*فريضة.الخوف.والوجل.من.عدم.قبول.العمل.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/j2PH-2WFih0?si=Oj7LDCwdXw0SvlK_
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ المكلا/ 3/ شوال /1445هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
- آية في كتاب الله عظيمة، آية ترتعد لها تلك القلوب النقية الصافية التي أحسنت العمل، وخافت ووجلت من الرب عز وجل أن لا يُتقبل، آية من القرآن الكريم كان السلف يعدونها هي أخوف آية على الإطلاق كما قال ابن مسعود رضي الله عنه آية في كتاب الله عز وجل عمل لها الصالحون، وخاف من هولها الأتقياء، والعلماء، وكانت هي الأهم، وهي الأبرز، والأعظم لديهم قبل أعمالهم، ووسط أعمالهم، وفي أواخر أعمالهم، وبعدها بمدة كبيرة وهم يتذكرونها ويخافون منها، آية في كتاب الله عز وجل لعلنا نعلمها ولكن أيها الإخوة هل مستبصر بها، وهل من متعظ خائف وجل بما تعنيه هذه الآية، إنها قول الله عز وجل: {إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقينَ﴾.
-- لقد كان ابن عمر رضي الله عنه يقول: لو أعلم أن الله تقبل مني سجدة واحدة لما كان أحب شيء إلي من الموت؛ لأن الله تقبل مني حتى سجدة واحدة ويقول أبو ذر رضي الله عنه: لو أعلم أن الله عز وجل تقبل مني صلاة واحدة لكانت أحب إلي من الدنيا وما فيها، وهكذا كثير من أقوال السلف نقرأ عنها، ونسمع بها، ونرددها، بل يكفينا أن الله عز وجل قال هذه الآية : {إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقينَ﴾.
- فقليل من يُتقبل منهم من تلك الأعمال والصالحات، بل كثير من الناس للأسف الشديد إنما الهم الأكبر عندهم أن يعمل، وأن يصلي، وأن يصوم، وأن يقرأ القرآن، ويكفي أما أن يهتم بقبول ذلك العمل، وأن يخاف من عدم القبول، وأن يفزع من هذه الآية العظيمة، فقليل من الناس ذلك، أرأيتم إلى السلف كيف وصفهم المعلى بن الفضل رحمه الله بقوله: كانوا يستقبلون رمضان ستة أشهر، ثم يودعونه ستة أشهر متواصلة خوفًا ووجلاً من عدم القبول لها، وخوفًا من أن الله عز وجل قد يردها على ذلك العبد، هكذا كانوا يفعلون مع أنهم أحسن عملا منا، وأجود، فكانوا يهتمون بقبول العمل أكثر من اهتمامهم بالعمل نفسه، وأكثر من تحملهم لذلك العمل ومشقته، وصعوبته، ونصبه…
- وتجدون النبي الله عليه وسلم يقول: (رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش. ورب قائم ليس له من قيامه إلا التعب والنصب)، تعب، ونصب، ومشقة، وعناء وليس له من عمله إلا أن يعمل ثم إنه مردود عليه لن يقبله الله تبارك وتعالى، فهل نحن حملنا هم العمل أكثر أو هم القبول، أو عكسنا فجعلنا هم العمل أكثر من همنا للقبول، وجعلنا هم رمضان والصيام والقيام، أكثر من هموم قبول الأعمال…
- أننا حملنا للأسف هم العمل ثم رميناه وراء ظهورنا وانطلقنا وكخن كل شيء على ما يرام ومضمون القبول، بل ربما يتظاهر بعمله، ويرجو كل الرجاء من الناس أن يمدحوه، وأن يعرفوه، ويحدثهم، ويمن على الله بعمله، ويتكبر على خلقه… ولربما يحج، أو يعتمر، أو يقرأ، أو يصلي، أو يفعل شيئًا وإذا به يتصور مثلاً وكأن ذلك العمل للناس لا لله، أما ذلك الإنسان الذي يرجو الله فإن الهم الأكبر لديه هو أن يُقبل العمل، وأن يخفية ما استطاع إلى ذلك سبيلا مع كامل الخوف والوجل…
- ولو أننا تأملنا أن بعد الصلوات أذكار وكأن الصلاة لا تكفي وحدها: ﴿فَإِذا قَضَيتُمُ الصَّلاةَ فَاذكُرُوا اللَّهَ قِيامًا وَقُعودًا وَعَلى جُنوبِكُم فَإِذَا اطمَأنَنتُم فَأَقيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كانَت عَلَى المُؤمِنينَ كِتابًا مَوقوتًا﴾ مع إنه صلى لربه، وناجى خالقه، بل يسلم من صلاته، ثم مطلوب منه أن يقول أستغفر الله ثلاث مرات وكأنه أتى بجرم في صلاته، وكأن الصلاة هذه منكر، لا ولكن الأمر أخطر وأعظم وأشد أعني ما وراء الصلاة وما بعد الصلاة وما يلي الصلاة وقبول الصلاة أمر آخر تماما…
- إن أمر قبول الأعمال جعله الله سرا لا يعلمه حتى الملائكة نعم حتى الملائكة فإنما عملهم يكتبون الأعمال وفقط ﴿ما يَلفِظُ مِن قَولٍ إِلّا لَدَيهِ رَقيبٌ عَتيدٌ﴾،، ثم لا يعلمون هل ذلك العمل تقبله الله أم لم يتقبله؟ هو سر بين الله عز وجل وبين نفسه، لا يعلمه أحد، ولا يطلع عليه لا ملَك مقرب، ولا نبي مرسل، بل هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في البخاري لما مات عثمان ابن مظعون رضي الله عنه وهو اخو النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة قالت أمه: رحمك الله يا أبا السائل، أما والله إني لأشهد على الله أنه أكرمك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم صارخا بها، ومنبهًا لخطورة قطعها: (وما يدريك أن الله أكرمه، ها أنا ذا رسول الله ولا أدري)، بل عند مسلم بأن عائشة رضي الله عنها لما مات ولد صغير لم يبلغ الحلم وبالتالي لم يكتب عليه أي وزر قالت: هنيئًا له عصفور من عصافير الجنة، كلمة عادية فقال: عليه الصلاة والسلام: (أوغير ذلك يا عائشة؟)، يعني لو قلت غير هذا الكلام الذي قطعت أنه عصفور من عصافير الجنة ما أدراك؟ أنه كذلك! مع إنه صغير وطفل ولهذا كره النبي صلى الله عليه وسلم حتى أن يطلق ويلقب الشهيد شهيداً؛ لأنها كلمة عظيمة بمقام النبوة وبمقام الصديقية.
- فأمر قبول العمل في الإسلام ليس بالأمر الهين، وكذلك أن يجازف الإنسان بقوله، أو أن يزعم، ومن قبول عمله دون أن يعلم على أن وراء ذلك العمل ما وراءه، وإن الخوف الأشد الذي يجب أن يكون أمام ناظرية ودائمًا وهو في قلبه يخاف منه يفزع أن يرد على وجهه هل تقبّل الله منه؟ أم لم يتقبل الله؟…
- وفي سورة الكهف التي سن لنا أن قرأها في كل أسبوع مرة يوم الجمعة نقرأ ﴿قُل هَل نُنَبِّئُكُم بِالأَخسَرينَ أَعمالًا﴾ هو يعمل ويتعب لكن اسمع ﴿قُل هَل نُنَبِّئُكُم بِالأَخسَرينَ أَعمالًا الَّذينَ ضَلَّ سَعيُهُم فِي الحَياةِ الدُّنيا وَهُم يَحسَبونَ أَنَّهُم يُحسِنونَ صُنعًا﴾ عمل كثيرا وظن أنه ارتاح طويلاً لكنه مردود على وجهه، بل يدخل به جهنم ﴿عامِلَةٌ ناصِبَةٌ تَصلى نارًا حامِيَةً﴾مع أنها خشعت وصلت وصامت قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها لما فسرت الآية أو فهمتها: ﴿وَالَّذينَ يُؤتونَ ما آتَوا وَقُلوبُهُم وَجِلَةٌ أَنَّهُم إِلى رَبِّهِم راجِعونَ﴾ قالت :يا رسول الله هؤلاء الذين يسرقون ويزنون ويخافون؟ قال: لا يا ابنه الصديق، لا بل هم الذين يصلون ويصومون ويخافون أن لا يُتقبل منهم، فمفهوم بعيد للآية الكريمة بتفسير الحبيب صلى الله عليه وسلم علينا أن نأخذ به بقوة…
- أرأيتم إلى الحج الذي يتكبد المسلم فيه عناء السفر، ويدفع الأموال الكثيرة، ولعله يجمعها من سنوات طويلة، ثم يقول الله له: ﴿فَإِذا قَضَيتُم مَناسِكَكُم فَاذكُرُوا اللَّهَ كَذِكرِكُم آباءَكُم أَو أَشَدَّ ذِكرًا...﴾ ثم يقول لهم منبها ﴿فَمِنَ النّاسِ مَن يَقولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنيا وَما لَهُ فِي الآخِرَةِ مِن خَلاقٍ﴾، أراد بحجته هذه وجه الناس أن يقال الحاج فلان أو أن يتصور أو أن تكون له صور تذكارية أو أي شيئ وهكذا من يتعلم أو يقرأ أو يصلي أو يصوم أو يتنفل أو يخشع أو أي شيء عمله ذلك مردود وغير مقبول فلنحذر…
-فأيها الإخوة هم قبول العمل يجب أن يكون هو الشاغل الأول والأكبر والأهم لنا، وليس بأن نعمل وفقط، وليس بأن نركن بعد أعمالنا إننا عملنا ونفذنا الواجب الذي يجب وانتهى الأمر، بل هناك واجبات أهم وأكبر أرأيت إلى نبينا صلى الله عليه وسلم وقد أرهق بمشاغل الدعوة، حتى أخذت حياته بكلها. قالت عنه عائشة رضي الله عنها:( ما رأيت الله صلى الله عليه وسلم فارغ قط) ومع ذلك بعد أن فتح الله عليه ما فتح ووصل إلى رأس الفتوحات على الإطلاق التي دانت له الجزيرة العربية بما فيها وسيطر على أملاكها وقبائلها وأذعنت له تلك بكلها، وهابته عليه الصلاة والسلام قوى الشرق والغرب عليه الصلاة والسلام وحسبوا له الف حساب، ومع هذا نزلت سورة النصر مؤكدة أن مهما عملت فيجب عليك أن تعود إلى الله متواضعا متخشعا… أن تعود إلى الله داعيا أن يتقبل منك ﴿إِذا جاءَ نَصرُ اللَّهِ وَالفَتحُ وَرَأَيتَ النّاسَ يَدخُلونَ في دينِ اللَّهِ أَفواجًا فَسَبِّح بِحَمدِ رَبِّكَ وَاستَغفِرهُ إِنَّهُ كانَ تَوّابًا﴾ لعلك فعليك مع أنه ضمن له المغفرة قبل أن يدخل مكة أصلاً، لكن الأمر أخطر من ذلك، ﴿وَاعبُد رَبَّكَ حَتّى يَأتِيَكَ اليَقينُ﴾، ﴿فَاستَقِم كَما أُمِرتَ وَمَن تابَ مَعَكَ وَلا تَطغَوا إِنَّهُ بِما تَعمَلونَ بَصيرٌ﴾.
-أيها الإخوة إن واجبنا بعد العبادات عامة، وبعد رمضان خاصة أن يكون هم القبول هو المسيطر على أذهاننا وعلى قلوبنا وعلى أعمالنا وعلى كل شيء فينا فلعا الله أن يرد تلك الأعمال علينا فنخسر كل شيءإِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقينَ﴾، أقول قولي هذا وأستغفر الله...
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... وبعد: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
-إن الناظر في سر القبول هذا لماذا جعله بيده ولم يخبر به حتى ملائكته، ولا الملائكة المسبحة بقدسه، والذين يحيطون بعرشه لأجل أن يظل المؤمن في استمرار عمله، ويتلهف من عمل إلى عمل،وينتقل من هذا لهذا، ولا يقنع بأي عمل؛ لأنه لا يعلم هل ذلك العمل الأول قد قُبل أم لم يتقبل؟ وبالتالي هو في عجلة من العمل الصالح دائمًا فذلك لعله لم يتقبل فأزيد ثانيًا وثالثًا ورابعًا وخامسًا فلا أدري أي عملي تُقبل وأي عمل الصالح كان﴿وَسارِعوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّماواتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقينَ﴾، وفي آية اخرى بل ﴿فَفِرّوا إِلَى اللَّهِ إِنّي لَكُم مِنهُ نَذيرٌ مُبينٌ﴾ فرار إلى الله، مسابقة نحو الجنة…
- وهناك فرق بين خاف من أن لا يقبل عمله فأقبل على زيادته ولوم نفسه، وتحسينه… وبين من أَمِن من عمله، وضمن قبوله فإنه لن يسسر ﴿أَفَأَمِنوا مَكرَ اللَّهِ فَلا يَأمَنُ مَكرَ اللَّهِ إِلَّا القَومُ الخاسِرونَ﴾ خاسر سيخسر نفسه ويخسر عمله ويخسر جنته ويخسر ربه قبل ذلك، ولأنه ركن على عمله اليسير وارتضى به ظانًا على إن ذلك العمل قد تقبل. وهو لم يتقبل أصلا، لا بل المؤمن الحق هو الذي يسعى وراء كل عمل صالح فهذا هو الذي يتقبل لي كما قال الإمام العالم الحجة الزاهد عبد القادر الجيلالي عليه رحمة الله الجيلالي أو الكيلاني أيضاً رحمه الله وهو يقول: (إن الله أخفى رضاه في طاعته فلا يدري المؤمن في أي عمل رضاه، وإنه أخفى سخطه في معصيته فلا يدري المؤمن في أي معصيته سخط)، فلا يدري وبالتالي هو يخاف من كل سيئة ويرجو كل عمل لعل هذا أن يتقبل منه وهذا أن يرتفع بينه وبين الله. وتلك السيئة يخفاف أن تكون هي السبب المحبط له كما قال الحسن البصري عليه رحمة الله: إنا لنضحك في دنيانا، ولعل الله قد طلع على ذنب من ذنوبنا فقال بعد ذلك لا أتقبل منك شيئًا أن أتقبل منك شيئًا ويقول ابن القيم عليها رحمة الله: في كلام ما معناه على أن الذنب كالجراحات أي الذنوب كالجراحات ولا يدري ولا يدري صاحب الجرح أي جرح سيهلكه، فكذلك الذنب لا ندري أي الذنوب ستهلكنا وهكذا الصالحات. لا ندري في أي صالح يكون قبول عملنا، ولا ندري في أي صالح يكون رضا الله عنا، ألا فلنطلب رضا الله في طاعة الله، ألا فلنطب جنة الله في طاعة الله، ألا فلنطلب القبول في كثرة العمل مع هم العمل ألا يتقبل..
- فإن الآية الكريمة لتحكي لكل مؤمن ولا تصرخ في قلب كل مسلم ولا تقول لكل موحد خف إلا يتقبل منك عملك فإن الله {إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقينَ﴾ ومن تقبل منه عمله فإنه متق معنى الآية أو في مفهوم الاية. وكذلك ان الذي يتقبل منه يكون من المتقين. ومعناه أن الجنة له لأن الله قال ( تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا)﴿وَسارِعوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّماواتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقينَ﴾ فالتقوى هي ثمن الجنة. هي مفتاح الجنة. هي الأساس لدخول الجنة. ولا جنة إلا بعمل. ولا عمل إلا بقبول ألا فلنهتم بأعمالنا وقبل ذلك وأكثر وأعظم منه أن نهتم بقبول ذلك العمل ونكثر من همنا أكثر من هم عملنا ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم (كان اذا عمل عملا اثبته ) وكان عليه الصلاة والسلام كما قالت عنه عائشة ومسلم : كان عمله ديمة أي دائما وهو يتعاهد ذلك العمل، ألا فلنثبت ألا فلنسارع، ألا فلنبادر، ألا فلنسابق، ألا فلنفر، ألا فلنخف ألا يتقبل منا ذلك العمل وأختم بما {إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقينَ﴾صلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1 *❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.org/
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A ...المزيد
مساعدة
الإبلاغ عن المادة
تعديل تدوينة
*فريضة.الخوف.والوجل.من.عدم.قبول.العمل.cc* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد ...
*فريضة.الخوف.والوجل.من.عدم.قبول.العمل.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇 ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇 ...المزيد
*الثبات.على.الطاعات.بعد.رمضان.cc* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي. عضو الاتحاد العالمي ...
*الثبات.على.الطاعات.بعد.رمضان.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/hsGpwpXy4Nc
*📆 تم إلقاؤها : 5/ شوال /1443هـ. بمسجد الخير فلك جامعة حضرموت المكلا.
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- فإن لله عز وجل الحكمة البالغة، والأمر الأعظم، وإنه تبارك وتعالى يضرب الأمثال كيف يشاء، وبما يشاء، وكل شيء عنده بأجل مسمى، وله المثل الأعلى جل وعلا، فقد قال في محكم كتابه الكريم لقريش بأنهم آمرًا لهم أن لا ينقضوا مواثيقهم وعهودهم: ﴿وَلا تَكونوا كَالَّتي نَقَضَت غَزلَها مِن بَعدِ قُوَّةٍ أَنكاثًا}، فمنعهم منعًا باتًا من أن يقتربوا من نقض عهودهم ومواثيقهم بينهم وبين الناس، أو كذلك ما بينهم وبين الله عز وجل، وجعل من ينقض عهده وميثاقه بأنه أشبه بامرأة يعرفها أهل قريش بأنها في عقلها شيء من جنون فهي تتعب بالصباح حتى المساء في الغزل، ثم إذا جاء المساء نقضت ما غزلت، ففي المساء كله تنقض ما غزلته وتعبت عليه وانتصبت وقامت وفعلت ما فعلت طوال اليوم، فهي بالتالي مساء تنقض كل شيء من أعمالها وتبطله، فقال الله لقريش كذلك إن نقضتم عهدكم وميثاقكم بعد إن أعطيتم الله ذلك العهد والميثاق فإنكم اشبه بهذه المرأة التي لا عقل لها، تتعب ثم تنقض ما تعبت عليه: ﴿وَلا تَكونوا كَالَّتي نَقَضَت غَزلَها مِن بَعدِ قُوَّةٍ أَنكاثًا}.
- فإذا كان المسلم ينقض ما أبرم، ويسعى لهدم ما بنى، ويذهب هنا وهناك لإنقاض ما فعله في أيامه وفي عمره من أعمال صالحة بسيئاته وما يجترح، فمثلا في الصباح يعمل صالحا وفي المساء يفسد فهو مثل تلك المرأة لا فرق، ومخرّب واحد غلب ألف عمّار كما يقول المثل الشعبي، وإذا كان الشر ينقض الخير ويبطل العمل: {وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعمَلُون} بل قال الله عز وجل لنبيه متوعدا: {لَئِن أَشرَكتَ لَيَحبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكونَنَّ مِنَ الخاسِرينَ﴾، وهو نبيه صلى الله عليه وسلم ومع هذا هدده الله بأنه إذا انتكس عن سبيله فإن عمله ذلك المحبوب من صالحات من صيام من قيام من حج من أي عمل كان لربه عز وجل فإنه ينتقض ويزول ويمتحي وكأنه لا شيء، وعن الناس وللناس قال الحبيب عليه الصلاة والسلام متوعدا ومخوفا: [لأعلمن أقواما يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا فيجعلها الله هباء منثورا، قال ثوبان: يا رسول الله صفهم لنا؟ جلهم لنا أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم، قال: أما إنهم إخوانكم، ومن جلدتكم، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم أقوام إذا خلو بمحارم الله انتهكوها].
- فكذلك أيها الإخوة من تراجع عن عباداته وعن طاعاته وعما كان عليه في أيامه الأولى فرجع لأسوأ مما كان عليه قبل أن يدخل على ربه بتلك الأعمال الصالحة فقد خسر ذلك العمل؛ فلقد كان بين عملين بين عمل سيء في البداية، ثم توبة، ثم عمل سيء في النهاية، فأصبح ذلك العبد خسرانا؛ لأنه ترك ما أحبه ربه والمفتاح الذي قدم على ربه عز وجل به، فانتكس وفعل المبغوضات، والمكروهات، وبارز ربه بالعصيان فأصبح المحبوب عند ربه مبغوضًا؛ لأن ذلك العبد تحول من المحاب إلى المباغض عند رب العالمين سبحانه وتعالى.
- وإن الله تعالى في كتابه الكريم قد ذكر لنا على أن للعبادات وللطاعات روح، على أن للعبادات وللطاعات نفحات، على أن للعبادات والطاعات أثر، على أن للعبادات والطاعات ثمرة وشيء يفوح يجر إلى ما بعدها فقال: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنهى عَنِ الفَحشاءِ وَالمُنكَرِ...َ﴾، ومعناه أن كل عبادة وليست الصلاة وحسب فكل عبادة وكل طاعة هي تنهى بالضرورة عن الفحشاء والمنكر، فالصيام والقيام وأي حسنة كانت من العبد فإنها تحدث أثرًا في نفس الشخص الفاعل لها، في اجتماعه في أعماله في بيته في سوقه في مسجده في علاقته مع ربه في علاقته مع الخلق جميعًا تحدث أثراً، وكل العبادات والطاعات على ذلك، ومن لم يكن لتلك الطاعات والعبادات عنده أثر في نفسه وفي تعاملاته إن لم ير تغيراً في نفسه فإنه دليل على رد ذلك العمل وعلى أن عمله لم يتقبل أصلا…
- وإن أعظم دليل على أن العمل مُتقبل، وعلى أن للعبادات وللطاعات أثر هو أن يستمر فيها بعد أن دخل، هو أن يستمر وأن يواصل وأن لا ينقطع، فرمضان جاء والناس أقبلوا على الله فيه، وازدحمت المساجد فتجد ذلك القارئ وذلك القائم وذلك المرتل وذلك المسبح وذلك المتصدق وذلك الصائم، وأصبح الناس حول العبادة والطاعة يتمتمون، فإذا كان تلك العبادات والطاعات والحسنات وما فعله الناس في رمضان نفعت ذلك الفاعل لها فإنه سيستمر فيها، لأن أي عبادة وطاعة لها أثر وأعظم الآثار أن العبد يواصل ويستمر، والحسنة تداعي أخواتها، والسيئة أيضًا تداعي أخواتها، فإذا كان العبد عمل صالحًا وحسنة وقُبلت منه فإنه لا يرضى بتلك الحسنة حتى يكتسب حسنات وحسنات، أما إذا كان العبد لم يتقبل منه تلك الحسنة الأولى عاد لسيئاته السابقة لآثاره الماضية؛ لأن أعماله تلك لم تُقبل، ولم ينتفع بها، ولم يجد راحة ومتعة ونعيمًا فيها فانتكس وارتكس وعاد إلى الماضي… والعياذ بالله.
- ألسنا أيها الإخوة نقرأ في كل ركعة من صلواتنا ﴿اهدِنَا الصِّراطَ المُستَقيمَ﴾، وأي صراط أعظم من الاستقامة مع الله، من الأستمرار في طاعة الله، كم نقرأ هذه الآية وهي دعاء منا لربنا في الصلاة: ﴿اهدِنَا الصِّراطَ المُستَقيمَ﴾، ثم فسر الله ذلك الصراط بأنه ﴿صِراطَ الَّذينَ أَنعَمتَ عَلَيهِم غَيرِ المَغضوبِ عَلَيهِمَ﴾، أي اهدني صراط أولئك الصالحين أولئك الذين أصلحوا ما بينهم وبينك، الناس الذين عرفوك، أولئك الناس الذين قدموا ما قدموا من خير وانقطعوا إليك ولم ينقطعوا للدنيا وواصلوا وثبتوا واستمروا، أولئك الناس أريدك يا ربي أن تهديني صراطهم، ولا تهدني يا ربي صراط المغضوب عليهم والضالين، وهم اليهود والنصارى، والمغضوب عليهم الذين علموا ولم يعملوا وهم اليهود، والضالين النصارى الذين عملوا على جهل وضلال، وكأن العبد يتبرأ من الجميع ويكون لله مهتديًا بصراط المنعم عليهم، وقد ذكر أولئك الذين انعم عليهم في سورة النساء، {أُولئِكَ مَعَ الَّذينَ أَنعَمَ اللَّهُ عَلَيهِم مِنَ النَّبِيّينَ وَالصِّدّيقينَ وَالشُّهَداءِ وَالصّالِحينَ...}، فمن أراد أن يكتسب صفاتهم، وأن يكون في صفهم ومعهم فليستمر على الطاعة والعبادة… ﴿إِنَّ الَّذينَ قالوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ استَقاموا...َ﴾، ﴿وَأَن لَوِ استَقاموا عَلَى الطَّريقَةِ لَأَسقَيناهُم ماءً غَدَقًا﴾.
- ولقد قال الله تبارك وتعالى لنبيه وهو المغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ومن لا يمكن أن يتنازل عن عبادة ربه وقد ذاقها عليه الصلاة والسلام قال الله له: ﴿وَاصبِر نَفسَكَ مَعَ الَّذينَ يَدعونَ رَبَّهُم بِالغَداةِ وَالعَشِي...}، مع أولئك الناس الذين يستمرون في عبادة الله عز وجل، فحري بنا أن نستمر مع هؤلاء الذين استمروا في عبادة ربهم، وانقطعوا إليه، والذين تعرّفوا عليه، والذين أصبحوا في شغلهم أعظم وأحب من كل شغل، إنه الشغل مع ربهم، ولم ينشغلوا بدنياهم وهجروا المساجد وهجروا القرآن وهجروا قيام الليل وهجروا الصيام وهجروا أنواع والطاعات وعادوا إلى ما كانوا عليه قبل رمضان، فمن عرف معنى الآية التي يقرأها في كل ركعة من صلواته، ﴿اهدِنَا الصِّراطَ المُستَقيمَ﴾ استقام واهتدى واستمر وواصل على عبادته وطاعاته ولم يودع منها شيئًا، أما من ودعها فإن إجابة دعائه في كل ركعة بعيد كل البعد، وأيضا قبول أعماله في رمضان أيضَا بعيدة، وهذا سفيان بن عبدالله يأتي إلى رسول الله فيقول يا رسول الله قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً بعدك فقال: "قل آمنت بالله ثم استقم"، ثم استمر ثم واصل، أعظم ما يقوله رسول الله لذلك الرجل أن يستمر أن يثبت أن يواصل أن لا ينقطع، وكوصية جامعة مانعة لايحتاج بعدها لسؤال أحد في دين الله: قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً بعدك "قل آمنت بالله ثم استقم على إيمانك على طاعتك، ﴿إِنَّ الَّذينَ قالوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ استَقاموا...َ﴾، ولهذا كان صلى الله عليه وسلم عمله كله ديمة أي دائمًا لا ينقطع عنه، وكان يقول: "أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل"، وقليل دائم خير من كثير منقطع، فإنسان عبد الله وإن قلت عبادته لكنه مستمر فيها خير ممن عبد كثيراً ثم انقطع طويلاً، أقول قولي هذا وأستغفر الله.
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
- أيها الإخوة إن من أعظم وأجل ما يمكن أن نستمر عليه من العبادات والطاعات كوسيلة من الوسائل التي تدفعنا للاستمرار هي القرآن، الأستمرار في قراءة القرآن ولو آيات في اليوم فلقد قال الله عز وجل: ﴿وَقالَ الَّذينَ كَفَروا لَولا نُزِّلَ عَلَيهِ القُرآنُ جُملَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلناهُ تَرتيلًا﴾، أنزلناه قليلاً قليلا وليس جملة واحدة، من أجل أن تثبت من أجل أن ترسخ من أجل أن تستمر فيما أنت عليه من عبادة وطاعة حتى تنزل آيات فتنطلق بك إلى ربك تبارك وتعالى، وبالتالي فنحن نتعلم ذلك بأن من أراد الاستمرار فيما هو فيه وما كان عليه من طاعة فليستمر في قراءة ولو آيات من كتاب الله.
- ثانيًا أن يستمر في الدعاء اهدنا الصراط المستقيم، اللهم الهمني رشدي، وأعذني من شر نفسي، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وبمثل يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، وهو أكثر دعائه عليه الصلاة والسلام مع أنه لا يمكن أن يزيغ عن عبادة ربه، ومع هذا قد قالت أم سلمة بأنه أكثر دعائه صلى الله عليه وسلم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، "والقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن عز وجل يقلبها كيف يشاء، إذا أراد أن يزيغه أزاغهق وإذا أراد أن يثبته ثبته"، فندعوا الله بالثبات بأن يثبتنا بأن نستمر على تلك العبادات والطاعات التي كنا عليها في رمضان، فالدعاء الدعاء، ﴿رَبَّنا لا تُزِغ قُلوبَنا بَعدَ إِذ هَدَيتَنا وَهَب لَنا مِن لَدُنكَ رَحمَةً إِنَّكَ أَنتَ الوَهّابُ﴾، فكذلك الدعاء.
- ثالثا: ثم البيئة الصالحة كما سبق في الآية، ﴿وَاصبِر نَفسَكَ مَعَ الَّذينَ يَدعونَ رَبَّهُم بِالغَداةِ وَالعَشِيِّ يُريدونَ وَجهَهُ وَلا تَعدُ عَيناكَ عَنهُم...﴾، لا ترافق السيئين لا ترافق الناس الذين انقطعوا وهجروا عبادات وطاعات وصالحات ترفعهم لربهم أولئك الناس اجتنبهم ابتعد عنهم، {وَلا تَعدُ عَيناكَ عَنهُم تُريدُ زينَةَ الحَياةِ الدُّنيا...﴾، لا تنصرف لهاتفك لا تنصرف كليًا لأعمالك لا تنصرف كليًا لأشغالك لا تنصرف هنا وهناك عن عبادة ربك فإن العبادة هي الموطن للثبات ولو قلت ولو كانت يسيرة، وذلك الرجل الذي أجرم فقتل مئة نفس أشار عليه أن يذهب إلى ارض كذا وكذا فإن فيها أُناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم فلابد من البيئة الصالحة، وإن اعظم بيئة يحافظ عليها هي بيئة المسجد وإن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح عند مسلم وعند غيره أنه قال: "أحب البقاع إلى الله مساجدها"، فالمساجد هي أحب البقاع إلى الله فمن تعلق قلبه بالمساجد أمن واطمئن واستمر على ما هو فيه وعلى ما هو عليه من عبادة ومن طاعة، ومن لم يكن كذلك لم يستمر في المسجد ولم يواصل في عبادة المسجد، ولم يأت عند الأذان، ولم يأبه بالصلوات لا فجر ولا ظهر ولا عصر، ينقطع عن المسجد الأيام ولربما لا يأتيه إلا في الجمعة فإن ذلك محال عليه أن يستمر فيما هو عليه من عبادة وطاعة.
- رابعًا: قراءة قصص السلف والصالحين: ﴿وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ وَجاءَكَ في هذِهِ الحَقُّ وَمَوعِظَةٌ وَذِكرى لِلمُؤمِنينَ﴾ فقراءة قصصهم عامل ثبات وحب رغبة في مواصلة الأعمال الصالحة، واحتقار ما لديك والمسارعة لتكون مثلهم…
-خامسًا فعل الطاعات، والعمل بالمواعظ والآيات ولهذا قال رب البريات ضامنا: ﴿ وَلَو أَنَّهُم فَعَلوا ما يوعَظونَ بِهِ لَكانَ خَيرًا لَهُم وَأَشَدَّ تَثبيتًا﴾ فاعمل بما تعلم ولو قل.
- سادسًا الصلاة عموما وقيام الليل خصوصا: ﴿إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيلِ هِيَ أَشَدُّ وَطئًا وَأَقوَمُ قيلًا﴾.
هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2 ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/hsGpwpXy4Nc
*📆 تم إلقاؤها : 5/ شوال /1443هـ. بمسجد الخير فلك جامعة حضرموت المكلا.
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- فإن لله عز وجل الحكمة البالغة، والأمر الأعظم، وإنه تبارك وتعالى يضرب الأمثال كيف يشاء، وبما يشاء، وكل شيء عنده بأجل مسمى، وله المثل الأعلى جل وعلا، فقد قال في محكم كتابه الكريم لقريش بأنهم آمرًا لهم أن لا ينقضوا مواثيقهم وعهودهم: ﴿وَلا تَكونوا كَالَّتي نَقَضَت غَزلَها مِن بَعدِ قُوَّةٍ أَنكاثًا}، فمنعهم منعًا باتًا من أن يقتربوا من نقض عهودهم ومواثيقهم بينهم وبين الناس، أو كذلك ما بينهم وبين الله عز وجل، وجعل من ينقض عهده وميثاقه بأنه أشبه بامرأة يعرفها أهل قريش بأنها في عقلها شيء من جنون فهي تتعب بالصباح حتى المساء في الغزل، ثم إذا جاء المساء نقضت ما غزلت، ففي المساء كله تنقض ما غزلته وتعبت عليه وانتصبت وقامت وفعلت ما فعلت طوال اليوم، فهي بالتالي مساء تنقض كل شيء من أعمالها وتبطله، فقال الله لقريش كذلك إن نقضتم عهدكم وميثاقكم بعد إن أعطيتم الله ذلك العهد والميثاق فإنكم اشبه بهذه المرأة التي لا عقل لها، تتعب ثم تنقض ما تعبت عليه: ﴿وَلا تَكونوا كَالَّتي نَقَضَت غَزلَها مِن بَعدِ قُوَّةٍ أَنكاثًا}.
- فإذا كان المسلم ينقض ما أبرم، ويسعى لهدم ما بنى، ويذهب هنا وهناك لإنقاض ما فعله في أيامه وفي عمره من أعمال صالحة بسيئاته وما يجترح، فمثلا في الصباح يعمل صالحا وفي المساء يفسد فهو مثل تلك المرأة لا فرق، ومخرّب واحد غلب ألف عمّار كما يقول المثل الشعبي، وإذا كان الشر ينقض الخير ويبطل العمل: {وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعمَلُون} بل قال الله عز وجل لنبيه متوعدا: {لَئِن أَشرَكتَ لَيَحبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكونَنَّ مِنَ الخاسِرينَ﴾، وهو نبيه صلى الله عليه وسلم ومع هذا هدده الله بأنه إذا انتكس عن سبيله فإن عمله ذلك المحبوب من صالحات من صيام من قيام من حج من أي عمل كان لربه عز وجل فإنه ينتقض ويزول ويمتحي وكأنه لا شيء، وعن الناس وللناس قال الحبيب عليه الصلاة والسلام متوعدا ومخوفا: [لأعلمن أقواما يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا فيجعلها الله هباء منثورا، قال ثوبان: يا رسول الله صفهم لنا؟ جلهم لنا أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم، قال: أما إنهم إخوانكم، ومن جلدتكم، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم أقوام إذا خلو بمحارم الله انتهكوها].
- فكذلك أيها الإخوة من تراجع عن عباداته وعن طاعاته وعما كان عليه في أيامه الأولى فرجع لأسوأ مما كان عليه قبل أن يدخل على ربه بتلك الأعمال الصالحة فقد خسر ذلك العمل؛ فلقد كان بين عملين بين عمل سيء في البداية، ثم توبة، ثم عمل سيء في النهاية، فأصبح ذلك العبد خسرانا؛ لأنه ترك ما أحبه ربه والمفتاح الذي قدم على ربه عز وجل به، فانتكس وفعل المبغوضات، والمكروهات، وبارز ربه بالعصيان فأصبح المحبوب عند ربه مبغوضًا؛ لأن ذلك العبد تحول من المحاب إلى المباغض عند رب العالمين سبحانه وتعالى.
- وإن الله تعالى في كتابه الكريم قد ذكر لنا على أن للعبادات وللطاعات روح، على أن للعبادات وللطاعات نفحات، على أن للعبادات والطاعات أثر، على أن للعبادات والطاعات ثمرة وشيء يفوح يجر إلى ما بعدها فقال: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنهى عَنِ الفَحشاءِ وَالمُنكَرِ...َ﴾، ومعناه أن كل عبادة وليست الصلاة وحسب فكل عبادة وكل طاعة هي تنهى بالضرورة عن الفحشاء والمنكر، فالصيام والقيام وأي حسنة كانت من العبد فإنها تحدث أثرًا في نفس الشخص الفاعل لها، في اجتماعه في أعماله في بيته في سوقه في مسجده في علاقته مع ربه في علاقته مع الخلق جميعًا تحدث أثراً، وكل العبادات والطاعات على ذلك، ومن لم يكن لتلك الطاعات والعبادات عنده أثر في نفسه وفي تعاملاته إن لم ير تغيراً في نفسه فإنه دليل على رد ذلك العمل وعلى أن عمله لم يتقبل أصلا…
- وإن أعظم دليل على أن العمل مُتقبل، وعلى أن للعبادات وللطاعات أثر هو أن يستمر فيها بعد أن دخل، هو أن يستمر وأن يواصل وأن لا ينقطع، فرمضان جاء والناس أقبلوا على الله فيه، وازدحمت المساجد فتجد ذلك القارئ وذلك القائم وذلك المرتل وذلك المسبح وذلك المتصدق وذلك الصائم، وأصبح الناس حول العبادة والطاعة يتمتمون، فإذا كان تلك العبادات والطاعات والحسنات وما فعله الناس في رمضان نفعت ذلك الفاعل لها فإنه سيستمر فيها، لأن أي عبادة وطاعة لها أثر وأعظم الآثار أن العبد يواصل ويستمر، والحسنة تداعي أخواتها، والسيئة أيضًا تداعي أخواتها، فإذا كان العبد عمل صالحًا وحسنة وقُبلت منه فإنه لا يرضى بتلك الحسنة حتى يكتسب حسنات وحسنات، أما إذا كان العبد لم يتقبل منه تلك الحسنة الأولى عاد لسيئاته السابقة لآثاره الماضية؛ لأن أعماله تلك لم تُقبل، ولم ينتفع بها، ولم يجد راحة ومتعة ونعيمًا فيها فانتكس وارتكس وعاد إلى الماضي… والعياذ بالله.
- ألسنا أيها الإخوة نقرأ في كل ركعة من صلواتنا ﴿اهدِنَا الصِّراطَ المُستَقيمَ﴾، وأي صراط أعظم من الاستقامة مع الله، من الأستمرار في طاعة الله، كم نقرأ هذه الآية وهي دعاء منا لربنا في الصلاة: ﴿اهدِنَا الصِّراطَ المُستَقيمَ﴾، ثم فسر الله ذلك الصراط بأنه ﴿صِراطَ الَّذينَ أَنعَمتَ عَلَيهِم غَيرِ المَغضوبِ عَلَيهِمَ﴾، أي اهدني صراط أولئك الصالحين أولئك الذين أصلحوا ما بينهم وبينك، الناس الذين عرفوك، أولئك الناس الذين قدموا ما قدموا من خير وانقطعوا إليك ولم ينقطعوا للدنيا وواصلوا وثبتوا واستمروا، أولئك الناس أريدك يا ربي أن تهديني صراطهم، ولا تهدني يا ربي صراط المغضوب عليهم والضالين، وهم اليهود والنصارى، والمغضوب عليهم الذين علموا ولم يعملوا وهم اليهود، والضالين النصارى الذين عملوا على جهل وضلال، وكأن العبد يتبرأ من الجميع ويكون لله مهتديًا بصراط المنعم عليهم، وقد ذكر أولئك الذين انعم عليهم في سورة النساء، {أُولئِكَ مَعَ الَّذينَ أَنعَمَ اللَّهُ عَلَيهِم مِنَ النَّبِيّينَ وَالصِّدّيقينَ وَالشُّهَداءِ وَالصّالِحينَ...}، فمن أراد أن يكتسب صفاتهم، وأن يكون في صفهم ومعهم فليستمر على الطاعة والعبادة… ﴿إِنَّ الَّذينَ قالوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ استَقاموا...َ﴾، ﴿وَأَن لَوِ استَقاموا عَلَى الطَّريقَةِ لَأَسقَيناهُم ماءً غَدَقًا﴾.
- ولقد قال الله تبارك وتعالى لنبيه وهو المغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ومن لا يمكن أن يتنازل عن عبادة ربه وقد ذاقها عليه الصلاة والسلام قال الله له: ﴿وَاصبِر نَفسَكَ مَعَ الَّذينَ يَدعونَ رَبَّهُم بِالغَداةِ وَالعَشِي...}، مع أولئك الناس الذين يستمرون في عبادة الله عز وجل، فحري بنا أن نستمر مع هؤلاء الذين استمروا في عبادة ربهم، وانقطعوا إليه، والذين تعرّفوا عليه، والذين أصبحوا في شغلهم أعظم وأحب من كل شغل، إنه الشغل مع ربهم، ولم ينشغلوا بدنياهم وهجروا المساجد وهجروا القرآن وهجروا قيام الليل وهجروا الصيام وهجروا أنواع والطاعات وعادوا إلى ما كانوا عليه قبل رمضان، فمن عرف معنى الآية التي يقرأها في كل ركعة من صلواته، ﴿اهدِنَا الصِّراطَ المُستَقيمَ﴾ استقام واهتدى واستمر وواصل على عبادته وطاعاته ولم يودع منها شيئًا، أما من ودعها فإن إجابة دعائه في كل ركعة بعيد كل البعد، وأيضا قبول أعماله في رمضان أيضَا بعيدة، وهذا سفيان بن عبدالله يأتي إلى رسول الله فيقول يا رسول الله قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً بعدك فقال: "قل آمنت بالله ثم استقم"، ثم استمر ثم واصل، أعظم ما يقوله رسول الله لذلك الرجل أن يستمر أن يثبت أن يواصل أن لا ينقطع، وكوصية جامعة مانعة لايحتاج بعدها لسؤال أحد في دين الله: قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً بعدك "قل آمنت بالله ثم استقم على إيمانك على طاعتك، ﴿إِنَّ الَّذينَ قالوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ استَقاموا...َ﴾، ولهذا كان صلى الله عليه وسلم عمله كله ديمة أي دائمًا لا ينقطع عنه، وكان يقول: "أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل"، وقليل دائم خير من كثير منقطع، فإنسان عبد الله وإن قلت عبادته لكنه مستمر فيها خير ممن عبد كثيراً ثم انقطع طويلاً، أقول قولي هذا وأستغفر الله.
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
- أيها الإخوة إن من أعظم وأجل ما يمكن أن نستمر عليه من العبادات والطاعات كوسيلة من الوسائل التي تدفعنا للاستمرار هي القرآن، الأستمرار في قراءة القرآن ولو آيات في اليوم فلقد قال الله عز وجل: ﴿وَقالَ الَّذينَ كَفَروا لَولا نُزِّلَ عَلَيهِ القُرآنُ جُملَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلناهُ تَرتيلًا﴾، أنزلناه قليلاً قليلا وليس جملة واحدة، من أجل أن تثبت من أجل أن ترسخ من أجل أن تستمر فيما أنت عليه من عبادة وطاعة حتى تنزل آيات فتنطلق بك إلى ربك تبارك وتعالى، وبالتالي فنحن نتعلم ذلك بأن من أراد الاستمرار فيما هو فيه وما كان عليه من طاعة فليستمر في قراءة ولو آيات من كتاب الله.
- ثانيًا أن يستمر في الدعاء اهدنا الصراط المستقيم، اللهم الهمني رشدي، وأعذني من شر نفسي، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وبمثل يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، وهو أكثر دعائه عليه الصلاة والسلام مع أنه لا يمكن أن يزيغ عن عبادة ربه، ومع هذا قد قالت أم سلمة بأنه أكثر دعائه صلى الله عليه وسلم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، "والقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن عز وجل يقلبها كيف يشاء، إذا أراد أن يزيغه أزاغهق وإذا أراد أن يثبته ثبته"، فندعوا الله بالثبات بأن يثبتنا بأن نستمر على تلك العبادات والطاعات التي كنا عليها في رمضان، فالدعاء الدعاء، ﴿رَبَّنا لا تُزِغ قُلوبَنا بَعدَ إِذ هَدَيتَنا وَهَب لَنا مِن لَدُنكَ رَحمَةً إِنَّكَ أَنتَ الوَهّابُ﴾، فكذلك الدعاء.
- ثالثا: ثم البيئة الصالحة كما سبق في الآية، ﴿وَاصبِر نَفسَكَ مَعَ الَّذينَ يَدعونَ رَبَّهُم بِالغَداةِ وَالعَشِيِّ يُريدونَ وَجهَهُ وَلا تَعدُ عَيناكَ عَنهُم...﴾، لا ترافق السيئين لا ترافق الناس الذين انقطعوا وهجروا عبادات وطاعات وصالحات ترفعهم لربهم أولئك الناس اجتنبهم ابتعد عنهم، {وَلا تَعدُ عَيناكَ عَنهُم تُريدُ زينَةَ الحَياةِ الدُّنيا...﴾، لا تنصرف لهاتفك لا تنصرف كليًا لأعمالك لا تنصرف كليًا لأشغالك لا تنصرف هنا وهناك عن عبادة ربك فإن العبادة هي الموطن للثبات ولو قلت ولو كانت يسيرة، وذلك الرجل الذي أجرم فقتل مئة نفس أشار عليه أن يذهب إلى ارض كذا وكذا فإن فيها أُناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم فلابد من البيئة الصالحة، وإن اعظم بيئة يحافظ عليها هي بيئة المسجد وإن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح عند مسلم وعند غيره أنه قال: "أحب البقاع إلى الله مساجدها"، فالمساجد هي أحب البقاع إلى الله فمن تعلق قلبه بالمساجد أمن واطمئن واستمر على ما هو فيه وعلى ما هو عليه من عبادة ومن طاعة، ومن لم يكن كذلك لم يستمر في المسجد ولم يواصل في عبادة المسجد، ولم يأت عند الأذان، ولم يأبه بالصلوات لا فجر ولا ظهر ولا عصر، ينقطع عن المسجد الأيام ولربما لا يأتيه إلا في الجمعة فإن ذلك محال عليه أن يستمر فيما هو عليه من عبادة وطاعة.
- رابعًا: قراءة قصص السلف والصالحين: ﴿وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ وَجاءَكَ في هذِهِ الحَقُّ وَمَوعِظَةٌ وَذِكرى لِلمُؤمِنينَ﴾ فقراءة قصصهم عامل ثبات وحب رغبة في مواصلة الأعمال الصالحة، واحتقار ما لديك والمسارعة لتكون مثلهم…
-خامسًا فعل الطاعات، والعمل بالمواعظ والآيات ولهذا قال رب البريات ضامنا: ﴿ وَلَو أَنَّهُم فَعَلوا ما يوعَظونَ بِهِ لَكانَ خَيرًا لَهُم وَأَشَدَّ تَثبيتًا﴾ فاعمل بما تعلم ولو قل.
- سادسًا الصلاة عموما وقيام الليل خصوصا: ﴿إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيلِ هِيَ أَشَدُّ وَطئًا وَأَقوَمُ قيلًا﴾.
هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2 ...المزيد
*ماذا.بعد.رمضان.cc* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي. عضو الاتحاد العالمي لعلماء ...
*ماذا.بعد.رمضان.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/te5bLJ_FwP0
*📆 تم إلقاؤها بمسجد الخير فلك جامعة حضرموت: 28/ رمضان /1443هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- إن كل شيء يذكرنا بمصيرنا، يذكرنا بآجالنا، يذكرنا بمنتهانا، يذكرنا بسفرنا الطويل، ولقائنا الكبير، يذكرنا بـ: ﴿لِيَومٍ عَظيمٍ يَومَ يَقومُ النّاسُ لِرَبِّ العالَمينَ﴾، أيام تنقضي سريعًا، وأعوام تمر كأنها غمضة عين، هكذا ما إن نبتدأ في الشيء حتى ننتهي، ما إن نفرح به حتى نحزن عليه، ما إن نُبشِر حتى نودِع، ما إن نستقبل حتى تكون النهاية سريعة وجدا، والله يقول مصورا لمشهد الدنيا بما فيها: ﴿اعلَموا أَنَّمَا الحَياةُ الدُّنيا لَعِبٌ وَلَهوٌ وَزينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَينَكُم وَتَكاثُرٌ فِي الأَموالِ وَالأَولادِ كَمَثَلِ غَيثٍ أَعجَبَ الكُفّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهيجُ فَتَراهُ مُصفَرًّا ثُمَّ يَكونُ حُطامًا...ِ﴾، هذه هي الدنيا بما فيها زرع جاءه غيث فأصبح قويًا على سوقه، ثم ما هي ألا لحظات حتى يأتي حصاده، ثم ينتهي وكأن الأيام لم تأت وهو في قوته وصحته وعافيته وفي أيام حياته وفتوته: ﴿وَاضرِب لَهُم مَثَلَ الحَياةِ الدُّنيا كَماءٍ أَنزَلناهُ مِنَ السَّماءِ فَاختَلَطَ بِهِ نَباتُ الأَرضِ فَأَصبَحَ هَشيمًا تَذروهُ الرِّياحُ...﴾، هكذا هي ماء ينزل، وغيث يصعد، ويأتي الحاصد فيحصد، وهي كذلك الدنيا بما فيها دنيانا بصحتها بعافيتها بألامها وآمالها بأهلها بأهدافها بانجازاتها بأكلها بشربها بأي شيء صعد عليها، فهي كغيث نزل على زرع فحيي الزرع ثم جاء الحصاد، ورمضان أشبه بهذا، قبل كم آيام وكأنها لحظات كنا نستقبل رمضان، وأيضًا كنا نبشر بدخوله واليوم ودعناه، وكأن تلك الأيام ليست بشيء:
دقات قلب المـرء قائلةً لهُ
إن الحياة دقائقٌ وثواني
الدقيقة واللحظة والثانية وأي شيء كان في هذه الدنيا فهي تذكر بيوم القيامة بالموت قبل ذلك بالأجل المنسي عند كثير من الناس، الذين أصبحوا لا يتذكرون المصير، ولا ينتظرون للمشيب، وكأنه لن يأتيهم يومًا من الأيام، كثير أولئك الذين نسوا وتناسوا أمرهم المحتوم، وحظهم المقسوم، إنه الذي سيأتي على كل الخلائق جميعًا، والفارق بين هذا وهذا إنما هي لحظات من التعمير ثم الرحيل، الجميع على هذا، ورمضان أيها الإخوة إنما يذكرنا بزوالنا ورحيلنا وبوداعنا للحياة الدنيا بما فيها وبما هو عليها…
- إن الأيام والساعات واللحظات تنقضي على الجميع، ولكن شتان بين من أستغلها في الطاعة، ومن قضاها في المعصية، كلها تمر على كل واحد، رمضان مثلاً مر على من قامه وعلى من صامه وعلى من تعرف على ربه فيه وعلى من حقق الهدف الأسمى والأكبر من الصيام الذي هو: التقوى، غُفر فيه لمن غُفر، أُعتق فيه من أُعتق، وفاز فيه من فاز، ونجح فيه من نجح، ذاك قائم يصلي، وهذا ساجد يبكي، وذاك إنسان يرتل كل ليلهِ، وهذا مشغول بطاعة ربه، وهذا لاهٍ غافل، وهذا في السوق والشوارع، وهذا عند الأصحاب والجوال، وذاك وذاك مشغول بما هو مشغول فيه إن لم يكن في شغل شاغل بالعصيان فهو مشغول بالمباحات وبما لا تنفعه ولا ترفعه ولا تدفع عنه شيئًا، شتان بين هذا وذاك…
- ورمضان قد انقضى على الجميع ورمضان قد انتهى عند الجميع الطائع والعاصي، ولكن هل فزنا؟ أم خسرنا؟ هل نجحنا في الإمتحان الأكبر الرباني السنوي أم فشلنا، من المحروم فنعزيه، ومن المقبول فنهنيه، هل استغلينا ما مضى منه من ساعات ولحظات، أم فرطنا وضيعنا، هل غُفرت ذنوبنا، و:"رمضان إلى رمضان كفارات لما بينهن إذا اجتُنبت الكبائر، ومن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه"، أربعة أحاديث تتحدث عن المغفرة فهل فزنا ولو بواحد منها؟ هل غُفرت الذنوب؟ أم كان العكس عدم المغفرة، وكان الدعاء من جبريل عليه السلام: " رغم أنف من أدركه رمضان ثم انصرم ولم يغفر له، فقال الحبيب صلى الله عليه وسلم آمين"، فهل تحققت دعوة جبريل وتأمين الحبيب عليه الصلاة والسلام فيّ وفيك؟ بحيث انصرم رمضان ولم يغفر لنا، ولم يتجاوز عنا، لا صمناه كما ينبغي ولا قمناه كما ينبغي ودخل وخرج وكأنه لا ينبغي، هل أدينا ما فيه من الطاعات والعبادات حتى نستحق المغفرة…
- وأيضًا هناك العروض الربانية في كل ليلة من ليالي رمضان العتق من النيران فهل أُعتقت الرقاب في رمضان، يحتاج لمراجعة كبيرة لأعمالنا لليالينا لأوقاتنا ولحظاتنا في الليل والنهار، ومن أحسن في نهاره أحسن في ليله، ومن أساء في ليله أساء في نهاره أيضا.. فهلا أحسنا في ليلنا ونهارنا فمر عتق ربنا علينا فاعتقنا، وفي كل ليلة لربنا عتقاء من النار، فهل أصبحنا في جملة الكشوفات المرفوعة لرب البرية، إن هذا عُتق وهذا لم يُعتق وهذا كانت له المغفرة وهذا لم يكن له ذلك، وذلك دخل الجنة وعُرضت عليه وتزينت له، أم أن الأيام والليالي والساعات انقضت دون حساب، ودون مراقبة، ودون مراجعة، ودون ومعاتبة، وكأن الأمر لا يعنينا، هل حققنا الثمرة العظمى من الصيام؟،﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾، هل حققنا هذا، هل أصبحنا في جملة ﴿وَسارِعوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّماواتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقينَ﴾، ﴿تِلكَ الجَنَّةُ الَّتي نورِثُ مِن عِبادِنا مَن كانَ تَقِيًّا﴾، فهل أصبحنا من جملة هؤلاء في هذا الشهر الذي ما جاء إلا لذلك ﴿لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾، لعل ذلك الصائم يتقي، لعل ذلك الصائم بصيامه بقيامه بعباداته بذكره بانشغاله مع ربه لعله ينال التقوى، وبالتالي قطعًا ينال الجنة لأنها للمتقين وجدت، لأنها للمتقين أُعدت، لأن المتقين هم الذين يرثونها، ﴿تِلكَ الجَنَّةُ الَّتي نورِثُ مِن عِبادِنا مَن كانَ تَقِيًّا﴾، وكأن من لم يتق فلا ينال هذه الجنة التي هي مفتاحها التقوى ورمضان مفتاح لنيل التقوى، والتقوى مفتاح لنيل الجنة، فهذه أعمال مرتبة على أعمال أيضًا مرتبة…
- وإنا لا نعرف من اتقى ولا من صدق في عبادته وطاعته بعد رمضان لكن علامة لمن غفر له علامة لمن اعتق من النار علامة من نال التقوى أنه يستمر في طاعة المولى بعد رمضان لا تغيره الأزمان ولا تكدره الأوقات، فهو عابد لربه لا لرمضان ولا للأشهر ولا للأيام بل هو دائمًا يعبد الله جل جلاله موجود لا يحيطه زمان ولا مكان أبدا، وبالتالي فإن ذلك المسلم الحق هو مع الله جاء رمضان خرج رمضان لأن من عبده في رمضان هو نفسه جل جلاله الذي سيعبده في شوال وإلى شعبان هو لا يتغير وحاشاه عز وجل، فإنسان نال التقوى وإنسان حصل على المغفرة من المولى وإنسان عُتق من النيران في شهر رمضان، تراه على الطاعة بعد رمضان علامة القبول أن يستمر، بينما علامة لمن لم ينل هذه الخيرات أن يفتر وأن يتولى عن المساجد والعبادات والطاعات ويودع المسجد والمصحف والقيام والترتيل والاستغفار والذكر ثم ينقلب لمعاصيه ينقلب لأموره وخاصته نفسه…
- وربنا عز وجل جاء عنه في الأثر القدسي أنه قال: "وعزتي وجلالي ما تحول عبدي مما أحب إلى ما أكره إلا تحولت عليه مما يحب إلى ما يكره"، وعزتي وجلالي ما تحول عبدي مما أحب أي من كرمضان إلى ما أكره من المعاصي بعد رمضان والتولي عن الآيات والمساجد والذكر وعموم الطاعة إلى ما أكره الا تحولت عليه مما يحب من رحمة ومغفرة ورزق وسعادة وصحة وخير في أهل في أي شيء كان، ألا تحولت عليه مما يحب إلى ما يكره، فكن لله كما يريد، يكن لك كما تريد، إن استقمت معه استقام معك، ﴿وَأَلَّوِ استَقاموا عَلَى الطَّريقَةِ لَأَسقَيناهُم ماءً غَدَقًا﴾، من أستقام مع ربه في ساير أيامه فإن الله تبارك وتعالى يستقيم معه في شؤون حياته، ما أن ينادي ما أن يفقر ما أن يصيبه من هموم وغموم ومشاكل وكروب الحياة التي هي كلها على هذه الشاكلة حتى يكون الله معه، لأنه استجاب لله فكان حقًا على الله أن يستجيب له، ﴿وَيَستَجيبُ الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ وَيَزيدُهُم مِن فَضلِهٌِ﴾، أي أن الله يستجيب لهم وهم أيضًا يستجيبون لله فمن أجاب نداء الله أجاب الله نداءه، ومن أتى لعبادة الله أتى الله له ودائمًا وأبدا: " من تقرب إلي شبرًا تقربت منه ذراعًا، ومن تقرب مني ذراعًا تقربت منه باعًا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة"…
- نحن المستفيدون من طاعة ربنا، نحن المستفيدون من استمرارنا في عبادتنا في رمضان، نحن المستفيدون من أي خير صعد منا لربنا عز وجل، أما الله فهو غني عن عباداتنا، غني عن طاعاتنا، غني عما يأتي منا، فنحن الذين نستفيد، ألا فمن أحب سفينة الدنيا والأخرى فعليه أن يستمر بطاعة ربه وأن يحافظ على عبادته وطاعاته في رمضان وفي غير رمضان، وقد جاء أن داود عليه السلام لما اقترب أجله نادى ربه فقال: " يا ربي إني أوصيك بولدي سليمان، كن له يا إلهي كما كنت لي، فقال الله: يا داود، قل لولدك سليمان يكن لي كما كنت لي أكن له كما كنت لك"، قل له هو ليستمر في عبادتي وطاعتي والاستقامة على أمري أكن له كما كنت لك أنت، وإن لم يستقم لي كما استقمت لي فلن أستقيم له كما استقمت لك، لأنه ابتعد عني فابتعدت، لأنه تولى عني فتوليت عنه، لأنه لم يعبدني فلم آته، هذا هو الجزاء، فمن أراد أن ينال ما عنده فليستمر في عبادة ربه، فإن كل خير يأتي من العبادة، وإن كل شر من المعصية، ﴿وَما خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلّا لِيَعبُدونِ﴾،﴿ما أُريدُ مِنهُم مِن رِزقٍ وَما أُريدُ أَن يُطعِمونِ﴾، وكل شيء في الدنيا فهو رزق الله وليس الرزق إنما هو الفلوس والأكل والشرب بل كل شيء هو رزق من الله الدنيا رزق الله، الجنة بما حوت هي رزق الله، كله أرزاق من الله، وكأن من ضمن العبادة لربه ضمن الله له أيضًا بأي شيء كان له من رزق وخير وعافية وصحة وسلامة واي شيء يطلب ذلك العابد من ربه، إن كان كما يحب ربه فإن الله يدوم له كذلك، ألا فلندم لله عز وجل كما يحب لتدوم لنا الحياة كما نحب، وإن تولينا مما يحب إلى ما يكره ستكون العاقبة علينا لا لنا، أقول قولي هذا وأستغفر الله.
