ألا سحقًا سحقًا فهم خوفا من الموت يأبون القتال في سبيل الله تعالى ثم خوفا من الموت يقاتلون في ...

ألا سحقًا سحقًا

فهم خوفا من الموت يأبون القتال في سبيل الله تعالى ثم خوفا من الموت يقاتلون في سبيل الطاغوت فالناس من خيشة الذل تعيش كل أعمارها في ذل وهربًا من الموت في سبيل الله تعالى يقتلون أنفسهم في سبيل الطاغوت ألا سحقًا سحقًا.



• مقتبس من افتتاحية صحيفة النبأ العدد [168]
...المزيد

جهاد المسلمين في رمضان (1) خاض المسلمون على مر تاريخهم العشرات من المعارك الفاصلة والمؤثرة في ...

جهاد المسلمين في رمضان (1)


خاض المسلمون على مر تاريخهم العشرات من المعارك الفاصلة والمؤثرة في شهر رمضان المبارك، وكان هذا الشهر العظيم ببركة أيامه وساعاته، وتنزل الرحمات فيه، دافعا ومحرضا للمسلمين على أن يخوضوا فيه أعتى معاركهم مبتغين فيه الأجر والنصر من رب العالمين.

وفي حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت أعضم غزواته فيه، إذ وقعت فيه غزوة بدر التي فرَّق الله فيها بين الحق والباطل، وقُتل فيها صناديد قريش، وأذلَّهم الله بعد أن خرجوا يبتغون استئصال المسلمين، وذلك في اليوم السابع عشر من أيامه في السنة الثانية للهجرة، وكان فيه فتح مكة للنبي -صلى الله عليه وسلم- ثم دخول الناس في دين الله أفواجا، دخلها رسول الله فاتحا بعد أن منعوه قبل سنتين من دخولها وآذوه، ليأذن الله بالفتح في اليوم العاشر من رمضان في السنة الثامنة للهجرة.

وفي عهد الخلافة الراشدة خاض المسلمون بقيادة المثنى بن حارثة الشيباني -رحمه الله- معركة البويب في رمضان من السنة الثالثة عشرة للهجرة ضد الفرس المجوس، والتي انتصر فيها المسلمون وأعادوا هيبتهم بعد معركة الجسر، وقيل عن البويب: "ما كانت بين المسلمين والفرس وقعة أبقى رمة منها، بقيت عظام القتلى دهرا طويلا، وكانوا يحزرون القتلى مئة ألف، وسُمِّي ذلك اليوم الأعشار، أحصي مئة رجل قتل كل رجل منهم عشرة".

وفي رمضان من سنة 92 للهجرة كان فتح الأندلس بقيادة المجاهد المسلم طارق بن زياد -رحمه الله-، وفي الأندلس كذلك خاض المسلمون في هذا الشهر العظيم المعركة الكبرى التي أوقفت زحف الصليبيين عليهم، وأخرتهم لقرون معركة الزلاقة بقيادة المجاهد المسلم يوسف بن تاشفين -رحمه الله- عام 479 للهجرة، وأقيمت بعدها دولة للمرابطين في الأندلس.

وفي المشرق كانت موقعة عين جالوت في رمضان من عام 658 للهجرة بقيادة المجاهد المسلم (قطز) والتي أوقفت غزو التتار لبلاد المسلمين، وأوقفت زحفهم نحو مصر، وطردتهم من بلاد الشام، وأعادت توازن القوة معهم.

وهذا غيض من فيض من غزوات المسلمين في هذا الشهر العظيم، ولعلنا نقف معها وقفة أخرى، نسأل الله أن يجعل شهرنا هذا شهر نصر وتمكين لجنود دولة الإسلام، إنه ولي ذلك والقادر عليه، والحمد لله رب العالمين.



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 133
الخميس 8 رمضان 1439 ه‍ـ
...المزيد

الدولة الإسلامية - قصة شهيد: أبو كرم الحضرمي كريمٌ حَيِيٌ مِعْوانٌ في النائبات أبو كرم ...

الدولة الإسلامية - قصة شهيد:

أبو كرم الحضرمي
كريمٌ حَيِيٌ مِعْوانٌ في النائبات

أبو كرم الحضرمي، أحمد بن سعيد العمودي، ولد أبو كرم - تقبله الله - في مدينة الرياض وترعرع في بيت ميسور الحال.

نشأ في بيئة عصفت بها الفتن والشهوات والأهواء فتأثرت بها قلوب كثير من الشباب، وما ذاك إلا حينما هيَّأ لها الطواغيت أسبابها طمعًا بصرف شباب الأمة عن مواطن عزهم المجيد.

تاه قلبٌ صغير لم يجد يدًا تقوده إلى الهدى والرشاد، فتلقفته أيادٍ خدّاعة أغرته بالمال والجاه وغيرها من الملذات التي جعلتْها ستارًا للأوهام والفساد والضياع، مضى برهة من الزمن عليها، ثم أُسِر على إثرِها، فمكث في السجن قرابة الأربع سنين، كان السجن لحظة فارقة غيَّرت مجرى حياته، وجعلت ذلك القلب يُفتّح عينيه لينظر في مجريات الأحداث ويُحللها ويضع نفسه جزءًا منها.

أحس أبو كرم بالصدع الحاصل بأمة الإسلام والذل الذي يُكرِّسه الطواغيت عليها، فعزم على التوبة والندم مما كان عليه وعزم على ألا يخرج من سجنه إلا وقد بدأ يعمل لدين الله.

امتن الله عليه بالخروج من السجن، ووفقه لتغيير رفقة السوء، وأنار الله بصيرته.


• بداية الطريق:

بدأ من بلاد الحرمين يبحث عن موطئ صدق يطأ فيه قدمه لينصر الدين، فلم يُرِہِ الله خيرا من أرض دولة الإسلام، فاختار فَيْلَقَها وانشرح لمنهجها.

ثم ظل يبحث عن جنود الدولة الإسلامية، ولم يكن العثور عليهم يسيرًا بادئ الأمر لكن الموفَّق من وفقه الله فوجد من أرشده إلى مسؤولٍ في الدولة الإسلامية في اليمن.

لكن واجهته مشكلة لطالما واجهت الكثير ممن رام الالتحاق بصف مجاهدي الدولة الإسلامية، وهي مشكلة عدم وجود من يُزكيه، لكن من علم الله صدقه هداه ويسَّر له أمره، فأعطى الله أبا كرم ما أراد فالتقى بإخوانه في الدولة الإسلامية في اليمن.

وبعد أن منَّ الله عليه بسلوكه طريق الجهاد ولقائه بإخوانه، طلب منهم أن يلتحق بالإخوة في الشام وكان ذلك متيسرًا له ولكن طلب الإخوة منه البقاء في أرض اليمن ليكون من حجر الأساس الذي تبنى عليه الدولة الإسلامية.

وافق أبو كرم على عدم المغادرة إلى أرض الشام لكن بشرط، ألا وهو تنفيذ عملية استشهادية، فوافق الإخوة على ذلك الشرط، وطلبوا منه أن يعمل معهم فترة لحاجتهم الماسة لمثله، فقد كان له الفضل بعد الله في إيواء الإخوة في حضرموت وفتح المضافات، واستقبال الشباب وقضاء حوائجهم، حتى صار من الإخوة المسؤولين عن سير الحركة في تلك الولاية.

ثم بعد ذلك انتدبه الإخوة في سير الحركة بين الولايات، وذلك لما برع به من إتقان لهذا العمل وحسن البلاء فيه، فكان يلبي حاجة الإخوة ويستقبل النافرين، وينقل المجاهدين، وبذل في ذلك جهدًا عظيم الأثر، جليل القدر، وتميَّز أبو كرم بوجهٍ بشوش وقلب كبير وصيت حسن، مع صبر وافرٍ رُزِق به، يأنس به كل من جالسه وعاشره.


• ساقٍ لإخوانه المجاهدين:

ثم بعد ذلك انتقل مع إخوانه إلى ولاية البيضاء -قيفة- وشارك مع إخوانه في غزوة حمة لقاح.

وكان من أهم الأعمال التي أسندت إليه وأحبها إلى قلبه سقيا الماء، فكان ينقل الماء إلى إخوانه في المواقع والجبهات، فينعم إخوانه بعذوبتين عذوبة الماء وعذوبة لقاء أبي كرم وحديثه، وعلى ما يحمل هذا العمل من مشقة إلا أنه كان محتسبًا فيه متلذذًا به، مستشعرًا -كما نحسبه- الأجر العظيم حينما يرطّب كَبِدَ مجاهدٍ رمى بنفسه في شواهق جبال البيضاء جائعًا ظامئًا بائعًا نفسه لله، يمتثل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (في كل ذات كبد رطبة أجر) ، ولما سئل صلى الله عليه وسلم (أي الصدقة أفضل؟ قال: سقي الماء).


