إعجاز القرآن يقول سبحانه {{ قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ ...

إعجاز القرآن
يقول سبحانه {{ قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا }} " الإسراء , 88 "
يتجلى معنى الإعجاز من هذه الآية وهو كون الإنس والجن عاجزين أن يأتوا بمثل هذا القرآن لأنه كلام الله بل يعجزون أن يأتوا بسورة مثله {{ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }} " يونس . 38 " :
ذلك أن كل سورة من القرآن جعل الله فيها من الخصائص ما يعجز البشر أن يأتوا بمثله وتجتمع هذه الخصائص من كل السور لتشكل علم إعجاز القرآن وهو علم واسع لا يحيط به إلا الله ولا تنقضي عجائبه مع مرور الزمن ولا بانقضائه لأنه قبل الزمن وبعده ونذكر من هذه الخصائص :
أولا : أنه شفاء لما في الصدور من كل ما يعلق بها من الشرك والإلحاد والكبر والحسد والحقد وجميع أمراض القلوب يقول سبحانه {{ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ }} " يونس , 57 "
ثم إنه بقراءته تطمئن القلوب وتزداد إيمانا وسعادة وسكينة يقول سبحانه{{ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ }} " الرعد , 28 " : قراءة القرءان من أنواع الذكر
ثم إنه يهدي به الله عباده المؤمنين يقول سبحانه {{ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }} " المائدة , 16 "
ثانيا : أنه شفاء للمؤمنين من عدة أمراض كالجنون وغيره وذلك إما عن طريق قراءة آيات مخصوصات منه يقول سبحنه {{ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا }} " الإسراء , 82 " أو عن طريق إرشاده إلى الدواء كإرشاده إلى أن العسل فيه شفاء للناس {{ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }} "النحل ,69 "
ثالثا : إخباره عن بعض الغيب الذي سيحصل في هذه الدنيا ولو بعد بضع سنين كقوله سبحانه {{ الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) }} " الروم "
الآيات تخبرنا عن نتائج حرب وقعت في عصر النبي صلى الله عليه وسلم بين فارس والروم في منطقة قرب البحر الميت بالشام غُلبت فيها الروم فنزلت الآيات تبشر المسلمين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أن الروم سيغلبون فارس بعد ذلك في بضع سنين وأن المؤمنين (يعني الصحابة ) سيفرحون يومئذ بنصر الله لهم على الكافرين في الغزوات كصلح الحديبية وفتح خيبر وفتح مكة ثم إن الآية تتضمن إعجازا آخر وهو إخبارها أن المكان الذي غلبت فيه الروم هو أدنى الأرض يعني أخفض منطقة في الأرض وهو أمر لم يعرفه الناس إلا قريبا بواسطة الأقمار الصناعية فلاحظوا أن منطقة البحر الميت هي أخفض منطقة في الأرض والمعركة وقعت بها قريبا من البحر الميت .
وكقوله سبحانه {{ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ (10) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (11) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (12) أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى
وَقَدْ جَاءهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ (13) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ (14) إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (15) }} " سورة الدحان " :
الآيات تخبرنا عن دخان يكون في السماء يأتي على الناس فيغشاهم بعذاب أليم حتى يدخلوا في الإسلام وقد ورد في الأحاديث الصحيحة أن ذلك من علامات الساعة أي أنه بين يدي الساعة فحصوله شهادة كبرى للنبي صلى الله عليه وسلم أنه مؤيد بالوحي من الله وأن القرءان وحي من الله ولعل ما نراه اليوم من دخان السماء في الغلاف الجوي وتأثيره بظاهرة الاحتباس الحراري على الأرض وساكنها هو بداية إتيانه ليغشى الناس بعذاب أليم حتى يدخلوا في الإسلام .
رابعا : أن أكثر من ثلثه في العقيدة الصحيحة والكلام عن الله وصفاته وعظمته وأسمائه فلوا اجتمع البشر على أن يأتوا بما أتى به القرءان في ذلك لما استطاعوا من أمثلة ذلك قوله سبحانه {{ حم (1) تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (2) غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ (3) }}" غافر"



ومن المعلوم عند العلماء أن القرءان أتى بعدد كبير من أسماء الله وصفاته وعرَّفنا على مخلوقات عظيمة خلقها الله أعظم مما نرى من السماء والأرض كالعرش والجنة ونعيمها فلو كان من عند غير الله لما كان أتى بكل ذلك العلم عن الله وصفاته وعظمته وخلقه .
خامسا : أنه على نسق عظيم من البلاغة والإعجاز البياني ولا يوجد فيه خلاف ولا تناقض كما يوجد في كلام البشر وكتبهم ولذا يقول سبحانه {{ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا }} " النساء , 82 "
سادسا : أنه معجز في تشريعاته فلا يبيح إلا طيبا ولا يحرم إلا خبيثا ولا يأمر إلا بمعروف ولا ينهى إلا عن منكر ويهدي الناس إلى الطرق القويمة والضوابط التي تحفظ لهم إيمانهم وكرامتهم وصحتهم وتبعدهم عن ظلم غيرهم ولذا يقول سبحانه {{ إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا }} " الإسراء , 9 " ثم يصف النبي صلى الله عليه وسلم أنه يحل لنا الطيبات ويحرم علينا الخبائث {{ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ }}
" الأعراف "
ويظهر إعجازه جليا في أن جميع الأمم التي لا تتبع تشريعاته تراها تعيش كالحيوانات بل هي أسفل من ذلك لكثرة عدد الملحدين والمجرمين والجرائم والظالمين فيها وهذا ما يعبر عنه في قوله سبحانه {{ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً }} " الفرقان , 44 " وقوله {{ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ }} " التين , 5 "
وأن من آمن به واتبع منهاجه تراه يعيش حياة طيبة سعيدة يقول سبجانه {{ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }} " النحل , 97 "
سابعا : إعجازه العلمي وهو معجزة هذا العصر الذي أصبح أهله قادرون بعلومهم وأجهزتهم على كشف حقائق علمية بعيدة المنال كالتوسع الكوني {{ وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ }} " الذاريات ,47 " فيجد المسلمون أن هذه الحقائق جاءت في القرءان قبل اكتشافها بأربعة عشر قرنا فيزيدهم ذلك إيمانا وفهما لتلك الآيات التي وردت فيها تلك الحقائق وهذا الحقائق أصبحت علما واسعا تخصص فيه عدد من العلماء وكل منهم ساهم بما فتح الله عليه به لكن بعضهم تسرع في تفسير بعض الآيات فأخطأ في تفسيرها .