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
- إن هم الأعمال يسير، وإن فعل الطاعات قليل، وانكسارنا لربنا في رمضان وفي غيره ليس بشيء، وإنما الهم الأكبر أيها الإخوة إنما هو هم القبول، هم هل الله عز وجل تقبل منا الطاعات، أم حُرمنا القبول ورُدت على وجوهنا فلم ننتفع بشيء منها لا في دنيا ولا في آخرة، وكان حظنا منها التعب والنصب، والبذل والجهدل: "رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، ورب قائم ليس له من قيامه إلا التعب والنصب"، وهذا الله عز وجل يقول ومن حقه جل جلاله أن يشترط ما شاء ومن حقه أن يرد من شاء: {إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقينَ﴾، لا من كل أحد يتقبل، لا من كل أحد ترتفع الأعمال، لا من كل أحد ترتفع إلى الملك الجبار، لا من كل أحد تأتيه إحصائيات الخلائق، بل، {إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقينَ﴾، {إِلَيهِ يَصعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالعَمَلُ الصّالِحُ يَرفَعُهُ}، عمل ليس بصالح وإن فعلنا ما فعلنا واجتهدنا ما اجتهدنا حسب معاييرنا ومقاييسنا فإنها لربما تختلف عند ربنا، والأمر واضح صريح جلي ليس بخفي أبداً، بل هذا الله عز وجل يذكر ذلك في كتابه فيقول ومرة أخيرة: {إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقينَ﴾، فمن كان متقيًا لربه تُقبلت أعماله، تجاوز الله تعالى عنه وغفر له كان له ما كان في الدنيا وكان له ما كان من جزاء في الآخرة ولم يحرم توفيقًا ولا صلاحًا ولا استقامة أبدا، وهذا ابن عمر رضي الله عنه كان يقول: إني والله لا أحمل هم الدعاء وإنما أحمل هم الإجابة، دعُائي استقامتي طاعتي عبادتي كل شيء مني لا أحمل همه، أمور عادية، أمور سهلة، لحظات تنقضي، أتعاب ثم يكون الرخاء وتكون الاستراحات، لكن إنما الاستراحة الحقيقية في أن يضع المسلم قدمه في باب الجنة، وفي الحديث الصحيح أن عائشة رضي الله عنها سألت النبي ﷺ عن قول الله ﷻ ﴿وَالَّذينَ يُؤتونَ ما آتَوا وَقُلوبُهُم وَجِلَةٌ أَنَّهُم إِلى رَبِّهِم راجِعونَ﴾ أهم الذين يسرقون ويزنون ويخافون؟ فقال النبي ﷺ:" لا يا ابنت الصديق إنما هم الذين يصومون ويصلون ويزكون ويخافون أن لا يتقبل منهم ثم تلا صلى الله عليه وسلم الآية بعدها: ﴿أُولئِكَ يُسارِعونَ فِي الخَيراتِ وَهُم لَها سابِقونَ﴾، فهل كنا كذلك؟ نخاف أن لا يتقبل منا، هل أصبحنا إذا عملنا عملاً صالحًا لا يهمنا العمل، بل يهمنا هل قبل أم لم يتقبل، ألا فلنراعي هذا جيداً ولنكن كما كان السلف في ستة أشهر تامة يدعون الله أن يتقبل منهم رمضان، الا فالقبول القبول هو مدار كل عمل هو الأهم من كل عمل، فلنحمل في رمضان وفي غير رمضان وبعد كل عبادة وطاعة لنحمل هم القبول أعظم من همنا للعمل…
صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1 *❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2 ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/te5bLJ_FwP0
*📆 تم إلقاؤها بمسجد الخير فلك جامعة حضرموت: 28/ رمضان /1443هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- إن كل شيء يذكرنا بمصيرنا، يذكرنا بآجالنا، يذكرنا بمنتهانا، يذكرنا بسفرنا الطويل، ولقائنا الكبير، يذكرنا بـ: ﴿لِيَومٍ عَظيمٍ يَومَ يَقومُ النّاسُ لِرَبِّ العالَمينَ﴾، أيام تنقضي سريعًا، وأعوام تمر كأنها غمضة عين، هكذا ما إن نبتدأ في الشيء حتى ننتهي، ما إن نفرح به حتى نحزن عليه، ما إن نُبشِر حتى نودِع، ما إن نستقبل حتى تكون النهاية سريعة وجدا، والله يقول مصورا لمشهد الدنيا بما فيها: ﴿اعلَموا أَنَّمَا الحَياةُ الدُّنيا لَعِبٌ وَلَهوٌ وَزينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَينَكُم وَتَكاثُرٌ فِي الأَموالِ وَالأَولادِ كَمَثَلِ غَيثٍ أَعجَبَ الكُفّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهيجُ فَتَراهُ مُصفَرًّا ثُمَّ يَكونُ حُطامًا...ِ﴾، هذه هي الدنيا بما فيها زرع جاءه غيث فأصبح قويًا على سوقه، ثم ما هي ألا لحظات حتى يأتي حصاده، ثم ينتهي وكأن الأيام لم تأت وهو في قوته وصحته وعافيته وفي أيام حياته وفتوته: ﴿وَاضرِب لَهُم مَثَلَ الحَياةِ الدُّنيا كَماءٍ أَنزَلناهُ مِنَ السَّماءِ فَاختَلَطَ بِهِ نَباتُ الأَرضِ فَأَصبَحَ هَشيمًا تَذروهُ الرِّياحُ...﴾، هكذا هي ماء ينزل، وغيث يصعد، ويأتي الحاصد فيحصد، وهي كذلك الدنيا بما فيها دنيانا بصحتها بعافيتها بألامها وآمالها بأهلها بأهدافها بانجازاتها بأكلها بشربها بأي شيء صعد عليها، فهي كغيث نزل على زرع فحيي الزرع ثم جاء الحصاد، ورمضان أشبه بهذا، قبل كم آيام وكأنها لحظات كنا نستقبل رمضان، وأيضًا كنا نبشر بدخوله واليوم ودعناه، وكأن تلك الأيام ليست بشيء:
دقات قلب المـرء قائلةً لهُ
إن الحياة دقائقٌ وثواني
الدقيقة واللحظة والثانية وأي شيء كان في هذه الدنيا فهي تذكر بيوم القيامة بالموت قبل ذلك بالأجل المنسي عند كثير من الناس، الذين أصبحوا لا يتذكرون المصير، ولا ينتظرون للمشيب، وكأنه لن يأتيهم يومًا من الأيام، كثير أولئك الذين نسوا وتناسوا أمرهم المحتوم، وحظهم المقسوم، إنه الذي سيأتي على كل الخلائق جميعًا، والفارق بين هذا وهذا إنما هي لحظات من التعمير ثم الرحيل، الجميع على هذا، ورمضان أيها الإخوة إنما يذكرنا بزوالنا ورحيلنا وبوداعنا للحياة الدنيا بما فيها وبما هو عليها…
- إن الأيام والساعات واللحظات تنقضي على الجميع، ولكن شتان بين من أستغلها في الطاعة، ومن قضاها في المعصية، كلها تمر على كل واحد، رمضان مثلاً مر على من قامه وعلى من صامه وعلى من تعرف على ربه فيه وعلى من حقق الهدف الأسمى والأكبر من الصيام الذي هو: التقوى، غُفر فيه لمن غُفر، أُعتق فيه من أُعتق، وفاز فيه من فاز، ونجح فيه من نجح، ذاك قائم يصلي، وهذا ساجد يبكي، وذاك إنسان يرتل كل ليلهِ، وهذا مشغول بطاعة ربه، وهذا لاهٍ غافل، وهذا في السوق والشوارع، وهذا عند الأصحاب والجوال، وذاك وذاك مشغول بما هو مشغول فيه إن لم يكن في شغل شاغل بالعصيان فهو مشغول بالمباحات وبما لا تنفعه ولا ترفعه ولا تدفع عنه شيئًا، شتان بين هذا وذاك…
- ورمضان قد انقضى على الجميع ورمضان قد انتهى عند الجميع الطائع والعاصي، ولكن هل فزنا؟ أم خسرنا؟ هل نجحنا في الإمتحان الأكبر الرباني السنوي أم فشلنا، من المحروم فنعزيه، ومن المقبول فنهنيه، هل استغلينا ما مضى منه من ساعات ولحظات، أم فرطنا وضيعنا، هل غُفرت ذنوبنا، و:"رمضان إلى رمضان كفارات لما بينهن إذا اجتُنبت الكبائر، ومن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه"، أربعة أحاديث تتحدث عن المغفرة فهل فزنا ولو بواحد منها؟ هل غُفرت الذنوب؟ أم كان العكس عدم المغفرة، وكان الدعاء من جبريل عليه السلام: " رغم أنف من أدركه رمضان ثم انصرم ولم يغفر له، فقال الحبيب صلى الله عليه وسلم آمين"، فهل تحققت دعوة جبريل وتأمين الحبيب عليه الصلاة والسلام فيّ وفيك؟ بحيث انصرم رمضان ولم يغفر لنا، ولم يتجاوز عنا، لا صمناه كما ينبغي ولا قمناه كما ينبغي ودخل وخرج وكأنه لا ينبغي، هل أدينا ما فيه من الطاعات والعبادات حتى نستحق المغفرة…
- وأيضًا هناك العروض الربانية في كل ليلة من ليالي رمضان العتق من النيران فهل أُعتقت الرقاب في رمضان، يحتاج لمراجعة كبيرة لأعمالنا لليالينا لأوقاتنا ولحظاتنا في الليل والنهار، ومن أحسن في نهاره أحسن في ليله، ومن أساء في ليله أساء في نهاره أيضا.. فهلا أحسنا في ليلنا ونهارنا فمر عتق ربنا علينا فاعتقنا، وفي كل ليلة لربنا عتقاء من النار، فهل أصبحنا في جملة الكشوفات المرفوعة لرب البرية، إن هذا عُتق وهذا لم يُعتق وهذا كانت له المغفرة وهذا لم يكن له ذلك، وذلك دخل الجنة وعُرضت عليه وتزينت له، أم أن الأيام والليالي والساعات انقضت دون حساب، ودون مراقبة، ودون مراجعة، ودون ومعاتبة، وكأن الأمر لا يعنينا، هل حققنا الثمرة العظمى من الصيام؟،﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾، هل حققنا هذا، هل أصبحنا في جملة ﴿وَسارِعوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّماواتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقينَ﴾، ﴿تِلكَ الجَنَّةُ الَّتي نورِثُ مِن عِبادِنا مَن كانَ تَقِيًّا﴾، فهل أصبحنا من جملة هؤلاء في هذا الشهر الذي ما جاء إلا لذلك ﴿لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾، لعل ذلك الصائم يتقي، لعل ذلك الصائم بصيامه بقيامه بعباداته بذكره بانشغاله مع ربه لعله ينال التقوى، وبالتالي قطعًا ينال الجنة لأنها للمتقين وجدت، لأنها للمتقين أُعدت، لأن المتقين هم الذين يرثونها، ﴿تِلكَ الجَنَّةُ الَّتي نورِثُ مِن عِبادِنا مَن كانَ تَقِيًّا﴾، وكأن من لم يتق فلا ينال هذه الجنة التي هي مفتاحها التقوى ورمضان مفتاح لنيل التقوى، والتقوى مفتاح لنيل الجنة، فهذه أعمال مرتبة على أعمال أيضًا مرتبة…
- وإنا لا نعرف من اتقى ولا من صدق في عبادته وطاعته بعد رمضان لكن علامة لمن غفر له علامة لمن اعتق من النار علامة من نال التقوى أنه يستمر في طاعة المولى بعد رمضان لا تغيره الأزمان ولا تكدره الأوقات، فهو عابد لربه لا لرمضان ولا للأشهر ولا للأيام بل هو دائمًا يعبد الله جل جلاله موجود لا يحيطه زمان ولا مكان أبدا، وبالتالي فإن ذلك المسلم الحق هو مع الله جاء رمضان خرج رمضان لأن من عبده في رمضان هو نفسه جل جلاله الذي سيعبده في شوال وإلى شعبان هو لا يتغير وحاشاه عز وجل، فإنسان نال التقوى وإنسان حصل على المغفرة من المولى وإنسان عُتق من النيران في شهر رمضان، تراه على الطاعة بعد رمضان علامة القبول أن يستمر، بينما علامة لمن لم ينل هذه الخيرات أن يفتر وأن يتولى عن المساجد والعبادات والطاعات ويودع المسجد والمصحف والقيام والترتيل والاستغفار والذكر ثم ينقلب لمعاصيه ينقلب لأموره وخاصته نفسه…
- وربنا عز وجل جاء عنه في الأثر القدسي أنه قال: "وعزتي وجلالي ما تحول عبدي مما أحب إلى ما أكره إلا تحولت عليه مما يحب إلى ما يكره"، وعزتي وجلالي ما تحول عبدي مما أحب أي من كرمضان إلى ما أكره من المعاصي بعد رمضان والتولي عن الآيات والمساجد والذكر وعموم الطاعة إلى ما أكره الا تحولت عليه مما يحب من رحمة ومغفرة ورزق وسعادة وصحة وخير في أهل في أي شيء كان، ألا تحولت عليه مما يحب إلى ما يكره، فكن لله كما يريد، يكن لك كما تريد، إن استقمت معه استقام معك، ﴿وَأَلَّوِ استَقاموا عَلَى الطَّريقَةِ لَأَسقَيناهُم ماءً غَدَقًا﴾، من أستقام مع ربه في ساير أيامه فإن الله تبارك وتعالى يستقيم معه في شؤون حياته، ما أن ينادي ما أن يفقر ما أن يصيبه من هموم وغموم ومشاكل وكروب الحياة التي هي كلها على هذه الشاكلة حتى يكون الله معه، لأنه استجاب لله فكان حقًا على الله أن يستجيب له، ﴿وَيَستَجيبُ الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ وَيَزيدُهُم مِن فَضلِهٌِ﴾، أي أن الله يستجيب لهم وهم أيضًا يستجيبون لله فمن أجاب نداء الله أجاب الله نداءه، ومن أتى لعبادة الله أتى الله له ودائمًا وأبدا: " من تقرب إلي شبرًا تقربت منه ذراعًا، ومن تقرب مني ذراعًا تقربت منه باعًا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة"…
- نحن المستفيدون من طاعة ربنا، نحن المستفيدون من استمرارنا في عبادتنا في رمضان، نحن المستفيدون من أي خير صعد منا لربنا عز وجل، أما الله فهو غني عن عباداتنا، غني عن طاعاتنا، غني عما يأتي منا، فنحن الذين نستفيد، ألا فمن أحب سفينة الدنيا والأخرى فعليه أن يستمر بطاعة ربه وأن يحافظ على عبادته وطاعاته في رمضان وفي غير رمضان، وقد جاء أن داود عليه السلام لما اقترب أجله نادى ربه فقال: " يا ربي إني أوصيك بولدي سليمان، كن له يا إلهي كما كنت لي، فقال الله: يا داود، قل لولدك سليمان يكن لي كما كنت لي أكن له كما كنت لك"، قل له هو ليستمر في عبادتي وطاعتي والاستقامة على أمري أكن له كما كنت لك أنت، وإن لم يستقم لي كما استقمت لي فلن أستقيم له كما استقمت لك، لأنه ابتعد عني فابتعدت، لأنه تولى عني فتوليت عنه، لأنه لم يعبدني فلم آته، هذا هو الجزاء، فمن أراد أن ينال ما عنده فليستمر في عبادة ربه، فإن كل خير يأتي من العبادة، وإن كل شر من المعصية، ﴿وَما خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلّا لِيَعبُدونِ﴾،﴿ما أُريدُ مِنهُم مِن رِزقٍ وَما أُريدُ أَن يُطعِمونِ﴾، وكل شيء في الدنيا فهو رزق الله وليس الرزق إنما هو الفلوس والأكل والشرب بل كل شيء هو رزق من الله الدنيا رزق الله، الجنة بما حوت هي رزق الله، كله أرزاق من الله، وكأن من ضمن العبادة لربه ضمن الله له أيضًا بأي شيء كان له من رزق وخير وعافية وصحة وسلامة واي شيء يطلب ذلك العابد من ربه، إن كان كما يحب ربه فإن الله يدوم له كذلك، ألا فلندم لله عز وجل كما يحب لتدوم لنا الحياة كما نحب، وإن تولينا مما يحب إلى ما يكره ستكون العاقبة علينا لا لنا، أقول قولي هذا وأستغفر الله.
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
- إن هم الأعمال يسير، وإن فعل الطاعات قليل، وانكسارنا لربنا في رمضان وفي غيره ليس بشيء، وإنما الهم الأكبر أيها الإخوة إنما هو هم القبول، هم هل الله عز وجل تقبل منا الطاعات، أم حُرمنا القبول ورُدت على وجوهنا فلم ننتفع بشيء منها لا في دنيا ولا في آخرة، وكان حظنا منها التعب والنصب، والبذل والجهدل: "رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، ورب قائم ليس له من قيامه إلا التعب والنصب"، وهذا الله عز وجل يقول ومن حقه جل جلاله أن يشترط ما شاء ومن حقه أن يرد من شاء: {إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقينَ﴾، لا من كل أحد يتقبل، لا من كل أحد ترتفع الأعمال، لا من كل أحد ترتفع إلى الملك الجبار، لا من كل أحد تأتيه إحصائيات الخلائق، بل، {إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقينَ﴾، {إِلَيهِ يَصعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالعَمَلُ الصّالِحُ يَرفَعُهُ}، عمل ليس بصالح وإن فعلنا ما فعلنا واجتهدنا ما اجتهدنا حسب معاييرنا ومقاييسنا فإنها لربما تختلف عند ربنا، والأمر واضح صريح جلي ليس بخفي أبداً، بل هذا الله عز وجل يذكر ذلك في كتابه فيقول ومرة أخيرة: {إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقينَ﴾، فمن كان متقيًا لربه تُقبلت أعماله، تجاوز الله تعالى عنه وغفر له كان له ما كان في الدنيا وكان له ما كان من جزاء في الآخرة ولم يحرم توفيقًا ولا صلاحًا ولا استقامة أبدا، وهذا ابن عمر رضي الله عنه كان يقول: إني والله لا أحمل هم الدعاء وإنما أحمل هم الإجابة، دعُائي استقامتي طاعتي عبادتي كل شيء مني لا أحمل همه، أمور عادية، أمور سهلة، لحظات تنقضي، أتعاب ثم يكون الرخاء وتكون الاستراحات، لكن إنما الاستراحة الحقيقية في أن يضع المسلم قدمه في باب الجنة، وفي الحديث الصحيح أن عائشة رضي الله عنها سألت النبي ﷺ عن قول الله ﷻ ﴿وَالَّذينَ يُؤتونَ ما آتَوا وَقُلوبُهُم وَجِلَةٌ أَنَّهُم إِلى رَبِّهِم راجِعونَ﴾ أهم الذين يسرقون ويزنون ويخافون؟ فقال النبي ﷺ:" لا يا ابنت الصديق إنما هم الذين يصومون ويصلون ويزكون ويخافون أن لا يتقبل منهم ثم تلا صلى الله عليه وسلم الآية بعدها: ﴿أُولئِكَ يُسارِعونَ فِي الخَيراتِ وَهُم لَها سابِقونَ﴾، فهل كنا كذلك؟ نخاف أن لا يتقبل منا، هل أصبحنا إذا عملنا عملاً صالحًا لا يهمنا العمل، بل يهمنا هل قبل أم لم يتقبل، ألا فلنراعي هذا جيداً ولنكن كما كان السلف في ستة أشهر تامة يدعون الله أن يتقبل منهم رمضان، الا فالقبول القبول هو مدار كل عمل هو الأهم من كل عمل، فلنحمل في رمضان وفي غير رمضان وبعد كل عبادة وطاعة لنحمل هم القبول أعظم من همنا للعمل…
صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1 *❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2 ...المزيد
*خطبة.عيد.الفطر.المبارك.cc* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي. عضو الاتحاد العالمي لعلماء ...
*خطبة.عيد.الفطر.المبارك.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
مصلّى ملعب مدينة روكب/ المكلا
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- ففي هذه الفرحة، وهذه البهجة للمسلمين بعد إكمالهم لمنسك عظيم من مناسك إسلامهم، ولركن عظيم من أركان الدين، الذي يفرح المسلم وحق له ذلك بعد إكماله لتلك العبادة: ﴿لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلنا مَنسَكًا هُم ناسِكوه}، فقد جعل الله عز وجل لكل أمة من الأمم أعيادا وايامًا يفرحون ويلعبون ويسرحون ويمرحون فيها، وهذا ديننا الإسلامي خصص يومين في السنة للمسلم هما عيداه، ويأتيان بعد جهد وطاعة وعبادة، وكأن الله عز وجل لا يرتضي للمسلم أن يكون فرحه الحقيقي الا إذا عبد ربه الا إذا أطاع الله الا إذا كان في عبادة وخضوع لله عز وجل، فهنا حق له أن يفرح، وما الفرح إلا بطاعة تعالى وها نحن قد أكملنا طاعة من الطاعات فحق لنا أن نفرح، ونتجمع، ونتزين، ونخرج للصعدات في كامل الفرح والبشر والسرور والنظارة والرونق الجميل والملبس الجديد… ونبينا عليه الصلاة والسلام قال في كما في البخاري ومسلم: "لكل أمة عيداً وهذا عيدنا"، ولقد جاء وأهل الجاهلية في المدينة يلعبون في أيام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما هذه فقالوا إنها أيام في الجاهلية نلعب فيها ونعمل كذا...، فوصفوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " لقد أبدلكم الله خيرًا من ذلك عيد الفطر، وعيد الأضحى"، فتأتي بعد عبادة ومشقة وصالحات وطاعاته ارتفعت من ذلك العبد، فعيد الفطر بعد صيام، وعيد الأضحى بعد حج أو في نهاية المطاف في الحج، فلهذا ليظهر المسلم مرح وفرحه: ﴿قُل بِفَضلِ اللَّهِ وَبِرَحمَتِهِ فَبِذلِكَ فَليَفرَحوا هُوَ خَيرٌ مِمّا يَجمَعونَ﴾، هذا هو الفضل من الله هذه هي رحمة الله تظهر في اجتماع المسلمين في يوم واحد…
- وفي الحديث وإن كان ضعيفا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان يوم عيد الفطر وقفت الملائكة على أبواب الطرق فنادوا اغدوا يا معشر المسلمين إلى رب كريم يمن بالخير ثم يثيب عليه الجزيل لقد أمرتم بقيام الليل فقمتم وأمرتم بصيام النهار فصمتم وأطعتم ربكم فاقبضوا جوائزكم فإذا صلوا نادى مناد ألا إن ربكم قد غفر لكم فارجعوا راشدين إلى رحالكم فهو يوم الجائزة ويسمى ذلك اليوم في السماء يوم الجائزة"، لماذا؟ لأنهم أمروا بصيامهم فصاموا وأمروا بقيامهم فقاموا، فكان حقًا على الله أن يكرمهم وأن يسعدهم، هذا الثواب العظيم والنعمة الكبرى…
- ولكن أيها الإخوة الفضلاء واجب المسلم بعد إكماله للصيام وأي عبادة من العبادات أن يبقى في وجل وفي خوف أن لا يُتقبل منه تلك الأعمال وتلك الصالحات فربنا سبحانه وتعالى يقول، {إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقينَ﴾، ولو علم الإنسان حق اليقين على أن الله تقبل منه حسنة لكان حقًا عليه أن يفرح كل الفرح؛ لأن الله تقبل منه حسنة، وإذا تقبل الله من عبده حسنة فدليل على تقواه: {إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقينَ﴾، ومعناه أنه حقق هدف الصيام وروحه وأسمى ما فيه وهي التقوى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾، وكما قال ابن عمر رضي الله عنه: "لو أعلم أن الله تقبل مني حسنة لكان الموت خير غائب أنتظره"، فليكن المسلم على وجل وخوف من قبول عمله أكثر من همه لعمله، وهم القبول أعظم من هم العمل.
- ثم واجب المسلم أن لا يستكثر طاعته وعباداته وبالتالي إن فعل فكأنه يمن على الله بعباداته وطاعاته وبذلك ترد على وجهه، ﴿وَلا تَمنُن تَستَكثِرُ﴾، بل هي صفة الأعراب ﴿يَمُنّونَ عَلَيكَ أَن أَسلَموا قُل لا تَمُنّوا عَلَيَّ إِسلامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيكُم أَن هَداكُم لِلإيمانِ إِن كُنتُم صادِقينَ﴾، فضلا عن أن الله تعالى قال عن المؤمنين: ﴿وَالَّذينَ يُؤتونَ ما آتَوا وَقُلوبُهُم وَجِلَةٌ أَنَّهُم إِلى رَبِّهِم راجِعونَ﴾، فقلوبهم خائفة خشية لله من أن لا تتقبل تلك الأعمال منهم، وعند الترمذي وابن ماجه عن عائشة قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية : ( والذين يؤتون ما أتوا وقلوبهم وجلة )أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون ؟ قال : " لا يا بنت الصديق ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون أن لا يقبل منهم أولئك الذين يسارعون في الخيرات "، هؤلاء هم المؤمنون حقا… أما من يعمل الأعمال الصالحة ويحس بكبريائه، ويمن على ربه، ويذهب لفلان فيستعرض له ماذا قرأ من القرآن وكم قام من الليالي وصام من الأيام وأنفق من الأموال فليس له من الإيمان حبة خردل.. ألا فليكن المسلم خاضعًا مستكينًا لله بعد كل عبادة؛ حتى نضمن بإذن الله عز وجل القبول…
- إن المحروم أيها الكرام من حرمه الله، بل كما قال علي رضي الله عنه: من الفائز فنهنيه ومن المحروم فنعزيه، فالمحروم من حُرم الخير بعد أن فتحت له مناسك الخير بكلها، وجامعة عظيمة من أبواب الخير بشتى أنواعها وسلمت له مفاتيحها فمن دخلها ومن وجد تلك الأبواب، وفتح تلك الأقفال كالعتق من النار ومغفرة ذنوبه، من قام رمضان إيمانًا واحتسابا، من صام رمضان إيمانًا واحتسابا، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابا حتى يغفر له ذنبه، أما استحق دعوة جبريل عليه السلام وتأمين الحبيب صلى الله عليه وسلم: "رغم أنف من أدركه رمضان ثم انصرف ولم يغفر له فأبعده الله قل آمين فقال صلى الله عليه وسلم آمين"، فياخسارته… من تحققت فيه ثمرة التقوى التي هي الأساس من فرض الصيام: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾، فمن تحققت فيه ذلك فحق أن نبشره وأن نهنئه، أما من ضاعت أوقاته في رمضان، ومقصر في تلك الأيام الفاضلة التي أعد الله عز وجل ما لم يعده في غيره من الأشهر الأخرى، ويسّر وسهّل وهيأ رمضان كل تهيئة فغلق النيران وفتح أبواب الجنان، وصفّد الشياطين فسلط الله عز وجل عليهم الأغلال؛ حتى يكفوا عن شرورهم إكرامًا لذلك العبد وليتجهز العبد بالمسير إلى ربه، فمن عبد وصلى وصام حق له أن يفرح، ومن تكاسل وقتل وقته ونسي ربه هناك فحق على الله أن ينساه…
- ثم كم يستبشر المؤمن عندما يرى المساجد مزدحمة ما بين قارئ ومصل وذاكر وخاشع وحتى لو كان مضطجعا في المسجد فهو في صلاة ما انتظرها وما حبسته إلا هي، واضطجاعه في المسجد خير من كلام وخصام وضياع للأوقات في غيره {يَرجونَ رَحمَتَهُ وَيَخافونَ عَذابَهُ إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحذورًا﴾، فكم فرحنا بهذا كثيرا وبحد لا يوصف، لكن النبأ المحزن والكارثة المبڤيرة والخبر المؤسف ما يرى من تراجع بعد الصيام بعد قيامه وصيامه وبعد تعبه ونصبه وبعد صلاته واستقامته وبعد دعائه وتضرعه يرجع على عقبيه: {قُل أَنَدعو مِن دونِ اللَّهِ ما لا يَنفَعُنا وَلا يَضُرُّنا وَنُرَدُّ عَلى أَعقابِنا بَعدَ إِذ هَدانَا اللَّهُ كَالَّذِي استَهوَتهُ الشَّياطينُ فِي الأَرضِ حَيرانَ لَهُ أَصحابٌ يَدعونَهُ إِلَى الهُدَى...} فيودع الصيام حتى يأتي رمضان ويودع المصحف لأسابيع ويودع المسجد والقيام والذكر وأنواع العبادات في رمضان، وليس والله هذا شأن المؤمن الذي يعبد الله وحده على الدوام لأن الله قيوم لا ينام وموجود في جميع الشهور والأيام: ﴿وَاعبُد رَبَّكَ حَتّى يَأتِيَكَ اليَقينُ﴾ أي حتى يأتيك الموت… وإن صح القول فأقول وأستشهد بما قال في الصديق رضي الله عنه: " من كان يعبد رمضان فإن رمضان قد ذهب، ومن كان يعبد الله فإن الله لا يذهب ولا يولي سبحانه وتعالى"، فيا عابداً لله في رمضان استمر في عبادتك في غير رمضان، فمن عبدته في رمضان هو هو ربنا سبحانه وتعالى: ﴿كُلُّ مَن عَلَيها فانٍ وَيَبقى وَجهُ رَبِّكَ ذُو الجَلالِ وَالإِكرامِ﴾…
- لماذا الانتكاسة بعد رمـضان، أنكون كما قال الله عز وجل عن أهل قريش: ﴿وَلا تَكونوا كَالَّتي نَقَضَت غَزلَها مِن بَعدِ قُوَّةٍ أَنكاثًا...}، فلا يكن المسلم كمثل هذه المرأة المجنونة يقال على أنها كان فيها جنون فكانت تتعب نفسها في الغزل في الصباح حتى المساء وإذا جاء المساء فإنها تفك ذلك الغزل فقال الله لأولئك ولا تكونوا مثل هذه المرأة التي تتعب نفسها الليل بالنهار ثم تتعب نفسها بنقض ما اصلحته، فإذا لا نتعب أنفسنا في العبادات والطاعات في رمضان ثم بعد رمضان نرجع على اعقابنا بعد اذ هدانا الله، ونخرّب ما بنينا ومخرب واحد غلب ألف عمّار كما يقال…
- إن علامة قبول فعل الطاعة المداومة عليها بعدها كما قال ابن عباس وعلامة رد الطاعة أن الإنسان يرجع عن الطاعة بعد أن أطاع الله عز وجل، ومن أراد وأحب أن يدوم الله له كما يحب فليدم ذلك العبد له كما يحب، وفي الأثر أن داود عليه السلام قال لربه سبحانه وتعالى يا ربي أريدك أن تكون لولدي سليمان كما كنت لي فقال الله: يا داود قل لولدك سليمان يكن لي كما كنت لي أكن له كما كنت لك، فالتقصير يبدأ من العبد فمن أحب أن يكون الله عز وجل معه، ويعطيه ما أحب، ويصرف عنه يكره فليدم ذلك العبد لربه، فمن استقام استقيم له ومن خلّط خُلّط عليه: ﴿وَأَن لَوِ استَقاموا عَلَى الطَّريقَةِ لَأَسقَيناهُم ماءً غَدَقًا﴾، فالاستقامة على طاعة ربنا سبحانه وتعالى ضمان لرحمة الله عز وجل علينا وفينا وإلينا ومن حولنا ومن أمامنا ومن خلفنا، لكن إذا تولينا فإنه كما في الأثر القدسي أن الله عز وجل يقول وعزتي وجلالي ما تحول عبدي مما أحب إلى ما أكره الا تحولت عليه مما يحب إلى ما يكره، وعزتي وجلالي ما تحول عبدي مما أكره إلى ما أحب الا تحولت عليه مما يكره إلى ما يحب، إذاً من تحول من طاعة إلى معصية تحول الله مما يحب العبد إلى ما يبغض ذلك العبد، وإذا كان العكس فالعكس، فلذا من أحب أن يستمر عطاء الله ورحمة الله وهداية الله ومنة الله وكل شيء من الله فكن مع الله فمن كان الله معه كان كل شيء بإذن ربه سبحانه وتعالى معه، وكما قال ابن القيم من وجد الله فماذا فقد ومن فقد الله فماذا وجد…، وصدق الله: ﴿ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُم ﴾، ﴿فَذوقوا بِما نَسيتُم لِقاءَ يَومِكُم هذا إِنّا نَسيناكُم وَذوقوا عَذابَ الخُلدِ بِما كُنتُم تَعمَلونَ﴾، ﴿قالَ كَذلِكَ أَتَتكَ آياتُنا فَنَسيتَها وَكَذلِكَ اليَومَ تُنسى﴾، ﴿وَقيلَ اليَومَ نَنساكُم كَما نَسيتُم لِقاءَ يَومِكُم هذا وَمَأواكُمُ النّارُ وَما لَكُم مِن ناصِرينَ﴾…
ـ فلا تقل وداعًا للصيام ولا وداعًا للعبادات والصلاة والخير وأهله والطاعة وشأنها ولا تودع تلك الوجوه المرضية التي كنت تراها في المسجد ثم تولي إلى الأسواق في أوقات الصلوات ينادي الأذان وكأنك لا تسمع، كأنك لست من صام وقام وعبد وتعب وانتصب... نسيت ربك فنسيته… فلذلك على العبد أن يعلم على أن نداء الله معه أينما توجه وأينما كان وفي أي شهر وفي أي وقت كان، وخير وأحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلّت، كما في المتفق عليه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم كما وصفته عائشة عمله ديمة، يعني لا ينقطع أبداً، بل كان يثبت على العمل وإن كان يسيرا، خير من أن يكثر على العمل وثم ينقطع…
- أيها المسلمون في هذا اليوم العظيم لنتذكر على أن هناك فرحة عظمى وفرحة كبرى في مثل هذه الفرحة الصغرى، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول للصائم فرحتان فرحة عند فطره فهذا اليوم في هذا اليوم فرحنا ولكن على المسلم أن يتطلع لما هو أعظم وأكبر فرحة إنها فرحة لقاء ربه، للصائم فرحتان فرحة عند فطره عند لقاء ربه، فلنأمل خيراَ ولنحب لقاء الله ليحب الله لقاءنا أولاً، ولن يحب لقاء الله الا من أعد العده العظمى لأجل أن يصل إلى ذلك المصير الحتمي الإجباري الذي سيصل إليه باختلاف أعمالهم وباختلاف أجناسهم كلنا سائرون إلى ربنا سبحانه وتعالى، فلنتذكر في مثل هذا الموقف وفي هذا الاجتماع يوم العرض الأكبر، ﴿يَومَ هُم بارِزونَ لا يَخفى عَلَى اللَّهِ مِنهُم شَيءٌ لِمَنِ المُلكُ اليَومَ لِلَّهِ الواحِدِ القَهّارِ﴾، ﴿يَومَئِذٍ تُعرَضونَ لا تَخفى مِنكُم خافِيَةٌ﴾ يوم يوم الطامة يوم الحاقة،يوم يوم يفر المرء من أخيه ذلك اليوم العظيم،﴿يَومَ تَرَونَها تَذهَلُ كُلُّ مُرضِعَةٍ عَمّا أَرضَعَت وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَملٍ حَملَها وَتَرَى النّاسَ سُكارى وَما هُم بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَديدٌ﴾، يوم يجتمع الخلائق لربهم سبحانه وتعالى في يوم المحشر منذ آدم عليه السلام الى آخر رجل في الأرض يموت، فإنهم سيجتمعون جميعا اجتماعا عاما عند ملك الملوك سبحانه وتعالى، فلنستحضر ذلك اليوم في كل مجلس جلسناه ومن كان كذلك حقًا سيعد لذلك السفر العظيم عدته واستعداده الكبرى… وقد قال صلى الله عليه وسلم: "أكثروا من ذكر هادم اللذات".
- ثم أيضا في هذه الفرحة وفي هذا اللقاء وفي هذا الاجتماع الشرعي الرباني لنتذكر المسلمين جميعًا لنتذكر المحتاجين لنتذكر الجرحى لنتذكر الأسرى لنتذكر الناس الذين هم في قصف ودمار وعذاب وهلاك، نتذكر المرضى، نتذكر الفقراء، نتذكر المحتاجين، نتذكر من يتمنى أن يجتمع مع اهله، من يتمنى أن يخرج من من سرير علاجه ومستشفاه وبيته إلى هذا المصلى وإلى هذا الاجتماع، إن تذكرنا فشكرنا ضمنا بقاء نعم الله لنا: {لَئِن شَكَرتُم لَأَزيدَنَّكُم وَلَئِن كَفَرتُم إِنَّ عَذابي لَشَديدٌ﴾…
- ثم مثلما تضامنا مع الفقراء والمحتاجين بصدقة الفطرة وأغنيتموهم بعطاياكم وصدقاتكم واستجبتم لنداء الله عز وجل فلم تخرجوا إلى الصلاة الا وقد أعطيتموهم حقهم فنفذتم ما قال رسولكم صلى الله عليه وسلم: " اغنوهم عن السؤال هذا اليوم" لنغني الفقراء ولنغني الأغنياء ولنغني كل مسلم ولنغني كل طائع برحمتنا بحنانا بعطفنا بحبنا بمسامحتنا فلا يكفي والله أن نعطي الشيء بأيدينا وقلوبنا تكره العطاء، والعفو والصفح، فلا يستقيم الحال أبدا والقلب في واد والعمل في واد آخر، الا فمن استقام بلسانه وبيده فليستقم قلبه لربه سبحانه فليكرم المسلمين ولنغنيهم بالتراحم، والتزاور، وصلة الأرحام، والتقارب، والتكافل، والتصالح مع كل مسلم، ليفتح المسلم قلبه قبل يديه وقبل حضنه ليفتح قلبه لكل مسلم…
- وهنا ندائي لمن في قلبه شيء على أخيه المسلم أو جاره أو قريبه أو رحمه أو صديقه أو أي مسلم كان… لقد أتعبت نفسك في قيام وصيام وقرآن… فذاك كله وكل عمل منك غير مرفوع إلى الله تعالى حتى تصفي قلبك على أخيك المسلم : " تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال : انظروا هذين حتى يصطلحا "والحديث رواه مسلم.. فالباب مغلق حتى تصلح قلبك وتعفو وتصالح إخوانك… من يحب منا عقلاً ان يداوم في شركته أو في وظيفته ويوقع على ذلك ويأتي في بداية الدوام ويخرج في نهاية الدوام ويعمل أكثر مما يعمل العاملون لكن لا يرفع لمديره شيئًا وبذلك لن يعطيه راتبًا هل يحب هذا العبد ذلك لا والله في دنيانا لا نحب، فذلك أعمالنا الصالحة إذا أردنا أن تقبل فعلينا أن نصالح إخواننا المسلمين أيًا كانوا ولنبتدأ بارحامنا وإن كانوا هم المقصرون المخطئون، وفي الصحيح عند مسلم أن رجلا قال : يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيؤون إلي وأحلم عليهم ويجهلون علي . فقال : " لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك "، أي الرماد الحار، وأيضا قال صلى الله عليه وسلم: " ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعته رحمه زارها" والرحم تعلقت بعرش رب العالمين سبحانه وتعالى فأرادت من الله طلبًا أن الله عز وجل يأمر لها بصلة الناس لها فقال الله عز وجل: "ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك"، فمن يحب أن يوصله ربه سبحانه وتعالى بكل أنواع الوصل الذي يحبه ذلك العبد فليصل رحمه وبخاصة في مثل هذه الأعياد، وفي مثل هذه المناسبات، فليبتدأ رحمه فإنهم أحق الناس بصحبته، وأحق الناس بعطفه، وأحق الناس بشفقته، وأحق الناس بعفوه، فاعفوا عن الناس جميعًا واعفوا عن رحمكم خاصة، اعفوا عنهم يعفو عنكم الله، سامحوهم يسامحكم الله، اغفروا لهم ليغفر لكم الله، المسامح يسامحه الله، والكريم يكرمه الله، والعفيف يعفه الله، والمتصدق يتصدق الله عليه، والجزاء من جنس العمل كما قال الإمام النووي، عليها مدار الشريعة الإسلامية فمن وصل وصله الله، ومن عفا عفا الله عنه، ومن تكرم لأخيه تكرم الله عليه سبحانه وتعالى، وأي فضل وعظمة وإحسان أن يكون الله هو المكرم وهو المعطي وهو الراحم وهو سبحانه وتعالى العفو الغفور، فلذلك لنصالح الناس حتى تقتضي أعمالنا وحتى يرضى ربنا عنا ويغفر لنا ويرحمنا.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.
- عباد الله يا من صام يا من قام يا من قرأ ورتل وسجد وبكى… تذكر نعمة الله عليك وفضله ومنته وما بك من نعمه وما دفع عنك من نقمه واشكره يزدك فقد امتن على قريش فقال ﴿الَّذي أَطعَمَهُم مِن جوعٍ وَآمَنَهُم مِن خَوفٍ﴾ وإذا كان رب العالمين يعظ قريشًا بذلك فنحن أولى ونحن أحق، والنعم إذا شُكرت قرت، وإذا كُفرت فرت، والنعمة عروس مهرها الشكر، ألا فلا نكن مع فرحتنا هذه تؤدي بنا إلى هلاك بسبب كفر نعم الله عز وجل، وعدم الاستقامة على أمره كلباس غير شرعي فشباب بحلقات شيطانية ونساء بخروج متعطرات للأسواق والمنتزهات واختلاط وفساد وشر ووبال، وهي من المخالفات الشرعية المنشرة ولقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم النساء بخروجهن للصلاة تفلات، فإذا كان هذا إلى الصلاة فأعظم من ذلك أن يخرجن إلى الشواطئ وإلى السواحل وإلى المتنزهات إن كان لابد من خروج، فخروج مسلمة تخاف الله، وبضوابط شرعية، ومن ذلك لا يجوز للمرأة المسلمة أن تخرج مستعطرة ولا أن تخرج متزينة ولا يجوز عبثًا للرجال أيضًا ان يعتدوا على المرأة أو يخالطوها أو طريقها او يزاحموها في مكان مخصص لها في المتنزهات أو في السواحل أو في أي مكان كان، ومن التبيهات ليس لمن يفرح بالعيد أن يحوله إلى هم وغم وكدر وايذاء للمسلمين بسبب إطلاق النيران سواء النيران الحقيقية أو نيران كذلك معنوية بشيء من تلك الألعاب النارية لا يجوز ايذاء المسلمين ورسولنا يقول: " لا يحل لمسلم أن يروع مسلما"، فليتنبه لهذا جيدا…
… والحمد لله رب العالمين...
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:* ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
مصلّى ملعب مدينة روكب/ المكلا
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- ففي هذه الفرحة، وهذه البهجة للمسلمين بعد إكمالهم لمنسك عظيم من مناسك إسلامهم، ولركن عظيم من أركان الدين، الذي يفرح المسلم وحق له ذلك بعد إكماله لتلك العبادة: ﴿لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلنا مَنسَكًا هُم ناسِكوه}، فقد جعل الله عز وجل لكل أمة من الأمم أعيادا وايامًا يفرحون ويلعبون ويسرحون ويمرحون فيها، وهذا ديننا الإسلامي خصص يومين في السنة للمسلم هما عيداه، ويأتيان بعد جهد وطاعة وعبادة، وكأن الله عز وجل لا يرتضي للمسلم أن يكون فرحه الحقيقي الا إذا عبد ربه الا إذا أطاع الله الا إذا كان في عبادة وخضوع لله عز وجل، فهنا حق له أن يفرح، وما الفرح إلا بطاعة تعالى وها نحن قد أكملنا طاعة من الطاعات فحق لنا أن نفرح، ونتجمع، ونتزين، ونخرج للصعدات في كامل الفرح والبشر والسرور والنظارة والرونق الجميل والملبس الجديد… ونبينا عليه الصلاة والسلام قال في كما في البخاري ومسلم: "لكل أمة عيداً وهذا عيدنا"، ولقد جاء وأهل الجاهلية في المدينة يلعبون في أيام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما هذه فقالوا إنها أيام في الجاهلية نلعب فيها ونعمل كذا...، فوصفوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " لقد أبدلكم الله خيرًا من ذلك عيد الفطر، وعيد الأضحى"، فتأتي بعد عبادة ومشقة وصالحات وطاعاته ارتفعت من ذلك العبد، فعيد الفطر بعد صيام، وعيد الأضحى بعد حج أو في نهاية المطاف في الحج، فلهذا ليظهر المسلم مرح وفرحه: ﴿قُل بِفَضلِ اللَّهِ وَبِرَحمَتِهِ فَبِذلِكَ فَليَفرَحوا هُوَ خَيرٌ مِمّا يَجمَعونَ﴾، هذا هو الفضل من الله هذه هي رحمة الله تظهر في اجتماع المسلمين في يوم واحد…
- وفي الحديث وإن كان ضعيفا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان يوم عيد الفطر وقفت الملائكة على أبواب الطرق فنادوا اغدوا يا معشر المسلمين إلى رب كريم يمن بالخير ثم يثيب عليه الجزيل لقد أمرتم بقيام الليل فقمتم وأمرتم بصيام النهار فصمتم وأطعتم ربكم فاقبضوا جوائزكم فإذا صلوا نادى مناد ألا إن ربكم قد غفر لكم فارجعوا راشدين إلى رحالكم فهو يوم الجائزة ويسمى ذلك اليوم في السماء يوم الجائزة"، لماذا؟ لأنهم أمروا بصيامهم فصاموا وأمروا بقيامهم فقاموا، فكان حقًا على الله أن يكرمهم وأن يسعدهم، هذا الثواب العظيم والنعمة الكبرى…
- ولكن أيها الإخوة الفضلاء واجب المسلم بعد إكماله للصيام وأي عبادة من العبادات أن يبقى في وجل وفي خوف أن لا يُتقبل منه تلك الأعمال وتلك الصالحات فربنا سبحانه وتعالى يقول، {إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقينَ﴾، ولو علم الإنسان حق اليقين على أن الله تقبل منه حسنة لكان حقًا عليه أن يفرح كل الفرح؛ لأن الله تقبل منه حسنة، وإذا تقبل الله من عبده حسنة فدليل على تقواه: {إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقينَ﴾، ومعناه أنه حقق هدف الصيام وروحه وأسمى ما فيه وهي التقوى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾، وكما قال ابن عمر رضي الله عنه: "لو أعلم أن الله تقبل مني حسنة لكان الموت خير غائب أنتظره"، فليكن المسلم على وجل وخوف من قبول عمله أكثر من همه لعمله، وهم القبول أعظم من هم العمل.