• أذلة للمؤمنين أعزة على الكافرين:

وما من قلب كقلب أبي كرم رقيقًا على إخوانه ذليلاً لهم، إلا وجدته شديد الغلظة على أعداء الله، فكم من مرة يطالب الإخوة ويؤكد عليهم تعجيل عمليته الاستشهادية وتجهيز سيارته المفخخة ليثخن في أعداء الله الكافرين ويمزقهم كل ممزق.

• استشهاد أبي كرم:

عرض عليه الإخوة الزواج ولكنه رفض ذلك؛ خشية أن يصرفه عن العملية الاستشهادية، فكان ممن ترك شيئًا لله كما نحسبه فرزقه الله خيرًا منه الشهادة في سبيل الله.


وأثناء جولات أبي كرم لسقيا الماء بين الجبهات، خبَّأ الله له خيرًا طالما طلب من إخوانه تعجيله، فعند استراحته في ذلك الموقع تناول مصحفه تاليًا ورده، فإذا بقذيفة من العدو تسقط بالقرب منه فتصيبه، لتصعد روحه الطاهرة محلِّقة في جوف طير خضر – كما نحسبه والله حسيبه – تسرح في الجنة حيث شاءت.


فكانت خير قِتلة أُعطِيَها مجاهد، سقْيُ الماء وتلاوة لكتاب الله اجتمعن في موطن رباطٍ يستمر أجر صاحبه إلى يوم القيامة.

تأثر لمقتله كل من عرفه أو سمع به، وما فتر لسان عن الدعاء له والترحم عليه، ولْتصدحِ القلوبُ التي كان يؤنسها أبو كرم، والأكبادُ التي كان يرطّبها أبو كرم مجتمعةً مُرَدِدَةً:

عليك سلامُ ربك في جنانٍ
مُخالِطُها نعيمٌ لا يزول

فرحمك الله يا أبا كرم، وأكرمك من فضله العظيم، وجمعنا بك في مستقر رحمته، إنه ولي ذلك والقادر عليه، والحمد لله رب العالمين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 133
الخميس 8 رمضان 1439 ه‍ـ
...المزيد

الدولة الإسلامية - مقال: المنطقة العازلة (1) ماذا يُراد بأهل رفح وسيناء؟ الحمد لله ولي ...

الدولة الإسلامية - مقال: المنطقة العازلة (1)
ماذا يُراد بأهل رفح وسيناء؟


الحمد لله ولي المتقين، والصلاة والسلام على النبي الأمين الذي بعث بالسيف رحمة للعالمين، وعلى صحابته الغر الميامين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد، فسؤال يطرح نفسه بعد كل ما جرى ويجري في سيناء، ماذا يريد الجيش المصري المرتد ومِن خلفه أمم الكفر من الصليبين واليهود بأرض سيناء، تلك الأرض المباركة، التي عليها كلَّم اللهُ موسى نبيَّه ورسوله إلى بني إسرائيل، وفيها تجلى الله على جبل الطور، وماذا يُخطط لمدينة رفح بالتحديد؟

مدينة رفح استثمرها اليهود ودمَّرها المرتدون
ولنعلم أولا أن رفح كانت مدينة واحدة، حتى جاء كفار بلاد الغرب يجرون خبثهم على أهل الإسلام بعدما ابتعدوا عن دينهم، وفرَّقوا أرض المسلمين إلى قُطيعات، وقسِّمت المدينة إلى قسمين رفح المصرية ورفح الفلسطينية.

ومكَّن المحتل الغربي لليهود من دويلة -زائلة بإذن الله- في أرض فلسطين، سرعان ما توسعت لتشمل الجولان من سوريا، والعقبة من الأردن، وسيناء من مصر، وعاش اليهود في سيناء ردحا من الزمن، فوجدوا أن مدينة رفح من أجمل البقاع فيها من حيث المناخ والتربة، فاستثمروها خير استثمار وبنوا فيها أرقى "المستوطنات"، وشيدوا فيها معابدهم ومهدوا الطرق والممرات، وتنعَّموا بما حباها الله تعالى من ثروات وخيرات.

كما حفروا فيها عشرات الآبار من الغاز الطبيعي الذي كان يدرُّ منها أكبر دخل مالي على دويلة اليهود، إلى أن قام طواغيت مصر -بعد غفلة- مستغلين فرصة مواتية، وانقضوا على دويلة يهود في معركة أسموها (6 أكتوبر)، ليعيدوا شيئا من كرامتهم التي أُهدرت في النكسة، ولكن سرعان ما تحركت أمم الصليب وأصدرت أوامرها للجيش المصري المرتد بالتوقف فورا عن قتال اليهود، بعد كم كبير قدمه من التضحيات والدماء في سبيل استرجاع الأرض، فتوقفوا عن الحرب، ثم وقَّعوا اتفاقية مهينة لا تتلاءم مع ما بُذل، كان من بنودها إرجاع سيناء إلى أرض مصر "منقوصة السيادة" إذ كان من ضمن بنود الاتفاقية السماح بعدد محدود من القوات الأمنية على الأرض وألَّا يدخل السلاح الثقيل إلى سيناء إلا بإذن من اليهود، وألا يُصنع مشروع في سيناء إلا بعد موافقتهم، وألا يستخرجوا الغاز الطبيعي من الآبار التي كان اليهود يستخدمونها في سيناء إلا بموافقتهم، فتظل مُغلقة حتى يَأذن لهم أسيادهم بذلك.

وجاءت القوات المتعددة الجنسيات الصليبية لحفظ "السلام" المزعوم، ولتتفقد أحوال الجيش المصري المرتد وتراقب حركاته وسكناته لضمان حفظ أمن وسلام دويلة اليهود، وما زالت هي الرقيب عليه حتى وقتنا هذا، فطائرات الصليب المروحية تحلِّق بشكل دوري فوق الكمائن والارتكازات الأمنية في سيناء لمراقبة أي تغير ملحوظ في عدد الأفراد والآليات.

وكان من ضمن الاتفاقية المشؤومة إرجاع نصف مدينة رفح فقط إلى مصر، ويبقى نصفها "رفح الفلسطينية" مع اليهود، ووافق الجيش المصري المرتد على ذلك، فكانت اتفاقية هزيمة وعار وليست اتفاقية عزة وانتصار، ورجعت نصف رفح إلى العرب وبقي النصف الآخر مع اليهود إلى أن خرجوا من غزة، منذ قرابة أكثر من عقد، وقبيل ذلك هدم اليهود كل المستوطنات التي بنوها في رفح وخرَّبوا كل المزارع التي زرعوها في أرض المسلمين، وأغلقوا كل آبار الغاز، وعادت الأرض إلى أهلها، وسكنوها في عهد "السادات"، وتولى الجيش المصري المرتد سيناء إدارة فقط، وكانت هذه أولى طعنات الغدر بأرض سيناء.


• مشاريع المنطقة العازلة:

ثم قامت الحكومة المصرية في شهر ذي الحجة من عام 1435 بتنفيذ ما أسمته بالمنطقة العازلة على الحدود المصطنعة بين مصر وفلسطين، وبدأ الجيش المصري بعمل المنطقة العازلة بدعوى محاربة الإرهاب والقضاء على الأنفاق الحدودية التي كانت تُعد دعما كبيرا للمسلمين في غزة، ومن ورائهم التنظيمات المسلحة.

وصنع المرتدون منطقة عازلة بعمق 500 متر من الحدود المصطنعة مع فلسطين باتجاه الغرب داخل الأراضي المصرية، وبطول 14كيلومترا من ساحل البحر شمالا إلى الجنوب كمرحلة أولى، ثم مرت شهور وبدأوا بالمرحلة الثانية فتوسعت المنطقة العازلة فسارت من الحدود المصطنعة شرقا بعمق 1200 متر غربا داخل الأراضي المصرية، وبطول 14 كيلو مترا من ساحل البحر شمالا إلى الجنوب أيضا، وهُجِّرت آلاف الأسر ودُمِّرت مئات المنازل، وفُجِّرت عشرات المساجد، وهُدِّمت المدارس وجرِّفت مزارع الزيتون والفاكهة، ودمِّر الجزء الرئيسي من المدينة، وبدأ الناس بالنزوح إلى أماكن أخرى وترك ممتلكاتهم وديارهم وراءهم، فمن الناس من نزح بما يستطيع من أثاث بيته، ومنهم من نزح بنصف أثاث البيت، ومنهم من لم ينزح إلا بنفسه وأهله وترك كلَّ شيء وراءه خوفا من بطش الجيش المصري المرتد، الذي يهدم البيت فوق رأس صاحبه إن تأخر في تركه والخروج منه.