ولذا ندعوا للمنهج الصحيح في التفسير الذي يقوم على تفسير القرءان بالقرءان ثم بالحديث الصحيح وعدم التكلم في ذلك بما ليس لنا به علم يقول سبحانه {{ وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً }}
" الإسراء , 36 "
وأن لا نقع في الأخطاء التي وقع فيها بعض السلف الصالح في تفسير بعض الآيات التي لم تكن لهم القدرة على فهمها ففسروها على ما يوافق فهمهم فلما جاء عصرنا عصر الاكتشافات العلمية أصبح تفسيرهم لها عقبة لنا نحن المسلمون في هذا العصر في تقديم تفسيرها الإعجازي لغيرنا من الأمم ونذكر من أمثلة ذلك تفسيرهم للنجم الطارق بأنه عامة النجوم لأنها تطرق ليلا وتفسيرهم هذا لا يوافق سياق الآية ولا معناها لغويا فمعناها لغويا وعلميا أن في السماء نجم طارق وثاقب وهذا النوع من النجوم لم يكتشف إلا حديثا بواسطة المسابير والمراصد الكونية فلاحظ بها علماء وكالة ناسا وجود نوع من النجوم شديدة الإنضغاط واللمعان مما يجعلها تصدر طرقات متتالية كطرقات الطارق على الباب فسماها بعضهم " النجم النيتروني " وسماها بعضهم " المطارق الكونية " وهذا هو الاسم الصحيح لأنه يوافق نص الآية يقول سبحانه {{وَالسَّمَاء وَالطَّارِقِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (2) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3) }} " الطارق "
ونذكر من أمثلة الإعجاز العلمي في القرءان ما أقسم به الله كشهادة علمية على ذلك كقوله سبحانه {{ فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ (78) لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ (79) تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (80) }} " الواقعة "
الآيات فيها قسم على أن القرءان كتاب كريم منزل من الله ومكتوب عنده في كتاب مكنون : أي اللوح المحفوظ وشهادة علمية في غاية الإعجاز على ذلك لم يكن أحد يعرفها قبل زمن قريب حينما لاحظ علماء الفلك أن الذي نراه لامعا في السماء ليلا ليس النجوم وذلك لاستحالة رؤيتها بالعين المجردة نظرا لبعدها عنا وإنما نراه هو مواقع للنجوم وهو أمر سبقهم القرءان إليه وأقسم به كشهادة علمية على أنه كتاب كريم من الله و محفوظ عنده {{ فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ }}
يقول الدكتور زغلول النجار : وهذا القسم القرآني العظيم بمواقع النجوم يشير إلى سبق القرءان الكريم بالإشارة إلى أحد حقائق الكون المبهرة والتي مؤداها أنه نظرا للأبعاد الشاسعة التي تفصل نجوم السماء عن أرضنا فإن الإنسان على هذه الأرض لا يرى النجوم أبدا ولكنه يرى مواقع مرت بها النجوم ثم غادرتها
" راجع موقعه عند تفسيره لهذه الآية "
أقول ولعل ما أشاروا إليه من استحالة رؤية النجوم بالعين المجردة على هذه الأرض لبعدها عنا يجعلني أطرح فرضية أخرى لا تخالف نص القرءان
ولا تخالف ما وصلوا إليه من حقائق حول مواقع النجوم وهذه الفرضية هي أن الله لما خلق سماءنا يعني (الغلاف الجوي للأرض ) وزينها بالمصابيح أن تلك المصابيح هي مواقع للنجوم في الغلاف الجوي تزينه وتحفظه من كل شيطان ولعل هذا ما أشارت إليه الآية {{ وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ }} " فصلات , 12 "
وكقوله سبحانه {{ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى (4) }} " النجم "
الآيات فيها قسم بأن النبي صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى وأن القرءان وحي من الله أنزل عليه وشهادة علمية في غاية الإعجاز على صدق ذلك فلم يكن أحد يعرف أن النجوم تموت وتتهاوى على نفسها بل لأغرب من ذلك اكتشاف علماء الفلك تهاوي النجم الذي يقترب من الثقوب السوداء بفعل جاذبيتها فيسقط هاويا نحوها بسرعة مذهلة وهو ما عبر عنه القسم {{ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى }} " راجع محاضرات الدكتور عبد الدائم الكحيل على موقعه "
وكقوله سبحانه {{ فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (16) وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21) }} " التكوير "
الآية فيها قسم بأن القرءان قول رسول كريم : أي جبريل عليه السلام إشارة إلى نزوله به من عند الله على الرسول صلى الله عليه وسلم وشهادة علمية في غاية الإعجاز على ذلك فلم يكن أحد يعرف بوجود الخنس الجواري الكنس قبل نزول هذه الآية فلما تم اكتشاف الثقوب السوداء في عصرنا هذا أدرك العلماء أنها المقصودة في قوله سبحانه {{ فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ }} "

يقول الدكتور زغلول النجار الخُنَّس صيغة مبالغة تدل على الطمس الشديد " الْجَوَارِ الْكُنَّسِ " : أي التي تجري في صفحة السماء فتكنسها لما تقوم به من ابتلاع للطاقة والنجوم ثم يقول أن هذا لا ينطبق إلا على الثقوب السوداء وعامة من رأينا من علماء الإعجاز يقولون هذا فمن أين للقرآن بهذا الإعجاز العلمي والدقة في اختيار الألفاظ اللغوية والمعاني الصحيحة التي تكون حقائق علمية يكتشفها الناس فيجدونها على الوجه الذي ذكر القرءان بدقة مذهلة ومعجزة إلا أنه كلام الله الذي أحاط بكل شيء علما .
وكقوله سبحانه {{ وَالسَّمَاء ذَاتِ الرَّجْعِ (11) وَالأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ (12) إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (13) وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ (14 }} " الطارق "
أصبح معلوما اليوم عند العلماء أهمية الغلاف الجوي لما يقوم به من إرجاع بخار الماء والحرارة وأمواج الاتصالات إلى الأرض وهو ما أقسم به رب العالمين كشهادة علمية على أن القرءان قول فصل أي حق منزل من الله {{ وَالسَّمَاء ذَاتِ الرَّجْعِ (11) وَالأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ (12) إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (13) وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ (14) }} .
...المزيد

فقه التترس يرجع فقه التترس إلى حديث الصعب ابن جثامة قال مر النبي صلى الله عليه وسلم بالأبواء أو ...

فقه التترس
يرجع فقه التترس إلى حديث الصعب ابن جثامة قال مر النبي صلى الله عليه وسلم بالأبواء أو بودان وسئل عن أهل الدار يبيتون من المشركين فيصاب من نسائهم وذراريهم قال : هم منهم وسمعته يقول لا حمى إلا الله ولرسوله صلى الله عليه وسلم " راجع صحيح البخاري "
الأصل في هذه المسألة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الأطفال والنساء وأمَّنَ المسالمين الذين لا يحاربون فإذا وجد بعضهم في منطقة أهلها محاربون كقواعد الجيش العسكرية وكان الرامي يتوقع أن الرمي سيوقع نكاية في المحاربين جاز لأن المنطقة أصلا للمحاربين ولأن النكاية محققة وإصابة الأطفال والنساء غير محققة .
أما إذا كانت المنطقة التي يراد رميها منطقة للمدنين كالأسواق والمباني السكنية فلا يجوز رميها بحجة أن بعض المحاربين يتترسون فيها لأن إصابة الأطفال والنساء في هذه الحالة محققة وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتلهم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال وجدت امرأة مقتولة في بعض مغازي النبي صلى الله عليه وسلم فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان
" راجع الموطأ والصحيحين "
وللفقهاء أقوال تبين أحكام التترس :
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : فإن الأئمة متفقون على أن الكفار لو تترسوا بمسلمين وخيف على المسلمين إذا لم يقاتلوا فإنه يجوز أن ترميهم وتقصد الكفار " الفتاوي . 28- 537 "
وقال أيضا : وقد اتفق العلماء على أن جيش الكفار إذا تترسوا بمن عندهم من أسرى المسلمين وخيف على المسلمين الضر إذا لم يقاتلوا فإنهم يقاتلون وإن أفضى ذلك إلى قتل المسلمين الذين تترسوا بهم " مجموع الفتاوي , 28 – 546 "
وقال أيضا : وكذلك في باب الجهاد وإن كان قتل من لم يقاتل من النساء والصبيان وغيرهم حراما فمتى احتيج إلى قتال قد يعمهم مثل الرمي بالمنجنيق وفي أهل الدار من المشركين يبيتون وهو دفع لفساد الفتنة أيضا يقتل من لا يجوز قصد قتله وكذلك مسألة التترس التي ذكرها الفقهاء فإن الجهاد هو دفع فتنة الكفر فيحصل فيها من المضرة ما هو دونها ولهذا اتفق الفقهاء على أنه متى لم يمكن دفع الضرر عن المسلمين إلا بما يفضي إلى قتل أولئك المتترس بهم جاز ذلك وإن لم يخف الضرر
لكن لم يمكن إلا بما يفضي إلى قتلهم ففيه قولان ومن يسوغ ذلك يقول قتلهم لأجل مصلحة الجهاد مثل المسلمين المقاتلين يكونون شهداء " مجموع الفتاوي , 52 – 20 – 53 "
...المزيد

البدع في الجهاد يقول سبحانه {{ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ ...

