*الخطبة.النارية.عن.المغالاة.في.المهور.والأعراف.الجاهلية.cc.*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik/16750
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ المكلا 19/صفر/1446هـ ↶
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
ـ فإن عصرنا قد تميز تميزًا شديدًا بكثرة المغريات، وكثرة الفتن الملهيات، وكثرة الشهوات، وكثرة المحرمات، وانتشار الفحشاء في المجتمعات، وأصبحت هذه المغريات والشهوات والشبهات والمحرمات هي أيسر عند الناس من المحللات، وفي متناول أيديهم أقرب جدًا من كثير مما أباحه رب الأرض والسماوات.
- نعم أصبح هذا الزمان وهذا العصر بالذات مغرياته وفتنه وشهواته وأهواؤه وشياطينه من الإنس والجن يجتمعون اجتماعً واحدًا، ويتفقون اتفاقًا مجرمًا على ذلك الرجل المستمسك بدينه، والذي يخاف ربه تبارك وتعالى، فيصبح هذا أسيرًا لأولئك، يصبح يواجههم فإما أن يغلبهم وأما أن يغلبونه، وإما أن يصرعهم أو يصرعونه، فعلى هذا يعيش في زماننا، وكثير من أولئك قد صُرعوا، وسقطوا، وفُتنوا وأصبحوا في حرام دائم، وفي ديدن بعيد، وفي إدمان خطير لهذه الشهوات، ولهذه المغريات، ولهذه الشبهات، ولهذه المحرمات بشكل عام.
- بينما المسلم الحق هو المستمسك بدينه في هذا الزمان المر، في هذا الزمان الصعب، في هذا الزمان الذي يناديه الحرام بكل مغرياته، وبكل زينته وفتنته وشهواته، ويتعرض له بكل إمكانانه، ويتعرض له بكامل ألبسته وطلائه، فيخرج له الحرام في أبهى حلته، بينما الحلال قد صُعب كثيرًا، وأصبح أشبه بمستحيل عند كثير من أبناء الجيل للأسف الشديد.
- هذه الكارثة الواقعة في بلدنا هذا خاصة، وفي بلاد المسلمين عامة، ولا شك ولا ريب على أننا نراه بأم أعيننا، ونسمع عنه كثيرًا على الأقل في قراءاتنا وأمام أنظارنا، وهكذا تتوالى علينا القصص والأحداث والعبر والعظات من هذا وذاك، فما دورنا وما واجبنا نحو ذلك، وتقليل حجم هذا الخطر المستفحل، والجسر العائق أمام الحلال، وتيسيره أمام الحرام.
- واليوم أتحدث إليكم عن موضوع من هذه الموضوعات، وعن كارثة من هذه الكوارث المعضلات، وعن جريمة من الجرائم التي يقف الناس أمامها مرحبين، ومساعدين، ومعاونين، وعن طريق الحق مبتعدين، وللباطل مساندين وبكل ما تعنيه الكلمة من تسهيل وتيسير، مع أنهم مسلمون وحق مسلمين.
- لكن أيها الإخوة هذا الأمر المنتشر في بلدنا، وفي مجتمعاتنا، وفي كثير من عاداتنا وتقاليدنا وأعرافنا وإن كانت بعض الأعراف والتقاليد والعادات ليس فيها هذا الأمر لكنها قليلة وهذا محمود لكن الأغلب على غير ذلك ألا وهو المغالاة في المهور، أو قل المغالاة في المهور ودواعيه المحرمة التي تؤدي إلى ترك الزواج لأولئك الشباب الذي يريدون العفاف، والخروج من أزمات وشهوات ومدلهمات ومخاطر الحياة لكن تقف هذه العادات الباطلة لهم بالمرصاد…
- فأصبح هذا الشاب الطموح للحلال، وإعفاف نفسه وتجنيبها من الحرام فريسة للمجتمعات، وفريسة للشهوات، والملذات التي تناديه بقدمها، وبيدها، وبسمعها، وبصرها، وبكامل زينتها، وتتعرض له تعرضًا، وأصبح في متناول يديه الصباح والمساء إذا لم يخف الله ارتطم ثم ارتطم ثم ارتطم، بينما المجتمعات تعمل على حرب شعواء ضد الحلال بتعسيرها لأمر شرعه الله تبارك وتعالى، ورغب فيه المصطفى ﷺ بل كان نبينا ﷺ هو أكثر الأمة نساء فما جمع ولن يجمع رجل ولا يحل بإجماع المسلمين لرجل في الأمة أن يجمع في عصمته بإحدى عشرة امرأة لا إلا نبينا صلى الله عليه وسلم فأحل الله له ذلك فهو أكثر الأمة نساء، وأكثرهم للزواج وأمره تشجيعا، بل دعا الأمة بكل صراحة بأن عليهم أن يتزوجوا وأن ينتقوا الودود الولود "تزوجوا الولود الودود.." أي التي تتلطف لزوجها، وتحسن العلاقة معه، وتحبب نفسها له، وانظر الى كلامه صلى الله عليه وسلم وإلى فرحه بأمته التي انتكست في أزماننا هذه الفرحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "تزوجوا الودود الولود؛ فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة"، فيريد أن تتزوجوا بإمرأة ودود وبإمرأة ولود وليست بعقيمة أو تباعد ما بين والولادة بحجج واهية. لا بل هكذا صلى الله عليه وسلم يخصص هذا النوع من النساء.
- ولهذا نجد الغرب يحارب هذه القاعدة النبوية الشرعية المجمع عليها عند علماء الأمة بتصعيبهم للحلال، وتيسيرهم للحرام، حتى تخيلو على أنهم يجعلونها جريمة دولية كبرى في قوانينهم الإجرامية العالمية الزواج بالصغيرة، أو تعدد الزوجات، مع أنهم يبيحون ويحررون بكل ما تعنيه الكلمة من كلمات الحرية لتعدد الصديقات والزانيات والزواني وكل ما شيء مما أطهر خطبتي من هذه الألفاظ، لكن هذا هو الواقع في زمننا وبلدنا، بل وفي بلدان كثير من المسلمين بفعلهم إن لم يكن بقولهم وتصعيب للحلال بتصعيب للزواج؛ إذ أصبح الذي يريد العفاف أمام متطلبات كبرى لا يستطيع أن يأتي بها خاصة في بعض مجتمعات وفي أعراف وتقاليد هتا وهناك تختلف من مجتمع لمجتمع لكنها تتفق على المغالاة في المهور إلا من نذر في بعض الأعراف الرائعة والتي يرتضيها الدين.
- فنجد هذه الكوارث والمغالاة والمتطلبات الكبرى التي يتطلبها الزواج فقفوا محاربة للعفاف، وللشاب أن يتزوج وأن يحصن نفسه؛ فالزوجة العروسة في قائمتها جملة من مطالبها كالكساء بمئات الآلاف إن لم تكن بالملايين والمهر بالجنيهات الذهب وما يعادلها من العملات الصعبة تبلغ عشرات الآلاف قد يمول بها العريس جيشا بأكمله.
- وهذا مطلب بسيط من الزوجة وإلا فهي كثيرة تختلف من مجتمع لآخر، ثم تأتي مطالب والدها الذي حولها إلى سلعة بمتطلباته الكبيرة، بل هناك مجتمعات كثيرة جدًا جدًا أنهم يطلبون لأنفسهم أكثر مما يعطونه لبناتهم من مهر، قد ربما تحصل على مئة ألف ريال، أو على مائتي الف ريال، بينما هو ثلاثة ملايين وأربعة ملايين، وأعرف والذي نفسي بيده مجتمعات على هذا. ثلاثة ملايين ونصف للأب، وفقط عبارة عن مئتي ألف للبنت، ومئة ألف في كسوة، والباقي يبطش بها الأب، فجعل بنته كأنها سلعة لمن يدفع أكثر فإذا جاء الغني زوجه له دين وخلق أم لا المهم مته مال…
- ومن الغرائب وليست بغريبة أمام هذا الجشع في الحقيقة بأن بعض المجتمعات معه بنات أكثر يقولون له مع فلان ثلاث أربع هذا سيبني بها دار، وهذه سيفتح بقالة أو تجارة، وهذا سيدرس بها أولاده، وهذه سيفعل وهكذا أصبح هذا هو الواقع تحولت إلى سلعة لمن يدفع أكثر وليس بشرط الخلق والدين الذي دعا إليه النبي صلى الله عليه وسلم بأن قال: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه..."، فقال دينه وخلقه، وليس ماله، وليس جاهه، وليس غناه، وليست هذه الأمور عامة لا بل "من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا هكذا يقول النبي إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" فينتشر في المجتمعات الفساد والشر والحرام وقد كانت وستكون.
- وكم نسمع، وكم يؤتى إلينا، وكم من كوارث ومصائب وبلاوى منتشرة في مجتمعاتنا خاصة مع تيسر وسائل التواصل الاجتماعي فهذا يحب تلك، ويتعلق بها، ويراسلها الساعات الطويلة وترسل له كل شيء من جسدها، وقد يحصل لقاء وزنا، بل بعضهم أخذها وهرب بها، وبعضهن أصبحن حبلى من الزنا، وبعضهن انتحرن، وبعضهن يأخذ غرضه منها ثم يبتزها وينشر صورها، ويفضحها، والطامة أن هذه الفتن الكبيرة، والمصائب الطامة ليست حصرا على العازبات بل عمت عند المتزوجات، وكل ذلك مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير".
- وعودة للمتطلبات الزواج غير الأب والبنت التي هي الزوجة العروسة فهنا أيضًا أمها تريد، خالتها، وعمتها، وهكذا أم العروس، وأخواته، وقل عن القاعة كم تطلب ربما مليون ريال وأكثر، وقل أيضًا مستلزمات القاعة من ماء وغيره، فضلا عن الوجبة تكلف في بعض الأعراف أكثر من ثلاثة ملايين، وقل أيضاً البيت وزينته، وقل عن غرفة العريس التي هي ضرورة لازمة في أكثر الأعراف هي الأرفع سعرا ديكور، وغرفة نوم ومستلزمات الغرفة من فرش وغيره أكثر من مليوني ريال، فكل أولئك يحتاجون من ذلك الشاب الذي يريد أن يتزوج ويعف نفسه يحتاجون منه إلى هذه المتطلبات كضرورة لازمة عند الأعراف والتقاليد الباطلة وإلا فعيب يتزوج وهو يستحي يخالف الناس، فإذا أراد يتزوج الزوجة مثلا بثلاثة ملايين فيحتاج لثلاثة أضعافها لهذه الأعراف التي ما أنزل الله بها من سلطان وإنما هي من الشيطان… كل هذه التكاليف أيها الإخوة يتكلف بها من يريد العفاف والحلال فتصبح عليه مديونية لسنوات…
- إن هذه الجريمة واقعة في عصرنا وفي مجتمعنا وفي أعرافنا وتقاليدنا أصبحت هذه منتشرة وبالتالي انتشار الفساد الأخلاقي، والرذيلة، والانحطاط المجتمعي الذي في إحصائيات إحدى المحافظات اليمنية عدد اللواط في شهر واحد حسب تصريح لأحد رجالات الأمن فيها وهو مختص في مكافحة الجريمة الأخلاقية قال على أن أكثر من ألف وثلاثة عشر جريمة لواط تم القبض عليها في شهر واحد وفي محافظة يمنية واحدة إيه والله، والسؤال هل معقول أن يكتشفوا كل جرائم اللواط لا لا يمكن إنما هذه ربما أقل من الربع وفي محافظة واحدة فكيف بغيرها… حسبنا الله ونعم الوكيل…
- فكونوا على يقين أن ما استتر هو أكثر جدا مما يقال سواء من جريمة لواط او من جرائم اخرى كجريمة الزنا والاغتصاب وقل ما شئت وحدث ولا حرج…
-وكم من نساء والله وبالله وتالله يأتينني يريدن التوبة مما قد ارتكبت، بل وأسقطت جنينها، أو قد وقعت في فاحشة متكررة، أو قد ابتزت من هذا وذاك، وأرسلت صورها وجسدها لفلان وعلان ومن متزوجات وعازبات، وقل ما شئت، وتحدث عما شئت من هذه الجرائم والموبقات والسبب الذي يقف عائقًا عن الحلال هو الأب الذي ظلم هذه البنت بأن يسترها بزوجها بأن يعفها بزواجها بأن يقدمها لمن يرتضيه خلقا ودينا كما دعا النبي ﷺ لذلك في أحاديث كثيرة، حتى أن علماء الأمة أجمعوا على أن لا يوجد حديث واحد لا صحيح ولا ضعيف ولا حتى موضوع يدل على الترغيب في العزوبية… فديننا يحث على الزواج والعفاف ويشجع عليه… بل جعل الله الزواج سنة كونية تعم البشر وغير البشر: ﴿وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ..﴾، ﴿وَمِن آياتِهِ أَن خَلَقَ لَكُم مِن أَنفُسِكُم أَزواجًا لِتَسكُنوا إِلَيها وَجَعَلَ بَينَكُم مَوَدَّةً وَرَحمَةً إِنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِقَومٍ يَتَفَكَّرونَ﴾
- حتى إن الله تحدث بأنه زرع المودة والرحمة في قلوب الزجين معا، بل قال الله في سورة البقرة ﴿هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ﴾ انظر كيف التشبيه القرآني ﴿هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ..﴾ كأن الله يقول إن ذلك العازب بلا زوجة كأنه عريان معنويا، لا يوجد له ستر، ما دام ولا زوجة له لأن الله يقول: ﴿هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ﴾، إذ هي تسترك وأنت تسترها.
- فإلى أولئك الذين يريدون أن يفضحوا هذا الستر وأن يكشفوه أنادي: اتقوا الله في أنفسكم، وفي بناتكم، وفي أولادكم، بأن تخففوا من متطلبات الزواج والعفاف، وأن تتبعوا سنة رسولكم وشرع ربكم تبارك وتعالى الذي دعا لتيسير الزواج بكل ما تعنيه الكلمة من تيسير فأين أنتم من ذلك كله، ألم تعلموا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد دعا على من شق على الأمة: "اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم فارفق به، ومن ولي من أمر أمتي شيئًا فشق عليهم فاشقق عليه"، فاحذروا دعوته صلى الله عليه وسلم فأنتم أولياء أمور للنساء فارفقوا بالعزاب وحاربوا العادات والتقاليد الباطلة في تكاليف الزواج ويسروا ييسر الله لكم..
- ثم انظروا إلى تيسير الإسلام للزواج وكم كان يكلف فقد قال صلى الله عليه وسلم للرجل: "التمس ولو خاتما من حديد"، نعم خاتم من حديد لا يكلف إلا خمس مئة ريال، نعم خاتم من حديد يتزوج في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتهى الأمر وكل التكاليف هي هذه، بل قال للرجل الآخر: "زوجتكها بما تحفظ من القرآن"، بل في رواية: "فقد زوجتكها بعشرين آية من سورة البقرة فحفظها إياها"، والحديث عند أبي داود، بل عند الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءت إليه امرأة من بني فزارة فأخبرته أنها قبلت بزواجها بشاب بأن يؤتيها نعلين فقط، فقال النبي صلى الله عليه وسلم أترضينه، فرضي به صلى الله عليه وسلم وأقرها عليه، وهي من نعال العرب يسيرة في قيمتها ولربما خصفها بيده، ومع هذا أقر النبي عليه والسلام زواجها، بل قال صلى الله عليه وسلم: "أبرك الصداق أيسره" وقال عليه الصلاة والسلام: "أكثر النساء بركة أيسرهن مؤنة" يعني صداقا وتكاليف للعرس.
أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ..
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:
- فالمواجع أيها الإخوة في هذه القضية قضية المغالاة في المهور كثيرة، والأحداث جليلة ومدلهمة، ولكن كثرة الحديث عن هذا قد يطيل الخطبة، فنقتصر أخيراً على بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا شك ولا ريب أن نساءه بنص كتاب الله عز وجل هن أمهات المؤمنين، وبالتالي هن قدوات النساء وقدوات للرجال أيضا: ﴿النَّبِيُّ أَولى بِالمُؤمِنينَ مِن أَنفُسِهِم وَأَزواجُهُ أُمَّهاتُهُم﴾، ولم يقل حتى أمهات المؤمنات؛ لأنه معروف واضح إذا كانت أما للرجل فهي أم للمرأة بدون شك وبدون ريب، فهن قدوة وأسوة وارتضينا بالشيء اليسير منه عليه الصلاة والسلام سواء في وجبتها التي يدعو النبي عليه الصلاة والسلام لها عشرة وقلة قليلة من الرجال، وعلى ماذا هل اللحم، والقاعة، والحفلات الباهضة لا بل على ثريد، أو تمر وسويق، أو خبز وخل ونحو هذا، وأكثر واحدة أولم لها صلى الله عليه وسلم ذبح شاة واحدة…ولهذا قال عمر الله عنه: "لو كان فيه خير يعني في المغالاة في المهور لفعله النبي عليه الصلاة والسلام فما علمت رسول الله صلى الله عليه وسلم أصدق امرأة من نسائه أكثر من اثني عشر أوقية"، وهو مبلغ يسير في زمانننا.. وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن أمهات المؤمنين رضي الله عنهن…
- وقل أيضًا فاطمة رضي الله عنها وهي سيدة نساء أهل الدنيا في الجنة قال عليه الصلاة والسلام لعلي عندما خطبها ألا تجد شيئا تعطيها إياها، فقال لا أجد يا رسول الله، تخيل أن رجلا يأتي إلى خير خلق الله، وبنت رسول الله، وإلى سيدة نساء الجنة من أجل أن يطلب يدها بدون أي شيء، وليس معه اي شيء، فذكّره النبي أين درعك الحطمية، فقال هي عندي والحديث عند أبي داود وهو صحيح، فزوجه النبي صلى الله عليه وسلم بفاطمة رضي الله عنها بدرع…
فإذا كن نساء رسول الله وبنت رسول الله وسيدة نساء أهل الجنة في الجنة رتضين من الدنيا بهذا، ورسول الله صلى عليه وسلم كولي أمر ابنته، وكزوج لنسائه ارتضى بهذا فماذا عنا والله يقول: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ }.
- أفتكون نساؤنا وبناتنا وأخواتنا وعماتنا وخالاتنا وكل امرأة نحن ولي أمر لها هل ستكون كعائشة، أو كأم سلمة، أو كفاطمة، أو كأي أحد من نساء رسول الله ومن بناته، لن تكون قطعا هي خير منها، فمن خير إذن حتى نطلب كل هذا الثمن…
وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.org/
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A ...المزيد
مساعدة
الإبلاغ عن المادة
تعديل تدوينة
*الخطبة.النارية.عن.المغالاة.في.المهور.والأعراف.الجاهلية.cc.* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق ...
*الخطبة.النارية.عن.المغالاة.في.المهور.والأعراف.الجاهلية.cc.*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة ...المزيد
*خطبة.نارية.عن.الربا.والبنوك.والشركات.الربوية.cc* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو ...
*خطبة.نارية.عن.الربا.والبنوك.والشركات.الربوية.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik/16630
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ المكلا12/صفر/1446هـ .*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
-إن من أفضل الأعمال، ومن أحبها، وأجلها، وأحسنها إلى الرحمن تبارك وتعالى السعي في طلب الرزق الحلال، والسعي على الأولاد والعيال، والسعي بجد واجتهاد في هذا العمل الشريف على كل حال، دون أن يسأل الناس، ودون أن يتذلل للناس، ودون أن يبطش أينما هب ودب في حلال وحرام.
- إن المؤمن الذي رضي بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد ﷺ نبيًا ورسولًا مشرعًا ليخاف كل الخوف من أن يتلطخ بالحرام مهما كان قلته ويسره، بل يموت جوعًا ولا يأكل حرامًا، ولا يأخذ حق غيره أبدًا، ويرضا بالحلال ولو كان يسيرًا؛ لأنه يعلم أن النبي ﷺ قد قال "أيما جسم نبت من الحرام فالنار اولى به"، والأخطر في قوله عليه الصلاة والسلام: "من أقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله عليه النار"، فقال الصحابة رضوان الله عليهم: يا رسول الله وإن كان شيئاً يسيرًا؟ قال: "وإن كان قضيبًا من أراك"، أي وإن كان مسواكًا والحديث في البخاري ومسلم.
- إذن فالحرام يبقى حرامًا مهما كان، ومهما قل، ومهما احتُقر عندك فهو عظيم عند الله وإن كان شيئًا يسيرًا جدًا فما دام وأنه من حرام فلا يتسامح فيه الجبار جل وعلا؛ فالحرام منبوذ، الحرام وصاحبه مردود، الحرام وصاحبه مطرود، الحرام وصاحبه في قلة وحسرة وندامة، وفي خيبة دائمة إلى يوم القيامة، وستلاحقه دنيا وآخرة؛ لأن الله كتبها عليه، حتى وإن كثر ماله، وإن كثر جاهه، وإن كثر سلطانه، وإن كثرت فلسفته وهرطقته؛ فإنه مفلس مفلس دنيا وآخرة…
- ثم إنه سينصب ويتعب ويجد ويجتهد في الدنيا لعمل الحرام ثم يأتي عند الله تبارك وتعالى فيجازيه بما فعل في الدنيا: ﴿عامِلَةٌ ناصِبَةٌ تَصلى نارًا حامِيَةً تُسقى مِن عَينٍ آنِيَةٍ لَيسَ لَهُم طَعامٌ إِلّا مِن ضَريعٍ لا يُسمِنُ وَلا يُغني مِن جوعٍ﴾.
- فالحرام خبيث من الخبائث، والله عز وجل طيب لا يقبل إلا طيبًا يكره كل خبيث من بني آدم، أو مما يأكل، أو مما يشرب، أو مما يكتسب، أو يعمل، أو ينظر، أو أي شيء كان فهو خبيث من الخبائث، وبالتالي فهو منبوذ مكروه لله عز وجل: ﴿قُل لا يَستَوِي الخَبيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَو أَعجَبَكَ كَثرَةُ الخَبيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يا أُولِي الأَلبابِ لَعَلَّكُم تُفلِحونَ﴾.
- ولذلك نجد أن الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم قد أحل للناس الطيبات، وحرم عليهم الخبائث، فعمم جل وعلا الخبائث عامة فجعل كل ما يستخبثه الناس بطبائعهم وغرائزهم الفطرية التي يرتضيها رب البرية فهي مكروهة خبيثة لله تبارك وتعالى، ونجد في مواصفات النبي صلى الله وسلم الذي بشر به أهل الكتاب: ﴿الَّذينَ يَتَّبِعونَ الرَّسولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذي يَجِدونَهُ مَكتوبًا عِندَهُم فِي التَّوراةِ وَالإِنجيلِ يَأمُرُهُم بِالمَعروفِ وَيَنهاهُم عَنِ المُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيهِمُ الخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنهُم إِصرَهُم وَالأَغلالَ الَّتي كانَت عَلَيهِم فَالَّذينَ آمَنوا بِهِ وَعَزَّروهُ وَنَصَروهُ وَاتَّبَعُوا النّورَ الَّذي أُنزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ المُفلِحونَ﴾، بل إن الله عز وجل ساوى في أمره بين المؤمنين وبين الرسل الطيبين: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾، بل عمم الناس أجمعين فقال: ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ كُلوا مِمّا فِي الأَرضِ حَلالًا طَيِّبًا وَلا تَتَّبِعوا خُطُواتِ الشَّيطانِ إِنَّهُ لَكُم عَدُوٌّ مُبينٌ إِنَّما يَأمُرُكُم بِالسّوءِ وَالفَحشاءِ وَأَن تَقولوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعلَمونَ﴾، ونادى الرسل بشبه النداء: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ۖ إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}، فهو انتقاء عظيم، واشتراك في الصفة وفي الفعل ما بين الرسل عليهم الصلاة والسلام وما بين المؤمنين في تناول الطيبات واجتناب الخبائث المحرمات.
- ثم إن هناك أمر أجمعت عليه الشرائع جميعًا وحتى الفطر الإنسانية السوية بأنهم لا يرتضون لبطونهم إلا الطيب كالنحلة لا تأكل إلا طيبًا، ولا تضع إلا طيبًا، أما الخبيث فهو كالذباب فإنه لا يتتبع إلا الخبائث، وفيها يعمل، ولها يشتهي، ثم لا يخرج إلا إياها فكذلك الإنسان الوسخ الخبيث الدنيئ لا يتتبع إلا الوساخات، ولا يعجبه إلا إياها، ولا تشبعه إلا هي مع أن له ما يشبعه ويشبع عشرات من أمثاله لكن لا يرتضي إلا بمال سحت، بمال حرام يأخذه فقد يكون موظفًا وظيفة مرموقة تغنيه فلا تطمئن نفسه ولا يقنع برزق حلال، بل لا بد يتعدى للحرام كرشوة بمبلغ يسير.
- والحرام والحلال أبوابه شاسعة، وكثيرة وطويلة ومتشعبة غير أن النبي ﷺ قد قال وعهد إلينا كما في البخاري ومسلم: "إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، والْحَرَامَ بَيِّنٌ، وبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ وفي رواية متشابهات فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ، وعِرْضِهِ، ومَنْ وقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ، أَلَا وإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ.."، فحتى الشبهات ما دام وأن تلك الشبهات ستؤدي للمحرمات فإنه لا يرتضيها المؤمنون والمؤمنات، ويجتنبون منها وفيها وعنها كل اجتناب، ولا يرتضونها أبدًا مهما كانت، وأين كانت، ومن أي مصدر أتت لهم: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} فاهتداء القلوب أمر أصطفى الله به المؤمنين حتى جنبهم خبائث هذه المكتسبات، وطهر بطونهم منها مهما كانت وحلت.
- ألا أيها الإخوة وإن مكاسب الحرام في زماننا تعددت، وتنوعت، وتشتت، وتفرقت، وأصبحت لها منظمات وهيئات ومؤسسات... وأصبحت لها ميزانيات، بل لقد أصبح الحرام هو الغالب على الناس للأسف الشديد إلا من رحم الله، بل إن اقتصاديات دول العالم أجمع تقوم على الحرام إلا قليل، والقليل فيه شبهات، ولربما هذا القليل لا يتعدى أصابع اليد الواحدة إن تجاوزها إلى اليدين في العالم اجمع؛ إذ أن البنوك المركزية فيها تقوم على الربا، ومنها بلادنا ومنها تسعة وتسعون في المئة من الدول العربية والإسلامية قائمة بنوكها المركزية على الربا بكل أنواعه وتفاصيله، وتحارب الله جل وعلا محاربة علنية، وتتحداه تحد صريح، وفتحت جبهة حرب بينها وبين الله جل جلاله لا تبقي ولا تقر، ولعلكم تعرفون ماذا تعني البنوك المركزية أي هي الأم والباقي أفراخ، والباقي محلات صغيرة وشعب بسيطة، ومعناه لابد للمسلم أن يأخذ الأموال النقدية شاء أم أبى مع أنها ربا واكتسبت منها، لكن ماذا يعمل إلا أنه يوكل الله ولا يرتضي هذا ويفعل الحلال ويجتنب الحرام دوما.
- ألا وإن الحديث عن الحرام كثير، ولكن أتناول الربا الذي ما من آية في كتاب الله أخوف، ولا أكبر، ولا أعظم، ولا أقسى، ولا أشد من هذه الآية الكريمة: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَروا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِن كُنتُم مُؤمِنينَ فَإِن لَم تَفعَلوا فَأذَنوا بِحَربٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسولِهِ وَإِن تُبتُم فَلَكُم رُءوسُ أَموالِكُم لا تَظلِمونَ وَلا تُظلَمونَ﴾، بل إن رجلا قال لامرأته أنت طالق إن كان كذا وكذا ليس أشد منه حرامًا في كتاب الله، فقال هذا الرجل عندما ذهب إلى الفقهاء فكل أحد علل له بتعاليل، لكن جاء إلى الإمام مالك فقال قد طلقت زوجتك، لا أجد أعظم في كتاب الله عقوبة من الربا، فقد قال الله قال الله وكذب القائلون سواه مما يخالفونه: {أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ} بحرب من الله أي أن الله جل في علاه يحارب المرابي من فوق سبع سماوات وهل يقدر بشر على مواجهة حرب الله…
-هل تتوقعون وهل تتصورون وهل تتخيلون أن يبارز عبد ربَه بمعصية ربوية فيكون ورب العالمين سبحانه وتعالى في حرب ضروس، وشاملة لا تبقي ولا تذر في نفسه، وفي ماله، وفي صحته، وفي عافيته، وفي أعماله، وفي أولاده، وفي وظيفته، وفي كل تفاصيل حياته حتى يلاقي ربه تبارك وتعالى وهناك يوم القيامة كما قال ابن عباس رضي الله عنه أول ما يبعثه الله يبعثه مجنونًا كالذي يتخبطه الشيطان من المس ثم يلاقي ربه تبارك وتعالى هناك فيقول الله له يا فلان خذ سلاحك وبارزني إن كنت قادرا!.
أي دافع عن نفسك من ناري ومن عذابي الذي أعددته لك خصيصًا؛ لأنك جاهرت بمعصيتي ورابيت وتناولته في حياتك وأطعمت أولادك ونفسك وفعلته وبارزتني به في الدنيا قبل الآخرة فاليوم جزائي آخر لك غير ما جزيت به في الدنيا…
-أيها الإخوة من يرتضي لنفسه أن يكون في معركة دائرة بينه وبين الله من صباحه حتى مسائه، ثم من مسائه حتى صباحه، وفي حياته بكلها على أن يتناول شيئا يسيرًا من الربا الذي قال فيه النبي ﷺ: "الربا ثلاث وسبعون بابًا، أيسره مثل إتيان الرجل أمه"، والحديث صحيح، هل تخيلت معي هذا الحديث وهذا الجرم وهذه المصيبة وهذه الورطة… من يمكنه يزني بأمه عياذًا بالله… فكيف وهو أيسر الربا فماذا عن ما فوقه…
- ثم إن من قوله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة وسبعون بابًا"، يدل على أن الربا أنواع متشتتة ومتشعبة لكن هذا كله لا يهم المرابي بل الأهم عنده أنه يكسب المال، سواء من شركة تعلن أرباحًا على الإنترنت، أو من فلان يعطيه أكثر مما أخذ منه بأن يقرضه ثم يرد له مثله ونحوه، أو من إنسان أو من بنك يعرض عرضا ربويا أو من بقالة ومحل تجاري يعلن عن مسابقة ومنافسة وعلى عروض يقدمها وعلى ما تسمى هناك بسحب الكروت، أو يعطي جوائز في البضاعة ليشتريها الناس، أو ما شابه هذا أو أي شيء من أنواع الربا وهي كثيرة جدا، وخاصة في بلادنا التي كثير من الناس فيها لا يفهمونها، ولا يعون أمرها، ولا يسألون عن أمر الله كثيرًا، ولا يعودون للعلماء بسؤالهم والعودة إليهم خاصة عند مشتبهات الأمور ﴿وَإِذا جاءَهُم أَمرٌ مِنَ الأَمنِ أَوِ الخَوفِ أَذاعوا بِهِ وَلَو رَدّوهُ إِلَى الرَّسولِ وَإِلى أُولِي الأَمرِ مِنهُم لَعَلِمَهُ الَّذينَ يَستَنبِطونَهُ مِنهُم وَلَولا فَضلُ اللَّهِ عَلَيكُم وَرَحمَتُهُ لَاتَّبَعتُمُ الشَّيطانَ إِلّا قَليلًا﴾، والله يقول: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}.
- ولقد أجمع علماء الأمة كما نقل الإمام الغزالي عليه رحمة الله أنه لا يحل لمسلم أن يدخل في أمر من الأمور حتى يعلم حكم الله في ذلك الأمر الذي سيدخله فلا يذهب إليه، ولا يتقحمه ثم يقول، ويتعلل، ويتفلسف، وقد وصلت وفعلت ولسنوات على هذا الحرام وعلى هذا الربا وعلى هذا القمار وعلى هذا البيع والشراء وعلى هذا النوع من كذا وكذا فماذا أصنع…
- ألم يسمع لقول نبينا ﷺ في الحديث الصحيح: "درهم من ربا أشد من ست وثلاثين زنية"، هكذا يقول عليه الصلاة والسلام من ست وثلاثين زنية وهو درهم واحد، وهو شيء يسير منه لأنه يعني أنه حارب الله أنه بارز الله أن بينه وبين الله معركة حامية الوطيس، واليوم في زماننا لا يدري المسلم من أين أكتسب ماله، أو في أي شيء ينفقه فتحقق قول نبينا ﷺ:"يأتي زمان على الناس زمان لا يبالي المرء من أين أخذ ماله ومن أين أكتسبه وفيما أنفقه"، وفي المتفق عليه: "اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: وما هن يارسول الله؟ قال الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات"، وهو في المتفق عليه، فانظر بماذا قرن الله الربا، وجعله مع الشرك والقتل للنفس..
- فما عنده أي إشكالية، المهم أن يكتسب المال، يسمع بشركة تعطي أرباحًا يومية، أو أرباحًا أسبوعية، أو أرباحًا شهرية، أو أرباحًا سنوية إلا يدخل فيها بمبلغ معين ثم ترد لك في نهاية الشهر مبلغك وأكثر منه، أو تضمن لك رأس المال أو تسمي هذه العملية الربوية الشيطانية بمسميات إسلامية شراكة ومضاربة وهكذا من الألفاظ الإبليسية الخبيثة المحرمة التي يستخدمونها لجذب عوام الناس والمساكين من الناس بالرغم على أنها شركة ربوية من رأسها إلى أخمص قدمها، وذاك المسلم يأكل الحرام ويصبح ويمسي عليه ويبارز ربه، ويعلن حربه عليه جل وعلا.
-ووالله إنها لتردني أسئلة إن لم يكن في كل يوم أكثر من خمسة في مثل هذه المواضيع فقط، فهو ربًا ومراب ويتقحمه لربما من سنوات كثيرة دون أن يعي، ودون أن يفهم، ودون أن يعود إلى من يسأل ويعلم الحكم الشرعي في المسألة الفلانية، بل قد ربما المال بكله اكتسبه من الربا ومن الحرام وأكل أولاده ذلك بينما نبينا ﷺ قد لعنه كما عند مسلم حتى لعن كل من له صلة به لعظيم أمره وشديد فعله وكبير جرمه فقال ﷺ "لعن الله آكل الربا، ومؤكله، وكاتبه، وشاهده"، ثم قال ﷺ معلقا في آخر الحديث: "هم سواء" فكلهم ملعونون على لسان رسول الله ﷺ، فمن منا يمشي على وجه الأرض وهو ملعون من النبي ﷺ، وقد تبرأ ﷺ من ناقة لُعنت فأمر اللاعنة وفي رواية اللاعن لها بأن يأخذ متاعها ويسيبها قال: "لا تصحبنا ناقة ملعونة! ، هكذا يقول النبي ﷺ. وهي ناقة فما بالك برب أسرة، فما بالك برجل يكتسب ماله من الحرام ويؤكل أولاده منه منذ سنوات طوال…!.
-أيها الإخوة إن الواجب علينا أن نستيقظ، وأن نعي ما نفعل وما نكتسب؛ فإن اليوم أخذ منا الدنيا، وفي الآخرة جزاء،
أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ..
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:
- فالحديث عن الربا وعن المحرمات عموما طويلة جدا لكن لا يسعني في الأخير ولا أطيل إلا أن أقول الربا أقسام كثيرة متنوعة وعديدة خاصة في زماننا التي تنوعت الحيل فيه، وأصبح الحرام يؤتى به مروجًا مزهنقًا محسنًا مدلعًا مجملًا باسم ألفاظ الحلال وليس ببعيد عنا ما تسمى بالخمور بأنها مشروبات روحية، وأن الزنا صديق وصديقة وعلى أن الشركات المحرمة الربوية فوائد محللة جائزة، حتى لا يتلفظون بمسمى الربا إنما تمسمى الفائدة ليحسنوها في أعين الناس، وترتضيها العقول والقلوب على أنها فائدة.
ـ فواجب على كل تاجر أن يتفقه في أحكام الشرع التي تخص تجارته ورضي الله عن الفاروق كان كلما جاءه تاجر ليتجر في السوق، سأله، وامتحنه بأخبار الفقه الربوي، وأقسام وأنواع وكيف يتم الربا ويعرفه وأخبار المال وأخبار الاقتصاد والتجارة، فإن أحسن الإجابة سمح له بالتجارة، وإن لم يحسنها صرفه منها، وكان رضي الله عنه يقول: "لا يتاجر في سوقنا من لم يفقه أحكام شرعنا، وإلا أكل الربا شاء أم أبى"، هكذا يقول الفاروق رضي الله عنه.
- بل كان في زمن كزمن دولة المرابطين أن يؤتى إلى الأسواق إلى أسواق التجار والمتاجرين فيتوجه الفقيه إليهم بأسئلة فقهية مهمة تخص المال والأعمال التجارية وعلى مذهب السادة المالكية فيقولون له ما حكم المسألة الفلانية والمسألة الفلانية، فإن أجاب بتفصيل فقهي مالكي سُمح له بالتجارة، وإلا سُحب منها وصودرت أمواله لتجارته في الحرام الذي يهد الدولة ولا يحافظ عليها أبدًا لأنه محاربة لله صراحة.
- فإذا كانت دولنا هي التي لا تحافظ على شعبها، ولا تحافظ على ما يجب عليها المحافظة عليه، ولا ترعى حقوق الناس في أخذهم بالحلال وتركهم الحرام، فماذا نفعل، وماذا نقول، وماذا ننتظر من عقوبة ربانية تنزل على الخاصة والعامة: ﴿وَاتَّقوا فِتنَةً لا تُصيبَنَّ الَّذينَ ظَلَموا مِنكُم خاصَّةً وَاعلَموا أَنَّ اللَّهَ شَديدُ العِقابِ﴾.
- ألا فلنستيقظ، ولنفقه، ولنعلم، ولنكن على دراية في أي شيء نفعل، وإلى أي شيء نتجه حتى لا نأخذ المحرمات دون علم بها، ودون استشعار لخطرها، ثم هناك يكون الحساب والعقاب عند الله جل وعلا، وهناك لا عذر؛ لأن العذر مبين في كتاب الله تبارك وتعالى، وهي آيات واضحات صريحات بينات فالواجب على المسلم أن يقرأها وأن يتدبرها وأن يعلم ما فيها إذا لم يعلم من قبل الآن...
وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.org/
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik/16630
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ المكلا12/صفر/1446هـ .*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
-إن من أفضل الأعمال، ومن أحبها، وأجلها، وأحسنها إلى الرحمن تبارك وتعالى السعي في طلب الرزق الحلال، والسعي على الأولاد والعيال، والسعي بجد واجتهاد في هذا العمل الشريف على كل حال، دون أن يسأل الناس، ودون أن يتذلل للناس، ودون أن يبطش أينما هب ودب في حلال وحرام.
- إن المؤمن الذي رضي بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد ﷺ نبيًا ورسولًا مشرعًا ليخاف كل الخوف من أن يتلطخ بالحرام مهما كان قلته ويسره، بل يموت جوعًا ولا يأكل حرامًا، ولا يأخذ حق غيره أبدًا، ويرضا بالحلال ولو كان يسيرًا؛ لأنه يعلم أن النبي ﷺ قد قال "أيما جسم نبت من الحرام فالنار اولى به"، والأخطر في قوله عليه الصلاة والسلام: "من أقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله عليه النار"، فقال الصحابة رضوان الله عليهم: يا رسول الله وإن كان شيئاً يسيرًا؟ قال: "وإن كان قضيبًا من أراك"، أي وإن كان مسواكًا والحديث في البخاري ومسلم.
- إذن فالحرام يبقى حرامًا مهما كان، ومهما قل، ومهما احتُقر عندك فهو عظيم عند الله وإن كان شيئًا يسيرًا جدًا فما دام وأنه من حرام فلا يتسامح فيه الجبار جل وعلا؛ فالحرام منبوذ، الحرام وصاحبه مردود، الحرام وصاحبه مطرود، الحرام وصاحبه في قلة وحسرة وندامة، وفي خيبة دائمة إلى يوم القيامة، وستلاحقه دنيا وآخرة؛ لأن الله كتبها عليه، حتى وإن كثر ماله، وإن كثر جاهه، وإن كثر سلطانه، وإن كثرت فلسفته وهرطقته؛ فإنه مفلس مفلس دنيا وآخرة…
- ثم إنه سينصب ويتعب ويجد ويجتهد في الدنيا لعمل الحرام ثم يأتي عند الله تبارك وتعالى فيجازيه بما فعل في الدنيا: ﴿عامِلَةٌ ناصِبَةٌ تَصلى نارًا حامِيَةً تُسقى مِن عَينٍ آنِيَةٍ لَيسَ لَهُم طَعامٌ إِلّا مِن ضَريعٍ لا يُسمِنُ وَلا يُغني مِن جوعٍ﴾.
- فالحرام خبيث من الخبائث، والله عز وجل طيب لا يقبل إلا طيبًا يكره كل خبيث من بني آدم، أو مما يأكل، أو مما يشرب، أو مما يكتسب، أو يعمل، أو ينظر، أو أي شيء كان فهو خبيث من الخبائث، وبالتالي فهو منبوذ مكروه لله عز وجل: ﴿قُل لا يَستَوِي الخَبيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَو أَعجَبَكَ كَثرَةُ الخَبيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يا أُولِي الأَلبابِ لَعَلَّكُم تُفلِحونَ﴾.
- ولذلك نجد أن الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم قد أحل للناس الطيبات، وحرم عليهم الخبائث، فعمم جل وعلا الخبائث عامة فجعل كل ما يستخبثه الناس بطبائعهم وغرائزهم الفطرية التي يرتضيها رب البرية فهي مكروهة خبيثة لله تبارك وتعالى، ونجد في مواصفات النبي صلى الله وسلم الذي بشر به أهل الكتاب: ﴿الَّذينَ يَتَّبِعونَ الرَّسولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذي يَجِدونَهُ مَكتوبًا عِندَهُم فِي التَّوراةِ وَالإِنجيلِ يَأمُرُهُم بِالمَعروفِ وَيَنهاهُم عَنِ المُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيهِمُ الخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنهُم إِصرَهُم وَالأَغلالَ الَّتي كانَت عَلَيهِم فَالَّذينَ آمَنوا بِهِ وَعَزَّروهُ وَنَصَروهُ وَاتَّبَعُوا النّورَ الَّذي أُنزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ المُفلِحونَ﴾، بل إن الله عز وجل ساوى في أمره بين المؤمنين وبين الرسل الطيبين: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾، بل عمم الناس أجمعين فقال: ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ كُلوا مِمّا فِي الأَرضِ حَلالًا طَيِّبًا وَلا تَتَّبِعوا خُطُواتِ الشَّيطانِ إِنَّهُ لَكُم عَدُوٌّ مُبينٌ إِنَّما يَأمُرُكُم بِالسّوءِ وَالفَحشاءِ وَأَن تَقولوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعلَمونَ﴾، ونادى الرسل بشبه النداء: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ۖ إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}، فهو انتقاء عظيم، واشتراك في الصفة وفي الفعل ما بين الرسل عليهم الصلاة والسلام وما بين المؤمنين في تناول الطيبات واجتناب الخبائث المحرمات.
- ثم إن هناك أمر أجمعت عليه الشرائع جميعًا وحتى الفطر الإنسانية السوية بأنهم لا يرتضون لبطونهم إلا الطيب كالنحلة لا تأكل إلا طيبًا، ولا تضع إلا طيبًا، أما الخبيث فهو كالذباب فإنه لا يتتبع إلا الخبائث، وفيها يعمل، ولها يشتهي، ثم لا يخرج إلا إياها فكذلك الإنسان الوسخ الخبيث الدنيئ لا يتتبع إلا الوساخات، ولا يعجبه إلا إياها، ولا تشبعه إلا هي مع أن له ما يشبعه ويشبع عشرات من أمثاله لكن لا يرتضي إلا بمال سحت، بمال حرام يأخذه فقد يكون موظفًا وظيفة مرموقة تغنيه فلا تطمئن نفسه ولا يقنع برزق حلال، بل لا بد يتعدى للحرام كرشوة بمبلغ يسير.
- والحرام والحلال أبوابه شاسعة، وكثيرة وطويلة ومتشعبة غير أن النبي ﷺ قد قال وعهد إلينا كما في البخاري ومسلم: "إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، والْحَرَامَ بَيِّنٌ، وبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ وفي رواية متشابهات فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ، وعِرْضِهِ، ومَنْ وقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ، أَلَا وإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ.."، فحتى الشبهات ما دام وأن تلك الشبهات ستؤدي للمحرمات فإنه لا يرتضيها المؤمنون والمؤمنات، ويجتنبون منها وفيها وعنها كل اجتناب، ولا يرتضونها أبدًا مهما كانت، وأين كانت، ومن أي مصدر أتت لهم: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} فاهتداء القلوب أمر أصطفى الله به المؤمنين حتى جنبهم خبائث هذه المكتسبات، وطهر بطونهم منها مهما كانت وحلت.