وأصبح بذلك نصف مدينة رفح الرئيسي تحت الركام، ولم يكتف الجيش المصري المرتد بذلك، بل بدأ بالتضييق على مَن تبقى مِن أهل المدينة بقطع الكهرباء لأسابيع وشهور متواصلة مما أدى لجفاف المزارع، وبقطعِ الطرق عليهم بالحواجز والارتكازات الأمنية التي يتم ترحيل من حولها من السكان، وبعدها بحوالي 4 أشهر أعلنت السلطات المصرية عزمها تنفيذ مرحلة ثالثة بتجريف 500 متر أخرى، يليها الإعلان عن مرحلة رابعة بـ 500 متر أخرى، وتم الإعلان -استرضاء للناس- عن صرف تعويضات مالية لأهالي رفح عن بيوتهم المهدمة.

وفي غضون مراحل التجريف منذ عام 1435 حتى يومنا هذا كان المرتدون يتعمَّدون إطلاق النار الكثيف والعشوائي بمختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، إضافة للقصف المدفعي للمنطقة من الكمائن والثكنات العسكرية، وأيضا شنِّ الحملات تلو الحملات على المنطقة المراد تجريفها وترحيل أهلها، ويصاحب ذلك أحيانا قصف بالطائرات الحربية والطائرات المسيَّرة، مما أدى إلى مقتل وإصابة الكثير من عوام المسلمين، ووفقا لإحصائية أعلنت عنها إحدى "منظمات حقوق الإنسان" المهتمة بالوضع في سيناء فقد قُتل وأُصيب ما يقارب من 400 شخص من بينهم نساء وأطفال وشيوخ، والله المستعان.

ويبقى السؤال، هل الحرب على "الإرهاب" تقتضي تهجير المسلمين من أرضهم وهدم بيوتهم ومساجدهم، أم أن وراء الأكمة ما وراءها.

ثم بعد ذلك تأتيك الأنباء تترى عن صفقة يسمونها صفقة القرن، يقال أنها تتضمن ترحيل جزء من أهل فلسطين إلى سيناء، ورفح بالخصوص، وفي الواقع ترى أن الجيش المصري المرتد يشن حملة أخرى مكبرة بداعي الحرب على الإرهاب، يضاعف فيها عملية التجريف وتهجير أهل سيناء من أرضهم، ثم يعمد أخيرا إلى عزل رفح بالكلية عن سيناء. فما هي صفقة القرن وما يراد لهذه الأرض وأهلها، وما هو موقف جنود الخلافة وردهم على الصليبيين واليهود وأذنابهم من المرتدين، لعل ذلك مما نقف عليه في الجزء الثاني من هذه السلسلة، وبالله التوفيق.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 133
الخميس 8 رمضان 1439 ه‍ـ
...المزيد

هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الصيام (1) قال ابن قيِّم الجوزية رحمه الله: فصل في هديه صلى ...

هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الصيام (1)


قال ابن قيِّم الجوزية رحمه الله: فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في الصيام، لما كان المقصود من الصيام حبسَ النفس عن الشهوات، وفطامَها عن المألوفات، وتعديلَ قوتها الشهوانية، لتستعد لطلب ما فيه غاية سعادتها ونعيمِها، وقبول ما تزكو به مما فيه حياتُها الأبدية، ويكسِر الجوعُ والظمأ من حِدَّتها وسَورتِها، ويذكرها بحال الأكباد الجائعة من المساكين.

وتضيق مجاري الشيطان من العبد بتضييق مجاري الطعام والشراب، وتُحبس قوى الأعضاء عن استرسالها لحكم الطبيعة فيما يضرُّها في معاشها ومعادها، ويُسكَّن كلَّ عضو منها وكلَّ قوة عن جماحه وتلجم بلجامه، فهو لجام المتقين، وجُنَّة المحاربين، ورياضة الأبرار والمقرَّبين، وهو لرب العالمين من بين سائر الأعمال، فإن الصائم لا يفعلُ شيئا، وإنما يترك شهوتَه وطعامَه وشرابَه من أجل معبوده، فهو ترك محبوبات النفس وتلذُّذاتها إيثارا لمحبة الله ومرضاته، وهو سِرٌّ بين العبد وربِّه لا يطَّلع عليه سواه، والعبادُ قد يطَّلعون منه على ترك المفطرات الظاهرة، وأما كونه ترك طعامَه وشرابَه وشهوتَه من أجل معبوده، فهو أمر لا يطَّلع عليه بشرٌ، وذلك حقيقة الصوم...

والمقصود: أن مصالح الصوم لما كانت مشهودةً بالعقول السليمة والفِطَرِ المستقيمة، شرعه اللهُ لعباده رحمةً بهم، وإحساناً إليهم، وحميةً لهم وجُنَّة.

وكان هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيه أكمل الهدي، وأعظمَ تحصيل للمقصود، وأسهلَه على النفوس.

ولما كان فطمُ النفوس عن مألوفاتها وشهواتِها مِن أشق الأمور وأصعبها، تأخَر فرضُه إلى وسط الإسلام بعد الهجرة، لما توطَّنت النفوسُ على التوحيد والصلاة، وألِفت أوامر َالقرآن، فنُقلت إليه بالتدريج.


• متى فرض الصيام؟

وكان فرضُه في السنَّة الثانية من الهجرة، فتوفِّي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد صام تسع رمضانات، وفُرض أولا على وجه التخيير بينه وبين أن يُطعِم عن كلِّ يوم مسكينا، ثم نُقل من ذلك التخيير إلى تحتُّم الصوم، وجعل الإطعام للشيخ الكبير والمرأة إذا لم يطيقا الصيام، فإنهما يُفطران ويُطعمان عن كل يوم مسكينا، ورخَّص للمريض والمسافر أن يُفطرا ويقضيا، وللحامِل والمُرضع إذا خافتا على أنفسهما كذلك، فإن خافتا على ولديهما، زادتا مع القضاء إطعامَ مسكين لكلِّ يوم، فإن فطرَهما لم يكن لخوف مرض، وإنما كان مع الصحة، فجُبر بإطعام المسكين كفِطر الصحيح في أول الإسلام.


• الإكثار من العبادات في رمضان:

وكان من هديه -صلى الله عليه وسلم- في شهر رمضان الإكثار من أنواع العبادات، فكان جبريل يدارسُه القرآن في رمضان، وكان إذا لقيَه جبريل أجودَ بالخير من الريح المرسلة، (وكان أجود الناس، وأجود ما يكون في رمضان) [رواه البخاري ومسلم]، يُكثر فيه من الصدقة والإحسان وتلاوة القرآن، والصلاة والذكر والاعتكاف....


• فصل في ثبوت رمضان:

وكان من هديه -صلى الله عليه وسلم- أن لا يدخُل في صوم رمضان إلا برؤية محقَّقة، أو بشهادة شاهد واحد...، وكان إذا حال ليلةَ الثلاثين دون منظره غيمٌ أو سحاب، أكمل عدة شعبان ثلاثين يوما، ثم صامه. ولم يكن يصوم يوم الإغمام، ولا أمر به، بل أمر بأن تُكمل عدة شعبان ثلاثين إذا غمَّ، وكان يفعل كذلك، فهذا فعله وهذا أمره...


• هديه صلى الله عليه وسلم في الفطر:

وكان يُعجِّل الفِطر ويحضُّ عليه، ويتسحَّر ويَحُث على السَّحور، ويؤخِّره ويُرغِّب في تأخيره، وكان يحض على الفطر بالتمر، فإن لم يجد فعلى الماء، هذا من كمال شفقته على أمته ونُصحهم، فإن إعطاء الطبيعة الشيء الحلو مع خُلوِّ المعدة أدعى إلى قبوله وانتفاع القُوى به، ولا سيما القوة الباصرة، فإنها تقوى به، وحلاوةُ المدينة التمر، ومرباهم عليه، وهو عندهم قوت، وأُدمٌ ورُطَبه فاكهة.