- ثم واجب المسلم أن لا يستكثر طاعته وعباداته وبالتالي إن فعل فكأنه يمن على الله بعباداته وطاعاته وبذلك ترد على وجهه، ﴿وَلا تَمنُن تَستَكثِرُ﴾، بل هي صفة الأعراب ﴿يَمُنّونَ عَلَيكَ أَن أَسلَموا قُل لا تَمُنّوا عَلَيَّ إِسلامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيكُم أَن هَداكُم لِلإيمانِ إِن كُنتُم صادِقينَ﴾، فضلا عن أن الله تعالى قال عن المؤمنين: ﴿وَالَّذينَ يُؤتونَ ما آتَوا وَقُلوبُهُم وَجِلَةٌ أَنَّهُم إِلى رَبِّهِم راجِعونَ﴾، فقلوبهم خائفة خشية لله من أن لا تتقبل تلك الأعمال منهم، وعند الترمذي وابن ماجه عن عائشة قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية : ( والذين يؤتون ما أتوا وقلوبهم وجلة )أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون ؟ قال : " لا يا بنت الصديق ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون أن لا يقبل منهم أولئك الذين يسارعون في الخيرات "، هؤلاء هم المؤمنون حقا… أما من يعمل الأعمال الصالحة ويحس بكبريائه، ويمن على ربه، ويذهب لفلان فيستعرض له ماذا قرأ من القرآن وكم قام من الليالي وصام من الأيام وأنفق من الأموال فليس له من الإيمان حبة خردل.. ألا فليكن المسلم خاضعًا مستكينًا لله بعد كل عبادة؛ حتى نضمن بإذن الله عز وجل القبول…
- إن المحروم أيها الكرام من حرمه الله، بل كما قال علي رضي الله عنه: من الفائز فنهنيه ومن المحروم فنعزيه، فالمحروم من حُرم الخير بعد أن فتحت له مناسك الخير بكلها، وجامعة عظيمة من أبواب الخير بشتى أنواعها وسلمت له مفاتيحها فمن دخلها ومن وجد تلك الأبواب، وفتح تلك الأقفال كالعتق من النار ومغفرة ذنوبه، من قام رمضان إيمانًا واحتسابا، من صام رمضان إيمانًا واحتسابا، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابا حتى يغفر له ذنبه، أما استحق دعوة جبريل عليه السلام وتأمين الحبيب صلى الله عليه وسلم: "رغم أنف من أدركه رمضان ثم انصرف ولم يغفر له فأبعده الله قل آمين فقال صلى الله عليه وسلم آمين"، فياخسارته… من تحققت فيه ثمرة التقوى التي هي الأساس من فرض الصيام: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾، فمن تحققت فيه ذلك فحق أن نبشره وأن نهنئه، أما من ضاعت أوقاته في رمضان، ومقصر في تلك الأيام الفاضلة التي أعد الله عز وجل ما لم يعده في غيره من الأشهر الأخرى، ويسّر وسهّل وهيأ رمضان كل تهيئة فغلق النيران وفتح أبواب الجنان، وصفّد الشياطين فسلط الله عز وجل عليهم الأغلال؛ حتى يكفوا عن شرورهم إكرامًا لذلك العبد وليتجهز العبد بالمسير إلى ربه، فمن عبد وصلى وصام حق له أن يفرح، ومن تكاسل وقتل وقته ونسي ربه هناك فحق على الله أن ينساه…
- ثم كم يستبشر المؤمن عندما يرى المساجد مزدحمة ما بين قارئ ومصل وذاكر وخاشع وحتى لو كان مضطجعا في المسجد فهو في صلاة ما انتظرها وما حبسته إلا هي، واضطجاعه في المسجد خير من كلام وخصام وضياع للأوقات في غيره {يَرجونَ رَحمَتَهُ وَيَخافونَ عَذابَهُ إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحذورًا﴾، فكم فرحنا بهذا كثيرا وبحد لا يوصف، لكن النبأ المحزن والكارثة المبڤيرة والخبر المؤسف ما يرى من تراجع بعد الصيام بعد قيامه وصيامه وبعد تعبه ونصبه وبعد صلاته واستقامته وبعد دعائه وتضرعه يرجع على عقبيه: {قُل أَنَدعو مِن دونِ اللَّهِ ما لا يَنفَعُنا وَلا يَضُرُّنا وَنُرَدُّ عَلى أَعقابِنا بَعدَ إِذ هَدانَا اللَّهُ كَالَّذِي استَهوَتهُ الشَّياطينُ فِي الأَرضِ حَيرانَ لَهُ أَصحابٌ يَدعونَهُ إِلَى الهُدَى...} فيودع الصيام حتى يأتي رمضان ويودع المصحف لأسابيع ويودع المسجد والقيام والذكر وأنواع العبادات في رمضان، وليس والله هذا شأن المؤمن الذي يعبد الله وحده على الدوام لأن الله قيوم لا ينام وموجود في جميع الشهور والأيام: ﴿وَاعبُد رَبَّكَ حَتّى يَأتِيَكَ اليَقينُ﴾ أي حتى يأتيك الموت… وإن صح القول فأقول وأستشهد بما قال في الصديق رضي الله عنه: " من كان يعبد رمضان فإن رمضان قد ذهب، ومن كان يعبد الله فإن الله لا يذهب ولا يولي سبحانه وتعالى"، فيا عابداً لله في رمضان استمر في عبادتك في غير رمضان، فمن عبدته في رمضان هو هو ربنا سبحانه وتعالى: ﴿كُلُّ مَن عَلَيها فانٍ وَيَبقى وَجهُ رَبِّكَ ذُو الجَلالِ وَالإِكرامِ﴾…
- لماذا الانتكاسة بعد رمـضان، أنكون كما قال الله عز وجل عن أهل قريش: ﴿وَلا تَكونوا كَالَّتي نَقَضَت غَزلَها مِن بَعدِ قُوَّةٍ أَنكاثًا...}، فلا يكن المسلم كمثل هذه المرأة المجنونة يقال على أنها كان فيها جنون فكانت تتعب نفسها في الغزل في الصباح حتى المساء وإذا جاء المساء فإنها تفك ذلك الغزل فقال الله لأولئك ولا تكونوا مثل هذه المرأة التي تتعب نفسها الليل بالنهار ثم تتعب نفسها بنقض ما اصلحته، فإذا لا نتعب أنفسنا في العبادات والطاعات في رمضان ثم بعد رمضان نرجع على اعقابنا بعد اذ هدانا الله، ونخرّب ما بنينا ومخرب واحد غلب ألف عمّار كما يقال…
- إن علامة قبول فعل الطاعة المداومة عليها بعدها كما قال ابن عباس وعلامة رد الطاعة أن الإنسان يرجع عن الطاعة بعد أن أطاع الله عز وجل، ومن أراد وأحب أن يدوم الله له كما يحب فليدم ذلك العبد له كما يحب، وفي الأثر أن داود عليه السلام قال لربه سبحانه وتعالى يا ربي أريدك أن تكون لولدي سليمان كما كنت لي فقال الله: يا داود قل لولدك سليمان يكن لي كما كنت لي أكن له كما كنت لك، فالتقصير يبدأ من العبد فمن أحب أن يكون الله عز وجل معه، ويعطيه ما أحب، ويصرف عنه يكره فليدم ذلك العبد لربه، فمن استقام استقيم له ومن خلّط خُلّط عليه: ﴿وَأَن لَوِ استَقاموا عَلَى الطَّريقَةِ لَأَسقَيناهُم ماءً غَدَقًا﴾، فالاستقامة على طاعة ربنا سبحانه وتعالى ضمان لرحمة الله عز وجل علينا وفينا وإلينا ومن حولنا ومن أمامنا ومن خلفنا، لكن إذا تولينا فإنه كما في الأثر القدسي أن الله عز وجل يقول وعزتي وجلالي ما تحول عبدي مما أحب إلى ما أكره الا تحولت عليه مما يحب إلى ما يكره، وعزتي وجلالي ما تحول عبدي مما أكره إلى ما أحب الا تحولت عليه مما يكره إلى ما يحب، إذاً من تحول من طاعة إلى معصية تحول الله مما يحب العبد إلى ما يبغض ذلك العبد، وإذا كان العكس فالعكس، فلذا من أحب أن يستمر عطاء الله ورحمة الله وهداية الله ومنة الله وكل شيء من الله فكن مع الله فمن كان الله معه كان كل شيء بإذن ربه سبحانه وتعالى معه، وكما قال ابن القيم من وجد الله فماذا فقد ومن فقد الله فماذا وجد…، وصدق الله: ﴿ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُم ﴾، ﴿فَذوقوا بِما نَسيتُم لِقاءَ يَومِكُم هذا إِنّا نَسيناكُم وَذوقوا عَذابَ الخُلدِ بِما كُنتُم تَعمَلونَ﴾، ﴿قالَ كَذلِكَ أَتَتكَ آياتُنا فَنَسيتَها وَكَذلِكَ اليَومَ تُنسى﴾، ﴿وَقيلَ اليَومَ نَنساكُم كَما نَسيتُم لِقاءَ يَومِكُم هذا وَمَأواكُمُ النّارُ وَما لَكُم مِن ناصِرينَ﴾…
ـ فلا تقل وداعًا للصيام ولا وداعًا للعبادات والصلاة والخير وأهله والطاعة وشأنها ولا تودع تلك الوجوه المرضية التي كنت تراها في المسجد ثم تولي إلى الأسواق في أوقات الصلوات ينادي الأذان وكأنك لا تسمع، كأنك لست من صام وقام وعبد وتعب وانتصب... نسيت ربك فنسيته… فلذلك على العبد أن يعلم على أن نداء الله معه أينما توجه وأينما كان وفي أي شهر وفي أي وقت كان، وخير وأحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلّت، كما في المتفق عليه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم كما وصفته عائشة عمله ديمة، يعني لا ينقطع أبداً، بل كان يثبت على العمل وإن كان يسيرا، خير من أن يكثر على العمل وثم ينقطع…
- أيها المسلمون في هذا اليوم العظيم لنتذكر على أن هناك فرحة عظمى وفرحة كبرى في مثل هذه الفرحة الصغرى، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول للصائم فرحتان فرحة عند فطره فهذا اليوم في هذا اليوم فرحنا ولكن على المسلم أن يتطلع لما هو أعظم وأكبر فرحة إنها فرحة لقاء ربه، للصائم فرحتان فرحة عند فطره عند لقاء ربه، فلنأمل خيراَ ولنحب لقاء الله ليحب الله لقاءنا أولاً، ولن يحب لقاء الله الا من أعد العده العظمى لأجل أن يصل إلى ذلك المصير الحتمي الإجباري الذي سيصل إليه باختلاف أعمالهم وباختلاف أجناسهم كلنا سائرون إلى ربنا سبحانه وتعالى، فلنتذكر في مثل هذا الموقف وفي هذا الاجتماع يوم العرض الأكبر، ﴿يَومَ هُم بارِزونَ لا يَخفى عَلَى اللَّهِ مِنهُم شَيءٌ لِمَنِ المُلكُ اليَومَ لِلَّهِ الواحِدِ القَهّارِ﴾، ﴿يَومَئِذٍ تُعرَضونَ لا تَخفى مِنكُم خافِيَةٌ﴾ يوم يوم الطامة يوم الحاقة،يوم يوم يفر المرء من أخيه ذلك اليوم العظيم،﴿يَومَ تَرَونَها تَذهَلُ كُلُّ مُرضِعَةٍ عَمّا أَرضَعَت وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَملٍ حَملَها وَتَرَى النّاسَ سُكارى وَما هُم بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَديدٌ﴾، يوم يجتمع الخلائق لربهم سبحانه وتعالى في يوم المحشر منذ آدم عليه السلام الى آخر رجل في الأرض يموت، فإنهم سيجتمعون جميعا اجتماعا عاما عند ملك الملوك سبحانه وتعالى، فلنستحضر ذلك اليوم في كل مجلس جلسناه ومن كان كذلك حقًا سيعد لذلك السفر العظيم عدته واستعداده الكبرى… وقد قال صلى الله عليه وسلم: "أكثروا من ذكر هادم اللذات".
- ثم أيضا في هذه الفرحة وفي هذا اللقاء وفي هذا الاجتماع الشرعي الرباني لنتذكر المسلمين جميعًا لنتذكر المحتاجين لنتذكر الجرحى لنتذكر الأسرى لنتذكر الناس الذين هم في قصف ودمار وعذاب وهلاك، نتذكر المرضى، نتذكر الفقراء، نتذكر المحتاجين، نتذكر من يتمنى أن يجتمع مع اهله، من يتمنى أن يخرج من من سرير علاجه ومستشفاه وبيته إلى هذا المصلى وإلى هذا الاجتماع، إن تذكرنا فشكرنا ضمنا بقاء نعم الله لنا: {لَئِن شَكَرتُم لَأَزيدَنَّكُم وَلَئِن كَفَرتُم إِنَّ عَذابي لَشَديدٌ﴾…
- ثم مثلما تضامنا مع الفقراء والمحتاجين بصدقة الفطرة وأغنيتموهم بعطاياكم وصدقاتكم واستجبتم لنداء الله عز وجل فلم تخرجوا إلى الصلاة الا وقد أعطيتموهم حقهم فنفذتم ما قال رسولكم صلى الله عليه وسلم: " اغنوهم عن السؤال هذا اليوم" لنغني الفقراء ولنغني الأغنياء ولنغني كل مسلم ولنغني كل طائع برحمتنا بحنانا بعطفنا بحبنا بمسامحتنا فلا يكفي والله أن نعطي الشيء بأيدينا وقلوبنا تكره العطاء، والعفو والصفح، فلا يستقيم الحال أبدا والقلب في واد والعمل في واد آخر، الا فمن استقام بلسانه وبيده فليستقم قلبه لربه سبحانه فليكرم المسلمين ولنغنيهم بالتراحم، والتزاور، وصلة الأرحام، والتقارب، والتكافل، والتصالح مع كل مسلم، ليفتح المسلم قلبه قبل يديه وقبل حضنه ليفتح قلبه لكل مسلم…
- وهنا ندائي لمن في قلبه شيء على أخيه المسلم أو جاره أو قريبه أو رحمه أو صديقه أو أي مسلم كان… لقد أتعبت نفسك في قيام وصيام وقرآن… فذاك كله وكل عمل منك غير مرفوع إلى الله تعالى حتى تصفي قلبك على أخيك المسلم : " تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال : انظروا هذين حتى يصطلحا "والحديث رواه مسلم.. فالباب مغلق حتى تصلح قلبك وتعفو وتصالح إخوانك… من يحب منا عقلاً ان يداوم في شركته أو في وظيفته ويوقع على ذلك ويأتي في بداية الدوام ويخرج في نهاية الدوام ويعمل أكثر مما يعمل العاملون لكن لا يرفع لمديره شيئًا وبذلك لن يعطيه راتبًا هل يحب هذا العبد ذلك لا والله في دنيانا لا نحب، فذلك أعمالنا الصالحة إذا أردنا أن تقبل فعلينا أن نصالح إخواننا المسلمين أيًا كانوا ولنبتدأ بارحامنا وإن كانوا هم المقصرون المخطئون، وفي الصحيح عند مسلم أن رجلا قال : يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيؤون إلي وأحلم عليهم ويجهلون علي . فقال : " لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك "، أي الرماد الحار، وأيضا قال صلى الله عليه وسلم: " ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعته رحمه زارها" والرحم تعلقت بعرش رب العالمين سبحانه وتعالى فأرادت من الله طلبًا أن الله عز وجل يأمر لها بصلة الناس لها فقال الله عز وجل: "ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك"، فمن يحب أن يوصله ربه سبحانه وتعالى بكل أنواع الوصل الذي يحبه ذلك العبد فليصل رحمه وبخاصة في مثل هذه الأعياد، وفي مثل هذه المناسبات، فليبتدأ رحمه فإنهم أحق الناس بصحبته، وأحق الناس بعطفه، وأحق الناس بشفقته، وأحق الناس بعفوه، فاعفوا عن الناس جميعًا واعفوا عن رحمكم خاصة، اعفوا عنهم يعفو عنكم الله، سامحوهم يسامحكم الله، اغفروا لهم ليغفر لكم الله، المسامح يسامحه الله، والكريم يكرمه الله، والعفيف يعفه الله، والمتصدق يتصدق الله عليه، والجزاء من جنس العمل كما قال الإمام النووي، عليها مدار الشريعة الإسلامية فمن وصل وصله الله، ومن عفا عفا الله عنه، ومن تكرم لأخيه تكرم الله عليه سبحانه وتعالى، وأي فضل وعظمة وإحسان أن يكون الله هو المكرم وهو المعطي وهو الراحم وهو سبحانه وتعالى العفو الغفور، فلذلك لنصالح الناس حتى تقتضي أعمالنا وحتى يرضى ربنا عنا ويغفر لنا ويرحمنا.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.
- عباد الله يا من صام يا من قام يا من قرأ ورتل وسجد وبكى… تذكر نعمة الله عليك وفضله ومنته وما بك من نعمه وما دفع عنك من نقمه واشكره يزدك فقد امتن على قريش فقال ﴿الَّذي أَطعَمَهُم مِن جوعٍ وَآمَنَهُم مِن خَوفٍ﴾ وإذا كان رب العالمين يعظ قريشًا بذلك فنحن أولى ونحن أحق، والنعم إذا شُكرت قرت، وإذا كُفرت فرت، والنعمة عروس مهرها الشكر، ألا فلا نكن مع فرحتنا هذه تؤدي بنا إلى هلاك بسبب كفر نعم الله عز وجل، وعدم الاستقامة على أمره كلباس غير شرعي فشباب بحلقات شيطانية ونساء بخروج متعطرات للأسواق والمنتزهات واختلاط وفساد وشر ووبال، وهي من المخالفات الشرعية المنشرة ولقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم النساء بخروجهن للصلاة تفلات، فإذا كان هذا إلى الصلاة فأعظم من ذلك أن يخرجن إلى الشواطئ وإلى السواحل وإلى المتنزهات إن كان لابد من خروج، فخروج مسلمة تخاف الله، وبضوابط شرعية، ومن ذلك لا يجوز للمرأة المسلمة أن تخرج مستعطرة ولا أن تخرج متزينة ولا يجوز عبثًا للرجال أيضًا ان يعتدوا على المرأة أو يخالطوها أو طريقها او يزاحموها في مكان مخصص لها في المتنزهات أو في السواحل أو في أي مكان كان، ومن التبيهات ليس لمن يفرح بالعيد أن يحوله إلى هم وغم وكدر وايذاء للمسلمين بسبب إطلاق النيران سواء النيران الحقيقية أو نيران كذلك معنوية بشيء من تلك الألعاب النارية لا يجوز ايذاء المسلمين ورسولنا يقول: " لا يحل لمسلم أن يروع مسلما"، فليتنبه لهذا جيدا…
… والحمد لله رب العالمين...
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:* ...المزيد
...
*الصدقة.فضلها.وتنبيهات.حولها.ودخول.الدعوة.وكفالة.الدعاة.كضرورة.فيها.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/v0Rw-S0TGd0
*📆 تم إلقاؤها بمسجد عمر بن الخطاب المكلا روكب: 14/رمضان/1443هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- فإن رمضان معلم واف وإمام ناصح، ومدرسة كبرى، وجامعة فضلى، رمضان مدرسة ربانية، وجامعة إلهية، رمضان يعلمنا دروسًا لا تحصى، وعبراً لا تُنسى، وإن من أجل وأعظم وأهم تلك الدروس وهذه العبر التي يعلمناها رمضان هي ما أشار اليه ابن عباس رضي الله عنه كما في البخاري ومسلم وهو يوصف النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف كان في رمضان، وكيف كان تغيّره عليه الصلاة والسلام في هذا الشهر الكريم؛ فلقد كان صلى الله عليه وسلم أجود ما يكون في رمضان فقال: " كان صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان"، ففي كل العام كان جوادًا صلى الله عليه وسلم ولكن في خصوص رمضان جوده يزداد، جوده عطاؤه سخاؤه إنفاقه يزداد بكثرة عليه الصلاة والسلام، وإذا كان هذا حاله صلى الله عليه وسلم فما حال الناس الذين تقل نفقاتهم في غير رمضان، فكيف بشهر رمضان الذين قد لا يجودون لا بالكثير ولا بالقليل لربما، ولا يدفعون حتى فضول أموالهم لأجل إنقاذ أنفسهم: " اتقوا النار ولو بشق تمرة" كما في البخاري ومسلم، فإذا كان هذا حال من غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر عليه الصلاة والسلام فما هو حالي وحالك؟ ما هي همتي وحرصي؛ لأجل أن أنال محبة ربي ورضا الله تبارك وتعالى.
- وهذا النبي صلى الله عليه وسلم يتحدث عن المحبة التي هي أرفع الدرجات، وأعلى المقامات التي يريدها العباد من رب الباريات المحبة التي لا يصل إليها من الألف إلا واحد لا اثنان، ومع هذا فمرتبة المحبة يمكن إن يصل إليها بنفع الناس، بخدمة الناس، بالنظر إلى معاناة الناس، ففي الحديث الصحيح أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: " أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس"، الذي ينفع الناس، الذي يسعى لخدمة الآخرين، الذي يسعى لكشف هموم الآخرين أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، لا أكثرهم عبادة وطاعة ولزومًا للمسجد بل أنفع الناس للناس هو أحب الناس إلى رب الناس: "أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم".
- وأيضا ورد عند البخاري ومسلم: " الساعي على الأرملة والمسكين كالصائم لا يفطر"، المتواصل للصيام الدائم للصيام في جميع أيام العام "كالصائم لا يفطر، وكالقائم لا يفتر"، يقوم الليل كله، فهذا الذي يسعى لخدمة المسكين وفي حاجة المسكين وفي سد رمق ذلك الضعيف والفقير هو أفضل حالاً وأعظم عملاً وأرفع قدراً عند رب العالمين سبحانه وتعالى من ذلك الذي يصوم النهار لا يفطر، ويقوم الليل لا يفتر.
- وعند مسلم: "من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة"، في ذلك اليوم، ﴿يَومَ يَفِرُّ المَرءُ مِن أَخيهِ﴾،﴿وَأُمِّهِ وَأَبيهِ﴾،﴿وَصاحِبَتِهِ وَبَنيهِ﴾،{يَوَدُّ المُجرِمُ لَو يَفتَدي مِن عَذابِ يَومِئِذٍ بِبَنيهِ﴾، بكل شيء: {يَومَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ﴾، هناك ينفعك سعيك وعملك وخدمتك للآخرين، وإعفافك للناس وسدك رمق الناس، وكشف كرب الناس، وإزالة الهموم والغموم والمعانات على الضعفاء والفقراء وما تعطيه وتجود به لهؤلاء: "من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله له في الدنيا وفي الآخرة، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا وفي الآخرة، والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه"، فالله جل وعلا معك، وهو في عونك، يا من تفك كرب الناس فأبشر الله معك لن تمر بك أزمة مالية ثقافية علمية مجتمعية..
أي شيء كان من الأزمات التي تمر علينا ونحن جميعًا أصحاب أزمات إلا ويكون الله مع ذلك العبد بشرط أن يكون مع الآخرين يتكاتف يعطي ينفق يسأل يكف كرب الناس "والله في عون العبد ما دام العبد".
- وهذا الله تعالى في كل كتابه الكريم عندما نجد الحديث عن الجهاد في سبيل الله لا يبدأ إلا بالجهاد المالي بإخراج المال قبل إخراج النفس في سبيل الله مع أنه يصول ويجول ويقدم رأسه لكن المال أهم، ودليل الصدق لإرادة الجهاد: ﴿انفِروا خِفافًا وَثِقالًا وَجاهِدوا بِأَموالِكُم...﴾، وهذا هو شأن القرآن في كل القرآن سوى في آية واحدة قدم النفس على المال، فالمال مقدم في كتاب الله على الجهاد في سبيل الله، وما كان هذا إلا لعظمة الإنفاق في سبيل الله؛ إذ هو بوابة صادقة صحيحة أن يقدم الإنسان نفسه رخيصة في سبيل الله عز وجل.
- إن حماية المسلمين مما تمر به من مشاكل ومدلهمات وأزمات في كل شيء، إنما هي بالنفقة في سبيل الله: ﴿الَّذينَ يُنفِقونَ أَموالَهُم في سَبيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتبِعونَ ما أَنفَقوا مَنًّا وَلا أَذًى لَهُم أَجرُهُم عِندَ رَبِّهِم وَلا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنونَ﴾، لا يخافون من أزمات مالية ولا خسائر تجارية ولا من أمراض صحية ولا من مشاكل اجتماعية ولا من أي شيء من نعرات الحياة الدنيوية، لا يخشعون لا يخافون لا يقلقون؛ لأنهم جادوا لله بما عندهم وبما أعطاهم وبما ملكهم تبارك وتعالى وانفقوا من ما لله الذي أعطاهم فاستحقوا الأمان، واستحقوا الجزاء في الدنيا قبل الأخرى.
- ثم ليعلم الغني أن هذا المال ليس ماله بل هو مال الله وهو خليفة عليه وأمانة لديه: ﴿وَآتوهُم مِن مالِ اللَّهِ الَّذي آتاكُم﴾، فإن خان وفرّط وبخل ولم ينفق سيسحبه الله منه يوما…
- وهذا الله ينادينا جميعًا: ﴿مَن ذَا الَّذي يُقرِضُ اللَّهَ قَرضًا حَسَنًا...َ﴾، إنه الله جل وعلا: ﴿مَن ذَا الَّذي يُقرِضُ اللَّهَ قَرضًا حَسَنًا فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضعافًا كَثيرَةً ..َ﴾، وهو لا يخلف الميعاد تبارك وتعالى، ووعده مأتيا، فهو تعالى يعد وعدًا لا يُخلف أن يضاعف في ماله، في تجارته، فيما أعطاه الله، فإذا أراد المضاعفة فعليه أن يجود بماله في سبيل الله لأجل أن تتضاعف هذه الأموال وتكبر هذه التجارة وتزداد تلك الفروع ويصبح ذلك الإنسان صاحب المال القليل هو صاحب مال كثير وصاحب تجارة واسعة لأنه وسّع تجارته مع الله فكان حقًا على الله أن يوسع تجارته في الدنيا.
- بل هذا ملكان من السماء يناديان كل صباح كما في البخاري: " اللهم أعطِ منفقًا خلفًا"، انفق اخلف اعطيه وسع على أولئك الذين ينفقون، وهي دعوة ملَك من ملائكة الله الذين لا ترد لهم دعوة، لمن إنها دعوة لذلك الإنسان الذي يتصدق الذي يجود الذي يعطي من ماله، بينما يخسر خسارة كبرى من لا ينفق أن الملكين يدعوان عليه: "واعط ممسكًا تلفًا" يتلف ماله، ويخسر تجارته…
- إن الإنفاق تعليم للنفس، وتهذيب لها: {وَمَن يوقَ شُحَّ نَفسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ المُفلِحونَ}، الفلاح بأن تخلص نفسك من شحها من بخلها، أن تعتقها لتدخل الجنة، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد ذكر شق تمرة يدخل المسلم الجنة ويباعده عن النار فكيف بمن ينفق أكثر، وأوسع من هذا كله اذا كانت حبه تمرة تدخل صاحبها وتباعده عن النار فكيف بآلاف مؤلفة وملايين أيضًا من النفقة في سبيل الله تبارك وتعالى، كم ستنجي هذا الشخص، ولا نجاة هناك إلا بمثل هذه.
- ولهذا لا يطلب المسلم عند سكرات الموت التأخير إلا لأجل أن يتصدق: {لَولا أَخَّرتَني إِلى أَجَلٍ قَريبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِنَ الصّالِحِينَ﴾، من أجل أن أقول هذا الثلث من ما لي من تركتي وقف في سبيل الله للمسجد الفلاني، للحلقة الفلانية، لهذا الداعية الفلاني، لتقام أنشطة دعوية، أو للنفقة على فقير ضعيف مسكين أو على أرملة أو على يتيم أو على أي نفقة ما دامت في سبيل الله لوجه الله يريدها العبد لله تبارك وتعالى فسيندم إن لم يفعل الآن: {لَولا أَخَّرتَني إِلى أَجَلٍ قَريبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِنَ الصّالِحينَ﴾.
- وإذا كان ذلك الرجل كما في البخاري ومسلم تصدق على سارق فكتب الله له أجر صدقته، وذلك تصدق على زانية، ثم تصدق على غني فقبل الله منه تلك الصدقات جميعها بالرغم على أنها وقعت في غير محلها لكن لما صدقت نيته فلا علاقة له أين وصلت وإلى يد من وصلت ما دام وأن نيته أراد بها الله والدار الآخرة، وتحرى لمن يعطي، وصاحب الصدقة وصاحب الزكاة مع واجب أن يتحرى لكن أن تحرى أهل الخير فوضعها في أيديهم فقد برئت ذمته منها، وقُبلت صدقته من الله تعالى...
- وإننا أيها الأخوة في زمن بل في بلد يحتاج لمن يتاجرون مع الله لمن يريدون الله، لمن ينقذون أنفسهم من أهوال الدنيا والآخرة، لمن يريدون ما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان: "ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم"، أمتنا بحاجة لهؤلاء الذين يتاجرون مع ربهم، إذا كان النصراني قد رفع ولسنوات طِوال شعار: أنفق دولارا تنصر مسلمًا، فبأي شيء يواجه هذا التنصير، بل بأي شيء نواجه الإلحاد والعلمنة المستشرية، وبأموال طائلة أرصدت وأعدت من منظمات أجنبية كافرة مجرمة لأجلنا وتضليلنا وإخراجنا من نور نحن فيه إلى ظلمات شتى هم فيها حتى نكون وإياهم على سواء: ﴿وَدّوا لَو تَكفُرونَ كَما كَفَروا فَتَكونونَ سَواءً﴾، ﴿وَلَن تَرضى عَنكَ اليَهودُ وَلَا النَّصارى حَتّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم قُل إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الهُدى وَلَئِنِ اتَّبَعتَ أَهواءَهُم بَعدَ الَّذي جاءَكَ مِنَ العِلمِ ما لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلا نَصيرٍ﴾، أن هذه والله لا يقف أمامها إلا رجال صدق، دفعوا أموالهم لإخراج أمتهم مما هي فيه من جهل وظلام وظلمات دامسة حالكة أصبحت فيها، وبأمواله لينفق على أولئك الذين هم على نور وهدى وعفاف وتقى من دعوة ودعاة، على مساجد الله، على مراكز التحفيظ، على أي سبيل دعوي كان لا أن تكون النفقات حصراً على الأيتام، أو حصراً على الفقراء، أو حصراً على المساجد كما يتصور كثير من الناس يسعى لإشباع اليتيم حتى التخمة، بينما فقير ضعيف متضعف ربما يستلم راتبًا قليلاً زهيداً كما هي رواتب أغلب الناس لا يكفيه حتى لنفقته الخاصة فكيف بنفقة أهله، لا يكفيه هذا الراتب حتى لشراء الرغيف والزيت فكيف بما هو فوق ذلك، كيف بأمراضه، كيف بألامه، وإيجاره… كيف بأسرته كيف بعيده كيف بملابسه كيف بحوائجه الأخرى لا يكفيه، بينما تكدس الأموال لأناس معينين كالأيتام والأرامل مثلاً بالرغم على أنهم يستحقون أحيانًا لكن ليس إلى هذه الدرجة، بل اذكر احد الأخوة أنه قال لي مرة: أن امرأة قالت ليت أن والد أبنائي يتوفاه الله؛ كي يتصدقوا علينا، لأن الناس لا ينفقون إلا على الأيتام ولا يهتمون بالضعفاء والفقراء والمساكين، وأخرى قالت صلح حالنا بعد أن توفي زوجي، يعني زوجها كان شرا عليها ومانعا من التفات الناس لفقرهم، فهل تريد هكذا أن تكون عليه نساء الفقراء…
- كثير أولئك الذين يبادرون لإعمار المساجد، وزخرفتها، والعناية بها، لكن لو قلت له انفق على حلقة التحفيظ، أو على ذلك الداعية الذي لو لم يكن ما اهتدى الناس وعرفوا المسجد، الذي يخرج الناس من الأسواق ومن الملهيات الدنيا إلى المسجد الذي لو أمرته وبنيته وحسنته وجملته لألف عام حتى لن يأتيه الا بجهود ودعوة أولئك الدعاة الصلحاء ومن ذلك حلقات التحفيظ ومراكز الدعوة وأي شيء كان مما يجلب الناس نحو هذه المساجد التي تصبح خاوية إن لم يكن دعاة ليذكروا الناس، فكل ذلك من الزكاة...
- إن أعداء الأمة أيها الناس اليوم ينفقون الكثير والكثير من أجل إخراجنا مما نحن فيه، من أجل إضلالنا، وشيطنتنا، ومسخنا: {إِنَّ الَّذينَ كَفَروا يُنفِقونَ أَموالَهُم لِيَصُدّوا عَن سَبيلِ اللَّه}، ليخرجونا ما نحن فيه من عبادة وطاعة ونور وصلاة، ليصدوا عن سبيل الله جهارا نهارا، ﴿وَالَّذينَ كَفَروا بَعضُهُم أَولِياءُ بَعضٍ إِلّا تَفعَلوهُ تَكُن فِتنَةٌ فِي الأَرضِ وَفَسادٌ كَبيرٌ﴾، فساد وفتنة عمياء صماء بسببنا لأننا تأخرنا عن النفقة في سبيل الله، بينما هم ينفقون كل النفقة لإخراجك من سبيل الله إلى سبيل الشيطان فهل صحينا؟ وهل تنبهنا؟وهل عرفنا الخطر المحدق بنا، والطامة أن تنزل علينا…
- والله أن كثيرا من الدعاة ليتمنى أن يجد الفتات من العيش من كفالة يسيرة ليتفرغ للدعوة إلى الله ليتفرغ لحث الناس على الخير والدين والصلاة، ليتفرغ للتنقل من هذا المسجد إلى ذلك المسجد بالمحاضرات والخواطر والدروس والمواعظ، ليقوم الليل ليحقق مسائل العلم، ويكتب، ويؤلف، أو يقرأ أو يطلع أو يكشف همًا علميًا على الأمة، ومع هذا يخاف إن سهر أن ينام عن عمله ودوامه فيقطع راتبه، نريد ذلك التاجر، والغني أن يقول أنا اكفي فلانًا من الدعوة ليتفرغ للدعوة أو في مركز التحفيظ أو ليعلم الحلقة الفلانية أو ليكون إمامًا على المسجد الفلاني أو متنقلاً في هذه المساجد داعية إلى الله أو خطيبًا أو دارسًا متعلمًا في جامعة إسلامية أو أو أو أي شيء من هذه التي هي من أعظم وأجل وأفضل ما ينفق فيها النفقات بل والزكاوات أيضا، وتوقف فيها الأوقاف، وتهب فيها الهبات، هي من أوجب ما تدفع اليه حتى الزكوات التي لا يتصور كثير من الناس أنها لهم بينما الله في كتابه الكريم جعل النفير النفيرين نفير
للجهاد في سبيل الله ونفير للجهاد الآخر في سبيل الله، وكلها في سبيل لله; ﴿وَما كانَ المُؤمِنونَ لِيَنفِروا كافَّةً فَلَولا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرقَةٍ مِنهُم طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهوا فِي الدّينِ وَلِيُنذِروا قَومَهُم إِذا رَجَعوا إِلَيهِم لَعَلَّهُم يَحذَرونَ﴾، إذاً ليس النفير إلى الجهاد ومعة السيوف والرصاص، بل النفقة في الجهاد الآخر والأكبر في الميدان العلمي، في ميدان القلم والكتاب، في ميدان القراءة والدعوة، في ميدان الدعوة والمصلحين… هو الجهاد الآخر الذي يغفل عنه كثير من الناس، أقول قولي هذا وأستغفر الله.
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
- قبل مدة سألت أحد الدعاة الذين كانوا من الخطباء والمرشدين والوعاظ من الذين يتنقلون من مسجد إلى آخر، سألته سؤالاً بعد أن خرج من تلك الدعوة كل الخروج، فقلت له يا فلان ما الذي أخرجك عن هذا الخير، وعن هذه الدعوة، وعن هذا الصلاح الذي كنت فيه وتوليت إلى عمل آخر مختلف تمامًا عما أنت فيه، فقال لي يا شيخ من يجيب لك، من يعطيك، من ينفق عليك، عملنا صحيح ولكن خرجنا إلى سلك كل البعد لأننا ما وجدنا ما نعف أنفسنا ما وجدنا ما يكفي أنفسنا وبالتالي ترك الدعوة وترك كل شيء بالرغم هو خريج علوم شرعية، أليس هذا من العيب الكبير، والإثم العظيم أن نترك هؤلاء المصلحين لمثل هذه…
- من هو ذلك التاجر من هو ذلك المنفق من هو ذلك الغني وصاحب الزكاة والوقف والهبة… الذي يقول: يا فلان أنا لا أصلح إلا للمال، لا أصلح للدعوة، ولا أصلح للخطبة، ولا أصلح للمحاضرة، لا أصلح لإمامة المسجد الفلاني، ولتدريس الحلقة الفلانية، ولا أصلح أيضًا للتحقيق العلمي، أنا إنما أصلح لأنفق مالاً لك للتتفرغ لذلك كله، فأنا سأنفق عليك فاكف هم الأمة هذا الأمر، هم العلم وهم الدعوة وهم الخروج في سبيل الله وهم التنقل في مساجد الله وهم مراكز التحفيظ، وأنا سأكفيك هم المال؛ لعل الله تبارك وتعالى أن يخلف لي خيراً، ويكتب لي ثواب كل حسنة منك وحسنات من يهتدي على يديك إلى يوم القيامة، وفي الحديث الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتيه رجل من صحابته فيطلب العلم عنده وكان له أخ ينفق عليه ويعطيه ويجتهد في الأرزاق ويعطي هذا الأخ الذي هو عند رسول الله متفرغ لطلب العلم، فجاء إلى النبي فقال يا رسول الله إن فلانا أخي جالس وأنا اسعى في طلب الرزق فاليخرج من عندك ليطلب الرزق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم وركز على ما قال، قال: " لعلك ترزق به"، لعل رزقك يأتيك بنفقتك على هذا الداعية، على هذه الحلقة بكفالتك لذلك العالم، ليستطيع أن يتفرغ علميًا أن يتفرغ دعويا…
- وإذا كان الإمام الشافعي أيها الإخوة قد قال: والله لو كلفت أن اشتري بصلة ما فقهت العلم ولا تعلمته، وهي بصلة واحدة أن يشتريها الإمام الشافعي عليه رحمة الله لن يستطيع أن يعلم ولن يستطيع أن يدرس لأنها تنهيه وتلهيه وتبعده عن مسائل العلم وتخرجه إلى هم الرزق، فكيف بهموم وغموم وألام وحوائج وفقر… كثير من دعاتنا، وعلمائنا، ومشايخنا، بل أولئك النواب عنا، ومنهم في ثغرة كبرى يذودون عن إسلامنا ويحموننا وديننا، ومع هذا لا يستطيعون ذلك كون هموم رزقهم تشغلهم عن ذلك، إن لم يدعوا الدعوة والعلم لأجل هم الرزق، فمن يكفيهم هم الرزق من أهل المال والغنى ليكون له أجورهم وأجور من اتبعهم واهتدى على أيديهم وتعلم منهم… وهذا الإمام الشعبي عليه رحمة الله يقول: قالت للخادمة يومًا انتهى الطحين، فأنستني بهذه الكلمة ستين مسألة من مسائل العلم، فكم من مسائل نسيها أولئك الفضلاء والعلماء والدعوة بسبب مثل هذه الفواجع، والهموم…
- وأخيرًا هذا النبي صلى الله عليه وسلم كما في البخاري ومسلم يقول: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له"، وأقسم عليها ثلاثًا أن الحديث يتحقق ويكون مئة بالمئة في أولئك الذين يطلبون العلم، أولئك الذين يكفون الناس هم الدعوة إلى الله، في أولئك الذين في مراكز التحفيظ، في أولئك الذين يتفرغون علميًا في جامعات إسلامية ليخرجوا للناس منبر نور، في أولئك العلماء، فكل أولئك ولد صالح يدعو لذلك المنفق والكافل، وهم علم ينتفع به مدى الحياة، وأيضًا فهم صدقة جارية مدى الحياة، وهذا النعمان أبو حنيفة لما رأى أن أبا يوسف تلميذه تريد أمه تخرجه من السلك العلمي للعمل كفله بعد أن قال لأمه كم يدخل عليك؟ قالت درهم في اليوم فقال علي نفقته أعطيك مقدمًا ثلاثين درهمًا في كل شهر مقدمًا ودعيه للعلم فكان أبو يوسف إماما عالما شامخا يذكر حتى اللحظة بل حامل لواء المذهب الحنفي، فخيره وحسناته وكل طاعته وكل خير علمه وعلّمه وكل حرف كتبه هو للذي كفله والمتصدق هو لذلك الكافل لأبي حنيفة، فمن يكفل أولئك الذين يدعون إلى الله ويعلمون الناس الخير ويعطون عطاءات علمية، لأجل أن يكون كل خير وكل حسنة منهم تكون للكافل مثل أجره…
- صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2 ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/v0Rw-S0TGd0
*📆 تم إلقاؤها بمسجد عمر بن الخطاب المكلا روكب: 14/رمضان/1443هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- فإن رمضان معلم واف وإمام ناصح، ومدرسة كبرى، وجامعة فضلى، رمضان مدرسة ربانية، وجامعة إلهية، رمضان يعلمنا دروسًا لا تحصى، وعبراً لا تُنسى، وإن من أجل وأعظم وأهم تلك الدروس وهذه العبر التي يعلمناها رمضان هي ما أشار اليه ابن عباس رضي الله عنه كما في البخاري ومسلم وهو يوصف النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف كان في رمضان، وكيف كان تغيّره عليه الصلاة والسلام في هذا الشهر الكريم؛ فلقد كان صلى الله عليه وسلم أجود ما يكون في رمضان فقال: " كان صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان"، ففي كل العام كان جوادًا صلى الله عليه وسلم ولكن في خصوص رمضان جوده يزداد، جوده عطاؤه سخاؤه إنفاقه يزداد بكثرة عليه الصلاة والسلام، وإذا كان هذا حاله صلى الله عليه وسلم فما حال الناس الذين تقل نفقاتهم في غير رمضان، فكيف بشهر رمضان الذين قد لا يجودون لا بالكثير ولا بالقليل لربما، ولا يدفعون حتى فضول أموالهم لأجل إنقاذ أنفسهم: " اتقوا النار ولو بشق تمرة" كما في البخاري ومسلم، فإذا كان هذا حال من غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر عليه الصلاة والسلام فما هو حالي وحالك؟ ما هي همتي وحرصي؛ لأجل أن أنال محبة ربي ورضا الله تبارك وتعالى.
- وهذا النبي صلى الله عليه وسلم يتحدث عن المحبة التي هي أرفع الدرجات، وأعلى المقامات التي يريدها العباد من رب الباريات المحبة التي لا يصل إليها من الألف إلا واحد لا اثنان، ومع هذا فمرتبة المحبة يمكن إن يصل إليها بنفع الناس، بخدمة الناس، بالنظر إلى معاناة الناس، ففي الحديث الصحيح أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: " أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس"، الذي ينفع الناس، الذي يسعى لخدمة الآخرين، الذي يسعى لكشف هموم الآخرين أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، لا أكثرهم عبادة وطاعة ولزومًا للمسجد بل أنفع الناس للناس هو أحب الناس إلى رب الناس: "أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم".
- وأيضا ورد عند البخاري ومسلم: " الساعي على الأرملة والمسكين كالصائم لا يفطر"، المتواصل للصيام الدائم للصيام في جميع أيام العام "كالصائم لا يفطر، وكالقائم لا يفتر"، يقوم الليل كله، فهذا الذي يسعى لخدمة المسكين وفي حاجة المسكين وفي سد رمق ذلك الضعيف والفقير هو أفضل حالاً وأعظم عملاً وأرفع قدراً عند رب العالمين سبحانه وتعالى من ذلك الذي يصوم النهار لا يفطر، ويقوم الليل لا يفتر.
- وعند مسلم: "من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة"، في ذلك اليوم، ﴿يَومَ يَفِرُّ المَرءُ مِن أَخيهِ﴾،﴿وَأُمِّهِ وَأَبيهِ﴾،﴿وَصاحِبَتِهِ وَبَنيهِ﴾،{يَوَدُّ المُجرِمُ لَو يَفتَدي مِن عَذابِ يَومِئِذٍ بِبَنيهِ﴾، بكل شيء: {يَومَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ﴾، هناك ينفعك سعيك وعملك وخدمتك للآخرين، وإعفافك للناس وسدك رمق الناس، وكشف كرب الناس، وإزالة الهموم والغموم والمعانات على الضعفاء والفقراء وما تعطيه وتجود به لهؤلاء: "من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله له في الدنيا وفي الآخرة، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا وفي الآخرة، والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه"، فالله جل وعلا معك، وهو في عونك، يا من تفك كرب الناس فأبشر الله معك لن تمر بك أزمة مالية ثقافية علمية مجتمعية..
أي شيء كان من الأزمات التي تمر علينا ونحن جميعًا أصحاب أزمات إلا ويكون الله مع ذلك العبد بشرط أن يكون مع الآخرين يتكاتف يعطي ينفق يسأل يكف كرب الناس "والله في عون العبد ما دام العبد".
- وهذا الله تعالى في كل كتابه الكريم عندما نجد الحديث عن الجهاد في سبيل الله لا يبدأ إلا بالجهاد المالي بإخراج المال قبل إخراج النفس في سبيل الله مع أنه يصول ويجول ويقدم رأسه لكن المال أهم، ودليل الصدق لإرادة الجهاد: ﴿انفِروا خِفافًا وَثِقالًا وَجاهِدوا بِأَموالِكُم...﴾، وهذا هو شأن القرآن في كل القرآن سوى في آية واحدة قدم النفس على المال، فالمال مقدم في كتاب الله على الجهاد في سبيل الله، وما كان هذا إلا لعظمة الإنفاق في سبيل الله؛ إذ هو بوابة صادقة صحيحة أن يقدم الإنسان نفسه رخيصة في سبيل الله عز وجل.
- إن حماية المسلمين مما تمر به من مشاكل ومدلهمات وأزمات في كل شيء، إنما هي بالنفقة في سبيل الله: ﴿الَّذينَ يُنفِقونَ أَموالَهُم في سَبيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتبِعونَ ما أَنفَقوا مَنًّا وَلا أَذًى لَهُم أَجرُهُم عِندَ رَبِّهِم وَلا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنونَ﴾، لا يخافون من أزمات مالية ولا خسائر تجارية ولا من أمراض صحية ولا من مشاكل اجتماعية ولا من أي شيء من نعرات الحياة الدنيوية، لا يخشعون لا يخافون لا يقلقون؛ لأنهم جادوا لله بما عندهم وبما أعطاهم وبما ملكهم تبارك وتعالى وانفقوا من ما لله الذي أعطاهم فاستحقوا الأمان، واستحقوا الجزاء في الدنيا قبل الأخرى.
- ثم ليعلم الغني أن هذا المال ليس ماله بل هو مال الله وهو خليفة عليه وأمانة لديه: ﴿وَآتوهُم مِن مالِ اللَّهِ الَّذي آتاكُم﴾، فإن خان وفرّط وبخل ولم ينفق سيسحبه الله منه يوما…
- وهذا الله ينادينا جميعًا: ﴿مَن ذَا الَّذي يُقرِضُ اللَّهَ قَرضًا حَسَنًا...َ﴾، إنه الله جل وعلا: ﴿مَن ذَا الَّذي يُقرِضُ اللَّهَ قَرضًا حَسَنًا فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضعافًا كَثيرَةً ..َ﴾، وهو لا يخلف الميعاد تبارك وتعالى، ووعده مأتيا، فهو تعالى يعد وعدًا لا يُخلف أن يضاعف في ماله، في تجارته، فيما أعطاه الله، فإذا أراد المضاعفة فعليه أن يجود بماله في سبيل الله لأجل أن تتضاعف هذه الأموال وتكبر هذه التجارة وتزداد تلك الفروع ويصبح ذلك الإنسان صاحب المال القليل هو صاحب مال كثير وصاحب تجارة واسعة لأنه وسّع تجارته مع الله فكان حقًا على الله أن يوسع تجارته في الدنيا.
- بل هذا ملكان من السماء يناديان كل صباح كما في البخاري: " اللهم أعطِ منفقًا خلفًا"، انفق اخلف اعطيه وسع على أولئك الذين ينفقون، وهي دعوة ملَك من ملائكة الله الذين لا ترد لهم دعوة، لمن إنها دعوة لذلك الإنسان الذي يتصدق الذي يجود الذي يعطي من ماله، بينما يخسر خسارة كبرى من لا ينفق أن الملكين يدعوان عليه: "واعط ممسكًا تلفًا" يتلف ماله، ويخسر تجارته…
- إن الإنفاق تعليم للنفس، وتهذيب لها: {وَمَن يوقَ شُحَّ نَفسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ المُفلِحونَ}، الفلاح بأن تخلص نفسك من شحها من بخلها، أن تعتقها لتدخل الجنة، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد ذكر شق تمرة يدخل المسلم الجنة ويباعده عن النار فكيف بمن ينفق أكثر، وأوسع من هذا كله اذا كانت حبه تمرة تدخل صاحبها وتباعده عن النار فكيف بآلاف مؤلفة وملايين أيضًا من النفقة في سبيل الله تبارك وتعالى، كم ستنجي هذا الشخص، ولا نجاة هناك إلا بمثل هذه.
- ولهذا لا يطلب المسلم عند سكرات الموت التأخير إلا لأجل أن يتصدق: {لَولا أَخَّرتَني إِلى أَجَلٍ قَريبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِنَ الصّالِحِينَ﴾، من أجل أن أقول هذا الثلث من ما لي من تركتي وقف في سبيل الله للمسجد الفلاني، للحلقة الفلانية، لهذا الداعية الفلاني، لتقام أنشطة دعوية، أو للنفقة على فقير ضعيف مسكين أو على أرملة أو على يتيم أو على أي نفقة ما دامت في سبيل الله لوجه الله يريدها العبد لله تبارك وتعالى فسيندم إن لم يفعل الآن: {لَولا أَخَّرتَني إِلى أَجَلٍ قَريبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِنَ الصّالِحينَ﴾.
- وإذا كان ذلك الرجل كما في البخاري ومسلم تصدق على سارق فكتب الله له أجر صدقته، وذلك تصدق على زانية، ثم تصدق على غني فقبل الله منه تلك الصدقات جميعها بالرغم على أنها وقعت في غير محلها لكن لما صدقت نيته فلا علاقة له أين وصلت وإلى يد من وصلت ما دام وأن نيته أراد بها الله والدار الآخرة، وتحرى لمن يعطي، وصاحب الصدقة وصاحب الزكاة مع واجب أن يتحرى لكن أن تحرى أهل الخير فوضعها في أيديهم فقد برئت ذمته منها، وقُبلت صدقته من الله تعالى...
- وإننا أيها الأخوة في زمن بل في بلد يحتاج لمن يتاجرون مع الله لمن يريدون الله، لمن ينقذون أنفسهم من أهوال الدنيا والآخرة، لمن يريدون ما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان: "ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم"، أمتنا بحاجة لهؤلاء الذين يتاجرون مع ربهم، إذا كان النصراني قد رفع ولسنوات طِوال شعار: أنفق دولارا تنصر مسلمًا، فبأي شيء يواجه هذا التنصير، بل بأي شيء نواجه الإلحاد والعلمنة المستشرية، وبأموال طائلة أرصدت وأعدت من منظمات أجنبية كافرة مجرمة لأجلنا وتضليلنا وإخراجنا من نور نحن فيه إلى ظلمات شتى هم فيها حتى نكون وإياهم على سواء: ﴿وَدّوا لَو تَكفُرونَ كَما كَفَروا فَتَكونونَ سَواءً﴾، ﴿وَلَن تَرضى عَنكَ اليَهودُ وَلَا النَّصارى حَتّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم قُل إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الهُدى وَلَئِنِ اتَّبَعتَ أَهواءَهُم بَعدَ الَّذي جاءَكَ مِنَ العِلمِ ما لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلا نَصيرٍ﴾، أن هذه والله لا يقف أمامها إلا رجال صدق، دفعوا أموالهم لإخراج أمتهم مما هي فيه من جهل وظلام وظلمات دامسة حالكة أصبحت فيها، وبأمواله لينفق على أولئك الذين هم على نور وهدى وعفاف وتقى من دعوة ودعاة، على مساجد الله، على مراكز التحفيظ، على أي سبيل دعوي كان لا أن تكون النفقات حصراً على الأيتام، أو حصراً على الفقراء، أو حصراً على المساجد كما يتصور كثير من الناس يسعى لإشباع اليتيم حتى التخمة، بينما فقير ضعيف متضعف ربما يستلم راتبًا قليلاً زهيداً كما هي رواتب أغلب الناس لا يكفيه حتى لنفقته الخاصة فكيف بنفقة أهله، لا يكفيه هذا الراتب حتى لشراء الرغيف والزيت فكيف بما هو فوق ذلك، كيف بأمراضه، كيف بألامه، وإيجاره… كيف بأسرته كيف بعيده كيف بملابسه كيف بحوائجه الأخرى لا يكفيه، بينما تكدس الأموال لأناس معينين كالأيتام والأرامل مثلاً بالرغم على أنهم يستحقون أحيانًا لكن ليس إلى هذه الدرجة، بل اذكر احد الأخوة أنه قال لي مرة: أن امرأة قالت ليت أن والد أبنائي يتوفاه الله؛ كي يتصدقوا علينا، لأن الناس لا ينفقون إلا على الأيتام ولا يهتمون بالضعفاء والفقراء والمساكين، وأخرى قالت صلح حالنا بعد أن توفي زوجي، يعني زوجها كان شرا عليها ومانعا من التفات الناس لفقرهم، فهل تريد هكذا أن تكون عليه نساء الفقراء…
- كثير أولئك الذين يبادرون لإعمار المساجد، وزخرفتها، والعناية بها، لكن لو قلت له انفق على حلقة التحفيظ، أو على ذلك الداعية الذي لو لم يكن ما اهتدى الناس وعرفوا المسجد، الذي يخرج الناس من الأسواق ومن الملهيات الدنيا إلى المسجد الذي لو أمرته وبنيته وحسنته وجملته لألف عام حتى لن يأتيه الا بجهود ودعوة أولئك الدعاة الصلحاء ومن ذلك حلقات التحفيظ ومراكز الدعوة وأي شيء كان مما يجلب الناس نحو هذه المساجد التي تصبح خاوية إن لم يكن دعاة ليذكروا الناس، فكل ذلك من الزكاة...