- ألا أيها الإخوة وإن مكاسب الحرام في زماننا تعددت، وتنوعت، وتشتت، وتفرقت، وأصبحت لها منظمات وهيئات ومؤسسات... وأصبحت لها ميزانيات، بل لقد أصبح الحرام هو الغالب على الناس للأسف الشديد إلا من رحم الله، بل إن اقتصاديات دول العالم أجمع تقوم على الحرام إلا قليل، والقليل فيه شبهات، ولربما هذا القليل لا يتعدى أصابع اليد الواحدة إن تجاوزها إلى اليدين في العالم اجمع؛ إذ أن البنوك المركزية فيها تقوم على الربا، ومنها بلادنا ومنها تسعة وتسعون في المئة من الدول العربية والإسلامية قائمة بنوكها المركزية على الربا بكل أنواعه وتفاصيله، وتحارب الله جل وعلا محاربة علنية، وتتحداه تحد صريح، وفتحت جبهة حرب بينها وبين الله جل جلاله لا تبقي ولا تقر، ولعلكم تعرفون ماذا تعني البنوك المركزية أي هي الأم والباقي أفراخ، والباقي محلات صغيرة وشعب بسيطة، ومعناه لابد للمسلم أن يأخذ الأموال النقدية شاء أم أبى مع أنها ربا واكتسبت منها، لكن ماذا يعمل إلا أنه يوكل الله ولا يرتضي هذا ويفعل الحلال ويجتنب الحرام دوما.
- ألا وإن الحديث عن الحرام كثير، ولكن أتناول الربا الذي ما من آية في كتاب الله أخوف، ولا أكبر، ولا أعظم، ولا أقسى، ولا أشد من هذه الآية الكريمة: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَروا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِن كُنتُم مُؤمِنينَ فَإِن لَم تَفعَلوا فَأذَنوا بِحَربٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسولِهِ وَإِن تُبتُم فَلَكُم رُءوسُ أَموالِكُم لا تَظلِمونَ وَلا تُظلَمونَ﴾، بل إن رجلا قال لامرأته أنت طالق إن كان كذا وكذا ليس أشد منه حرامًا في كتاب الله، فقال هذا الرجل عندما ذهب إلى الفقهاء فكل أحد علل له بتعاليل، لكن جاء إلى الإمام مالك فقال قد طلقت زوجتك، لا أجد أعظم في كتاب الله عقوبة من الربا، فقد قال الله قال الله وكذب القائلون سواه مما يخالفونه: {أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ} بحرب من الله أي أن الله جل في علاه يحارب المرابي من فوق سبع سماوات وهل يقدر بشر على مواجهة حرب الله…
-هل تتوقعون وهل تتصورون وهل تتخيلون أن يبارز عبد ربَه بمعصية ربوية فيكون ورب العالمين سبحانه وتعالى في حرب ضروس، وشاملة لا تبقي ولا تذر في نفسه، وفي ماله، وفي صحته، وفي عافيته، وفي أعماله، وفي أولاده، وفي وظيفته، وفي كل تفاصيل حياته حتى يلاقي ربه تبارك وتعالى وهناك يوم القيامة كما قال ابن عباس رضي الله عنه أول ما يبعثه الله يبعثه مجنونًا كالذي يتخبطه الشيطان من المس ثم يلاقي ربه تبارك وتعالى هناك فيقول الله له يا فلان خذ سلاحك وبارزني إن كنت قادرا!.
أي دافع عن نفسك من ناري ومن عذابي الذي أعددته لك خصيصًا؛ لأنك جاهرت بمعصيتي ورابيت وتناولته في حياتك وأطعمت أولادك ونفسك وفعلته وبارزتني به في الدنيا قبل الآخرة فاليوم جزائي آخر لك غير ما جزيت به في الدنيا…
-أيها الإخوة من يرتضي لنفسه أن يكون في معركة دائرة بينه وبين الله من صباحه حتى مسائه، ثم من مسائه حتى صباحه، وفي حياته بكلها على أن يتناول شيئا يسيرًا من الربا الذي قال فيه النبي ﷺ: "الربا ثلاث وسبعون بابًا، أيسره مثل إتيان الرجل أمه"، والحديث صحيح، هل تخيلت معي هذا الحديث وهذا الجرم وهذه المصيبة وهذه الورطة… من يمكنه يزني بأمه عياذًا بالله… فكيف وهو أيسر الربا فماذا عن ما فوقه…
- ثم إن من قوله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة وسبعون بابًا"، يدل على أن الربا أنواع متشتتة ومتشعبة لكن هذا كله لا يهم المرابي بل الأهم عنده أنه يكسب المال، سواء من شركة تعلن أرباحًا على الإنترنت، أو من فلان يعطيه أكثر مما أخذ منه بأن يقرضه ثم يرد له مثله ونحوه، أو من إنسان أو من بنك يعرض عرضا ربويا أو من بقالة ومحل تجاري يعلن عن مسابقة ومنافسة وعلى عروض يقدمها وعلى ما تسمى هناك بسحب الكروت، أو يعطي جوائز في البضاعة ليشتريها الناس، أو ما شابه هذا أو أي شيء من أنواع الربا وهي كثيرة جدا، وخاصة في بلادنا التي كثير من الناس فيها لا يفهمونها، ولا يعون أمرها، ولا يسألون عن أمر الله كثيرًا، ولا يعودون للعلماء بسؤالهم والعودة إليهم خاصة عند مشتبهات الأمور ﴿وَإِذا جاءَهُم أَمرٌ مِنَ الأَمنِ أَوِ الخَوفِ أَذاعوا بِهِ وَلَو رَدّوهُ إِلَى الرَّسولِ وَإِلى أُولِي الأَمرِ مِنهُم لَعَلِمَهُ الَّذينَ يَستَنبِطونَهُ مِنهُم وَلَولا فَضلُ اللَّهِ عَلَيكُم وَرَحمَتُهُ لَاتَّبَعتُمُ الشَّيطانَ إِلّا قَليلًا﴾، والله يقول: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}.
- ولقد أجمع علماء الأمة كما نقل الإمام الغزالي عليه رحمة الله أنه لا يحل لمسلم أن يدخل في أمر من الأمور حتى يعلم حكم الله في ذلك الأمر الذي سيدخله فلا يذهب إليه، ولا يتقحمه ثم يقول، ويتعلل، ويتفلسف، وقد وصلت وفعلت ولسنوات على هذا الحرام وعلى هذا الربا وعلى هذا القمار وعلى هذا البيع والشراء وعلى هذا النوع من كذا وكذا فماذا أصنع…
- ألم يسمع لقول نبينا ﷺ في الحديث الصحيح: "درهم من ربا أشد من ست وثلاثين زنية"، هكذا يقول عليه الصلاة والسلام من ست وثلاثين زنية وهو درهم واحد، وهو شيء يسير منه لأنه يعني أنه حارب الله أنه بارز الله أن بينه وبين الله معركة حامية الوطيس، واليوم في زماننا لا يدري المسلم من أين أكتسب ماله، أو في أي شيء ينفقه فتحقق قول نبينا ﷺ:"يأتي زمان على الناس زمان لا يبالي المرء من أين أخذ ماله ومن أين أكتسبه وفيما أنفقه"، وفي المتفق عليه: "اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: وما هن يارسول الله؟ قال الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات"، وهو في المتفق عليه، فانظر بماذا قرن الله الربا، وجعله مع الشرك والقتل للنفس..
- فما عنده أي إشكالية، المهم أن يكتسب المال، يسمع بشركة تعطي أرباحًا يومية، أو أرباحًا أسبوعية، أو أرباحًا شهرية، أو أرباحًا سنوية إلا يدخل فيها بمبلغ معين ثم ترد لك في نهاية الشهر مبلغك وأكثر منه، أو تضمن لك رأس المال أو تسمي هذه العملية الربوية الشيطانية بمسميات إسلامية شراكة ومضاربة وهكذا من الألفاظ الإبليسية الخبيثة المحرمة التي يستخدمونها لجذب عوام الناس والمساكين من الناس بالرغم على أنها شركة ربوية من رأسها إلى أخمص قدمها، وذاك المسلم يأكل الحرام ويصبح ويمسي عليه ويبارز ربه، ويعلن حربه عليه جل وعلا.
-ووالله إنها لتردني أسئلة إن لم يكن في كل يوم أكثر من خمسة في مثل هذه المواضيع فقط، فهو ربًا ومراب ويتقحمه لربما من سنوات كثيرة دون أن يعي، ودون أن يفهم، ودون أن يعود إلى من يسأل ويعلم الحكم الشرعي في المسألة الفلانية، بل قد ربما المال بكله اكتسبه من الربا ومن الحرام وأكل أولاده ذلك بينما نبينا ﷺ قد لعنه كما عند مسلم حتى لعن كل من له صلة به لعظيم أمره وشديد فعله وكبير جرمه فقال ﷺ "لعن الله آكل الربا، ومؤكله، وكاتبه، وشاهده"، ثم قال ﷺ معلقا في آخر الحديث: "هم سواء" فكلهم ملعونون على لسان رسول الله ﷺ، فمن منا يمشي على وجه الأرض وهو ملعون من النبي ﷺ، وقد تبرأ ﷺ من ناقة لُعنت فأمر اللاعنة وفي رواية اللاعن لها بأن يأخذ متاعها ويسيبها قال: "لا تصحبنا ناقة ملعونة! ، هكذا يقول النبي ﷺ. وهي ناقة فما بالك برب أسرة، فما بالك برجل يكتسب ماله من الحرام ويؤكل أولاده منه منذ سنوات طوال…!.
-أيها الإخوة إن الواجب علينا أن نستيقظ، وأن نعي ما نفعل وما نكتسب؛ فإن اليوم أخذ منا الدنيا، وفي الآخرة جزاء،
أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ..
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:
- فالحديث عن الربا وعن المحرمات عموما طويلة جدا لكن لا يسعني في الأخير ولا أطيل إلا أن أقول الربا أقسام كثيرة متنوعة وعديدة خاصة في زماننا التي تنوعت الحيل فيه، وأصبح الحرام يؤتى به مروجًا مزهنقًا محسنًا مدلعًا مجملًا باسم ألفاظ الحلال وليس ببعيد عنا ما تسمى بالخمور بأنها مشروبات روحية، وأن الزنا صديق وصديقة وعلى أن الشركات المحرمة الربوية فوائد محللة جائزة، حتى لا يتلفظون بمسمى الربا إنما تمسمى الفائدة ليحسنوها في أعين الناس، وترتضيها العقول والقلوب على أنها فائدة.
ـ فواجب على كل تاجر أن يتفقه في أحكام الشرع التي تخص تجارته ورضي الله عن الفاروق كان كلما جاءه تاجر ليتجر في السوق، سأله، وامتحنه بأخبار الفقه الربوي، وأقسام وأنواع وكيف يتم الربا ويعرفه وأخبار المال وأخبار الاقتصاد والتجارة، فإن أحسن الإجابة سمح له بالتجارة، وإن لم يحسنها صرفه منها، وكان رضي الله عنه يقول: "لا يتاجر في سوقنا من لم يفقه أحكام شرعنا، وإلا أكل الربا شاء أم أبى"، هكذا يقول الفاروق رضي الله عنه.
- بل كان في زمن كزمن دولة المرابطين أن يؤتى إلى الأسواق إلى أسواق التجار والمتاجرين فيتوجه الفقيه إليهم بأسئلة فقهية مهمة تخص المال والأعمال التجارية وعلى مذهب السادة المالكية فيقولون له ما حكم المسألة الفلانية والمسألة الفلانية، فإن أجاب بتفصيل فقهي مالكي سُمح له بالتجارة، وإلا سُحب منها وصودرت أمواله لتجارته في الحرام الذي يهد الدولة ولا يحافظ عليها أبدًا لأنه محاربة لله صراحة.
- فإذا كانت دولنا هي التي لا تحافظ على شعبها، ولا تحافظ على ما يجب عليها المحافظة عليه، ولا ترعى حقوق الناس في أخذهم بالحلال وتركهم الحرام، فماذا نفعل، وماذا نقول، وماذا ننتظر من عقوبة ربانية تنزل على الخاصة والعامة: ﴿وَاتَّقوا فِتنَةً لا تُصيبَنَّ الَّذينَ ظَلَموا مِنكُم خاصَّةً وَاعلَموا أَنَّ اللَّهَ شَديدُ العِقابِ﴾.
- ألا فلنستيقظ، ولنفقه، ولنعلم، ولنكن على دراية في أي شيء نفعل، وإلى أي شيء نتجه حتى لا نأخذ المحرمات دون علم بها، ودون استشعار لخطرها، ثم هناك يكون الحساب والعقاب عند الله جل وعلا، وهناك لا عذر؛ لأن العذر مبين في كتاب الله تبارك وتعالى، وهي آيات واضحات صريحات بينات فالواجب على المسلم أن يقرأها وأن يتدبرها وأن يعلم ما فيها إذا لم يعلم من قبل الآن...
وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.org/
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A ...المزيد
*في.ذكرى.المولد.النبوي.وحاجة.البشرية.إليه.ﷺ.cc* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو ...
*في.ذكرى.المولد.النبوي.وحاجة.البشرية.إليه.ﷺ.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/alL3fvl6C1U?si=Tkb-oeFH4wVXMybt
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير المكلا 7/ ربيع الأول/1445هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
- فإن اعظم، وأجل، وأكبر، وأهم المنن على الإطلاق التي من الله بها علينا، وأنعم بها على أمتنا، وعلى العالم بأكمله، وأعظم وأفضل تلك النعم على الإطلاق للبشرية، بل حتى للحيوانات، وللجمادات، بل للعالم أجمع، بل ليس للعالم وحده بل للعالمين الإنس والجن وما خلق ربنا عز وجل إنه نبينا عليه الصلاة والسلام: ﴿لَقَد مَنَّ اللَّهُ عَلَى المُؤمِنينَ إِذ بَعَثَ فيهِم رَسولًا مِن أَنفُسِهِم يَتلو عَلَيهِم آياتِهِ وَيُزَكّيهِم وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتابَ وَالحِكمَةَ وَإِن كانوا مِن قَبلُ لَفي ضَلالٍ مُبينٍ﴾، وانظروا إلى الوصف الدقيق من رب العالمين سبحانه وتعالى: ﴿وَإِن كانوا مِن قَبلُ لَفي ضَلالٍ مُبينٍ﴾.
- أي أمر كانت الأمة والعرب والعالم قاطبة عليه قبل أن يُبعث عليه الصلاة والسلام، ما الأمر الذي كانوا عليه؟ وما الضلال البعيد الذي كانوا فيه؟ وما هي الغوغاء، والضوضاء، والضجيج، والهلاك، والمأساة، والقتل، والدمار، وحياة يمكن أن نسميها حياة الغابة الكبرى التي لا يعيش فيها الضعفاء، ولا حتى من فوقهم، ولا يعيش فيها إلا قلة قليلة من الأقوياء، هم الذين يتستضعفون الناس، ويستعبدونهم، ويفعلون بهم الأفاعيل، وكانت العرب آنذاك هي أهون أمم الأرض، وأيضًا هي أشر أمم الأرض، حتى إن الروم وفارس كانوا يتشاءمون من رؤية العربي مجرد أن يروه، كيف بأن يعايشوه؟ كيف بأن يخالطوه؟ كيف أن يجتمعوا به؟ كانوا أضحوكة للأمم بكلها، وكانوا ايضًا هم المثال الأزرى والأردى والأقذر بين الأمم على الإطلاق…
- أرأيتم لقد كانوا أولئك العرب يخوضون حربًا لعشرات السنين على ناقة، أو على جمل، أو على خيل، أو على أي شيء كان، حتى لملئ بطنونهم، فكلما جاع أغار على قبيلة أخرى، أو احتاج للجواري، فتستمر تلك الحروب والثأرات، ثم تبيد قبيلة كقبيلة بني بكر برمتها، بل وغيرها من القبائل من أجل ماذا، من أجل ناقة، أو من أجل امرأة عملت عملاً ما، أو من أجل رجل منهم أخطأ خطًأ ما، حروب دامية، ومأساة وهلاك، ودمار…
- بل أدى بهم الظلم، والجبروت، والفجور، والفاحشة الكبرى ضد الآخرين على أن يقتلوا الطفلة البريئة، والصغيرة المصونة التي لم تعمل شيئًا في هذه الدنيا سوى أن صرخت فدُفنت، هي الموؤدة التي ذكرها ربنا عز وجل: ﴿وَإِذَا المَوءودَةُ سُئِلَت بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَت﴾، فضلاً عن الأصنام التي كانوا يعبدونها، بل كانوا يعبدون ما يأكلون من عجوة تمر، أو ما يحملون من حجارة من مكة، أو أي شيء من أعمال الجاهلية الظلماء التي أحسن الله في وصفها واختصرها اختصاراً شديداً: {وَإِن كانوا مِن قَبلُ لَفِي ضَلالٍ مُبينٍ﴾، ولن نجد أعظم من تعبير الله عز وجل…
- وهذا حال العرب فكيف بالعالم كله؟ وفي الأثر: "إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم (غضب عليهم بغضهم كرههم) فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب"، هذا في زمنه عليه الصلاة والسلام بقايا فقط من أهل الكتاب، بعدد أصابع اليد، لا يكادون يُذكرون، ومع هذا فإن البقايا من أهل الكتاب كانوا على ما كانوا عليه من أغلال وأصرار وأوزار وأثقال وصفها الله عز وجل: ﴿الَّذينَ يَتَّبِعونَ الرَّسولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذي يَجِدونَهُ مَكتوبًا عِندَهُم فِي التَّوراةِ وَالإِنجيلِ يَأمُرُهُم بِالمَعروفِ وَيَنهاهُم عَنِ المُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيهِمُ الخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنهُم إِصرَهُم وَالأَغلالَ الَّتي كانَت عَلَيهِم...}، هذا إذا كان بقايا أهل الكتاب الذين لم يمقتهم الله في تلك الفترة ومع هذا قال عن نبينا عليه الصلاة والسلام: {وَيَضَعُ عَنهُم إِصرَهُم وَالأَغلالَ الَّتي كانَت عَلَيهِم فَالَّذينَ آمَنوا بِهِ وَعَزَّروهُ وَنَصَروهُ وَاتَّبَعُوا النّورَ الَّذي أُنزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ المُفلِحونَ﴾، فالفلاح لأهل الكتاب ممن كانوا قبله عليه الصلاة والسلام على دين إبراهيم عليه السلام ولا زالوا يتمسكون به وهم قلة قليلة جداً نادرة ومع هذا فإن الله قد دعاهم إلى نبذ آصارهم وما كانوا عليه والدخول في الفلاح مبين، فالفلاح الأكبر، والنجاح الأعظم والنجاة أيضًا الأجمل هي باتباع نبينا عليه الصلاة والسلام، {وَإِن كانوا مِن قَبلُ لَفي ضَلالٍ مُبينٍ﴾… .
- وما أحرى العالم اليوم لهذا الوصف الدقيق كلما ابتعدوا عن منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن الدين الصحيح المنزل من عند الله، وليس المحرم الذي تلاعب به الكهنة والسذجة واتباع الغرب أو حكامهم الظلمة بل الذي هو منزل من عند الله، الدين الصحيح الذي جاء به محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام {وَإِن كانوا مِن قَبلُ لَفي ضَلالٍ مُبينٍ﴾ وقال {أولئك هم المفلحون} بل اختصارا ايضا {وَإِن تُطيعوهُ تَهتَدوا...} فالهداية، والفلاح، والنجاة، والنجاح، والفوز في الدنيا وفي الآخرة باتباعه عليه الصلاة والسلام، والاقتفاء بهديه، والاستنان بسنته، ولقد قال برنارد شو: (لو كان محمد حيًا لحل مشاكل العالم وهو يحتسي فنجان قهوة)، وقال: (إن العالم أحوج ما يكون إلى رجلٍ في تفكير محمد)، والحق ما شهدت به الأعداء…
أقول قولي هذا واستغفره الله
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
- ما أحوجنا أيها الإخوة إلى التشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم منهجًا، قدوة، عملاً، علمًا، أخلاقًا، ثقافة، طهارة، نقاء وفي كل شيء من حياتنا، في كل تفاصيل أمورنا، إنه نبينا عليه الصلاة والسلام المبعوث كما وصفه الله رحمة للعالمين، والعالمين وهم كل ما سوى الله عز وجل فإنهم يدخلون في مصطلح العالمين كلهم رحمة نزل عليهم وجاءهم وبعث فيهم نبينا علية الصلاة والسلام، إنه الرحمة المهداة عليه الصلاة والسلام ﴿وَما أَرسَلناكَ إِلّا رَحمَةً لِلعالَمينَ﴾، وقال عن نفسه عليه الصلاة والسلام: "إنما أنا رحمة مهداة"، فما أحوجنا إلى الاتباع لرسولنا، والاتباع لأخلاقه، وأعماله، وسيرته، وتفاصيل حياته؛ لأن فيها النجاة من الفتنة، ومن العذاب، ومن الضلال، ومن الخسارة: {فَليَحذَرِ الَّذينَ يُخالِفونَ عَن أَمرِهِ أَن تُصيبَهُم فِتنَةٌ أَو يُصيبَهُم عَذابٌ أَليمٌ﴾ أي شيء من أموره، أي شيء من تفاصيل حياته، أي شيء من سيرته ومنهجه، تحذير من الله {فَليَحذَرِ الَّذينَ يُخالِفونَ عَن أَمرِهِ أَن تُصيبَهُم فِتنَةٌ أَو يُصيبَهُم عَذابٌ أَليمٌ} ومن أراد أن يتقي الفتنة، ومن أراد ان ينجو من العذاب الأليم الذي توعد به الله فعليه أن يستمسك بسنة رسول الله، وبمنهج حبيب الله عليه الصلاة والسلام، وأن يجعله النموذج الأبرز والقدوة الأول في حياته، إذا أراد النجاة وإذا أراد الفلاح وإذا أراد الهداية أن يستمسك بقوله {وَما آتاكُمُ الرَّسولُ فَخُذوهُ وَما نَهاكُم عَنهُ فَانتَهوا...ِ﴾ أن يجعلها منهج حياته فيما فعله رسول الله أفعله، وما تركه أتركه، وما أمرني به فعلى الرحب والسعة ولا أخالفه أبداً ما استطعت إلى ذلك سبيلا، هذا هو الاحتفال الحقيقي بمولده، والتعظيم له صلى الله عليه وسلم وإعلان محبته.
- فيا أيها الإخوة بقدر استمساكنا بمنهج نبينا يكون لنا الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة، ولذا لما استمسك السلف بمنهجه عليه الصلاة والسلام كان على ما كانوا عليه، ولما تخلفنا نحن أصبحنا أضحوكة الأمم، وأصبحنا العوبة بأيديهم، صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه لقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.org/
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/alL3fvl6C1U?si=Tkb-oeFH4wVXMybt
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير المكلا 7/ ربيع الأول/1445هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
- فإن اعظم، وأجل، وأكبر، وأهم المنن على الإطلاق التي من الله بها علينا، وأنعم بها على أمتنا، وعلى العالم بأكمله، وأعظم وأفضل تلك النعم على الإطلاق للبشرية، بل حتى للحيوانات، وللجمادات، بل للعالم أجمع، بل ليس للعالم وحده بل للعالمين الإنس والجن وما خلق ربنا عز وجل إنه نبينا عليه الصلاة والسلام: ﴿لَقَد مَنَّ اللَّهُ عَلَى المُؤمِنينَ إِذ بَعَثَ فيهِم رَسولًا مِن أَنفُسِهِم يَتلو عَلَيهِم آياتِهِ وَيُزَكّيهِم وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتابَ وَالحِكمَةَ وَإِن كانوا مِن قَبلُ لَفي ضَلالٍ مُبينٍ﴾، وانظروا إلى الوصف الدقيق من رب العالمين سبحانه وتعالى: ﴿وَإِن كانوا مِن قَبلُ لَفي ضَلالٍ مُبينٍ﴾.
- أي أمر كانت الأمة والعرب والعالم قاطبة عليه قبل أن يُبعث عليه الصلاة والسلام، ما الأمر الذي كانوا عليه؟ وما الضلال البعيد الذي كانوا فيه؟ وما هي الغوغاء، والضوضاء، والضجيج، والهلاك، والمأساة، والقتل، والدمار، وحياة يمكن أن نسميها حياة الغابة الكبرى التي لا يعيش فيها الضعفاء، ولا حتى من فوقهم، ولا يعيش فيها إلا قلة قليلة من الأقوياء، هم الذين يتستضعفون الناس، ويستعبدونهم، ويفعلون بهم الأفاعيل، وكانت العرب آنذاك هي أهون أمم الأرض، وأيضًا هي أشر أمم الأرض، حتى إن الروم وفارس كانوا يتشاءمون من رؤية العربي مجرد أن يروه، كيف بأن يعايشوه؟ كيف بأن يخالطوه؟ كيف أن يجتمعوا به؟ كانوا أضحوكة للأمم بكلها، وكانوا ايضًا هم المثال الأزرى والأردى والأقذر بين الأمم على الإطلاق…
- أرأيتم لقد كانوا أولئك العرب يخوضون حربًا لعشرات السنين على ناقة، أو على جمل، أو على خيل، أو على أي شيء كان، حتى لملئ بطنونهم، فكلما جاع أغار على قبيلة أخرى، أو احتاج للجواري، فتستمر تلك الحروب والثأرات، ثم تبيد قبيلة كقبيلة بني بكر برمتها، بل وغيرها من القبائل من أجل ماذا، من أجل ناقة، أو من أجل امرأة عملت عملاً ما، أو من أجل رجل منهم أخطأ خطًأ ما، حروب دامية، ومأساة وهلاك، ودمار…
- بل أدى بهم الظلم، والجبروت، والفجور، والفاحشة الكبرى ضد الآخرين على أن يقتلوا الطفلة البريئة، والصغيرة المصونة التي لم تعمل شيئًا في هذه الدنيا سوى أن صرخت فدُفنت، هي الموؤدة التي ذكرها ربنا عز وجل: ﴿وَإِذَا المَوءودَةُ سُئِلَت بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَت﴾، فضلاً عن الأصنام التي كانوا يعبدونها، بل كانوا يعبدون ما يأكلون من عجوة تمر، أو ما يحملون من حجارة من مكة، أو أي شيء من أعمال الجاهلية الظلماء التي أحسن الله في وصفها واختصرها اختصاراً شديداً: {وَإِن كانوا مِن قَبلُ لَفِي ضَلالٍ مُبينٍ﴾، ولن نجد أعظم من تعبير الله عز وجل…
- وهذا حال العرب فكيف بالعالم كله؟ وفي الأثر: "إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم (غضب عليهم بغضهم كرههم) فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب"، هذا في زمنه عليه الصلاة والسلام بقايا فقط من أهل الكتاب، بعدد أصابع اليد، لا يكادون يُذكرون، ومع هذا فإن البقايا من أهل الكتاب كانوا على ما كانوا عليه من أغلال وأصرار وأوزار وأثقال وصفها الله عز وجل: ﴿الَّذينَ يَتَّبِعونَ الرَّسولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذي يَجِدونَهُ مَكتوبًا عِندَهُم فِي التَّوراةِ وَالإِنجيلِ يَأمُرُهُم بِالمَعروفِ وَيَنهاهُم عَنِ المُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيهِمُ الخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنهُم إِصرَهُم وَالأَغلالَ الَّتي كانَت عَلَيهِم...}، هذا إذا كان بقايا أهل الكتاب الذين لم يمقتهم الله في تلك الفترة ومع هذا قال عن نبينا عليه الصلاة والسلام: {وَيَضَعُ عَنهُم إِصرَهُم وَالأَغلالَ الَّتي كانَت عَلَيهِم فَالَّذينَ آمَنوا بِهِ وَعَزَّروهُ وَنَصَروهُ وَاتَّبَعُوا النّورَ الَّذي أُنزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ المُفلِحونَ﴾، فالفلاح لأهل الكتاب ممن كانوا قبله عليه الصلاة والسلام على دين إبراهيم عليه السلام ولا زالوا يتمسكون به وهم قلة قليلة جداً نادرة ومع هذا فإن الله قد دعاهم إلى نبذ آصارهم وما كانوا عليه والدخول في الفلاح مبين، فالفلاح الأكبر، والنجاح الأعظم والنجاة أيضًا الأجمل هي باتباع نبينا عليه الصلاة والسلام، {وَإِن كانوا مِن قَبلُ لَفي ضَلالٍ مُبينٍ﴾… .
- وما أحرى العالم اليوم لهذا الوصف الدقيق كلما ابتعدوا عن منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن الدين الصحيح المنزل من عند الله، وليس المحرم الذي تلاعب به الكهنة والسذجة واتباع الغرب أو حكامهم الظلمة بل الذي هو منزل من عند الله، الدين الصحيح الذي جاء به محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام {وَإِن كانوا مِن قَبلُ لَفي ضَلالٍ مُبينٍ﴾ وقال {أولئك هم المفلحون} بل اختصارا ايضا {وَإِن تُطيعوهُ تَهتَدوا...} فالهداية، والفلاح، والنجاة، والنجاح، والفوز في الدنيا وفي الآخرة باتباعه عليه الصلاة والسلام، والاقتفاء بهديه، والاستنان بسنته، ولقد قال برنارد شو: (لو كان محمد حيًا لحل مشاكل العالم وهو يحتسي فنجان قهوة)، وقال: (إن العالم أحوج ما يكون إلى رجلٍ في تفكير محمد)، والحق ما شهدت به الأعداء…
أقول قولي هذا واستغفره الله
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
- ما أحوجنا أيها الإخوة إلى التشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم منهجًا، قدوة، عملاً، علمًا، أخلاقًا، ثقافة، طهارة، نقاء وفي كل شيء من حياتنا، في كل تفاصيل أمورنا، إنه نبينا عليه الصلاة والسلام المبعوث كما وصفه الله رحمة للعالمين، والعالمين وهم كل ما سوى الله عز وجل فإنهم يدخلون في مصطلح العالمين كلهم رحمة نزل عليهم وجاءهم وبعث فيهم نبينا علية الصلاة والسلام، إنه الرحمة المهداة عليه الصلاة والسلام ﴿وَما أَرسَلناكَ إِلّا رَحمَةً لِلعالَمينَ﴾، وقال عن نفسه عليه الصلاة والسلام: "إنما أنا رحمة مهداة"، فما أحوجنا إلى الاتباع لرسولنا، والاتباع لأخلاقه، وأعماله، وسيرته، وتفاصيل حياته؛ لأن فيها النجاة من الفتنة، ومن العذاب، ومن الضلال، ومن الخسارة: {فَليَحذَرِ الَّذينَ يُخالِفونَ عَن أَمرِهِ أَن تُصيبَهُم فِتنَةٌ أَو يُصيبَهُم عَذابٌ أَليمٌ﴾ أي شيء من أموره، أي شيء من تفاصيل حياته، أي شيء من سيرته ومنهجه، تحذير من الله {فَليَحذَرِ الَّذينَ يُخالِفونَ عَن أَمرِهِ أَن تُصيبَهُم فِتنَةٌ أَو يُصيبَهُم عَذابٌ أَليمٌ} ومن أراد أن يتقي الفتنة، ومن أراد ان ينجو من العذاب الأليم الذي توعد به الله فعليه أن يستمسك بسنة رسول الله، وبمنهج حبيب الله عليه الصلاة والسلام، وأن يجعله النموذج الأبرز والقدوة الأول في حياته، إذا أراد النجاة وإذا أراد الفلاح وإذا أراد الهداية أن يستمسك بقوله {وَما آتاكُمُ الرَّسولُ فَخُذوهُ وَما نَهاكُم عَنهُ فَانتَهوا...ِ﴾ أن يجعلها منهج حياته فيما فعله رسول الله أفعله، وما تركه أتركه، وما أمرني به فعلى الرحب والسعة ولا أخالفه أبداً ما استطعت إلى ذلك سبيلا، هذا هو الاحتفال الحقيقي بمولده، والتعظيم له صلى الله عليه وسلم وإعلان محبته.
- فيا أيها الإخوة بقدر استمساكنا بمنهج نبينا يكون لنا الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة، ولذا لما استمسك السلف بمنهجه عليه الصلاة والسلام كان على ما كانوا عليه، ولما تخلفنا نحن أصبحنا أضحوكة الأمم، وأصبحنا العوبة بأيديهم، صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه لقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.org/
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books ...المزيد
*مولده.ومبعثه.ﷺ.دروس.وعبر.cc* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي. عضو الاتحاد العالمي ...
*مولده.ومبعثه.ﷺ.دروس.وعبر.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/GNJD_r-TxgM
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- أرأيتم لو أن رجلًا بنى قصرًا، فجمّله وحسّنه وزينه وأنفق فيه ملايين الملايين من الريالات أو من غيرها من العملات، أصبح للناظرين منبرًا، وللسائحين منارا، ولكل الناس محل إعجاب عظيم، يدخله الداخلون يتعجبون، يطوفون حوله، يستغربون، تباهى بما فيه، وجمّل داخله، وأحسن في خارجه، وبذل ماله وجهده ووقته، وكل شيء من أجل هذا الدار، لكنه غفل موضع بسيط لم يتنبه له، لم يلتفت له، لكن الناس ينظرون إليه باعينهم، ويستغربون لجمال الدار، لكن ذلك الخلل أول ما يقع في أعينهم وقلوبهم، تنكسر لذلك النفوس ويتعجبون أيضـًا لماذا هذه الغفلة؟ عن ذلك الشرخ البسيط الذي شوه الدار بما فيه، هذا الدار وهذا الجمال وهذا البناء، وهذه الصناعة الكبيرة والعظيمة، هو أشبه بمثل لرسولنا، وحبيبنا، وقرة أعيننا عليه الصلاة والسلام، لست أنا من شبه، بل هو صلى الله عليه وسلم من شبه ذلك، ففي البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " مثلي ومثل الأنبياء كمثل قصر أُحسن بنيانه، فترك منه موضع لبنة، فطاف النظار يتعجبون من حسن بنيانه إلا موضع تلك اللبنة فكنت أنا سددت موضع اللبنة ختم بي البنيان وختم بي الرسل " . وفي رواية : " فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين "، وفي رواية: "مثلي في النبيين كمثل رجل بنى دارا فأحسنها و أكملها و أجملها و ترك فيها موضع لبنة لم يضعها فجعل الناس يطوفون بالبنيان و يعجبون منه و يقولون : لو تم موضع هذه اللبنة فأنا في النبيين موضع تلك اللبنة"، إنه قرة أعيننا عليه الصلاة والسلام، المبعوث رحمة للعالمين، الذي ختم الله به الرسالات، والنعم، والمنن، أنه النور، ومعناه لا نور قبله ولابعده إن لم يولد عليه الصلاة والسلام: {قَد جاءَكُم مِنَ اللَّهِ نورٌ وَكِتابٌ مُبينٌ﴾،﴿يَهدي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخرِجُهُم مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النّورِ بِإِذنِهِ وَيَهديهِم إِلى صِراطٍ مُستَقيمٍ﴾، هو النور وغيره الظلام، هو الرحمة المهداة، هو السبيل الوحد إلى الله، غيره ظلمات شتى، وهو نور أوحد، جاء ليوحد الناس جميعا، في زمن هم أحوج إلى رجل مثله، وفي صحيح مسلم: "إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب"، أي نظر إليهم قبل أن يبعث نبينا صلى الله عليه وسلم، واليوم نحن أحوج مما كانوا إلى رجل مثل رسولنا صلى الله عليه وسلم، كما قال المفكر الإنجليزي برنارد شو يصف الحبيب عليه الصلاة والسلام بقوله: (الناس اليوم بأحوج إلى رجل مثل محمد عليه الصلاة والسلام، ولو جاء محمد إلى العالم اليوم بما فيه من اضطرابات لحل مشكلتهم وهو يحتسي فنجان من القهوة)، في لحظات يحل المشاكل والاضطرابات، والحروب والخصام والنزاع وكل ما في الدنيا مما هي فيه وما تعانيه وفي لحظات، لأنه مرسل من الله، من أوجد هؤلاء الناس وهو قادر على ان يحل ما بهم، ويرفع عنهم منزل بهم، إذ هو منزّله وهو رافعه، {لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَة}، وما ذاك إلا لأنه عليه الصلاة والسلام لا ينطق بشيء إلا من الله: ﴿ما ضَلَّ صاحِبُكُم وَما غَوى وَما يَنطِقُ عَنِ الهَوىإ إن هُوَ إِلّا وَحيٌ يوحى عَلَّمَهُ شَديدُ القُوى﴾.
ـ إنه عليه الصلاة والسلام الهداية، ولا هداية إلا عن طريقه، أنه عليه الصلاة والسلام، الضياء الذي نستضيئ به، أنه عليه الصلاة والسلام مفتاح الجنة، الذي لا يمكن إن تفتح إلا له، إنه السعادة في الدنيا والآخرة: ﴿وَمَن أَعرَضَ عَن ذِكري فَإِنَّ لَهُ مَعيشَةً ضَنكًا وَنَحشُرُهُ يَومَ القِيامَةِ أَعمى﴾، وانظر أيضـًا إلى قول الله ﴿لَقَد مَنَّ اللَّهُ عَلَى المُؤمِنينَ إِذ بَعَثَ فيهِم رَسولًا مِن أَنفُسِهِم يَتلو عَلَيهِم آياتِهِ وَيُزَكّيهِم وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتابَ وَالحِكمَةَ وَإِن كانوا مِن قَبلُ لَفي ضَلالٍ مُبينٍ﴾، لفي ضلال، من قبل أن يأتيهم رسولنا صلى الله عليه وسلم كانوا في ظلام مبين، في ظلام دامس، في غوغاء، في ضبابية حالكة لا يقدرون على شيء، ولا لشيء أن يتناولوه لأن النور ليس بأيديهم، ولما جاء عليه الصلاة والسلام أخرجهم من ظلمات شتى إلى نوره الأوحد، انظر إلى حروبهم على توافه أمورهم التي لا تذكر، وسنين في حروب مهلكة الحرث والنسل كحرب داحس والغبراء أربعين سنة على سباق خيول، وقل عن حرب البسوس على ناقة يستمرون ثلاثين سنة في حروب طاحنة حتى كادت أن تبيد قبائل بإكملها، بل أحيانـًا يفعلون حروب ومشاكل، لا طائل تحتها ولا داعي لها، وإنما لأجل المأكل والمشرب، كما قال قائلهم:
وأحيانـًا على بكر أخينا..
إذا لم يكن الا أخانا.
إذا لم نجد من نقاتل الا ذلك الرجل الصديق والقريب والحبيب، سنقاتله وكأنهم يعيشون لأجل الحرب ولا يرون غيرها….
- أين عقولهم وأين ذهبت وظلت وانتهت وبادت وزالت، ما هذا التيه الذي كانوا فيه، وكيف أخرجهم عليه الصلاة والسلام من تلك الظلمات الشتى التي سلكوها في مثل أصنامهم تلك التي عبدوها، كما قال عمر رضي الله عنه كان أحدنا يتخذ صنمـًا من عجوة فإذا جاع أكله، يأكل إلهـه ولا يستحيي، حتى قال عمر والله لا أدري أين ظلت عقولنا، اين ذهبت؟ لا يدري أين كنا؟ كيف نعبد مانصنع، ثم نأكل ما نعبد؟ هذا عمر. بل مرة يقول ذهبنا في سفر فضاع إلهنا في ذلك السفر، فمكثنا نناديه، ونحوم حول الحمى، ونطوي الصحراء من أجل أن نعثر على صنم هو إلهنا، وبعد أن عثروا عليه عاقبوه أنهم احتاجوا لصناعة طعامهم فلم يجدوا حجراً ثالثة تكمل ذلك الذي فعلوه الا الصنم فوضعوه فيها، وهكذا يقول ابو رجاء العطاردي الصحابي الجليل والحديث في البخاري: (كنا نتخذ الأصنام من الحجارة، فإذا وجدنا حجارة خيراً منها القينا الأولى وأخذنا الأخرى، قال وإذا لم نجد هذا ولا ذاك؟ جمعنا جثوة من تراب ثم حلبنا شاة وصنعنا منه إلها)، هذه هي آلهتهم بل حتى الكعبة لم تسلم من ضلالهم، أكثر من ثلاثمائة صنم حول الكعبة، بل حتى باطن الكعبة أصنامهم موجودة، وفي بيوتهم أيضـًا، لا يخلو دار من ديار العرب، إلا وصنم فيها هذه هي معيشتهم وهذه هي آلهتهم، وهذه هي عقولهم التافهة، لكن انظر عندما جاء النور عليه الصلاة والسلام كيف أخرج عمر الفاروق، وأخرج عثمان ذي النورين، وأخرج الصديق العتيق، وأخرج علي الصنديد، وأخرج أولئك جميعـًا من يهاب منهم الشرق والغرب، من فتحوا أكثر من ربع الكرة الأرضية في غضون سنوات، لا تتجاوز خمسة وثلاثين عاما…
- هذه عبارة فقط عن أمر يسير من أمور حياتهم وهي الأصنام، والحروب، فكيف بالمرأة الضعيفة؟ التي وصف الله أولئك الناس، كيف اذا ولدت الصغيرة الطفلة الرضيعة: ﴿وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالأُنثى ظَلَّ وَجهُهُ مُسوَدًّا وَهُوَ كَظيمٌ﴾، حتى وهو أبيض لابد أن يسود، ظل وجهه مسوداً وهو كظيم، كاد ينفجر من شدة غضبه وما نزل عليه وهو كظيم ﴿يَتَوارى مِنَ القَومِ مِن سوءِ ما بُشِّرَ بِهِ أَيُمسِكُهُ عَلى هونٍ أَم يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ أَلا ساءَ ما يَحكُمونَ﴾، يختفي لا يذهب للرجال ومجالسهم؛ لأنه جاءته بمنظارهم كارثة، وداهية، وعار، وشنار، ﴿يَتَوارى مِنَ القَومِ مِن سوءِ ما بُشِّرَ بِهِ أَيُمسِكُهُ عَلى هونٍ}، على ضعف، وحياء، ووجل، وخوف، وكره، وبغض، أم يدسه في التراب،
﴿وَإِذَا المَوءودَةُ سُئِلَت بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَت﴾، حتى ليس هذا وفقط بل يستمر هذا العناء، والكابوس معهم ما لو لم تقتل فكبرت وتزوجت يرمونها من الميراث بل يعدونها هي من التركة الرخيصة التي تورث فضلا عن أن ترث منهم حتى أنزل الله:﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا يَحِلُّ لَكُم أَن تَرِثُوا النِّساءَ كَرهًا ﴾، كما قال ابن عباس عند البخاري وغيره قال: ( كان الرجل إذا مات كان أولياؤه أحق بامرأته من ولي نفسها إن شاء بعضهم زوجها أو زوجوها وإن شاؤوا لم يزوجوها فنزلت هذه الآية في ذلك)، فلا ترث شيئـًا من المال بل يعتبرونها سلعة هي تورث أصلاً، هذا الضلال الذي وصلوا إليه، انظر لحالهم بعد أن جاء إليهم رسولنا عليه الصلاة والسلام، يرعون المرأة يحترمونها، يعظمونها، يمجدونها، يتواصوان بها خيرا؛ كونها وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، يرونها العالمة، الفقيهة، الزاهدة العابدة، القدوة، تلك المرأة التي جعلوا منها نصف المجتمع بل المجتمع كله، لأن نبينا صلى الله عليه وسلم قد وصاهم، وأمرهم واسترعاهم وإياها، وحفظها، وأمر بالمحافظة عليها حتى في آخر نفس من حياته صلى الله عليه وسلم: "استوصوا في النساء خيرا"، وأدى أمانته التي أوجب الله عليه أن يؤديها، إن رسولنا عليه الصلاة والسلام خير ما يوصف به، هو ما وصفه الله به، ﴿وَما أَرسَلناكَ إِلّا رَحمَةً لِلعالَمينَ﴾، وكل شيء غير الله هو عالم، ورسولنا أرسله الله رحمة لجميع العوالم، بمن فيهم الشجر، والحجر، والدواب، والتراب، وكل شيء، رسولنا هو رحمة لهؤلاء الخلائق جميعا عليه الصلاة والسلام: ﴿وَما أَرسَلناكَ إِلّا رَحمَةً لِلعالَمينَ﴾… ورحم الله أحمد شوقي:
وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ ضِياءُ…وَفَـمُ الـزَمـانِ تَـبَـسُّـمٌ وَثَناءُ
الـروحُ وَالـمَـلَأُ الـمَلائِكُ حَولَهُ… لِـلـديـنِ وَالـدُنـيـا بِهِ بُشَراءُ
وَالـعَـرشُ يَزهو وَالحَظيرَةُ تَزدَهي…وَالـمُـنـتَـهى وَالسِدرَةُ العَصماءُ
وَحَـديـقَـةُ الفُرقانِ ضاحِكَةُ الرُبا…بِـالـتُـرجُـمـانِ شَـذِيَّةٌ غَنّاءُ
وَالـوَحيُ يَقطُرُ سَلسَلاً مِن سَلسَلٍ…وَالـلَـوحُ وَالـقَـلَـمُ البَديعُ رُواءُ
نُـظِمَت أَسامي الرُسلِ فَهيَ صَحيفَةٌ…فـي الـلَـوحِ وَاِسمُ مُحَمَّدٍ طُغَراءُ
اسـمُ الـجَـلالَةِ في بَديعِ حُروفِهِ…أَلِـفٌ هُـنـالِـكَ وَاِسمُ طَهَ الباءُ
يـا خَـيـرَ مَن جاءَ الوُجودَ تَحِيَّةً…مِـن مُرسَلينَ إِلى الهُدى بِكَ جاؤوا
بِـكَ بَـشَّـرَ الـلَهُ السَماءَ فَزُيِّنَت…وَتَـضَـوَّعَـت مِـسكاً بِكَ الغَبراءُ
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
- هذه نماذج من حال العرب قبل أن يأتيهم النبي عليه الصلاة والسلام، ولا والله لهُ حالنا بل وأشد، إذا لم نأخذ بما جاء به نبينا، إذا لم نأخذ بهديه، إذا لم نعمل بسنته، أن لم نعض بالنواجذ على ما أوجب عليه الصلاة والسلام، هلكنا، وعدنا لما كان عليه أولئك، إنه بقدر تضييعنا لسنته، ولهديه، ولطريقته، ولما جاء به يكون الضياع، والهلاك، والفتنة، والمحنه، والشدة، والعقوبة علينا: {فَليَحذَرِ الَّذينَ يُخالِفونَ عَن أَمرِهِ أَن تُصيبَهُم فِتنَةٌ أَو يُصيبَهُم عَذابٌ أَليمٌ﴾ الكوارث، والحروب الطاحنة، والمجاعات، والبلاء والخصومات، والشتائم، والكربات، وكل اضطرابات تقع، إنما هي بمخالفة هديه عليه الصلاة والسلام، {فَليَحذَرِ الَّذينَ يُخالِفونَ عَن أَمرِهِ أَن تُصيبَهُم فِتنَةٌ أَو يُصيبَهُم عَذابٌ أَليمٌ﴾، فتنة في أموال، في أولاد في صحة، في بلد في كل شيء، هي فتنة عمت وطمت؛ لأننا لم نأخذ بما قال الله :﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤمِنونَ حَتّى يُحَكِّموكَ فيما شَجَرَ بَينَهُم ثُمَّ لا يَجِدوا في أَنفُسِهِم حَرَجًا مِمّا قَضَيتَ وَيُسَلِّموا تَسليمًا﴾، لننظر في واقعنا إلى أين نتحاكم، إلى أين نعود، إلى من نلتجئ، إلى من ننادي، إلى من نصرخ، تجد إما إلى الأمم المتحدة ومجلس أمنها، أو المبادرة الخليجية، أو القانون الدولي، أو القانون اليمني، أو إلى هنا وهناك، وننسى الله، وننسى شرع الله، وننسى سنة رسول الله، وننسى الرحمة المهداة عليه الصلاة والسلام، نلجأ وننتظر للكافرين والمبعوثين الدوليين وننسى هدي المبعوث رحمة للعالمين… نلجأ للكافرين وننسى أو نتناسى أن الله قال: ﴿قُل يا أَهلَ الكِتابِ لِمَ تَصُدّونَ عَن سَبيلِ اللَّهِ مَن آمَنَ تَبغونَها عِوَجًا وَأَنتُم شُهَداءُ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمّا تَعمَلونَ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِن تُطيعوا فَريقًا مِنَ الَّذينَ أوتُوا الكِتابَ يَرُدّوكُم بَعدَ إيمانِكُم كافِرينَ﴾...﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِن تُطيعُوا الَّذينَ كَفَروا يَرُدّوكُم عَلى أَعقابِكُم فَتَنقَلِبوا خاسِرينَ بَلِ اللَّهُ مَولاكُم وَهُوَ خَيرُ النّاصِرينَ﴾… ثم ننتطر الحل، ورفع الحرب…!