وأما الماء فإن الكَبد يحصُل لها بالصوم نوع يبس. فإذا رُطبت بالماء كمُل انتفاعها بالغذاء بعده. ولهذا كان الأولى بالظمآن الجائع أن يبدأ قبل الأكل بشرب قليل من الماء، ثم يأكل بعده، وكان -صلى الله عليه وسلم- يُفطر قبل أن يصلي، وكان فِطره على رطبات إن وجدها، فإن لم يجدها فعلى تمرات، فإن لم يجد فعلى حسوات من ماء.. وروي عنه أنه كان يقول إذا أفطر: (ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله تعالى)، ذكره أبو داود من حديث الحسين بن واقد، عن مروان بن سالم المقفع، عن ابن عمر، ويذكر عنه صلى الله عليه وسلم: (إن للصائم عند فطره دعوة ما ترد). رواه ابن ماجه.

وصح عنه أنه قال: (إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا، فقد أفطر الصائم) [رواه البخاري]. وفُسِّر بأنه قد أفطر حكما، وإن لم ينوه، وبأنه قد دخل وقت فطره، كأصبح وأمسى، ونهى الصائم عن الرَّفث والصَّخب والسِّباب وجواب السِّباب، فأمره أن يقول لمن سابه: (إني صائم) فقيل: يقوله بلسانه وهو أظهر، وقيل: بقلبه تذكيرا لنفسه بالصوم، وقيل: يقوله في الفرض بلسانه، وفي التطوع في نفسه، لأنه أبعد عن الرياء.

• الصوم في السفر:

وسافر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رمضان، فصام وأفطر، وخيَّر الصحابة بين الأمرين.
وكان يأمرهم بالفطر إذا دَنوا من عدوِّهم ليتقووا على قتاله.

فلو اتفق مثلُ هذا في الحَضَر ، وكان في الفطر قُوة لهم على لقاء عدوِّهم فهل لهم الفطر؟ فيه قولان أصحهما دليلا: أنَّ لهم ذلك، وهو اختيار ابن تيمية، وبه أفتى العساكر الإسلامية لما لقوا العدو بظاهر دمشق، ولا ريب أن الفطر لذلك أولى من الفِطر لمجرد السفر، بل إباحة الفطر للمسافر تنبيهٌ على إباحته في هذه الحالة، فإنها أحقُّ بجوازه، لأن القوة هناك تختص بالمسافر، والقوة هنا له وللمسلمين، ولأن مشقة الجهاد أعظم من مشقة السفر، ولأن المصلحة الحاصلة بالفطر للمجاهد أعظم من المصلحة بفطر المسافر، ولأن الله تعالى قال: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ } [الأنفال: 60]. والفِطر عند اللقاء من أعظم أسباب القوة، .. ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للصحابة لما دنوا من عدوهم: (إنكم قد دنوتم من عدوكم، والفطر أقوى لكم) . وكانت رخصة ثم نزلوا منزلا آخر فقال: ( إنكم مصبحو عدوكم، والفطر أقوى لكم فأفطِروا) فكانت عزمة [فأفطرنا] [رواه مسلم]، فعلَّل بدنوهم من عدوهم واحتياجهم إلى القوة التي يلقون بها العدو، وهذا سبب آخر غير السفر، والسفر مستقل بنفسه، ولم يذكر في تعليله ولا أشار إليه.

وسافر رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان في أعظم الغزوات وأجلِّها في غزاة بدر ، وفي غزاة الفتح.

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: غزونا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رمضان غزوتين، يوم بدر والفتح، فأفطرنا فيهما. انتهى كلامه (باختصار من كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد).



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 133
الخميس 8 رمضان 1439 ه‍ـ
...المزيد

أخي المجاهد من تواضع لله رفعَه لا تكتمل الصفات الحسنة للرجال مالم يتزيَّنوا به، فهو بوابة ...

أخي المجاهد من تواضع لله رفعَه


لا تكتمل الصفات الحسنة للرجال مالم يتزيَّنوا به، فهو بوابة العبور للقلوب، لا يسلكها إلا من اتصف به، فقلَّ أن ترى مألوفا عند الناس ليس مُتخلِّقا به، أجمع الناسُ على استحسانه، وجُبلت النفوس على حبِّه.

إنه التواضع، يرتقي صاحبه بأعين الناس إن أخفض لهم جناحه، ويعظُم في عيونهم إن بسط لهم نفسه، وكما الأرض المتواضعة تنعم بالبركة والخير الوفير، كذلك النفس المتواضعة تنعم بالقبول والأنس من الجميع.

أخي المجاهد: كيف لبشر خلقه الله من تراب، وشرَّفه بعبوديته أن يتعدى خصائصه ويأنف، ينظر لغيره بعين الصغار ويترف، وهو عند الله أصغر، فهنيئا للمتواضعين اندراجهم تحت:(يحبهم ويحبونه)، وتعسا للمندرجين تحت (وبئس مثوى المتكبرين).

قال تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} [المائدة: 54].
وإن أكثر من تمثَّلت به هذه الصفة النبيلة نبيُّنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يركب الحمار، ويلبس الصوف، ويعتقل الشاة، ويأتي مراعاة الضيف" [سنن البيهقي].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما نقصت صدقة من مال ، وما زاد الله عبدا بعفو ، إلا عزا ، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله) [رواه مسلم].

وحذَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم من التكبر وضرب لنا مثلا على سوء مصير صاحبه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( بينما رجلٌ يتبختر يمشي في برديه قد أعجبته نفسه فخسف الله به فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة) [رواه البخاري ومسلم].

قال تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} [الفرقان: 63]، قال ابن كثير: "أي بسكينة ووقار من غير تجبُّر ولا استكبار".

أخي المجاهد لقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى التواضع، وحَثّ عليه لما له من فوائد كثيرة، فقد روى عياض بن حمار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إنّ الله أوحَى إليَّ أنْ تواضعوا حتى لا يَفْخَر أحد على أحد ولا يَبغي أحد على أحد) [رواه مسلم].

وقد ذكر لنا ربنا عز وجل أن أعظم فوائده هي الجائزة الكبيرة التي يحصل عليها المتواضعون في الدار الآخرة، قال سبحانه:{تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}[القصص:83].


جعلنا الله ممن يتواضعون لعباده المؤمنين، ويلين جناحهم للمسلمين، وأعاذنا الله من الكبر والمتكبرين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 133
الخميس 8 رمضان 1439 ه‍ـ
...المزيد

واجب النساء في جهاد الأعداء النساء شقائق الرجال، وكم من مسلمة لم يقعدها ضعفها وانشغالها بتربية ...

واجب النساء في جهاد الأعداء


النساء شقائق الرجال، وكم من مسلمة لم يقعدها ضعفها وانشغالها بتربية أطفالها وطاعة زوجها عن أن تنال من المعروف ما ناله الكُمّل من الرجال، بل منهن من طرقت أبوابا هي من أخص خصائص الرجال لما فيها من شدّة على النفس، وحاجة إلى القوّة والعزيمة، كباب الجهاد في سبيل الله تعالى.

وإننا اليوم في إطار هذه الحرب على الدولة الإسلامية، وما فيها من شدة وبلاء، يغدو لزاما على النساء المسلمات أن يقمن بواجبهن على كافة الأصعدة في دعم المجاهدين في هذه المعركة، بأن يعددن أنفسهن مجاهدات في سبيل الله، ويتجهزن للذود عن دينهن بأنفسهن فداء لدين الله تبارك وتعالى، وبتحريضهن لأزواجهن وأبنائهن، فيكن كالنساء المجاهدات من الرعيل الأول.

ولبيان أهمية واجبك أختي المسلمة في الصراع المحتدم اليوم بين ملل الكفر وملة الإسلام، لا بد لنا أن نذكرك بالمرأة المجاهدة في العصر الذهبي للإسلام، وما سوف نسوقه لك من نماذج لنساء المسلمين هو أحد الجوانب المضيئة في حياة المرأة المسلمة، أم الأبطال وأخت الأبطال وزوجة الأبطال، وليس غريباً على نساء المسلمين اليوم أن يكون عندهن من الفداء والصدق والحب للدين مثل المجاهدات السابقات اللاتي نصرن الإسلام.