البدع في الجهاد
يقول سبحانه {{ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }} " آل عمران , 31 " : ألسنا نحب الله ؟ ونريد حبه لنا علينا إذن نتبع رسوله صلى الله عليه وسلم في كل أعماله ونبتعد عن البدع كلها .
ولعل أبشع أنواع البدع ما نراه اليوم من البدع في الجهاد من تمثيل بالقتلى واستباحة لقتل الأطفال والنساء والمسالمين ومخالفة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك يقول سبحانه {{ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }} " النور , 63 "
والسبب في ذلك هو ردة فعل خاطئة للمجاهدين يريدون من خلالها إرهاب الكافرين وعقابهم وينسون قول الله تعالى : {{ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ }}
" النحل , 128 "
إن من تقوى الله الخوف من الظلم والخوف مما يكون فسادا في الأرض أو سببا لذلك :
لذا على المجاهدين مراجعة المنهجيات في التفكير والأعمال التي قد يكون فيها ظلم وفساد في الأرض وإلحاق العار بالإسلام والمسلمين وتنفير الناس من الإسلام وهي لا توافق سنة رسول صلى الله عليه وسلم في الجهاد :
أول هذه المنهجيات والأعمال استباحة قتل الذِّمِّين وهم من دخلوا أرض المسلمين مستجيرين أو لاجئين أو ضيوفا أو عاملين لمصلحة المسلمين أو كان أحد المسلمين أعطاهم الأمان على ذمته .
فكل هؤلاء ذمين فالأولى دعوتهم إلى الإسلام وتلاوة القرآن عليهم ليسمعوه يقول سبحانه {{ وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ }} " التوبة , 6 "
ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ : مما يعني أنه يجب تأمينهم وعلى هذا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه قال في خطبته ما عندنا كتاب نقرأه إلا كتاب الله وما في هذه الصحيفة فقال فيها الجراحات وأسنان الإبل والمدينة حرم ما بين عير إلى كذا فمن أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرف ولا عدل ومن تولى غير مواليه فعليه مثل ذالك وذمة المسلمين واحدة فمن خفر مسلما في ذمته فعليه مثل ذلك " صجيح البخاري" وفي رواية أخرى ذمة المسلمين وحدة يسعى بها أدناهم فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل .
ومنها استباحة قتل المدنين وهو أمر محدث وبدعة تخالف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لقوله سبحانه {{ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }} " المائدة , 8 " : نزلت الآية لتبين أن الإنسان لا يؤخذ بذنب غيره فإذا كان من الكفار من قتلونا وعذبونا وقتلوا أطفالنا ونساءنا فهؤلاء يُرَد عليهم بقتالهم وقتلهم يقول سبحانه {{ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ }} " البقرة , 194 " : الضمير في قوله سبحانه " فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ " يرجع على المعتدي فيجوز الاعتداء عليه بمثل ما فعل من القتل والجنايات أما غيره ممن ليسوا شركاء معه فلا شك أنه لا ذنب لهم ولا عقاب عليهم في جريمة المعتدي يقول سبحانه {{ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى }} " الأنعام , 164 " .
ويقول سبحانه {{ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا }} " النساء , 94 " نزلت الآية لتبين لنا أن الصحابة رضي الله عنهم اعتدوا على كافر مسالم لا يحارب الإسلام وقد ألقى السلام عليهم فاعتدوا عليه فنزلت هذه الآية تنهاهم عن ذلك وتبين لهم أن هذا الكافر ربما يهتدي كما اهتدوا هم من قبل فمن الله عليهم بالإسلام بعد الكفر .
ولا يوجد مكان للمدنين إلا ويوجد فيه نساء وصبيان وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتلهم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال وجدت امرأة مقتولة في بعض مغازي النبي صلى الله عليه وسلم فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان " راجع الموطأ والصحيحين "
ومنها مخالفة ما عرف عند السلف الصالح من فقه التترس قال شيخ الإسلام ابن تيمية {{ وقد اتفق العلماء على أن جيش الكفار إذا تترسوا بمن عندهم من أسرى المسلمين وخيف على المسلمين الضرر إذا لم يقاتلوا وإن أفضى ذلك إلى قتل المسلمين الذين تترسوا بهم }} " مجموع الفتاوي , 28 – 546 ".
هذه إحدى مسائل فقه التترس عند السلف الصالح وهي ليست موافقة لما يظنه البعض حين يقومون بالتفجيرات في الأماكن المدنية المختلطة بالناس بحجة فقه التترس فمعني هذه المسألة عند السلف الصالح أنه إذا كان عند الكفار أسرى مسلمين وكانوا يُهدِّدُون أنهم إذا هوجموا من المسلمين سيقتلون من عند هم من الأسرى فيجوز مهاجمتهم إذا كان في عدمها ضرر كبير كانهزام المسلمين وعلو الكافرين في الأرض أما ما يفعله هؤلاء اليوم فهو فساد واعتداء بَيِّنٌ لأن الضحايا من المسلمين والمدنين والأطفال ماتوا بتفجيراتهم وليس بأيدي الكافرين كما في شأن الأسرى .
ومنها التمثيل بالقتلى وحرقهم وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك عن عبد الله ابن يزيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهي عن النُّهْبَةِ وَالْمُثْلَةِ " صحيح البخاري "
لنُّهْبَةِ : هي أخذ المال من صاحبه بغير حق
الْمُثْلَةِ : هي التمثيل بالقتلى كقطع بعض أعضاءهم وكإحراقهم
والذين يقومون بهذه الأفعال يظنون أنها ترهب الكافرين والعكس صحيح بل ما يفعلونه يزيد غضبهم فيتغلب على خوفهم ويجعلهم لا يستسلمون ويقاتلون حتى الموت ومثل هذه الأخطاء تنفر الناس من دين الإسلام وتنفرالمسلمين من الجهاد وتثير حمية علماء المسلمين ضد المجاهدين .
أما إذا تدبر المجاهدون قول الله تعالى {{ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ}} " النحل , 128 " لأقبلوا على إتباع السنة في الجهاد ولخافوا من الوقوع في هذه الأخطاء تقاة وخوفا من الله ولأحسنوا في عبادة الله وعلى خلقه لأنهم إذا فعلوا ذلك سيكون الله معهم وسينصرهم .
...المزيد

زراعة المخدرات من أجل تمويل الجهاد بدعة مخالفة يقول سبحانه {{ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ ...

زراعة المخدرات من أجل تمويل الجهاد بدعة مخالفة
يقول سبحانه {{ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ }} " آل عمران , 110 "
يستفاد من الآية أن أكبر مقاصد الجهاد هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله ومن أجلهما أخرج الله الأمة لدعوة الناس وجهادهم .
أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ : كلمة الناس تفيد أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يطبق على جميع الناس من الكافر والمؤمن والفاجر والبار وعلى هذا فتعاطي المخدرات وبيعها لهم سواءا كانوا كفارا يتنافي مع هذا المقصد لأن ذلك من المنكر لذي يجب أن ننهى عنه ونتبرأ منه فهي مسكر و" كل مسكر حرام " لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله ذلك " راجع صحيح البخاري , 5575 " .
ولأن زراعتها وبيعها من الفساد في الأرض الذي نهي الله عنه وأمر بالجهاد حتى لا يكون يقول سبحانه {{ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ }} " البقرة , 251 "
والقول بجواز ذلك يتنافى مع هذا المقصد وهو بدعة مخالفة لما عليه سنة النبي صلى الله عليه وسلم فلا يوجد دليل يقول بجوازه ولم يسبق للسلف الصالح أن قالوا بجواز الفساد في الأرض من أجل تدمير الكفار.
وكذالك شراء السلاح من ثمنها لقتالهم فالقول بهما بدعة مخالفة كما بينا ( وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) " راجع صحيح مسلم " , وأمر محدث وكل أمر محدث مردود على صاحبه لقوله صلى الله عليه وسلم {{ مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ }} " الصحيحين " ويتنافى مع أخلاق الداعية الصالح والمجاهد الرشيد يقول الله سبحانه قاصًّا عن نبيه شعيب عليه السلام قوله {{ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ }} " هود , 88 " : فالمجاهد يجب أن يكون داعية إلى الله متأسيا بأخلاق النبيئين صلوات وسلامه عليهم مبينا للناس أنه لا يريد إلا الإصلاح .
...المزيد

قتال البغاة يقول سبحانه : {{ وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا ...