فلا وربك يمين من الله ومن أصدق من الله، ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤمِنونَ حَتّى يُحَكِّموكَ فيما شَجَرَ بَينَهُم ثُمَّ لا يَجِدوا في أَنفُسِهِم حَرَجًا مِمّا قَضَيتَ وَيُسَلِّموا تَسليمًا﴾، إيمان مطلق بشرع الله، وتحكيم مطلق لأمر الله، ورضا مطلق لما جاء من عند الله، دون قيد أو شرط أو تردد، إذا أخذنا بذلك كان الفلاح وكانت السعادة، وكنا كما كان أوائلنا، وكنا كما كانوا:
يهتز كسرى على كرسيه فرقًا… وملوك الروم تخشاه…
يخشون يضطربون يخافون يفزعون من عظماء حملوا راية الله، من عظماء اخذوا بما جاء من عند الله، من عظماء وُجد الإيمان في قلوبهم، فلم يخافوا أحدا سوى الله: {فَلا تَخافوهُم وَخافونِ إِن كُنتُم مُؤمِنينَ﴾، ﴿ أَتَخشَونَهُم فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخشَوهُ إِن كُنتُم مُؤمِنينَ﴾، أين الله؟ وأين ما شرع الله على رسول الله؟، {وَما آتاكُمُ الرَّسولُ فَخُذوهُ وَما نَهاكُم عَنهُ فَانتَهوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَديدُ العِقابِ﴾، وانظر إلى ما ختم الله به الآية: {وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَديدُ العِقابِ﴾، إذا لم نأخذ بما جاء من رسول الله، جاءت العقوبة الإلهية حتمـًا، إذا لم نأخذ بما جاء به رسولنا صلى الله عليه وسلم، كانت الشدة باقية لا تزول، لأن المخالفة له عليه الصلاة والسلام طريق الهلاك، طريق الخسارة، {وَإِن تُطيعوهُ تَهتَدوا وَما عَلَى الرَّسولِ إِلَّا البَلاغُ المُبينُ﴾، الهداية بطاعته عليه الصلاة والسلام، الفلاح أيضـًا باتباع ما جاء به من عند الله، {فالَّذينَ آمَنوا بِهِ وَعَزَّروهُ وَنَصَروهُ وَاتَّبَعُوا النّورَ الَّذي أُنزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ المُفلِحونَ﴾، إذا أردنا الفلاح فعلينا الأخذ بما جاء من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال العرباض لما وعظ النبي موعظة شديدة، وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون، فقالوا وكأنها موعظة مودع يا رسول الله فماذا تعهد إلينا؟ فقال: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء، عضوا عليها بالنواجذ…" أتبعوا ولا تتبعوا إنتهجو ما جاء مني لتسعدوا ولتصلوا إلى يجب أن توصلوا إليه، فإن لم نفعل كان الهلاك، وكان الظلام، وكان الدمار، وكان البلاء، وكانت المجاعات، وكانت الحروب، وكانت الضوضاء، وكان ما كان بقدل بعُدنا عن نبينا تكون هذه البلاءات حلت فينا.
- أخيراً هذا نبينا الذي يفتح باب الجنة، لا يُفتح لأحد قبله ولا بعده، ألا إذا بدأ بها صلى الله عليه وسلم، كما في البخاري ومسلم، أنه صلى الله عليه وسلم قال: كل أمتي يدخلون الجنة، إلا من أبى، فقالوا يا رسول الله ومن يأبى من يرفض أن يدخل الجنة من هذا المجنون؟ من هذا الذي لا عقل له، قال: "من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى" فوضعنا نبينا عليه الصلاة والسلام بين خيارين لا ثالث لهم، إما أن نأخذ بهديه وبسنته ونطيع ما جاء به فندخل الجنة التي طريقها السعادة الأبدية في الدنيا ثم تتصل بها الآخرة، وإما ألا نأخذ بما جاء به، فنهلك في الدنيا ثم يكون في الآخرة العقوبة التي تستمر ولا تبيد ولا تنتهي، ﴿خالِدينَ فيها أَبَدًا}،﴿لابِثينَ فيها أَحقابًا﴾.
صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
❈- الصفحة العامة فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty2
❈- الحساب الخاص فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty1
❈- القناة يوتيوب:
https://www.youtube.com//Alsoty1
❈- حساب تويتر:
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
❈- المدونة الشخصية:
https://Alsoty1.blogspot.com/
❈- حساب انستقرام:
https://www.instagram.com/alsoty1
❈- حساب سناب شات:
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
❈- إيميل:
[email protected]
❈- قناة الفتاوى تليجرام:
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
❈- رقم الشيخ وتساب:
https://wa.me/967714256199 ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/GNJD_r-TxgM
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- أرأيتم لو أن رجلًا بنى قصرًا، فجمّله وحسّنه وزينه وأنفق فيه ملايين الملايين من الريالات أو من غيرها من العملات، أصبح للناظرين منبرًا، وللسائحين منارا، ولكل الناس محل إعجاب عظيم، يدخله الداخلون يتعجبون، يطوفون حوله، يستغربون، تباهى بما فيه، وجمّل داخله، وأحسن في خارجه، وبذل ماله وجهده ووقته، وكل شيء من أجل هذا الدار، لكنه غفل موضع بسيط لم يتنبه له، لم يلتفت له، لكن الناس ينظرون إليه باعينهم، ويستغربون لجمال الدار، لكن ذلك الخلل أول ما يقع في أعينهم وقلوبهم، تنكسر لذلك النفوس ويتعجبون أيضـًا لماذا هذه الغفلة؟ عن ذلك الشرخ البسيط الذي شوه الدار بما فيه، هذا الدار وهذا الجمال وهذا البناء، وهذه الصناعة الكبيرة والعظيمة، هو أشبه بمثل لرسولنا، وحبيبنا، وقرة أعيننا عليه الصلاة والسلام، لست أنا من شبه، بل هو صلى الله عليه وسلم من شبه ذلك، ففي البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " مثلي ومثل الأنبياء كمثل قصر أُحسن بنيانه، فترك منه موضع لبنة، فطاف النظار يتعجبون من حسن بنيانه إلا موضع تلك اللبنة فكنت أنا سددت موضع اللبنة ختم بي البنيان وختم بي الرسل " . وفي رواية : " فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين "، وفي رواية: "مثلي في النبيين كمثل رجل بنى دارا فأحسنها و أكملها و أجملها و ترك فيها موضع لبنة لم يضعها فجعل الناس يطوفون بالبنيان و يعجبون منه و يقولون : لو تم موضع هذه اللبنة فأنا في النبيين موضع تلك اللبنة"، إنه قرة أعيننا عليه الصلاة والسلام، المبعوث رحمة للعالمين، الذي ختم الله به الرسالات، والنعم، والمنن، أنه النور، ومعناه لا نور قبله ولابعده إن لم يولد عليه الصلاة والسلام: {قَد جاءَكُم مِنَ اللَّهِ نورٌ وَكِتابٌ مُبينٌ﴾،﴿يَهدي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخرِجُهُم مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النّورِ بِإِذنِهِ وَيَهديهِم إِلى صِراطٍ مُستَقيمٍ﴾، هو النور وغيره الظلام، هو الرحمة المهداة، هو السبيل الوحد إلى الله، غيره ظلمات شتى، وهو نور أوحد، جاء ليوحد الناس جميعا، في زمن هم أحوج إلى رجل مثله، وفي صحيح مسلم: "إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب"، أي نظر إليهم قبل أن يبعث نبينا صلى الله عليه وسلم، واليوم نحن أحوج مما كانوا إلى رجل مثل رسولنا صلى الله عليه وسلم، كما قال المفكر الإنجليزي برنارد شو يصف الحبيب عليه الصلاة والسلام بقوله: (الناس اليوم بأحوج إلى رجل مثل محمد عليه الصلاة والسلام، ولو جاء محمد إلى العالم اليوم بما فيه من اضطرابات لحل مشكلتهم وهو يحتسي فنجان من القهوة)، في لحظات يحل المشاكل والاضطرابات، والحروب والخصام والنزاع وكل ما في الدنيا مما هي فيه وما تعانيه وفي لحظات، لأنه مرسل من الله، من أوجد هؤلاء الناس وهو قادر على ان يحل ما بهم، ويرفع عنهم منزل بهم، إذ هو منزّله وهو رافعه، {لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَة}، وما ذاك إلا لأنه عليه الصلاة والسلام لا ينطق بشيء إلا من الله: ﴿ما ضَلَّ صاحِبُكُم وَما غَوى وَما يَنطِقُ عَنِ الهَوىإ إن هُوَ إِلّا وَحيٌ يوحى عَلَّمَهُ شَديدُ القُوى﴾.
ـ إنه عليه الصلاة والسلام الهداية، ولا هداية إلا عن طريقه، أنه عليه الصلاة والسلام، الضياء الذي نستضيئ به، أنه عليه الصلاة والسلام مفتاح الجنة، الذي لا يمكن إن تفتح إلا له، إنه السعادة في الدنيا والآخرة: ﴿وَمَن أَعرَضَ عَن ذِكري فَإِنَّ لَهُ مَعيشَةً ضَنكًا وَنَحشُرُهُ يَومَ القِيامَةِ أَعمى﴾، وانظر أيضـًا إلى قول الله ﴿لَقَد مَنَّ اللَّهُ عَلَى المُؤمِنينَ إِذ بَعَثَ فيهِم رَسولًا مِن أَنفُسِهِم يَتلو عَلَيهِم آياتِهِ وَيُزَكّيهِم وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتابَ وَالحِكمَةَ وَإِن كانوا مِن قَبلُ لَفي ضَلالٍ مُبينٍ﴾، لفي ضلال، من قبل أن يأتيهم رسولنا صلى الله عليه وسلم كانوا في ظلام مبين، في ظلام دامس، في غوغاء، في ضبابية حالكة لا يقدرون على شيء، ولا لشيء أن يتناولوه لأن النور ليس بأيديهم، ولما جاء عليه الصلاة والسلام أخرجهم من ظلمات شتى إلى نوره الأوحد، انظر إلى حروبهم على توافه أمورهم التي لا تذكر، وسنين في حروب مهلكة الحرث والنسل كحرب داحس والغبراء أربعين سنة على سباق خيول، وقل عن حرب البسوس على ناقة يستمرون ثلاثين سنة في حروب طاحنة حتى كادت أن تبيد قبائل بإكملها، بل أحيانـًا يفعلون حروب ومشاكل، لا طائل تحتها ولا داعي لها، وإنما لأجل المأكل والمشرب، كما قال قائلهم:
وأحيانـًا على بكر أخينا..
إذا لم يكن الا أخانا.
إذا لم نجد من نقاتل الا ذلك الرجل الصديق والقريب والحبيب، سنقاتله وكأنهم يعيشون لأجل الحرب ولا يرون غيرها….
- أين عقولهم وأين ذهبت وظلت وانتهت وبادت وزالت، ما هذا التيه الذي كانوا فيه، وكيف أخرجهم عليه الصلاة والسلام من تلك الظلمات الشتى التي سلكوها في مثل أصنامهم تلك التي عبدوها، كما قال عمر رضي الله عنه كان أحدنا يتخذ صنمـًا من عجوة فإذا جاع أكله، يأكل إلهـه ولا يستحيي، حتى قال عمر والله لا أدري أين ظلت عقولنا، اين ذهبت؟ لا يدري أين كنا؟ كيف نعبد مانصنع، ثم نأكل ما نعبد؟ هذا عمر. بل مرة يقول ذهبنا في سفر فضاع إلهنا في ذلك السفر، فمكثنا نناديه، ونحوم حول الحمى، ونطوي الصحراء من أجل أن نعثر على صنم هو إلهنا، وبعد أن عثروا عليه عاقبوه أنهم احتاجوا لصناعة طعامهم فلم يجدوا حجراً ثالثة تكمل ذلك الذي فعلوه الا الصنم فوضعوه فيها، وهكذا يقول ابو رجاء العطاردي الصحابي الجليل والحديث في البخاري: (كنا نتخذ الأصنام من الحجارة، فإذا وجدنا حجارة خيراً منها القينا الأولى وأخذنا الأخرى، قال وإذا لم نجد هذا ولا ذاك؟ جمعنا جثوة من تراب ثم حلبنا شاة وصنعنا منه إلها)، هذه هي آلهتهم بل حتى الكعبة لم تسلم من ضلالهم، أكثر من ثلاثمائة صنم حول الكعبة، بل حتى باطن الكعبة أصنامهم موجودة، وفي بيوتهم أيضـًا، لا يخلو دار من ديار العرب، إلا وصنم فيها هذه هي معيشتهم وهذه هي آلهتهم، وهذه هي عقولهم التافهة، لكن انظر عندما جاء النور عليه الصلاة والسلام كيف أخرج عمر الفاروق، وأخرج عثمان ذي النورين، وأخرج الصديق العتيق، وأخرج علي الصنديد، وأخرج أولئك جميعـًا من يهاب منهم الشرق والغرب، من فتحوا أكثر من ربع الكرة الأرضية في غضون سنوات، لا تتجاوز خمسة وثلاثين عاما…
- هذه عبارة فقط عن أمر يسير من أمور حياتهم وهي الأصنام، والحروب، فكيف بالمرأة الضعيفة؟ التي وصف الله أولئك الناس، كيف اذا ولدت الصغيرة الطفلة الرضيعة: ﴿وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالأُنثى ظَلَّ وَجهُهُ مُسوَدًّا وَهُوَ كَظيمٌ﴾، حتى وهو أبيض لابد أن يسود، ظل وجهه مسوداً وهو كظيم، كاد ينفجر من شدة غضبه وما نزل عليه وهو كظيم ﴿يَتَوارى مِنَ القَومِ مِن سوءِ ما بُشِّرَ بِهِ أَيُمسِكُهُ عَلى هونٍ أَم يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ أَلا ساءَ ما يَحكُمونَ﴾، يختفي لا يذهب للرجال ومجالسهم؛ لأنه جاءته بمنظارهم كارثة، وداهية، وعار، وشنار، ﴿يَتَوارى مِنَ القَومِ مِن سوءِ ما بُشِّرَ بِهِ أَيُمسِكُهُ عَلى هونٍ}، على ضعف، وحياء، ووجل، وخوف، وكره، وبغض، أم يدسه في التراب،
﴿وَإِذَا المَوءودَةُ سُئِلَت بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَت﴾، حتى ليس هذا وفقط بل يستمر هذا العناء، والكابوس معهم ما لو لم تقتل فكبرت وتزوجت يرمونها من الميراث بل يعدونها هي من التركة الرخيصة التي تورث فضلا عن أن ترث منهم حتى أنزل الله:﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا يَحِلُّ لَكُم أَن تَرِثُوا النِّساءَ كَرهًا ﴾، كما قال ابن عباس عند البخاري وغيره قال: ( كان الرجل إذا مات كان أولياؤه أحق بامرأته من ولي نفسها إن شاء بعضهم زوجها أو زوجوها وإن شاؤوا لم يزوجوها فنزلت هذه الآية في ذلك)، فلا ترث شيئـًا من المال بل يعتبرونها سلعة هي تورث أصلاً، هذا الضلال الذي وصلوا إليه، انظر لحالهم بعد أن جاء إليهم رسولنا عليه الصلاة والسلام، يرعون المرأة يحترمونها، يعظمونها، يمجدونها، يتواصوان بها خيرا؛ كونها وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، يرونها العالمة، الفقيهة، الزاهدة العابدة، القدوة، تلك المرأة التي جعلوا منها نصف المجتمع بل المجتمع كله، لأن نبينا صلى الله عليه وسلم قد وصاهم، وأمرهم واسترعاهم وإياها، وحفظها، وأمر بالمحافظة عليها حتى في آخر نفس من حياته صلى الله عليه وسلم: "استوصوا في النساء خيرا"، وأدى أمانته التي أوجب الله عليه أن يؤديها، إن رسولنا عليه الصلاة والسلام خير ما يوصف به، هو ما وصفه الله به، ﴿وَما أَرسَلناكَ إِلّا رَحمَةً لِلعالَمينَ﴾، وكل شيء غير الله هو عالم، ورسولنا أرسله الله رحمة لجميع العوالم، بمن فيهم الشجر، والحجر، والدواب، والتراب، وكل شيء، رسولنا هو رحمة لهؤلاء الخلائق جميعا عليه الصلاة والسلام: ﴿وَما أَرسَلناكَ إِلّا رَحمَةً لِلعالَمينَ﴾… ورحم الله أحمد شوقي:
وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ ضِياءُ…وَفَـمُ الـزَمـانِ تَـبَـسُّـمٌ وَثَناءُ
الـروحُ وَالـمَـلَأُ الـمَلائِكُ حَولَهُ… لِـلـديـنِ وَالـدُنـيـا بِهِ بُشَراءُ
وَالـعَـرشُ يَزهو وَالحَظيرَةُ تَزدَهي…وَالـمُـنـتَـهى وَالسِدرَةُ العَصماءُ
وَحَـديـقَـةُ الفُرقانِ ضاحِكَةُ الرُبا…بِـالـتُـرجُـمـانِ شَـذِيَّةٌ غَنّاءُ
وَالـوَحيُ يَقطُرُ سَلسَلاً مِن سَلسَلٍ…وَالـلَـوحُ وَالـقَـلَـمُ البَديعُ رُواءُ
نُـظِمَت أَسامي الرُسلِ فَهيَ صَحيفَةٌ…فـي الـلَـوحِ وَاِسمُ مُحَمَّدٍ طُغَراءُ
اسـمُ الـجَـلالَةِ في بَديعِ حُروفِهِ…أَلِـفٌ هُـنـالِـكَ وَاِسمُ طَهَ الباءُ
يـا خَـيـرَ مَن جاءَ الوُجودَ تَحِيَّةً…مِـن مُرسَلينَ إِلى الهُدى بِكَ جاؤوا
بِـكَ بَـشَّـرَ الـلَهُ السَماءَ فَزُيِّنَت…وَتَـضَـوَّعَـت مِـسكاً بِكَ الغَبراءُ
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
- هذه نماذج من حال العرب قبل أن يأتيهم النبي عليه الصلاة والسلام، ولا والله لهُ حالنا بل وأشد، إذا لم نأخذ بما جاء به نبينا، إذا لم نأخذ بهديه، إذا لم نعمل بسنته، أن لم نعض بالنواجذ على ما أوجب عليه الصلاة والسلام، هلكنا، وعدنا لما كان عليه أولئك، إنه بقدر تضييعنا لسنته، ولهديه، ولطريقته، ولما جاء به يكون الضياع، والهلاك، والفتنة، والمحنه، والشدة، والعقوبة علينا: {فَليَحذَرِ الَّذينَ يُخالِفونَ عَن أَمرِهِ أَن تُصيبَهُم فِتنَةٌ أَو يُصيبَهُم عَذابٌ أَليمٌ﴾ الكوارث، والحروب الطاحنة، والمجاعات، والبلاء والخصومات، والشتائم، والكربات، وكل اضطرابات تقع، إنما هي بمخالفة هديه عليه الصلاة والسلام، {فَليَحذَرِ الَّذينَ يُخالِفونَ عَن أَمرِهِ أَن تُصيبَهُم فِتنَةٌ أَو يُصيبَهُم عَذابٌ أَليمٌ﴾، فتنة في أموال، في أولاد في صحة، في بلد في كل شيء، هي فتنة عمت وطمت؛ لأننا لم نأخذ بما قال الله :﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤمِنونَ حَتّى يُحَكِّموكَ فيما شَجَرَ بَينَهُم ثُمَّ لا يَجِدوا في أَنفُسِهِم حَرَجًا مِمّا قَضَيتَ وَيُسَلِّموا تَسليمًا﴾، لننظر في واقعنا إلى أين نتحاكم، إلى أين نعود، إلى من نلتجئ، إلى من ننادي، إلى من نصرخ، تجد إما إلى الأمم المتحدة ومجلس أمنها، أو المبادرة الخليجية، أو القانون الدولي، أو القانون اليمني، أو إلى هنا وهناك، وننسى الله، وننسى شرع الله، وننسى سنة رسول الله، وننسى الرحمة المهداة عليه الصلاة والسلام، نلجأ وننتظر للكافرين والمبعوثين الدوليين وننسى هدي المبعوث رحمة للعالمين… نلجأ للكافرين وننسى أو نتناسى أن الله قال: ﴿قُل يا أَهلَ الكِتابِ لِمَ تَصُدّونَ عَن سَبيلِ اللَّهِ مَن آمَنَ تَبغونَها عِوَجًا وَأَنتُم شُهَداءُ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمّا تَعمَلونَ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِن تُطيعوا فَريقًا مِنَ الَّذينَ أوتُوا الكِتابَ يَرُدّوكُم بَعدَ إيمانِكُم كافِرينَ﴾...﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِن تُطيعُوا الَّذينَ كَفَروا يَرُدّوكُم عَلى أَعقابِكُم فَتَنقَلِبوا خاسِرينَ بَلِ اللَّهُ مَولاكُم وَهُوَ خَيرُ النّاصِرينَ﴾… ثم ننتطر الحل، ورفع الحرب…!
فلا وربك يمين من الله ومن أصدق من الله، ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤمِنونَ حَتّى يُحَكِّموكَ فيما شَجَرَ بَينَهُم ثُمَّ لا يَجِدوا في أَنفُسِهِم حَرَجًا مِمّا قَضَيتَ وَيُسَلِّموا تَسليمًا﴾، إيمان مطلق بشرع الله، وتحكيم مطلق لأمر الله، ورضا مطلق لما جاء من عند الله، دون قيد أو شرط أو تردد، إذا أخذنا بذلك كان الفلاح وكانت السعادة، وكنا كما كان أوائلنا، وكنا كما كانوا:
يهتز كسرى على كرسيه فرقًا… وملوك الروم تخشاه…
يخشون يضطربون يخافون يفزعون من عظماء حملوا راية الله، من عظماء اخذوا بما جاء من عند الله، من عظماء وُجد الإيمان في قلوبهم، فلم يخافوا أحدا سوى الله: {فَلا تَخافوهُم وَخافونِ إِن كُنتُم مُؤمِنينَ﴾، ﴿ أَتَخشَونَهُم فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخشَوهُ إِن كُنتُم مُؤمِنينَ﴾، أين الله؟ وأين ما شرع الله على رسول الله؟، {وَما آتاكُمُ الرَّسولُ فَخُذوهُ وَما نَهاكُم عَنهُ فَانتَهوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَديدُ العِقابِ﴾، وانظر إلى ما ختم الله به الآية: {وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَديدُ العِقابِ﴾، إذا لم نأخذ بما جاء من رسول الله، جاءت العقوبة الإلهية حتمـًا، إذا لم نأخذ بما جاء به رسولنا صلى الله عليه وسلم، كانت الشدة باقية لا تزول، لأن المخالفة له عليه الصلاة والسلام طريق الهلاك، طريق الخسارة، {وَإِن تُطيعوهُ تَهتَدوا وَما عَلَى الرَّسولِ إِلَّا البَلاغُ المُبينُ﴾، الهداية بطاعته عليه الصلاة والسلام، الفلاح أيضـًا باتباع ما جاء به من عند الله، {فالَّذينَ آمَنوا بِهِ وَعَزَّروهُ وَنَصَروهُ وَاتَّبَعُوا النّورَ الَّذي أُنزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ المُفلِحونَ﴾، إذا أردنا الفلاح فعلينا الأخذ بما جاء من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال العرباض لما وعظ النبي موعظة شديدة، وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون، فقالوا وكأنها موعظة مودع يا رسول الله فماذا تعهد إلينا؟ فقال: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء، عضوا عليها بالنواجذ…" أتبعوا ولا تتبعوا إنتهجو ما جاء مني لتسعدوا ولتصلوا إلى يجب أن توصلوا إليه، فإن لم نفعل كان الهلاك، وكان الظلام، وكان الدمار، وكان البلاء، وكانت المجاعات، وكانت الحروب، وكانت الضوضاء، وكان ما كان بقدل بعُدنا عن نبينا تكون هذه البلاءات حلت فينا.
- أخيراً هذا نبينا الذي يفتح باب الجنة، لا يُفتح لأحد قبله ولا بعده، ألا إذا بدأ بها صلى الله عليه وسلم، كما في البخاري ومسلم، أنه صلى الله عليه وسلم قال: كل أمتي يدخلون الجنة، إلا من أبى، فقالوا يا رسول الله ومن يأبى من يرفض أن يدخل الجنة من هذا المجنون؟ من هذا الذي لا عقل له، قال: "من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى" فوضعنا نبينا عليه الصلاة والسلام بين خيارين لا ثالث لهم، إما أن نأخذ بهديه وبسنته ونطيع ما جاء به فندخل الجنة التي طريقها السعادة الأبدية في الدنيا ثم تتصل بها الآخرة، وإما ألا نأخذ بما جاء به، فنهلك في الدنيا ثم يكون في الآخرة العقوبة التي تستمر ولا تبيد ولا تنتهي، ﴿خالِدينَ فيها أَبَدًا}،﴿لابِثينَ فيها أَحقابًا﴾.
صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
❈- الصفحة العامة فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty2
❈- الحساب الخاص فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty1
❈- القناة يوتيوب:
https://www.youtube.com//Alsoty1
❈- حساب تويتر:
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
❈- المدونة الشخصية:
https://Alsoty1.blogspot.com/
❈- حساب انستقرام:
https://www.instagram.com/alsoty1
❈- حساب سناب شات:
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
❈- إيميل:
[email protected]
❈- قناة الفتاوى تليجرام:
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
❈- رقم الشيخ وتساب:
https://wa.me/967714256199 ...المزيد
*إغاثة.الملهوف.أفضل.المعروف.الحديدة.أنموذجا.cc* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو ...
*إغاثة.الملهوف.أفضل.المعروف.الحديدة.أنموذجا.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/uwp6k-a7IUA?si=vphpT5z9U5WiLq4j
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ المكلا/5/ صفر/1446هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
ـ فدوام الحال من المحال ولا يمكن لإنسان أن يدوم على ما هو عليه من حال، أو حتى مما هو عليه من طبيعة كانت، وسجية ثبتت ورسخت، بل عادة الإنسان يتقلب، ويتغير كخلقه نطفة ثم علقة ثم مضغة وهكذا حتى يكبر ويشيب ثم يرجع بعد قوة لضعف، نعم لكن تقلب ذلك الإنسان في هذه الحياة الدنيا إما لخير وإما لشر، إما لنفع وإما لضر.
ـ يتقلب الإنسان في هذه الحياة الدنيا ولا بد لسفر ولحضر، ولغنى، ولفقر، ولجوع ولشبع، ويوم لك ويوم عليك، وهكذا يعيش الإنسان في هذه الدنيا، ولا تدوم له على حال حتى أيامه وساعاته، ولحظاته فإنها لا تدوم بل إنها تمر وتمشي لأربع وعشرين ساعة وهكذا تمر عليه أيامه، ولا يمكث ذلك الشاب شابًا، ولا الشيخ شيخًا، ولا المعمر معمرًا ولا الحي حيًا، ولا ذلك الإنسان المنعم منعمًا، والصحيح صحيحًا؛ فالدنيا طبعت على كدر هذه هي الدنيا: ﴿لَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ في كَبَدٍ﴾، أي تعب، ومشقة…
- نعم طبعت الدنيا على الفتن، هذه هي الدنيا طبعت على المحن، حتى في ماله وبنيه، وصحته وكل نعم الله عليه ﴿الَّذي خَلَقَ المَوتَ وَالحَياةَ لِيَبلُوَكُم أَيُّكُم أَحسَنُ عَمَلًا وَهُوَ العَزيزُ الغَفورُ﴾، ﴿وَاعلَموا أَنَّما أَموالُكُم وَأَولادُكُم فِتنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجرٌ عَظيمٌ﴾، ﴿لِيَبلُوَكُم في ما آتاكُم﴾، فأين المدركون لهذه الحقيقة، المتيقظون لهذه الفتنة، المتبصرون لهذا الأمر بكله… إن هذه الدنيا بما فيها متقلبة، ومتذبذبة، ومترددة، لا تدوم بحال…
- والواجب على المسلم حيال هذا وبما أنه منتسب لدينه ويعتز بانتسابه لشرع ربه، أن يحيا للناس، وأن يبقى مفهوم زوال ما لديه من النعم حاضرًا، وبالتالي هو باذل لها في هذه الدنيا؛ لأن هذه الأموال، وهذه المنافع، وهذه الصحة، وهذا الغنى، وهذه العافية، وهذه أيام الرخاء لا تدوم لديه، لكنه يسعى لدوامها بمحافظته عليها، يسعى لثباتها لديه بعطائها لغيره، بمشاركتها للناس معه بأن يحيا للناس، ومع الناس: ﴿وَإِذ تَأَذَّنَ رَبُّكُم لَئِن شَكَرتُم لَأَزيدَنَّكُم وَلَئِن كَفَرتُم إِنَّ عَذابي لَشَديدٌ﴾، ولن يعذبه الله إن شكر نعمته وآمن به بحق: ﴿ما يَفعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكُم إِن شَكَرتُم وَآمَنتُم وَكانَ اللَّهُ شاكِرًا عَليمًا﴾…
- والإنسان مدني بطبعه، لا يمكن أن يعيش بمفرده، ولو عاش بمفرده لمات جوعًا، وهلك ظمأ، ولابد أن يحتاج لغيره، ولابد أن يحتاج للخباز، لابد أن يحتاج للطباخ، لابد أن يحتاج للبقال، لا بد أن يحتاج للتاجر، لابد أن يحتاج للفقير، لابد أن يحتاج للغني، لابد أن يحتاج للمرأة، لابد أن يحتاج للولد وهكذا من احتياجات تكاملية لا تعد ولا تحصى.
ـ هكذا الحياة لا بد من التكامل والتكافل بين الناس جميعًا، لا بد أن يوجد أصناف الناس، وأن يحيا الناس على ذلك اليوم فلان ممتحن بماله، وغداً ممتحن باختلافه، فلان ممتحن بصحته، وغداً ممتحن بمرضه، فلان اليوم ممتحن بداره، وغدًا في العراء نائمًا، اليوم فلان ممتحن بنعمة وجدت معه، وغداً ستسلب عنه، نعم هكذا هي الدنيا ولكن السعيد من سارع للحفاظ عليها، وضمن استمرارها بشكر الله لها، حتى تبقى تلك النعمة ولا تذهب من بين يديه أبدا: ﴿وَإِذ تَأَذَّنَ رَبُّكُم لَئِن شَكَرتُم لَأَزيدَنَّكُم وَلَئِن كَفَرتُم إِنَّ عَذابي لَشَديدٌ﴾.
ـ نعم هكذا قال الله لنا صراحة في تصريح بليغ، وأعظم دلالة، وثبات للخير وسبب رباني لدوام ما لديك ﴿وَإِذ تَأَذَّنَ رَبُّكُم لَئِن شَكَرتُم لَأَزيدَنَّكُم وَلَئِن كَفَرتُم إِنَّ عَذابي لَشَديدٌ﴾، أي إن حرماني للإنسان من نعمي، إن تعذيبي له، إن إهلاكي، إن إبادتي…فهو تهديد رباني عظيم، وتخويف شديد…
- نعم تهديد رباني وأيما تهديد بأنه جل وعلا سيأخذ من ذلك الإنسان الذي لا يفهم من المال إلا المال، ولا يفهم من الصحة إلا الصحة، ولا يفهم من القوة إلا القوة، ولا يفهم من الإنسانية إلا أنه إنسان وحده، ولا يفهم من كون الفقير فقيرًا إلا أن يبقى فقيرًا، ولا يفهم على أنه لا بد له من الناس ولا بد للناس منه، لا بد أن يحيى على هذا، وأن المال مستخلف لديه في يوم من الأيام سيسلب من بين يديه…
- فمن جعل هذه حاضرة في ذهنه عاش ما عنده له، واسترده إن أُخذ منه، ولم يزل من عنده، لكن إن عاش عيشت ذلك المتغطرس المتكبر الصحيح، ذلك الإنسان المتكبر الذي يظن على أنه الخازن دائمًا، وأنه الغني أبدًا، وأنه الصحيح دومًا، وفي حياته كلها فذلك يورث عنده الكبر والغطرسة وحب العلو والظلم والجبروت والقهر للآخر وما لا يعلم به إلا الله، والله تبارك وتعالى في الحديث الصحيح قد قال "الكبرياء ردائي، والعزة إزاري، فمن نازعني فيهما فقد أخذته، خو عذبته، أو قصمته) هكذا هي لله، ومن الله، ولا يملكها سواه: ﴿وَلَهُ الكِبرِياءُ فِي السَّماواتِ وَالأَرضِ وَهُوَ العَزيزُ الحَكيمُ﴾، فكل كبر منك على غيرك هو مسلوب منك في يوم من أيامك شئت أم أبيت، العزة لله جميعًا، الكبرياء جميعًا، الكبير هو الله، هكذا علمنا شرعنا، وهكذا علمنا حبيبنا، وهكذا كان رسولنا عليه الصلاة والسلام، هكذا كان صلى الله عليه وسلم يعيش ويعيّش الناس، ويفهم ويفهّم الأمة، ويحيا في نفسه ويحيي غيره معه، ويعطي الناس من قليله صلى الله عليه وسلم وكثيره، وقل عن صحابته، وقل عمن فهموا الحياة الدنيا بما فيها وبمن فيها.
ـ فيا أيها الإخوة هذه المحن والبلاءات التي تمر على غيرنا تخيل في يوم من الأيام إنها ستمر عليك، وعلى أنك ممتحن بها في يوم ما، وكما امتحن بها سواك، ومرت على غيرك، فإنها نازلة ببابك كما نزلت في ساحة فلان وعلان، وتخيل نفسك أنك أنت الممتحن بمالك، وبصحتك، وببيتك، وبأهلك، وبأي شيء حبيب لديك.
ـ تخيل نفسك مقام ذلك المظلوم المسروق المنهوب الفقير الذي ينام على الرصيف، وذلك الجائع الذي يظل جائعًا، وذلك المريض الذي يظل يئن في مستشفى، أو في بيت، أو في شارع، أو في أي مكان، فليضع نفسه المسلم واحدًا من هؤلاء لينظر هل يصبر؟ هل يشكر؟ هل يجزع؟، هل يثبت؟، ما الذي سيكون حاله، لو كان هو هو وعنده آخر يعرفه من الأغنياء يتمنى ماذا ويطلب ماذا وقبل ذلك من الله تبارك وتعالى، كيف سيتوجه؟
ـ فهذا التخيل ينفع المسلم لعله يعلم على أن الحياة الدنيا زائلة وعلى أن مالديه يجب أن يحافظ عليه بعطائه للناس بإنفاقه، بصدقته، بهيبته، بوقفه، بأي شيء منه للعطاء الذي فيه أصناف متعددة في شرعنا حتى يبذل المال لمن يحتاج إليه من المسلمين بمسمى التعاون.
ـ نعم التعاون بين الناس مهمة في ديننا {وَتَعاوَنوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقوى وَلا تَعاوَنوا عَلَى الإِثمِ وَالعُدوانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَديدُ العِقابِ﴾ {كَي لا يَكونَ دولَةً بَينَ الأَغنِياءِ} لا يتداول المال ولا تتداول العملات، ولا تتداول التجارات، ولا تتداول الهدايا والهبات بينكم أيها الأغنياء ثم تتركون الفقراء فقراء، ألا فلا يتداول هذا وذاك بين فلان وعلان بينما الآخر لا يعرف من العملات إلا اسمها، ولا يعرف من الطعام إلا ما قيل عنه بأنه طعام، ولا من أنواع الشراب إلا ما يقال عنه أنه يشرب، ولا من البيوت إلا في بيوت الإيجار أو على قارعة الرصيف، فأين المسلم للمسلم كالبنيان المرصوص وكالبنان يشد بعضه بعضا، ومثل المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى…
ـ ألا فوجب المسلم أن يتحسس هـٰؤلاء، وأن يسأل عنهم، ويتعرف على أحوالهم،هكذا أمرنا ديننا، ونببنا النبي صلى الله عليه وسلم: " من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته" هكذا من سعى في حاجة أخيه يكون الله عز وجل في حاجته "والله في عون العبد ما دام العبد في عون اخيه"، "من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسّر على معسر يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه".
ـ بل إن الله تبارك وتعالى عندما يحدث ذلك العبد يوم القيامة ويقول له "إن الله عز وجل يقول يوم القيامة: يا ابن آدم مرضت فلم تعدني قال: يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين ؟ قال : أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده ؟ أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده ؟ يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني قال : يا رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين ؟ قال : أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه ؟ أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي ؟ يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني قال : يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين ؟ قال : استسقاك عبدي فلان فلم تسقه أما إنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي"
ـ إذن يستشعر المسلم عندما يعطي للمسلم الآخر من حاجة يسدها، من مال، من عطاء، من صدقة، من هدية، من هبة، من أي شيء يبذله وكأنه يعطي الله، يعطي ربه، يعطي مولاه جل وعلا، إنه يصل بين يدي الله قبل أن يصل إلى فلان وعلان، ولهذا جاء في البخاري ومسلم: "بأن الله يأخذ الصدقة بيمينه وكلتا يديه يمين جل وعلا فيربيها لأحدكم كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله"، فيعتني به تعالى ويهتم بأمره وشأنه؛ لأنه نفيس لديه وحبيب عنده…
- ألم يسمع قوله تعالى: ﴿حَتّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ المَوتُ قالَ رَبِّ ارجِعونِ لَعَلّي أَعمَلُ صالِحًا فيما تَرَكتُ كَلّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَمِن وَرائِهِم بَرزَخٌ إِلى يَومِ يُبعَثونَ﴾، وإن الصالح الذي يبقى ويدوم عند رب العالمين سبحانه وتعالى ويرى هناك هو ما أنفقه العبد في هذه الدنيا {وَما تُقَدِّموا لِأَنفُسِكُم مِن خَيرٍ تَجِدوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيرًا وَأَعظَمَ أَجرًا وَاستَغفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفورٌ رَحيمٌ﴾ ﴿وَما أَنفَقتُم مِن نَفَقَةٍ أَو نَذَرتُم مِن نَذرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعلَمُهُ وَما لِلظّالِمينَ مِن أَنصارٍ﴾ هكذا يقول الله تبارك وتعالى في محكم تنزيله وفي آيات كثيرة في كتابه الكريم: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا أَنفِقوا مِمّا رَزَقناكُم مِن قَبلِ أَن يَأتِيَ يَومٌ لا بَيعٌ فيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ وَالكافِرونَ هُمُ الظّالِمونَ﴾، ﴿وَأَنفِقوا مِن ما رَزَقناكُم مِن قَبلِ أَن يَأتِيَ أَحَدَكُمُ المَوتُ فَيَقولَ رَبِّ لَولا أَخَّرتَني إِلى أَجَلٍ قَريبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِنَ الصّالِحينَ﴾ والٱياث كثيرة.
ـ فعندما يستشعر المسلم بأنه عندما يسد حاجة أخيه، وينفق ويتصدق فإنه ينقذ نفسه، وينفس الله كربه من كرب يوم القيامة، بل فوق ذلك ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ،والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه بل قال عليه الصلاة والسلام ( لأن أمشي في حاجة أخي حتى أثبتها له خير من اعتكافي في مسجدي هذا شهرا) وهو مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، ومع هذا يقول ذلك صلى الله عليه وسلم…
- ألا فلنستشعر هذه المعاني جيداً ولنعط لمن يحتاج للعطاء من المسلمين؛ فإن الفقر قد زاد، وإن العوز قد انتشر، وإن الجوع والمزغبة قد عمت البلاد والعباد، وما يُزى أقل مما لا يرى، وما نسمع عنه أقل مما لا نسمع عنه أصلاً، ألا فتحسسوا الناس فإن كثيرا منهم جاعوا وفقروا بل ماتوا ومرضوا وهموا واغتنموا وسلبوا وانتهبوا وكان ما كان وليس لهم أحد يقول أنا لك أسد حاجتك وأقضي دينك وان أنفس كربك وأفرج عنك وأن ييسر عليك الذي نزل بك، أقول ماتسمعون وأستغفر الله ..
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:
ـ فأيها الإخوة نعلم الكوارث التي تمر على أمتنا، بل تمر على جوارنا، وعلى أصدقائنا، وأقاربنا، وتمر في بلادنا في كل وقت وفي كل حين خاصة في السنوات الأخيرة من انتشار الفقر، والأمراض، والمجاعات مع الحرب المستمرة والطاحنة هنا وهناك، ولا شك ولا ريب على أن حكومات تجار الحروب لا هم لهم بالفقراء والمساكين، ولا هم لهم إلا في جمع أموالهم، وزيادة قصورهم وغناهم وأبنائهم وذويهم، ولا هم لهؤلاء وإن لم نكن نحن المجتمع للمجتمع، الغني للفقير الإنسان الذي لا يحتاج لمن يحتاج، فمن يسد حاجة الناس، من ننتظر، ولمن ننتظر، ومن يمكن أن ينظر لهؤلاء إن لم ينظر القريب لقريبه، والصديق لصديقه، والجار لجاره، وهذا لذاك فيكون بيننا التكافل، وبين المسلمين عامة كما كان في سلفنا الصالح، لا ينتظرون لدولة، ولا ينتظرون لرئيس ولا لمسؤول ولا لوالٍ ولا لأحد، بل كلما سمعوا بمحتاج سدوا حاجته وأغنوه حتى لا يحتاج إلى أن يذل نفسه وأن يهتان وأن يجوع وأن يكون ما يكون، وقد نزل بالبلاد وخاصة في جزء منها من فقر ومن كوارث ومن محن ومن زالزل ومن محن بلاءات ما هو أشد مما أشد وأبعد من الخيال.