- إن أعداء الأمة أيها الناس اليوم ينفقون الكثير والكثير من أجل إخراجنا مما نحن فيه، من أجل إضلالنا، وشيطنتنا، ومسخنا: {إِنَّ الَّذينَ كَفَروا يُنفِقونَ أَموالَهُم لِيَصُدّوا عَن سَبيلِ اللَّه}، ليخرجونا ما نحن فيه من عبادة وطاعة ونور وصلاة، ليصدوا عن سبيل الله جهارا نهارا، ﴿وَالَّذينَ كَفَروا بَعضُهُم أَولِياءُ بَعضٍ إِلّا تَفعَلوهُ تَكُن فِتنَةٌ فِي الأَرضِ وَفَسادٌ كَبيرٌ﴾، فساد وفتنة عمياء صماء بسببنا لأننا تأخرنا عن النفقة في سبيل الله، بينما هم ينفقون كل النفقة لإخراجك من سبيل الله إلى سبيل الشيطان فهل صحينا؟ وهل تنبهنا؟وهل عرفنا الخطر المحدق بنا، والطامة أن تنزل علينا…
- والله أن كثيرا من الدعاة ليتمنى أن يجد الفتات من العيش من كفالة يسيرة ليتفرغ للدعوة إلى الله ليتفرغ لحث الناس على الخير والدين والصلاة، ليتفرغ للتنقل من هذا المسجد إلى ذلك المسجد بالمحاضرات والخواطر والدروس والمواعظ، ليقوم الليل ليحقق مسائل العلم، ويكتب، ويؤلف، أو يقرأ أو يطلع أو يكشف همًا علميًا على الأمة، ومع هذا يخاف إن سهر أن ينام عن عمله ودوامه فيقطع راتبه، نريد ذلك التاجر، والغني أن يقول أنا اكفي فلانًا من الدعوة ليتفرغ للدعوة أو في مركز التحفيظ أو ليعلم الحلقة الفلانية أو ليكون إمامًا على المسجد الفلاني أو متنقلاً في هذه المساجد داعية إلى الله أو خطيبًا أو دارسًا متعلمًا في جامعة إسلامية أو أو أو أي شيء من هذه التي هي من أعظم وأجل وأفضل ما ينفق فيها النفقات بل والزكاوات أيضا، وتوقف فيها الأوقاف، وتهب فيها الهبات، هي من أوجب ما تدفع اليه حتى الزكوات التي لا يتصور كثير من الناس أنها لهم بينما الله في كتابه الكريم جعل النفير النفيرين نفير
للجهاد في سبيل الله ونفير للجهاد الآخر في سبيل الله، وكلها في سبيل لله; ﴿وَما كانَ المُؤمِنونَ لِيَنفِروا كافَّةً فَلَولا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرقَةٍ مِنهُم طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهوا فِي الدّينِ وَلِيُنذِروا قَومَهُم إِذا رَجَعوا إِلَيهِم لَعَلَّهُم يَحذَرونَ﴾، إذاً ليس النفير إلى الجهاد ومعة السيوف والرصاص، بل النفقة في الجهاد الآخر والأكبر في الميدان العلمي، في ميدان القلم والكتاب، في ميدان القراءة والدعوة، في ميدان الدعوة والمصلحين… هو الجهاد الآخر الذي يغفل عنه كثير من الناس، أقول قولي هذا وأستغفر الله.
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
- قبل مدة سألت أحد الدعاة الذين كانوا من الخطباء والمرشدين والوعاظ من الذين يتنقلون من مسجد إلى آخر، سألته سؤالاً بعد أن خرج من تلك الدعوة كل الخروج، فقلت له يا فلان ما الذي أخرجك عن هذا الخير، وعن هذه الدعوة، وعن هذا الصلاح الذي كنت فيه وتوليت إلى عمل آخر مختلف تمامًا عما أنت فيه، فقال لي يا شيخ من يجيب لك، من يعطيك، من ينفق عليك، عملنا صحيح ولكن خرجنا إلى سلك كل البعد لأننا ما وجدنا ما نعف أنفسنا ما وجدنا ما يكفي أنفسنا وبالتالي ترك الدعوة وترك كل شيء بالرغم هو خريج علوم شرعية، أليس هذا من العيب الكبير، والإثم العظيم أن نترك هؤلاء المصلحين لمثل هذه…
- من هو ذلك التاجر من هو ذلك المنفق من هو ذلك الغني وصاحب الزكاة والوقف والهبة… الذي يقول: يا فلان أنا لا أصلح إلا للمال، لا أصلح للدعوة، ولا أصلح للخطبة، ولا أصلح للمحاضرة، لا أصلح لإمامة المسجد الفلاني، ولتدريس الحلقة الفلانية، ولا أصلح أيضًا للتحقيق العلمي، أنا إنما أصلح لأنفق مالاً لك للتتفرغ لذلك كله، فأنا سأنفق عليك فاكف هم الأمة هذا الأمر، هم العلم وهم الدعوة وهم الخروج في سبيل الله وهم التنقل في مساجد الله وهم مراكز التحفيظ، وأنا سأكفيك هم المال؛ لعل الله تبارك وتعالى أن يخلف لي خيراً، ويكتب لي ثواب كل حسنة منك وحسنات من يهتدي على يديك إلى يوم القيامة، وفي الحديث الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتيه رجل من صحابته فيطلب العلم عنده وكان له أخ ينفق عليه ويعطيه ويجتهد في الأرزاق ويعطي هذا الأخ الذي هو عند رسول الله متفرغ لطلب العلم، فجاء إلى النبي فقال يا رسول الله إن فلانا أخي جالس وأنا اسعى في طلب الرزق فاليخرج من عندك ليطلب الرزق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم وركز على ما قال، قال: " لعلك ترزق به"، لعل رزقك يأتيك بنفقتك على هذا الداعية، على هذه الحلقة بكفالتك لذلك العالم، ليستطيع أن يتفرغ علميًا أن يتفرغ دعويا…
- وإذا كان الإمام الشافعي أيها الإخوة قد قال: والله لو كلفت أن اشتري بصلة ما فقهت العلم ولا تعلمته، وهي بصلة واحدة أن يشتريها الإمام الشافعي عليه رحمة الله لن يستطيع أن يعلم ولن يستطيع أن يدرس لأنها تنهيه وتلهيه وتبعده عن مسائل العلم وتخرجه إلى هم الرزق، فكيف بهموم وغموم وألام وحوائج وفقر… كثير من دعاتنا، وعلمائنا، ومشايخنا، بل أولئك النواب عنا، ومنهم في ثغرة كبرى يذودون عن إسلامنا ويحموننا وديننا، ومع هذا لا يستطيعون ذلك كون هموم رزقهم تشغلهم عن ذلك، إن لم يدعوا الدعوة والعلم لأجل هم الرزق، فمن يكفيهم هم الرزق من أهل المال والغنى ليكون له أجورهم وأجور من اتبعهم واهتدى على أيديهم وتعلم منهم… وهذا الإمام الشعبي عليه رحمة الله يقول: قالت للخادمة يومًا انتهى الطحين، فأنستني بهذه الكلمة ستين مسألة من مسائل العلم، فكم من مسائل نسيها أولئك الفضلاء والعلماء والدعوة بسبب مثل هذه الفواجع، والهموم…
- وأخيرًا هذا النبي صلى الله عليه وسلم كما في البخاري ومسلم يقول: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له"، وأقسم عليها ثلاثًا أن الحديث يتحقق ويكون مئة بالمئة في أولئك الذين يطلبون العلم، أولئك الذين يكفون الناس هم الدعوة إلى الله، في أولئك الذين في مراكز التحفيظ، في أولئك الذين يتفرغون علميًا في جامعات إسلامية ليخرجوا للناس منبر نور، في أولئك العلماء، فكل أولئك ولد صالح يدعو لذلك المنفق والكافل، وهم علم ينتفع به مدى الحياة، وأيضًا فهم صدقة جارية مدى الحياة، وهذا النعمان أبو حنيفة لما رأى أن أبا يوسف تلميذه تريد أمه تخرجه من السلك العلمي للعمل كفله بعد أن قال لأمه كم يدخل عليك؟ قالت درهم في اليوم فقال علي نفقته أعطيك مقدمًا ثلاثين درهمًا في كل شهر مقدمًا ودعيه للعلم فكان أبو يوسف إماما عالما شامخا يذكر حتى اللحظة بل حامل لواء المذهب الحنفي، فخيره وحسناته وكل طاعته وكل خير علمه وعلّمه وكل حرف كتبه هو للذي كفله والمتصدق هو لذلك الكافل لأبي حنيفة، فمن يكفل أولئك الذين يدعون إلى الله ويعلمون الناس الخير ويعطون عطاءات علمية، لأجل أن يكون كل خير وكل حسنة منهم تكون للكافل مثل أجره…
- صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2 ...المزيد
*رمضان مدرسةٌ لتهذيب الأخلاق* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء ...
*رمضان مدرسةٌ لتهذيب الأخلاق*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
من أروع خطب الشيخ.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ على تليجرام: 👇
https://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik/19590
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير المكلا / 14/ رمضان /1446هـ ↶
👤ـ للشيخ/عبدالله رفيق السوطي.
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
- فنحن في مدرسة رمضان التربوية الأخلاقية، وفي جامعة رمضان الإيمانية، وفي دورة متكاملة شاملة تربوية وتدريبية اسمها "رمضان"، وإن كانت المدة قصيرة ويسيرة، لكن لما عظم المشرع فيها جل وعلا كانت عظيمة النفع للناس عامة، كانت تترك أثرًا في الأعمال، وتترك أثرًا في الجوارح، وتترك أثرًا في الأركان، وتترك أثرًا في المجتمع بأكمله.
- إنها مدرسة ربانية لا إنسانية ولا بشرية، بل هي مدرسة من رب العالمين جل جلاله، قصُرت مدتها لكن عظم نفعها؛ لأنها مدرسة رب العالمين سبحانه وتعالى، وحُق لها أن تعظُم، وحُق لها أن يكون فيها النفع والدفع والرفع للمسلم، حتى يكون مسلمًا متمسكًا بدينه، كما أنه متمسك بما أمره الله أن ينتهي عنه في نهار صومه؛ فالصيام هو فرصة عظيمة للتطهير والتنقية والتصفية، والمراجعة للنفس، وللأقوال، والأفعال، وللحركات والسكون أيضا.
- إن رمضان يعني للمسلم كل شيء؛ لأنه معنى سامٍ للفضائل، والأخلاق، والسلوك، والأعمال، والقيم، والكرائم عامة، التي جاء بها نبينا، وحث عليها رسولنا، وجاء يؤسسها هذا الشرع العظيم عموما.
- فماذا عن صيامنا وأثره فينا الذي رأس هدفه الأبرز والأسمى، والتشريع الأعظم منه تمامًا: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾، إنها التقوى ﴿لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾، نعم إنه تحقيق التقوى في نفوس العباد، فتخرج هذه التقوى من نفوسهم وقلوبهم وبواطنهم إلى مجتمعاتهم، إلى أفعالهم، إلى أقوالهم، إلى حركاتهم، إلى سكناتهم، إلى كل شيء فيهم، فيكون أثرها عليهم جميعًا وعلى المجتمع بأكمله عموما.
- ألا فإن الإسلام لا يقبل من مسلم أجاع بطنه عن الطعام، وعن الشراب، وعصم شهوته من جماع زوجته، ومن ارتكاب أي شيء من الفواحش عامة، ثم إذا هو يرتكب فواحش الأخلاق ويجتنيها، وتسوء أفعاله وأقواله دون ضبط لها، ولهذا فإن معنى التقوى أوسع وأشمل وأكبر مما يتخيل المسلم، فكان هدف الصيام هو تحقيق التقوى في نفوس الصائمين قال رب العالمين: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾ نعم لتنغرس التقوى في قلوبكم، وتخرج الثمرة منها إلى أفعالكم، وأعمالكم، ومنطقكم، ولكل شيء في واقع حياتكم سواء كان المسلم في عمله، أو كان في وظيفته، كان في بيته، كان في متجره، كان في سوقه، كان مع الآخرين عامة فواجبه أن يغيره الصيام أيما تغيير، ولا يكون بعد صومه كما كان عليه قبل صومه.
- ولهذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد رَبَّى القائم على إن سابه أحد أو شاتمه أو ارتكب شيئًا من حماقاته عليه سواء في الأقوال والأفعال،
أن يرد عليه بمعنى أسمى وأعلى وأجل وأفضل، لا ضعفًا، ولا استكانة، ولا خوفًا، ولا جبنًا، بل تربية، بل تنقية، بل تهذيبًا، بل تصفية: "ومن يتصبر يصبره الله"، وأيضًا ومن يتعلم الحلم فإن الله يجعل حليمًا، يجعله حكيمًا…
- فكل شيء يحتاج إلى ضبط، وإن أعظم وأسمى ذلك الضبط وفي مقدمته هو ضبط السلوك مع الخلق، ولا يكفي استقامت الأعمال مع الخالق، بينما يبقي سلوكه عفنًا مع الخلق… ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يصخب، ولا يجهل، وإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم"، بمعنى فلا يصدر عنه ومنه الشتائم والقبائح السيئة، والأعمال الشنيعة، لا يصدر عنه شيئًا من ذلك البتة، بل هو مستقيم في لسانه، مستقيم في أفعاله، مستقيم في حركاته وسكناته، بل هو متقٍ لربه في صومه، يراقب الله عز وجل فيما صوّم نفسه لأجله تبارك وتعالى.
- وبالتالي يحقق الصائم بذلك معنى الصيام أولاً في نفسه، فلا يرفث، ولا يفسق، ولا يجهل، ولا يصخب، فإذا سابه أحد أو شاتمه فإنه يظل صامداً فلا تنهار نفسه أبدًا لأنه عمل بحديث نبيه صلى الله عليه وسلم بأنه لم يرفث، ولم يصخب، ولم يجهل، ولم يأتِ لا بسوء قول ولا بفحش فعل، لا في بيته، ولا في سوقه، ولا في عمله، ولا في مجتمعه، ولا في أي شيء من ذلك البتة.
- وبالتالي فإن اعترض عليه أحد بسوء أخلاق، "فإن سابه أحد أو شاتمه فبمباشرة يرد علبه بالحسنى، وبتوجيهات الحبيب صلى الله عليه وسلم صاحب المُثُل الأعلى: "إني صائم" فلا أرد عليك، بل عندي معنى أسمى، عندي مدرسة كبرى، عندي تهذيب شامل وكامل للسان، وضبط للحركات والسكون، والأفعال، وبالتالي لا ينطلق مني سوء الأفعال، والأقوال؛ لأنه عرف معنى الصيام حق المعرفة.
- ولهذا النبي عليه الصلاة والسلام قد أوضح للأمة معنى أشد وأبلغ، وأعظم وأخطر حيث قال: "من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"، فهذا صام عن ما أحل الله من طعام وشراب، وأفطر على ما حرم الله من معاصٍ، وسبابٍ، وشتائم، وقذائف، وقل ما شئت من سوء الأعمال، بل ليس كا أفطر بها الأفعال وفقط، أو الأقوال وفقط، بل سوء الأعمال بل سوء الحركات، بل سوء سكونه، بل سوء حتى منامه أن ينام عن صلاته، أن ينام عن واجباته، أن ينام عن عمله، أن ينام عما يجب عليه أن يقوم به؛ لأن الصوم لا يمنع المسلم من أن يمارس الحياة عامةً، بل يمارسها مع ممارسته للصيام. وإن لم يكن ممارسًا لها، فمتى سيتعلم من الصيام من صومه فيهذب به لسانه وأفعاله إذا كان نائمًا في بيته ينام من الفجر، إن لم يكن من السحور. دون صلاة للفجر، ثم يستيقظ عصرًا ليذهب يبحث عن ما يملي بطنه وقت الإفطار، فلا معنى الصيام تحقق فيه، ولا القيام أثمر فيه، ولا أي شيء من رمضان كان له وعليه، فهو بعيد كل البعد عن معنى الصيام، الذي شعاره الأبرز، وهدفه الأسمى، تحقيق التقوى في نفوس العباد.﴿لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾.
أي تقوى سينالها مسلم اتخذ الصيام رمضان وشعبان سواء. رمضان وشوال سواء، لا فرق عنده بين الشهور والأيام. فرمضان يوم من الأيام، وأيضًا شعبان من الأيام، وشهر من الشهور. لا يبالي في أي يوم هو جعل يوم صومه ويوم فطره سواءٌ. في لسانه، في أقواله، في أفعاله، في كل شيءٍ منه. أوصام، هذا لم يصم وإن زعم ذلك.
- ولهذا يرى كثير من الفقهاء والصحابة أن من أفطر بأمر معنوي، مثل سبٍ وشتمٍ وغيبةٍ ونميمةٍ، وفعل الحرام أيًا كان، فقد أفطر عمدًا في نهار رمضان، وهو مذهب أبي هريرة، وجابر بن عبدالله، وعائشة رضي الله عنهم، وكثير من الصحابة، وهو مذهب الأئمة الظاهرية، يرون جميعًا وغيرهم كثير يرون أن كل ما يناقض الصوم من حركات وأفعال وأقوال فهي مبطلة له؛ استدلالًا بقوله صلى الله عليه وسلم: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة من أن يدع طعامه وشرابه"، وغيره، وهو حديث صريح رواه الإمام البخاري في صحيحه.
- بل ورد عند غير البخاري في حديث صححه كثير من الحفاظ أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذُكر له أن امرأةً تكثر الصيام لكن تؤذي جيرانها بلسانها أي بذيئة اللسان، سليطة اللسان، قبيحة الأقوال، سيئة الأفعال، فقال: "هي في النار، هي في النار" مع أنها تصوم لكنه تجويع للبطن دون تحقق معنى الصيام في واقع الفعل.
- وهم كثير من الصائمين للأسف الشديد فيصدق عليهم قوله صلى الله عليه وسلم: "رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَش، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَر"، فماذا استفاد من صيامه وقد ساء فعله وقوله، أَيُحسب أن الصيام هو تجويع للبطن، ومنعها من الطعام والشراب، بينما يتسلط على الناس عامة يقول فيهم ما يشاء، ويدع ما يشاء، ينهش هذا بقذف، وهذا بسب، وهذا بشتم، وهذا بأخذ، وهذا بابتزاز، وهذا بنهب، وهذا بسلخ، وهذا بسرقة، وهذا بذاك، ثم هو صائم، أي صيام له؟ أي قيام له؟ أي تراويح لهذا؟ أي رمضان لهذا؟ ماذا استفاد من رمضان أصلا؟!.
- إنه مفلس أشد الإفلاس كما أخبر الحبيب صلى الله عليه وسلم: "إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة، وصيام، وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته ، قبل أن يقضى ما عليه أُخذ من خطاياهم فطُرحت عليه، ثم طُرح في النار".
- ألا لا معنى لظاهر الصيام إن لم تتأدب النفوس عن سوء الأفعال والأقوال بل وكل حرام، فمن صام في نهار رمضان عن الطعام والشراب ولم يصم لسانه من غيبة، ونميمة، وسب، وشتم، ولعن، وطعن، وهمز، ولمز، وسخرية، وقبح، ولم تصم يده من أذى، ونهب، وسرق، ورشوة، وغش…، ولم يصم قلبه من حقد وغلِّ، وحسد، وحقد، وكبر… ولم تصم كل جوارحه عن الحرام عامة فإن صيامه للبطلان أقرب، ومن العذاب ألصق وأحق: "رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَش، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَر"، و: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة من أن يدع طعامه وشرابه"…!.
- ما معنى حقيقة الصيام أيها الصائمون إن كان الصائم يصوم عن الأكل والشراب، ويجوع بطنه عن شهوة الطعام، ولكنَّه لا يصوم عن السباب والفحش وبذاءة اللسان، ولا يصوم عن غض البصر عن الحرام، ولا أذنه عن سماع الحرام، ولا يده عن تناول الحرام، ولا قدمه من أن تمشي للحرام…!.
- ولهذا ذكر الإمام ابن رجب الحنبلي عن بعض السلف: (أهون الصيام ترك الشراب والطعام)، ويقول: (فصيامنا هذا يحتاج إلى استغفار نافع، وعمل صالح له شافع، كم نخرق صيامنا بسهام الكلام ، ثمَّ نرقعه ، وقد اتسع الخرق على الراقع، والمقصود أنَّ من أراد الصوم الحقيقي فليحفظ الرأس وما حوى، والبطن وما وعى ، ويذكر الموت والبلى، ويريد الآخرة فيترك زينة الدنيا فهذا عيد فطره يوم لقاء ربه وفرحه برؤيته)، واشتهر قول جابر رضي الله عنه: (إذا صمت فليصم سمعك، وبصرك، ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى الجار، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء).
- إن أقل الصيام كما ذكر ابن رجب الحنبلي وابن حجر العسقلاني، وكثير من أئمة الإسلام، على أن أقل مرتبة للصيام وأدناها أن يصوم عن الطعام والشراب، إنها مرتبة يستطيعها الفساق الظلمة والمجرمون والفاسقون والعلمانيون والخارجون عن الإسلام أصلاً؛ إذ هم يصومون رمضان بمعنى التجويع عن الطعام والشراب لكن ماذا استفادوا؟ وماذا أفادوا؟ وماذا انتفعوا؟ وبماذا انتفعوا؟!.
- ألا فإن الصيام أسمى، إن الصيام أعلى، إن الصيام أكبر، إن الصيام أهم وأعظم؛ إنه يولد التقوى في القلب، ثم تنطلق نحو العمل، وهذا هو المراد بالصيام الحق الذي أراده الرب وغيره تجويع: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾…
أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ..
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:
- فإن الواجب علينا أن ندرك وأن نعي حق الوعي على أن رمضان أسمى وأكمل وأشمل مما نتصور، وأنه مدرسة إلهية ربانية يجب أن ندخل فيها ثم نخرج وقد تغيرت أقوالنا، وأفعالنا، وحركاتنا؛ لأن الصيام جامعة للفضائل، وتهذيب وتنقية للجوارح، وهو مغتسل طيب مبارك للبدن والقلب معًا، وللظاهر والباطن جميعًا يغتسل فيه العبد من ذنوبه وخطاياه تمامًا فمن دخل عليه رمضان، فقد قال عليه الصلاة والسلام: "ورمضان إلى رمضان كفّارات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر"، وأيضًا: "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدّم من ذنبه"، وأيضًا: "ومن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدّم من ذنبه"، وأيضًا: "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدّم من ذنبه"، وكلها أحاديث صحيحة تدل على أمر واحد هو أن رمضان مغتسل من الذنوب والمعاصي، مغتسل من هذه القبائح، مغتسل من أثقالها وأوزارها، مغتسل بكل معنى مغتسل وتنقية وتصفية للعبد من أدرانه عامة، حتى يخرج خفيفًا من رمضان من ذنوبه التي حملها طوال العام.
- لكن بقي الأمر الآخر، وهو الأخلاق، هو تهذيب النفس، هو تهذيب اللسان، هو تهذيب الأعمال، وتهذيب الصائم ليخرج من رمضان لا كما دخل إليه، بل يخرج من رمضان آخر تمامًا قد حقق الصيام، وحقق معنى الصيام، وحقق معنى القيام، ونفعه ذلك بكله أيما انتفاع والله يقول في كتابه: ﴿ إِنَّ الصَّلاةَ تَنهى عَنِ الفَحشاءِ وَالمُنكَرِ...﴾، وهكذا كل العبادات عامة فهي تهذيب للأخلاق ومنها الصيام: ""فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يصخب، ولا يجهل، وإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم"، "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة من أن يدع طعامه وشرابه"…، وفي الحج قال: ﴿الحَجُّ أَشهُرٌ مَعلوماتٌ فَمَن فَرَضَ فيهِنَّ الحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسوقَ وَلا جِدالَ فِي الحَجِّ﴾، وفي الزكاة قال: ﴿خُذ مِن أَموالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكّيهِم بِها﴾، فهي طهارة وهكذا كل العبادات عامة لا أركان الإسلام الخمسة وحدها… بل كل العبادات فثمرتها التهذيب والتنقية والتصفية للمسلم.
- وإذا لم تكن هذه التنقية والتصفية في رمضان فمتى وقد اجتمعت العبادات أو أغلبها فلعله دخل المسجد في رمضان ولزمع، وقرأ القرآن فيه وأكثر منه وتصدق، وذكر الله جل جلاله وقام الليل وفعل الأفعال الطيبة عامة، وحرص على شيء من الخير والاستماع للذكر وقراءة القرآن، إن لم يكن له الصاحب الأكبر فعلى الأقل كان له مصحف أو ما يقرب منه لكن بقيت التنقية والتصفية التي هي الثمرة أين هي…!.
- فهل ربته صالحاته وأعماله وجعل هذه الأعمال الصالحة مدرسة ومزرعة له لينطلق بها في كل السنة؟ لتضرب جذور شجرة رمضان في القلب وفي الأعمال والأقوال على مدار العام، وذلك العبد يزرعها بصلاته اليومية، فهو لا زال يتعاهد هذه الشجرة الرمضانية التي تبث في كل العام، بسبب أنه حقق معنى الصيام كما أراد ربنا جل وعلا…
- أما إذا لم يكن كذلك، إنما جاع بطنه وصان فرجه ومنعها من زوجته وأهله، فذلك لم يحقق معنى الصيام الذي يريده الإسلام.
- فواجبنا على أن نعلم أن الصيام أعظم وأسمى في ديننا، وأن هدفه الأبرز والأعظم هو التقوى. ثم ماذا بعد التقوى؟ قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَسارِعوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّماواتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقينَ﴾ والصيام يحقق التقوى ومعناه الدخول إلى جنة المأوى: ﴿تِلكَ الجَنَّةُ الَّتي نورِثُ مِن عِبادِنا مَن كانَ تَقِيًّا﴾ ﴿ثُمَّ نُنَجِّي الَّذينَ اتَّقَوا وَنَذَرُ الظّالِمينَ فيها جِثِيًّا﴾،
- ألا فلنكن على قدر هذه الجنة التي تتطلب منا مطالب أسمى وأكبر، ومنها الصيام كما يريده الإسلام وثمرته التقوى التي تحدث عنها المولى جل وعلا…
- صلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الرسمي الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص الاحتياطي فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty3
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.com
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر (إكس):*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص تليجرام:*
https://t.me/alsoty
*❈- مجموعة #يستفتونك اطرح سؤال تليجرام:*
https://t.me/alsoty11
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
من أروع خطب الشيخ.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ على تليجرام: 👇
https://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik/19590
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير المكلا / 14/ رمضان /1446هـ ↶
👤ـ للشيخ/عبدالله رفيق السوطي.
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
- فنحن في مدرسة رمضان التربوية الأخلاقية، وفي جامعة رمضان الإيمانية، وفي دورة متكاملة شاملة تربوية وتدريبية اسمها "رمضان"، وإن كانت المدة قصيرة ويسيرة، لكن لما عظم المشرع فيها جل وعلا كانت عظيمة النفع للناس عامة، كانت تترك أثرًا في الأعمال، وتترك أثرًا في الجوارح، وتترك أثرًا في الأركان، وتترك أثرًا في المجتمع بأكمله.
- إنها مدرسة ربانية لا إنسانية ولا بشرية، بل هي مدرسة من رب العالمين جل جلاله، قصُرت مدتها لكن عظم نفعها؛ لأنها مدرسة رب العالمين سبحانه وتعالى، وحُق لها أن تعظُم، وحُق لها أن يكون فيها النفع والدفع والرفع للمسلم، حتى يكون مسلمًا متمسكًا بدينه، كما أنه متمسك بما أمره الله أن ينتهي عنه في نهار صومه؛ فالصيام هو فرصة عظيمة للتطهير والتنقية والتصفية، والمراجعة للنفس، وللأقوال، والأفعال، وللحركات والسكون أيضا.
- إن رمضان يعني للمسلم كل شيء؛ لأنه معنى سامٍ للفضائل، والأخلاق، والسلوك، والأعمال، والقيم، والكرائم عامة، التي جاء بها نبينا، وحث عليها رسولنا، وجاء يؤسسها هذا الشرع العظيم عموما.
- فماذا عن صيامنا وأثره فينا الذي رأس هدفه الأبرز والأسمى، والتشريع الأعظم منه تمامًا: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾، إنها التقوى ﴿لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾، نعم إنه تحقيق التقوى في نفوس العباد، فتخرج هذه التقوى من نفوسهم وقلوبهم وبواطنهم إلى مجتمعاتهم، إلى أفعالهم، إلى أقوالهم، إلى حركاتهم، إلى سكناتهم، إلى كل شيء فيهم، فيكون أثرها عليهم جميعًا وعلى المجتمع بأكمله عموما.
- ألا فإن الإسلام لا يقبل من مسلم أجاع بطنه عن الطعام، وعن الشراب، وعصم شهوته من جماع زوجته، ومن ارتكاب أي شيء من الفواحش عامة، ثم إذا هو يرتكب فواحش الأخلاق ويجتنيها، وتسوء أفعاله وأقواله دون ضبط لها، ولهذا فإن معنى التقوى أوسع وأشمل وأكبر مما يتخيل المسلم، فكان هدف الصيام هو تحقيق التقوى في نفوس الصائمين قال رب العالمين: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾ نعم لتنغرس التقوى في قلوبكم، وتخرج الثمرة منها إلى أفعالكم، وأعمالكم، ومنطقكم، ولكل شيء في واقع حياتكم سواء كان المسلم في عمله، أو كان في وظيفته، كان في بيته، كان في متجره، كان في سوقه، كان مع الآخرين عامة فواجبه أن يغيره الصيام أيما تغيير، ولا يكون بعد صومه كما كان عليه قبل صومه.
- ولهذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد رَبَّى القائم على إن سابه أحد أو شاتمه أو ارتكب شيئًا من حماقاته عليه سواء في الأقوال والأفعال،
أن يرد عليه بمعنى أسمى وأعلى وأجل وأفضل، لا ضعفًا، ولا استكانة، ولا خوفًا، ولا جبنًا، بل تربية، بل تنقية، بل تهذيبًا، بل تصفية: "ومن يتصبر يصبره الله"، وأيضًا ومن يتعلم الحلم فإن الله يجعل حليمًا، يجعله حكيمًا…
- فكل شيء يحتاج إلى ضبط، وإن أعظم وأسمى ذلك الضبط وفي مقدمته هو ضبط السلوك مع الخلق، ولا يكفي استقامت الأعمال مع الخالق، بينما يبقي سلوكه عفنًا مع الخلق… ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يصخب، ولا يجهل، وإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم"، بمعنى فلا يصدر عنه ومنه الشتائم والقبائح السيئة، والأعمال الشنيعة، لا يصدر عنه شيئًا من ذلك البتة، بل هو مستقيم في لسانه، مستقيم في أفعاله، مستقيم في حركاته وسكناته، بل هو متقٍ لربه في صومه، يراقب الله عز وجل فيما صوّم نفسه لأجله تبارك وتعالى.
- وبالتالي يحقق الصائم بذلك معنى الصيام أولاً في نفسه، فلا يرفث، ولا يفسق، ولا يجهل، ولا يصخب، فإذا سابه أحد أو شاتمه فإنه يظل صامداً فلا تنهار نفسه أبدًا لأنه عمل بحديث نبيه صلى الله عليه وسلم بأنه لم يرفث، ولم يصخب، ولم يجهل، ولم يأتِ لا بسوء قول ولا بفحش فعل، لا في بيته، ولا في سوقه، ولا في عمله، ولا في مجتمعه، ولا في أي شيء من ذلك البتة.
- وبالتالي فإن اعترض عليه أحد بسوء أخلاق، "فإن سابه أحد أو شاتمه فبمباشرة يرد علبه بالحسنى، وبتوجيهات الحبيب صلى الله عليه وسلم صاحب المُثُل الأعلى: "إني صائم" فلا أرد عليك، بل عندي معنى أسمى، عندي مدرسة كبرى، عندي تهذيب شامل وكامل للسان، وضبط للحركات والسكون، والأفعال، وبالتالي لا ينطلق مني سوء الأفعال، والأقوال؛ لأنه عرف معنى الصيام حق المعرفة.
- ولهذا النبي عليه الصلاة والسلام قد أوضح للأمة معنى أشد وأبلغ، وأعظم وأخطر حيث قال: "من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"، فهذا صام عن ما أحل الله من طعام وشراب، وأفطر على ما حرم الله من معاصٍ، وسبابٍ، وشتائم، وقذائف، وقل ما شئت من سوء الأعمال، بل ليس كا أفطر بها الأفعال وفقط، أو الأقوال وفقط، بل سوء الأعمال بل سوء الحركات، بل سوء سكونه، بل سوء حتى منامه أن ينام عن صلاته، أن ينام عن واجباته، أن ينام عن عمله، أن ينام عما يجب عليه أن يقوم به؛ لأن الصوم لا يمنع المسلم من أن يمارس الحياة عامةً، بل يمارسها مع ممارسته للصيام. وإن لم يكن ممارسًا لها، فمتى سيتعلم من الصيام من صومه فيهذب به لسانه وأفعاله إذا كان نائمًا في بيته ينام من الفجر، إن لم يكن من السحور. دون صلاة للفجر، ثم يستيقظ عصرًا ليذهب يبحث عن ما يملي بطنه وقت الإفطار، فلا معنى الصيام تحقق فيه، ولا القيام أثمر فيه، ولا أي شيء من رمضان كان له وعليه، فهو بعيد كل البعد عن معنى الصيام، الذي شعاره الأبرز، وهدفه الأسمى، تحقيق التقوى في نفوس العباد.﴿لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾.
أي تقوى سينالها مسلم اتخذ الصيام رمضان وشعبان سواء. رمضان وشوال سواء، لا فرق عنده بين الشهور والأيام. فرمضان يوم من الأيام، وأيضًا شعبان من الأيام، وشهر من الشهور. لا يبالي في أي يوم هو جعل يوم صومه ويوم فطره سواءٌ. في لسانه، في أقواله، في أفعاله، في كل شيءٍ منه. أوصام، هذا لم يصم وإن زعم ذلك.
- ولهذا يرى كثير من الفقهاء والصحابة أن من أفطر بأمر معنوي، مثل سبٍ وشتمٍ وغيبةٍ ونميمةٍ، وفعل الحرام أيًا كان، فقد أفطر عمدًا في نهار رمضان، وهو مذهب أبي هريرة، وجابر بن عبدالله، وعائشة رضي الله عنهم، وكثير من الصحابة، وهو مذهب الأئمة الظاهرية، يرون جميعًا وغيرهم كثير يرون أن كل ما يناقض الصوم من حركات وأفعال وأقوال فهي مبطلة له؛ استدلالًا بقوله صلى الله عليه وسلم: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة من أن يدع طعامه وشرابه"، وغيره، وهو حديث صريح رواه الإمام البخاري في صحيحه.
- بل ورد عند غير البخاري في حديث صححه كثير من الحفاظ أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذُكر له أن امرأةً تكثر الصيام لكن تؤذي جيرانها بلسانها أي بذيئة اللسان، سليطة اللسان، قبيحة الأقوال، سيئة الأفعال، فقال: "هي في النار، هي في النار" مع أنها تصوم لكنه تجويع للبطن دون تحقق معنى الصيام في واقع الفعل.
- وهم كثير من الصائمين للأسف الشديد فيصدق عليهم قوله صلى الله عليه وسلم: "رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَش، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَر"، فماذا استفاد من صيامه وقد ساء فعله وقوله، أَيُحسب أن الصيام هو تجويع للبطن، ومنعها من الطعام والشراب، بينما يتسلط على الناس عامة يقول فيهم ما يشاء، ويدع ما يشاء، ينهش هذا بقذف، وهذا بسب، وهذا بشتم، وهذا بأخذ، وهذا بابتزاز، وهذا بنهب، وهذا بسلخ، وهذا بسرقة، وهذا بذاك، ثم هو صائم، أي صيام له؟ أي قيام له؟ أي تراويح لهذا؟ أي رمضان لهذا؟ ماذا استفاد من رمضان أصلا؟!.
- إنه مفلس أشد الإفلاس كما أخبر الحبيب صلى الله عليه وسلم: "إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة، وصيام، وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته ، قبل أن يقضى ما عليه أُخذ من خطاياهم فطُرحت عليه، ثم طُرح في النار".
- ألا لا معنى لظاهر الصيام إن لم تتأدب النفوس عن سوء الأفعال والأقوال بل وكل حرام، فمن صام في نهار رمضان عن الطعام والشراب ولم يصم لسانه من غيبة، ونميمة، وسب، وشتم، ولعن، وطعن، وهمز، ولمز، وسخرية، وقبح، ولم تصم يده من أذى، ونهب، وسرق، ورشوة، وغش…، ولم يصم قلبه من حقد وغلِّ، وحسد، وحقد، وكبر… ولم تصم كل جوارحه عن الحرام عامة فإن صيامه للبطلان أقرب، ومن العذاب ألصق وأحق: "رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَش، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَر"، و: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة من أن يدع طعامه وشرابه"…!.
- ما معنى حقيقة الصيام أيها الصائمون إن كان الصائم يصوم عن الأكل والشراب، ويجوع بطنه عن شهوة الطعام، ولكنَّه لا يصوم عن السباب والفحش وبذاءة اللسان، ولا يصوم عن غض البصر عن الحرام، ولا أذنه عن سماع الحرام، ولا يده عن تناول الحرام، ولا قدمه من أن تمشي للحرام…!.
- ولهذا ذكر الإمام ابن رجب الحنبلي عن بعض السلف: (أهون الصيام ترك الشراب والطعام)، ويقول: (فصيامنا هذا يحتاج إلى استغفار نافع، وعمل صالح له شافع، كم نخرق صيامنا بسهام الكلام ، ثمَّ نرقعه ، وقد اتسع الخرق على الراقع، والمقصود أنَّ من أراد الصوم الحقيقي فليحفظ الرأس وما حوى، والبطن وما وعى ، ويذكر الموت والبلى، ويريد الآخرة فيترك زينة الدنيا فهذا عيد فطره يوم لقاء ربه وفرحه برؤيته)، واشتهر قول جابر رضي الله عنه: (إذا صمت فليصم سمعك، وبصرك، ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى الجار، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء).
- إن أقل الصيام كما ذكر ابن رجب الحنبلي وابن حجر العسقلاني، وكثير من أئمة الإسلام، على أن أقل مرتبة للصيام وأدناها أن يصوم عن الطعام والشراب، إنها مرتبة يستطيعها الفساق الظلمة والمجرمون والفاسقون والعلمانيون والخارجون عن الإسلام أصلاً؛ إذ هم يصومون رمضان بمعنى التجويع عن الطعام والشراب لكن ماذا استفادوا؟ وماذا أفادوا؟ وماذا انتفعوا؟ وبماذا انتفعوا؟!.
- ألا فإن الصيام أسمى، إن الصيام أعلى، إن الصيام أكبر، إن الصيام أهم وأعظم؛ إنه يولد التقوى في القلب، ثم تنطلق نحو العمل، وهذا هو المراد بالصيام الحق الذي أراده الرب وغيره تجويع: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾…
أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ..
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:
- فإن الواجب علينا أن ندرك وأن نعي حق الوعي على أن رمضان أسمى وأكمل وأشمل مما نتصور، وأنه مدرسة إلهية ربانية يجب أن ندخل فيها ثم نخرج وقد تغيرت أقوالنا، وأفعالنا، وحركاتنا؛ لأن الصيام جامعة للفضائل، وتهذيب وتنقية للجوارح، وهو مغتسل طيب مبارك للبدن والقلب معًا، وللظاهر والباطن جميعًا يغتسل فيه العبد من ذنوبه وخطاياه تمامًا فمن دخل عليه رمضان، فقد قال عليه الصلاة والسلام: "ورمضان إلى رمضان كفّارات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر"، وأيضًا: "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدّم من ذنبه"، وأيضًا: "ومن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدّم من ذنبه"، وأيضًا: "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدّم من ذنبه"، وكلها أحاديث صحيحة تدل على أمر واحد هو أن رمضان مغتسل من الذنوب والمعاصي، مغتسل من هذه القبائح، مغتسل من أثقالها وأوزارها، مغتسل بكل معنى مغتسل وتنقية وتصفية للعبد من أدرانه عامة، حتى يخرج خفيفًا من رمضان من ذنوبه التي حملها طوال العام.
- لكن بقي الأمر الآخر، وهو الأخلاق، هو تهذيب النفس، هو تهذيب اللسان، هو تهذيب الأعمال، وتهذيب الصائم ليخرج من رمضان لا كما دخل إليه، بل يخرج من رمضان آخر تمامًا قد حقق الصيام، وحقق معنى الصيام، وحقق معنى القيام، ونفعه ذلك بكله أيما انتفاع والله يقول في كتابه: ﴿ إِنَّ الصَّلاةَ تَنهى عَنِ الفَحشاءِ وَالمُنكَرِ...﴾، وهكذا كل العبادات عامة فهي تهذيب للأخلاق ومنها الصيام: ""فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يصخب، ولا يجهل، وإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم"، "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة من أن يدع طعامه وشرابه"…، وفي الحج قال: ﴿الحَجُّ أَشهُرٌ مَعلوماتٌ فَمَن فَرَضَ فيهِنَّ الحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسوقَ وَلا جِدالَ فِي الحَجِّ﴾، وفي الزكاة قال: ﴿خُذ مِن أَموالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكّيهِم بِها﴾، فهي طهارة وهكذا كل العبادات عامة لا أركان الإسلام الخمسة وحدها… بل كل العبادات فثمرتها التهذيب والتنقية والتصفية للمسلم.
- وإذا لم تكن هذه التنقية والتصفية في رمضان فمتى وقد اجتمعت العبادات أو أغلبها فلعله دخل المسجد في رمضان ولزمع، وقرأ القرآن فيه وأكثر منه وتصدق، وذكر الله جل جلاله وقام الليل وفعل الأفعال الطيبة عامة، وحرص على شيء من الخير والاستماع للذكر وقراءة القرآن، إن لم يكن له الصاحب الأكبر فعلى الأقل كان له مصحف أو ما يقرب منه لكن بقيت التنقية والتصفية التي هي الثمرة أين هي…!.
- فهل ربته صالحاته وأعماله وجعل هذه الأعمال الصالحة مدرسة ومزرعة له لينطلق بها في كل السنة؟ لتضرب جذور شجرة رمضان في القلب وفي الأعمال والأقوال على مدار العام، وذلك العبد يزرعها بصلاته اليومية، فهو لا زال يتعاهد هذه الشجرة الرمضانية التي تبث في كل العام، بسبب أنه حقق معنى الصيام كما أراد ربنا جل وعلا…
- أما إذا لم يكن كذلك، إنما جاع بطنه وصان فرجه ومنعها من زوجته وأهله، فذلك لم يحقق معنى الصيام الذي يريده الإسلام.
- فواجبنا على أن نعلم أن الصيام أعظم وأسمى في ديننا، وأن هدفه الأبرز والأعظم هو التقوى. ثم ماذا بعد التقوى؟ قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَسارِعوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّماواتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقينَ﴾ والصيام يحقق التقوى ومعناه الدخول إلى جنة المأوى: ﴿تِلكَ الجَنَّةُ الَّتي نورِثُ مِن عِبادِنا مَن كانَ تَقِيًّا﴾ ﴿ثُمَّ نُنَجِّي الَّذينَ اتَّقَوا وَنَذَرُ الظّالِمينَ فيها جِثِيًّا﴾،
- ألا فلنكن على قدر هذه الجنة التي تتطلب منا مطالب أسمى وأكبر، ومنها الصيام كما يريده الإسلام وثمرته التقوى التي تحدث عنها المولى جل وعلا…
- صلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الرسمي الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص الاحتياطي فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty3
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.com
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر (إكس):*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص تليجرام:*
https://t.me/alsoty
*❈- مجموعة #يستفتونك اطرح سؤال تليجرام:*
https://t.me/alsoty11
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A ...المزيد
*موقف المسلم من وسائل التواصل والإعلام في رمضان* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو ...
*موقف المسلم من وسائل التواصل والإعلام في رمضان*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ على تليجرام: 👇
https://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik/19463
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير فلك / المكلا / 7/رمضان/1446هـ ↶
👤ـ للشيخ/عبدالله رفيق السوطي.
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
- فهناك فتن كثيرة، وشهوات عديدة، ومدلّهمات هنا وهناك تعترض المسلم في كل لحظة؛ ليتحقق ذلك البلاء الذي جعله الله سنة الحياة، لينتقل بالناس من دنيا فانية إلى جنة باقية، أو ينتقل بالناس من شهوات زائلة إلى نار خالدة، فهو مخيّر في هذه الدنيا بالسير في هذين الطريقين، وفي هذين السبيلين، مع أن صراط الله سبحانه وتعالى أوضح من الواضح، وأبين من البين قال الله فيه: ﴿وَأَنَّ هذا صِراطي مُستَقيمًا فَاتَّبِعوهُ...﴾، فبيّن تعالى أن صراطه واحد مستقيم غير معوج، بينما قال في الباطل الذي يعارض الحق وطريق الله عمومًا: ﴿وَأَنَّ هذا صِراطي مُستَقيمًا فَاتَّبِعوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُم عَن سَبيلِهِ...﴾، فهو طريق للحق واحد، وهناك طرق متشعبة، وضلالات وأهواء كثيرة، فالمسلم واقع بين طريق الله سبحانه وتعالى بكامل رضاه، أو على غير ذلك بأن يتجه إلى سخط الله سبحانه وتعالى، ثم ماذا قال الله سبحانه وتعالى في محكم التنزيل: ﴿وَيَستَخلِفَكُم فِي الأَرضِ فَيَنظُرَ كَيفَ تَعمَلونَ﴾.
- فمن أهداف الاستخلاف في الأرض هو النظر لذلك الإنسان، أما أن يعمل في هذه الحياة الدنيا وفق الطريق المستقيم الذي حدده الله عز وجل، أو أن يعمل على غير هذا السبيل، فيضل عن هذا الصراط، ويبتعد كثيرًا، وبالتالي فهناك في الآخرة الجزاء، وإن كان الجزاء في الدنيا أيضًا بالسعادة والاطمئنان والارتياح الذي يجده المؤمن، ولا يجده كثير من غير هذا المؤمن: ﴿مَن عَمِلَ صالِحًا مِن ذَكَرٍ أَو أُنثى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلَنُحيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجزِيَنَّهُم أَجرَهُم بِأَحسَنِ ما كانوا يَعمَلونَ﴾، ﴿وَمَن أَعرَضَ عَن ذِكري فَإِنَّ لَهُ مَعيشَةً ضَنكًا وَنَحشُرُهُ يَومَ القِيامَةِ أَعمى}، فهو في الدنيا في شقاء، وفي الآخرة في شقاء، إن رأى في الدنيا سلوى وحبوة وشهوة، لكنه في الآخرة في عذاب دائم: ﴿خالِدينَ فيها أَبَدًا﴾، ﴿لابِثينَ فيها أَحقابًا﴾…
- فالقصد النظر لعمل ذلك المسلم إما أن يوافق الصراط الذي ارتضاه الله له فيدخل بذلك الجنة، أو على غير ذلك وهو أخبر وأبصر: ﴿بَلِ الإِنسانُ عَلى نَفسِهِ بَصيرَةٌ﴾، والله جعل له عقلًا وميزه به من بين سائر المخلوقات، وجعل له غيبيات، وجعل له شهوات محسوسات ملموسات، فهو إن اختار الملموس، وترك ذلك الشيء غير الملموس في الدنيا، الذي يعده الله عز وجل له، فهو مخير بين ذلك: ﴿فَمَن شاءَ فَليُؤمِن وَمَن شاءَ فَليَكفُر...﴾. فإما النجاة، وإما طريق الخسارة.﴿فَمَن زُحزِحَ عَنِ النّارِ وَأُدخِلَ الجَنَّةَ فَقَد فازَ...﴾. هنا الفوز، هنا الربح الحقيقي، هنا المفلح اليقيني، فإما مؤمن يسعد، أو غير ذلك فيشقى للأبد وهو الذي ارتضى بشهوات عابرة، ولحظات يسيرة، ثم زالت عنه وذبلت، وتعذب وبعد ذلك سنوات غير محصية: ﴿خالِدينَ فيها أَبَدًا﴾. و﴿لابِثينَ فيها أَحقابًا﴾…!.
- فالجنة ثمنها عظيم، ثمنها محاربة الشهوات والملذات، والأهواء، ورغبات الشر، والبعد عن الخير، وهذا من الابتلاء الذي جعله الله سبحانه وتعالى في الدنيا ليقفز بالعبد نحو الآخرة، ويستحق بالنجاح فيه الجنة الخالدة: ﴿لِيَبلُوَكُم أَيُّكُم أَحسَنُ عَمَلًا﴾، ﴿لَيَبلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيءٍ مِنَ الصَّيدِ تَنالُهُ أَيديكُم وَرِماحُكُم لِيَعلَمَ اللَّهُ مَن يَخافُهُ بِالغَيبِ...﴾، إنه بلاء جد بلاء ذلك الذي كان بعيدًا عنهم في غير هذا الوقت المحرم عليهم وهم محرومون إذ هو قريب منهم؛ ليبتليهم وليختبرهم، لينظر الصادق من الكاذب، ومن اختار رضا الله ممن اختار شهوة نفسه ولحظة هوى عابرة له: ﴿لِيَعلَمَ اللَّهُ مَن يَخافُهُ بِالغَيبِ...﴾.
- وإننا في شهر الله عز وجل، الذي خفف فيه من البلاء ما خفف؛ فنرى أن الشياطين مصفدة، وأن الجنة مفتحة، وأبواب السماء مشرعة، والخيرات فيه متعددة أيضًا ومهيأة، والحسنات مضاعفة، والفرصة ممنوحة، وحتى النفوس البشرية صفت نوعًا ما، فمن تراه مستحيًا من المسجد في يوم من الأيام في غير هذا الشهر، ففي هذا الشهر لعله على أقل أحواله يدخل لصلاة جماعة واحدة، وإن لم يجلس في المسجد أو لم يرَ أصحاب المسجد، فإن الوجوه الجديدة التي يراها، والقلوب المفعلة للخير تريد الله والدار الآخرة، حتى النفوس العصية الأبية عن ربها جل جلاله مقبلة عليه في هذا الشهر المبارك… حتى وإن كان قد ترك الصلاة، أو اغتاب، أو شتم… فإن الصيام عنده مقدس، ورمضان عنده مبجل، لأن الله سبحانه وتعالى أراد لهذه السنة الشرعية أن تتغلب على سنن كثيرة كونية، فصفّد فيه مردة الشياطين، وفتّح فيه أبواب الجنان، وغلق فيه أبواب النيران، وجعل النفوس مقبلة على الرحمن: ﴿لِيَبلُوَكُم أَيُّكُم أَحسَنُ عَمَلًا﴾.
- لكن أمام ذلك كله لا زالت الفتن والمحن في أصلها على ما هي عليه، وتعترض له بين حين وحين، وإن كانت أخف من جهات عدة، لكن هناك بشر يأبون الله ويسره جل وعلا، نعم هناك بشر يعملون ضد الله، هناك بشر يحاربون الله، وهناك أناس يصدون عن سبيل الله: ﴿الَّذينَ يَصُدّونَ عَن سَبيلِ اللَّهِ وَيَبغونَها عِوَجًا﴾، انظر: ﴿وَيَبغونَها عِوَجًا﴾، وفوق ذلك: ﴿وَهُم يَحسَبونَ أَنَّهُم يُحسِنونَ صُنعًا﴾، ﴿ وَيَحسَبونَ أَنَّهُم مُهتَدونَ﴾،﴿الَّذينَ ضَلَّ سَعيُهُم فِي الحَياةِ الدُّنيا وَهُم يَحسَبونَ أَنَّهُم يُحسِنونَ صُنعًا﴾، إن لم يقل أحد: "أنا أهدى منك، وأفضل منك، وأحسن منك، وأكثر استقامة من استقامتك، وطاعة من طاعتك"، ومن هذه الهرطقات التي نسمعها منهم، لكنهم مع ذلك يسعون ليل نهار لإغواء الخلق، وإبعادهم عن طريق الله بكل إمكانية: ﴿وَاللَّهُ يُريدُ أَن يَتوبَ عَلَيكُم وَيُريدُ الَّذينَ يَتَّبِعونَ الشَّهَواتِ أَن تَميلوا مَيلًا عَظيمًا﴾، ويرفضون كل عرض من الله وفرص عظيمة يفتحها للعباد، ويستجيب الإنسان لها لأنا توافق ضعفه وفطرته للهوى: ﴿يُريدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُم وَخُلِقَ الإِنسانُ ضَعيفًا﴾…
- إننا نجد هذه الفتن والمغريات التي تتكالب على المسلم من كل ناحية، تناديه، وتجذبه، وتسعى إليه، وتعرض نفسها عليه بأجمل الحلل، وبأموال طائلة أنفقت عليها لتحبب نفسها إليه، وترغبه فيها: ﴿يُنفِقونَ أَموالَهُم لِيَصُدّوا عَن سَبيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقونَها ثُمَّ تَكونُ عَلَيهِم حَسرَةً ثُمَّ يُغلَبونَ...﴾ فهم خاسرون في الأول والأخير رغم محاولاتهم البائسة لصد المؤمن عن الله والدار الآخرة.
- وها نحن في شهر رمضان ومع تصفيد مردة الشيطان فيه لكن هناك نواب كثير للشيطان الرجيم، هناك سراق متعددون يكثرون في هذا الشهر الكريم، هناك أناس أرادوا أن ينهبوا عن الشهر مكرمته وخيريته، وما فيه من فضائل أعدها رب العالمين؛ من أجل أن يقترب العباد إليه جل جلاله، لكن يأبى هؤلاء إلا أن يُصِدوا الناس عن طريق الله، وعن هدى الله، وعن هذا الخير الذي أراده الله، فنجد البشر، وما أكثرهم! وما أكثر هؤلاء، إنهم كثير جد كثير، ويصدون عن طريق الله.