قتال البغاة
يقول سبحانه : {{ وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }} " الحجرات , 9 " :
قال ابن تيمية رحمه الله :
1- الأصل إذا نشب قتال بين طائفتين من المؤمنين أن يُسعى بالإصلاح بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى قوتلت الباغية فقتال البغاة لم يؤمر الله تعالى به ابتداءا مع واحدة من الطائفتان ولم يؤمر بقتال كل باغ والبغاة المأمور بقتالهم هم الذين بغوا بعد الاقتتال وامتنعوا من الإصلاح المأمور به فصاروا بغاة مقاتلين " راجع ملتقى العقيدة , قول شيخ الإسلام ابن تيمية في قتال البغاة "
2-والبغي يكون بقتال وبغير قتال وما كان بعير قتال فليس في النص أن الله أمر بقتاله ومثال البغي بغير قتال كأخذ مال أو رئاسة بظلم " نفس المصدر "
3- كتب الحديث المصنفة كالبخاري ومسلم والسنن ليس فيها باب قتال البغاة إذ ليس عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث في قتال البغاة إلا حديث كوثر ابن حكيم وهو موضوع فليس فيها إلا قتال أهل الردة والخوارج وأهل الأهواء" نفس المصدر "
4- ما يذكر الفقهاء في باب قتال البغاة مبني على وجوب القتال مع علي رضي الله عنه في الجمل وصفين فلما اعتقدوا وجوب ذلك جعلوه قاعدة فقهية ثم أدخلوا في هذه القاعدة قتال الخوارج والمرتدين وصاروا يطبقون هذا الأمر على من يتولى أمور المسلمين من الملوك والخلفاء ويجعلون أهل العدل من اعتقدوه كذلك ثم يجعلون المقاتلون له بغاة " نفس المصدر "
5- في قتال الجمل وصفين علي رضي الله عنه أولى بالحرب وترك القتال بالكلية كان خير وذلك القتال من قتال الفتنة " نفس المصدر "
6- المكره على القتال في الفتنة ليس له أن يقاتل بل عليه إفساد سلاحه وأن يصبر حتى يقتل مظلوما " نفس المصدر " .
قلت الأصل في المسلم أنه يخاف من قتال أخيه المسلم وإذا كان مصرا على قتاله لم يقاتله وخلى بينه وبين الله تعالى كما فعل ابن آدم المتقي حينما أراد أخوه العاصي قتله وكان من أمرهما ما قص الله علينا
{{ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ (29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30) }} " المائدة " :
من قتل أخاه المسلم عقوبته أن يحمل ذنوبه ويكون من الخاسرين أما المقتول ظلما دون قتال فهو الفائز لتكفير ذنوبه وثناء الله عليه كما دلت عليه الآيات أما إذا كان كل منهما حريص على قتل صاحبه فالقاتل والمقتول منهما في النار لقوله صلى الله عليه وسلم عن أبي بكرة نفيع بن الحارث الثقفي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : {{إذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفِيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ فقلت يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول قال إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ }} " الصحيحين " , فالمسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه لقوله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع {{ فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ - قَالَ مُحَمَّدٌ وَأَحْسِبُهُ قَالَ - وَأَعْرَاضَكُمْ، عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، أَلاَ لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الغَائِبَ». وَكَانَ مُحَمَّدٌ يَقُولُ: صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ ذَلِكَ «أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ» مَرَّتَيْنِ .
" الصحيحين "
أما ما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم فقد كان معركتان فقط وليستا كما يحدث بين المسلمين اليوم وقد علَّمنا ربنا سبحانه ما نقول فيما شجر بينهم في سورة الحشر بعد ما بين فضل المهاجرين والأنصار منهم بيَّن بعد ذلك أن المؤمنين التابعين لهم بإحسان هم الذين يسألون لهم المغفرة وفي هذا إشارة إلى أن الصحابة ليسوا معصومين وإذا أخطأ فريق منهم كما في غزوة أحد وكما شجر بين أصحاب علي مع أصحاب معاوية وأهل موقعة لجمل منهم رضي الله عنهم علينا أن نقول ما علمنا ربنا قوله {{وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }} " الحشر , 10 "
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في عرضه لعقيدة أهل السنة والجماعة فيما شجر بين الصحابة { ويمسكون عما شجر بين الصحابة ويقولون إن هذه الآثار المروية في مشاجرتهم منها ما هو كذب ومنها ما قد زيد فيه ونُقص وغُيِّر عن وجهه والصحيح منه هم فيه معذرون إما مجتهدون مصيبون أو مجتهدون مخطئون } "راجع العقيدة الواسطية مع شرحها لمحمد , ص 137 "
قلت : هذه هي عقيدة أهل السنة من السلف الصالح والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين ولذلك نرى أن كتب الحديث الصحيح كالموطأ والصحيحين لم تدون ما شجر بينهم كما فعلت مع فصول السيرة الأخرى كالمغازي والمناقب وإنما جاء فيها أحاديث متفرقة صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قولها ولذا وجب تدوينها
وقد كانت معجزة للرسول صلى الله عليه وسلم وسبيلا منيرا للصلح بين المسلمين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت الصادق المصدوق يقول {{ هَلاَكُ أُمَّتِي عَلَى يَدِي غِلْمَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ }} " صحيح البخاري " , وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {{ يُوشِكُ أَنْ يَكُون َ خَيْرُ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبِعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطَرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ }} " صحيح البخاري "
الحديثين وردا عن النبي صلى الله عليه وسلم ليبينا لنا أنه في حال الفتنه والاقتتال بين المسلمين يكون خيرا للمسلم أن يكون في البدو ليكون بعيدا عن الفتنة وفيهما إشارة لما وقع بعد عصر الخلافة الراشدة من الفتن وفي حديث سلمة ابن الأكوع أنه دخل على الحجاج فقال يا ابن الأكوع ارتددت على عقبيك تعربت قال لا ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لي في البدو"راجع صحيح البخاري " وعن يزيد ابن أبي عبيد قال لما قتل عثمان ابن عفان خرج سلمة ابن الأكوع إلى الرَّبْذَةِ وتزوج هناك إمرأة وولدت له أولادا فلم يزل بها حتى أقبل قبل أن يموت بليال فنزل المدينة
"راجع صحيح البخاري "
وإذا وقعت الفتنة بين فئتين من المسلمين فأنجح طريق للصلح بينهما هو حثهما على العفو والصلح يقول سبحانه {{ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ }} " الشورى , 41 "
وتقديم التضحيات كما فعل الحسن ابن علي رضي الله عنهما فأصلح الله به بين المسلمين الذين معه والذين مع معاوية عن أبي بكرة رضي الله عنه قال بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب جاء الحسن فقال النبي صلى الله عليه وسلم {{ ابنِ هَذَا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ الله أنْ يُصْلِحَ بِه بَيْنَ فِيَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ }} " صحيح البخاري "
فتحقق ذلك بتنازله عن الخلافة لمعاوية من أجل أن يتوقف القتال بين المسلمين وتجتمع كلمتهم على خليفة واحد لأن المسلمين لا يكون لهم إلا خليفة واحد {{ إِذَا بُويِعَ الْخَلِيفَتَانِ فَاقْتُلوا الْآخِرَ مِنْهُمَا }} " رجع صحيح مسلم "
ثم تطالب الفئتان بالاحتكام إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ويندب لذلك العلماء العدول ويتوقف القتال وينتظر المسلمون الأحكام الشرعية التي سيستنبطها العلماء من الكتاب والسنة وعلى المسلمون حينئذ تطبيقها والالتزام بها يقول سبحانه {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }} " النساء , 59 "
قولي يندب لذلك العلماء العدول مأخوذ من قوله سبحانه {{ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً , النساء " {{ 83 "
أُوْلِي الأَمْرِ : هم العلماء أهل التخصص فكل منهم صاحب الأمر في تخصصه الذي علمه الله يستنبط منه ما فتح الله عليه به .
فإذا تأخر العلماء في استنباط الأحكام أو تأخروا في الاتفاق عليها كان على الفريقين الانتظار حتى يعرفوا أحكام الله وحدوده فيما اختلفوا فيه وليس لأحد منهم أن يبدأ بقتال ولا قصاص لأن إقامة الحدود والقصاص تكون على الإمام في أرض الله التي استخلفه فيها وهي من شأن القاضي وهيئة الصلح وليست من شأن المتخاصمين إلا في أنفسهم وما ولوا .
هذه سنة الله التي سنها لأنبيائه يقول سبحانه {{يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ }} " ص , 26 " بِالْحَقِّ : يعني شرع الله .
...المزيد

قتال المرتدين يقول سبحانه {{ إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ...