ـ فالواجب أن نحس بهم وأن نشعر بهم، وأن نضع أنفسنا مقامهم، ولننظر هل يصبر أحدنا على بقائه دون بيت، وأن يبقى في العراء خاصة ما تسمعون في الحديدة من هلاك للحرث والنسل بسبب الأمطار التي اجتاحت بيوتهم، واجتاحت أموالهم، واجتاحت مزارعهم، واجتاحت كل شيء لهم من مواش وغيرها وأصبحوا في عراء، وهم آلاف مؤلفة ولا ينظر إليهم كثير من الناس للأسف الشديد.
ـ فالواجب علينا أن نتكاتف وأن نسعى لفعل الخير دومًا من الأقرب حتى الأبعد ولا نبقى متقوقعين على أنفسنا وعلى من عندنا
ـ فحافظوا على نعم الله عليكم، واضمنوا استمرارها ودوامها لديكم بأن تعطوا لغيركم، وأن تنفقوا من مال الله عز وجل حتى يعطيكم… ﴿آمِنوا بِاللَّهِ وَرَسولِهِ وَأَنفِقوا مِمّا جَعَلَكُم مُستَخلَفينَ فيهِ فَالَّذينَ آمَنوا مِنكُم وَأَنفَقوا لَهُم أَجرٌ كَبيرٌ﴾، ﴿مَن ذَا الَّذي يُقرِضُ اللَّهَ قَرضًا حَسَنًا فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجرٌ كَريمٌ﴾…
وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.org/
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/uwp6k-a7IUA?si=vphpT5z9U5WiLq4j
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ المكلا/5/ صفر/1446هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
ـ فدوام الحال من المحال ولا يمكن لإنسان أن يدوم على ما هو عليه من حال، أو حتى مما هو عليه من طبيعة كانت، وسجية ثبتت ورسخت، بل عادة الإنسان يتقلب، ويتغير كخلقه نطفة ثم علقة ثم مضغة وهكذا حتى يكبر ويشيب ثم يرجع بعد قوة لضعف، نعم لكن تقلب ذلك الإنسان في هذه الحياة الدنيا إما لخير وإما لشر، إما لنفع وإما لضر.
ـ يتقلب الإنسان في هذه الحياة الدنيا ولا بد لسفر ولحضر، ولغنى، ولفقر، ولجوع ولشبع، ويوم لك ويوم عليك، وهكذا يعيش الإنسان في هذه الدنيا، ولا تدوم له على حال حتى أيامه وساعاته، ولحظاته فإنها لا تدوم بل إنها تمر وتمشي لأربع وعشرين ساعة وهكذا تمر عليه أيامه، ولا يمكث ذلك الشاب شابًا، ولا الشيخ شيخًا، ولا المعمر معمرًا ولا الحي حيًا، ولا ذلك الإنسان المنعم منعمًا، والصحيح صحيحًا؛ فالدنيا طبعت على كدر هذه هي الدنيا: ﴿لَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ في كَبَدٍ﴾، أي تعب، ومشقة…
- نعم طبعت الدنيا على الفتن، هذه هي الدنيا طبعت على المحن، حتى في ماله وبنيه، وصحته وكل نعم الله عليه ﴿الَّذي خَلَقَ المَوتَ وَالحَياةَ لِيَبلُوَكُم أَيُّكُم أَحسَنُ عَمَلًا وَهُوَ العَزيزُ الغَفورُ﴾، ﴿وَاعلَموا أَنَّما أَموالُكُم وَأَولادُكُم فِتنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجرٌ عَظيمٌ﴾، ﴿لِيَبلُوَكُم في ما آتاكُم﴾، فأين المدركون لهذه الحقيقة، المتيقظون لهذه الفتنة، المتبصرون لهذا الأمر بكله… إن هذه الدنيا بما فيها متقلبة، ومتذبذبة، ومترددة، لا تدوم بحال…
- والواجب على المسلم حيال هذا وبما أنه منتسب لدينه ويعتز بانتسابه لشرع ربه، أن يحيا للناس، وأن يبقى مفهوم زوال ما لديه من النعم حاضرًا، وبالتالي هو باذل لها في هذه الدنيا؛ لأن هذه الأموال، وهذه المنافع، وهذه الصحة، وهذا الغنى، وهذه العافية، وهذه أيام الرخاء لا تدوم لديه، لكنه يسعى لدوامها بمحافظته عليها، يسعى لثباتها لديه بعطائها لغيره، بمشاركتها للناس معه بأن يحيا للناس، ومع الناس: ﴿وَإِذ تَأَذَّنَ رَبُّكُم لَئِن شَكَرتُم لَأَزيدَنَّكُم وَلَئِن كَفَرتُم إِنَّ عَذابي لَشَديدٌ﴾، ولن يعذبه الله إن شكر نعمته وآمن به بحق: ﴿ما يَفعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكُم إِن شَكَرتُم وَآمَنتُم وَكانَ اللَّهُ شاكِرًا عَليمًا﴾…
- والإنسان مدني بطبعه، لا يمكن أن يعيش بمفرده، ولو عاش بمفرده لمات جوعًا، وهلك ظمأ، ولابد أن يحتاج لغيره، ولابد أن يحتاج للخباز، لابد أن يحتاج للطباخ، لابد أن يحتاج للبقال، لا بد أن يحتاج للتاجر، لابد أن يحتاج للفقير، لابد أن يحتاج للغني، لابد أن يحتاج للمرأة، لابد أن يحتاج للولد وهكذا من احتياجات تكاملية لا تعد ولا تحصى.
ـ هكذا الحياة لا بد من التكامل والتكافل بين الناس جميعًا، لا بد أن يوجد أصناف الناس، وأن يحيا الناس على ذلك اليوم فلان ممتحن بماله، وغداً ممتحن باختلافه، فلان ممتحن بصحته، وغداً ممتحن بمرضه، فلان اليوم ممتحن بداره، وغدًا في العراء نائمًا، اليوم فلان ممتحن بنعمة وجدت معه، وغداً ستسلب عنه، نعم هكذا هي الدنيا ولكن السعيد من سارع للحفاظ عليها، وضمن استمرارها بشكر الله لها، حتى تبقى تلك النعمة ولا تذهب من بين يديه أبدا: ﴿وَإِذ تَأَذَّنَ رَبُّكُم لَئِن شَكَرتُم لَأَزيدَنَّكُم وَلَئِن كَفَرتُم إِنَّ عَذابي لَشَديدٌ﴾.
ـ نعم هكذا قال الله لنا صراحة في تصريح بليغ، وأعظم دلالة، وثبات للخير وسبب رباني لدوام ما لديك ﴿وَإِذ تَأَذَّنَ رَبُّكُم لَئِن شَكَرتُم لَأَزيدَنَّكُم وَلَئِن كَفَرتُم إِنَّ عَذابي لَشَديدٌ﴾، أي إن حرماني للإنسان من نعمي، إن تعذيبي له، إن إهلاكي، إن إبادتي…فهو تهديد رباني عظيم، وتخويف شديد…
- نعم تهديد رباني وأيما تهديد بأنه جل وعلا سيأخذ من ذلك الإنسان الذي لا يفهم من المال إلا المال، ولا يفهم من الصحة إلا الصحة، ولا يفهم من القوة إلا القوة، ولا يفهم من الإنسانية إلا أنه إنسان وحده، ولا يفهم من كون الفقير فقيرًا إلا أن يبقى فقيرًا، ولا يفهم على أنه لا بد له من الناس ولا بد للناس منه، لا بد أن يحيى على هذا، وأن المال مستخلف لديه في يوم من الأيام سيسلب من بين يديه…
- فمن جعل هذه حاضرة في ذهنه عاش ما عنده له، واسترده إن أُخذ منه، ولم يزل من عنده، لكن إن عاش عيشت ذلك المتغطرس المتكبر الصحيح، ذلك الإنسان المتكبر الذي يظن على أنه الخازن دائمًا، وأنه الغني أبدًا، وأنه الصحيح دومًا، وفي حياته كلها فذلك يورث عنده الكبر والغطرسة وحب العلو والظلم والجبروت والقهر للآخر وما لا يعلم به إلا الله، والله تبارك وتعالى في الحديث الصحيح قد قال "الكبرياء ردائي، والعزة إزاري، فمن نازعني فيهما فقد أخذته، خو عذبته، أو قصمته) هكذا هي لله، ومن الله، ولا يملكها سواه: ﴿وَلَهُ الكِبرِياءُ فِي السَّماواتِ وَالأَرضِ وَهُوَ العَزيزُ الحَكيمُ﴾، فكل كبر منك على غيرك هو مسلوب منك في يوم من أيامك شئت أم أبيت، العزة لله جميعًا، الكبرياء جميعًا، الكبير هو الله، هكذا علمنا شرعنا، وهكذا علمنا حبيبنا، وهكذا كان رسولنا عليه الصلاة والسلام، هكذا كان صلى الله عليه وسلم يعيش ويعيّش الناس، ويفهم ويفهّم الأمة، ويحيا في نفسه ويحيي غيره معه، ويعطي الناس من قليله صلى الله عليه وسلم وكثيره، وقل عن صحابته، وقل عمن فهموا الحياة الدنيا بما فيها وبمن فيها.
ـ فيا أيها الإخوة هذه المحن والبلاءات التي تمر على غيرنا تخيل في يوم من الأيام إنها ستمر عليك، وعلى أنك ممتحن بها في يوم ما، وكما امتحن بها سواك، ومرت على غيرك، فإنها نازلة ببابك كما نزلت في ساحة فلان وعلان، وتخيل نفسك أنك أنت الممتحن بمالك، وبصحتك، وببيتك، وبأهلك، وبأي شيء حبيب لديك.
ـ تخيل نفسك مقام ذلك المظلوم المسروق المنهوب الفقير الذي ينام على الرصيف، وذلك الجائع الذي يظل جائعًا، وذلك المريض الذي يظل يئن في مستشفى، أو في بيت، أو في شارع، أو في أي مكان، فليضع نفسه المسلم واحدًا من هؤلاء لينظر هل يصبر؟ هل يشكر؟ هل يجزع؟، هل يثبت؟، ما الذي سيكون حاله، لو كان هو هو وعنده آخر يعرفه من الأغنياء يتمنى ماذا ويطلب ماذا وقبل ذلك من الله تبارك وتعالى، كيف سيتوجه؟
ـ فهذا التخيل ينفع المسلم لعله يعلم على أن الحياة الدنيا زائلة وعلى أن مالديه يجب أن يحافظ عليه بعطائه للناس بإنفاقه، بصدقته، بهيبته، بوقفه، بأي شيء منه للعطاء الذي فيه أصناف متعددة في شرعنا حتى يبذل المال لمن يحتاج إليه من المسلمين بمسمى التعاون.
ـ نعم التعاون بين الناس مهمة في ديننا {وَتَعاوَنوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقوى وَلا تَعاوَنوا عَلَى الإِثمِ وَالعُدوانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَديدُ العِقابِ﴾ {كَي لا يَكونَ دولَةً بَينَ الأَغنِياءِ} لا يتداول المال ولا تتداول العملات، ولا تتداول التجارات، ولا تتداول الهدايا والهبات بينكم أيها الأغنياء ثم تتركون الفقراء فقراء، ألا فلا يتداول هذا وذاك بين فلان وعلان بينما الآخر لا يعرف من العملات إلا اسمها، ولا يعرف من الطعام إلا ما قيل عنه بأنه طعام، ولا من أنواع الشراب إلا ما يقال عنه أنه يشرب، ولا من البيوت إلا في بيوت الإيجار أو على قارعة الرصيف، فأين المسلم للمسلم كالبنيان المرصوص وكالبنان يشد بعضه بعضا، ومثل المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى…
ـ ألا فوجب المسلم أن يتحسس هـٰؤلاء، وأن يسأل عنهم، ويتعرف على أحوالهم،هكذا أمرنا ديننا، ونببنا النبي صلى الله عليه وسلم: " من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته" هكذا من سعى في حاجة أخيه يكون الله عز وجل في حاجته "والله في عون العبد ما دام العبد في عون اخيه"، "من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسّر على معسر يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه".
ـ بل إن الله تبارك وتعالى عندما يحدث ذلك العبد يوم القيامة ويقول له "إن الله عز وجل يقول يوم القيامة: يا ابن آدم مرضت فلم تعدني قال: يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين ؟ قال : أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده ؟ أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده ؟ يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني قال : يا رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين ؟ قال : أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه ؟ أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي ؟ يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني قال : يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين ؟ قال : استسقاك عبدي فلان فلم تسقه أما إنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي"
ـ إذن يستشعر المسلم عندما يعطي للمسلم الآخر من حاجة يسدها، من مال، من عطاء، من صدقة، من هدية، من هبة، من أي شيء يبذله وكأنه يعطي الله، يعطي ربه، يعطي مولاه جل وعلا، إنه يصل بين يدي الله قبل أن يصل إلى فلان وعلان، ولهذا جاء في البخاري ومسلم: "بأن الله يأخذ الصدقة بيمينه وكلتا يديه يمين جل وعلا فيربيها لأحدكم كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله"، فيعتني به تعالى ويهتم بأمره وشأنه؛ لأنه نفيس لديه وحبيب عنده…
- ألم يسمع قوله تعالى: ﴿حَتّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ المَوتُ قالَ رَبِّ ارجِعونِ لَعَلّي أَعمَلُ صالِحًا فيما تَرَكتُ كَلّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَمِن وَرائِهِم بَرزَخٌ إِلى يَومِ يُبعَثونَ﴾، وإن الصالح الذي يبقى ويدوم عند رب العالمين سبحانه وتعالى ويرى هناك هو ما أنفقه العبد في هذه الدنيا {وَما تُقَدِّموا لِأَنفُسِكُم مِن خَيرٍ تَجِدوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيرًا وَأَعظَمَ أَجرًا وَاستَغفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفورٌ رَحيمٌ﴾ ﴿وَما أَنفَقتُم مِن نَفَقَةٍ أَو نَذَرتُم مِن نَذرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعلَمُهُ وَما لِلظّالِمينَ مِن أَنصارٍ﴾ هكذا يقول الله تبارك وتعالى في محكم تنزيله وفي آيات كثيرة في كتابه الكريم: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا أَنفِقوا مِمّا رَزَقناكُم مِن قَبلِ أَن يَأتِيَ يَومٌ لا بَيعٌ فيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ وَالكافِرونَ هُمُ الظّالِمونَ﴾، ﴿وَأَنفِقوا مِن ما رَزَقناكُم مِن قَبلِ أَن يَأتِيَ أَحَدَكُمُ المَوتُ فَيَقولَ رَبِّ لَولا أَخَّرتَني إِلى أَجَلٍ قَريبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِنَ الصّالِحينَ﴾ والٱياث كثيرة.
ـ فعندما يستشعر المسلم بأنه عندما يسد حاجة أخيه، وينفق ويتصدق فإنه ينقذ نفسه، وينفس الله كربه من كرب يوم القيامة، بل فوق ذلك ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ،والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه بل قال عليه الصلاة والسلام ( لأن أمشي في حاجة أخي حتى أثبتها له خير من اعتكافي في مسجدي هذا شهرا) وهو مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، ومع هذا يقول ذلك صلى الله عليه وسلم…
- ألا فلنستشعر هذه المعاني جيداً ولنعط لمن يحتاج للعطاء من المسلمين؛ فإن الفقر قد زاد، وإن العوز قد انتشر، وإن الجوع والمزغبة قد عمت البلاد والعباد، وما يُزى أقل مما لا يرى، وما نسمع عنه أقل مما لا نسمع عنه أصلاً، ألا فتحسسوا الناس فإن كثيرا منهم جاعوا وفقروا بل ماتوا ومرضوا وهموا واغتنموا وسلبوا وانتهبوا وكان ما كان وليس لهم أحد يقول أنا لك أسد حاجتك وأقضي دينك وان أنفس كربك وأفرج عنك وأن ييسر عليك الذي نزل بك، أقول ماتسمعون وأستغفر الله ..
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:
ـ فأيها الإخوة نعلم الكوارث التي تمر على أمتنا، بل تمر على جوارنا، وعلى أصدقائنا، وأقاربنا، وتمر في بلادنا في كل وقت وفي كل حين خاصة في السنوات الأخيرة من انتشار الفقر، والأمراض، والمجاعات مع الحرب المستمرة والطاحنة هنا وهناك، ولا شك ولا ريب على أن حكومات تجار الحروب لا هم لهم بالفقراء والمساكين، ولا هم لهم إلا في جمع أموالهم، وزيادة قصورهم وغناهم وأبنائهم وذويهم، ولا هم لهؤلاء وإن لم نكن نحن المجتمع للمجتمع، الغني للفقير الإنسان الذي لا يحتاج لمن يحتاج، فمن يسد حاجة الناس، من ننتظر، ولمن ننتظر، ومن يمكن أن ينظر لهؤلاء إن لم ينظر القريب لقريبه، والصديق لصديقه، والجار لجاره، وهذا لذاك فيكون بيننا التكافل، وبين المسلمين عامة كما كان في سلفنا الصالح، لا ينتظرون لدولة، ولا ينتظرون لرئيس ولا لمسؤول ولا لوالٍ ولا لأحد، بل كلما سمعوا بمحتاج سدوا حاجته وأغنوه حتى لا يحتاج إلى أن يذل نفسه وأن يهتان وأن يجوع وأن يكون ما يكون، وقد نزل بالبلاد وخاصة في جزء منها من فقر ومن كوارث ومن محن ومن زالزل ومن محن بلاءات ما هو أشد مما أشد وأبعد من الخيال.
ـ فالواجب أن نحس بهم وأن نشعر بهم، وأن نضع أنفسنا مقامهم، ولننظر هل يصبر أحدنا على بقائه دون بيت، وأن يبقى في العراء خاصة ما تسمعون في الحديدة من هلاك للحرث والنسل بسبب الأمطار التي اجتاحت بيوتهم، واجتاحت أموالهم، واجتاحت مزارعهم، واجتاحت كل شيء لهم من مواش وغيرها وأصبحوا في عراء، وهم آلاف مؤلفة ولا ينظر إليهم كثير من الناس للأسف الشديد.
ـ فالواجب علينا أن نتكاتف وأن نسعى لفعل الخير دومًا من الأقرب حتى الأبعد ولا نبقى متقوقعين على أنفسنا وعلى من عندنا
ـ فحافظوا على نعم الله عليكم، واضمنوا استمرارها ودوامها لديكم بأن تعطوا لغيركم، وأن تنفقوا من مال الله عز وجل حتى يعطيكم… ﴿آمِنوا بِاللَّهِ وَرَسولِهِ وَأَنفِقوا مِمّا جَعَلَكُم مُستَخلَفينَ فيهِ فَالَّذينَ آمَنوا مِنكُم وَأَنفَقوا لَهُم أَجرٌ كَبيرٌ﴾، ﴿مَن ذَا الَّذي يُقرِضُ اللَّهَ قَرضًا حَسَنًا فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجرٌ كَريمٌ﴾…
وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.org/
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A ...المزيد
*الفساد.دمار.البلاد.والعباد.اوقفوا.الفساد.cc* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو ...
*الفساد.دمار.البلاد.والعباد.اوقفوا.الفساد.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ المكلا/20/ محرم/1446هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
ـ فإن الله تبارك وتعالى لما خلق هذه الأرض جعل فيها ما يمونها، وما يكفي البشر فيها، وما يأكلون ويشربون ويتنعمون به إلى قيام الساعة؛ لأنه تبارك وتعالى أحكم الحاكمين ،وهو خير العادلين، والذي حرم الظلم على نفسه وجعله بين عباده محرما، فحاشاه جل وعلا أن يترك عبده هملاً، ويضيع ذلك العبد في التعاسة والشقاء ولا يجد له قوتا، إلا إن كان ذلك العبد لم يبذل سببًا، وإلا فإن في هذه الأرض الخيرات عظيمة، والأقوات المباركة، والنعم الكثيرة، والأرزاق الوفيرة.
ـ قال الله في كتابه الكريم عند خلقه الأرض ﴿قُل أَئِنَّكُم لَتَكفُرونَ بِالَّذي خَلَقَ الأَرضَ في يَومَينِ وَتَجعَلونَ لَهُ أَندادًا ذلِكَ رَبُّ العالَمينَ وَجَعَلَ فيها رَواسِيَ مِن فَوقِها وَبارَكَ فيها وَقَدَّرَ فيها أَقواتَها في أَربَعَةِ أَيّامٍ سَواءً لِلسّائِلينَ﴾، وتأمل معي الآية، ورددها مرة ثانية وثالثة: ﴿وَجَعَلَ فيها رَواسِيَ مِن فَوقِها وَبارَكَ فيها وَقَدَّرَ فيها أَقواتَها في أَربَعَةِ أَيّامٍ سَواءً لِلسّائِلينَ﴾، فلم يكتف الله ﷻ بالتقدير بل زاد وضع البركة فيما قدره فيها: ﴿وَبارَكَ فيها وَقَدَّرَ فيها أَقواتَها﴾، والتقدير هنا أي أنه جل وعلا قد وضع فيها ما يكفي الناس عامة إلى قيام الساعة لو أحسن استغلاله، فقدر لهم عز وجل ما يكفيهم، هكذا قال الله منذ أن خلق السماوات والأرض، فقد طمأننا عز وجل بذلك…
ـ وفوق ذلك فلقد أقسم لنا جل وعلا بضمان رزقنا: ﴿فَوَرَبِّ السَّماءِ وَالأَرضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثلَ ما أَنَّكُم تَنطِقونَ﴾ وهذا القسم جاء بعد قوله تعالى ﴿وَفِي السَّماءِ رِزقُكُم وَما توعَدونَ﴾، إذن فالله عز وجل عندما خلق هذه الأرض جعل للناس ما يكفيهم، ثم ترك الناس أحرارا بعد ذلك من يتخذ سببًا ليعيش هامشيًا في الحياة، ومن يتخذ سببًا أدنى ليعيش فقيرًا في هذه الدنيا، ومن يتخذ سببًا ويتمارض في هذه الدنيا فيعيش تعيسًا تحت خط الفقر الدائم الذي يجوع فيه أكثر مما يشبع، أو أن يتخذ أسبابا للقوة ولاستخراج لما في هذه الأرض من أقوات وبالتالي ينهض، ويقوى، ويكون غنيًا، ثريًا في هذه الأرض.
ـ وإن امتنا العربية والإسلامية فيها من الخيرات العظيمة، وأودع الله فيها من البركات الكثيرة، وجعل فيها مستودع الأرض عامة، بل إن أكثر من 70% من خيرات الأرض هي من البلاد العربية تحديداً ولكنهم قوم يجهلون، وبها يتلاعبون، وبها يفسدون، وبخيراتها يعبثون، ولأعدائها يمونون، وإلا فأرضها، وسماؤها، وبرها، وبحرها، وكل شيء فيها هو رزق جعله الله تبارك وتعالى لأهلها، فإن استغلوه وأحسنوا فيه اغتنوا وكانوا في قمة أهل الدنيا، وتحكموا في اقتصادها، وسياساتها، وإن تركوا ذلك أصبحوا كما نحن الآن في فقر دائم لا يعلمه إلا الله، بل إن العالم يشهد أننا من البلدان النائية، ونصنف منذ سنين طويلة على هذه التصنيفات المجحفة، وبلدان نائية أي أنها فقيرة، أي أنها في ذيل الأمم تعاسة وفقرا، مع أن فيها ما فيها، مع أن الله أودع فيها ما أودع، وبارك فيها أكثر مما بارك لغيرها…
ـ بل إن الغرب لم ينهض ولن ينهض إلا منا وفينا، ومن امتصاص لثرواتنا، ولا يمكن أن ينهض إلا على أجداثنا، ومن خيراتنا، وبركات أرضنا، وخام بلادنا، ومنتوجاتنا، هذا هو ما توارد عليه ساساتهم، وتعاهد عليه قادتهم، وأننا عبارة عن بقرة حلوب لهم، تنتج لكن إليهم، وتعطي ولا تأخذ، وهكذا يفعلون ويدبرون إنها سياسة جديدة هي سياسة التجهيل وسياسة الاستعمار بالوكالة، وسياسة الاستعمار بالتوكيل بأن يتركوا وكلاء لهم، مستعمربن لأرضهم، ينهبون ما فيها لصالح غيرهم، أو يهمشونها، لكن نهبهم إما بشيء يسير جدا لمصالحهم، ولجيوبهم، وبطونهم، ولأبنائهم وذويهم، أو أن يوردوه للغرب، وأن يتركوا أبناء الشعب في فقر دائم وسنوات طويلة من العناء دون أن يأتي الرخاء والسب هو السبب الذي نعلمه…
ـ السبب هو الفساد الذي يعشعش فينا بكل مصطلحاته، ومسمياته، وأنواعه وتفاصيله، هو الفساد الذي تغلغل في كل شيء فينا، ويقبع تحت كل وظيفة تقريبًا، الفساد الذي يجعل هذا المجتمع فقيراً معدمًا، مريضًا، هامشيًا، متناحراً، جائعًا… قل ما شئت من العناء، والفقر، والقهر، والحرمان، بل إنه ليحول المجتمعات إلى غابات مفترسة، متوحشة تأكل بعضها بعضا، الغني يبطش بالفقير فيهم، والقوي يبطش بالضعيف، وصاحب الجاه والسلطة يأخذ ما تحت يده، رهكذا هو الفساد المركب، والفساد المسيس، والفساد المفتعل الذي يراد للأمة العربية والإسلامية كي لا تنهض، وليس في بلادنا وفقط مع أن البلاد التي نحن فيها ونعيش على ترابها تكفي ليست الدول العربية وحدها بل وغيرها لو وجدت استغلالًا، وصلاحًا، وحاكمًا رشيدًا أمينًا…
ـ إذا كان في زمن معاذ رضي الله عنه قد اغتنى الناس وفي زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ما بعده من الخلفاء، تخيلوا أن معاذ بن جبل يبعث زكاته إلى المدينة ويقول له عمر إني لم أبعثك جابيًا لتعطيني الأموال، ولكن لتأخذها منهم من أغنيائهم وتردها فيهم لفقرائهم كما هي وصية رسول الله لك: "واعلم أن عليهم صدقات تؤخذ من أغنيائهم، وترد في فقرائهم"، فقال معاذ: "ما أرسلت لك إلا لأني لم أجد فقيراً يأخذها"، أي صار البلد غنيًا، والناس كلهم لا تصح فيهم الزكا، وليسوا من مصارفها، فالبلد يصدر ولا يستورد، يحتاج الناس إليه ولا يحتاج لأحد من البشر، بلد غني فيه ما فيه من بركات ومن مقدرات ومن خيرات قل ما شئت.
ـ وفي زمن معاذ لا تكنولوجيا، ولا نفط، ولا حديد، ولا ألمنيوم، ولا ذهب، ولا ألماس، ولا فضة، ولا بر ولا بحر يستغل باستغلال هذا العصر الحديث، ووسائله المتطورة، وٱلاته والعجيبة، لكنه وجد قومًا صالحين أصلحوه فصلح، ونحن وجدنا قومًا فاسدين أفسدوه ففسد رغمًا عنه مع أنه قابل للصلاح، وللاستصلاح، لكنهم هكذا يريدون للبلد سواء بإرادة داخلية أو بارادة خارجية قريبة كانت أو بعيدة فهذا الذي يراد أن يبقى هذا البلد وليس البلد هذا وفقط بل عموم البلدان العربية و الإسلامية بشكل عام وإن كانت تختلف هذه القاعدة من بلد لآخر بقدر ما فيه من الفساد والإفساد في الأرض…
ـ هذا البلد المحروم الذي نعيش عليه لو نظرتم إلى أوروبا، وإلى الغرب، وإلى كل الذين هم دائمًا على قائمة الصدارة في الاقتصاد، وفي السياسة، وفي الإدارة، وفي التجارة، وفي التطور، وفي الرقي، وفي الحضارة… وفي التكنولوجيا، وفي أي شيء كان، ونظرتم إلى البلدان حتى في أثرى البلدان العربية الموجودة اليوم كبلد الخليج مثلاً لو جدتهم لا يساونهم فيما تقدموا ووصلوا إليه، فأين نحن ومعنا ما معنا وتحت أقدامنا وفوق رؤوسنا وأمامنا وخلفنا وعن يميننا وعن يسارنا الخيرات، والنعم، والبركات، وما استودع الله في أرضنا من أرزاق يكفينا وغيرنا معنا، لكن هناك التجهيل لها وإن وجد شيء من أستغلال فكما تحدثت سابقًا إلى جيوب المفسدين، إلى جيوب الناهبين، إلى جيوب من تولوا سلطات المسلمين، وكم نطلع على هذا الفساد والعشوائية والفوضى التي تحدث في بلد وآخر، وفي مكان وآخر، وفي إدارة وفي وزارة ووزارات، ولا شك أنكم تطلعون واطلعتم على الأخبار بنهب بين فترة وفترة لمليارات الدولارات فضلاً عن تريليونات أموال نقدية اليمنية هنا وهناك؟ ولا تدري إلى أين تذهب، لكنها تختلف وتنهب هدراً والناس على ما هم عليه من فقر ومن جوع ومن هلاك ومن ضياع ومن حسرة، وقل ما شئت، فما الذي يحل بنا، وما الذي ننتظره إذا كنا كذلك على ما نحن عليه نعيش، إن الحديث طويل وذو شجون ويحتاج منا إلى مراجعة لأنفسنا وإلى نهي حقيقي لمن نراه مقدراتنا.
ـ نبينا عليه الصلاة والسلام لو نظرنا إليه كيف يقول حفاظًا على المال العام: "من كتمنا مخيطًا فما فوقه جاء به يوم القيامة غلولا"،﴿وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ وَمَن يَغلُل يَأتِ بِما غَلَّ يَومَ القِيامَةِ ثُمَّ تُوَفّى كُلُّ نَفسٍ ما كَسَبَت وَهُم لا يُظلَمونَ﴾، بل إن الرجل الذي هو خادم لرسول الله، كما في الحديث في البخاري ومسلم والأول كذلك أخذ كساء (شملة) لا يساوي شيئًا بميزان دنيانا هذه ربما بدولار أو فما دونه لا يساوي شيئا كثيراً فلما غلها وهو خادم لرسول الله، ومجاهد مع حبيب الله، وقد خرج من أرض المعركة فجاءه سهم طائش فقتله فقال الصحابة هنيئًا له إلى الجنة فقال رسول الله: " كلا والذي نفسي بيده إن الشملة التي غلها من المغانم قبل قسمتها لتشتعل عليه نارا،، نعم لتشتعل عليه نارا، وهي شملة، وهو كساء يسير بسيط، لا يؤبه به، فماذا عن ملايين المقدرات؟، وماذا عن الخيرات، وماذا عن العبث والفوضى هذا الذي نراه في الأموال وفي الخيرات، إنها شملة فقط أدخلته النار، ولهذا جاء رجل بشراك أو بشراكين بنعل يعني فقال يا رسول الله هذه أخذتها من كذا وكذا فقال النبي "شراك من نار أو شراكان من نار"، أي لولم تأت به لكان كذلك وفي البخاري: "إن رجالاً يتخوضون في مال لله"، يعني في بيت مال المسلمين، في مال الله، وإذا نصب نار الله إلى الله، فالمراد به الحق العام في القرآن وفي السنة، "إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة"، هكذا قال عليه الصلاة والسلام "فلهم النار يوم القيامة"؛ لأنهم يصرفونه في غير مستحقه، ويأخذونه بغير حقه، هكذا في عبث وفوضى لا حق لهم في أخذه ولا يعطونه لمن يستحقه إنما هو لهم ولمقربيهم يتآمرون على ملايين الشعب بالجوع والفقر والحرمان، ثم يشبعون عشرات منهم داخل الأسرة الواحدة ويكفي هم حتى إن أحدهم لو مرض مرضا طفيفا فعلاجه في دولة كذا، ودراسته بملايين الدولارات في جامعة كذا في أمريكا أو أوروبا، وزواجه يكلف كذا، ومعه قصور في كل دولة، وأرصدة، وحسابات هنا وهناك…، وحسبنا الله ونعم الوكيل…
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…، وبعد:
ـ إننا لو نظرنا إلى ديننا لوجدنا على أن الإسلام قد منع الأغنياء الذين يأخذون المال بحقه، ومن حلال زلال، ومن عرق جبينهم، ومن حق الخالص لهم دون مرية فيه، ولا شيء من حرام اكتسبوه لكن منعهم أن يكتنزوا المال وحدهم، وأن يتركوا الفقراء في فقرهم، وهم أغنياء يأكلون من حقهم، ومن عرق جبينهم، والليل والنهار وهم يعملون حقًا، لكن منعهم الإسلام من أن يستأثروا بالمال وحدهم… فقال الله {كَي لا يَكونَ دولَةً بَينَ الأَغنِياءِ}، كي لا يتداول المال بين الأغنياء وفقط، بل يجب أن يعطى الفقراء بمسمى الزكاة، بمسمى الصدقات، بمسمى الهبات، بمسمى الهدايا، بمسميات متعددة في الشرع، الأهم أن يطهر نفسه من المال…
- وإذا كان عليه الصلاة والسلام قد قال لأعظم الصحابة عبادة وتزكية وورعًا بل هو أصدق الأمة كما قال عليه الصلاة والسلام وهو أبو ذر قال يا رسول الله ألا تستعملني؟ قال: ﷺ"يا أبا ذر إني أحب لك ما أحب لنفسي، إنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، وإنك رجل ضعيف"، أي لا تستطيع أن تتحمل هذه الأمانة، وهذا المنصب، وهذه المسؤولية؛ لأنه فتنة أن ترى أموالاً بجوارك وتستطيع أن توقع شيكًا لفلان بكذا، ولعلان بكذا، وأن تأخذ الأرض الفلانية، والفلانية، وأن تعمل وتبطش وتأخذ وتنهب وتأكل وتسرق وتنصب وتقل وتضرب وتشتم وتقتل ثم لا تفعل، إنها فتنة وأيما فتنة.
ـ فالمناصب كلها والوظائف بعمومها أمانة في رقاب المسؤولين هي أمانة عند من ولاه الله على القوم حتى ولو كان يتولى على أسرة، حتى ولو كان يتولى على فرد، حتى ولو كان يتولى على مدرسة، أو جامعة، أو على حتى أدنى ما يمكن أن يتصور كبقالة بسيطة فإنها أمانه، وإن حديث رسول الله يشمله قطعا: "من ولي من أمر أمتي شيئًا فشق عليهم فاشقق عليه"، وليس فقط هكذا بل قاله صلى الله عليه وسلم دعاء: "اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فشق عليهم فاشقق عليه"، وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.org/
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ المكلا/20/ محرم/1446هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
ـ فإن الله تبارك وتعالى لما خلق هذه الأرض جعل فيها ما يمونها، وما يكفي البشر فيها، وما يأكلون ويشربون ويتنعمون به إلى قيام الساعة؛ لأنه تبارك وتعالى أحكم الحاكمين ،وهو خير العادلين، والذي حرم الظلم على نفسه وجعله بين عباده محرما، فحاشاه جل وعلا أن يترك عبده هملاً، ويضيع ذلك العبد في التعاسة والشقاء ولا يجد له قوتا، إلا إن كان ذلك العبد لم يبذل سببًا، وإلا فإن في هذه الأرض الخيرات عظيمة، والأقوات المباركة، والنعم الكثيرة، والأرزاق الوفيرة.
ـ قال الله في كتابه الكريم عند خلقه الأرض ﴿قُل أَئِنَّكُم لَتَكفُرونَ بِالَّذي خَلَقَ الأَرضَ في يَومَينِ وَتَجعَلونَ لَهُ أَندادًا ذلِكَ رَبُّ العالَمينَ وَجَعَلَ فيها رَواسِيَ مِن فَوقِها وَبارَكَ فيها وَقَدَّرَ فيها أَقواتَها في أَربَعَةِ أَيّامٍ سَواءً لِلسّائِلينَ﴾، وتأمل معي الآية، ورددها مرة ثانية وثالثة: ﴿وَجَعَلَ فيها رَواسِيَ مِن فَوقِها وَبارَكَ فيها وَقَدَّرَ فيها أَقواتَها في أَربَعَةِ أَيّامٍ سَواءً لِلسّائِلينَ﴾، فلم يكتف الله ﷻ بالتقدير بل زاد وضع البركة فيما قدره فيها: ﴿وَبارَكَ فيها وَقَدَّرَ فيها أَقواتَها﴾، والتقدير هنا أي أنه جل وعلا قد وضع فيها ما يكفي الناس عامة إلى قيام الساعة لو أحسن استغلاله، فقدر لهم عز وجل ما يكفيهم، هكذا قال الله منذ أن خلق السماوات والأرض، فقد طمأننا عز وجل بذلك…
ـ وفوق ذلك فلقد أقسم لنا جل وعلا بضمان رزقنا: ﴿فَوَرَبِّ السَّماءِ وَالأَرضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثلَ ما أَنَّكُم تَنطِقونَ﴾ وهذا القسم جاء بعد قوله تعالى ﴿وَفِي السَّماءِ رِزقُكُم وَما توعَدونَ﴾، إذن فالله عز وجل عندما خلق هذه الأرض جعل للناس ما يكفيهم، ثم ترك الناس أحرارا بعد ذلك من يتخذ سببًا ليعيش هامشيًا في الحياة، ومن يتخذ سببًا أدنى ليعيش فقيرًا في هذه الدنيا، ومن يتخذ سببًا ويتمارض في هذه الدنيا فيعيش تعيسًا تحت خط الفقر الدائم الذي يجوع فيه أكثر مما يشبع، أو أن يتخذ أسبابا للقوة ولاستخراج لما في هذه الأرض من أقوات وبالتالي ينهض، ويقوى، ويكون غنيًا، ثريًا في هذه الأرض.
ـ وإن امتنا العربية والإسلامية فيها من الخيرات العظيمة، وأودع الله فيها من البركات الكثيرة، وجعل فيها مستودع الأرض عامة، بل إن أكثر من 70% من خيرات الأرض هي من البلاد العربية تحديداً ولكنهم قوم يجهلون، وبها يتلاعبون، وبها يفسدون، وبخيراتها يعبثون، ولأعدائها يمونون، وإلا فأرضها، وسماؤها، وبرها، وبحرها، وكل شيء فيها هو رزق جعله الله تبارك وتعالى لأهلها، فإن استغلوه وأحسنوا فيه اغتنوا وكانوا في قمة أهل الدنيا، وتحكموا في اقتصادها، وسياساتها، وإن تركوا ذلك أصبحوا كما نحن الآن في فقر دائم لا يعلمه إلا الله، بل إن العالم يشهد أننا من البلدان النائية، ونصنف منذ سنين طويلة على هذه التصنيفات المجحفة، وبلدان نائية أي أنها فقيرة، أي أنها في ذيل الأمم تعاسة وفقرا، مع أن فيها ما فيها، مع أن الله أودع فيها ما أودع، وبارك فيها أكثر مما بارك لغيرها…
ـ بل إن الغرب لم ينهض ولن ينهض إلا منا وفينا، ومن امتصاص لثرواتنا، ولا يمكن أن ينهض إلا على أجداثنا، ومن خيراتنا، وبركات أرضنا، وخام بلادنا، ومنتوجاتنا، هذا هو ما توارد عليه ساساتهم، وتعاهد عليه قادتهم، وأننا عبارة عن بقرة حلوب لهم، تنتج لكن إليهم، وتعطي ولا تأخذ، وهكذا يفعلون ويدبرون إنها سياسة جديدة هي سياسة التجهيل وسياسة الاستعمار بالوكالة، وسياسة الاستعمار بالتوكيل بأن يتركوا وكلاء لهم، مستعمربن لأرضهم، ينهبون ما فيها لصالح غيرهم، أو يهمشونها، لكن نهبهم إما بشيء يسير جدا لمصالحهم، ولجيوبهم، وبطونهم، ولأبنائهم وذويهم، أو أن يوردوه للغرب، وأن يتركوا أبناء الشعب في فقر دائم وسنوات طويلة من العناء دون أن يأتي الرخاء والسب هو السبب الذي نعلمه…
ـ السبب هو الفساد الذي يعشعش فينا بكل مصطلحاته، ومسمياته، وأنواعه وتفاصيله، هو الفساد الذي تغلغل في كل شيء فينا، ويقبع تحت كل وظيفة تقريبًا، الفساد الذي يجعل هذا المجتمع فقيراً معدمًا، مريضًا، هامشيًا، متناحراً، جائعًا… قل ما شئت من العناء، والفقر، والقهر، والحرمان، بل إنه ليحول المجتمعات إلى غابات مفترسة، متوحشة تأكل بعضها بعضا، الغني يبطش بالفقير فيهم، والقوي يبطش بالضعيف، وصاحب الجاه والسلطة يأخذ ما تحت يده، رهكذا هو الفساد المركب، والفساد المسيس، والفساد المفتعل الذي يراد للأمة العربية والإسلامية كي لا تنهض، وليس في بلادنا وفقط مع أن البلاد التي نحن فيها ونعيش على ترابها تكفي ليست الدول العربية وحدها بل وغيرها لو وجدت استغلالًا، وصلاحًا، وحاكمًا رشيدًا أمينًا…
ـ إذا كان في زمن معاذ رضي الله عنه قد اغتنى الناس وفي زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ما بعده من الخلفاء، تخيلوا أن معاذ بن جبل يبعث زكاته إلى المدينة ويقول له عمر إني لم أبعثك جابيًا لتعطيني الأموال، ولكن لتأخذها منهم من أغنيائهم وتردها فيهم لفقرائهم كما هي وصية رسول الله لك: "واعلم أن عليهم صدقات تؤخذ من أغنيائهم، وترد في فقرائهم"، فقال معاذ: "ما أرسلت لك إلا لأني لم أجد فقيراً يأخذها"، أي صار البلد غنيًا، والناس كلهم لا تصح فيهم الزكا، وليسوا من مصارفها، فالبلد يصدر ولا يستورد، يحتاج الناس إليه ولا يحتاج لأحد من البشر، بلد غني فيه ما فيه من بركات ومن مقدرات ومن خيرات قل ما شئت.
ـ وفي زمن معاذ لا تكنولوجيا، ولا نفط، ولا حديد، ولا ألمنيوم، ولا ذهب، ولا ألماس، ولا فضة، ولا بر ولا بحر يستغل باستغلال هذا العصر الحديث، ووسائله المتطورة، وٱلاته والعجيبة، لكنه وجد قومًا صالحين أصلحوه فصلح، ونحن وجدنا قومًا فاسدين أفسدوه ففسد رغمًا عنه مع أنه قابل للصلاح، وللاستصلاح، لكنهم هكذا يريدون للبلد سواء بإرادة داخلية أو بارادة خارجية قريبة كانت أو بعيدة فهذا الذي يراد أن يبقى هذا البلد وليس البلد هذا وفقط بل عموم البلدان العربية و الإسلامية بشكل عام وإن كانت تختلف هذه القاعدة من بلد لآخر بقدر ما فيه من الفساد والإفساد في الأرض…
ـ هذا البلد المحروم الذي نعيش عليه لو نظرتم إلى أوروبا، وإلى الغرب، وإلى كل الذين هم دائمًا على قائمة الصدارة في الاقتصاد، وفي السياسة، وفي الإدارة، وفي التجارة، وفي التطور، وفي الرقي، وفي الحضارة… وفي التكنولوجيا، وفي أي شيء كان، ونظرتم إلى البلدان حتى في أثرى البلدان العربية الموجودة اليوم كبلد الخليج مثلاً لو جدتهم لا يساونهم فيما تقدموا ووصلوا إليه، فأين نحن ومعنا ما معنا وتحت أقدامنا وفوق رؤوسنا وأمامنا وخلفنا وعن يميننا وعن يسارنا الخيرات، والنعم، والبركات، وما استودع الله في أرضنا من أرزاق يكفينا وغيرنا معنا، لكن هناك التجهيل لها وإن وجد شيء من أستغلال فكما تحدثت سابقًا إلى جيوب المفسدين، إلى جيوب الناهبين، إلى جيوب من تولوا سلطات المسلمين، وكم نطلع على هذا الفساد والعشوائية والفوضى التي تحدث في بلد وآخر، وفي مكان وآخر، وفي إدارة وفي وزارة ووزارات، ولا شك أنكم تطلعون واطلعتم على الأخبار بنهب بين فترة وفترة لمليارات الدولارات فضلاً عن تريليونات أموال نقدية اليمنية هنا وهناك؟ ولا تدري إلى أين تذهب، لكنها تختلف وتنهب هدراً والناس على ما هم عليه من فقر ومن جوع ومن هلاك ومن ضياع ومن حسرة، وقل ما شئت، فما الذي يحل بنا، وما الذي ننتظره إذا كنا كذلك على ما نحن عليه نعيش، إن الحديث طويل وذو شجون ويحتاج منا إلى مراجعة لأنفسنا وإلى نهي حقيقي لمن نراه مقدراتنا.