- فما موقف المسلم من هؤلاء وما يعرضون لإغواء الناس عن طريق الله جل وعلا… هل يدافع، يقاطع، يخاصم، يبتعد، يجاهد، أم يقع في هذا الشباك الخطير الذي يحترم حتى الشيطان هذا الشهر، وكثير من الناس، لا يحترمونه؛ إذ نرى مسلسلات، وقنوات، ومنشورات، ورسائل، وأخبار، وقل ما شئت من صوارف الناس عن الله، وعن الدار الآخرة، وابتغاء غير سبيله، وغير طريقه، ورفع رايات شيطانية تريد من المسلم أن يأتي إليها، وينفقوا أموالًا طائلة عليها، لأجل أن يقذفوا الناس فيها طوعًا وكرهًا، بل لأشهر لسنوات يعدون ويجهزون ويتعبون ويكلون ولا يملون لكن: ﴿عامِلَةٌ ناصِبَةٌ تَصلى نارًا حامِيَةً﴾، حتى ينفقوا ملايين دولارات من أجل أن يصلوا إلى هدف واحد: هو إسقاط المسلم في هذا الشهر الكريم، وجرّه جرًا إليهم، وإبعاده إبعادًا شديدًا عن الله عز وجل: ﴿وَيُريدُ الَّذينَ يَتَّبِعونَ الشَّهَواتِ أَن تَميلوا مَيلًا عَظيمًا﴾.
- ومن العجب أن ترى ذلك المسلم يسقط في مستنقعهم فيتقلّب في ليلته الرمضانية من قناة لأخرى، ومن مسلسل لآخر، ومن برنامج لبرنامج، ثم ينتقل بين هاتفه من حساب لحساب، وصفحة لصفحة… فأضاع ليله في مشاهدة المسلسلات والبرامج والصفحات والحسابات، ثم يضيّع نهاره بنوم فلا هو استفاد من ليله ولا نهاره استغله في طاعة ربه…
- والعجيب أن الشخص هذا نفسه الذي يضيع وقته في أمور كهذه تراه يتجنب الخير الذي يرفع رايته له، ويحاول يخفف منه، ويبتعد عنه، ويتضايق من وجوده، فلو أطال الإمام للحظات، أو الخطيب… لأن الدنيا أشغلته عن الله والدار الآخرة، وامتلأ به قلبه، وأظلمت الأنوار الربانية في داخله، وحل الشيطان مكانه: ﴿وَمَن يَعشُ عَن ذِكرِ الرَّحمنِ نُقَيِّض لَهُ شَيطانًا فَهُوَ لَهُ قَرينٌ وَإِنَّهُم لَيَصُدّونَهُم عَنِ السَّبيلِ وَيَحسَبونَ أَنَّهُم مُهتَدونَ حَتّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيتَ بَيني وَبَينَكَ بُعدَ المَشرِقَينِ فَبِئسَ القَرينُ وَلَن يَنفَعَكُمُ اليَومَ إِذ ظَلَمتُم أَنَّكُم فِي العَذابِ مُشتَرِكونَ﴾ ...
- فأصبحت أنوار أخرى ظلامية دامسة حالكة تريد أن تجره إليها، ويبتعد عن ربه جل وعلا، وكثيرون أولئك الذين يقذفون أنفسهم قذفا، ويبتعدون عن الجنة بعدًا شديدا، والجنة حُفّت بالمكاره، والنار حُفت بالشهوات؛ فالشهوات توافق النفس التي تحب الشهوات فطرة: ﴿زُيِّنَ لِلنّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالبَنينَ وَالقَناطيرِ المُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وَالخَيلِ المُسَوَّمَةِ وَالأَنعامِ وَالحَرثِ ذلِكَ مَتاعُ الحَياةِ الدُّنيا وَاللَّهُ عِندَهُ حُسنُ المَآبِ﴾… .
- إلا فهذه المغريات بمثابة جائزة للنفس لأنها تحبها فطرة، وترغب فيها شهوة ومتعة، وفوق ذلك فالشيطان يدعو إليها، ونواب الشيطان في رمضان يتجهزونها لشهور ولسنوات لعرض مسلسات وبرامج مخزية تافهة، فاسدة مفسدة، وقصص درامية سينمائية رومانسية ساقطة، ولقاطات فاحشة، ونساء كاسية عارية، وأشياء يستحي المسلم من يتكلم عنها فضلًا من أن يتابع ويصرف من وقته فيها...
- وإذا كان هذا محرمًا عليه في غير رمضان، فكيف بشهر الرحمن؟ إذا كان يحرم عليه أن ينظر إلى شيء يسير من امرأة، فكيف بما هو أبعد وأكثر؟ كيف بأن يعايشها لشهر كامل أمام الشاشات، كيف بأن يتعرف على اسمها ويحفظه لديه، ثم إذا كان ذلك المسلسل والحلقة لا زالت تتردد في ذهنه، ولا زال هذا البرنامج، ولا زالت هذه الفضائية، ولا زال هذا الحساب، ولا زال هذا المكان والموضع، ولا زال هذا الصديق السيئ، لا زال به يغريه طول السنة ليأتي إليه يتابع، يراقب، يتطلع لأخباره لصوره، لحديثه، لأشياء كثيرة عنه، فهو باب يسير يفتح، وإذا بأبواب كثيرة أيضا تفتح تلقائيًا وبالتالي تكون القدوة وسقطة المدوية وبئس المقتدي والمقتدى به…!.
- وقبل الختام: وكأني بهذه القنوات والمسلسلات والبرامج والتطبيقات والحسابات… على وسائل التواصل الاجتماعي عمومًا يتبرأ منها المسلم يوم القيامة: ﴿إِذ تَبَرَّأَ الَّذينَ اتُّبِعوا مِنَ الَّذينَ اتَّبَعوا وَرَأَوُا العَذابَ وَتَقَطَّعَت بِهِمُ الأَسبابُ﴾، وهو أيضًا: ﴿وَيَومَ يَعَضُّ الظّالِمُ عَلى يَدَيهِ يَقولُ يا لَيتَنِي اتَّخَذتُ مَعَ الرَّسولِ سَبيلًا﴾، ﴿يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ﴾، وليس بالضرورة أن يكون الخليل من البشر، بل قد يكون حسابًا، بل قد يكون تطبيقًا، بل قد يكون برنامجًا، بل قد يكون مسلسلًا، بل قد تكون فضائية، بل قد تكون قناة، بل قد يكون هذا وذاك من المضلات، فهو عام لكل خليل جعل خلته ووقته وحبه وتعلقه به فهو خليل يصدق عليه قوله جل جلاله: ﴿وَيَومَ يَعَضُّ الظّالِمُ عَلى يَدَيهِ يَقولُ يا لَيتَنِي اتَّخَذتُ مَعَ الرَّسولِ سَبيلًا يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ﴾. لكن هنا لا ينفع الندم: ﴿وَلَو أَلقى مَعاذيرَهُ﴾، وحتى الاعتراف بالذنب وإنكار العقل: ﴿وَقالوا لَو كُنّا نَسمَعُ أَو نَعقِلُ ما كُنّا في أَصحابِ السَّعيرِ فَاعتَرَفوا بِذَنبِهِم فَسُحقًا لِأَصحابِ السَّعيرِ﴾، لكن كل ذلك لا ينفع فإما أن يعتذر هنا ويقبل الله منه المعذرة، ويقول لهذه المغرية: ﴿رَبِّ السِّجنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمّا يَدعونَني إِلَيهِ...﴾. يبتعد عنها مشغول بربه جل وعلا، شعاره دائمًا وأبدًا: ﴿ وَعَجِلتُ إِلَيكَ رَبِّ لِتَرضى﴾، أو يقع فريسة لها فهو بالخيار: ﴿لِمَن شاءَ مِنكُم أَن يَتَقَدَّمَ أَو يَتَأَخَّرَ كُلُّ نَفسٍ بِما كَسَبَت رَهينَةٌ﴾، ﴿لِمَن شاءَ مِنكُم أَن يَستَقيمَ﴾، ﴿يا بَني آدَمَ لا يَفتِنَنَّكُمُ الشَّيطانُ كَما أَخرَجَ أَبَوَيكُم مِنَ الجَنَّةِ﴾، ﴿أَفَتَتَّخِذونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَولِياءَ مِن دوني وَهُم لَكُم عَدُوٌّ بِئسَ لِلظّالِمينَ بَدَلًا﴾، ﴿أَلَم أَعهَد إِلَيكُم يا بَني آدَمَ أَن لا تَعبُدُوا الشَّيطانَ إِنَّهُ لَكُم عَدُوٌّ مُبينٌ﴾…
- فهذا هو موقف المسلم الذي يخاف الله والدار الآخرة، ويرجو الله والدار الآخرة، الذي يعلم أن لقاء الله قريب جد قريب فلا صحته يركن عليها، ولا ماله، ولا دنياه، ولا أي شيء من ذلك أبدًا…
أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ..
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد: - ألا فالواجب علينا أن نعظم ما عظم الله، وأن نستشعر فضائل الله، وأن يكون المسلم على يقين بأن كل ما مضى يوم من الأيام فقد مضى شيء من عمره ولن يعود إليه أبدًا، وأن اللحظة والثانية التي قبل الآن لا يستطيع إنسان مهما بلغ من قوته وماله وجاهه وسلطانه أن يستردها مطلقًا، فكيف بأيام؟ كيف بسنوات؟ فالواجب على المسلم أن يدرك ذلك جيدًا، وأنه إلى ربه سبحانه وتعالى راحلًا، وعلى الآخرة مقبلًا، وهناك لا ينفع ندمه، ولا ينفع رجوعه، كما قال الله: ﴿وَأَنّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِن مَكانٍ بَعيدٍ﴾ ، ﴿قالوا بَلى قَد جاءَنا نَذيرٌ فَكَذَّبنا وَقُلنا ما نَزَّلَ اللَّهُ مِن شَيءٍ إِن أَنتُم إِلّا في ضَلالٍ كَبيرٍ﴾...
- وليقل المسلم المتساهل ما يشاء جراء هذا الكلام الواجب عليه استماعه مطوع متشدد، متعصب، متغطرس، يحارب النفس من أن تأخذ راحتها، ساعة وساعة، ألا فليقل ما يشاء لكن في يوم من الأيام سيأتيك ملك الموت حتمًا تخيله الآن، إن لم تتخيل ذلك فسيأتيك دون تخيل أصلاً، وسيأخذك إلى ربك طوعًا وكرهًا، لربما تكون وأنت تتصل، أو على سيارتك، أو في بيتك، أو بين أولادك، أو متمتعًا بصحتك، أو بمالك، أو بأي شيء كان من حياتك، سيأتيك ولا شك. فإما أن تستغل كل يوم من عمرك خصوصًا في رمضان وفرصة ربك هذه كما كان عليه الصلاة والسلام عندما يلتفت أحيانًا إلى الناس للصفوف مسويًا:"صلوا صلاة مودع"، هي النهاية، فمن جعل كل يوم هو النهاية بالنسبة له فإنه سيعمل خيرًا: ﴿وَما تَدري نَفسٌ ماذا تَكسِبُ غَدًا وَما تَدري نَفسٌ بِأَيِّ أَرضٍ تَموتُ إِنَّ اللَّهَ عَليمٌ خَبيرٌ﴾.
- كلنا على يقين جازم بل كل البشر على الإطلاق، مؤمنهم، مسلمهم، كافرهم، يهوديهم، نصرانيهم، مجوسيهم، أي أحد منهم على يقين أنه سيموت لكن هناك فرق بين عمل ما عمل لما بعد الموت، وآمن به إيمانًا صحيحًا، وبين من لم يعمل ولم يؤمن به أصلًا، وهناك أناس آخرون آمنوا ولم يعملوا، فإذا قلت له: هناك جنة؟ يقول نعم، هناك نار؟ نعم لكن يقول: لكن ربك غفور رحيم، غفور رحيم يريد من العبد أن يقترب من المغفرة، وأن يبتعد عن سبيل الغضب، فكما أنه رحمن رحيم، فهو شديد العذاب، ومنتقم، وعدل… ومعه جنة ونار، ويرضا ويغضب، ويحب ويكره…!.
- فالواجب علينا جميعًا أن نعمل وفق رضاه، وأن نجتنب كل ما يغضبه جل في علاه، ونحن في هذا الشهر هي فرصة عظيمة سانحة ولعلها هي النهاية، وآخر شهر نصومه، بل لعلها آخر ساعة وآخر يوم، فالواجب علينا أن نراقب المصير جيدًا، وأن نعمل لربنا سبحانه وتعالى بما يرضى عنا، وما نرضى نحن لأنفسنا يوم تبيض وجوه وتسود وجوه، ولنكن على يقين بذلك، ولنعمل صالحًا لذلك حتى نفوز بدار دنيا بسعادة، وبدار أخرى بسعادة أيضًا.
- وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الرسمي الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص الاحتياطي فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty3
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.com
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر (إكس):*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص تليجرام:*
https://t.me/alsoty
*❈- مجموعة #يستفتونك اطرح سؤال تليجرام:*
https://t.me/alsoty11
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ على تليجرام: 👇
https://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik/19463
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير فلك / المكلا / 7/رمضان/1446هـ ↶
👤ـ للشيخ/عبدالله رفيق السوطي.
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
- فهناك فتن كثيرة، وشهوات عديدة، ومدلّهمات هنا وهناك تعترض المسلم في كل لحظة؛ ليتحقق ذلك البلاء الذي جعله الله سنة الحياة، لينتقل بالناس من دنيا فانية إلى جنة باقية، أو ينتقل بالناس من شهوات زائلة إلى نار خالدة، فهو مخيّر في هذه الدنيا بالسير في هذين الطريقين، وفي هذين السبيلين، مع أن صراط الله سبحانه وتعالى أوضح من الواضح، وأبين من البين قال الله فيه: ﴿وَأَنَّ هذا صِراطي مُستَقيمًا فَاتَّبِعوهُ...﴾، فبيّن تعالى أن صراطه واحد مستقيم غير معوج، بينما قال في الباطل الذي يعارض الحق وطريق الله عمومًا: ﴿وَأَنَّ هذا صِراطي مُستَقيمًا فَاتَّبِعوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُم عَن سَبيلِهِ...﴾، فهو طريق للحق واحد، وهناك طرق متشعبة، وضلالات وأهواء كثيرة، فالمسلم واقع بين طريق الله سبحانه وتعالى بكامل رضاه، أو على غير ذلك بأن يتجه إلى سخط الله سبحانه وتعالى، ثم ماذا قال الله سبحانه وتعالى في محكم التنزيل: ﴿وَيَستَخلِفَكُم فِي الأَرضِ فَيَنظُرَ كَيفَ تَعمَلونَ﴾.
- فمن أهداف الاستخلاف في الأرض هو النظر لذلك الإنسان، أما أن يعمل في هذه الحياة الدنيا وفق الطريق المستقيم الذي حدده الله عز وجل، أو أن يعمل على غير هذا السبيل، فيضل عن هذا الصراط، ويبتعد كثيرًا، وبالتالي فهناك في الآخرة الجزاء، وإن كان الجزاء في الدنيا أيضًا بالسعادة والاطمئنان والارتياح الذي يجده المؤمن، ولا يجده كثير من غير هذا المؤمن: ﴿مَن عَمِلَ صالِحًا مِن ذَكَرٍ أَو أُنثى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلَنُحيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجزِيَنَّهُم أَجرَهُم بِأَحسَنِ ما كانوا يَعمَلونَ﴾، ﴿وَمَن أَعرَضَ عَن ذِكري فَإِنَّ لَهُ مَعيشَةً ضَنكًا وَنَحشُرُهُ يَومَ القِيامَةِ أَعمى}، فهو في الدنيا في شقاء، وفي الآخرة في شقاء، إن رأى في الدنيا سلوى وحبوة وشهوة، لكنه في الآخرة في عذاب دائم: ﴿خالِدينَ فيها أَبَدًا﴾، ﴿لابِثينَ فيها أَحقابًا﴾…
- فالقصد النظر لعمل ذلك المسلم إما أن يوافق الصراط الذي ارتضاه الله له فيدخل بذلك الجنة، أو على غير ذلك وهو أخبر وأبصر: ﴿بَلِ الإِنسانُ عَلى نَفسِهِ بَصيرَةٌ﴾، والله جعل له عقلًا وميزه به من بين سائر المخلوقات، وجعل له غيبيات، وجعل له شهوات محسوسات ملموسات، فهو إن اختار الملموس، وترك ذلك الشيء غير الملموس في الدنيا، الذي يعده الله عز وجل له، فهو مخير بين ذلك: ﴿فَمَن شاءَ فَليُؤمِن وَمَن شاءَ فَليَكفُر...﴾. فإما النجاة، وإما طريق الخسارة.﴿فَمَن زُحزِحَ عَنِ النّارِ وَأُدخِلَ الجَنَّةَ فَقَد فازَ...﴾. هنا الفوز، هنا الربح الحقيقي، هنا المفلح اليقيني، فإما مؤمن يسعد، أو غير ذلك فيشقى للأبد وهو الذي ارتضى بشهوات عابرة، ولحظات يسيرة، ثم زالت عنه وذبلت، وتعذب وبعد ذلك سنوات غير محصية: ﴿خالِدينَ فيها أَبَدًا﴾. و﴿لابِثينَ فيها أَحقابًا﴾…!.
- فالجنة ثمنها عظيم، ثمنها محاربة الشهوات والملذات، والأهواء، ورغبات الشر، والبعد عن الخير، وهذا من الابتلاء الذي جعله الله سبحانه وتعالى في الدنيا ليقفز بالعبد نحو الآخرة، ويستحق بالنجاح فيه الجنة الخالدة: ﴿لِيَبلُوَكُم أَيُّكُم أَحسَنُ عَمَلًا﴾، ﴿لَيَبلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيءٍ مِنَ الصَّيدِ تَنالُهُ أَيديكُم وَرِماحُكُم لِيَعلَمَ اللَّهُ مَن يَخافُهُ بِالغَيبِ...﴾، إنه بلاء جد بلاء ذلك الذي كان بعيدًا عنهم في غير هذا الوقت المحرم عليهم وهم محرومون إذ هو قريب منهم؛ ليبتليهم وليختبرهم، لينظر الصادق من الكاذب، ومن اختار رضا الله ممن اختار شهوة نفسه ولحظة هوى عابرة له: ﴿لِيَعلَمَ اللَّهُ مَن يَخافُهُ بِالغَيبِ...﴾.
- وإننا في شهر الله عز وجل، الذي خفف فيه من البلاء ما خفف؛ فنرى أن الشياطين مصفدة، وأن الجنة مفتحة، وأبواب السماء مشرعة، والخيرات فيه متعددة أيضًا ومهيأة، والحسنات مضاعفة، والفرصة ممنوحة، وحتى النفوس البشرية صفت نوعًا ما، فمن تراه مستحيًا من المسجد في يوم من الأيام في غير هذا الشهر، ففي هذا الشهر لعله على أقل أحواله يدخل لصلاة جماعة واحدة، وإن لم يجلس في المسجد أو لم يرَ أصحاب المسجد، فإن الوجوه الجديدة التي يراها، والقلوب المفعلة للخير تريد الله والدار الآخرة، حتى النفوس العصية الأبية عن ربها جل جلاله مقبلة عليه في هذا الشهر المبارك… حتى وإن كان قد ترك الصلاة، أو اغتاب، أو شتم… فإن الصيام عنده مقدس، ورمضان عنده مبجل، لأن الله سبحانه وتعالى أراد لهذه السنة الشرعية أن تتغلب على سنن كثيرة كونية، فصفّد فيه مردة الشياطين، وفتّح فيه أبواب الجنان، وغلق فيه أبواب النيران، وجعل النفوس مقبلة على الرحمن: ﴿لِيَبلُوَكُم أَيُّكُم أَحسَنُ عَمَلًا﴾.
- لكن أمام ذلك كله لا زالت الفتن والمحن في أصلها على ما هي عليه، وتعترض له بين حين وحين، وإن كانت أخف من جهات عدة، لكن هناك بشر يأبون الله ويسره جل وعلا، نعم هناك بشر يعملون ضد الله، هناك بشر يحاربون الله، وهناك أناس يصدون عن سبيل الله: ﴿الَّذينَ يَصُدّونَ عَن سَبيلِ اللَّهِ وَيَبغونَها عِوَجًا﴾، انظر: ﴿وَيَبغونَها عِوَجًا﴾، وفوق ذلك: ﴿وَهُم يَحسَبونَ أَنَّهُم يُحسِنونَ صُنعًا﴾، ﴿ وَيَحسَبونَ أَنَّهُم مُهتَدونَ﴾،﴿الَّذينَ ضَلَّ سَعيُهُم فِي الحَياةِ الدُّنيا وَهُم يَحسَبونَ أَنَّهُم يُحسِنونَ صُنعًا﴾، إن لم يقل أحد: "أنا أهدى منك، وأفضل منك، وأحسن منك، وأكثر استقامة من استقامتك، وطاعة من طاعتك"، ومن هذه الهرطقات التي نسمعها منهم، لكنهم مع ذلك يسعون ليل نهار لإغواء الخلق، وإبعادهم عن طريق الله بكل إمكانية: ﴿وَاللَّهُ يُريدُ أَن يَتوبَ عَلَيكُم وَيُريدُ الَّذينَ يَتَّبِعونَ الشَّهَواتِ أَن تَميلوا مَيلًا عَظيمًا﴾، ويرفضون كل عرض من الله وفرص عظيمة يفتحها للعباد، ويستجيب الإنسان لها لأنا توافق ضعفه وفطرته للهوى: ﴿يُريدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُم وَخُلِقَ الإِنسانُ ضَعيفًا﴾…
- إننا نجد هذه الفتن والمغريات التي تتكالب على المسلم من كل ناحية، تناديه، وتجذبه، وتسعى إليه، وتعرض نفسها عليه بأجمل الحلل، وبأموال طائلة أنفقت عليها لتحبب نفسها إليه، وترغبه فيها: ﴿يُنفِقونَ أَموالَهُم لِيَصُدّوا عَن سَبيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقونَها ثُمَّ تَكونُ عَلَيهِم حَسرَةً ثُمَّ يُغلَبونَ...﴾ فهم خاسرون في الأول والأخير رغم محاولاتهم البائسة لصد المؤمن عن الله والدار الآخرة.
- وها نحن في شهر رمضان ومع تصفيد مردة الشيطان فيه لكن هناك نواب كثير للشيطان الرجيم، هناك سراق متعددون يكثرون في هذا الشهر الكريم، هناك أناس أرادوا أن ينهبوا عن الشهر مكرمته وخيريته، وما فيه من فضائل أعدها رب العالمين؛ من أجل أن يقترب العباد إليه جل جلاله، لكن يأبى هؤلاء إلا أن يُصِدوا الناس عن طريق الله، وعن هدى الله، وعن هذا الخير الذي أراده الله، فنجد البشر، وما أكثرهم! وما أكثر هؤلاء، إنهم كثير جد كثير، ويصدون عن طريق الله.
- فما موقف المسلم من هؤلاء وما يعرضون لإغواء الناس عن طريق الله جل وعلا… هل يدافع، يقاطع، يخاصم، يبتعد، يجاهد، أم يقع في هذا الشباك الخطير الذي يحترم حتى الشيطان هذا الشهر، وكثير من الناس، لا يحترمونه؛ إذ نرى مسلسلات، وقنوات، ومنشورات، ورسائل، وأخبار، وقل ما شئت من صوارف الناس عن الله، وعن الدار الآخرة، وابتغاء غير سبيله، وغير طريقه، ورفع رايات شيطانية تريد من المسلم أن يأتي إليها، وينفقوا أموالًا طائلة عليها، لأجل أن يقذفوا الناس فيها طوعًا وكرهًا، بل لأشهر لسنوات يعدون ويجهزون ويتعبون ويكلون ولا يملون لكن: ﴿عامِلَةٌ ناصِبَةٌ تَصلى نارًا حامِيَةً﴾، حتى ينفقوا ملايين دولارات من أجل أن يصلوا إلى هدف واحد: هو إسقاط المسلم في هذا الشهر الكريم، وجرّه جرًا إليهم، وإبعاده إبعادًا شديدًا عن الله عز وجل: ﴿وَيُريدُ الَّذينَ يَتَّبِعونَ الشَّهَواتِ أَن تَميلوا مَيلًا عَظيمًا﴾.
- ومن العجب أن ترى ذلك المسلم يسقط في مستنقعهم فيتقلّب في ليلته الرمضانية من قناة لأخرى، ومن مسلسل لآخر، ومن برنامج لبرنامج، ثم ينتقل بين هاتفه من حساب لحساب، وصفحة لصفحة… فأضاع ليله في مشاهدة المسلسلات والبرامج والصفحات والحسابات، ثم يضيّع نهاره بنوم فلا هو استفاد من ليله ولا نهاره استغله في طاعة ربه…
- والعجيب أن الشخص هذا نفسه الذي يضيع وقته في أمور كهذه تراه يتجنب الخير الذي يرفع رايته له، ويحاول يخفف منه، ويبتعد عنه، ويتضايق من وجوده، فلو أطال الإمام للحظات، أو الخطيب… لأن الدنيا أشغلته عن الله والدار الآخرة، وامتلأ به قلبه، وأظلمت الأنوار الربانية في داخله، وحل الشيطان مكانه: ﴿وَمَن يَعشُ عَن ذِكرِ الرَّحمنِ نُقَيِّض لَهُ شَيطانًا فَهُوَ لَهُ قَرينٌ وَإِنَّهُم لَيَصُدّونَهُم عَنِ السَّبيلِ وَيَحسَبونَ أَنَّهُم مُهتَدونَ حَتّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيتَ بَيني وَبَينَكَ بُعدَ المَشرِقَينِ فَبِئسَ القَرينُ وَلَن يَنفَعَكُمُ اليَومَ إِذ ظَلَمتُم أَنَّكُم فِي العَذابِ مُشتَرِكونَ﴾ ...
- فأصبحت أنوار أخرى ظلامية دامسة حالكة تريد أن تجره إليها، ويبتعد عن ربه جل وعلا، وكثيرون أولئك الذين يقذفون أنفسهم قذفا، ويبتعدون عن الجنة بعدًا شديدا، والجنة حُفّت بالمكاره، والنار حُفت بالشهوات؛ فالشهوات توافق النفس التي تحب الشهوات فطرة: ﴿زُيِّنَ لِلنّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالبَنينَ وَالقَناطيرِ المُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وَالخَيلِ المُسَوَّمَةِ وَالأَنعامِ وَالحَرثِ ذلِكَ مَتاعُ الحَياةِ الدُّنيا وَاللَّهُ عِندَهُ حُسنُ المَآبِ﴾… .
- إلا فهذه المغريات بمثابة جائزة للنفس لأنها تحبها فطرة، وترغب فيها شهوة ومتعة، وفوق ذلك فالشيطان يدعو إليها، ونواب الشيطان في رمضان يتجهزونها لشهور ولسنوات لعرض مسلسات وبرامج مخزية تافهة، فاسدة مفسدة، وقصص درامية سينمائية رومانسية ساقطة، ولقاطات فاحشة، ونساء كاسية عارية، وأشياء يستحي المسلم من يتكلم عنها فضلًا من أن يتابع ويصرف من وقته فيها...
- وإذا كان هذا محرمًا عليه في غير رمضان، فكيف بشهر الرحمن؟ إذا كان يحرم عليه أن ينظر إلى شيء يسير من امرأة، فكيف بما هو أبعد وأكثر؟ كيف بأن يعايشها لشهر كامل أمام الشاشات، كيف بأن يتعرف على اسمها ويحفظه لديه، ثم إذا كان ذلك المسلسل والحلقة لا زالت تتردد في ذهنه، ولا زال هذا البرنامج، ولا زالت هذه الفضائية، ولا زال هذا الحساب، ولا زال هذا المكان والموضع، ولا زال هذا الصديق السيئ، لا زال به يغريه طول السنة ليأتي إليه يتابع، يراقب، يتطلع لأخباره لصوره، لحديثه، لأشياء كثيرة عنه، فهو باب يسير يفتح، وإذا بأبواب كثيرة أيضا تفتح تلقائيًا وبالتالي تكون القدوة وسقطة المدوية وبئس المقتدي والمقتدى به…!.
- وقبل الختام: وكأني بهذه القنوات والمسلسلات والبرامج والتطبيقات والحسابات… على وسائل التواصل الاجتماعي عمومًا يتبرأ منها المسلم يوم القيامة: ﴿إِذ تَبَرَّأَ الَّذينَ اتُّبِعوا مِنَ الَّذينَ اتَّبَعوا وَرَأَوُا العَذابَ وَتَقَطَّعَت بِهِمُ الأَسبابُ﴾، وهو أيضًا: ﴿وَيَومَ يَعَضُّ الظّالِمُ عَلى يَدَيهِ يَقولُ يا لَيتَنِي اتَّخَذتُ مَعَ الرَّسولِ سَبيلًا﴾، ﴿يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ﴾، وليس بالضرورة أن يكون الخليل من البشر، بل قد يكون حسابًا، بل قد يكون تطبيقًا، بل قد يكون برنامجًا، بل قد يكون مسلسلًا، بل قد تكون فضائية، بل قد تكون قناة، بل قد يكون هذا وذاك من المضلات، فهو عام لكل خليل جعل خلته ووقته وحبه وتعلقه به فهو خليل يصدق عليه قوله جل جلاله: ﴿وَيَومَ يَعَضُّ الظّالِمُ عَلى يَدَيهِ يَقولُ يا لَيتَنِي اتَّخَذتُ مَعَ الرَّسولِ سَبيلًا يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ﴾. لكن هنا لا ينفع الندم: ﴿وَلَو أَلقى مَعاذيرَهُ﴾، وحتى الاعتراف بالذنب وإنكار العقل: ﴿وَقالوا لَو كُنّا نَسمَعُ أَو نَعقِلُ ما كُنّا في أَصحابِ السَّعيرِ فَاعتَرَفوا بِذَنبِهِم فَسُحقًا لِأَصحابِ السَّعيرِ﴾، لكن كل ذلك لا ينفع فإما أن يعتذر هنا ويقبل الله منه المعذرة، ويقول لهذه المغرية: ﴿رَبِّ السِّجنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمّا يَدعونَني إِلَيهِ...﴾. يبتعد عنها مشغول بربه جل وعلا، شعاره دائمًا وأبدًا: ﴿ وَعَجِلتُ إِلَيكَ رَبِّ لِتَرضى﴾، أو يقع فريسة لها فهو بالخيار: ﴿لِمَن شاءَ مِنكُم أَن يَتَقَدَّمَ أَو يَتَأَخَّرَ كُلُّ نَفسٍ بِما كَسَبَت رَهينَةٌ﴾، ﴿لِمَن شاءَ مِنكُم أَن يَستَقيمَ﴾، ﴿يا بَني آدَمَ لا يَفتِنَنَّكُمُ الشَّيطانُ كَما أَخرَجَ أَبَوَيكُم مِنَ الجَنَّةِ﴾، ﴿أَفَتَتَّخِذونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَولِياءَ مِن دوني وَهُم لَكُم عَدُوٌّ بِئسَ لِلظّالِمينَ بَدَلًا﴾، ﴿أَلَم أَعهَد إِلَيكُم يا بَني آدَمَ أَن لا تَعبُدُوا الشَّيطانَ إِنَّهُ لَكُم عَدُوٌّ مُبينٌ﴾…
- فهذا هو موقف المسلم الذي يخاف الله والدار الآخرة، ويرجو الله والدار الآخرة، الذي يعلم أن لقاء الله قريب جد قريب فلا صحته يركن عليها، ولا ماله، ولا دنياه، ولا أي شيء من ذلك أبدًا…
أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ..
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد: - ألا فالواجب علينا أن نعظم ما عظم الله، وأن نستشعر فضائل الله، وأن يكون المسلم على يقين بأن كل ما مضى يوم من الأيام فقد مضى شيء من عمره ولن يعود إليه أبدًا، وأن اللحظة والثانية التي قبل الآن لا يستطيع إنسان مهما بلغ من قوته وماله وجاهه وسلطانه أن يستردها مطلقًا، فكيف بأيام؟ كيف بسنوات؟ فالواجب على المسلم أن يدرك ذلك جيدًا، وأنه إلى ربه سبحانه وتعالى راحلًا، وعلى الآخرة مقبلًا، وهناك لا ينفع ندمه، ولا ينفع رجوعه، كما قال الله: ﴿وَأَنّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِن مَكانٍ بَعيدٍ﴾ ، ﴿قالوا بَلى قَد جاءَنا نَذيرٌ فَكَذَّبنا وَقُلنا ما نَزَّلَ اللَّهُ مِن شَيءٍ إِن أَنتُم إِلّا في ضَلالٍ كَبيرٍ﴾...
- وليقل المسلم المتساهل ما يشاء جراء هذا الكلام الواجب عليه استماعه مطوع متشدد، متعصب، متغطرس، يحارب النفس من أن تأخذ راحتها، ساعة وساعة، ألا فليقل ما يشاء لكن في يوم من الأيام سيأتيك ملك الموت حتمًا تخيله الآن، إن لم تتخيل ذلك فسيأتيك دون تخيل أصلاً، وسيأخذك إلى ربك طوعًا وكرهًا، لربما تكون وأنت تتصل، أو على سيارتك، أو في بيتك، أو بين أولادك، أو متمتعًا بصحتك، أو بمالك، أو بأي شيء كان من حياتك، سيأتيك ولا شك. فإما أن تستغل كل يوم من عمرك خصوصًا في رمضان وفرصة ربك هذه كما كان عليه الصلاة والسلام عندما يلتفت أحيانًا إلى الناس للصفوف مسويًا:"صلوا صلاة مودع"، هي النهاية، فمن جعل كل يوم هو النهاية بالنسبة له فإنه سيعمل خيرًا: ﴿وَما تَدري نَفسٌ ماذا تَكسِبُ غَدًا وَما تَدري نَفسٌ بِأَيِّ أَرضٍ تَموتُ إِنَّ اللَّهَ عَليمٌ خَبيرٌ﴾.
- كلنا على يقين جازم بل كل البشر على الإطلاق، مؤمنهم، مسلمهم، كافرهم، يهوديهم، نصرانيهم، مجوسيهم، أي أحد منهم على يقين أنه سيموت لكن هناك فرق بين عمل ما عمل لما بعد الموت، وآمن به إيمانًا صحيحًا، وبين من لم يعمل ولم يؤمن به أصلًا، وهناك أناس آخرون آمنوا ولم يعملوا، فإذا قلت له: هناك جنة؟ يقول نعم، هناك نار؟ نعم لكن يقول: لكن ربك غفور رحيم، غفور رحيم يريد من العبد أن يقترب من المغفرة، وأن يبتعد عن سبيل الغضب، فكما أنه رحمن رحيم، فهو شديد العذاب، ومنتقم، وعدل… ومعه جنة ونار، ويرضا ويغضب، ويحب ويكره…!.
- فالواجب علينا جميعًا أن نعمل وفق رضاه، وأن نجتنب كل ما يغضبه جل في علاه، ونحن في هذا الشهر هي فرصة عظيمة سانحة ولعلها هي النهاية، وآخر شهر نصومه، بل لعلها آخر ساعة وآخر يوم، فالواجب علينا أن نراقب المصير جيدًا، وأن نعمل لربنا سبحانه وتعالى بما يرضى عنا، وما نرضى نحن لأنفسنا يوم تبيض وجوه وتسود وجوه، ولنكن على يقين بذلك، ولنعمل صالحًا لذلك حتى نفوز بدار دنيا بسعادة، وبدار أخرى بسعادة أيضًا.
- وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الرسمي الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص الاحتياطي فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty3
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.com
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر (إكس):*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص تليجرام:*
https://t.me/alsoty
*❈- مجموعة #يستفتونك اطرح سؤال تليجرام:*
https://t.me/alsoty11
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A ...المزيد
*رمضان.موعد.مع.الجهاد.تقليب.في.صفحات.التاريخ.الجهادي.cc* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق ...
*رمضان.موعد.مع.الجهاد.تقليب.في.صفحات.التاريخ.الجهادي.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/GZzvcMtz-EY?si=xwhuayZNRJhcZeYX
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ المكلا/ 19/ رمضان /1445هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
-فإن شهر رمضان هو شهر، وموعد، ولقاء بالانتصارات، والفتوحات، والبطولات، شهر مبارك جمع الفضائل والمكرمات، شهر مبارك جمع فيه ما جمع من الخيرات والبركات، شهر لا يعرف الكسل والخمول، ولا يعرف الدعة، ولا يعرف الركون، ولا يعرف إلا الجد لا الهزل، ولا يعرف إلا الخير لا الشر، هو موطن جعله الله تبارك وتعالى للفالحين للمؤمنين الصالحين..
- إنه شهر مبارك شهر عرفه السلف بما عرفوه، وعبدوا الله حق عبادته كما عبدوه، وتعرف الخلف عليه فأفسدوا كثيرا من ساعاته ولياليه، هذا الشهر المبارك شهر جمع الله تبارك وتعالى فيه فريضة العمل لذود حمى الإسلام، مع فريضة الصيام، فريضة الدفاع عن الإسلام والنفس والعرض والمال وعن كل شيء في الحياة ليسلم ذلك المسلم الإنسان، شهر لم يكن ولن يكون إلا ذلك الشهر الذي جعل الله فيه البركة والنصر، وجعل فيه أعظم الخير بل إنه جمع فرائض في الإسلام عديدة وكبيرة وعظيمة لا فريضة الصيام والجهاد الذي هو الدفاع عن الإسلام…
- هذا الشهر المبارك يكفي أنه فيه كان يتبرك المسلمون، يتبرك المجاهدون، يتبرك الصالحون، يتبرك المرابطون المثابرون على ثغور هذه الأمة في هذا الشهر المبارك؛ إذ كانوا يؤقتون معاركهم وفتوحاتهم وما لديهم من إمكانيات لتهدئة وعلاج تلك النفوس المريضة والتي ما عرفت إلا الشر ومحاربة الإسلام في كل وادٍ ونادٍ…
- تلك النفوس الأبية لسلفنا الصالح على رأسهم رسولنا صلى الله عليه وسلم الذي جعل هذا الشهر المبارك هو محطة يجمع فيه ذروة الإسلام -الجهاد- العظمى، مع فريضة الصيام الفضلى، وبدأ صلى الله عليه وسلم في هذا الشهر المبارك في شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن بأول غزوة له صلى الله عليه وسلم على الأعداء الذين طالما تربصوا بالمسلمين، وطالما فعلوا بهم الأفاعيل، وأخرجوهم من ديارهم حفاة عراة جائعين…وهي مشاهد تتكرر في كل زمان، وفي كل حين وآن مادام وأن راية الجهاد قد خفت، وسيفه قد خمد، والقوة قد ضعفت… تلك المشاهد للذل والخزي والعار المتكررة إذا سكت المسلمون عنها، ولم يحركوا سهامهم لكفها، وكبت جماحها، وإنهاء آلامها كانت العقوبة عليهم من ربنا: ﴿إِلّا تَنفِروا يُعَذِّبكُم عَذابًا أَليمًا وَيَستَبدِل قَومًا غَيرَكُم وَلا تَضُرّوهُ شَيئًا وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ﴾، وقبله ذلك النداء المدوي: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا ما لَكُم إِذا قيلَ لَكُمُ انفِروا في سَبيلِ اللَّهِ اثّاقَلتُم إِلَى الأَرضِ أَرَضيتُم بِالحَياةِ الدُّنيا مِنَ الآخِرَةِ فَما مَتاعُ الحَياةِ الدُّنيا فِي الآخِرَةِ إِلّا قَليلٌ﴾..
- على أن الإسلام منصور بك أو بغيرك إنما تشرف أن تكون من حملة رايته، والمدافع عن حياضه: ﴿إِلّا تَنصُروهُ فَقَد نَصَرَهُ اللَّهُ إِذ أَخرَجَهُ الَّذينَ كَفَروا ثانِيَ اثنَينِ إِذ هُما فِي الغارِ إِذ يَقولُ لِصاحِبِهِ لا تَحزَن إِنَّ اللَّهَ مَعَنا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكينَتَهُ عَلَيهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنودٍ لَم تَرَوها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذينَ كَفَرُوا السُّفلى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُليا وَاللَّهُ عَزيزٌ حَكيمٌ﴾، ألا فليستجيبوا للنداء، وليلبوا لدعوة رب الأرض السماء: ﴿إِلّا تَنصُروهُ فَقَد نَصَرَهُ اللَّهُ إِذ أَخرَجَهُ الَّذينَ كَفَروا ثانِيَ اثنَينِ إِذ هُما فِي الغارِ إِذ يَقولُ لِصاحِبِهِ لا تَحزَن إِنَّ اللَّهَ مَعَنا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكينَتَهُ عَلَيهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنودٍ لَم تَرَوها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذينَ كَفَرُوا السُّفلى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُليا وَاللَّهُ عَزيزٌ حَكيمٌ﴾.
- فهو إذَن قتال واستشهاد واستبسال ودفاع عن كرامة الإسلام وذود عن كرامة المسلمات والأطفال، وإلا كان الخزي والعار، ولا بديل له سواه فأين المتذكرون لفعل الحبيب صلى الله عليه وسلم حامي لواء الدين، وحارس ثغر الإسلام والمسلمين بدءًا من بدر الكبرى وانتهاء بتبوك ومواصلة أصحابه رضوان الله عليهم لمشواره صلى الله عليه وسلم.
- هذه الكرامة للأمة، والانتصار للإسلام بدأه رسولنا صلى الله عليه وسلم في مثل هذا الشهر، المبارك، وفي السابع عشر من رمضان بما سماه الله تبارك وتعالى بمعركة الفرقان، والفرقان بمعنى الفاصل بين الحق والباطل، وسيزال كذلك يفصل بين الحق والباطل ما دام وأن سيف الجهاد قائم، ما دام وأن ذلك السيف مرفوعا، ما دام وأن ذلك السيف يخفق في يد ذلك المسلم الذي يعتز بدينه وإسلامه، وسيُهزم ذلك الباطل الذي طالما ترعرع وعاش قبل معركة الفرقان فاجتث جذوره.
- إن معركة بدر أو الفرقان هي أول مقدمة عظمى لنصر الإسلام، لكن ليست وحدها وقعت في شهرنا هذا شهر رمضان بل هناك مشاهد كبيرة، وبطولات كثيرة، بل أروع وأعظم وأكبر وأجل فتوحات المسلمين على الإطلاق كانت في هذا الشهر المبارك أمثال فتح مكة التي جعلها الله نهاية لغطرسة الكفر والظلم، حتى أن الله عز وجل قد أسقط فرض الهجرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما علله العلماء على أن فتح مكة قد أصبح الإسلام عزيزاً فلا يحتاج مسلم أن يذهب من بلد لبلد وينتقل بنفسه أو ينقذ أسرته من مكان لمكان، بل أصبح ذلك الإسلام هو المهيمن في تلك الفترة على كل الأماكن، وأيضًا لقد أصبحت جزيرة العرب هي أرض الإسلام هي أرض دين وانتصار بفتح مكة المجيد، ولهذا قال الله في سورة كاملة سماها سورة النصر وكلها تتحدث عن فتح مكة المجيد: ﴿إِذا جاءَ نَصرُ اللَّهِ وَالفَتحُ وَرَأَيتَ النّاسَ يَدخُلونَ في دينِ اللَّهِ أَفواجًا فَسَبِّح بِحَمدِ رَبِّكَ وَاستَغفِرهُ إِنَّهُ كانَ تَوّابًا﴾، فمعناه قد دان القبائل العربية للمسلمين.
- وأيضًا ليست هذه وفقط بل هناك فتوحات
كبيرة وعظيمة بعد أن التحق نبينا صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى جاء الفتح الكبير، والنصر المجيد، والهزيمة الساحقة، لا ضد عادي بل لأكبر وأعظم إمبراطورية عالمية كانت في تلك الفترة، إنها فارس التي طالما تغطرست وتكبرت وتجبرت ووصلت بجذوروها إلى أقاصي الدول بكلها تقريبًا إما بسياستها القذرة أو بجيشها الذي وصل حتى إلى اليمن، وإلى أفريقيا مع أنها في مكان بعيد وسحيق في شرق آسيا إلا أنها تغلغلت هناك فجاء الإسلام فقص تلك الأجنحة وأنهى تلك الآثار التي طالما تبجحت بها لقرون طويلة إنها معركة القادسية… نعم معركة القادسية المباركة والفتح المجيد الذي كان بقيادة سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه…
- على أن القادسية ليست الوحيدة أيضًا ولو صرفنا من الوقت ماصرفنا، وتحدثنا ما تحدثنا لطال بنا المقام جداً، لكنها فقط نفحات ولفحات وتقليب في صفحات التاريخ، ولن نتحدث عن أبعاد المعركة وعن أخبارها وعن أسرارها وعن شهدائها وعن قتالها وعن عددها ومدتها وعن الانتصار الكبير وما حققه المسلمون فيها، بل إنما هي قطوف لنعرف الأمجاد ونعرف على أن شهر رمضان شهر جهاد ورباط لا ذلك الشهر الذي حوله كثير من المسلمين إلى شهر نوم وغفلة وكسل وخمول وسهر وقيل ومقال وحلقات وتلفزيونات وأشياء وأشياء…
- إنها فتوحات مجيدة عرفها السلف وفعلوها بأنفسهم في وقت نحن ننام طويلا، ونكسل كثيرا وآتي بكم لفتح بلاد السند والهند التي كانت العائق الأكبر والأعظم للمسلمين آنذاك وهي أكبر فتح للمسلمين من جهة الشرق في شرق آسيا في باكستان، وما وراء باكستان، وأفغانستان، وأوزبكستان، وطجاكستان… وتلك البلدان بكلها حتى وصلوا إلى قلب روسيا، ثم إلى الهند أيضًا، تلك الهند التي طال الحكم الإسلامي حتى ظل لقرون تخفق فيها دولة الهند وعاصمتها دلهي كما تسمى الآن، أو دهلي كما كانت تسمى قديمًا بتقديم الهاء…
- نعم إنها أرض الهند التي فتحها ذلك الطفل الصغير الذي لم يتجاوز كما يسمى الآن في قوانين الجبن والخوف السن القانون إنه محمد بن القاسم رحمه الله وفي القرن الأول أو في نهايته في الثانية والتسعين للهجرة النبوية محمد بن القاسم الذي كان في السابع عشر من عمره يفتح بلاد السن والهند وشرق آسيا بما فيها، بتلك المعارك الطويلة التي كانت في أعظم وأنصع صفحات تاريخنا المجيد…
- ثم ليست بلاد السن والهند وفتح فارس (القادسية) ومكة قبل ذلك، ثم قبل الكل معركة بدر الكبرى، بل أيضاً من جهة أخرى هي جهة أسبانيا حاليًا الفردوس المفقودة كما يصفها المسلمون، التي فقدوها وأضاعوها من أيديهم على يد الملوك المتناحرة آنذاك بما تسمى في تاريخنا وفي تاريخ الأمة الأسود في تلك الفترة هم ملوك الطوائف الذين تركوا لأجل ملكهم، ولأجل أسرهم، ولأجل ذويهم، ولأجل أنفسهم، أرض الأندلس الفردوس المفقوده تركوها للصليبيين بعد أكثر من ثمانية قرون من انتصار المسلمين فيها، وقد كان فتحها في رمضان على بيد المجاهد الكبير والعظيم إنه طارق بن زياد الذي وصل الى الأندلس التي كانت تسمى كذلك في فترة مضت وتركها المسلمون وتركوا مشاهدها ومعالمها ولم يحفظوا اليوم إلا نوادي رياضية وأخبار من هذه وتلك من سياسية وثقافية لكنهم لم يعرفوا على إن الأندلس هي أرض إسلامية وستظل كذلك بإذن الله حتى استعادتها من الصليبيين الذين أخذوها على غرة من المسلمين…
- ثم قبل سقوطها الأول أو الذي كادت تسقط فيه وأخره كما يقول المؤرخون لأربعة قرون هي معركة رمضانية كبرى كانت معركة الزلاقة على يد قائد المجاهدين وزعيم دولة المرابطين يوسف بن تاشفين رحمه الله، وكانت أيضًا في رمضان….
لكن تلك المعارك لم ولن تكون الوحيدة في رمضان بل هناك عظائم للإسلام في شهر رمضان وكبريات المعارك فيه الفاصلة وإلى تمريغ أعظم جيش كان في تلك الفترة التي صال وجال وطغى وتكبر وتغطرس وجاء من أبعد مناطق الكرة الأرضية في الصين وحدودها حتى وصل في كل مكان حتى إلى إفريقي،ا وطاف بالجزيرة العربية خاصة بغداد حاضرة الإسلام وعاصمة العالم بأكمله، إنه الجيش الذي كان يقال لا يقهر التتار الذي كان يفعل الأفاعيل ويعمد إلى الأطفال والنساء الحوامل فيبقر بطونهن ويفعل بهن ما يفعل ويحرق قرى بأكملها لا يقتلهم إلا حريقًا ولا يدفنهم إلا أحياء وفعل بالمسلمين ما فعل وحتى ليس بالمسلمين وفقط بل وكل ما مر أمامه إنه جيش التتار الذي هُزم شر هزيمة، وأعظم كارثة ولم تقم له بعده قائمة وفي ك شهر رمضان كان الموعد وعلى يد قطز والظاهر ببيرس وفي عين جالوت الكبيرة والتي نسمع عنها كثيرا ولكننا ربما خفت عنا على أنها في شهر رمضان…
- لكن ليست عين جالوت فقط بل هناك المعركة المجيدة التي حرر فيها المسلمون الأقصى المجيد في شهر رمضان وعلى يد صلاح الدين الأيوبي عليه رحمة الله، ذاك المجاهد الأبي والصنديد المقدام الإسلامي الذي ما عرف إلا الجهاد ولا عرف إلا الإسلام ولا عرف إلا معنى وإسلاماه، وقد كانت معركة حطين المجيدة في أرض فلسطين العظيمة والتي كان لها موعد أيضا مع انتصار آخر وفي شهر رمضان أيضًا وفي قرننا الماضي وليس بالزمن البعيد جدا، وضد الكيان الصهيوني الغاصب المحتل المتغطرس… أعني معركة 1973م في أكتوبر المجيد الذي أعاد أمجاده القسام في السابع منه بطوفان الأقصى الذي يجوب وقد جاب العالم بما فيه بطوفان مزلزل أحيا الأرض والعرض والجهاد والنخوة والحمية، واستطاع أن يلفت أنظار العالم بكله لأرض فلسطين الأبية، وشعبها المظلوم على يد الكيان الصهيوني القاتل المجرم…. والقسام بطوفان الأقصى أراد أن يلقن العالم بأسره أن الطوفان سيعم الكل إن لم ينته المحتل، ويرحل عن الأرض… والمقاومة كلها يخوضون وسيخوضون تلك المعارك الكبيرة والعظيمة في شهر رمضان وفي غير شهر رمضان يخوضونها وباستمرار وبجهاد واستبسال وبتضحيات كبرى ليس هم فقط بل وجميع المدنيين معهم بالعذاب والاضطهاد والمجاعة والصبر على القتل والجراحات والتدمير وما ترونه على شاشات الخزي والعار الذي خذلهم العرب الصغار والكبار والذين خذلهم العالم بما فيه الذي يدعي الإنسانية وأصبحت غزة وأهل غزة هي أول معركة في التاريخ بما فيه أن تنقل مشاهدة للعالم أولا بأول. وقبل أن تقصف الطائرة وقبل أن ترمي القذيفة. وقبل أن تنزل تلك القنبلة تصور لكن لاحراك ولا قائل كفى ولكن لا كرامة، ولا نخوة تحركت…
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... وبعد: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
- الحديث كما مر معنا عن أحداث شهر رمضان، وعن جهاد وبطولات رمضان جميلة ورائعة وكبيرة وعظيمة ولربما لا نتصورها الآن؛ لأننا عشنا زمن الخذلان، وعشنا زمن الكسل، وعشنا الزمن الذي جعلنا فيه رمضان شهر نوم وخمول وقيل وقال وحلقات وبرامج ومسلسلات…
- لقد حولناه لشهر تنوع المأكولات، وتنوع المشروبات، وللسهرات، وللمراسلات ولكل أنواع ضياع الأوقات… ألا فإن كنا كذلك فيما سبق فلا نكن كذلك فيما بقي ولحق، وإننا في أيام رمضان العظمى والفضلى وفي خير أيامه على الإطلاق وبإجماع العلماء أن شهر رمضان هو خير الشهور، وأن خير ما فيه هي العشر الأواخر منه، وعلى أن خير ما في العشر في رمضان بل وفي العام كله هي ليلة القدر التي لا نعلم متى تكون، وفي أي ليلة تكون؟ وإنما الذي هو الذي رفع علمها الله عز وجل وبالتالي فالواجب على المسلم إذا أراد أن يدرك هذه الليلة العظيمة التي تعدل بألف شهر: {لَيلَةُ القَدرِ خَيرٌ مِن أَلفِ شَهرٍ}… أي عشرات الآلاف من الليالي… ﴿إِنّا أَنزَلناهُ في لَيلَةِ القَدرِ وَما أَدراكَ ما لَيلَةُ القَدرِ لَيلَةُ القَدرِ خَيرٌ مِن أَلفِ شَهرٍ تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ وَالرّوحُ فيها بِإِذنِ رَبِّهِم مِن كُلِّ أَمرٍ سَلامٌ هِيَ حَتّى مَطلَعِ الفَجرِ﴾، بل باركها وما فيها جل وعلا: ﴿إِنّا أَنزَلناهُ في لَيلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنّا كُنّا مُنذِرينَ فيها يُفرَقُ كُلُّ أَمرٍ حَكيمٍ أَمرًا مِن عِندِنا إِنّا كُنّا مُرسِلينَ﴾.
- ألا فاغتنموا هذه الليالي المباركة، وتعرفوا على ربكم فيها، وتعبدوه حق عبادته، ومن أحسن فيما بقى غُفر له ما مضى، ألا فأحسنوا في آخر رمضان، وما تبقت فيه من ليال وأيام يحسن الله إليكم ويحبكم في بقية العام: ﴿وَأَحسِنوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُحسِنينَ﴾… ﴿إِنَّ الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ إِنّا لا نُضيعُ أَجرَ مَن أَحسَنَ عَمَلًا﴾…
- إنها فرصة عظيمة لمن أسرف في بدايته وأوائل عمره أن يجتهد في نهايته ومن أحسن في النهاية غفر الله له البداية، ولو أن كافراً نطق بالشهادتين في آخر لحظات من عمره لدخل الجنة، ولو أن مسلمًا استغل آواخر رمضان وتعرف على ربه مهما كان مسرفا في بدايته بل في عمره كله فلربما تغشاه الرحمة وتنزل عليه السكينة والهداية والصلاح ويدخل بذلك الجنة بإذن رب العزة...
- فأيها الإخوة اغتنموا هذه الليالي الأخيرة والأيام المباركة بما ينفعكم في الدنيا والآخرة؛ فإنه شهر سيودعكم آخره كما ودعكم أوله، فودعوه بخير، وإنما العبرة بحسن العمل في الخواتيم، وها هي أيام رمضان انقضت، وها هي لياليه أيضاً قد أوشكت فعلينا فالزموا الطاعات، واغتنموا هذه الفضائل والمكرومات لعل الله أن يغفر لنا الزلات، صلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.org/
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/GZzvcMtz-EY?si=xwhuayZNRJhcZeYX
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ المكلا/ 19/ رمضان /1445هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
-فإن شهر رمضان هو شهر، وموعد، ولقاء بالانتصارات، والفتوحات، والبطولات، شهر مبارك جمع الفضائل والمكرمات، شهر مبارك جمع فيه ما جمع من الخيرات والبركات، شهر لا يعرف الكسل والخمول، ولا يعرف الدعة، ولا يعرف الركون، ولا يعرف إلا الجد لا الهزل، ولا يعرف إلا الخير لا الشر، هو موطن جعله الله تبارك وتعالى للفالحين للمؤمنين الصالحين..
- إنه شهر مبارك شهر عرفه السلف بما عرفوه، وعبدوا الله حق عبادته كما عبدوه، وتعرف الخلف عليه فأفسدوا كثيرا من ساعاته ولياليه، هذا الشهر المبارك شهر جمع الله تبارك وتعالى فيه فريضة العمل لذود حمى الإسلام، مع فريضة الصيام، فريضة الدفاع عن الإسلام والنفس والعرض والمال وعن كل شيء في الحياة ليسلم ذلك المسلم الإنسان، شهر لم يكن ولن يكون إلا ذلك الشهر الذي جعل الله فيه البركة والنصر، وجعل فيه أعظم الخير بل إنه جمع فرائض في الإسلام عديدة وكبيرة وعظيمة لا فريضة الصيام والجهاد الذي هو الدفاع عن الإسلام…
- هذا الشهر المبارك يكفي أنه فيه كان يتبرك المسلمون، يتبرك المجاهدون، يتبرك الصالحون، يتبرك المرابطون المثابرون على ثغور هذه الأمة في هذا الشهر المبارك؛ إذ كانوا يؤقتون معاركهم وفتوحاتهم وما لديهم من إمكانيات لتهدئة وعلاج تلك النفوس المريضة والتي ما عرفت إلا الشر ومحاربة الإسلام في كل وادٍ ونادٍ…
- تلك النفوس الأبية لسلفنا الصالح على رأسهم رسولنا صلى الله عليه وسلم الذي جعل هذا الشهر المبارك هو محطة يجمع فيه ذروة الإسلام -الجهاد- العظمى، مع فريضة الصيام الفضلى، وبدأ صلى الله عليه وسلم في هذا الشهر المبارك في شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن بأول غزوة له صلى الله عليه وسلم على الأعداء الذين طالما تربصوا بالمسلمين، وطالما فعلوا بهم الأفاعيل، وأخرجوهم من ديارهم حفاة عراة جائعين…وهي مشاهد تتكرر في كل زمان، وفي كل حين وآن مادام وأن راية الجهاد قد خفت، وسيفه قد خمد، والقوة قد ضعفت… تلك المشاهد للذل والخزي والعار المتكررة إذا سكت المسلمون عنها، ولم يحركوا سهامهم لكفها، وكبت جماحها، وإنهاء آلامها كانت العقوبة عليهم من ربنا: ﴿إِلّا تَنفِروا يُعَذِّبكُم عَذابًا أَليمًا وَيَستَبدِل قَومًا غَيرَكُم وَلا تَضُرّوهُ شَيئًا وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ﴾، وقبله ذلك النداء المدوي: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا ما لَكُم إِذا قيلَ لَكُمُ انفِروا في سَبيلِ اللَّهِ اثّاقَلتُم إِلَى الأَرضِ أَرَضيتُم بِالحَياةِ الدُّنيا مِنَ الآخِرَةِ فَما مَتاعُ الحَياةِ الدُّنيا فِي الآخِرَةِ إِلّا قَليلٌ﴾..
- على أن الإسلام منصور بك أو بغيرك إنما تشرف أن تكون من حملة رايته، والمدافع عن حياضه: ﴿إِلّا تَنصُروهُ فَقَد نَصَرَهُ اللَّهُ إِذ أَخرَجَهُ الَّذينَ كَفَروا ثانِيَ اثنَينِ إِذ هُما فِي الغارِ إِذ يَقولُ لِصاحِبِهِ لا تَحزَن إِنَّ اللَّهَ مَعَنا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكينَتَهُ عَلَيهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنودٍ لَم تَرَوها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذينَ كَفَرُوا السُّفلى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُليا وَاللَّهُ عَزيزٌ حَكيمٌ﴾، ألا فليستجيبوا للنداء، وليلبوا لدعوة رب الأرض السماء: ﴿إِلّا تَنصُروهُ فَقَد نَصَرَهُ اللَّهُ إِذ أَخرَجَهُ الَّذينَ كَفَروا ثانِيَ اثنَينِ إِذ هُما فِي الغارِ إِذ يَقولُ لِصاحِبِهِ لا تَحزَن إِنَّ اللَّهَ مَعَنا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكينَتَهُ عَلَيهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنودٍ لَم تَرَوها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذينَ كَفَرُوا السُّفلى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُليا وَاللَّهُ عَزيزٌ حَكيمٌ﴾.
- فهو إذَن قتال واستشهاد واستبسال ودفاع عن كرامة الإسلام وذود عن كرامة المسلمات والأطفال، وإلا كان الخزي والعار، ولا بديل له سواه فأين المتذكرون لفعل الحبيب صلى الله عليه وسلم حامي لواء الدين، وحارس ثغر الإسلام والمسلمين بدءًا من بدر الكبرى وانتهاء بتبوك ومواصلة أصحابه رضوان الله عليهم لمشواره صلى الله عليه وسلم.
- هذه الكرامة للأمة، والانتصار للإسلام بدأه رسولنا صلى الله عليه وسلم في مثل هذا الشهر، المبارك، وفي السابع عشر من رمضان بما سماه الله تبارك وتعالى بمعركة الفرقان، والفرقان بمعنى الفاصل بين الحق والباطل، وسيزال كذلك يفصل بين الحق والباطل ما دام وأن سيف الجهاد قائم، ما دام وأن ذلك السيف مرفوعا، ما دام وأن ذلك السيف يخفق في يد ذلك المسلم الذي يعتز بدينه وإسلامه، وسيُهزم ذلك الباطل الذي طالما ترعرع وعاش قبل معركة الفرقان فاجتث جذوره.
- إن معركة بدر أو الفرقان هي أول مقدمة عظمى لنصر الإسلام، لكن ليست وحدها وقعت في شهرنا هذا شهر رمضان بل هناك مشاهد كبيرة، وبطولات كثيرة، بل أروع وأعظم وأكبر وأجل فتوحات المسلمين على الإطلاق كانت في هذا الشهر المبارك أمثال فتح مكة التي جعلها الله نهاية لغطرسة الكفر والظلم، حتى أن الله عز وجل قد أسقط فرض الهجرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما علله العلماء على أن فتح مكة قد أصبح الإسلام عزيزاً فلا يحتاج مسلم أن يذهب من بلد لبلد وينتقل بنفسه أو ينقذ أسرته من مكان لمكان، بل أصبح ذلك الإسلام هو المهيمن في تلك الفترة على كل الأماكن، وأيضًا لقد أصبحت جزيرة العرب هي أرض الإسلام هي أرض دين وانتصار بفتح مكة المجيد، ولهذا قال الله في سورة كاملة سماها سورة النصر وكلها تتحدث عن فتح مكة المجيد: ﴿إِذا جاءَ نَصرُ اللَّهِ وَالفَتحُ وَرَأَيتَ النّاسَ يَدخُلونَ في دينِ اللَّهِ أَفواجًا فَسَبِّح بِحَمدِ رَبِّكَ وَاستَغفِرهُ إِنَّهُ كانَ تَوّابًا﴾، فمعناه قد دان القبائل العربية للمسلمين.
- وأيضًا ليست هذه وفقط بل هناك فتوحات
كبيرة وعظيمة بعد أن التحق نبينا صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى جاء الفتح الكبير، والنصر المجيد، والهزيمة الساحقة، لا ضد عادي بل لأكبر وأعظم إمبراطورية عالمية كانت في تلك الفترة، إنها فارس التي طالما تغطرست وتكبرت وتجبرت ووصلت بجذوروها إلى أقاصي الدول بكلها تقريبًا إما بسياستها القذرة أو بجيشها الذي وصل حتى إلى اليمن، وإلى أفريقيا مع أنها في مكان بعيد وسحيق في شرق آسيا إلا أنها تغلغلت هناك فجاء الإسلام فقص تلك الأجنحة وأنهى تلك الآثار التي طالما تبجحت بها لقرون طويلة إنها معركة القادسية… نعم معركة القادسية المباركة والفتح المجيد الذي كان بقيادة سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه…
- على أن القادسية ليست الوحيدة أيضًا ولو صرفنا من الوقت ماصرفنا، وتحدثنا ما تحدثنا لطال بنا المقام جداً، لكنها فقط نفحات ولفحات وتقليب في صفحات التاريخ، ولن نتحدث عن أبعاد المعركة وعن أخبارها وعن أسرارها وعن شهدائها وعن قتالها وعن عددها ومدتها وعن الانتصار الكبير وما حققه المسلمون فيها، بل إنما هي قطوف لنعرف الأمجاد ونعرف على أن شهر رمضان شهر جهاد ورباط لا ذلك الشهر الذي حوله كثير من المسلمين إلى شهر نوم وغفلة وكسل وخمول وسهر وقيل ومقال وحلقات وتلفزيونات وأشياء وأشياء…
- إنها فتوحات مجيدة عرفها السلف وفعلوها بأنفسهم في وقت نحن ننام طويلا، ونكسل كثيرا وآتي بكم لفتح بلاد السند والهند التي كانت العائق الأكبر والأعظم للمسلمين آنذاك وهي أكبر فتح للمسلمين من جهة الشرق في شرق آسيا في باكستان، وما وراء باكستان، وأفغانستان، وأوزبكستان، وطجاكستان… وتلك البلدان بكلها حتى وصلوا إلى قلب روسيا، ثم إلى الهند أيضًا، تلك الهند التي طال الحكم الإسلامي حتى ظل لقرون تخفق فيها دولة الهند وعاصمتها دلهي كما تسمى الآن، أو دهلي كما كانت تسمى قديمًا بتقديم الهاء…
- نعم إنها أرض الهند التي فتحها ذلك الطفل الصغير الذي لم يتجاوز كما يسمى الآن في قوانين الجبن والخوف السن القانون إنه محمد بن القاسم رحمه الله وفي القرن الأول أو في نهايته في الثانية والتسعين للهجرة النبوية محمد بن القاسم الذي كان في السابع عشر من عمره يفتح بلاد السن والهند وشرق آسيا بما فيها، بتلك المعارك الطويلة التي كانت في أعظم وأنصع صفحات تاريخنا المجيد…
- ثم ليست بلاد السن والهند وفتح فارس (القادسية) ومكة قبل ذلك، ثم قبل الكل معركة بدر الكبرى، بل أيضاً من جهة أخرى هي جهة أسبانيا حاليًا الفردوس المفقودة كما يصفها المسلمون، التي فقدوها وأضاعوها من أيديهم على يد الملوك المتناحرة آنذاك بما تسمى في تاريخنا وفي تاريخ الأمة الأسود في تلك الفترة هم ملوك الطوائف الذين تركوا لأجل ملكهم، ولأجل أسرهم، ولأجل ذويهم، ولأجل أنفسهم، أرض الأندلس الفردوس المفقوده تركوها للصليبيين بعد أكثر من ثمانية قرون من انتصار المسلمين فيها، وقد كان فتحها في رمضان على بيد المجاهد الكبير والعظيم إنه طارق بن زياد الذي وصل الى الأندلس التي كانت تسمى كذلك في فترة مضت وتركها المسلمون وتركوا مشاهدها ومعالمها ولم يحفظوا اليوم إلا نوادي رياضية وأخبار من هذه وتلك من سياسية وثقافية لكنهم لم يعرفوا على إن الأندلس هي أرض إسلامية وستظل كذلك بإذن الله حتى استعادتها من الصليبيين الذين أخذوها على غرة من المسلمين…
- ثم قبل سقوطها الأول أو الذي كادت تسقط فيه وأخره كما يقول المؤرخون لأربعة قرون هي معركة رمضانية كبرى كانت معركة الزلاقة على يد قائد المجاهدين وزعيم دولة المرابطين يوسف بن تاشفين رحمه الله، وكانت أيضًا في رمضان….
لكن تلك المعارك لم ولن تكون الوحيدة في رمضان بل هناك عظائم للإسلام في شهر رمضان وكبريات المعارك فيه الفاصلة وإلى تمريغ أعظم جيش كان في تلك الفترة التي صال وجال وطغى وتكبر وتغطرس وجاء من أبعد مناطق الكرة الأرضية في الصين وحدودها حتى وصل في كل مكان حتى إلى إفريقي،ا وطاف بالجزيرة العربية خاصة بغداد حاضرة الإسلام وعاصمة العالم بأكمله، إنه الجيش الذي كان يقال لا يقهر التتار الذي كان يفعل الأفاعيل ويعمد إلى الأطفال والنساء الحوامل فيبقر بطونهن ويفعل بهن ما يفعل ويحرق قرى بأكملها لا يقتلهم إلا حريقًا ولا يدفنهم إلا أحياء وفعل بالمسلمين ما فعل وحتى ليس بالمسلمين وفقط بل وكل ما مر أمامه إنه جيش التتار الذي هُزم شر هزيمة، وأعظم كارثة ولم تقم له بعده قائمة وفي ك شهر رمضان كان الموعد وعلى يد قطز والظاهر ببيرس وفي عين جالوت الكبيرة والتي نسمع عنها كثيرا ولكننا ربما خفت عنا على أنها في شهر رمضان…
- لكن ليست عين جالوت فقط بل هناك المعركة المجيدة التي حرر فيها المسلمون الأقصى المجيد في شهر رمضان وعلى يد صلاح الدين الأيوبي عليه رحمة الله، ذاك المجاهد الأبي والصنديد المقدام الإسلامي الذي ما عرف إلا الجهاد ولا عرف إلا الإسلام ولا عرف إلا معنى وإسلاماه، وقد كانت معركة حطين المجيدة في أرض فلسطين العظيمة والتي كان لها موعد أيضا مع انتصار آخر وفي شهر رمضان أيضًا وفي قرننا الماضي وليس بالزمن البعيد جدا، وضد الكيان الصهيوني الغاصب المحتل المتغطرس… أعني معركة 1973م في أكتوبر المجيد الذي أعاد أمجاده القسام في السابع منه بطوفان الأقصى الذي يجوب وقد جاب العالم بما فيه بطوفان مزلزل أحيا الأرض والعرض والجهاد والنخوة والحمية، واستطاع أن يلفت أنظار العالم بكله لأرض فلسطين الأبية، وشعبها المظلوم على يد الكيان الصهيوني القاتل المجرم…. والقسام بطوفان الأقصى أراد أن يلقن العالم بأسره أن الطوفان سيعم الكل إن لم ينته المحتل، ويرحل عن الأرض… والمقاومة كلها يخوضون وسيخوضون تلك المعارك الكبيرة والعظيمة في شهر رمضان وفي غير شهر رمضان يخوضونها وباستمرار وبجهاد واستبسال وبتضحيات كبرى ليس هم فقط بل وجميع المدنيين معهم بالعذاب والاضطهاد والمجاعة والصبر على القتل والجراحات والتدمير وما ترونه على شاشات الخزي والعار الذي خذلهم العرب الصغار والكبار والذين خذلهم العالم بما فيه الذي يدعي الإنسانية وأصبحت غزة وأهل غزة هي أول معركة في التاريخ بما فيه أن تنقل مشاهدة للعالم أولا بأول. وقبل أن تقصف الطائرة وقبل أن ترمي القذيفة. وقبل أن تنزل تلك القنبلة تصور لكن لاحراك ولا قائل كفى ولكن لا كرامة، ولا نخوة تحركت…
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... وبعد: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
- الحديث كما مر معنا عن أحداث شهر رمضان، وعن جهاد وبطولات رمضان جميلة ورائعة وكبيرة وعظيمة ولربما لا نتصورها الآن؛ لأننا عشنا زمن الخذلان، وعشنا زمن الكسل، وعشنا الزمن الذي جعلنا فيه رمضان شهر نوم وخمول وقيل وقال وحلقات وبرامج ومسلسلات…
- لقد حولناه لشهر تنوع المأكولات، وتنوع المشروبات، وللسهرات، وللمراسلات ولكل أنواع ضياع الأوقات… ألا فإن كنا كذلك فيما سبق فلا نكن كذلك فيما بقي ولحق، وإننا في أيام رمضان العظمى والفضلى وفي خير أيامه على الإطلاق وبإجماع العلماء أن شهر رمضان هو خير الشهور، وأن خير ما فيه هي العشر الأواخر منه، وعلى أن خير ما في العشر في رمضان بل وفي العام كله هي ليلة القدر التي لا نعلم متى تكون، وفي أي ليلة تكون؟ وإنما الذي هو الذي رفع علمها الله عز وجل وبالتالي فالواجب على المسلم إذا أراد أن يدرك هذه الليلة العظيمة التي تعدل بألف شهر: {لَيلَةُ القَدرِ خَيرٌ مِن أَلفِ شَهرٍ}… أي عشرات الآلاف من الليالي… ﴿إِنّا أَنزَلناهُ في لَيلَةِ القَدرِ وَما أَدراكَ ما لَيلَةُ القَدرِ لَيلَةُ القَدرِ خَيرٌ مِن أَلفِ شَهرٍ تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ وَالرّوحُ فيها بِإِذنِ رَبِّهِم مِن كُلِّ أَمرٍ سَلامٌ هِيَ حَتّى مَطلَعِ الفَجرِ﴾، بل باركها وما فيها جل وعلا: ﴿إِنّا أَنزَلناهُ في لَيلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنّا كُنّا مُنذِرينَ فيها يُفرَقُ كُلُّ أَمرٍ حَكيمٍ أَمرًا مِن عِندِنا إِنّا كُنّا مُرسِلينَ﴾.
- ألا فاغتنموا هذه الليالي المباركة، وتعرفوا على ربكم فيها، وتعبدوه حق عبادته، ومن أحسن فيما بقى غُفر له ما مضى، ألا فأحسنوا في آخر رمضان، وما تبقت فيه من ليال وأيام يحسن الله إليكم ويحبكم في بقية العام: ﴿وَأَحسِنوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُحسِنينَ﴾… ﴿إِنَّ الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ إِنّا لا نُضيعُ أَجرَ مَن أَحسَنَ عَمَلًا﴾…
- إنها فرصة عظيمة لمن أسرف في بدايته وأوائل عمره أن يجتهد في نهايته ومن أحسن في النهاية غفر الله له البداية، ولو أن كافراً نطق بالشهادتين في آخر لحظات من عمره لدخل الجنة، ولو أن مسلمًا استغل آواخر رمضان وتعرف على ربه مهما كان مسرفا في بدايته بل في عمره كله فلربما تغشاه الرحمة وتنزل عليه السكينة والهداية والصلاح ويدخل بذلك الجنة بإذن رب العزة...
- فأيها الإخوة اغتنموا هذه الليالي الأخيرة والأيام المباركة بما ينفعكم في الدنيا والآخرة؛ فإنه شهر سيودعكم آخره كما ودعكم أوله، فودعوه بخير، وإنما العبرة بحسن العمل في الخواتيم، وها هي أيام رمضان انقضت، وها هي لياليه أيضاً قد أوشكت فعلينا فالزموا الطاعات، واغتنموا هذه الفضائل والمكرومات لعل الله أن يغفر لنا الزلات، صلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.org/
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A ...المزيد
*مدرسة.رمضان.cc* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي. عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين. ...
*مدرسة.رمضان.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/BRFQ2ozqgTI
*📆 تم إلقاؤها بمسجد الخير المكلا فلك: 29/شعبان /1443هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- سويعات قليلات تفصلنا عن ذلك اللقاء الكبير، عن ذلك الموعد العظيم، عن ذلك النداء الجليل، عن نداء يخترق السماء والأرض، عن نداء عظيمٌ معظم من قبل الله عز وجل: ﴿ذلِكَ وَمَن يُعَظِّم شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِن تَقوَى القُلوبِ﴾، عن نداء ملكوتي قدسي إلهي كبير، يسمعه المؤمنون، ويستجيب له الموحدون، يذعن له الخاضعون الذليلون، ذلك النداء هو نداء أول ليلة من رمضان، نداء: " يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر اقصر'، ذلك النداء الذي يجعله الله عز وجل في قلوب وعقول المؤمنين، بل حتى عموم المسلمين فيذعنون ويستجيبون ويسارعون ويبادرون لهذا الموعد، يستجيبون لنداء ربهم تلقائيًا يرون على أن أنفسهم هوت مساجد الله، وعلى أن قلوبهم اشتاقت لآيات الله، وعلى أن أسماعهم أيضًا أرادت أن تستمتع وتنصت وتخضع لتلك الآيات المرتلة من أئمة الصلوات سواء في المفروضات أو في النوافل من العبادات…
- أيها المؤمنون هذا النداء من الله عز وجل ليس بنداء عادي، ليس بنداء بسيط سهل يسير، ولهذا نرى على أن نتائجه الكبرى تأتي سراعًا فمباشرة يبدأ ذلك المسلم بصومه، يبدأ ذلك المسلم بالإتيان لمساجد الله للسهر كثيراً عند ترتيل كتاب رب العالمين سبحانه وتعالى، والقيام ليلا، وفي النهار بالصيام، وهذه الطاعات قلما يأتيها في غير رمضان، بل لربما من الناس وما أكثرهم من لا يعرف الصوم الا في رمضان، وبالتالي هو يستجيب لهذا النداء تلقائيًا، بل أعظم من هذا كله نداؤه جل جلاله في آيات الصيام وفي أول آية تفرض فيها مسألة الصيام وهي النداء الذي فتحه الله بـ: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا﴾، واذا سمعتها كما قال ابن مسعود: "إذا سمعت ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا﴾ فارع لها سمعك فإنه إما أمر تؤمر به أو نهي تنهى عنه"، إما أن تؤمر بشيء من الله ويناديك لتستجيب لندائه كما أنك تستجيب لنداء والدك ووالدتك فكذلك بالنسبة لنداء ربك جل جلاله الذي له الطاعة الكاملة فهو يناديك ينادي كل مؤمن على وجه الأرض ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا﴾، نداء إشفاق، نداء رحمة، نداء لطف بالناس، نداء تودد من رب العالمين سبحانه وتعالى وإنه لمن أعظم الكرامات واجل وازكى وأحسن الأمنيات التي يتمناها ذلك المسلم الذي يريد ربه عز وجل هو أن يدخل ضمن المؤمنين، ضمن المستجيبين، ضمن المبادرين، أن يناديني ويناديك وينادي فلانًا وفلانة: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾، كل مسلم منهم مكتوب صيام مفروض عليه صيام وبالتالي من أمن برب العالمين سبحانه وتعالى سيستجيب ونجد الإيمان الحقيقي الظاهر ينتج لنا صيامًا عند عموم المسلمين الا فيما ندر وهذا أمر رائع هائل عظيم يبعث بالأمل والاطمئنان والراحة والسكينة على أن اغلب المسلمين بنسب ساحقة يصومون ويستجيبون لنداء رب العالمين سبحانه وتعالى…
- إنهم في موعد لدورة عظيمة ومدرسة هائلة كبرى ربانية هي ثلاثون أو قليل من ذلك تسعة وعشرون يومًا، هذه المدرسة ليست بمدرسة عادية بل مدرسة ابتدأها الله بنداء الإيمان، وختمها بثمرة الصيام (التقوى)، ومعنى ذلك من دخل المدرسة الرمضانية وخرج منها دون أن يحقق الهدف الأسمى وهي التقوى فإنه لم يدرس، فإنه لم يفز، فإنه راسب، فإنه فاشل، فإنه غير ناجح، فإن النداء ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا﴾ لم يكن يستحق ذلك النداء وإن صام وإن زعم أنه صائم، ولذلك قال لنا صلى الله عليه وسلم: "رب صائم ليس له من صيامه الا الجوع والعطش، ورب قائم ليس له من قيامه إلا التعب والنصب"، ونعوذ بالله أن نكون من أولئك…
- *رائع كل الروعة أن نرى أغلب المسلمين يصومون وأيضًا أروع من هذا على أننا نجد كثيرًا منهم يتحرزون حتى على الأشياء البسيطة يستفتون في أمور هينة فيأتي سائل ويسأل ما حكم بزاقة الصائم؟ هل إذا جمعه في فمه فابتلعه يفطر الصائم؟ جميل هذه الحيطة، جميل هذا الورع، ويسأل عن عود الأراك، والإبرة، تجده مريضا مشفقا عليه، أصابه مرض لربما لم يصب به في خلال العام لكنه لا يستسلم لذلك المرض فيفطر رمضان، بل فوق هذا يسأل عن حكم الإبرة، جميل كل جمال أن يقع المسلمون في ورع كبير كهذا في احتياط لدينهم كهذه الحيطة، حتى في مسائل تأخذ من أرواحهم كأمراض ولكنهم لا يمكن أن يتعدوا الصيام، وبالتالي يسألون وتجد أن كثيرا من الأسئلة ترد حول هذه الأمور البسيطة الأمور السهلة، الأمور العادية هي من ناحية جميلة، ولكن الأجمل منها أن يستمر هذا الورع وهذه الحيطة وهذه المدرسة الإيمانية الربانية في غير رمضان، فكيف يسأل مسلم عن حكم ابتلاع ريقه وهو صائم لكنه بعيد عن الصلوات في رمضان وغير رمضان، لكنه مقصر في أفعال الواجبات لكنه ينتهك المحرمات، ماذا يفعل به ورعه هذا وهو يأتي ما حرم الله، ما يفعل ورعه هذا به وهو لا يأتي ما فرض الله، هذا ورع يجب أن يكون دائمَا وأبداً أن يكون للمسلم هذا الزاد من الورع في غير رمضان أكثر منه في رمضان، أن يستمر، بل هو علامة أن نتحقق بنداء الإيمان، أن يستمر أن يبقى وأن نحمله معنا لغير رمضان، لأن نتيجة رمضان إنما تظهر بعد رمضان، من استفاد من مدرسة رمضان سيحمله إلى ما بعد رمضان، ومن لم يستفد من مدرسة رمضان الكبرى فإنه سينسى من أول ليلة يدخل فيها الفطر، فينسى المسجد، وينسى العبادات، وينسى الطاعات، وينسى القربات، ونحن قبل أول ليلة من رمضان أحدثكم عن هذا قبل أن يقتحم علينا رمضان فيدخل ويخرج ونحن على ما نحن عليه لا جديد نتعب أنفسنا بصيام ونتعب أنفسنا بقيام، فلا فادنا لا صيام ولا قيام والسبب من عند أنفسنا: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم...﴾، حتى يغيروا ما بأنفسهم ليس بطونهم وجوارحهم وما ظهر منهم، بل ليس المسجد ويخرج من المسجد وهو لا زال كما دخل بل أن يحدث تغييراً جليلاً ذلك المؤمن يحدث التغيير الحق من نفسه أولاً إلى حياته فرمضان مدرسة عظمى ختامها ثمرتها عظمتها تكون في آخر الآية، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾*.
- أن تصلوا إلى مرتبة التقوى وماذا يعني أيها الإخوة أن نصل إلى مرتبة التقوى؟ معنى أن نصل إلى مرتبة التقوى أننا وصلنا إلى جنة رب العالمين سبحانه وتعالى، لأنه قال: ﴿وَسارِعوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّماواتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقينَ﴾، ﴿تِلكَ الجَنَّةُ الَّتي نورِثُ مِن عِبادِنا مَن كانَ تَقِيًّا﴾، ﴿وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذينَ اتَّقَوا بِمَفازَتِهِم لا يَمَسُّهُمُ السّوءُ وَلا هُم يَحزَنونَ}، والآيات كثيرة جداً في كتاب الله فمن تحقق بالتقوى ودخل رمضان وهو يريد أن يرفع شعار التقوى، وخرج رمضان وقد تحققت التقوى في نفسه فإنه سيفوز بجنة ربه عز وجل حتمًا، ولهذا جُعلت الجنة مفتحة أبوابها في رمضان وغلقت أبواب النيران أيضًا وجعل للصائمين بابًا خاصًا وهو باب الريان أقول قولي هذا وأستغفر
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
- إننا بحاجة ماسة ونحن قادمون على شهر رمضان المبارك، بحاجة ماسة لأن نغير ما بقلوبنا، وأن نقبل بحق على ربنا، وأن تكون لنا نيات صالحات في رمضان، وإنما يفوز الفائزون ويصل الواصلون بنواياهم، ولهذا قال الامام احمد عليها رحمة الله:" انوي الخير فإنكم ما زلتم في خير ما نويتم الخير"، فمن نوى الخير فهو في خير، من استمر في نية الخير فإنه باق على ما هو عليه، مكتوب له عمله وإن لم يعمل الخير، ولذلك: " إنما الاعمال بالنيات"، فمن نوى خيراً فإن الله يكتب له ذلك، ومن نوى شراً فإن الله يكتب عليه ذلك إذا تحقق به وأراده فعلاً، فرمضان شهرٌ للخيرات فلنحرص على تلك الخيرات فيه، ولنخطط لها؛ فإن من لم يخطط لخيراته فإن غيره سيخطط لدماره، من لم يخطط لوجود الصالحات في شهر رمضان أخذه الأخرون إلى مشانقهم، ومخططاتهم، ومستهلكاتهم، وجهوزاتهم المعدة سنوات لربما ولأشهر أحيانًا من مسلسلات من مسابقات من تخطيط هائل فأعداء الشر ونواب الشيطان الرجيم في خلال شهر رمضان يبثون سمومهم وينوبون بكل حماس عن سيدهم، فمن خطط لمصحفه ولمسجده ولآيات ربه وللتفكر على سطح منزله وللخلوة بربه في غرفته وتكون له حظه من دمعات وصدقات وخلوات وخيرات لا يعلمها الا ربه عز وجل فإنه هو الناجح هو الذي سيدخل عليه رمضان بنداء الإيمان ثم يخرج منه رمضان بثمرة التقوى، وبالتالي هو مستمر في ذلك في غير رمضان، أما من دخل رمضان وليست له نية الا أن يصوم مع الصائمين، وأن يقوم -إن قام- مع القائمين ثم يخرج رمضان على هذا فإنه سيدخل ويخرج كما دخل دون فائدة غير فائدة تجويع البطون وظمأ الحناجر فقط ثم الخروج بلا فائدة، فيا أيها الإخوة في أول يوم قبل أن يدخل رمضان فإن الواجب أن ننوي الخير وأن ننوي عمل الخير وپأن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم، {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم...}، وقال لنبيه عن أسرى بدر: ﴿يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِمَن في أَيديكُم مِنَ الأَسرى إِن يَعلَمِ اللَّهُ في قُلوبِكُم خَيرًا يُؤتِكُم خَيرًا مِمّا أُخِذَ مِنكُم وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾، فمن علم ربه من نفسه خيرا بإرادة الخير في شهر الخير فإن الله ييسر له عمل الخير، ومن علم الله من نفسه شراً وأنه لا يريد الخير وإن جاء الخير بدون نية مسبقة لإرادة الخير فإن الله يقيده ولا يسهل له ولا ييسر له ويبقى ذلك الإنسان مع العوام يصلي كما يصلون ويصوم كما يصومون ويدخل كما دخلوا ويخرج كما خرجوا، إمعة من الناس كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تكونوا إمعة تقولون : إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساؤوا فلا تظلموا"، لا تتأثروا بالمجتمع من حولكم هذا ينظر للمسلسلات وذاك يتابع الحلقات وهذا يضيع الأوقات وذاك يترك الصلوات وهذا يتأخر عن الجماعات لا عمل لي ولا شغل لي بالآخرين بل شغلي شغل نفسي، وسأدخل قبري وحدي ويحاسبني الله بمفردي، فلا أكون إمعة بل ثابتا إن أحسنوا أحسنت وإن أساءوا فإني لا اسيء بل أحسن دائمًا وأبدا، ولا أعرف الا الإحسان: {وَأَحسِنوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُحسِنينَ﴾، وما أعظم الإحسان في شهر الإحسان، وإن أجل الإحسان أن نعرف الله حق المعرفة بعبادتنا له، لنتحقق بأمر التقوى ثمرة الصيام، ومفتاح الجنان، ورضا الرحمن… صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله; ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2 ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/BRFQ2ozqgTI
*📆 تم إلقاؤها بمسجد الخير المكلا فلك: 29/شعبان /1443هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- سويعات قليلات تفصلنا عن ذلك اللقاء الكبير، عن ذلك الموعد العظيم، عن ذلك النداء الجليل، عن نداء يخترق السماء والأرض، عن نداء عظيمٌ معظم من قبل الله عز وجل: ﴿ذلِكَ وَمَن يُعَظِّم شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِن تَقوَى القُلوبِ﴾، عن نداء ملكوتي قدسي إلهي كبير، يسمعه المؤمنون، ويستجيب له الموحدون، يذعن له الخاضعون الذليلون، ذلك النداء هو نداء أول ليلة من رمضان، نداء: " يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر اقصر'، ذلك النداء الذي يجعله الله عز وجل في قلوب وعقول المؤمنين، بل حتى عموم المسلمين فيذعنون ويستجيبون ويسارعون ويبادرون لهذا الموعد، يستجيبون لنداء ربهم تلقائيًا يرون على أن أنفسهم هوت مساجد الله، وعلى أن قلوبهم اشتاقت لآيات الله، وعلى أن أسماعهم أيضًا أرادت أن تستمتع وتنصت وتخضع لتلك الآيات المرتلة من أئمة الصلوات سواء في المفروضات أو في النوافل من العبادات…
- أيها المؤمنون هذا النداء من الله عز وجل ليس بنداء عادي، ليس بنداء بسيط سهل يسير، ولهذا نرى على أن نتائجه الكبرى تأتي سراعًا فمباشرة يبدأ ذلك المسلم بصومه، يبدأ ذلك المسلم بالإتيان لمساجد الله للسهر كثيراً عند ترتيل كتاب رب العالمين سبحانه وتعالى، والقيام ليلا، وفي النهار بالصيام، وهذه الطاعات قلما يأتيها في غير رمضان، بل لربما من الناس وما أكثرهم من لا يعرف الصوم الا في رمضان، وبالتالي هو يستجيب لهذا النداء تلقائيًا، بل أعظم من هذا كله نداؤه جل جلاله في آيات الصيام وفي أول آية تفرض فيها مسألة الصيام وهي النداء الذي فتحه الله بـ: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا﴾، واذا سمعتها كما قال ابن مسعود: "إذا سمعت ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا﴾ فارع لها سمعك فإنه إما أمر تؤمر به أو نهي تنهى عنه"، إما أن تؤمر بشيء من الله ويناديك لتستجيب لندائه كما أنك تستجيب لنداء والدك ووالدتك فكذلك بالنسبة لنداء ربك جل جلاله الذي له الطاعة الكاملة فهو يناديك ينادي كل مؤمن على وجه الأرض ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا﴾، نداء إشفاق، نداء رحمة، نداء لطف بالناس، نداء تودد من رب العالمين سبحانه وتعالى وإنه لمن أعظم الكرامات واجل وازكى وأحسن الأمنيات التي يتمناها ذلك المسلم الذي يريد ربه عز وجل هو أن يدخل ضمن المؤمنين، ضمن المستجيبين، ضمن المبادرين، أن يناديني ويناديك وينادي فلانًا وفلانة: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾، كل مسلم منهم مكتوب صيام مفروض عليه صيام وبالتالي من أمن برب العالمين سبحانه وتعالى سيستجيب ونجد الإيمان الحقيقي الظاهر ينتج لنا صيامًا عند عموم المسلمين الا فيما ندر وهذا أمر رائع هائل عظيم يبعث بالأمل والاطمئنان والراحة والسكينة على أن اغلب المسلمين بنسب ساحقة يصومون ويستجيبون لنداء رب العالمين سبحانه وتعالى…
- إنهم في موعد لدورة عظيمة ومدرسة هائلة كبرى ربانية هي ثلاثون أو قليل من ذلك تسعة وعشرون يومًا، هذه المدرسة ليست بمدرسة عادية بل مدرسة ابتدأها الله بنداء الإيمان، وختمها بثمرة الصيام (التقوى)، ومعنى ذلك من دخل المدرسة الرمضانية وخرج منها دون أن يحقق الهدف الأسمى وهي التقوى فإنه لم يدرس، فإنه لم يفز، فإنه راسب، فإنه فاشل، فإنه غير ناجح، فإن النداء ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا﴾ لم يكن يستحق ذلك النداء وإن صام وإن زعم أنه صائم، ولذلك قال لنا صلى الله عليه وسلم: "رب صائم ليس له من صيامه الا الجوع والعطش، ورب قائم ليس له من قيامه إلا التعب والنصب"، ونعوذ بالله أن نكون من أولئك…
- *رائع كل الروعة أن نرى أغلب المسلمين يصومون وأيضًا أروع من هذا على أننا نجد كثيرًا منهم يتحرزون حتى على الأشياء البسيطة يستفتون في أمور هينة فيأتي سائل ويسأل ما حكم بزاقة الصائم؟ هل إذا جمعه في فمه فابتلعه يفطر الصائم؟ جميل هذه الحيطة، جميل هذا الورع، ويسأل عن عود الأراك، والإبرة، تجده مريضا مشفقا عليه، أصابه مرض لربما لم يصب به في خلال العام لكنه لا يستسلم لذلك المرض فيفطر رمضان، بل فوق هذا يسأل عن حكم الإبرة، جميل كل جمال أن يقع المسلمون في ورع كبير كهذا في احتياط لدينهم كهذه الحيطة، حتى في مسائل تأخذ من أرواحهم كأمراض ولكنهم لا يمكن أن يتعدوا الصيام، وبالتالي يسألون وتجد أن كثيرا من الأسئلة ترد حول هذه الأمور البسيطة الأمور السهلة، الأمور العادية هي من ناحية جميلة، ولكن الأجمل منها أن يستمر هذا الورع وهذه الحيطة وهذه المدرسة الإيمانية الربانية في غير رمضان، فكيف يسأل مسلم عن حكم ابتلاع ريقه وهو صائم لكنه بعيد عن الصلوات في رمضان وغير رمضان، لكنه مقصر في أفعال الواجبات لكنه ينتهك المحرمات، ماذا يفعل به ورعه هذا وهو يأتي ما حرم الله، ما يفعل ورعه هذا به وهو لا يأتي ما فرض الله، هذا ورع يجب أن يكون دائمَا وأبداً أن يكون للمسلم هذا الزاد من الورع في غير رمضان أكثر منه في رمضان، أن يستمر، بل هو علامة أن نتحقق بنداء الإيمان، أن يستمر أن يبقى وأن نحمله معنا لغير رمضان، لأن نتيجة رمضان إنما تظهر بعد رمضان، من استفاد من مدرسة رمضان سيحمله إلى ما بعد رمضان، ومن لم يستفد من مدرسة رمضان الكبرى فإنه سينسى من أول ليلة يدخل فيها الفطر، فينسى المسجد، وينسى العبادات، وينسى الطاعات، وينسى القربات، ونحن قبل أول ليلة من رمضان أحدثكم عن هذا قبل أن يقتحم علينا رمضان فيدخل ويخرج ونحن على ما نحن عليه لا جديد نتعب أنفسنا بصيام ونتعب أنفسنا بقيام، فلا فادنا لا صيام ولا قيام والسبب من عند أنفسنا: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم...﴾، حتى يغيروا ما بأنفسهم ليس بطونهم وجوارحهم وما ظهر منهم، بل ليس المسجد ويخرج من المسجد وهو لا زال كما دخل بل أن يحدث تغييراً جليلاً ذلك المؤمن يحدث التغيير الحق من نفسه أولاً إلى حياته فرمضان مدرسة عظمى ختامها ثمرتها عظمتها تكون في آخر الآية، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾*.
- أن تصلوا إلى مرتبة التقوى وماذا يعني أيها الإخوة أن نصل إلى مرتبة التقوى؟ معنى أن نصل إلى مرتبة التقوى أننا وصلنا إلى جنة رب العالمين سبحانه وتعالى، لأنه قال: ﴿وَسارِعوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّماواتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقينَ﴾، ﴿تِلكَ الجَنَّةُ الَّتي نورِثُ مِن عِبادِنا مَن كانَ تَقِيًّا﴾، ﴿وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذينَ اتَّقَوا بِمَفازَتِهِم لا يَمَسُّهُمُ السّوءُ وَلا هُم يَحزَنونَ}، والآيات كثيرة جداً في كتاب الله فمن تحقق بالتقوى ودخل رمضان وهو يريد أن يرفع شعار التقوى، وخرج رمضان وقد تحققت التقوى في نفسه فإنه سيفوز بجنة ربه عز وجل حتمًا، ولهذا جُعلت الجنة مفتحة أبوابها في رمضان وغلقت أبواب النيران أيضًا وجعل للصائمين بابًا خاصًا وهو باب الريان أقول قولي هذا وأستغفر
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
- إننا بحاجة ماسة ونحن قادمون على شهر رمضان المبارك، بحاجة ماسة لأن نغير ما بقلوبنا، وأن نقبل بحق على ربنا، وأن تكون لنا نيات صالحات في رمضان، وإنما يفوز الفائزون ويصل الواصلون بنواياهم، ولهذا قال الامام احمد عليها رحمة الله:" انوي الخير فإنكم ما زلتم في خير ما نويتم الخير"، فمن نوى الخير فهو في خير، من استمر في نية الخير فإنه باق على ما هو عليه، مكتوب له عمله وإن لم يعمل الخير، ولذلك: " إنما الاعمال بالنيات"، فمن نوى خيراً فإن الله يكتب له ذلك، ومن نوى شراً فإن الله يكتب عليه ذلك إذا تحقق به وأراده فعلاً، فرمضان شهرٌ للخيرات فلنحرص على تلك الخيرات فيه، ولنخطط لها؛ فإن من لم يخطط لخيراته فإن غيره سيخطط لدماره، من لم يخطط لوجود الصالحات في شهر رمضان أخذه الأخرون إلى مشانقهم، ومخططاتهم، ومستهلكاتهم، وجهوزاتهم المعدة سنوات لربما ولأشهر أحيانًا من مسلسلات من مسابقات من تخطيط هائل فأعداء الشر ونواب الشيطان الرجيم في خلال شهر رمضان يبثون سمومهم وينوبون بكل حماس عن سيدهم، فمن خطط لمصحفه ولمسجده ولآيات ربه وللتفكر على سطح منزله وللخلوة بربه في غرفته وتكون له حظه من دمعات وصدقات وخلوات وخيرات لا يعلمها الا ربه عز وجل فإنه هو الناجح هو الذي سيدخل عليه رمضان بنداء الإيمان ثم يخرج منه رمضان بثمرة التقوى، وبالتالي هو مستمر في ذلك في غير رمضان، أما من دخل رمضان وليست له نية الا أن يصوم مع الصائمين، وأن يقوم -إن قام- مع القائمين ثم يخرج رمضان على هذا فإنه سيدخل ويخرج كما دخل دون فائدة غير فائدة تجويع البطون وظمأ الحناجر فقط ثم الخروج بلا فائدة، فيا أيها الإخوة في أول يوم قبل أن يدخل رمضان فإن الواجب أن ننوي الخير وأن ننوي عمل الخير وپأن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم، {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم...}، وقال لنبيه عن أسرى بدر: ﴿يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِمَن في أَيديكُم مِنَ الأَسرى إِن يَعلَمِ اللَّهُ في قُلوبِكُم خَيرًا يُؤتِكُم خَيرًا مِمّا أُخِذَ مِنكُم وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾، فمن علم ربه من نفسه خيرا بإرادة الخير في شهر الخير فإن الله ييسر له عمل الخير، ومن علم الله من نفسه شراً وأنه لا يريد الخير وإن جاء الخير بدون نية مسبقة لإرادة الخير فإن الله يقيده ولا يسهل له ولا ييسر له ويبقى ذلك الإنسان مع العوام يصلي كما يصلون ويصوم كما يصومون ويدخل كما دخلوا ويخرج كما خرجوا، إمعة من الناس كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تكونوا إمعة تقولون : إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساؤوا فلا تظلموا"، لا تتأثروا بالمجتمع من حولكم هذا ينظر للمسلسلات وذاك يتابع الحلقات وهذا يضيع الأوقات وذاك يترك الصلوات وهذا يتأخر عن الجماعات لا عمل لي ولا شغل لي بالآخرين بل شغلي شغل نفسي، وسأدخل قبري وحدي ويحاسبني الله بمفردي، فلا أكون إمعة بل ثابتا إن أحسنوا أحسنت وإن أساءوا فإني لا اسيء بل أحسن دائمًا وأبدا، ولا أعرف الا الإحسان: {وَأَحسِنوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُحسِنينَ﴾، وما أعظم الإحسان في شهر الإحسان، وإن أجل الإحسان أن نعرف الله حق المعرفة بعبادتنا له، لنتحقق بأمر التقوى ثمرة الصيام، ومفتاح الجنان، ورضا الرحمن… صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله; ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2 ...المزيد
*خطتك المقترحة في شهر الرحمة* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي ...
*خطتك المقترحة في شهر الرحمة*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/_wnBROWYyfk?si=G11TYFRr0skn45Nd
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ 29/شعبان /1446هـ ↶
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
- فإن المؤمن، وهو في طريق سيره إلى ربه سبحانه وتعالى لا بد أن تعترضه الأهواء والرغبات والشهوات والمضلات والفتن والمدلهمات، وتتجاذبه هذه تاره إليها، وهذه الأخرى تارة إلى طريقها، وكلما استقام نحو ربه تتجاذبه أمور أخرى تريده نحوها، وهو يجاذب نفسه حتى يستقيم مع ربه سبحانه وتعالى، فإما يفوز فيفلح، وإما يخسر الخسارة الحقة في دنياه وآخراه، والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم مصداقًا لذلك كله: ﴿وَأَنَّ هذا صِراطي مُستَقيمًا فَاتَّبِعوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُم عَن سَبيلِهِ ذلِكُم وَصّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾… أي عن صراطه المستقيم، وعن طريقه الواضح المبين، وعن منهجه الحق، عن جنته جنة الصدق، عن ما وعد الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين في الدنيا وفي الآخرة من سعادة حقة، وراحة طيبة:﴿مَن عَمِلَ صالِحًا مِن ذَكَرٍ أَو أُنثى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلَنُحيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجزِيَنَّهُم أَجرَهُم بِأَحسَنِ ما كانوا يَعمَلونَ﴾، وقال: ﴿وَمَن أَعرَضَ عَن ذِكري فَإِنَّ لَهُ مَعيشَةً ضَنكًا وَنَحشُرُهُ يَومَ القِيامَةِ أَعمى﴾، فهو في ضنك دائم، فحياته في شقاء وتعاسة، لأن الأهواء تجاذبته نحوها وهو أقبل عليها، ولم يغالبها، بل هو مستعد لها، لأن لا مكافح لديه حقيقي ليدفعه نحو ربه، ويجعله لا يحيد عن منهج نبيه صلى الله عليه وسلم.
- فترى ضعيف الإيمان يستسلم للهوى سريعًا، ويهرول نحوه هرولة، فكلما ارتفع شعار من شعارات الأهواء، والرغبات، والملذات، والركون إلى الدنيا الفانية فإنه ينجذب نحوها، ويحبها، ويرغب فيها، لربما يظل فيها لسنوات، وربما لأشهر، وربما حتى يموت وهو لا يزال في تخبط، وفي عَشْوَاء، وفي راية شيطانية بدأت بخطوة، وانتهت بخطوات إلى ما لا نهاية لكن من قطعها من بدايتها، فاز مع ربه، واستقام مع مولاه سبحانه: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تَتَّبِعوا خُطُواتِ الشَّيطانِ وَمَن يَتَّبِع خُطُواتِ الشَّيطانِ فَإِنَّهُ يَأمُرُ بِالفَحشاءِ وَالمُنكَرِ...﴾، فبدلاً من أن كانت خطوات يسيرة نحو البعد عن ربه، إذا هي فواحش ومنكرات وكبائر وجرائم ومحرمات عظيمة، وترك فرائض، وما شئت من هذه الأمور التي تقطعه وتشغله سبحانه وتعالى، وكل يغدو، كما قال صلى الله عليه وسلم: "كل الناس يغدو، فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها"، هو بالخيار فإما أن يعتق نفسه، فيحررها من رق الدنيا، ومن رق العبودية للشهوات والأهواء، إلى العبودية لرب العالمين سبحانه وتعالى.
- فلا بد من عبودية، فمن لم يرتض بالله معبودًا ارتضى بغيره معبودًا، وأصبح متخبطًا في أهوائه ورغباته، ومتعلقًا بحياته الدنيا، ثم لن يفلح في دنياه ولا في آخرة، فظل على ما هو عليه إن لم يكن في انهيار، لكن المؤمن الحق هو من لا يرتضي إلا بالله، إلا بسبيل ربه وبطريق مولاه وحبيبه، وبهذا المنهج الحق.﴿وَأَنَّ هذا صِراطي مُستَقيمًا فَاتَّبِعوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُم عَن سَبيلِهِ ...﴾، هذا هو الشعار…
-ثم إن شعار المؤمن الحق أن حياته كلها وأعمالها كلها لربه سبحانه وتعالى: ﴿قُل إِنَّ صَلاتي وَنُسُكي وَمَحيايَ وَمَماتي لِلَّهِ رَبِّ العالَمينَ لا شَريكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرتُ وَأَنا أَوَّلُ المُسلِمينَ﴾، هذا هو الطريق الذي اتخذه منذ بداية حياته حتى لاقى ربه جل جلاله دون أن تغره دنيا فانية، وحياة تافهة؛ لأنه قد ارتفع عنده الشعار الأكبر والأبرز والأعظم، وهو شعار: ﴿وَعَجِلتُ إِلَيكَ رَبِّ لِتَرضى﴾، فهو يعاجل إلى ربه سبحانه وتعالى، ولا يبتغي إلا الله، ولا يرجو إلا الله، ولا يعبد إلا الله، ولا يتبع إلا سبيل الله سبحانه وتعالى، وبذلك أفلح كل الفلاح؛ لأنه عرف الطريق الذي لا تحيد به يمنةً ويسرة، بل هو متجه نحوه مهما ارتفعت من شعارات باطلة أو أهواء كاذبة أو دنيا فانية، فقد اختار الطريق، فلا يغره شعار الباطل مهما تجمل وتحسن؛ لأنه قد انتصب نحوه الشعار الأبرز: ﴿وَسارِعوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّماواتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقينَ﴾ فهو ينظر إليه، ويراه إمامه، ويعترض له في كل اتجاهاته ولهذا يبتغي إياه لا يبتغي سواه: ﴿سابِقوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُها كَعَرضِ السَّماءِ وَالأَرضِ...﴾. وأيضًا: ﴿فَفِرّوا إِلَى اللَّهِ إِنّي لَكُم مِنهُ نَذيرٌ مُبينٌ﴾…
- وإذا كانت هناك أوقات عظيمة، ومواطن فاضلة، وأيام مباركة، وأزمان ربانية فإنه لا يمكن أن تفوته، ولا يمكن إلا وهو من أسبق الناس وأولهم في الاتجاه إلى رب الناس سبحانه وتعالى؛ لأن الشعار هو الشعار الذي اتخذته من قبل: ﴿وَعَجِلتُ إِلَيكَ رَبِّ لِتَرضى﴾، فهو مسارع قبل الناس، فهو لا يمكن أن يكون كأي إنسان ما دام أنه يسعى إلى ربه سبحانه وتعالى، بل هو يريد السبق، وأن يفوز دائماً وأبداً بجائزة عرضها السماوات والأرض: ﴿وَسارِعوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّماواتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقينَ﴾… ﴿وَإِذ قالَ موسى لِفَتاهُ لا أَبرَحُ حَتّى أَبلُغَ مَجمَعَ البَحرَينِ أَو أَمضِيَ حُقُبًا﴾…
- ذلك المؤمن الحق هو الذي يبتكر هذه الفرص ويتحينها ويتنبه لها، ويهتم كل اهتمام بما فيها، وأمثل عليها لو افترضنا أن تاجراً من التجار سمع بصفقة عظيمة مربحة، سينال بها فرصة سانحة للربح الوفير، والإنجاز العظيم، وبعمل يسير لربما يقطع بها أشواط سنوات كثيرة متعبة مرهقة ليربح كربحها، وبضائع متعددة ليصل لها، لكن فاتته هذه الصفقة… فماذا سيكون حاله؟ كم سيحزن؟ كم سيندم؟ كم سيتحسر؟ كم سيتخذ هذا الموقف درسًا لحياته ليتعلم منه ويحدث الناس عنه؛ لأنها فاتته دنيا فانية، وصفقة رابحة في دنياه الغابرة، لكن بالنسبة لأمور الآخرة ماذا عن صفقات كبيرة، وأرباح عظيمة، وأجور مباركة تفوته دون مبالاة بها البتة كشهر رمضان مثلا ونحوه…!.
- لكنه ضعف الإيمان، وانقلاب الموازين، وانعدام اليقين… وإني أنادي… ألا إن صفقات رب العالمين سبحانه وتعالى هي المربحة، هي الحقة، هي التجارة الرابحة: ﴿هَل أَدُلُّكُم عَلى تِجارَةٍ تُنجيكُم مِن عَذابٍ أَليمٍ﴾، هذه هي التجارة التي في كل لحظة تعترض للمسلم وهو بين خيارين إما أن يقبل بها، أو يعرض عنها… وهذه هي الكارثة الحقيقية التي نراها عند كثير من الناس خاصة في شهر رمضان المبارك، شهر الرحمة، شهر المغفرة، شهر العتق من النار، شهر التوبة شهر الإقبال على رب البرية جل جلاله… فأين نحن منه، وهل شمرنا لنغتنم هذه التجارة الرابحة، والجنة المعروضة لنا…!.
- فماذا عنا؟ وما هو موقفنا، وماذا عنا؟ ما الذي أعددنا؟ ما هو واجبنا ودورنا…هل سنغتنم هذه الفرصة أم لن نفعل أصلا؟… أم أننا تعرض لنا هذه الأمور الدنيوية فننشغل بها عن هذه الفرصة الربانية، بأرباح دنيوية، وبشهوات زائلة، وبأمور حقيرة، لكننا نترك لأجلها هذه الفرصة الربانية التي ارتفع شعارها، وظهرت علاماتها، وربنا سبحانه وتعالى المنادي بها جل وعلا: ﴿هَل أَدُلُّكُم عَلى تِجارَةٍ تُنجيكُم مِن عَذابٍ أَليمٍ﴾…!.
- فهذه التجارة الرابحة هي تجارة رمضان المبارك، هي أيام رمضان المبارك التي ينزل فيها رب العالمين سبحانه وتعالى رحمته، ويفتح جنته، ويقبل على عباده، ويقيد أعداءه، وأعداء الناس جميعاً الذين يضلونهم كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: "وتصفَّد مردة الشياطين، وتفتح أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب النار، وينادي منادٍ من السماء: "يا باغي الخير، أقبل، ويا باغي الشر، اقصر"، أي خفف، انتهِ، انزجر، اتعظ…
- ألا فقد جاءت فرصة العباد في الإقبال على رب العباد سبحانه وتعالى بدخول شهر رمضان المبارك فإما أن نغتنم هذه الفرصة السانحة ونتاجر مع الله بها، فنفوز بها ونفلح بسببها، أو نخسرها فيا ويلنا… وبذلك تحقق فينا دعاء جبريل عليه السلام وتأمين النبي صلى الله عليه وسلم: "رغم أنف من أدركه رمضان ولم يُغفر له، قل آمين يا محمد"، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "آمين…"..
- ألا وإن الفرص تمر مر السحاب، تمر علينا سريعًا، ولا نعرف بدايتها من نهايتها، بل لربما تخفى على كثير من الناس، ورمصان فرصتنا، وغنيمتنا، وأنسنا، وميدان سباقنا، ومحطة كبرى لنا، وفيه فوزنا، ودخول جنة ربنا المفتحة لنا كما أخبر نبينا صلى الله عليه وسلم: "وتفتح أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب النار"، ويعتق الله جل وعلا في كل يوم عبادًا من النار، بل بمجرد دخول رمضان يغفر الله للعباد: "ورمضان إلى رمضان كفارة لما بينهن"، ومن صامه يغفر له ذنبه بشرطه: "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه"، و "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه"، و: "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه"… فهل سنتعرض لمغفرة الله، ونقبل بحق وصدق وعزم على الله، وتكون خطتنا العظمى وفرصتنا الكبرى في الاتجاه لله جل في علاه…!.
- ثم إن الموفق من وفقه الله، ولذلك علَّمنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن نقول دبر كل صلاة: "اللهم اعني على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك"، فليست المسألة هينة أو يسيرة بأن كلما ارتفعت هذه صفقة ربانية أقبل عليها الإنسان، واستغلها بل كثيرون يصومون، لكن ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، ومن قيامه إلا التعب والنصب، ولهذا لا يتحقق فيهم هدف الصيام وهو تحقيق التقوى في القلب…﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾ فمن حقق هذه الغاية ووصل إلى هذا الهدف النبيل ألا وهو التقوى فقد فاز، وحقق مراد الصيام وهدفه…
- فالواجب علينا أن نركز على كيفية استثمار رمضان بشكل أفضل، كيف يخطط المسلم لوقته، ما هي أولوياته وجدول أعماله في هذا الشهر الفضيل، يجب أن يكون لنا الشعار الواضح في هذا الشهر، ورؤية تتعلق بكيفية استغلال هذه الفرص الثمينة التي تعرض علينا.
- كثير من الناس قد يخططون لأمور الدنيا،
لأمور تافهة، لربما يعدون برامجهم الفضائية والتواصلية، ويعدون قائمة من الأعمال المقضية في أيامهم، لكن ماذا عن الآخرة؟ ماذا عن جنة الله الباقي؟ ماذا عن ربه سبحانه وتعالى؟ كيف وكلا وهذا الله يقول: ﴿وَمَن يَعشُ عَن ذِكرِ الرَّحمنِ نُقَيِّض لَهُ شَيطانًا فَهُوَ لَهُ قَرينٌ﴾ فمن انشغل بغير الله، سينشغل سيتيه، ويضيع، وقد لا يفيق من غيبوبته، وقد ربما لا ينتهي منها، لكن من حدد الطريق وانشغل بربه، فإن أي قاطع يقطعه عن الله لا بد أن يرده إلى ربه سبحانه وتعالى، لأنه حدد الهدف، لأنه حدد الجدول، لأنه أعد الخطة، فإما أن يخطط لنجاته، أو يخطط لهلاكه، إما أن تكون ممن يخطط للوصول إلى ربّه، أو أن يخطط عليه فيكون في غير رضا رب العالمين سبحانه وتعالى، فهو خيار: ﴿وَمَن يَعشُ عَن ذِكرِ الرَّحمنِ نُقَيِّض لَهُ شَيطانًا فَهُوَ لَهُ قَرينٌ﴾.
- وإن وأعظم ما ينشغل به المسلم في شهر رمضان من خطة توصله إلى رب العالمين سبحانه وتعالى، هو القرآن، نعم القرآن الذي شهر رمضان بما فيه ذكرى موعد نزول القرآن، وإذا كان السلف يتركون مجالسهم، سواء كانت مجالس الذكر التعليمية، أو الأوراد الشرعية، أو الأمور الأخروية، لكنهم لا ينشغلون بها في رمضان بل فقط بالقرآن القرآن القرآن حتى إن أئمة كبار كانوا يتركون مجالس الحديث ومجالس العلم، وينطلقون إلى المسجد وإلى القرآن وإلى بيوتهم للعكوف على كتاب الله ﴿شَهرُ رَمَضانَ الَّذي أُنزِلَ فيهِ القُرآنُ...﴾. فهو موعد نزول القرآن تجديد لهذا الموعد العظيم، ولذا، كان النبي صلى الله عليه وسلم يلقى جبريل عليه السلام في رمضان، فيقرأ النبي عليه القرآن مرة، ويقرأ عليه مرتين كما في آخر سنة من حياته صلى الله عليه وسلم…
- فإذا كان السلف يودعون مجالس ويؤثِرون قراءة القرآن على كل مجلس، فماذا يجب أن ننشغل نحن؟ وما هو الشيء الذي يستحق أن نترك له هذا الكتاب الكريم والعظيم؟، وإذا كان في غير رمضان، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، "الحرف بحسنة، والحسنة بعشر أمثالها"، وهذا في أي يوم من الأيام، فماذا عن شهر رمضان؟ وإذا كان فضل الذهاب للمسجد وقراءة القرآن فيها بخير من الدنيا كلها فكيف برمضان: "أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان أو إلى العقيق فيأتي منه بناقتين كوماوين في غير إثم ولا قطع رحم" فقلنا يا رسول الله نحب ذلك قال: "أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله عز وجل خير له من ناقة، أو ناقتين، وثلاث خير له من ثلاث، وأربع خير له من أربع ومن أعدادهن من الإبل" والحديث رواه مسلم، وهكذا يقول عليه الصلاة والسلام، وهي آية فكيف وهي آيات؟ كيف وهي أجزاء؟ يرتلها ويحسنها ويتدبر فيها، ويتخشع فيها، ثم ينطلق للعمل بها.
- هذا هو الشعار الأول والأهم ألا وهو القرآن الكريم وهذه هي الخطة الأولى، وهذه هي الخطة الأسمى والأكبر والأهم أيضًا، ثم ينبغي أن نركز على قراءة السور والآيات الفاضلة، مثل آية الكرسي التي هي أعظم آية في كتاب الله، وأيضًا سورة الإخلاص التي هي أكثر سورة أجرًا والتي من قرأها مرة كأنما قرأ ثلث القرآن، ومن قرأها ثلاثًا فكأنما قرأ القرآن كله، كما في الحديث الصحيح، وكذلك من قرأها عشر مرات بنى الله له قصرًا في الجنة، عشرة مرات لا تكلفه سوى أقل من دقيقة، وإذا به يبني قصرًا في جنة الله الخالدة. لو عمل المرء في الدنيا من أجل أن يبني قصرًا لفنت حياته وأمواله من أجل ذلك، فكيف وهو في جنة الله سبحانه وتعالى؟.
- ثم كذلك ينشغل بقيام الليل فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه" فينشغل بقيام الليل، وليس بالضرورة أن يكون القيام بالصلاة فقط، بل يمكن أن يكون قيام الليل بقراءة القرآن، بالاستغفار، بالتكبير، بالتهليل، يتقلب من ذكر إلى ذكر، بالتفكر في مخلوقات الله، بالقراءة فيكون قائمًا لربه سبحانه وتعالى… وهذا أفضل له كما أخبر عليه الصلاة والسلام: "ألا أنبئكم بخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا ذكر الله"، أي أن يذكر الإنسان ربه سبحانه وتعالى، ومن ذكر الله ذكره الله: ﴿فَاذكُروني أَذكُركُم وَاشكُروا لي وَلا تَكفُرونِ﴾.
- وفي آخر الليل قبل الفجر يلزم الاستغفار ولا بد أن يكون من ورده الذي لا يفرط فيه مهما كان الأمر، بل هو أفضل في ذلك الوقت حتى من قراءة القرآن؛ لأن قراءة القرآن وقته متسع، أما الاستغفار فأفضل وقته مضيق ففضلنا الضيق: ﴿وَبِالأَسحارِ هُم يَستَغفِرونَ﴾ ﴿الصّابِرينَ وَالصّادِقينَ وَالقانِتينَ وَالمُنفِقينَ وَالمُستَغفِرينَ بِالأَسحارِ﴾…
- وينبغي أن يحرص على المحافظة على اثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة من غير الفرائض، فإنه بها يبني قصرًا في الجنة كما أخبر صلى الله عليه وسلم، وكلما كثرت ركعاته كثرت قصوره، ولا شك ولا ريب كما في الحديث الصحيح عند البخاري وغيره.
- ويحرص على صلاة الجماعة ويدرك تكبيرة الإحرام أربعين يوما ليكتب الله براءة من النار، وبراءة من النفاق كما أخبر عليه الصلاة والسلام: "من صلى لله أربعين يومًا في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كُتب له براءتان براءة من النار، وبراءة من النفاق".
-أيضاً فإنه يختصر الجنة بمسألة الخشوع لربه سبحانه وتعالى، وإن فاته الخشوع في غير رمضان فلا ينبغي أن يفوته في رمضان. فقد أخبر صلى الله عليه وسلم أن دمعة يختصر بها الإنسان مسافات شاسعة، وأعمال كبيرة وكثيرة لكن إذا كانت خالصة لله فيها: "عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله"، فيبكي من خشية الله سبحانه وتعالى طلبًا للجنات، وخاصة في الخلوات، فيتنبه لها جيدًا؛ ففي الحديث الصحيح المتفق عليه الذي يتحدث فيه النبي صلى الله عليه وسلم ومن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله يقول صلى الله عليه وسلم: "ورجل ذكر الله خاليًا،ة ففاضت عيناه".
أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ..
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:
- فإنه لا بد أن ننشغل بخطة محكمة تقودنا إلى الدار الآخرة ورضا رب العالمين جل جلاله، ولقد عددنا بعض العبادات والطاعات التي ينبغي للمسلم أن ينشغل بها في شهر رمضان، حتى لا تتخطفه الأهواء والملذات والرغبات، خاصة في هذه الدنيا التي قد عرضت للعبد أهواءها ورغباتها وملذاتها، فإما أن يختارها أو أن يختار ربه سبحانه وتعالى…
- ينبغي أيضًا أن ينشغل بقراءة القرآن في مسجده، ويحرص على أن يبقى في المسجد ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، خاصة بعد الفجر. فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن "من صلى الغداة -يعني الفجر- جماعة ثم قعد في مصلاه يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين، كان كتب الله له حجة وعمرة تامة، تامة، تامة".
كما أن من استطاع أن يعتمر العمرة الحقيقية فهو خير وبركة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "عمرة في رمضان كحجة معي".
- وكذلك ينوي دوماً عند دخوله إلى المسجد في أي وقت، ومهما أراد أن يمكث فيه من وقت ولو في لحظة، ولو ساعة، ولو حتى دقائق معدودة، بأن يجعل النية نية اعتكاف في بيت الله سبحانه وتعالى.
- وكذلك ينشغل بذكر الله عامة، وينشغل بالصدقة أكثر من انشغاله بها في غيره؛ فلقد كان صلى الله عليه وسلم أجود ما يكون في رمضان، وينوع صدقة للفقراء، والمساكين، والأرحام، وصدقة لإخواننا المستضعفين في غزة وفي بلاد المسلمين عامة، وينشغل بدعاء ربه جل جلاله، فهو عبادة عظيمة، ودعاء الصائم مجاب خاصة عند إفطاره، وكذا ينشغل ويصب اهتمامه بليلة القدر فهي خير من ألف شهر كما أخبر ربنا جل وعلا…
-فهذه عبادات يسيرة، وإلا فالعبادات كثيرة والعبادة تشمل كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال والحركات والسكون، فكلما نوى العبد لربه فهو خير وبركة يصل به إليه سبحانه وتعالى،
وهناك أنواع من الخيرات المباركة التي ينبغي للمسلم أن ينشغل بها في شهر رمضان، حتى لا تشغله الأهواء والملذات: ﴿وَمَن يَعشُ عَن ذِكرِ الرَّحمنِ نُقَيِّض لَهُ شَيطانًا فَهُوَ لَهُ قَرينٌ﴾، ﴿وَسارِعوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّماواتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقينَ﴾، ﴿سابِقوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُها كَعَرضِ السَّماءِ وَالأَرضِ أُعِدَّت لِلَّذينَ آمَنوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذلِكَ فَضلُ اللَّهِ يُؤتيهِ مَن يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الفَضلِ العَظيمِ﴾…
- وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الرسمي الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص الاحتياطي فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty3
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.com
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر (إكس):*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص تليجرام:*
https://t.me/alsoty
*❈- مجموعة #يستفتونك اطرح سؤال تليجرام:*
https://t.me/alsoty11
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/_wnBROWYyfk?si=G11TYFRr0skn45Nd
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ 29/شعبان /1446هـ ↶
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
- فإن المؤمن، وهو في طريق سيره إلى ربه سبحانه وتعالى لا بد أن تعترضه الأهواء والرغبات والشهوات والمضلات والفتن والمدلهمات، وتتجاذبه هذه تاره إليها، وهذه الأخرى تارة إلى طريقها، وكلما استقام نحو ربه تتجاذبه أمور أخرى تريده نحوها، وهو يجاذب نفسه حتى يستقيم مع ربه سبحانه وتعالى، فإما يفوز فيفلح، وإما يخسر الخسارة الحقة في دنياه وآخراه، والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم مصداقًا لذلك كله: ﴿وَأَنَّ هذا صِراطي مُستَقيمًا فَاتَّبِعوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُم عَن سَبيلِهِ ذلِكُم وَصّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾… أي عن صراطه المستقيم، وعن طريقه الواضح المبين، وعن منهجه الحق، عن جنته جنة الصدق، عن ما وعد الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين في الدنيا وفي الآخرة من سعادة حقة، وراحة طيبة:﴿مَن عَمِلَ صالِحًا مِن ذَكَرٍ أَو أُنثى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلَنُحيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجزِيَنَّهُم أَجرَهُم بِأَحسَنِ ما كانوا يَعمَلونَ﴾، وقال: ﴿وَمَن أَعرَضَ عَن ذِكري فَإِنَّ لَهُ مَعيشَةً ضَنكًا وَنَحشُرُهُ يَومَ القِيامَةِ أَعمى﴾، فهو في ضنك دائم، فحياته في شقاء وتعاسة، لأن الأهواء تجاذبته نحوها وهو أقبل عليها، ولم يغالبها، بل هو مستعد لها، لأن لا مكافح لديه حقيقي ليدفعه نحو ربه، ويجعله لا يحيد عن منهج نبيه صلى الله عليه وسلم.
- فترى ضعيف الإيمان يستسلم للهوى سريعًا، ويهرول نحوه هرولة، فكلما ارتفع شعار من شعارات الأهواء، والرغبات، والملذات، والركون إلى الدنيا الفانية فإنه ينجذب نحوها، ويحبها، ويرغب فيها، لربما يظل فيها لسنوات، وربما لأشهر، وربما حتى يموت وهو لا يزال في تخبط، وفي عَشْوَاء، وفي راية شيطانية بدأت بخطوة، وانتهت بخطوات إلى ما لا نهاية لكن من قطعها من بدايتها، فاز مع ربه، واستقام مع مولاه سبحانه: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تَتَّبِعوا خُطُواتِ الشَّيطانِ وَمَن يَتَّبِع خُطُواتِ الشَّيطانِ فَإِنَّهُ يَأمُرُ بِالفَحشاءِ وَالمُنكَرِ...﴾، فبدلاً من أن كانت خطوات يسيرة نحو البعد عن ربه، إذا هي فواحش ومنكرات وكبائر وجرائم ومحرمات عظيمة، وترك فرائض، وما شئت من هذه الأمور التي تقطعه وتشغله سبحانه وتعالى، وكل يغدو، كما قال صلى الله عليه وسلم: "كل الناس يغدو، فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها"، هو بالخيار فإما أن يعتق نفسه، فيحررها من رق الدنيا، ومن رق العبودية للشهوات والأهواء، إلى العبودية لرب العالمين سبحانه وتعالى.
- فلا بد من عبودية، فمن لم يرتض بالله معبودًا ارتضى بغيره معبودًا، وأصبح متخبطًا في أهوائه ورغباته، ومتعلقًا بحياته الدنيا، ثم لن يفلح في دنياه ولا في آخرة، فظل على ما هو عليه إن لم يكن في انهيار، لكن المؤمن الحق هو من لا يرتضي إلا بالله، إلا بسبيل ربه وبطريق مولاه وحبيبه، وبهذا المنهج الحق.﴿وَأَنَّ هذا صِراطي مُستَقيمًا فَاتَّبِعوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُم عَن سَبيلِهِ ...﴾، هذا هو الشعار…
-ثم إن شعار المؤمن الحق أن حياته كلها وأعمالها كلها لربه سبحانه وتعالى: ﴿قُل إِنَّ صَلاتي وَنُسُكي وَمَحيايَ وَمَماتي لِلَّهِ رَبِّ العالَمينَ لا شَريكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرتُ وَأَنا أَوَّلُ المُسلِمينَ﴾، هذا هو الطريق الذي اتخذه منذ بداية حياته حتى لاقى ربه جل جلاله دون أن تغره دنيا فانية، وحياة تافهة؛ لأنه قد ارتفع عنده الشعار الأكبر والأبرز والأعظم، وهو شعار: ﴿وَعَجِلتُ إِلَيكَ رَبِّ لِتَرضى﴾، فهو يعاجل إلى ربه سبحانه وتعالى، ولا يبتغي إلا الله، ولا يرجو إلا الله، ولا يعبد إلا الله، ولا يتبع إلا سبيل الله سبحانه وتعالى، وبذلك أفلح كل الفلاح؛ لأنه عرف الطريق الذي لا تحيد به يمنةً ويسرة، بل هو متجه نحوه مهما ارتفعت من شعارات باطلة أو أهواء كاذبة أو دنيا فانية، فقد اختار الطريق، فلا يغره شعار الباطل مهما تجمل وتحسن؛ لأنه قد انتصب نحوه الشعار الأبرز: ﴿وَسارِعوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّماواتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقينَ﴾ فهو ينظر إليه، ويراه إمامه، ويعترض له في كل اتجاهاته ولهذا يبتغي إياه لا يبتغي سواه: ﴿سابِقوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُها كَعَرضِ السَّماءِ وَالأَرضِ...﴾. وأيضًا: ﴿فَفِرّوا إِلَى اللَّهِ إِنّي لَكُم مِنهُ نَذيرٌ مُبينٌ﴾…
- وإذا كانت هناك أوقات عظيمة، ومواطن فاضلة، وأيام مباركة، وأزمان ربانية فإنه لا يمكن أن تفوته، ولا يمكن إلا وهو من أسبق الناس وأولهم في الاتجاه إلى رب الناس سبحانه وتعالى؛ لأن الشعار هو الشعار الذي اتخذته من قبل: ﴿وَعَجِلتُ إِلَيكَ رَبِّ لِتَرضى﴾، فهو مسارع قبل الناس، فهو لا يمكن أن يكون كأي إنسان ما دام أنه يسعى إلى ربه سبحانه وتعالى، بل هو يريد السبق، وأن يفوز دائماً وأبداً بجائزة عرضها السماوات والأرض: ﴿وَسارِعوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّماواتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقينَ﴾… ﴿وَإِذ قالَ موسى لِفَتاهُ لا أَبرَحُ حَتّى أَبلُغَ مَجمَعَ البَحرَينِ أَو أَمضِيَ حُقُبًا﴾…
- ذلك المؤمن الحق هو الذي يبتكر هذه الفرص ويتحينها ويتنبه لها، ويهتم كل اهتمام بما فيها، وأمثل عليها لو افترضنا أن تاجراً من التجار سمع بصفقة عظيمة مربحة، سينال بها فرصة سانحة للربح الوفير، والإنجاز العظيم، وبعمل يسير لربما يقطع بها أشواط سنوات كثيرة متعبة مرهقة ليربح كربحها، وبضائع متعددة ليصل لها، لكن فاتته هذه الصفقة… فماذا سيكون حاله؟ كم سيحزن؟ كم سيندم؟ كم سيتحسر؟ كم سيتخذ هذا الموقف درسًا لحياته ليتعلم منه ويحدث الناس عنه؛ لأنها فاتته دنيا فانية، وصفقة رابحة في دنياه الغابرة، لكن بالنسبة لأمور الآخرة ماذا عن صفقات كبيرة، وأرباح عظيمة، وأجور مباركة تفوته دون مبالاة بها البتة كشهر رمضان مثلا ونحوه…!.
- لكنه ضعف الإيمان، وانقلاب الموازين، وانعدام اليقين… وإني أنادي… ألا إن صفقات رب العالمين سبحانه وتعالى هي المربحة، هي الحقة، هي التجارة الرابحة: ﴿هَل أَدُلُّكُم عَلى تِجارَةٍ تُنجيكُم مِن عَذابٍ أَليمٍ﴾، هذه هي التجارة التي في كل لحظة تعترض للمسلم وهو بين خيارين إما أن يقبل بها، أو يعرض عنها… وهذه هي الكارثة الحقيقية التي نراها عند كثير من الناس خاصة في شهر رمضان المبارك، شهر الرحمة، شهر المغفرة، شهر العتق من النار، شهر التوبة شهر الإقبال على رب البرية جل جلاله… فأين نحن منه، وهل شمرنا لنغتنم هذه التجارة الرابحة، والجنة المعروضة لنا…!.
- فماذا عنا؟ وما هو موقفنا، وماذا عنا؟ ما الذي أعددنا؟ ما هو واجبنا ودورنا…هل سنغتنم هذه الفرصة أم لن نفعل أصلا؟… أم أننا تعرض لنا هذه الأمور الدنيوية فننشغل بها عن هذه الفرصة الربانية، بأرباح دنيوية، وبشهوات زائلة، وبأمور حقيرة، لكننا نترك لأجلها هذه الفرصة الربانية التي ارتفع شعارها، وظهرت علاماتها، وربنا سبحانه وتعالى المنادي بها جل وعلا: ﴿هَل أَدُلُّكُم عَلى تِجارَةٍ تُنجيكُم مِن عَذابٍ أَليمٍ﴾…!.
- فهذه التجارة الرابحة هي تجارة رمضان المبارك، هي أيام رمضان المبارك التي ينزل فيها رب العالمين سبحانه وتعالى رحمته، ويفتح جنته، ويقبل على عباده، ويقيد أعداءه، وأعداء الناس جميعاً الذين يضلونهم كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: "وتصفَّد مردة الشياطين، وتفتح أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب النار، وينادي منادٍ من السماء: "يا باغي الخير، أقبل، ويا باغي الشر، اقصر"، أي خفف، انتهِ، انزجر، اتعظ…
- ألا فقد جاءت فرصة العباد في الإقبال على رب العباد سبحانه وتعالى بدخول شهر رمضان المبارك فإما أن نغتنم هذه الفرصة السانحة ونتاجر مع الله بها، فنفوز بها ونفلح بسببها، أو نخسرها فيا ويلنا… وبذلك تحقق فينا دعاء جبريل عليه السلام وتأمين النبي صلى الله عليه وسلم: "رغم أنف من أدركه رمضان ولم يُغفر له، قل آمين يا محمد"، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "آمين…"..
- ألا وإن الفرص تمر مر السحاب، تمر علينا سريعًا، ولا نعرف بدايتها من نهايتها، بل لربما تخفى على كثير من الناس، ورمصان فرصتنا، وغنيمتنا، وأنسنا، وميدان سباقنا، ومحطة كبرى لنا، وفيه فوزنا، ودخول جنة ربنا المفتحة لنا كما أخبر نبينا صلى الله عليه وسلم: "وتفتح أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب النار"، ويعتق الله جل وعلا في كل يوم عبادًا من النار، بل بمجرد دخول رمضان يغفر الله للعباد: "ورمضان إلى رمضان كفارة لما بينهن"، ومن صامه يغفر له ذنبه بشرطه: "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه"، و "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه"، و: "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه"… فهل سنتعرض لمغفرة الله، ونقبل بحق وصدق وعزم على الله، وتكون خطتنا العظمى وفرصتنا الكبرى في الاتجاه لله جل في علاه…!.
- ثم إن الموفق من وفقه الله، ولذلك علَّمنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن نقول دبر كل صلاة: "اللهم اعني على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك"، فليست المسألة هينة أو يسيرة بأن كلما ارتفعت هذه صفقة ربانية أقبل عليها الإنسان، واستغلها بل كثيرون يصومون، لكن ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، ومن قيامه إلا التعب والنصب، ولهذا لا يتحقق فيهم هدف الصيام وهو تحقيق التقوى في القلب…﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾ فمن حقق هذه الغاية ووصل إلى هذا الهدف النبيل ألا وهو التقوى فقد فاز، وحقق مراد الصيام وهدفه…
- فالواجب علينا أن نركز على كيفية استثمار رمضان بشكل أفضل، كيف يخطط المسلم لوقته، ما هي أولوياته وجدول أعماله في هذا الشهر الفضيل، يجب أن يكون لنا الشعار الواضح في هذا الشهر، ورؤية تتعلق بكيفية استغلال هذه الفرص الثمينة التي تعرض علينا.
- كثير من الناس قد يخططون لأمور الدنيا،
لأمور تافهة، لربما يعدون برامجهم الفضائية والتواصلية، ويعدون قائمة من الأعمال المقضية في أيامهم، لكن ماذا عن الآخرة؟ ماذا عن جنة الله الباقي؟ ماذا عن ربه سبحانه وتعالى؟ كيف وكلا وهذا الله يقول: ﴿وَمَن يَعشُ عَن ذِكرِ الرَّحمنِ نُقَيِّض لَهُ شَيطانًا فَهُوَ لَهُ قَرينٌ﴾ فمن انشغل بغير الله، سينشغل سيتيه، ويضيع، وقد لا يفيق من غيبوبته، وقد ربما لا ينتهي منها، لكن من حدد الطريق وانشغل بربه، فإن أي قاطع يقطعه عن الله لا بد أن يرده إلى ربه سبحانه وتعالى، لأنه حدد الهدف، لأنه حدد الجدول، لأنه أعد الخطة، فإما أن يخطط لنجاته، أو يخطط لهلاكه، إما أن تكون ممن يخطط للوصول إلى ربّه، أو أن يخطط عليه فيكون في غير رضا رب العالمين سبحانه وتعالى، فهو خيار: ﴿وَمَن يَعشُ عَن ذِكرِ الرَّحمنِ نُقَيِّض لَهُ شَيطانًا فَهُوَ لَهُ قَرينٌ﴾.
- وإن وأعظم ما ينشغل به المسلم في شهر رمضان من خطة توصله إلى رب العالمين سبحانه وتعالى، هو القرآن، نعم القرآن الذي شهر رمضان بما فيه ذكرى موعد نزول القرآن، وإذا كان السلف يتركون مجالسهم، سواء كانت مجالس الذكر التعليمية، أو الأوراد الشرعية، أو الأمور الأخروية، لكنهم لا ينشغلون بها في رمضان بل فقط بالقرآن القرآن القرآن حتى إن أئمة كبار كانوا يتركون مجالس الحديث ومجالس العلم، وينطلقون إلى المسجد وإلى القرآن وإلى بيوتهم للعكوف على كتاب الله ﴿شَهرُ رَمَضانَ الَّذي أُنزِلَ فيهِ القُرآنُ...﴾. فهو موعد نزول القرآن تجديد لهذا الموعد العظيم، ولذا، كان النبي صلى الله عليه وسلم يلقى جبريل عليه السلام في رمضان، فيقرأ النبي عليه القرآن مرة، ويقرأ عليه مرتين كما في آخر سنة من حياته صلى الله عليه وسلم…
- فإذا كان السلف يودعون مجالس ويؤثِرون قراءة القرآن على كل مجلس، فماذا يجب أن ننشغل نحن؟ وما هو الشيء الذي يستحق أن نترك له هذا الكتاب الكريم والعظيم؟، وإذا كان في غير رمضان، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، "الحرف بحسنة، والحسنة بعشر أمثالها"، وهذا في أي يوم من الأيام، فماذا عن شهر رمضان؟ وإذا كان فضل الذهاب للمسجد وقراءة القرآن فيها بخير من الدنيا كلها فكيف برمضان: "أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان أو إلى العقيق فيأتي منه بناقتين كوماوين في غير إثم ولا قطع رحم" فقلنا يا رسول الله نحب ذلك قال: "أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله عز وجل خير له من ناقة، أو ناقتين، وثلاث خير له من ثلاث، وأربع خير له من أربع ومن أعدادهن من الإبل" والحديث رواه مسلم، وهكذا يقول عليه الصلاة والسلام، وهي آية فكيف وهي آيات؟ كيف وهي أجزاء؟ يرتلها ويحسنها ويتدبر فيها، ويتخشع فيها، ثم ينطلق للعمل بها.
- هذا هو الشعار الأول والأهم ألا وهو القرآن الكريم وهذه هي الخطة الأولى، وهذه هي الخطة الأسمى والأكبر والأهم أيضًا، ثم ينبغي أن نركز على قراءة السور والآيات الفاضلة، مثل آية الكرسي التي هي أعظم آية في كتاب الله، وأيضًا سورة الإخلاص التي هي أكثر سورة أجرًا والتي من قرأها مرة كأنما قرأ ثلث القرآن، ومن قرأها ثلاثًا فكأنما قرأ القرآن كله، كما في الحديث الصحيح، وكذلك من قرأها عشر مرات بنى الله له قصرًا في الجنة، عشرة مرات لا تكلفه سوى أقل من دقيقة، وإذا به يبني قصرًا في جنة الله الخالدة. لو عمل المرء في الدنيا من أجل أن يبني قصرًا لفنت حياته وأمواله من أجل ذلك، فكيف وهو في جنة الله سبحانه وتعالى؟.
- ثم كذلك ينشغل بقيام الليل فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه" فينشغل بقيام الليل، وليس بالضرورة أن يكون القيام بالصلاة فقط، بل يمكن أن يكون قيام الليل بقراءة القرآن، بالاستغفار، بالتكبير، بالتهليل، يتقلب من ذكر إلى ذكر، بالتفكر في مخلوقات الله، بالقراءة فيكون قائمًا لربه سبحانه وتعالى… وهذا أفضل له كما أخبر عليه الصلاة والسلام: "ألا أنبئكم بخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا ذكر الله"، أي أن يذكر الإنسان ربه سبحانه وتعالى، ومن ذكر الله ذكره الله: ﴿فَاذكُروني أَذكُركُم وَاشكُروا لي وَلا تَكفُرونِ﴾.
- وفي آخر الليل قبل الفجر يلزم الاستغفار ولا بد أن يكون من ورده الذي لا يفرط فيه مهما كان الأمر، بل هو أفضل في ذلك الوقت حتى من قراءة القرآن؛ لأن قراءة القرآن وقته متسع، أما الاستغفار فأفضل وقته مضيق ففضلنا الضيق: ﴿وَبِالأَسحارِ هُم يَستَغفِرونَ﴾ ﴿الصّابِرينَ وَالصّادِقينَ وَالقانِتينَ وَالمُنفِقينَ وَالمُستَغفِرينَ بِالأَسحارِ﴾…
- وينبغي أن يحرص على المحافظة على اثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة من غير الفرائض، فإنه بها يبني قصرًا في الجنة كما أخبر صلى الله عليه وسلم، وكلما كثرت ركعاته كثرت قصوره، ولا شك ولا ريب كما في الحديث الصحيح عند البخاري وغيره.
- ويحرص على صلاة الجماعة ويدرك تكبيرة الإحرام أربعين يوما ليكتب الله براءة من النار، وبراءة من النفاق كما أخبر عليه الصلاة والسلام: "من صلى لله أربعين يومًا في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كُتب له براءتان براءة من النار، وبراءة من النفاق".
-أيضاً فإنه يختصر الجنة بمسألة الخشوع لربه سبحانه وتعالى، وإن فاته الخشوع في غير رمضان فلا ينبغي أن يفوته في رمضان. فقد أخبر صلى الله عليه وسلم أن دمعة يختصر بها الإنسان مسافات شاسعة، وأعمال كبيرة وكثيرة لكن إذا كانت خالصة لله فيها: "عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله"، فيبكي من خشية الله سبحانه وتعالى طلبًا للجنات، وخاصة في الخلوات، فيتنبه لها جيدًا؛ ففي الحديث الصحيح المتفق عليه الذي يتحدث فيه النبي صلى الله عليه وسلم ومن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله يقول صلى الله عليه وسلم: "ورجل ذكر الله خاليًا،ة ففاضت عيناه".
أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ..
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وبعد:
- فإنه لا بد أن ننشغل بخطة محكمة تقودنا إلى الدار الآخرة ورضا رب العالمين جل جلاله، ولقد عددنا بعض العبادات والطاعات التي ينبغي للمسلم أن ينشغل بها في شهر رمضان، حتى لا تتخطفه الأهواء والملذات والرغبات، خاصة في هذه الدنيا التي قد عرضت للعبد أهواءها ورغباتها وملذاتها، فإما أن يختارها أو أن يختار ربه سبحانه وتعالى…
- ينبغي أيضًا أن ينشغل بقراءة القرآن في مسجده، ويحرص على أن يبقى في المسجد ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، خاصة بعد الفجر. فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن "من صلى الغداة -يعني الفجر- جماعة ثم قعد في مصلاه يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين، كان كتب الله له حجة وعمرة تامة، تامة، تامة".
كما أن من استطاع أن يعتمر العمرة الحقيقية فهو خير وبركة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "عمرة في رمضان كحجة معي".
- وكذلك ينوي دوماً عند دخوله إلى المسجد في أي وقت، ومهما أراد أن يمكث فيه من وقت ولو في لحظة، ولو ساعة، ولو حتى دقائق معدودة، بأن يجعل النية نية اعتكاف في بيت الله سبحانه وتعالى.
- وكذلك ينشغل بذكر الله عامة، وينشغل بالصدقة أكثر من انشغاله بها في غيره؛ فلقد كان صلى الله عليه وسلم أجود ما يكون في رمضان، وينوع صدقة للفقراء، والمساكين، والأرحام، وصدقة لإخواننا المستضعفين في غزة وفي بلاد المسلمين عامة، وينشغل بدعاء ربه جل جلاله، فهو عبادة عظيمة، ودعاء الصائم مجاب خاصة عند إفطاره، وكذا ينشغل ويصب اهتمامه بليلة القدر فهي خير من ألف شهر كما أخبر ربنا جل وعلا…
-فهذه عبادات يسيرة، وإلا فالعبادات كثيرة والعبادة تشمل كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال والحركات والسكون، فكلما نوى العبد لربه فهو خير وبركة يصل به إليه سبحانه وتعالى،
وهناك أنواع من الخيرات المباركة التي ينبغي للمسلم أن ينشغل بها في شهر رمضان، حتى لا تشغله الأهواء والملذات: ﴿وَمَن يَعشُ عَن ذِكرِ الرَّحمنِ نُقَيِّض لَهُ شَيطانًا فَهُوَ لَهُ قَرينٌ﴾، ﴿وَسارِعوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّماواتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقينَ﴾، ﴿سابِقوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُها كَعَرضِ السَّماءِ وَالأَرضِ أُعِدَّت لِلَّذينَ آمَنوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذلِكَ فَضلُ اللَّهِ يُؤتيهِ مَن يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الفَضلِ العَظيمِ﴾…
- وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الرسمي الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص الاحتياطي فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty3
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.com
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر (إكس):*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص تليجرام:*
https://t.me/alsoty
*❈- مجموعة #يستفتونك اطرح سؤال تليجرام:*
https://t.me/alsoty11
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A ...المزيد
من أروع خطب الشيخ *لماذا.رمضان.لغز.الصيام.في.الإسلام.cc* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي ...
من أروع خطب الشيخ
*لماذا.رمضان.لغز.الصيام.في.الإسلام.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/qluCUy-py2Y
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد عمر بن عبدالعزيز المكلا 9/ رمضان/1444هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
- فإن رمضان هو بمثابة الماء البارد، والمغتسل الطيب، والمكينة التي تصفي الروح والجسد والشوائب، رمضان مدرسة ربانية كبرى، وجامعة علمية عظمى، وبيت نموذجي سام جدا، رمضان يضرب ببركته القلوب والاجساد والأعمال، رمضان دورة تدريبية ربانية يتخرج منها الصائمون بعد ثلاثين يومـًا من الجهاد والمجاهدة والتحمل والمثابرة والثبات ورباطة الجأش…
- رمضان جامعة عريقة لجميع المسلمين دون استثناء، يتخرجون منها بأوسمة وشهادات على مختلف التخصصات، هذه التخصصات كل واحد على قدر استفادته من هذه الشهر المبارك، إنه شهر رباني بامتياز، الله جل جلاله بث فيه الفضائل والخيرات، وزرع فيه الكرامات والبركات، وجعل في هذا الشهر ما جعل من مكرمات، ينالها قلة من الناس، ويفقدها كثير منهم للأسف الشديد.
- رمضان هو في الحقيقة معركة بين العبد وبين الشيطان، معركة سامية مفصلية ومحورية بين العبد وبين النفس، معركة كبرى يخوضها العبد في كل يوم مرات لا في شيء دون شيء بل في أشياء وأغراض متعددة، فذلك الصائم عندما يهل هلال رمضان بدأت هذه المعركة مع الشيطان ومع النفس ومع الهوى ومع شياطين الإنس أيضا، مع الجميع دون استثناء، معركة مع النفس تبدأ حتى من الماء الذي هو أقرب إليه من حبل الوريد لربما، والأكل كذلك يستطيعه في كل وقت وحين، وكل ما يمكن أن يفعله لينقض الصيام جاهز، ويستطيعه، وقادر عليه، لكن ذلك المسلم في مجاهدة عجيبة، وفي مطاردة غريبة لنفسه وهواه…
- تخيل أن ذلك المسلم نفسه يتحرى ويسأل ويدقق ويستفصل ويبحث عن حكم يسير جداً لا يجرح صومه، يسأل مثلاً عن حكم بلع الريق، حتى عن إبرة دواء أشبه بضرورية لحياته، ولبقاء جسده لكن لا يتناولها إلا بعد سؤال وبحث وتحري… إنه خوف وورع وعبادة لله عجيبة في شهر رمضان حتى من أكثر الناس إجراما، نعم حتى من أكبر الناس إجراما؛ فلربما يرتكب ما يرتكب من جرائم ومحرمات قد تكون بحجم الشرك وقتل النفس لكن في رمضان يتنبه حتى للصغائر….
- رمضان عجيب في قمة التزام الناس فعلاً، لكن عجبه لا يحل أن يقتصر عليه وحده، بل رمضان مدرسة لما بعده، ومحطة فقط للانطلاق لما خلفه، رمضان لا يقتصر على ثلاثين يومـًا وفق،ط بل على أكثر من ثلاث مئة يوم، إن رمضان ينبت لنا شجرة عميقة الجذور، صافية جليلة باسقة وافرة الظلال، ذلك المسلم يستظل بها في كل يوم مرات في سائر العام، إنها شجرة التقوى ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾ هذه الشجرة تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، شجرة عميقة في القلب ورمضان غذاؤها، ورمضان ماؤها، ورمضان سقاؤها، ورمضان دواؤها، ورمضان زارعها، رمضان متعهدها، رمضان بمقام الحارس والماء العذب الزلال الذي يصل إليها لتنبت ولتستمر….
- إنه مختلف عن تصوراتنا مختلف جداً عما نتخيل عنه، وما أصبح عادة عند كثير من الناس، إن الله أراد به شيئـًا آخر اكثر وأبعد مما نتصور يمكن بمفهوم الإدارة خطة استراتيجية لسنة واحدة لعام واحد قصيرة المدى، لكنها ليست بقوانين من الجسد بل من القلب تنطلق ومن الروح تنبعث، إنها خطة حازمة تبدأ من أول ليلة من رمضان لتتصل بآخر يوم من شعبان لعام قادم هكذا يريده الله، هكذا يهدّف الله في كتابه الكريم لعلكم تتقون، في بداية آيات الصيام وفي نهاية آيات الصيام كذلك نبه على التقوى في آية أحل لكم ليلة الصيام، لعلكم تتقون، فالتقوى هي الهدف واللغز والمقصد الذي يجب أن يُفهم، والتقوى من القلب تبدأ، وإلى الجسد تنطلق في أعمال في كل شيء…
- والله لو أن رجلا -أجلكم الله- درب حيوانـًا لمدة ثلاثين يومـًا كل التدريب لتخرج الحيوان بمفاهيم أخرى وبحركات ومدربة غير الذي دخل بها؛ لأنه استمر مدة تعد طويلة فكيف بالإنسان يعقل، يسمع، يبصر، ينطلق بيديه بقدميه بصحة بعافية بكل شيء ولثلاثين يوما، والأعظم هو العقل الذي جعله الله السر الكبير لرب العالمين جل جلاله…
- فهل وعينا رمضان، وأدركنا عظمة أسرار هذا الشهر المبارك، وماذا يريد ربنا من تشريعه للصيام، هذه أمور يسيرة فقط والا فهي كثيرة جدا، ولهذا قال الله في الحديث القدسي: "كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي، يقول الله فإنه لي وأنا أجزي به"، أنا اتكفل بالجزاء لذلك فنرى الجزاء عمليـًا وروحيـًا ونفسيـًا وصحيـًا وعقليـًا ايضا، نراه في واقعنا، نراه في انطلاقاتنا، وتحركاتنا، وسكناتنا، نراه في كل أمورنا، قد يختلي الصائم بنفسه وهو في قمة العطش وبجواره الماء البارد ولكن يمتنع عن ذلك، وهكذا بما لذ وطاب لكنه يعلن شعار "إني أخاف الله رب العالمين"، أخاف ذلك اليوم العظيم، وهذا مطلوب أن يستمر في كل عام لا في شهر رمضان وحسب… .
- بل أبعد من هذا التصفية الأخلاقية والتهذيب البشري فيما بيننا وبين البشر، فيما بيننا وبين الناس، التصفية والتنقية الأخرى الأبعد الأصعب والأكبر والأكثر قد يتعبد متعبد بعبادات شتى فيما بينه وبين الله من ليل ونهار لكن لا تسأل عن أخلاقه بينه وبين الناس، وهذا لا يريده الإسلام، هذا لا يريده لا من قريب ولا من بعيد، ماذا يعني صيام من يمتنع عن الطعام والشراب لكنه لا يمتنع عن الحرام، ماذا يغني صيام صائم يمتنع عن الحلال عن الأكل والشرب الحلال أصلا لكنه لا يمتنع عن قول الحرام عن فعل الحرام من نهب وبطش وأخذ، من سب وقذف وشتم، من جرح مشاعر الآخرين من انتهاك لحرمات الآخرين، من أفعال لا ترضي الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم في رمضان وغير رمضان، اي صيام له؟ وأي عبادة، بل عبادته في واد وهو في واد آخر، وهو في واد سحيق عن تلك العبادات والطاعات، هل ينفع الصيام لهذا العبد إنه يصدق فيه كل الصدق قوله صلى الله عليه وسلم: "رب الصائم ليس له من صيامه الا الجوع والعطش" فقط جاع وعطش وفي وقت محدد أكل ما لذ وطاب، إن لم يكن لحد المرض والقرف والتخمة أكل، فهل ينفع
هذا العبد الصيام، إن الصيام أسمى وأكبر من هذا إنه صيام عن المحرمات والشهوات" من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" هكذا يقول عليه الصلاة والسلام المربي الأعظم في الأمة، والمشرع في مثل هذه، أخلاق ومعاملات إنما هي نتيجة العبادات، نتيجة الصلوات، نتيجة الصيام، نتيجة الأركان بشكل عام، "من لم يدع قول الزور والعمل فيه فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" فإن أحد قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم، إني صائم، وقال ولا يسخط ولا يجادل، وعند الإمام أحمد مسنده والأول في البخاري ومسلم ولا يجادل ولا يماري ولا يقل الا خيرا، حكم الصائم حاكم بما تعنيه الكلمة من حكم صارم على لسانه، على سمعه على كل جوارحه لا تنطلق الا لما يقتضيه الصيام والا فلا خير في صومه لا في رمضان ولا في غيره، إنه كف كل الكف عن أي وسيلة تؤدي للحرام، بل قال صلى عليه وسلم لصاحب القوة والعزيمة وصاحب الانطلاقة وصاحب النفس التواقة للحرام لربما هو الشاب "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء" فهو علاج حتى للشهوات وللمحرمات، وسيلة عظمى للتخلص من قاذورات النفس، وسيلة ربانية وتعليم إلهي، فالواجب على المسلم أن يستشعر هذه المعاني لهذا الشهر الكريم… أقول قولي هذا واستغفر الله.
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
- الصيام أيها الإخوة بين تشريع الله وبين فعل الناس فيه فرق شاسع، وبعد كبير واسع، الصيام لو أننا تعرفنا وليس عرفناه فقط بل تعرفنا عليه لكان الصيام الذي يريده الإسلام، ولكن عندما صامت البطون وابتعدت القلوب كان الصيام كما نرى في كل يوم، وفي كل رمضان، يصوم عبدالله رمضان كله عن الطعام والشراب لكنه يفطر في رمضان بكله بالحرام، سمعه، وبصره، ويده، وقدمه فضلاً عن ضياع الأوقات فيما يحل وفيما لا يحل فهو كله ضياع، وإذا كان لا يحل فالمصيبة أعظم….
- رمضان اسمى واعلى واكبر من ما يتصور العبد، الصيام في الحقيقة صيامان صيام حسي وصيام معنوي، الصيام الحسي يستطيعه كل مسلم، والصيام المعنوي لا يقدر عليه إلا قلة قليلة من الناس، الصيام الحسي عن الطعام والشراب وما نعلم وما لا نعلم، وصيام معنوي عن الحرام، والصيام المعنوي عن الحرام بشتى صوره وأنواعه، وهذا الدي يريده الإسلام، وهو سر الصيام، إنه روح الصيام هو اللغز وراء الصيام وتجويع البطون والأبدان…
- إنه صيام آخر لا يفهمه الا من فهم، ولا يدركه إلا من أراد أن يخلص نفسه وروحه قبل أن يخلص بطنه من شهوة عاجلة، إنه صيام من الحرام عامة أيـًا كان وفي أي مكان وزمان كان، لا يفرق عنده أن يكون الحرام في نهار رمضان، أو يكون في ليله أو في شوال أو في شعبان لعام قادم، أو في أي وقت وحين هو حرام حرام وإن اختلفت أزمانه وأيامه وأسبابه…
- ورمضان إنما هو إشارة لتعويد النفس ولتتحمل النفس على الكف عن شهواتها وعن الكف عن محرماتها، وعن الكف عما تريد لتحتبس لما يريد جل جلاله، ومن كان كما أريد كما في الأثر القدسي كنت له كما يريد، من كان لله مريداً كان الله له معطيـًا كما قال ابن عطاء السكندري عليه رحمة الله، كن كما أريد أكن لك كما تريد، وإن لم تكن لي كما أريد لن أكون لك كما تريد، العبد يريد والله يريد ولن يكون الا ما يريد الله تبارك وتعالى، فأنت بين إرادة نفسك وبين إرادة خالقك، فإن أطعت الله طاعتك الدنيا أطاعتك رغمـًا عنها، وإن أنت أطعت نفسك وتركت خالقك تركت هملا في الحياة، عبدي خلقت الدنيا لأجلك فلا تتعب، وخلقتك من أجلي فلا تلعب هكذا يقول الله كما في آثار أهل الكتا،ب وقد أجاز وأباح لنا حبيبنا صلى الله عليه وسلم أن نحدث عن ما في كتبهم، خلقت الدنيا من أجلك فلا تتعب، وخلقتك من أجلي فلا تلعب، الدنيا تأتيك راغمة إذا أنت أحسنت عبادتك وطاعتك، وكلنا شهود على ذلك، أليس في رمضان تتوفر الأرزاق والناس جميعا يقولون ذلك رمضان يأتي برزقه: ﴿وَما خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلّا لِيَعبُدونِ﴾﴿ما أُريدُ مِنهُم مِن رِزقٍ وَما أُريدُ أَن يُطعِمونِ﴾﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزّاقُ ذُو القُوَّةِ المَتينُ﴾،
﴿وَأمُر أَهلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصطَبِر عَلَيها لا نَسأَلُكَ رِزقًا نَحنُ نَرزُقُكَ وَالعاقِبَةُ لِلتَّقوى﴾ الله يقول ذلك نحن نرزقك وعد إلهي وهو لا يخلف الميعاد فاستقم لله تستقم لك الحياة، استقم لله تستقم لك الحياة لا رمضان وفقط، بل استقامة حقيقية تنطلق من النفس إلى البدن ورمضان إنما هو كذلك، صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه لقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.org/
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://v.ht/vw5F1 ...المزيد
*لماذا.رمضان.لغز.الصيام.في.الإسلام.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/qluCUy-py2Y
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد عمر بن عبدالعزيز المكلا 9/ رمضان/1444هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
- فإن رمضان هو بمثابة الماء البارد، والمغتسل الطيب، والمكينة التي تصفي الروح والجسد والشوائب، رمضان مدرسة ربانية كبرى، وجامعة علمية عظمى، وبيت نموذجي سام جدا، رمضان يضرب ببركته القلوب والاجساد والأعمال، رمضان دورة تدريبية ربانية يتخرج منها الصائمون بعد ثلاثين يومـًا من الجهاد والمجاهدة والتحمل والمثابرة والثبات ورباطة الجأش…
- رمضان جامعة عريقة لجميع المسلمين دون استثناء، يتخرجون منها بأوسمة وشهادات على مختلف التخصصات، هذه التخصصات كل واحد على قدر استفادته من هذه الشهر المبارك، إنه شهر رباني بامتياز، الله جل جلاله بث فيه الفضائل والخيرات، وزرع فيه الكرامات والبركات، وجعل في هذا الشهر ما جعل من مكرمات، ينالها قلة من الناس، ويفقدها كثير منهم للأسف الشديد.
- رمضان هو في الحقيقة معركة بين العبد وبين الشيطان، معركة سامية مفصلية ومحورية بين العبد وبين النفس، معركة كبرى يخوضها العبد في كل يوم مرات لا في شيء دون شيء بل في أشياء وأغراض متعددة، فذلك الصائم عندما يهل هلال رمضان بدأت هذه المعركة مع الشيطان ومع النفس ومع الهوى ومع شياطين الإنس أيضا، مع الجميع دون استثناء، معركة مع النفس تبدأ حتى من الماء الذي هو أقرب إليه من حبل الوريد لربما، والأكل كذلك يستطيعه في كل وقت وحين، وكل ما يمكن أن يفعله لينقض الصيام جاهز، ويستطيعه، وقادر عليه، لكن ذلك المسلم في مجاهدة عجيبة، وفي مطاردة غريبة لنفسه وهواه…
- تخيل أن ذلك المسلم نفسه يتحرى ويسأل ويدقق ويستفصل ويبحث عن حكم يسير جداً لا يجرح صومه، يسأل مثلاً عن حكم بلع الريق، حتى عن إبرة دواء أشبه بضرورية لحياته، ولبقاء جسده لكن لا يتناولها إلا بعد سؤال وبحث وتحري… إنه خوف وورع وعبادة لله عجيبة في شهر رمضان حتى من أكثر الناس إجراما، نعم حتى من أكبر الناس إجراما؛ فلربما يرتكب ما يرتكب من جرائم ومحرمات قد تكون بحجم الشرك وقتل النفس لكن في رمضان يتنبه حتى للصغائر….
- رمضان عجيب في قمة التزام الناس فعلاً، لكن عجبه لا يحل أن يقتصر عليه وحده، بل رمضان مدرسة لما بعده، ومحطة فقط للانطلاق لما خلفه، رمضان لا يقتصر على ثلاثين يومـًا وفق،ط بل على أكثر من ثلاث مئة يوم، إن رمضان ينبت لنا شجرة عميقة الجذور، صافية جليلة باسقة وافرة الظلال، ذلك المسلم يستظل بها في كل يوم مرات في سائر العام، إنها شجرة التقوى ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾ هذه الشجرة تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، شجرة عميقة في القلب ورمضان غذاؤها، ورمضان ماؤها، ورمضان سقاؤها، ورمضان دواؤها، ورمضان زارعها، رمضان متعهدها، رمضان بمقام الحارس والماء العذب الزلال الذي يصل إليها لتنبت ولتستمر….
- إنه مختلف عن تصوراتنا مختلف جداً عما نتخيل عنه، وما أصبح عادة عند كثير من الناس، إن الله أراد به شيئـًا آخر اكثر وأبعد مما نتصور يمكن بمفهوم الإدارة خطة استراتيجية لسنة واحدة لعام واحد قصيرة المدى، لكنها ليست بقوانين من الجسد بل من القلب تنطلق ومن الروح تنبعث، إنها خطة حازمة تبدأ من أول ليلة من رمضان لتتصل بآخر يوم من شعبان لعام قادم هكذا يريده الله، هكذا يهدّف الله في كتابه الكريم لعلكم تتقون، في بداية آيات الصيام وفي نهاية آيات الصيام كذلك نبه على التقوى في آية أحل لكم ليلة الصيام، لعلكم تتقون، فالتقوى هي الهدف واللغز والمقصد الذي يجب أن يُفهم، والتقوى من القلب تبدأ، وإلى الجسد تنطلق في أعمال في كل شيء…
- والله لو أن رجلا -أجلكم الله- درب حيوانـًا لمدة ثلاثين يومـًا كل التدريب لتخرج الحيوان بمفاهيم أخرى وبحركات ومدربة غير الذي دخل بها؛ لأنه استمر مدة تعد طويلة فكيف بالإنسان يعقل، يسمع، يبصر، ينطلق بيديه بقدميه بصحة بعافية بكل شيء ولثلاثين يوما، والأعظم هو العقل الذي جعله الله السر الكبير لرب العالمين جل جلاله…
- فهل وعينا رمضان، وأدركنا عظمة أسرار هذا الشهر المبارك، وماذا يريد ربنا من تشريعه للصيام، هذه أمور يسيرة فقط والا فهي كثيرة جدا، ولهذا قال الله في الحديث القدسي: "كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي، يقول الله فإنه لي وأنا أجزي به"، أنا اتكفل بالجزاء لذلك فنرى الجزاء عمليـًا وروحيـًا ونفسيـًا وصحيـًا وعقليـًا ايضا، نراه في واقعنا، نراه في انطلاقاتنا، وتحركاتنا، وسكناتنا، نراه في كل أمورنا، قد يختلي الصائم بنفسه وهو في قمة العطش وبجواره الماء البارد ولكن يمتنع عن ذلك، وهكذا بما لذ وطاب لكنه يعلن شعار "إني أخاف الله رب العالمين"، أخاف ذلك اليوم العظيم، وهذا مطلوب أن يستمر في كل عام لا في شهر رمضان وحسب… .
- بل أبعد من هذا التصفية الأخلاقية والتهذيب البشري فيما بيننا وبين البشر، فيما بيننا وبين الناس، التصفية والتنقية الأخرى الأبعد الأصعب والأكبر والأكثر قد يتعبد متعبد بعبادات شتى فيما بينه وبين الله من ليل ونهار لكن لا تسأل عن أخلاقه بينه وبين الناس، وهذا لا يريده الإسلام، هذا لا يريده لا من قريب ولا من بعيد، ماذا يعني صيام من يمتنع عن الطعام والشراب لكنه لا يمتنع عن الحرام، ماذا يغني صيام صائم يمتنع عن الحلال عن الأكل والشرب الحلال أصلا لكنه لا يمتنع عن قول الحرام عن فعل الحرام من نهب وبطش وأخذ، من سب وقذف وشتم، من جرح مشاعر الآخرين من انتهاك لحرمات الآخرين، من أفعال لا ترضي الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم في رمضان وغير رمضان، اي صيام له؟ وأي عبادة، بل عبادته في واد وهو في واد آخر، وهو في واد سحيق عن تلك العبادات والطاعات، هل ينفع الصيام لهذا العبد إنه يصدق فيه كل الصدق قوله صلى الله عليه وسلم: "رب الصائم ليس له من صيامه الا الجوع والعطش" فقط جاع وعطش وفي وقت محدد أكل ما لذ وطاب، إن لم يكن لحد المرض والقرف والتخمة أكل، فهل ينفع
هذا العبد الصيام، إن الصيام أسمى وأكبر من هذا إنه صيام عن المحرمات والشهوات" من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" هكذا يقول عليه الصلاة والسلام المربي الأعظم في الأمة، والمشرع في مثل هذه، أخلاق ومعاملات إنما هي نتيجة العبادات، نتيجة الصلوات، نتيجة الصيام، نتيجة الأركان بشكل عام، "من لم يدع قول الزور والعمل فيه فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" فإن أحد قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم، إني صائم، وقال ولا يسخط ولا يجادل، وعند الإمام أحمد مسنده والأول في البخاري ومسلم ولا يجادل ولا يماري ولا يقل الا خيرا، حكم الصائم حاكم بما تعنيه الكلمة من حكم صارم على لسانه، على سمعه على كل جوارحه لا تنطلق الا لما يقتضيه الصيام والا فلا خير في صومه لا في رمضان ولا في غيره، إنه كف كل الكف عن أي وسيلة تؤدي للحرام، بل قال صلى عليه وسلم لصاحب القوة والعزيمة وصاحب الانطلاقة وصاحب النفس التواقة للحرام لربما هو الشاب "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء" فهو علاج حتى للشهوات وللمحرمات، وسيلة عظمى للتخلص من قاذورات النفس، وسيلة ربانية وتعليم إلهي، فالواجب على المسلم أن يستشعر هذه المعاني لهذا الشهر الكريم… أقول قولي هذا واستغفر الله.
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
- الصيام أيها الإخوة بين تشريع الله وبين فعل الناس فيه فرق شاسع، وبعد كبير واسع، الصيام لو أننا تعرفنا وليس عرفناه فقط بل تعرفنا عليه لكان الصيام الذي يريده الإسلام، ولكن عندما صامت البطون وابتعدت القلوب كان الصيام كما نرى في كل يوم، وفي كل رمضان، يصوم عبدالله رمضان كله عن الطعام والشراب لكنه يفطر في رمضان بكله بالحرام، سمعه، وبصره، ويده، وقدمه فضلاً عن ضياع الأوقات فيما يحل وفيما لا يحل فهو كله ضياع، وإذا كان لا يحل فالمصيبة أعظم….
- رمضان اسمى واعلى واكبر من ما يتصور العبد، الصيام في الحقيقة صيامان صيام حسي وصيام معنوي، الصيام الحسي يستطيعه كل مسلم، والصيام المعنوي لا يقدر عليه إلا قلة قليلة من الناس، الصيام الحسي عن الطعام والشراب وما نعلم وما لا نعلم، وصيام معنوي عن الحرام، والصيام المعنوي عن الحرام بشتى صوره وأنواعه، وهذا الدي يريده الإسلام، وهو سر الصيام، إنه روح الصيام هو اللغز وراء الصيام وتجويع البطون والأبدان…
- إنه صيام آخر لا يفهمه الا من فهم، ولا يدركه إلا من أراد أن يخلص نفسه وروحه قبل أن يخلص بطنه من شهوة عاجلة، إنه صيام من الحرام عامة أيـًا كان وفي أي مكان وزمان كان، لا يفرق عنده أن يكون الحرام في نهار رمضان، أو يكون في ليله أو في شوال أو في شعبان لعام قادم، أو في أي وقت وحين هو حرام حرام وإن اختلفت أزمانه وأيامه وأسبابه…
- ورمضان إنما هو إشارة لتعويد النفس ولتتحمل النفس على الكف عن شهواتها وعن الكف عن محرماتها، وعن الكف عما تريد لتحتبس لما يريد جل جلاله، ومن كان كما أريد كما في الأثر القدسي كنت له كما يريد، من كان لله مريداً كان الله له معطيـًا كما قال ابن عطاء السكندري عليه رحمة الله، كن كما أريد أكن لك كما تريد، وإن لم تكن لي كما أريد لن أكون لك كما تريد، العبد يريد والله يريد ولن يكون الا ما يريد الله تبارك وتعالى، فأنت بين إرادة نفسك وبين إرادة خالقك، فإن أطعت الله طاعتك الدنيا أطاعتك رغمـًا عنها، وإن أنت أطعت نفسك وتركت خالقك تركت هملا في الحياة، عبدي خلقت الدنيا لأجلك فلا تتعب، وخلقتك من أجلي فلا تلعب هكذا يقول الله كما في آثار أهل الكتا،ب وقد أجاز وأباح لنا حبيبنا صلى الله عليه وسلم أن نحدث عن ما في كتبهم، خلقت الدنيا من أجلك فلا تتعب، وخلقتك من أجلي فلا تلعب، الدنيا تأتيك راغمة إذا أنت أحسنت عبادتك وطاعتك، وكلنا شهود على ذلك، أليس في رمضان تتوفر الأرزاق والناس جميعا يقولون ذلك رمضان يأتي برزقه: ﴿وَما خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلّا لِيَعبُدونِ﴾﴿ما أُريدُ مِنهُم مِن رِزقٍ وَما أُريدُ أَن يُطعِمونِ﴾﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزّاقُ ذُو القُوَّةِ المَتينُ﴾،
﴿وَأمُر أَهلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصطَبِر عَلَيها لا نَسأَلُكَ رِزقًا نَحنُ نَرزُقُكَ وَالعاقِبَةُ لِلتَّقوى﴾ الله يقول ذلك نحن نرزقك وعد إلهي وهو لا يخلف الميعاد فاستقم لله تستقم لك الحياة، استقم لله تستقم لك الحياة لا رمضان وفقط، بل استقامة حقيقية تنطلق من النفس إلى البدن ورمضان إنما هو كذلك، صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه لقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.org/
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://v.ht/vw5F1 ...المزيد
*إشارات.عاجلة.في.بداية.شهر.المغفرة.cc* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد ...
*إشارات.عاجلة.في.بداية.شهر.المغفرة.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/C0fV7566Nlw?si=upwzqJ1ujQGqup5F
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ المكلا/ 5/ رمضان /1445هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
ـ ففي أول جمعة من شهر رمضان المبارك، في أول جمعة من هذا الشهر العظيم، في أول جمعة من شهر النفحات، والكرامات، والبركات، في أول جمعة من شهر القرآن، في أول جمعة من شهر الرحمن، في أول جمعة من شهر هو خير الشهور، وأفضل الشهور عند الله عز وجل، في أول جمعة من أعظم وأهم شهر للمغفرة، والباب الأكبر للعبادة والطاعة الذي الله تبارك وتعالى هيأه بكل المهيئات حتى في نفسيات الناس تجد الناس قد تغيروا وتبدلوا وتحولوا وتحسنوا وتغيرت طبائعهم ومشاربهم ومآكلهم وأوقاتهم وكل شيء في الحياة، تراه في ظاهره قد تغير كأن الله يريد أن يهيئ للعبد جو العبادة والطاعة فيتقرب إلى الله تبارك وتعالى ولا يجد شيئًا من الأمور تعيقه سيؤدي به إلى فتور في العبادة والطاعة، لا بل بالعكس فإن هذه الأمور ميسرة حتى إن الناس ليشهدون أن رمضان يأتي برزقه، الرزق في رمضان متوفر والأمور طيبة، مع أن الأشغال شبه متوقفة لكن رمضان يأتي برزقه يأتي الله بما عنده إذا جاء شهر رمضان هذا الشهر ليس أن الله هيأه وفقط بنفوس الناس وطبائع الناس وعبادات الناس وما نرى الناس عليه من إقبال على المساجد، والطاعة، والعبادة، والصيام، وكل المسلمين حتى العصاة وقطاع الصلاة…
- بل نرى أيضاً حتى الشياطين التي ما كان يتوقع في يوم من الأيام أن تحجم وأن تتوقف وأن تدع عدائها وأن تعلن تسليمها وأن تعلن إذعانها إلا في رمضان فتُصفد فيه مردة الشياطين وفي هذا الشهر الكريم بالتحديد، وذلك؛ كي لا يبقى للمسلم أي عذر وعائق أمام تعبده لربه، والتعرف الحق عليه ولو في هذا الشهر المبارك، من أجل ألا يكون هناك فرصة للتمرد، من أجل أن يدينهم الله عز وجل حق الإدانة، فكأنه يقول جل وعلا: ها أنا قد يسرت لكم وسهلت لكم سبل العبادة فلماذا انشغلتم عنها فلماذا ابتعدتم عنها؟ فلماذا أبيتموها؟ فلماذا أضعتم أنفسكم بعيدا عن هذه العبادة والطاعة في شهر العبادة والطاعة… .
ـ أيها الإخوة واجب المسلم أن يتذكر دائمًا وأبدا أن من صحت بدايته صحت نهايته، فإن صحت بداية رمضان لذلك العبد ستصح نهايته، وييسر الله له العبادة فيه، فإذا كانت البداية ليست في البداية جادة وصادقة، وليس بصاحب عزيمة وهمة فلن تكون نهايته إلا أشد؛ لأن فطرة الإنسان على هذا تكون مندفعة للأمور في بدايتها همة ونشاط ثم يأتي الضعف قليلا قليا فإذا كان المسلم في رمضان ضعيفا من اول فماذا عساك تنتظر له في أوسطه ونهايته، خاصة وكل شيء قد هيأه الله له حتى الشياطين صفدها فلماذا لم يستغل ذلك كله لأجل التفرغ لربه جل وعلا.
-أو لم يصلنا حديث نبينا صلى الله عليه وسلم الذي يؤكد هذا المعنى جيدا والذي قال فيه صلى الله عليه وسلم: (إن لكل عمل شرّة /أي اندفاعا وهمة وعزيمة في البداية/ إن لكل عمل شرة، ولكل شرة فترة /أي كسل وخمول/ فمن كان فترته إلى سنتي فقد رشد، ومن كانت إلى غير ذلك فقد هلك)، ألا فاستغلوا همتكم للطاعة في بداية رمضان، وأروا الله من أنفسكم خيرا فيه؛ إذ سيأتي الكسل حتما بعد ذلك، ولهذا ترون المساجد حتى في العشر الأواخر بل الرغم هي أهم من العشر الأواسط والأوائل لكن ترى الأسواق مزدحمة والمساجد أشبه بخاوية، حتى إنك لتجد المسجد الذي كان يصلي فيه خمسة وعشرة صفوف لا تكاد تجد الصف الثاني اكتمل للأسف مع أن فيها ليلة هي(خير من ألف شهر) لكن يأتي الخمول والكسل، ألا فاغتنموا ساعات نشاطكم بطاعة ربكم، وحسن التضرع له جل وعلا كما قال الفاروق رضي الله عنه: (إذا رأيت نفسك مقبلة فالزمها النوافل مع الفرائض، وإذا رأيتها مدبرة فالزمها الفرائض).
- فلا يعقل من مسلم أن يجعل بداية رمضان كله للعبه ولهوه وضياعه وكلامه وتفلته فكيف يكون حال لنهاية ستكون أعظم وأشد وأشر مع أن الله عز وجل قد هيأ له في هذا الشهر ما هيأ لكنه وكأنه رفض، وكأنه لم يقبل، وكأنه يقول لرب العالمين سبحانه وتعالى لا أريد منك هذه المكرمات ولا أريد منك هذه النفحات، ولا أريد منك ذلك إنما أريد أن أبقى على ما أنا عليه في لهوي وضياعي وكلامي وأمور حياتي لا أريد أن آتي إليك ولا أريد أن أتقرب يا ربي نحوك...
ـ أيها الإخوة إننا في هذا الشهر الكريم لا زلنا في البداية لا زلنا في في بدايته ومن صحت بدايته كما يقول العلماء صحت نهايته، ومن كانت بدايته محرقة كانت نهايته مشرقة، من أحرقت بدايته بهمته وبطاعته وبعزيمته وبكده وجهده وجلده رأيته في آخر عمره مرتاحًا وسعيدا مطمئنا، الرزق يأتيه، والمال يأتيه، والأولاد يأتون له ما يريد والأمور طيبة لديه؛ لأنه قد عاش في بداية حياته إما قضاها في دراسة، أو قضاها في تجارة، أو قضاها في عمل أو في كد ونصب أو في أي شيء من أمور الحياة فتراه ما إن يبدأ في عقد الأربعين والخمسين إلا وقد بدأ يستقيل من أمور الحياة ثم تأتيه راغمة؛ لأنه قد قدم من قبل وفعل ما فعل فمن كانت بدايته محرقة كانت نهايته مشرقة ومن أجهد نفسه في البداية طابت له النهاية فإذا أردنا أن تطيب لنا النهاية نهاية رمضان فيجب علينا أن نطيبه بجهودنا في بدايته، أما أننا نترك ذلك ولا نبالي به فسيكون رمضان كغيره من الأشهر ومن الأيام.
-وهي والله خسارة عظمى ومصيبة كبرى أن نسوي رمضان بغيره من أشهر العام، ولياليه بأي ليال في السنة، كيف ربنا يهيأ فيه ما هيأ ثم لا نبالي بذلك ونأبى إلا نسوي رمضان بغيره
- فأيها الإخوة واجب المسلم أن يراعي حرمة هذا الشهر، وأن يعظمه حق تعظيمه، والله يقول في كتابه الكريم {ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}، وإن أعظم الشعائر هي شعيرة رمضان، شعيرة هذا الوقت هذا الزمن شعيرة هذه الفضائل شعيرة هذه المنح التي جعلها الله عز وجل في شهر رمضان فمن لم يعظمها فمن تراه لا يستغلها، ومن لم يعظم هذه الشعائر فهو شقي كل الشقاء وبعيد عن الله كل البعد... وقد غضب الله عليه حق الغضب.
-إن النبي صلى الله عليه وسلم قد بشرنا بشارة عظيمة في هذا الشهر ألا وهي النجاة من (ولله عتقاء من النار يعني في شهر رمضان قال وذلك كل ليلة)، ففي كل ليلة من ليالي رمضان يعتق الله عز وجل عبادا من النار ويعلن ربنا أن فلانا ابن فلان قد نجي من النار فليسائل أحدنا نفسه هل أنا ممن نال هذه المزيه والفضيلة؟ فعاش بقية عمره وإذا هو ناج من النار إنما يعمل أعمالا ليرتقي في درجات الجنان....
-وأيضا يسائل نفسه هل أنا ممن غفر الله لهم في رمضان؛ لأنه جل وعلا يغفر لعباده لصومهم واحتسابهم (من صام رمضان إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه)، وأيضا هل أنا ممن غُفر له لقيامي فيه إيمانا واحتسابا: (من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)، فهل أنا ممن غفر الله لهم، أم لا زلت مكبلا في ذنوبي، وبالتالي أجتهد بقية رمضان لعل الله أن يغفر لي.... والشقي كل الشقي ذلك الذي خرج منه بدون عتق من النار ولا مغفرة للذنوب والأوزار...
-ليس يكفي إخواني أن يصوم المسلم... وأن يجوع نفسه مع الناس وأن يفعل ذلك رياء الناس أو أن يعتاده اعتيادا طبيعيا أن يجوع بطنه من وقت إلي وقت ومن ساعة لساعة ومن ساعة لساعة. لا بل إيمانًا واحتسابا إيمانًا بفريضته، إيمانًا بوجوبه، إيمانًا بشرعيته، إيمانًا بأنه ركن من أركان الإسلام، وبالتالي من عرف ركنيته من استشعر فرضيه من احتسب ذلك بكله في ذهنه فإنه سيصوم رمضان إيمانًا به ثم احتسابا للأجر الموجود فيه....
ـ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال مثلا "من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا" يوماً في سبيل كأي يوم من أيام العام فكيف إذا كان شهر رمضان إذا كان هذا الشهر الكريم الذي هو فريضة من فرائض الله.
ـ فهل احتسب مسلم أنه بصيامه ليوم واحد من أيام شهر رمضان يباعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا، هل تذكر ذلك المسلم وهو يصوم أن الله عز وجل قد قال "كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به" هل استشعر ذلك العبد أن الله قد جعل في الصيام ما جعل، وأعد فيه الصيام ما أعد، وهيأ فيه ما هيئ وأثاب فيه ما أثاب مما نعلم ومما لانعلم. وأنا أجزي به فا إيمانًا واحتسابا هنا غفر له ماتقدم من ذنبه، لو افترضنا أن عبدا صام لكن لم يوفق أن يصوم إيمانًا واحتسابا…
ـ فأيها الإخوة هذا الشهر الكريم شهر للقيام، قيام بصلاة، أو قيام بقرآن، أو قيام بذكر، أو قيام بتفكر، أو قيام بدعوة، أو قيام بأي شيء كان كله قيام ما دام كما قال الحسن البصري عليه رحمة الله ما دام في طاعة الله فهو قيام لله، ما دام وأن العبد يطيع الله أي طاعة كانت فهو قيام لله عز وجل، ومنه قيامه بصلاة التراويح التي لا تكلف كثيرا من وقت المسلم، فيضمن بذلك أنه قام تلك الليلة، فقد قال عليه الصلاة والسلام "من صلى مع إمامه مع إمامه حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة"، معناه حتى انقضت صلاة التراويح وليست انتهت بعضها أو انصرف بعض الائمة إن كانوا يتعاقبون ائمة على صلاة التراويح كما هي العادة لا ليس المقصود ذلك بل انتهاء صلاة التراويح مهما تعدد الائمة فالمراد بها صلاة التراويح..
- وهنا تنبيه لمن يخرج قبل أن تنتهي صلاة التراويح وهؤلاء كثير بحجة أن يصلوا الوتر في البيت لكن الحقيقة على أن صلاة التراويح حتى ينصرف الإمام وتنتهي الصلاة تمامًا فإنه يكتب له قيام ليلة تامة بدلا من أن يتعب نفسه بقيام الليل بكله ربما لا يدرك قيام ليلة؛ لأنه ليس بمضمون أما هذا مضمون لأنه بضمان رسول الله صلى الله عليه وسلم "من قام مع إمامه حتى ينصرف كتب له قيام ليلة" في أقل من ساعة واحدة يقوم مع إمامه فكتب له قيام ليلة ثم له بعد ذلك أن يصلي ما شاء دون أن يوتر لأنه لا وتران في ليلة كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم فإن كان قد أوتر فيجوز له بإجماع العلماء أن يصلي بعد أن يصلي التراويح ما شاء لكن كما قال عليه الصلاة والسلام: "لا وتران في ليلة"، فلا يتحجج متحجج بأنه يريد فيمكن له أن يصلي ما شاء بعد التراويح وبعد الوتر ما شاء أو إذا سلم إمامه من الوتر قام لركعة ثانية عشر وبالتالي أوتر الإمام وهو لم يوتر إن أراد وشاء ولابد أن يصلي الوتر في بيته فلا بأس أن يقوم للركعة الثانية عشر فيمكن للمسلم أن ينال هذا القيام بضمان رسول الله…
- ثم يمكن للمسلم أن ينال قيامات متعددة لليلة واحدة فيصلي العشاء جماعة "ومن صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل" والحديث في البخاري ومسلم، ثم: "ومن صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله" فبصلاته للفرضين جماعة كأنما قام الليل كله بصلاتين يصليهما جماعة، مع صلاته التراويح مع الإمام حتى ينصرف فهذا أصبح له قيامان قيام مع التراويح وقيام بحضوره لصلاة العشاء في جماعة، ولحضوره لصلاة الفجر في جماعة، فأصبح قيامان ثم قيام ثالث يمكن أن يقومه العبد أن يقوم مصليا أن يقوم مرتلا أن يقوم ذاكرا لله كله قيام ليل يصدق فيه قول نبينا صلى الله عليه وسلم: "من قام رمضان إيمانًا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه"..
ـ وإذا كان رسولنا عليه الصلاة والسلام فما ثبت في الصحاح كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه وهو في غير شهر رمضان قطعا، وقام معه حذيفة ليلة فقرأ البقرة وقرأ النساء وقرأ ال عمران ثم ركع عليه الصلاة والسلام بعد سبعة أجزاء من القراءة، وهذه لا يقرأها أحدنا لا في ليلة ولا ربما في ليلتين لكنه عليه الصلاة والسلام قام بهذا بكله في ركعة واحدة وفي غير رمضان وهذه الليلة شهدها رجل من الصحابة فكيف بليال متعددة كان عليه الصلاة والسلام ربما لا ينامها إلا القليل منها فقط، فإذا كنا لم نستطع هذا في غير رمضان ففي شهر رمضان أغلب الناس يسهرون على ماذا يسهرون؟ يسهرون على ماذا؟ على الضياع وعلى الكلام وعلى التليفونات وعلى أيضاً المسلسلات وعلى التسكعات هنا وهناك…
ـ رمضان إنما هو للقيام إنما هو للعباد إنما هو للطاعة، لم يجعله الله تبارك وتعالى لأنواع الكلام، ولأنواع هذه بكلها لقد صفد من أجل أن يستغل المسلم رمضان في العبادة والطاعة حتى الشياطين وبقي شياطين الإنس أنت وإياهم إما أن تتركهم وإما أن تصاحبهم، إما أن تكون معهم فتستبدل بهم شياطين الجن من شياطين الإنس فيكون هؤلاء رفقائك، وهؤلاء نواب الشيطان عنه عندما صفده رب العالمين سبحانه وتعالى فاحذر أن تتخذ هؤلاء النواب نوابا للشيطان في شهر رمضان…
ـ فإذا كنا قد حرمنا القيام في غير هذا الشهر فلا نحرم إياه في شهر رمضان ولو عندما ينزل ربنا عز وجل عندما يبقى الثلث الأخير من الليل قال صلى الله عليه وسلم "ينزل ربنا حين يبقى الثلث الأخير من الليل" ونعرف الثلث الأخير من الليل بنظرنا لأذان المغرب ولأذان الفجر الثاني فننظر إلى هذا الوقت وإلى هذا الوقت ثم نقسم هذين الوقتين إلى ثلاث أثلاث فإذا افترضنا أن أذان المغرب يتم الساعة السادسة وأذان الفجر يتم الساعة السادسة مثلا فإن الليل بكله هو اثنى عشر ساعة وبالتالي أربع ساعات وأربع ساعات ثم الأربع الساعات الأخيرة هذا هو الثلث الأخير من الليل، ولا شك أن أفضله وأن أعظمه وأن أحسنه وأن أجله هو وقت الأسحار، قبيل الفجر بنحو ساعة، أو بنحو نصف ساعة هذا هو أفضل وقت على الإطلاق، وقت الرحمات، ووقت كان عليه الصلاة والسلام يتفرغ فيه لرب العالمين سبحانه وتعالى حق التفرغ حتى قال أنس رضي الله عنه قال أمرنا أن نستغفر بالسحر مئة مرة. وقال عليه الصلاة والسلام "ما أصبحت غداة القبر إلا واستغفرت الله فيها سبعين مرة" وفي رواية مئة مرة عليه الصلاة والسلام لأن الله يقول في كتابه الكريم {وبالأسحار هم يستغفرون} {والمستغفرين بالأسحار}، {إِلا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ} ولما طلب أبناء يعقوب من أبيهم الدعاة قال سوف أستغفر لكم ربي وقالوا أنه أخر إستغفاره لوقت الاستغفار لوقت الأسحار… فأيها الإخوة إن كنا ننام في غير رمضان فهذا الشهر الكريم هو فرصة للقيام، هو فرصة للعبادة وفرصة للاستغفار، وفرصة للمناجاة، فرصة لكل خير… فاستغلوه… أقول قولي هذا وأستغفر الله...
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
ـ أيها الإخوة إن العبد المسلم إذا لم يحصل على مغفرة الله له في رمضان لا بقيام "من قام رمضان إيمانًا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" ولا بصيام: "من صام رمضان إيمانًا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه"، ولا بمجرد دخول الشهر "ورمضان إلى رمضان كفارات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر" فهنا يستحق دعوة جبريل عليه السلام، تلك الدعوة المزلزلة العظيمة التي جاء لرسول الله وهو يدعو على ذلك العبد الذي أدرك رمضان دون أن يغفر له، وفوق هذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد امن على ذلك الدعاء، فقال عليه الصلاة والسلام وهو يصعد درجات من منبره الثلاث. آمين آمين آمين. فلما قيل له يا رسول الله أمنت على ماذا رسول الله؟ ما رأينا داعيا، ولا سمعنا دعاء، فقال عليه الصلاة والسلام: "جاءني جبريل فقال: رغم أنف من أدرك رمضان ولم يغفر له، قل آمين يا محمد. فقال عليه الصلاة والسلام فقلت آمين"، فلنحذر هذه الدعوة العظيمة من خير الملائكة، والتأمين من خير البشر صلى الله عليه وسلم…
ـ وأخيرا لا بد من التنبيه عليه والإشارة إليه في بداية هذا الشهر الكريم إنه حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم هو حديث البراءة من أعظم وأخطر وأشدّ وأشق ما يمكن أن يتصور براءة من النار وبراءة من النفاق بشرط أن يدرك العبد المسلم تكبيرة الإحرام لأربعين يوما في الصلوات الخمس جماعة قال عليه الصلاة والسلام "من أدرك تكبيرة مع الإمام مع الجماعة الأولى تكبيرة الإحرام أربعين يوما كُتب له براءتان براءة من النار وبراءة من النفاق" ومعنى إدراك تكبيرة الإحرام ما إن ينتهي الإمام منها حتى يبدأ بها المأموم…
صلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.org/
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/C0fV7566Nlw?si=upwzqJ1ujQGqup5F
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير/ المكلا/ 5/ رمضان /1445هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد:
ـ ففي أول جمعة من شهر رمضان المبارك، في أول جمعة من هذا الشهر العظيم، في أول جمعة من شهر النفحات، والكرامات، والبركات، في أول جمعة من شهر القرآن، في أول جمعة من شهر الرحمن، في أول جمعة من شهر هو خير الشهور، وأفضل الشهور عند الله عز وجل، في أول جمعة من أعظم وأهم شهر للمغفرة، والباب الأكبر للعبادة والطاعة الذي الله تبارك وتعالى هيأه بكل المهيئات حتى في نفسيات الناس تجد الناس قد تغيروا وتبدلوا وتحولوا وتحسنوا وتغيرت طبائعهم ومشاربهم ومآكلهم وأوقاتهم وكل شيء في الحياة، تراه في ظاهره قد تغير كأن الله يريد أن يهيئ للعبد جو العبادة والطاعة فيتقرب إلى الله تبارك وتعالى ولا يجد شيئًا من الأمور تعيقه سيؤدي به إلى فتور في العبادة والطاعة، لا بل بالعكس فإن هذه الأمور ميسرة حتى إن الناس ليشهدون أن رمضان يأتي برزقه، الرزق في رمضان متوفر والأمور طيبة، مع أن الأشغال شبه متوقفة لكن رمضان يأتي برزقه يأتي الله بما عنده إذا جاء شهر رمضان هذا الشهر ليس أن الله هيأه وفقط بنفوس الناس وطبائع الناس وعبادات الناس وما نرى الناس عليه من إقبال على المساجد، والطاعة، والعبادة، والصيام، وكل المسلمين حتى العصاة وقطاع الصلاة…
- بل نرى أيضاً حتى الشياطين التي ما كان يتوقع في يوم من الأيام أن تحجم وأن تتوقف وأن تدع عدائها وأن تعلن تسليمها وأن تعلن إذعانها إلا في رمضان فتُصفد فيه مردة الشياطين وفي هذا الشهر الكريم بالتحديد، وذلك؛ كي لا يبقى للمسلم أي عذر وعائق أمام تعبده لربه، والتعرف الحق عليه ولو في هذا الشهر المبارك، من أجل ألا يكون هناك فرصة للتمرد، من أجل أن يدينهم الله عز وجل حق الإدانة، فكأنه يقول جل وعلا: ها أنا قد يسرت لكم وسهلت لكم سبل العبادة فلماذا انشغلتم عنها فلماذا ابتعدتم عنها؟ فلماذا أبيتموها؟ فلماذا أضعتم أنفسكم بعيدا عن هذه العبادة والطاعة في شهر العبادة والطاعة… .
ـ أيها الإخوة واجب المسلم أن يتذكر دائمًا وأبدا أن من صحت بدايته صحت نهايته، فإن صحت بداية رمضان لذلك العبد ستصح نهايته، وييسر الله له العبادة فيه، فإذا كانت البداية ليست في البداية جادة وصادقة، وليس بصاحب عزيمة وهمة فلن تكون نهايته إلا أشد؛ لأن فطرة الإنسان على هذا تكون مندفعة للأمور في بدايتها همة ونشاط ثم يأتي الضعف قليلا قليا فإذا كان المسلم في رمضان ضعيفا من اول فماذا عساك تنتظر له في أوسطه ونهايته، خاصة وكل شيء قد هيأه الله له حتى الشياطين صفدها فلماذا لم يستغل ذلك كله لأجل التفرغ لربه جل وعلا.
-أو لم يصلنا حديث نبينا صلى الله عليه وسلم الذي يؤكد هذا المعنى جيدا والذي قال فيه صلى الله عليه وسلم: (إن لكل عمل شرّة /أي اندفاعا وهمة وعزيمة في البداية/ إن لكل عمل شرة، ولكل شرة فترة /أي كسل وخمول/ فمن كان فترته إلى سنتي فقد رشد، ومن كانت إلى غير ذلك فقد هلك)، ألا فاستغلوا همتكم للطاعة في بداية رمضان، وأروا الله من أنفسكم خيرا فيه؛ إذ سيأتي الكسل حتما بعد ذلك، ولهذا ترون المساجد حتى في العشر الأواخر بل الرغم هي أهم من العشر الأواسط والأوائل لكن ترى الأسواق مزدحمة والمساجد أشبه بخاوية، حتى إنك لتجد المسجد الذي كان يصلي فيه خمسة وعشرة صفوف لا تكاد تجد الصف الثاني اكتمل للأسف مع أن فيها ليلة هي(خير من ألف شهر) لكن يأتي الخمول والكسل، ألا فاغتنموا ساعات نشاطكم بطاعة ربكم، وحسن التضرع له جل وعلا كما قال الفاروق رضي الله عنه: (إذا رأيت نفسك مقبلة فالزمها النوافل مع الفرائض، وإذا رأيتها مدبرة فالزمها الفرائض).
- فلا يعقل من مسلم أن يجعل بداية رمضان كله للعبه ولهوه وضياعه وكلامه وتفلته فكيف يكون حال لنهاية ستكون أعظم وأشد وأشر مع أن الله عز وجل قد هيأ له في هذا الشهر ما هيأ لكنه وكأنه رفض، وكأنه لم يقبل، وكأنه يقول لرب العالمين سبحانه وتعالى لا أريد منك هذه المكرمات ولا أريد منك هذه النفحات، ولا أريد منك ذلك إنما أريد أن أبقى على ما أنا عليه في لهوي وضياعي وكلامي وأمور حياتي لا أريد أن آتي إليك ولا أريد أن أتقرب يا ربي نحوك...
ـ أيها الإخوة إننا في هذا الشهر الكريم لا زلنا في البداية لا زلنا في في بدايته ومن صحت بدايته كما يقول العلماء صحت نهايته، ومن كانت بدايته محرقة كانت نهايته مشرقة، من أحرقت بدايته بهمته وبطاعته وبعزيمته وبكده وجهده وجلده رأيته في آخر عمره مرتاحًا وسعيدا مطمئنا، الرزق يأتيه، والمال يأتيه، والأولاد يأتون له ما يريد والأمور طيبة لديه؛ لأنه قد عاش في بداية حياته إما قضاها في دراسة، أو قضاها في تجارة، أو قضاها في عمل أو في كد ونصب أو في أي شيء من أمور الحياة فتراه ما إن يبدأ في عقد الأربعين والخمسين إلا وقد بدأ يستقيل من أمور الحياة ثم تأتيه راغمة؛ لأنه قد قدم من قبل وفعل ما فعل فمن كانت بدايته محرقة كانت نهايته مشرقة ومن أجهد نفسه في البداية طابت له النهاية فإذا أردنا أن تطيب لنا النهاية نهاية رمضان فيجب علينا أن نطيبه بجهودنا في بدايته، أما أننا نترك ذلك ولا نبالي به فسيكون رمضان كغيره من الأشهر ومن الأيام.
-وهي والله خسارة عظمى ومصيبة كبرى أن نسوي رمضان بغيره من أشهر العام، ولياليه بأي ليال في السنة، كيف ربنا يهيأ فيه ما هيأ ثم لا نبالي بذلك ونأبى إلا نسوي رمضان بغيره
- فأيها الإخوة واجب المسلم أن يراعي حرمة هذا الشهر، وأن يعظمه حق تعظيمه، والله يقول في كتابه الكريم {ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}، وإن أعظم الشعائر هي شعيرة رمضان، شعيرة هذا الوقت هذا الزمن شعيرة هذه الفضائل شعيرة هذه المنح التي جعلها الله عز وجل في شهر رمضان فمن لم يعظمها فمن تراه لا يستغلها، ومن لم يعظم هذه الشعائر فهو شقي كل الشقاء وبعيد عن الله كل البعد... وقد غضب الله عليه حق الغضب.
-إن النبي صلى الله عليه وسلم قد بشرنا بشارة عظيمة في هذا الشهر ألا وهي النجاة من (ولله عتقاء من النار يعني في شهر رمضان قال وذلك كل ليلة)، ففي كل ليلة من ليالي رمضان يعتق الله عز وجل عبادا من النار ويعلن ربنا أن فلانا ابن فلان قد نجي من النار فليسائل أحدنا نفسه هل أنا ممن نال هذه المزيه والفضيلة؟ فعاش بقية عمره وإذا هو ناج من النار إنما يعمل أعمالا ليرتقي في درجات الجنان....
-وأيضا يسائل نفسه هل أنا ممن غفر الله لهم في رمضان؛ لأنه جل وعلا يغفر لعباده لصومهم واحتسابهم (من صام رمضان إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه)، وأيضا هل أنا ممن غُفر له لقيامي فيه إيمانا واحتسابا: (من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)، فهل أنا ممن غفر الله لهم، أم لا زلت مكبلا في ذنوبي، وبالتالي أجتهد بقية رمضان لعل الله أن يغفر لي.... والشقي كل الشقي ذلك الذي خرج منه بدون عتق من النار ولا مغفرة للذنوب والأوزار...
-ليس يكفي إخواني أن يصوم المسلم... وأن يجوع نفسه مع الناس وأن يفعل ذلك رياء الناس أو أن يعتاده اعتيادا طبيعيا أن يجوع بطنه من وقت إلي وقت ومن ساعة لساعة ومن ساعة لساعة. لا بل إيمانًا واحتسابا إيمانًا بفريضته، إيمانًا بوجوبه، إيمانًا بشرعيته، إيمانًا بأنه ركن من أركان الإسلام، وبالتالي من عرف ركنيته من استشعر فرضيه من احتسب ذلك بكله في ذهنه فإنه سيصوم رمضان إيمانًا به ثم احتسابا للأجر الموجود فيه....
ـ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال مثلا "من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا" يوماً في سبيل كأي يوم من أيام العام فكيف إذا كان شهر رمضان إذا كان هذا الشهر الكريم الذي هو فريضة من فرائض الله.
ـ فهل احتسب مسلم أنه بصيامه ليوم واحد من أيام شهر رمضان يباعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا، هل تذكر ذلك المسلم وهو يصوم أن الله عز وجل قد قال "كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به" هل استشعر ذلك العبد أن الله قد جعل في الصيام ما جعل، وأعد فيه الصيام ما أعد، وهيأ فيه ما هيئ وأثاب فيه ما أثاب مما نعلم ومما لانعلم. وأنا أجزي به فا إيمانًا واحتسابا هنا غفر له ماتقدم من ذنبه، لو افترضنا أن عبدا صام لكن لم يوفق أن يصوم إيمانًا واحتسابا…
ـ فأيها الإخوة هذا الشهر الكريم شهر للقيام، قيام بصلاة، أو قيام بقرآن، أو قيام بذكر، أو قيام بتفكر، أو قيام بدعوة، أو قيام بأي شيء كان كله قيام ما دام كما قال الحسن البصري عليه رحمة الله ما دام في طاعة الله فهو قيام لله، ما دام وأن العبد يطيع الله أي طاعة كانت فهو قيام لله عز وجل، ومنه قيامه بصلاة التراويح التي لا تكلف كثيرا من وقت المسلم، فيضمن بذلك أنه قام تلك الليلة، فقد قال عليه الصلاة والسلام "من صلى مع إمامه مع إمامه حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة"، معناه حتى انقضت صلاة التراويح وليست انتهت بعضها أو انصرف بعض الائمة إن كانوا يتعاقبون ائمة على صلاة التراويح كما هي العادة لا ليس المقصود ذلك بل انتهاء صلاة التراويح مهما تعدد الائمة فالمراد بها صلاة التراويح..
- وهنا تنبيه لمن يخرج قبل أن تنتهي صلاة التراويح وهؤلاء كثير بحجة أن يصلوا الوتر في البيت لكن الحقيقة على أن صلاة التراويح حتى ينصرف الإمام وتنتهي الصلاة تمامًا فإنه يكتب له قيام ليلة تامة بدلا من أن يتعب نفسه بقيام الليل بكله ربما لا يدرك قيام ليلة؛ لأنه ليس بمضمون أما هذا مضمون لأنه بضمان رسول الله صلى الله عليه وسلم "من قام مع إمامه حتى ينصرف كتب له قيام ليلة" في أقل من ساعة واحدة يقوم مع إمامه فكتب له قيام ليلة ثم له بعد ذلك أن يصلي ما شاء دون أن يوتر لأنه لا وتران في ليلة كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم فإن كان قد أوتر فيجوز له بإجماع العلماء أن يصلي بعد أن يصلي التراويح ما شاء لكن كما قال عليه الصلاة والسلام: "لا وتران في ليلة"، فلا يتحجج متحجج بأنه يريد فيمكن له أن يصلي ما شاء بعد التراويح وبعد الوتر ما شاء أو إذا سلم إمامه من الوتر قام لركعة ثانية عشر وبالتالي أوتر الإمام وهو لم يوتر إن أراد وشاء ولابد أن يصلي الوتر في بيته فلا بأس أن يقوم للركعة الثانية عشر فيمكن للمسلم أن ينال هذا القيام بضمان رسول الله…
- ثم يمكن للمسلم أن ينال قيامات متعددة لليلة واحدة فيصلي العشاء جماعة "ومن صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل" والحديث في البخاري ومسلم، ثم: "ومن صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله" فبصلاته للفرضين جماعة كأنما قام الليل كله بصلاتين يصليهما جماعة، مع صلاته التراويح مع الإمام حتى ينصرف فهذا أصبح له قيامان قيام مع التراويح وقيام بحضوره لصلاة العشاء في جماعة، ولحضوره لصلاة الفجر في جماعة، فأصبح قيامان ثم قيام ثالث يمكن أن يقومه العبد أن يقوم مصليا أن يقوم مرتلا أن يقوم ذاكرا لله كله قيام ليل يصدق فيه قول نبينا صلى الله عليه وسلم: "من قام رمضان إيمانًا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه"..
ـ وإذا كان رسولنا عليه الصلاة والسلام فما ثبت في الصحاح كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه وهو في غير شهر رمضان قطعا، وقام معه حذيفة ليلة فقرأ البقرة وقرأ النساء وقرأ ال عمران ثم ركع عليه الصلاة والسلام بعد سبعة أجزاء من القراءة، وهذه لا يقرأها أحدنا لا في ليلة ولا ربما في ليلتين لكنه عليه الصلاة والسلام قام بهذا بكله في ركعة واحدة وفي غير رمضان وهذه الليلة شهدها رجل من الصحابة فكيف بليال متعددة كان عليه الصلاة والسلام ربما لا ينامها إلا القليل منها فقط، فإذا كنا لم نستطع هذا في غير رمضان ففي شهر رمضان أغلب الناس يسهرون على ماذا يسهرون؟ يسهرون على ماذا؟ على الضياع وعلى الكلام وعلى التليفونات وعلى أيضاً المسلسلات وعلى التسكعات هنا وهناك…
ـ رمضان إنما هو للقيام إنما هو للعباد إنما هو للطاعة، لم يجعله الله تبارك وتعالى لأنواع الكلام، ولأنواع هذه بكلها لقد صفد من أجل أن يستغل المسلم رمضان في العبادة والطاعة حتى الشياطين وبقي شياطين الإنس أنت وإياهم إما أن تتركهم وإما أن تصاحبهم، إما أن تكون معهم فتستبدل بهم شياطين الجن من شياطين الإنس فيكون هؤلاء رفقائك، وهؤلاء نواب الشيطان عنه عندما صفده رب العالمين سبحانه وتعالى فاحذر أن تتخذ هؤلاء النواب نوابا للشيطان في شهر رمضان…
ـ فإذا كنا قد حرمنا القيام في غير هذا الشهر فلا نحرم إياه في شهر رمضان ولو عندما ينزل ربنا عز وجل عندما يبقى الثلث الأخير من الليل قال صلى الله عليه وسلم "ينزل ربنا حين يبقى الثلث الأخير من الليل" ونعرف الثلث الأخير من الليل بنظرنا لأذان المغرب ولأذان الفجر الثاني فننظر إلى هذا الوقت وإلى هذا الوقت ثم نقسم هذين الوقتين إلى ثلاث أثلاث فإذا افترضنا أن أذان المغرب يتم الساعة السادسة وأذان الفجر يتم الساعة السادسة مثلا فإن الليل بكله هو اثنى عشر ساعة وبالتالي أربع ساعات وأربع ساعات ثم الأربع الساعات الأخيرة هذا هو الثلث الأخير من الليل، ولا شك أن أفضله وأن أعظمه وأن أحسنه وأن أجله هو وقت الأسحار، قبيل الفجر بنحو ساعة، أو بنحو نصف ساعة هذا هو أفضل وقت على الإطلاق، وقت الرحمات، ووقت كان عليه الصلاة والسلام يتفرغ فيه لرب العالمين سبحانه وتعالى حق التفرغ حتى قال أنس رضي الله عنه قال أمرنا أن نستغفر بالسحر مئة مرة. وقال عليه الصلاة والسلام "ما أصبحت غداة القبر إلا واستغفرت الله فيها سبعين مرة" وفي رواية مئة مرة عليه الصلاة والسلام لأن الله يقول في كتابه الكريم {وبالأسحار هم يستغفرون} {والمستغفرين بالأسحار}، {إِلا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ} ولما طلب أبناء يعقوب من أبيهم الدعاة قال سوف أستغفر لكم ربي وقالوا أنه أخر إستغفاره لوقت الاستغفار لوقت الأسحار… فأيها الإخوة إن كنا ننام في غير رمضان فهذا الشهر الكريم هو فرصة للقيام، هو فرصة للعبادة وفرصة للاستغفار، وفرصة للمناجاة، فرصة لكل خير… فاستغلوه… أقول قولي هذا وأستغفر الله...
الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
ـ أيها الإخوة إن العبد المسلم إذا لم يحصل على مغفرة الله له في رمضان لا بقيام "من قام رمضان إيمانًا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" ولا بصيام: "من صام رمضان إيمانًا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه"، ولا بمجرد دخول الشهر "ورمضان إلى رمضان كفارات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر" فهنا يستحق دعوة جبريل عليه السلام، تلك الدعوة المزلزلة العظيمة التي جاء لرسول الله وهو يدعو على ذلك العبد الذي أدرك رمضان دون أن يغفر له، وفوق هذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد امن على ذلك الدعاء، فقال عليه الصلاة والسلام وهو يصعد درجات من منبره الثلاث. آمين آمين آمين. فلما قيل له يا رسول الله أمنت على ماذا رسول الله؟ ما رأينا داعيا، ولا سمعنا دعاء، فقال عليه الصلاة والسلام: "جاءني جبريل فقال: رغم أنف من أدرك رمضان ولم يغفر له، قل آمين يا محمد. فقال عليه الصلاة والسلام فقلت آمين"، فلنحذر هذه الدعوة العظيمة من خير الملائكة، والتأمين من خير البشر صلى الله عليه وسلم…
ـ وأخيرا لا بد من التنبيه عليه والإشارة إليه في بداية هذا الشهر الكريم إنه حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم هو حديث البراءة من أعظم وأخطر وأشدّ وأشق ما يمكن أن يتصور براءة من النار وبراءة من النفاق بشرط أن يدرك العبد المسلم تكبيرة الإحرام لأربعين يوما في الصلوات الخمس جماعة قال عليه الصلاة والسلام "من أدرك تكبيرة مع الإمام مع الجماعة الأولى تكبيرة الإحرام أربعين يوما كُتب له براءتان براءة من النار وبراءة من النفاق" ومعنى إدراك تكبيرة الإحرام ما إن ينتهي الإمام منها حتى يبدأ بها المأموم…
صلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.org/
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A ...المزيد
معلومات
✾- مجاز في الفتوى، والتدريس، والدعوة من فضيلة مفتي الديار اليمنية القاضي/ محمد بن إسماعيل العمراني. ❖- زكّاه أبرز وأشهر العلماء، منهم مفتي اليمن، ورئيس هيئة علماء اليمن رئيس جامعة الإيمان، ونائبه، وغيرهم.... ❀- حصل على إجازات مختلفة، عامة، وخاصة من كبار العلماء، وفي شتّى العلوم الشرعية منها: إجازة في القراءات السبع، وإجازة خاصة برواية حفص عن عاصم، والكتب الستة، والعقيدة، والإيمان، واللغة، والفقه، وأصول الفقه، والتفسير، والحديث، والمصطلح، والتوحيد، والتجويد، والسيرة، والنحو، والصرف، والتصريف، وعلم البلاغة( معان، وبيان، وبديع)، والتاريخ، والآداب، والأدب، والمنطق، والحساب، والأذكار، والأدعية، والأخلاق، والفلك… ✦- له إجازات في المذاهب الأربعة، وإجازات في جميع مصنفات بعض العلماء كمصنفات ابن الجوزي، والسيوطي، والخطيب البغدادي، وابن حجر العسقلاني، والبيهقي.. ✺- أستاذ بجامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية، وجامعة الإيمان، وجامعة العلوم والتكنلوجيا بالمكلا. ❃- نال عضوية الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين عام 2019م. ┈┉┅━━ ❀ ❃ ✾ ❈ ❀━━ ┅┉┈ ❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي: ❈- الصفحة العامة فيسبوك: https://www.facebook.com/Alsoty2 ❈- الحساب الخاص فيسبوك: https://www.facebook.com/Alsoty1 ❈- القناة يوتيوب: https://www.youtube.com//Alsoty1 ❈- حساب تويتر: https://mobile.twitter.com/Alsoty1 ❈- المدونة الشخصية: https://Alsoty1.blogspot.com/ ❈- حساب انستقرام: https://www.instagram.com/alsoty1 ❈- حساب سناب شات: https://www.snapchat.com/add/alsoty1 ❈- إيميل: [email protected] ❈- قناة الفتاوى تليجرام: http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik ❈- رقم الشيخ وتساب: https://wa.me/967714256199
أكمل القراءةالمواد المحفوظة 5
- دين لا تحافظ عليه وقت رخائك لن تعود إليه وقت شدتك، ولن ينفعك وقت ضرك.
- سورة عبس (1)
- النهي عن الاصطفاف بين السواري في الصلاة
- 🔹- ﻻ ﻳﺤﻞ ﻷﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺮﻗﻴﺔ ﺃﻥ ﻳﺒﻌﺜﻮﺍ ﺍﻟﻴﺄﺱ ﻓﻲ ﻧﻔﻮﺱ ﺍﻟﻤﺮﺿﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻔﺎﺀ؛ ﻛﻲ ﻳﺴﺘﻤﺮﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﺑﻮﺍﺑﻬﻢ ﺑﺎﺳﻢ ﺟﻠﺴﺎﺕ، ...
- ❁- النار أقرب إليك من شراك نعلك، والجنة شبه ذلك، فعش بين خوفك ورجائك، وسيحدد دخولك لأحدهما عملك.