قتال المرتدين
يقول سبحانه {{ إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (34) }} " المائدة " :
يستفاد من الآية شرطان من توفرت فيه من الجماعات والأنظمة حكم عليها بالردة وحد الحراب
الأول : أن تحارب الله ورسوله ويشمل ذلك جميع أنواع الحراب من رفع السلاح على المسلمين لإجبارهم على الحكم بالطاغوت أو لإبعادهم عن دين الله أوبدعوتهم للطاغوت والاستهزاء بشرع الله وإذلالهم وتخويفهم وغصب أموالهم ونساءهم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {{ مَنْ حَمَلَ عَلَيْنِا السِّلَاحْ فَلَيْسَ مِنَّا }} " الصحيحين "
الثاني : أن تكون الجماعة مفسدة في الأرض ومن أكبر مظاهر الفساد وجود جماعات في بلاد المسلمين تشاقق الر سول وتتبع غير سبيل المؤمنين وتدعو إليه كالأحزاب العلمانية والشيوعية يقول سبحانه {{ وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا}}
" النساء , 115 "
فيجب على المسلمين قتال من توفرفيه هذان الشرطان حتى يتوبوا إلى الله فإذا تابوا قبل أن يُقدر عليهم سقط عنهم حد الحراب لقوله سبحانه {{ إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }}
فإن لم يتوبوا إلى الله فالإمام مخير فيهم بين أربعة أحكام يحكم بأحدها على ما يرى أنه يحقق الإيمان وينصر الإسلام وهي القتل أو الصلب أو تقطيع الأيدي والأرجل من خلاف أو النفي من الأرض : أي من بلاد المسلمين .
والتاريخ الإسلامي مليء بأمثال هؤلاء من عهد الرسول صلى الله عليه إلى يومنا الذي كثر فيه عددهم عن أنس ابن مالك رضي الله عنه أن رهطا من عكل ثمانية قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فاجتوو المدينة فقالوا يارسول الله أبغنا رُسْلاً قال ما أجد لكم إلا أن تلحقوا بالذود فانطلقوا فشربوا من أبوالها وألبانها حتى صحوا وسمنوا وقتلوا الراعي واستاقوا الذ ود وكفروا بعد إسلامهم فأتى الصريخ النبي صلى الله عليه وسلم فبعث الطلب فما ترجَّل النهار حتى أٌتي بهم فقطع أيديهم وأرجلهم ثم أمر بمسامير فأحميت فكحلهم بها وطرحهم بالحرة يستسقون فما يسقون حتى ماتوا . قال أبو قلابة قتلوا وسرقوا وحاربوا الله ورسوله وسعوا في الأرض فسادا " صحيح البخاري "
وعليهم كل ما اتلفوا من مال وانتهكوا من حدود الله لأنهم خارجون في معصية الله فإذا تابوا قبل أن نقدر عليهم سقط عنهم حد الحراب وبقيت عليهم الحدود الأخرى
لأنها قصاص ونكال من الله لا تسقط بالتوبة وإذا لم يقمها الإمام عليهم فهو من الظالمين يقول سبحانه {{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }} " المائدة , 45 "
عن عائشة رضي الله عنها: أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ المَرْأَةِ المَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ ، فَقَالُوا : وَمَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَقَالُوا : وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ، حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ ؟! ) ، ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ ، ثُمَّ قَالَ : {{ إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ ، أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا }} " الصحيحين " .
...المزيد

. أحكام السبي والاسترقاق السبي والاسترقاق هو ما يقع على الذين حاربوا الإسلام من الكفار من ...

.

أحكام السبي والاسترقاق
السبي والاسترقاق هو ما يقع على الذين حاربوا الإسلام من الكفار من أسرهم وأسر نساءهم وأطفالهم واسترقاقهم والحكمة من ذلك أنه يكون سببا في دخولهم الإسلام وإنقاذهم من غيابات الشرك والضلال والجهل إلى نور الإيمان والعلم وإنقاذهم من النار ودعوتهم للجنة ولذلك جاء في الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : {{عَجِبَ اللَّهُ مِنْ قَوْمٍ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ فِي السَّلاَسِلِ }} " صحيح البخاري "
ومن سنة النبي صلى الله عليه وسلم أنه أحيانا يقره ويفعله لحكمة جلية كما فعل مع أسرى بني قريظة وبني المصطلق عن أبي هريرة رضي الله عنه {{ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ }} قال خير الناس للناس يأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام }} " صحيح البخاري " فكان ذلك لمن وقع في السبي والاسترقاق من بني قريظة وبني المصطلق عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أغارَ على بَنِي الْمُصْطَلِقِ وهُمْ غارُّونَ وأنْعامُهُمْ تُسْقى على الماءِ فقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ وسباى ذَرَارِيَّهُمْ وأصابَ يَوْمَئِذٍ جُوَيْرِيَةَ قَالَ حدَّثني بِهِ عَبْدُ الله بنُ عُمَرَ وكانَ فِي ذالِكَ الْجَيْشِ. " صحيح البخاري "
فقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ : يعني الذين قاتلوا ولم يفروا أو يستسلموا
وقد أحسن ر سول الله صلى الله عليه وسلم في معاملتهم فتزوج من ابنة سيدهم جويرية بنت الحارث فدخلت الإسلام وصارت من أمهات المؤمنين وقد قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم السبايا والذراري منهم على الصحابة رضي الله عنهم فلما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بجويرية رضي الله عنها قال الصحابة أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتقوهم ودخل كثير منهم في الإسلام .
وأحيانا لا يقره ولا يفعله لأجل حكمة بالغة أراها الله له كما فعل مع قريش لما فتح مكة واجتمعت قريش تنتظر الحكم فيها قال لهم ما تظنون أني فاعل بكم قالو أخ كريم وابن أخ كريم فقال اذهبوا فأنتم الطلقاء فدخلوا الإسلام .
أما المسالمين منهم الذين لم يرفعوا السلاح ولم يحاربوا دين الإسلام فليس من السنة استرقاقهم ولا سبيهم لقوله سبحانه : {{ لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }} " البقرة , 256 "
وقوله سبحانه : {{ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا }} " النساء , 94 " : فالأصل أن نبلغهم دين الله ونسالم المسالمين منهم لذلك نهى الله الصحابة في هذه الآية لما اعتدوا على من ألقى عليهم السلام : أي طلبه منهم وكان ذلك قبل نزول هذه الآية وفي فتح مكة أعطى الرسول صلى الله عليه وسلم الأمان لمن أغلق عليه بابه أي لزم بيته ولم يحارب .
ويجوز التسري بالإماء اللاتي دخلن الإسلام منهم أو كن كتابيات وهو نكاح صحيح له ضوابط شرعية مثلما للزواج ضوابطه الشرعية فبه يلحق الولد بسيد الأمة التي تسرى بها ولا يجوز للسيد التسري بأمته المتزوجة , ولا يجوز لأحد التسري بأمة غيره .
ومن الحكمة فيه أن تحصل المودة بين السيد وأمته كما حصل لمارية القبطية عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت أمة له أهداها له المقوقس ملك الأقباط في مصر فكانت لها مودة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وولدت له ابنه إبراهيم الذي بكى النبي صلى الله عليه وسلم عند موته .
فهل يجوز أن يكون للإماء المشركات ما كان لمارية القبطية وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم لم يتسرى بأمة مشركة فهل يجوز للمسلمين التسري بإمائهم المشركات ؟
اختلف السلف الصالح والخلف من بعدهم في هذه المسألة وكان لكل منهم أدلته فمنهم من ذهب إلى جواز ذلك ومنهم من ذهب إلى منعه كمالك والشافعي وأحمد ابن حنبل وهو الأولى والأرجح لأن التسري كما بينا نكاح صحيح يقوم على المودة والرحمة وهذا ما لم يجعله لله للمشركات في الزواج فحرم الزواج بهن وجعلهم دعاة إلى النار يقول سبحانه {{ وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ }} " البقرة , 221 " :
الآية تبين لنا سبب تحريم الزواج بالمشركات والمشركين وهو أنهم يدعون إلى النار وهذا متحقق في التسري بالإماء المشركات

ويقول سبحانه {{ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }} " الممتحنة , 10 " :
في الآية أمر للصحابة بطلاق زوجاتهم المشركات مما يدل على عظم تحريم لاستمتاع بالمشركات حتى لا تكون لهم تلك المودة .
...المزيد

الغنائم والفيء والسلب والنفل يقول سبحانه {{ وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ ...