وعسى أن يكون ما سنذكره من صور دافعاً لك -أختي الكريمة- لتقتدي بهن، ليحصل لك من الخير ما حصل لهن وللدين في وقتهن، فهنَّ حقاً من يستحققن أن يقتدى بهن، وليست غيرهن قدوتك أختي المسلمة، كلا، فإن أردت أن تعرفي من أنت فانظري بمن تقتدين، وإذا أردت أن تعرفي حال الأمة فانظري بمن تقتدي نساؤها، فإن كنَّ يقتدين بالعظيمات المجاهدات الصادقات القانتات العابدات الصابرات فقد انتصرت الأمة، وإن كن يقتدين بالكافرات الكاذبات الضالات المضلات المائلات المميلات، فهذه خسارة كبيرة للأمة حقاً.


• حرص النساء الصحابيات على القتال:

لقد دخلت المرأة ميدان المعركة في قرون الإسلام الأولى ليس ذلك بسبب قلة الرجال في وقتها، ولكنه راجع إلى حبها للأجر والفداء والتضحية في سبيل الله، يبين ذلك ما رواه أحمد عن حشرج بن زياد الأشجعي عن جدته أم أبيه أنها قالت: خرجت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزاة خيبر وأنا سادس ست نسوة، فبلغ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن معه نساء، فأرسل إلينا فقال: (ما أخرجكن؟ وبأمر من خرجتن؟) فقلنا: خرجنا نناول السهام، ونسقي الناس السويق، ومعنا ما نداوي به الجرحى، ونغزل الشَّعر، ونعين به في سبيل الله، قال: (قمن فانصرفن)، فلما فتح الله عليه خيبر أخرج لنا سهاماً كسهام الرجل، قلت: يا جدة ما أخرج لكن؟ قالت: تمراً.

ومن حبها أيضاً للجهاد والفداء لهذا الدين فقد قادها ذلك الحب الصادق إلى طلب خوض الجهاد طلباً صريحاً من الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقالت كما في البخاري وسنن النسائي واللفظ له عن عائشة -رضي اله عنها- أنها قالت: قلت: يا رسول الله، ألا نخرج فنجاهد معك، فإني لا أرى عملاً في القرآن أفضل من الجهاد؟ قال: (لا، ولكنَّ أحسن الجهاد وأجمله حج البيت حج مبرور)، وفي رواية أحمد والبخاري قال: (لا، جهادكنَّ الحج المبرور وهو لكنَّ جهاد).


• نسيبة الأنصارية:

وأول تلك النماذج التي نسوقها لك -أختي الكريمة- لتقتدي بها، لو كانت نساء المسلمين مثلها لما ضاع لنا حق ولا انتهكت لنا حرمة إن شاء الله، إنها المجاهدة الشجاعة التي خرجت يوم كان الجهاد جهاد دفع، إنها أم عمارة نَسِيبةُ بنتُ كعبٍ الأنصارية.

جاء في ترجمتها في سير أعلام النبلاء للذهبي: "شهدت أم عمارة ليلة العقبة وشهدت أحداً والحديبية ويوم حنين ويوم اليمامة وجاهدت وفعلت الأفاعيل، وقُطعت يدها في الجهاد، وقال الواقدي شهدَتْ أُحُداً مع زوجها غزية بن عمرو ومع ولديها، خرجت تسقي ومعها شَنٌّ وقاتلت وأبلت بلاء حسناً، وجُرحت اثني عشر جرحاً.
وكان ضمرة بن سعيد المازني يحدث عن جدته وكانت قد شهدت أحداً، قالت سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (لمقام نَسيبةَ بنتِ كعبٍ اليومَ خيرٌ من مقامِ فلانٍ وفلان)، وكانت يومئذ تقاتل أشد القتال وإنها لحاجزة ثوبها على وسطها حتى جرحت ثلاثة عشر جرحاً، وضربها ابن قمئة على عاتقها وكان أعظم جراحها، فداوته سنة، ثم نادى منادي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى حمراء الأسد، فشدت عليها ثيابها، فما استطاعت من نزف الدم، رضي الله عنها ورحمها".

• ألق ترسك إلى من يقاتل:

قال الإمام الذهبي: "قالت أم عمارة: رأيتني، وانكشف الناس عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فما بقي إلا نفر ما يتمون عشرة، وأنا وابناي وزوجي بين يديه نذب عنه، والناس يمرون به منهزمين، ورآني ولا ترس معي فرأى رجلاً مولياً ومعه ترس، فقال: (ألق ترسك إلى من يقاتل)، فألقاه فأخذته فجعلت أترِّسُ به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما فعل بنا الأفاعيل أصحاب الخيل، ولو كانوا رَجَّالة مثلنا أصبناهم إن شاء الله، فأقبل رجل على فرس فيضربني وترَّسْتُ له فلم يصنع شيئاً وولى، فأضربُ عرقوبَ فرسِه فوقع على ظهره فجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يصيح: (يا ابنَ أمِّ عِمارة أمَّكَ أمَّكَ)، قالت: فعاونني عليه حتى أوردته شَعوبَ، وهو اسم من أسماء الموت".

قال الإمام ابن كثير: "قال ابن هشام: وقاتلت أم عمارة نسيبة بنت كعب المازنية يوم أحد، فذكر سعيد بن أبي زيد الأنصاري أن أم سعد بنت سعد بن الربيع كانت تقول: دخلت على أم عمارة فقلت لها: يا خالة أخبريني خبرك، فقالت: خرجت أول النهار أنظر ما يصنع الناس ومعي سقاء فيه ماء، فانتهيت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو في أصحابه والدولة والريح للمسلمين، فلما انهزم المسلمون انحزت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقمت أباشر القتال وأذب عنه بالسيف وأرمي عن القوس، حتى خلصت الجراح إلي، قالت: فرأيت على عاتقها جرحا أجوف له غور فقلت لها: من أصابك بهذا؟ قالت: ابن قمئة أقمأه الله، لما ولى الناس عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أقبل يقول: دلوني على محمد لا نجوت إن نجا، فاعترضت له أنا ومصعب بن عمير وأناس ممن ثبت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فضربني هذه الضربة" [البداية والنهاية].


• من يطيق ما تطيقين يا أم عمارة؟!

وقال الذهبي: "عن عبد الله بن زيد [وهو ابن أم عمارة] قال: جرحتُ يومئذ جرحاً وجعل الدم لا يَرْقَأُ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اعصب جرحك)، فتُقْبِل أمي إليَّ ومعها عصائب في حِقْوها، فرَبَطَت جرحي والنبي -صلى الله عليه وسلم- واقف فقال: (انهض بُنيَّ فضارب القوم)، وجعل يقول: (من يطيق ما تطيقين يا أم عمارة؟)، فأقبل الذي ضرب ابني فقال رسول الله: (هذا ضارب ابنك)، قالت: فأعترض له فأضرب ساقه، فبرك، فرأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتبسم حتى رأيت نواجذه، وقال (استقدت يا أم عمارة)، ثم أقبلنا نَعُلُّه بالسلاح حتى أتينا على نفْسِه، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: (الحمد لله الذي ظَفَّرَكِ)".

وقال: "عن عبد الله بن زيد بن عاصم أيضاً، قال: شهدتُ أُحُداً، فلما تفرقوا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دنوت منه أنا وأمي نذب عنه فقال: (ابن أم عمارة؟) قلت: نعم، قال: (ارمِ)، فرميت بين يديه رجلاً بحجر وهو على فرس، فأصبت عين الفرس، فاضطرب الفرس، فوقع هو وصاحبه، وجعلت أعلوه بالحجارة والنبي -صلى الله عليه وسلم- يتبسم، ونظر إلى جرح أمي على عاتقها فقال: (أمَّكَ أمَّكَ اعصِبْ جُرْحَها، اللهم اجعلهم رفقائي في الجنة) قلت: ما أبالي ما أصابني من الدنيا".

وقال: "عن محمد بن يحيى بن حبان قال: جُرِحَتْ أم عمارة بأُحُد اثني عشر جرحا، وقطعت يدها يوم اليمامة، وجُرِحَتْ يوم اليمامة سوى يدها أحد عشر جرحا. فقدمت المدينة وبها الجراحة فلقد رئي أبو بكر -رضي الله عنه- وهو خليفة يأتيها يسأل عنها، وابنها حبيب بن زيد بن عاصم هو الذي قطعه مسيلمة، وابنها الآخر عبد الله بن زيد المازني الذي حكى وضوء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قُتل يوم الحرة وهو الذي قَتل مسيلمة الكذاب بسيفه" [سير أعلام النبلاء].

هذه هي المجاهدة الشجاعة الصابرة أم عمارة، وحقاً من يطيق ما تطيق أم عمارة؟ متى كانت هذه قدوتك أختي الكريمة في شجاعتها وفدائها وإقدامها وثباتها وصبرها على هذا الطريق أفلحتِ، بإذن الله.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 132
الخميس 1 رمضان 1439 ه‍ـ
...المزيد

الدولة الإسلامية - فأس الخليل خلق الله الناس ليعبدوه وحده، ولا يشركوا به شيئا، فافترقوا بين ...