ـ نبينا عليه الصلاة والسلام لو نظرنا إليه كيف يقول حفاظًا على المال العام: "من كتمنا مخيطًا فما فوقه جاء به يوم القيامة غلولا"،﴿وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ وَمَن يَغلُل يَأتِ بِما غَلَّ يَومَ القِيامَةِ ثُمَّ تُوَفّى كُلُّ نَفسٍ ما كَسَبَت وَهُم لا يُظلَمونَ﴾، بل إن الرجل الذي هو خادم لرسول الله، كما في الحديث في البخاري ومسلم والأول كذلك أخذ كساء (شملة) لا يساوي شيئًا بميزان دنيانا هذه ربما بدولار أو فما دونه لا يساوي شيئا كثيراً فلما غلها وهو خادم لرسول الله، ومجاهد مع حبيب الله، وقد خرج من أرض المعركة فجاءه سهم طائش فقتله فقال الصحابة هنيئًا له إلى الجنة فقال رسول الله: " كلا والذي نفسي بيده إن الشملة التي غلها من المغانم قبل قسمتها لتشتعل عليه نارا،، نعم لتشتعل عليه نارا، وهي شملة، وهو كساء يسير بسيط، لا يؤبه به، فماذا عن ملايين المقدرات؟، وماذا عن الخيرات، وماذا عن العبث والفوضى هذا الذي نراه في الأموال وفي الخيرات، إنها شملة فقط أدخلته النار، ولهذا جاء رجل بشراك أو بشراكين بنعل يعني فقال يا رسول الله هذه أخذتها من كذا وكذا فقال النبي "شراك من نار أو شراكان من نار"، أي لولم تأت به لكان كذلك وفي البخاري: "إن رجالاً يتخوضون في مال لله"، يعني في بيت مال المسلمين، في مال الله، وإذا نصب نار الله إلى الله، فالمراد به الحق العام في القرآن وفي السنة، "إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة"، هكذا قال عليه الصلاة والسلام "فلهم النار يوم القيامة"؛ لأنهم يصرفونه في غير مستحقه، ويأخذونه بغير حقه، هكذا في عبث وفوضى لا حق لهم في أخذه ولا يعطونه لمن يستحقه إنما هو لهم ولمقربيهم يتآمرون على ملايين الشعب بالجوع والفقر والحرمان، ثم يشبعون عشرات منهم داخل الأسرة الواحدة ويكفي هم حتى إن أحدهم لو مرض مرضا طفيفا فعلاجه في دولة كذا، ودراسته بملايين الدولارات في جامعة كذا في أمريكا أو أوروبا، وزواجه يكلف كذا، ومعه قصور في كل دولة، وأرصدة، وحسابات هنا وهناك…، وحسبنا الله ونعم الوكيل…
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…، وبعد:
ـ إننا لو نظرنا إلى ديننا لوجدنا على أن الإسلام قد منع الأغنياء الذين يأخذون المال بحقه، ومن حلال زلال، ومن عرق جبينهم، ومن حق الخالص لهم دون مرية فيه، ولا شيء من حرام اكتسبوه لكن منعهم أن يكتنزوا المال وحدهم، وأن يتركوا الفقراء في فقرهم، وهم أغنياء يأكلون من حقهم، ومن عرق جبينهم، والليل والنهار وهم يعملون حقًا، لكن منعهم الإسلام من أن يستأثروا بالمال وحدهم… فقال الله {كَي لا يَكونَ دولَةً بَينَ الأَغنِياءِ}، كي لا يتداول المال بين الأغنياء وفقط، بل يجب أن يعطى الفقراء بمسمى الزكاة، بمسمى الصدقات، بمسمى الهبات، بمسمى الهدايا، بمسميات متعددة في الشرع، الأهم أن يطهر نفسه من المال…
- وإذا كان عليه الصلاة والسلام قد قال لأعظم الصحابة عبادة وتزكية وورعًا بل هو أصدق الأمة كما قال عليه الصلاة والسلام وهو أبو ذر قال يا رسول الله ألا تستعملني؟ قال: ﷺ"يا أبا ذر إني أحب لك ما أحب لنفسي، إنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، وإنك رجل ضعيف"، أي لا تستطيع أن تتحمل هذه الأمانة، وهذا المنصب، وهذه المسؤولية؛ لأنه فتنة أن ترى أموالاً بجوارك وتستطيع أن توقع شيكًا لفلان بكذا، ولعلان بكذا، وأن تأخذ الأرض الفلانية، والفلانية، وأن تعمل وتبطش وتأخذ وتنهب وتأكل وتسرق وتنصب وتقل وتضرب وتشتم وتقتل ثم لا تفعل، إنها فتنة وأيما فتنة.
ـ فالمناصب كلها والوظائف بعمومها أمانة في رقاب المسؤولين هي أمانة عند من ولاه الله على القوم حتى ولو كان يتولى على أسرة، حتى ولو كان يتولى على فرد، حتى ولو كان يتولى على مدرسة، أو جامعة، أو على حتى أدنى ما يمكن أن يتصور كبقالة بسيطة فإنها أمانه، وإن حديث رسول الله يشمله قطعا: "من ولي من أمر أمتي شيئًا فشق عليهم فاشقق عليه"، وليس فقط هكذا بل قاله صلى الله عليه وسلم دعاء: "اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فشق عليهم فاشقق عليه"، وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.org/
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A ...المزيد
*هلاك.فرعون.اللئيم.عظة.وعبرة.للمعتبرين.cc* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد ...
*هلاك.فرعون.اللئيم.عظة.وعبرة.للمعتبرين.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/YAJrdzGcsTE?si=cwA7b5vTu6O1GJ8W
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ المكلا/14/ محرم/1445هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
ـ فإن الله تبارك وتعالى قد جعل ما في هذه الدنيا عبرة للمتعظين، وعظة للمعتبرين، وتذكرة للمطيعين، ولأولي الألباب المخبتين، وللعقال النبيهيين، ولمن يفقه عن الله ويخافه، ويحذر ويرجو لقاء الله تعالى، أما أولئك الذين لا يفهمون الآيات، ولا يعونها، ولا يفقهون ما فيها، ولا يتدبرون ما وراء هذه الآية، ولا يتعظون بشيء في هذه الدنيا فيصدق عليهم قوله تعالى: ﴿وَما تُغنِي الآياتُ وَالنُّذُرُ عَن قَومٍ لا يُؤمِنونَ فَهَل يَنتَظِرونَ إِلّا مِثلَ أَيّامِ الَّذينَ خَلَوا مِن قَبلِهِم قُل فَانتَظِروا إِنّي مَعَكُم مِنَ المُنتَظِرينَ﴾…
- فالدنيا جعلها الله بكلها عظة وعبرة حتى إنه تبارك وتعالى بعد كل قصة أو قبل كل قصة أو في أثناء كل قصة في كتاب الله عز وجل ليذكر في سياقها على أن ما قصها إلا لأجل الاعتبار والاتعاظ. ﴿ وَكَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ {لقوم يفقهون} {لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}{وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ ۖ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} {إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الْأَبْصَارِ} {لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} هذه العظات التي تحدث في هذه الدنيا سواء من المشاهدة التي رآها المسلم، أو عايشها، أو سمع عنها، أو قرأها، أو حكيت له، أو أي شيء كان من هذا، إما يتعظ ويعتبر بها ويعتبرها زاجرة له وآية من آيات الله تتحدث إليه وتهزه هزًا وتعيده إلى الله عوداً حميدًا، أو أن تكون غير ذلك فيشقى شقاء سرمديًا…
- ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم قد شبّه من لا يفقه الآيات ولا يعتبر بها على أنه منافق وكالبعير قال عليه الصلاة والسلام: "إن المؤمن إذا أصابه السقم ثم أعفاه الله منه كان كفارة لما مضى من ذنوبه، وموعظة له فيما يستقبل، وإن المنافق إذا مرض ثم أعفي كان كالبعير عقله أهله ثم أرسلوه، فلم يدر لم عقلوه، ولم يدر لم أرسلوه"، نعم لا يدري فيما عقله أهله، وفيما أطلقوه، يأخذونه من مكان المرعى ليلًا، إلى مكان المأوى، ثم يردونه الصباح، وهكذا يعيش لا يدري لماذا ذلك، والمراد أنه لا يعقل الآيات ولا يتعظ بها ولا يعتبر إنما يأكل ويشرب ويصح في ويمرض ويفقر ويرى هذه المتداولة بين الناس، ثم لا يعتبر: ﴿يَتَمَتَّعونَ وَيَأكُلونَ كَما تَأكُلُ الأَنعامُ وَالنّارُ مَثوًى لَهُم﴾، ربما يشيع جنازة، وربما يباشر في غسلها، ربما يرى المريض وهو في آخر سكرات حياته، ويرى من كان غنيًا فقر، ومن كان حيًا فمات، ومن كان مريضًا لا يرجى له شفاء فبرئ، ولا يتعظ بذلك أبدا، فهذا قد يكون طبع الله تبارك وتعالى على قلبه فلم يفقه شيئا من آيات الله عز وجل: ﴿وَقَولِهِم قُلوبُنا غُلفٌ بَل طَبَعَ اللَّهُ عَلَيها بِكُفرِهِم فَلا يُؤمِنونَ إِلّا قَليلًا﴾، ﴿وَقالوا قُلوبُنا غُلفٌ بَل لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفرِهِم فَقَليلًا ما يُؤمِنونَ﴾ .
-فالآية والآيات يجب على الإنسان أن يعتبر بها، ويهتم لأمرها، وينتفع بما فيها، فالسعيد من وعظ بغيره، والشقي من انتظر حتى يكون هو عظة لغيره، ينتظر للصدمة وللكارثة وللألم وللمصيبة حتى تحل عليه هو لعدم وقايته منها بالاعتبار مما حدث لغيره بالنفس أسبابه التي وقعها.
ومشكلتنا أننا نعتبر بما في الدنيا لأجل الدنيا، لكن لا نعتبر بما في الدنيا لأجل الآخرة، فلربما ترى تاجراً مثلاً لا يسلك سبيل كذا وكذا وكذا يقول قد جرب الناس، ويعرف على أن هذا وهذا تؤدي به إلى المهاوي وإلى الخسارة وبالتالي يتجنب ذلك لخلفيات سابقة، ولتجارب عديدة عنده، بينما في أمور الآخرة لا يهتم، ولا يعتذر ولا يبالي ولا شيء من ذلك أبدًا للأسف كما هو واقع كثير من البطالين.
- وإن من العظات والعبر والقصص التي حكاها ربنا تبارك وتعالى في محكم تنزيله، وقد كانت هي أعظم عبرة لعوام الناس، ولخواص الناس، أيضاً لكبارهم ولصغارهم، لذكرهم وأنثاهم، لمن كان أغنى الأغنياء ومن كان أفقر الفقراء، ومن كان صاحب سلطة ومن كان لا شيء، إنها قصة فرعون، وهلاكه على يد جندي من جنود الله عز وجل أرسله عليه وهو لا يحتسب ولا يظن ولم يكن أبدا في مخيلته ولا ربما في مخيلة موسى عليه السلام أن يكون البحر ذلك هو الذي سيغرقه وجنوده، ويبتلعه ويهلكه، وفوق يلك يبقى للعالمين عبرة وإلى قيام الساعة.
ـ إنه فرعون الذي طغى وتكبر وتجبر وكفر وأرعد وأبرق واستهزأ وفعل الأفاعيل، حتى إنه أتى بما لم يأت أحد قبله بجرمه أبدا ولم يقل مثل مقالته أحد مطلقا وأيضًا فإنه ملك ما لا يملكه الناس أبدا في تلك الفترة ولو قلنا حتى الآن من الملك والسؤدد، ومن المنزلة والعظمة، ومن التفاخر والتكبر، ومن التجبر والغطرسة ومن هذا بكله حتى قال; {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ} بل قال{مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرِي} ليس ربكم الأعلى وهناك أرباب أقل نمني بل {مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرِي}، بهذا يقول، وبهذه المصيبة والطامة والجهل الصريح بخالق كل شيء يتحدث وينطق به لكن ماذا كان وإلى ماذا صار، أين فرعون؟ أين جنوده؟ أين ملكه، أين طغيانه، أين تكبره، أين أملاكه، أين أمواله، أين هذا بكله، لم ينفع معه، ولن ينفعه أحد أبدًا، ولم يغن عنه أولئك ولا ما جمع وأعد… وسقطت كل الرتب… وانتهى ذلك الملك والحسب، وبقي لقيام الساعة عجب العجب.
ـ فالطغيان زائل، والكبر والغطرسة زائل ذلك كله أمام قوة الله تبارك وتعالى حده، كل شيء ليس بشيء ما دام وأن الله عز وجل أراد أن يدرك ذلك الشيء وهو فرعون بأبسط وأقل جندي يرسله فضلا عن البحر بكله، وفوق هذا سعى لهلاكه ولدماره ولزواله بقدميه، ويعد كل جنوده من أجل أن يصلوا إلى نهايتهم، إنه فرعون فلا قوة فوق قوة الله، لا صواريخ، ولا دبابات، ولا معارك، ولا سياسات، ولا اقتصادات، ولا أي شيء أبدا مهما جمعوا وتجمعوا فإن قوة الله غالبة ما دام وإنه فوق حاكمها فإنه لا يضر أحد من الناس إلا بإذنه {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} وهكذا الحياة{وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ}هذه هي الدنيا بما فيها. هذا مختصرها {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} فيتعظ من يتعظ. ويعتبر من يعتبر …
- إن موسى عليه السلام ذلك الضعيف الذي لا يملك سوى عصاه ولا يملك حتى من آمن معه بل بالعكس هؤلاء كانوا من المخذلين بل أشد المخذلين {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} هكذا قالوا { إِنَّا لَمُدْرَكُونَ }قال موسى بلسان الواثق بربه: ﴿قالَ كَلّا إِنَّ مَعِيَ رَبّي سَيَهدينِ﴾، وهذا درس آخر يعلمنا من الأمل والثقة بالله الشيء الكثير فما دام وأن المؤمن واثق بربه فإن الله سينزل نصره ويكون حليفه ويكون معه ولن يتركه ﴿ حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ ...﴾ عند الضعف وعند المسكنة وعندما تخرج تلك القوة منا والإرادة وأي شيء كان من أسبابنا تأتي إرادة السماء وتأتي إرادة الله وتدخل الله في خلقه فيكون ما يعجب الناس له جميعا فا أين المتعظ؟ وأين المعتبر؟ وأين الواثق بربه؟ الذي تخلى عن أسبابه وعن أشيائه لأنه عجز عنها وقد بذلها، وقد فعل لكنه لم يستطع في الأخير فكانت إرادة الله فوق كل إرادة، وحتى وإن ملكها يجب عليه أن يتمثل دائمًا على أن كل سبب منه ليس بشيء ما دام وأن الله أراد غير ذلك ، أو أراد بذلك السبب أن يكون هو حدث ذلك الإنسان هو نهايته ذلك الإنسان هو السبب المؤدي إلى زواله وإلى هلاكه..
- ألا فالظلم مهما كان ومهما بلغ زائل زائل، وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام في البخاري ومسلم: "إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته"، {وَكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ...}حتى يمتلئ كأسه ثم تكون نهايته، هكذا هو عهد الله في الظالمين يوم فيوم وظلم فظلم ومهلكا منه فبهلكه وسبب وآخر كل هذا يعجل بزواله مهما بلغ ثم يكون الضعف منه…
- من كان يتخيل على أن فرعون الذي قال{أنا ربكم الاعلى} و{مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرِي}و {يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي ..﴾و ﴿ أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَٰذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ﴾، و {ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا..} وقل ما شئت من آيات الله في قصة فرعون، لكن يستسلم لربه، ويستذل، ويخضع، ويعلن ضعفه، وعجزه ويقول {آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأنَا مِن المُسْلِمِين﴾…
ـ ألا فإنه لا بد من عودة إلى الله، لا بد من الرجوع إلى الله، فإما رجوع مخبت مذنب عائد لم يتلطخ بشيء من طغيان وجبروت فيقبله الله، أو على عكس ذلك فتكون النهاية، وانطروا لفرعون وحاله وعودته وضعفه واستسلامه لكن لم يتقبله الله منه: ﴿آلْآنَ وقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وكُنْتَ مِنَ المُفْسِدِينَ﴾ ﴿فاليَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَن خَلْفَكَ آيَةً...} إنه آية وأعظم آية، وإهانة وأعظم إهانة، ألا فلنعتبر بآياته، ونتعظ بمواعظه؛ فإنها خير ما يتعظ به..
أقول قولي هذا وأستغفر الله.
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:
ـ فالنبي عليه الصلاة والسلام لما قدما إلى المدينة فوجد اليهود صيامًا، وسألهم عن سبب صومهم فأخبروه على أنه يوم عاشوراء الذي تحدثنا عن عبرته الكبرى في فرعون إنه يوم أنجى الله موسى وقومه، وأهلك فرعون وجنوده، فنحن نصومه شكرًا لله، فقال نبينا صلى الله عليه وسلم تلك المقالة الكبيرة والقاعدة العظيمة في شرعنا "نحن أحق بموسى منكم"، هذه الأمة هي امتداد للأنبياء وللمرسلين، هذه الأمة هي من الأنبياء وإلى الأنبياء تنتسب وتقتدي وتحب وتوالي وهي أحق بكل نبي من أي أحد: ﴿إِنَّ أَولَى النّاسِ بِإِبراهيمَ لَلَّذينَ اتَّبَعوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذينَ آمَنوا وَاللَّهُ وَلِيُّ المُؤمِنينَ﴾ .
ـ هذه الأمة هي وارثة للنبيين وللمرسلين، هذه الأمة هي أحق الناس بالتتويج، هذه الأمة هي خير أمة أخرجت للناس لأنها امتداد لأولئك، إنها تحب جميع الأنبياء والمرسلين، ولا تميز أحدًا عن أحد في الأصل، ولا أيضًا تبالغ في أحد، هذه الأمة هي خير الأمم، وهي أوسط الأمم، وهي شهيدة على الأمم كلها، فلا يهود ولا نصارى، ولا أرض مقدسة يملكونها التي يدعون على إنها لموسى وأمره الله بدخولها، لقد فرطتم وضيعتم، ولم تكونوا من موسى في شيء: {إِنَّ أَوْلَى ٱلنَّاسِ بِإِبْرَٰهِيمَ لَلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ} فمن أتبعه فهو منه وإليه، ومن كفر به فليس منه أبدا…
وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.org/
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/YAJrdzGcsTE?si=cwA7b5vTu6O1GJ8W
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ المكلا/14/ محرم/1445هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
ـ فإن الله تبارك وتعالى قد جعل ما في هذه الدنيا عبرة للمتعظين، وعظة للمعتبرين، وتذكرة للمطيعين، ولأولي الألباب المخبتين، وللعقال النبيهيين، ولمن يفقه عن الله ويخافه، ويحذر ويرجو لقاء الله تعالى، أما أولئك الذين لا يفهمون الآيات، ولا يعونها، ولا يفقهون ما فيها، ولا يتدبرون ما وراء هذه الآية، ولا يتعظون بشيء في هذه الدنيا فيصدق عليهم قوله تعالى: ﴿وَما تُغنِي الآياتُ وَالنُّذُرُ عَن قَومٍ لا يُؤمِنونَ فَهَل يَنتَظِرونَ إِلّا مِثلَ أَيّامِ الَّذينَ خَلَوا مِن قَبلِهِم قُل فَانتَظِروا إِنّي مَعَكُم مِنَ المُنتَظِرينَ﴾…
- فالدنيا جعلها الله بكلها عظة وعبرة حتى إنه تبارك وتعالى بعد كل قصة أو قبل كل قصة أو في أثناء كل قصة في كتاب الله عز وجل ليذكر في سياقها على أن ما قصها إلا لأجل الاعتبار والاتعاظ. ﴿ وَكَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ {لقوم يفقهون} {لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}{وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ ۖ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} {إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الْأَبْصَارِ} {لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} هذه العظات التي تحدث في هذه الدنيا سواء من المشاهدة التي رآها المسلم، أو عايشها، أو سمع عنها، أو قرأها، أو حكيت له، أو أي شيء كان من هذا، إما يتعظ ويعتبر بها ويعتبرها زاجرة له وآية من آيات الله تتحدث إليه وتهزه هزًا وتعيده إلى الله عوداً حميدًا، أو أن تكون غير ذلك فيشقى شقاء سرمديًا…
- ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم قد شبّه من لا يفقه الآيات ولا يعتبر بها على أنه منافق وكالبعير قال عليه الصلاة والسلام: "إن المؤمن إذا أصابه السقم ثم أعفاه الله منه كان كفارة لما مضى من ذنوبه، وموعظة له فيما يستقبل، وإن المنافق إذا مرض ثم أعفي كان كالبعير عقله أهله ثم أرسلوه، فلم يدر لم عقلوه، ولم يدر لم أرسلوه"، نعم لا يدري فيما عقله أهله، وفيما أطلقوه، يأخذونه من مكان المرعى ليلًا، إلى مكان المأوى، ثم يردونه الصباح، وهكذا يعيش لا يدري لماذا ذلك، والمراد أنه لا يعقل الآيات ولا يتعظ بها ولا يعتبر إنما يأكل ويشرب ويصح في ويمرض ويفقر ويرى هذه المتداولة بين الناس، ثم لا يعتبر: ﴿يَتَمَتَّعونَ وَيَأكُلونَ كَما تَأكُلُ الأَنعامُ وَالنّارُ مَثوًى لَهُم﴾، ربما يشيع جنازة، وربما يباشر في غسلها، ربما يرى المريض وهو في آخر سكرات حياته، ويرى من كان غنيًا فقر، ومن كان حيًا فمات، ومن كان مريضًا لا يرجى له شفاء فبرئ، ولا يتعظ بذلك أبدا، فهذا قد يكون طبع الله تبارك وتعالى على قلبه فلم يفقه شيئا من آيات الله عز وجل: ﴿وَقَولِهِم قُلوبُنا غُلفٌ بَل طَبَعَ اللَّهُ عَلَيها بِكُفرِهِم فَلا يُؤمِنونَ إِلّا قَليلًا﴾، ﴿وَقالوا قُلوبُنا غُلفٌ بَل لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفرِهِم فَقَليلًا ما يُؤمِنونَ﴾ .
-فالآية والآيات يجب على الإنسان أن يعتبر بها، ويهتم لأمرها، وينتفع بما فيها، فالسعيد من وعظ بغيره، والشقي من انتظر حتى يكون هو عظة لغيره، ينتظر للصدمة وللكارثة وللألم وللمصيبة حتى تحل عليه هو لعدم وقايته منها بالاعتبار مما حدث لغيره بالنفس أسبابه التي وقعها.
ومشكلتنا أننا نعتبر بما في الدنيا لأجل الدنيا، لكن لا نعتبر بما في الدنيا لأجل الآخرة، فلربما ترى تاجراً مثلاً لا يسلك سبيل كذا وكذا وكذا يقول قد جرب الناس، ويعرف على أن هذا وهذا تؤدي به إلى المهاوي وإلى الخسارة وبالتالي يتجنب ذلك لخلفيات سابقة، ولتجارب عديدة عنده، بينما في أمور الآخرة لا يهتم، ولا يعتذر ولا يبالي ولا شيء من ذلك أبدًا للأسف كما هو واقع كثير من البطالين.
- وإن من العظات والعبر والقصص التي حكاها ربنا تبارك وتعالى في محكم تنزيله، وقد كانت هي أعظم عبرة لعوام الناس، ولخواص الناس، أيضاً لكبارهم ولصغارهم، لذكرهم وأنثاهم، لمن كان أغنى الأغنياء ومن كان أفقر الفقراء، ومن كان صاحب سلطة ومن كان لا شيء، إنها قصة فرعون، وهلاكه على يد جندي من جنود الله عز وجل أرسله عليه وهو لا يحتسب ولا يظن ولم يكن أبدا في مخيلته ولا ربما في مخيلة موسى عليه السلام أن يكون البحر ذلك هو الذي سيغرقه وجنوده، ويبتلعه ويهلكه، وفوق يلك يبقى للعالمين عبرة وإلى قيام الساعة.
ـ إنه فرعون الذي طغى وتكبر وتجبر وكفر وأرعد وأبرق واستهزأ وفعل الأفاعيل، حتى إنه أتى بما لم يأت أحد قبله بجرمه أبدا ولم يقل مثل مقالته أحد مطلقا وأيضًا فإنه ملك ما لا يملكه الناس أبدا في تلك الفترة ولو قلنا حتى الآن من الملك والسؤدد، ومن المنزلة والعظمة، ومن التفاخر والتكبر، ومن التجبر والغطرسة ومن هذا بكله حتى قال; {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ} بل قال{مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرِي} ليس ربكم الأعلى وهناك أرباب أقل نمني بل {مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرِي}، بهذا يقول، وبهذه المصيبة والطامة والجهل الصريح بخالق كل شيء يتحدث وينطق به لكن ماذا كان وإلى ماذا صار، أين فرعون؟ أين جنوده؟ أين ملكه، أين طغيانه، أين تكبره، أين أملاكه، أين أمواله، أين هذا بكله، لم ينفع معه، ولن ينفعه أحد أبدًا، ولم يغن عنه أولئك ولا ما جمع وأعد… وسقطت كل الرتب… وانتهى ذلك الملك والحسب، وبقي لقيام الساعة عجب العجب.
ـ فالطغيان زائل، والكبر والغطرسة زائل ذلك كله أمام قوة الله تبارك وتعالى حده، كل شيء ليس بشيء ما دام وأن الله عز وجل أراد أن يدرك ذلك الشيء وهو فرعون بأبسط وأقل جندي يرسله فضلا عن البحر بكله، وفوق هذا سعى لهلاكه ولدماره ولزواله بقدميه، ويعد كل جنوده من أجل أن يصلوا إلى نهايتهم، إنه فرعون فلا قوة فوق قوة الله، لا صواريخ، ولا دبابات، ولا معارك، ولا سياسات، ولا اقتصادات، ولا أي شيء أبدا مهما جمعوا وتجمعوا فإن قوة الله غالبة ما دام وإنه فوق حاكمها فإنه لا يضر أحد من الناس إلا بإذنه {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} وهكذا الحياة{وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ}هذه هي الدنيا بما فيها. هذا مختصرها {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} فيتعظ من يتعظ. ويعتبر من يعتبر …
- إن موسى عليه السلام ذلك الضعيف الذي لا يملك سوى عصاه ولا يملك حتى من آمن معه بل بالعكس هؤلاء كانوا من المخذلين بل أشد المخذلين {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} هكذا قالوا { إِنَّا لَمُدْرَكُونَ }قال موسى بلسان الواثق بربه: ﴿قالَ كَلّا إِنَّ مَعِيَ رَبّي سَيَهدينِ﴾، وهذا درس آخر يعلمنا من الأمل والثقة بالله الشيء الكثير فما دام وأن المؤمن واثق بربه فإن الله سينزل نصره ويكون حليفه ويكون معه ولن يتركه ﴿ حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ ...﴾ عند الضعف وعند المسكنة وعندما تخرج تلك القوة منا والإرادة وأي شيء كان من أسبابنا تأتي إرادة السماء وتأتي إرادة الله وتدخل الله في خلقه فيكون ما يعجب الناس له جميعا فا أين المتعظ؟ وأين المعتبر؟ وأين الواثق بربه؟ الذي تخلى عن أسبابه وعن أشيائه لأنه عجز عنها وقد بذلها، وقد فعل لكنه لم يستطع في الأخير فكانت إرادة الله فوق كل إرادة، وحتى وإن ملكها يجب عليه أن يتمثل دائمًا على أن كل سبب منه ليس بشيء ما دام وأن الله أراد غير ذلك ، أو أراد بذلك السبب أن يكون هو حدث ذلك الإنسان هو نهايته ذلك الإنسان هو السبب المؤدي إلى زواله وإلى هلاكه..
- ألا فالظلم مهما كان ومهما بلغ زائل زائل، وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام في البخاري ومسلم: "إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته"، {وَكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ...}حتى يمتلئ كأسه ثم تكون نهايته، هكذا هو عهد الله في الظالمين يوم فيوم وظلم فظلم ومهلكا منه فبهلكه وسبب وآخر كل هذا يعجل بزواله مهما بلغ ثم يكون الضعف منه…
- من كان يتخيل على أن فرعون الذي قال{أنا ربكم الاعلى} و{مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرِي}و {يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي ..﴾و ﴿ أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَٰذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ﴾، و {ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا..} وقل ما شئت من آيات الله في قصة فرعون، لكن يستسلم لربه، ويستذل، ويخضع، ويعلن ضعفه، وعجزه ويقول {آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأنَا مِن المُسْلِمِين﴾…
ـ ألا فإنه لا بد من عودة إلى الله، لا بد من الرجوع إلى الله، فإما رجوع مخبت مذنب عائد لم يتلطخ بشيء من طغيان وجبروت فيقبله الله، أو على عكس ذلك فتكون النهاية، وانطروا لفرعون وحاله وعودته وضعفه واستسلامه لكن لم يتقبله الله منه: ﴿آلْآنَ وقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وكُنْتَ مِنَ المُفْسِدِينَ﴾ ﴿فاليَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَن خَلْفَكَ آيَةً...} إنه آية وأعظم آية، وإهانة وأعظم إهانة، ألا فلنعتبر بآياته، ونتعظ بمواعظه؛ فإنها خير ما يتعظ به..
أقول قولي هذا وأستغفر الله.
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:
ـ فالنبي عليه الصلاة والسلام لما قدما إلى المدينة فوجد اليهود صيامًا، وسألهم عن سبب صومهم فأخبروه على أنه يوم عاشوراء الذي تحدثنا عن عبرته الكبرى في فرعون إنه يوم أنجى الله موسى وقومه، وأهلك فرعون وجنوده، فنحن نصومه شكرًا لله، فقال نبينا صلى الله عليه وسلم تلك المقالة الكبيرة والقاعدة العظيمة في شرعنا "نحن أحق بموسى منكم"، هذه الأمة هي امتداد للأنبياء وللمرسلين، هذه الأمة هي من الأنبياء وإلى الأنبياء تنتسب وتقتدي وتحب وتوالي وهي أحق بكل نبي من أي أحد: ﴿إِنَّ أَولَى النّاسِ بِإِبراهيمَ لَلَّذينَ اتَّبَعوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذينَ آمَنوا وَاللَّهُ وَلِيُّ المُؤمِنينَ﴾ .
ـ هذه الأمة هي وارثة للنبيين وللمرسلين، هذه الأمة هي أحق الناس بالتتويج، هذه الأمة هي خير أمة أخرجت للناس لأنها امتداد لأولئك، إنها تحب جميع الأنبياء والمرسلين، ولا تميز أحدًا عن أحد في الأصل، ولا أيضًا تبالغ في أحد، هذه الأمة هي خير الأمم، وهي أوسط الأمم، وهي شهيدة على الأمم كلها، فلا يهود ولا نصارى، ولا أرض مقدسة يملكونها التي يدعون على إنها لموسى وأمره الله بدخولها، لقد فرطتم وضيعتم، ولم تكونوا من موسى في شيء: {إِنَّ أَوْلَى ٱلنَّاسِ بِإِبْرَٰهِيمَ لَلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ} فمن أتبعه فهو منه وإليه، ومن كفر به فليس منه أبدا…
وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.org/
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A ...المزيد
*الأمل.من.أبرز.دروس.هجرة.خير.البشر.ﷺ.cc* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد ...
*الأمل.من.أبرز.دروس.هجرة.خير.البشر.ﷺ.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ المكلا/6/ محرم/1445هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
ـ فإن هذه الأمة قد أوجد الله تبارك وتعالى فيها البقاء وعوامل الثبات، وأسباب الدوام، فلا يمكن أن تنتهي، وأن تباد مهما حصل فيها من انتكاسات، ومهما وصلت إليه من مراحل وتعاسات، فإن هذه الأمة أمة حية باقية مهما أريد لها، هذه الأمة جعلها الله تبارك وتعالى خير أمة، وجعلها هي قائدة الأمم بنص كتاب الله تبارك وتعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ..} وكلمت "لِلنَّاسِ" تفيد عموم كل الناس، وفي كل حال، وفي كل مكان، وعلى كل زمان، فإن هذه الأمة تقود ولا تقاد، تنتصر ولا تهزم، تعلو ولا يعلو غيرها عليها، إن نامت استيقظت، وإن مرضت تعافت، وإن تناحرت اصطلحت، وإن انصدعت التأمت…
ـ فإن هذه الأمة دومًا هي المرفوعة لا المنكوسة، وإن حصلت فيها من اضطربات وانتكاسات وقتية، لكنها لا تدوم؛ لأنها تنام ولا تموت، جعل الله فيها عوامل البقاء وعوامل الدوام حتى يرث الله الأرض ومن عليها، فهذه الأمة أمة باقية، أمة حية، أمة يقظة، أمة فيها ما فيها مما أستودعه الله تبارك وتعالى فيها، وبارك حولها، وإن هذه الأمة قد مرت بصنوف من الويلات والعذاب والدمار والهلاك، وشبه الإبادة الكلية، والتهميش، والعناء، والأمراض، والأسقام، والألام، والنكبات، والفتن، والمحن، والبلاءات لكنها لم تزد هذه الأمة إلا ثباتًا ورسوخا.
ـ فمن كان يتوقع أن تقوم للأمة قائمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم وقد انهارت معنويات صحابته الكرام رضوان الله عليهم حتى لم يتذكروا آية في كتاب الله صريحة قد وجدت فيهم ونزلت على نبيهم منذ سنوات وتلوها مرات ومرات {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ}، ﴿وَما مُحَمَّدٌ إِلّا رَسولٌ قَد خَلَت مِن قَبلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن ماتَ أَو قُتِلَ انقَلَبتُم عَلى أَعقابِكُم وَمَن يَنقَلِب عَلى عَقِبَيهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيئًا وَسَيَجزِي اللَّهُ الشّاكِرينَ﴾، قال عمر رضي الله عنه لما تلاها الصديق: (وكأنها أنزلت اللحظة)، وهي فقط من شدة الصدمة، حتى كان يقول سيعود النبي صلى الله عليه وسلم كما عاد موسى عليه السلام بعد غيابه أربعين يومًا، وهدد بقتل من قال مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقل عن من عمي بصره، ومن لم يقم من مكانه، وحدث ما شئت من هول الصدمة، وحلول الكارثة…
- فإذا كان هذا هو حال صحابة النبي صلى الله عليه وسلم فماذا عن من بعدهم؟، بل كيف قامت للأمة قائمة بعد بعد أيام وأشهر معدودة في أيام الصديق رضي الله عنه الذي تولى الخلافة بعد رسول الله وارتد من ارتد من العرب حتى يقال مبالغة في كتب التاريخ على أنها لم تبق من المساجد تصلي إلا مسجد المدينة الذي هو النبوي، ومسجد مكة الذي هو الحرام، ومسجد في هجر في البحرين، والبقية لم يؤذن فيها بعد حديث الردة الذي ارتد العرب قاطبة، ولم يبق إلا قلة قليلة منهم، لكن قام الصديق رضي الله عنه فيهم بحروب الردة فعاد العرب الى دين الله قاطبة حتى كان هذا العصر، وهذا الزمان وحتى يرث الله الأرض ومن فيها…
- وهناك مواقف أخرى مماثلة لها إن لم تكن أعظم منها كموقف إبادة المسلمين في بغداد على يد التتار والمجوس الرافضة، وقل عن مواقف شتى وقل عن مئات الآلاف من الجيوش التي اجتمعت ضد جيش صغير للمسلمين كما في القادسية واليرموك ونهاوند مثلا أو في بلاط الشهداء التي اجتمعت أوروبا قاطبة وقبلها الفرس كلها في مواقف أخرى، أو قل أيضًا عن الروم بكلهم لكن هؤلاء ينهزمون أمام قلة قليلة من المسلمين الذين ثبتوا وعرفوا على أنه ما دام وأن الله موجود فإن الأمة موجودة، ما دام وأن الله باق فإن هذه الأمة حية يقظة لا يمكن أن تنهزم وإن حصل ما حصل، بل قل عن هزيمة المسلمين النكراء في بيت المقدس مرارًا لكن يعود للأمة العائد ويعود للأمة القائد سواء على يد المظفر مثلاً أو على يد محمود الشهيد ثم صلاح الدين الأيوبي وما تلاها بعد ذلك أو قبلها.
ـ فالأمة على هذا قامت، الأمة على هذا تعاهدت، الأمة رغم هذه البلاءات ثبتت، ومهما حصل فيها من ويلات ونكبات، وإذا كانت هذه البلاءات والحروب فقل عن بلاءات ومآسي الوباءات التي نزلت بالأمة كثيرًا، ويسقط فيها مئات الآلاف لكنها تحيا، وتنهض، وعلى كل بلاء تتغلب، وقل عن بلاء المجاعات، وقل عن بلاءات شتى مرت بالأمة لكنها تعلم علم يقين على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد مر بما هو أشد، وأعظم، وأنكى مما تمر به…
- لقد قال صلى الله عليه وسلم لنا، وعهد إلينا: "من أصيب بمصيبة فليتعز بمصيبته بي؛ فإنها أعظم المصائب"، إِذن فمصيبتنا بنبينا صلى الله عليه وسلم أعظم من كل مصيبة، وتهون فوقها ودونها كل مصيبة؛ لأن مصيبة المسلمين بنبيهم صلى الله عليه وسلم هي الأشد، فهو المدرسة التي نتلقى منها الدروس والعبر، وانظروا الى حديثه عليه الصلاة والسلام في حديث الهجرة رجل محاصر، رجل محكوم عليه بالإعدام حيًا أو ميتًا، رجل أعطيت فيه الكنوز، وأعطيت فيه الجوائز العظمى لمن يأتي به وبصاحبه حيًا أو ميتًا، وهو مطارد مشرد ليس له من الدنيا إلا رجل واحد بجواره ولا حتى لطعام يكفي ليوم ولا ليومين ولا في بيت ولا أسلحة ولا شيء من ذلك البتة ولا حتى ناقة أو أي شيء من الدنيا.
ـ رجل في غار محتمٍ فيه، مختبئ من عدو داهمه ووصل إليه بأقدامه إلى فوق رأسه حتى قال الصديق رضي الله عنه:(لو نظر أحدهم إلى تحت قدميه لرآنا)، فقال صلى الله عليه وسلم في كامل سكينة ووقار، وإيمان واطمئنان، وثقة راسخة بالجبار: "يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما: {إن الله معنا}"، نعم هكذا كان صلى الله عليه وسلم في كل حياته لا في درس الهجرة وفقط، ويذكرنا بقول نبي الله موسى عليه السلام: ﴿فَلَمّا تَراءَى الجَمعانِ قالَ أَصحابُ موسى إِنّا لَمُدرَكونَ قالَ كَلّا إِنَّ مَعِيَ رَبّي سَيَهدينِ﴾ فجاءه الفرج من فوره لثقته بربه: ﴿فَأَوحَينا إِلى موسى أَنِ اضرِب بِعَصاكَ البَحرَ فَانفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرقٍ كَالطَّودِ العَظيمِ وَأَزلَفنا ثَمَّ الآخَرينَ وَأَنجَينا موسى وَمَن مَعَهُ أَجمَعينَ ثُمَّ أَغرَقنَا الآخَرينَ﴾، وهكذا فلتكن مدرسة الأنبياء على رأسهم نبينا محمد عليه الصلاة والسلام في ثقة برب الأرض والسماء لا تزعزها قوة في الأرض أبدًا وهنا سيأتي النصر حتما، ويكون الفرج قريبًا جدًا، وفوق هذا ولدينه دومًا: ﴿إِلّا تَنصُروهُ فَقَد نَصَرَهُ اللَّهُ إِذ أَخرَجَهُ الَّذينَ كَفَروا ثانِيَ اثنَينِ إِذ هُما فِي الغارِ إِذ يَقولُ لِصاحِبِهِ لا تَحزَن إِنَّ اللَّهَ مَعَنا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكينَتَهُ عَلَيهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنودٍ لَم تَرَوها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذينَ كَفَرُوا السُّفلى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُليا وَاللَّهُ عَزيزٌ حَكيمٌ﴾، وتأمل معي في خاتمة الآية الكريمة كيف ضمن للأمة النصر والتمكين ولو بعد حين: {وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذينَ كَفَرُوا السُّفلى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُليا وَاللَّهُ عَزيزٌ حَكيمٌ﴾.
- ألا فلا حزن ولا قلق، ولا خوف ولا اضطراب ولا قلق، وهذا درس عظيم، ونبأ جليل يجب أن نأخذ به في حياتنا دومًا، إنه درس الثقة والأمل برب العزة جل جلاله، وخاصة في درس الهجرة، إنه أعظم درس منها وعبرة، نعم أملك بربك جل وعلا اقتداء بنبيك صلى الله عليه وسلم الذي اجتمع عليه أعداؤه، وأحاطوا به عن بكرة أبيهم، وقد أعطوا فيه أعظم جائزة، حتى أن سراقة بن مالك رآه وأدركه، وكاد يمسك به، ويظفر بالجائزة لكنه يدعو عليه الصلاة والسلام ويدعو ويغوص فرسه في الرمال ولا يستطيع الحراك ثم يقول عليه الصلاة والسلام لسراقة ويعطيه أعظم سؤدد وجائزة، وأكبر وأجل مفخرة، وقبل هذا وذاك أهم وأعظم وأكبر درس في الهجرة: "يا سراقة عمِّ عنا خبر القوم ولك سواري كسرى"، قال سراقة في دهشة وهو لا يصدق ما يسمع ويرى وما رآى أيضًا: كسرى بن هرمز قائد أعظم امبراطورية في وقته، قال صلى الله عليه وسلم: "نعم كسرى بن هرمز"، وما هي إلا سنوات قليلة في زمن الفاروق رضي الله عنه إلا ويحقق الله لنبيه صلى الله عليه وسلم أمله ووعده ويلبس سراقة سوارى كسرى..
- فياله من أمل، لا يعرف الاستسلام أبدًا أبدًا إنه نبينا صلى الله عليه وسلم الذي قال في أعظم طموح وأمل: "ليبلغن هذا الدين ما بلغ الليل والنهار بعز عزيز أو بذل ذليل حتى لا يبقى بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين"، أي سينتشر دين الله جل وعلا في المعمورة كلها، ولا يبقى بيت في الأرض إلا دخله هذا الدين، نعم إنه كذلك وما تحقق سواري كسرى يلبسه سراقة بن مالك الأعرابي إلا كنموذج واحد فقط من مئات النماذج…
ـ نعم إنه نموذج فقط لتحقق آمال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذا الدين عموما، وللأمة خصوصًا، وما فتح القسطنطنية عنا بغريب الذي قال عن هذا الفتح المجيد عليه الصلاة والسلام: "أي المدينتين تفتح أولا"، فكانت القسطنطينية قبل روما، وبالتالي إن روما لفتحها لقريب، هكذا يقول عليه الصلاة والسلام بل إن فتحها يكون بالتكبير والتهليل والتسبيح ولعله من الذين أسلموا هناك: "تفتح بالتكبير والتهليل" كما صح عن الحبيب صلى الله عليه وسلم.
ـ ولقد قرأت تقريرًا لبعض الدول الأوروبية على أن على الإسلام في أوروبا سيتحول إلى شبه بلد إسلامي؛ لأن عدد المسلمين يتزايد بينما يتناقص عدد أتباع الديانات الأخرى، بل في تقرير لبريطانيا نفسها على أن في 2051 ستصبح بريطانيا دولة إسلامية بامتياز وفعلاً فيها أكبر وأعظم حزب إسلامي هناك وكأن هذا السؤدد الذي توجنا به نبينا عليه الصلاة والسلام والأمل الذي قاله صلى الله عليه وسلم ليتحقق "ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار بعز عزيز أو بذل ذليل" فقال عليه الصلاة والسلام وقد تحقق ذلك ويتحقق أبعد منه لما كان العرب في خوف شديد لا يستطيع الماشي أن يمشي حتى بضعة أمتار أو كيلو مترات حتى يقطعه قاطع من اللصوص فقال عليه الصلاة والسلام لكن قال عليه الصلاة والسلام: "وليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخشى إلا الله والذئب على غنمه" فقط خوفه لربه جل وعلا وللذئب أن يأكل الغنم لا اللصوص والسرق وقطاع الطرق لا يمكن أن يعترضوه، فكان كذلك وسيكون أبعد منه إن شاء الله.