الغنائم والفيء والسلب والنفل
يقول سبحانه {{ وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}} " الأنفال , 41 "
الغنائم هي المال والأرض التي يستولي عليها المسلمون عند قتالهم للكفار فإذا هزموهم كانت أموالهم وأرضهم غنائم للمسلمين حلالا طيبا عليهم يقول سبحانه
{{ فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّبًا وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }} " الأنفال , 69 "
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: {{ أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أحَدٌ قَبْلِي: نُصِرْتُ بالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وجُعِلَتْ لي الأرْضُ مَسْجِدًا وطَهُورًا، فأيُّما رَجُلٍ مِن أُمَّتي أدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ، وأُحِلَّتْ لي المَغَانِمُ ولَمْ تَحِلَّ لأحَدٍ قَبْلِي، وأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وكانَ النبيُّ يُبْعَثُ إلى قَوْمِهِ خَاصَّةً وبُعِثْتُ إلى النَّاسِ عَامَّةً }} " الصحيحين " .
وهذه الغنائم تقسم على من شهد المعركة من المسلمين بعد أن يخرج منها الخمس وهو الخمس المذكور في الآية {{ وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ }} : فيرجع إلى بيت مال المسلمين ويقسم على مصالحهم وعلى المذكورين في الآية والأربعة أخماس الباقية تقسم على من شهد المعركة من المسلمين للراجل منهم سهم وهو من لا خيل له ولصاحب الخيل ثلاثة أسهم سهم له وسهمان لفرسه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم في النفل للفرس سهمين وللرجل سهم " الصحيحين " ويشترط فيه أن يكون بالغا عاقلا ذكرا حرا فلا يسهم للنساء والأطفال والعبيد إذا شهدوا المعركة وإنما يرضخ لهم : أي يعطون من الغنائم أجرا بقدر جهدهم عن أم عطية قالت كنا نغزوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنداوي الجرحى ونمرض المرضى وكان يرضخ لنا من الغنيمة " " ويستوي في الأسهم القوي والضعيف ومن قاتل ومن بعثه الأمير في مصلحة غير القتال روى أحمد عن سعد ابن مالك قال قلت يا رسول الله الرجل يكون حامية القوم ويكون سهمه وسهم غيره سواء قال ثكلتك أمك ابن أم سعد {{ وَهَلْ تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ إِلاَّ بِضُعَفَاءِكُمْ }} " رواه أحمد وله شواهد في الصحيحين "

وقد أسهم النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان ابن عفان من الغنائم في غزوة بدر وكان قد تخلف عنها بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل مرض رقية بنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجة عثمان فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :
{{ إِنَّ لَكَ أَجْرَ رَجُلٍ مِمَنْ شَهِدَ بَدْراً وَسَهْمُهُ }} " راجع صحيح البخاري "
وأما الفيء وهو ما استولى عليه المسلمون من أموال المحاربين من الكفار دون قتال فهو لله وللرسول خاصة يصرف في مصالح المسلمين وعلى من ذكرهم الله في الآية {{ وَمَا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَاء وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6) مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7) }} " الحشر " : الآيات نزلت بعد غزوة بني النضير وقد نقضوا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاولوا قتله فجهز لهم جيشا وحاصرهم ستة ليال فألقى الله في قلوبهم الرعب وصالحوه على أن لهم ما حملت الإبل من المال والمتاع إلا السلاح والذهب ويخرجوا إلى الشام فكانت أموالهم مما لم يوجف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب : يعني دون قتال على الخيل أو الإبل فكانت أموالهم خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ينفق منها على مصالح المسلمين ويجعلها حيث أراه الله {{ مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاء مِنكُمْ }}
مِنْ أَهْلِ الْقُرَى : أي من أهل القرى بعد بني النضير
عن عمر رضي الله عنه قال كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة وكان ينفق على أهله نفقة سنته ثم يجعل ما بقي في السلاح والكراع عدة في سبيل الله " الصحيحين " : الكراع : الخيل
أما السلب فهو ما حاز عليه القاتل من سلاح المقتول ودرعه فيكون لصاحبه كما في حديث أبي قتادة الطويل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {{ مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلْبُهُ }} " الصحيحين "
وأما النفل فهو ما يعطيه الأمير لمن أعجبه قتاله من الجند زيادة على سهامهم عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية فيها عبد الله قبل نجد فغنموا إبلا كثيرة فكانت سهامهم إثنا عشر بعيرا أو أحد عشر بعيرا ونفلوا بعيرا بعيرا " الصحيحين " .
...المزيد

أسباب النصر والتمكين يقول سبحانه {{ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ ...

أسباب النصر والتمكين
يقول سبحانه {{ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ (41) }} " الحج "
يستفاد من الآيتين أن الله ينصر المسلمين ويستخلفهم في الأرض إذا اعتصموا بدينه ونصروه وتوفرت فيهم شروط التمكين :
أولا : أن تكون عقيدتهم صحيحة يعبدون لله وحده لا يشركون به شيئا لقوله سبحانه في سورة النور {{ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا }} " النور , 55 "
ثانيا : أن يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ويؤمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر
وقد رأينا في عصرنا الاستخلاف الذي وعد لله به في عدة بلدان لكن المسلمون أفسدوه بمخالفتهم للسنة وقتالهم بينهم وفشلهم وتنازعهم فحق عليهم قول الله
سبحانه {{ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ }} " آل عمران , 158 " : الآية نزلت بعد غزوة أحد لتبين للمسلمين سبب خسارتهم في الغزوة ذلك أن بعض الرماة خالفوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وفشلوا وتنازعوا في الأمر بعدما رأوا النصر في بداية المعركة ففرحوا به وخالفوا أمر الرسول بالثبات في أماكنهم وذهبوا يجمعون الغنائم ويقول سبحانه مخاطبا لهم في نفس الأمر {{ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }}
" آل عمران , 165 "
هذا ما حصل للصحابة رضي الله عنهم لأنهم خالفوا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم فماذا سيحصل لنا وقد استبحنا دماءنا وقاتلنا بعضنا وأسأنا للإسلام وخالفناه بأعمالنا كقتلنا للأطفال والنساء والذمين والمسالمين وتمثيلنا بالقتلى وكيف نرجوا النصر وفتح دمشق وقتل الطاغية بشار قبل أن نتوب إلى الله من ذالك وماذا نتوقع أن يحصل لنا أقل من الهزائم والخسائر ألا تتجلى لنا حكمة الله في تأجيل النصر الذي نرجوه في بلاد الشام حتى لا تتحول من بلاد الرباط والجهاد والاستشهاد في سبيل الله إلى بلاد الفتنة والمعصية ودخول النار بقتالنا بيننا .