الدولة الإسلامية - فأس الخليل

خلق الله الناس ليعبدوه وحده، ولا يشركوا به شيئا، فافترقوا بين مؤمن وكافر، فأرسل الله لهم الرسل يدعونهم إلى الخير والصلاح، والفوز والفلاح، فأبى أكثرهم إلا الكفر والجحود، وآثروا كبراءهم وزعماءهم وما كان عليه آباؤهم على هدى الله، وهنا أُضرم سراج الدعوة إلى الله، لإخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد.

وتعددت سبل الدعوة عند الأنبياء رغم وحدة الرسالة، فدعوا بما أذن الله لهم به، فمنهم من دعا إلى الله بالحجة والبرهان، فكان يناظِر أئمة الكفر ويحاججهم، ويدعو عامة الناس ويخاطبهم، ومنهم من دعا بهما مع السيف والسنان، فيقاتل بمن آمن معه من كفر ، ويضرب أئمة الكفر لينتهي من هو دونهم عن غيِّه، ويزيلوا رموز الشرك ويهدموا حصونه.

وقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة عشر سنين، فما آمن معه إلا قليل، وكان أغلبهم يخفي إيمانه خوفا من بطش المشركين، فلما هاجر إلى المدينة وبايعه الأنصار وقويت شوكة المسلمين، أمِن الموحدون على دينهم، فتوافدوا زرافات ووحدانا ودخلوا في دين الله أفواجا، وهنا أُذن للنبي صلى الله عليه وسلم بالقتال، فعقد الألوية تلو الألوية، وشنَّ الغزوات تلو الغزوات، في سبيل إظهار نور الحق وإخماد نار الشرك، حتى منَّ الله عليه بقطف رؤوس الكفرة المعاندين، وكسر أصنام المشركين.

وإن كان شرك الأصنام هو المنتشر في زمن نبينا صلى الله عليه وسلم، فإن شرك الحكم والتشريع هو الذي فشا في زمننا هذا، فقد اتخذ كثير من الناس لله أندادا، يُحلُّون لهم الخبائث ويحرمون عليهم الطيبات، وسخَّروا في سبيل إرساء حكم الجاهلية الشُّرَط والجيوش، وإن اختلفت هذه الأنظمة في طرق إرساء حكمها وسبل تنفيذه، فإنها اجتمعت في الحكم الشرعي، فكلها طواغيت تحكم بغير ما أنزل الله، فعبد من رضي بهم ربا أصناما لم تعرفها قريش ولا أهل اليمن، كان من أشهرها صنم الديمقراطية.

وإن الدولة الإسلامية حريصة على دعوة الناس وتجنيبهم الشرك، ويتجلى ذلك في تاريخها الحافل بالبذل في سبيل تحقيق العبودية لله، ولما كان صنم الديمقراطية أظهر أنواع الشرك في عصرها، سعت جاهدة في فضحه وتعريته، وقررت منع الانتخابات الشركية بشتى الوسائل، فسخَّرت لذلك جنودها في حملات إعلامية مدروسة، وعمليات عسكرية منظمة، حيث وزعت دولة العراق الإسلامية -سنة 1431 للهجرة- البيانات والمنشورات التي تكشف حقيقة الديمقراطية للناس، وتحذرهم من المشاركة فيها رغم خطورة ذلك الفعل في عقر دارهم، وسخَّرت إعلامها لذلك، واستهدفت مراكز الانتخابات بما يقارب 2000 عملية في يوم الانتخابات، فأحجم كثير من الناس عن المشاركة في الانتخابات حينها.

ولما أعلنت الحكومة الرافضية عن موعد الانتخابات قبل أشهر معدودة، بدأت أجناد الخلافة في مختلف الولايات تعد العدة لهذا اليوم، لتُعمل في هذا الصنم فأس الخليل -عليه السلام-، فبدأوا قبل الانتخابات بقطف رؤوس المترشحين لها والداعين للمشاركة فيها حتى خبت أصواتهم، وازدادت وتيرة عمليات المجاهدين حدة مع اقتراب ذلك اليوم، فلما كان يوم الانتخابات، استهدفوا مراكزها والقائمين عليها، حتى زُرعت الرهبة في قلوب الناس، فباتت المراكز الانتخابية خاوية على عروشها، وسجلت الانتخابات العراقية سنة 1439 للهجرة أدنى مستويات المشاركة منذ 15 عاما، بفضل الله.

وسيواصل جنود الخلافة حربهم على الشرك بكل أنواعه، وسيمضون في تحطيم الأصنام وثنا تلو وثن، مستعينين بالله مستخدمين جميع الوسائل الممكنة حتى لا تكون فتنة، ويكون الدين كله لله، والعاقبة للمتقين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 132
الخميس 1 رمضان 1439 ه‍ـ
...المزيد

إيَّاكم والظن فإنه أكذب الحديث بسببه يُتهم البريء، ويُكذَّبُ الصادق، ويخوَّن المُؤتمن، ويُرمى ...

إيَّاكم والظن فإنه أكذب الحديث

بسببه يُتهم البريء، ويُكذَّبُ الصادق، ويخوَّن المُؤتمن، ويُرمى العفيف، ويُدان المظلوم، وهو باب من أبواب الظلم، يتلبس بأصعب المواقف التي يتعرض لها المرء في حياته، وقد حذرَنا رب العزة منه، وأمرنا باجتنابه والابتعاد عنه فقال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ } [الحجرات: 12].

إنه سوء الظن، له محرضات كثيرة أولها الادِّعاء بمعرفة ما في القلوب، والزعم بالاطلاع على خبايا الصدور، ولقد علَّمنا الشرع الحنيف ألا نحكم على الناس من خلال السرائر، فالله تعالى -هو الوحيد- المطلع عليها، ولم يسمح لنا بالتفتيش فيها والتنقيب بها.

أخي المجاهد: إن الحكم على ما في قلوب الناس يدفع المرء لإساءة الظن بهم، فيرى الخطأ غير المقصود مفتعلا ومدروسًا، بل عن سابق قصد وترصد، ويسمع الكلمة -حمَّالة الأوجه- ذما، ويرى الابتسامة استهزاء، والمزاح ازدراء، والنصيحة اتهاما، والعون انتقاصا.

فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، وكونوا عباد الله إخوانها) [أخرجه البخاري وأحمد].

ففي الحديث تحذير من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من التحسس والتجسس، لأن بهما اطلاع على جزء من الأمر وليس كله، وقد يكون الحق فيما خفي، كذلك الحسد مدخل من مداخل سوء الظن بالناس، فهو يحرض عليه، فما مبرر تمنيه زوال النعمة عن أخيه إلا أن الأخير فعل كذا وقال كذا وقصد كذا، فهو بذلك يبرر حسده ولن يرى كسوء الظن معينا له على ذلك، وقل ذلك أيضا عن التباغض، فإذا ما أبغض المرء أخاه أساء الظن به.

وإن الأولى بالمسلم الانشغال بذكر الله عن الانشغال بعورات الناس وتتبعها، والعمل على علاج أمراضه بدل السعي لعلاج أمراض غيره، فمن انشغل بنفسه لن يجد الوقت للانشغال بالآخرين.

وليس المقصود هنا التوقف عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل المقصود أن يبتعد المرء عن إساءة الظن إن لم يكن لديه دليل قاطع واضح بيِّن، وتحسين الظن فيما يستوعب ذلك.

قال أحدهم: "إذا بلغك عن أخيك شيء تكرهه فالتمس له العذر جهدك، فإن لم تجد له عذراً فقل في نفسك: لعلَّ لأخي عذراً لا أعلمه".

وقال تعالى: { وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا } [النجم:28].

أخي المجاهد إن الشيطان متكفل بسوء الظن، فهو الوقود الذي يستعمله لزرع الخصومات والعداوات بين الإخوة، ولا يكاد يفتر عن التحريش بينهم، وأهم الأمور الواجب اتباعها لقطع الطريق على الشيطان في هذا الباب هو إحسان الظن بإخوانه والمسلمين.


• قالوا عن سوء الظن:

"من حكم بشرٍ على غيره بمجرد الظن حمله الشيطان على احتقاره، وعدم القيام بحقوقه، والتواني في إكرامه، وإطالة اللسان في عرضه، وكلها من المهلكات، فليس أريح لقلب العبد في هذه الحياة ولا أسعد لنفسه من حسن الظن، فبه يسلم من أذى الخواطر المقلقة التي تؤذي النفس، وتكدر البال، وتتعب الجسد".

"ثم إن من آفات سوء الظن أنه يحمل صاحبه على اتهام الآخرين، مع إحسان الظن بنفسه، وهو نوع من تزكية النفس التي نهى الله عنها في كتابه فقال: {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم:32]".


- وعن الأسباب التي تعين المسلم على إحسان الظن بالآخرين عدَّد بعضهم أمورا، أهمها:

حمل الكلام على أحسن المحامل، واستحضار آفات سوء الظن، ودعاء الله تعالى والالتجاء إليه لتخليصه من هذه الآفة، وإنزال النفس منزلة الآخر، فلو أن كل واحد منا عند صدور فعل أو قول من أخيه، وضع نفسه مكانه لحمله ذلك على إحسان الظن بالآخرين، وقد وجَّه الله عباده لهذا المعنى حين قال سبحانه: {لوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً} [النور:12].



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 132
الخميس 1 رمضان 1439 ه‍ـ
...المزيد

مقال: الإيمان باليوم الآخر • القبر أول منازل الآخرة الحمد لله مالك الملك وجامع الناس ليوم ...

مقال: الإيمان باليوم الآخر

• القبر أول منازل الآخرة

الحمد لله مالك الملك وجامع الناس ليوم عظيم، يوم يقوم الناس من قبورهم لرب العالمين، والصلاة والسلام على نبيِّه المصطفى صاحب الحوض المورود والشفاعة العظمى، بالمؤمنين رؤوف رحيم، أما بعد...

كثيرا ما تكرَّر ذكر اليوم الآخر في كتاب الله تعالى، فيذكر الله تعالى أن أهل الإيمان يؤمنون به وباليوم الآخر، وأنهم يرجونه ويرجون اليوم الآخر، أي حسن العاقبة عنده سبحانه عندما يبعث عباده فيجازيهم بأعمالهم، ولا بد من ذكر تفاصيل ما سيحصل في ذلك اليوم، كما أخبر الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، ولعلَّنا نبدأ بأول منازل الأخرة، وهو القبر، الذي غفل عن أهواله الغافلون، ونام عن وقائعه النائمون، وأمِن من كربه المفرِّطون المضيِّعون، فالقبر أول منازل الآخرة، فمن رأى فيه مقعده من النار، فإنه صائر إليها ومن رأى مقعده من الجنة، فإنه صائر إليها.

عن هانئ مولى عثمان -رضي الله عنه- قال: كان عثمان، إذا وقف على قبر بكى حتى يبل لحيته، فقيل له: تذكر الجنة والنار فلا تبكي وتبكي من هذا؟ فقال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن القبر أول منزل من منازل الآخرة، فإن نجا منه فما بعده أيسر منه، وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه) [رواه أحمد والترمذي].

وقد جاء ذكر عذاب القبر في الكتاب والسنة، أما في كتاب الله تعالى، ففي قوله سبحانه ذاكرا أهوال القبر وما أعدَّه لفرعون وأتباعه: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّا وَعَشِيّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آل فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر:46]، وقال الله تعالى عن المنافقين: {سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ} [التوبة: 101].
وأمَّا ما جاء في السنة النبوية فقد ثبت في الصحيحَين وغيرهما، عن أبي أيوب -رضي الله عنه- قال: خرج النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد وجبت الشمس، فسمع صوتا فقال: (يهود تُعذَّب في قبورها) [متفق عليه].

وعن عائشة -رضي الله عنها-: أن يهودية دخلت عليها، فذكرت عذاب القبر، فقالت لها: أعاذك الله من عذاب القبر، فسألت عائشة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن عذاب القبر، فقال: (نعم، عذاب القبر)، قالت عائشة -رضي الله عنها-: فما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعدُ صلَّى صلاة إلا تعوَّذ من عذاب القبر، زاد غندر: (عذاب القبر حق) [رواه البخاري].

وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: مرَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- بقبرَين، فقال: (إنهما ليُعذَّبان، وما يُعذَّبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستبرئ من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة) ثم أخذ جريدة رطبة فشقَّها نصفين، فغرز في كل قبر واحدة، قالوا يا رسول الله لم فعلت هذا قال: (لعلَّه يخفف عنهما ما لم ييبسا) [متفق عليه].

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا تشهد أحدكم فليستعِذ بالله من أربع يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال) [رواه مسلم].


• سؤال الملكين في القبر:

وأولَّ ما يوضع الإنسان في قبره يأتيه الملكان، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن العبد إذا وُضع في قبره، وتولى عنه أصحابه، وإنه ليسمع قرع نعالهم، أتاه مَلَكان، فيُقعدانه فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل (لمحمد -صلى الله عليه وسلم-) فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله فيقال له: انظر إلى مقعدك من النار، قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة فيراهما جميعا) [متفق عليه]، وفي رواية أخرى للإمام البخاري زيادة على ما سبق وهي قوله -صلى الله عليه وسلم-: (وأما الكافر -أو المنافق- فيقول: لا أدري، كنت أقول ما يقول الناس، فيقال: لا دريت ولا تليت، ثم يضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه، فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثَّقلين).

• ما يحدث للكافر والمؤمن في القبر:

عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- أنه قال: خرجنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولما يُلحَد، فجلس رسول -صلى الله عليه وسلم- وجلسنا حوله وكأن على رؤوسنا الطير وفي يده عود ينكت في الأرض فرفع رأسه، فقال: (استعيذوا بالله من عذاب القبر مرتين أو ثلاثا)، ثم قال: (إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة حتى يجلسوا منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت -عليه السلام- حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الطيبة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان) قال: (فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض)، قال: (فيصعدون بها فلا يمرون -يعني بها- على ملإٍ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الطيب فيقولون: فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا فيستفتحون له، فيفتح لهم فيشيِّعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها حتى ينتهى به إلى السماء السابعة فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتاب عبدي في عليِّين، وأعيدوه إلى الأرض، فإني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى)، قال: (فتعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيُجلسانه فيقولان له من ربك؟ فيقول: ربي الله، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول ديني الإسلام، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بُعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فيقولان له: وما علمك؟ فيقول: قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت، فينادي مناد في السماء أن صدق عبدي، فافرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة وافتحوا له بابا إلى الجنة، قال فيأتيه من روحها وطيبها، ويفسح له في قبره مد بصره، قال: ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح، فيقول: أبشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول له: من أنت فوجهك الوجه يجيء بالخير؟ فيقول: أنا عملك الصالح فيقول: رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي)، قال: (وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم المسوح، فيجلسون منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب، قال فتفرَّق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول، فيأخذها، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح، ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملإ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الخبيث؟ فيقولون: فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا حتى ينتهى به إلى السماء الدنيا فيستفتح له، فلا يفتح له)... الحديث. [رواه أحمد وغيره].


نسأل الله سبحانه أن يميتنا شهداء آمنين من فتنة القبر لنكون أحياء عنده سبحانه بكرمه وفضله ورحمته ولطفه ومغفرته ورأفته، وأن ينجينا من فتنة القبر ويوفقنا للصالحات وأحسن الخواتيم، إنه ولي ذلك ومولاه.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 131
الخميس 24 شعبان 1439 ه‍ـ
...المزيد

تلاميذ الحافظ حذيفة البطاوي بعث الله رسوله بالهدى ودين الحق ليُظهره على الدين كله، ولتُحكم الأرض ...

تلاميذ الحافظ حذيفة البطاوي

بعث الله رسوله بالهدى ودين الحق ليُظهره على الدين كله، ولتُحكم الأرض بشرعه، فكانت العزة لأتباع هذا الدين دِثارا، والكرامة لهم رمزا وشعارا، وقد خالطت الأنفة نفوسهم وترسَّخ الإباء في قلوبهم، فسَموا بما حوَته جنباتهم من إيمان وتوحيد، وارتقوا في درجات الصبر والثبات.

ولما كان هذا حال المسلمين، كان سعي الكفار والمشركين في قهرهم وإذلالهم دائما حثيثا، فيتعرضون لهم بالأسر ليكسروا إرادتهم ويُثنوا عزائمهم.