ـ بل ربنا تبارك وتعالى في كتابه الكريم تحدث عن أمل نبينا وأمل غيره من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كثيرا فهذا موسى عليه السلام لما يحاط به ما يحاط من بحر أمامه وعدو خلفه وأناس يتقوقعون بجواره قد خابت ظنونهم قالوا { إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} قال موسى {قَالَ كَلَّا ۖ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ } بل نوح عليه السلام الذي لم يسلم معه إلا أفراد قليل أقل من ثمانين رجلاً وامرأة مع أنه لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عامًا لكنه لم ييأس ولم يكل ولم يمل..
ـ وقل عن يعقوب عليه السلام الذي الولد تلو الولد يضيع على يد إخوانهم ولكنه يقول: {وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} بل يقول لهم واعظا وبربه واثقا: ﴿يا بَنِيَّ اذهَبوا فَتَحَسَّسوا مِن يوسُفَ وَأَخيهِ وَلا تَيأَسوا مِن رَوحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيأَسُ مِن رَوحِ اللَّهِ إِلَّا القَومُ الكافِرونَ﴾ .
ـ وقل عن زكريا وعن يعقوب عليهم السلام الذي بعد كبر وبعد إن كانوا في سن لا يمكن أن يأتي لهم الولد إذا بهم ينجبون أولادا لأن الله تبارك وتعالى قد منحهم الأمل بل قال إبراهيم عليه السلام ناطقا في كتاب الله تبارك وتعالى {وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ} ..
ـ وهذا نبينا صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح عن الله تبارك وتعالى ومعلما للأمة: "أنا عند ظن عبدي بي فليظن عبدي ما شاء"، وفي رواية: "فإن ظن خيرًا فله، وإن ظن شرًا فله".
ـ بل قال الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم﴿بَل ظَنَنتُم أَن لَن يَنقَلِبَ الرَّسولُ وَالمُؤمِنونَ إِلى أَهليهِم أَبَدًا وَزُيِّنَ ذلِكَ في قُلوبِكُم وَظَنَنتُم ظَنَّ السَّوءِ وَكُنتُم قَومًا بورًا﴾ أي أن ظن السوء بربكم أداكم للبوار والخسارة، فعاد نبينا صلى الله عليه وسلم إلى المدينة رغما عن أنوفكم بل قال الله تبارك وتعالى عن أهل النار ﴿وَذلِكُم ظَنُّكُمُ الَّذي ظَنَنتُم بِرَبِّكُم أَرداكُم فَأَصبَحتُم مِنَ الخاسِرينَ﴾ وفي آية نقرأها كثيرا في كل جمعة على انه قال الله تبارك وتعالى {فَظَنّوا أَنَّهُم مُواقِعوها وَلَم يَجِدوا عَنها مَصرِفًا﴾لأنهم ظنوا ظن السوء فوصلهم الظن إلى ذلك. إلى ذلك الشيء والحفرة. حفرة النيران.
ـ ألا أيها الإخوة إن الأمل يجب أن يكون هو الدائم والرسمي لدى المؤمن والفريضة الأولى التي يتعبد الله بها لأنه من أمة خير الناس لأنه من أمة تبقى ولا تموت لأنه من أمة يقول الله تبارك وتعالى" {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ..}
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:
ـ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال في الحديث الصحيح الذي هو أعظم أمل على الإطلاق للأفراد، وللشعوب، وللجماعات، وللدول ولهؤلاء جميعًا يقول عليه الصلاة والسلام في أعظم أمل يتملكه المسلم على الإطلاق حتى قيام الساعة وأختم به خطبتي: "إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها " شجرة بيد إنسان يرى الساعة قائمة أو يرى الموت حتمًا أو يرى الإعدام جاهزًا أو ذلك المسلم يرى الموت أمام ناظريه محققا، ومع هذا ليس له أن يترك غرس شجرة في يده ما دام وأنه يستطيع أن يفعلها فليس له أن يتركها، هنا الساعة قائمة لن يستفيد منها لا هو ولا من بعده. بل الساعة ستلتهبها لكن ذلك المؤمن الذي على يقين بربه يتعبد الله تبارك وتعالى بأمله حتى ولو لم يتحقق من ذلك شيئًا البتة لكنه يتعبد الله بذلك الأمل هو عبادة لله مهما حصلت عليه من أمراض، وأسقام، وألآم، ومأسي، وفقر ودمار وأي شيء كان من هموم الحياة التي طبعت على كدر أصلاً. فإنه يتعبد الله بأمله بربه تبارك وتعالى.
ـ هكذا الواجب على المسلمين يعيش هذا الحديث في نفسه وفي أهله وفي بيته وفي سوقه وفي عمله وفي كل مكان وجد والمسلمون جميعًا يجب أن يعيشوا هذا من أجل بقائهم، لكن لما أن يتولوا عن هذا الحديث ويكون سوء الظن برب العالمين والتراكن على الآخر، وعدم النهوض، والقيام، لما يجب عليهم أن يقوموا به وصلنا إلى ما وصلنا إليه فا الأمل فريضة يجب أن نحياها في أفكارنا، وفي أعمالنا، وفي بيوتنا، وفي أسواقنا، وفي أعمالنا، وفي كل شيء من حياتنا، أن تبقى الفسيلة حية في نفوسنا وأعمالنا، أن تبقى الفسيلة حية، أن أغرس ففسيلتي، أن أغرس أملي، أن أغرس ثقتي، أن أغرس أهدافي أن أغرس طموحاتي، أن أغرس هذا بكله ولو قامت الساعة على الجميع فإنها لا تقوم علي حتى أزرع ذلك الأمل الذي يجب أن أحيا به ما دمت مسلمًا أعبد الحي تبارك وتعالى، فيجب أن أحيا بأملي مهما كانت الظروف، فإن الحياة إنما تكون لأولئك الناس الذين وجد فيهم الأمل واوصلوا الحياة مهما كانت فيها من هموم وغموم وأحزان واضطرابات وآلام: {ولا تَيأَسوا مِن رَوحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيأَسُ مِن رَوحِ اللَّهِ إِلَّا القَومُ الكافِرونَ﴾ .
وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.org/
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ المكلا/6/ محرم/1445هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
ـ فإن هذه الأمة قد أوجد الله تبارك وتعالى فيها البقاء وعوامل الثبات، وأسباب الدوام، فلا يمكن أن تنتهي، وأن تباد مهما حصل فيها من انتكاسات، ومهما وصلت إليه من مراحل وتعاسات، فإن هذه الأمة أمة حية باقية مهما أريد لها، هذه الأمة جعلها الله تبارك وتعالى خير أمة، وجعلها هي قائدة الأمم بنص كتاب الله تبارك وتعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ..} وكلمت "لِلنَّاسِ" تفيد عموم كل الناس، وفي كل حال، وفي كل مكان، وعلى كل زمان، فإن هذه الأمة تقود ولا تقاد، تنتصر ولا تهزم، تعلو ولا يعلو غيرها عليها، إن نامت استيقظت، وإن مرضت تعافت، وإن تناحرت اصطلحت، وإن انصدعت التأمت…
ـ فإن هذه الأمة دومًا هي المرفوعة لا المنكوسة، وإن حصلت فيها من اضطربات وانتكاسات وقتية، لكنها لا تدوم؛ لأنها تنام ولا تموت، جعل الله فيها عوامل البقاء وعوامل الدوام حتى يرث الله الأرض ومن عليها، فهذه الأمة أمة باقية، أمة حية، أمة يقظة، أمة فيها ما فيها مما أستودعه الله تبارك وتعالى فيها، وبارك حولها، وإن هذه الأمة قد مرت بصنوف من الويلات والعذاب والدمار والهلاك، وشبه الإبادة الكلية، والتهميش، والعناء، والأمراض، والأسقام، والألام، والنكبات، والفتن، والمحن، والبلاءات لكنها لم تزد هذه الأمة إلا ثباتًا ورسوخا.
ـ فمن كان يتوقع أن تقوم للأمة قائمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم وقد انهارت معنويات صحابته الكرام رضوان الله عليهم حتى لم يتذكروا آية في كتاب الله صريحة قد وجدت فيهم ونزلت على نبيهم منذ سنوات وتلوها مرات ومرات {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ}، ﴿وَما مُحَمَّدٌ إِلّا رَسولٌ قَد خَلَت مِن قَبلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن ماتَ أَو قُتِلَ انقَلَبتُم عَلى أَعقابِكُم وَمَن يَنقَلِب عَلى عَقِبَيهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيئًا وَسَيَجزِي اللَّهُ الشّاكِرينَ﴾، قال عمر رضي الله عنه لما تلاها الصديق: (وكأنها أنزلت اللحظة)، وهي فقط من شدة الصدمة، حتى كان يقول سيعود النبي صلى الله عليه وسلم كما عاد موسى عليه السلام بعد غيابه أربعين يومًا، وهدد بقتل من قال مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقل عن من عمي بصره، ومن لم يقم من مكانه، وحدث ما شئت من هول الصدمة، وحلول الكارثة…
- فإذا كان هذا هو حال صحابة النبي صلى الله عليه وسلم فماذا عن من بعدهم؟، بل كيف قامت للأمة قائمة بعد بعد أيام وأشهر معدودة في أيام الصديق رضي الله عنه الذي تولى الخلافة بعد رسول الله وارتد من ارتد من العرب حتى يقال مبالغة في كتب التاريخ على أنها لم تبق من المساجد تصلي إلا مسجد المدينة الذي هو النبوي، ومسجد مكة الذي هو الحرام، ومسجد في هجر في البحرين، والبقية لم يؤذن فيها بعد حديث الردة الذي ارتد العرب قاطبة، ولم يبق إلا قلة قليلة منهم، لكن قام الصديق رضي الله عنه فيهم بحروب الردة فعاد العرب الى دين الله قاطبة حتى كان هذا العصر، وهذا الزمان وحتى يرث الله الأرض ومن فيها…
- وهناك مواقف أخرى مماثلة لها إن لم تكن أعظم منها كموقف إبادة المسلمين في بغداد على يد التتار والمجوس الرافضة، وقل عن مواقف شتى وقل عن مئات الآلاف من الجيوش التي اجتمعت ضد جيش صغير للمسلمين كما في القادسية واليرموك ونهاوند مثلا أو في بلاط الشهداء التي اجتمعت أوروبا قاطبة وقبلها الفرس كلها في مواقف أخرى، أو قل أيضًا عن الروم بكلهم لكن هؤلاء ينهزمون أمام قلة قليلة من المسلمين الذين ثبتوا وعرفوا على أنه ما دام وأن الله موجود فإن الأمة موجودة، ما دام وأن الله باق فإن هذه الأمة حية يقظة لا يمكن أن تنهزم وإن حصل ما حصل، بل قل عن هزيمة المسلمين النكراء في بيت المقدس مرارًا لكن يعود للأمة العائد ويعود للأمة القائد سواء على يد المظفر مثلاً أو على يد محمود الشهيد ثم صلاح الدين الأيوبي وما تلاها بعد ذلك أو قبلها.
ـ فالأمة على هذا قامت، الأمة على هذا تعاهدت، الأمة رغم هذه البلاءات ثبتت، ومهما حصل فيها من ويلات ونكبات، وإذا كانت هذه البلاءات والحروب فقل عن بلاءات ومآسي الوباءات التي نزلت بالأمة كثيرًا، ويسقط فيها مئات الآلاف لكنها تحيا، وتنهض، وعلى كل بلاء تتغلب، وقل عن بلاء المجاعات، وقل عن بلاءات شتى مرت بالأمة لكنها تعلم علم يقين على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد مر بما هو أشد، وأعظم، وأنكى مما تمر به…
- لقد قال صلى الله عليه وسلم لنا، وعهد إلينا: "من أصيب بمصيبة فليتعز بمصيبته بي؛ فإنها أعظم المصائب"، إِذن فمصيبتنا بنبينا صلى الله عليه وسلم أعظم من كل مصيبة، وتهون فوقها ودونها كل مصيبة؛ لأن مصيبة المسلمين بنبيهم صلى الله عليه وسلم هي الأشد، فهو المدرسة التي نتلقى منها الدروس والعبر، وانظروا الى حديثه عليه الصلاة والسلام في حديث الهجرة رجل محاصر، رجل محكوم عليه بالإعدام حيًا أو ميتًا، رجل أعطيت فيه الكنوز، وأعطيت فيه الجوائز العظمى لمن يأتي به وبصاحبه حيًا أو ميتًا، وهو مطارد مشرد ليس له من الدنيا إلا رجل واحد بجواره ولا حتى لطعام يكفي ليوم ولا ليومين ولا في بيت ولا أسلحة ولا شيء من ذلك البتة ولا حتى ناقة أو أي شيء من الدنيا.
ـ رجل في غار محتمٍ فيه، مختبئ من عدو داهمه ووصل إليه بأقدامه إلى فوق رأسه حتى قال الصديق رضي الله عنه:(لو نظر أحدهم إلى تحت قدميه لرآنا)، فقال صلى الله عليه وسلم في كامل سكينة ووقار، وإيمان واطمئنان، وثقة راسخة بالجبار: "يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما: {إن الله معنا}"، نعم هكذا كان صلى الله عليه وسلم في كل حياته لا في درس الهجرة وفقط، ويذكرنا بقول نبي الله موسى عليه السلام: ﴿فَلَمّا تَراءَى الجَمعانِ قالَ أَصحابُ موسى إِنّا لَمُدرَكونَ قالَ كَلّا إِنَّ مَعِيَ رَبّي سَيَهدينِ﴾ فجاءه الفرج من فوره لثقته بربه: ﴿فَأَوحَينا إِلى موسى أَنِ اضرِب بِعَصاكَ البَحرَ فَانفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرقٍ كَالطَّودِ العَظيمِ وَأَزلَفنا ثَمَّ الآخَرينَ وَأَنجَينا موسى وَمَن مَعَهُ أَجمَعينَ ثُمَّ أَغرَقنَا الآخَرينَ﴾، وهكذا فلتكن مدرسة الأنبياء على رأسهم نبينا محمد عليه الصلاة والسلام في ثقة برب الأرض والسماء لا تزعزها قوة في الأرض أبدًا وهنا سيأتي النصر حتما، ويكون الفرج قريبًا جدًا، وفوق هذا ولدينه دومًا: ﴿إِلّا تَنصُروهُ فَقَد نَصَرَهُ اللَّهُ إِذ أَخرَجَهُ الَّذينَ كَفَروا ثانِيَ اثنَينِ إِذ هُما فِي الغارِ إِذ يَقولُ لِصاحِبِهِ لا تَحزَن إِنَّ اللَّهَ مَعَنا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكينَتَهُ عَلَيهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنودٍ لَم تَرَوها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذينَ كَفَرُوا السُّفلى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُليا وَاللَّهُ عَزيزٌ حَكيمٌ﴾، وتأمل معي في خاتمة الآية الكريمة كيف ضمن للأمة النصر والتمكين ولو بعد حين: {وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذينَ كَفَرُوا السُّفلى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُليا وَاللَّهُ عَزيزٌ حَكيمٌ﴾.
- ألا فلا حزن ولا قلق، ولا خوف ولا اضطراب ولا قلق، وهذا درس عظيم، ونبأ جليل يجب أن نأخذ به في حياتنا دومًا، إنه درس الثقة والأمل برب العزة جل جلاله، وخاصة في درس الهجرة، إنه أعظم درس منها وعبرة، نعم أملك بربك جل وعلا اقتداء بنبيك صلى الله عليه وسلم الذي اجتمع عليه أعداؤه، وأحاطوا به عن بكرة أبيهم، وقد أعطوا فيه أعظم جائزة، حتى أن سراقة بن مالك رآه وأدركه، وكاد يمسك به، ويظفر بالجائزة لكنه يدعو عليه الصلاة والسلام ويدعو ويغوص فرسه في الرمال ولا يستطيع الحراك ثم يقول عليه الصلاة والسلام لسراقة ويعطيه أعظم سؤدد وجائزة، وأكبر وأجل مفخرة، وقبل هذا وذاك أهم وأعظم وأكبر درس في الهجرة: "يا سراقة عمِّ عنا خبر القوم ولك سواري كسرى"، قال سراقة في دهشة وهو لا يصدق ما يسمع ويرى وما رآى أيضًا: كسرى بن هرمز قائد أعظم امبراطورية في وقته، قال صلى الله عليه وسلم: "نعم كسرى بن هرمز"، وما هي إلا سنوات قليلة في زمن الفاروق رضي الله عنه إلا ويحقق الله لنبيه صلى الله عليه وسلم أمله ووعده ويلبس سراقة سوارى كسرى..
- فياله من أمل، لا يعرف الاستسلام أبدًا أبدًا إنه نبينا صلى الله عليه وسلم الذي قال في أعظم طموح وأمل: "ليبلغن هذا الدين ما بلغ الليل والنهار بعز عزيز أو بذل ذليل حتى لا يبقى بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين"، أي سينتشر دين الله جل وعلا في المعمورة كلها، ولا يبقى بيت في الأرض إلا دخله هذا الدين، نعم إنه كذلك وما تحقق سواري كسرى يلبسه سراقة بن مالك الأعرابي إلا كنموذج واحد فقط من مئات النماذج…
ـ نعم إنه نموذج فقط لتحقق آمال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذا الدين عموما، وللأمة خصوصًا، وما فتح القسطنطنية عنا بغريب الذي قال عن هذا الفتح المجيد عليه الصلاة والسلام: "أي المدينتين تفتح أولا"، فكانت القسطنطينية قبل روما، وبالتالي إن روما لفتحها لقريب، هكذا يقول عليه الصلاة والسلام بل إن فتحها يكون بالتكبير والتهليل والتسبيح ولعله من الذين أسلموا هناك: "تفتح بالتكبير والتهليل" كما صح عن الحبيب صلى الله عليه وسلم.
ـ ولقد قرأت تقريرًا لبعض الدول الأوروبية على أن على الإسلام في أوروبا سيتحول إلى شبه بلد إسلامي؛ لأن عدد المسلمين يتزايد بينما يتناقص عدد أتباع الديانات الأخرى، بل في تقرير لبريطانيا نفسها على أن في 2051 ستصبح بريطانيا دولة إسلامية بامتياز وفعلاً فيها أكبر وأعظم حزب إسلامي هناك وكأن هذا السؤدد الذي توجنا به نبينا عليه الصلاة والسلام والأمل الذي قاله صلى الله عليه وسلم ليتحقق "ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار بعز عزيز أو بذل ذليل" فقال عليه الصلاة والسلام وقد تحقق ذلك ويتحقق أبعد منه لما كان العرب في خوف شديد لا يستطيع الماشي أن يمشي حتى بضعة أمتار أو كيلو مترات حتى يقطعه قاطع من اللصوص فقال عليه الصلاة والسلام لكن قال عليه الصلاة والسلام: "وليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخشى إلا الله والذئب على غنمه" فقط خوفه لربه جل وعلا وللذئب أن يأكل الغنم لا اللصوص والسرق وقطاع الطرق لا يمكن أن يعترضوه، فكان كذلك وسيكون أبعد منه إن شاء الله.
ـ بل ربنا تبارك وتعالى في كتابه الكريم تحدث عن أمل نبينا وأمل غيره من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كثيرا فهذا موسى عليه السلام لما يحاط به ما يحاط من بحر أمامه وعدو خلفه وأناس يتقوقعون بجواره قد خابت ظنونهم قالوا { إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} قال موسى {قَالَ كَلَّا ۖ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ } بل نوح عليه السلام الذي لم يسلم معه إلا أفراد قليل أقل من ثمانين رجلاً وامرأة مع أنه لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عامًا لكنه لم ييأس ولم يكل ولم يمل..
ـ وقل عن يعقوب عليه السلام الذي الولد تلو الولد يضيع على يد إخوانهم ولكنه يقول: {وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} بل يقول لهم واعظا وبربه واثقا: ﴿يا بَنِيَّ اذهَبوا فَتَحَسَّسوا مِن يوسُفَ وَأَخيهِ وَلا تَيأَسوا مِن رَوحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيأَسُ مِن رَوحِ اللَّهِ إِلَّا القَومُ الكافِرونَ﴾ .
ـ وقل عن زكريا وعن يعقوب عليهم السلام الذي بعد كبر وبعد إن كانوا في سن لا يمكن أن يأتي لهم الولد إذا بهم ينجبون أولادا لأن الله تبارك وتعالى قد منحهم الأمل بل قال إبراهيم عليه السلام ناطقا في كتاب الله تبارك وتعالى {وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ} ..
ـ وهذا نبينا صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح عن الله تبارك وتعالى ومعلما للأمة: "أنا عند ظن عبدي بي فليظن عبدي ما شاء"، وفي رواية: "فإن ظن خيرًا فله، وإن ظن شرًا فله".
ـ بل قال الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم﴿بَل ظَنَنتُم أَن لَن يَنقَلِبَ الرَّسولُ وَالمُؤمِنونَ إِلى أَهليهِم أَبَدًا وَزُيِّنَ ذلِكَ في قُلوبِكُم وَظَنَنتُم ظَنَّ السَّوءِ وَكُنتُم قَومًا بورًا﴾ أي أن ظن السوء بربكم أداكم للبوار والخسارة، فعاد نبينا صلى الله عليه وسلم إلى المدينة رغما عن أنوفكم بل قال الله تبارك وتعالى عن أهل النار ﴿وَذلِكُم ظَنُّكُمُ الَّذي ظَنَنتُم بِرَبِّكُم أَرداكُم فَأَصبَحتُم مِنَ الخاسِرينَ﴾ وفي آية نقرأها كثيرا في كل جمعة على انه قال الله تبارك وتعالى {فَظَنّوا أَنَّهُم مُواقِعوها وَلَم يَجِدوا عَنها مَصرِفًا﴾لأنهم ظنوا ظن السوء فوصلهم الظن إلى ذلك. إلى ذلك الشيء والحفرة. حفرة النيران.
ـ ألا أيها الإخوة إن الأمل يجب أن يكون هو الدائم والرسمي لدى المؤمن والفريضة الأولى التي يتعبد الله بها لأنه من أمة خير الناس لأنه من أمة تبقى ولا تموت لأنه من أمة يقول الله تبارك وتعالى" {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ..}
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:
ـ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال في الحديث الصحيح الذي هو أعظم أمل على الإطلاق للأفراد، وللشعوب، وللجماعات، وللدول ولهؤلاء جميعًا يقول عليه الصلاة والسلام في أعظم أمل يتملكه المسلم على الإطلاق حتى قيام الساعة وأختم به خطبتي: "إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها " شجرة بيد إنسان يرى الساعة قائمة أو يرى الموت حتمًا أو يرى الإعدام جاهزًا أو ذلك المسلم يرى الموت أمام ناظريه محققا، ومع هذا ليس له أن يترك غرس شجرة في يده ما دام وأنه يستطيع أن يفعلها فليس له أن يتركها، هنا الساعة قائمة لن يستفيد منها لا هو ولا من بعده. بل الساعة ستلتهبها لكن ذلك المؤمن الذي على يقين بربه يتعبد الله تبارك وتعالى بأمله حتى ولو لم يتحقق من ذلك شيئًا البتة لكنه يتعبد الله بذلك الأمل هو عبادة لله مهما حصلت عليه من أمراض، وأسقام، وألآم، ومأسي، وفقر ودمار وأي شيء كان من هموم الحياة التي طبعت على كدر أصلاً. فإنه يتعبد الله بأمله بربه تبارك وتعالى.
ـ هكذا الواجب على المسلمين يعيش هذا الحديث في نفسه وفي أهله وفي بيته وفي سوقه وفي عمله وفي كل مكان وجد والمسلمون جميعًا يجب أن يعيشوا هذا من أجل بقائهم، لكن لما أن يتولوا عن هذا الحديث ويكون سوء الظن برب العالمين والتراكن على الآخر، وعدم النهوض، والقيام، لما يجب عليهم أن يقوموا به وصلنا إلى ما وصلنا إليه فا الأمل فريضة يجب أن نحياها في أفكارنا، وفي أعمالنا، وفي بيوتنا، وفي أسواقنا، وفي أعمالنا، وفي كل شيء من حياتنا، أن تبقى الفسيلة حية في نفوسنا وأعمالنا، أن تبقى الفسيلة حية، أن أغرس ففسيلتي، أن أغرس أملي، أن أغرس ثقتي، أن أغرس أهدافي أن أغرس طموحاتي، أن أغرس هذا بكله ولو قامت الساعة على الجميع فإنها لا تقوم علي حتى أزرع ذلك الأمل الذي يجب أن أحيا به ما دمت مسلمًا أعبد الحي تبارك وتعالى، فيجب أن أحيا بأملي مهما كانت الظروف، فإن الحياة إنما تكون لأولئك الناس الذين وجد فيهم الأمل واوصلوا الحياة مهما كانت فيها من هموم وغموم وأحزان واضطرابات وآلام: {ولا تَيأَسوا مِن رَوحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيأَسُ مِن رَوحِ اللَّهِ إِلَّا القَومُ الكافِرونَ﴾ .
وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.org/
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A ...المزيد
*في.مضي.الأيام.عبرة.للأنام.cc* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي ...
*في.مضي.الأيام.عبرة.للأنام.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ المكلا/29/ ذو الحجة/1445هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
ـ فإن الله تبارك وتعالى قد قال في محكم التنزيل ﴿يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيلَ وَالنَّهارَ إِنَّ في ذلِكَ لَعِبرَةً لِأُولِي الأَبصارِ﴾، ففي تقليب الله لليل والنهار، بل في كل يوم يأتي، وكل ليل يمضي، فهو عبرة للمتعظين، وبصيرة للموقنين، وهو عظة بحد ذاته قبل المواعظ وقبل الخطب وقبل الآيات والصلوات وقبل هذا وذاك، بل العمر وحده عظة وعبرة لكن ليس لكل أحد وإِنما هو لأولي الألباب، للعقال، لذوي الأبصار، لأولئك الذين ملكوا عقولهم فانطلقوا نحو حياتهم على ما يريد ربهم تبارك وتعالى، أما ذلك الغافل فمضي الأيام وقدوم الأعمار لا يزيده إلا غفلة ولا تزيده تلك بكلها إلا انتكاسة ولا ينتفع بذلك بكله أصلا، ولا يعبر له يوما.
ـ أيها الإخوة إننا في بداية عام هجري جديد، ونودع عامًا هجريًا مضى فيه عبرة لأولي الأبصار، وتذكرة لأولي الألباب، فهل نحن ممن يعتبر بمضي الأيام، وبلوغ الآجال، وتقدم الأيام، ليسائل كل واحد منا نفسه عن عامه الذي مضى ما هي منجزاته فيه مما يقدم على ربه عليه من خير أو شر، من أعمال دنيا أو آخرة، فإن كان خيرا زاد منه، وإن كان شرا فليقصر عنه، وليتب من ماضيه لعل الله يتوب عليه!.
- لقد أصبح ذلك الذي كان عمره سنة قد دخل الآن في سن السنتين وهكذا من هو أكبر منه، فهلا اعتبرنا واتعظنا، وإلى الله عدنا وله رجعنا، وإلى متى سنظل ننتكس في ذنوبنا، ونسوف توبتنا، ونستبعد إلى الله عودتنا مع أننا لا نضمن طول أعمارنا، ولا تأخير آجالنا، وبالتالي ما دمنا على يقين به فالموت لن يستأذننا حتمًا فماذا أعددنا له، وبماذا نحب أن يقبض أرواحنا ونحن عليه…!.
- ألا إن كل من تقدم في العمر فيمثل ذلك موعظة وعبرة له وهزة لعل وعسى العودة ولهذا الله تبارك وتعالى وهو يتحدث عن هذه العبرة والعظة ﴿وَهُم يَصطَرِخونَ فيها} أي في وسط جهنم ﴿وَهُم يَصطَرِخونَ فيها رَبَّنا أَخرِجنا نَعمَل صالِحًا غَيرَ الَّذي كُنّا نَعمَلُ} ماذا قال الله لهم: ﴿أَوَلَم نُعَمِّركُم ما يَتَذَكَّرُ فيهِ مَن تَذَكَّرَ﴾، ثم ثنى بعدها بالنذير {وَجاءَكُمُ النَّذيرُ}، على إختلاف في النذير هل هو النبي، هل هو بياض لحيته ورأسه فهو نذير… فهل اتتفعنا بالنذير والذكرى: ﴿وَهُم يَصطَرِخونَ فيها رَبَّنا أَخرِجنا نَعمَل صالِحًا غَيرَ الَّذي كُنّا نَعمَلُ أَوَلَم نُعَمِّركُم ما يَتَذَكَّرُ فيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذيرُ فَذوقوا فَما لِلظّالِمينَ مِن نَصيرٍ﴾.
- ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم قد قال كما في البخاري: "نعمتان مغبون فيهما"، اي خسران فيهما، "كثير من الناس: "الصحة، والفراغ" ذكرهما النبي صلى الله عليه وسلم وتحدث عنهما بأن أكثر الناس بخسارة كبيرة فيهما؛ لأن الأغلب عنده صحة وفارغ لكن لم يستغل وقته، ولم يستغل صحته، ففات وقته دون فائدة، وصحته دون فائدة لم يغتنمهما قبل ذهابهما ولا يدري متى يذهبان فهو مغبون حقا، وهذا الحاصل عند كثير من الناس ولهذا قال الذي لا ينطق عن الهوى عليه الصلاة والسلام: "مغبون فيهما كثير من الناس"، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم كان الناس جميعًا هم أشبه بتجار فإما أن يخسر أو يربح، فإما أن يربح عمره وأيام حياته، وإلا فالخسارة في رأس ماله الذي هو الصحة والفراغ، فإما هذا أو ذاك فاختر لنفسك…
- ولذلك فقد روى مسلم في صحيحه أنه عليه الصلاة والسلام قال: "كل الناس يغدو" كل الناس يتاجر حسب التشبيه السابق فكل الناس يمضي كل الناس يذهب كل الناس يعمل … "كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها"، فإما أن يبيع نفسه لربه، وأما أن يبيعها لهواه وشيطانه، فإما أن يبيع نفسه لله بعمل صالح يرجوه، أو بعمل سيء يخسر فيه دنيا وآخرة: ﴿وَمَن يَعشُ عَن ذِكرِ الرَّحمنِ نُقَيِّض لَهُ شَيطانًا فَهُوَ لَهُ قَرينٌ﴾.
ـ ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الصحيح قد ذكر ذلك الرجل الذي عمر من الدنيا ثم لم ينتفع بعمره فقال عليه الصلاة والسلام: "أعذر الله إلى امرىء أخر أجله حتى بلغ ستين سنة" يعني أنه لا يقبل منه عذره بعد أن بلغ ستين سنة ولم يستغلها في طاعة لله، لم يستغلها فيما يعو عليه بالنفع في دنيا ولا في آخرة، وذلك أن أعمار الأمة محصورة ما بين الستين والسبعين وقليل من يتجاوز ذلك حتى النبي عليه الصلاة والسلام وهو حبيب الله وأحب الخلق على الإطلاق إلى ربه تبارك وتعالى ومع ذلك لم يتعمر إلا ثلاث وستين سنة ولم يتجاوزها حتى أعظم الناس بعده كالصديق وكعمر وكعائشة رضي الله عتهم وكثير من هؤلاء لم يتجاوزوا ستين سنة بل كلهم اتفقت أعمارهم على عمر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث وستين سنة فماتوا وهم في عمر ثلاث وستين سنة.
ـ ألا فإلى ذلك الذي تعمر وأمهله الله ولا زال في ذنبه ومعاصيه وكلنا إياه أما تستحي أن تظل في سيئاتك، وذنوبك، ومعاصيك، كم عمرك الآن في الإسلام ولا زلت جاهلاً، ولا زلت قاطعًا، ولا زلت تاركًا لصلاتك، ولا زلت في معصيتك مجاهرا، ولا زلت لهذا وذاك معاقراً فلم ترتدع ولم تعد ولم تتب ولم تتذكر على أنك إلى ربك عائد
دقات قلب المرء قائلة له
إن الحياة دقائق وثواني
- هذه هي الحياة ما من يوم يأتي كما قال الحسن البصري إلا نادى "أنا يوم جديد، وعلى عملك شهيد، فاغتنمني؛ فإني لا أعود" لا يعود ولو اجتمع من في السماوات ومن في الأرض سوى الله خالق ذلك بكله فإن هؤلاء جميعًا لن ولن للتأبيد لن يستطيعوا أن يستردوا لحظة مضت، ولا حتى نفسا مضى من أعمارنا، ولا حتى ثانية واحدة أن يستردوها بأموالهم، وقوتهم، وبطشهم، وسلطاتهم، وما معهم فلن يستطيعوا….
- إذن فالأعمار بيد الله تبارك وتعالى فمن أمهله الله فقد أنعم عليه فهلا استغلينا هذه النعمة، وتقربنا لرب البرية، وعدنا إليه حق العودة، وتبنا إليه حق التوبة: {أَوَلَم نُعَمِّركُم ما يَتَذَكَّرُ فيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذيرُ}.
- لقد قال أكثر من تعمر في هذه الدنيا وهو نوح عليه كما ذكره الله في كتابه الكريم ويمكن أن يكون هناك من هو تعمر أكثر من ذلك هو الف سنة قال نوح عليه السلام لما سأله جبريل كما ورد عند أبن أبي الدنيا لما قال له: يا نوح كيف وجدت الدنيا؟، يعني وقد عشت مئات السنين كيف وجدت الدنيا قال"وجدتها كدار له بابان، دخلت من أحدهما وخرجت من الآخر" هذا هو مختصر الدنيا بما فيها، فإما أن يغتنم هذه اللحظة لحظة المرور من دار إلى دار أو لا يغتنمها فيكون مع الفجار نعوذ بالله أن نكون كذلك ونسأله أن يجعلنا مع الأبرار…
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:
ـ فإنما هذه الدنيا هي مزرعة للآخرة، وهي انتقال من دار زائلة إلى دار باقية، وهي انتقال من دار فناء إلى دار بقاء، وانتقال من دار سفر إلى دار مقر، فأنت إما أن تبقى في هذه الدنيا على أساس أنك ستخلد فيها وبالتالي لست كإبليس، أو أن تكون مفكرا في انتقال وهو لا شك ما نؤمن به جميعًا حتى أكفر الناس وألحد الناس ومن في الدنيا جميعًا دون استثناء فإنهم يعلمون علم يقين على إنهم منها راحلون، وعلى أنهم إليها مودعون، وعلى أنهم منها زائلون، كل هؤلاء جميعًا الكفرة والمسلمون واليهود والنصارى والخلق جميعًا على هذا الاتفاق… لكن شتان بين من يعلم على إنه ينتقل الى داره الحقيقية دار الآخرة، ومن ينتقل الى دار لا عودة بعدها وهو الذي لا يؤمن ببعث بعد الموت فهؤلاء لم يؤمنوا بذلك وأنت مؤمن به لكن ماذا أعددت لعودتك، وبما تقربت لربك خاصة وأنت تعلم أن هذه الدنيا إنما هي كلحظات وكنفس معدود ثم تنتقل إلى نفس غير معدود ﴿لابِثينَ فيها أَحقابًا﴾ ﴿خالد فيها أبدا﴾ فإما أن نكون وإياهم على السواء لا نؤمن بعودة، أو أن نؤمن بعودة فنستعد كمسافر يعلم على إنه كلما زاد ثقله كلما صعبت عودته فكذلك نحن.
ـ أيها الإخوة إث ثقُل حملنا من أوزارنا فإن حسابنا عند الله عسير فلنسع في هذه الدنيا لأن نخفف هذا الحمل وأن نحاسب أنفسنا، نحن في نهاية عام هجري جديد فلنحاسب أنفسنا، وأن نعد عدتنا، وأن نستغل أوقاتنا، وأن نتنبه لأعمالنا، وأن نبقى دائمًا مستيقظين لزوالنا وانتقالنا إلى الأخرى، والكل مودع للدنيا ولا تنفع لا أماني ولا أحلام ولا ذلك بكله ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُم لا يَستَأخِرونَ ساعَةً وَلا يَستَقدِمونَ}.
…والحمدلله رب العالمين…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.org/
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ المكلا/29/ ذو الحجة/1445هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
ـ فإن الله تبارك وتعالى قد قال في محكم التنزيل ﴿يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيلَ وَالنَّهارَ إِنَّ في ذلِكَ لَعِبرَةً لِأُولِي الأَبصارِ﴾، ففي تقليب الله لليل والنهار، بل في كل يوم يأتي، وكل ليل يمضي، فهو عبرة للمتعظين، وبصيرة للموقنين، وهو عظة بحد ذاته قبل المواعظ وقبل الخطب وقبل الآيات والصلوات وقبل هذا وذاك، بل العمر وحده عظة وعبرة لكن ليس لكل أحد وإِنما هو لأولي الألباب، للعقال، لذوي الأبصار، لأولئك الذين ملكوا عقولهم فانطلقوا نحو حياتهم على ما يريد ربهم تبارك وتعالى، أما ذلك الغافل فمضي الأيام وقدوم الأعمار لا يزيده إلا غفلة ولا تزيده تلك بكلها إلا انتكاسة ولا ينتفع بذلك بكله أصلا، ولا يعبر له يوما.
ـ أيها الإخوة إننا في بداية عام هجري جديد، ونودع عامًا هجريًا مضى فيه عبرة لأولي الأبصار، وتذكرة لأولي الألباب، فهل نحن ممن يعتبر بمضي الأيام، وبلوغ الآجال، وتقدم الأيام، ليسائل كل واحد منا نفسه عن عامه الذي مضى ما هي منجزاته فيه مما يقدم على ربه عليه من خير أو شر، من أعمال دنيا أو آخرة، فإن كان خيرا زاد منه، وإن كان شرا فليقصر عنه، وليتب من ماضيه لعل الله يتوب عليه!.
- لقد أصبح ذلك الذي كان عمره سنة قد دخل الآن في سن السنتين وهكذا من هو أكبر منه، فهلا اعتبرنا واتعظنا، وإلى الله عدنا وله رجعنا، وإلى متى سنظل ننتكس في ذنوبنا، ونسوف توبتنا، ونستبعد إلى الله عودتنا مع أننا لا نضمن طول أعمارنا، ولا تأخير آجالنا، وبالتالي ما دمنا على يقين به فالموت لن يستأذننا حتمًا فماذا أعددنا له، وبماذا نحب أن يقبض أرواحنا ونحن عليه…!.
- ألا إن كل من تقدم في العمر فيمثل ذلك موعظة وعبرة له وهزة لعل وعسى العودة ولهذا الله تبارك وتعالى وهو يتحدث عن هذه العبرة والعظة ﴿وَهُم يَصطَرِخونَ فيها} أي في وسط جهنم ﴿وَهُم يَصطَرِخونَ فيها رَبَّنا أَخرِجنا نَعمَل صالِحًا غَيرَ الَّذي كُنّا نَعمَلُ} ماذا قال الله لهم: ﴿أَوَلَم نُعَمِّركُم ما يَتَذَكَّرُ فيهِ مَن تَذَكَّرَ﴾، ثم ثنى بعدها بالنذير {وَجاءَكُمُ النَّذيرُ}، على إختلاف في النذير هل هو النبي، هل هو بياض لحيته ورأسه فهو نذير… فهل اتتفعنا بالنذير والذكرى: ﴿وَهُم يَصطَرِخونَ فيها رَبَّنا أَخرِجنا نَعمَل صالِحًا غَيرَ الَّذي كُنّا نَعمَلُ أَوَلَم نُعَمِّركُم ما يَتَذَكَّرُ فيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذيرُ فَذوقوا فَما لِلظّالِمينَ مِن نَصيرٍ﴾.
- ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم قد قال كما في البخاري: "نعمتان مغبون فيهما"، اي خسران فيهما، "كثير من الناس: "الصحة، والفراغ" ذكرهما النبي صلى الله عليه وسلم وتحدث عنهما بأن أكثر الناس بخسارة كبيرة فيهما؛ لأن الأغلب عنده صحة وفارغ لكن لم يستغل وقته، ولم يستغل صحته، ففات وقته دون فائدة، وصحته دون فائدة لم يغتنمهما قبل ذهابهما ولا يدري متى يذهبان فهو مغبون حقا، وهذا الحاصل عند كثير من الناس ولهذا قال الذي لا ينطق عن الهوى عليه الصلاة والسلام: "مغبون فيهما كثير من الناس"، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم كان الناس جميعًا هم أشبه بتجار فإما أن يخسر أو يربح، فإما أن يربح عمره وأيام حياته، وإلا فالخسارة في رأس ماله الذي هو الصحة والفراغ، فإما هذا أو ذاك فاختر لنفسك…
- ولذلك فقد روى مسلم في صحيحه أنه عليه الصلاة والسلام قال: "كل الناس يغدو" كل الناس يتاجر حسب التشبيه السابق فكل الناس يمضي كل الناس يذهب كل الناس يعمل … "كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها"، فإما أن يبيع نفسه لربه، وأما أن يبيعها لهواه وشيطانه، فإما أن يبيع نفسه لله بعمل صالح يرجوه، أو بعمل سيء يخسر فيه دنيا وآخرة: ﴿وَمَن يَعشُ عَن ذِكرِ الرَّحمنِ نُقَيِّض لَهُ شَيطانًا فَهُوَ لَهُ قَرينٌ﴾.
ـ ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الصحيح قد ذكر ذلك الرجل الذي عمر من الدنيا ثم لم ينتفع بعمره فقال عليه الصلاة والسلام: "أعذر الله إلى امرىء أخر أجله حتى بلغ ستين سنة" يعني أنه لا يقبل منه عذره بعد أن بلغ ستين سنة ولم يستغلها في طاعة لله، لم يستغلها فيما يعو عليه بالنفع في دنيا ولا في آخرة، وذلك أن أعمار الأمة محصورة ما بين الستين والسبعين وقليل من يتجاوز ذلك حتى النبي عليه الصلاة والسلام وهو حبيب الله وأحب الخلق على الإطلاق إلى ربه تبارك وتعالى ومع ذلك لم يتعمر إلا ثلاث وستين سنة ولم يتجاوزها حتى أعظم الناس بعده كالصديق وكعمر وكعائشة رضي الله عتهم وكثير من هؤلاء لم يتجاوزوا ستين سنة بل كلهم اتفقت أعمارهم على عمر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث وستين سنة فماتوا وهم في عمر ثلاث وستين سنة.
ـ ألا فإلى ذلك الذي تعمر وأمهله الله ولا زال في ذنبه ومعاصيه وكلنا إياه أما تستحي أن تظل في سيئاتك، وذنوبك، ومعاصيك، كم عمرك الآن في الإسلام ولا زلت جاهلاً، ولا زلت قاطعًا، ولا زلت تاركًا لصلاتك، ولا زلت في معصيتك مجاهرا، ولا زلت لهذا وذاك معاقراً فلم ترتدع ولم تعد ولم تتب ولم تتذكر على أنك إلى ربك عائد
دقات قلب المرء قائلة له
إن الحياة دقائق وثواني
- هذه هي الحياة ما من يوم يأتي كما قال الحسن البصري إلا نادى "أنا يوم جديد، وعلى عملك شهيد، فاغتنمني؛ فإني لا أعود" لا يعود ولو اجتمع من في السماوات ومن في الأرض سوى الله خالق ذلك بكله فإن هؤلاء جميعًا لن ولن للتأبيد لن يستطيعوا أن يستردوا لحظة مضت، ولا حتى نفسا مضى من أعمارنا، ولا حتى ثانية واحدة أن يستردوها بأموالهم، وقوتهم، وبطشهم، وسلطاتهم، وما معهم فلن يستطيعوا….
- إذن فالأعمار بيد الله تبارك وتعالى فمن أمهله الله فقد أنعم عليه فهلا استغلينا هذه النعمة، وتقربنا لرب البرية، وعدنا إليه حق العودة، وتبنا إليه حق التوبة: {أَوَلَم نُعَمِّركُم ما يَتَذَكَّرُ فيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذيرُ}.
- لقد قال أكثر من تعمر في هذه الدنيا وهو نوح عليه كما ذكره الله في كتابه الكريم ويمكن أن يكون هناك من هو تعمر أكثر من ذلك هو الف سنة قال نوح عليه السلام لما سأله جبريل كما ورد عند أبن أبي الدنيا لما قال له: يا نوح كيف وجدت الدنيا؟، يعني وقد عشت مئات السنين كيف وجدت الدنيا قال"وجدتها كدار له بابان، دخلت من أحدهما وخرجت من الآخر" هذا هو مختصر الدنيا بما فيها، فإما أن يغتنم هذه اللحظة لحظة المرور من دار إلى دار أو لا يغتنمها فيكون مع الفجار نعوذ بالله أن نكون كذلك ونسأله أن يجعلنا مع الأبرار…
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:
ـ فإنما هذه الدنيا هي مزرعة للآخرة، وهي انتقال من دار زائلة إلى دار باقية، وهي انتقال من دار فناء إلى دار بقاء، وانتقال من دار سفر إلى دار مقر، فأنت إما أن تبقى في هذه الدنيا على أساس أنك ستخلد فيها وبالتالي لست كإبليس، أو أن تكون مفكرا في انتقال وهو لا شك ما نؤمن به جميعًا حتى أكفر الناس وألحد الناس ومن في الدنيا جميعًا دون استثناء فإنهم يعلمون علم يقين على إنهم منها راحلون، وعلى أنهم إليها مودعون، وعلى أنهم منها زائلون، كل هؤلاء جميعًا الكفرة والمسلمون واليهود والنصارى والخلق جميعًا على هذا الاتفاق… لكن شتان بين من يعلم على إنه ينتقل الى داره الحقيقية دار الآخرة، ومن ينتقل الى دار لا عودة بعدها وهو الذي لا يؤمن ببعث بعد الموت فهؤلاء لم يؤمنوا بذلك وأنت مؤمن به لكن ماذا أعددت لعودتك، وبما تقربت لربك خاصة وأنت تعلم أن هذه الدنيا إنما هي كلحظات وكنفس معدود ثم تنتقل إلى نفس غير معدود ﴿لابِثينَ فيها أَحقابًا﴾ ﴿خالد فيها أبدا﴾ فإما أن نكون وإياهم على السواء لا نؤمن بعودة، أو أن نؤمن بعودة فنستعد كمسافر يعلم على إنه كلما زاد ثقله كلما صعبت عودته فكذلك نحن.
ـ أيها الإخوة إث ثقُل حملنا من أوزارنا فإن حسابنا عند الله عسير فلنسع في هذه الدنيا لأن نخفف هذا الحمل وأن نحاسب أنفسنا، نحن في نهاية عام هجري جديد فلنحاسب أنفسنا، وأن نعد عدتنا، وأن نستغل أوقاتنا، وأن نتنبه لأعمالنا، وأن نبقى دائمًا مستيقظين لزوالنا وانتقالنا إلى الأخرى، والكل مودع للدنيا ولا تنفع لا أماني ولا أحلام ولا ذلك بكله ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُم لا يَستَأخِرونَ ساعَةً وَلا يَستَقدِمونَ}.
…والحمدلله رب العالمين…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.org/
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A ...المزيد
*التعاون.والتكافل.ضرورة.الوقت.الحاضر.cc* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد ...
*التعاون.والتكافل.ضرورة.الوقت.الحاضر.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/C3GUlhHFIIE?si=ZjXCem2qgUxJoH
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ المكلا/22/ ذو الحجة/1445هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
ـ فإن الكوارث، والمحن، والطوام، والفتن، والصراعات، والغُمم قد اشتدت بقوة على الأمة وشدة لا يعلمها إلا الله، ونزل بها ما نزل، وحل بها ما حل، وما لا يشكى إلا إلى ربنا تبارك وتعالى مما نزل بها، سواء في شعوبها، أو في أفرادها، أو في دولها، أو في عامتها هذه الطوام يجب أمامها واجبات لا يحل لمسلم أن يداهن، وأن يتلاعب، وأن يتملص منها، بل واجب كل مسلم أن يكون مسلمًا كما أرتضاه الشرع أن يكون مسلمًا برقم صحيح، وذلك المسلم هو الذي من الله به على نبيه صلى الله عليه وسلم حين ذكره بأنه قد أنزل نصره عليه وأيده به ثم ثنى جل وعلا مع النصر بالمؤمنين: {هُوَ ٱلَّذِیۤ أَیَّدَكَ بِنَصۡرِهِۦ وَبِٱلۡمُؤۡمِنِینَ} والباء هنا باء السببية أي أن النصر جاء من الله ثم بسبب المؤمنين؛ لأن الله أيده بهم، فإن لم يكونوا لن يكون النصر، ولن تكون المعركة محسومة لصالح الإسلام والمسلمين، لكن ذلك الانتصار الكبير في أي معركة كانت للأمة لا بد له من إيمان حتى يتحقق: ﴿وَلا تَهِنوا وَلا تَحزَنوا وَأَنتُمُ الأَعلَونَ إِن كُنتُم مُؤمِنينَ﴾…
- واليوم معارك الأمة طاحنة وكثيرة وكبيرة ولعلها تكون في كل بيت بأي شيء كان من مشاكلها، وبأي شيء كان من عنائها، ومن أضطهادها، وظلمها وإن كانت في دول أشد دون دول أخرى، وإن كانت على مجتمعات أكثر من مجتمعات أخرى، أو حتى على بيوت أكثر من جاراتها، وبالتالي فالواجب على المسلم أن يكون مسلمًا حقا وأن يكون ممن من الله به على رسوله صلى الله عليه وسلم إلى قيام الساعة {هُوَ ٱلَّذِیۤ أَیَّدَكَ بِنَصۡرِهِۦ وَبِٱلۡمُؤۡمِنِینَ وَأَلَّفَ بَیۡنَ قُلُوبِهِمۡۚ لَوۡ أَنفَقۡتَ مَا فِی ٱلۡأَرۡضِ جَمِیعࣰا مَّاۤ أَلَّفۡتَ بَیۡنَ قُلُوبِهِمۡ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَیۡنَهُمۡۚ إِنَّهُۥ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ ﴾ إذن التأليف بين قلوب المؤمنين واجب شرعي بل قال الله: {وَٱعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ ٱللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُواْ ۚ وَٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَآءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِۦٓ إِخْوَٰنًا..}، وانظر ماذا قال الله بعدها ﴿فَأَصبَحتُم بِنِعمَتِهِ إِخوانًا وَكُنتُم عَلى شَفا حُفرَةٍ مِنَ النّارِ فَأَنقَذَكُم مِنها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُم آياتِهِ لَعَلَّكُم تَهتَدونَ﴾…
ـ إذن إن لم يكن الإخاء، وإن لم تكن الألفة، وإن لم يكن الإيمان لن يكون النجاة من النار ومن الحفرة التي كدنا أن نكون فيها قبل أن نكون مسلمين، فلما أصبحنا بحمدالله في حظيرة الإسلام أنقذنا الله من حفرة النيران بهذا الدين العظيم، فإن عدنا إلى تفرقنا وإلى خصامنا وإلى ما بيننا فإن الله تبارك وتعالى، سيعيد بنا إلى ما كنا ولسنا بأكرم من آدم عليه السلام الذي أخرجه الله من الجنة بذنب واحد فقط: ﴿وَكُنتُم عَلى شَفا حُفرَةٍ مِنَ النّارِ فَأَنقَذَكُم مِنها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُم آياتِهِ لَعَلَّكُم تَهتَدونَ﴾…
- ثم إن التأليف هذا ﴿وَأَلَّفَ بَينَ قُلوبِهِم لَو أَنفَقتَ ما فِي الأَرضِ جَميعًا ما أَلَّفتَ بَينَ قُلوبِهِم وَلكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَينَهُم إِنَّهُ عَزيزٌ حَكيمٌ﴾، لا يمكن أن يكون ذلك من بشر، ولا من فعل بشر بل من فعل الله تبارك وتعالى فعلى المسلم أن يسعى لينال ذلك السبب الأعظم من الله تبارك وتعالى وهي بطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال في نفس السورة التي من الله بها على المؤمنين بالتأليف بين قلوبهم وهي الأنفال قال ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ فإذن التنازع هو سبب الفشل والخصام والشقاق والنفاق والفتن والصراعات والخيانة والمكر وأي شيء كان مما يفسد العلاقات بين المسلمين فيما بينهم البين فهو باب أكبر لدعوة واحدة هي الدعوة لأن نعود لما كنا عليه: ﴿وَكُنتُم عَلى شَفا حُفرَةٍ مِنَ النّارِ فَأَنقَذَكُم مِنها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُم آياتِهِ لَعَلَّكُم تَهتَدونَ﴾… فمتى نهتدي ونعقل…!.
ـ فالواجب على المسلم أن يكون من صف رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي صفه صلى الله عليه وسلم الذي أيده الله به والذي من الله به تبارك وتعالى عليه للمؤمنين بالتأليف بين قلوبهم، ألا وإنها لن تقوم قائمة لمجتمع من المجتمعات الإسلامية إلا بالترابط والتكافل والألفة والإخوة والتعاون فيما بين ذلك المجتمع ولهذا سعى الإسلام جاهدا من أول لحظة أن يغرس هذا البناء، وأن يوجد هذا البناء الأشم ولذلك كان من أوائل فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جمعهم في المسجد ليتعارفوا، ثم إلى سبب الألفة والتراحم والتعاون والتعاطف ما بين المسلمين فكان ما بعد ذلك شرف المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار فكانت المنة الربانية على الصحابة ورسول الله صلى الله عليه وسلم: {هُوَ ٱلَّذِیۤ أَیَّدَكَ بِنَصۡرِهِۦ وَبِٱلۡمُؤۡمِنِینَ وَأَلَّفَ بَیۡنَ قُلُوبِهِمۡۚ لَوۡ أَنفَقۡتَ مَا فِی ٱلۡأَرۡضِ جَمِیعࣰا مَّاۤ أَلَّفۡتَ بَیۡنَ قُلُوبِهِمۡ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَیۡنَهُمۡۚ إِنَّهُۥ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ ﴾.
ـ فإن لم يكن المسجد جامعًا للمسلمين وكلمة المسلمين واحدة فلن تكون إخوة لن تكون أخوة حقيقية وإن وجدت فإن الإسلام لا يرتضي بالمسلم أن يكون متوجهًا إليه في صلاته بينما متوجهًا إلى غيره في مشاحنات ما بينه وبين المسلمين دليل ذلك في كتاب الله تبارك وتعالى صريحًا صحيحا واضحا نقيا لا مرية فيه أبدا{لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} يعني ليس المطلوب أن ان تصلوا لله وأن تكون علاقتكم بينكم وبين الله سليمة وممتازة وقوية لكن العلاقة بينكم وبين إخوانكم المسلمين ليست بعلاق جيدة، وأقرأ الآية بتمامها لتتضح لنا معالم البر الحقيقي الذي ينال به المسلم درجة التقوى: ﴿لَيسَ البِرَّ أَن تُوَلّوا وُجوهَكُم قِبَلَ المَشرِقِ وَالمَغرِبِ وَلكِنَّ البِرَّ مَن آمَنَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَالمَلائِكَةِ وَالكِتابِ وَالنَّبِيّينَ وَآتَى المالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي القُربى وَاليَتامى وَالمَساكينَ وَابنَ السَّبيلِ وَالسّائِلينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالموفونَ بِعَهدِهِم إِذا عاهَدوا وَالصّابِرينَ فِي البَأساءِ وَالضَّرّاءِ وَحينَ البَأسِ أُولئِكَ الَّذينَ صَدَقوا وَأُولئِكَ هُمُ المُتَّقونَ﴾، إذن فالمطلوب أن يكون المسلم متكاملا في شأنه كله، فهو مسلم في المسجد، هو مسلم في السوق، هو مسلم في البيت، هو مسلم بين أصدقائه، هو مسلم في عمله، وهو مسلم في توجهه، هو مسلم هو مسلم في أفكاره، وهو مسلم أينما اتجه، وأينما حل وارتحل، وسواء كان على سبيل الحقيقة أو كان على سبيل غير الحقيقة كوسائل التواصل مثلا.
ـ فيجب أن ان يكون المسلم مسلمًا ملتزمًا بأحكام إسلامه ممثلًا له ومتمثلًا أيضا في نفسه وسائر شؤون حياته وأينما كان ولا فرق بين عبادات وبين معاملات في ديننا، بل الإسلام شامل كامل كل الكمال والشمول ﴿لَيسَ البِرَّ أَن تُوَلّوا وُجوهَكُم قِبَلَ المَشرِقِ وَالمَغرِبِ وَلكِنَّ البِرَّ مَن آمَنَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَالمَلائِكَةِ وَالكِتابِ وَالنَّبِيّينَ وَآتَى المالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي القُربى وَاليَتامى وَالمَساكينَ وَابنَ السَّبيلِ وَالسّائِلينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالموفونَ بِعَهدِهِم إِذا عاهَدوا وَالصّابِرينَ فِي البَأساءِ وَالضَّرّاءِ وَحينَ البَأسِ أُولئِكَ الَّذينَ صَدَقوا وَأُولئِكَ هُمُ المُتَّقونَ﴾، وانظر بما ختم الله الاية الكريمة بقوله {وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} إنها أجمع آية تتحدث عن صفات المتقين.
ـ ألا أيها الإخوة فإن الواجب على المسلم أن يكون مترابطًا أن يكون متكافلًا أن يكون متعاونًا أن يكون أخًا للمسلمين جميعًا، ولهذا النبي صلى الله عليه كما في البخاري ومسلم أنه عليه الصلاة والسلام قال للصحابة وللأمة عامة: (بينما نحن في سفر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل على راحلة فجعل يضرب يمينا وشمالا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل زاد فليعد به على من لا زاد له" قال : فذكر من أصناف المال حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل . رواه مسلمقال الراوي: فذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصناف المال حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل….)، أي أن مالك الفائض على حاجتك هو مال أخيك، أن ما عندك من زيادة هو لأخيك…
ـ ولهذا فإن ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم تكون بعيدة على المسلم الذي يبيت شبعانا وجاره بجواره جائع وهو يعلم فقال صلى الله عليه وسلم نافيا عنه الإيمان بأنه ( لا يؤمن من بات شبعان وجاره جائع بجواره وهو يعلم) وكذلك ورد عند الامام احمد عليها رحمة الله في مسنده وصححه كثير من المحققين منهم أحمد شاكر عليه رحمة الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من احتكر طعاما أربعين ليلة فقد برئ من الله وبرئ الله منه، وأيما أهل عرصة أصبح فيهم امرؤ جائعا فقد برئت منهم ذمة الله تبارك وتعالى".
ـ ألا أيها الإخوة الأمر خطير وعظيم، ولهذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد حث الناس بنموذج للصحابة رضوان الله عليهم وإن كانت نماذج الصحابة كلها تصلح أن تكون هي النماذج البارزة فذكر النبي عليه الصلاة والسلام حديث اليمانيين الأشعريين كما عند مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر: (أن الأشعريين إذا كانوا في الغزو فأرملوا أي أنتهى زادهم، أو في المدينة فقل طعامهم أي جاع أولادهم وعيالهم، جمعوا ما عندهم من زاد فجعلوه في ثوب واحد فتقاسموه بينهم بالسوية فهم مني وأنا منهم) هكذا يقول صلى الله عليه وسلم.
ـ ألا من شاء أن يكون من رسول الله وفي رسول الله وراجع لرسول الله صلى الله عليه وسلم فليكن كذلك، وإن المسلمين اليوم قد أصبح الحال فيهم ما لا يعلمه إلا الله، وخاصة عند بعضهم، ويقوم المثل السائد فيما بينهم: "البيوت مقابر لأهلها" فلا أحد يعلم ما بجواره، وما عليه وما هو له، هل أكل أم لم يأكل، هل شبع أم لا زال جائعا وأولاده كذلك، وهكذا دواليك من أحاديث كثيرة مخيفة تبين لنا فريضة التكافل والتعاون بيننا، ألا فإن الواجب على المسلم أن يظل متعايشا مع إخوانه المسلمين ولذلك قال الله تبارك وتعالى حاصرً الخير في الصدقة {لَّا خَيْرَ فِى كَثِيرٍۢ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ}، فبدأ بها {إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ} .
ـ ألا فإن مثل هذا يجب أن يكون بين المسلمين لا بالصدقة وحسب، بل هناك الهبة، وهناك الهدية، وهناك الوقف، وهناك النذور، وهناك الزكاة، وهناك أيضاً النفقات، وهناك الكفارات، وهناك أعداد كثيرة من الواجبات الشرعية التي فرضها الإسلام على المسلمين بغية التكاتف فيما بينهم والتراحم وأن المسلم لأخيه المسلم حقا فلقد قال صلى الله عليه وسلم عن المسلمين وهو يتحدث عنهم: (مثل المؤمنين في تراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)…
ـ وأشبه المسلم مع إخوانه وفقًا للحديث بأنه الجسد الكبير للأمة كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ولا يمكن أن يتبرأ عضو عن عضو باعتبار على أن اليد ليست من اليد الأخرى، وعلى أن الرأس ليس من الجسد، وعلى أن القدم ليس مما فوقها وهكذا لا يمكن أبدا بل إذا أصيب حتى بشوكة فإن الكل يتألم لجزء يسير تألم من الجسد.
ـ فهكذا شبه النبي عليه الصلاة والسلام. الأمة بل ذكر على أنهم كالبنيان أو كالبنان في رواية اخرى أما كالبنيان المرصوص المعروف للبيوت أو كالبنان كل هذه إشباه صحيحة يشد بعضه بعضا يشد كل بنانة بنانة أخرى ويشد كل بنيان بنيان آخر فهذه هي الأمة بجموع أفرادها فإن تفرق الأفراد تفرقت الأمة وإن تشرذم الأفراد تشرذمت الأمة، وإن صح الأفراد صحت الأمة. فإن الأمة بمجموع أفرادها وإن الله لا يغير حال الأمة إلا بيتغير حال الأفراد: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}.
أقول قولي هذا وأستغفر الله.
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:
ـ فلا شك أيها الإخوة أن الكلام هذا الذي ذكرته في الخطبة الأولى هو عام لكل مسلم، وفي كل بيت، وعلى كل أخ ما دام وأن أخاه المسلم في شيء من ذلك الضر، أو الفقر، أو المصيبة، أو الطامة، أو الكارثة التي نزلت به، وحلت عليه أو أي شيء كان من هموم الحياة…
- ولكن أهم الأعظم من أنفسنا وحياتنا هم إخواننا المجاهدين في أرض غزة العزة الذين يدافعون عن كرامتنا، وعن أمتنا، وعن مقدساتنا، وعن ديننا، وعن كل شيء فينا، وعن كل واحد منا، هم منا ونحن منهم، هم لا يمكن أن يكونوا إلا بنا ونحن لا يمكن أن نكون إلا بهم فإن تركناهم للعدو ان يستأصلهم وأن يجيعهم وأن يقتلهم وأن يدمرهم وأن يفعل بهم الأفاعيل، وأبناء المسلمين ينظرون اليهم صباح مساء لهي كارثة عظيمة ووالله إنا لمسؤولون جميعًا عما يحدث لهم…!
- وما نرى من واقع الحال وما نزل بهم مما تنقله إلينا عدسات الكاميرات الصباح والمساء لهي أعظم كارثة فأين المسلمون اليوم يوم من التأثر بمصاب إخوانهم والترابط والتكافل وأن يعلموا علم يقين على أن هؤلاء إن أصيبوا أصيبت الأمة وإن هزموا لا قدر الله -ولن يهزموا وعد الله وعد الله- فإن الأمة كذلك ستهتزم، وتتشرذم أكثر، ويستهان بها أعظم، إنها فتنة بل امتحان عظيم للأمة إن خسرت الأمة فيهم خسرت الأمة في كل أفرادها، وإن أفلحت الأمة بانتصارهم فلحت الأمة في كل شيء، وهم أشبه بالمثل الذي أخذناه وعرفنا كثيرا ولعله يعرفه كل أحد باسم الأثوار الثلاثة اللاتي لفترست كل ثور انفرد به العدو وحده ثم قضي عليه وعلى إخوانه.
ـ فكذلك هم إن انفرد بهم وفعل بهم الأفاعيل سيفعل بكل عواصم الدول وكل قرية من القرى وكل فرد من الأفراد ما فعل بإخواننا فأين المسلمون اليوم من أن يهبوا لنجدتهم مع أن عدونا وعدوهم هو في أضعف وأشد وأعظم مراحل السقوط على الإطلاق والانهيار السياسي، والاقتصادي، والعسكري والمخابراتي، والثقافي، والتفكك الاجتماعي والنفسي، وقل ما شئت فضلاً على بقائه في أرض ليسه له ولا قيم له ولا مبادئ له ولا دين له ولا أخلاق ولا أي شيء كان ومعناه الانهيار بكل ما تعنيه الكلمة من انهيار عميق وعظيم ليس إلا كما يقال قشة الجمل فقط أن تزاح وأن حتى ببنان أن تلمس فإذا هو منهار.
ـ فأين الأمة أين ملايين الملايين؟ من جيوش المسلمين وأين مليارات المليارات المليارات؟ من رصاصات وقاذفات وصواريخ ودبابات وطائرات وكلام فاضي أين هذه بكلها؟!.
ـ وإن غزة اليوم تشهد أعظم مجاعة منذ أن وجد بحرب حتى هذه الحرب أعظم مجاعة تشهدها على الإطلاق، ولا يعني ذلك الحديث على أنكم لا تعلمون حديثي يعني بل الكاميرات تتحدث إلينا بالصوت والصورة، ولو أن الكاميرات ايضًا تنقل أوجاع البطون وضربات العروق وما فيها لأحسسنا بها وشمينا ريحتها…
ـ أيها الإخوة أين اسم الإسلام الحقيقي منا أين التناصر والتآزر، وأين التآخي، وأين آيات القرآن، وأين أحاديث العدنان ما تحرك فينا قيم الإسلام لهذا بكله ألا فإن الواجب على المسلم أن يظل هذا حاضرا في ذهنه فاعلا في عمله وواقعه وأينما كان بكل ما يستطيع بكل ما يستطيع بيده بلسانه بماله بخبرته بسلاحه بكل شيء فإنه واجب على كل مسلم والله يقول أخيراً {فاتقوا الله ما استطعتم} وإن الاستطاعة على كل مسلم تختلف من فرد لفرد، ألا فإن الواجب على المسلم أن يتقي الله في إخوانه فإنه مسئول عنهم لا شك ولا ريب بين يدي الله فليعد للسؤال جوابا صوابا، وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.org/
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/C3GUlhHFIIE?si=ZjXCem2qgUxJoH
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ المكلا/22/ ذو الحجة/1445هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
ـ فإن الكوارث، والمحن، والطوام، والفتن، والصراعات، والغُمم قد اشتدت بقوة على الأمة وشدة لا يعلمها إلا الله، ونزل بها ما نزل، وحل بها ما حل، وما لا يشكى إلا إلى ربنا تبارك وتعالى مما نزل بها، سواء في شعوبها، أو في أفرادها، أو في دولها، أو في عامتها هذه الطوام يجب أمامها واجبات لا يحل لمسلم أن يداهن، وأن يتلاعب، وأن يتملص منها، بل واجب كل مسلم أن يكون مسلمًا كما أرتضاه الشرع أن يكون مسلمًا برقم صحيح، وذلك المسلم هو الذي من الله به على نبيه صلى الله عليه وسلم حين ذكره بأنه قد أنزل نصره عليه وأيده به ثم ثنى جل وعلا مع النصر بالمؤمنين: {هُوَ ٱلَّذِیۤ أَیَّدَكَ بِنَصۡرِهِۦ وَبِٱلۡمُؤۡمِنِینَ} والباء هنا باء السببية أي أن النصر جاء من الله ثم بسبب المؤمنين؛ لأن الله أيده بهم، فإن لم يكونوا لن يكون النصر، ولن تكون المعركة محسومة لصالح الإسلام والمسلمين، لكن ذلك الانتصار الكبير في أي معركة كانت للأمة لا بد له من إيمان حتى يتحقق: ﴿وَلا تَهِنوا وَلا تَحزَنوا وَأَنتُمُ الأَعلَونَ إِن كُنتُم مُؤمِنينَ﴾…
- واليوم معارك الأمة طاحنة وكثيرة وكبيرة ولعلها تكون في كل بيت بأي شيء كان من مشاكلها، وبأي شيء كان من عنائها، ومن أضطهادها، وظلمها وإن كانت في دول أشد دون دول أخرى، وإن كانت على مجتمعات أكثر من مجتمعات أخرى، أو حتى على بيوت أكثر من جاراتها، وبالتالي فالواجب على المسلم أن يكون مسلمًا حقا وأن يكون ممن من الله به على رسوله صلى الله عليه وسلم إلى قيام الساعة {هُوَ ٱلَّذِیۤ أَیَّدَكَ بِنَصۡرِهِۦ وَبِٱلۡمُؤۡمِنِینَ وَأَلَّفَ بَیۡنَ قُلُوبِهِمۡۚ لَوۡ أَنفَقۡتَ مَا فِی ٱلۡأَرۡضِ جَمِیعࣰا مَّاۤ أَلَّفۡتَ بَیۡنَ قُلُوبِهِمۡ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَیۡنَهُمۡۚ إِنَّهُۥ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ ﴾ إذن التأليف بين قلوب المؤمنين واجب شرعي بل قال الله: {وَٱعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ ٱللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُواْ ۚ وَٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَآءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِۦٓ إِخْوَٰنًا..}، وانظر ماذا قال الله بعدها ﴿فَأَصبَحتُم بِنِعمَتِهِ إِخوانًا وَكُنتُم عَلى شَفا حُفرَةٍ مِنَ النّارِ فَأَنقَذَكُم مِنها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُم آياتِهِ لَعَلَّكُم تَهتَدونَ﴾…
ـ إذن إن لم يكن الإخاء، وإن لم تكن الألفة، وإن لم يكن الإيمان لن يكون النجاة من النار ومن الحفرة التي كدنا أن نكون فيها قبل أن نكون مسلمين، فلما أصبحنا بحمدالله في حظيرة الإسلام أنقذنا الله من حفرة النيران بهذا الدين العظيم، فإن عدنا إلى تفرقنا وإلى خصامنا وإلى ما بيننا فإن الله تبارك وتعالى، سيعيد بنا إلى ما كنا ولسنا بأكرم من آدم عليه السلام الذي أخرجه الله من الجنة بذنب واحد فقط: ﴿وَكُنتُم عَلى شَفا حُفرَةٍ مِنَ النّارِ فَأَنقَذَكُم مِنها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُم آياتِهِ لَعَلَّكُم تَهتَدونَ﴾…
- ثم إن التأليف هذا ﴿وَأَلَّفَ بَينَ قُلوبِهِم لَو أَنفَقتَ ما فِي الأَرضِ جَميعًا ما أَلَّفتَ بَينَ قُلوبِهِم وَلكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَينَهُم إِنَّهُ عَزيزٌ حَكيمٌ﴾، لا يمكن أن يكون ذلك من بشر، ولا من فعل بشر بل من فعل الله تبارك وتعالى فعلى المسلم أن يسعى لينال ذلك السبب الأعظم من الله تبارك وتعالى وهي بطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال في نفس السورة التي من الله بها على المؤمنين بالتأليف بين قلوبهم وهي الأنفال قال ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ فإذن التنازع هو سبب الفشل والخصام والشقاق والنفاق والفتن والصراعات والخيانة والمكر وأي شيء كان مما يفسد العلاقات بين المسلمين فيما بينهم البين فهو باب أكبر لدعوة واحدة هي الدعوة لأن نعود لما كنا عليه: ﴿وَكُنتُم عَلى شَفا حُفرَةٍ مِنَ النّارِ فَأَنقَذَكُم مِنها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُم آياتِهِ لَعَلَّكُم تَهتَدونَ﴾… فمتى نهتدي ونعقل…!.
ـ فالواجب على المسلم أن يكون من صف رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي صفه صلى الله عليه وسلم الذي أيده الله به والذي من الله به تبارك وتعالى عليه للمؤمنين بالتأليف بين قلوبهم، ألا وإنها لن تقوم قائمة لمجتمع من المجتمعات الإسلامية إلا بالترابط والتكافل والألفة والإخوة والتعاون فيما بين ذلك المجتمع ولهذا سعى الإسلام جاهدا من أول لحظة أن يغرس هذا البناء، وأن يوجد هذا البناء الأشم ولذلك كان من أوائل فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جمعهم في المسجد ليتعارفوا، ثم إلى سبب الألفة والتراحم والتعاون والتعاطف ما بين المسلمين فكان ما بعد ذلك شرف المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار فكانت المنة الربانية على الصحابة ورسول الله صلى الله عليه وسلم: {هُوَ ٱلَّذِیۤ أَیَّدَكَ بِنَصۡرِهِۦ وَبِٱلۡمُؤۡمِنِینَ وَأَلَّفَ بَیۡنَ قُلُوبِهِمۡۚ لَوۡ أَنفَقۡتَ مَا فِی ٱلۡأَرۡضِ جَمِیعࣰا مَّاۤ أَلَّفۡتَ بَیۡنَ قُلُوبِهِمۡ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَیۡنَهُمۡۚ إِنَّهُۥ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ ﴾.
ـ فإن لم يكن المسجد جامعًا للمسلمين وكلمة المسلمين واحدة فلن تكون إخوة لن تكون أخوة حقيقية وإن وجدت فإن الإسلام لا يرتضي بالمسلم أن يكون متوجهًا إليه في صلاته بينما متوجهًا إلى غيره في مشاحنات ما بينه وبين المسلمين دليل ذلك في كتاب الله تبارك وتعالى صريحًا صحيحا واضحا نقيا لا مرية فيه أبدا{لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} يعني ليس المطلوب أن ان تصلوا لله وأن تكون علاقتكم بينكم وبين الله سليمة وممتازة وقوية لكن العلاقة بينكم وبين إخوانكم المسلمين ليست بعلاق جيدة، وأقرأ الآية بتمامها لتتضح لنا معالم البر الحقيقي الذي ينال به المسلم درجة التقوى: ﴿لَيسَ البِرَّ أَن تُوَلّوا وُجوهَكُم قِبَلَ المَشرِقِ وَالمَغرِبِ وَلكِنَّ البِرَّ مَن آمَنَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَالمَلائِكَةِ وَالكِتابِ وَالنَّبِيّينَ وَآتَى المالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي القُربى وَاليَتامى وَالمَساكينَ وَابنَ السَّبيلِ وَالسّائِلينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالموفونَ بِعَهدِهِم إِذا عاهَدوا وَالصّابِرينَ فِي البَأساءِ وَالضَّرّاءِ وَحينَ البَأسِ أُولئِكَ الَّذينَ صَدَقوا وَأُولئِكَ هُمُ المُتَّقونَ﴾، إذن فالمطلوب أن يكون المسلم متكاملا في شأنه كله، فهو مسلم في المسجد، هو مسلم في السوق، هو مسلم في البيت، هو مسلم بين أصدقائه، هو مسلم في عمله، وهو مسلم في توجهه، هو مسلم هو مسلم في أفكاره، وهو مسلم أينما اتجه، وأينما حل وارتحل، وسواء كان على سبيل الحقيقة أو كان على سبيل غير الحقيقة كوسائل التواصل مثلا.
ـ فيجب أن ان يكون المسلم مسلمًا ملتزمًا بأحكام إسلامه ممثلًا له ومتمثلًا أيضا في نفسه وسائر شؤون حياته وأينما كان ولا فرق بين عبادات وبين معاملات في ديننا، بل الإسلام شامل كامل كل الكمال والشمول ﴿لَيسَ البِرَّ أَن تُوَلّوا وُجوهَكُم قِبَلَ المَشرِقِ وَالمَغرِبِ وَلكِنَّ البِرَّ مَن آمَنَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَالمَلائِكَةِ وَالكِتابِ وَالنَّبِيّينَ وَآتَى المالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي القُربى وَاليَتامى وَالمَساكينَ وَابنَ السَّبيلِ وَالسّائِلينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالموفونَ بِعَهدِهِم إِذا عاهَدوا وَالصّابِرينَ فِي البَأساءِ وَالضَّرّاءِ وَحينَ البَأسِ أُولئِكَ الَّذينَ صَدَقوا وَأُولئِكَ هُمُ المُتَّقونَ﴾، وانظر بما ختم الله الاية الكريمة بقوله {وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} إنها أجمع آية تتحدث عن صفات المتقين.
ـ ألا أيها الإخوة فإن الواجب على المسلم أن يكون مترابطًا أن يكون متكافلًا أن يكون متعاونًا أن يكون أخًا للمسلمين جميعًا، ولهذا النبي صلى الله عليه كما في البخاري ومسلم أنه عليه الصلاة والسلام قال للصحابة وللأمة عامة: (بينما نحن في سفر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل على راحلة فجعل يضرب يمينا وشمالا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل زاد فليعد به على من لا زاد له" قال : فذكر من أصناف المال حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل . رواه مسلمقال الراوي: فذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصناف المال حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل….)، أي أن مالك الفائض على حاجتك هو مال أخيك، أن ما عندك من زيادة هو لأخيك…
ـ ولهذا فإن ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم تكون بعيدة على المسلم الذي يبيت شبعانا وجاره بجواره جائع وهو يعلم فقال صلى الله عليه وسلم نافيا عنه الإيمان بأنه ( لا يؤمن من بات شبعان وجاره جائع بجواره وهو يعلم) وكذلك ورد عند الامام احمد عليها رحمة الله في مسنده وصححه كثير من المحققين منهم أحمد شاكر عليه رحمة الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من احتكر طعاما أربعين ليلة فقد برئ من الله وبرئ الله منه، وأيما أهل عرصة أصبح فيهم امرؤ جائعا فقد برئت منهم ذمة الله تبارك وتعالى".
ـ ألا أيها الإخوة الأمر خطير وعظيم، ولهذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد حث الناس بنموذج للصحابة رضوان الله عليهم وإن كانت نماذج الصحابة كلها تصلح أن تكون هي النماذج البارزة فذكر النبي عليه الصلاة والسلام حديث اليمانيين الأشعريين كما عند مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر: (أن الأشعريين إذا كانوا في الغزو فأرملوا أي أنتهى زادهم، أو في المدينة فقل طعامهم أي جاع أولادهم وعيالهم، جمعوا ما عندهم من زاد فجعلوه في ثوب واحد فتقاسموه بينهم بالسوية فهم مني وأنا منهم) هكذا يقول صلى الله عليه وسلم.
ـ ألا من شاء أن يكون من رسول الله وفي رسول الله وراجع لرسول الله صلى الله عليه وسلم فليكن كذلك، وإن المسلمين اليوم قد أصبح الحال فيهم ما لا يعلمه إلا الله، وخاصة عند بعضهم، ويقوم المثل السائد فيما بينهم: "البيوت مقابر لأهلها" فلا أحد يعلم ما بجواره، وما عليه وما هو له، هل أكل أم لم يأكل، هل شبع أم لا زال جائعا وأولاده كذلك، وهكذا دواليك من أحاديث كثيرة مخيفة تبين لنا فريضة التكافل والتعاون بيننا، ألا فإن الواجب على المسلم أن يظل متعايشا مع إخوانه المسلمين ولذلك قال الله تبارك وتعالى حاصرً الخير في الصدقة {لَّا خَيْرَ فِى كَثِيرٍۢ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ}، فبدأ بها {إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ} .
ـ ألا فإن مثل هذا يجب أن يكون بين المسلمين لا بالصدقة وحسب، بل هناك الهبة، وهناك الهدية، وهناك الوقف، وهناك النذور، وهناك الزكاة، وهناك أيضاً النفقات، وهناك الكفارات، وهناك أعداد كثيرة من الواجبات الشرعية التي فرضها الإسلام على المسلمين بغية التكاتف فيما بينهم والتراحم وأن المسلم لأخيه المسلم حقا فلقد قال صلى الله عليه وسلم عن المسلمين وهو يتحدث عنهم: (مثل المؤمنين في تراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)…
ـ وأشبه المسلم مع إخوانه وفقًا للحديث بأنه الجسد الكبير للأمة كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ولا يمكن أن يتبرأ عضو عن عضو باعتبار على أن اليد ليست من اليد الأخرى، وعلى أن الرأس ليس من الجسد، وعلى أن القدم ليس مما فوقها وهكذا لا يمكن أبدا بل إذا أصيب حتى بشوكة فإن الكل يتألم لجزء يسير تألم من الجسد.
ـ فهكذا شبه النبي عليه الصلاة والسلام. الأمة بل ذكر على أنهم كالبنيان أو كالبنان في رواية اخرى أما كالبنيان المرصوص المعروف للبيوت أو كالبنان كل هذه إشباه صحيحة يشد بعضه بعضا يشد كل بنانة بنانة أخرى ويشد كل بنيان بنيان آخر فهذه هي الأمة بجموع أفرادها فإن تفرق الأفراد تفرقت الأمة وإن تشرذم الأفراد تشرذمت الأمة، وإن صح الأفراد صحت الأمة. فإن الأمة بمجموع أفرادها وإن الله لا يغير حال الأمة إلا بيتغير حال الأفراد: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}.
أقول قولي هذا وأستغفر الله.
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:
ـ فلا شك أيها الإخوة أن الكلام هذا الذي ذكرته في الخطبة الأولى هو عام لكل مسلم، وفي كل بيت، وعلى كل أخ ما دام وأن أخاه المسلم في شيء من ذلك الضر، أو الفقر، أو المصيبة، أو الطامة، أو الكارثة التي نزلت به، وحلت عليه أو أي شيء كان من هموم الحياة…
- ولكن أهم الأعظم من أنفسنا وحياتنا هم إخواننا المجاهدين في أرض غزة العزة الذين يدافعون عن كرامتنا، وعن أمتنا، وعن مقدساتنا، وعن ديننا، وعن كل شيء فينا، وعن كل واحد منا، هم منا ونحن منهم، هم لا يمكن أن يكونوا إلا بنا ونحن لا يمكن أن نكون إلا بهم فإن تركناهم للعدو ان يستأصلهم وأن يجيعهم وأن يقتلهم وأن يدمرهم وأن يفعل بهم الأفاعيل، وأبناء المسلمين ينظرون اليهم صباح مساء لهي كارثة عظيمة ووالله إنا لمسؤولون جميعًا عما يحدث لهم…!
- وما نرى من واقع الحال وما نزل بهم مما تنقله إلينا عدسات الكاميرات الصباح والمساء لهي أعظم كارثة فأين المسلمون اليوم يوم من التأثر بمصاب إخوانهم والترابط والتكافل وأن يعلموا علم يقين على أن هؤلاء إن أصيبوا أصيبت الأمة وإن هزموا لا قدر الله -ولن يهزموا وعد الله وعد الله- فإن الأمة كذلك ستهتزم، وتتشرذم أكثر، ويستهان بها أعظم، إنها فتنة بل امتحان عظيم للأمة إن خسرت الأمة فيهم خسرت الأمة في كل أفرادها، وإن أفلحت الأمة بانتصارهم فلحت الأمة في كل شيء، وهم أشبه بالمثل الذي أخذناه وعرفنا كثيرا ولعله يعرفه كل أحد باسم الأثوار الثلاثة اللاتي لفترست كل ثور انفرد به العدو وحده ثم قضي عليه وعلى إخوانه.
ـ فكذلك هم إن انفرد بهم وفعل بهم الأفاعيل سيفعل بكل عواصم الدول وكل قرية من القرى وكل فرد من الأفراد ما فعل بإخواننا فأين المسلمون اليوم من أن يهبوا لنجدتهم مع أن عدونا وعدوهم هو في أضعف وأشد وأعظم مراحل السقوط على الإطلاق والانهيار السياسي، والاقتصادي، والعسكري والمخابراتي، والثقافي، والتفكك الاجتماعي والنفسي، وقل ما شئت فضلاً على بقائه في أرض ليسه له ولا قيم له ولا مبادئ له ولا دين له ولا أخلاق ولا أي شيء كان ومعناه الانهيار بكل ما تعنيه الكلمة من انهيار عميق وعظيم ليس إلا كما يقال قشة الجمل فقط أن تزاح وأن حتى ببنان أن تلمس فإذا هو منهار.
ـ فأين الأمة أين ملايين الملايين؟ من جيوش المسلمين وأين مليارات المليارات المليارات؟ من رصاصات وقاذفات وصواريخ ودبابات وطائرات وكلام فاضي أين هذه بكلها؟!.
ـ وإن غزة اليوم تشهد أعظم مجاعة منذ أن وجد بحرب حتى هذه الحرب أعظم مجاعة تشهدها على الإطلاق، ولا يعني ذلك الحديث على أنكم لا تعلمون حديثي يعني بل الكاميرات تتحدث إلينا بالصوت والصورة، ولو أن الكاميرات ايضًا تنقل أوجاع البطون وضربات العروق وما فيها لأحسسنا بها وشمينا ريحتها…
ـ أيها الإخوة أين اسم الإسلام الحقيقي منا أين التناصر والتآزر، وأين التآخي، وأين آيات القرآن، وأين أحاديث العدنان ما تحرك فينا قيم الإسلام لهذا بكله ألا فإن الواجب على المسلم أن يظل هذا حاضرا في ذهنه فاعلا في عمله وواقعه وأينما كان بكل ما يستطيع بكل ما يستطيع بيده بلسانه بماله بخبرته بسلاحه بكل شيء فإنه واجب على كل مسلم والله يقول أخيراً {فاتقوا الله ما استطعتم} وإن الاستطاعة على كل مسلم تختلف من فرد لفرد، ألا فإن الواجب على المسلم أن يتقي الله في إخوانه فإنه مسئول عنهم لا شك ولا ريب بين يدي الله فليعد للسؤال جوابا صوابا، وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.org/
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A ...المزيد
*فقة.الأولويات.وفريضته.على.المسلمين.والمسلمات.cc* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو ...
*فقة.الأولويات.وفريضته.على.المسلمين.والمسلمات.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/iwlHFfF1pc4?si=Ol-ISQqHttXYdiek
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ المكلا/15/ ذو الحجة/1445هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
ـ فهناك موضوع كبير ومهم غاية في الأهمية أحب أن أتطرق إليه اليوم لأسباب كثيرة، ولأمور عديدة، نعم إنه موضوع كبير يحتاج لوقفة جادة منا كمسلمين، هو موضوع مؤرق ويتكرر في كل وقت وفي كل حين، وذلك الأمر أصابنا بعشوائية وفوضى وغوغائية في حياتنا مما لا يحل لمسلم أن يكون فيه ذلك الشيء، بل يجب عليه أن يصبح منظمًا، وأن يكون مرتبًا وفق شرع رب العالمين سبحانه وتعالى؛ إذ أن الكون كله يمشي وفق نظام محكم كما قال ربنا تبارك وتعالى في محكم التنزيل:{كُلٌّ في فَلَكٍ يَسبَحونَ﴾…
- إنه فقة الأولويات والموازنات وترتيب الأشياء، فلا يقدم المؤخر، ولا يؤخر المقدم، ولا يهتم بالصغير ويترك الكبير، ويضع جل اهتمامه بأمور المستحبات، لكنه يترك الواجبات، أو ينتبه للمكروهات بينما هو يرتكب المحرمات، وهناك كثير من الأمثلة والنماذج في واقعنا العملي، وفي حياتنا اليومية المتكررة…
- إن الذي دعاني لطرق الموضوع هو موضوع الحج، وموضوع العشر من ذي الحجة أيضًا؛ فنرى مثلاً فيهما شيئًا من ذلك، وهو طافح وواضح يُرى للعيان؛ ففي العشر من ذي الحجة مثلاً نرى الاهتمام الأمثل، والأكبر، والأجل بموضوع سنة نبوية مختلف فيها عند الفقهاء بين سنيتها عند أكثرهم ووجوبها عند قلة قليلة منهم أمام ترك واجبات، وارتكاب محرمات، وإتيان كبائر معلومات، بينما هو يتنبه لسنة الأخذ من الشعر أو من البشر لمن أراد أن يضحي وهي سنة نبوية خاصة بمن أراد أن يضحي كما هو معلوم أن لا يأخذ من شعره ولا من بشره شيئًا بينما… فنجد أغلب المسلمين اليوم يعلمون تفاصيل هذه السنة، ويهتمون بها، ويسألون عنها، ويعملون بها بحذافيرها، ويوصي بعضهم بعضًا بها، وينكر على من تركها وتخلف عنها… بينما تُرتكب محرمات، وتُترك واجبات وفرائض معلومات هنا وهناك دون أن نرى مقدار ذرة من هذا الاهتمام البالغ والعمل الصارم بهذه السنة النبوية.. وهذا يعني الفوضى، وكما قال معاوية رضي الله عنه لم اجد إسرافـًا إلا وبجواره حق مضيع"، الإفراط الكبير في شيء يقابله حق مضيع في شيء آخر ولا بد .
- إذن فالاهتمام بالصغائر من الحسنات، وعدم الاهتمام بالفرائض من الواجبات، أو ارتكاب المحرمات التي هي معلومة من الدين بالضرورة أمام الاهتمام بأمور ثانوية وليست بأساسية لهو اختلال في فقه الموازين، وابتعاد عن سنة الله في الكون، بل شرع الله على العموم وهو ما لا يحل للمسلم أن يكون هكذا عشوائيًا وفوضويًا بل يجب عليه أن يرتب أولوياته في الحياة فلا يقدم ما حقه التأخير، ولا يؤخر ما حقه التقديم، ولا يهتم بالسنة ويترك الفريضة، وهذا الصديق رضي الله عنه يقول في كلمة جامعة ووصية للخليفة عمر رضي الله عنه من بعده: "إن الله لا يقبل النافلة حتى تؤدى الفريضة"… وما أكثر الفرائض التي تُركت وما أكثر السنن التي فُعلت، وما أشد وأعظم الجرائم التي ارتُكبت دون نكير، وما أكثر الصغائر التي أنكر على فاعلها…
ـ وقل مثل هذا في الحج الذي نرى أكثر من ثلث الحجاج في كل عام هم يتكررون في كل عام، أي أن حجهم إنما هو نافلة وليس بفريضة واجبة، أي أنهم قد حجوا مراراً قبل تلك الحجة وقبل آخر حجة فهم قد حجوا قبلها حججًا متعددة، بل يقولون إننا لا نستطيع أن نترك الحج سنة أبدًا؛ لأن نفوسنا تتوق إليه، وهذا عن جهل فقط وإلا فهناك واجبات في الشرع تركوها، ونوافل كثيرة لم يفعلوها، مع أن الحج نفقاته باهضة، والأموال التي تُصرف فيه عشرات الآلاف من الدولارات للشخص الواحد… وهي حجة نافلة، وكل عام متكررة، ولو أنهم سخروا أموالهم التي حجوا بها حجة نافلة سخروها لمصالح المسلمين التي هي كثيرة، ومتشعبة، ومتعددة بل ضرورات قصوى لهم لم يجدوا من يسدها ولن يجدوا؛ فالجوعى هنا وهناك، والقتل والدمار والنزوح والتشريد في كل الساحات، ونرى أيضاً المجاعات شعوبًا بأكملها من المسلمين فمن لهم….
- فضلاً عن الفريضة العظمى، والشعيرة الكبرى في واقعنا وفي كل عصر ومصر إنها أرض الرباط والجهاد في فلسطين ومحور مقاومتها غزة العزة فنرى الجوعى ونرى القتلى ونرى المجاعات الساحقة لملايين البشر هناك، فضلاً عن قتل ودمار لا يجدون حتى الأسلحة التي يدافعون بها عن المسلمين والمسلمات، وأن يحموا ثغور الإسلام والمسلمين، وأن يحرسوا المقدسات… ولكن أين المسلمون اليوم من هذا الواجب أمام الاهتمام بواجبات أو بسنن أو بنوافل أو بأشياء ثانوية…!.
- فإذن ما نراه في واقعنا ليس في الحج والعمرة وليس أيضًا في العشر من ذي الحجة بل هو كثير طافح في واقعنا بل نرى على أن كثيرا من المسلمين يتعلل بأمور خاطئة أمام ما يرتكبون من محرمات صريحة جدا ومن أصرحها ما نراه مثلاً من تعلل باسم العمل عبادة، وهي قاعدة شرعية طيبة لا إشكال فيها، لكن هذه الكلمة لهم هي أشبه بما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "كلمة حق أريد بها باطل"، أي أنهم يتركون فرائض في الإسلام من أجل العمل فنراه يترك الصلوات، بل لربما يفطر رمضان متعللاً بأن العمل عبادة، فإذا أذن المؤذن لا يغلق محله التجاري بحجة أن العمل عبادة، وإذا كان في نافلة من عمل مثلا أو في فريضة من عمل حتى فإنه لا يذهب لصلاته ولا يهتم بأمرها ولا يعر أي اهتمام لها أبدا لأن العمل عبادة. فتراه منهمكا في عمله أو في تجارته أو في بنائه أو في أي شيء من شؤونه بحجة أن العمل عبادة لكنه يترك العبادة الحقة التي لا يحل أن يقدم أي شيء سواها عليها أبداً كفريضة الصلاة أو فريضة الصيام أو فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكل شيء له حقه في الشرع هذا حقه في وقت كذا، وهذا في وقت كذا، ولا يحل لمسلم يتذرع بشيء أمام أشياء وأمام أشياء كثيرة جدًا؛ فإن الذي جعل العمل عبادة هو الذي فرض الصلاة في وقتها، وحدد لها وقتها وكيفيتها وهكذا غيرها…. فالواجب على المسلم أن يفقه هذا حق الفقه..
- وهنا نرى ترك مسئوليات كبيرة أمام اهتمام بشهوات تافهة كغصن القات مثلا؛ فتترك الأسرة جائعة من أجل أن ينال شهوته من القات، أو السجارة، وأي شيء من هذه التوافه المحرمة التي لا يصبر على تركها بينما يترك أهله بل أكل ولا اهتمام… بل لربما لا يستطيع أن يؤدي حق الله جل وعلا في إتيان الزكاة بينما لا يفرط في حق نفسه في إتيان شهواته الأخرى، وليست هذه الشهوات لا بواجبه ولا بفريضة ولا حتى بمستحبة بينما تلك الفرائض والواجبات تركها من أجل شهوات نفسه، ومن أجل أهوائه وملذاته…
ـ فأيها الإخوة هذا العبث واقع في يومياتنا وفي أمورنا ولربما يكون في أغلب مجريات حياتنا الدينية والدنيوية… فالواجب على المسلم أن يهتم بفقه الأولويات؛ لأنه ضروره لا في دينه وفقطه، بل حتى في أمور دنياه، وأموره الشخصية وترتيبها وكذبك الأسرية والمالية وحياته بشكل عام…
ـ انظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما بعث معاذ بن جبل إلى اليمن قال له: "إنك تأتي قومًا أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله"، فإذن البدء بالمسلّمات الكبرى ثم قال لهم: "فإن هم أجابوك ذلك فاعلمهم أن الله افترض عليهم كذا وكذا…"، انظر لتعليمه عليه الصلاة والسلام مع إنها كلها فرائض لكن يعلم معاذًا أن لا يبدأ بالفريضة الثانية قبل الفريضة الأولى، فالمقصود على أن الدين اهتم بهذا الشأن أيما اهتمام فنجده في القرآن كثيرا كثيرا {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا} فهي سفينة جديدة وقد أخذوهم بدون أجرة لأنهم من الناس الطيبين. لكنه ما إن ركبها حتى خرقها وحتى عاث فيها فسادا طعنا وتشريحًا هنا وهناك حتى أصبحت معابة في نظر الناظرين، لكنه في نظر العالمين بما وراء ذلك فقد فعل شيئًا جميلاً وشيئًا رائعًا؛ إذ أنه حافظ على الكل أمام إفساد الجزء فسهل ويسير أن تذهب سفينة مثلا لو افترضنا إنها بعشرة ملايين ريال خسرت عشرة آلاف أو حتى مئة ألف لكنها سلمت الأكثر والأكبر {وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} أي كل سفينة جديدة غصبا، فكان الأمر الضروري أن أعيبها حتى لا يأخذها.
ـ فإذن الاهتمام بفقه الأولويات ليس فقط في جانب الحياة الدنيا أو جانب الآخرة أو جانب الدين بل حتى في المصالح والمفاسد أن نقدم المفسدة الصغرى إذا التقتا مع مفسدة كبرى، وماذا علي أن أقدم مصلحة نفسي، أو مصلحة مجتمعي، مصلحة نفسي، أو مصلحة أمتي، مصلحة نفسي، أو مصلحة أهلي، مصلحة نفسي، أو مصلحة ديني، والأمر كثير وطويل والأمثلة من أن تذكر حتى عند الصالحين تجد بعضهم يهتم بالسواك والثوب القصير والمسبحة والخلاف في هذا وما دونه وفوقه بينما يترك فرائض شرعية يجب أن يهتم بأمرها وبالنهي عن المنكر والأمر بالمعروف، وواجبات ومعضلات في الأمة لا يتحدث عنها…
ئقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم…
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:
ـ فإن هذا فقه الأولويات أيها الإخوة لو أننا تنبهنا له في جوانب حياتنا لاستفدنا منه في دنيانا قبل أخرانا، ولاستفدنا منه في واقع حياتنا ترتيبًا وتنظيما، وأصبحت أكثر نقاء وأكثر إنتاجًا وأكثر إيجادا، لكن لما كنا نعبث هنا وهناك ولا نراعي حق هذا الفقه الضروري في حياتنا فإننا نتعب ونتعب ولا نجد الثمرة سريعا، فالأولويات واجب المسلم أن يهتم بها كثيرا في حياته الدنيوية والدينية والأخروية على حد سواء، وإن كان الأمر الديني والأمر الأخروي هو الأهم وهو الميدان الأول لهذا الفقه بل لو لم يكونا أعني أمور الدين والأخرى لكان الإنسان لا شيء.
ـ فلنهتم بهذا الفقه في جوانب أمورنا كلها،
ولا يحل لمسلم أن يجعله أمرًا ثانويًا في دنياه وفي دينه، وفي أخراه، ولا يأبه له أبداً فإنه يعود ذلك عليه بانتكاسة في دينه، وضعف في دنياه، فضلًا عن أخراه، وقد لا يجد من حياته لا متعة، ولا سعادة، ولا ثمرة…
ـ ألا فإن فقه الأولويات هو من الأولويات، فالواجب أن يكون عندنا من الأولويات دومًا فلا نتحرك إلا به لنرى الثمرة عاجلة ويانعة ونقطفها سريعًا وإلا قُطفنا نحن قبل أن نقطفها، وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.org/
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/iwlHFfF1pc4?si=Ol-ISQqHttXYdiek
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ المكلا/15/ ذو الحجة/1445هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
ـ فهناك موضوع كبير ومهم غاية في الأهمية أحب أن أتطرق إليه اليوم لأسباب كثيرة، ولأمور عديدة، نعم إنه موضوع كبير يحتاج لوقفة جادة منا كمسلمين، هو موضوع مؤرق ويتكرر في كل وقت وفي كل حين، وذلك الأمر أصابنا بعشوائية وفوضى وغوغائية في حياتنا مما لا يحل لمسلم أن يكون فيه ذلك الشيء، بل يجب عليه أن يصبح منظمًا، وأن يكون مرتبًا وفق شرع رب العالمين سبحانه وتعالى؛ إذ أن الكون كله يمشي وفق نظام محكم كما قال ربنا تبارك وتعالى في محكم التنزيل:{كُلٌّ في فَلَكٍ يَسبَحونَ﴾…
- إنه فقة الأولويات والموازنات وترتيب الأشياء، فلا يقدم المؤخر، ولا يؤخر المقدم، ولا يهتم بالصغير ويترك الكبير، ويضع جل اهتمامه بأمور المستحبات، لكنه يترك الواجبات، أو ينتبه للمكروهات بينما هو يرتكب المحرمات، وهناك كثير من الأمثلة والنماذج في واقعنا العملي، وفي حياتنا اليومية المتكررة…
- إن الذي دعاني لطرق الموضوع هو موضوع الحج، وموضوع العشر من ذي الحجة أيضًا؛ فنرى مثلاً فيهما شيئًا من ذلك، وهو طافح وواضح يُرى للعيان؛ ففي العشر من ذي الحجة مثلاً نرى الاهتمام الأمثل، والأكبر، والأجل بموضوع سنة نبوية مختلف فيها عند الفقهاء بين سنيتها عند أكثرهم ووجوبها عند قلة قليلة منهم أمام ترك واجبات، وارتكاب محرمات، وإتيان كبائر معلومات، بينما هو يتنبه لسنة الأخذ من الشعر أو من البشر لمن أراد أن يضحي وهي سنة نبوية خاصة بمن أراد أن يضحي كما هو معلوم أن لا يأخذ من شعره ولا من بشره شيئًا بينما… فنجد أغلب المسلمين اليوم يعلمون تفاصيل هذه السنة، ويهتمون بها، ويسألون عنها، ويعملون بها بحذافيرها، ويوصي بعضهم بعضًا بها، وينكر على من تركها وتخلف عنها… بينما تُرتكب محرمات، وتُترك واجبات وفرائض معلومات هنا وهناك دون أن نرى مقدار ذرة من هذا الاهتمام البالغ والعمل الصارم بهذه السنة النبوية.. وهذا يعني الفوضى، وكما قال معاوية رضي الله عنه لم اجد إسرافـًا إلا وبجواره حق مضيع"، الإفراط الكبير في شيء يقابله حق مضيع في شيء آخر ولا بد .
- إذن فالاهتمام بالصغائر من الحسنات، وعدم الاهتمام بالفرائض من الواجبات، أو ارتكاب المحرمات التي هي معلومة من الدين بالضرورة أمام الاهتمام بأمور ثانوية وليست بأساسية لهو اختلال في فقه الموازين، وابتعاد عن سنة الله في الكون، بل شرع الله على العموم وهو ما لا يحل للمسلم أن يكون هكذا عشوائيًا وفوضويًا بل يجب عليه أن يرتب أولوياته في الحياة فلا يقدم ما حقه التأخير، ولا يؤخر ما حقه التقديم، ولا يهتم بالسنة ويترك الفريضة، وهذا الصديق رضي الله عنه يقول في كلمة جامعة ووصية للخليفة عمر رضي الله عنه من بعده: "إن الله لا يقبل النافلة حتى تؤدى الفريضة"… وما أكثر الفرائض التي تُركت وما أكثر السنن التي فُعلت، وما أشد وأعظم الجرائم التي ارتُكبت دون نكير، وما أكثر الصغائر التي أنكر على فاعلها…
ـ وقل مثل هذا في الحج الذي نرى أكثر من ثلث الحجاج في كل عام هم يتكررون في كل عام، أي أن حجهم إنما هو نافلة وليس بفريضة واجبة، أي أنهم قد حجوا مراراً قبل تلك الحجة وقبل آخر حجة فهم قد حجوا قبلها حججًا متعددة، بل يقولون إننا لا نستطيع أن نترك الحج سنة أبدًا؛ لأن نفوسنا تتوق إليه، وهذا عن جهل فقط وإلا فهناك واجبات في الشرع تركوها، ونوافل كثيرة لم يفعلوها، مع أن الحج نفقاته باهضة، والأموال التي تُصرف فيه عشرات الآلاف من الدولارات للشخص الواحد… وهي حجة نافلة، وكل عام متكررة، ولو أنهم سخروا أموالهم التي حجوا بها حجة نافلة سخروها لمصالح المسلمين التي هي كثيرة، ومتشعبة، ومتعددة بل ضرورات قصوى لهم لم يجدوا من يسدها ولن يجدوا؛ فالجوعى هنا وهناك، والقتل والدمار والنزوح والتشريد في كل الساحات، ونرى أيضاً المجاعات شعوبًا بأكملها من المسلمين فمن لهم….
- فضلاً عن الفريضة العظمى، والشعيرة الكبرى في واقعنا وفي كل عصر ومصر إنها أرض الرباط والجهاد في فلسطين ومحور مقاومتها غزة العزة فنرى الجوعى ونرى القتلى ونرى المجاعات الساحقة لملايين البشر هناك، فضلاً عن قتل ودمار لا يجدون حتى الأسلحة التي يدافعون بها عن المسلمين والمسلمات، وأن يحموا ثغور الإسلام والمسلمين، وأن يحرسوا المقدسات… ولكن أين المسلمون اليوم من هذا الواجب أمام الاهتمام بواجبات أو بسنن أو بنوافل أو بأشياء ثانوية…!.
- فإذن ما نراه في واقعنا ليس في الحج والعمرة وليس أيضًا في العشر من ذي الحجة بل هو كثير طافح في واقعنا بل نرى على أن كثيرا من المسلمين يتعلل بأمور خاطئة أمام ما يرتكبون من محرمات صريحة جدا ومن أصرحها ما نراه مثلاً من تعلل باسم العمل عبادة، وهي قاعدة شرعية طيبة لا إشكال فيها، لكن هذه الكلمة لهم هي أشبه بما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "كلمة حق أريد بها باطل"، أي أنهم يتركون فرائض في الإسلام من أجل العمل فنراه يترك الصلوات، بل لربما يفطر رمضان متعللاً بأن العمل عبادة، فإذا أذن المؤذن لا يغلق محله التجاري بحجة أن العمل عبادة، وإذا كان في نافلة من عمل مثلا أو في فريضة من عمل حتى فإنه لا يذهب لصلاته ولا يهتم بأمرها ولا يعر أي اهتمام لها أبدا لأن العمل عبادة. فتراه منهمكا في عمله أو في تجارته أو في بنائه أو في أي شيء من شؤونه بحجة أن العمل عبادة لكنه يترك العبادة الحقة التي لا يحل أن يقدم أي شيء سواها عليها أبداً كفريضة الصلاة أو فريضة الصيام أو فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكل شيء له حقه في الشرع هذا حقه في وقت كذا، وهذا في وقت كذا، ولا يحل لمسلم يتذرع بشيء أمام أشياء وأمام أشياء كثيرة جدًا؛ فإن الذي جعل العمل عبادة هو الذي فرض الصلاة في وقتها، وحدد لها وقتها وكيفيتها وهكذا غيرها…. فالواجب على المسلم أن يفقه هذا حق الفقه..
- وهنا نرى ترك مسئوليات كبيرة أمام اهتمام بشهوات تافهة كغصن القات مثلا؛ فتترك الأسرة جائعة من أجل أن ينال شهوته من القات، أو السجارة، وأي شيء من هذه التوافه المحرمة التي لا يصبر على تركها بينما يترك أهله بل أكل ولا اهتمام… بل لربما لا يستطيع أن يؤدي حق الله جل وعلا في إتيان الزكاة بينما لا يفرط في حق نفسه في إتيان شهواته الأخرى، وليست هذه الشهوات لا بواجبه ولا بفريضة ولا حتى بمستحبة بينما تلك الفرائض والواجبات تركها من أجل شهوات نفسه، ومن أجل أهوائه وملذاته…
ـ فأيها الإخوة هذا العبث واقع في يومياتنا وفي أمورنا ولربما يكون في أغلب مجريات حياتنا الدينية والدنيوية… فالواجب على المسلم أن يهتم بفقه الأولويات؛ لأنه ضروره لا في دينه وفقطه، بل حتى في أمور دنياه، وأموره الشخصية وترتيبها وكذبك الأسرية والمالية وحياته بشكل عام…
ـ انظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما بعث معاذ بن جبل إلى اليمن قال له: "إنك تأتي قومًا أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله"، فإذن البدء بالمسلّمات الكبرى ثم قال لهم: "فإن هم أجابوك ذلك فاعلمهم أن الله افترض عليهم كذا وكذا…"، انظر لتعليمه عليه الصلاة والسلام مع إنها كلها فرائض لكن يعلم معاذًا أن لا يبدأ بالفريضة الثانية قبل الفريضة الأولى، فالمقصود على أن الدين اهتم بهذا الشأن أيما اهتمام فنجده في القرآن كثيرا كثيرا {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا} فهي سفينة جديدة وقد أخذوهم بدون أجرة لأنهم من الناس الطيبين. لكنه ما إن ركبها حتى خرقها وحتى عاث فيها فسادا طعنا وتشريحًا هنا وهناك حتى أصبحت معابة في نظر الناظرين، لكنه في نظر العالمين بما وراء ذلك فقد فعل شيئًا جميلاً وشيئًا رائعًا؛ إذ أنه حافظ على الكل أمام إفساد الجزء فسهل ويسير أن تذهب سفينة مثلا لو افترضنا إنها بعشرة ملايين ريال خسرت عشرة آلاف أو حتى مئة ألف لكنها سلمت الأكثر والأكبر {وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} أي كل سفينة جديدة غصبا، فكان الأمر الضروري أن أعيبها حتى لا يأخذها.
ـ فإذن الاهتمام بفقه الأولويات ليس فقط في جانب الحياة الدنيا أو جانب الآخرة أو جانب الدين بل حتى في المصالح والمفاسد أن نقدم المفسدة الصغرى إذا التقتا مع مفسدة كبرى، وماذا علي أن أقدم مصلحة نفسي، أو مصلحة مجتمعي، مصلحة نفسي، أو مصلحة أمتي، مصلحة نفسي، أو مصلحة أهلي، مصلحة نفسي، أو مصلحة ديني، والأمر كثير وطويل والأمثلة من أن تذكر حتى عند الصالحين تجد بعضهم يهتم بالسواك والثوب القصير والمسبحة والخلاف في هذا وما دونه وفوقه بينما يترك فرائض شرعية يجب أن يهتم بأمرها وبالنهي عن المنكر والأمر بالمعروف، وواجبات ومعضلات في الأمة لا يتحدث عنها…
ئقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم…
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:
ـ فإن هذا فقه الأولويات أيها الإخوة لو أننا تنبهنا له في جوانب حياتنا لاستفدنا منه في دنيانا قبل أخرانا، ولاستفدنا منه في واقع حياتنا ترتيبًا وتنظيما، وأصبحت أكثر نقاء وأكثر إنتاجًا وأكثر إيجادا، لكن لما كنا نعبث هنا وهناك ولا نراعي حق هذا الفقه الضروري في حياتنا فإننا نتعب ونتعب ولا نجد الثمرة سريعا، فالأولويات واجب المسلم أن يهتم بها كثيرا في حياته الدنيوية والدينية والأخروية على حد سواء، وإن كان الأمر الديني والأمر الأخروي هو الأهم وهو الميدان الأول لهذا الفقه بل لو لم يكونا أعني أمور الدين والأخرى لكان الإنسان لا شيء.
ـ فلنهتم بهذا الفقه في جوانب أمورنا كلها،
ولا يحل لمسلم أن يجعله أمرًا ثانويًا في دنياه وفي دينه، وفي أخراه، ولا يأبه له أبداً فإنه يعود ذلك عليه بانتكاسة في دينه، وضعف في دنياه، فضلًا عن أخراه، وقد لا يجد من حياته لا متعة، ولا سعادة، ولا ثمرة…
ـ ألا فإن فقه الأولويات هو من الأولويات، فالواجب أن يكون عندنا من الأولويات دومًا فلا نتحرك إلا به لنرى الثمرة عاجلة ويانعة ونقطفها سريعًا وإلا قُطفنا نحن قبل أن نقطفها، وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.org/
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A ...المزيد
*خطبة.يوم.عرفة.وفضائله.العظيمة.cc* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي ...
*خطبة.يوم.عرفة.وفضائله.العظيمة.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/MChRjv0tNe0?si=s_3Evt0ukAjnJZ1r
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ المكلا/8/ ذو الحجة/1445هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
ـ ماذا أحدثكم عن يومٍ اللهُ تبارك وتعالى يباهي فيه بعبادة عند ملائكته الكرام ويقول تبارك وتعالى كما صح عنه عليه الصلاة والسلام: "انظروا لعبادي أتوني شعثًا غبرا، أشهدكم يا ملائكتي أني قد غفرت لهم"…
- ماذا أحدثكم عن يومٍ اللهُ تعالى يعتق فيه العباد كما قال النبي المختار: "مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ"، رواه مسلم.
- ماذا أحدثكم عن يومٍ اللهُ تعالى اصطفاه ليكون يوم إتمام النعمة، وإكمال الدين، ورضي لنا الإسلام فيه حتى جاء في البخاري ومسلم: (قالت اليهود لعمر بن الخطاب إنكم تقرؤون آية في كتابكم لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيداً قال: وأي آية؟ قالوا: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي﴾ قال عمر: والله إني لأعلم اليومَ الذي نزلت على رسول الله فيه، والساعةَ التي نزلت فيها، نزلت على رسول الله عشية يوم عرفة في يوم جمعة)…
- ماذا أحدثكم عن يومٍ اللهُ تعالى اصطفاه ليكون هو اليوم المشهود والوتر كما قال ترجمان القرآن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره من المفسرين في قوله تعالى: ﴿وَشاهِدٍ وَمَشهودٍ﴾ قال الشاهد يوم الجمعة، والمشهود يوم عرفة، وهو الوتر أيضًا كما قال تعالى: ﴿وَالشَّفعِ وَالوَترِ﴾…
- ماذا أحدثكم عن يومٍ اللهُ تعالى اصطفاه ليكون يوم أن أخذ القسم على بني آدم كما في رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما: ﴿وَإِذ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَني آدَمَ مِن ظُهورِهِم ذُرِّيَّتَهُم وَأَشهَدَهُم عَلى أَنفُسِهِم أَلَستُ بِرَبِّكُم قالوا بَلى شَهِدنا أَن تَقولوا يَومَ القِيامَةِ إِنّا كُنّا عَن هذا غافِلينَ أَو تَقولوا إِنَّما أَشرَكَ آباؤُنا مِن قَبلُ وَكُنّا ذُرِّيَّةً مِن بَعدِهِم أَفَتُهلِكُنا بِما فَعَلَ المُبطِلونَ وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ وَلَعَلَّهُم يَرجِعونَ﴾ .
- ماذا أحدثكم عن يومٍ اللهُ تعالى اصطفاه ليكون يوم جعله من الأيام المعلومات كما في قول أكثر الفقهاء: ﴿لِيَشهَدوا مَنافِعَ لَهُم وَيَذكُرُوا اسمَ اللَّهِ في أَيّامٍ مَعلوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُم مِن بَهيمَةِ الأَنعامِ فَكُلوا مِنها وَأَطعِمُوا البائِسَ الفَقيرَ﴾ .
- ماذا أحدثكم عن يومٍ قال فيه صلى الله عليه وسلم كما في بعض الروايات: "ما رئي الشيطان يومًا هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة، وما ذاك إلا لما يرى فيه من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام إلا ما رؤي يوم بدر فإنه رأى جبرائيل عليه السلام يزع الملائكة".
- ماذا أحدثكم عن يومٍ النبي صلى الله عليه وسلم جعل الدعاء فيه خير الدعاء"خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" صحيح.
- ماذا أحدثكم عن يومٍ قال فيه صلى الله عليه وسلم كما في رواية ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للفضل ابن عباس يوم عرفة: "يا ابن أخي هذا يوم من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غُفر له"، رواه أحمد بسند صحيح، وزاد البيهقي: "ةن حفظ لسانه وسمعه وبصره يوم عرفة غُفر له من عرفة إلى عرفة"، ورواه ابن حبان وصححه.
ذلك اليوم الذي أحدثكم عنه ذلك الذي أجمع علماء السنة ونقلتها على أن النبي صلى الله عليه وسلم نطق بحديث واحد هو أفضل، وأبرك ،وأعظم الأحاديث في بابه على الإطلاق إنه يوم عرفة والحديث عنه كثير وكثير حتى أن الله تعالى ذكره في القرآن الكريم مصرحًا، وموضحًا، ومبينًا، ومفضلاً،واحياناً إنما يشير إشارة
ـ إذن فيوم عرفة يوم اصطفاه الله وميزه واختاره لأن يكون يوم إتمام الدين، ويوم إكماله، ويوم أن رضي الله تبارك وتعالى عن الأمة بدينها فأكمل الله لنا الدين، وأتم لنا النعمة، ورضي لنا الدين في ذلك اليوم العظيم: ﴿اليَومَ أَكمَلتُ لَكُم دينَكُم وَأَتمَمتُ عَلَيكُم نِعمَتي وَرَضيتُ لَكُمُ الإِسلامَ دينًا﴾.
- إنه يوم عرفة الذي شرعه الله تبارك وتعالى للأمة وحسدتنا اليهود عليه، ولهذا كان بصيام يوم واحد فقط لساعات قليلة وإذا بالمؤمن ينال أجرًا عظيمًا لا يناله بصيام يوم آخر أبدا، إنه يوم عرفة بصيام ساعات يسيرة يغفر الله تبارك وتعالى له ذنوبا كثيرة، ولعلها وكبيرة يوم عرفة، وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء ولا يكون هذا الفضل الذي ذكره النبي وذكره الله إلا يوم عرفة، فهو فضل من الله ومنة ونعمة على هذه الأمة خاصة لم يجعل ذلك لأمة قبلها أبداً ولن يجعله لغيرها إنها أمة مرحومة يغفر الله لها ذنوب أعوام وذنوب كثيرة جدا بأعمال يسيرة وبسيطة جداً تلك الرحمة هي الرحمة التي لم تتكرر في أمة رحمة الله بهذه الأمة أن يغفر لها ذنوب عامين بصيام ساعات قليلة…
- وإني لأحسب يوم عرفة أشبه بيوم جعل الله تبارك وتعالى يوم مغفرة وحطه لبني إسرائيل بشرط ثقيل فلم يحققوه ولم يفعلوه ولم يقتربوا منه بل أصابهم ما أصابهم بسببه وهو زمن التيه. فإنه جل وعلا قد أمرهم بالدخول الى بيت اامقدس سجدا وإن يقولوا حطة فإذا بهم يمانعون من الدخول ثم لم يدخلوا إلا كيف أرادوا بل غيروا في كلمة حطه إلى حنطة، وقالوا لا ندخل إلا على مؤخراتنا لا سجدا على وجوهنا: ﴿وَإِذ قُلنَا ادخُلوا هذِهِ القَريَةَ فَكُلوا مِنها حَيثُ شِئتُم رَغَدًا وَادخُلُوا البابَ سُجَّدًا وَقولوا حِطَّةٌ نَغفِر لَكُم خَطاياكُم وَسَنَزيدُ المُحسِنينَ فَبَدَّلَ الَّذينَ ظَلَموا قَولًا غَيرَ الَّذي قيلَ لَهُم فَأَنزَلنا عَلَى الَّذينَ ظَلَموا رِجزًا مِنَ السَّماءِ بِما كانوا يَفسُقونَ﴾،
فرفضوا عرض الله تبارك وتعالى فكانت العقوبات ومنها ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ۗ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ ۖ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾.
ـ وإن الرافض ليوم عرفة من صيامه أو من التعرف على الله فيه أو من التعبد لله تبارك وتعالى في ساعاته إنه أشبه بأولئك القوم الذين رفضوا العرض الرباني ولم يأتمروا بأمر الله ولم يفعلوا ما حدد الله لهم، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:
{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ ۚ فَإِذَآ أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَٰتٍۢ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ عِندَ ٱلْمَشْعَرِ ٱلْحَرَامِ ۖ وَٱذْكُرُوهُ كَمَا هَدَىٰكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِۦ لَمِنَ ٱلضَّآلِّينَ}.
ـ هذا اليوم العظيم أتم الله لنا فيه الدين {وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِۦ لَمِنَ ٱلضَّآلِّينَ} في بدع في محدثات في نفاق في شقاق في كفر، في صراعات، في قتل، في حروب، في دمار، في مجاعات في كل شيء من جاهلية عمياء، بكماء، صماء، ظلماء، وفيها ما فيها وستعود إن عاد الناس لما كانوا عليها بعدم أخذهم بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم اللذين أوصى بهما عليه الصلاة والسلام في يوم عرفة وهو خطيب بالناس صلى الله عليه وسلم وهو يحدد للأمة معالم في آخر أيام حياته ولم يتعمر عليه الصلاة والسلام بعد عرفة إلا أيام قليلة ثم التحق بالرفيق الاعلى ليبين للأمة في أكبر جمع على الإطلاق، حتى اجتمع له صلى الله عليه وسلم مئات الألاف لم يجتمع له هذا الجمع قبل أوصل ذلك الجمع علماء التاريخ إلى أكثر من ربع مليون مسلم اجتمعوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أول وآخر وأفضل وأكبر جمع اجتمع له صلى الله عليه وسلم أي ما يقرب من ثلاثمئة ألف صحابي أجتمعوا عند رسول الله في يوم عرفة وفي حجة الوداع بكلها يستمعون التوجيهات من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوجه الأمة في صغيرها وكبيرها حتى يوصي بالمملوك، وبالعبيد، ويوصي بالنساء، ويوصي بالعمال، ويوصي بالكتاب والسنة، ويوصي بالصلاة وبأشياء كثيرة حتى ختمها مودعًا ألا فإنكم مسؤولون عني فماذا أنتم قائلون؟ فقالوا نشهد أنك قد بلغت الرسالة، وأديت الأمانة، ونصحت الأمة، ثم رفع سبابته للسماء داعيًا:"اللهم قد بلغت اللهم فاشهد، اللهم قد بلغت اللهم فاشهد، اللهم قد بلغت اللهم فاشهد،"، وإننا لنشهد ونُشهد العالم أنه صلى الله عليه وسلم قد بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وكشف الله به الغمة وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.org/
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/MChRjv0tNe0?si=s_3Evt0ukAjnJZ1r
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ المكلا/8/ ذو الحجة/1445هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
ـ ماذا أحدثكم عن يومٍ اللهُ تبارك وتعالى يباهي فيه بعبادة عند ملائكته الكرام ويقول تبارك وتعالى كما صح عنه عليه الصلاة والسلام: "انظروا لعبادي أتوني شعثًا غبرا، أشهدكم يا ملائكتي أني قد غفرت لهم"…
- ماذا أحدثكم عن يومٍ اللهُ تعالى يعتق فيه العباد كما قال النبي المختار: "مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ"، رواه مسلم.
- ماذا أحدثكم عن يومٍ اللهُ تعالى اصطفاه ليكون يوم إتمام النعمة، وإكمال الدين، ورضي لنا الإسلام فيه حتى جاء في البخاري ومسلم: (قالت اليهود لعمر بن الخطاب إنكم تقرؤون آية في كتابكم لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيداً قال: وأي آية؟ قالوا: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي﴾ قال عمر: والله إني لأعلم اليومَ الذي نزلت على رسول الله فيه، والساعةَ التي نزلت فيها، نزلت على رسول الله عشية يوم عرفة في يوم جمعة)…
- ماذا أحدثكم عن يومٍ اللهُ تعالى اصطفاه ليكون هو اليوم المشهود والوتر كما قال ترجمان القرآن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره من المفسرين في قوله تعالى: ﴿وَشاهِدٍ وَمَشهودٍ﴾ قال الشاهد يوم الجمعة، والمشهود يوم عرفة، وهو الوتر أيضًا كما قال تعالى: ﴿وَالشَّفعِ وَالوَترِ﴾…
- ماذا أحدثكم عن يومٍ اللهُ تعالى اصطفاه ليكون يوم أن أخذ القسم على بني آدم كما في رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما: ﴿وَإِذ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَني آدَمَ مِن ظُهورِهِم ذُرِّيَّتَهُم وَأَشهَدَهُم عَلى أَنفُسِهِم أَلَستُ بِرَبِّكُم قالوا بَلى شَهِدنا أَن تَقولوا يَومَ القِيامَةِ إِنّا كُنّا عَن هذا غافِلينَ أَو تَقولوا إِنَّما أَشرَكَ آباؤُنا مِن قَبلُ وَكُنّا ذُرِّيَّةً مِن بَعدِهِم أَفَتُهلِكُنا بِما فَعَلَ المُبطِلونَ وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ وَلَعَلَّهُم يَرجِعونَ﴾ .
- ماذا أحدثكم عن يومٍ اللهُ تعالى اصطفاه ليكون يوم جعله من الأيام المعلومات كما في قول أكثر الفقهاء: ﴿لِيَشهَدوا مَنافِعَ لَهُم وَيَذكُرُوا اسمَ اللَّهِ في أَيّامٍ مَعلوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُم مِن بَهيمَةِ الأَنعامِ فَكُلوا مِنها وَأَطعِمُوا البائِسَ الفَقيرَ﴾ .
- ماذا أحدثكم عن يومٍ قال فيه صلى الله عليه وسلم كما في بعض الروايات: "ما رئي الشيطان يومًا هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة، وما ذاك إلا لما يرى فيه من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام إلا ما رؤي يوم بدر فإنه رأى جبرائيل عليه السلام يزع الملائكة".
- ماذا أحدثكم عن يومٍ النبي صلى الله عليه وسلم جعل الدعاء فيه خير الدعاء"خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" صحيح.
- ماذا أحدثكم عن يومٍ قال فيه صلى الله عليه وسلم كما في رواية ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للفضل ابن عباس يوم عرفة: "يا ابن أخي هذا يوم من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غُفر له"، رواه أحمد بسند صحيح، وزاد البيهقي: "ةن حفظ لسانه وسمعه وبصره يوم عرفة غُفر له من عرفة إلى عرفة"، ورواه ابن حبان وصححه.
ذلك اليوم الذي أحدثكم عنه ذلك الذي أجمع علماء السنة ونقلتها على أن النبي صلى الله عليه وسلم نطق بحديث واحد هو أفضل، وأبرك ،وأعظم الأحاديث في بابه على الإطلاق إنه يوم عرفة والحديث عنه كثير وكثير حتى أن الله تعالى ذكره في القرآن الكريم مصرحًا، وموضحًا، ومبينًا، ومفضلاً،واحياناً إنما يشير إشارة
ـ إذن فيوم عرفة يوم اصطفاه الله وميزه واختاره لأن يكون يوم إتمام الدين، ويوم إكماله، ويوم أن رضي الله تبارك وتعالى عن الأمة بدينها فأكمل الله لنا الدين، وأتم لنا النعمة، ورضي لنا الدين في ذلك اليوم العظيم: ﴿اليَومَ أَكمَلتُ لَكُم دينَكُم وَأَتمَمتُ عَلَيكُم نِعمَتي وَرَضيتُ لَكُمُ الإِسلامَ دينًا﴾.
- إنه يوم عرفة الذي شرعه الله تبارك وتعالى للأمة وحسدتنا اليهود عليه، ولهذا كان بصيام يوم واحد فقط لساعات قليلة وإذا بالمؤمن ينال أجرًا عظيمًا لا يناله بصيام يوم آخر أبدا، إنه يوم عرفة بصيام ساعات يسيرة يغفر الله تبارك وتعالى له ذنوبا كثيرة، ولعلها وكبيرة يوم عرفة، وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء ولا يكون هذا الفضل الذي ذكره النبي وذكره الله إلا يوم عرفة، فهو فضل من الله ومنة ونعمة على هذه الأمة خاصة لم يجعل ذلك لأمة قبلها أبداً ولن يجعله لغيرها إنها أمة مرحومة يغفر الله لها ذنوب أعوام وذنوب كثيرة جدا بأعمال يسيرة وبسيطة جداً تلك الرحمة هي الرحمة التي لم تتكرر في أمة رحمة الله بهذه الأمة أن يغفر لها ذنوب عامين بصيام ساعات قليلة…
- وإني لأحسب يوم عرفة أشبه بيوم جعل الله تبارك وتعالى يوم مغفرة وحطه لبني إسرائيل بشرط ثقيل فلم يحققوه ولم يفعلوه ولم يقتربوا منه بل أصابهم ما أصابهم بسببه وهو زمن التيه. فإنه جل وعلا قد أمرهم بالدخول الى بيت اامقدس سجدا وإن يقولوا حطة فإذا بهم يمانعون من الدخول ثم لم يدخلوا إلا كيف أرادوا بل غيروا في كلمة حطه إلى حنطة، وقالوا لا ندخل إلا على مؤخراتنا لا سجدا على وجوهنا: ﴿وَإِذ قُلنَا ادخُلوا هذِهِ القَريَةَ فَكُلوا مِنها حَيثُ شِئتُم رَغَدًا وَادخُلُوا البابَ سُجَّدًا وَقولوا حِطَّةٌ نَغفِر لَكُم خَطاياكُم وَسَنَزيدُ المُحسِنينَ فَبَدَّلَ الَّذينَ ظَلَموا قَولًا غَيرَ الَّذي قيلَ لَهُم فَأَنزَلنا عَلَى الَّذينَ ظَلَموا رِجزًا مِنَ السَّماءِ بِما كانوا يَفسُقونَ﴾،
فرفضوا عرض الله تبارك وتعالى فكانت العقوبات ومنها ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ۗ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ ۖ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾.
ـ وإن الرافض ليوم عرفة من صيامه أو من التعرف على الله فيه أو من التعبد لله تبارك وتعالى في ساعاته إنه أشبه بأولئك القوم الذين رفضوا العرض الرباني ولم يأتمروا بأمر الله ولم يفعلوا ما حدد الله لهم، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:
{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ ۚ فَإِذَآ أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَٰتٍۢ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ عِندَ ٱلْمَشْعَرِ ٱلْحَرَامِ ۖ وَٱذْكُرُوهُ كَمَا هَدَىٰكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِۦ لَمِنَ ٱلضَّآلِّينَ}.
ـ هذا اليوم العظيم أتم الله لنا فيه الدين {وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِۦ لَمِنَ ٱلضَّآلِّينَ} في بدع في محدثات في نفاق في شقاق في كفر، في صراعات، في قتل، في حروب، في دمار، في مجاعات في كل شيء من جاهلية عمياء، بكماء، صماء، ظلماء، وفيها ما فيها وستعود إن عاد الناس لما كانوا عليها بعدم أخذهم بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم اللذين أوصى بهما عليه الصلاة والسلام في يوم عرفة وهو خطيب بالناس صلى الله عليه وسلم وهو يحدد للأمة معالم في آخر أيام حياته ولم يتعمر عليه الصلاة والسلام بعد عرفة إلا أيام قليلة ثم التحق بالرفيق الاعلى ليبين للأمة في أكبر جمع على الإطلاق، حتى اجتمع له صلى الله عليه وسلم مئات الألاف لم يجتمع له هذا الجمع قبل أوصل ذلك الجمع علماء التاريخ إلى أكثر من ربع مليون مسلم اجتمعوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أول وآخر وأفضل وأكبر جمع اجتمع له صلى الله عليه وسلم أي ما يقرب من ثلاثمئة ألف صحابي أجتمعوا عند رسول الله في يوم عرفة وفي حجة الوداع بكلها يستمعون التوجيهات من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوجه الأمة في صغيرها وكبيرها حتى يوصي بالمملوك، وبالعبيد، ويوصي بالنساء، ويوصي بالعمال، ويوصي بالكتاب والسنة، ويوصي بالصلاة وبأشياء كثيرة حتى ختمها مودعًا ألا فإنكم مسؤولون عني فماذا أنتم قائلون؟ فقالوا نشهد أنك قد بلغت الرسالة، وأديت الأمانة، ونصحت الأمة، ثم رفع سبابته للسماء داعيًا:"اللهم قد بلغت اللهم فاشهد، اللهم قد بلغت اللهم فاشهد، اللهم قد بلغت اللهم فاشهد،"، وإننا لنشهد ونُشهد العالم أنه صلى الله عليه وسلم قد بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وكشف الله به الغمة وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.org/
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A ...المزيد
معلومات
✾- مجاز في الفتوى، والتدريس، والدعوة من فضيلة مفتي الديار اليمنية القاضي/ محمد بن إسماعيل العمراني. ❖- زكّاه أبرز وأشهر العلماء، منهم مفتي اليمن، ورئيس هيئة علماء اليمن رئيس جامعة الإيمان، ونائبه، وغيرهم.... ❀- حصل على إجازات مختلفة، عامة، وخاصة من كبار العلماء، وفي شتّى العلوم الشرعية منها: إجازة في القراءات السبع، وإجازة خاصة برواية حفص عن عاصم، والكتب الستة، والعقيدة، والإيمان، واللغة، والفقه، وأصول الفقه، والتفسير، والحديث، والمصطلح، والتوحيد، والتجويد، والسيرة، والنحو، والصرف، والتصريف، وعلم البلاغة( معان، وبيان، وبديع)، والتاريخ، والآداب، والأدب، والمنطق، والحساب، والأذكار، والأدعية، والأخلاق، والفلك… ✦- له إجازات في المذاهب الأربعة، وإجازات في جميع مصنفات بعض العلماء كمصنفات ابن الجوزي، والسيوطي، والخطيب البغدادي، وابن حجر العسقلاني، والبيهقي.. ✺- أستاذ بجامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية، وجامعة الإيمان، وجامعة العلوم والتكنلوجيا بالمكلا. ❃- نال عضوية الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين عام 2019م. ┈┉┅━━ ❀ ❃ ✾ ❈ ❀━━ ┅┉┈ ❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي: ❈- الصفحة العامة فيسبوك: https://www.facebook.com/Alsoty2 ❈- الحساب الخاص فيسبوك: https://www.facebook.com/Alsoty1 ❈- القناة يوتيوب: https://www.youtube.com//Alsoty1 ❈- حساب تويتر: https://mobile.twitter.com/Alsoty1 ❈- المدونة الشخصية: https://Alsoty1.blogspot.com/ ❈- حساب انستقرام: https://www.instagram.com/alsoty1 ❈- حساب سناب شات: https://www.snapchat.com/add/alsoty1 ❈- إيميل: [email protected] ❈- قناة الفتاوى تليجرام: http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik ❈- رقم الشيخ وتساب: https://wa.me/967714256199
أكمل القراءةالمواد المحفوظة 5
- دين لا تحافظ عليه وقت رخائك لن تعود إليه وقت شدتك، ولن ينفعك وقت ضرك.
- سورة عبس (1)
- النهي عن الاصطفاف بين السواري في الصلاة
- 🔹- ﻻ ﻳﺤﻞ ﻷﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺮﻗﻴﺔ ﺃﻥ ﻳﺒﻌﺜﻮﺍ ﺍﻟﻴﺄﺱ ﻓﻲ ﻧﻔﻮﺱ ﺍﻟﻤﺮﺿﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻔﺎﺀ؛ ﻛﻲ ﻳﺴﺘﻤﺮﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﺑﻮﺍﺑﻬﻢ ﺑﺎﺳﻢ ﺟﻠﺴﺎﺕ، ...
- ❁- النار أقرب إليك من شراك نعلك، والجنة شبه ذلك، فعش بين خوفك ورجائك، وسيحدد دخولك لأحدهما عملك.