لذا يجب أن نتوب إلى الله من هذا كله وتخشع قلوبنا لذكره يقول سبحانه {{ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ }} " الحديد , 16"
و أن نستعين بأسباب النصر و معية الله : بذكر ه وطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ولابتعاد عن التنازع والخلاف والثبات والصبر عند لقاء العدو يقول سبحانه {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ (45) وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46) }} " الأنفال " .
{{ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ }} : وكفى بالله إذا كنا من الصابرين فلن نهزم أبدا لأن الله معنا وقد وعدنا بإرسال الملائكة لنصرتنا إذا صبرنا واتقينا يقول سبحانه {{ بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126) }} " آل عمران "
وبالإيمان بالله والتوكل عليه يقول سبحانه {{ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }} " آل عمران , 139 " : المؤمنون هم الذين يتصفون بصفات الإيمان المذكورة في قوله سبحانه {{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3) أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4) }} " الأنفال " ويقول سبحانه {{ إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ }} " آل عمران , 160 " وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال {{ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ }} قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا {{ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}} " آ ل عمران , 173 " " صحيح البخاري "
وبتقواهم وخشيتهم لله وإحسانهم في عبادته وعلى خلقه يقول سبحانه {{ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ {{ "النحل ,128 "
وبإعدادهم وتنظيمهم كما أمر الله {{ وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ }} " الأنفال , 60 "
ولعل أنجح أسباب النصر التي ينصر بها المسلمون الدعاء والتضرع إلى الله والإحسان على ضعفاءهم يقول سبحانه {{ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ }} " النمل , 62 "


وعن عبد الله ابن أبي أوفى رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في بعض أيامه التي لقي فيها العدو وانتظر حتى مالت الشمس ثم قام في الناس فقال {{ أَيُّهَا النَّاسُ لاَ تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوْ وَاسْأَلُوا الله الْعَافِيَةَ فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلاَلِ السُّيُّوفِ اللَّهُم مُنَزِّلَ الْكِتَابِ وَمُجْرِيَ السَّحَابِ وَهَازِمِ الْأَحْزَابِ اهُزِمْهُمْ وانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ }} " الصحيحين "
وعن مصعب ابن سعد قال رأى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن له فضلا على من دونه فقال النبي صلى الله عليه وسلم {{ هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلاَّ بِضُعَفَاءِكُمْ }} " صحيح البخاري " .

الغنائم والفيء والسلب والنفل
يقول سبحانه {{ وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}} " الأنفال , 41 "
الغنائم هي المال والأرض التي يستولي عليها المسلمون عند قتالهم للكفار فإذا هزموهم كانت أموالهم وأرضهم غنائم للمسلمين حلالا طيبا عليهم يقول سبحانه
{{ فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّبًا وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }} " الأنفال , 69 "
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: {{ أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أحَدٌ قَبْلِي: نُصِرْتُ بالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وجُعِلَتْ لي الأرْضُ مَسْجِدًا وطَهُورًا، فأيُّما رَجُلٍ مِن أُمَّتي أدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ، وأُحِلَّتْ لي المَغَانِمُ ولَمْ تَحِلَّ لأحَدٍ قَبْلِي، وأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وكانَ النبيُّ يُبْعَثُ إلى قَوْمِهِ خَاصَّةً وبُعِثْتُ إلى النَّاسِ عَامَّةً }} " الصحيحين " .
وهذه الغنائم تقسم على من شهد المعركة من المسلمين بعد أن يخرج منها الخمس وهو الخمس المذكور في الآية {{ وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ }} : فيرجع إلى بيت مال المسلمين ويقسم على مصالحهم وعلى المذكورين في الآية والأربعة أخماس الباقية تقسم على من شهد المعركة من المسلمين للراجل منهم سهم وهو من لا خيل له ولصاحب الخيل ثلاثة أسهم سهم له وسهمان لفرسه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم في النفل للفرس سهمين وللرجل سهم " الصحيحين " ويشترط فيه أن يكون بالغا عاقلا ذكرا حرا فلا يسهم للنساء والأطفال والعبيد إذا شهدوا المعركة وإنما يرضخ لهم : أي يعطون من الغنائم أجرا بقدر جهدهم عن أم عطية قالت كنا نغزوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنداوي الجرحى ونمرض المرضى وكان يرضخ لنا من الغنيمة " " ويستوي في الأسهم القوي والضعيف ومن قاتل ومن بعثه الأمير في مصلحة غير القتال روى أحمد عن سعد ابن مالك قال قلت يا رسول الله الرجل يكون حامية القوم ويكون سهمه وسهم غيره سواء قال ثكلتك أمك ابن أم سعد {{ وَهَلْ تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ إِلاَّ بِضُعَفَاءِكُمْ }} " رواه أحمد وله شواهد في الصحيحين "

وقد أسهم النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان ابن عفان من الغنائم في غزوة بدر وكان قد تخلف عنها بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل مرض رقية بنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجة عثمان فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :
{{ إِنَّ لَكَ أَجْرَ رَجُلٍ مِمَنْ شَهِدَ بَدْراً وَسَهْمُهُ }} " راجع صحيح البخاري "
وأما الفيء وهو ما استولى عليه المسلمون من أموال المحاربين من الكفار دون قتال فهو لله وللرسول خاصة يصرف في مصالح المسلمين وعلى من ذكرهم الله في الآية {{ وَمَا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَاء وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6) مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7) }} " الحشر " : الآيات نزلت بعد غزوة بني النضير وقد نقضوا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاولوا قتله فجهز لهم جيشا وحاصرهم ستة ليال فألقى الله في قلوبهم الرعب وصالحوه على أن لهم ما حملت الإبل من المال والمتاع إلا السلاح والذهب ويخرجوا إلى الشام فكانت أموالهم مما لم يوجف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب : يعني دون قتال على الخيل أو الإبل فكانت أموالهم خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ينفق منها على مصالح المسلمين ويجعلها حيث أراه الله {{ مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاء مِنكُمْ }}
مِنْ أَهْلِ الْقُرَى : أي من أهل القرى بعد بني النضير
عن عمر رضي الله عنه قال كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة وكان ينفق على أهله نفقة سنته ثم يجعل ما بقي في السلاح والكراع عدة في سبيل الله " الصحيحين " : الكراع : الخيل
أما السلب فهو ما حاز عليه القاتل من سلاح المقتول ودرعه فيكون لصاحبه كما في حديث أبي قتادة الطويل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {{ مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلْبُهُ }} " الصحيحين "
وأما النفل فهو ما يعطيه الأمير لمن أعجبه قتاله من الجند زيادة على سهامهم عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية فيها عبد الله قبل نجد فغنموا إبلا كثيرة فكانت سهامهم إثنا عشر بعيرا أو أحد عشر بعيرا ونفلوا بعيرا بعيرا " الصحيحين " .

قتال المشركين
...المزيد

المقاصد من الجهاد يقول سبحانه {{ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ ...

المقاصد من الجهاد


يقول سبحانه {{ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ }} " آل عمران , 110 "
يستفاد من الآية أن المقاصد التي أخرجت الأمة للجهاد من أجلها هي لأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله عن أبي هريرة رضي الله عنه {{ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ }} قال خير الناس للناس يأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام }} " صحيح البخاري "
ويقول سبحانه {{ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }} " الأنفال , 39"
يستفاد من الآية أن القتال يجب أن يكون لإعلاء كلمة الله أن لا يعبد إلا الله وحده لا شريك له وأن يكون الدين كله له سبحانه
عن أبي موسى أن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله الرجل يقاتل للمغنم والرجل يقاتل ليذكر والرجل يقاتل ليرى مكانه وفي رواية يقاتل شجاعة ويقاتل حَمِيَّةً وفي رواية ويقاتل غضبا فمن في سبيل الله فقال ر سول الله صلى الله عليه وسلم {{ مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ }} " الصحيحين "
وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ : الفتنه هي الشرك والردة
وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه : أن لا يعبد إلا الله ويكون الحكم بشرعه وحده لا شريك له لقوله سبحانه {{ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }} " يوسف , 40 " ومن الدين الذي شرع الله القتال لأجله أن لا يعبد إلا الله وحده لا شريك له وأن تقام الصلاة وتؤتى الزكاة لقوله سبحانه
{{ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ }} " البينة , 5 " وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {{أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُول ُ الله وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَالِكَ عَصَمُوا مِنِي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّ الْإِسْلاَم وَحِسَابُهُمْ عَلَى الله }} " الصحيحين "