لكنَّ أهل العز والإباء ممن وقعوا في أيدي الكفار يأبون الرضوخ للذل، ويسعون جاهدين لفكاك أنفسهم، كما يسعى إخوانهم لفكاكهم بالقتال أو المال، ولهم في صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خير أسوة، فقد أسر المشركون مالكاً بن عوف الأشجعي -رضي الله عنه- فأفلت من العدو في حين غفلة، حتى أتى المدينة، ومعه إبل قد أصابها، وروى عمران بن حصين قصة امرأة أسرها العدو، فأتت إبلهم عِشاء حتى أصابت منها ناقة، فركبت عليها حتى قدمت بها المدينة، وغير هذا في السنة كثير.

وقد كان فكاك جنود الدولة الإسلامية أنفسهم من أيدي سجانيهم ديدن لهم، وتشهد لهم العمليات الكثيرة، التي انتهت أغلبها بكسرهم قيود الذل، لعل من أشهرها العملية التي قام بها المجاهدون في سجن (أبو غريب) ومن بعده سجن الخالص بديالى حيث تحرك المجاهدون من داخل السجن يؤازرهم إخوانهم من خارجه، وكذلك فعل القائد حذيفة البطَّاوي -تقبله الله- وإخوانه فقتل عميداً في مكافحة الإرهاب وعددًا من مرافقيه بعد أن أدخل له إخوانه السلاح داخل السجن، ثم قُتل تقبله الله.

كما دأبت الدولة الإسلامية منذ تأسيس نواتها على فكاك أسرى المسلمين وبذلوا في ذلك خيارهم، اتباعا لأمر نبيهم، وسيرا على خطى من قبلهم من سلف هذه الأمة، فقد خاض الشيخ أبو أنس الشامي -تقبله الله- الغزوة الأولى على سجن (أبو غريب) بنفسه عام 1425 للهجرة، سعيا في فكاك أسيرات المسلمين وأسراهم، وقدَّر الله ألا تحقق الغزوة هدفها، وتفيض روحه في سبيل الله، وقد أعلن أمراء الدولة الغزوات تلو الغزوات، والحملات تلو الحملات، حتى مكنهم الله من فكاك كثير من أسرى المسلمين في سجون العراق من أيدي الرافضة كسجن بادوش وسجن التاجي وغيرهما الكثير، وكذا فك أسر إخواننا في سجن ماراوي في شرق آسيا من أيدي الصليبيين.

وإن العملية المباركة التي أقدم عليها عدد من جنود الخلافة في سجن ديبوك جنوب العاصمة الإندونيسية جاكرتا لتجسِّد المعنى السامي للمجاهد في كسر قيود الذل التي يكبِّله بها سجانوه، فقد عزمت هذه العصبة القليلة المتسلحة بالإيمان والمتسربلة بالصبر على فكاك أنفسهم بأنفسهم بعد أن خذلهم من حولهم من المسلمين، وحال بينهم وبين المجاهدين بُعد الديار، فقامت الثلة القليلة من ذل الأسر إلى عزة الجهاد، فأسروا من سجانيهم وقتلوا، نسأل الله أن يفتح لهم، وأن يفرغ عليهم صبرا ويثبت أقدامهم.

وعلى من ابتُلي بالأسر أن يتخذ من إخوانه هؤلاء ومن سبقهم أسوة له، فيسعى في فكاك نفسه من الكفار والمرتدين، فلا خير في العيش في سجونهم ذليلا صاغرا، يسومونه ألوان الموت وأصناف العذاب، يحبسونه عن الجهاد في سبيل الله وقتال أعدائه ونيل الشهادة في ذلك، فإن يسَّر له الله الفكاك لحق بإخوانه في ساحات الجهاد، وإن قُتل دون ذلك نال الشهادة، التي طالما حلم بها وسعى لها وإن الجهاد الذي يرجوه إن فرج الله عنه من سجنه والشهادة التي يتمناها ختاما لجهاده، أقرب إليه من غيره إن أخذ بالعزيمة، فالمرتدون والصليبيون لا يبعدون عنه سوى أمتار والسلاح قد يكون قريبا من يده في أية لحظة وإنما هو توفيق وعزيمة ولحظة فاصلة بأمر الله ينقلب الحال فيها من سجين إلى منغمس.

وليعلم الأسرى أن إخوانهم من جنود الخلافة حريصون على فكاكهم، ويبذلون في ذلك قصارى جهدهم، ولن يهنأ لهم بال أو يقر لهم قرار حتى يفكوا قيودهم، ويقتصوا لهم من سجَّانيهم، فعليهم بالصبر والثبات، ومن يتق الله يجل له مخرجا، ويرزقه من حيث لا يحتسب.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 131
الخميس 24 شعبان 1439 ه‍ـ
...المزيد

والكاظمين الغيظ ليس أشقَّ على النفس شيئا مثله، فهو أشد خصومة للمرء من خصمه، يتصِّف به ...

والكاظمين الغيظ


ليس أشقَّ على النفس شيئا مثله، فهو أشد خصومة للمرء من خصمه، يتصِّف به الحكماء، ويقدر عليه العقلاء، فهو سلاحهم أمام الجهل والاستفزاز، وأتقن السيطرة عليه من كان عمله لله خالصا، ولوجهه متطلعا، فاستوى عنده المدح والذم، فلم يُستفز بالتوافه، ورغم قدرته ترفَّع عن الرد، شَرع الدين الحنيف له أن يعاقِب بمثل ما عوقِب، غير أنه فضَّل ما هو أعظم.

إنه كظم الغيظ، أساسه التحكم بالغضب الشديد إزاء إساءة أو تصرف صدر من غيرك، فهو يحتاج إلى مجاهدة عظيمة لأنه شديد على النفس، ولكن إذا استعان المرء بالله تعالى عليه، وروَّض نفسه على حبسه صار عليه أقدر، ومرة بعد أخرى سيكون أسهل.

ولكظم الغيظ فوائد جمة، فهو أحد صفات الواردين إلى الجنة، المستحقين للمغفرة، ووجَّه الله سبحانه وتعالى عباده إلى التحلِّي به فقال: { وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } [آل عمران: 133-134].

قالوا في تعريفه أنه: حبس الغيظ والغضب، وإمساكه، وضبط النفس وعدم إنفاذ العقوبة للمسبِّب له مع القدرة على ذلك.

وقالوا عن حسن آثاره الدنيوية: النجاة من التصرف الخاطئ المتسرع الذي يجلب الندامة، والتغلب على الشيطان، والانتصار على وساوسه، وإفقاده الأمل من إيقاع العبد في الغضب، وفيما لا يرضي الله، وفيما لا تعقُّل فيه، وتحقيق تقوى الله عزَّ وجلَّ، وتدريب النفس على التحمل والصبر، والتحلي بخُلق الأنبياء، والشعور بالسعادة، وراحة النفس بعد الانتصار عليه، وكسب محبة الآخرين، وتحويل الأعداء إلى أصدقاء ومحبِّين، وإتاحة الفرصة للمرء للتفكير بحكمة ورويَّة، والنظر للأسباب الحقيقية للخصم، وإيجاد الحلول الحقيقية للمشكلات.

أخي المجاهد، اعلم أن صبرك على من جهل عليك أجر ومثوبة، وهو ليس بالمستحيل ولا بالسهل، وله أسباب إن استعنت بها بات الكظم ممكنا، ولقد ذكر بعضهم أمورا تُعين عليه منها: دعاء الله عز وجل، واحتساب الأجر والثواب، والاستعانة بالصبر، واللين والرفق بحق المخطئ، وتربية النفس على الرضا، وحسن الظن بالآخرين، وتجنُّب السرعة في الحكم عليهم، وسعة الصدر، والسمو بالنفس، وتجنب جدال الجاهلين، وحفظ المعروف والخير السابق للمسيء، والتقليل من الكلام حال الغضب، وتذكُّر وصية الرسول الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم- بعدم الغضب، وتغيير الحالة التي يكون عليها المرء كأن يجلس إذا كان واقفاً، والاستغفار، وترك مكان النزاع، واللجوء إلى الوضوء، وتعلم العلم النافع، وضبط اللسان، ومعرفة عواقب الأمور، ورجاحة العقل، والتقوى، والتربية على حسن الخلق.

أخي المجاهد، إنك بأمسِّ الحاجة للتخلق بخلق الأنبياء والمرسلين، فالأخلاق الحسنة جوهرة ونحن أحق بها من غيرنا، فلنجاهد أنفسنا للتمثُّل بها، ولنسعَ لها ففيها الخير والوقار والسكينة والأجر.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 131
الخميس 24 شعبان 1439 ه‍ـ
...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً