخصت، فتكاتف المجتمعات لمحاربة الجشعين من التجار واجب الساعة وواجب الوقت.
أقول قولي هذا وأستغفر الله
الخــطبة الــثــانــيــة: ↶
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾، أما بعد:
*رسالة إلى الدولة*
أخيرا رسالتي للدولة التي نؤمن بها بالغيب وإن لم نرها، ولم نشمها، ولم نسمع عنها، ولم ندركها، ولم نطعمها، أقول أين المسؤولية الملقاة على عاتقها في مراقبة التجار الجشعين، الظلمة، المجرمين، الذين تسلطوا على رقاب الناس، وانتهبوهم، وأخذوا أموالهم كرها، واضطرارا…
أين المسؤولية الملقاة على عاتقهم ونبينا صلى الله عليه وسلم في البخاري ومسلم قد قال: ( من استرعاه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته الا حرم الله عليه الجنة)، فاهنئوا بدنياكم واشبعوا وتنعموا، ثم تحرمون جنة عرضها السماوات والأرض؛ بسبب مسؤولية ألقيت على عواتقكم ثم لم تقوموا بها، ونمتم عنها… وربنا لا تأخذه سنة ولا نوم.. تنام عيناك والمظلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لم تنم
أين الواجب من متابعة، من مراقبة، من فرض أسعار رسمية للأقوات الضرورية، أو دعم للأقوات الضرورية…
شيء آخر إذا كان عمر رضي الله عنه قد جعل مراقبين للأسواق في كل سوق حتى انه فرض النساء على النساء في الأسواق ايضا فكيف بنا وفي وضعنا؟
وهم في فترة إيمانية، وفترة ورع وخوف من الله، ومع هذا فرض هؤلاء.. وعلي رضي الله عنه كذلك بل لما قيل له إن فلانا احتكر شيئًا بألف درهم أمر بما احتكره فأحرقه أمام الناس، أين واحدة فقط من هذه؟ قصة لهؤلاء الذين أخذوا، والتهموا، وفعلوا ما فعلوا وجرعوا الناس غصص العذاب…
أين قصة من هذه تشتهر أمام الإعلام ليرتدع التجار الجشعين، وليس أي تجار لا أعمم هنا، أين هؤلاء الذين جعلت المسؤولية على عواثقهم ثم ناموا عنها… اتقوا الله في الناس…
….وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين….
┈┉┅━━ ❀ ❃ ✾ ❈ ❀━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
❈- الصفحة العامة فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty2
❈- الحساب الخاص فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty1
❈- القناة يوتيوب:
https://www.youtube.com//Alsoty1
❈- حساب تويتر:
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
❈- المدونة الشخصية:
https://Alsoty1.blogspot.com/
❈- حساب انستقرام:
https://www.instagram.com/alsoty1
❈- حساب سناب شات:
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
❈- إيميل:
[email protected]
❈- قناة الخــطبة الــثــانــيــة: ↶
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾، أما بعد:
*رسالة إلى الدولة*
أخيرا رسالتي للدولة التي نؤمن بها بالغيب وإن لم نرها، ولم نشمها، ولم نسمع عنها، ولم ندركها، ولم نطعمها، أقول أين المسؤولية الملقاة على عاتقها في مراقبة التجار الجشعين، الظلمة، المجرمين، الذين تسلطوا على رقاب الناس، وانتهبوهم، وأخذوا أموالهم كرها، واضطرارا…
أين المسؤولية الملقاة على عاتقهم ونبينا صلى الله عليه وسلم في البخاري ومسلم قد قال: ( من استرعاه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته الا حرم الله عليه الجنة)، فاهنئوا بدنياكم واشبعوا وتنعموا، ثم تحرمون جنة عرضها السماوات والأرض؛ بسبب مسؤولية ألقيت على عواتقكم ثم لم تقوموا بها، ونمتم عنها… وربنا لا تأخذه سنة ولا نوم.. تنام عيناك والمظلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لم تنم
أين الواجب من متابعة، من مراقبة، من فرض أسعار رسمية للأقوات الضرورية، أو دعم للأقوات الضرورية…
شيء آخر إذا كان عمر رضي الله عنه قد جعل مراقبين للأسواق في كل سوق حتى انه فرض النساء على النساء في الأسواق ايضا فكيف بنا وفي وضعنا؟
وهم في فترة إيمانية، وفترة ورع وخوف من الله، ومع هذا فرض هؤلاء.. وعلي رضي الله عنه كذلك بل لما قيل له إن فلانا احتكر شيئًا بألف درهم أمر بما احتكره فأحرقه أمام الناس، أين واحدة فقط من هذه؟ قصة لهؤلاء الذين أخذوا، والتهموا، وفعلوا ما فعلوا وجرعوا الناس غصص العذاب…
أين قصة من هذه تشتهر أمام الإعلام ليرتدع التجار الجشعين، وليس أي تجار لا أعمم هنا، أين هؤلاء الذين جعلت المسؤولية على عواثقهم ثم ناموا عنها… اتقوا الله في الناس…
….وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين….
┈┉┅━━ ❀ ❃ ✾ ❈ ❀━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
❈- الصفحة العامة فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty2
❈- الحساب الخاص فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty1
❈- القناة يوتيوب:
https://www.youtube.com//Alsoty1
❈- حساب تويتر:
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
❈- المدونة الشخصية:
https://Alsoty1.blogspot.com/
❈- حساب انستقرام:
https://www.instagram.com/alsoty1
❈- حساب سناب شات:
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
❈- إيميل:
[email protected]
❈- قناة الفتاوى تليجرام:
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
❈- رقم الشيخ وتساب:
https://wa.me/967714256199 تليجرام:
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
❈- رقم الشيخ وتساب:
https://wa.me/967714256199 ...المزيد
*الفراغ.القاتل.الصامت.لأبنائنا.كيف.نحميهم.منه.في.العطلة.الصيفية.cc* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله ...
*الفراغ.القاتل.الصامت.لأبنائنا.كيف.نحميهم.منه.في.العطلة.الصيفية.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/SWbbyiN4RWU
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير المكلا 22/ شوال/1444هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
- فإن أعظم، وأخطر، وأجل ما يواجه أبناءنا وشبابنا وبناتنا وفلذات أكبادنا، وسر نهضة أمتنا، وأولئك الذين يصنعون حضارتنا، هو ذلك القاتل الصامت الذي يسري ما بين حين وآخر، ذلك القاتل الصامت الذي يدب فيما بينهم ما بين وقت ووقت، ذلك القاتل الصامت هو اعظم خطر إن لم يواجهه الشباب بحكمة وبصيرة، وبخطة محكمة قبل أن يقتله، قبل أن يقضي عليه، قبل أن ينهي حياته، وليست حياته الدنيا وفقط بل والأخرى أيضا، إنه الفراغ: ﴿وَمَن يَعشُ عَن ذِكرِ الرَّحمنِ نُقَيِّض لَهُ شَيطانًا فَهُوَ لَهُ قَرينٌ﴾ أصدقاء، وخلان متلازمان، ولابد من شغل للنفس وهي لا تحب الفراغ فإما أن تشغلها بالطاعة، وإلا شغلتك هي بالمعصية، إما أن تملئ وقتك أيها الشاب بما ينفعك، أو شغلك بما يضرك، والتهمك بكلك،
ولا ينتهي الأمر عند هذا بل وأنهم ليصدونهم عن السبيل يبعدونهم عن الطريق، يؤخرونهم ويضلونهم يردونهم إلى ضلال وغي وهم وغم وحزن وألم وبالتالي فلا ينفع نفسه ولا ينفع أمته ولا بيته ولا أسرته ولا أحد: ﴿وَإِنَّهُم لَيَصُدّونَهُم عَنِ السَّبيلِ وَيَحسَبونَ أَنَّهُم مُهتَدونَ حَتّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيتَ بَيني وَبَينَكَ بُعدَ المَشرِقَينِ فَبِئسَ القَرينُوَلَن يَنفَعَكُمُ اليَومَ إِذ ظَلَمتُم أَنَّكُم فِي العَذابِ مُشتَرِكونَ﴾… وكفى بهذه الآيات عظة وعبرة لقوم يعقلون.
- الفراغ نعمة عظيمة، أو نقمة كبيرة، الفراغ يقتل إن لم يستغل، الفراغ يؤدي بصاحبه لكل شر، ويبعده عن كل خير إن لم يتبصر، ولذلك قال الحبيب صلى الله عليه وسلم: "نعمتان مغبون فيهما كثيرٌ من الناس، الصحة والفراغ"، وإذا كان الفراغ قاتلاً حتى للكبار فكيف بالصغار وبالشباب؟ كيف بهؤلاء الذين يعدون المفتاح الأول والسر الأعظم لنهضة الأمم أو لزوالها، ومع هذا هم بأيدي من وجههم، فإما أن يتوجهوا نحو الخير والصلاح، أو الشر والفساد.
- فيا أيها الإخوة الفراغ قاتل صامت، ومدمّر ساكت، الفراغ شيطان من الشياطين، وكلما ظللت فارغًا ظل الشيطان بك طامعا، كما في الحكمة، فإما أن تشغل نفسك بما فيه خير أو شغلتك نفسك وشغلك شيطانك بما فيه شر، طريقان لا ثالث لهما إما أن يسلك المسلم طريق الخير فيقضي على فراغه، أو أن يسلك طريق الشر فيبقى على ما هو في فراغ، وفي هلك، وفي دمار فأهلك نفسه، وحياته، وكل شيء في عمره…
- وقد أجمع العلماء، والعقلاء، والعظماء، والفضلاء، وكل عاقل عمومًا الجميع ليس المسلمين وحسب، بل كل عاقل على وجه الأرض بأنه لن ينال البُطال منازل الأبطال، ولا يمكن أن تدرك الراحة بالراحة، ولا السعادة بالسعادة لا يمكن، وثمن السيادة هجر الوسادة كما يُقال، بل لا يمكن أبداً بإجماع عقلاء الناس جميعـًا لابد لمن أراد الراحة أن يتعب نفسه أولاً، ولمن أراد السعادة أن يهجر الوسادة أولاً، فلا تدرك الراحة بالراحة، ولا السعادة بالسعادة، ولا النعيم بالنعيم بإجماع عقلاء المسلمين وغير المسلمين، وكلنا نحفظ: ومن طلب العلا سهر الليالي، فلا يمكن أن يأتي النجاة والفلاح ولا يمكن أن يأتي المعاش والرغد، ولا يمكن أن تأتي الدنيا بمتعها، ولا يمكن أن تأتي الوظائف والمناصب، ولا يمكن أن ياتي شيء من هذا حتى في الدول المفسدة الفاسدة إلا بعمل ولو قل، لابد من العمل، لابد من الاجتهاد، لابد من الجد، لابد من ذلك حتى يصير ما يصير، فإذا نام وإذا كسل واذا اتبع نفسه هواها وإذا كان ما كان أصبح ذلك الإنسان على ما هو عليه يصبح ويمسي وهو في هامش الحياة، لأن الشيطان قد تسلط عليه وأصبح معه وفوق هذا ﴿وَإِنَّهُم لَيَصُدّونَهُم عَنِ السَّبيلِ وَيَحسَبونَ أَنَّهُم مُهتَدونَ}…
- وأما تهرب الشاب من جلد الذات ولومها بأعذار واهية وحجج باطلة وإيحاءات إبليسية فارغة خليني أخذ راحتي، ما في دراسة، ما في مدرسة، ما في عمل، ما في والد يتابع، ما في والدة، ما في صاحب، ما في تليفون، ما في ما في وبالتالي إذا كان هذا المافي لا زال عليه سيحطمه تحطيمـًا ويقتله قتلاً مؤبدا….
- وأقول للشاب وأوجه له نصيحة من قلبي إليكم أيها الشباب: لا تنتظروا لتوجيهات أب أو أم أو أهل أو أستاذ أو أي أحد بل وجه نفسك، واستغل وقتك، واحرص على كسب مهارات وعلوم وثقافات وخبرات، ولا تظل فارغا، اشغل نفسك وقت العطل المدرسية أو الجامعية والإجازات الصيفية بما ينفعك، ولا تنتظر لأحد بحيث إن كلموك وإلا نمت؛ فأنت الذي ستخسر نفسك وحياتك وعمرك… والوقت يمر عليك وعلى غيرك ففلان في شهر العصرية ذهب لدراسة لغة إنجليزية وأنت على الهاتف فاستفاد وأنت نسيت متعة اللعبة بالهاتف، وهو نسي تعب الدارسة لكن أفادته عمره كله، وفي الصباح أنت نمت وزميلك حضر للدراسة في المركز الصيفي فحفظ خمسة أجزاء من القرآن فأنت نسيت متعة النوم وهو نسي تعب الدراسة لكن استفاد دنيا وآخرة وهكذا… اشغل نفسك بأي علم وتعليم كان ولا تظل فارغا أبدا…
- وإذا كانت لا أنتبه لنفسه، ولا أحرص على وقتي، ولا أراقب ساعاتي ولحظاتي سأموت همًا وغمًا بعد أن يكبر سني ويرق عظمي، وأنا المتحسر أولاً وأخيراً وحدي، ولا علاقة لوالدي بعد أن أكبر، ولا لأهلي ولا لأستاذي ولا لمدرستي، ولا لجامعتي ولا لهذا وذاك، أنا كما قال الله: ﴿بَلِ الإِنسانُ عَلى نَفسِهِ بَصيرَةٌ﴾، أنا أخبر بنفسي الشيء الذي ينفعني أنا أذهب إليه، أما إذا ظللت السنين والساعات والأوقات تمضي ولا زال على ما هو عليه فهذه كارثة عظمى، ومعضلة كبرى، سيقضي عليه فراغه وينهي حياته ولابد وإن طالت به الحياة لكنه ميت وان عاش على ظهرها عاش ذليلاً مهانًا على هامش الحياة كأنه لا شيء، فإما أن يشتغل الشغل العادي من حمال أو مزارع… أو أن يذهب هناك وهناك ليتسكع، أو أن يكون في شغل شاغل من فقر وعوز ومرض… بعد أن يكبر، لكن لو أنه وطن نفسه من البداية وتنبه لحياته من الأول فاستغل شبابه وتعلم واستفاد فإنه سينجح في الأخير؛ لأنه تعب في البداية فارتاح في النهاية لكن من ارتاح في البداية وظل على ألاعيبه وعلى لهوه وشغله سيلاقي يومًا من الأيام جزاء عمله…
- فالفراغ مشكلة كبيرة، ومعضلة عظيمة تكتسح الشباب، وتلتهم فلذات الأكباد إذا لم يحسنوا له الاستغلال، وأضاعوا حياتهم فيه دون مراعاة له، فالواجب أن يشغل الشاب وقته بما ينفعه، وإذا كان الله قال لنبيه صلى الله عليه وسلم، وهو الذي لا يمكن أن يقع فريسة للفراغ كما قالت عائشة رضي الله عنها: "ما رأيت رسول الله فارغًا قط"، ولا مرة أراه فارغـًا لا أبداً هو مشغول هو مشغول دائمًا عليه الصلاة والسلام ومع هذا قال
له: ﴿فَإِذا فَرَغتَ فَانصَب﴾، على طول أول ما تنتهي من هذا العمل ابدأ بعمل جديد، هذه هي حياتك، هذه هي دنياك، هذه هي التجارة الرابحة، والخطة الناجحة، فإما ان تخطط في حياتك فتنجح، او لا تخطط ففشلت وأصبحت لا قيمة لك ولا خير فيك، فالفراغ يجب أن يستغل، ونحن في فترة ما بين دراستين خاصة طلاب المدارس…
- إن الفراغ هذا القاتل الموجود ما بين دراستين وما بين فصلين وما بين البينين كما سماه ابن عقيل الحنبلي الذي ألف كتاب الفنون بل ليس كتابًا واحداً بل هو موسوعة عالمية لا زالت كذلك ولا تضاهيها إلا موسوعة المعارف الأمريكية حاليًا ثلاثمائة مجلدة الفها متى؟ قال ما بين الوقتين ما بين الفراغ والفراغ ما بين أنتظر للطعام ما بين أن يأتي الطعام ما بين الآذان والإقامة، ما بين أن يأتي فلان واتأخر عن فلان، ما بين أن يتصل ويرد ما بين وما بين هذه الأوقات البينية الف كتابًا عظيما، بل مجلدات وموسوعة كبرى حتى قال كنت أفضل أكل الكيك على أكل الخبز، أكل الكيك لا يحتاج الى مضغ وبلع، ولا يحتاج كثيراً إلى حمام، بينما الخبز شيء آخر يحتاج إلى شغل شاغل، وبالتالي الأوقات البينية نظروا إليها فانجزوا فيها، بل عرفنا أحد الزملاء حفظ ألفية ابن مالك في النحو فيما بين دخول الشيخ وخروج الشيخ الآخر من قاعة الدراسة، وحفظ الألفية في أقل من شهرين فقط مدة يسيرة فحفظ ذلك…
- والآن ليست بلحظات ولا دقائق بينية بل هي أشهر من فراغ ملايين الطلاب وعبث بأوقاتهم، وتدمير ممنهج لمستقبلهم، والا لو كانت هناك خطة دراسية ما كان هذا العبث في أربعة اشهر بكاملها عطلة دراسية أي عطلة هذه؟ وأي مجون؟ وأي لعب بالأبناء وبالتالي فإذا كانت الدولة لم ترعى ابناءنا فالواجب علينا أن نرعاهم ولا نتركهم هملاً للشوارع وللتليفون وللضياع وللنوم هذا إن سلم بالنوم وقد ربما يأخذه الطرف الآخر إما رافضي أو علماني أو أدوات مشبوهة، فإذا لم يخطط الوالد الذي هو المسؤول الأول عن أبنائه وعن أسرته إذا لم يخطط لسد الفراغات الموجودة عند ولده قتل ولده عمداً ونحره حيًا واجهز عليه وهو ينظر إليه؛ لأنه لم يستغل وقته؛ ولأنه لم يخطط لنجاح ولده، وأقول للآباء يا أخي العزيز إذا لم ترد لولدك أن يحفظ القرآن ،ولا تريد مراكز التحفيظ فأشغله بأي دراسة كانت حتى لو علمته اللغة الفارسية المهم أن لا يبقى ضائعًا فارغًا، واستغل وقت ذكاه وفطنته بما ينفعه…
- فالواجب على الآباء أن يتنبهوا لأبنائهم وأن لا يتركوهم على ما هم عليه في ضياع للأوقات وبطالة ممحقة ولا صنعوا مجداً لأنفسهم ولا لأسرهم ولا لمجتمعاتهم ولا لأمتهم ولا لشيء من ذلك، الوقت يمضي علي وعليك وعلى الجميع فلان ابن فلان حفظ كذا وكذا من القرآن الكريم في نفس السنة وفي نفس العطلة وفي نفس الإجازة فماذا فعل ولدك؟ نسي النوم ونسي الهاتف ونسي الكلام الفارغ ونسي الدخول والخروج ونسي هذا وذاك والوقت قد مضى على الجميع فاجعله يمضي عليه وقد استغله.
- فيا أيها الإخوة واجبنا بأن نستيقظ وأن نيقظ أسرنا لأجل أن نحافظ عليهم باستغلال أوقاتهم فيما يعود عليهم وعلى مجتمعهم نفعه، أقول قولي هذا وأستغفر الله…
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
- روى الإمام البخاري عليه رحمة الله في كتابه الأدب المفرد وليس في الصحيح والحديث قد حسنه الألباني وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما معناه: "إن الرجل لترفع درجته في الجنة ثم يقول يا ربي أي شيء هذا، فيقول الله عز وجل له يا عبدي هذا ولدك استغفر لك، فرفعت لك درجتك بسبب استغفار ولدك لك"، وفي حديث رواه أحمد في مسنده (إن الرجل لتتبعه حسناته كالجبال فيقول أنى لي هذا فيقولون الملائكة له باستغفار ولدك لك، ﴿وَالَّذينَ آمَنوا وَاتَّبَعَتهُم ذُرِّيَّتُهُم بِإيمانٍ أَلحَقنا بِهِم ذُرِّيَّتَهُم وَما أَلَتناهُم مِن عَمَلِهِم مِن شَيءٍ كُلُّ...﴾)، ذكر الله، فكان نصيب الوالد من حسنات ولده، نصيبه من سيئات ولده اذا لم يربه، والله يقول في كتابه الكريم امرني الجميع﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا قوا أَنفُسَكُم وَأَهليكُم نارًا...َ﴾ لم يقل فقط أنفسكم بل وأهليكم…
- فالواجب على الأب وعلى الأخ ايضًا الكبير وعلينا جميعًا ان نستنفر أسرنا قبل أن تضيع في مضيعات الحياة وهي كثيرة جداً، كثيرة خاصة في زماننا فإن وسائل العصر الحديثة تقتل وتسرق وتبطش وتنحر وتهلك وتدمر وتفعل كل شيء وهو جالس على سرير بيته في غرفة وحدة فإنها تنحر حياته نحراً وتدمره تدميرا، وتهلكه إهلاكًا شديدا، يتحول إلى كافر، أو إلى علماني، أو إلى مجوسي، أو ألى أي دين من الأديان وعلى جواله فقط، شبهة قذفها ذاك الشيطان وأخرى من ذاك، أو من هذا الكاتب، أو والمقاطع، وهكذا دواليك حتى ينهي نفسه، وينهي حياته، وينهي مستقبله، وينهي إسلامه، وينهي وقته، وينهي دنياه وأخراه ألا فالله الله في أولادنا في أبنائنا في إخواننا في أسرننا في كل شيء له تبارك وتعالى امرهم، صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه لقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.org/
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://v.ht/vw5F1 ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/SWbbyiN4RWU
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير المكلا 22/ شوال/1444هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
- فإن أعظم، وأخطر، وأجل ما يواجه أبناءنا وشبابنا وبناتنا وفلذات أكبادنا، وسر نهضة أمتنا، وأولئك الذين يصنعون حضارتنا، هو ذلك القاتل الصامت الذي يسري ما بين حين وآخر، ذلك القاتل الصامت الذي يدب فيما بينهم ما بين وقت ووقت، ذلك القاتل الصامت هو اعظم خطر إن لم يواجهه الشباب بحكمة وبصيرة، وبخطة محكمة قبل أن يقتله، قبل أن يقضي عليه، قبل أن ينهي حياته، وليست حياته الدنيا وفقط بل والأخرى أيضا، إنه الفراغ: ﴿وَمَن يَعشُ عَن ذِكرِ الرَّحمنِ نُقَيِّض لَهُ شَيطانًا فَهُوَ لَهُ قَرينٌ﴾ أصدقاء، وخلان متلازمان، ولابد من شغل للنفس وهي لا تحب الفراغ فإما أن تشغلها بالطاعة، وإلا شغلتك هي بالمعصية، إما أن تملئ وقتك أيها الشاب بما ينفعك، أو شغلك بما يضرك، والتهمك بكلك،
ولا ينتهي الأمر عند هذا بل وأنهم ليصدونهم عن السبيل يبعدونهم عن الطريق، يؤخرونهم ويضلونهم يردونهم إلى ضلال وغي وهم وغم وحزن وألم وبالتالي فلا ينفع نفسه ولا ينفع أمته ولا بيته ولا أسرته ولا أحد: ﴿وَإِنَّهُم لَيَصُدّونَهُم عَنِ السَّبيلِ وَيَحسَبونَ أَنَّهُم مُهتَدونَ حَتّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيتَ بَيني وَبَينَكَ بُعدَ المَشرِقَينِ فَبِئسَ القَرينُوَلَن يَنفَعَكُمُ اليَومَ إِذ ظَلَمتُم أَنَّكُم فِي العَذابِ مُشتَرِكونَ﴾… وكفى بهذه الآيات عظة وعبرة لقوم يعقلون.
- الفراغ نعمة عظيمة، أو نقمة كبيرة، الفراغ يقتل إن لم يستغل، الفراغ يؤدي بصاحبه لكل شر، ويبعده عن كل خير إن لم يتبصر، ولذلك قال الحبيب صلى الله عليه وسلم: "نعمتان مغبون فيهما كثيرٌ من الناس، الصحة والفراغ"، وإذا كان الفراغ قاتلاً حتى للكبار فكيف بالصغار وبالشباب؟ كيف بهؤلاء الذين يعدون المفتاح الأول والسر الأعظم لنهضة الأمم أو لزوالها، ومع هذا هم بأيدي من وجههم، فإما أن يتوجهوا نحو الخير والصلاح، أو الشر والفساد.
- فيا أيها الإخوة الفراغ قاتل صامت، ومدمّر ساكت، الفراغ شيطان من الشياطين، وكلما ظللت فارغًا ظل الشيطان بك طامعا، كما في الحكمة، فإما أن تشغل نفسك بما فيه خير أو شغلتك نفسك وشغلك شيطانك بما فيه شر، طريقان لا ثالث لهما إما أن يسلك المسلم طريق الخير فيقضي على فراغه، أو أن يسلك طريق الشر فيبقى على ما هو في فراغ، وفي هلك، وفي دمار فأهلك نفسه، وحياته، وكل شيء في عمره…
- وقد أجمع العلماء، والعقلاء، والعظماء، والفضلاء، وكل عاقل عمومًا الجميع ليس المسلمين وحسب، بل كل عاقل على وجه الأرض بأنه لن ينال البُطال منازل الأبطال، ولا يمكن أن تدرك الراحة بالراحة، ولا السعادة بالسعادة لا يمكن، وثمن السيادة هجر الوسادة كما يُقال، بل لا يمكن أبداً بإجماع عقلاء الناس جميعـًا لابد لمن أراد الراحة أن يتعب نفسه أولاً، ولمن أراد السعادة أن يهجر الوسادة أولاً، فلا تدرك الراحة بالراحة، ولا السعادة بالسعادة، ولا النعيم بالنعيم بإجماع عقلاء المسلمين وغير المسلمين، وكلنا نحفظ: ومن طلب العلا سهر الليالي، فلا يمكن أن يأتي النجاة والفلاح ولا يمكن أن يأتي المعاش والرغد، ولا يمكن أن تأتي الدنيا بمتعها، ولا يمكن أن تأتي الوظائف والمناصب، ولا يمكن أن ياتي شيء من هذا حتى في الدول المفسدة الفاسدة إلا بعمل ولو قل، لابد من العمل، لابد من الاجتهاد، لابد من الجد، لابد من ذلك حتى يصير ما يصير، فإذا نام وإذا كسل واذا اتبع نفسه هواها وإذا كان ما كان أصبح ذلك الإنسان على ما هو عليه يصبح ويمسي وهو في هامش الحياة، لأن الشيطان قد تسلط عليه وأصبح معه وفوق هذا ﴿وَإِنَّهُم لَيَصُدّونَهُم عَنِ السَّبيلِ وَيَحسَبونَ أَنَّهُم مُهتَدونَ}…
- وأما تهرب الشاب من جلد الذات ولومها بأعذار واهية وحجج باطلة وإيحاءات إبليسية فارغة خليني أخذ راحتي، ما في دراسة، ما في مدرسة، ما في عمل، ما في والد يتابع، ما في والدة، ما في صاحب، ما في تليفون، ما في ما في وبالتالي إذا كان هذا المافي لا زال عليه سيحطمه تحطيمـًا ويقتله قتلاً مؤبدا….
- وأقول للشاب وأوجه له نصيحة من قلبي إليكم أيها الشباب: لا تنتظروا لتوجيهات أب أو أم أو أهل أو أستاذ أو أي أحد بل وجه نفسك، واستغل وقتك، واحرص على كسب مهارات وعلوم وثقافات وخبرات، ولا تظل فارغا، اشغل نفسك وقت العطل المدرسية أو الجامعية والإجازات الصيفية بما ينفعك، ولا تنتظر لأحد بحيث إن كلموك وإلا نمت؛ فأنت الذي ستخسر نفسك وحياتك وعمرك… والوقت يمر عليك وعلى غيرك ففلان في شهر العصرية ذهب لدراسة لغة إنجليزية وأنت على الهاتف فاستفاد وأنت نسيت متعة اللعبة بالهاتف، وهو نسي تعب الدارسة لكن أفادته عمره كله، وفي الصباح أنت نمت وزميلك حضر للدراسة في المركز الصيفي فحفظ خمسة أجزاء من القرآن فأنت نسيت متعة النوم وهو نسي تعب الدراسة لكن استفاد دنيا وآخرة وهكذا… اشغل نفسك بأي علم وتعليم كان ولا تظل فارغا أبدا…
- وإذا كانت لا أنتبه لنفسه، ولا أحرص على وقتي، ولا أراقب ساعاتي ولحظاتي سأموت همًا وغمًا بعد أن يكبر سني ويرق عظمي، وأنا المتحسر أولاً وأخيراً وحدي، ولا علاقة لوالدي بعد أن أكبر، ولا لأهلي ولا لأستاذي ولا لمدرستي، ولا لجامعتي ولا لهذا وذاك، أنا كما قال الله: ﴿بَلِ الإِنسانُ عَلى نَفسِهِ بَصيرَةٌ﴾، أنا أخبر بنفسي الشيء الذي ينفعني أنا أذهب إليه، أما إذا ظللت السنين والساعات والأوقات تمضي ولا زال على ما هو عليه فهذه كارثة عظمى، ومعضلة كبرى، سيقضي عليه فراغه وينهي حياته ولابد وإن طالت به الحياة لكنه ميت وان عاش على ظهرها عاش ذليلاً مهانًا على هامش الحياة كأنه لا شيء، فإما أن يشتغل الشغل العادي من حمال أو مزارع… أو أن يذهب هناك وهناك ليتسكع، أو أن يكون في شغل شاغل من فقر وعوز ومرض… بعد أن يكبر، لكن لو أنه وطن نفسه من البداية وتنبه لحياته من الأول فاستغل شبابه وتعلم واستفاد فإنه سينجح في الأخير؛ لأنه تعب في البداية فارتاح في النهاية لكن من ارتاح في البداية وظل على ألاعيبه وعلى لهوه وشغله سيلاقي يومًا من الأيام جزاء عمله…
- فالفراغ مشكلة كبيرة، ومعضلة عظيمة تكتسح الشباب، وتلتهم فلذات الأكباد إذا لم يحسنوا له الاستغلال، وأضاعوا حياتهم فيه دون مراعاة له، فالواجب أن يشغل الشاب وقته بما ينفعه، وإذا كان الله قال لنبيه صلى الله عليه وسلم، وهو الذي لا يمكن أن يقع فريسة للفراغ كما قالت عائشة رضي الله عنها: "ما رأيت رسول الله فارغًا قط"، ولا مرة أراه فارغـًا لا أبداً هو مشغول هو مشغول دائمًا عليه الصلاة والسلام ومع هذا قال
له: ﴿فَإِذا فَرَغتَ فَانصَب﴾، على طول أول ما تنتهي من هذا العمل ابدأ بعمل جديد، هذه هي حياتك، هذه هي دنياك، هذه هي التجارة الرابحة، والخطة الناجحة، فإما ان تخطط في حياتك فتنجح، او لا تخطط ففشلت وأصبحت لا قيمة لك ولا خير فيك، فالفراغ يجب أن يستغل، ونحن في فترة ما بين دراستين خاصة طلاب المدارس…
- إن الفراغ هذا القاتل الموجود ما بين دراستين وما بين فصلين وما بين البينين كما سماه ابن عقيل الحنبلي الذي ألف كتاب الفنون بل ليس كتابًا واحداً بل هو موسوعة عالمية لا زالت كذلك ولا تضاهيها إلا موسوعة المعارف الأمريكية حاليًا ثلاثمائة مجلدة الفها متى؟ قال ما بين الوقتين ما بين الفراغ والفراغ ما بين أنتظر للطعام ما بين أن يأتي الطعام ما بين الآذان والإقامة، ما بين أن يأتي فلان واتأخر عن فلان، ما بين أن يتصل ويرد ما بين وما بين هذه الأوقات البينية الف كتابًا عظيما، بل مجلدات وموسوعة كبرى حتى قال كنت أفضل أكل الكيك على أكل الخبز، أكل الكيك لا يحتاج الى مضغ وبلع، ولا يحتاج كثيراً إلى حمام، بينما الخبز شيء آخر يحتاج إلى شغل شاغل، وبالتالي الأوقات البينية نظروا إليها فانجزوا فيها، بل عرفنا أحد الزملاء حفظ ألفية ابن مالك في النحو فيما بين دخول الشيخ وخروج الشيخ الآخر من قاعة الدراسة، وحفظ الألفية في أقل من شهرين فقط مدة يسيرة فحفظ ذلك…
- والآن ليست بلحظات ولا دقائق بينية بل هي أشهر من فراغ ملايين الطلاب وعبث بأوقاتهم، وتدمير ممنهج لمستقبلهم، والا لو كانت هناك خطة دراسية ما كان هذا العبث في أربعة اشهر بكاملها عطلة دراسية أي عطلة هذه؟ وأي مجون؟ وأي لعب بالأبناء وبالتالي فإذا كانت الدولة لم ترعى ابناءنا فالواجب علينا أن نرعاهم ولا نتركهم هملاً للشوارع وللتليفون وللضياع وللنوم هذا إن سلم بالنوم وقد ربما يأخذه الطرف الآخر إما رافضي أو علماني أو أدوات مشبوهة، فإذا لم يخطط الوالد الذي هو المسؤول الأول عن أبنائه وعن أسرته إذا لم يخطط لسد الفراغات الموجودة عند ولده قتل ولده عمداً ونحره حيًا واجهز عليه وهو ينظر إليه؛ لأنه لم يستغل وقته؛ ولأنه لم يخطط لنجاح ولده، وأقول للآباء يا أخي العزيز إذا لم ترد لولدك أن يحفظ القرآن ،ولا تريد مراكز التحفيظ فأشغله بأي دراسة كانت حتى لو علمته اللغة الفارسية المهم أن لا يبقى ضائعًا فارغًا، واستغل وقت ذكاه وفطنته بما ينفعه…
- فالواجب على الآباء أن يتنبهوا لأبنائهم وأن لا يتركوهم على ما هم عليه في ضياع للأوقات وبطالة ممحقة ولا صنعوا مجداً لأنفسهم ولا لأسرهم ولا لمجتمعاتهم ولا لأمتهم ولا لشيء من ذلك، الوقت يمضي علي وعليك وعلى الجميع فلان ابن فلان حفظ كذا وكذا من القرآن الكريم في نفس السنة وفي نفس العطلة وفي نفس الإجازة فماذا فعل ولدك؟ نسي النوم ونسي الهاتف ونسي الكلام الفارغ ونسي الدخول والخروج ونسي هذا وذاك والوقت قد مضى على الجميع فاجعله يمضي عليه وقد استغله.
- فيا أيها الإخوة واجبنا بأن نستيقظ وأن نيقظ أسرنا لأجل أن نحافظ عليهم باستغلال أوقاتهم فيما يعود عليهم وعلى مجتمعهم نفعه، أقول قولي هذا وأستغفر الله…
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
- روى الإمام البخاري عليه رحمة الله في كتابه الأدب المفرد وليس في الصحيح والحديث قد حسنه الألباني وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما معناه: "إن الرجل لترفع درجته في الجنة ثم يقول يا ربي أي شيء هذا، فيقول الله عز وجل له يا عبدي هذا ولدك استغفر لك، فرفعت لك درجتك بسبب استغفار ولدك لك"، وفي حديث رواه أحمد في مسنده (إن الرجل لتتبعه حسناته كالجبال فيقول أنى لي هذا فيقولون الملائكة له باستغفار ولدك لك، ﴿وَالَّذينَ آمَنوا وَاتَّبَعَتهُم ذُرِّيَّتُهُم بِإيمانٍ أَلحَقنا بِهِم ذُرِّيَّتَهُم وَما أَلَتناهُم مِن عَمَلِهِم مِن شَيءٍ كُلُّ...﴾)، ذكر الله، فكان نصيب الوالد من حسنات ولده، نصيبه من سيئات ولده اذا لم يربه، والله يقول في كتابه الكريم امرني الجميع﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا قوا أَنفُسَكُم وَأَهليكُم نارًا...َ﴾ لم يقل فقط أنفسكم بل وأهليكم…
- فالواجب على الأب وعلى الأخ ايضًا الكبير وعلينا جميعًا ان نستنفر أسرنا قبل أن تضيع في مضيعات الحياة وهي كثيرة جداً، كثيرة خاصة في زماننا فإن وسائل العصر الحديثة تقتل وتسرق وتبطش وتنحر وتهلك وتدمر وتفعل كل شيء وهو جالس على سرير بيته في غرفة وحدة فإنها تنحر حياته نحراً وتدمره تدميرا، وتهلكه إهلاكًا شديدا، يتحول إلى كافر، أو إلى علماني، أو إلى مجوسي، أو ألى أي دين من الأديان وعلى جواله فقط، شبهة قذفها ذاك الشيطان وأخرى من ذاك، أو من هذا الكاتب، أو والمقاطع، وهكذا دواليك حتى ينهي نفسه، وينهي حياته، وينهي مستقبله، وينهي إسلامه، وينهي وقته، وينهي دنياه وأخراه ألا فالله الله في أولادنا في أبنائنا في إخواننا في أسرننا في كل شيء له تبارك وتعالى امرهم، صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه لقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.org/
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://v.ht/vw5F1 ...المزيد
*📖📚 من فتاوى الشيخ/عبدالله رفيق السوطي🌧* الجمع بين الصلاتين بعذر المطر بمجرد الغيم وتنبيهات ...
*📖📚 من فتاوى الشيخ/عبدالله رفيق السوطي🌧*
الجمع بين الصلاتين بعذر المطر بمجرد الغيم وتنبيهات مهمة
#الصلاة
📚 - #فتوى رقم( 1 00).
⚫️➖ *السؤال*:
صلينا الظهر، ثم صلينا ركعتي السنة، وبعد الصلاة بعشر دقائق، أو ربع ساعة، وقع مطر، فقام الإمام وأقام صلاة العصر، فما حكم الشرع في ذلك؟.
✍🏻➖ *الإجابة*:
- أولاً : أُنبّه أن الجمع لعذر المطر إنما هو رخصة فقط، وليس كمت بشاع بأنه سنة؛ فليس سنة كما نبه عليه شيخنا العمراني في شرحه لفقه السنة لسيد سابق؛ لأنه لم يرد عن النبي ﷺ الجمع لعذر المطر لا من قوله، ولا من فعله، ولا من تقريره ﷺ، وغاية ما يستدل به المستدلون قول ابن عباس: ( من غير خوف، ولا مطر) ولا دليل فيه لا من قريب ولا بعيد أنه ﷺ جمع في المطر، وإنما ذكر ابن عباس أمثلة لما يمكن أن تكون أعذار، ولو افترضناه فهو اجتهاد صحابي يخالفه قوله وفعله ﷺ، وليس قول أحد حجة مادام يخالف الوحي الصريح الصحيح، وقد ثبتت الأدلة من كتاب الله، وسنة رسوله ﷺ، وإجماع الأمة على وجوب التوقيت فلا ولن يعارض ذلك شيء والحمد لله.
- ثانياً: ما فعله الإمام ليس له ذلك؛ لأن شرط الجمع بين الصلاتين لعذر المطر يُشترط فيه -عند من يجيزه-: أن يكون هطول المطر مستمرًا في وقت الصلاة الأولى (الظهر هنا) حتى نهايتها، ويبدأ المصلون في الصلاة الثانية (العصر هنا) والمطر لا يزال مستمرًا، وبالتالي فلم يتحقق فيكم الشرط.
- ثالثا:ً لا نستطيع أن نقول أن صلاتكم (العصر) باطلة بالرغم من أن بعض العلماء قال بذلك نظرًا؛ لعدم دخول الوقت، ولكني لا أرى ذلك، ويمكن القول بأن صلاتكم صحيحة، ليس باعتبار مسألة المطر، وانما باعتبار آخر وهو حديث (أن النبي ﷺ صلّى ثمانيـًا، وسبعـًا من غير خوف ولا مطر ) وهو حديث متفق عليه
أي صلى الظهر والعصر جمعـًا، والمغرب والعشاء كذلك، كن مرة واحدة في حياته فقط، فيمكن نقول بأن صلاتكم للعصر بتلك الصورة صحيحة؛ للحديث السابق مع بقاء الإثم على الإمام .
- وأخيرًا : أُنبّه: على وجوب أن يكون الإمام متفقهـًا على الأقل بما لا يسعه جهله كإمام؛ فالإمامة ولاية شرعية مهمة وخطيرة كانت للأنبياء ثم أفضل الناس بعدهم، وهي ليست بالأمر الهين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
🌍- *#لمتابعة قناة فتاوى الشيخ/عبدالله رفيق السوطي "تليجرام" اشترك👇:*
https://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik ...المزيد
الجمع بين الصلاتين بعذر المطر بمجرد الغيم وتنبيهات مهمة
#الصلاة
📚 - #فتوى رقم( 1 00).
⚫️➖ *السؤال*:
صلينا الظهر، ثم صلينا ركعتي السنة، وبعد الصلاة بعشر دقائق، أو ربع ساعة، وقع مطر، فقام الإمام وأقام صلاة العصر، فما حكم الشرع في ذلك؟.
✍🏻➖ *الإجابة*:
- أولاً : أُنبّه أن الجمع لعذر المطر إنما هو رخصة فقط، وليس كمت بشاع بأنه سنة؛ فليس سنة كما نبه عليه شيخنا العمراني في شرحه لفقه السنة لسيد سابق؛ لأنه لم يرد عن النبي ﷺ الجمع لعذر المطر لا من قوله، ولا من فعله، ولا من تقريره ﷺ، وغاية ما يستدل به المستدلون قول ابن عباس: ( من غير خوف، ولا مطر) ولا دليل فيه لا من قريب ولا بعيد أنه ﷺ جمع في المطر، وإنما ذكر ابن عباس أمثلة لما يمكن أن تكون أعذار، ولو افترضناه فهو اجتهاد صحابي يخالفه قوله وفعله ﷺ، وليس قول أحد حجة مادام يخالف الوحي الصريح الصحيح، وقد ثبتت الأدلة من كتاب الله، وسنة رسوله ﷺ، وإجماع الأمة على وجوب التوقيت فلا ولن يعارض ذلك شيء والحمد لله.
- ثانياً: ما فعله الإمام ليس له ذلك؛ لأن شرط الجمع بين الصلاتين لعذر المطر يُشترط فيه -عند من يجيزه-: أن يكون هطول المطر مستمرًا في وقت الصلاة الأولى (الظهر هنا) حتى نهايتها، ويبدأ المصلون في الصلاة الثانية (العصر هنا) والمطر لا يزال مستمرًا، وبالتالي فلم يتحقق فيكم الشرط.
- ثالثا:ً لا نستطيع أن نقول أن صلاتكم (العصر) باطلة بالرغم من أن بعض العلماء قال بذلك نظرًا؛ لعدم دخول الوقت، ولكني لا أرى ذلك، ويمكن القول بأن صلاتكم صحيحة، ليس باعتبار مسألة المطر، وانما باعتبار آخر وهو حديث (أن النبي ﷺ صلّى ثمانيـًا، وسبعـًا من غير خوف ولا مطر ) وهو حديث متفق عليه
أي صلى الظهر والعصر جمعـًا، والمغرب والعشاء كذلك، كن مرة واحدة في حياته فقط، فيمكن نقول بأن صلاتكم للعصر بتلك الصورة صحيحة؛ للحديث السابق مع بقاء الإثم على الإمام .
- وأخيرًا : أُنبّه: على وجوب أن يكون الإمام متفقهـًا على الأقل بما لا يسعه جهله كإمام؛ فالإمامة ولاية شرعية مهمة وخطيرة كانت للأنبياء ثم أفضل الناس بعدهم، وهي ليست بالأمر الهين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
🌍- *#لمتابعة قناة فتاوى الشيخ/عبدالله رفيق السوطي "تليجرام" اشترك👇:*
https://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik ...المزيد
*أبناؤنا.وضرورة.المراكز.الصيفية.لهم.cc* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد ...
*أبناؤنا.وضرورة.المراكز.الصيفية.لهم.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/H8HoqPFycm4
*📆 تم إلقاؤها : بمسجد عمر بن عبدالعزيز 19/ شوال /1443هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- فقد جاء في الأثر أن عيسى عليه السلام مر ذات يوم على قبر وهو يعذب صاحبه فيه، فسمع عيسى عليه السلام من بكائه وأنينه وعذابه وآلامه ما خاف ووجل ورق له عيسى عليه السلام ورثي لحاله ودعا الله لصاحب القبر أن يخفف العذاب عليه، فلم يجب رب العالمين سبحانه وتعالى لذلك؛ لأن العبد يستحق بذنوبه هذا العذاب، فذهب عيسى من عند ذلك القبر لحال سبيله، وبعد سنوات جاء عيسى عليه السلام ماراً من على القبر فسمع وإذا بصاحب القبر ينعّم فيه، إذا هو اقتلب حاله من عذاب إلى نعيم، ومن صراخ إلى ضحك واستبشار، ومن حزن إلى فرح وسرور، انقلبت حياته رأسًا على عقب، فتعجب عيسى عليه السلام وقال لربه عز وجل مناديًا هل خرج هذا العبد إلى الدنيا ليعمل صالحًا فتغير حاله فأصبح على ما أسمع، ما الذي فعل هذا الرجل حتى تحول كل شيء إلى غير ذلك؟ قال الله تبارك وتعالى لعيسى عليه السلام: يا عيسى أن عبدي هذا قد كان على ما هو عليه من العصيان فاستحق بذلك العذاب في القبر قبل أن يأتي العذاب الأكبر يوم القيامة، ولكنه ترك جنينًا في بطن زوجته فخرج الولد للحياة ولد هذا الرجل صاحب القبر فخرج الولد للحياة فكبر وتعلم وأول ما تعلم أن أمرت به أمه ليذهب للكتاتيب صار أول ما نطق في الكتاب باسمي بسم الله الرحمن الرحيم، فأول ما نطق هناك باسمي،ثم قال الله عز وجل يا عيسى: "إني استحييت أن أعذب عبدي في باطن الأرض وولده يذكرني على ظاهرها"… .
- أرأيتم أيها الإخوة نفعه ماذا؟ نجاه ماذا؟ رفع عنه العذاب ماذا؟ لم يخرج هذا الرجل إلى الدنيا ليعمل خيراً ولكن ترك ولداً ليدعو له ترك ولداً ليذكر الله فيكتب الذكر لوالده، ترك ولداً على ظهر الحياة ليحفظ ليتعلم ليقرأ ليسبح ليذكر الله تبارك وتعالى فيكون ذلك الخير وتلك الحسنات الصادرة من الولد للوالد ما يعمله من خير وما يعمل من سوء وشر فلوالده ايضًا أجره ونصيبه من ذلك لا ريب ولا شك فيه أبدا فإنا الولد إنما هو قطعة من الوالد وإنما هو بضعة منهم، وهذا عمر رضي الله عنه كان يقول: "إني لأستكره نفسي على الجماع لعلها تخرج نسمة تسبح الله" أي فيكتب الله لي أجرها؛ لأني سبب وجوده للحياة، ولو لم يكن الوالد -والوالدة قطعا- لم يكن الولد، وأشبه بقول الفاروق ما قال الشعبي: "إذا بلغ الولد الاحتلام، واستطاع الوالد أن يزوجه فلم يفعل فزنا على والده مثل إثمه".
- بل هذا الله تعالى يقول: ﴿وَالَّذينَ آمَنوا وَاتَّبَعَتهُم ذُرِّيَّتُهُم بِإيمانٍ أَلحَقنا بِهِم ذُرِّيَّتَهُم وَما أَلَتناهُم مِن عَمَلِهِم مِن شَيءٌٍ﴾، ما ألتناهم أي أنقصناهم من عملهم من شيء بل عمله هو عمله لا ينقص الله عز وجل ذلك العبد من عمله شيئًا، ولكن إكرامًا لذلك الوالد أن ولده معه، ولكن إكرامًا لتلك المرأة الصالحة أن ولدها معها في الجنة، وأي كرامة وأي نعيم وأي خير تراه أن يتنعم الوالد في جنة عرضها السماوات والارض بينما ولده في النار، أو أن يتنعم الولد بينما الوالد في النار فلا نعيم حقيقي مادام لم تقر عينه بولده أو والده وهو معه، فمن أراد النعيم ومن أراد الخير ومن أراد الجنة ومن أراد السعادة في الدنيا وفي البرزخ وعند رب العالمين سبحانه وتعالى فعليه بتربية أولاده، وإلزامهم طاعة الله تعالى؛ فهم المشروع التجاري الأعظم والأكبر والأجل والأهم مع الله عز وجل، هم المشروع الناجح في الحياة، هم السعادة في الدنيا وفي الآخرة، هم الأمانة العظمى التي جعلها الله عزوجل بأيدينا، هم الأمانة الكبرى التي منحنا الله عز وجل إياها.
- الأبناء هؤلاء أيها الفضلاء إما أن يوصلونا إلى النعيم والسعادة في الدنيا وفي الآخرة، أو يوصلونا إلى الشقاء والتعاسة والجحيم في الدنيا وفي الآخرة أيضًا، إما أن نسعد بأبنائنا في الدنيا بأن نراهم على الخير وعلى الصلاح وعلى طاعة الله، فيدخل المسجد الولد قبل والده فيسعد الوالد، يتعلم فيعلم ويفقه ويحسن في دينه ودنياه أفضل من والده فيسعد الوالد، والناس يقولون هذا ابن فلان أحسن التربية، أن يحفظ كتاب الله تعالى يرتله يجوده يكون إماما أو مؤذنا فيسعد به والداه أعظم سعادة وتقر بذلك أعينهم أعظم قرار: ﴿وَالَّذينَ يَقولونَ رَبَّنا هَب لَنا مِن أَزواجِنا وَذُرِّيّاتِنا قُرَّةَ أَعيُنٍ وَاجعَلنا لِلمُتَّقينَ إِمامًا﴾.
ـ فمن أحسن تربية ولده سعد به قبل غيره، وقرت به عينه، وارتاحت له نفسه، وسعد في دنياه وآخرته، بل ثمرة ولده يراها والناس معه ظاهرة فيسعد الوالد ويسعد الناس ويدعون للوالد والولد، أما إذا كان والده لم يربه لم يعنه على طاعة الله لم يلزمه على ذلك فإن الولد سيذهب في طريق الشرور والمعاصي والحرام ستجده متسكعًا ذاهبًا آيبًا عند الحرام وفي الحرام وللحرام ومع أولاد السوق ممن لم يعرفوا المساجد، فعرف وإياهم طريق السجون لم يعرف طريق الخير فذهب نحو الشر، لم يعرف طريق الرحمن فعرف طريق الشيطان، لم يعرف شرب الحلال فذهب لشرب الحرام من الدخان والخمر والمخدرات والشبو وهذه الأضرار ومن ذلك القات، ومن هذه الأمور الموبقات، لم يعلمه الوالد الطريق الصحيح فاضطر الولد لأن يتعلم ويتعرف على أولاد السوء والسوق فيتجه نحوهم لأنه لم يجد المحضن الحقيقي في الأسرة الصالحة فعاش خاوي الروح فذهب إلى روح أخرى تنهي له الخواء، وتملي له الفراغ: ﴿وَمَن يَعشُ عَن ذِكرِ الرَّحمنِ نُقَيِّض لَهُ شَيطانًا فَهُوَ لَهُ قَرينٌ﴾، لا بديل لأسرة صالحة ملتزمة تربي الولد على طاعة الله إلا أصدقاء السوء الأشرار الذين يربونه على كل رذيلة وانحطاط، وأول من يتعب هو الوالد بولده، أول من يشقى أول من يتحسر أول من يندم أول من يذوق الحسرات على ولده هو الوالد، وأول من يتنعم أيضًا بولده هو الوالد….
- فنحن بين خيارين إما سعادة بأولادنا بأن نلزمهم طاعة الله، أو شقاء بأولادنا أن لا نعرفهم الطاعة وطريق الصلاح، وبعد أن سقت ما سقت حري أن أعود بكم للقصة التي وردت بداية الخطبة لو أن هذا الوالد مات وترك أراضي وعقارات وسيارات ودولارات وملايين بل مليارات الريالات، هل تراه سينعم الوالد ويخرج مما هو فيه من الضيق والألام والعذاب والعقاب في قبره ويخرج مما هو فيه إلى النعيم؟ هل سيخرج مما هو فيه من الشقاء؟ لأنه ترك لولده الأموال أم لأنه ترك لولده أمًا صالحة تربيه تحبب إليه الخير، وتبغض له الشر كتلك المرأة السابقة…
- أيها الأخوة أموالنا التي نجمعها في الدنيا العقارات السيارات الأراضي والمجوهرات وهذا وذاك من الأموال أيًا كانت صورتها مما نترك لأولادنا ليست هي التي تنجينا من عذاب ربنا، ليست تلك هي التي تخفف عنا العذاب والعقاب، ليست تلك التي ترفع عنا أن مأساة الدنيا والآخرة، وتخفف عنا ما يمكن أن نلاقيه في القبور كذلك الرجل، أو بعد القبر، ليست الا التربية الصالحة التي تنفعنا وتنفع أولادنا، ليست أي شيء من الشركات بل التركة الحقيقية والتجارة الرابحة العظمى التي يمكن أن نتركها لأولادنا أن نؤدبهم ونعلمهم علمًا حسناً، أن نربيهم تربية صالحة، أن نلدهم على طريق الخير والصلاح وأن نحثهم عليه، وإذا كان نبينا صلى الله عليه وسلم قد أمر بضرب الولد الصغير اذا بلغ العاشرة لأجل أن يصلي، "علموهم للصلاة أبناء سبع وأضربوهم عليها ابناء عشر"، فإذا كان أمر النبي بضرب الطفل حتى وهو في العاشرة فكيف بما فوق العاشرة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "ما نحل والد ولدا خيرا من أدب حسن" كما جاء في الحديث الحسن أيضًا وقد جاء عند البخاري في الأدب المفرد واحمد أيضا في المسند وصححه الألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "ترفع للعبد درجات في الجنة فيقول العبد يا ربي من أين لي هذا"، أياه ما الذي أوصلني إليه وحسناتي معروفة أنا في هذه الدرجة من الجنة ما الذي رفعني، فيقول الله تبارك وتعالى: "ولدك استغفر لك"، ولدك نفعك باستغفاره لك، بدعائه، بصلاحه، بقراءته، بصدقته، باستقامته بخيره، يرتفع الوالد عند ربه منازل دون أن يعمل الوالد لكن بعمل الولد انتفع الوالد، أترون الولد غير الصالح سيستغفر للوالد؟ سيصلي سيستقيم سينتفع والده بأعماله، أم ينزل الوالد دركات في النار فيقول كيف ولم فيقال ولدك سرق، زنا، شتم، نهب، أخذ، حشش،… ألم يقل نبينا صلى الله عليه وسلم في البخاري ومسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله الا من ثلاث" وذكر منها صلى الله عليه وسلم ومنها "ولد صالح يدعو له"، وانظروا لكلمة صالح ولد صالح يدعو له، لن يدعو لك الفاسد، لن يدعو لك الشرير، لن يدعو لك ولد السوق، لن يدعو لك صاحب الحرام الذي ورثت له والذي تعبت في الحياة والذي انتصبت والذي تحملت الديون والذي تحملت حرارة الشمس والذي تحملت ما تحملته في الحياة من أجل ولدك ذلك السيء من أجل أن تترك له ارثًا فلعب بتركتك ولعب بأموالك ولعب بما جمعت لأنه ليس بصالح أما الولد الصالح فهو فسيسخرها للصلاح والخير وتنتفع وإياه…
- فيا أيها الأخوة أولادنا مسؤوليتنا، أولادنا أمانة عندنا أولادنا أمل أمتنا أولادنا فلذات أكبادنا، نحن أمام خيارين إما أن نحافظ على هذه الأمانة التي اعطانا الله إياها أو نضيعها، "وكفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يعول" كما عند مسلم، أن يضيع أولئك، "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته"، ونحن والله أمام رعاية كبرى هي رعاية الأسرة اذا رعينا وراعينا وربينا وأحسنا وأدبنا وعلمنا الأسرة صلح المجتمع وبصلاح المجتمع صلاح الأمة، فالأمة بعدد أفرادها ثم بأسرها ثم بمجتمعها ثم بالأمة بأكملها، فإن صلحت الأسرة صلحت الأمة، فصلاح الأسرة صلاح للأمة نصر للأمة، فهل رعينا تلك الأسرة، هل ربيناها هل تابعنا هل راقبنا هل نظرنا لما يدخل ويخرج في بيوتنا، هل سألنا أولادنا من أين أتيت وأين تذهب؟ ومع من وماذا فعلت وماذا صنعت؟.
- هل راقبناه أم أننا ربما نترك لأمورنا وتوافه حياتنا أكثر مما نترك لأولادنا وربما لسيارته يحافظ عليها ينظر فيها يتفاقد أحوالها لكنه لا يتفاقد ولده لكنه لا يتنبه لولده لكنه لا يسأل عن ولده أين ذهب مع من ولماذا جاءت هذه ولماذا ولدي أصبح يتأخر في أمور دراسته وفي أمور مسجده وفي الصالحات وفي طاعة ما السبب؟ ما الذي أوداه إلى هذا ولا شيء من ذلك أبداً، وبالتالي اضعنا الامانة والله عز وجل يقول في كتابه الكريم: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تَخونُوا اللَّهَ وَالرَّسولَ وَتَخونوا أَماناتِكُم وَأَنتُم تَعلَمونَ﴾، نداء للمؤمنين ان لا يخونوا الأمانة وإن أعظم الأمانات هي أمانة الأولاد وأمانة الأسرة وفي البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من استرعاه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته الا حرم الله عليه الجنة"، لأنه غش الرعية لأنه لم يربهم لأنه لم يتابع لأنه لم يحافظ لأنه لم يؤدب لأنه لم يحسن إلى رعيته ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا قوا أَنفُسَكُم وَأَهليكُم نارًا وَقودُهَا النّاسُ وَالحِجارَةُ عَلَيها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعصونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُم وَيَفعَلونَ ما يُؤمَرونَ﴾، ومعنى الآية لا يكفي صلاحك واستقامتك والتزامك بالصف الأول في المسجد ثم تترك أهلك للضياع، والحرام، والنار، تترك ولدك في الشارع، وابنتك في السوق، وعلى الهاتف… ألا فلنحذر كل الحذر…
أقول قولي هذا وأستغفر الله.
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… أما بعد
- فإن هذه العطلة الصيفية التي نحن فيها فرصة كبرى للحفاظ على أولادنا، وفيها تكون المضيعة الكبرى لأولادنا أو تكون السعادة والتربية والتحول العظيم لأولادنا، العطلة الصيفية هذه التي نعيشها والفراغ الكبير الصباح والعصر والليل إما أن تفسد أخلاق أبنائنا أو أن تصلحهم، إما أن يذهبوا المسجد ولتعلم كتاب الله عز وجل او أيضًا نحو المعاهد لدراسة ما ينفع في أمور دينهم ودنياهم، وإما أن يكونوا على الهواتف وعند أولاد السوق والحرام، وسترون نتيجة ذلك في بداية السنة الدراسية ثم للحياة بأكملها يتغير الولد للأبد بسبب صديقه بسبب جلسات عصرية مع هذا او ذاك ولم يحافظ عليه والده ولم يراقب ولم يتابع ولم يحفظ الأمانة…
- ربما يقول بعض الأباء أنا لا استطيع أن أربي أن أعلّم أن أحاضر أن أنصح أن اتحدث بكتاب الله بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن أحفّظه القرآن، وهنا ياتي الجواب: إذا لم تستطع أنت فدله على أهل الصلاح، دله على اهل الخير، دله على المساجد، دله على أئمة المساجد. دله على المراكز الصيفية، دله على الحلقات المقامة في المساجد أيام الصيف، والمنتشرة أيضًا في كل مسجد في كل السنة، دله إذا لم تستطع أن تقول بلسانك فدله على من يقول له ذلك واديت بذلك الواجب واسقطت بذلك أمانة، والزمه بالحلقة، والمسجد، ورفقاء الصلاح…
- ثم يأتي الدور في المتابعة، وإن لم تستطع أن تتابع الولد مباشرة فتابع الأستاذ المدرس إمام المسجد ما الذي يفعل الولد، ولا تتركه دون سؤال؛ حتى ترى ثمرة، ويتشجع الولد، ويحفظ سريعا فتنجو وتسعد بولدك ووتتوج بتاج الوقار يوم القيامة كما في الحديث الحسن أو الصحيح عند كثير من المحدثين كالإمام الحاكم أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أن والد حامل القرآن يعني حافظ القرآن يتوج بتاج من نور أضوء من ضوء الشمس، فيقول الوالد بماذا بأي عمل؟ فيقول الله تبارك وتعالى بحفظ ولدك للقرآن يتوج بتاج الوقار يوم القيامة ثم يكسى بحلتين لا تقوّم لهم الدنيا، يعني أن قيمتهما اعظم من قيمة الدنيا بما فيها منذ أن خلق الله الدنيا حتى زوالها، لا تقوم لها الدنيا يكسى بها والد حامل القرب بحمل ولده للقرآن بأخذه لكتاب الله بحفظه للآيات البينات حفظ الله الوالد والولد وأهل بيته كلهم والأسرة بأكملها بسبب الولد، بولد واحد هو زكاة الأسرة… ومن لبس هذه الحلة وتوج هذا التاج فمعناه لن يدخل النار…
- ونحن في هذه الإيام نعيش ما نعيش من فوضى عارمة في العقيدة الاسلامية خاصة في بعض المناطق في الجمهورية اليمنية، اتحدث عن الرافضة الذين ينفقون أموالهم من أجل إهلاك الحرث والنسل في غسل أدمغة الشباب الصغار بعقائد فاسدة مجوسية رافضية، يقولون كرسمياتهم على أن من تبعهم في هذه المراكز قد تجاوز المليون طفل من أبناء اليمن ومعناه بعد سنة واحدة بل بعد شهر واحد تكون قد ترفض وأصبح مجوسيًا بامتياز، فما الذي نحن أعددنا لابنائنا، إذا كانوا يحرصون على هدم عقائدنا، ونشر فسادهم، وهم أهل باطل ويهتمون لباطلهم وينفقون ما ينفقون فأيننا نحن، وأين الحماية والتحصين لأبنائنا، وأين المسؤولية، وأين الأمانة، ولماذا لانواجه الفكر بالفكر العقيدة بالعقيدة وأن نواجه هؤلاء التغذية السيئة بالتربية الصالحة، فواجبنا أيها الإخوة أن نحافظ على أبنائنا وأن ندلهم على الخير وأن نبعدهم عن الشر، ونعلم على أنه الواجب والأكبر والمسئولية العظمى علينا هي أبناؤنا إن أحسنا فيهم أحسن الله إلينا وإن أسأنا فيهم فلا نأمن مكر الله أن ينزل بنا، فالله الله فيهم لنحافظ عليهنم ونربيهن لنحفظ أوقاتهم لنعلمهم الخير والصلاح لندلهم على مراكز التحفيظ وعلى حلقات القرآن وعلى أئمة المساجد وعلى أهل الصلاح، ولنبعدهم عن اهل الشر، ولا نتركهم هملا، ونضيعهم ثم نكتوي بنارهم ونتحسر بعد ذلك…
هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2 ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/H8HoqPFycm4
*📆 تم إلقاؤها : بمسجد عمر بن عبدالعزيز 19/ شوال /1443هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- فقد جاء في الأثر أن عيسى عليه السلام مر ذات يوم على قبر وهو يعذب صاحبه فيه، فسمع عيسى عليه السلام من بكائه وأنينه وعذابه وآلامه ما خاف ووجل ورق له عيسى عليه السلام ورثي لحاله ودعا الله لصاحب القبر أن يخفف العذاب عليه، فلم يجب رب العالمين سبحانه وتعالى لذلك؛ لأن العبد يستحق بذنوبه هذا العذاب، فذهب عيسى من عند ذلك القبر لحال سبيله، وبعد سنوات جاء عيسى عليه السلام ماراً من على القبر فسمع وإذا بصاحب القبر ينعّم فيه، إذا هو اقتلب حاله من عذاب إلى نعيم، ومن صراخ إلى ضحك واستبشار، ومن حزن إلى فرح وسرور، انقلبت حياته رأسًا على عقب، فتعجب عيسى عليه السلام وقال لربه عز وجل مناديًا هل خرج هذا العبد إلى الدنيا ليعمل صالحًا فتغير حاله فأصبح على ما أسمع، ما الذي فعل هذا الرجل حتى تحول كل شيء إلى غير ذلك؟ قال الله تبارك وتعالى لعيسى عليه السلام: يا عيسى أن عبدي هذا قد كان على ما هو عليه من العصيان فاستحق بذلك العذاب في القبر قبل أن يأتي العذاب الأكبر يوم القيامة، ولكنه ترك جنينًا في بطن زوجته فخرج الولد للحياة ولد هذا الرجل صاحب القبر فخرج الولد للحياة فكبر وتعلم وأول ما تعلم أن أمرت به أمه ليذهب للكتاتيب صار أول ما نطق في الكتاب باسمي بسم الله الرحمن الرحيم، فأول ما نطق هناك باسمي،ثم قال الله عز وجل يا عيسى: "إني استحييت أن أعذب عبدي في باطن الأرض وولده يذكرني على ظاهرها"… .
- أرأيتم أيها الإخوة نفعه ماذا؟ نجاه ماذا؟ رفع عنه العذاب ماذا؟ لم يخرج هذا الرجل إلى الدنيا ليعمل خيراً ولكن ترك ولداً ليدعو له ترك ولداً ليذكر الله فيكتب الذكر لوالده، ترك ولداً على ظهر الحياة ليحفظ ليتعلم ليقرأ ليسبح ليذكر الله تبارك وتعالى فيكون ذلك الخير وتلك الحسنات الصادرة من الولد للوالد ما يعمله من خير وما يعمل من سوء وشر فلوالده ايضًا أجره ونصيبه من ذلك لا ريب ولا شك فيه أبدا فإنا الولد إنما هو قطعة من الوالد وإنما هو بضعة منهم، وهذا عمر رضي الله عنه كان يقول: "إني لأستكره نفسي على الجماع لعلها تخرج نسمة تسبح الله" أي فيكتب الله لي أجرها؛ لأني سبب وجوده للحياة، ولو لم يكن الوالد -والوالدة قطعا- لم يكن الولد، وأشبه بقول الفاروق ما قال الشعبي: "إذا بلغ الولد الاحتلام، واستطاع الوالد أن يزوجه فلم يفعل فزنا على والده مثل إثمه".
- بل هذا الله تعالى يقول: ﴿وَالَّذينَ آمَنوا وَاتَّبَعَتهُم ذُرِّيَّتُهُم بِإيمانٍ أَلحَقنا بِهِم ذُرِّيَّتَهُم وَما أَلَتناهُم مِن عَمَلِهِم مِن شَيءٌٍ﴾، ما ألتناهم أي أنقصناهم من عملهم من شيء بل عمله هو عمله لا ينقص الله عز وجل ذلك العبد من عمله شيئًا، ولكن إكرامًا لذلك الوالد أن ولده معه، ولكن إكرامًا لتلك المرأة الصالحة أن ولدها معها في الجنة، وأي كرامة وأي نعيم وأي خير تراه أن يتنعم الوالد في جنة عرضها السماوات والارض بينما ولده في النار، أو أن يتنعم الولد بينما الوالد في النار فلا نعيم حقيقي مادام لم تقر عينه بولده أو والده وهو معه، فمن أراد النعيم ومن أراد الخير ومن أراد الجنة ومن أراد السعادة في الدنيا وفي البرزخ وعند رب العالمين سبحانه وتعالى فعليه بتربية أولاده، وإلزامهم طاعة الله تعالى؛ فهم المشروع التجاري الأعظم والأكبر والأجل والأهم مع الله عز وجل، هم المشروع الناجح في الحياة، هم السعادة في الدنيا وفي الآخرة، هم الأمانة العظمى التي جعلها الله عزوجل بأيدينا، هم الأمانة الكبرى التي منحنا الله عز وجل إياها.
- الأبناء هؤلاء أيها الفضلاء إما أن يوصلونا إلى النعيم والسعادة في الدنيا وفي الآخرة، أو يوصلونا إلى الشقاء والتعاسة والجحيم في الدنيا وفي الآخرة أيضًا، إما أن نسعد بأبنائنا في الدنيا بأن نراهم على الخير وعلى الصلاح وعلى طاعة الله، فيدخل المسجد الولد قبل والده فيسعد الوالد، يتعلم فيعلم ويفقه ويحسن في دينه ودنياه أفضل من والده فيسعد الوالد، والناس يقولون هذا ابن فلان أحسن التربية، أن يحفظ كتاب الله تعالى يرتله يجوده يكون إماما أو مؤذنا فيسعد به والداه أعظم سعادة وتقر بذلك أعينهم أعظم قرار: ﴿وَالَّذينَ يَقولونَ رَبَّنا هَب لَنا مِن أَزواجِنا وَذُرِّيّاتِنا قُرَّةَ أَعيُنٍ وَاجعَلنا لِلمُتَّقينَ إِمامًا﴾.
ـ فمن أحسن تربية ولده سعد به قبل غيره، وقرت به عينه، وارتاحت له نفسه، وسعد في دنياه وآخرته، بل ثمرة ولده يراها والناس معه ظاهرة فيسعد الوالد ويسعد الناس ويدعون للوالد والولد، أما إذا كان والده لم يربه لم يعنه على طاعة الله لم يلزمه على ذلك فإن الولد سيذهب في طريق الشرور والمعاصي والحرام ستجده متسكعًا ذاهبًا آيبًا عند الحرام وفي الحرام وللحرام ومع أولاد السوق ممن لم يعرفوا المساجد، فعرف وإياهم طريق السجون لم يعرف طريق الخير فذهب نحو الشر، لم يعرف طريق الرحمن فعرف طريق الشيطان، لم يعرف شرب الحلال فذهب لشرب الحرام من الدخان والخمر والمخدرات والشبو وهذه الأضرار ومن ذلك القات، ومن هذه الأمور الموبقات، لم يعلمه الوالد الطريق الصحيح فاضطر الولد لأن يتعلم ويتعرف على أولاد السوء والسوق فيتجه نحوهم لأنه لم يجد المحضن الحقيقي في الأسرة الصالحة فعاش خاوي الروح فذهب إلى روح أخرى تنهي له الخواء، وتملي له الفراغ: ﴿وَمَن يَعشُ عَن ذِكرِ الرَّحمنِ نُقَيِّض لَهُ شَيطانًا فَهُوَ لَهُ قَرينٌ﴾، لا بديل لأسرة صالحة ملتزمة تربي الولد على طاعة الله إلا أصدقاء السوء الأشرار الذين يربونه على كل رذيلة وانحطاط، وأول من يتعب هو الوالد بولده، أول من يشقى أول من يتحسر أول من يندم أول من يذوق الحسرات على ولده هو الوالد، وأول من يتنعم أيضًا بولده هو الوالد….
- فنحن بين خيارين إما سعادة بأولادنا بأن نلزمهم طاعة الله، أو شقاء بأولادنا أن لا نعرفهم الطاعة وطريق الصلاح، وبعد أن سقت ما سقت حري أن أعود بكم للقصة التي وردت بداية الخطبة لو أن هذا الوالد مات وترك أراضي وعقارات وسيارات ودولارات وملايين بل مليارات الريالات، هل تراه سينعم الوالد ويخرج مما هو فيه من الضيق والألام والعذاب والعقاب في قبره ويخرج مما هو فيه إلى النعيم؟ هل سيخرج مما هو فيه من الشقاء؟ لأنه ترك لولده الأموال أم لأنه ترك لولده أمًا صالحة تربيه تحبب إليه الخير، وتبغض له الشر كتلك المرأة السابقة…
- أيها الأخوة أموالنا التي نجمعها في الدنيا العقارات السيارات الأراضي والمجوهرات وهذا وذاك من الأموال أيًا كانت صورتها مما نترك لأولادنا ليست هي التي تنجينا من عذاب ربنا، ليست تلك هي التي تخفف عنا العذاب والعقاب، ليست تلك التي ترفع عنا أن مأساة الدنيا والآخرة، وتخفف عنا ما يمكن أن نلاقيه في القبور كذلك الرجل، أو بعد القبر، ليست الا التربية الصالحة التي تنفعنا وتنفع أولادنا، ليست أي شيء من الشركات بل التركة الحقيقية والتجارة الرابحة العظمى التي يمكن أن نتركها لأولادنا أن نؤدبهم ونعلمهم علمًا حسناً، أن نربيهم تربية صالحة، أن نلدهم على طريق الخير والصلاح وأن نحثهم عليه، وإذا كان نبينا صلى الله عليه وسلم قد أمر بضرب الولد الصغير اذا بلغ العاشرة لأجل أن يصلي، "علموهم للصلاة أبناء سبع وأضربوهم عليها ابناء عشر"، فإذا كان أمر النبي بضرب الطفل حتى وهو في العاشرة فكيف بما فوق العاشرة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "ما نحل والد ولدا خيرا من أدب حسن" كما جاء في الحديث الحسن أيضًا وقد جاء عند البخاري في الأدب المفرد واحمد أيضا في المسند وصححه الألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "ترفع للعبد درجات في الجنة فيقول العبد يا ربي من أين لي هذا"، أياه ما الذي أوصلني إليه وحسناتي معروفة أنا في هذه الدرجة من الجنة ما الذي رفعني، فيقول الله تبارك وتعالى: "ولدك استغفر لك"، ولدك نفعك باستغفاره لك، بدعائه، بصلاحه، بقراءته، بصدقته، باستقامته بخيره، يرتفع الوالد عند ربه منازل دون أن يعمل الوالد لكن بعمل الولد انتفع الوالد، أترون الولد غير الصالح سيستغفر للوالد؟ سيصلي سيستقيم سينتفع والده بأعماله، أم ينزل الوالد دركات في النار فيقول كيف ولم فيقال ولدك سرق، زنا، شتم، نهب، أخذ، حشش،… ألم يقل نبينا صلى الله عليه وسلم في البخاري ومسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله الا من ثلاث" وذكر منها صلى الله عليه وسلم ومنها "ولد صالح يدعو له"، وانظروا لكلمة صالح ولد صالح يدعو له، لن يدعو لك الفاسد، لن يدعو لك الشرير، لن يدعو لك ولد السوق، لن يدعو لك صاحب الحرام الذي ورثت له والذي تعبت في الحياة والذي انتصبت والذي تحملت الديون والذي تحملت حرارة الشمس والذي تحملت ما تحملته في الحياة من أجل ولدك ذلك السيء من أجل أن تترك له ارثًا فلعب بتركتك ولعب بأموالك ولعب بما جمعت لأنه ليس بصالح أما الولد الصالح فهو فسيسخرها للصلاح والخير وتنتفع وإياه…
- فيا أيها الأخوة أولادنا مسؤوليتنا، أولادنا أمانة عندنا أولادنا أمل أمتنا أولادنا فلذات أكبادنا، نحن أمام خيارين إما أن نحافظ على هذه الأمانة التي اعطانا الله إياها أو نضيعها، "وكفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يعول" كما عند مسلم، أن يضيع أولئك، "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته"، ونحن والله أمام رعاية كبرى هي رعاية الأسرة اذا رعينا وراعينا وربينا وأحسنا وأدبنا وعلمنا الأسرة صلح المجتمع وبصلاح المجتمع صلاح الأمة، فالأمة بعدد أفرادها ثم بأسرها ثم بمجتمعها ثم بالأمة بأكملها، فإن صلحت الأسرة صلحت الأمة، فصلاح الأسرة صلاح للأمة نصر للأمة، فهل رعينا تلك الأسرة، هل ربيناها هل تابعنا هل راقبنا هل نظرنا لما يدخل ويخرج في بيوتنا، هل سألنا أولادنا من أين أتيت وأين تذهب؟ ومع من وماذا فعلت وماذا صنعت؟.
- هل راقبناه أم أننا ربما نترك لأمورنا وتوافه حياتنا أكثر مما نترك لأولادنا وربما لسيارته يحافظ عليها ينظر فيها يتفاقد أحوالها لكنه لا يتفاقد ولده لكنه لا يتنبه لولده لكنه لا يسأل عن ولده أين ذهب مع من ولماذا جاءت هذه ولماذا ولدي أصبح يتأخر في أمور دراسته وفي أمور مسجده وفي الصالحات وفي طاعة ما السبب؟ ما الذي أوداه إلى هذا ولا شيء من ذلك أبداً، وبالتالي اضعنا الامانة والله عز وجل يقول في كتابه الكريم: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تَخونُوا اللَّهَ وَالرَّسولَ وَتَخونوا أَماناتِكُم وَأَنتُم تَعلَمونَ﴾، نداء للمؤمنين ان لا يخونوا الأمانة وإن أعظم الأمانات هي أمانة الأولاد وأمانة الأسرة وفي البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من استرعاه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته الا حرم الله عليه الجنة"، لأنه غش الرعية لأنه لم يربهم لأنه لم يتابع لأنه لم يحافظ لأنه لم يؤدب لأنه لم يحسن إلى رعيته ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا قوا أَنفُسَكُم وَأَهليكُم نارًا وَقودُهَا النّاسُ وَالحِجارَةُ عَلَيها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعصونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُم وَيَفعَلونَ ما يُؤمَرونَ﴾، ومعنى الآية لا يكفي صلاحك واستقامتك والتزامك بالصف الأول في المسجد ثم تترك أهلك للضياع، والحرام، والنار، تترك ولدك في الشارع، وابنتك في السوق، وعلى الهاتف… ألا فلنحذر كل الحذر…
أقول قولي هذا وأستغفر الله.
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… أما بعد
- فإن هذه العطلة الصيفية التي نحن فيها فرصة كبرى للحفاظ على أولادنا، وفيها تكون المضيعة الكبرى لأولادنا أو تكون السعادة والتربية والتحول العظيم لأولادنا، العطلة الصيفية هذه التي نعيشها والفراغ الكبير الصباح والعصر والليل إما أن تفسد أخلاق أبنائنا أو أن تصلحهم، إما أن يذهبوا المسجد ولتعلم كتاب الله عز وجل او أيضًا نحو المعاهد لدراسة ما ينفع في أمور دينهم ودنياهم، وإما أن يكونوا على الهواتف وعند أولاد السوق والحرام، وسترون نتيجة ذلك في بداية السنة الدراسية ثم للحياة بأكملها يتغير الولد للأبد بسبب صديقه بسبب جلسات عصرية مع هذا او ذاك ولم يحافظ عليه والده ولم يراقب ولم يتابع ولم يحفظ الأمانة…
- ربما يقول بعض الأباء أنا لا استطيع أن أربي أن أعلّم أن أحاضر أن أنصح أن اتحدث بكتاب الله بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن أحفّظه القرآن، وهنا ياتي الجواب: إذا لم تستطع أنت فدله على أهل الصلاح، دله على اهل الخير، دله على المساجد، دله على أئمة المساجد. دله على المراكز الصيفية، دله على الحلقات المقامة في المساجد أيام الصيف، والمنتشرة أيضًا في كل مسجد في كل السنة، دله إذا لم تستطع أن تقول بلسانك فدله على من يقول له ذلك واديت بذلك الواجب واسقطت بذلك أمانة، والزمه بالحلقة، والمسجد، ورفقاء الصلاح…
- ثم يأتي الدور في المتابعة، وإن لم تستطع أن تتابع الولد مباشرة فتابع الأستاذ المدرس إمام المسجد ما الذي يفعل الولد، ولا تتركه دون سؤال؛ حتى ترى ثمرة، ويتشجع الولد، ويحفظ سريعا فتنجو وتسعد بولدك ووتتوج بتاج الوقار يوم القيامة كما في الحديث الحسن أو الصحيح عند كثير من المحدثين كالإمام الحاكم أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أن والد حامل القرآن يعني حافظ القرآن يتوج بتاج من نور أضوء من ضوء الشمس، فيقول الوالد بماذا بأي عمل؟ فيقول الله تبارك وتعالى بحفظ ولدك للقرآن يتوج بتاج الوقار يوم القيامة ثم يكسى بحلتين لا تقوّم لهم الدنيا، يعني أن قيمتهما اعظم من قيمة الدنيا بما فيها منذ أن خلق الله الدنيا حتى زوالها، لا تقوم لها الدنيا يكسى بها والد حامل القرب بحمل ولده للقرآن بأخذه لكتاب الله بحفظه للآيات البينات حفظ الله الوالد والولد وأهل بيته كلهم والأسرة بأكملها بسبب الولد، بولد واحد هو زكاة الأسرة… ومن لبس هذه الحلة وتوج هذا التاج فمعناه لن يدخل النار…
- ونحن في هذه الإيام نعيش ما نعيش من فوضى عارمة في العقيدة الاسلامية خاصة في بعض المناطق في الجمهورية اليمنية، اتحدث عن الرافضة الذين ينفقون أموالهم من أجل إهلاك الحرث والنسل في غسل أدمغة الشباب الصغار بعقائد فاسدة مجوسية رافضية، يقولون كرسمياتهم على أن من تبعهم في هذه المراكز قد تجاوز المليون طفل من أبناء اليمن ومعناه بعد سنة واحدة بل بعد شهر واحد تكون قد ترفض وأصبح مجوسيًا بامتياز، فما الذي نحن أعددنا لابنائنا، إذا كانوا يحرصون على هدم عقائدنا، ونشر فسادهم، وهم أهل باطل ويهتمون لباطلهم وينفقون ما ينفقون فأيننا نحن، وأين الحماية والتحصين لأبنائنا، وأين المسؤولية، وأين الأمانة، ولماذا لانواجه الفكر بالفكر العقيدة بالعقيدة وأن نواجه هؤلاء التغذية السيئة بالتربية الصالحة، فواجبنا أيها الإخوة أن نحافظ على أبنائنا وأن ندلهم على الخير وأن نبعدهم عن الشر، ونعلم على أنه الواجب والأكبر والمسئولية العظمى علينا هي أبناؤنا إن أحسنا فيهم أحسن الله إلينا وإن أسأنا فيهم فلا نأمن مكر الله أن ينزل بنا، فالله الله فيهم لنحافظ عليهنم ونربيهن لنحفظ أوقاتهم لنعلمهم الخير والصلاح لندلهم على مراكز التحفيظ وعلى حلقات القرآن وعلى أئمة المساجد وعلى أهل الصلاح، ولنبعدهم عن اهل الشر، ولا نتركهم هملا، ونضيعهم ثم نكتوي بنارهم ونتحسر بعد ذلك…
هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2 ...المزيد
آخر جمعة من رمضان أحكام زكاة الفطرة #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي ...
آخر جمعة من رمضان أحكام زكاة الفطرة
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط وانظم بقناة الشيخ تليجرام 👇
https://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik/14226
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ 26/رمضان/
1445هـ ↶
👤ـ للشيخ/عبدالله رفيق السوطي.
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
- فإن الأيام تطوى، والعمر يمضي، وإنما هذه الأيام، وهذا العمر، وهذه السنين، وهذه الساعات، واللحظات، وكل شيء في الحياة إنما يذكّر الإنسان برحيله الكبير، وبمغادرة الحياة الدنيا إلى الحياة الأخرى، لمغادرة دار الدنيا إلى دار البقاء، لهجرته من هذه الدار التي هي كما قيل عنها:
أحلام نوم أو كظل زائل
إن الحليم بمثلها لا يُخدع
- هذه الأيام والأزمنه الذاهبة الآتية إنما هي عبرة وعظة ورمضان شاهد على ذلك؛ إذ هو أقرب مثال لنا لننظر في أيامنا وأعمالنا، وفي أزماننا أنه كما رحل سنرحل، وكما ذهب سنذهب، وكما ودعنا سيودعنا غيرنا في الدنيا، وسنودع الدنيا نحن أيضًا، وهذه الأيام دول تذهب أيام وتخلف غيرها، ونذهب عنها ونرحل إلى غيرها، وإنما الدنيا فقط متاع الغرور كما سماها الله عز وجل، وإنما هو سفر قصير لإقامة طويلة إما في الجنة وإما في النار عياذًا بالله.
- ألا فالاعتبار والاتعاظ في هذا الشهر المبارك هو واجب المسلم الحق، هو واجب المسلم الصادق، فلنعتبر ولنتعظ، وليعلم كل مسلم علم يقين أن عمره سيذهب، وأن حياته ستفنى، وأن صحته وغناه سيعبر، وأن كل شيء لديه، وأن كل شيء تملكه، وأن كل شيء كان معه فسيفقده كما فقد رمضان، ذلك الحبيب لكثير من الخلق، مع أن فيه ما فيه من العناء، وحرمان الناس من لذة شهوة وأكل وشرب، ومع ذلك هو حبيب للمسلمين رغم ما عانوا من مشقة الصيام، ومشقة الجوع، ومشقة الظمأ، ومشقة المرض الذي لعله أتاهم لكن صبروا إلى أن أفطروا، ولعلها مشاق كثيرة فهذا يعمل في وسط النهار، ومع هذا يجد في الصيام سلوة، يجد فيه متعة؛ لأنه يعلم علم اليقين أن الله تعالى سيجازيه به الجنة إن شاء الله؛ لأنه تبارك وتعالى قد قال: "كل عمل ابن آدم له إلا الصيام؛ فإنه لي، وأنا أجزي به"… وما ظنكم بجزاء أكرم الأكرمين، وأرحم الراحمين…
- وإنه كما رحل رمضان فسترحل بقية أيام عمرنا فلنستعد للرحيل إلى ربنا جل وعلا، ألا فالعبرة والاتعاظ واجب الإنسان في كل شيء في هذه الحياة… ألا وإن كان رحل أكثر رمضان لكن بقي ما أجمع علماء الإسلام على أن أفضل ما فيه هو آخره، وأفضل ما في آخره أوتاره، وهي التي يُرجى أن تكون فيها ليلة القدر خاصة ليلة السابع والعشرين من رمضان كما ذكره كثير من علماء الإسلام، والنبي صلى الله عليه وسلم قد تحدث عنها كثيرًا، وأخبر عنها طويلًا أعني ليلة السابع والعشرين حتى كان بعض الصحابة يقسمون بالله على أن الليلة التي هي ليلة القدر محققة هي ليلة السابع والعشرين من رمضان، وأنها أرجح في الأحاديث من غيرها من الليالي…
- ألا فإن المسلم لا يجوز أن يفوته الخير، وإن الخير كل الخير في رمضان وفي العشر الأواخر منه وليلة القدر بخصوصها، ألا وإن فاته رمضان وأيامه ولياليه الماضية فهنا بقيت اللحظات التي يتوج بها، والتي جعلها الله خير ليلة في العام على الإطلاق: ﴿إِنّا أَنزَلناهُ في لَيلَةِ القَدرِ وَما أَدراكَ ما لَيلَةُ القَدرِ لَيلَةُ القَدرِ خَيرٌ مِن أَلفِ شَهرٍ تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ وَالرّوحُ فيها بِإِذنِ رَبِّهِم مِن كُلِّ أَمرٍ سَلامٌ هِيَ حَتّى مَطلَعِ الفَجرِ﴾، فهي تزيد عمرًا إلى عمرك، فلو أن مسلمًا تعمّر أكثر من ثمانين سنة في خير، وآخر أدرك ليلة القدر لكانت ليلة القدر كافية وافية في أن يلحق من أدركها بمن فاتته في أكثر من ثمانين سنة وهو في خير دائم: ﴿لَيلَةُ القَدرِ لَيلَةُ القَدرِ خَيرٌ مِن أَلفِ شَهرٍ﴾…
- علمًا أن من خيرية ليلة القدر أن كل عبادة، وكل طاعة، وكل صلاة، وكل قراءة للقرآن، وكل عمل صالح يرفع لله من العبد فكأنه صدقة جارية لأكثر من ثمانين سنة، وكأنه يعمل هذا العمل في أكثر من ثمانين سنة: ﴿لَيلَةُ القَدرِ لَيلَةُ القَدرِ خَيرٌ مِن أَلفِ شَهرٍ﴾… والألف الشهر يعادل أكثر من ثلاث وثمانين سنة، ألا فليجتهد المسلم؛ فإن هذه هي الفرصة السانحة، هي الفرصة العظيمة، هو الباب الأكبر الذي فتحه الله عز وجل للمسلمين خاصة ولم يجعل هذه الخاصية لغيرهم، فلنقدرها حق قدرها، ولنري الله خيرًا من أنفسنا فيها: ﴿ذلِكَ وَمَن يُعَظِّم شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِن تَقوَى القُلوبِ﴾، ﴿ذلِكَ وَمَن يُعَظِّم حُرُماتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيرٌ لَهُ عِندَ رَبِّهِ﴾!.
- ألا وإن في آخر رمضان واجب المسلم أن يتنبه إلى فريضة شرعية جعلها الله عز وجل في آخر الصيام كطهرة وفريضة يجب تأديتها، سواء كان لتعويض عما نقص في الصيام، أو ما حدث من اللغو أو الرفث في نهار رمضان؛ لأنه شهر عظيم عَظَّمه الله، فإن حدث شيء في صيام العبد فعليه أن يُكفّر ذلك في آخر الشهر بفريضة واجبة فرضها الإسلام على كل مسلم، سواء كان كبيرًا أو صغيرًا، ذكرًا أو أنثى، على كل فرد وعبد، لم يُستثن شرع أي أحد.
- إذن فالتكليف بفريضة زكاة الفطر على الجميع، حيث أنها تخاطب الرؤوس ولا تخاطب المكلفين، فهي تخاطب رأس المسلم ما دام وُجد على ظهر الحياة من آخر يوم من رمضان، وقبل غروب شمس آخر يوم من رمضان، ويجب إخراجها حتى قبل إقامة صلاة العيد، ويُفضل إخراجها عن الجنين في بطن أمه، لكن ذلك يُعتبر استحبابًا لا وجوبًا، ولا يُعفى أحد من إخراجها عن كل حي وعن كل نفس، ولهذا تُسمى زكاة النفس، والنفوس، وزكاة الفطرة، وزكاة الفطر؛ لأنها مقيدة بالفطر منه، وتسمى زكاة الرؤوس، كما تُعرف أيضًا بزكاة رمضان وصدقة رمضان وصدقة الجبر وصدقة الفطر، أي جبر النقص الحاصل من الصائم….
- وهذه كلها أسماء متعددة لشيء واحد، هي الفريضة التي فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر رمضان كواجب على المسلم إخراجها عنه وعن من يعول من أهله ممن تجب عليه النفقة عليهم، سواء على أولاده الصغار الذين لا يزالون تحت نفقته، أو على زوجته، أو على والديه، أو على من يحتاج من أسرته، أما الشاب الذي يستطيع أن ينفق على نفسه غالباً، فإنه يخرج عن نفسه على الأقل، تعظيمًا للشرع، وتعليمًا لنفسه ليتعود على أداء الفرض المالي.
- فإن أخرج الأب فذلك، وقد سقط عن الولد الواجب، وأيضاً إن أخرجها عن أمه التي ليست عنده، بل عند أخيه تسكن، فلا بأس أن يُخرجها عنها، ومن كان خارج موطنه الأصل كالمغترب، أو البعيد داخل الوطن أو خارج الوطن، سواء كان هناك أو هنا فيخرجها في محل فطره، فإن أرسلها لبلده فيجوز خاصة إن كان فقراء بلده أشد وأحوج، لكن يكون تقديرها بقيمة اثنين كيلو ونصف من الأرز في موطن إقامته المؤقت
ثم يرسل لأهله ليسلموها للفقير كزكاة فطرة عنه، وإن كان الأفضل والأحسن أن يخرج الإنسان عن نفسه في المكان الذي قام فيه وفي الموطن الذي أقام فيه، لكن ذلك لا يُعتبر واجبًا حتميًا، بل قد تكون المصلحة في غير ذلك، مثل أن يخرجها لفقير بعيد عنه، فقد يعرف فقيرًا من الفقراء أو قريبًا من الأقارب، أشد حاجة ممن يعرف هنا فله أن يخرجها في ذلك المكان كما سبق…
- والمطلوب من المسلم أن يتخلص من هذه الزكاة التخلص الشرعي الواجب وليس أن يخرجها من ماله ثم يضعها لمن شاء لا لفقير بمسمى الفقير في الشرع، بل ربما يتحايل المسلم عليها فيضعها في يد غني أو في يد أحد أفراد الأسرة الذي لا يستحقها أصلًا، أو ربما يتحايل على الزكاة أن يُبادل بها إنسانًا: "أعطني زكاتك وأنا أعطيك زكاتي"، أو يخرجها للسيارة ونحوها قبل صلاة العيد، ثم يعود بها إلى بيته مدعيًا بأن المطلوب أن يخرجها من البيت قبل الصلاة ثم إذا عادت إليه ووزعها بعد الصلاة فلا إشكال، وهكذا دواليك من الحيل التي يندى لها الجبين على هذه الفريضة الشرعية التي فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في البخاري ومسلم…
- ألا فلا يحل للمسلم أن يتحايل على هذه الفريضة الشرعية، بل الواجب عليه أن يخرجها من أفضل ماله، ومن غالب قوته، كما أَمَر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ بعضهم قد يخرجها من الشيء الذي لا يأكله منه غالبًا فقد يأكل نوعًا من أنواع الطعام، مثل الأنواع الغالية، وقد ربما يأكل هو وأسرته من النوع الجيد فإذا ما جاءت زكاة الفطرة أخرج من النوع الرخيص أو النوع دون الوسط، أو من النوع الذي لا يأكل منه أبدًا كالأرز مثلًا يأكل وأهله من النوع الفاخر، وشركة ممتازة، وبسعر غال، فإذا كانت الزكاة يخرج من أقل الأنواع في السوق وأرخصها، فهذه محرمة، وحيلة على الزكاة مردودة، بل الواجب عليه أن يخرجها من غالب ما يأكل، ومما يرتضيه لنفسه كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿ وَلا تَيَمَّمُوا الخَبيثَ مِنهُ تُنفِقونَ وَلَستُم بِآخِذيهِ﴾ أي لو جعلت نفسك مقام الفقير هل ستأخذ هذا؟ لن تأخذه، ولن تأكله؛ لأنه خبيث: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا أَنفِقوا مِن طَيِّباتِ ما كَسَبتُم وَمِمّا أَخرَجنا لَكُم مِنَ الأَرضِ وَلا تَيَمَّمُوا الخَبيثَ مِنهُ تُنفِقونَ وَلَستُم بِآخِذيهِ إِلّا أَن تُغمِضوا فيهِ وَاعلَموا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَميدٌ﴾، الشيء الذي لا تريده. أن تيمم، لا، بل قال الله: ﴿لَن تَنالُوا البِرَّ حَتّى تُنفِقوا مِمّا تُحِبّونَ....!.
- وبالتالي فهذه الزكاة المفروضة واجب المسلم أن يخرج من أحب ماله إليه، أو على أقل الأحوال مما يأكل غالبًا فإن كان يأكل من أنواع متوسطة وأيضًا عالية فليخرج من النوع الوسط إن كان ولا بد.
- أيضًا أيها الإخوه فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد حددها، وحدد كم يخرج المسلم منها، وهذا التحديد من رسول الله ثابت قدره في كل زمان، وفي كل مكان، وعلى كل شخص فإنها تجب عليه بذلك القدر، ولا يختلف من بلد لبلد، ولا من زمان لزمان، هو الصاع الذي حدده النبي صلى الله عليه وسلم، ويقدر بالأوزان في أيامنا بقدر الكيلوين ونصف بالكيلو جرام.
- والأفضل والأحوط للمسلم أن يخرجها بالكيل، لا بالوزن؛ لأن الكيل أضبط، ويستوي فيه الخفيف والثقيل كالذرة والدقيق والأرز، فيأخذ شيئًا كقصعة ونحوها كعلبة الدانو الكبير، ثم يملؤها ويخرجها للفقير بقدر كل فرد في أسرته، فإن هذا المكيل يتساوى فيها الشيء الموجود كثيرًا والشيء الذي هو قليل، فقد ربما يتساوى مثلًا البر المطحون مع البر غير المطحون، فإذا أخرجها بالوزن فلا بأس .
- أيضًا يخرجها من الأكل الذي هو غالب في بلده، فمثلا لا تصح في زماننا من التمر مع أنها كانت تصح في زمنه عليه الصلاة والسلام، إذن فلا تصح الآن أن يخرجها من التمر؛ لأنه لم يعد قوتًا بل أصبح للفاكهة أقرب، ومنها ألصق، وإنما يخرج التمر في زماننا من يريد أن يتخلص من الزائد عنده… أو يخاف تنتهي صلاحيته لكثرته ولا زال مكدسًا لديه في بيته!.
- ألا فإن زكاة الفطر فريضة شرعية عظيمة فواجب المسلم أن يتنبه لها، وأن يحرص على أدائها على أكمل وجه؛ لأنها فريضة، والفرائض دائمًا تؤدى لله عز وجل كما يجب، وكما هي في تشريعه لها، لعل الله أن يتقبلها منه ﴿إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقينَ﴾ وإلا ردت عليه، وليس له إلا التعب.
أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ..
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:
- فأيها الإخوة، هذه الفريضة الشرعية المسماة بزكاة الفطرة لا يحل للمسلم أن يؤخرها عن وقتها الذي هو صلاة العيد، مع جواز أن يقدمها عن وقتها عند أكثر الفقهاء، حتى من أول رمضان، حتى في المذهب الشافعي وغيره يجوز له عندهم أن يخرجها من أول رمضان، بل عند الحنفية يجوز له أن يخرجها لعامين كاملين؛ لأنها زكاة واجبة على الرأس، فكما أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخذ الزكاة من بعض الصحابة مقدمًا فهذه منها قياسا.
- فيجوز للمسلم أن يخرجها قبل وجوبها؛ لأن لها وقتان، وقت موسع وهو من أول رمضان عند الجمهور، ووقت مضيق وهو من غروب شمس آخر يوم من رمضان حتى صلاة العيد، ثم لا يحل له بعد ذلك أي تأخير، ألا فمن كان فقيره في مكان بعيد فليبادر لإيصالها له في الوقت الموسع حتى تصل إليه قبل صلاة العيد، ولا داعي أن يضيق على نفسه فيتأخر في إخراجها أو يتحايل عليها بحجج واهية كضيق الوقت، وقلة الفقراء…
- للعلم أن الوقت الموسع هو وقت مباح، ووقت جائز الإخراج فيه والمضيق واجب، فإذا رأى مسلم فقيراً من الفقراء يحتاج لها في أول رمضان، أو في منتصف رمضان، أو حتى فرضًا لو عمل بقول الحنفية، ليخرجها قبل ذلك بسنة ما دام أنه رأى فقيراً يحتاج جداً وليس له إلا هي، ولا يستطيع أن يخرج أيضاً من صدقاته، فلا بأس أن يخرجها، وإن كان الأفضل والأحسن والأحوط والراجح أيضاً هو أن يخرجها فقط في شهر رمضان، لا يزيد عنه أبداً بعد صلاة العيد، بعد صلاة العيد، ولا ينقص عن شهر رمضان.
- ولو افترضنا أن مسلماً يريد أن يعطيها لفقير محتاج جدًا، أو قد وعده بذلك، أو يعرفه أشد حاجة من غيره، لكن لم يستطع أن يصل إليه بسبب بُعد مكانه، فالراجح أنه يجوز أن يتصل عليه وأن يخبره بأن زكاة الفطرة لديه، ثم الفقير يعين من يقبضها عنه، أو يجرج المخرج لها هو وكيله، فهذه أيضاً جائزة لا حرج منها، لأن الفقير قد وكله بأن يقبض عنه.
- والراجح أنها محصورة في الفقراء والمساكين، وليست كزكاة المال الواجبة العامة التي توزع في ثمانية أصناف أو أقل؟ أما زكاة الفطرة، فهي محصورة على الفقراء والمساكين وفق الراجح كن أقوال الفقهاء؛ فقد جمعها النبي صلى الله عليه وسلم لصنفين من الفقراء، أو من يتساوون مع الفقراء، وهم المساكين الذين هم أشد حاجة عند بعض الفقهاء، فهي محصورة في هذين الصنفين، فلا تُعطى لعاملين عليها ولا لدولة، لكن لو أن الدولة تعطي مرتبات ثم تخصم منها مباشرة كما تفعل بعض الدول، مثل اليمن، فلا حرج أن نعتبرها زكاة شرعية، ويخرج الباقي، فإذا كان لديهم أطفال صغار غير مسجلين في سجلات العمل، فلا بأس أن يخرج الزكاة عنهم، فهذا ما لا يسقط عنه، أو خصمت الدولة أقل مما يجب عليه فيجب أن يكمّل الباقي كما هو في بعض الأحيان قد تخصم الدولة عنهم شيئًا يسيرًا لا يساوي ما يجب عليهم، فهنا يجب عليه شرعًا أن يكمل الباقي، فلا يسقط عنه ذلك الإخراج الإجباري…
- ولا يحل للمسلم أن يعطي زكاته لظالم، رغبة منه أو اختيارًا، خاصة ممن ينفقونها في قتل المسلمين أو ظلمهم، ولا يحل له أن يعطيها لمن ينفقها في الباطل، مثل الشمال الذي تُعطى فيه للرافضة، لأن ذلك يعد اختيارًا خاطئًا، أما إذا كانت تُؤخذ منه قهرًا، فحينها يمكنه أن يعطي من ماله ما يدفع شرهم عنه لا كل الزكاة.
- وأخيرًا فنختم بمسألة دقيقة تتعلق بجواز إخراج الزكاة بالقيمة النقدية، هل يجوز للمسلم أن يخرجها من الدراهم أو من الطعام؟
- الراجح أنه لا بأس أن يخرجها من أيٍ من الأمرين: النقد أو الطعام، وإن كان الأفضل أن تكون من الطعام، لأنه هو الأصل الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، لكن إذا نظرنا إلى الأحاديث نجد أن العلة في ذلك هي إغناء الفقير، لذا فإن أي شيء يمكن أن يغني الفقير يعتبر جائزاً، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما علق الحكم على هذه العلة، وبالتالي فإن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، وبما أن العلة هي إغناء الفقير، فإن إخراج الزكاة بما يحقق هذا الهدف جائز، وفي عصرنا نجد أن النقد هو الوسيلة الأكثر فاعلية لتلبية احتياجات الفقراء، فالكثير من الفقراء يعانون من احتياجات مالية ملحة، لكن هناك بعض الفقهاء الذين يرون أن المعونة الغذائية لا تكفي، ما يؤدي إلى بيع ما يحصلون عليه من طعام بأسعار منخفضة.
- وأما كيف يقدر ما يجب عليه بالنقد، فنقول: انظر في أقرب بقالة لك عن سعر كيلوين ونصف الكيلو من الأرز ونحوه الذي ستخرجه، وعن كل نفس، ثم ادفعه للفقراء، فمثلا لو كان قيمة الاثنين كيلو والنصف ثلاثة آلاف ريال، وأنتم ثلاثة في البيت فيجب عليك تسعة آلاف ريال، وهكذا…
- وأما عن فرض النبي صلى الله عليه وسلم إخراج الطعام فلأنه في عصره لم يكن النقد متاحًا على نطاق واسع، وكان الذهب والفضة (كالدينار والدرهم) عملات نادرة في ذلك الزمان، لذا كانت الزكاة تُفرض على ما يتوفر لدى المسلمين في ذلك الوقت.
- وفي زمن معاوية رضي الله عنه أخرجها وأمر الناس أن يخرجوها بالنقد، وحدد لهم قدراً من الدنانير أن يخرجوا منها أو من الدراهم، وذلك لأنه وجد أن هذا النقد موجود لديهم، وقد أصبحت الدولة الإسلامية بإدارة جيدة، وبالتالي، فإذا أخرجوها بهذا المقدار فلا بأس أن يخرجوها به، وهذا هو مذهب كثير من الفقهاء كالحنفية وغيرهم، بل كان معاذ بن جبل رضي الله عنه، وهو فقيه الأمة، بشهادة نبينا ﷺ، يأخذها حتى من اللباس والقطن من أهل اليمن، ويأخذ أيضاً من النقد، لكونه رأى أن هؤلاء أغنياء وعندهم قدرة على البديل غير الطعام فأعلمهم به.
- وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الرسمي الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص الاحتياطي فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty3
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.com
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر (إكس):*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص تليجرام:*
https://t.me/alsoty
*❈- مجموعة #يستفتونك اطرح سؤال تليجرام:*
https://t.me/alsoty11
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط وانظم بقناة الشيخ تليجرام 👇
https://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik/14226
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ 26/رمضان/
1445هـ ↶
👤ـ للشيخ/عبدالله رفيق السوطي.
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
- فإن الأيام تطوى، والعمر يمضي، وإنما هذه الأيام، وهذا العمر، وهذه السنين، وهذه الساعات، واللحظات، وكل شيء في الحياة إنما يذكّر الإنسان برحيله الكبير، وبمغادرة الحياة الدنيا إلى الحياة الأخرى، لمغادرة دار الدنيا إلى دار البقاء، لهجرته من هذه الدار التي هي كما قيل عنها:
أحلام نوم أو كظل زائل
إن الحليم بمثلها لا يُخدع
- هذه الأيام والأزمنه الذاهبة الآتية إنما هي عبرة وعظة ورمضان شاهد على ذلك؛ إذ هو أقرب مثال لنا لننظر في أيامنا وأعمالنا، وفي أزماننا أنه كما رحل سنرحل، وكما ذهب سنذهب، وكما ودعنا سيودعنا غيرنا في الدنيا، وسنودع الدنيا نحن أيضًا، وهذه الأيام دول تذهب أيام وتخلف غيرها، ونذهب عنها ونرحل إلى غيرها، وإنما الدنيا فقط متاع الغرور كما سماها الله عز وجل، وإنما هو سفر قصير لإقامة طويلة إما في الجنة وإما في النار عياذًا بالله.
- ألا فالاعتبار والاتعاظ في هذا الشهر المبارك هو واجب المسلم الحق، هو واجب المسلم الصادق، فلنعتبر ولنتعظ، وليعلم كل مسلم علم يقين أن عمره سيذهب، وأن حياته ستفنى، وأن صحته وغناه سيعبر، وأن كل شيء لديه، وأن كل شيء تملكه، وأن كل شيء كان معه فسيفقده كما فقد رمضان، ذلك الحبيب لكثير من الخلق، مع أن فيه ما فيه من العناء، وحرمان الناس من لذة شهوة وأكل وشرب، ومع ذلك هو حبيب للمسلمين رغم ما عانوا من مشقة الصيام، ومشقة الجوع، ومشقة الظمأ، ومشقة المرض الذي لعله أتاهم لكن صبروا إلى أن أفطروا، ولعلها مشاق كثيرة فهذا يعمل في وسط النهار، ومع هذا يجد في الصيام سلوة، يجد فيه متعة؛ لأنه يعلم علم اليقين أن الله تعالى سيجازيه به الجنة إن شاء الله؛ لأنه تبارك وتعالى قد قال: "كل عمل ابن آدم له إلا الصيام؛ فإنه لي، وأنا أجزي به"… وما ظنكم بجزاء أكرم الأكرمين، وأرحم الراحمين…
- وإنه كما رحل رمضان فسترحل بقية أيام عمرنا فلنستعد للرحيل إلى ربنا جل وعلا، ألا فالعبرة والاتعاظ واجب الإنسان في كل شيء في هذه الحياة… ألا وإن كان رحل أكثر رمضان لكن بقي ما أجمع علماء الإسلام على أن أفضل ما فيه هو آخره، وأفضل ما في آخره أوتاره، وهي التي يُرجى أن تكون فيها ليلة القدر خاصة ليلة السابع والعشرين من رمضان كما ذكره كثير من علماء الإسلام، والنبي صلى الله عليه وسلم قد تحدث عنها كثيرًا، وأخبر عنها طويلًا أعني ليلة السابع والعشرين حتى كان بعض الصحابة يقسمون بالله على أن الليلة التي هي ليلة القدر محققة هي ليلة السابع والعشرين من رمضان، وأنها أرجح في الأحاديث من غيرها من الليالي…
- ألا فإن المسلم لا يجوز أن يفوته الخير، وإن الخير كل الخير في رمضان وفي العشر الأواخر منه وليلة القدر بخصوصها، ألا وإن فاته رمضان وأيامه ولياليه الماضية فهنا بقيت اللحظات التي يتوج بها، والتي جعلها الله خير ليلة في العام على الإطلاق: ﴿إِنّا أَنزَلناهُ في لَيلَةِ القَدرِ وَما أَدراكَ ما لَيلَةُ القَدرِ لَيلَةُ القَدرِ خَيرٌ مِن أَلفِ شَهرٍ تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ وَالرّوحُ فيها بِإِذنِ رَبِّهِم مِن كُلِّ أَمرٍ سَلامٌ هِيَ حَتّى مَطلَعِ الفَجرِ﴾، فهي تزيد عمرًا إلى عمرك، فلو أن مسلمًا تعمّر أكثر من ثمانين سنة في خير، وآخر أدرك ليلة القدر لكانت ليلة القدر كافية وافية في أن يلحق من أدركها بمن فاتته في أكثر من ثمانين سنة وهو في خير دائم: ﴿لَيلَةُ القَدرِ لَيلَةُ القَدرِ خَيرٌ مِن أَلفِ شَهرٍ﴾…
- علمًا أن من خيرية ليلة القدر أن كل عبادة، وكل طاعة، وكل صلاة، وكل قراءة للقرآن، وكل عمل صالح يرفع لله من العبد فكأنه صدقة جارية لأكثر من ثمانين سنة، وكأنه يعمل هذا العمل في أكثر من ثمانين سنة: ﴿لَيلَةُ القَدرِ لَيلَةُ القَدرِ خَيرٌ مِن أَلفِ شَهرٍ﴾… والألف الشهر يعادل أكثر من ثلاث وثمانين سنة، ألا فليجتهد المسلم؛ فإن هذه هي الفرصة السانحة، هي الفرصة العظيمة، هو الباب الأكبر الذي فتحه الله عز وجل للمسلمين خاصة ولم يجعل هذه الخاصية لغيرهم، فلنقدرها حق قدرها، ولنري الله خيرًا من أنفسنا فيها: ﴿ذلِكَ وَمَن يُعَظِّم شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِن تَقوَى القُلوبِ﴾، ﴿ذلِكَ وَمَن يُعَظِّم حُرُماتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيرٌ لَهُ عِندَ رَبِّهِ﴾!.
- ألا وإن في آخر رمضان واجب المسلم أن يتنبه إلى فريضة شرعية جعلها الله عز وجل في آخر الصيام كطهرة وفريضة يجب تأديتها، سواء كان لتعويض عما نقص في الصيام، أو ما حدث من اللغو أو الرفث في نهار رمضان؛ لأنه شهر عظيم عَظَّمه الله، فإن حدث شيء في صيام العبد فعليه أن يُكفّر ذلك في آخر الشهر بفريضة واجبة فرضها الإسلام على كل مسلم، سواء كان كبيرًا أو صغيرًا، ذكرًا أو أنثى، على كل فرد وعبد، لم يُستثن شرع أي أحد.
- إذن فالتكليف بفريضة زكاة الفطر على الجميع، حيث أنها تخاطب الرؤوس ولا تخاطب المكلفين، فهي تخاطب رأس المسلم ما دام وُجد على ظهر الحياة من آخر يوم من رمضان، وقبل غروب شمس آخر يوم من رمضان، ويجب إخراجها حتى قبل إقامة صلاة العيد، ويُفضل إخراجها عن الجنين في بطن أمه، لكن ذلك يُعتبر استحبابًا لا وجوبًا، ولا يُعفى أحد من إخراجها عن كل حي وعن كل نفس، ولهذا تُسمى زكاة النفس، والنفوس، وزكاة الفطرة، وزكاة الفطر؛ لأنها مقيدة بالفطر منه، وتسمى زكاة الرؤوس، كما تُعرف أيضًا بزكاة رمضان وصدقة رمضان وصدقة الجبر وصدقة الفطر، أي جبر النقص الحاصل من الصائم….
- وهذه كلها أسماء متعددة لشيء واحد، هي الفريضة التي فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر رمضان كواجب على المسلم إخراجها عنه وعن من يعول من أهله ممن تجب عليه النفقة عليهم، سواء على أولاده الصغار الذين لا يزالون تحت نفقته، أو على زوجته، أو على والديه، أو على من يحتاج من أسرته، أما الشاب الذي يستطيع أن ينفق على نفسه غالباً، فإنه يخرج عن نفسه على الأقل، تعظيمًا للشرع، وتعليمًا لنفسه ليتعود على أداء الفرض المالي.
- فإن أخرج الأب فذلك، وقد سقط عن الولد الواجب، وأيضاً إن أخرجها عن أمه التي ليست عنده، بل عند أخيه تسكن، فلا بأس أن يُخرجها عنها، ومن كان خارج موطنه الأصل كالمغترب، أو البعيد داخل الوطن أو خارج الوطن، سواء كان هناك أو هنا فيخرجها في محل فطره، فإن أرسلها لبلده فيجوز خاصة إن كان فقراء بلده أشد وأحوج، لكن يكون تقديرها بقيمة اثنين كيلو ونصف من الأرز في موطن إقامته المؤقت
ثم يرسل لأهله ليسلموها للفقير كزكاة فطرة عنه، وإن كان الأفضل والأحسن أن يخرج الإنسان عن نفسه في المكان الذي قام فيه وفي الموطن الذي أقام فيه، لكن ذلك لا يُعتبر واجبًا حتميًا، بل قد تكون المصلحة في غير ذلك، مثل أن يخرجها لفقير بعيد عنه، فقد يعرف فقيرًا من الفقراء أو قريبًا من الأقارب، أشد حاجة ممن يعرف هنا فله أن يخرجها في ذلك المكان كما سبق…
- والمطلوب من المسلم أن يتخلص من هذه الزكاة التخلص الشرعي الواجب وليس أن يخرجها من ماله ثم يضعها لمن شاء لا لفقير بمسمى الفقير في الشرع، بل ربما يتحايل المسلم عليها فيضعها في يد غني أو في يد أحد أفراد الأسرة الذي لا يستحقها أصلًا، أو ربما يتحايل على الزكاة أن يُبادل بها إنسانًا: "أعطني زكاتك وأنا أعطيك زكاتي"، أو يخرجها للسيارة ونحوها قبل صلاة العيد، ثم يعود بها إلى بيته مدعيًا بأن المطلوب أن يخرجها من البيت قبل الصلاة ثم إذا عادت إليه ووزعها بعد الصلاة فلا إشكال، وهكذا دواليك من الحيل التي يندى لها الجبين على هذه الفريضة الشرعية التي فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في البخاري ومسلم…
- ألا فلا يحل للمسلم أن يتحايل على هذه الفريضة الشرعية، بل الواجب عليه أن يخرجها من أفضل ماله، ومن غالب قوته، كما أَمَر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ بعضهم قد يخرجها من الشيء الذي لا يأكله منه غالبًا فقد يأكل نوعًا من أنواع الطعام، مثل الأنواع الغالية، وقد ربما يأكل هو وأسرته من النوع الجيد فإذا ما جاءت زكاة الفطرة أخرج من النوع الرخيص أو النوع دون الوسط، أو من النوع الذي لا يأكل منه أبدًا كالأرز مثلًا يأكل وأهله من النوع الفاخر، وشركة ممتازة، وبسعر غال، فإذا كانت الزكاة يخرج من أقل الأنواع في السوق وأرخصها، فهذه محرمة، وحيلة على الزكاة مردودة، بل الواجب عليه أن يخرجها من غالب ما يأكل، ومما يرتضيه لنفسه كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿ وَلا تَيَمَّمُوا الخَبيثَ مِنهُ تُنفِقونَ وَلَستُم بِآخِذيهِ﴾ أي لو جعلت نفسك مقام الفقير هل ستأخذ هذا؟ لن تأخذه، ولن تأكله؛ لأنه خبيث: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا أَنفِقوا مِن طَيِّباتِ ما كَسَبتُم وَمِمّا أَخرَجنا لَكُم مِنَ الأَرضِ وَلا تَيَمَّمُوا الخَبيثَ مِنهُ تُنفِقونَ وَلَستُم بِآخِذيهِ إِلّا أَن تُغمِضوا فيهِ وَاعلَموا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَميدٌ﴾، الشيء الذي لا تريده. أن تيمم، لا، بل قال الله: ﴿لَن تَنالُوا البِرَّ حَتّى تُنفِقوا مِمّا تُحِبّونَ....!.
- وبالتالي فهذه الزكاة المفروضة واجب المسلم أن يخرج من أحب ماله إليه، أو على أقل الأحوال مما يأكل غالبًا فإن كان يأكل من أنواع متوسطة وأيضًا عالية فليخرج من النوع الوسط إن كان ولا بد.
- أيضًا أيها الإخوه فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد حددها، وحدد كم يخرج المسلم منها، وهذا التحديد من رسول الله ثابت قدره في كل زمان، وفي كل مكان، وعلى كل شخص فإنها تجب عليه بذلك القدر، ولا يختلف من بلد لبلد، ولا من زمان لزمان، هو الصاع الذي حدده النبي صلى الله عليه وسلم، ويقدر بالأوزان في أيامنا بقدر الكيلوين ونصف بالكيلو جرام.
- والأفضل والأحوط للمسلم أن يخرجها بالكيل، لا بالوزن؛ لأن الكيل أضبط، ويستوي فيه الخفيف والثقيل كالذرة والدقيق والأرز، فيأخذ شيئًا كقصعة ونحوها كعلبة الدانو الكبير، ثم يملؤها ويخرجها للفقير بقدر كل فرد في أسرته، فإن هذا المكيل يتساوى فيها الشيء الموجود كثيرًا والشيء الذي هو قليل، فقد ربما يتساوى مثلًا البر المطحون مع البر غير المطحون، فإذا أخرجها بالوزن فلا بأس .
- أيضًا يخرجها من الأكل الذي هو غالب في بلده، فمثلا لا تصح في زماننا من التمر مع أنها كانت تصح في زمنه عليه الصلاة والسلام، إذن فلا تصح الآن أن يخرجها من التمر؛ لأنه لم يعد قوتًا بل أصبح للفاكهة أقرب، ومنها ألصق، وإنما يخرج التمر في زماننا من يريد أن يتخلص من الزائد عنده… أو يخاف تنتهي صلاحيته لكثرته ولا زال مكدسًا لديه في بيته!.
- ألا فإن زكاة الفطر فريضة شرعية عظيمة فواجب المسلم أن يتنبه لها، وأن يحرص على أدائها على أكمل وجه؛ لأنها فريضة، والفرائض دائمًا تؤدى لله عز وجل كما يجب، وكما هي في تشريعه لها، لعل الله أن يتقبلها منه ﴿إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقينَ﴾ وإلا ردت عليه، وليس له إلا التعب.
أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ..
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:
- فأيها الإخوة، هذه الفريضة الشرعية المسماة بزكاة الفطرة لا يحل للمسلم أن يؤخرها عن وقتها الذي هو صلاة العيد، مع جواز أن يقدمها عن وقتها عند أكثر الفقهاء، حتى من أول رمضان، حتى في المذهب الشافعي وغيره يجوز له عندهم أن يخرجها من أول رمضان، بل عند الحنفية يجوز له أن يخرجها لعامين كاملين؛ لأنها زكاة واجبة على الرأس، فكما أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخذ الزكاة من بعض الصحابة مقدمًا فهذه منها قياسا.
- فيجوز للمسلم أن يخرجها قبل وجوبها؛ لأن لها وقتان، وقت موسع وهو من أول رمضان عند الجمهور، ووقت مضيق وهو من غروب شمس آخر يوم من رمضان حتى صلاة العيد، ثم لا يحل له بعد ذلك أي تأخير، ألا فمن كان فقيره في مكان بعيد فليبادر لإيصالها له في الوقت الموسع حتى تصل إليه قبل صلاة العيد، ولا داعي أن يضيق على نفسه فيتأخر في إخراجها أو يتحايل عليها بحجج واهية كضيق الوقت، وقلة الفقراء…
- للعلم أن الوقت الموسع هو وقت مباح، ووقت جائز الإخراج فيه والمضيق واجب، فإذا رأى مسلم فقيراً من الفقراء يحتاج لها في أول رمضان، أو في منتصف رمضان، أو حتى فرضًا لو عمل بقول الحنفية، ليخرجها قبل ذلك بسنة ما دام أنه رأى فقيراً يحتاج جداً وليس له إلا هي، ولا يستطيع أن يخرج أيضاً من صدقاته، فلا بأس أن يخرجها، وإن كان الأفضل والأحسن والأحوط والراجح أيضاً هو أن يخرجها فقط في شهر رمضان، لا يزيد عنه أبداً بعد صلاة العيد، بعد صلاة العيد، ولا ينقص عن شهر رمضان.
- ولو افترضنا أن مسلماً يريد أن يعطيها لفقير محتاج جدًا، أو قد وعده بذلك، أو يعرفه أشد حاجة من غيره، لكن لم يستطع أن يصل إليه بسبب بُعد مكانه، فالراجح أنه يجوز أن يتصل عليه وأن يخبره بأن زكاة الفطرة لديه، ثم الفقير يعين من يقبضها عنه، أو يجرج المخرج لها هو وكيله، فهذه أيضاً جائزة لا حرج منها، لأن الفقير قد وكله بأن يقبض عنه.
- والراجح أنها محصورة في الفقراء والمساكين، وليست كزكاة المال الواجبة العامة التي توزع في ثمانية أصناف أو أقل؟ أما زكاة الفطرة، فهي محصورة على الفقراء والمساكين وفق الراجح كن أقوال الفقهاء؛ فقد جمعها النبي صلى الله عليه وسلم لصنفين من الفقراء، أو من يتساوون مع الفقراء، وهم المساكين الذين هم أشد حاجة عند بعض الفقهاء، فهي محصورة في هذين الصنفين، فلا تُعطى لعاملين عليها ولا لدولة، لكن لو أن الدولة تعطي مرتبات ثم تخصم منها مباشرة كما تفعل بعض الدول، مثل اليمن، فلا حرج أن نعتبرها زكاة شرعية، ويخرج الباقي، فإذا كان لديهم أطفال صغار غير مسجلين في سجلات العمل، فلا بأس أن يخرج الزكاة عنهم، فهذا ما لا يسقط عنه، أو خصمت الدولة أقل مما يجب عليه فيجب أن يكمّل الباقي كما هو في بعض الأحيان قد تخصم الدولة عنهم شيئًا يسيرًا لا يساوي ما يجب عليهم، فهنا يجب عليه شرعًا أن يكمل الباقي، فلا يسقط عنه ذلك الإخراج الإجباري…
- ولا يحل للمسلم أن يعطي زكاته لظالم، رغبة منه أو اختيارًا، خاصة ممن ينفقونها في قتل المسلمين أو ظلمهم، ولا يحل له أن يعطيها لمن ينفقها في الباطل، مثل الشمال الذي تُعطى فيه للرافضة، لأن ذلك يعد اختيارًا خاطئًا، أما إذا كانت تُؤخذ منه قهرًا، فحينها يمكنه أن يعطي من ماله ما يدفع شرهم عنه لا كل الزكاة.
- وأخيرًا فنختم بمسألة دقيقة تتعلق بجواز إخراج الزكاة بالقيمة النقدية، هل يجوز للمسلم أن يخرجها من الدراهم أو من الطعام؟
- الراجح أنه لا بأس أن يخرجها من أيٍ من الأمرين: النقد أو الطعام، وإن كان الأفضل أن تكون من الطعام، لأنه هو الأصل الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، لكن إذا نظرنا إلى الأحاديث نجد أن العلة في ذلك هي إغناء الفقير، لذا فإن أي شيء يمكن أن يغني الفقير يعتبر جائزاً، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما علق الحكم على هذه العلة، وبالتالي فإن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، وبما أن العلة هي إغناء الفقير، فإن إخراج الزكاة بما يحقق هذا الهدف جائز، وفي عصرنا نجد أن النقد هو الوسيلة الأكثر فاعلية لتلبية احتياجات الفقراء، فالكثير من الفقراء يعانون من احتياجات مالية ملحة، لكن هناك بعض الفقهاء الذين يرون أن المعونة الغذائية لا تكفي، ما يؤدي إلى بيع ما يحصلون عليه من طعام بأسعار منخفضة.
- وأما كيف يقدر ما يجب عليه بالنقد، فنقول: انظر في أقرب بقالة لك عن سعر كيلوين ونصف الكيلو من الأرز ونحوه الذي ستخرجه، وعن كل نفس، ثم ادفعه للفقراء، فمثلا لو كان قيمة الاثنين كيلو والنصف ثلاثة آلاف ريال، وأنتم ثلاثة في البيت فيجب عليك تسعة آلاف ريال، وهكذا…
- وأما عن فرض النبي صلى الله عليه وسلم إخراج الطعام فلأنه في عصره لم يكن النقد متاحًا على نطاق واسع، وكان الذهب والفضة (كالدينار والدرهم) عملات نادرة في ذلك الزمان، لذا كانت الزكاة تُفرض على ما يتوفر لدى المسلمين في ذلك الوقت.
- وفي زمن معاوية رضي الله عنه أخرجها وأمر الناس أن يخرجوها بالنقد، وحدد لهم قدراً من الدنانير أن يخرجوا منها أو من الدراهم، وذلك لأنه وجد أن هذا النقد موجود لديهم، وقد أصبحت الدولة الإسلامية بإدارة جيدة، وبالتالي، فإذا أخرجوها بهذا المقدار فلا بأس أن يخرجوها به، وهذا هو مذهب كثير من الفقهاء كالحنفية وغيرهم، بل كان معاذ بن جبل رضي الله عنه، وهو فقيه الأمة، بشهادة نبينا ﷺ، يأخذها حتى من اللباس والقطن من أهل اليمن، ويأخذ أيضاً من النقد، لكونه رأى أن هؤلاء أغنياء وعندهم قدرة على البديل غير الطعام فأعلمهم به.
- وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الرسمي الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص الاحتياطي فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty3
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.com
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر (إكس):*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص تليجرام:*
https://t.me/alsoty
*❈- مجموعة #يستفتونك اطرح سؤال تليجرام:*
https://t.me/alsoty11
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A ...المزيد
معلومات
✾- مجاز في الفتوى، والتدريس، والدعوة من فضيلة مفتي الديار اليمنية القاضي/ محمد بن إسماعيل العمراني. ❖- زكّاه أبرز وأشهر العلماء، منهم مفتي اليمن، ورئيس هيئة علماء اليمن رئيس جامعة الإيمان، ونائبه، وغيرهم.... ❀- حصل على إجازات مختلفة، عامة، وخاصة من كبار العلماء، وفي شتّى العلوم الشرعية منها: إجازة في القراءات السبع، وإجازة خاصة برواية حفص عن عاصم، والكتب الستة، والعقيدة، والإيمان، واللغة، والفقه، وأصول الفقه، والتفسير، والحديث، والمصطلح، والتوحيد، والتجويد، والسيرة، والنحو، والصرف، والتصريف، وعلم البلاغة( معان، وبيان، وبديع)، والتاريخ، والآداب، والأدب، والمنطق، والحساب، والأذكار، والأدعية، والأخلاق، والفلك… ✦- له إجازات في المذاهب الأربعة، وإجازات في جميع مصنفات بعض العلماء كمصنفات ابن الجوزي، والسيوطي، والخطيب البغدادي، وابن حجر العسقلاني، والبيهقي.. ✺- أستاذ بجامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية، وجامعة الإيمان، وجامعة العلوم والتكنلوجيا بالمكلا. ❃- نال عضوية الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين عام 2019م. ┈┉┅━━ ❀ ❃ ✾ ❈ ❀━━ ┅┉┈ ❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي: ❈- الصفحة العامة فيسبوك: https://www.facebook.com/Alsoty2 ❈- الحساب الخاص فيسبوك: https://www.facebook.com/Alsoty1 ❈- القناة يوتيوب: https://www.youtube.com//Alsoty1 ❈- حساب تويتر: https://mobile.twitter.com/Alsoty1 ❈- المدونة الشخصية: https://Alsoty1.blogspot.com/ ❈- حساب انستقرام: https://www.instagram.com/alsoty1 ❈- حساب سناب شات: https://www.snapchat.com/add/alsoty1 ❈- إيميل: [email protected] ❈- قناة الفتاوى تليجرام: http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik ❈- رقم الشيخ وتساب: https://wa.me/967714256199
أكمل القراءةالمواد المحفوظة 5
- دين لا تحافظ عليه وقت رخائك لن تعود إليه وقت شدتك، ولن ينفعك وقت ضرك.
- سورة عبس (1)
- النهي عن الاصطفاف بين السواري في الصلاة
- 🔹- ﻻ ﻳﺤﻞ ﻷﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺮﻗﻴﺔ ﺃﻥ ﻳﺒﻌﺜﻮﺍ ﺍﻟﻴﺄﺱ ﻓﻲ ﻧﻔﻮﺱ ﺍﻟﻤﺮﺿﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻔﺎﺀ؛ ﻛﻲ ﻳﺴﺘﻤﺮﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﺑﻮﺍﺑﻬﻢ ﺑﺎﺳﻢ ﺟﻠﺴﺎﺕ، ...
- ❁- النار أقرب إليك من شراك نعلك، والجنة شبه ذلك، فعش بين خوفك ورجائك، وسيحدد دخولك لأحدهما عملك.