ويقول سبحانه {{ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ }} " البقرة , 251 " : لولا وجود فئة تجاهد في سبيل الله وتقاتل الكافرين لفسدت لأرض كلها بالشرك والمعاصي ولسعى الكافرون للقضاء على دين الله وهدم المساجد ودور العبادة {{وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}}" الحج , 40 " : لذا كان من الحكمة في الجهاد أن لا تهدم المساجد ومراكز العلم وذكر الله وأن لا يعم الفساد في الأرض ألا نرى أن دول الكفر منشغلة في المجاهدين عن ذلك .
ويقول سبحانه {{إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ(140) وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141) }} " آل عمران "
وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ : أي يكفر عنهم ذنوبهم
وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ : يهلكهم
يستفاد من الآية أن ما يصيب المؤمنين من القرح ( وهو المصائب في الحرب ) هو ابتلاء لهم ونعمة لتقبل بعضهم شهداء وتكفير ذنوبهم وأن من مقاصد الجهاد ذلك وأن ما أصابهم يوم أحد من القرح هو أمر طبيعي في سنن الله في الحروب
ويقول سبحانه {{ وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا (75) }} " النساء , 75 " عن ابن عباس رضي الله عنهما قال {{ كُنْتُ أَنَا وَأُمِّي مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ }} " صحيح البخاري "
يستفاد من الآية أن من مقاصد الجهاد رد الظلم عن المظلومين وفك أسرى المسلمين ونصرة المستضعفين .
وقد جعل الله الجهاد رحمة لهذه الأمة ( أمة محمد صلى الله عليه وسلم ) فقد كانت سنة الله في الأمم قبلها أنهم إذا كذبوا وأصروا على الشرك أهلكهم الله ولم يبقى منهم إلا الذين آمنوا واتبعوا نبيهم فيقول سبحانه {{ وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِن بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيرًا }} " الإسراء , 17 " , ولكن لما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين شرع له الجهاد فكان ابتلاءا ورحمة للأمة يستشهد به بعض المسلمين فيدخلون الجنة ويموت عدد من الكفار بسبب عنادهم فيكونون عبرة لهم وهذا أفضل مما وقع بالأمم السابقة من الهلاك العام
لذا يقول سبحانه عن يهود بني النضير {{ وَلَوْلا أَن كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاء لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ (3) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (4) }} " الحشر , 12 " : ليبين أن ما حصل لهم من حصار الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته لهم والحكم عليهم بالنفي من أرضهم إلى بلاد الشام خير لهم من أن يقع عليهم العذاب والهلاك الذي وقع على الأمم السابقة ويقول سبحانه عن ما وقع بالكفار من قريش يوم بدر {{ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ ((7 }} " الأنفال ,7 " : وكان قد قتل منهم سبعين رجلا فقط فهذا رحمة إذا قارناه بما وقع بالأمم السابقة من الهلاك والعذاب كعاد وثمود وأصحاب مدين . ثم إن الذين قتلوا في بدر هم أكثر الناس عداءا اللإسلام فيقول تعالى عنهم {{ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }} " الأنفال , 13 "
جاء في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود قال: ((بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عِنْدَ الْبَيْتِ، وَأَبُو جَهْلٍ وَأَصْحَابٌ لَهُ جُلُوسٌ وَقَدْ نُحِرَتْ جَزُورٌ بِالأَمْسِ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: أَيُّكُمْ يَقُومُ إِلَى سَلَى جَزُورِ بَنِي فُلانٍ فَيَأْخُذُهُ فَيَضَعُهُ عَلَى كَتِفَيْ مُحَمَّدٍ إِذَا سَجَدَ؟ فَانْبَعَثَ أَشْقَى الْقَوْمِ قالوا: إنه عقبة بن أبي معيط فَأَخَذَهُ، فَلَمَّا سَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، قَالَ: وَاسْتَضْحَكُوا وَجَعَلَ يَمِيلُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فجعل بعضهم ينظر يقول ابن مسعود لَوْ كَانَتْ لِي مَنَعَةٌ طَرَحْتُهُ عَنْ ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: وَالنَّبِيُّ سَاجِدٌ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ، حَتَّى انْطَلَقَ إِنْسَانٌ فَأَخْبَرَ فَاطِمَةَ وَهِيَ جُوَيْرِيَةٌ فَطَرَحَتْهُ عَنْهُ، ثُمَّ أَقْبَلَتْ عَلَيْهِمْ تَشْتُمُهُمْ فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلاتَهُ رَفَعَ صَوْتَهُ ثُمَّ دَعَا عَلَيْهِمْ)) كلهم الذين كانوا يضحكون وكانوا يتمايلون جاء في بعض الروايات أنهم كان عددهم سبعة فالنبي – صلى الله عليه وسلم دعا عليهم قال اللهم عليك بهذا الملا من قريش ((اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِأَبِي جَهْلِ بْنِ هَشِامٍ، وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ ، وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ ، وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ كما جاء في الرواية قال عبدالله بن مسعود لَقَدْ رَأَيْتُ الَّذِي سَمَّى صَرْعَى يَوْمَ بَدْرٍ،جميعًا ثُمَّ سُحِبُوا إِلَى قَلِيبِ بَدْرٍ)) يعني هؤلاء الذين دعا عليهم النبي -عليه الصلاة والسلام- قتلوا جميعًا في غزوة بدر وسحبوا إلى القليب إلى البئر.
...المزيد

تفسير الآية 71 من سورة التوبة وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ ...

تفسير الآية 71 من سورة التوبة
وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
التفسير
تحدد الآية صفات المؤمنين وهي
أولا : أنهم أولياء بعض كما في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم
{{ المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا وشبك بين أصابعه }} " صحيح مسلم "
وَعَن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:{{ مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى }} " الصحيحين " , وعن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَال }} : الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ{{. " الصحيحين ", وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ }}: انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا، فقال رجل: يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلومًا، أفرأيت إذا كان ظالمًا كيف أنصره؟ قال: تحجزه أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره }} " صحيح البخاري ".


ثانيا : أنهم {{ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ }} : المعروف هو ما أمر الله أو رسوله به أورغبا فيه والمنكر ما نهيا عنه كقوله سبحانه {{ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }} " النحل , 90 "
ثالثا : أنهم يقيمون الصلاة فيؤدنها على وجهها الذي فرضها الله عليه من أداء الأركان والخشوع وأدائها في الوقت ويؤتون الزكاة وهي فريضة الله في المال
{{ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ }} .

رابعا : أنهم يطيعون الله ورسوله {{ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أ }} ويقول سبحانه في آية أخرى {{ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِينًا }} " الأحزاب ,36 "
ثم يبشر الله المؤمنين الذين هذه صفاتهم بأنه سيرحمهم {{ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }} .
...المزيد

تفسير الآيتين الأخيرتين من سورة الزخرف وَقِيلِهِ يَارَبِّ إِنَّ هَؤُلاء قَوْمٌ لاَّ يُؤْمِنُونَ ...

تفسير الآيتين الأخيرتين من سورة الزخرف

وَقِيلِهِ يَارَبِّ إِنَّ هَؤُلاء قَوْمٌ لاَّ يُؤْمِنُونَ (88) فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (89)

التفسير
يستفاد من الآية أنه يجب الصفح عن المشركين لننال الأجر في الآخرة وينالوا العقوبة بسبب ظلمهم ثم علينا أن نقول لهم سلام {{وَقُلْ سَلام }} : ويتوافق هذا مع قول الله تعالى في آية أخرى{{ وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا }} " الفرقان , 63 " ومضمون الآيتين يفسره قوله تعالى {{ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ }} " النحل , 126 " الآية نزلت بعد غزوة أحد هدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين أنهم إذا أرادوا العقاب أو الثأر من المشركين لقتلاهم في الغزوة فليقتلوا من الكفار عدد قتلاهم ولكن إذا صبروا ولم يسعو للثأر فذالك خير لهم {{ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ }}
وقد نزلت الآيتين من الزخرف بمكة والآية من سورة النحل نزلت بالمدينة وهي تفسر الآيتين وتتضمن معناهما مما يدل على عدم نسخهما فمعناهما واضح لمن له بصيرة أن الكفار لا يقاتلون من أجل الثأر بل العفو والصبر في هذه الحالة أفضل إنما يقاتلون ليدخلوا في الإسلام يقول سبحانه {{ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }} " الأنفال , 39 " .
...المزيد

معلومات

داعية إلى الله حاصل على شهادة الثانوية في علوم الشريعة 2003م ثم شهادة الإجازة في اللغة العربية من جامعة أنواكشةط 2010 ثم تسجيل الماجستير في قسم النحو بكلية دار العلوم جامعة القاهرة 2013م مؤلف كتاب الخلاص وله عدة بحوث في الإعجاز والتاربخ الجليلوجي للأرض من القرآن

أكمل القراءة

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً